من عادتي أن أتابع ما تكتبه جريدتنا الغراء
( طريق الشعب ) ، من قصائد ومقالات تتعلق بالادب الشعبي بشكل عام ، وقد كتبت الكثير من المقالات والتي نشرتها جريدتنا ، وهي تعبر عن حبي ومتابعتي للشعر الشعبي وما يكتب عنه .
وها انذا أحاول ان أكتب عن قصيدة وردت في العدد110 الثلاثاء 19 تموز 2022 ،بعنوان ( رسالة عتب ) للشاعر الموهوب ( جواد الدراجي ) ،فقد كانت تلك القصيدة محل اعجاب وتميز . ونالت استحسان الكثير من القراء ومتابعي ومحبي الشعر الشعبي .. حيث تميزت بالابداع واسترسال الشاعر في اطلاق موهبته الشعرية ليرسم لنا تاريخا عن حب عذري ..وأحلاما من أشواق وتباريح ، ولوعة وانفاسا حرى ، فقد ابحر الشاعر الدراجي في مشاحيف الهور ، وهو يحمل مجذافا يطال القصب والبردي فتجفل الطيور وتغادر اعشاشها ،لتطلق ترانيم وانغاما بحجم الهور واتساعه .
ويلومن روحي الحديثات ..
لو كلتلهن اسعيد ... صدك غالي !!!
اسعيد وطن يحديثات ..
برحي النخل جلماته
وينكثن رطب بسلالي
اذا كان المعشوق ( اسعيد ) بحجم الوطن ، فليس هناك ما هو اغلى منه .. ان معادلة اسعيد ، هذه جعلته ايقونة شعرية نسج خيوطها بامعان ،وسهر على رسم حروفها ..وترنم بقوافيها ...وسبك وصاغ محتواها الانساني المعبر عن لوعة الحب عندما يكون بحجم الوطن . الشاعر المبدع ( جواد الدراجي ) ، الذي نضد بيراعه الذهبي تلك القوافي المترعات بالعتاب واللوعة :
تدري اتشيب الاحلام يسعيد
اذا حست بزلف الليل
هذه التي تخاطب معشوقها بلغة الاحلام ..التي يشيب لها زلف الليل ، واسعيد الوطن باكمله ، انه برحي النخل وهو يملي سلال الحب بكلماته :
اسعيد وطن يحديثات
برحي البصرة جلماته
وينكثن رطب بسلالي !!!
ان اسعيد هو بيرغ البخت المنشور ، ولكنه يزرع الاتعاب في درب احبابه ، لانه كان الحب الاول :
اسعيد واهسي من اصباي
وتعلمت العشج منه
نهر جنه ..نكص لو زاد
غالي وحضنته اجروفه
هذا هو اسعيد ..انه حب بحجم الوطن .. وعندما يكون الحب هكذا فهو الهور والبرحي والاحلام ، والبيارغ المنشورة ،كما انه مدرسة للعشق ،ومسحة للسحر والحان ومواويل .. والسن وسواليف :
يطش العوز ..بسنيني
والمن ...والعمر خالي
ولك زحمه يهل الوالي
المن والعمر خالي ؟؟
جواد الدراجي ..شاعر متألق ، فقد ابدع في صياغة قصيدته وتفنن في رسم قوافيها ، ولأن اسم الدلع كان “ اسعيد “ ، فقد برعت معشوقته في خلع الكثير من الاوصاف والمزايا عليه ،لانها تراه بعين الحبيب ، ولكن اسعيد ما عاد شخصا طبيعيا ، انه بحجم وطن يمتد على طول دجلة والفرات وشط العرب ،رغم انه وكما تصفه معشوقته :
ولو مفتونه بسعيد
شوصفه الكم
اسعيد فرحتي اطيوفه
اسعيد واهسي وصباي
وتعلمت العشج منه
بحر جنه ..نكص لو زاد
غالي وحضنته اجروفه
ما عاد اسعيد بشرا يدب على الارض ، انه البحر باتساعه ، وعمق اغواره ، وطغيان امواجه :
اسعيد عشكه جتالي
اسعيد شمسي واهلالي
واشوفنه ورى الظلمه
سواليف وضوه يلالي
هذا هو اسعيد .... انه الشمس والقمر ..والعشق والبيارغ ، والمهرة الاصيلة التي تعشق خيالها ..
يحبيباتي ..مهره الروح
واسعيد عليها ايلوك
وأول ما وعت ..صاحتله ( خيالي )
ولكن وكما يقول المثل الشعبي (كل زين بيه لوله )، واسعيد كما تقول معشوقته :
لاجن ذنبه يبنيات ..
يزرع بالتعب دربي
وحصاده اذنوب يحلالي
ولكن رغم هذا العيب فان اسعيد يظل مسكنه بين الروح والدلال وهور القلب :
اسعيد ما اجه امسير
اجه وهور الكلب جسه
وترس لمن غرك شوفه
وبين الروح والدلال
فات بكل هداوه وعبر مشحوفه
تحيات من القلب للشاعر الذي تميز بقصيدته الرائعة ..جواد الدراجي ..شاعر باحساس مرهف ..ومفردات من قاع الارض التي يتحرك عليها ..