اخر الاخبار

الصفحة الأولى

تحذيرات من عزوف الناخبين: يعزز هيمنة الفاسدين.. حراك تعديل قانون الانتخابات.. خطوة نحو مزيد من التلاعب والتضييق

بغداد – طريق الشعب

يشكل النظام الانتخابي في العراق مادة دسمة للجدل المستمر، في ظل مواجهته تحدياتٍ كبيرة تعرقل تطور العملية السياسية، وتحقيق تمثيل حقيقي للشعب. فما يزال الجدل متواصلا حول مدى قدرة هذا النظام على ضمان تمثيل عادل لجميع مكونات الشعب، في عملية الاقتراع العام والمحلي.

ومع استمرار عزوف الناخبين عن المشاركة في الانتخابات، لأسباب كثيرة أهمها فقدان الثقة بمنظومة الحكم وبإمكانية التغيير بعد عقدين من الفشل، تبرز محاولات تعديل قانون الانتخابات من أطراف سياسية متنفذة، لكن مختصين يرون أن هذه المحاولات تؤدي إلى مزيد من التلاعب والتضييق على المنافسين لهذه الأطراف. 

أين الخلل؟

في هذا الصدد، شدد الخبير الانتخابي دريد توفيق على أهمية أن يعكس النظام الانتخابي في العراق تنوعه الديني والمذهبي والقومي، مع ضمان تمثيل كل مكون بحجمه الحقيقي، مشيرا إلى أن أي قانون انتخابي يجب أن يراعي هذا التنوع دون تفضيل مكون على آخر. 

وقال توفيق أن "النظام الانتخابي يجب أن تكون فيه ديمومة ويشجع ويحفز على المشاركة الانتخابية، ولكن المشكلة تكمن في فهم العملية الانتخابية، حيث يسعى بعض المشرعين في مجلس النواب إلى تمرير قرارات تخدم مصالحهم، ما يؤدي إلى إيجاد قوانين وقرارات مفصلة على مقاسهم، وهذا النهج غير صحيح". 

وبين أن "طلبات الكيانات السياسية تتصادم مع المعايير التي أشرنا لها في أعلاه، والتي يجب أن تراعيها، وهذا ما يجب أن يحدث". 

وفي ما يتعلق بتعديل قانون الانتخابات، أشار توفيق في حديث مع "طريق الشعب" إلى أن هناك "أسبابًا فنية تمنع تعديل قانون الانتخابات، فالجدول العملياتي لمفوضية الانتخابات انطلق في بداية الشهر الثاني، بعد طلبها من الحكومة تخصيص المبلغ المالي اللازم لإدارة العملية الانتخابية، وتم تخصيصه وإعلانه بشكل رسمي". 

وأضاف توفيق، أن المفوضية "تحتاج إلى فترة تتراوح بين ستة إلى ثمانية أشهر للتحضير للانتخابات على أقل تقدير، مثل تحديث البطاقات الانتخابية ومنحها لمواليد 2007 وإعطاء التحالفات فرصتها وإعداد قوائم المرشحين، مع مراعاة أن الاستحقاق الانتخابي ملزم في نهاية شهر تشرين الثاني". 

ونوه إلى أن "المشكلة الحقيقية تكمن في قلة الثقافة الانتخابية؛ فالانتخابات هي عمل جماهيري يتطلب مشاركة واسعة"، مبينًا أن "لكل قانون انتخابي استراتيجية معينة تتطلب التعامل معه من منطلق الاستراتيجية الخاصة به حسب القانون".

الكتل المتنفذة تبدأ تصفية الحسابات

وبحسب مصادر سياسية مطلعة، فإن هناك رغبة لدى أطراف داخل الإطار التنسيقي في تقسيم محافظات بغداد وديالى والبصرة وبابل ونينوى وصلاح الدين إلى دوائر انتخابية وفقا لتوزيعها الطائفي، لمنع أي طرف من الحصول على مقاعد إضافية محتملة، موضحة أنها خطوة في إطار السعي لتوجيه العملية الانتخابية بما يخدم مصالح تلك الأطراف.

ونبهت المصادر في حديثها لـ"طريق الشعب"، إلى أن دعوة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لاعتماد البطاقة الوطنية بدلًا من بطاقة الناخب ما تزال تواجه معارضة من جهات سياسية مستفيدة من ضعف المشاركة الانتخابية.

وهناك قرابة 15 مليون ناخب لا يملكون بطاقة انتخابية بايوميترية.

ويبلغ عدد الناخبين في العراق، بعد إدراج مواليد عام 2007، حوالي 29 مليون ناخب، إلا أن 14 مليونًا فقط يمتلكون بطاقات انتخابية بايوميترية، الأمر الذي يسهّل عملية التنافس الانتخابي، ويضمن عدم مشاركة واسعة في الانتخابات.

وأضافت المصادر، أن الخلافات حول هذه القضايا، وإن لم تظهر بشكل علني، إلا أنها تشهد نقاشات مكثفة واجتماعات حثيثة بين الأطراف السياسية. وتهدف هذه الجهود إلى التضييق على عدة أطراف، سواء داخل المكونات التي تدعي تمثيلها أم خارجها، في إطار صراع محتدم للحصول على المناصب والمواقع المؤثرة في المشهد السياسي. 

وتسلط هذه التطورات الضوء على التحديات الكبيرة التي تواجه العملية الانتخابية في العراق، بدءًا من محاولات التلاعب بتقسيم الدوائر الانتخابية وصولًا إلى الخلافات حول آليات التصويت. وتكشف هذه الخطوات عن توجهات بعض الأطراف السياسية لتعزيز هيمنتها على المشهد السياسي.

ما إمكانية التعديل؟

في هذا الصدد، رجح المراقب للشأن الانتخابي والسياسي د. سيف السعدي، أن يبقى قانون الانتخابات العراقي على حاله دون تعديل. 

وقال السعدي في حديث لـ "طريق الشعب"، أن "رئيس الوزراء محمد السوداني يفضل الإبقاء على القانون الحالي، في حين يسعى المالكي إلى إضافة فقرة تُلزم المسؤولين التنفيذيين، من درجة مدير عام فما فوق بالاستقالة من مناصبهم قبل ستة أشهر من الانتخابات، وذلك لضمان عدم استغلال موارد الدولة أو النفوذ السياسي خلال العملية الانتخابية". 

وأضاف أن "التعديل المطروح يدفع لاعتماد نظام 1.9 وليس 1.7، ما يقلص الفرصة أمام الكتل الصغيرة والمستقلين، وتضييق الخناق على تحقيق تمثيل لجماهيرهم في مجلس النواب".

وطبقا للسعدي، فانه يستبعد إجراء أي تعديل على قانون الانتخابات الحالي في المرحلة المقبلة، معتقدا أن أي محاولة للتعديل قد تؤدي إلى تجاذبات سياسية ومناكفات، والجميع شاهد ما حدث الآن مع القوانين الجدلية.

إلى ماذا يؤدي هذا التراخي؟

وحول ظاهرة عزوف الناخبين، أوضح السعدي أن "انخفاض نسبة المشاركة يصب في مصلحة الأحزاب المتنفذة، التي تمتلك جمهورًا زبائنيًا ومؤدلجًا وعقائديًا"، مشيرًا إلى أن "هذه الأحزاب تستفيد من هذا العزوف، حيث إن جمهورها يشارك بفاعلية، ما يعزز نفوذها في المشهد السياسي أمام عزوف الناس، بل إنها تروج عدم المشاركة بشكل غير مباشر". 

وأكد أن "استمرار هذا التراخي والعزوف يؤدي إلى بقاء نفس الأحزاب في السلطة دون تغيير في النهج أو السلوك، مع تبديل في الأسماء والمناصب فقط، وهذا الوضع مستمر منذ عام 2003، دون تحقيق تقدم حقيقي من أجل بناء نظام سياسي رصين". 

واختتم السعدي حديثه بالتأكيد على أن "استمرار التراخي يؤدي لبقاء هذه الأحزاب بالسلطة عبر لعبة التدوير، وبالتالي مطلوب ان يكون هناك وعي لدى المواطنين لتغيير ما أفسدته الطبقة السياسية الحالية".

*******************************************

الرفيق رائد فهمي يستقبل نقيب المعلمين العراقيين والوفد المرافق له

بغداد ـ طريق الشعب

استقبل الرفيق رائد فهمي، سكرتير اللجنة المركزية للحزب، الأستاذ عدي حاتم العيساوي، نقيب المعلمين والوفد المرافق له، وذلك لبحث الواقع التربوي وسبل النهوض بهذا القطاع.

وفي مستهل اللقاء، رحب الرفيق فهمي بالوفد الزائر، مؤكدا أهمية الدور الذي تنهض به نقابة المعلمين في حياة المجتمع، والتي تمثل ما يزيد على المليون معلم ومدرس.

وجرى خلال اللقاء تبادل وجهات النظر بشأن الأوضاع العامة في البلد، وبشكل خاص ما يتعلق بالعملية التعليمية والتربوية ومتطلبات وسبل تعزيزها وضرورة اعتبار قطاع التربية والتعليم ضمن أولويات واهتمامات صناع القرار الحكومي.

وأكد الرفيق فهمي، أهمية تضافر جميع الجهود من أجل إحداث التغيير المطلوب لتعزيز الوحدة الوطنية لمواجهة التحديات التي تواجه العراق والمنطقة.

بدوره، تقدم السيد النقيب بالشكر للحزب الشيوعي العراقي عن المذكرة التي قدمها للنقابة، والمتضمنة مجموعة من المقترحات لدعم وتطوير العملية التعليمية.

هذا ورافق السيد النقيب كلٌّ من الاستاذ احمد جسام والأستاذ نافع غانم الزلزلي عضوي مجلس النقابة. وحضر الاجتماع الرفيق عزت ابو التمن عضو المكتب السياسي للحزب.

**********************************************

الرفيق فهمي يلتقي إياد علاوي لبحث مبادرة الحوار السياسي والمستجدات الراهنة

بغداد ـ طريق الشعب

زار الرفيق رائد فهمي، سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، الدكتور إياد علاوي زعيم ائتلاف الوطنية، لبحث التطورات السياسية في البلاد، لا سيما على المستويين الإقليمي والدولي، وانعكاساتها على العراق.

ورافق الرفيق فهمي في الزيارة الرفاق ياسر السالم وحيدر مثنى ووسام الخزعلي، أعضاء قيادة الحزب، حيث جرى خلال اللقاء التطرق إلى المبادرة التي يعتزم الحزب الشيوعي العراقي إطلاقها للحوار السياسي، والتي تهدف إلى إيجاد حلول للأزمات الراهنة وتعزيز المسار الديمقراطي. كما تناول الجانبان أهمية توحيد الجهود الوطنية لمواجهة التحديات التي يمر بها العراق، والتأكيد على ضرورة الحوار كوسيلة أساسية لمعالجة الخلافات ورسم رؤية وطنية مشتركة.

وأكد الطرفان أهمية استمرار التواصل بين القوى الوطنية المختلفة، والعمل على بلورة مواقف تسهم في تحقيق الاستقرار السياسي وتعزيز استقلالية القرار العراقي.

*********************************************

راصد الطريق.. هل نقول لهم: عاشت الأيادي؟!

وزارة مالية موزمبيق اعلنت تنازل العراق عن 256 مليونا من إجمالي ديونه النفطية البالغة 320 مليون دولار، على أن يُدفع الدين المتبقي البالغ 64 مليونا على مدى 15 عامًا، بدءًا بعام 2029. 

في الوقت نفسه أفاد محافظ الديوانية عباس الزاملي أن مجلس الوزراء "وافق رسميًا على سحب العمل من الشركة الإسبانية وإحالة الأعمال إلى شركات أخرى" دون تفاصيل اخرى. وجاءت هذه الموافقة بعد أن حمّل عضو مجلس محافظة الديوانية طارق البرقعاوي الحكومة مسؤولية إحالة مشروع تأهيل أحياء الديوانية الـ42 إلى جماعة مسلحة، متهمًا الشركة المحال إليها المشروع بأنها ليست إسبانية كما تدعي، ولم تنجز سابقا أية مشاريع مماثلة. 

لا شيء يربط الخبرين أعلاه، لكنهما نموذجان للفوضى وغياب الشفافية، السائدين في التعامل مع قضايا بلادنا المختلفة. وإلا أيعقل أن نسمع من وزارة خارجية موزمبيق عن تنازل العراق عن ربع مليار دولار دون أن تنبس الحكومة ببنت شفة؟ واذا رجعنا الى العراق: هل يعقل أن يصوت مجلس الوزراء على سحب العمل من شركة متلكئة ومنتحلة للصفة، دون أن يتوعد الفاسدين بالملاحقة، أو ان يهددهم بذلك لا أكثر؟!

**********************************************

الصفحة الثانيية

وزير الموارد المائية يطمئن: نمتلك خزينًا كافيًا من المياه

بغداد ـ طريق الشعب

أعلن وزير الموارد المائية، عون ذياب عبد الله، امس الأربعاء، عن امتلاك العراق كمية مياه أفضل من العام الماضي لسد احتياجات الصيف.

واشار ذياب، في مؤتمر صحفي الى "وجود متغيرات في مياه شط العرب دعت الوزارة الى تكليف إحدى الشركات الاستشارية الرصينة للقيام بدراسة تفصيلية لمشاكل المياه في شط العرب وتم التوصل الى حلول والتي سيتم اعتمادها كخارطة طريق لمعالجة تمدد الأملاح في شط العرب وإيقاف التدهور في نوعية المياه".

وتابع، أنه "على مدى السنتين الماضيتين، هناك استقرار في شط العرب خاصة من مصب الكارون شمالاً ولكن جنوباً يتأثر بالمد الخليجي والعوامل الأخرى مثل الرياح والمد العالي الذي يسبب تقدم الأملاح من البحر ونعمل على توازن هذه الحالة وإجراءاتنا مستمرة لإنهاء هذا الأمر".

ولفت الى "وضع خطة على شكل تصاميم هندسية ذات كلفة واطئة لمعالجة موضوع المسحب والصلال وهور الشافي وسنعمل على إدخال المياه إليها من دون الرجوع لأنها تتسبب بتركيز الأملاح في شط العرب".

وأردف: "نحاول الحفاظ على الخزين المائي بشكل كبير ونمتلك كمية مياه أفضل من العام الماضي وهذا يدل على حسن إدارة هذا الملف لغرض سد الاحتياجات في الصيف من دون نقص ونحاول بناء خزين كافٍ وعدم التفريط به".

وأشار الى أن " العديد يطالب بزيادة الإطلاقات المائية لكن الوزارة تعمل وفق خطة ودراسة عميقة للحفاظ على أكبر قدر ممكن من المياه من خلال ترشيد الإطلاقات المائية".

*********************************************

مزارعون يتظاهرون ضد إيقاف ضخ المياه شرائح اجتماعية عدة تحتج على سوء الخدمات

بغداد ـ طريق الشعب

شهدت عدة محافظات موجة من الاحتجاجات الشعبية التي عبّرت عن استياء المواطنين من تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، وعدم استجابة الجهات المعنية لمطالبهم المشروعة.

من نينوى إلى المثنى وذي قار والسليمانية، خرج المحتجون إلى الشوارع مطالبين بتحسين الخدمات وحل الأزمات المتفاقمة التي تهدد مستقبلهم ومصادر حياتهم.

مزارعو نينوى

ونظّم مزارعو ناحية ربيعة غربي محافظة نينوى، وقفة احتجاجية احتجاجًا على قرار إيقاف ضخ المياه في مشروع ري الجزيرة الشمالي. وعبّر المحتجون عن مخاوفهم من تداعيات القرار، محذرين من كارثة اقتصادية ستضرب المنطقة وتؤدي إلى تلف المحاصيل الزراعية.

وناشد المزارعون الجهات المعنية بالتدخل العاجل لضمان استمرارية المشروع، مؤكدين أن توقفه سيؤدي إلى أزمة حادة تهدد مستقبل المنطقة.

وذكر المحتجون أنهم استثمروا كميات كبيرة من الحنطة والبطاطا بملايين الدنانير العراقية، والتي تم استيرادها خصيصًا لاستثمار الأرض وزراعتها في مواسمها المناسبة، مؤكدين أن إيقاف المشروع سيؤدي إلى خسائر جسيمة حيث يعتمدون بشكل رئيس على المياه لري محاصيلهم.

وأضافوا، أن آلاف العوائل التي تعتمد على الزراعة كمصدر دخل رئيس ستتأثر بشكل بالغ جراء توقف ضخ المياه في المشروع، ما يهدد بتدمير القطاع الزراعي في المنطقة.

احتجاج في المثنى

وفي سياق متصل، شهدت محافظة المثنى مجموعة من الاحتجاجات، حيث تجمع عدد من سكان إحدى مناطق 22 والمنتجات النفطية اعتراضًا على نصب برج للاتصالات وسط مساكنهم.

وعبّر المحتجون عن مخاوفهم من الآثار الصحية والبيئية التي قد تنجم عن المشروع، مطالبين الجهات المعنية بالتدخل لإيقافه أو نقله إلى موقع بعيد عن المناطق السكنية.

فيما نظم عدد من خريجي المحافظة الذين لم تشملهم الدرجات الوظيفية (العقود) سابقًا، وقفة احتجاجية أمام مجلس المحافظة. وطالبوا بسرعة تنفيذ الإجراءات الخاصة بشمولهم بالتعيينات، مؤكدين أنهم سيواصلون احتجاجاتهم حتى تحقيق مطالبهم المشروعة.

من جهة أخرى، تظاهر العشرات من أبناء عشيرة "النويصرات" في قضاء الخضر، مطالبين بتحسين الخدمات وتنفيذ الوعود الحكومية. واحتشد المتظاهرون أمام مبنى قائمقامية القضاء، مطالبين بتلبية احتياجاتهم الأساسية، محذرين من تصعيد احتجاجاتهم في حال عدم الاستجابة لمطالبهم.

أصحاب المولدات

كما تظاهر العشرات من أصحاب مولدات الكهرباء الأهلية في محافظة ذي قار احتجاجًا على الضرائب والرسوم التي فرضتها دائرة البلدية عليهم. وأوضح أحد المتظاهرين أن البلدية طالبتهم بمبالغ كبيرة تتجاوز الملايين كأجور تنظيفات ورسوم عمل بأثر رجعي لعدة سنوات، ما أثقل كاهلهم وأدى إلى صعوبة الاستمرار في العمل.

وأشار المتظاهرون إلى أنهم يواصلون توفير التيار الكهربائي للمواطنين مقابل الحصول على كميات قليلة من الوقود المدعوم، في ظل استمرار انقطاعات الكهرباء الوطنية. وطالبوا الجهات الحكومية بضرورة الالتفات إلى معاناتهم، وإعفائهم من الضرائب الجديدة، وتوفير الوقود الكافي لهم لاستمرار عملهم وتلبية احتياجات المواطنين.

تطورات اضراب السليمانية

وفي محافظة السليمانية، قرر المحتجون المضربون عن الطعام تعليق إضرابهم بعد تدهور حالتهم الصحية، بناءً على تقارير اللجان الطبية التي استدعت نقلهم إلى المستشفى لتلقي العلاج. وقال محمد أحمد، أحد المشاركين في الاحتجاج: إن "تعليق الإضراب لا يعني إنهاء الحراك، بل هو خطوة جديدة نحو تصعيد الاحتجاجات بطرق سلمية أخرى".

وأضاف أحمد، أن المحتجين سيواصلون تنظيم المظاهرات والوقفات الاحتجاجية لتحقيق مطالبهم المشروعة، مؤكدًا أن حقوقهم لا يمكن تجاهلها أو تأجيلها.

وكانت الأيام الماضية قد شهدت تضامنًا شعبيًا واسعًا مع المحتجين، الذين استخدموا الإضراب عن الطعام للضغط على حكومة إقليم كردستان من أجل صرف رواتبهم المدخرة وحل الإشكالات المالية بين بغداد وأربيل، وتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية. ومع تعليق الإضراب، يخطط المحتجون في السليمانية للعودة إلى الفعاليات السلمية خلال الأيام المقبلة، في رسالة واضحة على استمرار نضالهم حتى تحقيق مطالبهم.

وفي سياق متصل، شهدت مدينة السليمانية إغلاق عدد من المحال التجارية مؤقتًا لمدة ساعة، تضامنًا مع المعتصمين والمحتجين من المعلمين والتدريسيين والموظفين الذين يطالبون بتحسين أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية.

وقال كاميران أحمد، أحد أصحاب المحال المشاركة، إن هذه الخطوة تهدف إلى إظهار التضامن مع المضربين عن الطعام في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، مشيرا إلى أن الأزمة الاقتصادية المستمرة قد أثرت سلبًا على مختلف القطاعات، بما في ذلك التجارة، نتيجة لتأخير صرف الرواتب بسبب الخلافات المستمرة بين بغداد وأربيل. ودعا أحمد الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم إلى "إيجاد حلول جذرية للأزمة بعيدًا عن الاتفاقيات التي لم تثمر عن نتائج ملموسة".

********************************************

كل خميس.. لا وطن بديلا ولا تنازل عن الحق

جاسم الحلفي

ما يجري في غزة ليس مجرد حرب أخرى في سجل الصراع الطويل مع المشروع الصهيوني، بل هو عملية إبادة شعب ممنهجة تهدف إلى اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، وإجبارهم على الهجرة إلى مصر والأردن، في تكرار مروع لنكبة عام 1948. وهذه ليست مجرد جريمة حرب، بل هي أيضا جريمة ضد الإنسانية، تُنفذ على مرأىً ومسمعٍ من العالم دون أي رادع حقيقي، وكأن الفلسطينيين مجرد فائض بشري يجوز التخلص منه بصفقة سياسية أو بضغوط عسكرية.

وما يزيد الأمر فظاعة هو أن هذا المخطط لم يعد مجرد هاجس، بل صار خطاباً يمينياً فاشياً معلناً، مدعوماً بمواقف سياسية مكشوفة، كان آخرها تصريح ترامب المعروف الذي لم يُقابل برد عالمي حاسم يليق بحجمه. بل على العكس، تم التعامل معه ببرود يعكس انحطاط المنظومة الأخلاقية للسياسة الدولية، حيث يُسمح لمجرمي الحرب بتحديد مصائر الشعوب، بينما تُسلب حقوق الضحايا بذرائع أمنية وباسم مصالح استراتيجية.

إن ما يحدث اليوم في غزة ليس مجرد قصف وتدمير، بل هو عملية منظمة لاقتلاع أسس الحياة، ودفع الفلسطينيين نحو أحد خيارين: الهجرة أو الموت. فتدمير المنازل، والمستشفيات، والمدارس، والبنى التحتية، ومنع دخول المساعدات، كلها أدوات إبادة تمارسها إسرائيل بغطاء أمريكي وتواطؤ غربي. وما يزيد المشهد قتامة هو صمت الدول العربية، التي كان يفترض أن تشكل حاضنة للموقف الفلسطيني. لكنها اليوم تبدو عاجزة، أو في بعض الحالات، متواطئة مع الطرح الذي يسعى إلى جعل غزة منطقة غير صالحة للحياة، فيدفع أهلها إلى الفرار تحت وطأة الجوع والرعب.

إن إجبار شعب بأكمله على الهجرة ليس مجرد انتهاك لحقوق الإنسان، بل هو خنجر مسموم في قلب القانون الدولي، وضربة قاصمة لمبدأ تقرير المصير، الذي لم يكن يوماً مجرد شعار، بل حقاً أصيلاَ دفعَت الشعوب أثماناً باهظة لنيله. والفلسطينيون، مثل أي شعب آخر، لهم الحق في البقاء على أرضهم، والعيش بكرامة، ومقاومة مشاريع الإبادة بكل الوسائل المشروعة.

ان ما يحدث اليوم يضع الضمير العالمي أمام امتحان حاسم: فإما أن يثبت أن القيم التي يتشدق بها ليست مجرد غطاء للمصالح الاستعمارية، أو أن يعترف علناً بأنه مجرد أداة لتبرير الظلم وإدامة الاحتلال. وإذا كان البعض يعتقد أن الزمن كفيل بطمس القضية الفلسطينية، فهو واهم، فالشعوب لا تنسى، والتاريخ لا يرحم المتخاذلين. وكما ناضلت شعوب كثيرة عبر التاريخ ضد الاحتلال والتهجير، سيظل الفلسطينيون يقاومون حتى يستعيدوا أرضهم وحقوقهم، لأن حق الشعوب في تقرير مصيرها ليس منّة من أحد، بل هو قانون الحياة ذاته.

******************************************

مواساة

الرفيق العزيز ياسر السالم المحترم

تلقينا بالم وحزن عميقين خبر وفاة والدك الفقيد خضر عباس السالم بعد معاناة مع المرض.

نشاطرك الاحزان في مناسبة هذا المصاب الأليم، ونتقدم اليك ولاخوتك والاخوات وافراد العائلة كافة بخالص التعازي، متمنين للجميع  الصبر والسلوان، وللراحل العزيز دوام الذكر الطيب .

المكتب السياسي

للحزب الشيوعي العراقي

11-2-2025

*******************************************

نعي

المكتب السياسي للحزب الشيوعي الكردستاني

ينعي الرفيق المناضل ابو باز

ينعى المكتب السياسي للحزب الشيوعي الكردستاني ـ العراق، الرفيق المناضل دنخا شمعون خوشابا البازي (أبو باز البازي) القائد المعروف في حركة البيشمركة في كوردستان العراق، والذي شارك في الحركة الانصارية للحزب الشيوعي منذ بداية الستينات في القرن الماضي، واستمر في الكفاح المسلح مشاركا في انتفاضة آذار 1991.

لقد كان الرفيق ابو باز قائدا انصاريا جماهيريا محبوبا من قبل رفاقه ومن قبل الجماهير، حيث شاركهم المعاناة والنضال الباسل ضد الديكتاتورية والقمع في شتى الظروف السياسية، ملتصقا بحزبه الشيوعي وبمبادئه، وناذرا نفسه للنضال في

صفوفه.

المجد للرفيق البيشمركة ابو باز البازي.

التعازي الحارة لعائلته ورفاقه واصدقائه.

المكتب السياسي

 للحزب الشيوعي الكردستاني

11شباط 2025

**********************************************

تعزية

الأعزاء في عائلة القائد الانصاري الراحل دنخا شمعون البازي المحترمون

آلمنا كثيرا خبر وفاة والدكم المناضل الشيوعي الوفي والقائد الانصاري الشجاع دنخا شمعون البازي (أبو باز) الذي رحل يوم امس عن 93 سنة.

