اخر الاخبار

 

يشكل التراث الشعبي بكل مكوناته(العادات والتقاليد والامثال والاغاني الشعبية المكتنزة بدلالاتها المقصودة عالما فاعلا ومؤثرا في الوجود الاجتماعي.. مشكلا ذاكرة ونافذة مشرعة على الوجود الانساني والمتغيرات الحضارية.. حتى صار مادة يتكىء عليها الشعراء لبناء نصوصهم جماليا.. فيستحضرون الامثال منها ويوظفونها فنيا ودلاليا في البناء النصي الشعري ليضفي عليها قدرة تأثيرية وادهاشية..كونه يكشف بمضمونه الذي يمس الحياة المجتمعية بكل اطيافها بجمله المكثفة وايجاز عباراته المعبرة عن حدث واقعي تناقلته الافواه شفاها..حتى صار جزء من حياتها اليومية..فضلا عن انه يكشف عن ثقافة معرفية في الموروث الذي يستدعيه المنتج(الشاعر) ليكون حاضرا داخل البيئة الشعرية.. كونه يحمل بعدا دالا سواء أكان فكريا او تاريخيا لعلاقة معاصرة تشبهها  واستدعائها فكريا من جذورها التراثية لتضمينها في نصوص الشعراء المعاصرين تضمينا هادفا مكملا لعوالم النص ومقتربا بمضمونه الانساني..اضافة الى اضفائه ضربة جمالية مستفزة لذات المستهلك(المتلقي)..كما في قول الشاعر ثائر عبدالحق..

مرات احزن من صحيح..

مرات افرح من صحيح..

مرات اذب روحي اعله بابك

مرات اتسله بغيابك

مرات اعوفك..استريح

يكولون..لو جتك الريح

سد باب دارك وستريح

وقول الشاعر عبود الكرخي.. الذي يكشف عن طبقية حادة..

ناس تاكل بالدجاج   

وناس تتلكه العجاج

وقول الشاعر جودة التميمي متمردا على واقع مهزوم..مترد...

لو صادف بدربك نهر

اعبر ولا تمشي شهر

فالنصوص تستدعي التراث الشعبي مركزة على المثل كدعامة لتأكيد دلالة النص وتأصيل فكرته واضفاء مسحة جمالية تراثية على صياغته وتراكيبه الجاذبة..الدالة على عمق التجربة من خلال حضور المتداول اليومي من اللغة شفاها لانه جزء من الحياة الاجتماعية..فضلا عن توظيف الرموز التاريخية والدينية ودلاتها بالفاظ موحية معبرة عن رؤية انسانية تكشف عنها ابعاد التجربة الشعرية بلهجتها وتعابيرها العامية ..التي تتراقص على شفاه عامة الناس..حتى ان بعض الشعراء اخذوا يسيارون الفصيح من القول..كما في قول الشاعر نصر بن احمد بن نصر البصري الذي يقول:

الى الماء يسعى من  يغص بلقمة

الى اين يسعى من يغص بماء؟

فيجاريه الشاعر الشعبي عبدالسادة الكصاد بقوله:

امجنح ما شله بالدمع بلماي

ولا عندي رفيج اشترك بلماي

الزاد البيه اغص يندفع بلماي

امن اغص بلماي كلي شلون بيه

وقول آخر:

صبري اعله صبر ايوب زاد وتعده

وزاد الصبر طاكات وتعده حده

من كل هذا يتضح مدى اهتمام المنتج(الشاعر) بالموروث المتداول..فيكشف عن وعيه بقيمته التاريخية وعمقه المعرفي  الكامن في الوجدان الشعبي..

عرض مقالات: