يعاني بلدنا منذ سنوات طويلة غياب الكفاءات الإدارية والعلمية القادرة على إدارة المؤسسات الحكومية بالشكل المطلوب، في جميع المجالات. ونتيجة لذلك الخلل امتلأت الوزارات والمؤسسات بمسؤولين غير قادرين على العطاء، تسببوا - سواء عن قصد او بغير قصد - في هدر اموال كبيرة لا تعد ولا تحصى على مشاريع غير مجدية. ولو أن تلك الأموال أُنفقت بتخطيط مدروس لاستطاعت بناء مدن كاملة!
وكان العراقيون قد تفاءلوا بالتغيير وتأملوا منه خيرا، لكن كل تلك الآمال تبددت وهم يشاهدون الحال من سيء إلى أسوأ على مدى نحو 22 عاما، لا سيما في ما يخص قطاع الخدمات البلدية والصحية والتعليمية وغيرها. حيث بقيت تلك الخدمات على حالها، ودون مستوى الطموح، بسبب تفضيل ولاء المسؤول على خبرته وكفاءته وقدرته. فالنظام المباد كان يعمل بهذا الأسلوب نفسه، والمتحاصصون ساروا على الدرب، فيما المواطن يدفع الثمن!
أموال طائلة صُرفت على مشاريع الإعمار - او بمعنى اصح بناء البلد مع أنه لم يكن هناك بناء أصلا - من عائدات النفط ومن أموال المساعدات والقروض الاجنبية. ورغم حجم تلك الأموال إلا أن الخدمات لا تزال تسير ببطء، ولا زلنا محاطين بواقع مؤلم يصل الى حد المأساة. فيما الخراب على أشده، والتفاوت في تقديم الخدمات بين منطقة واخرى واضح للعيان. علما أن الكثير من المشاريع الخدمية وغيرها تصرف عليها اموال اكثر من كلفتها الحقيقية، وهذا ما أكده ويؤكده مراقبون وحتى مسؤولون!
ان الخلل في إدارة المؤسسات والإدارات التي يرتبط عملها بحياة الناس، واضح تماما، بسبب سوء التخطيط وابتلاء مؤسسات الدولة بالفاسدين الذين لا هم لهم سوى اكتناز الاموال في ظل غياب الرقابة الحقيقية واستمراء المال الحرام، وكما يقال: "المال السائب يشجع على السرقة"، وهذا ما حصل ويحصل!