اشتغل الفقيد في شبابه عاملا في شركة نفط البصرة، حيث تعرف على الحزب الشيوعي العراقي وانضم الى صفوفه، وفي السنين اللاحقة تعرض الى الملاحقة والسجن بسبب نشاطه الوطني. وبعد انقلاب شباط الأسود أسهم في بناء قواعد الأنصار في مناطق بادينان الكردستانية لمقاومة الانقلابيين.

وفي السبعينات بعد انهيار الجبهة، عاد الى الجبل مجددا، وشارك في تأسيس اول قاعدة للأنصار الشيوعيين  في بادينان. وبقي في السنين التالية مقاتلا باسلا وقائدا في حركة الأنصار المكافحة بالسلاح ضد النظام الدكتاتوري. 

كبيرة هي خسارة حزبنا برحيل الرفيق المناضل أبو باز، الذي ستبقى ذكراه حيّة مضيئة في قلوب رفاقه وقلوب جماهير بادينان التي عرفته جيدا وأحبته.

ونحن إذ نودعه اليوم، نتوجه الى نجله باز والى اهله جميعا ورفاقه كافة بخالص المواساة، راجين لهم تحمل هذا المصاب المؤلم والصبر عليه.

المكتب السياسي

للحزب الشيوعي العراقي

11/2/2025

**********************************************

الصفحة الثالثة

مراقبون: عقد مشبوه يُعطّل تطوير حقل عكّاز الغازي

بغداد- محمد التميمي

بعد مرور 10 اشهر على اعلان وزارة النفط عن تعاقدها مع شركة “يوكرزم ريسورس” الأوكرانية لتطوير حقل عكاز الغازي في محافظة الأنبار، والذي يُعتبر من أكبر حقول الغاز في العراق، لم تنجز الشركة التي تبحث عن شركة اخرى بديلة عنها، شيئا يذكر في اعمال التطوير.

ورغم محاولات الوزارة تبرير فشل الشركة، لم تكن ايٌّ من تلك المبررات مقنعة، ما يعزز الشكوك اكثر في أن هذا التعاقد تم نتيجة لضغوط سياسية أو صفقات مشبوهة. في وقت يعاني فيه العراق من أزمة طاقة خانقة.

التعاقد عطل تطوير الحقل

ويؤكد خبراء مختصون بمجال الطاقة، انه كان من المتوقع أن يكون هذا الحقل رافدًا مهمًا لتعزيز إنتاج الطاقة وتقليل الاعتماد على الاستيراد، إلا أن اختيار شركة تفتقر للخبرة الكافية في تطوير الحقول الغازية عرقل هذه العملية.

من جهته، قال الخبير في مجال النفط والطاقة، كوفند شرواني، أن حقل عكاز الغازي، أحد أهم الحقول في العراق باحتياطي تقديري يصل إلى 4 تريليونات قدم مكعب، مشيرا إلى أنه يعاني من الإهمال والتعطيل نتيجة قرارات حكومية غير مدروسة وتعاقدات غير مهنية.

وأوضح، أن وزارة النفط كانت قد تعاقدت قبل سنوات مع شركة صينية لتطوير الحقل، لكنها انسحبت لاحقاً من الاتفاق ودُفعت لها غرامات مالية نتيجة فسخ العقد.

وأشار إلى أن شركة أرامكو السعودية قدمت عرضاً للاستثمار في الحقل، إلا أن هذا العرض لم يُترجم إلى اتفاق رسمي. وأضاف: “فوجئنا لاحقاً بتعاقد الوزارة مع شركة أوكرانية غير متخصصة في مجال النفط والغاز، ما أدى إلى تعثر العمل في الحقل وعدم إحراز أي تقدم في تطويره أو زيادة إنتاجيته”.

وانتقد شرواني في حديث لـ"طريق الشعب"، غياب الشفافية في إجراءات التعاقد، مؤكداً أن "الشركة الأوكرانية لم تكن جزءاً من جولات التراخيص ولم تُطرح مناقصات شفافة كما هو معمول به في العقود النفطية".

وأضاف، ان “هناك شركات عالمية متخصصة مثل شل الهولندية وغازبروم الروسية وهي شركة رصينة ولديها استثمارات في العراق وتعمل في اكثر من مكان، وكان من الأجدر التعاقد مع شركات من هذا النوع، وتملك خبرات واسعة في مشاريع الغاز والنفط بالعراق، لضمان نتائج ملموسة”، منوها الى ان "التوجه نحو شركات غير معروفة يثير التساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء هذه القرارات، خاصة مع وجود تسريبات تشير إلى ضغوط سياسية قد تكون أثرت على هذا التعاقد”.

وحذّر شرواني من تأثير هذه السياسات "على مستقبل استثمارات الغاز في العراق. رغم تصريحات الوزارة التي أعلنت عن خطط لزيادة استثمار الغاز المصاحب إلى 70 في المائة العام الماضي و80 في المائة بحلول 2025، مع هدف الوصول إلى الاكتفاء الذاتي بحلول 2028".

واشار الى أن العراق يمتلك احتياطيات "تقدر بـ127 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي"، داعياً إلى “ضرورة وجود إرادة جادة لتطوير هذه الثروة بعيداً عن التأثيرات السياسية، لضمان تحقيق النفع الاقتصادي العام”.

وختم شرواني حديثه  بالدعوة إلى إلغاء العقد الحالي مع الشركة الأوكرانية وإعادة طرح المشروع أمام شركات متخصصة وذات خبرة"، مشيراً إلى أن "تطوير حقل عكاز يمكن أن يسهم بشكل كبير في تغذية الشبكات الكهربائية وتغطية احتياجات مناطق واسعة في غرب العراق، حتى في المراحل الأولى من الإنتاج".

تاريخ متعثر للحقل

وفي سياق متصل، أكد الخبير في مجال الطاقة دريد عبد الله، أن حقل عكاز الغازي يُعد من الحقول الصغيرة في العراق، حيث تُقدّر الكميات الممكن استخراجها منه بنحو 60 مليار متر مكعب على مدى 20 عاماً، مع توقعات بإنتاج يتراوح بين 2 إلى 4 مليارات متر مكعب سنوياً. ومن المتوقع أن يستمر الحقل بالإنتاج لمدة عشرين عاماً قبل أن يتم إقفاله.

وأشار عبد الله في سياق حديثه مع "طريق الشعب"، إلى أن "محدودية الاستثمار في قطاع الطاقة في العراق، تعود إلى عدم الاستقرار السياسي والأمني، بالإضافة إلى عدم إقرار قانون النفط والغاز، وهو ما يفاقم مشكلة هروب الاستثمارات الأجنبية من البلاد".

وقال، ان “غياب البيئة القانونية والتنظيمية الملائمة سيُبقي العراق في دائرة جذب استثمارات محدودة وغير مستقرة، خاصة في ظل الوضع الأمني المتقلب”.

وأضاف أن حقل عكاز "تم اكتشافه في ثمانينيات القرن الماضي، وكانت الفكرة، ربط الحقل بمحطات معالجة الغاز في سوريا؛ حيث تم افتتاح محطة معالجة امريكية بسوريا، وفي نهاية عهد النظام السابق، كانت هناك محاولات لربط الحقل وبدأ الإنتاج لفترة وجيزة”.

واضاف، انه بعد عام 2010 "تم منح عقد تطوير الحقل لشركة كوكاز الكورية الجنوبية، إلا أن الأوضاع الأمنية وتحديات دخول الجماعات الإرهابية إلى محافظة الأنبار، أدت إلى انسحاب الشركة من المشروع".

ولفت عبد الله أنه أجرى محادثات مع مدير الشركة في تلك الفترة، والذي أكد أن الظروف لم تكن مناسبة لاستمرار العمل، ولم تعد الشركة إلى الحقل منذ ذلك الحين.

"بيئة استثمارية مستقرة"

وحول مستقبل الحقل، أشار عبد الله إلى أن وزارة النفط العراقية دخلت في وقت سابق بمباحثات مع شركة أرامكو السعودية للاستثمار في حقل عكاز، لكنها لم تتطور إلى اتفاق رسمي. وأوضح، أن “هذه المباحثات كانت استكشافية لمعرفة تفاصيل المشروع وقياس جدواه الاقتصادية، دون الدخول في التزامات تعاقدية”.

وشدد عبد الله على ضرورة إعادة النظر في جذب شركات عالمية ذات خبرة في قطاع الغاز، لضمان تطوير الحقل بشكل مهني وفعّال، مشيراً إلى أن العراق بحاجة إلى بيئة استثمارية مستقرة وإطار قانوني واضح لتشجيع الشركات الكبرى على الاستثمار في قطاع الطاقة.

حقل واعد غير مستغل

الى ذلك، أكد الخبير النفطي حمزة الجواهري أن جميع الشركات العالمية التي تعاقدت على تطوير حقل عكاز الغازي، بما في ذلك الشركة الصينية والشركة الكورية التي سبقتها، لم تتمكن من بدء العمل في الحقل بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة في المنطقة التي يقع فيها الحقل.

وأشار إلى أن "الشركات الأمريكية، كانت الوحيدة القادرة على العمل في هذه الظروف، وقد تقدمت بالفعل بعروض للاستثمار"، الا أن الشركات الأمريكية اشترطت توقيع عقود مشاركة في الإنتاج، وهي عقود وصفها الجواهري بـ”المجحفة”، وتتعارض مع القانون والدستور العراقي، ما حال دون التوصل إلى اتفاق نهائي.

ونوه الجواهري في سياق حديثه مع "طريق الشعب"، الى أن "التعاقد مع الشركة الأوكرانية جاء بصغط ودعم أمريكي رغم افتقار الشركة للخبرة الكافية في تطوير حقول الغاز".

وأضاف، ان "الشركة لم تتمكن حتى الآن من بدء العمل نتيجة لعدم امتلاكها الخبرة المطلوبة، إضافة إلى ضعف الاستثمارات المخصصة للمشروع”.

واتم الجواهري حديثه بالقول: أن حقل عكاز "يحتوي على كميات كبيرة من الغاز الطبيعي يمكن أن تسهم بشكل كبير في سد نقص الطاقة في العراق، سيما وأن جزءاً من عملية تطوير الحقل يتضمن إنشاء مرافق لمعالجة الغاز، إلا أن جميع هذه الخطط لم تُنفذ حتى الآن".

***********************************************

العراق في الصحافة الدولية

ترجمة وإعداد: طريق الشعب

مجلس الأمن الدولي: مخاطر {داعش} مازالت قائمة

 

نشر موقع مجلس الأمن الدولي تقريراً حول مكافحة الإرهاب في العراق وسوريا، ذكر فيه بأن تهديد التنظيم الإرهابي (داعش) لا يزال قائماً، ويظهر قدرته على الصمود ويتكيف مع أسلوب عمله على الرغم من التقدم المضطرد الذي أحرزته الدول الأعضاء في استهداف قياداته وعملياته المالية. ويشير التقرير أيضًا إلى أن إنتاج الدعاية للجماعة "ظل واسع النطاق" وإنه ما يزال يتمتع بإمكانية الوصول إلى "احتياطيات نقدية كبيرة"، تقدر بنحو 10 ملايين دولار في العراق وسوريا وحدهما.

التغييرات في سوريا

وعبر التقرير عن مخاوف المجلس من احتمال سعي داعش إلى توسيع عملياتها بعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في كانون الأول 2024، مستغلة الوضع المتقلب في البلاد لتعزيز موقفها، مع وجود مخاوف من استيلاء الإرهابيين على مخزونات الأسلحة المتقدمة، بما في ذلك أنظمة الطائرات بدون طيار.

ويصف التقرير أيضًا منطقة البادية السورية بأنها "منطقة حرجة لأنشطة الجماعة ومركز للتخطيط العملياتي الخارجي لها، داعياً إلى نهج شامل لمكافحة الإرهاب، يعزز ويحمي القانون الدولي واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون خاصة في عملية الإنتقال السياسي في سوريا، عبر تبني العدالة والحقيقة والتعويض ودعم الضحايا للتغلب على التأثير الطويل الأمد للإرهاب.

داعش في العراق

وفي ظل التقارير الإعلامية الأخيرة التي تشير إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعرب عن اهتمامه بسحب القوات الأمريكية من سوريا، وإعلان العراق والولايات المتحدة عن اختتام مهام التحالف العالمي لهزيمة داعش بحلول نهاية أيلول القادم والانتقال إلى شراكات أمنية ثنائية مع قوات الأمن العراقية، والتأثيرات السلبية لتجميد ترامب للمساعدات الخارجية على أوضاع مخيمي الهول والروج، اللذين يضمان 42500 شخص، وجد التقرير حصول تدني في تأمين المحتجزين وزيادة في الصعوبات التي تواجهها المساعدات الانسانية لهم، ودعا الدول الأعضاء لإعادة مواطنيها في هذه المرافق بما يتماشى مع التزاماتها بموجب القانون الدولي، والإسراع في تنفيذ برامج الإعادة الفعّالة والملاحقة القضائية للمحتجزين وإعادة التأهيل وإعادة الإدماج في بيئاتهم.

كما أكد التقرير على أن ما يقرب من نصف كبار قادة التنظيم الإرهابي في العراق، بما في ذلك "نائب الحاكم المزعوم"، قُتلوا في عمليات مكافحة الإرهاب الأخيرة التي نفذتها الحكومة العراقية. وأعرب عن اعتقاد الامين العام للأمم المتحدة بمحدودية جهود مكافحة الإرهاب إذا ما إقتصرت على الأمن، لأنها يجب أن تكون مصحوبة بوضع استراتيجيات وقائية قائمة على التنمية المستدامة وسيادة القانون وحقوق الإنسان، دون أي تهاون مع تنفيذ نظام العقوبات 1267/1989/2253 ضد داعش وتنظيم القاعدة من قبل كل الدول الأعضاء.

تطور تقني خطير

وحذر التقرير من استخدام داعش والجماعات التابعة لها للتكنولوجيات الجديدة والناشئة، مشيداً بجهود الدول الأعضاء في ملاحظة إمكانية الوصول على نطاق واسع إلى التكنولوجيا المتقدمة، مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد والذكاء الإصطناعي، ومؤكداً على القدرة المتنامية للجماعات الإرهابية على استخدام الذكاء الإصطناعي لتجنيد الشباب ونشر التطرف.

كما أشاد التقرير بجهود فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم التي ارتكبها داعش (يونيتاد) وبالتقارير التسعة عشرة التي أصدرها، وذلك بمناسبة انتهاء ولايته.

************************************************

عين على الأحداث

فرق توقيت!

طلبت لجنة الأقاليم النيابية من مجلس إحدى المحافظات، التأكد من صحة الوثيقة الدراسية لرئيسه، استنادًا إلى القانون رقم 21 لسنة 2008 المعّدل، والذي ينظم شؤون المحافظات غير المنتظمة في إقليم. ولا يعّد الطلب غريباً فقد اعتاد الناس على مثل هذه المشاكل طيلة الدورات الانتخابية كمظهر من مظاهر الصراع على المغانم، والذي انغمر فيه أغلب أعضاء مجالس المحافظات، مستخدمين فيه كل ما يمكن من أدوات. هذا وفيما يكتوي الناس بغياب الخدمات نتيجة فشل هؤلاء في إداء المهام التي "انتخبوا" من أجلها، يتساءلون عن السر في الإكتشاف المتأخر للشهادات المزورة، وهي خير من الله بلا حسد.

على أي دخل اعتمدوا؟

تشدق أحد المسؤولين بأن حكومته منحت خمسة مشاريع لبناء مدن جديدة في مناطق مختلفة من البلاد وتخطط لعرض ستة مشاريع أخرى، وذلك كجزء من إستراتيجية الوزارة لمعالجة مشاكل السكن. هذا وفي الوقت الذي تتهم فيه تقارير موثوقة العديد من مشاريع الإسكان الإستثمارية بالفساد وغسيل الأموال وبالفشل في حل ولو جزء من أزمة السكن، جراء تأخر إنجازها، واستثمار أموال الزبائن المدفوعة مقدماً في الإنشاء، والأسعار الخيالية التي تباع فيها، يتساءل الناس عما إذا كانت الحكومة قد اعتمدت دخل أثرياء أوربا في الإستراتيجية المشار اليها وليس دخل الفرد العراقي، حتى وإن كان من الطبقة الوسطى.

تخطيط وتزبيط

شهدت مدينة بغداد اختناقات مرورية قاسية في الآونة الأخيرة مما أزعج المواطنين وعرقل أعمالهم وحركتهم. هذا وفي الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة عن صرف 2 تريليون دينار لبناء 41 جسراً وستة أنفاق حتى الآن، كشفت النتائج عن فشل في فك التشابك اليومي في الجسور والتقاطعات والازقة الفرعية، فيما يعزو الخبراء إلى أن السبب الرئيسي للمشكلة يكمن في زيادة معدل استيراد العجلات ليبلغ 5 في المائة مقابل زيادة النمو السكاني البالغ 2 في المائة، وتكدسها في العاصمة التي بلغ عدد السيارات فيها 3 ملايين بزيادة 150 ألف سنوياً، إضافة إلى غياب النقل العام وفوضى الإدارة المرورية.

تغيّر شي؟!

أوضحت مديرية استثمار صلاح الدين بأن إجازة استثمار القصور الرئاسية والصادرة في عام 2011  قد خصصت أراضيها لإنشاء مجمع سكني عمودي في المنطقة، وإن مجلس المحافظة جدد العمل بالإجازة مرة أخرى. هذا وتجدر الإشارة إلى أن سكان المحافظة، الممتعضين من هذه الإجراءات، يشككون بها ويعتقدون بأن القصور مُنحت على شكل هبة لتتحول إلى فلل ومنازل فارهة للمسؤولين والمتنفذين بالمحافظة أو ليتم بيعها بأسعار خيالية للفاسدين، فيما حُرم الناس بسببها من الإستفادة من تلال المنطقة السياحية والأثرية المطلة على نهر دجلة، سواء حين كانت قصوراً للطاغية المقبور أو حين امتلكها متنفذو زمن المحاصصة.

ليتوقف العدوان فوراً

وجّه أهالي قرى "مژێ" و"سپيندارى" و"كه‌ڤنه‌ مژى" الواقعة على سفوح جبل "گاره" المطل على قضاء العمادية نداءً إلى الحكومة الاتحادية للتدخل العاجل من أجل وقف القصف التركي الذي يستهدف مناطقهم بالمدافع والطائرات الحربية، والذي أصبح يومياً تقريباً وأدى مؤخراً لتدمير أكثر من 20 منزلاً وإتلاف آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية والغابات المحيطة وتهجير السكان كلياً أو جزئياً من 29 قرية في المنطقة. هذا وفي الوقت الذي يستنكر فيه الناس هذا العدوان الهمجي يحمّلون "أولي الأمر" مسؤولية حماية السيادة، أو على اأقل حماية المواطنين، إذا كانوا "مغلسين" على التصرفات التركية أو راضين عليها.

**********************************************

ص4

بين فشل السياسات الحكومية واستمرار تغذية العنف مختصون: مكافحة التطرف تحتاج معالجات   تتجاوز الإجراءات الأمنية

بغداد - طريق الشعب

يأتي اليوم الدولي لمنع التطرف العنيف ليضع الدول أمام مسؤولياتها في مواجهة هذه الظاهرة، لكن في العراق، يبدو أن الحكومة ما زالت بعيدة كل البعد عن تقديم حلول حقيقية. فعلى مدار السنوات الماضية، اكتفت السلطات بمعالجات أمنية سطحية، في حين تجاهلت الجذور العميقة للتطرف المرتبطة بالأزمات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تعصف بالبلاد.

ولم تقدم الحكومات المتعاقبة سياسات واضحة أو تنشئ مؤسسات فعالة لمعالجة التطرف. بل على العكس، ساهمت الطبقة السياسية الحاكمة في تعميق الانقسامات الطائفية واستثمارها لأغراض سياسية وانتخابية، ما خلق بيئة خصبة لانتشار الفكر المتطرف.

شريك صامت

الأحزاب المتنفذة تغذي التطرف وخطاب الكراهية وتستغل مشاعر الخوف والانقسام لضمان بقائها في السلطة، في ظل غياب تام لبرامج التنمية الحقيقية أو إصلاحات اقتصادية جدية. كما أن الافتقار إلى الشفافية بشأن مدى نجاح أو فشل السياسات الحكومية يجعل من الصعب تقييم فعالية هذه الجهود.

ويؤكد معنيون، انه بدون إرادة سياسية حقيقية، ومعالجات مؤسسية شاملة تتجاوز الحلول الأمنية إلى إصلاحات جذرية في البنية الاجتماعية والسياسية، يبقى العراق يدور في دوامة العنف والتطرف، وستظل الحكومات المتعاقبة شريكاً صامتاً في استمرار هذه الأزمة.

العراق يرفض أشكال العنف

وفي هذه المناسبة، قال رئيس الوزراء محمد السوداني، في تدوينة له على منصة (x)، أن العراق يرفض كل أشكال العنف، مؤكدا "استمرار العراق على منهجه الدستوري والقانوني والأخلاقي، الرافض لكل أشكال العنف، وخطابات التطرف الداعمة لها".

وأضاف، أن “شعبنا حارب الإرهاب وهزمه نيابةً عن العالم الحرّ، وأرسى قواعد الاستقرار والسلم الأهلي”، مبينا أن “العراق يقف اليوم إلى جانب كل الجهود الإقليمية والدولية التي تعمل على تعزيز أمن الشعوب، الشقيقة والصديقة، وحمايتها من خطاب التطرف، والتحريض والعدوان ومصادرة الحقوق التاريخية”.

تحديات كبيرة

وفي هذا الصدد، اكد رئيس مؤسسة مسارات للتنمية الثقافية والاعلامية، د. سعد سلوم أن اليوم الدولي لمكافحة التطرف العنيف يُعد مناسبة مهمة للتذكير بمخاطر هذه السياسات وتداعياتها الاجتماعية، مضيفا أن "تقييم فعالية المعالجات الحالية يواجه تحديات كبيرة، أبرزها غياب الأرقام الدقيقة التي تعكس مدى نجاح أو فشل الجهود المبذولة في هذا المجال".

وأشار سلوم في حديث مع "طريق الشعب"، إلى أن "جذور التطرف ليست أمنية فقط، بل تمتد إلى أبعاد ثقافية، اقتصادية واجتماعية، ما يستدعي وضع سياسات شاملة وفعالة تعالج هذه الظاهرة من كافة جوانبها".

وأضاف، أن البطالة "تمثل أحد المحركات الأساسية للتطرف، إلى جانب الفجوة الجيلية وغياب المشاركة السياسية الفعالة للشباب، حيث تستهدف الفئات المتطرفة بشكل خاص الشباب بين سن 13 و15 عاماً".

وشدد المتحدث على أن "الاكتفاء بالإجراءات الأمنية، مثل الإعلان عن القبض على بعض المتطرفين أو رصد الظواهر المتطرفة، ليس كافياً"، مؤكداً أهمية "معالجة الجذور العميقة للتطرف، من خلال الاستعانة بخبراء متخصصين، وتعزيز الشفافية مع الجمهور عبر إعلان الإحصاءات الدقيقة وقياس مدى نجاح السياسات المعتمدة في مواجهة هذه الظاهرة".

وزاد بالقول أن "المعالجة الشاملة للتطرف، التي تأخذ في الحسبان البُعد الثقافي والاجتماعي إلى جانب الأمني، هي الفيصل الأساسي لمنع انتشار خطابات الكراهية والتطرف في المجتمع العراقي".

الاستثمار في التطرف لصالح من؟

وضمن السياق، قال رئيس مؤسسة مدافعون لحقوق الانسان، د. علي البياتي، أن المناسبات التي تحددها المؤسسات الدولية تشكل فرصة للدول والمجتمعات، لمراجعة أوضاعها وتقييم سياساتها في ما يتعلق بالتطرف ونتائجه، مشيراً إلى أن العراق لا يزال يعاني من مشكلات التطرف التي أدت إلى حروب أهلية ومجازر وابادات من دون وجود معالجات مؤسسية حقيقية على المستوى الوطني.

وأضاف البياتي في حديث لـ"طريق الشعب"، أن جذور التطرف خاصة في مجتمعات الشرق الأوسط متأصلة تاريخياً ودينياً واجتماعياً، لكن ما يُفعل هذه الجذور هو الدعم السياسي للمؤسسات الإعلامية وتورط الأحزاب السياسية المتنفذة في لعب دور كبير في تأجيج هذا الخطاب".

وتابع بالقول: إن "الأحزاب المتنفذة تستخدم الأدوات الطائفية كوسيلة انتخابية بدلاً من تقديم برامج ومشاريع حقيقية تخدم المواطن، ما يؤدي إلى كسر ثقة الشعب"، مشيرا إلى أن "غياب الإنجاز الحقيقي في العراق يدفع هذه الأحزاب إلى تحريك المشاعر الطائفية وتخويف المجتمع من “الطرف الآخر” خلال كل دورة انتخابية".

وأكد البياتي أن "الخطوة الأساسية لمواجهة هذا الواقع، تبدأ بتشريع قانون يجرم الطائفية، سواء من قبل الأفراد أو السياسيين أو المؤسسات الإعلامية، مع فرض عقوبات واضحة. وبدون هذه الإجراءات، ستبقى مكافحة التطرف مجرد عناوين للاستهلاك السياسي والإعلامي".

وفي ختام تصريحه، شدد البياتي على أن الأحزاب المتنفذة "تتعامل بسطحية مع المجتمع والفرد، وتعمل بشكل دؤوب على إبقاء المواطن في حاجة دائمة إليها للحصول على أبسط حقوقه وخدماته. كما أنها تسعى إلى تسطيح وعي المجتمع وحصر الأفراد في قوالب ضيقة، لتنصّب نفسها كمدافع عن فئات معينة، ما يعزز من نفوذها، ويضمن استمرارها في المشهد السياسي".

*******************************************

موقع أثري يستعد للانطلاق السياحي! آثاريون يروون لـ{طريق الشعب} قصة عكركوف

بغداد – تبارك عبد المجيد

وسط المساحات التاريخية المترامية، تتجلى معالم حضارة ضاربة في القدم، حيث تقف الزقورة شاهدة على عصور من الازدهار والتحولات. وبين أطلال المعابد والقصور، تروي الجدران قصصًا عن ملوك أسسوا، وتجّار عبروا، وعلماء راقبوا النجوم. وبرغم ما يحمله المكان من إرث ثقافي هائل، تواجه هذه الشواهد خطر التآكل بفعل الزمن والإهمال.

ويقع عگرگوف في قضاء أبو غريب بمحافظة بغداد، وتحديدًا إلى الغرب من بغداد على مسافة 30 كم (حوالي 19 ميلاً). يشتهر هذا الموقع الأثري بوجوده على حافة المنخفض الذي يُسمى (هور عقرقوف)، ويتميز بتصميمه المستطيل تقريبًا، على أرض كلسية مرتفعة قليلاً وبشكل طبيعي. ويمتد الموقع بطول يصل إلى 2.620 كم، فيما يختلف عرضه من جهة لأخرى، حيث يبلغ في الجنوب الشرقي حوالي 320 مترًا، وفي المنطقة المركزية التي تحتوي على المعابد والقصور حوالي 600 متر، بينما يصل عرضها في نهايتها الشمالية الغربية إلى 640 مترًا.

متى بنيت الزقورة؟

يقول الأكاديمي في الجامعة العراقية مثنى سعدون ظافر الهنداوي، لـ "طريق الشعب"، إن "مصدر المياه الذي كان يغذي هذه المدينة في العصور القديمة كان عبارة عن قناة مائية تمتد من نهر الفرات، وتمر عبر عقرقوف. وقد عُرفت هذه القناة في النصوص المسمارية باسم (پاتي-إنليل)، أي (قناة إنليل)، واستمرت هذه القناة حتى العصر العباسي حيث كانت تعرف بـ (نهر عيسى)".

وتعتبر الزقورة من أبرز المعالم في عقرقوف، حيث تُعد بقايا نواة برج مدرج من عدة طبقات يتم الصعود إليها بواسطة سلالم. ويعد هذا البرج مثالًا هامًا في تطور الزقورات منذ ظهورها وحتى العصر البابلي الحديث. وتُقدّر ارتفاعات الزقورة الحالية بحوالي 57 مترًا، ويُعتقد أن ارتفاعها الأصلي كان يصل إلى 78 مترًا".

ويضيف الهنداوي، أن "بعض الباحثين يعتقدون أن الزقورة قد تم بناؤها تحت نجمة القطب الشمالي، ما يعكس مدى التطور المعرفي في مجالات الفلك والهندسة في تلك الفترة. وتسمى الزقورة في النصوص المسمارية السومرية (أي2-كِ-رِن)، بمعنى "البيت النظيف"، بينما تشير معاني كلمة "زقورة" في لغات أخرى مثل الأكادية إلى برج مدرج أو قمة".

وفي ما يتعلق بالمعابد في المدينة، يشير الهنداوي الى أن المعابد تقع إلى الجنوب الشرقي من الزقورة، ومن أبرزها معبد الإله (إنليل) الذي كان يُسمى (أي2-أو-كال)، ومعبد الإله (نينورتا) الذي كان يُسمى (أي2-ساغ-ديغير-ري-أي-ني)، بالإضافة إلى معبد الإلهة (ننليل)، زوجة (إنليل)، الذي كان يُسمى (أي2-كاشان-أن-تا-غال).

ويوضح الهنداوي، أنه "تم العثور على مصطبة مركزية بين المعبدين الأخيرين، التي يُعتقد أنها كانت برجين ضخمين يواجهان الزقورة أو ربما كانت زقورة صغيرة ثانوية".

أما بالنسبة للقصور في المدينة، فهي تقع اليوم في التل الأبيض جنوب غرب الزقورة، وهي منطقة تحتوي على العديد من المباني والمخازن، وتتميز بحجمها الكبير. وعثر فيها على رسومات جصية ملونة لأشخاص على الجدران.

في عام 1942 - 1945م، فقد أجرت بعثة أثرية عراقية بريطانية برئاسة طه باقر وسيتون لويد العديد من التنقيبات في الموقع، حيث تم الكشف عن العديد من المعالم الهامة مثل تماثيل الملك كوريكالزو وقطع أثرية أخرى.

ويؤكد الهنداوي، أن الموقع الأثري في عقرقوف يشهد الآن عملية صيانة وترميم كبيرة ضمن جهود الحكومة العراقية لتحسين الموقع قبيل حيث أصدر مجلس الوزراء العراقي أمرًا ديوانيًا بتاريخ 16 ايلول 2024، بعد اختيار بغداد كعاصمة للسياحة العربية لعام 2025م. وتشمل عمليات الترميم صيانة الزقورة والمناطق المحيطة بها، وكذلك الطريق المؤدي إلى الموقع، بالإضافة إلى إنشاء مركز ثقافي في المدينة الثقافية. هذه المشاريع من المتوقع أن تسهم في تعزيز قيمة الموقع كمتنزه ثقافي وأثري وسياحي، ما يعزز موقع العراق على خريطة السياحة العالمية.

ويواصل الهنداوي، أن "بعض عمليات الترميم نُفذت على مر العقود، شملت تدعيم الزقورة وصيانة سلالم الطبقة الأولى والمعابد الملحقة، لكن لم يشهد الموقع عمليات ترميم كبيرة منذ عام 2003 وما تلاها من أحداث. ورغم الطروحات والخطط السابقة، لم يتم تنفيذ مشاريع صيانة شاملة حتى الآونة الأخيرة".

ويبين، أن عمليات الترميم تجري وفق خطط علمية ومدروسة تعتمد على الضوابط العالمية الخاصة بالترميم، حيث يتم تحديد الأضرار والاحتياجات من الصيانة بشكل دقيق بهدف حماية الأثر من التلف والاندثار. كما يشترط أن تتم عمليات الترميم باستخدام نفس المواد الأصلية، وألا تطرأ أية تغييرات تتعارض مع الطراز الأثري. إضافة إلى ذلك، يتم توثيق جميع مراحل عملية الترميم بشكل دقيق لضمان الالتزام بالمعايير المتعارف عليها عالميًا.

وينبه الهنداوي الى أن هذه الإجراءات تأتي لضمان عدم تكرار أخطاء سابقة في ترميم مواقع أثرية أخرى، مثلما حدث في مدينة بابل الأثرية، حيث تم استخدام مواد بناء حديثة وأنشئ قصر جمهوري على تل صناعي داخل الموقع. وبرغم ذلك، تم التوصل إلى اتفاق مع اليونسكو لإعادة بابل إلى قائمة التراث العالمي، مع اتخاذ تدابير لتقليل الأضرار الناجمة عن تلك العمليات غير المتوافقة مع المعايير الدولية.

"موضع قضبان الخشب"

وفي حديثها عن موقع "عقرقوف" التاريخي، تشير هديل شاكر، اختصاص قسم التاريخ لـ "طريق الشعب"، إلى أن هذا الموقع كان معروفًا في العصور القديمة باسم "دور كوريكالزو"، ويعني "حصن أو قلعة كوريكالزو". تأسس هذا الموقع على يد أحد ملوك السلالة البابلية الثالثة، الذي توفي في عام 1375 قبل الميلاد. وقد اسس ليكون مركزًا حضاريًا لا يقل أهمية عن بابل، حيث وصل تأثيره إلى حد أن الموقع تم ذكره في النصوص المصرية القديمة المكتوبة بالكتابة الهيروغليفية في حوالي 1351 قبل الميلاد، وذلك في نصوص قوائم أسماء الأماكن الموجودة في المعبد الجنائزي للملك أمنحوتب الثالث في كوم الحيتان.

أما اسم "عقرقوف" فيعتقد أنه صيغة آرامية تعني "موضع قضبان الخشب". وذكرت عقرقوف في النصوص الآرامية السحرية التي عُثر عليها في العراق من عصور ما قبل الإسلام، حيث وردت بصيغة "عقرا". أما في المصادر الإسلامية، فقد كانت عقرقوف معروفة وتواصلت تسميتها على مر العصور، حيث ذكرها ياقوت الحموي في معجمه الشهير "معجم البلدان"، وأورد بيتًا من أشعار أبي نؤاس الذي قال فيه: "رحلن بنا من عقرقوف ××× وقد بدا من الصبح مفتوق الأديم شهيرُ".

واستمرت المدينة في التميز حتى عام 1157 قبل الميلاد، حينما سقطت بيد العيلاميين الذين غزوا المنطقة وأسقطوا الحكم الكاشي. لكن البقايا الرئيسية من المعابد والزقورة والقصور التي نراها اليوم تعود إلى الملك كوريكالزو الثاني، الذي أمر ببناء العديد من المنشآت في مدن مختلفة في العراق، ومنها مدينة أور.

تحذيرات من ترميمات غير مجدية

تُظهر الدلائل الأثرية أن معابد مدينة عقرقوف بقيت عامرة حتى العهد البابلي الحديث في القرن السابع قبل الميلاد. وتخشى شاكر من استخدام المواد الرديئة أو غير الجيدة في أعمال الترميم والتأهيل التي تجري للموقع، إذ أن استخدام هذه المواد قد يؤدي إلى ضرر بالغ بالموقع التاريخي، وربما تدمير بعض معالمه القيمة.

وتؤكد أن "هذا حصل في الكثير من المواقع الأثرية، حيث تضررت أثناء الترميم"، مشيرة إلى أن "الحفاظ على هذا التراث التاريخي يتطلب دقة واهتماما كبيرا في اختيار المواد المناسبة، والحرص على تنفيذ الأعمال بطرق علمية متخصصة، لضمان بقاء هذا الموقع الثمين للأجيال القادمة".

ووفقا للمنقب الآثاري جنيد عامر حميد، كانت زقورة عقرقوف تعتبر مركزًا تجاريًا رئيسيًا لعدة قرون، حيث كانت تمر عبرها قوافل الإبل والتجارة عبر الطرق القديمة، مشيرا الى ان الموقع الجغرافي المميز للزقورة جعلها وجهة مفضلة للنزهات العائلية، خاصة في أيام الجمعة والعطل الرسمية، بفضل قربها من العاصمة بغداد.

وقال حميد في حديث صحفي، أنّ "متحفًا صغيرًا تم إنشاؤه بالقرب من الزقورة عام 1960 بهدف تقديم خدمات للزوار والسائحين، لكن هذا المتحف أصبح مهملًا حاليًا"، موضحا أن قرب الزقورة من بغداد كان عاملًا أساسيًا في جعلها واحدة من أشهر الأماكن التراثية في العراق في تلك الفترة.

إهمال متعمد للمواقع الآثارية

وحذّر حميد من تأثير التغيرات المناخية على المواقع الأثرية في العراق، خاصة تلك المبنية من اللبن والطين المفخور، وهي مواد أكثر عرضة للتلف مقارنة بالأحجار الصلبة، مؤكدا ضرورة "إنشاء سقيفة عملاقة أو صندوق زجاجي لحماية الزقورة من التأثيرات البيئية والعوامل المناخية التي قد تؤدي إلى تدهورها". وتطرق إلى قضية ضعف الاهتمام بالمواقع التراثية، مشددا على أن "الإهمال المتعمد لهذه المواقع يُعد إساءة حقيقية لتاريخ العراق القديم وإرثه الحضاري"، مبينا أن هناك حاجة ماسة إلى "تطوير البنية التحتية حول الزقورة"، من خلال بناء فنادق، منتجعات، مطاعم، وأسواق، لضمان تقديم تجربة مريحة للسياح.

وأكد أن "عدم توفر هذه الخدمات يعيق جذب السياح إلى هذه المواقع التاريخية النائية في الصحراء"، ما يحد من قدرتها على الإسهام في تنمية السياحة والاقتصاد المحلي.

ضآلة التخصيصات المالية

من جانبه، قال أحمد المختار، مسؤول الإعلام في الهيئة العامة للآثار والتراث، أنه "لا يوجد أي إهمال حالي في المواقع الأثرية في العراق"، وأوضح أن الحكومة قد أولت اهتمامًا كبيرًا بالآثار، حيث تم ترميم وإعادة تأهيل العديد من المواقع الأثرية.

وأضاف المختار لـ "طريق الشعب"، أن "الظروف الصعبة التي مرت بها البلاد في الفترات السابقة والحكومات المتعاقبة قد أثرت في الحفاظ على التراث، لكن مع تحسن الأوضاع الحالية، بدأت البعثات الأثرية في استئناف أعمالها، وتلقى العديد من المواقع اهتمامًا خاصًا"، مشيرا الى ان التحدي الأكبر في ملف الآثار يتمثل "بقلة التخصيصات المالية".

********************************************

الصفحة الخامسة

أحد أبرز مصادر السرطانات المطامر العشوائية للنفايات في تزايد أين مشاريع التدوير؟!

متابعة – طريق الشعب

يواجه العراق أزمة صحية وبيئية خطيرة سببها وجود مواقع طمر صحي عشوائية، غير مطابقة للشروط البيئية. يأتي ذلك في الوقت الذي تعاني فيه البلاد تلوثا حادا في الماء والهواء والتربة، وانتشارا كبيرا لحالات مرضية خطيرة جراء ذلك التلوث، وأبرزها السرطانات.  

وتعد أزمة المطامر العشوائية، من أخطر التحديات التي تهدد صحة السكان واستدامة الموارد الطبيعية. إذ اصبحت تلك المواقع المنتشرة في معظم المحافظات، مصدراً رئيساً للتلوث البيئي، نظرا لما تخلفه من غازات ضارة وأوبئة وجراثيم، إلى جانب ما يصدر عنها من أدخنة سامة جراء حرقها بين حين وآخر من قبل ما يُطلق عليهم "النباشة"، الذين يبحثون عن المعادن، ويقومون بحرق النفايات لتسهيل الحصول عليها.

وحسب تقرير صادر عن وزارة البيئة عام 2023، فإن العراق ينتج يوميا 20 مليون طن من النفايات. بينما لا يوجد حتى الآن مشروع لتدوير النفايات وإعادة استخدامها للاستفادة من موادها العضوية، كأن يجري تحويلها إلى أطعمة للحيوانات أو أسمدة، لا سيما أن نسبة بقايا الطعام من إجمالي كميات النفايات المطروحة في البلاد، تصل إلى 43 في المائة – حسب وزارة البيئة.

انتشار السرطانات  

يسعى ناشطون حقوقيون إلى إثبات زيادة حالات الإصابة بسرطانات الجلد والدم والثدي والرحم في المناطق القريبة من مطامر النفايات.

وفي هذا السياق يقول الناشط محمد سعدون، وهو أحد المهتمين برصد التغيرات البيئية في بغداد، انه يتم رصد ارتفاع الإصابة بأمراض السرطان بين القاطنين في المناطق القريبة من مواقع الطمر، مشيرا في حديث صحفي إلى ان العراق لا يزال يطمر ملايين أطنان النفايات بلا معالجة، عدا عن مليارات المكعبات من مياه الصرف الصحي والمصانع، التي تصب في الأنهار من دون معالجة.

مطامر مخالفة للشروط البيئية

تفيد بيانات صادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء، بأن عدد مواقع الطمر الصحي في العراق بلغ 221 موقعاً، وأن 149 موقعاً منها مخالفة للشروط  البيئية.

ويقول الخبير والباحث البيئي أوس الطياوي، انّ غالبية مواقع طمر النفايات في العراق تعتمد أساليب غير قانونية للتخلص من المخلّفات. ويرى أن الأرقام الرسمية المعلنة حول عدد مواقع الطمر الصحي المراعية للشروط البيئية "غير دقيقة"، لافتاً إلى أن 17 في المائة فقط من المواقع تراعي الشروط البيئية.

ويوضح أن انعدام الرقابة، هو أحد أسباب زيادة أزمة النفايات في البلاد، مشيرا إلى أن "بعض الجهات التي تتولى نقل المخلفات إلى مواقع الطمر تتخلص منها برميها في مساحات فارغة خارج أو داخل المحافظات، ما يؤدي إلى انتشار النفايات في مواقع عدة".

ويتحدث الطياوي عن بعض المبادرات والمشاريع المتعلقة بالفرز الانتقائي للنفايات (فصل التدفقات العضوية والورق والكرتون والزجاج وغيرها من المواد وتدوير النفايات). ويقول أنه "في محافظة نينوى يعمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على تنفيذ مشروع لمعالجة النفايات، يشمل بناء محطات معالجة وتدريب كوادر محلية على العمل فيها".

ويضيف قوله "في محافظة ذي قار، وتحديداً في الناصرية، تم تنفيذ مشروع يعمل على فصل النفايات الرطبة (ﺑﻘﺎﻳﺎ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ، ﺍﻟﺨﻀﺎﺭ، ﺍﻟﻔﻮﺍﻛﻪ) ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻔﺎﻳﺎﺕ ﺍﻟﺠﺎﻓﺔ (البلاستيك، ﺍﻟﺤﺪﻳﺪ، الالمنيوم، ﺍﻟﺰﺟﺎﺝ، ﺍﻟﻮﺭﻕ ﻭﺍﻟﻜﺮﺗﻮﻥ). أما في مدينة إربيل، فقد أطلقت مجموعة من المتطوعين ضمن منظمة (غلوبال شيبرز) مشروعاً لفرز النفايات البلاستيكية وإعادة تدويرها".

ويؤكد الطياوي أن "العراق لا يزال يفتقر إلى بنية تحتية متكاملة لإدارة النفايات. إذ يتم التخلص من معظم النفايات في مطامر غير منظمة، ما يؤدي إلى تلوث التربة والمياه". وكانت لجنة الخدمات والإعمار النيابية قد كشفت عن وجود مقترحات عدة لتحسين إدارة النفايات في العراق، مشيرةً إلى أن حوالي 80% من مواقع الطمر الحالية تفتقر إلى الشروط البيئية. مخاطر كارثية

من جانبه، يتحدث الناشط البيئي والصحي، المهندس الزراعي محمد الصميدعي، عن "مخاطر كارثية بحق البيئة والإنسان بسبب المطامر".

وسبق للصميدعي أن حذّر في مناسبات عدة من مخاطر مواقع طمر النفايات، لكنه – وفق ما يؤكد في حديث صحفي - تعرض لتهديدات أجبرته على عدم الاقتراب من مواقع طمر النفايات. إذ يلفت إلى أنها تمثل "مصدر دخل لأعداد كبيرة ممن يستغلون الظروف الصعبة للنساء والأطفال لتشغيلهم في فرز النفايات بشكل غير قانوني".

ويوضح أن "مواقع الطمر الصحي تُدار في معظمها بأساليب بدائية تفتقر إلى المعايير العلمية والبيئية. حيث تُترك النفايات مكشوفة أو تُغطى بشكل عشوائي، ما يؤدي إلى انبعاث غازات سامة مثل الميثان وثاني أكسيد الكربون. هذه الغازات لا تسبب فقط تلوث الهواء، بل تساهم أيضاً في ظاهرة الاحتباس الحراري".

ويشير إلى مخاطر أخرى تتعلق بالتربة والمياه الجوفية، مبيناً أن "تسرب السوائل السامة الناتجة عن تحلل النفايات يؤدي إلى تلوث خطير يهدد الموارد المائية التي يعتمد عليها ملايين العراقيين للشرب والزراعة".

أما الطبيب المتخصص في الصحة العامة، حسين جواد، فيقول ان مخاطر هذه المواقع تكون مضاعفة على من يعانون أمراضا مزمنة مثل أمراض الجهاز التنفسي، والحساسية الجلدية، مضيفا في حديث صحفي أنه "علاوة على ذلك، فإن هذه المواقع تعد بيئة خصبة لتكاثر الحشرات والقوارض، ما يزيد من خطر انتشار الأوبئة".

إلى ذلك، يقول الخبير الاقتصادي عمر البياتي ان "مخاطر النفايات لا تقتصر فقط على البيئة والصحة، بل تمتد إلى الاقتصاد"، لافتاً في حديث صحفي إلى أن "هذه المطامر تتسبب في تدهور الموارد الطبيعية جراء تلوث القطاع الزراعي الذي يعتمد عليه جزء كبير من سكان العراق".

وفي مقابل ذلك، تأتي التكاليف الباهظة لعلاج الأمراض الناجمة عن المطامر لتزيد الضغط على النظام الصحي المتدهور أصلاً.

ويؤكد البياتي أن ظاهرة المطامر العشوائية لا تضر فقط بالمجتمع، بل تؤثر مباشرة على الأعمال الصغيرة للأفراد، وتزيد من تكاليف الإنتاج وتضعف فرص الاستثمار في المناطق المتضررة.

*******************************************

لقطة اليوم

نموذج لظاهرة التجاوز على الشوارع، المستمرة على قدم وساق دون رادع!

هذه العارضات ثُبتت بمسامير لولبية على تبليط الشارع الخدمي المقابل لـ"المستشفى الملكي" الأهلي في شارع فلسطين وسط بغداد – حسب ما أفاد به مواطن في شكوى نشرها على فيسبوك.

وعلقت بلدية مركز الرصافة، المعنية بالمنطقة، على المنشور قائلة: "سيتم اتخاذ اللازم".

حاليا ينتظر المواطن وأبناء منطقته من البلدية اتخاذ إجراء فعلي رادع ازاء هذا التجاوز، الذي يتكرر ليس في بغداد وحسب، إنما في مختلف المحافظات.

*******************************************

كانت تصدّر التمور قرية {نهر جاسم} .. أرض عطشى وسكان بلا حقوق!

متابعة – طريق الشعب

يعاني العديد من مناطق محافظة البصرة، لا سيما الواقعة خارج مركزها، التهميش والنقص الحاد في الخدمات، ومن بين هذه المناطق قرية نهر جاسم في قضاء شط العرب، التي كانت واحدة من أبرز المناطق الزراعية في المحافظة. حيث اشتهرت سابقا في إنتاج التمور والثروة الحيوانية.

وبسبب الإهمال والتدهور البيئي، تحوّلت هذه القرية الخصبة إلى أرض قاحلة، ما أثر بشكل مباشر على حياة سكانها الذين يعتمدون على الزراعة وتربية المواشي كمصدر رئيس للعيش.

ويواجه أهالي نهر جاسم شحّ المياه وتراجع النشاط الزراعي، وسط غياب الدعم الحكومي اللازم لإعادة إحياء منطقتهم وأراضيها التي كانت يوماً ما مصدراً رئيسا للإنتاج الزراعي في البصرة.

يتحدث المواطن جابر الموسوي من قضاء شط العرب عن الأوضاع المأساوية التي يعانيها أهالي نهر جاسم منذ سنوات طويلة، مشيرًا في حديث صحفي إلى أن "نهر الدعيجي" في القرية، والذي يبلغ عرضه 30 مترًا، لم يشهد أي عملية تنظيف أو تأهيل منذ خمسينيات القرن الماضي، ما أدى إلى حصول تدهور بيئي في المنطقة.

ويوضح أن "المياه أصبحت شبه معدومة في هذه المناطق الزراعية، الأمر الذي جعل الفلاحين في وضع صعب، خاصةً في ظل عدم توفر مياه الري لأراضيهم التي كانت سابقًا خصبة وتنتج محصولًا وفيرًا".

ويضيف الموسوي أن "السكان في المنطقة يعانون أزمة مزمنة في الكهرباء. حيث يعتمدون على المولدات الخاصة، التي لا توفر احتياجاتهم الأساسية من الطاقة. بينما تظل المرافق والخدمات الأساسية مثل المدارس والمياه وغيرها غائبة تماما".

ويشير إلى ان "الحرب العراقية - الإيرانية تسببت في تدمير المنطقة بالكامل. حيث غطّت الألغام مساحات واسعة من الأراضي، ما جعل إعادة تأهيلها شبه مستحيلة"، موضحًا أن أهالي القرية لا يزالون مهجرين من أراضيهم منذ عقود طويلة، دون أي حلول من الجهات الحكومية.

ويوجه الموسوي نداءً عاجلًا إلى المسؤولين في الحكومة لتلبية مطالب أهالي نهر جاسم في إعادة الحياة إلى قريتهم، مؤكدًا أن استمرار التهميش والإهمال يهدد بمحو تاريخ هذه المنطقة الزراعية المهمة، التي كانت يومًا ما مصدرًا رئيسا للتمور والثروة الحيوانية في العراق، والآن لا توجد نخلة واحدة في أراضيها!

*******************************************

في الناصرية دعوى قضائية ضد هادمي {سينما الأندلس}

متابعة – طريق الشعب

أعلنت الهيئة العامة للآثار والتراث في ذي قار، عن تحريك دعوى قضائية ضد المتسببين في هدم مبنى "سينما الأندلس" في الناصرية، والذي يُعتبر تراثياً. 

وقالت في بيان صحفي أن الهيئة متمثلة في مفتشية آثار وتراث ذي قار، تقدمت بدعوى قضائية ضد المتجاوزين على المبنى التراثي (سينما الاندلس).

ولفتت إلى أن الدعوى تم تقديمها ضد "الذين سولت لهم أنفسهم هدم مبنى السينما الذي يعتبر أحد المعالم التراثية المهمة في ذي قار، باعتباره يمثل جزءاً من التراث الثقافي والحضاري فيها، دون استحصال الموافقات الرسمية او الرجوع الى السلطة الآثارية".

وأضافت الهيئة أن "الدعوى القضائية تشمل الجهات التي ساعدت المتجاوزين بمنحهم الموافقات على الهدم وتدمير معلم تراثي وثقافي مهم".

****************************************

ازدحام خانق في تربية الانبار

متابعة – طريق الشعب

شهدت مديرية تربية الأنبار أول أمس الثلاثاء، ازدحاماً خانقا أمام شبّاك دفع رسوم تصديق الوثائق. حيث اصطفت طوابير طويلة من الطلبة وذويهم، لإنجاز المعاملات.

وعبّر العديد من المراجعين عن استيائهم من بطء الإجراءات والاكتظاظ داخل المبنى، مطالبين الجهات المعنية بتحسين مستوى الخدمة وتوفير آليات أكثر كفاءة لتسهيل عملية الدفع وإنجاز المعاملات بسلاسة.

واقترح المراجعون اعتماد وسائل دفع إلكترونية أو زيادة عدد المنافذ المخصصة لاستقبال المراجعين.

**********************************************

مواساة

  • نعت رابطة الأنصار الشيوعيين العراقيين في هولندا، الشيوعي والنصير المقدام دنخا شمعون خوشابا (ابو يعقوب)، الذي توفي بعد صراع مرير مع مرض عاناه في سنواته الأخيرة.

عرف الفقيد بشجاعته وبسالته وحبه لشعبه ووطنه ورفاق دربه.

له الذكر الطيب، ولعائلته ورفاقه التعازي والمواساة الصادقة.

***************************************************

الصفحة السادسة

الأمم المتحدة ودول عربية والصين ودول أوروبية يقفون مع أصحاب الأرض 90 منظمة أميركية ودولية تدين دعوة ترامب لتهجير الفلسطينيين من غزة

رام الله - وكالات

وقعت أكثر من 90 منظمة أميركية ودولية على بيان يدين تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي كشف فيها عن نيته تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة واستيلاء الولايات المتحدة عليه، واعتبرت أن هذه التصريحات تمثل دعوة صريحة للتطهير العرقي، وهو ما يعد انتهاكاً للقانون الدولي.

انتهاك اتفاقية جنيف الرابعة

وأشار البيان إلى أن تصريحات ترامب تشكل انتهاكاً لاتفاقية جنيف الرابعة، التي تنص في المادة 49 منها على أنه "يُحظر النقل الجبري الفردي أو الجماعي، وكذلك الترحيل، للأشخاص المحميين من الأراضي المحتلة إلى أراضي القوة المحتلة أو إلى أراضي أي دولة أخرى، سواء كانت محتلة أم لا، بغض النظر عن دوافعه"، مشيرة إلى أن تنفيذها يعتبر تطهيراً عرقياً.

وأكدت المنظمات الموقعة، من بينها: مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (CAIR)، أطباء ضد الإبادة الجماعية، تحالف الديمقراطيين التقدميين، يهود من أجل السلام، كنائس من أجل السلام، أطباء ضد الإبادة الجماعية، عائلات 11 سبتمبر من أجل غد سلمي ومنتدى الحقوق، رفضها القاطع لأي محاولات لفرض التهجير القسري على الفلسطينيين.

أوضاع كارثية

كما شدد البيان على أن قطاع غزة، الذي يقطنه ملايين الفلسطينيين، يواجه أوضاعاً إنسانية كارثية نتيجة القصف المستمر والحصار المفروض منذ سنوات، داعياً المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف حازم ضد أي محاولات لإعادة رسم الخريطة الديموغرافية للمنطقة بالقوة.

وقال البيان: "نحن المنظمات الموقعة أدناه، نستنكر ونعارض أي جهد أو مبادرة، وأي دعوة، للتهجير القسري للفلسطينيين من غزة، وندعم البيان الصادر عن مصر والأردن والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر والسلطة الفلسطينية وجامعة الدول العربية، الذي رفض هذه الخطوات بشكل قاطع".

وأكدت المنظمات على أن الولايات المتحدة ليس لها الحق في فرض قراراتها على الشعب الفلسطيني في غزة وإجبار الدول الأخرى على المشاركة في تهجيرهم، مشيرة إلى أن "أي تهجير مؤقت قد يستخدمه الاحتلال الإسرائيلي لفرض نفي دائم".

وأضافت: "بينما نتفق على أن الاحتياجات الإنسانية العاجلة لشعب غزة قد يكون من الصعب تلبيتها بسبب الدمار شبه الكامل الذي ألحقته إسرائيل، فإننا نؤكد أنه إذا تعذر توفير الخدمات الضرورية داخل غزة، فيجب أن يتمكن سكانها من الوصول إليها داخل الحدود التاريخية لفلسطين، ويجب ضمان حقهم في العودة".

عملية تطهير عرقي

كما عبرت المنظمات عن شعورها بقلق بالغ إزاء تصاعد العنف من قبل المستوطنين والعمليات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية، والتي أسفرت عن سقوط عشرات الشهداء الفلسطينيين، وأكدت أن هذه الأعمال هي جزء لا يتجزأ من استراتيجية تهدف إلى جعل غزة وجميع المناطق الفلسطينية الأخرى في فلسطين التاريخية غير صالحة لسكن الفلسطينيين، وبالتالي تساهم في عملية تطهير عرقي.

وختمت المنظمات بيانها بالقول إن "فلسطين هي أرض الشعب الفلسطيني، والمشاركة في تهجيرهم أو تسهيله أو تأييده يمثل انتهاكاً لكل مبدأ من مبادئ القانون الدولي، ويقوض النظام الدولي القائم على القوانين، ويدمر سمعة الولايات المتحدة عالمياً، ويعد فعلاً غير أخلاقياً".

ويأتي هذا البيان وسط موجة انتقادات دولية حادة لتصريحات ترامب، حيث أعربت الأمم المتحدة ودول عربية والصين ودول أوروبية ومنظمات حقوقية عن رفضها لمثل هذه الدعوات، محذرة من التداعيات الكارثية لأي خطوات عملية في هذا الاتجاه.

*****************************************

رئيس الحكومة اللبنانية تَعهّد {بسط سلطة الدولة} على كل أراضيها

ببيروت - وكالات

تعهد رئيس الحكومة اللبنانية الجديد نواف سلام، "بسط سلطة الدولة" على كل أراضي البلاد، وذلك مع اقتراب انتهاء مهلة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بين "حزب الله" وإسرائيل المقررة في الـ 18 من شباط الجاري.

وقال سلام خلال لقاء مع صحافيين بثه التلفزيون الرسمي "في ما يتعلق بجنوب الليطاني وشمال الليطاني، على امتداد مساحة لبنان من النهر الكبير إلى الناقورة، ما يجب أن يطبق هو ما أتى في وثيقة الوفاق الوطني التي تقول بسط سلطة الدولة اللبنانية بقواها الذاتية على كامل أراضيها"، و"هذا قبل 1701 وقبل الاتفاق الأخير لوقف إطلاق النار".

وتنتظر حكومة سلام التي أعلن عن تأليفها، السبت الماضي، تحديات كبرى، أبرزها إعادة الإعمار وتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الذي أوقف حرباً مدمرة بين "حزب الله" وإسرائيل والساري منذ الـ 27 من تشرين الثاني 2024.

*************************************************

بعد الاقتراب من التعادل في الجولة الأولى هل تصبح مرشحة اليسار رئيسة الأكوادور القادمة؟

رشيد غويلب

شهدت الأكوادور، الأحد الفائت، انتخابات رئاسة الجمهورية والانتخابات البرلمانية العامة. وكما كان متوقعا، سيذهب المتنافسان الرئيسيان، الرئيس اليميني المنتهية ولايته دانييل نوبوا، ومنافسته مرشحة اليسار لويزا غونزاليس من حزب "ثورة المواطنين"، حزب الرئيس اليساري الاسبق رافائيل كوريا (2007-2017) إلى جولة ثانية حاسمة. لقد حصل نوبوا على 44,17 في المائة، بينما حصلت غونزاليس على 43,93 في المائة من الأصوات.

وفي المركز الثالث جاء ليونيداس إيزا من حزب "باشاكوتيك" للسكان الأصليين بحصوله على 5,3 في المائة، فيما حصلت المرشحة اليمينية أندريا جونزاليس على 2,69 قي المائة. وحصل المرشحون الاثني عشر الآخرون على أقل من واحد في المائة من الأصوات.

ووفق قانون الانتخابات في الأكوادور، تجرى جولة إعادة حاسمة، إذا لم يحصل أي مرشح على أكثر من 50 بالمائة من الأصوات في الجولة الأولى، او على 40 في المائة من الاصوات ويكون متقدما على أقرب منافسيه بنسبة 10 في المائة على الأقل. وبما أن نوبوا وغونزاليس متساويان تقريبًا في الجولة الأولى، فسيكون من المهم للغاية بالنسبة لانتخابات الإعادة المقبلة في 13 نيسان معرفة موقف المرشحين الذين خرجوا من السباق في الجولة الأولى.

والتصويت في الأكوادور إلزامي للمواطنين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و64 عامًا، واختياري للمراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و17 عامًا والبالغين فوق 65 عامًا.

أفضلية يسارية

ومن الواضح أن الفائز الثالث سيكون صانع الملك في الجولة الثانية، وتقول المحللة السياسية كاتالينا باريرو: "سوف يكون حاسماً في الجولة الثانية، لأن هؤلاء الخمسة في المائة يمكن أن يرجحوا كفة أحد المعسكرين ". وبما أن باتشاكوتيك أقرب أيديولوجياً إلى تحالف اليسار، فإن العديد من الخبراء يفترضون أن إيزا سوف يصوت لصالح غونزاليس.

خلال فترة حكمه التي استمرت 14 شهرًا، اتخذ الرئيس المنتهية ولايته، والمعجب جدا بالرئيس الأمريكي ترامب، قرارات محفوفة بالمخاطر، وغير قانونية في بعض الأحيان. وكان قد فاز، قبل عام ونصف، بفارق ضئيل في الانتخابات المبكرة ضد منافسته الحالية لويزا غونزاليس بعد فشل سلفه غييرمو لاسو في تصويت حجب الثقة، على خلفية صفقات عقارية سرية تورط فيها مع شقيقه دانيلو كاريرا، وقاما بإخفاء ملايين الدولارات في جنوب فلوريدا واستثمرا في عقارات هائلة. وأصبح "نوبوا"، ابن ملياردير الموز البالغ من العمر 35 عامًا آنذاك أصغر رئيس في تاريخ الأكوادور بشكل مفاجئ.

الحملة الانتخابية

كانت القضية المركزية للحملة الانتخابية هي الأمن. وتعاني الأكوادور من العنف، منذ خروج اليسار من السلطة، وخصوصا في الأربع سنوات الاخيرة، حيث يتم تهريب الكوكايين إلى الولايات المتحدة وآسيا وأوروبا. وتتقاتل العصابات الإجرامية من المكسيك وكولومبيا على المخدرات والتعدين غير القانوني والإتاوات. وهذه المشاكل تؤثر على الجميع، بدءاً من الباعة المتجولين وحتى رجال الأعمال. لقد انتشرت العصابات في مؤسسات الدولة كالسرطان وتسللت إلى السياسة والقضاء.

ولأول مرة، أعلن نوبوا قبل عام عن "صراع داخلي وليس دوليا"، وهو مفهوم قانوني يشبه حالة الطوارئ. وأعلن الحرب على تجار المخدرات وصنفهم كمنظمات إرهابية. لكنهم يضربون بقوة أكبر. وكان نوبوا يرتدي دائمًا سترة واقية من الرصاص أثناء الحملة الانتخابية، وحراسه الشخصيون يأتون من إسرائيل، بسبب عدم الثقة في قوات أمن الدولة. وقد صور نفسه على أنه متشدد على غرار رئيس السلفادور المستبد نجيب بوكيلي، بسجون كبيرة وحملات هائلة على وسائل التواصل الاجتماعي.

بالمقابل تعتمد غونزاليس على مفهوم "ثورة المواطنين" الذي أعلنه الرئيس الاسبق كوريا، والذي شمل إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية للقضاء على الفقر، فضلاً عن برامج التعليم والصحة. ونتيجة لذلك، انخفض معدل الفقر بنسبة 38 في المائة وانخفض معدل الفقر المدقع بنسبة 47 في المائة في سنوات 2007 -2014. واستفاد العاملون من زيادة الحد الأدنى للأجور وتم توفير التأمين الاجتماعي لهم على نفقة الشركات لأول مرة. ولأول مرة، وأصبح أطفالهم قادرين على الذهاب إلى المدرسة والروضة مجانًا، وهو أمر لم يكن حتى ذلك الحين ممكنًا إلا للقادرين على تغطية التكاليف. وكذلك، كانت الرعاية الصحية مجانية. في ذلك الوقت، كانت الأكوادور واحدة من البلدان الأكثر سلماً وأماناً في أمريكا اللاتينية. وبعد ثماني سنوات من التحول الليبرالي الجديد الذي نفذه خلفاء كوريا، تغرق البلاد الآن في مستنقع من الفقر والفساد والعنف، وأصبحت واحدة من أكثر المناطق خطورة في الأمريكيتين.

وصوت الأكوادوريون أيضا على اختيار 151 عضوًا في البرلمان. وحتى إعداد هذا التقرير، تم فرز قرابة 90 في المئة من أصوات الناخبين. لقد حصل الحزب الحاكم، حاليا على 68 مقعدا، في حين حصل حزب ثورة المواطنين على 65 مقعدا. وهذا يعني أن كلا الحزبين لا يمتلكان الأغلبية المطلقة (77 مقعدا). وبالتالي سيكون الحلفاء الصغار، حزب باتشاكوتيك، الذي من المتوقع أن يحصل على 8 مقاعد، والحزب المسيحي الاجتماعي، الذي سيحصل على 6 مقاعد، عاملا مقررا في التحالف الحكومي المقبل.

***********************************************

الاتحاد الأفريقي: الحرب السودانية أسوأ أزمة إنسانية في العالم

الخرطوم - وكالات

وصف مسؤولون في الاتحاد الأفريقي، الحرب الأهلية السودانية بأنها "أسوأ أزمة إنسانية في العالم"، وحذروا من أنها تترك مئات آلاف الأطفال يعانون سوء التغذية.

ويخوض الجيش السوداني حرباً منذ نيسان 2023 ضد قوات "الدعم السريع" في نزاع أدى إلى نزوح نحو 12 مليون شخص، بحسب الاتحاد الأفريقي ولجنة الإنقاذ الدولية.

وقال رئيس لجنة تابعة للاتحاد الأفريقي معنية بالسودان، محمد بن شمباس، على منصة "إكس"، إن الحرب "عرقلت إمكان الوصول إلى المساعدات الإنسانية وأدت إلى نقص في الغذاء وفاقمت الجوع".

وأضاف أن "الأطفال والنساء يتعرضون لانتهاكات متواصلة ويفتقر المسنون والمرضى للمساعدة الطبية". وتابع أن "هذه أسوأ أزمة إنسانية في العالم".

**************************************************

تقرير أممي: حكومة بنغلادش السابقة وراء جرائم ضد الإنسانية

دكا – وكالات

تقف حكومة بنغلادش السابقة وراء هجمات واسعة النطاق وممنهجة ارتكبت في حق المتظاهرين العام الماضي بينما كانت تحاول البقاء في السلطة، بحسب ما أفادت به الأمم المتحدة الأربعاء، محذرة من أن الانتهاكات قد ترقى إلى "جرائم ضد الإنسانية".

وقدر تقرير جديد لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان حصيلة قتلى الحملة الأمنية للشرطة ضد المتظاهرين الذين نجحوا أخيراً في إطاحة رئيسة الوزراء الشيخة حسينة، بنحو 1400 شخص سقطوا بين الأول من تموز والـ 15 من آب العام الماضي، وهي الفترة التي ركز عليها التحقيق.

وأفادت الأمم المتحدة بأنه قبل إطاحة الشيخة حسينة في ثورة قادها الطلبة في آب الماضي، أشرفت حكومتها على حملة أمنية ممنهجة استهدفت المتظاهرين وغيرهم، وشملت "مئات عمليات القتل خارج نطاق القضاء".

******************************************************

وزير الخارجية السوري: نتلقى رسائل إيجابية من روسيا وإيران

دمشق – وكالات

قال وزير الخارجية السوري أسعد حسن الشيباني أمس الأربعاء إن بلاده تتلقى رسائل إيجابية من روسيا وإيران.

وتطرق وزير الخارجية السوري أيضا إلى علاقات بلاده ببعض الدول، قائلا إن العلاقات بالأردن "متميزة.. لأننا أنهينا التهديدات التي كانت تُصدر إليه في السابق".

وتابع أن الإدارة السورية الجديدة تتلقى "رسائل إيجابية" من روسيا وإيران، الداعمين الرئيسيين للرئيس السوري المخلوع، بشار الأسد.

وأضاف أن سوريا "تخلصت من التحدي الأكبر الذي كان يصادر كرامة وحرية الشعب السوري، وهو النظام السابق".

واعتبر الوزير السوري أن "على الآخرين دعم سوريا الجديدة وإقناع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بإزالة العقوبات التي فُرضت بسبب النظام البائد".

****************************************************

الصفحة السابعة

عمال المهن الحرة  الضمان الاجتماعي أم الرعاية الاجتماعية؟

بغداد – طريق الشعب

يتجه العديد من عمال المهن الحرة في العراق إلى نظام الرعاية الاجتماعية، كخيار بديل عن الالتحاق بنظام الضمان الاجتماعي للعمال، كي يحصلوا على ما يسد الرمق ويساعدهم على تأمين احتياجاتهم اليومية، وهو ما يؤشر تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة تواجه هؤلاء الكادحين.

صعوبات يومية ومعاناة مستمرة

عقيل الجبوري، بائع أكياس نايلون في أحد الأسواق الشعبية، يروي قصته لـ "طريق الشعب"، فيقول "قدمت أكثر من مرة عبر المنصة الإلكترونية التي أطلقتها وزارة العمل للحصول على راتب الرعاية الاجتماعية، لكن للأسف لم أحصل على الموافقة بسبب المحسوبيات والواسطات التي تسيطر على الكثير من أقسام الوزارة". ويضيف الجبوري أن دخله اليومي يكفي بالكاد لتلبية احتياجات أسرته الأساسية، مشيراً إلى أن تكاليف الإيجار والاشتراك الشهري بمولد الكهرباء يستنزف معظم دخله. ويؤكد على أنه " بحاجة إلى راتب شهري ثابت يسد جزءاً من احتياجات عائلتي، وليس إلى نظام ضمان اجتماعي يشترط استقطاعات من دخلي الذي لا يكفي أساساً، فأنا بحاجة إلى كل دينار للمعيشة".

أرباب العمل والتزامات الضمان الاجتماعي

من جانبه، أوضح عمار ياسر، وهو عامل في إحدى شركات القطاع الخاص لـ "طريق الشعب"، أن قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال، رغم أهميته على المدى البعيد، يواجه صعوبات في التطبيق. وذكر أن العديد من أرباب العمل لا يلتزمون بتسجيل عمالهم في الضمان الاجتماعي، تهرباً من تسديد المستحقات المالية المترتبة عليهم وفق قانون العمل. وأضاف ياسر أن هناك شركات ترفض أيضاً منح العمال الحد الأدنى للأجور، ما يجعلهم عاجزين عن دفع استقطاعات الضمان الاجتماعي للعمال. وتابع قائلاً "هذا الوضع يدفع الكثير من العمال لتفضيل نظام الرعاية الاجتماعية كبديل، تحسباً لأي قرار قد يتخذه رب العمل بإنهاء خدماتهم دون سابق إنذار".

 بين التثقيف والحلول العملية

بدورها ترى سميرة ناصر مزبان، عضو المكتب التنفيذي لاتحاد نقابات عمال العراق، أن تفضيل العمال لنظام الرعاية الاجتماعية يعود لغياب التثقيف الكافي بأهمية الضمان الاجتماعي للعمال. وتقول لـ "طريق الشعب" إن "الرعاية الاجتماعية تحولت لدى البعض إلى وسيلة لتأمين الاستقلال المادي دون الالتزام بواجبات العمل المنظم".

وأكدت مزبان على أهمية تعزيز الرقابة على أصحاب العمل لضمان تسجيل العمال في الضمان الاجتماعي، وشددت على ضرورة إلزامية هذا النظام لجميع العاملين في القطاعين العام والخاص.

 وأضافت أن "نظام الضمان الاجتماعي يضمن حماية العمال من المخاطر المهنية ويوفر لهم ولأسرهم استقراراً مالياً على المدى الطويل".

التحديات أمام العمال كبار السن

وتطرقت مزبان إلى معاناة العمال من كبار السن، الذين تجاوزت أعمارهم 60 عاماً، ولديهم سنوات طويلة من الخدمة في القطاع الخاص. وأوضحت أن هؤلاء العمال غالباً ما يواجهون صعوبات في إثبات حقوقهم التقاعدية بسبب غياب الوثائق الرسمية التي تؤكد فترات عملهم. ودعت وزارة العمل إلى اعتماد حلول مرنة، مثل شراء الخدمة، لتمكين هذه الفئة من الحصول على راتب تقاعدي يؤمن احتياجاتهم الأساسية، او تسهيل اجراءات الشمول بالرعاية الاجتماعية خاصة وان أغلبهم معيلون لعوائلهم التي تعاني من صعوبات اقتصادية كبيرة.

دور الحكومة والقطاع الخاص

رئيس اتحاد نقابات عمال وموظفي العراق، سعيد نعمة ناصر، أكد لـ "طريق الشعب" أن نظام الرعاية الاجتماعية، رغم أهميته للمحتاجين، يعزز ثقافة الاعتماد على الإعانات بدلاً من العمل والإنتاج. وأضاف: "هناك حاجة ماسة لتوجيه الشباب نحو مراكز التدريب المهني التابعة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية، لتأهيلهم كعمال منتجين وقادرين على المساهمة في الاقتصاد".

ودعا ناصر إلى تطوير بدائل مثل توفير فرص عمل منظمة للعاطلين، ومنح قروض ميسرة لإقامة مشاريع صغيرة. كما شدد على أهمية زيادة التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص لتطبيق نظام الضمان الاجتماعي بشكل إلزامي في شركات القطاع الخاص، بما يضمن حقوق العمال ويعزز إنتاجيتهم، خاصة وان هذه الفئات تعاني من انتهاكات كبيرة في العمل ومخالفة لقانون العمل والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها العراق".

****************************************************

لحظة عمالية.. بين معركة الحقوق وصراع البقاء

نورس حسن

تواجه النقابات العمالية تحديات وجودية تهدد قدرتها على أداء دورها الحيوي كمدافع عن حقوق العمال، في ظل أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية متشابكة. هذه النقابات التي تمثل شريحة واسعة من المجتمع، تجد نفسها عالقة بين سياسات تضييق وقوانين تُضعف حريتها، مما يقلص تأثيرها ويعطل دورها في الدفاع عن الطبقة العاملة.

فرغم أن العمال يمثلون عمود الاقتصاد الوطني، إلا أنهم يعانون من استغلال ممنهج ومن غياب بيئة عمل آمنة، في ظل ضعف الرقابة وانتهاك الحقوق الأساسية. ورغم أن النقابات تُعتبر الملاذ الأخير لحماية هذه الحقوق، إلا أنها تواجه قيوداً متزايدة تشمل تدخلات حكومية، وتضييقات قانونية، وغياب للحريات النقابية.

لقد كشف مشروع قانون التنظيم النقابي الذي يناقشه مجلس النواب حاليا عمق المشكلة. فبينما يفترض أن القانون يُنظم العمل النقابي وفق معايير دولية، تظهر مسودته الحالية وكأنها تسعى للسيطرة على النقابات بدلًا من تعزيز استقلاليتها. وسيُفقد استمرار هذا المنهج النقابات دورها كمدافع رئيس عن حقوق العمال، وسيضعف الطبقة العاملة ككل.

ولا يقتصر تأثير التضييق على النقابات وحدها، بل يمتد ليطال المجتمع بأسره. فالطبقة العاملة، التي تشكل الركيزة الأساسية للاقتصاد، تصبح عاجزة عن الدفاع عن حقوقها في بيئة عمل متزايدة التعقيد. وبدون حركة نقابية قوية ومستقلة، ستظل هذه الطبقة تُعاني من غياب الحماية وغياب صوتها المؤثر.

إن احترام حقوق العمال ليس رفاهية، بل هو ضرورة لتحقيق استقرار اقتصادي واجتماعي. وما هو مطلوب اليوم هو إجراء حوار حقيقي بين الحكومة والنقابات، يضمن صياغة قانون يُعزز الحريات النقابية ويحمي حقوق العمال، بعيدًا عن التدخلات السياسية والمصالح الضيقة. فالنقابات العمالية ليست مجرد تنظيمات وإنما هي صوت العمال وصمام أمانهم، وان التضييق عليها هو تضييق على حقوق الطبقة العاملة بأكملها.

وإذا أرادت الحكومة تحقيق التنمية الحقيقية، فعليها أن تعيد النظر في سياساتها تجاه النقابات، وأن تمنح العمال الحرية في التعبير والتنظيم بما يتماشى مع المعايير الدولية ومصلحة البلاد ككل.

**********************************************

إضراب عام للنقابات في المغرب احتجاجًا على مشروع قانون

متابعة – طريق الشعب

أعلنت المنظمات النقابية في المغرب عن برنامج نضالي مكثف خلال شهر شباط الجاري، احتجاجًا على مشروع قانون الإضراب الذي يعرضه مجلس النواب وتجميد الحوار الاجتماعي.

وفي بيان صادر عن الاتحاد المغربي للشغل، تم الإعلان عن إضراب عام احتجاجًا على ما وصفه بـ "السياسات اللا شعبية" للحكومة، مشيرًا إلى تدهور القدرة الشرائية للعمال ومحاولات تمرير قوانين اجتماعية تراجعية، بالإضافة إلى تجميد جلسات الحوار الاجتماعي لفترتين متتاليتين. كما أبدى الاتحاد رفضه لطريقة تمرير مشروع قانون الإضراب، معتبرًا أنها إقصائية وتعتمد على منهجية أحادية.

من جهة أخرى، نظمت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل ندوة صحفية في 3 شباط، أكدت خلالها دخولها في إضراب عام في 5 شباط احتجاجًا على تغييب الحوار الاجتماعي، وبالأخص فيما يتعلق بمشروع قانون الإضراب، فضلًا عن التراجع في مناخ الحقوق والحريات النقابية في البلاد.

وفي تعليق لها، أعربت هند بن عمار، السكرتير التنفيذي للاتحاد العربي للنقابات، عن تضامنها مع النقابات المغربية، مشيرةً إلى أن المعركة ليست محلية فحسب، بل هي جزء من صراع عالمي ضد التراجع عن الحقوق النقابية العمالية. كما أوضحت أن الاتحاد الدولي للنقابات خاض معركة قانونية لتفسير حق الإضراب، وأكدت أن التراجعات على الحقوق أصبحت سمة واضحة في العديد من الدول.

وشدّدت بن عمار على أن النقابات المغربية مصممة على إعادة مشروع قانون الإضراب إلى النقاش، نظرًا لأنه يتعارض مع الاتفاقيات الدولية للعمل.

ويُعد هذا التصعيد بمثابة رسالة قوية من النقابات المغربية للحكومة للضغط عليها كي تتراجع عن القوانين المثيرة للجدل وتفتح حوارا جادا مع النقابات، لضمان تحقيق مطالب العمال وتحقيق التوازن بين حقوقهم والتنمية الاقتصادية.

*********************************************

العمل النيابية ومقترح قانون التنظيم النقابي للعمال

بغداد – طريق الشعب

عقدت لجنة العمل ومؤسسات المجتمع المدني النيابية، برئاسة النائب ناهدة الدايني، وحضور عدد من أعضائها، مؤخرا، حلقة نقاشية لبحث مقترح قانون التنظيم النقابي للعمال.

شارك في النقاش وكيل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لشؤون العمل، وعدد من الكوادر المتقدمة في الوزارة، إلى جانب السيدة مها قطاع، المنسق القطري لمنظمة العمل الدولية (ILO).

تضمنت المناقشات استعراض المواد القانونية التي تتطلب إعادة صياغة لتتماشى مع المعايير الدولية، مع التأكيد على ضمان حقوق العمال في تأسيس النقابات والانضمام إليها بحرية دون ضغوط أو تمييز. كما تم بحث آليات إنشاء منظمات نقابية مستقلة تعمل ضمن إطار قانوني يتيح تعددية التنظيم النقابي بما ينسجم مع الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها العراق.

من جهتها، قدمت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ملاحظاتها على القانون، مشيرة إلى أهمية منح الوزارة مساحة كافية لتطبيق القانون بطريقة تحقق التوازن بين الالتزام بالمعايير الدولية وحماية حقوق العمال.

كما أكد النائب حسين عرب، عضو لجنة العمل النيابية، على أن اللجنة تواصل جهودها لتشريع قانون التنظيم النقابي، واصفًا إياه بأنه "ركيزة أساسية لتنظيم العمل النقابي في العراق". ودعا إلى تشكيل لجنة مصغرة تضم ممثلين عن وزارة العمل ومنظمة العمل الدولية لمراجعة مواد القانون بشكل شامل وسريع، بهدف تضمين كافة الملاحظات الضرورية لحماية حقوق العمال وضمان الحريات النقابية.

ويأتي هذا الجهد في إطار تعزيز الحريات النقابية في العراق، بما يتماشى مع التزامات البلاد الدولية تجاه حقوق العمال وتنظيم العمل النقابي.

*****************************************************

ذاكرة التضحية والصمود.. شباط وأيقونات النضال العمالي

حوراء فاروق

شهد العراق تحولات كبيرة بعد قيام ثورة 14 تموز 1958 وإسقاط النظام الملكي، فعاشت الحركة العمالية اياماً مجيدة بفضل الثورة ومشروعها الوطني الديمقراطي. ولعل في مسيرة الأول من أيار العام 1959خير تعبير عن علاقة التضامن المتبادلة بين الطبقة العاملة والثورة، التي ركزت على تحقيق التنمية في مختلف المجالات، ولاسيما في الصناعة والزراعة، وأنشأت المصانع والمعامل في مختلف أنحاء البلاد مما أدى إلى خلق فرص عمل واسعة النطاق، وسعت إلى إزالة الفوارق بين المدينة والريف وأوصلت الخدمات والتيار الكهربائي لمناطقه البعيدة. وقد أسهمت هذه المشاريع في تعزيز مكانة الطبقة العاملة كقوة اقتصادية واجتماعية بارزة، وكشفت عن ارتباط واضح بين تطور الصناعة والوعي السياسي والمسؤولية الوطنية.

لكن هذا التقدم لم يكن بمعزل عن التحديات، فقد تآمر أعداء الثورة من أجل عرقلة هذا التطور. وبلغت هذه التحديات ذروتها بانقلاب 8 شباط 1963، الذي قادته زمرة من ذوي الفكر الرجعي العنصري المتخلف بالتحالف مع بقايا الاقطاع وبدعم المراكز الامبريالية وحلفائها الإقليميين، فدخلت البلاد مرحلة جديدة من تراجع الحركة العمالية والنقابية.

مرحلة التراجع والقمع

وقد سعى الانقلابيون إلى تزييف ارادة الشغيلة والهيمنة على منظماتها النقابية، وسلب ما حققته من مكتسبات بنضالها العنيد. وأصبحت النقابات العمالية في تلك الفترة، خاضعة تماماً لسيطرة السلطة الحاكمة، التي نفذت سياسات صناعية غير مدروسة أثرت سلباً على الطبقة العاملة، إضافة إلى تعطيل مشاريع صناعية كبرى وإضعاف الحركة النقابية بشكل كبير. ومع استمرار التغيرات السياسية الداخلية والخارجية، تلقت الحركة العمالية خسائر متتالية، حيث لم تشهد الفترة بين 1963 و1968 انتفاضات أو إضرابات عمالية تُذكر، رغم قسوة الاضطهاد الطبقي.

حزب الطبقة العاملة

وبقي الحزب الشيوعي العراقي، الذي تأسس كحزب للشغيلة والكادحين في عام 1934، صامداً في مواجهة هذا الشر، وتبني مصالح العمال والدفاع عنها بقوة، رغم الجراح التي تلقاها في حملة القمع الفاشية التي شنها الانقلابيون على منظماته الحزبية والجماهيرية. وقدم الحزب في مسيرة الكفاح هذه، العديد من الشهداء دفاعاً عن دور العمال كقوة فاعلة في الشارع السياسي العراقي، فقد كان القمع الذي تعرض له النقابيون، وخاصة الشيوعيين، قاسياً للغاية، حيث شمل الإعدامات والتصفيات الجسدية والسجن والفصل السياسي والتشريد والتجويع والتعذيب، ومن أبرز العمال الشهداء في تلك المجزرة، محمد صالح العبلي وحسن عوينه وصبيح سباهي وأدمون يعقوب وعلي الوتار والياس حنه كوهاري ومئات من رفاقهم.

سلام عادل

لا يمكن الحديث عن تاريخ الحزب الشيوعي العراقي ونضاله العمالي دون ذكر شهدائه الذين ضحوا في مواجهة القمع والاستبداد. ويتصدر الشهيد سلام عادل، الذي اغتيل بعد انقلاب 1963، قائمة هؤلاء الأبطال.

كان سلام عادل مثالاً للروح الشيوعية الحقة، مؤمناً بقضية الشعب والطبقة العاملة، ومطبقاً للفكر الماركسي-اللينيني على الواقع العراقي بإبداع. وبعد انقلاب 8 شباط الأسود، شن الحرس القومي حملات وحشية ضد الشيوعيين والقوى الديمقراطية، تنفيذا لبيانه الفاشي رقم 13 الذي طالب بإبادة الشيوعيين وكل الديمقراطيين، فحدثت مجازر يندى لها الجبين، قُتل وعُذب وشُرد فيها عشرات الآلاف وفي مقدمتهم الرفيق الشهيد سلام عادل، الذي ضرب بشجاعته وصموده، أروع الأمثلة في التضحية والإيثار، وصار رمزاً للبطولة والفداء، رغم كل ما مثلته عملية اغتياله من مأساة بشعة.

فهد ورفاقه الأماجد

وكان من أبرز دروس حياة الشهيد الخالد سلام عادل، تمثله مسيرة مؤسس الحزب وبانيه، والعامل العراقي الأصيل الذي وضع اللبنات الأولى لحزب الطبقة العاملة وافتداها بحياته وصار نبراساً لها، في نضالها نحو غد لا عبودية ولا استغلال فيه، الا وهو الشهيد الخالد يوسف سلمان فهد، الذي تمر في 14 شباط من هذا العام الذكرى 76 لاستشهاده ورفيقيه زكي بسيم وحسين الشبيبي، على يد عملاء المستعمر الانكليزي، وهو اليوم الذي كرسناه يوماً للشهيد الشيوعي العراقي، ومحفزاً للنضال من أجل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

ستظل دماء الشهداء منارة تهدي الأجيال القادمة على درب الحرية، ولتحقيق شعار الوطن الحر والشعب السعيد.

***********************************************

الصفحة الثامنة

مرافئ فقدت سفنها حزن عند استذكار الشهيد عبد السلام يوسف قلّو

كمال يلدو

كان على بدرية* ان تنتظر ٢٣ عاماً لتعرف أي خبر عن زوجها، تلك الأعوام التي مرت ثقيلة جدا وموحشة. كانت قليلا ما، موشاة بالأمل وكثيرا ما، مرادفة لفكرة الموت. لكن طبيعة الانسان وتشبثه بالحياة هو الذي يدعوه أحيانا لتكذيب الحقيقة وتصديق الخيال، ربما يكون حيا...!، وربما يكون قد هرب من السجن...!، وربما يكونون قد نسوه في أحد سجونهم السرية تحت الأرض وسيظهر...!، وربما يكون قد التحق بالمقاتلين في الجبل وسيعود...!، كل هذه الهواجس تمر بشريطها السينمائي أمام أعين بدرية، وباقي أفراد عائلته، خاصة مع الأحاديث التي كثرت عن اكتشاف المقابر الجماعية بعد سقوط البعث عام ٢٠٠٣، تلك الصدمة التي لا تريد ان تصدقها حتى لو ظهر لها في الحلم وقال لها إني بينهم.

في أحد أيام تموز ٢٠٠٣، يستوقف شقيقه الأصغر * خبر منشور في موقع الحزب الشيوعي عن حصول الحزب على قائمة بأسماء (١٦٧) شهيدا كانوا قد أعدموا في ٢٣ كانون اول ١٩٨٢، وبدافع الفضول بدأ يقرأ الأسماء، واستطاع تمييز بعضها، وصارت العيون تثقل في قرأتها حتى تسمرت أمام الرقم ٥٠ يا إلهي، إنه هو. الشهيد عبد السلام يوسف قلّو، من مواليد الموصل عام ١٩٤٠، كان والده المولود عام ١٩١٤ يعمل في شركة النفط البريطانية (آ بي سي)، وبحكم هذه الوظيفة فقد كان كثير التنقل وصادف أن ولدت السيدة أليزا جيقا المولودة عام ابنها البكر عبد السلام في الموصل ١٩٢٧وقد كانت ربة بيت.

درس الابتدائية في القوش، وانتقلت العائلة إلى بلدة تلكيف ليكمل دراسته المتوسطة، ثم سافر الوالد مع عبد السلام وشقيقه رمزي إلى بغداد لغرض اكمال الدراسة والاستقرار هناك.

تفتحت أفكار عبد السلام حينما كان فتى يافعا في بلدة القوش وبتأثير مباشر من أحد خدام الكنيسة وكان يدعى الشماس (آبرم عمّا) الذي كان يحمل فكرا تقدمياً، وربما يعود الفضل له في نشر هذه الأفكار الانسانية بين نسبة كبيرة من شباب القوش آنذاك، ويجمع الكل بأن (آبرم) كان شخصية اجتماعية محبوبة ومثقفة. عندما انتقل عبد السلام إلى بغداد وهو في مقتبل الشباب كان منظما آنذاك، ويتذكره أحد رفاقه (صباح شلال) وأعمام بيت (أسمرو) حيث عملوا في التنظيم سوية. تم اعتقاله وأودع السجن أول مرة في العهد الجمهوري عام ١٩٦٠ وكان إثر نشاطه في الدعوة للسلم في كردستان، وهكذا كان صيدا حاضرا للبعثيين بعد انقلابهم الدموي في ٨ شباط ١٩٦٣، إذ بقي في السجن حتى العام ١٩٦٨، ويتذكر شقيقه الأصغر أن العائلة انتقلت كلها إلى بغداد، وصادف أن اخذته والدته في زيارة إلى سجن الحلة عام ١٩٦٥ لمشاهدة أخيه عبد السلام. وبعد إطلاق سراحه التحق بالخدمة العسكرية لأنه أعتبر من المتخلفين عنها.

في العام ١٩٧٤ اقترن عبد السلام من الآنسة بدرية جولاغ، أملا ببناء أسرة وحياة مستقرة لكن السفينة سارت عكس رغبة ربانها، اذ تخللت تلك السنوات عملية التفرغ الحزبي والسفر الكثير والتخفي أحيانا وبالتالي لم تنعم هذه العائلة الفتية بالاستقرار. عمل لفترة معاون ملاحظ انتاج في معمل باتا، لكنه تفرغ بعدها للعمل الحزبي وحتى كان من ممثلي الحزب في الجبهة الوطنية (مكشوف)، وبعد انفراط عقدها صار كثير التنقل والتخفي بين محافظات العراق وبعيدا عن زوجته التي كان يزورها في الخفاء حيث كانت تسكن منطقة كمب سارة في بغداد فيما كانت والدته تسكن منطقة بارك السعدون والتي كان يزورها كما زوار الليل. يقول شقيقه الأصغر انه وفي تلك الايام العصيبة صادف أن رآه ٣ مرات فقط ومن بعيد، وكان يومئ له ان يبتعد خشية ان يكون مراقبا، أما الخبر الأكثر رعبا فكان أثناء التحضير لامتحانات الصف السادس بكالوريا أواخر آيار عام ١٩٨٠ حينما أخبرتنا زوجته بدرية بأن أحدا قد شاهده صباحا عندما خرج لجلب الحليب والصمون وأنهم قد القوا القبض عليه وألقوه في سياراتهم المعروفة، وهكذا أسدل الستار على عبد السلام حتى إشعار آخر.

عاشت العائلة كوابيس كثيرة ومتنوعة، تارة بالسؤال عنه منهم أو في أثناء ملء الاستمارة الأمنية أو في أثناء المراجعات الحكومية، وكان جوابها الصادق والحقيقي: أنها لا تعرف شيئا عنه وعن مصيره، أما الذين يعرفون مصيره فإنهم يصطنعون هذه القصة إمعانا في إذلال الناس، فيا لهم من بشر ويا لهم من بعثيين حد النخاع!

ما الذي يتعلمه المرء حينما يقرأ قصة الشهيد عبد السلام يوسف قلّو: أن لا بديل عن تحقيق الديمقراطية وإحكام القانون والدستور في البلاد وإقرار قانون حرية الأحزاب والصحافة ووضع القوانين لتنظيم ذلك وتنظيم الانتخابات بصورة شفافة وإقرار مبدأ التداول السلمي للسلطة ومنع الميليشيات والسلاح المنفلت ودفع البلاد نحو الحكم العلماني بفصل رجال الدين عن الدولة، هكذا وهكذا فقط ربما سينهض هذا الوطن ويلحق بركب الاوطان المجاورة.

المجد والخلود للشهيد عبد السلام يوسف قلّو.

التحية لمن تبقى من عائلته الكريمة ورفاقه وأصدقائه.

العار سيلاحق البعثيين ومن يدافع عنهم مدى الدهر، لأنهم مجرمون بكل معنى الكلمة.

  • بدرية: هي زوجة الشهيد عبد السلام
  • شقيه الأصغر: آثر ان يحتفظ باسمه
  • شكرا للرفاق في منظمة القوش وللرفيق فريد دمان لمساعدتهم بالحصول على صورة الشهيد.

شباط ٢٠٢٥

**********************************************

شهداؤنا أيقونات النضال وشعلة الحرية

سعد عزيز دحام

لطالما كانت مسيرة الحزب الشيوعي العراقي مرادفًا للنضال والتضحية، حيث كتب شهداؤه بدمائهم الطاهرة تاريخًا مجيدًا من البطولة، فكانوا شعلة مضيئة في دروب التحرر والعدالة الاجتماعية. ومنذ تأسيس الحزب في عام 1934، وضع الشيوعيون العراقيون أنفسهم في خط المواجهة الأمامي ضد الاستعمار، الاستبداد، والفساد. ووسط هذا النضال، قدم الحزب قوافل من الشهداء الذين اختاروا طريق المقاومة رغم قساوته، ليصبحوا رموزًا للنضال الوطني والتضحية في سبيل عراق حر وديمقراطي.

أبرز شهداء الحزب كان: يوسف سلمان يوسف (فهد)، المعروف باسم (فهد)، أحد أبرز القادة المؤسسين للحزب وأيقونة التضحية الأولى. قاد الحزب في سنواته الأولى رغم التحديات الأمنية والسياسية الكبيرة.

اعتقل عام 1947 وحكم عليه بالإعدام مع رفاقه حسين محمد الشبيبي وزكي بسيم، ليصبح استشهادهم في عام 1949 رمزًا للثبات على المبادئ. وترك فهد كلمات خالدة قبيل إعدامه: (الشيوعية أقوى من الموت وأعلى من أعواد المشانق).

شهدت العقود اللاحقة انتفاضات شعبية كان للشيوعيين دور بارز فيها، مثل انتفاضة 1952 وانتفاضة 1956 تضامنًا مع القضية الفلسطينية.  وفي كل محطة، كانت أرواح الشيوعيين هي الوقود الذي يشعل جذوة الاحتجاجات.

في عهد النظام البعثي، تعرض الحزب الشيوعي لأبشع حملات القمع، حيث امتلأت السجون بشيوعيين رفضوا الخضوع أو المساومة على مبادئهم. المئات من الشهداء، بينهم مفكرون، عمال، وطلبة، أُعدموا أو اختفوا قسرًا، ليتركوا بصمة نضالية لا تُمحى. كذلك لعبت النساء الشيوعيات دورًا رياديًا في الكفاح ضد الظلم، أولئك النسوة المجيدات اللواتي قدمن أرواحهن فداءً لوطنهن ومبادئهن.

اليوم، تعيش ذكرى هؤلاء الشهداء في وجدان العراقيين، وخصوصًا في صفوف الشيوعيين الذين يستلهمون من تضحياتهم دروسًا في الصمود والتحدي. فقد أثبتوا أن النضال من أجل وطن حر يتطلب شجاعة استثنائية وإيمانًا راسخًا بقضية الشعب. وسيبقى شهداء الحزب الشيوعي العراقي أيقونات خالدة في سفر الوطن. دماؤهم ليست مجرد ذكرى، بل منارة للأجيال القادمة التي تسير على درب الحرية والمساواة.

فهم الشعلة التي لن تنطفئ أبدًا.

******************************************************

الشهيد قصي حميد حمادي رمز للشجاعة والإبداع في وجه الظلم

أسامة عبد الكريم

حين تعود الذكريات لتطرق أبواب الروح، تعيدني إلى أصدقائي ورفاقي الشهداء الذين غادروا الحياة مبكراً، تاركين وراءهم بصمة لا تمحى في القلب والوجدان. وفي مقدمتهم يقف الشهيد الشيوعي العراقي قصي حميد حمادي الخزاعي، الفتى الذي جمعت شخصيته بين شجاعة فنية متفردة ونضال فكري ملهم، ليترك لنا إرثاً عميقاً من الإلهام والحزن.

في عام 2003، وخلال زيارتي لمدينة الديوانية بعد سقوط نظام صدام المقبور، استوقفني بهو مقر الحزب حيث عُلّقت صور الشهداء. وقفت هناك متأملاً تلك الصور، مسترجعاً ذكريات الماضي. تعرّفت على بعض الرفاق الذين كان لهم أثر بارز في مسيرتنا النضالية، مثل الشهيد كريم عبد الله المياحي، الذي كان يعمل جابياً في مصلحة الركاب (الوركاء)، والشهيدة فوزية شنان، المعلمة وصديقة أختي المرحومة نجوى، والتي كنت أذكر اجتماعاتهم في شقة بمدينة الحرية في بغداد. وأخيراً، توقفت عند صورة الشهيد قصي حميد، التي أعادت إليّ ذكريات لا تُنسى من ذلك الزمن.

كان قصي مسرحياً فذاً، يمتلك موهبة نادرة جعلته يتعمق في أدواره ويؤديها بإبداع استثنائي. لا تزال صورته على خشبة مسرح دار المعلمين في الديوانية في بداية السبعينيات حاضرة في ذاكرتي. لقد أدهشني حينها بحركاته النابضة بالحياة التي حوّلت النصوص إلى مشاهد حقيقية تنبض بالواقع. كان ذلك أول لقاء لي به كمتفرج، حيث جسّد دور المتظاهر الذي يقود مجموعة من الممثلين، عاكسة ملامحه الإصرار والقوة. كانت قدرته على تجسيد الشخصية كقائد وخطيب مؤثر تشهد على براعته الفنية، إذ تميز بمرونة جسدية مذهلة، وصوت معبر، وحركات دقيقة، يثير فينا نحن المتفرجين الحماس ويدفعهم للتصفيق بحرارة وهم واقفون. آخر لقاء جمعني بقصي كان في أواخر السبعينيات، حين كان يعيش في غرفة شبه مظلمة في قلب الحيدرخانة في بغداد. كان التعب والخوف بادية على ملامحه، إذ كان يدرك أن القتلة يتعقبونه، وأن مكانه لم يعد آمناً. ومع ذلك، كان إيمانه بقضيته يمنحه القوة للمضي قدماً، متنقلاً بحثاً عن الأمان والاستمرار في مسيرته.

قصي يذكرني بشخصية بافل كورتشاغين، البطل المحوري في رواية (كيف سقينا الفولاذ) للكاتب نيقولاي أوستروفسكي. تماماً مثل بافل، كان قصي رمزاً للإنسان المكافح الذي كرس حياته للنضال من أجل قضايا العدالة الاجتماعية وحقوق العمال. كان كلاهما مثالاً للثبات في مواجهة التحديات والتضحيات من أجل تحقيق أحلامهما وأهدافهما.

في يوم الشهيد الشيوعي، الذي يصادف 14 شباط من كل عام، تتجدد ذكريات قصي ورفاقه الشهداء بكل ما تحمله من مشاعر مختلطة بين الحزن والفخر. إن استحضار ذكراهم ليس مجرد تكريم لذكراهم، بل هو تأكيد على التزامنا بالمسيرة التي ضحوا من أجلها. إنهم ليسوا مجرد أسماء، بل رموز تنبض بالحياة في قلوبنا وتضيء لنا الطريق في أحلك اللحظات.

قصي، أيها الرفيق الشهيد، أنت لست مجرد ذكرى تمر في حياتنا. أنت شعلة أضاءت طريق النضال والإبداع، وستظل تلهمنا لنواصل الطريق الذي اخترت السير فيه. سنظل نذكرك بفخر ونستلهم منك القوة والعزيمة لتحقيق الحلم الذي ناضلت من أجله: وطن حر وشعب سعيد.

************************************************

الشهيد كاظم الجاسم (أبو قيود)

أبو الجاسم

ولد وترعرع الشهيد كاظم الجاسم (أبو قيود) بتاريخ 1930 في قرية البو شناوة، جنوب مدينة الحلة من عائلة فلاحية كادحة، متزوج وله بنتان وخمسة أولاد.

تميز الشهيد أبو قيود بالتواضع والطيبة وأسمى الخلق، مما جعله أن يحظى باحترام وتقدير أهالي قريته قبل أن يكون شيوعياً. التحق أبو قيود في صفوف الحزب الشيوعي العراقي منذ أوائل الخمسينيات، نضج وعيه وازداد شعوره بالمسؤولية وعمل بهمة عالية بين شباب قريته و تبنى مشاكلهم من أجل مساعدتهم على حلها، بوجود أبو قيود وعائلته ومن يعيش بقربه أصبحت قرية البو شناوة أشبه بالمقر للرفاق العاملين، كما أصبحت على مر السنين عنواناً لكل من ينقطع من الرفاق في المنطقة، بتأثير سلوكه على عائلته أصبحت والدته المسنة أماً لكل الشيوعيين وكانت ترافق أبو قيود في البيوت الحزبية السرية حتى أصبحت ذات خبرة واسعة في ادارة البيت الحزبي السري رغم كونها إنسانة أمية ومن عائلة فلاحية، وبسبب ثقة الرفاق العالية بالشهيد، حتى كان الشهيد سلام عادل يزور القرية ويلتقي ببعض الرفاق لإنجاز مهام حزبية. وتطور نشاط الرفيق أبو قيود الحزبي حتى أصبح عضواً في لجنة منطقة الفرات الأوسط.

 اتصف الشهيد بالشجاعة والصبر والشفافية، كان متفائلا لم يبدو عليه الحزن والتذمر في أقسى الظروف وأصعبها. وهذا ما انعكس على الرفاق العاملين معه في تجاوز المحن والصعوبات، كان صديقاً لأطفال الفلاحين ودائماً يحمل لهم في جيوبه الحلوى وبعض الهدايا كي يفرح الأطفال عند زيارته قرى الفلاحين.

كسب محبة واعتزاز الوسط الفلاحي وكافة مجالات العمل الحزبي التي عمل بها وكان حريصاً كل الحرص على رفاقه، أحترف الشهيد العمل الحزبي في وقت مبكر وكرس كل حياته وامكانياته لإنجاز مهماته الحزبية وخاصة في المجال الديمقراطي الفلاحي، متنقلاً في عموم أرياف الفرات الاوسط،  برز أبو قيود في مجال التوجيه الفلاحي، وكان عضواً في اللجنة التنفيذية لاتحاد الجمعيات الفلاحية في العراق بعد ثورة 14 تموز 1958 وفتح مقراً في بابل، وجند طاقاته ومعه كافة الرفاق العاملين في المجال الفلاحي لحل مشاكل الفلاحين وتوجيههم لزيادة الإنتاجية في المجال الزراعي.  بعد انقلاب شباط 1963 استبسل أبو قيود وساهم بجدية عالية لتأمين سلامة بعض الكادر الحزبي في مختلف مناطق ريف بابل مستفيداً من علاقاته الاجتماعية الواسعة إلى جانب وجود المنظمات الحزبية، للشهيد خبرة في الاختفاء والقدرة على التخلص من ملاحقة العدو. في العام 1969 رشح للدراسة الحزبية في الاتحاد السوفيتي (موسكو) وبعد عودته في عام 1970 عند تصاعد هجمات السلطة الدكتاتورية وأجهزتها القمعية على حزبنا ومنظماته، وعلى كافة القوى المناهضة للدكتاتورية، في هذا الوقت اعتقل الشهيد أبو قيود بوشاية من أحد الفلاحين، وغيب في زنزانات قصر النهاية رغم مطالبات حزبنا آنذاك بشأن المعتقلين.

استشهد الرفيق كاظم الجاسم بعد تعذيب وحشي واجهة الشهيد ببطولة منقطعة النظير، استشهد البطل الذي تميز بـجماهيريته، حيث أحبه الفلاحون وأبناء الفرات الأوسط. كان الشهيد حقاً مشعلاً وهاجاً أضاء درب الفلاحين. تميز الشهيد بالنقاوة الفكرية دائماً يؤكد لرفاقه أن وحدة الحزب هي الأساس بانتصار قضيتنا.

وتجد ذلك في انشقاق راية الشغيلة وانشقاق جماعة عزيز الحاج، كان مكافحاً جريئاً ضد الانشقاقيين.

المجد للشهيد أبو قيود وجميع الشهداء والخزي والعار للجلادين الأوباش في كل زمان ومكان.

والمجد للحزب الشيوعي العراقي في الذكرى التسعين لميلاده.

************************************************

سلامٌ لإقدام من النورٍ يعمُ الكون

مصطفى محمد غريب

رؤى مثل الشهاب

تمر على نحوٍ غريب

فتعكس لونها

نجومٌ ساطعاتٌ

ومن داخل الرؤيا

أرى الناس السبايا

على الجدران في القضبان

رزايا في المرايا

 تعاكسهم بإيقاع لتصلبهم

وتجلسُ في مراقدهمْ

وطاويطٌ بخرطومٍ من المطاط

لهم أنياب عضاضاتْ

ومن عسس اللهب

وحكامٌ من الاذناب تفرزهم جرائم من رتب

يروا غولاً

بنابٍ أصفرٍ مسموم

 يُطاردهم

بقانونٍ نقابي مزيف

بوجه كالحٍ موبوء بالجدري

 يُحاصرهم

كمأوى للمجانين وفي كل الحقب

روى عصراً من الغولات محميات بالنكبة

وها أني أرى

طوابير من الأحزان عسراً

فاجلس صامتا قسراً

ونار القهر تشجرني

وتشجرهم بلا رحمةْ

وصبري صبر أيوب

عظيم الشأن يرهقني

 ويهصرهم من البلوى

ليدفعني

إلى الخلسةْ

وأنذال لهم رضعات من ضبعة

يقول الصوت محصوراً

بلا رجعة

ولا تنفيس من بدعة

أهذي مرايا تعكس اللوحاتْ؟.

قوانينٌ لها غابات

واحراشٌ بلون الدم

وحراس الأسى القومي

وطفراتٌ أثر لوحة

بها الغايات منتشرة

واشرارٌ لهم بدعة

قوانينٌ مزيفةٌ

قوانينٌ ومن عار أشرعةٍ

لقتل الضحايا الأبرياء

 وسلب حقوقهم

وقامات لها آياتْ

تسير بلا عدوى

ومن ضوءٍ الى شمسٍ مربعةٍ

لتبدو من ملايينٍ أقزاحٍ مهددة

ومن قهرٍ

يصارعهم

 لإنسان القرون في الفسحة

مُصرٌ بلا رجعة

ومن كل المرايا غفلة الناس

من الحقٍ مذعورين أوجاعاً

كلوحاتٍ من التشهير والتنجيم في القلعة

ولا تختر مرابعهم

وابوابٌ لها فتحات مسعورات من دمدم*

رماهمْ حقد نصابين

وهذا أول الغيث

وهذي ثاني فتوى باسم الدين

بلا معنى ولا تحصين

حرامٌ ان تقولتمْ ظلام

فما احدٌ نجا من المأفون

 والتدوين والتلوين

وَزَلتْ بهمْ أنواع من تنجيم بالقدرةْ

وأفجع من رزايا القمع في التفخيذ

وهذي أول النكبات

" وَأَفجَعُ مَن فَقَدنا مَن وَجَدنا " **

برمضان الخباء من الدهاء.

نشامى في مواقفكمْ

وها أنتم وقد قمتم تباعاً

وحطمتم رزايا في المرايا

أقمتمْ صرح ثأر بالفداء وبالضحايا

ومعذرةٌ لكم شهداء حقٍ

غمرتم ساحة العلياء بأساً

وغطيتمْ مرايا النور قسماً

دخلتمْ بالضمير قلوب الناس قسراً

سلامٌ من إباء صدق

سلامٌ إلى كل الجباه الحمر عرسا

بآذار الشموخ محط قبسٍ

سلامٌ إلى الأحياء من نورٍ يعمُ

سلامٌ إلى الأنصار دوماً

ووديان لها فتحةْ

جبالٌ من الإقدام مبهوراتْ

وراياتُ البهاء لها من الاوجاع فرحةْ

سلامُ على الرايات ظلت في سماء الكون قدحةْ

ــــــــــــــــــــــ

* رصاص دمدم المتفجر

** المتنبي

14 / 1 / 2025

***************************************************

الصفحة التاسعة

الشهيد كاظم عبيد (أبو رهيب)

قاسم سلمان

في الرابع عشر من شباط في كل عام نقف باحترام تخليدا لذكرى شهداء الحزب الشيوعي العراقي وجميع الوطنيين العراقيين الأماجد، نخص بالذكر منهم: (فهد وحازم وصارم وساسون دلال وسلام عادل).

وبقية الشهيدات والشهداء من أقصى أعالي نهر الفرات العظيم من العراق إلى اقصى جنوب العراق، حيث يلتقي دجلة والفرات ووصولا إلى أقصى أعالي جبال كردستان.

ومن هنا يتطلب من جميع الشرفاء ان يرفعوا أصواتهم ضد كل اشكال ارهاب الدولة وقمعها الوحشي بحق المناضلات والمناضلين من ابناء شعبنا.

ولد الشهيد كاظم عبيد (أبو رهيب) في مدينة المحاويل في محافظة بابل عام 1937 وأكمل دراسته في الحلة وتخرج معلما عام 1959 وتم تعيينه في ذي قار.

وفي عام 1960 تم اعتقاله لمدة 6 أشهر بتهمة انتمائه للحزب الشيوعي العراقي وأرسل لسجن الرمادي بعدها تم سحب يده من الوظيفة، وبعد انقلاب 8 شباط 1963 اختفى في احدى قرى المحاويل وتم القبض عليه في تموز 1963 ومورست ضده انواع التعذيب، وتنقل الشهيد بين سجون الرمادي ونقرة السلمان وخلف السدة، ولغاية عام 1967 تم إطلاق سراحه وتعيينه معلما في كردستان.

عاد عام 1971 إلى الحلة واستمر في التعليم لغاية 1978 وحاول الأمن اعتقاله من مدرسته غير أنه استطاع الافلات منهم بشجاعة وواصل العمل الحزبي لمدة سبع سنوات في ظل الملاحقة الأمنية وهو يقود محلية بابل للحزب الشيوعي العراقي بعد استشهاد الرفيق جبار جاسم أبو عبيس، وكان الشهيد أبو رهيب متميزا بنشاطه بعموم تنظيمات الفرات الاوسط.

وفي يوم 15-5-1985 حيث تم القبض عليه من قبل أمن بابل في البيت الحزبي بمدينة الحلة، كما تم اعتقال العشرات من الرفيقات والرفاق في محافظات الفرات الاوسط وبغداد وفي ساعة صفر محددة.

وتم كل ذلك بسبب الخيانة الحزبية من قبل بعض الخونة في الخطوط الحزبية. وفي مقدمة هؤلاء الخونة (هاشم هادي قدوري) أبو سوزان. والذي كان يحمل الرقم السري في الأمن 249.

وقام الأمن بحملات تعذيب شديده لجميع الرفيقات والرفاق وإحالتهم للمحاكم الصورية وإصدار الأحكام بالسجن المؤبد بحق الكثير منهم.

كما وتم إعدام العديد من الرفيقات والرفاق ومن بينهم الشهيد (كاظم عبيد) أبو رهيب يوم 6-4-1986 والذي كان المسؤول الأول عن هذه الخطوط التنظيمية.

وتم العثور على جثمانه في بغداد بعد الاحتلال في مقبرة الكرخ يوم 4-5-2003.

وبعد انتفاضة آذار 1991 تم اعتقال ولده الشهيد (رهيب) في مدينة الحلة وهو ابن شقيقة أم الجاسم. ولم يتم العثور على جثمانه لغاية هذا اليوم.

وكذلك بعد انتفاضة آذار 1991 تم اعتقال الشهيد (أحمد الحربي) شقيق أم الجاسم وتم تنفيذ حكم الاعدام بحقه رميا بالرصاص في سجن الرضوانية ببغداد وهو بعمر 22 عاما.

وفي الأيام الأولى لانتفاضة آذار 1991 تم قتل الشهيدة (أمل الحربي) شقيقة أم الجاسم في شوارع مدينة الحلة وهي تقاوم الدكتاتورية ونظام البعث وأجهزته القمعية، وكانت حاملا وأما لأربعة أولاد وتم قتلها بحراب بنادق الجنود الصداميين وتمزيق الجنين داخل بطن امه وتم دفن هذا الجنين مع أمه بنفس القبر.

وايضا خلال دخول القوات الأمريكية عام 2003 استشهد الشهيد (حاتم غافل) وهو ابن شقيقة أم الجاسم في مدينة المحاويل وهو بعمر 20 عاما.

المجد والخلود لشهيدات وشهداء الحركة الانصارية للحزب الشيوعي العراقي والمجد والخلود لشهيدات وشهداء المقابر الجماعية من مختلف الاديان والقوميات.

***************************************************

الشهيد صبري اسعَيْدهَ

محمد الكحط

الاسم الكامل للشهيد صبري كاظم الشموسي، عرفناه في قطاع 7 باسم (صبري إسعَيّدهَ)، شاب أسمر محبوب وشخصية اجتماعية يدخل القلب من أول لقاء، أحب الجميع وأحبه الجميع، تولع بحبه للأفكار الشيوعية وكرة القدم، من مواليد خمسينيات القرن الماضي، كنا أقرانه لكنه لمع كنجم رياضي في كرة القدم، لعب في فريق اتحاد حبيب في مدينة الثورة، وهو فريق يعد من خيرة الفرق الشعبيه في بغداد ويضم معه لاعبين كبارا مثل فلاح حسن حسين وفاضل دلي وعطية طالب مطر وطالب عبد علي وفوزي شيهان كريم دعير أبو فراس وغيرهم، بعدها لعب في فريق التموين والنقل ولعب في نادي الجيش وصلاح الدين، ومثل منتخب الشباب العسكري. وكان له مستقبل كبير بأن يكون أحد نجوم كرة القدم لو تم احتضانه ودعمه بشكل صحيح، لكن تمت محاربته بأساليب عديدة.

كان وهو في الخدمة العسكرية في أيام الجبهة الوطنية يقوم بشراء جريدة طريق الشعب علنا، وطالما نصحناه بضرورة الكف عن هذا التصرف لأنه عسكري وهذا العمل يعرضه للخطر، لكنه لم يبال.

بعد الهجمة الشرسة على الشيوعيين واضطرارنا للهجرة انقطعت أخباره عنا ولا ندري ماذا حصل معه، وبعد سقوط النظام الدكتاتوري وعودتنا للوطن، علمت بأنه أستشهد مع كوكبة من المناضلين الشيوعيين تم الحكم عليهم بالإعدام وكان تاريخ استشهاده في 1989/9/11، وبهذا العمل الجبان خسر العراق أحد أبناءه البررة، المجد للشهيد صبري والخزي والعار للمجرمين القتلة.

*****************************************************

الثلج والدم الشيوعي!

يوسف أبو الفوز

يا جبال كردستان يا محبوبة

لمن رجفتي من البرد غطاچ أبونه بثوبه

كل ليلة دمنا الدافي يوگع على الثلج

ويطفي كل اذنوبه.

(كاظم إسماعيل الكاطع)

في ايام 5 الى 16 كانون الثاني 1987، خاض انصار الفوج الاول / قاطع بهدينان، من قوات أنصار الحزب الشيوعي العراقي(حشع)، ورفاقهم من قوات الدعم، التي هبت لإسنادهم،  ووصلت على مراحل، من مقر قيادة قاطع بهدينان، الفوج الثالث، السرية الخامسة، ومقر قيادة قاطع أربيل، وبالاشتراك مع (بيش مه رگة) الحزب الديمقراطي الكردستاني (حدك)، ومقاتلي المقاومة الشعبية من فلاحي القرى في المنطقة، خاض الجميع معارك ضارية، وعلى عدة محاور، وفي ظل ظروف جوية قاسية، ضد الحملة العسكرية الشرسة التي شنتها قوات النظام الديكتاتوري، على مناطق  نشاط  انصار الفوج الاول (حشع)، ومناطق لجنتي عقرة والشيخان لمقاتلي (حدك)، وسكان القرى في المنطقة المجاورة لمقرات الاحزاب، حيث زجت فيها السلطات بوحدات عسكرية مدرعة من الجيش والجحوش، وساهم فيها الطيران الحربي والهليكوبتر.

يوم 5 ـ 6 كانون الثاني تواجد اثنا عشر نصيرا في محور قرية كانيكا، التي تقع عند أطراف ناحية اتروش (قضاء الشيخان ــ محافظة الموصل)، وموقع القرية استراتيجي بالنسبة للمنطقة، في مرتفعات وقمم تطل على ناحية اتروش، لذلك شيد النظام الديكتاتوري هناك قلعة كونكريتية، ومنذ السبعينيات، وضمن سلسة قلاع ومواقع عسكرية، شيدت بتصميم وتنفيذ من شركات رومانية، وكانت القلعة مقرا لفوج استخبارات عسكري. اثناء الاحداث التي نتحدث عنها كانت السلطة قد اخلتها ارتباطا بأوضاعها العسكرية على جبهات الحرب مع إيران وأيضا تنامي نشاط ومقاومة فصائل البيشمرگة والأنصار في كردستان. شنت قوات النظام الديكتاتوري يوم 5 كانون الثاني هجوما مباغتا شرسا على المقاتلين المتحصنين على جانبي قلعة كانيكا، ومن ضمنهم الاثنا عشر نصيرا شيوعيا، كان هو افتتاح هجماتها في المنطقة بعدة محاور، بدأته بالقصف المدفعي والدبابات وبالطيران وفشلوا في التقدم حيث دافع المقاتلون عن مواقعهم ببطولة وشراسة وأوقفوا أي تقدم للأليات والافراد على الطريق الصاعد نحو القلعة. توقف القتال عند المساء، وفي تلك الليلة هبط الثلج بغزارة وغطى بيوت قرية كانيكا التي هجرها سكانها بسبب من المعارك المحتدمة، فتسلل اليها الأنصار وقضوا ليلتهم هناك في ترقب وانتظار. في البيوت وجد الأنصار أفعالا بسيطة تدل على ان الحياة توقفت فجأة، فثمة أفعال ناقصة: طعام غير جاهز على موقد النار المطفأ، ملابس مغسولة مهيئة للنشر، فراش يبدو وكان صاحبه تركه توا وسيعود اليه، الخ. نظم الأنصار الحراسات وتكدسوا في غرفة صغيرة ليناموا بطريقتهم (عوائل) كل اثنين يشتركان بفراش واحد ويلتحفان غطاء واحدة، هكذا صار من نصيب النصير جنان ويوسف أبو الفوز ان يناما معا وسط تعليقات ومزاح بقية الأنصار.

في اليوم الثاني من الاحداث، يوم 6 كانون الثاني، ركز الطيران والمدفعية قصفه الكثيف باتجاه قلعة كانيكا، فأخلاها الأنصار، لأنها أصبحت دالة واضحة للقصف المدفعي الكثيف، وتحصنوا قليلا شرق القلعة، بين الصخور العالية التي كانت تحميهم من قذائف المدفعية التي لم تتوقف. وبعد فترة من المناوشات وعند توقف القصف المدفعي بشكل مفاجئ، توجه ثلاثة أنصار، لاستطلاع موقع القلعة، النصير الأول كان الشهيد ياسين (جماهير أمين الخيون ـ شاعر. مواليد 1961 ابن المناضل الشيوعي المعروف أمين الخيون الذي اغتيل في سبعينيات القرن الماضي من قبل النظام الدكتاتوري البعثي. ساهم ياسين في فعاليات بمختلف النشاطات الثقافية الانصارية. في اثناء ادائه مهام حزبية في بغداد نهاية ثمانينات القرن الماضي، اعتقل وغيبت اخباره، حتى سقوط النظام الدكتاتوري حيث عثر على اسمه في سجلات المعدومين من قبل النظام المقبور.)، النصير الثاني جنان (فارس جرجيس موسى) والنصير الثالث يوسف أبو الفوز، وحين اقتربوا من بناية القلعة، فوجئوا بوجود مجموعة من حوالي ثلاثين شخصا من مرتزقة النظام (الجحوش) ومعهم وحدات خاصة من الاستخبارات العسكرية نجحوا وتحت ستار الضباب الكثيف بالتسلل الى موقع القلعة، وطالبوا الأنصار بالاستسلام. كان رد الأنصار الفوري هو النار. ومن مسافة لا تتعدى أربعين مترا حصلت مواجهة شرسة بين الأنصار وقوات النظام، وهب بقية الأنصار لإسناد رفاقهم وتسهيل انسحابهم وكان أول المبادرين الرفيق النصير أبو نصير (هرمز خوشابا هرمز ــ كان امرا للسرية الرابعة/ أنصار الفوج الاول. من قرية (عين بقرة) سهل الموصل. مواليد 1951.عامل قالب. كان أصغر نصير في تشكيلات الانصار في الستينيات. التحق بقوات الحزب من جديد نهاية السبعينيات وتحمل عدة مسؤوليات عسكرية. تعرضت عائلته إلى الابتزاز والمضايقات باستمرار، واضطرت زوجته واطفالها الخمسة إلى الالتحاق به الى الجبل. استشهد في 23 تموز 1987 في معركة قرية شيخكا في سهل الموصل والتي كانت مقرا في المنطقة لاستخبارات النظام الدكتاتوري. في حملات الإبادة المسماة بالأنفال في شهر اب 1988 ومع عشرات الآلاف من سكان القرى التي هدمها النظام الدكتاتوري تم تغييب وإضاعة آثار زوجته ام نصير واطفالها الخمسة.

استشهد خلال تلك المواجهة الشرسة، عند قلعة كانيكا، النصير البطل جنان (فارس جرجيس موسى) مواليد 1964، من قرية "بنداويه" (القوش ــ الموصل) سائق بلدوزر. التحق بقوات الانصار في عام 1983‎. كان الشهيد جنان قد تميز بحمله للأسلحة الرشاشة المتوسطة، التي تحتاج الى مهارات عسكرية وامكانيات جسدية، وقبيل استشهاده كان قد أنهى بنجاح دورة حزبية في مقر قاطع بهدينان لقوات أنصار الحزب الشيوعي العراقي، وكان فرحا بإنجازه وراح يشاكس رفاقه بأنه صار عنده (شهادة)!

أبدى الأنصار في أحداث كانون الثاني 1987، في كل المحاور، آيات من البطولة والمقاومة والصمود والبذل، وكانت اياما اسطورية، حافلة بالمجد، غدت أحاديث الجماهير ونسجت عنها وعن شهدائها وأبطالها قصصا كثيرة!

المجد والخلود للشهداء وتحية للأنصار الابطال.

*******************************************************

الشهيد صاحب ناصر  (أبو جميل)

داود أمين

منذ منتصف خمسينات القرن الماضي، كانت عائلة الشهيد (صاحب ناصر) جزءاً من ذاكرتي، فهذه العائلة الكبيرة كانت واحدة من عوائل محلة الجامع الكبير في الناصرية، حيث لم يكن بيتنا يبعد كثيراً عن بيتهم الذي تميز بشناشيله الجميلة وباتساعه وبوقوعه في الطابق الثاني، كنا نسميه (بيت رحيمة) نسبة لجده لأمّه، وكان أحد أخوال صاحب المسمى (عبودي رحيمة) رياضياً معروفاً في الناصرية، وأحد أبطال كمال الأجسام قبل بتر إحدى رجليه لإصابته بالسرطان! وكان شيوعياً معروفاً أيضاً، وهو صاحب أول لوندري أو مكوى أوتوماتيكي حديث في المحافظة، كان الشهيد صاحب معي في المدرسة الشرقية الابتدائية، لكنه كان أصغر مني لذلك لا أتذكره بوضوح بل أتذكر أخوته جبار ومحمد على وحسون.

في شباط ١٩٦٢ انتقلنا لمحلة الإسكان في الصوب الثاني من المدينة، وكانت عائلة الشهيد صاحب ناصر قد حصلت على بيت أيضاً في هذه المحلة الجديدة، وكانت ساحة كرة القدم ملتقانا وكذلك باص المصلحة ثم المقهى الوحيد في المحلة، بعدها بسنوات أصبح الشهيد صاحب لاعب كرة سلة مشهورا وعضواً في منتخب المحافظة لهذه اللعبة، وكانت ميوله يسارية تأثراً بعائلته ومثل معظم رياضيي الناصرية وفنانيها ومعظم شبابها!

أوائل عام ١٩٧٢ كان صاحب ناصر من أوائل من فكرت بترشيحهم للحزب من أبناء محلتي، فهو من عائلة شيوعية معروفة،  خصوصاً أخوته وأخواله، ولم يتردد عندما فاتحته بالموضوع هو وصديق آخر إذ رفعا رسالتين معاً وترشحا للحزب في وقت واحد وتم ضمهما لخلية (غسان) التي نسبت لمسؤوليتها أواسط عام ١٩٧٢، وقد اعترف لي الشهيد صاحب بعد فترة طويلة  نسبياً  من انضمامه للحزب إنه ورفيقه  كانا يشكان إنني لم أزل محسوباً على تنظيم القيادة المركزية، وإنهما كانا يدققان في حديثي طوال فترة مسئوليتي لهما حتى أيقنا إنني في الحزب حقاً وليس لي علاقة  بتنظيم أخر!!

بعد أشهر وبعد توسع التنظيم في الناصرية انتقل الرفيق صاحب ورفيقه إلى التنظيم العمالي، حيث أصبح من قادة هذا التنظيم ثم أرسله الحزب في زمالة حزبية إلى بلغاريا ليدرس هناك لمدة سنتين مع الرفيق الفقيد جواد عبد الكريم(أبو نبأ).

ومع بدأ الحملة ضد حزبنا عام ١٩٧٨ أنهى الشهيد صاحب دراسته ليعود للوطن في حين ذهب الفقيد (أبو نبأ) إلى اليمن الديمقراطية.

أواخر عام ١٩٧٨ أوائل عام ١٩٧٩ ومع اشتداد الحملة الإرهابية ضد الحزب قررنا ترك الناصرية والانتقال إلى بغداد، وكان صاحب معنا حيث عملنا في تنظيمات حزبنا السرية، ونجحنا في ربط عشرات الرفاق من الناصرية والبصرة ومدن الفرات الأوسط وحتى الرمادي، كما نجحنا أيضاً في إخراج عشرات الرفاق المكشوفين والمعروفين خارج الوطن، ومن مختلف الطرق بما فيها من مطار بغداد!

أتذكر في تلك الفترة رحلاتنا المشتركة لسلمان باك وجلساتنا في مقاهي بغداد البعيدة عن الأنظار في شارع الكفاح والصالحية وغيرها من المناطق وأذكر أنه رغم صعوبة ظروفنا الأمنية والاقتصادية فقد كنا نتمتع بالمرح والدعابة.

وحين توفرت لنا إمكانية مغادرة الوطن وكان الشهيد صاحب يعرف تفاصيلها وقد فوتح بالمغادرة لكنه رفض وأصر على البقاء والعمل ضمن التنظيم السري. وكان في وداعي عندما غادرت بغداد يوم ٢٨ أذار ١٩٧٩، ولم أعرف أخباره إلا من نشرة حزبية تليت علينا في كردستان، تحذر منه ومن خطيبته باعتبارهما من الخونة!! والمؤسف إن هذا الخبر كان مدسوساً من قبل أجهزة صدام الأمنية، وقد تم تسريبه للحزب عمداً لتشويه سمعة الشهيد صاحب، وقد اتضح من وثيقة عثر عليها فيما بعد أن الرفيق صاحب استشهد تحت التعذيب وأعدم نتيجة صموده وحفاظه على أسرار الحزب.

المجد والخلود للشهيد البطل (صاحب ناصر) أبو جميل ولرفاقه الشهداء الأبطال.

************************************************

الصفحة العاشرة

التركي ياشار كمال عوّضته إسطنبول عن {نوبل} العصية

إبراهيم العريس

قبل 10 أعوام وبضعة أسابيع رحل الكاتب التركي الكبير يشار كمال عن عالمنا وهو يعلن رضاه لكونه لم يترك هذا العالم إلا بعدما أمن لمجد الأدب التركي خلفاء كباراً له، توصل واحد منهم في حياته إلى الحصول على جائزة نوبل الأدبية، التي ظل هو مرشحاً لها أكثر من ربع قرن من دون أن يفوز بها. صحيح أنه لم يكن هو التركي الفائز بها في نهاية الأمر "لكني شعرت أن فوز أورهان باموق بها كان فوزاً شخصياً لي أنا..."، قال هذا مبتسماً عند نهايات حياته، وكان كل المحيطين به يعرفون أن فوزه المرجح بنوبل كان منذ أعوام الـ70 واحدة من أمنيات حياته العزيزة عليه. أما الأمنية الثانية التي كان منذ البداية فقد عبر عنها وتبناها كثر فكان قد حققها باكراً حتى وإن كان قد اعتاد أن يقول إن تحقيقها كان يبدو لديه أكثر صعوبة من الفوز بجائزة نوبل: كانت تلك الأمنية تقوم على كتابته رواية عن إسطنبول نفسها. وهو ما فعله على أية حال منذ عام 1977، ولسوف يحييه لاحقاً صديقه وتلميذه الكاتب الأكثر شباباً منه نديم غورسيل في حينه معلناً أن الكاتب المخضرم خضع في نهاية الأمر للمنطق وكتب رواية "... وغضب البحر" (دنيز كوستو) التي تدور أحداثها، لمرة نادرة في مساره الكتابي، في إسطنبول.

يوم فاته قطار نوبل

فهل معنى ذلك أن ياشار كمال لم يكن يحب إسطنبول؟ ولذلك لم يدن منها في كتابته؟ أبداً على الإطلاق. كل ما في الأمر أن الكاتب الذي ولد وعاش طفولته وصباه في الريف الكردي الذي ينتمي إليه، وجد نفسه منذ بدايته ككاتب منغمساً في حياة ذلك الريف وأساطيره وحكاياته التي ناله من التوفيق فيها ما جعل رواياته تنتشر بقوة لدى قراء بلاده ثم في العالم أجمع، ووجد نفسه مرتبطاً بتلك المناطق عائلياً وعملياً وحياتياً، إلى درجة ترك معها إسطنبول لأهل إسطنبول حتى ولو أنه لم يفته أن يعلن دائماً أن يوماً سيأتي سيتوجه فيه بأدبه إلى تلك المدينة شرط أن يكون قد تعرف إليها بصورة جدية أول الأمر. والحقيقة أن ذلك ما سيتحقق لاحقاً وفي الفترة التي كانت سمعة الكاتب قد بلغت أسماع أهل نوبل. ففي العام الذي نشر فيه ياشار كمال روايته الإسطنبولية الكبرى التي نتحدث عنها هنا، جرى ذكر هذا الكاتب الكبير باعتباره مرشحاً لنوبل بعدما كان عدد كبير من رواياته ولا سيما منها "محمد النحيل" التي كانت مفتتح سلسلة روايات رائعة قد ترجم إلى الفرنسية والإنجليزية وغيرهما من اللغات. ولقد ورد اسمه يومها إلى جانب أسماء من اللافت أن أصحابها فازوا بالجائزة الأدبية العالمية الكبرى لكنها ظلت عصية عليه، ومنهم كما نعلم دوريس ليسنغ وويل سوينكا... ومن هنا لا يمكن القول إن انتقال أدب ياشار كمال إلى إسطنبول كان ما حفزه عليه رغبته في اللحاق بركب الفائزين. كل ما في الأمر أن كاتبنا كان في تلك الأثناء قد أدرك أنه قد تعرف إلى إسطنبول أخيراً من كثب. ولكن بصدفة لا علاقة لها بكونه أديباً أو روائياً بصورة أكثر تحديداً. وهي الصدفة التي أشار إليها نديم غورسيل نقلاً عن ياشار كمال نفسه على أية حال.

