اخر الاخبار

حين تختلف وجهات النظر حول تسمية الشعر الذي يُكتب باللهجة أو اللهجات -  إذ يطلق البعض عليه  تسمية الشعر العامّي والبعض الآخر يطلق تسمية الشعر الشعبي – لابدَّ من مراجعة الجذر اللغوي للمفردتين: عامّي و شعبي، وكذلك مراجعة ما جاء في تعريفات المناهج الأدبية، كي نتمكن من تجاوز الارتجال في القول وصولاً إلى التوصيف الأدق.

أولاً:

إن َّ التوصيف (شعبي) في التعريفات القاموسية المعتمدة يحتمل المعاني: المنسوب إلى الشعب، ما هو صادر من الشعب أو مُعبّر عن رأيه، صفة تُطلق على ما هوَ منتشر بين الشعب أو خاص به ِ، أو ما هو مألوف عنده أو ما يحبّه أو يرضى عنه، أو صفة لما هو رائج عند عموم الشعب أو ما يُلاقي منهُ  القبول، أو ما هوَ خاص بالفولكلور والعادات الشعبية، ما هو َ محبوب من الشعب، متعلّق بالشعب، الكتابة باللغة أو اللهجة المنتشرة بين الشعب.

ثانياً:

في الآداب:  يوصف (الشعبي) بأنهُ مذهب أدبي يُحاول أتباعهُ في أدبهم أن يًصوّروا بواقعية حياة عموم الشعب.

ثالثاً:

العامّة، في المعنى اللغوي، هي الأغلبية غير المتعلّمة، من هنا، من غير الممكن أن نقول عن الشعر المكتوب باللهجة والذي يكتبه الآن متعلمون ومثقفون، وأصحاب تحصيل أكاديمي، علمي وأدبي، وكذلك يتلقاه شعب تجاوز الأميّة، بأنه ُ شعر عامّي !. وحتى في البلدان العربية يطلقون توصيف/ شعر باللغة المحكية/..، ومثل هذا التوصيف يكون أكثر قبولا ً. لقد تمدّين الريف كثيراً بعد أن زحفت إليه المدينة أو زحف هو الآخر إلى المدينة، وانقرضت المفردات العاميّة  الموغلة بالقِدَم، وتفصّحت الكثير من المفردات أيضاً. وأصبحت اللهجة واضحة لإبن المدينة، إذن من غير المناسب معرفياً وحضارياً أن نُسمي الشعر المكتوب باللهجة شعراً  عاميّا ً.

رابعاً:

تُشير الكثير من الدراسات، بأن اللهجات كانت في زمن ٍ ما، هي اللغات المتداولة بين شعوبها، و كتذكير، ما أكثر المفردات المتداولة في لهجتنا العراقية، وهي مفردات  من لغات سومرية وأكدية وبابلية وآشورية  وآرامية .. وغيرها.

إن َّ اللهجة  ( الجديدة )  مشتبكة الآن بأعصاب وأحاسيس الشعب  بكل طبقاته الاجتماعية، في حديث الشارع والسوق والمقهى والبيت ، في الغناء والمسرح والسينما.. إلخ  وتكاد تكون هي اللغة الشفاهية، لغة تداول الشعب اليومية ، بعيداً عن محددات الصرف والنحو. فلماذا حين يُكتب الشعر بهذه اللهجة لا نقول عنه بأنه شعر شعبي، بعد أن أصبحت اللهجة  شعبية التداول..؟  وأُضيف، استدلالا ًبما تقدّم، هل يصح  أن نقول التراث العامّي، أم  التراث الشعبي..؟. وهل يصح أن نقول: المثل العامّي، الحكاية العاميّة، الرقص العامّي، الحيّ العامّي، الأغاني العامّية، الموسيقى العاميّة  بدلاً عن المثل الشعبي، الحكاية الشعبية، الرقص الشعبي، الحيّ الشعبي، الأغاني الشعبية ، الموسيقى الشعبية..؟؟

إن َّ هذه المراجعة  على عُجالتها، قد أشارت، وقد أوضحت، وقد تحتاج إلى الكثير من الاستطراد...

عرض مقالات: