في مدينة السليمانية، وفي محلة ليست بعيدة عن المدينة القديمة، تدعى "الرعاية"، وتحديدا مجاور "مسجد الشيخ فريد"، تقع بناية مكونة من أربعة طوابق وسرداب، تضم وثائق وبحوثا ودراسات ومصادر نادرة.. انها بناية "مركز زين" للتوثيق والدراسات.
المركز مقسم إلى أقسام عدة للمطبوعات والوثائق والمخطوطات والبحوث والدراسات، ويشرف عليه كادر فني متخصص ومتمرس. فيما يتضمن مستلزمات تقنية حديثة.
كل قسم في المركز مرتب بعناية. حيث يضم قسم المطبوعات أبوابا خاصة إلى جانب المكتبة المركزية التي تحتوي على مكتبات شخصية ومكتبة مطبوعات نادرة ومكتبة دوريات. أما قسم الوثائق فهو مخصص للوثائق الورقية والصوتية والمصورة ووثائق التاريخ الشفاهي، ووثائق التصوير الالكتروني.
هذا المركز، وهو مؤسسة غير ربحية تأسست عام 2004، يُعنى بجمع الموروث الادبي الكردي القديم وحفظه، سواء كان مدونا باللغة الكردية، أم باللغات العربية والفارسية والتركية والأوربية. ويسعى المركز إلى حفظ الهوية والذاكرة الكردستانية منذ تأسيس دولة العراق.
عن فكرة تأسيس المركز، يقول مديره الأستاذ رفيق صالح في حوار قصير مع "طريق الشعب"، أنه وعديد من أقرانه من أبناء جيل السبعينيات، شغلتهم فكرة تأسيس مثل هذا المركز. وان بعضهم شاطروه فكرة جمع تراث كردستان، واي شيء يكتب عنه سواءّ في العراق او في سوريا وتركيا وإيران.
ويضيف صالح قوله انهم في العام 1992 حاولوا مع برلمان الإقليم كي يُشرّع قانونا لحفظ الوثائق الوطنية، لكن محاولتهم باءت بالفشل، متابعا القول انهم في النهاية، وتحديدا عام 1997، أسسوا "المركز القومي الكردي"، وكان تابعا لوزارة الثقافة، لكن هذا المركز لم يدم طويلا. حيث أُهمل بعد أن جمعوا فيه نحو 30 طنا من الوثائق المهمة جدا، وألغي تماما وحوُّلت مقتنياته إلى مخزن الوزارة.
ويشير يوسف إلى انه تم تخصيص مبلغ مالي لمشروع المركز. حيث استأجروا بيتا وجهزوه بالمعدات المطلوبة. ثم باشروا طباعة المجلات والصحف الكردية التي صدرت خلال قرن، مؤكدا أن المركز حتى نهاية 2024، كان يضم أكثر من 75 ألف عنوان في الثقافة والتراث والأدب، فضلا عن 1300 مخطوطة اصلية، غالبيتها باللغة العربية تُعالج علوما مختلفة، وأخرى كردية وفارسية تاريخية وأدبية.
ويلفت إلى ان المركز يمتلك أيضا وثائق تعود الى أحزاب وكيانات سياسية كالحزب الشيوعي العراقي، ومنظمات ديمقراطية كاتحادي الطلبة والشبيبة ورابطة المرأة.
ويؤكد مدير المركز أن مركزهم أصبح قبلة للباحثين وطلبة العلم، وانهم يفخرون به باعتباره علامة إشعاع تنويري، منوّها إلى أن زائر المركز سيجد متحفا يضم عشرات التحف واللوحات التي تُعبر عن تاريخ المدينة وشخصياتها.
ويضيف قائلا أن المركز يحتضن ندوات اكاديمية وورش عمل. كما يقوم بنشر الدراسات، وتطوير مكتبته التخصصية وانشاء أرشيف تاريخي. فيما يشير إلى ان المركز أصبحت له علاقات مع مركز جامعة الكوفة والمجمع العلمي العراقي ومراكز إقليمية مماثلة في الأردن ومصر وإيران وفرنسا، فضلا عن مكتبة دار مخطوطات العتبة العباسية في كربلاء.
وفي ختام اللقاء، أهدى الأستاذ صالح مكتبة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، مجلدين عن صحافة المعارضة بعد 1991.