سدة الكوت، ليست مجرد منشأة مائية ضخمة على نهر دجلة؛ إنها معلم تاريخي وسياحي يمثل القلب النابض لمدينة الكوت ومحافظة واسط بأكملها. لعقود من الزمن، كانت السدة وواجهاتها متنفساً حيوياً للأهالي، ومقصداً للزوار للتمتع بغروب الشمس الساحر فوق مياه النهر العظيم. لكن، اليوم، تتصدر المشهد صورة مؤلمة لا تليق بعظمة المكان: أكوام من النفايات البلاستيكية والمخلفات الصلبة تكسو ضفاف النهر بشكل كارثي، لتهدد بابتلاع جمال وتاريخ هذا الموقع الثمين.
مشهد يدمي القلب: التناقض الصارخ
إن ما تظهره اللقطات هو تناقض صارخ ومؤلم. في الأفق، تتجلى روعة نهر دجلة الهادئة، وبنيان السدة الشامخ، وشمس الكوت الذهبية وهي تودع النهار، مشكلة خلفية طبيعية وتاريخية خلابة. وفي المقابل، يمتد أسفل البصر بساط سميك من القمامة، غالبيتها من عبوات بلاستيكية ومخلفات الاستخدام اليومي التي تجمعت على الضفاف الجافة. هذا التراكم لا يشوه المنظر فحسب، بل يمثل قنبلة موقوتة تهدد البيئة المائية والبرية على حد سواء.
التداعيات الخطيرة للكارثة
إن استمرار هذا الإهمال عند سدة الكوت له عواقب وخيمة تتجاوز المشهد البصري:
تلوث المياه وتدهور النظام البيئي: هذه المخلفات، وخاصة البلاستيك، ستتحلل ببطء لتتحول إلى لدائن دقيقة (Microplastics) تلوث مياه دجلة، المصدر الحيوي للمحافظة. هذا يهدد الثروة السمكية والحياة المائية وصحة الإنسان الذي يعتمد على هذه المياه.
تدمير الجاذبية السياحية: كيف يمكن لمعلم تاريخي وسياحي أن يحافظ على مكانته وهو محاط بكل هذه الأوساخ؟ تتحول السدة من مزار جميل إلى مصدر للإحباط والاشمئزاز، مما يؤثر سلبًا على مكانة واسط كوجهة سياحية.
انتشار الأوبئة والمخاطر الصحية: النفايات المتحللة هي بيئة مثالية لتكاثر الحشرات والقوارض ومسببات الأمراض، مما يشكل خطراً صحياً مباشراً على قاطني المناطق القريبة وزوار المكان.
صرخة ونداء للعمل
لقد حان الوقت لوقف هذا التدهور السريع. إن سدة الكوت هي إرثنا المشترك، وحمايتها مسؤولية جماعية لا تقع على عاتق جهة واحدة.
المسؤولون المحليون: يجب اتخاذ إجراءات فورية لتنظيف الموقع بالكامل وفرض قوانين صارمة تمنع رمي المخلفات في محيط السدة والنهر، مع توفير حاويات كافية وتسيير فرق متابعة.
المجتمع المدني والشباب: يجب إطلاق حملات توعية وتنظيف دورية ومستمرة، وتثقيف الناس حول مخاطر التلوث وأهمية الحفاظ على النهر.
المواطن: كل فرد منا مسؤول عن تصرفاته. إن الحفاظ على نظافة المكان يبدأ بعدم رمي النفايات في غير الأماكن المخصصة لها.
يجب أن تعود سدة الكوت كما كانت، رمزاً للجمال والعطاء والنظافة. لا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي بينما تختنق واجهتنا المائية ببطء تحت وطأة الإهمال. أنقذوا سدة الكوت قبل أن يتحول معلم واسط التاريخي إلى مجرد مكب نفايات ضخم.