اخر الاخبار

أعلن محافظ البنك المركزي مؤخرا أن الدين العام بلغ بمجمله 150 مليار دولار تقريبا، وهو ناتج عن جمع ما بذمة الحكومة للغير من دين داخلي وخارجي، وأن للحكومة كما نعرف جميعا دينا بذمة الغير أيضا ولكنه دين عام مسكوت عليه والاسباب مجهولة، وان ما بهم المتابع الدقيق هو، الدين، سواء أكان داخليا ام خارجيا، وأنه بمجمله يشكل فشلا حكوميا تتحمله الاجيال وهي لا ذنب لها فيه، وأنه ترتب على بلادهم جراء أداء حكومات متعاقبة كان عليها أن تحافظ على مستويات معقولة من الدين العام منذ الإعفاءات التي حصل عليها العراق من نادي باريس بعيد الاحتلال عام 2003 جراء الضغط الامريكي على الأطراف الدائنة آنذاك، وقد كتبنا كما كتب غيرنا أن وقع الاقتراض أشد وطأة على الدول من وقع الأمراض، ولكن دون أي اذن صاغية، لا من الحكومة ولا من مستشاريها، لا بل أن المستشار ظل يبرر ويقلل من وطأة الأضرار، ويقارنها بالناتج القومي المستعار، لأن أغلب ذاك الناتج جراء عائدات النفط لا جراء إنتاج الخيرات. لا بل وان البعض يروح أن العراق لا زال يحتفظ بدرجة من الاحترام بين الأوساط المالية، وكأن الامر يتعلق بالمكانة لا في لقمة العيش جراء تراكم الديون. وآخر يرى أنه بشكل 43 في المائة من الناتج المحلي، وكأن القاعدة الاقتصادية تلزم بلدنا للاستهانة بالدين ما دام لا يتعدى المألوف من نسب الناتج المحلي، ومن قال ان معايير النسبة والتناسب مع الناتج المحلي تصلح في حالة الاقتصاد العراقي، الذي يمتلك كل وسائل الانتاج من أموال ومواد خام تستهوي كل العالم، وأيد شابة تتحسر عليها اوربا، وله أرضا كان عليها السواد عنوان بلاد ما بين النهرين، ولكن ما تقول لمن أغلق المصانع وفتح المولات، ولمن أسس شركات انتداب العمال الأجانب والعاملات، وأخيرا لمن فتح باب الاستيراد من الإبرة إلى السيارات.

إن الاقتصاد السياسي يعيب على الدول إهدار الطاقات الانتاجية أو تعطيلها لأسباب سياسية، او ربما لامتلاك السياسي وكالات الماركات الاجنبية، او لخضوع الدولة للإملاءات الرأسمالية، سيما الأمريكية الداعية لمحاربة القطاع العام، او عرقلة نمو القطاع الخاص لأسباب منها تنظيمية او لفساد بعض موظفي الجهات الرسمية، والغريب في الأمر أن الاقتراض من الغير وحسبما كنا نتابع لم يحقق الأهداف والمشاريع موضوعة الاقتراض، والا لكان لها وقعا واضحا على تقدمنا العمراني او الصناعي او البيئي، وكثرت التخصيصات على سبيل المثال لصالح عملية تحلية مياه شط العرب، ولكن ومنذ عقدين على الأقل وأهالي البصرة يستغيثون، والعقود تترى لبناء المدارس، والناتج لا يعادل المطلوب.

 والمثل الأهم لا زالت الكثير المدن والنواحي والقصبات تعاني من المجاري او قلة الخدمات. اذن لم القروض والكهرباء لا زال يعاني من الانقطاع، وأين ذهبت المنح والهبات، ولا زالت الدولة تعاني من قلة الإيرادات غير النفطية، في حين أن المتوقع أن تكون عائداتنا منها لو حسنت الأساليب والنوايا لا تقل عن 50 بالمئة من مجموع العائدات النفطية، وهذا كفيل بالابتعاد عن الاقتراض واستسهاله، على رسلكم، ما هو المبلغ المترتب على هذا الدين وما هي كلفة خدماته؟، وصدق من قال الدين ذل لصاحبه في النهار وهم ثقيل في الليل، والسؤال الأهم. ماذا بعد الاقتراض؟

السؤال. لن نجد له إجابة، وان إجاب أحدهم، فستكون الإجابة أنها ليست مسؤوليتي، أنها جزء من الماضي الذي فات، وفي كل الأحوال الخسارة ستلحق بالأجيال في القادم من السنوات.