اخر الاخبار

الشاعر الراحل، صبيح ناجي القصاب، شاعر كتب الشعر الشعبي منذ بداية الستينيات بنمط الشكل القديم وألوانه المتعددة ، كما أنه كتب الشعر بالفصحى، ومارس الكتابة النقدية ايضاً . ورغم ثقافته الشعرية والنقدية ، إلا انه بقى أسيرالنمط التقليدي طويلاً  ، ولم تلفحه رياح التجديد إلا في الفترتين : الستينيّة والسبعينية ضمن تجارب مابعد  التجربة النوابية، وأصبح صوتاً لامعاً ضمن تلك المرحلة . كان عضواً في اللجنة التحضيرية لمهرجان الشعر الشعبي الثالث في العمارةعام 1971 ، كما كان نائباً لرئيس جمعية الشعراء الشعبيين في ميسان بعد أن التزمت الشكل الحديث في الشعر الشعبي وخرجت على هيمنة المركز العام التقليديّة  ، ولاحقا أصبح رئيساً للجمعية التي لم ينّضم إليها شعراء التشكيل الشعري الجديد ، وسرعان ما غادرها حينما بدأ التراجع الإبداعي وتعسكرت الحياة .

ترك لنا نتاجاً مطبوعا : (الشعر بين الواقع والإبداع  - دراسة نقدية تُجيب عن الاسئلة :  عمَّ ،لماذا، كيف ، يكتب الشعراء . أبكي على بلدي..شعر بالفصحى ، الفنون والادب الشعبي .. نماذج ودراسات ، حچايات الصدكَ..شعر شعبي .

 في هذه الوقفة ، نستعيده شاعراً شعبياً من خلال مجموعته (حچايات الصدكَ)..،تذكيراً به وتقييماً له ،ووفاءً لعلاقةٍ متجذرة زمنياً،لا تُمحى .

في هذه المجموعة التي ضمّت منتخبات كثيرة من شعره منذ  الستينيات وحتى رحيله(وكأنه أراد التوثيق الزمني لا الإختيار الشعري النوعي )..، كتب مقدمة توضيحية ، أكثر مما هيَّ موقف فني/ جمالي،حيث يلوح فيها الاحتراز والتحفظ على سيرورة تجربته الشعرية :  بين دفتي هذا الديوان ارهاصات تزامنت معي منذ بداية الستينيات ،كانت حروفي المتواضعة حول محاورها. سجّلت ما ينتابني من مشاعر،فكانت تاريخاً لحياتي وسجلاً لظروفي بكل تنوعها ، تجدها زهوراً وابتسامات، وحيناً دموع أيتام وانبهار طفل ومشاهدات سائح . وما حملني على إبعاد قصائدي عن التقريرية بفعل الإرهاب السلطوي تارة وبفعل ثقل التجربة الشعرية تارة اخرى والتي من أبسط خصائصها التفوق على المباشرة والتمرد عليها ونبذ الصيغ الخطابية كونها غريبة عن عالم الشعر ودخيلة عليه مما دفعني إلى ممارسة الإيحاء ( انتهى) . وأجد أنَّ مثل هذا التقديم ، الإرهاصات ،يصح في قصائد عديدة، لاسيما القديمة منها .أما الإيحاء فإنه يصح في بعضٍ منالقصائد : وهي التي تُشكّل النوع الشعري الجديد : المجهول، باب السمه، اصعد ابيض، باب القصيدة، العشكَ،طوية اشراع. ففي هذه القصائد يحضر: الشكل الجديد ، التنوع الإيقاعي، الصورة الشعرية غير المألوفة ، الإيحاء الرمزي، اللغة المصفّاة من ترسبات اللهجة المنسية، الموضوع دالاً ومدلولاً، البناء المركّب..

الخ من جماليات الشعر الجديد والحديث :

ذبْ عله اوجوه السمه الزركَه كواغد ،

 وامشي عين الله عليك .

 اترس اعيون العصافير الزغيره..

ولايه خرسه .

اولايه ترس ايدي واديك.

واركب الدنيه هوه ايلم الكواغد،مشعل ابكَلب الزمان

 وانزع احروف الزمان،

بلكت احروفك ترد بينه مساجد ترفض احروف الزمان.

 اومالك احّد..مالك احد والضباب ايمص شباب الشارع اسود.

 إو ضيّع الشارع رصيف ،وانت تركض عالرصيف الضاع شاهد....،

مر بيّه نسايم صيف،مر بيه اشتريد اتمر ،

 هذاك آنه اعله زندي خرزة اسليمان.

مر بيه وخيالك غيم يمطر عالخواطر لوردت حالوب.

بيع اشما تريد اتبيع، ماتكَدر ابهذا السوكَ تشري اكَلوب .

الشاعر القصاب، كان مأزوماً حياتياً ، وما كان سعيداً في يومٍ ما. يشتت علاقاته الإجتماعية بعدم الرضا عن الآخر المجاور أو الموازي ،حيث الضبابية الروحية .

لا يلتفت إلّا الى طواعياته النفسية ومجترحاته الوجودية ( تعب كَلكَامش مثل ماراح رد اويه المنيّه)..، هذا هو الاستنتاج المشترك في حساسيته الشعرية التي أراد لها أن تكون حكايات صادقة...

عرض مقالات: