اخر الاخبار

(الأستاطيقا)  هي الادراك الحسي للجمال المصحوب  بالقبح ،او هي لفظ دخل في النصف الثاني من القرن الثامن عشر  ليدل على  العلم  المتعلق  بالمعرفة الحسية للجمال أطلقه، اولا باومغرتن(1) ثم صار استعماله مقتصرا على  المعرفة الحسية  في الادراك الجمالي للعمل الفني  الذي من الممكن ان يتناول مفهوم القبح الاستطيقي، إن الجمال و القبح يخضعان  للمعايير الفنية ذاتها في حالة حصول تقييم لها ضمن أي عمل فني او ادبي، و لعل   كتاب امبرتو  إيكو ( تاريخ الجمال) الذي صدر عام 2004 اعطى   مجالا واسعا  في تمييز لمفهومي الجمال و القبح، في ربط الجمال بالجاذبية، باعتبار الجاذبية صفة خاصة لا علاقة لها بالجمال و البشاعة، لكن إيكو اصدر كتابه المثير للجدل( تاريخ القبح) كعمل ثان تحدث فيه عن تأثير الأدب  في تحديد النظرة إلى ميزتي  الجمال و  القبح ، حتى اصبح  التصور الجمالي  في الحكم  على العمل الفني او الادبي مرهونا بطريقة  التذوق الفني  الذي إذا قبل الجمال الاستاطيقي، و استحسن القبح الأستاطيقي، في استعاضة  عن  مصطلح علم الجمال، لأن إطلاق  مفهوم القبح  يكمن في حيز التجربة  الجمالية  باعتباره  أحد المفاهيم المرتبطة  ابها لتي هي من نتائج التواصل بين العمل الفني  و المتلقي، و الغاية منها خلق المتعة   فالقول المزيف بأن  الجميل  هو القبيح، و القبيح هو الجميل في معرفتنا الحسية التي نتعامل بها في تلقينا، هو الذي جعل  تصورنا  في الحكم على العمل الفني او الادبي من جانب الإحساس  بالتمتع، و قبول تبادل الذور  بين الجمال و القبح في هذا العمل هو خاضع لذاك التصور ، و كتابات أشهر الفلاسفة  عن تلك العلاقة  بين الجميل و القبيح مهدت لاتساع فلسفة القبح ، فلو أخذنا رؤية كانط عن هذا الأمر  في أهمية  ما أوضحه في كتابه (نقد ملكة الحكم) الذي اعتبر الجمال  رمزا مباشرا و اضحا  في الأعمال الفنية ، وفي (فلسفة القبح)(2)  وكذلك يمثل كانط تقدما  في  إن  لدينا  شمولا أوسع  و اكثر  تحديدا  القبح مشروع لأنه لديه القدرة في تحفيز الخيال إلا   في حالة الاشمئزاز أما باومغارتن و الذي يعود له  الفضل في تعريف القبيح في حوالي  منتصف القرن الثامن عشر فقد سعى لتأسيس علم مستقل لنظرية الجمال ،إضافة إلى اقوال مشهورة ، نقتبس منها، مظهر الكمال او الكمال الواضح للذوق بالمعنى  الواسع هو الجمال و النقص المقابل هو القبح، و م من ثم فإن الجمال على هذا النحو يسعد الناظر - - و اجمل الأشياء  بطريقة قبيحة  أي إن باومغارتن يقارن  بين القبيح و الجميل في العمل الفني  بفلسفة القبح التي لا يظهرها  في النصوص  مباشرة ، بل  وفق رؤيته في ان علم الجمال هو كمال المعرفة الحسية، في استبعاد  واضح في عدم ارتباط القبح بالكمال، و على ما يبدوإن حرص الفلسفة  على تناول القبح نتيجة للتاريخ الثقافي لما هو متواجد من اقتران الجمال بالقبح فيما  يخلقه المفهومان   معاً من سؤال ثقافي كما جاء في كتاب (التاريخ الثقافي للقباحة) للكاتبة غرينشن أي هندرسن(3)  ففي مقدمة  المؤلفة  التي تتحدث بقولها إن التاريخ الثقافي  للقباحة يطلق لإعادة إحياء لحظات ثقافية مختلفة تكشفت عن  تغير مفاهيم القباحة بسبب إن الجميل والقبيح لم يعدا مفهومين متنافرين. ان الإشكالية  تكمن في عملية التلقي للعمل الفني او الأدبي، وهذه من اختصاص الذات (المتلقي) فكيف يمكنها وصف نفسها بقدر الاستيعاب، إذا ما كان الجميل و القبيح عبارة عن سؤال  ثقافي  تاريخي.

