ردا على بعض المسؤولين العراقيين، ممن تصريحاتهم بشأن الفساد، لا تكتفي بإغضابنا، بل تكاد تدفعنا نحو حتف مستعجل، لولا لطف الاقدار بنا…اقول لهم:
على بختكم سادتي المسؤولين العراقيين، هل يمكن لأحد ان يتجرأ حتى على مجرد التفكير بالفساد، ليكون ظاهرة من جديد… وأنتم من تمسكون بدفة الحكم؟
فقد صار الفساد عندنا، بمرور السنوات، أقرب إلى عرف اجتماعي منه إلى انحراف فردي، وكأن له حصانة مكتسبة لا تمس، ما دام رموزه يتنقلون في المشهد السياسي والوظيفي بكل طمأنينة وثقة. وليس في هذا مبالغة، بل هو تقرير واقع مرير!
والشيء بالشيء يذكر، ومن خلال اطلاعي المتواضع على بعض مبادئ علم النفس، وجدت أن أخطر مراحل انفصام الشخصية هي " المرحلة النشطة " التي تكثر فيها الاوهام والهلوسات، تليها مرحلة " متبقية " تتسم بعواقب قاسية قد تطال الذات والآخرين معا.
وإذا اسقطنا هذا المفهوم على واقعنا السياسي، سنجد ان الكثير ممن تصدروا المشهد، ولا سيما منهم من قادوا البلاد منذ 2003 وحتى اليوم، يعيشون مرحلة انفصام مزمنة، اذ لا يميزون بين المصلحة العامة ومصلحتهم الشخصية، بين الدولة والسلطة، بين الوطن والغنيمة.
والنتيجة: مئات بل الاف ملفات الخراب الممنهج، على كل المستويات، تنتظر محاكمة عادلة تنصف الوطن وابنائه الابرياء.
وفي النهاية… انها مفارقة عراقية بامتياز؛ حيث يختلط الهوس بالسلطة مع الوهم بالمنجز، حتى لم نعد نعرف: هل نعيش مرحلة “نشطة "من الفوضى… أم "متبقية "من مرض قديم لم يشف بعد.