ما جدوى الاكتفاء بتشخيص العلّة؟!
وجّه رئيس الجمهورية كتابًا رسميًا إلى رئاسة الحكومة والبرلمان ومجلس القضاء، كشف فيه عن خرقٍ مارسته بعض القوى المتنفذة عبر منح 8,896 كتاب شكر للموظفين كنوع من الرشوة الانتخابية. واعتبرت الرئاسة حدوث واستمرار هذه الخروقات ضربة لتكافؤ الفرص وللتداول السلمي للسلطة، مما يضر كثيرًا بمصداقية الانتخابات التشريعية، مطالبة بمراقبة هذه الممارسات. الناس الذين أفرحهم ذلك، طالبوا بأن يتّسع الحرص الرئاسي على نزاهة العملية الديمقراطية ليشمل مئات الخروقات الأخطر، كاستخدام المال السياسي، واستغلال إمكانيات الدولة، ووجود مرشحين مدججين بالسلاح، وغيرها، وأن لا يكتفي حامي الدستور بتشخيص المرض، بل يجب أن يتحرك لمعالجته.
واللي سلاحه علني ما بدّه تفتيش
أعلنت وزارة الداخلية عن سحب حوالي 40,000 قطعة سلاح مختلفة تعود ملكيتها إلى وزارات مدنية، وعن ملاحقة 158,000 قطعة سلاح مسروقة محليًا ودوليًا، لم يُكشف منها سوى 750 سلاحًا حتى الآن. وأكدت الوزارة أن حملتها لتنظيم وضبط الأسلحة قد أسفرت عن الاستيلاء على مليوني قطعة سلاح متنوعة، وخمسة ملايين إطلاقة بمختلف العيارات، و191 ألف صاروخ وقنبرة هاون، من بينها صواريخ (غراد). هذا، وتجدر الإشارة إلى أن بعض المتنفذين ومأجوريهم ما زالوا يملؤون الفضاء زعيقًا، رافضين المطالبة بحصر السلاح بيد الدولة، أو اعتباره سِمة رئيسية للبلد الآمن، وبوابة لضمان التنمية والتطور.
ترى والله عيب، مو؟
عاشت مدينة السليمانية أسبوعًا ثانيًا من التوتر الأمني الذي سببته معارك وعمليات ملاحقة واعتقال طالت عددًا من القيادات والمدونين والناشطين السياسيين المعارضين للحزب الحاكم هناك، كما تم إغلاق محطة فضائية وموقع إخباري، وتحطيم مبانٍ سكنية وفنادق، واحتراق نحو 50 سيارة، وتسرب أنباء عن تهديد سياسيين معارضين آخرين بمصير مشابه. هذا، وفيما أثارت هذه التصرفات الخطيرة وغير الشرعية، والمخالفة للقوانين النافذة، قلقًا وغضبًا بالغَين في أوساط الناس والقوى الوطنية التي طالبت بوقف فوري للاقتتال، وإبعاد الخلافات السياسية عن دائرة العنف، اكتفت المؤسسات الدستورية المكلّفة بحماية الديمقراطية وحقوق الإنسان، باللوم والعتاب.
الناس تمشي قدّام.. وإحنا؟
كشف خبير اقتصادي عن تراجع الاحتياطيات الأجنبية من 120 مليار دولار منتصف عام 2023 إلى 92 مليار دولار منتصف هذا العام، أي بخسارة مليار دولار شهريًا. ويُمثّل هذا التراجع تهديدًا حقيقيًا للاستقرار النقدي، من خلال توسيع الفجوة بين النقد المصدر والغطاء الأجنبي، ورفع معدلات التضخم، وزيادة الضغوط على ميزان المدفوعات. هذا وفي الوقت الذي دعا فيه الخبير الحكومة إلى خفض حجم الإنفاق العام غير المنتج، وتعزيز الصادرات، وتقليل الاستيراد، ووقف نزيف الاحتياطيات الأجنبية، يُصر "أولو الأمر" على نهج اقتصادي يزيد النفقات التشغيلية والدَين العام وتكاليف خدمته، ويحافظ على فوضى الاستيراد وتسرب العملة الصعبة.
الاستيراد من الجيران أولاً!
أعلنت وزارة الزراعة عن تقليص مساحة زراعة الشلب إلى 200 دونم فقط، وعن تقليص الخطة الشتوية لمحاصيل الحنطة والشعير، والاكتفاء بالزراعة على مياه الأنهار، وذلك بسبب وصول البلاد إلى مرحلة "ندرة المياه"، في مؤشر خطير على انهيار زراعة أهم المحاصيل. هذا، وفيما تُشكّل هذه القرارات خطرًا جديًا على الأمن الغذائي، وخسارة كبيرة للاقتصاد، فإنها تعكس فشل "أولي الأمر" في حل المشكلة المتفاقمة منذ سنين، سواء عبر انتزاع حقوقنا المائية، أو من خلال تطوير وسائل الري واستخدام التقنيات الحديثة، ودعم الفلاحين الذين لم يتسلّموا حتى الآن ما لهم بذمّة الحكومة من مستحقات سنوات مضت!