اخر الاخبار

ضيّف "نادي الكتّاب" في كربلاء الأربعاء الماضي، د. عدنان عبيد المسعودي، الذي ألقى محاضرة حول "جدل العقل الأداتي"، وذلك على قاعة "مقهى بن رضا علوان" في مركز المدينة.

المحاضرة التي استمع إليها عدد من المثقفين والمهتمين في القضايا الفكرية، أدارها د. كامل عزال. فيما استهلها الضيف بالحديث عن "نظام ما بعد الرأسمالية المتوحشة التي اختزلت الإنسان بالآلة واختزلت مفهوم السعادة باللذات الغريزية المبتذلة، ومفهوم الحرية بالاباحية ومفهوم العقل بالتكنولوجيا".

وأوضح أن الفيلسوف الألماني – الأمريكي هربرت ماركوزه وازن بين مفهوم "العقل – الأداة" والتقنية العلمية المجردة من المشاعر، مضيفا أن "الحضارة التكنولوجية المعاصرة مصرّة على مسخ الإنسان إلى مجرّد حسّابة كمية متطورة، وتقنية علمية مشفّرة بالرموز".

وتطرق د. المسعودي إلى فكرة الفيلسوف الألماني هابرماس حول "مشروع العقل الأداتي في سعيه لتقسيم الواقع وتفتيته إلى أجزاء غير مترابطة. وبذلك يمكن عدّ الإنسان نفسه مجرد جزء عضوي في شعبة العضويات العاقلة، تنطبق عليه مقولات العقل - الأداة، وتجزئ كيانه إلى سلاسل حاجات ورغبات يمكن إشباعها من خلال أسواق المعروضات السلعية".

وأوضح أن هابرماس يرى أن لا  سبيل أمام الحضارة الرأسمالية المعاصرة إلّا ببعث وظيفة الفلسفة في استعادة رسالة الإنسان باعتباره مركز الوعي، وتحرير العقل من قبضة اخطبوط الآلة".

كذلك استعرض المحاضر فكرة الفيلسوف الألماني هايدغر عن الاستلاب والقهر واستعباد عقل الإنسان وحطّ قيمه إلى سلسلة استلابات سلطوية خانقة، مبينا أن هايدغر اقترح لحلّ مشكلات أنظمة الاستلاب والتغريب، فكرة "تدمير وتحطيم أنساق الموت، من خلال تفسير العالم أو إعادة تأويله خارج كماشات التقاليد".

واستعاد د. المسعودي في محاضرته أفكار الفلاسفة الرواقيين الأوائل حول مقولة النزوع إلى الفضيلة، قبل أن تفسد قيم الحضارة طبيعة الإنسان الأصلية، منوّها إلى أن "الرواقيين استبعدوا تماما عن العقل كلّ ما يتعلّق باللذات الحسيّة، وحصّنوا أخلاق الإنسان من الترف والمال وقناطير السُحت. بل انتقدوا أفكار الذات عن أنانيات النجاح الشخصي ودوافع التملك وحبّ المديح".

فيما ألقى الضوء على أفكار الفيلسوف الرواقي الروماني المتقشّف سينيكا (توفي سنة 65 ميلادية)، والذي تناول مفهوم الطهر البدني، ورأى أن الطبيعة البشرية تفسد بفساد الحكومة، مشيرا إلى أن سينيكا ذكر أن السلطة "هي أكبر أبواب الشر الذي فرضه الإنسان على نفسه وغيّر بذلك طبيعته وأفسدها بضغوط المصالح وأنانية قوى الشر".

وقبل أن يختم محاضرته، عدد المسعودي مختزلات هربرت ماركوزه لدرجات النقد الماركسي، والتي جمعها في ثلاث رتب، هي: رتبة النقد المطلق او المثالي، الذي يتجاهل فيه الناقد قضايا الواقع، ورتبة النقد بوصفه ممارسة تنويرية أو وظيفة وعي، لتوظيف دور العقل في تحرير الإنسان من الاستلاب، ورتبة النقد بوصفه ممارسة ثورية عنيفة، والذي يجب أن يرتبط بطبقة ثورية لها مصلحة في تغيير الواقع، وفي إطلاق سراح الوجدان من قيود الاستعباد. 

وعلى هامش المحاضرة، قدم عدد من الحاضرين مداخلات حول موضوعها، وهم كل من الروائي علي لفتة سعيد، الاستاذ خليل الشافعي، الاستاذ صباح أبو دكة، د. سليم جوهر، الاستاذ سلام القريني والمحامي نصير شنشول.