نقلت وكالات الإنباء أخبارا سارة من بلد 1.4 مليار نسمة (الصين) إلى بلد 46.1 مليون نسمة (العراق)، إنها بشرى وأي بشرى للعراقيين لما يحدث في الصين، وقد يتساءل البعض ما علاقتنا بما يحدث في هذه البلاد البعيدة المترامية الأطراف والتي تحدها 14 دولة، وتشكل تنينا خطيرا للاقتصادي الأمريكي؟
الخبر يقول: إن الصين (تواجه نقصا حادا في النفايات التي تحتاجها مصانع حرق النفايات. وذلك بسبب إستثمارات الحكومة في البنية التحتية للحرق، وتطبيق سياسة قوية لفرز النفايات وإعادة التدوير، ما أدى إلى تقليل كميات النفايات القابلة للحرق. ويعاني قطاع حرق النفايات من نقص في المواد الخام وتعمل المصانع بطاقة جزئية. مما يشكل خسارة إقتصادية للشركات ويشجعها على شراء النفايات من مصادر أخرى).
أذن الصين تبحث عن مصادر أخرى للنفايات خارج أرضها، ونحن نملك من النفايات تغطي وجه الأرض، إذا جرى نشرها، فبغداد وحدها تنتج عشرة ألاف طن يوميا،لا تستوعبها عمليات الطمر، وتشكل ضغطا هائلا على البنية التحتية. والكميات بالتأكيد أكبر بكثير من التقديرات الرسمية، فالنفايات متكدسة في المحلات والمناطق وخصوصا التي لا تصلها أعمال النظافة من البلدية في بغداد وغيرها من المحافظات.
ويذكر أن مصر عام 2008 كانت تبيع الطن الواحد من القمامة الصين بـ 6 آلاف حنيه مصري (بحدود 120 دولارا) وربما أكثر من ذلك، قياسا بتصريف الدولار في ذلك الوقت. وكانت بريطانيا تصدر إلى الصين نحو 3.5 مليون طن من الورق القابل لإعادة التدوير وتحصل ما قيمته 145 مليون جنيه استرليني (بحدود 195مليون دولار) وإذا أضفنا إليها تصدير بريطانيا من الحاويات الإلكترونية، فأن المبلغ يصل إلى نصف مليار جنيه استرليني أي حوالي 750 ألف دولار امريكي.
فأمام الشعب سوى الاعتماد على (القمامة) لا على نستله، كما يقول جلال الدين الصغير، بعد أن (غسل العراقيون أيديهم من العكس) من خيرات النفط وغيرها بسب الفساد والنهب المنظم للبلاد وغياب التخطيط، من قبل القوى المتنفذة، وسرقات شركات البترول على ضوء عقود التراخيص المجحفة، وفتح الأبواب على مصراعيه أمام الاستيراد على حساب المنتوج الوطني. مولدة لنا (قمامة) من نوع آخر، كثيرة سمية، تلوث حياتنا وأرواحنا بالسخام الأسود، وتنتظر متى تزاح، وإلى أن يحين هذا اليوم، يجب أن تقوم بلديات المحافظات بحملات لجمع النفايات من الشوارع ومناطق السكن، ليس من أجل النظافة فقط وإنما أيضا من أجل التصدير، ويمكنها أن تتعاقد مع الصين أو أي دولة راغبة في شرائها. وبهذا (تحلل خبزتها بدلا من اللغف) وتحقق جمالية لشوارع المدن والقرى ونقاوة الأنهار ومصارف المياه الأخرى، وتحسين أحوالها، وتشغل آلاف العمال من هذا المردود. وتنقذ حياة المواطنين الذين يعيشون على البحث ما يجدونه في (المزابل) لينقذوا أنفسهم من البؤس الذين هم فيه، وتجنبهم الأمراض القاتلة من جراء البحث في بيئة موبوءة وخصوصا الأطفال، وتكون فاتحة خير أن تقوم السلطات بمكافحة التصحر والتلوث البيئي، وإيجاد المناخ صحي كي يعيش فيه العراقيون، قبل أن تبدأ المافيات بسيطرتها على هذا الجانب أيضا، ونضيع (الخيط والعصفور).