اخر الاخبار

على الرغم من عمليات الاعمار والتطوير التي شهدها شارع "قناة الجيش" قبل أكثر من 10 سنوات، إلا انه بفعل الإهمال وغياب الإدامة، تحوّل إلى ما يشبه الطريق الصحراوي. فعلى جانبيه تكثر الحفر والمطبات والتخسفات.

بينما يخلو من العلامات المرورية والإرشادية والتخطيطات والإنارة، فضلا عن غياب الأسيجة الوقائية ومجمل شروط السلامة، الأمر الذي جعله مسرحا للحوادث المرورية، لا سيما انه طريق حيوي مهم يُحاذي مناطق شرقي العاصمة، ولا تنقطع عن سلكه المركبات نهارا أو ليلا.  

أما جزرته الوسطية، فأصبحت بفعل الإهمال إلى أرض جرداء مهجورة، بعد أن كانت في السابق مزدانة بالأشجار والنباتات، عامرة بالمطاعم والكافيهات ومحطات الاستراحة، تشقها قناة مائية عذبة يبلغ طولها 23.5 كيلومترا وعرضها 3 أمتار، تبدأ من منطقة صدر القناة شمال شرقي بغداد وتنتهي جنوبا في منطقة الرستمية.

حيث تصب في نهر ديالى، الذي أصبح اليوم للأسف مكبا لمياه الصرف الصحي الناتجة عن محطة معالجة المجاري في الرستمية.

وتقع على طريق "قناة الجيش" مجسرات تربطها بالمناطق التي تطل عليها. وتحت تلك المجسرات توجد أنفاق تغرق سنويا بمياه الأمطار، بفعل تهالك بناها التحتية وعدم إدامتها.

وافتتحت القناة مع طريقها، عام 1961 في عهد الزعيم عبد الكريم قاسم. وقد شُقت القناة حينها لتسهيل وصول المياه من دجلة إلى سكان مدينة الثورة ومناطق شرقي العاصمة.

وخلال السنتين الأخيرتين، شهدت القناة افتتاح أربعة مشاريع على مسارها، هي: مشروع ربط منطقة الداخل بحي المهندسين، مشروع ربط منطقة جميلة بمنطقة الباب المعظم، مشروع نفق ومجسر تقاطع الرستمية، ومشروع مجسر السريدات في حي البساتين، والذي يربط طريق القناة بجسر المثنى.

لكن تلك المشاريع لم تشمل سوى أجزاء من الطريق. إذ لا يزال يعاني في مسافات طويلة منه، تشققات وتخسفات، بينما بقيت الجزرة الوسطية على حالها المزري، والأنفاق هي الأخرى بقيت على وضعها دون أي إدامة. ووفقا للناطق الرسمي باسم وزارة الاعمار والاسكان والبلديات، نبيل الصفار، فإن هناك خطة لتطوير طريق القناة أحيل إلى وزارته، ستُنفذ حال توفر التخصيصات المالية.

وأوضح في تصريح صحفي إبان آذار الماضي، انه "على الرغم من إجراء أعمال صيانة في أوقات سابقة، إلا أن هناك مشكلة المياه الجوفية التي دائما ما تسبب تآكل الاسفلت ومفاصل التمدد"، مشيرا الى انه "تمت الاستعانة بإحدى الجامعات العراقية لإعداد دراسة لضمان عدم تأثر الشارع، خاصة الأنفاق، بالمياه الجوفية مستقبلاً".

أخطار على الطريق

سائقو مركبات عبّروا لـ"طريق الشعب" عن قلقهم من السير على طريق القناة، لا سيما في أوقات المساء والليل، مبينين أن الشارع يحتوي على تخسفات ومطبات تربك السائقين، في ظل انعدام الإنارة والعلامات المرورية، والنقص الواضح في الأسيجة الوقائية، ما يشكل خطرا على سالكي الطريق. 

يقول سائق التاكسي حميد المياحي، أن "الكثيرين من أصحاب المركبات يشكون من صعوبة استخدام هذا الطريق، بسبب كثرة المطبات المفاجئة، التي تُربك السائق، لا سيما الذي يسلك الطريق لأول مرة"، مشيرا إلى أنه "حينما يحل الظلام تنعدم الرؤية تماما في الطريق".

ويطالب المياحي الجهات المعنية، بالإسراع في تأهيل طريق القناة "فوضعه الحالي يهدد سلامة الناس". 

أما عقيل صالح، وهو سائق شاحنة، فيقول أن "مستخدمي الطريق يعتمدون على نباهتهم وفراستهم ومعرفتهم المسبقة، لتجاوز مفاجآته، أكثر من اعتمادهم على ما متوفر من علامات إرشادية قليلة".

متمنيا في حديث لـ"طريق الشعب"، من الجهات المعنية، وفي مقدمتها وزارة الاعمار والاسكان ومديرية الطرق والجسور وامانة بغداد، إعادة إحياء هذا الطريق المهم. 

ويطالب مواطنون وسائقون عديدون التقت بهم "طريق الشعب"، بإطلاق حملة إعمار عاجلة لطريق القناة، لتجنب الحوادث المرورية المتكررة ولتسهيل حركة المركبات.

مشاريع مكلفة بلا نتائج ملموسة!

وفقا لتصريح صحفي سابق للنائب علي الحميداوي، فإنه في العام 2011 أحالت أمانة بغداد مشروع تطوير "قناة الجيش" إلى شركتي "المقاولون العرب" المصرية و"الغري" العراقية، بكلفة 146 مليون دولار، ضمن خطة لتطوير العاصمة. إذ كان مقررا إنجاز المشروع في عام 2013، لكن تلكؤا كبيرا حصل فيه، وضاعت الأموال المخصصة له، وأصبح مضربا لأمثلة الفساد المستشري في مفاصل الدولة".

وفي تشرين الثاني 2024، أعلنت أمانة بغداد عن إحالة طريقي القناة و"محمد القاسم" إلى شركات لتأهيلهما. ووقتها ذكر مدير عام دائرة العلاقات الإعلامية في الأمانة، محمد الربيعي، أن المشروع تمت إحالته إلى شركات عالمية رصينة. وبيّن أن "المباشرة بإعادة تأهيل طريق محمد القاسم وقناة الجيش، ستكون بداية العام المقبل 2025".

لكن أيا من ذلك لم يحصل، رغم اقتراب نهاية العام – حسب مواطنين، يؤكدون لـ"طريق الشعب" أنه في عام 2014 أفاد متحدث باسم أمانة بغداد، عبر وسائل إعلام، بأنه ستجري زراعة أكثر من 17 ألف شجرة كبيرة مستوردة و3500 نخلة عراقية، ومليون وخمسمائة متر مربع بـ "الثيل"، في عموم بغداد، وهذا أيضا لم يتحقق، لا بل أن الأمانة وبلدياتها أقدمت على قطع أشجار معمّرة خلال السنتين الأخيرتين، في إطار مشاريع فك الاختناقات المرورية!

أخيرا، أن الخراب اليوم يحيط بطريق "قناة الجيش".

 إذ لا شارعَ سليما ولا أرصفة ولا إنارة. فيما يُخيّم على المكان منظر صحراوي بائس لا يليق بـ"عاصمة السياحة"!