اخر الاخبار

لا تزال شريحة العمال والشغيلة في العراق تدفع ثمن غياب صوتها الحقيقي داخل قبة البرلمان. فعلى الرغم من أن البلاد تمتلك واحدة من أكبر القوى المنتجة في المنطقة، فإن تمثيل هذه الفئة ظلّ هامشيًا، محصورًا في وجوه لا تمتلك خبرة نقابية كافية، أو جاءت عبر تحالفات سياسية تتعامل مع ملف العمل بوصفه بندًا ثانويًا في أجنداتها.

ممثل من الميدان لا من التحالفات

ما يريده أصحاب المهن والطبقة المنتجة اليوم ليس أمرًا مستحيلًا. إنهم يبحثون أولًا عن ممثل يعرف الميدان، لا نائب يصعد إلى البرلمان بدعم حزبي ويكتفي بتكرار الوعود. يريدون شخصية قادرة على إدراج مشكلاتهم اليومية ضمن جدول التشريعات بجدية — كقوانين الضمان الاجتماعي، وتحسين شروط السلامة المهنية، ومراقبة التعاقدات الخاصة، وتعديل الأنظمة التي تتيح استغلال اليد العاملة تحت غطاء الاستثمار أو التعاقد المؤقت.

تمثيل مستقل بعيد عن المحاصصة

ويتطلع العاملون إلى تمثيل مستقل بعيد عن المحاصصة التي ابتلعت أغلب المفاصل التشريعية. فهم يدركون أن أي صوت يرتبط بكتلة سياسية متنفذة سينتهي إلى مساومات وتفاهمات، بينما تبقى مطالب العمال بلا حماية حقيقية. لذلك يصرّون على أن يأتي ممثلهم من داخل النقابات أو من شخصيات ميدانية ذات سجل واضح في الدفاع عن الحقوق الاجتماعية.

من الشكوى إلى المعالجة التشريعية

أما المسألة الأكثر إلحاحًا، فهي رغبتهم في نقل قضايا الأجور وفرص العمل من مستوى الشكوى إلى مستوى المعالجة التشريعية الفعلية. فالقوانين الحالية وُضعت في ظروف اقتصادية مختلفة، ولم تعد قادرة على توفير مظلة آمنة للطبقة المنتجة في ظل الغلاء وارتفاع البطالة وفوضى التعاقدات.

صوت الميدان داخل البرلمان

ويريد العاملون نائبًا يضعهم في قلب النقاش البرلماني لا على هامشه؛ نائبًا يضمن سماع صوت المعامل والورش والأسواق بوضوح، ويصوغ التشريعات على ضوء احتياجات الناس الذين يديرون عجلة الاقتصاد، لا من داخل المكاتب المغلقة.

إن تمثيل قطاع العمل في البرلمان ليس رفاهية، بل ضرورة لضمان العدالة الاجتماعية الحقيقية.  وحتى يتحقق ذلك، يجب اختيار أصوات قادرة على الدفاع عن الكرامة المهنية وتحويل مطالب الشغيلة إلى قوة تشريعية فاعلة، لا أن تبقى شعارات موسمية تتلاشى بعد كل دورة انتخابية.