تقول جوديث بتلر في كتابها (الذات تصف نفسها)(4) جوهر ما تراه الذات، كي نصل إلى دراسة  ما بينته جوليا كريستيفا  في كتابها الظريف المعقد ( قصص في الحب)(5) الذات هنا لدى جوديث بتلر تكون واقعة بين عاملين  يمكننا وفق نظرية باومغارتن باعتبارهما مفهومي الجمال والقبح حيث التنافر حسب اعتقاد بتلر بين السيرة والسرد، فالتي تعي الاختلاف بين الجميل و القبيح  هي الذات ، والذات  تسير وفق أخلاقية محددة تتوافق مع نظرة باومغارتن، و كانط الأخلاقية، والتي كذلك نكتشفها في التحليل النفسي  و الفلسفي (الفرويدي و اللاكاني) اللذان استخدمتهما كريستيفا بمهارة في فحصها لقصص الحب التي درستها على ضوء ما يمكننا فهمه من المقارنة  بين ما هو الجميل وما هو القبيح  في تلك الدراسات الصعبة المعقدة التي تصدت لها جوليا كريستيفا  في هذا الكتاب العاطفي، ما هي الذات عند بتلر في جوهر الكتاب و اقسامه الثلاثة ؟، فمثلاً إن ما نتوقعه ان يواصل  القسم المعنون ال أنا  و  ال أنت استقصاء موقع العنف الأخلاقي المتمثل  في التحليل النفسي حيث توضح بتلرإن عملية  السلم و التسليم يخضع لسلطة الخاضع و المخضع ، أي ان وصف الذات يتم عبر عملية التحليل النفسي، تماماً كما في نظرية باومغارتن التي تصف العلاقة بين مظهر الكمال و القبح من خلال فهم العمل الفني، هنا الذات البتلرية تصف العنف الذي يسلط على العلاقة على مستلم التحليل النفسي لدى المحلل عند كريستيفا هو ما يجده المتلقي للعمل الأدبي من الفرق بين الجمال و القبح، كتاب كريستيفا يحمل من مظاهر التعقيد ما يجعل قصص الكتاب  تضج بصخب  المؤلفين للنصوص إلى النصوص السردية أي من تقريظ الحب، والتعرض للجوانب المنهجية الفرويدية  التي  اتبعتها كريستيفا في استبدال المحلل بدلاً  من نقد الطريقة التحليلية للنصوص السردية إلى التحليلية اللغوية اللاكانية التي هي أنجع طريقة  في التحليل النفسي اللغوي، نحو استعراضات فائقة الحمية لقصص الحب سواء أكانت تلك القصص تحمل سمة مثالية في الحب أم صيغة جنسية  ماجنة ؟ لهذا هي تعترف : إني أقر بأن المصير  الخاص  لضروب الحب التي  عشتها (و لعله  المصير  الخاص لهشاشتي الشخصية  المتخفية وراء قناع اليقظة) اعتراف يكفي لتمييز ما تحاول كر ميستيفا إيصاله  من رسائل وجلة عبر تلك القصص في الحب من فقدانها رغبة الجمال  بمعزل عن البشاعة، وإن كان الكتاب يحمل أفكاراً كثيرة لا يمكن  إستعراضها، لا  يمكن حصرها في هذه العجالة، لكن  ما درسته كريستيفا في الذات، وما جنته بعد ذلك  من مفاهيم مغلوطة  عن الجمال و القبح هو الذي  جعلنا نؤيد ما قامت به كريستيفا من تصورها لمعنى الحب، إن الحب، زيادة على الرغبة ، وما بعد اللذة أو دونها، يلتف حولهما او يحولهما للارتقاء بي  إلى مستوى أبعاد الكون.. لهذا تخضع كريستيفا جميع تلك الإشكاليات  التي  تقتحم الذات الساردة، وتحيلها إلى قراءات فرويدية ولاكانية.