اخر الاخبار

لن تستقل حركة الشعر الشعبي العراقي ثقافته وفكره عن السلطة بكل نوازعها فالسلطة اعتمدت الثقافة المشروعة لتبرز تعسفها فقد اعطى الشعر الشعبي للانسانية منجزات هائلة وقيمة لايصال ومحاكاة الانسان البسيط المتلقي وجعله يدور في مساحة الفهم المبسط بواسطة اللهجة وليست اللغة التي تحتاجها بعض المعالم التي تضم كلمات لا يمكن تفسيرها من قبل الانسان البسيط مما يحدو به لتناول المائدة الشهية للشعر الشعبي العراقي واود ان اطرح نماذج من منارات لشعراء احياء وراحلين كان لهم البصمة الواضحة لرسم خريطة الشعر الشعبي العراقي هنا ابدأ بالشاعر عريان السيد خلف الذي يهتم بالقصيدة كاهتمامه بأولاده ولنستذكر الكاتب الكبير طه حسين في احد الايام استعد لمقابلة الرئيس جمال عبد الناصر بطلب الاخير وعندما شاهدته زوجته يتهندم امام المرآة فسالته الى اين تريد ان تذهب يا طه قال لها ساقابل الرئيس - وهو بيده العصا التي يتكأ عليها ( العوجية ) فقالت له مقالة مشهورة (انت طه حسين اريدك ان تقف امام الرئيس جمال عبد الناصر باستقامة لان الأدب لا ينحني امام الحكام ) ما اروع هذه الكلمات لتكون الحافز الاساسي لكل مبدع لاطلاق عنان تجربته وعريان السيد خلف عرف كيف يسجل الاهداف في مرمى خصمه في زمن انعدمت فيه الكلمه الصادقة في الادب والفنون الاخرى وحصول عريان على لقب ( امير الشعراء الشعبيين ) في فترة القصيدة الذهبية السبعينية بين جيله وسام لأدبه وابداعه الواعي لهذا المفكر الشاعر والأديب اليكم ما انتجت قريحته في احدى قصائده:

ضمني ابليل

ثاني وحل حلال الخل

شحيحه افراحــــنه

ودكانها امعزل

البسمه انبوگها

من الآه والياويل

وصياد الهمــــــــوم

ابدفتره يسجل

شي عاشـت

لفو وتروم هذا وذاك

وشي كضت

عمرها ابنعم وتوسل

وشي حربة مواسم

تنبت ابكل كيض

اشما بدل وكتها

الحالها اتبدل

نعم هذه منارات معارضة لافعال تسيء للانسانية في زمن ألبست افراحنا سوادا والابتسامة ابدلتها بدمعة ومن الجانب الاخر الانسان الحرباء يعمل مايشاء بطريقته ينزع ثوب ويلبس ثوب اخر وما اكثرهم هذا ما يؤكده السيد عريان في قصيدته وهنا بدات المدرسة الحديثة تلبس ثوب الحداثة العريانية التي اعطت للمفردة عفويتها وخصوبتها وانسيابيتها بطريقة تدخل واحة المتلقي مستريحة بعيدة عن التصنع والدمج والتجميع يقول عريان السيد خلف:

طفح

غيض الشوارب

بالفناجين

وخبط

شط الرمـــــيثة

الماي والطين

غصـب وتنزرت

كل ذرة اتراب

ونزع لونه العشب

فوك الروازين

وحك حرِّچ وبردچ

والچوانين

لون ليل الهوارف

رادنه انشيل

نشيلهم جثث

وانتي التظلين

رسم عريان السيد خلف فضاء اخر لثورة العشرين والوطنية الصادقة الصافية التي لن تاتي من فراغ وجاءت مفرداته عفوية بوعي تام –الروازين- الچوانين – وتنزرت- وهكذا لآخر المطاف في القصيدة ويريد عريان ان يوصل رسالته كاملة ويقول:

وعراريس

زهت بينه

الخنادگ والممرات

وزهت بوجوهنه

اوجوه المحلات

يضكنه الموت مره

ويكبر الصيت

ونضك الموت

حد الموت مرات

مرتنه اتنزرت

صنگر مناجيب

وظفيرتها

ابزمر جايوس تلتات

وطفلنه اتعذرت

عنه الملاعيب

لعب بالموزمه

وليل العذابات

الى ان يصل الى ذروة ما يريد ان يصل اليه بقوله:

وسلس مثل الفرح

بعيون الاطفال

وِزَعِّل مثل النمر

لو واكحه الذيب

وسهل مثل الخبز

وي طيب الذات

وامر من الامر

وي ناكر الطيب

هكذا خدم عريان افكاره المتماسكة في السياسة ووصفها بانها سهلة من يريد مصافحتها وصعبة كالنمر عندما يقتربون اليها بالضد – الجهد الذي اضيف لتطوير وتحديث القصيدة الشعبية في عقدها السبعيني الذي يتناغم الى الان قد لا يجيده اغلب الشعراء الان وما اللقب الذي حازت عليه القصيدة السبعينية الا ثمرة جهود جيلها المتنور في بنائها واطلق على عصرهم ( العصر الذهبي للقصيدة الشعبية ).

عرض مقالات: