يتوجه الناخبون في هولندا إلى صناديق الاقتراع يوم غد الأربعاء لإجراء الانتخابات البرلمانية، بعد انهيار الائتلاف الحكومي الذي كان يرأسه رئيس الوزراء المستقل ديك سخوف. ومن المتوقع أن يظل حزب الحرية (PVV) اليميني المتطرف، بزعامة خيرت فيلدرز، الحزب الأكبر في البرلمان، غير أن التحولات في توجهات الناخبين قد تؤدي إلى عودة ائتلاف معتدل إلى السلطة.
كيف تتم عملية التصويت؟
تُجرى الانتخابات في هولندا لاختيار أعضاء مجلس النواب المكوَّن من 150 مقعدًا، وهو الهيئة التشريعية الأساسية في البرلمان الهولندي المكوَّن من مجلسين. وتُعقد الانتخابات كل أربع سنوات، إلا إذا تمت الدعوة إليها مبكرًا. وهذا العام، يستطيع الناخبون الاختيار بين سبعة وعشرين حزبًا. وأي حزب يحصل على ما لا يقل عن 0.67 في المائة من الأصوات على مستوى البلاد يُمنح مقعدًا واحدًا في البرلمان. كما يمكن للناخبين الإدلاء بصوت تفضيلي لمرشح بعينه ضمن قائمة الحزب. وإذا حصل المرشح على ما لا يقل عن 0.17 في المائة من مجموع الأصوات، فإنه يفوز بمقعد متقدم في القائمة، بغضّ النظر عن ترتيبه فيها.
الهجرة وأزمة السكن
يرى نحو نصف الناخبين الهولنديين أن أزمة السكن هي القضية الأهم في الانتخابات، إذ تعاني البلاد من نقص يُقدَّر بنحو 400 ألف وحدة سكنية في دولة لا يتجاوز عدد سكانها 18 مليون نسمة. كما هيمنت قضايا الهجرة على السياسة الهولندية لسنوات، ولعبت دورًا محوريًا في فوز حزب الحرية (PVV) في انتخابات عام 2023، إلا أن أهميتها السياسية تراجعت نسبيًا في الفترة الأخيرة.
ويواصل خيرت فيلدرز، السياسي اليميني المتطرف، الدعوة إلى وقف تام لدخول طالبي اللجوء إلى هولندا، واستخدام الجيش لتأمين الحدود، وإغلاق مراكز استقبال اللاجئين التي فُتحت مؤخرًا. كما تبنى حزب الشعب من أجل الحرية والديمقراطية (VVD) وحزب الرد الصحيح (JA21) مواقف متشددة تهدف إلى تشديد إجراءات اللجوء وجعلها أكثر صرامة. أما بقية الأحزاب، فقد سعت إلى تخفيف مواقفها تجاه الهجرة. ويقترح تحالف اليسار الأخضر–العمل تحديد سقف لصافي الهجرة بين 40 ألفًا و60 ألف شخص سنويًا، كما يسعى إلى حماية العمال المهاجرين من الاستغلال وضمان حقوقهم الأساسية في سوق العمل.
كيف تؤثر الهجرة في المشهد السياسي الهولندي؟
تُعدّ الهجرة السبب الرئيسي وراء إجراء انتخابات وطنية هولندية مرتين خلال عامين، إذ انهارت آخر حكومتين في البلاد بسبب الخلاف حول هذا الملف. ورغم ادعاءات اليمين المتطرف بأن المشكلة الأولى في هولندا هي تدفّق اللاجئين الذي يغرق البلاد، تُظهر البيانات واقعًا مختلفًا تمامًا. فنسبة المهاجرين من طالبي اللجوء لا تتجاوز 12 في المائة، أما الباقون فهم طلاب أو عمال مهاجرون من باقي أوروبا، يعمل معظمهم في قطاعات منخفضة الأجور وشاقة بدنيًا، وغالبًا في ظروف معيشية صعبة. وتُقدَّر مساهمة العمال المهاجرين في الاقتصاد الهولندي بحوالي 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ومن المتوقع أن ترتفع إلى ما بين 3.5 و4.7 في المائة بحلول عام 2030.
فرص اليسار
تبدو فرص اليسار في هذه الانتخابات معتبرة للفوز أو على الأقل للعب دور محوري في تشكيل الحكومة. فقد أظهرت بعض استطلاعات الرأي تقدّم الائتلاف اليساري (تحالف حزب العمل + حزب اليسار الأخضر) في مؤشرات متقاربة مع حزب الحرية اليميني المتطرف. بينما تبدو فرص الحزب الاشتراكي أقل بكثير مما كانت عليه في الانتخابات السابقة.