اخر الاخبار

1

ليل ومطر ، مجموعة الشاعر / سامي عبد المنعم /  وهي المجموعة الثانية بعد مجموعته الأولى / نوارس / ..   -والمجموعتان صدرتا في بغداد بعد عودته من المنفى الاضطراري –تشاغلت بصوت ٍ عال ٍ مع التجربةالحياتيّة  ، الخاصّة والعامّة: التهجير القسري ، الغربة ، فقدان البيت، إعدام الأخ ، فقدان الإبنة ، التخاطر مع المناضلين ، صدمة الواقع  الجديد ومواجهة ما هو خارج التوقّعات والأحلام، الخسارات العائليّة، الإحساسبالغربة الجديدة داخل الوطن، التوجّعات الروحية، المراثي.. إلخ من التعارضات الصادمة. ورغم هذه المرارات ، إلّا أن َّ قناعات الشاعر الفكرية لم تتزعزع عن مساقط ضوئها ، ومازلت تمسك ُ بالأطياف الأولى ، وتمنحها الكثير من التأصيل . ولا تردد من وصفه / بالشاعر الشيوعي / ... :

صار السجن مدرسه

واليشهد السلمان

دم الشيوعي انكتب

للتضحيه عنوان

من هنا كانت قصائد المجموعة لا تفتعل شيئا ً مخياليّا ً، بل كانت تمسك بواقعيّة ما حصل ويحصل  ، وتنتجه ُ بسرديّة شعريّة  -  لاتخلو من التشكيلات الصّوريّة - يلفحها التهكّم في أكثر من قصيدة وبوضوح لغوي مباشر لا يلتفت إلى الترميز ، كون الشاعر  في حالة كشف

فصديّة تُحاور الذات والآخر على السواء من أجل حياة أنقى وأرقى .

إن َّ دالة  (ليل ومطر) يمكن التقاط مدلولها  : الليل كعارض يقطع الضوء عن ملامسة المرئي / المشتهى والمنتهي/..، والمطر كعارض يُعيق الخُطى باتجاه الأرض الأُولى (امغيمه روحك مدري وين اتريد تمطر ، چلچل الليل إو رچه اهمومه عليك)..:

اتريد

تنحت

من

ثلج

روحك

مناره

او تدري بيها اتذوب من ضحكة شمس

ضايج  او ملّيت من تكرار يومك

شكَكَيت  اوراق  كاتبها  أمس ...

2

في المفتتح الفني، تتشكّل القصائد من نمطين، شكلاً وبناء ً. نمط شكل القصيدة الشعبية الأوّل وهو الأكثر في المجموعة، ونمط الشكل الحديث . في النمط  الأول يكثر(القول) خارج محددات الشعريّة الحديثة وفكرة الشعر- رغم معرفة الشاعر بهذه الممكنات-  بسبب اشتراطات هذا الشكل التي تحد ُّ من الانفتاح إلى أمام ٍ أكثر انسجاما ً مع تحوّلات القصيدة الشعبية الحديثة . وفي بعض قصائد هذا الشكل

(كَام الداس ، برلمان أهل ... ، قيّم الركَاع)يمكن سماع صوت الآخر وأساليبه  بوضوح، الملّا عبود الكرخي ، مثلاً ، وهي قصائد تعتمد التهكّم والسخرية ولا تضيف أيّة التماعات فنيّة / جمالية لتجربة الشاعر الذي يقف على مقربة وتماس  من / مع  الشعراء  المجددين :

لابس امداس او يفتهم

يتحدّه كل أهل العِلم

كل ساعه جايبله فلم

يضحك على اعقول الناس ...

وهنا ، أهمس للشاعر بأن َّ الشطرة الشعرية (قيّم الرّكَاع من ديرة عفچ) قديمة جداً، سمعناها من الآباء والأجداد ، وكانت تجري على ألسنة الناس مجرى المثل .

أما في النمط الثاني ، نمط الشكل الحديث، يظهر- على شكل عيّنات متناوبة  في القصائد -  ماهو  في عداد  الممكنات الفنيّة التي تُحسب ضمن تحوّلات القصيدة الشعبية الحديثة على مستوى اللغة والصورة الشعرية، حتى وإن تناصّت مع  بعض ظلال  اللون النوّابي  :

ليل

والدنيه مطر

واتنث عله الشباچ

ريحة غربه تآكل بالعمر

وانت َ وحدك .. تنتظر

نكَرة باب التفزز صفنتك ...

ياعذر يمسح غلطتي اوياك أمس

طبعك اويه الغير أنعم من حرير

او مدري ليش وياي بس تلعب خشن ...

3

ليل ومطر ، مجموعة تعكس تجربة شاعر يدرك معنى الوجود في الوطن والمنفى ، وكان منصتاً لقلبه ِ ووعيه ِ  في الحالتين ، حتى وإن   وقف َ  الآن متحسّراً :

تعّبني الوطن كلّش ولا ملّيت

هجّرني او سباني ، او باكَ اخوي ، اوسلب حتى البيت

ضاعت كتبي والقمصان، او مواويل الزهيري البيها غنّيت .

وتحت ضغط  هكذا تجربة  وجوديّة، تراوحت التجربة الشعرية فنيّا ً، وصولاً إلى القول:

ليل ومطر ، التجربة والمراوحة الفنيّة بين نمطين من التشكيل الشعري ...

عرض مقالات: