اخر الاخبار

يلاحظ منذ وقت غير قصير التلكؤ في عمل مجلس النواب، وهيمنة القوى والكتل المتنفذة على القرار فيه، وتسخيرها ذلك لخدمة مصالحها عموما ومصالح منتسبيها على نحو خاص .

ومن المؤكد ان هناك أصواتا وطنية تسعى، في ظل اختلال كبير في موازين القوى، الى فعل شيء مفيد للوطن والناس .

 ولا تتحرك القوى المذكورة باعتبارها كتلا واحزابا سياسية، بل تدعي انها ممثلة  لمكونات عراقية طائفية وقومية ولمناطق جغرافية، فيما هي في الحقيقة لا تمثل الا نفسها ومصالحها، وقد اختزلت  ذلك وحصرته في اشخاص معينين .

وامام حالة الاستقطاب والفرز الطبقيين والاجتماعيين  الجارية على قدم وساق في مجتمعنا، وحيث يمكن الحديث  عن غالبية ساحقة فقيرة مهمشة، تعاني شظف العيش وتكافح لتأمين لقمة العيش، واقلية حاكمة تمسك بالقراروالمال والسلاح، فان من في مجلس النواب هم عموما ضمن دائرة الأقلية، مع استثناءات طبعا وهي غير كبيرة. وهذا ما انعكس في طبيعة القوانين والتشريعات الصادرة عن المجلس.

ولهذا الوضع المتشكل أسبابه وعوامله، وبه ترتبط المنظومة الانتخابية ( قانون  الانتخابات، مفوضية الانتخابات في المركز وفروعها) وتفصيلها على مقاسات المتنفذين بما يديم هيمنتهم ونفوذهم . كما ان له  صلة بإعداد المصوتين في الانتخابات.  وقد اتفقت مصادر مختلفة على ان نسبة المقاطعين لانتخابات 2018 تقرب من ٨٠ في المائة ، بمعنى ان نسبة من صوتوا لمجلس النواب الحالي هي بحدود ٢٠ في المائة فقط. فهو اذن لا يمثل الا القوى والتشكيلات التي منحته اصواتها.

 وهذا من بين العوامل التي  جعلت  مجلس النواب مشلولا، فالقرار عموما لا يُتخذ في جلسات المجلس المنقولة لنا من دائرته الإعلامية بعناية وانتقاء، بل في غرف اجتماعات الكتل المهيمنة على قرار المجلس، والتي يتحول ما تتوصل اليه الى قرار وتشريع.

وهناك ظاهرة أخرى تميز مجلس النواب  الحالي عن غيره في  دول العالم، وهو وجود  “نواب فضائيين” فيه. وقد صرح احد أعضاء اللجنة  القانونية في المجلس قائلا  ان “المجلس منذ عامين ونصف يعقد جلساته بـ ١٧٠ نائبا في افضل الأحوال، في حين ان عدد الأعضاء هو ٣٢٩ نائبا” .

لنلاحظ هذا الفرق الذي يصل الى ١٥٩ نائبا متغيبا، أفلا يحق لنا ان نسميهم “نوابا فضائيين”؟  وهم مثل الفضائيين الاخرين في مؤسسات الدولة يستلمون رواتبهم ومخصصاتهم ورواتب حماياتهم.

هذا وغيره هو ما دفع المواطنين الى القول ان مجلس النواب لا يمثل مصالح غالبية العراقيين، وانه خذلهم في ذروة انتفاضتهم ولَم ينطق بكلمة لوقف القمع ضدهم، وما زال سادرا في موقفه هذا الى يومنا.  

وهذا أيضا من بين الدوافع  الأساسية للمطالبة  بالانتخابات المبكرة، والتشديد على توفير مستلزمات نزاهتها وشفافيتها وصدقيتها، ومتطلبات استطاعة المواطن ان يرشح بامان وسلام ومن دون تهديدات، وان ينتخب من يريد بحرية كاملة بعيدا عن قرقعة السلاح وعن اغراءات المناصب والوظائف وتشوّهات المال السياسي، لكي تكون خطوة مهمة على طريق التغيير المنشود .

فالمطلوب مجلس نواب آخر، لصيق بهموم الشعب والوطن.  

عرض مقالات: