كلما لاحت لنا كلمة "زراعة" بمعناها المهني والفني، تذكرنا ثورة 14 تموز 1958 وإنجازاتها الكبيرة على المستوى الزراعي، والتي لا تزال آثارها شاخصة حتى اليوم. وفي الوقت نفسه يحز في أنفسنا ألم دائم طالما أرقنا وأقض مضاجعنا، سببه قيام الحكومات المتعاقبة بطمس معالم الثورة الزراعية التي أطلقتها ثورة تموز.
مما يؤسف له هو قيام الحكومة الاتحادية بهيكلة الشركة العامة للتجهيزات الزراعية. وهي الجهة الخدمية والمهنية المخولة باستيراد المكننة الزراعية والاسمدة والمبيدات وكافة مستلزمات إنجاح ودعم القطاع الزراعي، التي تساهم بشكل او بآخر في رفع المستوى الإنتاجي للمحاصيل الزراعية بكل أشكالها.
وسبّب هذا الإجراء غير المبرر مزيدا من التقهقر والإحباط لدى المزارعين والعمال والكسبة، الذين يزاولون مهنة الزراعة.
أتحدث هنا عن محافظة ديالى، المعروفة على مر الأزمان كمنطقة زراعية بامتياز، والتي هلكت مساحات واسعة من أراضيها الزراعية وبساتينها، بسبب أزمة المياه وتراجع دعم القطاع الزراعي.
ومن أجل النهوض بواقع زراعي متجدد وناجح في ديالى، لا بد للحكومة من تفعيل مهام عدة، أبزرها إنشاء سدود وبحيرات اصطناعية ذات جدوى اقتصادية مستدامة، لمواجهة أزمة المياه في المحافظة، حث المزارعين على زراعة المحاصيل الطبية ذات الجدوى الاقتصادية، والتي تساهم في تشغيل مصانع الأدوية، ومن تلك المحاصيل الزعتر وإكليل الجبل والبقدونس والنعناع وحبة البركة.
كذلك حثهم على زراعة المحاصيل التي تدخل في صناعة المواد العطرية والتجميلية، مثل الياسمين والريحان والقرنفل والبابونج والزعفران.
ولا بد أيضا من مراعاة توقيتات تسميد أشجار الفاكهة المعمرة بأسمدة عضوية، مع الأخذ في نظر الاعتبار اختيار الموسم الخريفي في إنجاز هذه العملية، كون الطقس في هذا الموسم يساعد على تحلل الأسمدة بشكل بطيء، ما يُحافظ على مسامية التربة ودفئها في أيام الشتاء الباردة، ويسمح للأرض بامتصاص المواد العضوية لتتهيأ للموسم الزراعي القادم.