مفتش في شركة الغاز

ومهما يكن من الأمر هنا، لا بد من التوقف عند قدم الحكاية، فهي تعود إلى النصف الأول من خمسينيات القرن الـ20، إذ تعرف كمال إلى إسطنبول وأغرم بها، بل سيقول إنه قد تجول فيها أعواماً طويلة طولاً وعرضاً ومن الصباح إلى المساء مختزناً في ذاكرته شوارعها وأزقتها الصغيرة وكل ركن من أركانها. وذلك كله لسبب في غاية البساطة، فقد كان في أعوام شبابه الأولى تلك مفتشاً في شركة الغاز الوطنية، مهمته أن ينتقل من حي إلى حي ومن شارع إلى شارع ومن بيت إلى بيت مدققاً في مؤشرات عدادات الغاز في بيوت أهل إسطنبول. فهل ثمة وظيفة في العالم كان في مقدورها أن تجعل فرداً ما متآلفاً مع مدينة من المدن بقدر تلك الوظيفة؟ من هنا سيصرح كاتبنا لاحقاً وبالتحديد حين صدرت روايته الإسطنبولية وراح كثر يتساءلون عما جعل الكاتب الذي كان حتى ذلك الحين "متخصصاً" في سرد حكايات سهول منطقة "شوكوروفا" وأساطير أبنائها وحكاياتهم يكشف مرة ومن دون إنذار ممهد عن تلك المعرفة الدقيقة بإسطنبول وحياة سكانها، ولا سيما الفقراء منهم من الذين كان تقاعسهم عن الدفع واستجابته هو لذلك التقاعس جزءاً من حياته اليومية وهمومه، متأرجحاً بين التعاطف معهم وخوفه من ضغوط مسؤوليه في شركة الغاز إن هو ساعدهم. ومهما يكن من أمر، لا بد من الإشارة هنا إلى أن رواية "... وغضب البحر" لا تحكي عن أولئك البائسين ولا عن عمل الكاتب مفتشاً، بل تبدو في نهاية المطاف وكأنها تستكمل في المدينة العريقة تلك الحكايات نفسها التي اعتاد ياشار كمال أن يرويها في كتبه "الريفية" المعروفة، وكأن الكاتب الذي كان قد بدأ في الفترة التي أصدر فيها هذه الرواية اهتمامه بشؤون البيئة وتدمير الإنسان لها، معتبراً من زاوية ما أن ثمة في الأمر تدميراً يقوم به الريفيون للمدن حين يتدفقون عليها فيفقدون حلاوة عيشهم وسط الطبيعة وتفقد هي - أي المدن - نقاءها القديم. صحيح أن كثراً من النقاد قد تناولوا هذا الجانب من أدب كمال، لكن المهم هنا لم يكن الموضوع البيئي، بل ما وجدوه من أن إسطنبول التي وصفها الكاتب بإبداع وانبهار ومعرفة عميقة بشتى تفاصيلها لم تكن شديدة البعد في تضاريسها وأخلاق سكانها وحياتها اليومية عما نجده في أرياف شوكوروفا ودساكرها.

الصراعات القديمة وأكثر

في "... وغضب البحر" التي كان ياشار كمال قد نشرها أول الأمر على حلقات أسبوعية في صحيفة "ملييت" الواسعة الانتشار مرفقة برسوم لصديقه الرسام عابدين دينو، هناك صراع ثنائي كما هي الحال غالباً في روايات ياشار كمال، حيث اعتادت الصراعات أن تخاض بين طرفين يعرف أحدهما الآخر من كثب، لكن الحياة تفرق بينهما، جاعلة من واحد منهما ممثلاً للخير والثاني رمزاً للشر. وهذان الطرفان هنا هما زينل (اختصار زين العابدين)، وسليم. وزينل هو الذي نلتقيه على صفحات الرواية بوصفه شريراً وزعيم عصابات، أما سليم فهو صياد يعتاش من مهنته التي يمارسها على شاطئ البحر الأسود. غير أن حياة الاثنين وعلاقتهما ليست على تلك البساطة. فالحقيقة أن زينل إنما أتى من الريف صغيراً بعدما أفلت بمعجزة من مجزرة طاولت عائلته. أما سليم فإنه أتى من الريف بدوره تاركاً حب حياته هناك. والاثنان يلتقيان في ضاحية "منكسه" الإسطنبولية حيث تحط بكل منهما أيامه على حدة. لكن اللقاء سرعان ما سيكون عاصفاً من جراء التناقض في السلوك بينهما. ففيما زينل يمارس إجرامه بجريمة مجانية يندد بها سليم صارخاً بوجهه أمام الجيران والمعارف، ندرك نحن أن سليم شخص مسالم لا يحب سوى الصيد والبحر ويكره كل أولئك الذين يسيئون إليهما. وهنا تفترق الدروب بالصديقين: زينل يلجأ إلى إسطنبول حيث يمارس شره وسرقاته مع رفيق جديد له، فيما يكتفي سليم بالبحر رفيقاً وحبيباً، وقد جعل من الصيد هوايته ومن الدفاع عن نظافة الطبيعة قضيته. لكن العالم، في نظر ياشار كمال، صغير والشر مستطير ينشر قذارته في كل مكان. ومن هنا لا يكون غريباً أن يعود زينل وسليم للقاء بل حتى التجابه بينهما. ففي نهاية الأمر من الواضح أن ياشار كمال لا يمكنه حتى في هذه الرواية ذات النفس الشاعري ولا سيما حين يتعلق الأمر بشخص سليم ومواقفه وحياته الملتحمة بالطبيعة، لا يمكنه إلا أن يواصل تلك المناخات التي يعرفها قراء رباعيته القديمة التي تدور من حول "محمد النحيل" وخلصائه وهي مناخات يذكرنا كثير مما في "... وغضب البحر" بها، حين يبدو وكأن الكاتب قد نقلها معه من سفوح أرياف جبال طوروس إلى إسطنبول. ولئن كان الكاتب قد اختار للشر أن يهزم مرموزاً إليه بقتل زينل، فإن سليم لن يكون في المقابل أسعد حظاً حتى وإن بقي له حبه للبحر ملجأ أخيراً... فمعركته في نهاية الأمر لم تكن ضد زينل بل ضد المدعو وزير أوغلو الممثل الأكبر للمضاربين العقاريين الذين تقول لنا الرواية منذ البداية إنهم هم الشر الحقيقي وهم مشوهو إسطنبول وليس زينل في نهاية الأمر سوى ضحية بائسة أخرى من ضحاياهم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

"اندبندنت عربية" – 4 كانون الثاني 2025

**************************************************

«أربعة جدران وسقف» لمروّة ومجدلاني: بريخت مستعاداً

سليم البيك

كانت لي حصة من الحظ بمشاهدة خمسة أعمال مسرحية للثنائي ربيع مروة ولينا مجدلاني، ضمن «مهرجان الخريف» في الأسابيع الأخيرة في مدينة باريس، وكتبت هنا عما وجدته أفضلها، «بوربوريغموس»، قبل مشاهدة الأخيرة لهما (كتابةً وإخراجاً وتمثيلاً)، وهي الأحدث، إذ يتم إطلاقها من خلال المهرجان، «أربعة جدران وسقف».

يحيل العنوان، قبل موضوعه، إلى برتولد بريخت مباشرةً. ففي وقت أراد فيه الكاتب الألماني تكسير الجدار الرابع في المسرح، ذلك الحائل بينه وبين الجمهور، أراد الثنائي اللبناني هنا إعادة البناء، بأربعة جدران مع سقف، تاركين التكسير لما هو ضمن المسرحية، للنوع كما هو الزمن. فهذه المسرحية الاستثنائية قعّدت مشاهديها جيداً في أمكنتهم، واستحضرت الشاعر والمسرحي الشيوعي، إلى داخل الصالة، ليغلقا علينا جميعاً الحيَّز المكاني، تاركين التكسير والاستعدادات إلى كل من الحيز الزماني، ضمناً، والنوع المسرحي شكلاً.

المسرحية نوع من المسرح الوثائقي، بعناصر تركيب فنّي، وهي أقرب لبحثٍ مُمسرَح، موضوعه جلسات التحقيق مع بريخت، ومن خلالها حياة الشاعر المنفيّ، واستعادة كل ذلك إلى زمننا، ربطاً بين اتهامات «معاداة أمريكا» أمس و»معاداة السامية» اليوم، مروراً بالرقابة والمنفى نتيجة لكل ذلك. وتقدّم المسرحية تحليلاً لصورتين لبريخت تلخصان المُراد قوله، بادئة بتحقيق متخيَّل وبشهادة الشاعر الذي مُنع من قراءتها علناً آنذاك، فبُنيت المسرحية عليه. استُحضر بريخت هنا لا موضوعاً فقط، بل سياقاً راهناً أساسه التحريمات الغربية في المسألة الفلسطينية.

بعد لجوئه إلى الولايات المتحدة عام 1941، ناجياً من النازيين، اضطر بريخت بعد ست سنوات لمغادرة البلاد في اليوم التالي من جلسات التحقيق معه وسؤاله المتكرر: هل أنت منتمٍ للحزب الشيوعي؟ هل كنتَ منتميا للحزب الشيوعي؟ ضمن جلسات للجنة الأنشطة المعادية لأمريكا في الكونغرس، بهدف محاربة الشيوعية في البلاد، ما عُرف بالمكارثية. وكان ضحيتها العديد من كتّاب هوليوود ومخرجيها ومنتجيها، وقد أسفرت عن قائمة سوداء لاستعداء هؤلاء في بلدهم وضمن عملهم. بريخت كذلك تعرّض للتحقيق، وكان الوحيد غير الأمريكي. وسمّى العملية بالإعدام البارد لهؤلاء، في زمن الحرب الباردة.

استهل المسرحيةَ التحقيقُ المتخيَّل، وتتابعت الوثائق والصور والأصوات والموسيقى، في ما جعل المسرحية البادئة بوصفها روائية، بالتقدّم بوصفها وثائقية، إنّما، برواية قصّة بريخت هذه، من خلال الوثائق، بإحالات تُكسّر الزمن الممسرح، كما كسّرت، مواد الإحالات نفسها، النوع المسرحي.

استحضر مروّة ومجدلاني، من خلال ما يمكن أن يحتويه المسرح من وسائط، فيديو وصور وموسيقى وتسجيلات، وتمثيل وقراءة وإلقاء، ضمن أربعة جدران وسقف لأن الموضوع محدد وبيّن، ومركّز رغم اتساعه الزماني، ومن خلال حرية تامة في التقنية المسرحية شكلاً، استحضرا ومن خلال بريخت وقصّته، مسألةَ الحرية في المضمون، منتقلين من محاكمات بريخت، إلى الرقابة المانعة للكلام، المانعة تالياً للتفكير، وللفنون على أنواعها، شعراً ومسرحيةً، لتتماهى اتهامات معاداة الأمريكية أمس مع اتهامات معاداة السامية اليوم، في كونها نوعاً من الرقابة غير القابلة للنقاش غرباً، تماماً كما كانت الاتهامات إلى بريخت غير قابلة للنقاش، فلا كلام مسموح في الإجابة، بل وحسب: نعم أو لا.

جانبت المسرحية بين بريخت ومحمود درويش، الأول الذي قال إنه بدّل بلداناً في حياته أكثر مما بدّل أحذية، والأخير الذي قال إن وطنه حقيبة يحملها بين منافيه، كما حمل بريخت صناديقه. في الصورتين لبريخت، وقد التُقطت كل منهما عشية الخروج إلى منفى جديد، الأولى كانت في برلين ليبدأ أعواماً طويلة من المنفى، والثانية كانت في الولايات المتحدة مستكملاً منفاه الذي لفّ الكوكب، حرفياً، به.

صورٌ للاجئين فلسطينيين بمفاتيح العودة، تناوبت على شاشة المسرح، في منفاهم الأبدي حتى يومنا. كانت محاولة لفهم ما يأخذه معه، أحدنا، الخارج عنوة إلى منفاه، وقد بانت صناديق، كانت لكتب ربما، في صورة بريخت المنتظِر خروجه من برلين النازية. هل كان في جيب المنفيّ الأبدي، الشيوعي، مفاتيح؟ هل أراد العودة إلى برلين؟ فعل أخيراً لكن، للسخرية التي لفّت كامل حياته، رفضته برلين الغربية فلجأ أخيراً، وهو البرليني، إلى الشرقية. مستبدلاً المفاتيح كالأحذية، كالبلاد، مكتفياً بحقيبة كتف وسيجاره الكوبي دائم الاشتعال كقصائده.

المسرحية الآسرة، شكلاً ومضموناً، استعادة هي توثيقية كما هي شعرية، لبرتولد بريخت كما هي لمحمود درويش، ومن خلالهما لكل المنفيين. لكل ضحايا ما سمّاه بريخت «الإعدام البارد»: «فالمُحاكَم هنا لا تُسلَب منه حياته، بل وسائل حياته، لا يُعلَّق على مشانق بل على قوائم سوداء».

مُنع بريخت من إلقاء شهادته عن منفاه وفيه، أمام المكارثيين. أوَّلت المسرحية تلك الشهادة وحملتها من تاريخها إلى راهننا. صار بريخت هنا شخصية تشهد انحطاطاً أوروبياً عام 2024.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

"القدس العربي" – 2 كانون الثاني 2025

*****************************************************

«الشرق الوثائقية» تكشف خفايا سجن صيدنايا برفقة الناجين منه

أطلقت «الشرق الوثائقية»: «خلف صيدنايا»، وهو أول فيلم يوثق قصص سجناء صيدنايا بعد سقوط نظام الأسد، ويعيد فتح تلك الأبواب السرية والقاسية.

وعلى امتداد 60 دقيقة، يتناول الوثائقي شهادات سجناء تعرضوا لشتى أنواع التعذيب، كما يعرض معاناة أهالي المفقودين في بحثهم المحموم عن أبنائهم أو حتى عن جثامينهم. ويوثق الفيلم التاريخ المؤلم لسجن صيدنايا العسكري، من ثمانينات القرن الماضي وحتى التحرير التاريخي في 8 ديسمبر (كانون الأول) 2024، والإفراج اللاحق عن المعتقلين، كاشفة عن القصص غير المروية التي ظلت مخفية داخل جدران السجن لعقود.

وقال المحامي السوري، أنور البني، الذي عاش تجربة السجن أكثر من مرة: «الأهوال التي عاشها المعتقلون في سجن صيدنايا تلخّص فلسفة النظام السوري السابق القائمة على تجريد السوريين من إنسانيتهم».

تسللت كاميرا «الشرق الوثائقية»، إلى الزنازين وغرف الإعدامات والمكابس البشرية، لترصد المعاناة اليومية لعشرات آلاف المعتقلين، وهناك التقت بمحمد خليل، أحد السجناء الناجين من «صيدنايا»، ليحكي عن فترة اعتقاله. «كانوا يطلبون منا أن نصمت عن جثة أحد زملائنا في الزنزانة. يشترطون وجود جثتين أو 3 جثث حتى نتمكن من المطالبة بإخراجها من المهجع، كثيراً ما كنت أنام هنا بجوار جثة هامدة»، هكذا استذكر محمد التجربة المهولة التي عاشها هناك. ويتتبع فيلم «خلف صيدنايا»، مصير جثث المعتقلين الذين قضوا تحت التعذيب أو إعداماً، ليصل إلى بعض المقابر الجماعية؛ حيث دفن النظام الجثث فيها على طبقات، فوق بعضها.

كما رصد الفيلم القصة الكاملة للسجين السوري الشهير مازن الحمادة، الذي لاحقه النظام إلى هولندا بعد لجوئه إليها هرباً من مرارة السجن وتجربة التعذيب المضنية، واستدرجه مجدداً إلى دمشق، ليعتقله مرة أخرى في صيدنايا. يروي شقيقه فوزي الحمادة معاناة أسرته وتجربة التعرف إلى جثة مازن التي كانت مرمية في مستشفى حرستا عقب سقوط الأسد.

وعن وثائقي «خلف صيدنايا»، قال محمد اليوسي، مدير عام قناة «الشرق الوثائقية»: «عبر هذا الفيلم، نفتح نافذة نادرة لاستعراض ما كان يدور في أحد أكثر الأماكن قسوة في العالم»، مشيراً إلى أن هذا الإنتاج الحصري ليس مجرد فيلم وثائقي، بل شهادات إنسانية تسلط الضوء على المعاناة والظلم اللذين عانى منهما ملايين السوريين».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

"الشرق الأوسط" – 26 كانون الثاني 2025

****************************************************

الصفحة الحادية عشر

دار المأمون.. عطاء متميز

دار المأمون للترجمة في وزارة الثقافة، عطاء متميز وحركة دائبة، فقد أصدرت الدار سلسلة من الكتب المترجمة المهمة ابرزها:

- الاجندة النيوليبرالية لغزو العراق/ تأليف كريس دوران. ترجمة رغد قاسم.

- الاستشراق السويدي (مختارات/ الطبعة الثانية) ترجمة سعيد الجعفر.

- موجز تاريخ الفن/ مسار الكون من التمدن الهائل الى الثقوب السود/ تأليف هوكنغ. ترجمة باسل محمد الحديثي.

- وداع/ قصص ألمانية قصيرة/ تأليف مجموعة من الكتاب الألمان. ترجمة عماد مبارك غانم.

- الترجمة والثقافة والأيديولوجية/ سياسات، منظومات، مشكلات/ تقديم اشراق عبد العادل. تحرير لؤي خزعل جبر.

- ماذا بعد.. أيها اليائس/ رواية هانز فالادا. ترجمة د. سامي الاحمدي.

- الأمير السود/ رواية ايريس مردوك. ترجمة سعد الحسني.

كما أصدرت الدار اعداداً جديدة من المجلات التي تتولى إصدارها وهي: المأمون (بالعربية)، كلكامش (بالانكليزية)، بغداد (بالفرنسية).

****************************************************

أحلام مستغانمي.. الرجل بثياب امرأة!

عبد الغفار العطوي

في مناقشة العلاقة  بين الجندر و الجنس و الرغبة التي أجرتها جوديت بتلر في كتابها المثير (قلق الجندر  النسوية و تخريب الهوية) مع اقطاب النسوية الفرنسية، سيمون دو بوفوار، لوسي إريغاري، مونيك فيتيغ، أطلقت جملة  خطيرة  بخصوص التمايز بين الجندر و الجنس،: أنا أشعر إنني امراة من قبل إنني أنثى، او أنا أشعر إنني رجل من قبل إنني ذكر، لأن ارتباط  الجندر بالجنس لا يكشف في ساعة التقائهما  إلاعند الرغبة، فالرغبة هي  ميتافيزيقا الجوهر، و هي بالتأكيد  تلزم و تقتضي في إن المطالبة  في كلا الحالتين  ليست مجرد حشو، لهذا كان من الصعب  التوقف في هذا النقاش و الجدل عند حدود الرغبة، التي نمارسها في حياتنا السرية (خاصة لوكنا كتابأ أو كاتبات) و بما إن الرغبة هي الموجهة  للجندر باتجاه الجنس، الجندر في وعي مونياك فينيغ يكون انتماؤه للفلسفة انسب، لأن الانتماء لها يعني الانتماء إلى جهاز من المفاهيم البينة التي تمتلكها الفلسفة، و فيتيغ مؤمنة إن الحلول في فهم الموقف الإشكالي للجندر إزاء الجنس يجب ان يتم توضيحه غبر فلسفة الرغبة، مثلما يمكن  للجندر ان يدل على وحدة في التجربة  و الجنس و الجندر و الرغبة، لكن  فقط عندما  يمكن ان يفهم الجنس  بوجه ما في معنى إنه يستلزم الجندر  من حيث تقول بتلر، و لعل المناخ الذي  يدار فيه مثل هكذا نقاش من قبل جوديت بتلر هنا  في مدى تأثرها الزائد  بالمدرسة الفرنسية في النسوية، خاصة  بسيمون دي بوفوار في كتابها الرائد "الجنس الآخر".

ومن المعروف إنها أخذت شهادة  الدكتوراه من فرنسا عن الفيلسوف جاك دريدا،  كما نعلم إن النسوية الفرنسية قد اهتمت  بالجانب اللغوي و التحليل النفسي تحت إشراف جاك لاكان الذي  اعتبر ان اللاوعي  مبني كاللغة، و إن اللاوعي هو خطاب الآخر، و هاتان مقولتان اعتمد عليهما لاكان في بيان  ان تكون الذات خطاب مستحيل، لتبرز  على اثر ذلك نسويات  التحليل النفسي اللاكانية، من اشهرهن  جوليا كريستيفا، لوسي ارديغاري، و هيلين سسكو و كاترين كليمان  و قد قمن بانجاز صرح النسوية الفرنسية في ما يتعلق بانحيازهن لفكرة الذات من خلال الخطاب المعروف بمشروعهن في الكتابة الانثوية، و هو عبارة عن محاولة لغرض الكتابة التي تعمد على فعل التجسيد لموقع المرأة في الخطاب، و كان الهدف منه خلق التحدي لموضعة النساء في الثقافة المتمركزة حول الكالوس، و يمكن ان تقع الكاتبة احلام مستغانمي  الجزائرية التي تتقن اللغة الفرنسية، كما يبدولي مثل سائر البلدان التي خضعت للاستعمار الفرنسي ردحا من الزمن لا بأس به، و عاشت في فرنسا، و نالت الدكتواره من إحدى جامعاتها، وإن النسوية الفرنسية اللاكانية قد غالت في تمييز اللغة في الكتابة الابداعية، كان من الباحثين في السرديات الانتباه نحو النجاح  الباهر لمستغانمي في هذا الحقل الأدبي، خاصة ان النسوية  الفرنسية جوليا  كريستيفا  قد اطلقت  جملتها  الشهيرة بصدد تحديرها من ما عرف  بحبائل اللغة بالنسبة للنساء  من إن أخطر اعدائهن هي اللغة، مما يعني إن اللغة التي هي  وسيلة من وسائل الرجل، و تمثل هويته هي قادرة في جعل النساء تابعات للرجال  في  التعبير و اللسان، و إن انحياز النساء نحو الجسد تخلصاً من سلطة الرجل، و ابتكار لغة للجسد تحاكي فيها لغة الرجل لا يمكنها التحقق إلا في مجال الكتابة ( الكتابة و الاختلاف جاك دريدا)باعتبار الكتابة لا تمثل هوية ما، لأنها تقوم على الاختلاف، و ربما كانت زليخة ابو ريشة في كتابها ( اللغة الغائبة  نحو لغة غير  جنسوية  زليخة ابو ريشة ) قد قطعت الشك باليقين حول اللغة الغائبة، في تحديد ظاهرة التأنيث في النحو العربي، فذهبت إلى إن اكبر ما تعانيه النساء في اللغة إن تقف إلى جوار الرجل في بنيتها المعجمية و النحوية و الثقافية، و إن  حدود ترك المرأة فيها يبدو ضئيلا في مقدار ظاهرة التأنيث  في النحو، فهي متلهفة لصنع لغة غير جنسوية  لا تعني سوى في تعزيز ذاتها، إضافة لما في جسدها  من إمكانيات إيحائية، و هذا الشعور الدوني باحتكار الرجل للغة افشلت كل مساعي النساء في إيجاد لغة خاصة بهن، كذلك كانت جهود عبد الله الغذامي في هذا المجال  واضحة، في التأثر بالمدرسة الفرنسية اللاكانية  في كتابه (ثقافة الوهم/ مقاربات حول المرأة و الجسد و اللغة  لعبد الله الغذامي) في التراث العربي الإسلامي  القديم  المتعلق بالمرأة و جسدها و لغتها، و أصبحت المرأة الكاتبة العربية بين نارين، نار اللغة الذكورية  المتسلطة التي تمثل المركزية القضيبية  و صراعها الانثوي لخلق  فرصة لذاتها الراهنة  في جنسانية مثلية، و نار التأثر بثقافة الغرب التي تفضل الكتابة الإبداعية، كي تثبت للرجل استقلاليتها، و برزموقف الكتابة  لدى النساء  العربيات في  الوقوع في دائرة  تقليد الغرب، مع مراعاة في الإختلاف  الجنسي مع  سلطة الرجل (الإختلاف الجنسي  و السلطة  سعادحميد ذياب) لتظل  اللغة المذكرة تحملها الكاتبة  في إعلان سافر على الخضوع المزعج للرجل، و بما إن أحلام مستغانمي  من أبرز، و أنجح الروائيات  العربيات  اليوم، فقد تعرضت لسلسلة من الانتقادات  و مشكلات في مسيرتها الكتابية، فأثار السخط و التجريح و التشكيك منذ باكورة اعمالها الروائية، تلخصت في اللغة المذكرة التي تستعملها  في رواياتها  من ذاكرة  الجسد( محل مثار الجدل في التأثر العلني  في (لغة الذكر  في رواية الانثى) مروراً بالمعارك التي دارت حول الشكوك غير المفندة بالضبط حول انتحال او تأثر الخ احلام مستغاني بآخرين رجال، و لعل روايتي عابر سرير و فوضى الحواس يمكنهما تلبية طلبنا في قراءة سريعة حول هذه النقطة ،مع إن زليخة ابو ريشة  تقفز  في كتابها (أنثى اللغة زليخة ابو ريشة)مقالاتبها التي أضاءت  جوانب مهمة من اكبر المصاعب في كتابة النساء الثقافية

(في الروائية بالذات) و اشعلت نار الفتنة في موقد الكتابة النسائية  التي ما برحت تتهم بصيغتها اللاشرعية بخطاب الذكر من ناحية محرجة للمرأة الكاتبة، تتلخص في وجود لغة الذكر  في رواية انثى   بينة و اضحة كقرينة دامغة على عدم امكانية الانفلات من  براثن الرجل، التي طرحتها جوديت بتلر في كتابها حول التعريف المرتبك لمصطلح (الجندر) وفي ما إن كانت الفكرة حول العلاقة بين الجندر و الجنس و الرغبة هي التي تحل إشكالية الذات  في ميتافيزيقا الجوهر، روايات  احلام مستغانمي و إن وجهت طعنات متعددة نحو بنيات لغتها الذكورية (انثى اللغة احيل هنا قليلا) في اتهامها بعدم قدرتها  على إظهار ذاتها المستقلة ككاتبة لها سلطة على ما تكتب، فيمكن نبرير ذلك في اختفاء الذات عن نفسها، و لو بصورة رجل  قائمة في دلالة التماهي مع السلوك اللاواعي  في بنية اللغة التي هي في الأصل ذكورية صرفة (خاصة اللغة العربية التي لا تقبل التسامح الانثوي لشرائط اشتغالها) وفق تعبير جاك لاكان  طالما اعتقد لاكان ان اللغة هي خطاب الآخر، و التأثر النفسي بالنسبة لاحلام مستغانمي يمكن تلمسه مليا.

