بين وقت وآخر يعلن نواب (كلٌ من موقعه الفئوي) الحرب المقدسة على دول قريبة واخرى بعيدة، أو الاستعداد لحرب ضروس، وبلغات وبيانات تعطّ منها اعمدة الدخان ورائحة البارود وكأننا انتخبناهم، لا للرقابة وتشريع القوانين ومراقبة إداء الحكومة (وهي واجباتهم الدستورية) بل لارسال البلاد، المنهكة من الحروب والانشقاقات واعمال الارهاب، الى ميادين حروب جديدة، والحال، يمكن ان نبتلع هذه المهزلة في حالة واحدة هي ان نعتبر هذا البرلمان، برلمان حرب، وليس في هذا الامر غرابة او سابقة في التاريخ العراقي، فقبل خمسة الاف سنة، كما يذكر عالم السومريات صموئيل كرومر، التأم أول برلمان في التاريخ على أرض العراق القديم وقد كان هدفه اعلان الحرب طبقا لمشيئة الملك حمورابي، فيما اندلعت بعد قرون حروب بالنيابة (اكرر: بالنيابة) من ضرع تلك المشيئة، او تأويل لها، او كردّ عليها، بمسبوق، الحرب ضد الحرب. احد نواب الحملة دعا الحكومة الى وضع المعدات الاستراتيجية (ربما يقصد صواريخ أرض-جو) بيد العشائر والعاطلين عن العمل والمتقاعدين من العسكريين لخوض الحرب "التي يتشوقون لها" اما نهاية المهزلة فهي ان المتحدث استرسل في الحديث حول ذكريات والده عن الحرب العالمية الثالثة.. ونسي انها لم تندلع بعد.
*قالوا:
" ولا تصدّق بما البرهان يبطله/ فتستفيد من التصديق تكذيبا".
المعري