أكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" أن أكثر من مليون طفل فلسطيني في قطاع غزة يعيشون أوضاعاً إنسانية مأساوية، وسط استمرار تداعيات الحرب الإسرائيلية التي استهدفت القطاع منذ عامين، حيث عانى الأطفال يومياً أهوال النزاعات للبقاء على قيد الحياة. وأشارت المنظمة إلى أن غزة باتت أخطر مكان في العالم على الأطفال، مع فقد عشرات الآلاف أحد والديهم، وارتفاع أعداد القتلى والجرحى إلى أكثر من 64 ألف طفل منذ بداية العدوان.
المساعدات كسلاح
ورغم إعلان وقف إطلاق النار، حذرت منظمة «أطباء بلا حدود» من أن إسرائيل ما زالت تستخدم المساعدات الإنسانية كسلاح ضد المدنيين الفلسطينيين، مؤكدة أن الوضع الغذائي لا يزال كارثياً، مع استمرار نقص المياه والمأوى، حيث يعيش مئات الآلاف في خيام مع اقتراب فصل الشتاء. وأضافت المنظمة أن سوء التغذية الحاد بين الأطفال دون الخامسة والحوامل لا يزال متفشياً، وأن المستلزمات الأساسية لم تصل بعد إلى الحد الأدنى لضمان حياة كريمة لسكان القطاع.
تنديد من داخل الكيان
من جانبه، ندد النائب الإسرائيلي عوفير كسيف بالعنف الإسرائيلي المستمر في الضفة الغربية المحتلة، محذراً من مستوى مروع من الانتهاكات ضد الفلسطينيين، وخاصة خلال موسم قطف الزيتون، حيث تعرض المزارعون للطرد من أراضيهم واستهداف ممتلكاتهم من قبل المستوطنين، في إطار مخطط واسع لسرقة الأراضي وفرض الوقائع الميدانية لصالح المستوطنات.
وفي أحدث الاعتداءات، أصيب الفتى الفلسطيني نزيه إياد عوض (15 عاماً) في رأسه بقنبلة صوت أطلقتها قوات الاحتلال في قرية بيت عوا جنوب غرب الخليل أثناء توجهه إلى المدرسة، في حادثة تعكس استخدام الاحتلال القوة المفرطة ضد الأطفال.
كما أصدرت سلطات الاحتلال أوامر عسكرية جديدة للاستيلاء على نحو 73 دونماً من أراضي الفلسطينيين في رام الله والبيرة بذريعة أغراض أمنية، مستهدفة قرى كفر مالك ودير جرير والطيبة ورأس كركر، بهدف إنشاء مناطق عازلة وشق طرق لخدمة المستوطنات، في حين جرفت قوات الاحتلال مساحات إضافية في جبل جوحان لتوسيع بؤرة استيطانية أقامها المستوطنون منذ عام.
اعتداءات مستمرة
وتتزامن هذه الإجراءات مع استمرار الاعتداء على موسم الزيتون، حيث أطلق المستوطنون مواشيهم بين منازل الفلسطينيين، وعرقلوا حركة المركبات، ومنعوا المزارعين من قطف الزيتون في قرى مثل سنجل وبيت فوريك، ما يهدد مصدر رزق آلاف العائلات الفلسطينية ويُعد انتهاكاً ممنهجاً للقوانين الدولية.
وفي سياق الاعتقالات، شنت قوات الاحتلال حملة دهم واقتحامات واسعة في الضفة الغربية، اعتقلت خلالها 21 فلسطينياً بينهم قيادات في حركة حماس مثل رئيس بلدية البيرة السابق جمال الطويل، وهو أسير محرر من صفقة "طوفان الأحرار 3"، ما يعكس استمرار قمع الاحتلال للقيادات الفلسطينية ومصادرة حقوقهم السياسية.
مواقف سياسية
وعلى الصعيد السياسي، أكدت حركة فتح أن رئيس اللجنة الإدارية في قطاع غزة يجب أن يكون من حكومة السلطة الفلسطينية، لتوحيد المرجعية الوطنية وضمان عدم الانقسام أو شرعنة أي أطر موازية، بينما وافقت حركة حماس على تعيين أمجد الشوار ئيساً للجنة التكنوقراط في غزة لإدارة شؤون القطاع بشكل مؤقت، في خطوة وصفها الفلسطينيون بأنها ضرورية لضمان الإدارة المهنية والكفاءات الوطنية بعد الحرب.
ويأتي كل ذلك في ظل تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية في الضفة الغربية وغزة، بما في ذلك الاعتداء على المدنيين والأطفال والمزارعين، ومصادرة الأراضي، وتدمير الأشجار المثمرة، في استمرار واضح لسياسة الاحتلال التي تهدف إلى تهجير الفلسطينيين والسيطرة على الأرض.
وتظل الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان الدولية تدعو المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لحماية المدنيين الفلسطينيين وإنهاء الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة، وسط تحذيرات من استمرار الوضع الإنساني المأساوي الذي يهدد حياة الملايين في القطاع والضفة الغربية.
في هذا السياق، حذر نواب فلسطينيون وإسرائيليون معارضون من أن استمرار الاستيطان والضم والاعتداءات العسكرية سيؤدي إلى تصعيد جديد للنزاع، مؤكّدين أن التجاهل الدولي للحقوق الفلسطينية يزيد من معاناة الأطفال والعائلات ويهدد استقرار المنطقة بأسرها.
ويبقى الأطفال الفلسطينيون هم الأكثر تضرراً، حيث يشير التقرير الأخير لليونيسف إلى أن قطاع غزة يشهد أزمة إنسانية لم يسبق لها مثيل، تحتاج إلى تدخل عاجل لتوفير الغذاء والمياه والرعاية الصحية، وضمان ألا يكون الأطفال الفلسطينيون ضحايا حرب الإبادة اليومية التي يفرضها الاحتلال.