اخر الاخبار

أتذكر أن عباس جميل ملحن الأغنية البغدادية بكل إنسيابيتها ودخولها لكل بيت من دون استئذان قد لحن للمطرب داخل حسن أبو كاظم، وعلى ما بينهما من إختلاف في التذوق الفني، فقد قبل عباس جميل في تلحين أغنية لداخل حسن، وبعد مدة من تعليم عباس جميل لداخل حسن كيفية أداء الأغنية بعد محولات جادة كي يُتقن داخل حسن أداء الأغنية كما يرغب عباس جميل وفي لحظة التسجيل أداها داخل حسن بحسه الجنوبي بعيدًا عن لحن عباس جميل، فما كان من عباس جميل إلا أن يقول له (ابو كاظم هاي أغنيتك مو تلحيني وغنيها بطريقتك وخلصنا)!!.

عباس جميل ملحن أغانٍ تعلق في الذاكرة مثل: (يم عيون حراكة.. كولي شوكت نتلاكه) و (غريبة من بعد عينج يبيمه) التي كانت ولا زالت (ترند التوق والشوق والشجن والحنين) وتفوقها جمالًا (جيت لأهل الهوى.. أشتكي من الهوى) ولكم في اغنية (هذا الحلو كاتلني يعمه) التي غناها أفضل مطربات ومطربي العالم العربي ومنهم انغام والفنان البحريني خالد الشيخ.

تأكد أنه (صانع الجمال) في الأغنية البغدادية العراقية ولا يهون (رضا علي) الذي تمكن من اقناع فائزة احمد أن تُغني أجمل أغانيه (اشبيك يا كَلبي)..

كيف لعراقي يسمع اغنيته (بسكوت أون بسكوت) ولا تُدمع عيناه ولا يستثيره الشجن العراقي؟!!، وأغنية ( لا هو جرح ويطيب) و (عليمن يا كَلب تعتب عليمن). و (أمس واليوم ما مروا عليه) و (يمه هاه يمه) و (ماني صحت يمه احاه.. جا وين أهلنه)..

اظنه ينطق على وتره جن يلهمه سحر اللحن وجمال القدرة على توقع مقبولية لحنه، وهذه موهبة استثنائية بما لا يحق لنا الشك فيها.

(عليمن يا كَلب تعتب عليمن) أغنية وحيدة خليل التي كانت أمي تدمع عيناها كلما سمعتها، وهي أغنية بمثابة توصيف لحال يعيشه كل إنسان مرّ بأزمة ولم يجد أحبابه معه لمساندته..

لو كانت لعباس جميل اغانية (أتوبه من المحبة الكَلب ميتوب) و (على بالي أبد ما جان طرواه) و (خاله شكو شنهو السبب دحجيلي) لكفاه أن يُقال عنه أنه موسيقار الأغنية البغدادية بإمتياز.

عندنا عباس جميل بكل تراثه الموسيقي الأجمل والأمتع والأحلى والأكثر شجنًا بكل ما يعني الشجن بوصفه نزوع عراقي أصيل نحو الجمال بنزعة مُغايرة لتلقيه ليكون بمثابة عتبة لفك الاشتباك في تلقي الجميل والأجمل لا في زرع الفرح او البهجة فقط، بل في الكشف عن مواطن الجمال في الحُزن وتمثلاته في الشخصية العراقية التي تُطرب لا لمجرد الفرح، بقدر ما ينطبق عليها المثل (يرقص الطير مذبوحًا من الألمِ)..

خاتمته مسك مع أغنية لحنها لسعدون جابر (يا أمي يا أم الوفه يا طيب من الجنه) التي كتب كلماتها كريم العراقي.

عرض مقالات: