أصدرت الدولة قانون حماية المنتجات الوطنية رقم 11 لسنة 2010 وكان الغرض من هذا القانون حماية المنتج الوطني من مزاحمة البضائع الأجنبية لسد النقص في السوق العراقية للبضائع والسلع التي يكون المواطن في أمس الحاجة لها، وإصدار هذا القانون كما يفترض يتطلب في المقابل توجه الحكومات المتعاقبة إيلاء عملية الإنتاج في مختلف القطاعات الاهتمام الكافي وخاصة قطاعي الصناعة والزراعة لسد حاجة السوق ومواجهة سياسات الإغراق التي تعرض لها من دول معينة طيلة الفترة الماضية.
إن البحث في هذا الموضوع يتطلب النظر في السياسة التجارية بوجهيها الاستيرادي والتصديري، ويؤخذ من ملامح السياسة الاقتصادية الجديدة بعد عام 2003 اتباع سياسة استيرادية منفتحة وممنهجة، وأول خطوة في هذا المسار بلوغ استيرادات العراق في عام 2004 اكثر من 21 مليار دولار ووصلت في عام 2020 إلى 41 مليار دولار ليكون مجموع مبالغ الاستيرادات خلال هذه الفترة 758 مليار دولار، غير أن إحصاءات وزارة التخطيط تشير إلى أن قيمة الاستيرادات في عام 2020 بلغت 15 مليار دولار استنادا إلى تصريحات هيئة الكمارك في حين أن المباع في نافذة البنك المركزي وهو منصة مكرسة للقطاع الخاص تشير إلى أن كمية المباع 44،085 مليار دولار في نفس العام حسب إعلان البنك المركزي وبهذا يكون الفارق بينهما 29 مليار .
وتبين تفاصيل قيم الاستيرادات من الخارج إمعان العراق في مواصلة سياسة الاستيراد بما يعطل من أهداف قانون حماية المنتجات المحلية، فعلى سبيل المثال فان قيمة استيرادات العراق خلال المدة 2020 – 2024ما يقرب من 400 مليار دولار بواقع 80 مليار سنويا منها 30 مليار دولار من الإمارات العربية لنفس الفترة، وارتفعت الاستيرادات من الصين في عام 2020 بواقع 10.9مليار دولار ووصلت إلى 15.9 مليار دولار في عام 2024 شملت السيارات والحديد المدرفل ومعجون الطماطم والسجاد والكاربت ومكيفات الهواء، فيما ارتفعت الاستيرادات من ايران من 5 مليار دولار في عام 2020 إلى 12 مليار دولار في عام 2023 شملت مشتقات نفطية ومواد انشائية وكهربائية واليكترونية ومواد غذائية متنوعة، أما تركيا فقد ارتفعت الاستيرادات منها من 8 مليار دولار في عام 2020 إلى 11 مليار دولار عام 2024 أهمها الذهب والأجهزة الكهربائية والأجهزة الميكانيكية والاثاث والابواب، رغم أن هاتين الدولتين سعتا بإصرار إلى قطع المياه عن العراق او تخفيض نسبتها إلى أرقام أدت إلى تحطيم الثروة الزراعية والحيوانية وفق مفاهيمها الخاصة لطبيعة جريان المياه من أراضيهما، وهناك العشرات من الدول الأخرى الموردة للسوق العراقية، ومن ذلك يتضح أن السلع الأكثر استراد هي الأجهزة الالكترونية والسيارات والذهب والحديد والأجهزة الميكانيكية واللحوم والسكر والملابس والوقود المعدني. وأكبر نمو في الاستيرادات خلال المدة من 2020—2024 جاءت من السيارات بنسبة 620 في المائة أما معجون الطماطم والسجاد والكاربت فكانت النسبة 2167 في المائة والذهب بنسبة 1124 في المائة وان الكثير من السلع الزراعية ومنتجاتها كالمعجون!!
إن المشكلة ليس في مبدأ الاستيراد الخارجي خاصة عندما يتعلق الأمر باستيراد ما هو ضروري لتغطية حاجة عملية الإنتاج من السلع والأدوات غير المتوفرة في السوق العراقية بل تكمن في الاستيرادات المتعلقة بشكل واسع في سلع الاستهلاك التي من الممكن توفيرها محليا لا سيما وان تركيب الاقتصاد العراقي يعتمد على مورد اقتصادي واحد وهو الريع النفطي.
إن أي توجه لتحقيق تكامل فاعل بين سياسات الاستيراد والإنتاج لابد أن يبنى على منظومة متكاملة من الإجراءات نذكر منها:
- العودة إلى الإجراءات التي كانت تعتمدها دائرة التحويل الخارجي السابقة في مجال ضبط قانونية إجازات الاستيراد وحساب القيم الحقيقية للسلع المستوردة.
- التطبيق الكامل لقانون التعرفة الكمركية رقم 22 لسنة 2010 وتعديلاته وإجراء تعديلات إضافية بناء على الظروف التي افرزتها تجربة السنوات الماضية وزيادة التعرفة الكمركية على السلع التي يمكن انتاجها محليا وإعادة هيكلة توزيع نسب التعريفات المفروضة على المجاميع المستوردة.