***************************************************

فلسفة الأغنية الحديثة

ترجمة جودت جالي

إن الكتاب الأخير للحائز جائزة نوبل الشاعر والمغني بوب دِيلِن (فلسفة الأغنية الحديثة) بمثابة مقرر تعليمي للإستمتاع الموسيقي منشور لعامة الناس. يكفي القارئ أن يتذوق فصلاً واحداً منه، أغنية واحدة، مصحوبة بقائمة الإداءات التي مرت بها خلال سنوات (الكتاب مصحوب بقرص). كنا في الجامعة نرتاد مثل هذا المقرر يلقي محاضرته البروفيسور ميشكين، فنستمع مثلا الى أغنية منتصف الليل (معزوفة للفنان تشيك كوريا) فيما يعلق ميشكين بين الحين والآخر ذاكرا مقتطفات شعرية ليساعد تذوقنا لها على الإكتمال.

إن بوب ديلن الآن في الواحدة والثمانين من العمر، أكبر سنا من ميشكين في ذلك الوقت. كتب عن جيله قائلا :" أنت تنظر الى ما تحت أنفك الى مجتمع لا تعرف ما فائدته لك. لا تريد أن تكون عجوزا وعاجزا، كلا شكرا. سأرفس الدلو قبل أن يحدث هذا. أنت تنظر الى عالم يتغنغر يأسا". هكذا بدأ ديلن يدور في الأنحاء ليس بكرسي العجزة بل بالحافلات، متنقلا من مدينة الى مدينة، ومن قارة الى قارة ﺑــ " جولة حفلات لا تنتهي أبدا" وأقرب نهاية ممكنة إذا حلت ففي العام 1988، وبعد توقف خلال وباء كورونا عاد في العام 2020 ليهيئ لحفلته (طرق وعرة ومشاكسة) مقررة التنفيذ في العام 2024 يقول بصددها :" لهذه الأغنية وجهة نظر فلسفية"، وفي فصله (ويلي الغجري المتجول) يتحدث عن ويلي تشيفر ويقول :" واصل التحرك، هكذا أفضل، دع القطار يستمر في الدوران. إنه أفضل من شرب البيرة والبكاء. هيا، هيا الى الأبد. دعنا نتحرك الى أن يعود العصر الجليدي".

استمتعت بدروس ديلن ولكنها غريبة، فمثلا هو يؤدي لنا أغنية من الخمسينيات (روبي، هل أنت مجنون؟) للأخوين أوزبورن برذرز، مشبها أغاني تلك الفترة (المسماة أغاني بلو غراس) بالحديد الثقيل " شكلان من الموسيقى لم يتغيرا لا بصريا ولا سمعيا خلال عقود"، وفي الشريحة التي يعرضها لنا نرى رجلا يطلق النار على آخر هزيل القوام ليصيبه في بطنه ببندقية. كل فصل من فصول (فلسفة الأغنية الحديثة) نوع من خارطة رموز ترافقها شروحات. لا بد أن اغتيال كندي كان في بال ديلن عندما أعد لأغنيته الأطول (الإغتيال الأكثر قذارة) من برنامج حفلته (طرق وعرة ومشاكسة)، والروافد أيضا تصب في هذه الفصول، فهو يزامن مع اغتيال كندي تناوله لنسخة بوبي دارين لأغنية (استخدم السكين كماك) وهي توظيف لحكاية شعبية عن قاتل بالسكين اسمه ماكبث، مشبها دارين بقطعة نفاية منبوذة بعكس سيناترا الذي غنى في حفل ترشيح " بوبي شقيق الرئيس الشهيد"، فكلاهما قد هزهما اغتيال كندي من الأعماق. يكتب ديلن بأن " خيبتهما متماثلة، وتوجد تماثلات أخرى، أيضا، ولكن تجدونها فقط في العالم الميتافيزيقي".

كما كتب فروست " طريق يقود الى طريق"، فإن الفصول الستة والستين تقدم لنا موسيقى من ستيفن فوستر الى وارن زيفون مترابطة بلا نظام محدد. الفصول الثلاثة الأولى تحتفي بأغنية بوبي بير (مدينة ديترويت) من سنة 1963، وأغنية ألفيس كوستيلو (ضخها) من 1978 ، وأغنية بيري كومو (بدون أغنية) من 1951: نغمة ريفية متقلبة، وفورة نشاط ناتئة، وأغنية كان يؤديها جداي في حجرة الجلوس حين قدم المزارعون فوق الجسر، ولكن من بين ستة وستين اختيارا يوجد ثلاثون منها صدرت في العام 1947 حين كان ديلن بعمر الست سنوات، ويوجد تسجيل، تسجيل ريفي هو أغنية يسمونها (الإنجراف بعيدا عن الشاطئ) جعلني صوتها أشعر وكأني شخص آخر. في ذلك الزمن كان علينا أن نستمع في وقت متأخر من الليل الى إذاعات من أماكن ريفية بعيدة لنستطيع سماع الأغاني.

لكن نواة (فلسفة الأغنية الحديثة) متعددة الألوان هي أغاني الخمسينيات، ومع ذلك، كنا نتوقع أن نجد أغاني لوودي كوثري أو ليد بيلي (مغنيان ملتزمان شهيران، الثاني زنجي، تأثر بهما ديلان جدا) في كتاب عن الموسيقى الأميركية كتبه أحد تلامذتهما المهمين غير أن ديلن انصرف عنهما الى تجربة بوبي زمرمان السماعية، وجوني راي الذي قال عنه لسكورسيزي بأنه " كان له تأثير علي من صوته كالتعويذة كما لو كان مؤمنا بفوودوو (دين من هايتي)". إن صوت راي بالنسبة اليه صوت " ملاك مدمر خرج ليسير في طرقات المدن القذرة".

إن العديد من الأساليب في هذه المجموعة من الأغاني سابقة للروك أند رول وبعضها منبئة به، وقد كان لجوني راي هذا الاستباق التحولي لنجم الروك، المنخرط في البكاء خلال إدائه، وقد ذكر ديلن في فصل راي عددا من المغنين المنخرطين في البكاء أثناء إدائهم تحت عنوان (أولئك الذين يبكون)، ولم توجد مثل هذه القائمة عن الذين يتصايحون ويسخرون ويتأنقون وهؤلاء عادة ما مثلوا المظهر الأكثر تطرفا عاطفيا، وقد وجدنا في الكتاب مغنين أقل غضبا في النبرة مما نتوقع من ديلن الذي كتب أغنية (سيسقط مطر شديد) وغناها. إننا حين ننظر الى ديلن الآن حتى بما يرتديه نعرف أنه يضع نفسه خارج أغانيه تلك المتوحدة، وفي الحقيقة فإن (فلسفة الأغنية الحديثة) يمكن قراءته كجولة سياحية. يبدو ديلن بأنه يفكر بأنه تجاوز اسطورته، لم يعد في زمن أجهزة المذياع الخشبية ومحطات البث 50 ألف واط والثقافة الكرنفالية والعلكة وروبيرت بليك والممثلة تويزدي بليك، وتراجع شكسبير مخلفا بضعة عناوين لأغاني ديلن ... (الجريمة الأكثر قذارة) و (خطايا الأب) ومثله والت ويتمان.

إن بوب ديلن ليس مثل البروفيسور ميشكين بل هو من النوع الذي يسمونه بروفيسور الشهرة، الذي يذهبون ليرونه هو أكثر مما هم ذاهبون ليسمعوا ما يقول. من الطريف أن نلاحظ أنه لم يتحدث بوضوح عن موسيقاه هو إلا مرة واحدة، ولم يضع إطلاقا أي فصل خاص لأي موسيقي من الذين عزفوا له في حفلاته المهمة لسنتي 1975- 1976. 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

The New York review

The philosophy of modern song by Bob Dylan

********************************************************

وصايا الغبار الأخير

حسن الجواد

في البدءِ، لم يكن الصمتُ سوى هواءٍ ضائعٍ،

ولم تكن السماءُ سوى قماشةٍ ممزقةٍ

أعادتها أيدينا خيطاً خيطاً إلى صدر الله

كنّا هناك،

ليس كشهودٍ، بل كصُنَّاعِ وجودٍ مُكمل،

نمضي بين فوضى العناصر

وفلات الطين من أصابعهِ

نجمعُ الرملَ والماءَ والنارَ لنرسم شكلاً جديداً للخلود

الأشياءُ لم تكن أشياء،

بل أفكاراً تتناثرُ في الفراغ،

عينٌ بلا وجهٍ ..

وصوتٌ بلا حنجرة ..

و الربُ لم يكن بعيداً،

كان بيننا، في أيدينا الممدودة،

في الخشب الذي نُعيد ترتيبه ليصبح شجرةً جديدة،

في اللون الاخضرِ ..

في الحجرِ المرتفعِ اليهِ جبلاً

ترك لنا الفراغَ .. لتخطّ اللغةُ أملاءها

ولتُكمِلَ الصورةُ ألوانها

ولكي تكشف الخليقةُ أسرارها

الخليقةُ .. الماء الذي يفيضُ على اليابسة،

والرماد الذي يعيد إشعال الجمر،

الجبل الذي يشقُّ صدره ليخلق الأنهار

والريح التي تحملُ الغيم أجنحةً

تحلقُ نحو غدٍ لم يُكتب بعد ..

في قلب الليل ..

لا يكتبُ الربُ شي عن الغد

ولا يملئ كأس احدٍ أو يفرغهُ

في قلب الليل ..

تسقطُ النجومُ كدعاوى لا جواب لها،

نقفُ نحنُ ..

نلمّعُ في الظلام من أرواحنا..

نعيد ترتيب السماء بالمصابيح ..

ليتسلق المعنى و تكتمل وصايا الغبار

وصايا الطينِ فينا .. لمعنى ألابد

**************************************************

قصتان قصيرتان

ياسين الزبيدي

أبواب موصدة

يبتلع الزّقاق الغارق بالضّباب صوته المتعب . وعلى الرغم من أعوامه الفتيّة الغضّة إلا أنه يذوي، ويشيخ ..

أصّلح الأبواب، أفتح الأقفال الّتي ضاعت مفاتيحها

يظلّ الصّوت يملأ الزّقاق

الجّميع يغرقون في النّعاس ولذة الدّفء إلاه.

يتوقف فجأة عن الصّياح.. يشرد.

يتذكر أبواب عمره الموصدة وأقفالا لم يجد يوما سبيلا لفتحها. يبتسم بألم وهو ينظر لعدة العمل الّتي يحملها

تبزغ في رأسه صورة الشّيخ الطّاعن بالسّنين العجاف .

والذي تركه هناك في بيت آيل للفجيعة تتكوم عند رأسه أدوية لا تجدي نفعا..

زيارة

يأتي من بعيد

ترافقه الرّيح ،شارع مقفر ليس فيه سواه.

رغبتان تتنازعانه.

الرّغبة في الوصول

والرّغبة في أن يبقى يمشي هكذا من دون توقف.

الطّرق تبدو غاية في الرّوعة كلّما توغلت العتمة و مع ريح مخيفة ونجوم غارقة في النشوى..

يصعد السّدة التّرابية، يتعالى نبض قلبه ،على هذا الدرب يبصر آثار أقدام لصغار كانوا يوما هنا يخطون. يسمع أصوات كركراتهم تتناسل الذكريات في رأسه..

هنا كانوا يوما ،تتألق في رأسه صورة البيت الطّيني المقام تحت السّدة التّرابية

يواصل السّير..

يقف على حافة المنزلق الذي يقوده لدرب يفضي لذلك البيت يحدق من بعيد ،يبصر البيت الطيني المظلم .

يخيل له أن ثمة كلب ضخم يربض عند عتبة البيت الطيني يتهيأ للوثوب عليه..

تغيم ملامحه

فيجهش بالبكاء.

**************************************************

الصفحة الثانية عشر

معاً لبناء بيت الحزب.. بيت الشعب

دعماً للحملة الوطنية لبناء مقر الحزب الشيوعي العراقي، تبرع الرفاق والأصدقاء:

  • سلمان فائق 1000 دولار
  • الدكتور عباس علي التميمي مليون دينار

الشكر والتقدير للرفاق والأصدقاء على دعمهم واسنادهم حملة الحزب لبناء مقره المركزي في بغداد.

معاً حتى يكتمل بناء بيت الشيوعيين.. بيت العراقيين.

*********************************************

أما بعد .. مدرسة لصنّاع أفلام الكرتون

منى سعيد

في الثاني من شهر شباط يُحتفل عادة باليوم العالمي للخيال العلمي، الذي تجاوزت أهميته مجرد المتعة ليصبح دافعا مؤثرا للتفكير بشكل نقدي في حاضرنا ومستقبلنا، بما فيه من أدب وفن راقيين تأخذنا عوالمهما في رحلات مذهلة عبر أزمنة وأماكن مُتخيّلة، سواء من عوالم الفضاء أو أعماق المحيطات غير المكتشفة او غيرها، مثلما يحذرنا من المخاطر المحتملة، ويشجعنا على تخيل عوالم أفضل.

في هذا اليوم يجري إحياء ذكرى ميلاد مؤلف الخيال العلمي الشهير، إسحاق أسيموف المولود عام 1920، والذي كتب أكثر من 500 رواية وقصة قصيرة، أصبحت من أساسيات أدب وفن الخيال العلمي.

ولهذا الفن جذور في تاريخنا العربي، وهناك أمثلة وإن كانت قليلة، منها "حي ابن يقظان" لابن طفيل، لكنه بقي فنا وأدبا صعب التناول لعدم توفر أسباب نجاحه عندنا، رغم المحاولات الجادة لعدد كبير من كتابنا وفنانينا، مثل الكاتب عبد الهادي السعدون والكاتب صلاح محمد علي ضمن كتاب دار ثقافة الأطفال، التي سعت جادة في نهاية الثمانينات لتكوين ركيزة مهمة له، عبر تشجيع التأليف والرسم وترجمة النصوص الأجنبية.

اليوم تتجلى أهمية التفكير بإنتاج هذا الأدب والفن محليا، لمواجهة ولو متواضعة مع ما يصلنا عبر النت المفتوح وشاشات التلفزيون من سيل هادر للإنتاج الأجنبي، أفلاما ومسلسلات كرتون عامة وما يبثه الكثير منها من أفكار رعب سامة، تؤثر في أطفالنا كثيرا، ويصفها أحد الباحثين التربويين بأنها أكثر تأثيرا من الأحداث الواقعية، بما فيها من حركة وإبهار و" أكشن"..

الفنان فاخر حسين من أبرز رسامي ومنفذي الخيال العلمي في العراق، وقد اعتمد الرسوم المتحركة لتنفيذ أعماله منذ العام 1995، بعيدا عن الأوراق والأقلام التقليدية اختصارا للجهد والوقت، فما يستغرق عادة ثماني ساعات في عمل يدوي يُنفذ خلال عشر ثوانٍ  كما يقول. فضلا عن اعتماده حديثا على برامج الذكاء الاصطناعي في إنتاج أفلام قصيرة وطويلة، آخرها فيلم بعنوان "سوران" استغرق إنتاجه عامين، متبعا إرشادا تربويا متخصصا..

تحديات كبيرة تواجه الفنانين الشباب المتخصصين برسم أفلام الكرتون والانميشن، أمثال الفنان حيدر عبد الرحيم ياسر ابن رسام الكاريكاتير المعروف، والفنان غيث محمد شوقي، ابن رسام الأطفال المعروف أيضا، منها عدم توفر الدعم اللازم للإنتاج من القطاعين العام والخاص، و انعدام التسويق عندنا، الأمر الذي يتطلب إنشاء منصة خاصة بكل فنان ليتمكن من عرض وتسويق إنتاجه..

مع ذلك لم تفتر همة شبابنا في الإنتاج والتسويق معا، مستعينين بمهرجان بابل للرسوم المتحركة الذي يقام سنويا في جامعة بابل، بسعي دؤوب من الفنان حسين العكيلي.

يتمنى هؤلاء الفنانون أن لا يقتصر تنفيذ أعمالهم في استوديوهاتهم الخاصة حسب، إنما بتأسيس ودعم المركز العراقي للرسوم المتحركة، وإنشاء معهد أو كلية متخصصة تستوعب كافة المواهب المحلية الواعدة في هذا المجال.

*********************************************

في يوم الشهيد الشيوعي ( ١٤ شباط )

  • المجد والخلود لشهداء الحزب الشيوعي العراقي فهد وحازم وصارم وسلام عادل

   والحيدري وسائر الشهداء

  • تحية اكبار واعتزاز لشهيدات وشهداء الحزب الشيوعي العراقي
  • إنصاف عوائل شهداء انقلاب شباط الأسود مطلب وطني عادل
  • نجدد انحيازنا الى الشعب وكادحيه
  • معا للخلاص من منظومة المحاصصة والفساد وإقامة الدولة المدنية والعدالة الاجتماعية
  • ندين انتهاك سيادة العراق والتدخلات الخارجية في شؤونه من أي طرف
  • الإصرار على نهج المحاصصة الفاشل يعني المزيد من الازمات
  • لا للتضييق على الحريات ومصادرة حرية التعبير
  • نطالب بفرص متكافئة لجميع العراقيين
  • لا استقرار ولا امان مع المحاصصة والسلاح المنفلت
  • التغيير الشامل مطلب وطني مُلحْ

***************************************************

الرفيق عزت أبو التمن في السماوة عن {الأحداث الإقليمية والدولية وأثرها على الشعوب}

السماوة – عبد الحسين ناصر السماوي

ضيّفت اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في المثنى، السبت الماضي، عضو المكتب السياسي للحزب الرفيق عزت أبو التمن، الذي تحدث في ندوة حوارية عنوانها "الأحداث الاقليمية والدولية وأثرها على حياة الشعوب".

الندوة التي اقيمت على قاعة نقابة المعلمين في السماوة، حضرها عدد كبير من الشيوعيين والمهتمين في الشأنين السياسي والاقتصادي. فيما أدارها نائب سكرتير المحلية الرفيق حيدر بشبوش.

وفي معرض حديثه، تناول الرفيق أبو التمن أبرز المتغيرات السياسية الجديدة على الصعيد العالمي، وهي تسنم ترامب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، ووقف إطلاق النار في غزة واسقاط نظام الأسد في سورية.

وأوضح أن ترؤس ترامب لأمريكا عزز من الحصار الاقتصادي المفروض على إيران، فيما تعمل أمريكا واسرائيل على تغيير خارطة الشرق الأوسط والسيطرة التامة على المنطقة. ونوّه إلى ان وقف إطلاق النار في غزة جاء بعد محاولات عدة من حكومة بايدن، وعززها ترامب من أجل بقاء نتنياهو في السلطة، وان الضربات الموجعة التي تلقاها الكيان الصهيوني من المقاومة الفلسطينية وحزب الله سببت خسائر جسمية في صفوف العدو الصهيوني.

وذكر الرفيق أبو التمن أن الحزب الشيوعي العراقي يستنكر انتهاكات العدو الصهيوني وجرائمه بحق الشعبين الفلسطيني واللبناني. كما يرفض بشدة تهجير الشعب الفلسطيني، الذي طرحه أخيرا ترامب عند لقائه بنتنياهو في البيت الأبيض.

وعن التغيير في سورية، قال الرفيق أنه لم يتحقق بيد قوى وطنية، بل بيد قوى إسلامية متطرفة، تعمل على إعطاء إسرائيل دورا متميزا في السيطرة على المنطقة وضرب الحركات الوطنية وإعادة الاستعمار.

وتحدث أبو التمن عن انعكاسات أوضاع المنطقة على العراق، وبيّن أن الولايات المتحدة الأمريكية منعت العراق من تسليم أثمان الغاز الى إيران بالدولار، نظرا للحصار المفروض عليها، في الوقت الذي يعتمد فيه العراق على الغاز الإيراني في إنتاج الطاقة الكهربائية، بنسبة 40 في المائة. لذلك فان عدم توفير حاجة العراق الكافية من الغاز، سيؤدي إلى تدهور انتاج الكهرباء وزيادة ساعات قطعها، فيما البلاد مقبلة على صيف حار جدا.

وتحدث أيضا عن سيطرة امريكا على السوق العراقية وتحكّمها بالدولار، ما أثر سلبا على حركة السوق، وهذا بجانب تحكمها بأسعار النفط التي في حال انخفضت فستُصعّب تأمين صرف رواتب الموظفين، على اعتبار أن الموازنة حددت سعر برميل النفط بـ70 دولارا، مذكرا خلال ذلك بأن الحزب الشيوعي رفض ويرفض الاجراءات التي تتخذها أمريكا وتضرّ بالاقتصاد العراقي.

وتطرق الرفيق أبو التمن في حديثه إلى الانتخابات البرلمانية المقبلة، مشددا على ضرورة وضع برنامج انتخابي يشدد على التغيير وعلى البناء لخدمة المواطنين، فضلا عن ضرورة تشجيع المواطنين على اختيار ممثليهم في البرلمان بناء على كفاءتهم ونزاهتهم.

هذا وتخللت الندوة مداخلات قدمها عديد من الحاضرين، وعقّب عليها الرفيق عزت أبو التمن بصورة ضافية.

*******************************************

قف.. قبعة لطائفية جديدة

عبد المنعم الإعسم

تُعدّ مسرحية التصويت، مرة واحدة، على جُثة القرارات الجدلية، وتخبطات القضاء، وانفلاش بيوت "الكتل" وغرف نومها، آخر مهازل العقل المحاصصي، الحاكم، الفاسد، وهي أحدث إرهاصة للطائفية السياسية في قبعة جديدة، وهذه المرة قبعة بعلامة الديمقراطية، فالجميع يتهم الجميع بالانقلاب على الديمقراطية، والجميع يُبدي غيرة على الديمقراطية التي تهددها الاشباح، في حين يرتدي هذه القبعة البائسة، الآن، حتى أولئك الذين ذبحوا الديمقراطية من الوريد إلى الوريد يوم نظموا (أو وقفوا وراء) المذابح بحق المنتفضين السلميين العام 2019 ولفقوا برلماناً نبذته الغالبية الغفيرة للعراقيين الذين يحق لهم التصويت.

والحال، فان أصحاب القبعة الطائفية الجديدة استرشدوا بلغة صفراء مخاتلة. زئبقية. متآمرة. مشحونة بالتأليب والغل والتعبئة ضد الآخر، لكن بمفردات وعبارات تفيض بالرحمة المغشوشة، والموضوعية الشكلية، وبالاستطرادات المنتقاة بعناية من محضر الانشقاق السياسي الذي عصف بالموروث الطائفي العتيق.

والأكثر دقة، أنه صار لكل فريق طائفي لغته وايماءاته وتأويلاته وأدبه الفقهي–السياسي. يتجه بك من العام المتفق عليه (أو هكذا يبدو) إلى الخاص المختلف فيه (وهو المهم) لكن عبر ألاعيب مُضحكة.. بقبعة فضفاضة، نراها عادةً على رؤوس لاعبي السيرك.

***********************************************

يوميات

  • يقدم الكاتب عبد المنعم الأعسم، غدا الجمعة في غاليري مجيد ببغداد، محاضرة عن "التسامح في مجتمع النزاع" ، يسلط فيها الضوء على تجارب دول خرجت من حروب وصراعات مجتمعية.

تبدأ المحاضرة في الساعة 5 مساء على قاعة الغاليري في منطقة المنصور – الداودي.

  • يضيّف منتدى "بيتنا الثقافي" في بغداد بعد غد السبت، د. سيف عدنان القيسي، ليلقي محاضرة بعنوان "الشهيد يوسف سلمان يوسف (فهد) – قراءة تاريخية في مسيرته النضالية والحزبية". تبدأ المحاضرة في الساعة 11 ضحىً على قاعة المنتدى في ساحة الأندلس.
  • تقيم منظمة الحزب الشيوعي العراقي في هولندا وبلجيكا ومنظمة الحزب الشيوعي الكردستاني ورابطة الأنصار الشيوعيين العراقيين في هولندا، بعد غد السبت، حفل استذكار في مناسبة يوم الشهيد الشيوعي العراقي.

ويضيّف الحفل الروائي والصحفي النصير زهير الجزائري، ليتحدث عن روايته "آخر المدن.. بشتاشان".

  • يعقد الاتحاد العام للأدباء والكتاب غدا الجمعة، جلسة شعرية بعنوان "مرايا الإبداع"، يشارك فيها الشعراء رعد كريم عزيز، يوسف حسين، سعد عودة، عبد الرسول محسن وسلام الشجر.

تبدأ الجلسة التي من المقرر ان تتضمن مداخلات نقدية عن تجارب الشعراء المشاركين، في الساعة 5 عصرا على قاعة الجواهري في مقر الاتحاد بساحة الأندلس.

  • يُنظم نادي الشعر في الاتحاد العام للأدباء والكتاب، بعد غد السبت، جلسة شعرية يُضيف فيها الشعراء هادي الناصر، سمرقند الجابري، محمد أحمد فارس، محمد ناظم، إيناس فليب، حيدر باسم الهلالي ومصطفى ساهي.

الجلسة التي سيديرها الشاعر خالد الحسن، سيقرأ فيها الشعراء مختارات من قصائدهم برفقة موسيقى الفنان طلال علي. 

تكون البداية في الساعة 11 ضحى على قاعة الجواهري في مقر الاتحاد.