الصفحة الأولى

 

الشيوعي العراقي يحمّل الحكومات المتعاقبة مسؤولية القمع الوحشي للاحتجاجات الشعبية.. مختصون: العنف والقسوة أداة السلطة في مواجهة التظاهرات

بغداد - طريق الشعب

أخفقت الحكومات العراقية المتعاقبة والحالية بضمنها، في التعامل وفق الدستور والقانون مع الاحتجاجات بأشكالها المختلفة، المطلبية والسياسية والخدماتية، واستمرت في اعتماد العنف المفرط وسيلة وحيدة لمواجهتها، وغالبا ما كان هناك ضحايا من بين المحتجين، فضلا عن الاعتقالات التعسفية والملاحقات، وفرض توقيع تعهدات خطية بعدم التظاهر، وهذه كلها إجراءات تخالف القانون والدستور.

الديمقراطية تواجه تحدياً حقيقياً

وقال الرفيق حسين النجار عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، ان "الحكومات العراقية جميعاً غير معفية مما يحصل من قمع وحشي للاحتجاجات الشعبية في جميع الأوقات؛ لان الأجهزة الأمنية تتلقى التوجيهات من قيادات العمليات، والأخيرة على اتصال مباشر بالجهات الحكومية العليا".

وأضاف النجار في تصريح لـ"طريق الشعب"، ان "مسؤولية محاسبة المتورطين بهذا القمع تقع ايضاً على عاتق الحكومات، فهي المعنية بإيقافه. لذلك فالسؤال هو  عن سبب عدم توقف العنف تجاه كل فعل احتجاجي، وهل هو يجري دون علم الحكومات، ام انها غير قادرة على توجيه زمام الأمور؟ فهي تتحدث في الكثير من المناسبات عن مسؤوليتها عن حفظ الامن واحترامها لحق الناس في التعبير عن آرائهم، لكن ما يحصل هو ان الجهات الأمنية خاصة قوات الشغب حتى وان لم تقمع الاحتجاج بالعنف، فهي تقمعه بالتضييق والمحاصرة".

وتابع ان "أجهزة الدولة الأمنية تطورت في مجال متابعة ملف الاحتجاج، اذ انها ترصد مسبقاً أي فعل احتجاجي، وهناك انتشار للقطعات العسكرية بالقرب من أي مكان يحتمل ان تنظم الاحتجاجات فيه، خصوصاً في ساحة التحرير ببغداد، كما ان الاجهزة الاستخبارية تسعى دوماً الى اختراق صفوف المحتجين، وهذا ما حصل أيضاً في انتفاضة تشرين". ولفت الى ان "المحتجين كشفوا الكثير من هؤلاء الذين اشترت الحكومات ذممهم".

وشدد الرفيق النجار على ان "الديمقراطية تواجه تحدياً حقيقياً في ظل منظومة الحكم الفاسدة التي تريد البقاء في السلطة بأية وسيلة ممكنة، وبالتالي فان الحقوق المكفولة في الدستور والمواثيق الدولية باتت منتهكة من قبل السلطة الحاكمة، ما يتطلب ان تكون هناك وقفة جدية من قبل القوى والجهات السياسية المدنية والديمقراطية ومعها مختلف القوى والنقابات والاتحادات من اجل مواجهة هذا الانتهاك، والدفاع عن الحق في التعبير والاحتجاج والتظاهر".

عنوان للدكتاتورية!

الباحث بالشأن السياسي والأكاديمي د.غالب الدعمي، يرى ان النظام السياسي في العراق وخلال 20 سنة لم يعمل على تعزيز الحريات، بل على العكس جرى تعزيز التعامل بالقسوة والقمع، وهذا متأت من نزعة سلطوية في ادارة الدولة.

وقال الدعمي لـ"طريق الشعب"، ان "الدستور العراقي واضح جدا وهو يكفل الحريات والتعبير عن الآراء، وحق المواطن في ان يكون له دور في مساءلة الحكومة والسعي نحو حكومة رشيدة، والتظاهر بشكل سلمي خال من العنف، وهذا واحد من أهم حقوق المواطن، سواء كانت تظاهرات سياسية او للمهندسين أو الفلاحين أو لطلبات التعيين. ويفترض ان يكون هناك حوار مع هؤلاء بنوع من الشفافية وبالاحترام والتقدير، كون أي قمع لأية تظاهرات هو عنوان للدكتاتورية وليس عنوانا للحرية".

وأضاف، ان "سلطة العشيرة بدأت تنتقل الى سلطة الدولة وحين تكون سلطة العشيرة هي من تمثل الدولة، فان سلطة الدولة او الحكومة التي تمثلها تبدأ برفض أي نزاع او أي خلاف او أي وجهة نظر أخرى، وهذه الثقافة موجودة في المجتمع وانتقلت الى ان تكون ثقافة حكومات، وبالتالي هناك حاجة الى تعزيز الوعي لمغادرة هذه الصفة.

صدمة تشرين حاضرة!

رئيس مؤسسة حق لحقوق الانسان، عمر العلواني قال ان "صدمة انتفاضة تشرين يبدو انها ما زالت حاضرة في ذهن القوى السياسية الحاكمة، ولذلك فإنها تنظر إلى كل حركة احتجاجية بوصفها تهديدًا محتملاً قد يخرج عن نطاق السيطرة".

وأضاف، انه "على هذا الأساس، تلجأ السلطة إلى استخدام أسرع وأسهل الوسائل لقمع الاحتجاجات، مستعينة بأدوات نظام سياسي يفتقر إلى الأسس الديمقراطية، ما يعكس غيابًا واضحًا لاحترام حقوق المواطنين وكرامتهم".

ونوه العلواني في حديث مع "طريق الشعب"، الى أن "أجهزة إنفاذ القانون ما زالت حتى اليوم غير مؤهلة للتعامل مع الاحتجاجات والمتظاهرين بطريقة مهنية، إذ لا تقابل الدولة ومؤسساتها هذه الحركات على أنها تعبير عن مطالب مشروعة، بل يتم التعامل مع المحتجين باعتبارهم خصومًا يجب قمعهم".

إرث سلطوي!

من جهته، قال الباحث في الشأن السياسي مجاشع التميمي ان "مستقبل حرية التعبير والتظاهر السلمي في العراق يواجه تحديات جسيمة، في ظل تصاعد القمع وتغوّل السلطة على الفضاء المدني".

ولفت الى انه "رغم هذه التحديات، فإن تنامي الوعي الجماهيري وظهور جيل جديد من الناشطين يمنح بارقة أمل. إذ يمكن لاستمرار الضغط الشعبي والدعم الدولي أن يُحدثا تغييرات تدريجية، ولكن من دون إصلاحات حقيقية في بنية المؤسسات الرسمية، ستبقى هذه الحريات مهددة".

ورأى التميمي ان "الأمل ما يزال قائماً، لكنه مشروط بقدرة المجتمع على التنظيم، وكسر دائرة الخوف، وفرض واقع جديد يحترم الدستور ويصون كرامة الإنسان. فحرية التعبير ليست منّة تُمنح، بل حق أصيل لا يقبل المساومة أو القمع".

وبين أن "الحكومة الحالية تكرّر ذات النهج القمعي، من خلال تفريق الاحتجاجات السلمية بالقوة، واعتقال الناشطين، في تجاهل صريح للمادة 38 من الدستور التي تضمن حرية التعبير والتظاهر".

وخلص الى ان "الخروج من هذا المسار يتطلب ضغطاً شعبياً متواصلاً، ودعماً فاعلاً من منظمات المجتمع المدني، إلى جانب إصلاح شامل للمنظومة الأمنية، وتدويل ملف الانتهاكات من أجل ردع السلطات. فلا يمكن الحديث عن ديمقراطية بلا مساءلة، ولا عن إصلاح دون احترام الحقوق الأساسية للمواطنين".

**********************************************

راصد الطريق.. هل ينخدع الناخبون مرةً سادسة؟

يخوض أصحاب المناصب في السلطتين التشريعية والتنفيذية، هذه الأيام، جولات مكوكيّة في مختلف المحافظات العراقية، ونشاطا مفرطا في عقد المؤتمرات واللقاءات للحديث عن انجازاتهم! وبرامجهم؟ وخدماتهم الجليلة !! التي قدموها للشعب العراقي في السنوات الثلاث الماضية.

والواضح أن لهذه الفعاليات المحمومة غاية واحدة فقط، هي الفوز في الانتخابات. كما لا يخفى ان تكاليف هذه المؤتمرات غالبا ما تدفع من أموال الدولة، وليس من جيوب حضراتهم الخاصة. فضلاً عن "الفقرات" الأخرى التي تقدم في هذه المؤتمرات، من مسدسات وسندات أرض وتعيينات و"على أد ما تشتري"!

وبينما يجري التأكيد تكراراً على وجوب مراقبة قنوات الصرف اثناء الحملات الانتخابية، فأن عمل الأجهزة الرقابية لا يمس هؤلاء كما يبدو. وهم الان عبروا الشوطين الأول والثاني، وصاروا يخوضون دعاياتهم في الوقت بدل الضائع، متقدمين على الآخرين بفارق كبير!

قبيل انتهاء الدورة البرلمانية الخامسة يتنافس المسؤولون في افتتاح المشاريع ـ أيا تكن قيمتها ـ وفي عقد المؤتمرات الفارغة المحتوى، وادامة اللقاءات مع الناس، طمعا بالأصابع البنفسجية للجمهور الانتخابي لا غير.

فهل تنطلي ألاعيبهم هذه على الناس مرةً سادسة؟

************************************************

الصفحة الثانية

نخب ومثقفون يطلقون مبادرة {عراقيون} للضغط وتصحيح المسار السياسي

بغداد – طريق الشعب

أعلنت نخبة من المثقفين والناشطين والأكاديميين العراقيين، أمس السبت، إطلاق مبادرة وطنية مدنية بعنوان "عراقيون"، تهدف إلى الإسهام في تصحيح المشهد العراقي العام، عبر تقديم رؤية وطنية مستقلة، تمثل مصالح المجتمع وتطلعاته.

 وأوضح المنظمون، أن مساعيهم تستهدف تكوين جماعة ضاغطة من مختلف النخب العراقية، بعيداً عن الاصطفافات السياسية، في محاولة لخلق مرجعية ثقافية توازي الصوت السياسي التقليدي، وتدعم قضايا حقوق الإنسان والحريات العامة.

وقال الكاتب والصحفي منتظر ناصر، وهو احد المساهمين في المبادرة، انها "تسعى الى تأسيس مرجعية ثقافية وتكون كصوت موازٍ لصوت السياسي، خصوصاً بعد الإخفاق الذي بأن على العملية السياسية طيلة عقدين وأكثر".

 وأضاف أنه "كان لا بد من صرخة للمثقف، من أن يقول كلمته في هذه اللحظة التاريخية الحاسمة الراهنة، التي ربما ستكون مصيرية بالنسبة لبلدنا وشعبنا".

وتابع، ان "المبادرة تشمل كل المساهمين في الحقل الثقافي والفكري والفني والأدبي وكل أشكال الإبداع والثقافة".

وشدد ناصر على إمكانية ان تتحول المبادرة في الأيام القادمة إلى مجموعة للضغط، من اجل تعديل أو تصحيح المسار السياسي الذي شهد الكثير من الإخفاقات والاعوجاج في المرحلة الماضية.

******************************************

البصرة تقدم الدم والنفط وتتلقى التلوث في المياه والأجواء.. احتجاجات غاضبة في 5 محافظات على تردي الخدمات

بغداد ـ طريق الشعب

يتكرر المشهد الاحتجاجي في مناطق مختلفة من البلاد بشكل يومي، من دون ان يجد آذانا صاغية لمطالب الناس المشروعة، بينما تتفاقم الازمات بسبب تردي وانعدام الخدمات.

في الوقت الذي يطالب فيه بصريون بمعالجة مشاكل تلوث المياه والطمر الصحي، دعا سماويون الى تحسين واقع الكهرباء.

وفي أحد اقضية محافظة ذي قار يقاسي الناس تردي الخدمات في القطاع الصحي، بينما وقف أهالي الكوفة بوجه محاولة تحويل احد المواقع الاثرية الى مشروع استثماري.

وفي محافظة السليمانية، يرزح كَسَبة سوق "داره سوتاوگه"، تحت قرار الحكومة الاتحادية بمنع تسويق بضائعهم الى بغداد ومحافظات الوسط والجنوب، بحجة انها هاربة من الضرائب والرسوم.

المديْنة تريد أذنا صاغية!

ونظم اهالي قضاء المديْنة، شمالي البصرة، تظاهرة كبيرة، مطالبين بالخدمات ومعالجة مشاكل تلوث المياه والطمر الصحي.

وقال ممثل التظاهرة عبد الغفار العوضي، إن "الجماهير قالت كلمتها اليوم، بعد خروجها بشكل متكرر بتظاهرات سابقة لم تجد أي آذان صاغية من الحكومة المحلية سوى وعود هنا وهناك لم تطبق على أرض الواقع، وأبرز المطالب كانت تلوث المياه الذي تسبب بأمراض كبيرة لأهالي القضاء".

وأضاف أن "المطالب التي قدمت للحكومة المحلية هي إيجاد حل عاجل لتلوث مياه نهر الفرات حيث أصبحت مياهه آسنة ومنها يضخ الماء إلى البيوت، ما سبب أمراضاً متعددة بشهادة أهل الاختصاص"، موضحا أن "سبب التلوث هو فتح قنوات الصرف الصحي في قضاء المدينة وناحية عز الدين سليم بشكل مباشر على حوض النهر ومن دون معالجة".

وقال أحد المحتجين الشيخ هيثم المنصوري، انه "في الوقت الذي نعطي الدماء والنفط للعراق لا نحصد إلا المياه الملوثة وقلة الخدمات، وعليه حان الوقت لكي توحدت كلمة شمال البصرة، للمطالبة بمديريات عامة تهتم بتوفير الخدمات للأهالي. فيما هدد متظاهر اخر يدعى عمران البصري بالتصعيد أكثر وفق ما نص عليه الدستور العراقي "اذا لم تستجب الحكومة لأبسط حقوقنا. نريد العيش بسلام".

وقفة احتجاجية في ذي قار

ونظم عدد من شباب قضاء الفهود، شرقي محافظة ذي قار، وقفة احتجاجية أمام مبنى مستشفى الفهود العام، مطالبين بتسريع إجراءات افتتاح المستشفى، واستكمال عملية صرف المبالغ المخصصة لتجهيزه بالأثاث والمستلزمات الطبية، فضلاً عن معالجة نواقص البناء.

ودعا المشاركون إلى توسعة الطاقة الاستيعابية للمستشفى ليضم 50 سريراً، بالتزامن مع افتتاح المركز الصحي النموذجي القريب، مؤكدين أهمية إدراج توسعة المستشفى ضمن إحدى الموازنات المقبلة.

السماوة تطالب بتحسين الكهرباء

وشهدت مناطق غرب السماوة، تظاهرة طالبت بتحسين واقع التيار الكهربائي في المنطقة.

وطبقا لمراسل "طريق الشعب" عبد الحسين السماوي، فإن القوات الأمنية وفرت الحماية اللازمة للمحتجين، وتسلمت مطالبهم.

وقال ان زيارة رئيس الوزراء الى المحافظة في شباط الماضي، شهدت اطلاق العمل في مشروع محطة كهرباء السماوة الغازية الاستثمارية التي تنتج 250 ميغاواط، لكن الأهالي لم يلحظوا فرقا في التجهيز.

الكوفة تحتج على استثمار موقع أثري

وفي مدينة الكوفة، نظم العشرات من أبناء المدينة تظاهرة غاضبة ضد قرار استثمار موقع “تل الصيّاغ” الأثري وتحويله إلى مجمّع سكني، ضمن مشروع استثماري أُقرّ مؤخراً. ورفع المحتجّون لافتات كُتب عليها شعارات “الكوفة ليست للبيع” و“لا لاستثمار تل الصياغ الأثري”، مشددين على رفضهم القاطع لأي مشاريع تمسّ هوية المدينة التراثية.

وقال المتظاهر علي كاظم، ان "أرض الكوفة ليست للمتاجرة، والاستخفاف بها لن يمرّ، نرفض بيع هذه الأرض الغالية تحت غطاء مشاريع استثمارية فاسدة".

يُذكر أن “تل الصيّاغ” يُعدّ من المواقع الأثرية المعروفة في الكوفة، ويُثير قرار استثماره جدلاً واسعاً في الأوساط الثقافية والشعبية، وسط مطالبات بإلغائه والحفاظ على هوية المدينة التاريخية.

كَسَبة السليمانية: بضائعنا تتكدس!

وبدأ عدد من الكَسَبة في سوق "داره سوتاوگه" بمحافظة السليمانية، وقفة احتجاجية، رفضاً لقرارات السلطات الاتحادية التي تمنعهم من نقل بضائعهم من السليمانية وأربيل باتجاه العاصمة بغداد ومحافظات الوسط والجنوب.

وقال أحد المحتجين ويدعى بشتوان أحمد، إن "السلطات الاتحادية بدأت منذ شهر رمضان الماضي وحتى الآن بمنع نقل البضائع المنزلية المستعملة التي نقوم بشرائها من هذا السوق، لنقوم ببيعها لاحقاً لمواطني المحافظات الوسطى والجنوبية".

وأضاف أن "المنع تم دون توضيح الأسباب، إلا أنه اتضح مؤخراً أن هناك نية لفرض رسوم وضرائب على كل مركبة تنقل هذه المواد بقيمة تبلغ نحو 800 الف دينار عراقي، وهو مبلغ كبير، خاصة أن بعض المركبات تنقل بضائع لا تتجاوز قيمتها هذا المبلغ".

وأوضح أحمد أن "القرار يفاقم من معاناة الكسبة، إذ يتجاوز عدد المتضررين من هذا الإجراء أكثر من 100 كاسب، ما يعني أن أكثر من 100 عائلة تعاني من هذه الأزمة الاقتصادية"، مشيرا إلى أن "البضائع التي تنقل من المحافظات الوسطى والجنوبية إلى إقليم كوردستان لا تواجه مثل هذه الإجراءات أو الرسوم، ما يخلق نوعاً من عدم التوازن التجاري". فيما أكد كاسب آخر يدعى إبراهيم محمد، أن "ما يراد من هذا الضغط الذي تمارسه السلطات الاتحادية هو في الحقيقة محاولة للضغط على حكومة إقليم كردستان لتسليم واردات النفط والواردات الاتحادية إلى بغداد، فهم يستهدفون المواطن قبل أن يستهدفوا الحكومة، وهذا أمر غير مقبول".

وقال محمد، أن "بعض الأشخاص تمكنوا من نقل البضائع من خلال دفع الرشاوى أو استغلال العلاقات الشخصية، لكن هذا الأسلوب لا يمثل عدالة ولا مساواة، ولا يليق بأن تتعامل السلطات الاتحادية بهذه الطريقة مع مواطنيها". وطالب المحتجون الجهات المعنية في حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية بالتدخل العاجل لحل هذه المشكلة، التي أثرت بشكل مباشر على النشاط الاقتصادي في السليمانية وأربيل على حد سواء. كما أكدوا أن القرار لا يشمل المركبات الخارجة من محافظة كركوك، ما يثير تساؤلات حول آلية تطبيقه.

**********************************************

نعي النصير الفنان ابو شمس

بغداد – طريق الشعب

نعت رابطة الأنصار الشيوعيين يوم امس الرفيق النصير الفنان قاسم عبد الحميد جاسم (أبو شمس).

وجاء في النعي ان الرفيق الراحل واجه الظلم والاستبداد ووحشية السلطة الدكتاتورية المبادة واجهزتها القمعية، بصبر كبير وتحدٍّ اكبر، مواصلا مسيرته على الطريق الذي انتهجه. وأشار من ناحية أخرى الى ان أبو شمس عُرف بما كان يشيع وسط رفاقه الأنصار من أجواء فرح وبهجة، بكلماته الطيبة وأنغام عوده.

وعبرت الرابطة عن التعازي لجميع رفيقات الفقيد ورفاقه، ولعائلته، وتمنت للجميع الصبر الجميل وللراحل الفنان أبو شمس خلود الذكرى.

**********************************************

اعتداءات وتهديدات تطال صحفيين وقنوات فضائية

متابعة _ طريق الشعب

سجلت الانتهاكات والاعتداءات التي تطال الصحفيين العاملين في مؤسسات إعلامية محلية، تصاعدًا مقلقًا في ظل المزاجية التي يتعامل بها المسؤول الحكومي مع سدنة الكلمة الحرة والحقيقة، نتيجة لعدم عدم وجود بيئة قانونية ضامنة لحرية التعبير والصحافة.

دائرة حكومية تحيّد الصحافيين

ومنعت هيئة استثمار النجف الكوادر الصحفية من الدخول الى مؤتمرها الصحفي. ونقلت جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق، تصريحا لأحد مراسلي تلك المحطات، إنّ كوادر المؤسسات الإعلامية مُنعت من دخول المؤتمر الصحفي الذي كان من المقرر أن تعقده الهيئة للرد على شكاوى المواطنين، وذلك بعد انتظار دام أكثر من ساعة ونصف في استعلامات الهيئة.

وأكدت، أن الهيئة سمحت لثلاثة صحفيين فقط بالدخول إلى المؤتمر، مضيفًا أن “سكرتير رئيس الهيئة تجاوز على الكوادر الإعلامية لفظيا، وهدد أحد الصحفيين بالضرب”. وادانت الجمعية هذا المنع المتعمد للصحفيين من أداء واجباتهم المكلفين بها، وتعده انتهاكا صارخا للحريات التي كفلها الدستور. وطالبت الجهات الحكومية بإقرار قانون حق الحصول على المعلومة، مع تضمين مواد تحافظ على كرامة الصحفيين وتضمن حقوقهم.

اعتقال مصور تلفزيوني

وفي المحافظة ذاتها، اعتقلت القوات الأمنية مصور احدى القنوات الفضائية بحجة تغطيته لتظاهرات أُقيمت أمام ملعب المحافظة.

وقال عدد من الصحفيين ان قوة أمنية اعتقلت الزميل وليد ميرزا، مصور قناة (أي نيوز)، أثناء فض شجار بين متظاهرين مؤيدين ومعارضين لإدارة نادي النجف، مؤكدين أن المصور ميرزا تعرّض لاعتداء لفظي وجسدي من قبل تلك القوة الأمنية. وأكد الصحفيون، أن “القوة احتجزت المصور لأكثر من ساعة، قبل أن يُطلق سراحه بضغط من الكوادر الإعلامية العاملة في المحافظة”.

وطالب الصحفيون الاجهزة الأمنية باحترام الحريات الصحفية، وتوفير الحماية اللازمة للصحفيين أثناء عملهم الميداني، لضمان عدم تكرار مثل هذه الاعتداءات التي تُقوض الحريات المكفولة في الدستور.

قناة فضائية تتعرض للتهديد

وهددت جهات خارجة عن القانون، قناة الرابعة الفضائية على خلفية خبر نشر في مواقع التواصل الاجتماعي حول ملف المفاوضات الإيرانية – الامريكية، واصدرت تحذيرا عبر قناة تليغرام، متوعدة بـ"حرق القناة"، وهو ما دفع القوات الأمنية إلى الانتشار أمام مقر القناة في بغداد، لتوفير الحماية للعاملين، وضمان عدم تكرار حوادث حرق قنوات عراقية ومكاتب فضائيات عربية الفترة الماضية.

***************************************

تعزية

الرفيق العزيز علي مهدي (أبو يوسف) والعائلة الكريمة

تلقينا بحزن وألم شديدين خبر وفاة شقيقكم الرفيق عبد الكريم محسن مهدي، بعد معاناة بالغة مع المرض. وإذ نتوجه في هذه المناسبة بالتعازي الحارة لكم وللرفيق سالم محسن والعائلة الكريمة، نتمنى للجميع الصبر والسلوان إزاء هذا الفراق الأليم.

والذكر الطيب على الدوام للرفيق العزيز الراحل عبد الكريم محسن.

المكتب السياسي

للحزب الشيوعي العراقي

26-4-2025

********************************************

تعزية

الى عائلة الرفيق الراحل جبار ياسر صگر الحيدر

تلقينا بحزن وأسى عميقين نبأ رحيل الشخصية الوطنية والديمقراطية، الرفيق الدكتور والجراح الاستشاري جبار ياسر صگر الحيدر (أبو اسيل)، الذي توفي في 24 آذار 2025 بمدينة تورونتو في كندا. 

بدأ تعاطف الرفيق الراحل مع حزبنا الشيوعي منذ نعومة أظفاره، متأثرا بوثبة كانون المجيدة وتأسيس اتحاد الطلبة العام في مؤتمر السباع عام 1948، ومشاركا في انتفاضة 1952 والتظاهرات الشعبية قبل ثورة الرابع عشر من تموز 1958، مما عرّضه الى الاعتقال والتعذيب والمضايقات في العهد الملكي. وفي اعقاب انقلاب 8 شباط 1963 الأسود، تم اعتقاله وحكم عليه بالسجن وعزل من وظيفته. 

عُرف الفقيد ابو أسيل بمواقفه الانسانية النبيلة خلال مسيرته المهنية على مدى عقود كطبيب وجراح استشاري مرموق. ولم ينقطع عن التواصل مع حزبنا الشيوعي وتقديم الدعم له. وتكريما لتاريخه النضالي جرى تقليده في كندا بميدالية الحزب في 2018 خلال الاحتفال بالذكرى الـ84 لتأسيسه. كما ساهم بنشاط في التيار الديمقراطي العراقي وحظي باحترام الجالية العراقية في كندا، وكذلك الطائفة المندائية التي كان رئيسا لهيئة حكمائها. 

نتقدم بخالص العزاء والمواساة الى عائلته الكريمة، والى جميع رفاقه وأصدقائه ومحبيه..

عاطر الذكر دوما لرفيقنا الراحل جبار ياسر صگر الحيدر.

المكتب السياسي

للحزب الشيوعي العراقي

ـــــــــــــــــــــــــــــ

* رسالة التعازي قدمت الى الجلسة الاستذكارية التي أقامها للفقيد مجلس حكماء الصابئة المندائيين مساء السبت الماضي 19 نيسان 2025 (وتم بثها عبر الزوم).

**********************************************

الصفحة الثالثة

النمو السكاني يتسارع والتخطيط العمراني يتراجع البغداديون بين فقر متزايد وسوق عقارات منفلت

بغداد – تبارك عبد المجيد

تعيش العاصمة بغداد على وقع أزمة عقارية غير مسبوقة، حيث تتصاعد أسعار العقارات بوتيرة "خرافية"، وسط تحذيرات من تحول المدينة التاريخية إلى سلعة بيد مافيات اقتصادية وسياسية. وفي ظل غياب التخطيط الحضري، وتهالك البنى التحتية، وارتفاع تكاليف المعيشة، تتفاقم معاناة المواطنين، الذين وجدوا أنفسهم بين مطرقة الفقر وسندان سوق عقاري منفلت.

ومع تشابك الأجندات الاستثمارية والسياسية، باتت ملامح بغداد التراثية مهددة بالزوال، فيما ترتفع تساؤلات حائرة عن مصير النسيج الاجتماعي والهوية الحضرية للعاصمة.

وتعد العاصمة بغداد الأعلى كلفة للمعيشة بين محافظات العراق، بحسب تقرير "شبكة المستشارين الميدانيين" لعام 2022، حيث بلغت تكلفة معيشة الفرد غير المقيم ضمن أسرة نحو 675 ألف دينار شهرياً، ما وضعها في المركز الأول محلياً والتاسع عربياً.

وتشير الشبكة إلى أن كلفة المعيشة في بغداد تفوق مثيلاتها في مدن مثل دمشق، التي تُعتبر الأرخص في العالم العربي، بينما تتصدر الدوحة ودبي قائمة المدن الأعلى تكلفة، تليها بقية مدن الخليج وبيروت.

طمس معالم بغداد

واتهم المحلل السياسي محمد زنكنة جهات سياسية متنفذة بشن حملة ممنهجة تهدف إلى طمس المعالم الحقيقية لمدينة بغداد، من خلال إزالة الأبنية القديمة والتصاميم التراثية، بالإضافة إلى هدم تماثيل لشخصيات بارزة كان لها دور محوري في تاريخ العاصمة، وذلك لأسباب سياسية بحتة.

وأشار زنكنة لـ "طريق الشعب"، إلى أن هذه الحملة تقودها ما وصفها بـ"مافيات سياسية" تهيمن على القرار في هذا الملف، مؤكداً أن هناك دوافع اقتصادية وراء هذه التحركات، تتجلى في السعي نحو السيطرة على العقارات القديمة وشرائها بأسعار زهيدة، مستغلين تهالكها أو كونها آيلة للسقوط.

وبيّن أن هذه العقارات تهدم خلال فترات قصيرة لتفسح المجال أمام مشاريع استثمارية جديدة، تتضمن إنشاء عمارات سكنية أو مجمعات تجارية مبنية على مساحات صغيرة لا تتجاوز 75 متراً مربعاً للوحدة السكنية، وبمواصفات بعيدة عن المعايير العمرانية العالمية.

وأضاف زنكنة، أن أسعار العقارات في بغداد تشهد حالياً ارتفاعاً "خرافياً" وغير طبيعي، نتيجة لما وصفه بـ "التنافس السياسي" بين هذه المجموعات، والتي تسعى إلى تعظيم أرباحها من خلال إعادة تدوير ملكيات الأراضي والعقارات وسط العاصمة.

واختتم زنكنة بالتحذير من أن هذه التحركات ليست سوى جزء من خطة ضيّقة لخدمة مصالح فئة محددة، ترتبط بشكل مباشر بأطراف نافذة داخل مؤسسات الدولة، وهي التي تمسك بزمام الأمور في هذا الملف الشائك.

وتشير دراسات حديثة إلى أن أسعار العقارات في العاصمة بغداد ارتفعت بنسبة 50 في المائة خلال العام الماضي فقط، فيما سجلت بعض المناطق تضاعفًا في الأسعار خلال السنوات الخمس الماضية، ما يعكس اضطرابًا واضحًا في سوق العقارات.

وجاء العراق بالمرتبة 81 عالمياً في كلفة الإيجار، والمرتبة 89 عالمياً بتكلفة البقالة، و75 بأسعار المطاعم، وجاء بالمرتبة 68 عالمياً بالقوة الشرائية.

نمو متسارع ونقص في التخطيط

ويرى مختصون أن من أبرز أسباب هذا الارتفاع الحاد هو النقص الكبير في المعروض من الوحدات السكنية، إذ لا تواكب المشاريع العقارية الجديدة حجم الطلب المتزايد، ما يُفاقم من أزمة السكن في المدينة. ويأتي هذا في وقت تُعاني فيه بغداد من كثافة سكانية مرتفعة، تُسهم في زيادة الطلب على السكن، في ظل نمو سكاني متسارع ونقص في التخطيط الحضري الفعال.

وحذر الباحث الاقتصادي أحمد عيد من أن ما تشهده المناطق الشعبية والتراثية في بغداد من ارتفاع غير مبرر في أسعار العقارات، لم يعد نتاجا طبيعيا لحركة العرض والطلب، بل ينذر بتدخل منظم لمافيات عقارية تهدف إلى السيطرة على هذه المناطق عبر شراء العقارات بأسعار خيالية، رغم تهالك البنى التحتية وغياب الخدمات الأساسية فيها.

وأوضح عيد لـ "طريق الشعب"، أن "الكثير من سكان تلك الأحياء اضطروا إلى بيع منازلهم نتيجة الضغوط الاقتصادية، أو بسبب الظروف الاجتماعية والبيئية القاسية، لا سيما في ظل التراجع الكبير في فرص العمل، وتدهور الأمن والخدمات العامة"، مؤكدا ان "هذا الواقع ساهم في خلق "هجرة صامتة" من هذه المناطق، وقد أفرغت تدريجيًا أحياء بغداد القديمة من سكانها الأصليين".

وتابع، أن "الجهات التي تقف خلف موجات الشراء الجديدة تتسم بالغموض وتفتقر إلى الشفافية"، مرجحا استخدامها للعقارات كوسيلة لغسل الأموال أو لتنفيذ أجندات سكانية موجهة، ما يثير تساؤلات حول النوايا الحقيقية الكامنة خلف هذه التحولات السكانية.

وأشار عيد إلى أن "استمرار هذا النهج يهدد النسيج الاجتماعي للمدينة، ويحيل الإرث البغدادي العريق إلى سلعة بيد قوى استيطانية ذات طابع مافيوي". داعيا الجهات الرقابية إلى فتح تحقيق شفاف ومستقل، بعيدا عن التأثيرات السياسية والحزبية، لكشف طبيعة عمليات البيع، وأسباب ارتفاع الأسعار، وتحديد مصادر الأموال التي تمول هذه الظاهرة الخطيرة في قلب العاصمة.

تحذيرات من تفاقم الأزمة

من جانبه، يحذر الباحث الاقتصادي علي نجم من تفاقم أزمة العقارات في العاصمة بغداد، والتي تشهد ارتفاعًا غير مسبوق في الأسعار، متجاوزة في بعض الأحياء نظيراتها في مدن أوروبية وعربية، في ظل تراجع القدرة الشرائية للمواطن.

ويقول نجم لـ "طريق الشعب"، إن "سوق العقارات في بغداد لم يعد يتحرك وفق معايير اقتصادية طبيعية، بل تديره شبكات تبحث عن الربح السريع، مستغلة الاضطراب الاقتصادي والفراغ الرقابي".

ويضيف أن بعض أصحاب المباني المدرجة ضمن لائحة الحماية يلجؤون إلى إغراقها بالمياه أو إشعال النيران فيها للتحايل على قوانين الهدم، بهدف بيع الأرض بأسعار مرتفعة.

ويرى نجم أن تراجع قيمة الدينار العراقي أمام الدولار يُعد من أبرز أسباب ارتفاع الأسعار، خاصة أن معظم التعاملات العقارية تُحتسب بالدولار، في وقت يعتمد فيه العراق على الاستيراد ويعاني من ضعف واضح في الإنتاج المحلي.

ويشير إلى أن غياب التخطيط الحكومي في ملف الإسكان، وتفشي الفساد الإداري، من العوامل الرئيسية التي تُغذي هذه الأزمة "هناك مسؤولون يسيطرون فعليًا على سوق العقارات، ويمارسون الابتزاز والاحتكار"، على حد قوله.

ويحذر نجم من أن هذا الواقع أدى إلى صعوبة حصول المواطنين على سكن ملائم، في ظل تضخم الأسعار، ما يدفع كثيرين إلى إنفاق أغلب دخلهم على الإيجارات أو شراء منزل، وهو ما يزيد من معدلات الفقر ويُضعف باقي القطاعات الاقتصادية.

ويؤكد أن استمرار هذا الوضع دون تدخل سيُسهم في تراجع الاستثمار في القطاعات الإنتاجية، حيث يفضل كثير من المستثمرين الاتجاه نحو العقارات لعوائدها العالية.

ويختتم نجم حديثه بالإشارة إلى أن "هناك عدة أسباب رئيسية تقف خلف أزمة العقارات، منها ضعف قيمة العملة، وارتفاع كلف الإنتاج، وتدني مستوى البنى التحتية، وغياب البيئة الاستثمارية الآمنة"، مؤكدًا أن الاقتصاد العراقي يعيش ظروفًا غير طبيعية، وأن عدم استقرار المؤشرات الاقتصادية يؤدي مباشرة إلى ارتفاع تكاليف المعيشة في بغداد مقارنة ببقية مدن المنطقة.

**************************************

العراق في الصحافة الدولية

ترجمة وإعداد: طريق الشعب

حول العلاقات العراقية الأوربية

تشهد العلاقات العراقية مع الاتحاد الأوربي مجتمعاً أو مع دوله كل على حدة، وخاصة المؤثرة منها، تطوراً ملحوظاً، حيث تسعى بغداد لخلق وتعزيز هذا العلاقات، ربما للحصول على شيء من الاستقلالية والتنفس بحرية، بعيداً عن الاستقطاب في دائرة الصراع بين طهران وواشنطن.

حوار مع الألمان

ولتقصي واقع العلاقات بين بغداد وبرلين، عقد معهد أبحاث الشرق الأوسط (MERI) جلسة نقاش حول الدور الألماني في العراق، استضاف فيها السفيرة الألمانية كريستيان هوهمان، ونائب القنصل العام الألماني في أربيل، دانيال دريشر، إلى جانب عدد من كبار الشخصيات من المجتمع المدني وخبراء السياسات والأكاديميين. وفيما أشار المجتمعون إلى أن الحكومات الألمانية المتعاقبة واصلت الاستثمار في الإصلاح المؤسسي والتماسك الاجتماعي والتنمية الاقتصادية، وأكدوا على تفهمها للتحديات المستمرة الناشئة، بما في ذلك تدفقات الهجرة والإرهاب الإقليمي واختلالات الميزان التجاري، وحالة عدم اليقين الجيوسياسي المرتبطة بتطور السياسات الأمريكية في أوروبا والشرق الأوسط.

وفي هذا السياق، نوهت السفيرة هوهمان بدور النقاش المفتوح والتفاعل المباشر مع أصحاب المصلحة المحليين في صياغة سياسة خارجية فعّالة وفهم الديناميكيات السياسية المحلية، وفي عكس التجارب التاريخية والرؤى التنموية للشركاء، مؤكدة على أهمية المحاسبة الوطنية والمساءلة التاريخية، ودور الجهات الفاعلة الدولية في تقديم المشورة والدعم، مع الانتباه إلى أن من يتولى المسؤولية الكاملة عن أنظمة الحكم ونماذج التنمية والأطر المؤسسية الخاصة بالبلاد يقتصر على العراقيين فقط.

التعاون في مجال التعليم

وناقش المجتمعون أهمية التعليم والتدريب المهني، الذي أدى غيابه إلى نقص في المهن الأساسية الحيوية لاقتصاد فاعل، موصّين بضرورة أن يُحدد العراق أولًا رؤيته التنموية وأولوياته الاقتصادية، حيث يمكنه حينها الاستفادة من نموذج التنمية الألماني، كمجالٍ مُحتمل للتعاون.

وكشفت المناقشات عن وجود العديد من المشاكل التي لا تزال تُعيق تعميق المشاركة الاقتصادية الألمانية مع العراق، كنقص العمالة الماهرة، والبيئة التنظيمية غير المُتوقعة والمُعقدة، وضعف القطاع المصرفي، وعدم اليقين القانوني، لا سيما فيما يتعلق بترخيص الأعمال، والازدواج الضريبي على السلع الداخلة عبر إقليم كردستان، مما يجعل البيئة غير جذابة للعديد من المستثمرين الأجانب.

التعاون الأمني

وحول التعاون الأمني، اشاد المجتمعون بالمساهمة الألمانية بقوات بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو) وعملية العزم الصلب، مشيرين إلى أن أي تغيير جوهري في سياسة واشنطن قد يؤثر على الانتشار الألماني، وهو ما أخذته برلين وبغداد بنظر الاعتبار، فسعيتا إلى وضع أطر ثنائية للتعاون الأمني بينهما بما يضمن استمرارية التدريب والدعم لقوات البيشمركة والقوات الاتحادية العراقية.

قضية النازحين

وناقشت الندوة مسألة حقوق الأقليات، فسلطت الضوء على هشاشة أوضاع النازحين داخليًا وفشل الحكومات العراقية المتعاقبة في تلبية احتياجاتهم بشكل كافٍ، ودعت الأقليات للتحدث بصوت موحد في كل من بغداد وأربيل.

مستقبل واعد

وكشف الحوار عن إدراك مشترك بأنه على الرغم من كون ألمانيا شريكًا راسخًا، إلا أن زخم التحول يجب أن ينبع من داخل العراق، الذي يتمتع بقيمة استراتيجية في المنطقة، ويمكنه أن ينهض ويتحمل مسؤولية أكبر في تشكيل مستقبله، اجتماعيًا واقتصاديًا وسياسيًا، وإن ألمانيا مستعدة لدعم هذه المسيرة من خلال الشراكة، لا من خلال الوصفات الجاهزة.

والعلاقات مع الفرنسيين

وحول العلاقات بين بغداد وباريس عشية زيارة مرتقبة للرئيس ماكرون للعراق، كتب سنان محمود مقالاً لصحيفة ذي ناشيونال الناطقة بالإنكليزية، نقل فيه دعوة وزير الخارجية الفرنسي لعدم جرّ العراق إلى صراعات إقليمية بعد أن تخلص من عقود من عدم الاستقرار.

كما أشار الوزير إلى أن بلاده ترغب في الوقوف بحزم إلى جانب العراق خلال هذه الفترة الحساسة، وفق مبدأ قائم على دعم العراق في خياراته السياسية لبناء مستقبله، لاسيما بعد ظهور بوادر تحسن أمني واستقرار سياسي وانخفاض العنف بشكل ملحوظ مقارنةً بما كان عليه قبل نحو عقد من الزمان، مما سمح بجهود إعادة الإعمار والعودة التدريجية إلى الحياة الطبيعية في العديد من المناطق.

تعاون متعدد الأشكال

وذكر المقال بأن العراق وفرنسا يعملان على تعزيز العلاقات الثنائية في قطاعات عديدة منها الطاقة والأمن، حيث نشرت فرنسا قواتها في العراق كجزء من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وتعرب اليوم عن التزامها بمواصلة القتال ضد [داعش]، في سياق التحول في سوريا المجاورة وإعادة تموضع الوجود الأمريكي. كما يستعد البلدان لعقد مؤتمر بغداد الثالث للتعاون، الذي يهدف إلى تعزيز الاستقرار والتعاون الإقليميين، والذي من المتوقع أن تحضره دول من جميع أنحاء الشرق الأوسط وأوروبا.

*********************************************

عين على الأحداث

لا لاضطهاد النساء!

سجلت ساحات القضاء مؤخراً قيام العديد من النساء بالتنازل عن حقوقهن للخلاص من عنف الأزواج وللحفاظ على حضانة الأطفال. ووفقاً لاحصائيات مجلس القضاء الأعلى، فقد وقعت 73 ألف حالة طلاق خلال 2024، كان السبب الرئيسي بحوالي 60 في المائة منها العنف الجسدي واللفظي، الذي اعتبره المجلس، الجريمة الأكثر انتشاراً في البلاد بعد أن تجاوزت أعدادها 18 ألف حالة في عام 2023. هذا وفي الوقت الذي يرفض فيه البرلمان إقرار قانون الحماية من العنف الأسري، والذي قُدم له منذ عشرة أعوام، أنجز وبسرعة قياسية تعديلات على قانون الأحوال الشخصية، كي تُشرع الأبواب للمزيد من عبودية النساء.

قسمة ضيزى

في الوقت الذي يعيش فيه ربع العراقيين (11 مليون مواطن) دون خط الفقر العالمي ويسكن 7 ملايين منهم في العشوائيات، كشفت الاحصائيات عن وجود ستة آلاف موظف درجة خاصة، أي ما نسبته 0.15 في المائة من عدد موظفي الدولة، يقبضون ما مجموعه 40 تريليون دينار سنوياً أي بنسبة 40 في المائة من الموازنة التشغيلية. ورغم محاولات بعض السياسيين من برلمانيين ومسؤولين حكوميين وضع سلم عادل للرواتب، فإن الطغمة الأوليغارشية الحاكمة نجحت دوماً في إجهاض هذه المحاولات، دون أن تنسى فتح الملف قبيل الانتخابات لخداع الناخبين والإسراع بغلقه بعد انتهاء التصويت.

الما يعرف تدابيره!

نفت اللجنة المالية النيابية، اعتماد سعر 60 دولارا لبرميل النفط في موازنة 2025، مستبعدة في الوقت ذاته وجود موازنة أساسا لهذا العام. وأكدت اللجنة على أن هبوط سعر النفط بمقدار دولار واحد سيفقد البلاد 1.2 مليار دولار في العام الواحد. هذا وفي الوقت الذي حذر فيه الخبراء من إبقاء سعر البرميل في الموازنة 70 دولارا بسبب عدم واقعية هذا الرقم بعد أن فقد النفط 13 في المائة من سعره، توقعوا أن يحصل عجز بأكثر من 30 في المائة من النفقات، ما سيحرج الحكومة ويضعف قدرتها على الإيفاء بالالتزامات، خاصة ما يتعلق برواتب الموظفين.

من المستفيد؟

تظاهر العشرات من أصحاب حقول الدواجن أمام مبنى الحكومة المحلية في بعقوبة، مطالبين برفع القيود عن تسويق محاصيلهم من الدجاج والبيض إلى أسواق المحافظات المجاورة، وإجراء تغييرات جذرية في آليات التعاطي مع الإجازات وعمليات الفحص الميداني، وحسم ملف إجازات الحقول المستحدثة في السنوات الأخيرة، وذلك لإنقاذ الحياة المعيشية لأكثر من 10 آلاف عائلة. هذا وفي الوقت الذي انخفض فيه إنتاج اللحوم البيضاء بنسبة 84 في المائة وإنتاج بيض المائدة بنسبة 10 في المائة في العقد الماضي مقارنة بالعقد الذي سبقه، يشكل الاستيراد المنفلت والتضييق على المنتوج المحلي أكبر معوق للتنمية الزراعية والصناعية في البلاد. 

لقد أسمعت إن ناديت حياً

تغيرت تقديرات صندوق النقد الدولي بشكل كبير فيما يخص الاقتصاد العراقي حيث كشف تقرير أخير له عن احتمال حدوث انكماش بنسبة 5 في المائة في 2025، مما يعني تعرضنا لأكبر تراجع اقتصادي بين دول المنطقة. هذا وفيما حدد الخبراء أسباب الانكماش بتراجع أسعار النفط جراء قرار أوبك بلس زيادة الإنتاج وتباطؤ الطلب العالمي بسبب تفاقم الحرب التجارية، وجدوا بأن العراق سيكون المتضرر الأكبر بسبب هشاشة اقتصاده وحيد الجانب وعدم توفر قطاعات إنتاجية بديلة كالصناعة والزراعة، مما يتطلب إعادة النظر في السياسة الاقتصادية القصيرة المدى، وتسريع وتيرة الإصلاحات لاحتواء الأزمة.

***********************************************

الصفحة الرابعة

إصلاحات اقتصادية أم حلول ترقيعية؟ أحاديث عن تعظيم الموارد والخبراء يشكّكون

بغداد - طريق الشعب

رغم إعلان الحكومة عن تحقيقها تقدماً في ملف الإصلاح الاقتصادي، من خلال تعظيم الموارد غير النفطية وزيادة العوائد الجمركية وتراجع التضخم، إلا أن مختصين في الشأن الاقتصادي يرون أن هذه الخطوات لا تزال محدودة ولا ترقى إلى مستوى التحديات البنيوية التي يواجهها الاقتصاد العراقي، الذي يبقى رهين الاعتماد المفرط على النفط، ويفتقر إلى سياسات تنموية مستدامة، لا تعكس تحوّلاً حقيقياً في بنية الاقتصاد الريعي القائم على النفط.

ويُشكّك مختصون في جدوى هذه المعالجات ما لم تترافق مع رؤية طويلة الأمد تضمن تنويع مصادر الدخل، وتحفيز القطاع الخاص، والحد من الفساد والبيروقراطية التي لا تزال تُعيق أي إصلاح اقتصادي فعلي. التقرير التالي يرصد ما أعلنته الحكومة من جهة، ويعرض وجهات النظر النقدية من جهة أخرى.

اصلاحات وهيكلة اقتصادية

وأكد رئيس مجلس الوزراء الوزراء محمد شياع السوداني، في كلمة له خلال مؤتمر ملتقى السليمانية الدولي التاسع، أن حكومته تمكنت من تعظيم الموارد غير النفطية عبر زيادة العوائد الجمركية، وتراجع نسبة التضخم في البلاد.

وقال السوداني، إن التحديات الاقتصادية قد استلزمت من الحكومة عملا متواصلا في أكثر من مجال، ونستطيع أن ندعي أنها إصلاحات هيكلية في الكثير من القطاعات بدءا من إصلاح القطاع المصرفي كمقدمة لتهيئة أسباب العمل والازدهار أمام القطاع الخاص، والارتقاء بالبيئة الاستثمارية الجاذبة للشركات والخبرات الاجنبية.

وأردف، أن حكومته استهدفت كسر حلقة مزمنة من الفساد، وسوء ادارة الثروات الوطنية نحو مزيد من دمج العراق في الاقتصاد العالمي.

وأشار السوداني الى أن العوائد الجمركية قد ازدادت بنسبة 128 في المائة وتراجعت معدلات التضخم السنوية الى 2,7 في المائة بعدما كانت بمقدار الضعف قبل سنتين فقط.

نجاحات محدودة مؤقتة

وتعقيبا على كلام رئيس الحكومة، يرى أستاذ الاقتصاد الدولي نوار السعدي أن الواقع الاقتصادي في العراق "ما يزال يعاني من تعقيدات هيكلية عميقة، على الرغم من إعلان الحكومة عن تحسّن في الإيرادات غير النفطية وتراجع معدلات التضخم".

وبيّن أن “المؤشرات الحكومية تحمل بعض الدقة من حيث الأرقام، خاصة ما يتعلق بزيادة التحصيل الجمركي والضريبي خلال العام الماضي، إلا أن هذا النجاح يظل محدوداً ومبنيّاً على إجراءات آنية قصيرة الأمد”.

وأشار السعدي في حديث لـ"طريق الشعب"، إلى أن “الاقتصاد العراقي لا يزال ريعياً بامتياز، إذ تعتمد الموازنة العامة على النفط بأكثر من 85%، ما يجعله هشاً أمام أي تغيّر في أسعار السوق العالمية”. وأضاف أن “الانخفاض في معدلات التضخم لا يعكس بالضرورة تحسناً في النمو، بقدر ما يُظهر تراجعاً في القدرة الشرائية للمواطن، وهو ما يشير إلى حالة من الركود الاقتصادي، لا الانتعاش”.

وانتقد السعدي أداء الحكومة في تحفيز القطاع الخاص، قائلاً إن “الإنفاق الحكومي لا يزال موجهاً في معظمه للنفقات التشغيلية، من رواتب ودعم، دون أن يُوظف في مشاريع إنتاجية أو تنموية تُسهم في خلق فرص عمل وتخفيض نسب البطالة”.

وختم بالقول: “ما تحقق حتى الآن لا يتجاوز كونه خطوات أولية في الاتجاه الصحيح، لكنها لا ترقى إلى حجم التحديات. العراق بحاجة إلى مشروع اقتصادي وطني طويل الأمد، يقوم على تنويع مصادر الدخل، وتحفيز القطاع الخاص، وإصلاح النظام الضريبي، وتغيير نمط إدارة المال العام نحو التنمية المستدامة”

اصلاحات غير كافية

أما الخبير الاقتصادي أحمد عبد ربه، فقد ربط انخفاض أسعار السلع الأساسية التي يحتاجها المواطن، بمشروع السلة الغذائية والتوسع في شبكات الهايبر ماركت، إلى جانب تحسّن نسبي في إيرادات التعرفة الجمركية.

وحذر عبد ربه في حديث لـ"طريق الشعب"، من “الخطر الحقيقي الذي يواجه الحكومة، والمتمثل في انخفاض أسعار النفط مؤخراً”، مشدداً على ضرورة “إعداد خطة عاجلة لتفادي تداعيات هذا الانخفاض على الاقتصاد الوطني”.

وتابع: “رغم الحديث عن تنويع الموارد، إلا أن النفط لا يزال مهيمناً على معظم المشاريع”، داعياً إلى “تنشيط الصناعة النفطية والسعي لتقليل استيراد الغاز”.

********************************************

مراقبون: عمال القطاع الخاص يشتغلون ١٢ ساعة يوميا.. والأجور زهيدة

بغداد – طريق الشعب

رغم تحديد قانون العمل العراقي لساعات الدوام بثماني ساعات يومياً، تتواصل شكاوى العمال في القطاع الخاص بشأن تجاوز هذا الحد دون احتساب أجر إضافي، وسط غياب الرقابة وضعف تطبيق القانون، ما يعرض شريحة واسعة من العاملين للاستغلال.

ويشتكي العديد من العمال في القطاع الخاص من ساعات عمل طويلة تتجاوز 12 ساعة يوميا، دون تعويضات أو استراحات مناسبة، ما يعكس واقعا مريرا من الاستغلال وغياب الرقابة. ويؤكد بعضهم أن ظروف العمل أصبحت مرهقة وغير عادلة، خاصة في قطاعات مثل المطاعم، والخدمات، والمشاريع الصغيرة، حيث تُفرض الشروط من أصحاب العمل في ظل انعدام العقود الرسمية أو جهة تضمن حقوقهم.

قانون غير مفعّل

قالت سميرة الخفاجي، عضو نقابة العمال، إن "قانون العمل العراقي الصادر عام 2015 لا يطبق إلا بنسبة لا تتجاوز 2 في المائة في القطاع الخاص، رغم احتوائه على مواد صريحة تنظم ساعات العمل، الأجور، فترات الاستراحة، والحقوق الخاصة بالنساء العاملات".

وأوضحت الخفاجي في حديث لـ "طريق الشعب"، أن "القانون حدد ساعات العمل اليومية وألزم أصحاب العمل باحتساب الساعات الإضافية، لكنه في واقع الحال لا يُفعّل، ما يترك العمال في القطاع الخاص عرضة لانتهاكات عديدة، أبرزها العمل لساعات طويلة دون أجر إضافي، وحرمانهم من الإجازات الرسمية المدفوعة".

وأضافت، أن "بعض الجهات الرقابية، مثل لجان التفتيش التابعة لوزارة النفط، تمارس دوراً فعالاً في مراقبة محطات الوقود، إذ قد تصل العقوبات إلى إغلاق المحطة في حال اكتشاف مخالفات، ما يدفع أصحاب هذه المشاريع إلى الالتزام، على الأقل في الشكل العام"، لكنها نبهت إلى أن أغلب عمليات التفتيش تقتصر على التحقق من وضع العمالة المهاجرة من حيث الإقامة القانونية، دون الالتفات إلى ظروفهم العملية أو الأجور أو السلامة المهنية.

وأشارت الخفاجي إلى أن "أحد أبرز التحديات هو غياب العقود المكتوبة بين العامل وصاحب العمل، حيث تعتمد معظم التعيينات على اتفاقات شفوية تتغير لاحقاً لصالح صاحب العمل، ما يُضعف موقف العامل في حال حدوث نزاع. وذكرت أمثلة من الحياة الواقعية، كحال زوج ابنة أخيها الذي اتفق مع إحدى الشركات العاملة في موانئ أم قصر على شروط معينة، لكن عند مباشرة العمل، تم تغييرها، من حيث ساعات العمل والأجر، دون وجود مرجعية قانونية يمكن الاستناد إليها".

كما اشرّت وجود تمييز واضح بين العمال المحليين والأجانب في بعض الشركات، حيث يحصل الأجانب على أجور أعلى بكثير، وتُوفر لهم شروط سلامة أفضل، في حين يعمل العراقيون لفترات أطول، وفي ظروف أصعب، دون ضمانات تذكر.

وأكدت، أن "غياب المتابعة الفعلية من الجهات الرقابية، وضعف عدد المفتشين، اسهما في تفاقم هذه الظواهر".

وأكدت الخفاجي، أن النساء هن من بين الفئات الأكثر تضرراً، حيث تُعرض عليهن وظائف بدوام جزئي أو بأجور متدنية، وغالباً ما تكون ساعات العمل أطول مما هو متفق عليه. وأشارت إلى أن العديد من النساء يقبلن بهذه الشروط القاسية بسبب الحاجة المعيشية، خاصة في مجالات مثل الزراعة، الغزل والنسيج، أو العمل في المطاعم، حيث تعمل بعضهن لساعات تمتد حتى 12 ساعة يومياً دون الحصول على مقابل عادل أو تعويض عن الساعات الإضافية.

وفي ما يتعلق بالعمل عبر الإنترنت أو المنصات الرقمية، قالت الخفاجي إن هذه الأنماط الجديدة من العمل باتت منتشرة على نطاق واسع، لكنها لا تخضع لأي إطار قانوني واضح حتى الآن. ولفتت إلى أن العاملين في هذا المجال يواجهون استغلالاً واضحاً، سواء من حيث الأجور أو ساعات العمل، في ظل غياب قوانين تنظم العلاقة بينهم وبين أصحاب العمل، مشيرة إلى أن هناك تحركات من قبل منظمات العمل الدولية والعربية لمحاولة إدخال هذه الفئات ضمن نطاق قانوني يضمن حقوقهم.

وفي ختام حديثها، شددت الخفاجي على أن المشكلة الأساسية تكمن في غياب تفعيل القانون، وضعف وعي العاملين بحقوقهم، ووجود جهات متنفذة تُرهب بعض العاملين وتمنعهم من تقديم شكاوى أو المطالبة بحقوقهم. ودعت إلى تفعيل الدور الرقابي الحقيقي لوزارة العمل، وزيادة عدد المفتشين، وتكثيف حملات التوعية بحقوق العمال، لضمان الحد الأدنى من العدالة في بيئة العمل داخل القطاع الخاص في العراق.

حماية العمال تبدأ بالتوعية

وقال القانوني مصطفى البياتي إن "قانون العمل العراقي رقم 37 لسنة 2015، يُعد من القوانين المتقدمة في حماية حقوق العاملين، حيث ينص على أن ساعات العمل اليومية لا يجوز أن تتجاوز ثماني ساعات، وبما لا يزيد عن 48 ساعة في الأسبوع، مع وجوب منح استراحة لا تقل عن ساعة خلال العمل اليومي".

وأضاف البياتي في حديث لـ "طريق الشعب"، أن "القانون ألزم أصحاب العمل بدفع أجور إضافية للعاملين عند تشغيلهم ساعات عمل إضافية، و تحسب الأجور الإضافية بنسبة لا تقل عن 50 في المائة من الأجر الاعتيادي في الأيام العادية، و100 في المائة في أيام العطل الرسمية".

وأشار إلى أن "عدداً كبيراً من العمال، خاصة في القطاع الخاص والمشاريع الصغيرة، غير مطلعين على هذه الحقوق، ما يجعلهم فريسة سهلة للاستغلال، حيث يُجبرون على العمل لأكثر من ثماني ساعات يومياً دون أي زيادة في الأجر، أو يُحرمون من الإجازات السنوية والمرضية المنصوص عليها في القانون".

وأكد البياتي ضرورة تفعيل دور مفتشية العمل ووسائل الإعلام والنقابات العمالية في توعية العمال بالقانون، قائلاً: ان "الجهل بالقانون لا يسقط الحق، لكنه يسهل التجاوز عليه. حماية العمال تبدأ بالمعرفة والوعي، وتنتهي بتطبيق القانون ومحاسبة المخالفين".

القانون لا يغطي الأعمال الرقمية

وفي السياق ذاته، قال الناشط العمالي علي الجناحي إن "قانون العمل العراقي رقم 37 لسنة 2015 ينظم بشكل دقيق حقوق العمال، بما في ذلك عدد ساعات العمل، والإجازات الرسمية، والامتيازات التي يجب أن يتمتع بها العاملون في مختلف القطاعات".

وأوضح الجناحي في حديث لـ "طريق الشعب"، أن "المادة 57 من القانون تحدد ساعات العمل بثماني ساعات يوميًا، أو 48 ساعة في الأسبوع، فيما تنص المادة 60 على دفع أجر إضافي بنسبة 50 في المائة عند تشغيل العامل لساعات إضافية. أما العمل الليلي، بين الساعة التاسعة مساءً والسادسة صباحًا، فيُمنع إلا في ظروف استثنائية، مع تعويض مناسب".

وفي ما يتعلق بالعطل، أشار الجناحي إلى أن "القانون يمنح العمال يوم راحة أسبوعية مدفوعة الأجر، وعطلاً رسمية تشمل المناسبات الوطنية والدينية، إضافة إلى 20 يومًا من الإجازة السنوية بعد عام من الخدمة، وإجازات مرضية قد تصل إلى 90 يومًا حسب مدة الخدمة".

لكن رغم هذه الحقوق القانونية، يؤكد الجناحي أن "الكثير من العمال، خاصة في القطاعات غير الرسمية، لا يملكون معرفة كافية بهذه الحقوق، ما يجعلهم عرضة للاستغلال، من خلال إجبارهم على العمل لساعات طويلة دون أجر إضافي، أو حرمانهم من الإجازات". ولفت إلى أن "صناع المحتوى في العراق يمثلون فئة جديدة من العاملين الذين لا تشملهم اللوائح التقليدية، حيث يعمل أغلبهم لحسابهم الخاص أو بموجب عقود غير رسمية، ما يعني أنهم خارج تغطية قانون العمل، ويواجهون مشاكل تتعلق بساعات العمل الطويلة، وعدم وجود ضمان اجتماعي، أو تأمين صحي".

وبيّن الجناحي أن "أغلب صناع المحتوى لا يملكون عقودا واضحة تحدد حقوقهم والتزاماتهم، ما يصعّب عليهم المطالبة بحقوقهم لاحقا"، داعيا إلى "تعديل قانون العمل ليشمل العاملين في القطاع الرقمي، وتفعيل نماذج العقود الرسمية التي تحمي حقوق هذه الشريحة".

وختم بالقول إن "العمل عن بعد كذلك لا يحظى بتنظيم كافٍ في القانون العراقي، ما يتطلب إعادة النظر في التشريعات الحالية لمواكبة التغيرات في سوق العمل، وضمان حماية العاملين، بمن في ذلك النساء، اللواتي يحق لهن بحسب المادة 70 الحصول على إجازة أمومة تصل إلى 72 يومًا مدفوعة الأجر".

**********************************************

المؤتمر الثالث لتنسيقية التيار الديمقراطي في {الثورة} ينهي أعماله بنجاح

بغداد – طريق الشعب

عقدت تنسيقية التيار الديمقراطي في مدينة الثورة ببغداد، أمس الأول، مؤتمرها الثالث، الذي شارك فيه كوادر التيار ونخبة من الناشطين المدنيين، وسط أجواء تعبّر عن روح الالتزام والإصرار على التغيير الديمقراطي السلمي.

وجاء في كلمة المنسق العام للتيار الديمقراطي اثير الدباس الذي حضر المؤتمر الى جانب عدد من أعضاء المكتب التنفيذي، ان "مؤتمر تنسيقية الثورة للتيار الديمقراطي ليس مجرد محطة تنظيمية، بل هو حدث سياسي يؤكد تجذر التيار في الأوساط الشعبية، وتمسكه بالمشروع المدني الديمقراطي، بوصفه بديلاً واقعياً عن نهج الفساد والطائفية والمحاصصة".

وأضاف "أحييكم من قلب مدينة الثورة، التي نعرفها جميعاً بتاريخها النضالي وعطائها. هنا، لكل كلمة وزن، ولكل خطوة مسؤولية. نحن لا نبحث عن التغيير في الشعارات، بل في الثقافة، وفي علاقة المواطن بالدولة. وهذا لا يتحقق إلا من خلال عمل جماهيري منظم وتنظيم ديمقراطي متماسك وتحالفات ترتكز على المشتركات الوطنية".

وأكد أن الاستحقاق الانتخابي القادم يمثل بوابة نحو التغيير، لكنه يحتاج إلى تهيئة الأرضية من خلال تحديث سجل الناخبين، واستعادة ثقة المواطنين بالعملية الديمقراطية.

فيما قرأ هادي مولى كلمة التنسيقية التي استعرض فيها التحديات الراهنة، وأكد أن انعقاد هذا المؤتمر في قلب مدينة الثورة – الصدر – يمثل رسالة قوية على تمسك التيار الديمقراطي بخيار البناء المدني الديمقراطي، وعلى حضور التيار النشط والفاعل في البيئات الشعبية.

فيما ألقى سكرتير محلية الثورة للحزب الشيوعي العراقي الرفيق وجيه جبار كلمة شدد فيها على أهمية هذا المؤتمر، معبراً عن اعتزازه بحجم المشاركة والنقاشات البناءة التي جرت، مؤكداً أن المرحلة المقبلة تتطلب مشاركة أوسع في الانتخابات القادمة، ووعيًا سياسيًا أكبر للرد على محاولات تكريس الفشل والفساد.

وقد توّجت أعمال المؤتمر بانتخاب تنسيقية جديدة مكوّنة من عشرة أعضاء، جرى اختيارهم في ظل اجواء ديمقراطية شفافة، عكست روح التيار الديمقراطي وأهدافه.

*********************************************

الصفحة الخامسة

تجاوزات ومشاريع غير مجدية فوضى عمرانية تشوّه ملامح بغداد

متابعة – طريق الشعب

بفعل مشاريع أطلقتها الحكومة خلال السنوات الماضية، فضلا عن تجاوزات من جهات أهلية وأخرى نافذة، تغيّرت ملامح خريطة بغداد العمرانية بشكل واضح جدا. إذ توسعت أحياء قديمة على حساب هويتها العمرانية، وجرى تأسيس أخرى جديدة على أطراف العاصمة، فضلاً عن تمدد الأحياء العشوائية، ما خلق حالة من عدم الارتياح لدى السكان، لا سيما بعد تقلّص المساحات الخضراء بشكل كبير إثر تحويلها إلى مشاريع تجارية وسكنية.

وبينما نفذت الحكومة عددا من المشاريع لفك الاختناقات المرورية، لم يلمس سكان بغداد أي جدوى من تلك المشاريع. إذ لا تزال الاختناقات قائمة وتتفاقم يوما بعد آخر، ما يشكل صعوبات يومية في التنقل – وفق ما يؤكده كثيرون عبر وسائل إعلام وصفحات على مواقع التواصل.

ويرى مراقبون أن التغيير العمراني الذي طرأ على بغداد، كان في معظمه غير خاضع لأي تنظيم أو تخطيط هندسي علمي، لكنه كان طبيعياً في ظل تزايد توافد المواطنين إلى العاصمة من محافظات أخرى بحثا عن فرص عمل، إلى جانب اتساع أزمة السكن وإهمال الدولة مشاريع قوانين تقضي بمنح المواطنين قطع أراض نظامية على مسافة غير قريبة من مركز العاصمة.

المفارقة هي أن بغداد، بالرغم من كونها تصنف على مدار سنوات كواحدة من أسوأ المدن في العالم يمكن العيش فيها، إلا ان إيجارات وأسعار العقارات تشهد ارتفاعاً متواصلاً. حيث بات امتلاك منزل أو استئجار شقة حلماً للكثيرين من البغداديين، ما دفع قسما كبيرا منهم إلى التوجه نحو المنازل العشوائية على أطراف المدن، وفي مساحات تفتقر للخدمات الأساسية كالماء والكهرباء والصرف الصحي.

ويعاني سكان بغداد تردي البنية التحتية، التي لم تخضع لتحديث أو تطوير يذكر منذ 2003. إذ طرأت عليها جملة من المشكلات، أبرزها الاختناقات المرورية التي يقضي بسببها المواطنون ساعات طويلة على الطرق، فضلا عن العشوائيات والتجاوزات على الأملاك الخاصة والعامة من قبل عصابات أو جماعات على علاقة بجهات نافذة ومسلحة، وانهيار منظومات الخدمات، كالكهرباء والصرف الصحي وماء الشرب، بفعل زيادة الضغط والتجاوز.

وفي ظل هذا التخبّط العمراني، انحسرت المساحات الخضراء في بغداد. حيث غصّت المدينة بكتل كونكريتية مكتظة، تغيب عنها حتى الحدائق الصغيرة. هذا بالإضافة إلى ما تعانيه العاصمة من تلوّث حاد في الماء والهواء.

تشويهات لدواع انتخابية!

في حديث لوكالة أنباء "العربي الجديد"، يقول النائب السابق عن بغداد حسين عرب، أن  "العاصمة تشهد تجاوزات كثيرة في مجالات شتى، وتغيّر شكلها لا علاقة له باتجاه البناء العمراني وفق تخطيطات منطقية، بل يحدث عبر مخططات بعضها انتخابي"، مضيفا أن "ما يحدث في بغداد من تشوهات سببه سوء التنظيم والتخطيط، واتساع الأحياء العشوائية الذي زاد الضغط على الخدمات المتردية أصلاً".

ويلفت إلى أن "هناك جهات متنفذة تقف وراء بعض التجاوزات التي تحدث يومياً، وتحديداً ما يتعلق بالقرارات، والمواطن يعاني كثيراً صعوبات الحياة اليومية، وإذا أجرينا استفتاءً حقيقياً فسنجد أن كثيرين يفكرون جدياً في مغادرة العاصمة".

تعمّد صناعة الأزمات

من جانبه، يقول الناشط السياسي أحمد عبد الهادي أن "الفوضى العمرانية في بغداد تندرج ضمن مسارين: الأول هو الهجرة الكبيرة من المحافظات، كون العاصمة تتوفر فيها فرص عمل أكبر، وهذا المسار خلف مشكلات في الخدمات والبنية التحتية والسكن وغيرها. والمسار الثاني هو تعمد صناعة الأزمات من أجل الانتفاع، ويحدث ذلك من قبل أحزاب وفصائل ساهمت في تشويه أطراف بغداد، وتحديداً ما يتعلق بتحويل البساتين والمساحات الخضراء إلى مناطق سكنية عشوائية".

ويشير عبد الهادي في حديث صحفي إلى ان "الزيادة السكانية أدت إلى تغيير خرائط كل المدن، ليس بغداد وحدها. وأعتقد أن هذا ينطبق على معظم دول العالم، لكن هناك حاجة لدعم وزارة التخطيط، وإعطائها حق تحديد الأولويات"، مبينا أن "الحكومة الحالية حاولت تصحيح الأوضاع من خلال تحويل العشوائيات إلى مناطق مخدومة ونظامية، لكنها تصطدم بحجم العشوائيات الهائل، إضافة إلى النفوذ الحزبي، كذلك سيطرة بعض الجهات المسلحة على مناطق في بغداد".

عدم اعتماد التخطيط الهندسي العلمي

إلى ذلك، يرى المهندس أيوب حارث أن "أكثر ما يؤثر على شكل العاصمة هو عدم اعتماد الجانب الهندسي العلمي في تنفيذ المشاريع. إذ يجري تقسيم الكثير من الأراضي على أطراف المدن من خلال موظفين تابعين لبعض الدوائر الحكومية، أو من خلال المواطنين أنفسهم، أو أصحاب البساتين والأراضي الزراعية، ما يخلف ضرراً كبيراً في خطوط إمداد هذه المناطق بالخدمات".

ويوضح في حديث صحفي أن "الجماعات المسلحة كان لها دور في إفشال الخطط الهندسية والعمرانية، لأن بعض هذه الجماعات سيطر على أراض واسعة، وقام ببيعها للمواطنين، ما خلق عشرات، وربما مئات الأحياء والتكتلات السكنية العشوائية، وبالتالي تغير شكل خريطة العاصمة إلى الأسوأ. وهذا يمكن اعتباره تشويهاً متعمداً".

وفي تقييم لمجلة "سي وورلد" الأمريكية، حلت بغداد في مرتبة متدنية ضمن قائمة المدن الأكثر أمناً على مستوى العالم للعام 2024. إذ حلت في المرتبة 264 من أصل 300 مدينة عالميا، وفي المرتبة 10 عربياً. وقد أرجعت المجلة ذلك إلى استمرار فشل الحكومات المتعاقبة منذ 2003، في حفظ الأمن والحد من ارتفاع معدلات الجريمة وانتشار العصابات.

******************************************

ممنوحة لمستثمر مزارعو الإبراهيمية يحتجون على إخلاء أراضيهم 

متابعة – طريق الشعب

تظاهر عشرات المزارعين في ناحية الإبراهيمية التابعة لقضاء الدجيل في صلاح الدين، الاسبوع الماضي، أمام مبنى إدارة الناحية، احتجاجا على قرار وزارة الزراعة إخلاء أراضيهم الزراعية ودورهم السكنية التي يشغلونها منذ 2003، لصالح مستثمر.

وأوضح عدد من المزارعين في حديث صحفي، أن هذه الأراضي تعود ملكيتها لأهالي المنطقة، الذين أُجبروا على تركها قسراً خلال النظام الدكتاتوري، قبل أن يعودوا إليها بعد 2003 لزراعتها وبناء منازلهم عليها، مشيرين إلى انهم تفاجأوا بالقرار.

وتعود هذه المشكلة إلى أواخر ثمانينيات القرن الماضي. فآنذاك منحت الدولة نحو 7900 دونم من الأراضي الزراعية في الناحية إلى مستثمر، ما أجبر المزارعين على إخلاء أراضيهم.

وفي حديث صحفي يقول مدير الناحية مالك أكرم، أن لجنة من وزارة الزراعة زارت الناحية وطالبت بإعادة الأراضي إلى المستثمر، رغم أن ملكية هذه الأراضي تعود في الأساس إلى الأهالي.

وطالب رئيس الوزراء بالنظر في مطالب أهالي الناحية "فهناك أكثر من ألف مزارع يعتمدون على هذه الأراضي كمصدر عيش وحيد".

من جانبه طالب المزارع عدنان الخزرجي رئيس الوزراء ومحافظ صلاح الدين، بـ "التدخل لمنع المستثمر من استغلال هذه الأراضي التي اغتصبها النظام السابق من المزارعين"، مضيفا القول: "نحن من زرعنا هذه الأرض، وبنينا عليها المنازل، وقدمنا التضحيات والشهداء من أجلها".

فيما قال خالد الخزرجي، أحد وجهاء المنطقة، أن "المستثمر استغل هذه الأراضي في زمن النظام السابق، لكنها تعود في الأصل إلى أجداد هؤلاء المزارعين، الذين أُجبروا على النزوح إلى مناطق الجزيرة في الإسحاقي".

وأوضح أنه "بعد 2003 عاد الأهالي لزراعة أراضيهم وبناء مساكن عليها. واليوم يطالبهم المستثمر بإخلائها ورفع ما يُعتبر تجاوزات عليها، رغم أن جميع هذه الأراضي قُدمت بشأنها طلبات تظلّم قانونية إلى الجهات العليا في المحافظة ودائرة الزراعة".

*********************************************

حُوِّل إلى حقل نفطي ناشط بيئي: هور الحويزة جُفّف عمداً؟

متابعة – طريق الشعب

كشف الناشط البيئي مرتضى عبد الرزاق، عن تعرض هور الحويزة في محافظة ميسان إلى تجفيف متعمد منذ نهاية عام 2021، مشيراً في حديث صحفي أول أمس الثلاثاء، إلى أن الإجراءات الحكومية ساهمت في حرمان الهور من الإطلاقات المائية، رغم التصريحات الرسمية التي تتحدث عن "إنعاش الأهوار واستدامتها". وقال أن "هذا التجفيف استمر حتى عام 2023، عندما أعلنت الحكومة ضمن جولة التراخيص الخامسة، عن تحويل هور الحويزة إلى حقل نفطي يحمل الاسم ذاته، واستحوذت عليه إحدى الشركات الصينية".

ومنذ ذلك الحين، تواصل وزارة الموارد المائية - حسب عبد الرزاق "تزييف الحقائق بشأن واقع المياه في الأهوار"، في ظل غياب أي تحرك فعلي من وزارة البيئة أو وجود رادع للشركة النفطية. واضاف قوله أن وزير الموارد المائية، خلال زيارته لمحافظة ميسان منتصف عام 2024، وصف الهور بأنه "ماكينة اقتصادية وسياحية"، وهو ما اعتبره الناشط تناقضاً مع قرار تحويله إلى حقل نفطي.

واشار عبد الرزاق إلى أن "شركة الاستكشافات النفطية بدأت أعمالها في الهور نهاية عام 2024 لصالح شركة صينية، وأن معداتها تم إنزالها داخل المنطقة التراثية المصنفة ضمن لائحة التراث العالمي منذ عام 2016، في مخالفة صريحة للقرارات الدولية والمحلية التي تمنع أي أعمال استكشافية أو إنشائية داخل هذه المناطق دون موافقات رسمية، والتي لم تُستحصل حتى الآن".

وأكد أن "القرار النهائي بشأن إخراج الهور من لائحة التراث العالمي يعود إلى اللجنة الوطنية العليا، وليس إلى أي جهة منفردة"، محذراً من أن "الوضع المائي في ميسان أصبح سيئًا للغاية. إذ باتت كميات المياه لا تكفي إلا للشرب، بينما معظم الأنهار يعاني الجفاف".

وشدد الناشط البيئي على رفضه القاطع لتحويل الأهوار إلى مناطق نفطية، مشيراً إلى أن "المساحة الكلية للأهوار تقلصت من 20 ألف كيلومتر مربع إلى حوالي 2000 كيلومتر مربع فقط". وخلص إلى القول أن "هناك حملة دولية للدفاع عن هور الحويزة، شاركت فيها 10 دول من آسيا وإفريقيا وأوربا.

كما تم إرسال صور ومقاطع فيديو إلى منظمة (اليونسكو) تُظهر وجود آليات نفطية داخل الهور، في مسعى لتدويل القضية وإنقاذ الأهوار من خطر النسيان والدمار البيئي".

**********************************************

نهر صرف صحي في حي بصري!

متابعة – طريق الشعب

يعاني أهالي حي الغدير وسط مدينة البصرة، حرمان حيّهم من أبسط الخدمات البلدية وخدمات البنى التحتية.

وأظهر مواطن في مقطع فيديو نشره على وسائل التواصل، أجزاء من الحي غارقة بالإهمال. فيما تُصرّف مجاري المنازل في نهر صغير، كان في السابق مجرى للماء العذب.

وعلّق المواطن في الفيديو، قائلا أن منطقتهم، التي كانت تُسمى سابقا "جرف الملح"، تُعد من أقدم مناطق البصرة، وتعاني الإهمال منذ عقود، في مختلف الخدمات من ماء وكهرباء وصرف صحي وطرقات، مضيفا أن هناك نهرا يجري في المنطقة ويمتد على مسافة 3 آلاف متر، وتقع على جانبيه أحياء سكنية عديدة، تحوّل إلى مكب لمياه الصرف الصحي، ما تسبب في انتشار الأمراض التنفسية والجلدية بين السكان، نظرا لما يخلّفه من جراثيم وغازات سامة وروائح كريهة.

وطالب المواطن الحكومة المحلية والدوائر ذات العلاقة، بإيجاد حل عاجل للمشكلات الخدمية في حي الغدير.

****************************************************

موظفون جدد في جامعة البصرة: لم تُصرف رواتبنا منذ 5 شهور!

متابعة – طريق الشعب

شكا عدد من الموظفين الجدد المتعينين على ملاك جامعة البصرة، من عدم صرف رواتبهم منذ مباشرتهم عملهم قبل أكثر من 5 شهور ونصف.

وقالوا في شكوى نشرتها وكالات أنباء، أن زملاءهم في جامعات أخرى، مثل جامعة النفط والغاز والجامعة التقنية الجنوبية، يتسلمون رواتبهم بشكل منتظم، في حين أنهم ما زالوا دون أي مستحقات مالية.

وأشاروا إلى أن تأخر صرف الرواتب يعود إلى "التهاون من قبل بعض الموظفين في الجامعة".

******************************************

مواساة

  • بمزيد من الحزن والألم تعزي اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في البصرة، الرفيق د. علي مهدي والرفيق الأستاذ سالم محسن مهدي وعائلتهما الكريمة، بوفاة شقيقهما الحاج عبد الكريم، بعد صراع مرير مع المرض.

للفقيد العزيز عاطر الذكر ولعائلته الكريمة جميل الصبر والسلوان.

  • تعزي اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في ديالى الرفيق سامي حميد إسماعيل، عضو المحلية وسكرتير اللجنة الأساسية في بلدروز، بوفاة زوجته (ام محمد).

للفقيدة الذكر الطيب ولأهلها في بلدروز الصبر والسلوان.

  • ببالغ الحزن والاسى تنعى اللجنة المحلية العمالية في الحزب الشيوعي العراقي الرفيق علي حسين هويرش (ابو احسان)، الذي توفي اثر مرض لم يمهله طويلا.

للفقيد الذكر الطيب ولعائلته الصبر والسلوان. 

************************************************

الصفحة السادسة

شهداء ومفقودون تحت الأنقاض في غارات وقصف مدفعي على غزة الغذاء والدواء ينفدان 116 طنا من المساعدات تتنظر على الحدود

متابعة – طريق الشعب

تجددت التظاهرات الرافضة للحرب الإسرائيل على قطاع غزة في عدة مدن أميركية وأوروبية وإسلامية وعربية، في اليومين الماضيين، ونددت بالعدوان المتواصل على قطاع غزة، وطالب المتظاهرون بوقف فوري للعدوان ووقف الدعم الأميركي لإسرائيل.

فيما واصل الاحتلال غاراته في يوم آخر من الإبادة الجماعية، حيث ذكرت مصادر طبية أن "30 فلسطينيا على الأقل استشهدوا منذ فجر أمس"، وتشير الاخبار الواردة من هناك إلى عدد من الضحايا لا يزالون تحت الأنقاض، وسط صعوبات جدية في عملية انقاذهم.

نفاد الأغذية والامدادات الصحية

قال مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس لقد "وصلنا إلى لحظة عصيبة وقاتمة في غزة". وجاء في منشور له على منصة اكس: "نفدت إمدادات برنامج الأغذية العالمي الغذائية داخل القطاع، رغم وجود غذاء في ممرات الإغاثة يكفي لإطعام مليون شخص، لكنها لا تصل إلى المحتاجين"، وتابع أن "الأمر نفسه ينطبق على الإمدادات الطبية التي تنفد، بينما تنتظر 16 شاحنة تابعة لمنظمة الصحة العالمية الدخول" إلى القطاع.

وشدد على أنه "يجب إنهاء الحصار المفروض على المساعدات التي تعتمد الأرواح عليها".

كما أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، نفاد مخزونه الغذائي بالكامل. وقال البرنامج إن "أكثر من 116 ألف طن متري من المساعدات الغذائية -تكفي لإطعام مليون شخص لمدة 4 أشهر- جاهزة للدخول إلى غزة فور فتح المعابر".

سياسة التجويع

على صعيد متصل أفادت وكالة أونروا، أمس، أن "الحرب على غزة تؤدي إلى تراكم كبير للنفايات مما يسهم في انتشار الأمراض" وقالت الوكالة في منشور على صفحتها في فيسبوك إنها "تواصل تقديم خدمات جمع ونقل النفايات الصلبة حيثما أمكن ذلك".

وفي الإطار ذاته قال المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في الغذاء، مايكل فخري، إن عدد الأطفال الذين يعانون سوء التغذية في غزة ارتفع في شهر آذار وحده بنسبة 80 في المائة.

وأضاف في تصريح صحفي، أن "إسرائيل تستخدم سياسة التجويع وتواصل تجاهل القانون الدولي باستخدام أرواح المدنيين لتحقيق مكاسب تفاوضية".

تساؤلات عن جدوى الحرب؟

تناولت وسائل إعلام إسرائيلية حالة الجمود التي تعيشها الحكومة في تعاطيها مع ملف الحرب على قطاع غزة، مشيرة إلى أن التصعيد العسكري لم ينجح في تحقيق أهدافه، في وقت تواصل فيه حركة حماس تمسكها بمواقفها.

وقالت مراسلة الشؤون السياسية في قناة 13، إن "نتنياهو كرر خلال مراسم إحياء ذكرى المحرقة شعار زيادة الضغط العسكري"، وسط تساؤلات في الأوساط الأمنية عن جدوى التصعيد في ظل وجود الأسرى في قطاع غزة.

وأوضحت أن "أجهزة الأمن والمجلس الوزاري المصغر يسعون إلى هزيمة حماس، غير أن استمرار المفاوضات مع الحركة يثير علامات استفهام حول توقيت توسيع العمليات الميدانية ومدى تأثيرها على مصير الأسرى".

وأضافت أن "إسرائيل أبدت في الكواليس قبولها بمقترح مصري ينص على إطلاق 5 مخطوفين أحياء كحل وسط، غير أن حماس رفضت هذا العرض وأصرت على شروطها، مما شكك بفعالية خيار التصعيد العسكري".

من جهته، قال المتحدث السابق باسم الجيش الإسرائيلي رونين مانيلس إن "الواقع الميداني يعكس حالة مراوحة مكان منذ شهرين، رغم الخطاب السياسي الذي يتحدث عن انتصار وشيك على حماس".

وأشار مانيلس إلى وجود مقاربتين متناقضتين داخل إسرائيل، الأولى تدعو إلى استعادة المخطوفين ووقف إطلاق النار، والثانية تتبنى نهجا متشددا بتجاهل مصير المخطوفين والعمل على سحق حماس بالكامل.

وأكد أن الحكومة الإسرائيلية لم تحسم أمرها تجاه أي من الخيارين، مما جعل الوضع العسكري والسياسي في حالة جمود مستمر دون تحقيق إنجازات ملموسة على الأرض.

**********************************************

انفجار ضخم يهز بندر عباس الإيرانية

طهران - وكالات

قالت وسائل إعلام رسمية إيرانية إن انفجارا هائلا هز ميناء الشهيد رجائي في مدينة بندر عباس بجنوب إيران، أمس السبت، مما أسفر عن مصرع 4 وإصابة 561 شخصا على الاقل.

ووقع الانفجار بالتزامن مع انطلاق جولة ثالثة من المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة في سلطنة عمان، ولم يتضح على الفور سبب الانفجار.

وقال مسؤول محلي معني بإدارة الأزمات للتلفزيون الرسمي الإيراني إن سبب الواقعة هو انفجار عدة حاويات مخزنة في منطقة رصيف الميناء وإنه يتم حاليا إجلاء المصابين ونقلهم إلى المراكز الطبية القريبة. وأوضحت وكالة تسنيم شبه الرسمية للأنباء أنه جرى تعليق أنشطة الميناء من أجل إخماد الحريق و" يُحتمل أن يكون العديد من الأشخاص أصيبوا أو حتى لقوا حتفهم" وذلك بالنظر إلى أن عدد موظفي الميناء كبير.

وفي اول تعليق من الاحتلال الإسرائيلي عن الانفجار، نقلت صحيفة معاريف  عن مسؤولين عسكريين، قولهم إنه "لا علاقة للجيش الإسرائيلي بالانفجار الذي وقع في إيران". فيما امر الرئيس الايراني باجراء التحقيق.

**************************************************

سوريا تلبي طلبات أمريكية بشأن الأسلحة الكيمائية

دمشق – وكالات

قالت دمشق إنها "طبقت معظم الشروط الأميركية لكن البعض الآخر يتطلب تفاهمات متبادلة مع واشنطن، وذلك في رسالة كتابية ردت فيها على طلب أميركي باتخاذ تدابير لبناء الثقة.

وأكد متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية أن "واشنطن تلقت ردا من دمشق على طلب أميركي باتخاذ تدابير محددة ومفصلة لبناء الثقة، وأشار إلى أنه يجري حاليا تقييم الرد السوري وليس لديهم ما يعلنونه في الوقت الحالي".

وأردف قائلا إن الولايات المتحدة "لا تعترف بأي كيان بوصفه الحكومة السورية وإن أي تطبيع للعلاقات في المستقبل سيحدَّد بناء على الإجراءات التي تتخذها السلطات المؤقتة".

وسعى وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في أول كلمة له أمام مجلس الأمن الدولي أمس الجمعة إلى إظهار أن سوريا تلبي بالفعل هذه المطالب، بما في ذلك ما يتعلق بالأسلحة الكيميائية والبحث عن أميركيين مفقودين في سوريا.

*********************************************

كوريا الشمالية تدشن مدمرة بحرية

بيونغ يانغ - وكالات

دشن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون مدمرة بحرية جديدة متعددة الأغراض، ووصفها بأنها "تقدم كبير نحو هدفه المتمثل في توسيع النطاق العملياتي وقدرات الضربات الاستباقية".

واعتبر كيم تعزيز الأسلحة "ردا على تهديدات الولايات المتحدة وحلفائها في آسيا، الذين يوسِّعون التدريبات العسكرية المشتركة"، كما اعتبر أن اقتناء غواصة تعمل بالطاقة النووية سيكون خطوته الكبيرة التالية في تعزيز أسطوله البحري. وأضاف أن "المدمرة ستسلم إلى البحرية مطلع العام المقبل حيث ستبدأ الخدمة الفعلية".

ونقلت وكالة الأنباء المركزية الرسمية لكوريا الشمالية، أمس، عن جو تشون ريونغ، وهو مسؤول في الحزب الحاكم، قوله إن المدمرة "تزن 5 آلاف طن مجهزة بأقوى الأسلحة" واستغرق بناؤها 400 يوم تقريبا بشكل مثالي بقوتنا وتقنيتنا".

***********************************************

المفاوضات الإيرانية – الامريكية: اتفاق على جولة رابعة

متابعة – طريق الشعب

قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، انه "راض عن الجولة الثالثة من المحادثات مع الولايات المتحدة"، واكد جدية وإصرار الطرفين فيها لما تضمنته من موضوعات تقنية وفنية.

وبين عراقجي، "لقد قمنا بتبادل المفاوضات كتابيًا عدة مرات"، مشيرا الى أنه "لا تزال هناك اختلافات في بعض التفاصيل".

 وزاد بالقول ان "هناك تفاؤلا ولكن حذر للغاية"، لافتا إلى ان "الجولة المقبلة التي يرجح ان تعقد السبت المقبل، سيحضر فيها رئيس هيئة الطاقة الذرية".

وقال أن "قضيتنا هي القضية النووية فقط ولا نأخذ بعين الاعتبار أي قضايا أخرى".

فيما اعلن التلفزيون الإيراني ان "المناقشات في عمان استمرت نحو 9 ساعات".

وقال وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي إن "المحادثات كشفت عن تطلع مشترك للتوصل إلى اتفاق قائم على الاحترام المتبادل والالتزامات المستدامة".

وأضاف البوسعيدي على منصة "إكس": انه "تم التطرق إلى المبادئ الأساسية والأهداف والقضايا الفنية الجوهرية"، مؤكداً ان جولة أخرى ستستأنف بعد أسبوع، مع اجتماع رفيع المستوى آخر مقرر مبدئيا السبت المقبل.

*****************************************************

زيلينسكي يجتمع مع ترامب لمدة 15 دقيقة

كييف - وكالات

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أمس، إن "اجتماعه في الفاتيكان مع نظيره الأميركي دونالد ترامب قد يكون حدثًا تاريخيًا إذا تحقق السلام الذي ناقشوه لإنهاء حرب أوكرانيا مع روسيا".

وكتب زيلينسكي في منشور على منصة تيليغرام: "اجتماع جيد. تمكنا خلال اللقاء الثنائي من مناقشة الكثير من القضايا. نأمل أن تؤدي كل الأمور التي تحدثنا عنها إلى نتائج".

وأضاف أن "المواضيع التي تناولها اللقاء شملت حماية أرواح شعبنا، والتوصل إلى وقف كامل وغير مشروط لإطلاق النار، وإرساء سلام موثوق ودائم يمنع تكرار الحرب".

وتزامنا مع ذلك، أعلنت موسكو استعادتها لمنطقة كورسك الروسية بالكامل من أوكرانيا.

****************************************************

تلبية لمطالبات اليسار الحكومة الإسبانية تلغي صفقة استيراد سلاح من إسرائيل

متابعة – طريق الشعب

ألغت حكومة تحالف يسار الوسط في إسبانيا بزعامة الاشتراكي بيدرو سانشيز عقدًا لتوريد ذخيرة من إسرائيل إلى قوات الشرطة "الحرس المدني"، وهي شرطة شبه عسكرية بقيمة 6.6 مليون يورو.  والصفقة تتعلق بذخيرة مسدسات عيار 9 ملم بارابيلوم.

رفض تحالف اليسار

وأمر وزير الداخلية فرناندو غراندي مارلاسكا بتوفير الذخيرة في منتصف أسبوع عيد الفصح، على أمل أن يتم عدم الانتباه لها خلال أيام العطلة، وبالتالي لا تتصدر عناوين الأخبار. ولكن بعيدًا عن ذلك. أتخذ قادة من تحالف اليسار "سومار" بزعامة وزيرة العمل ونائبة رئيس الوزراء الثانية يولاندا دياز، وشريك الحزب الاشتراكي في الحكومة الإسبانية الحالية، موقفا رافضا للصفقة، وذكّروا رئيس الوزراء سانشيز بالتزامه الذي قطعه بعد بدء الحملة التي شنها الجيش الإسرائيلي على غزة، بعدم شراء معدات عسكرية من إسرائيل أو تزويدها بالأسلحة. بعد شد وجذب، اتخذ رئيس الوزراء قرار إنهاء الصفقة.

وردا على قرار الحكومة الإسبانية، أصدرت وزارة الخارجية الإسرائيلية بيانا قالت فيه إنها "تدين بشدة قرار الحكومة الإسبانية بإنهاء اتفاقية موقعة من جانب واحد، وكذلك إعلانها أنها لن تبرم بعد الآن اتفاقيات دفاعية مع شركات إسرائيلية". ويضيف البيان أن سانشيز يضحي "باعتبارات أمنية من أجل أهداف سياسية" و"يواصل الاصطفاف مع الجانب الخطأ من التاريخ ضد الدولة اليهودية، التي تدافع عن نفسها ضد الهجمات الإرهابية على سبع جبهات".

حل الدولتين

لم يرد وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس مباشرةً على بيان إسرائيل، لكنه كتب على منصة "أكس": "من أجل الإنسانية جمعاء، يجب علينا إنهاء الحرب وتحقيق حل الدولتين. لن نستسلم للعنف. السلام ممكن. يجب ألا يُؤجَّل وقف إطلاق نار دائم وإطلاق سراح الرهائن".  ومن المعروف ان إسبانيا إحدى الدول التي اعترفت بدولة بفلسطين على إثر حرب الإبادة الجماعية ضد سكان قطاع غزة.

وأكدت وزيرة الدفاع الإسبانية، مارغريتا روبليس، خلال مؤتمر صحفي، أن القرار يأتي "اتساقًا مع المبادئ الأخلاقية والقانونية التي تحكم السياسة الخارجية الإسبانية"، مشددة على أن بلادها "لا يمكن أن تستمر في التعاون العسكري مع طرف متهم بارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني".

وتشمل العقود الملغاة صفقات لشراء أنظمة دفاعية وأسلحة خفيفة، كانت مبرمة مع عدد من الشركات الإسرائيلية الكبرى. وأوضحت روبليس أن إسبانيا ستراجع كذلك أي اتفاقيات تسليح مستقبلية لضمان عدم التورط في أي دعم مادي للنزاعات المسلحة التي تنطوي على انتهاكات حقوق الإنسان.

ورحبت عدة منظمات حقوقية إسبانية بالقرار، معتبرة أنه "خطوة تاريخية" للضغط على المجتمع الدولي للتحرك تجاه وقف إطلاق النار في غزة، وحماية المدنيين العزل".

احتفل تحالف سومار، واليسار الاسباني المتحد، الذي يعد الحزب الشيوعي الاسباني المكون الرئيسي فيه، بإنهاء الصفقة باعتباره نجاحًا. ولكن النقاش حول إسرائيل ربما بدأ للتو. والآن، تظهر المزيد من الأخبار في الصحافة حول تجارة الأسلحة مع إسرائيل، على الرغم من الإعلان الرسمي بوقف التعامل الثنائي بهذا الخصوص.

يأتي هذا التطور في وقت تتصاعد فيه الضغوط الأوروبية على إسرائيل، مع دعوات متزايدة لفرض عقوبات ووقف تصدير الأسلحة، في ظل تزايد أعداد الضحايا المدنيين وتدهور الأوضاع الإنسانية في القطاع المحاصر. وتُعد إسبانيا من أولى الدول الأوروبية التي تتخذ خطوة بهذا الحجم، مما قد يمهد لموقف أوروبي أكثر تشددًا تجاه إسرائيل في الفترة المقبلة، بحسب مراقبين.

وبحسب مركز ديلاس لأبحاث السلام، وهو مؤسسة مستقلة في كاتالونيا، فقد قدمت إسبانيا ما مجموعه 46 طلبا لإسرائيل منذ هجوم حماس في السابع من تشرين الأول 2023، وبدء حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على غزة. ويقال إن القيمة الإجمالية تتجاوز المليار يورو.

وبحسب ديلاس، فإن عشرة عقود بقيمة إجمالية تبلغ 817 مليون يورو لم يتم تنفيذها بعد. ويطالب المعهد بإلغاء هذه العقود فورًا. وزارة الدفاع لا تريد أن تعرف هذا الأمر. ولا تتضمن معظم العقود توريد أسلحة أو ذخيرة جديدة، بل عقود متابعة لمواصلة تشغيل الأنظمة المملوكة للجيش الإسباني.

***************************************************

الصفحة السابعة

زعيم الشيوعي الأمريكي: عن تجديد الحزب ورؤيته للبديل الاشتراكي والتضامن الأممي

رشيد غويلب

مقدمة

يتمتع تاريخ الحزب الشيوعي الأمريكي بجذور راسخة في تاريخ الحركة العمالية الأمريكية، إذ لعب الحزب أدوارًا حاسمة في النضالات المبكرة لتنظيم العمال الأمريكيين في شكل نقابات بالإضافة إلى أدواره اللاحقة في ما يخص الحقوق المدنية والحركات المناهضة للحرب. مع ذلك، اضطر العديد من الشيوعيين إلى العمل خفية، بسبب ارتفاع مستوى القمع السياسي في الولايات المتحدة ضد الشيوعيين.

أُصيب تأثير الحركة العمالية على التنمية الاقتصادية والسياسية بحالة من الركود، ومن ثم انهار في وقت لاحق، في أعقاب طرد الشيوعيين من الاتحاد الأمريكي للعمال ومجلس المنظمات الصناعية عام 1948. عانى الحزب الشيوعي بشدة في الفترة التي تلت المكارثية، إذ نفذت فيها حكومة الولايات المتحدة قمعًا جماعيًا علنيًا ضد الشيوعيين في الولايات المتحدة وخارجها.

ما زال الحزب الشيوعي نشطًا، غير أنه لم يسترد حتى الآن نفوذه الذي تمتع به خلال فترات صعوده في ثلاثينيات القرن العشرين وأربعينياته، يوم اقتربت عضوية الحزب في فترات معينة من 100 ألف عضو.

تعريف

باختصار عن مقدمة النظام الداخلي للحزب الشيوعي الأمريكي المقر في مؤتمره الثلاثين في 15 حزيران 2014 ما يلي:

تمتد جذور الحزب الشيوعي عميقًا في تراب أمتنا، حتى أبعد من تأسيسنا في شيكاغو عام ١٩١٩. نبني على إرث الذين ناضلوا ضد العبودية، ومن أجل الحق في تنظيم النقابات، ومن أجل الحقوق المدنية، ومن أجل حق المرأة في التصويت والإنجاب. نطبق النظرة العلمية التي طورها ماركس وأنجلس ولينين وآخرون في سياق تاريخ الولايات المتحدة وثقافتها وتقاليدها.

إن الحاجة إلى الحزب الشيوعي ما زالت ماثلة. لقد ألقت الرأسمالية مليارات البشر حول العالم في براثن الفقر. إنها تبتلي البشرية بحروب لا تنتهي. إنها تُرسّخ العنصرية وقمع المرأة، وتحرم الشباب من أمل المستقبل، وتُؤجج التمييز ضد والأقليات الدينية والمهاجرين وذوي الإعاقة. تُثير الرأسمالية العمال ضد بعضهم البعض في سباق عالمي إلى المنحدر. تشن مصالح الشركات حملة لا تنتهي لإلغاء الحقوق الديمقراطية التي اكتسبها الناس بشق الأنفس. لقد سمّمت الرأسمالية، بسعيها الحثيث وراء الأرباح، أرض الأرض وبحرها وهوائها. وتُعامل الرأسمالية البشر والطبيعة كسلعٍ قابلةٍ للتصرف، بهدف منح ثروات الكوكب إلى حفنةٍ من أصحاب المليارات.

إن مبادئنا الأساسية متجذرةٌ في النضالات اليومية، مُستنيرةٌ بتاريخنا وخبرتنا، ومُسترشدةٌ برؤيتنا العلمية للاشتراكية. تشمل مبادئنا الأساسية الدور القيادي للطبقة العاملة في النضال من أجل التغيير الاجتماعي؛ وضرورة وحدة الطبقة العاملة، وأن النضال ضد العنصرية ومن أجل حقوق المهاجرين أساسيان لبناء تلك الوحدة.

نتضامن مع العمال حول العالم، نقف في وجه الإمبريالية الأمريكية - النظام الذي تستخدم فيه الشركات الأمريكية قوتها الاقتصادية، إلى جانب القوة السياسية والعسكرية لحكومتنا، لاستغلال العمال، ونهب البيئة، وإفساد الحكومات حول العالم، تمامًا كما تفعل هنا في وطننا.

رؤيتنا هي "اشتراكية حقوق الإنسان" في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يتمتع العمال - الذين ينتجون جميع ثروات المجتمع - بالسلطة السياسية، ويقررون جماعيًا أولويات الاستثمار وتوزيع ثروة أمتنا - في التعليم والرعاية الصحية والإسكان والتغذية والترفيه والفنون والثقافة والعلوم، في اقتصاد نظيف وغير ملوث.

تستند ممارساتنا التنظيمية إلى الديمقراطية والمساواة ووحدة العمل والشفافية. لا نميز أنفسنا عن بقية حركة الطبقة العاملة ومنظماتها؛ ليس لدينا أجندة خاصة، ولا مصالح خاصة. نرحب بكل من يشاركنا أهدافنا للانضمام إلينا أو العمل معًا في تحالف.

حوار الجزيرة

كشف السكرتير العام للحزب الشيوعي الأميركي المشارك جو سيمز، في حوار قالت عنه الجزيرة الأول من نوعه" تفاصيل عن تاريخ الحزب الذي تأسس في نهاية القرن التاسع عشر، قبل اندلاع ثورة أكتوبر 1917. ونشر موقع الجزيرة حلقات الحوار، الذي. نقدم عرضا لأهم ما ورد فيه لأهميته، مع الاشارة ان الموضوعات المطروحة تمثل رؤية الحزب الشيوعي لراهن الحزب والوضع في الولايات المتحدة والعالم، ومن المفيد الاطلاع عليها في سياق التعرف على جديد الاحزاب الشيوعية وعموم أحزاب اليسار العالمي.

وجاء في إعلان موقع الجزيرة عن حلقات الحوار، ضمن أمور أخرى: " يعد سيمز من الشخصيات البارزة في المشهد السياسي الأميركي، فرغم عدم تصدره عناوين الأخبار، فإن قراراته ومواقفه السياسية كان لها دور محوري في تشكيل بعض الأحداث الفارقة في تاريخ الولايات المتحدة.

وتتناول حلقات الحوار العديد من المواضيع المدرجة تحت "المسكوت عنها" في السياسة والمجتمع الأميركي، مستعرضا قضايا ربما لم تجد من يسردها في الساحات".

قمع منهجي

أوضح سيمز أن غالبية الأميركيين كانوا يجهلون وجود الحزب، نتيجة للتعتيم الإعلامي عليه والعمل على تهميشه ومحاولات حجبه من صفحات تاريخ الولايات المتحدة.

واكد الزعيم الشيوعي: "لم نختفِ، بل تم طردنا من تاريخ أميركا، رغم كوننا جزءا ماركسيا من حركة العمال"، مشيرا إلى أن تاريخ الحزب يعود إلى فترة الحرب الأهلية، حيث كان هناك جنرال في القوات الاتحادية، صديق حميم لكارل ماركس، حارب ضد العبودية.

وتناول سيمز حملات القمع التي تعرض لها الحزب بعد خطاب رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، ونستون تشرشل، في ولاية ميزوري عام 1946، الذي أعلن فيه بداية الحرب الباردة.

وأضاف أن هذه الملاحقات (خصوصا خلال سيادة المكارثية) شملت القمع السياسي، والسجون، والطرد من النقابات العمالية والوظائف بتهم واهية مثل التآمر على الإطاحة بالحكومة الأميركية، وهو ما طال حياته الشخصية وعائلته: "لقد استمرت هذه الحملة حتى انهيار الاتحاد السوفياتي، حيث كانت معاداة الشيوعية والحملة ضد السوفيات صناعة كبيرة في الولايات المتحدة".

وأوضح أن الحملة استهدفت المؤسسات الثقافية الأميركية، وعلى رأسها السينما والصحافة، حيث تم التحقيق مع العديد من ممثلي هوليود وكتابها بتهم الشيوعية.

كما كانت مجالس التحرير في الصحف الأميركية الرئيسية تحث على عدم نشر كل ما كتب دفاعا عن الحزب.

وأضاف أن الحملة شملت أيضا شخصيات أميركية بارزة مثل مارتن لوثر كينغ ومالكوم إكس وحزب الفهود السود، في فترة شهدت ملاحقة شديدة من رئيس مكتب التحقيقات الفدرالي آنذاك، إدغار هوفر، الذي كان يهدف إلى زرع الخوف في المجتمع الأميركي.

مصاعب إعلامية

وفيما يتعلق بكيفية إيصال رسالة الحزب وحركات اليسار في ظل الحصار الإعلامي، أشار سيمز إلى الصعوبة البالغة في هذه المهمة.  وأشار إلى أن الحزب اضطر إلى بناء منصات إعلامية خاصة به سعيا منه لتجاوز هذه الصعوبات. ومع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، بدأت هذه المنصات في استغلال تلك الأدوات لنقل رسالته إلى الجماهير، رغم أن التحديات لا تزال قائمة.

ويرى سيمز أن أبرز المفاهيم الخاطئة التي يواجهها الحزب هي فكرة كونه "منتجا مستوردا من الخارج"، خاصة من الاتحاد السوفياتي، وهي الفكرة التي تراجعت بعد انهيار الاتحاد السوفياتي.

وأضاف أن المفهوم الخاطئ الجديد هو اعتقاد البعض أن الحزب ضد الديمقراطية وحرية التعبير.

وبالرغم من تعرض الحزب للقمع والتهميش، فإن قيادته حاولت في مختلف الأوقات تقديم مرشحين في الانتخابات الرئاسية. كان آخرهم في الثمانينيات عندما تم ترشيح جوث هول للرئاسة وأنجيلا ديفيس كنائبة له.

من المعروف أن الحزب الشيوعي في فترة لاحقة عمل أسوة بأغلب قوى اليسار والتقدم الأمريكية، في عدم الاشتراك مباشرة في الانتخابات، وانما دعم مرشحين تقدميين ويساريين في قوائم الحزب الديمقراطي. وما ورد في العرض للحوار في موقع الجزيرة: " ومع مرور الوقت، يرى سيمز أن الحزب مستعد الآن للعودة إلى الساحة السياسية، بعد فترة طويلة من العمل داخل الحزب الديمقراطي" يبدو انها صياغة غير دقيقة، فليس هناك ما يشير لعمل الحزب الشيوعي داخل اطر الحزب الديمقراطي طيلة تاريخ الحزب.

لكنه أوضح أن هذه الاستراتيجية لها حدود، كما ظهر في الانتخابات الأخيرة، مؤكدا على ضرورة تغيير النظام الانتخابي في البلاد الذي يُغلق المجال أمام أي أحزاب أخرى غير الديمقراطي والجمهوري..

كما أشار إلى أهمية إلغاء قانون "المواطنون المتحدون"، الذي يسمح للشركات الكبرى بتمويل الحملات الانتخابية بلا حدود، مما يعيق التمويل الشعبي.

ولفت سيمز إلى تزايد الغضب بين طبقة العمال بسبب التفاوت الكبير في الثروة، وهو الغضب الذي كان أحد العوامل التي ساعدت في انتخاب ترامب، الذي ظهر في حفل تنصيبه محاطا بعدد من المليارديرات، في مشهد غاب عنه أي ممثل عن الطبقة العاملة أو النقابات.

الشيوعي الأمريكي يدعو إلى تغيير النظام الانتخابي

أشار سميز إلى أن الحزبيْن الجمهوري والديمقراطي يمثلان مصالح الرأسمال المهيمن وأن النظام الانتخابي الأميركي بعيد عن الديمقراطية في جوهره. ولهذا هناك ضرورة لتصحيح المسار بواسطة إجراء تغييرات جذرية في طريقة اختيار الرؤساء.  وإن المبدأ الذي اعتمد عليه الجمهوريون، بأن الثروة ستتدفق إلى الطبقات الأقل دخلا أثبت فشله، وكانت الأموال تذهب دائما إلى الطبقات والفئات الأكثر ثراء.

واعتبر أن الأحزاب السياسية في أميركا تمثل مصالح قوى طبقية معينة، كما انتقد النظام الانتخابي في البلاد، مؤكدا أنه بعيد عن الديمقراطية الحقيقية و"يجب إلغاء المجمع الانتخابي الذي يحول دون تحديد الفائزين بناء على التصويت الشعبي".

النظام الصحي

أكد سيمز ان الهدف من نظام الرعاية الصحية في الولايات المتحدة، ليس تقديم خدمات صحية للفقراء، بل تعزيز الأرباح لشركات صناعة الأدوية والمستشفيات الكبرى، ورأى أن هذا النظام لا يراعي احتياجات البشر أو البيئة. من المعروف أن سياسة أولوية الأرباح الرأسمالية تتعامل مع حاجات الإنسان الصحية كسلعة، وليس كحاجة انسانية ماسة.

وانتقد أيضا انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من منظمة الصحة العالمية، مستنكرا "كيف يمكن للعالم أن يواجه تحديات صحية مثل الأوبئة من دون تعاون دولي في هذا المجال؟"، واصفا هذا القرار "بالجنون".

التجربة السوفيتية

في الوقت الذي يرى فيه سيمز أن الحل يكمن في ضرورة تفكيك الاحتكارات، وإعادة هيكلة الشركات الكبرى والبنوك بحيث تؤول ملكيتها إلى الشعب، وتُدار من خلال هيئات ديمقراطية يشرف عليها العاملون فيها.

يرد الزعيم الشيوعي على الانتقادات الموجهة إلى تجربة الاشتراكية الفعلية، برفضه لموضوعة فشل التجربة اقتصاديا، مؤكدا الاشتراكية السوفياتية لم تكن فاشلة اقتصاديا بقدر ما كانت هنالك مشاكل سياسية. ورأى أن الاتحاد السوفياتي حقق إنجازات كبيرة في مدة زمنية قصيرة رغم الظروف الصعبة التي مر بها، مشيرا إلى أن انهيار الاتحاد السوفياتي كان نتيجة غياب الديمقراطية، وليس فشلا اقتصاديا.

وبخصوص العلاقة بين الشيوعية (الاشتراكية) والديمقراطية، أكد سيمز أنها تقوم على أسس ديمقراطية وليست متعارضة مع القيم الديمقراطية. وأوضح أن المشكلة التي واجهها الاتحاد السوفياتي كانت غياب مشاركة الطبقة العاملة في إدارة الاقتصاد والنظام السياسي، وهو ما أسهم في شعور الشعب بالعزلة.

أما بشأن رؤية الحزب الشيوعي الأمريكي لمستقبل الولايات المتحدة، فبيّن سيمز أن الحزب الشيوعي الأميركي يدعو إلى "اشتراكية ميثاق الحقوق"، وهي اشتراكية تستند إلى الدستور الأميركي، وتوسّع من حقوق المواطنين بدلًا من تقييدها. وأضاف أن النظام السياسي في الولايات المتحدة لا يتناسب مع وجود حزب واحد، إذ يعتقد أن الاشتراكية الديمقراطية (أي الاشتراكية المتلازمة مع الديمقراطية) متعددة الأحزاب هي الأنسب. وأن الحزب الشيوعي الأميركي لا يعتقد أن الشيوعية في شكلها التقليدي يمكن تطبيقها في الولايات المتحدة، بل يؤمن بضرورة تطوير اشتراكية تتماشى مع المبادئ الديمقراطية التي يضمنها الدستور الأميركي.

تجديد فكري وتنظيمي

كشف زعيم الحزب الشيوعي الأميركي، عن عمليات تجديد فكرية وتنظيمية داخل الحزب تستهدف مواكبة متغيرات العصر، خاصة في ظل التقدم التكنولوجي والانفتاح المعلوماتي الهائل، فضلا عن حرص الحزب على التواصل الفعّال مع الأجيال الشابة في الولايات المتحدة.  وأكد سيمز أن الحزب ينظر إلى الماركسية كعلم قابل للتطبيق والتجديد، مشددا على أهمية التجربة الواقعية في إثبات فاعليتها. وأوضح أن النماذج الاشتراكية تتخذ أشكالا متعددة، تختلف من بلد لآخر، بحسب السياقات التاريخية والسياسية، مشيرا إلى اختلاف النموذج الصيني عن الكوبي، وكذلك عن التجارب في جنوب أفريقيا أو فرنسا. وقال سيمز إن هذا النموذج السابق لم يعد قابلا للتطبيق، لا في الولايات المتحدة ولا على مستوى العالم، في ظل عصر الإنترنت الذي كسر احتكار المعلومات، وجعل من الصعب على أي جهة التحكم الكامل بتدفقها.

وأضاف أن الديمقراطية التشاركية باتت ضرورة لأي حزب يسعى إلى الحكم في هذا العصر، مشيرا إلى أن "فرض التوجه الواحد على الناس" لم يكن ناجحا، ولن يكون مستداما. أما اقتصاديا، فاعترف سيمز بأن العالم يفتقر إلى تجربة شاملة لبناء اقتصاد اشتراكي متكامل في الدول الرأسمالية المتقدمة.

وأوضح أن النماذج السابقة، في روسيا والصين وكوبا وغيرها، جاءت في ظروف لا تمثل السياق الأميركي. وأكد أن الحزب يبحث عن نموذج اقتصادي يتوافق مع الواقع الأميركي، ويشمل أشكالا مختلفة من الملكية مثل الملكية العامة والتعاونيات والتخطيط الاجتماعي، مع الاستفادة من التطور التكنولوجي والذكاء الاصطناعي. وأن الاشتراكية لا تعني المساواة في الفقر، بل تعني بناء اقتصاد عادل يضمن التنمية البشرية والاجتماعية، محذرا من تكرار الأخطاء التي وقعت في تجارب أوروبا الشرقية والاتحاد السوفياتي.

وأشار سيمز إلى أن الحزب الشيوعي الأميركي شهد نموا لافتا خلال السنوات الماضية، لا سيما عقب انتخاب دونالد ترامب عام 2016، وبعد انسحاب بيرني ساندرز من السباق الديمقراطي، وأخيرا بعد الانتخابات الأخيرة. ولفت الانتباه إلى أن الشباب الأميركي بات أكثر انفتاحا على الأفكار الاشتراكية، مما دفع الحزب إلى تعزيز حضوره الرقمي ومضاعفة أنشطته التوعوية.

وعلى الصعيد الدولي، قال سيمز إن الحركات الشيوعية ما زالت فاعلة عالميا، مشيرا إلى تنامي دور الأحزاب اليسارية في أوروبا وأميركا اللاتينية، واستمرار الأحزاب الشيوعية في حكم في الصين وفيتنام.

الحزب والقضية الفلسطينية

 أعرب سيمز عن احترامه العميق لحركات المقاومة الفلسطينية، مؤكدا أن الشعب الفلسطيني وحده مَن يمتلك حق اختيار قياداته وتقرير مصيره دون وصاية خارجية. وشدد على أن هذا المبدأ يمثل جوهر موقف الحزب من القضية، انطلاقا من الإيمان بحق الشعوب في تقرير مصيرها بحرية.

وفي سياق أوسع، أشار سيمز إلى أن مشاهد القمع والفصل العنصري في الأراضي الفلسطينية المحتلة تجد صدى لدى قطاعات واسعة داخل المجتمع الأميركي، لا سيما بين مجتمعات السود واللاتينيين والآسيويين. وأن الموجة الأولى من الاحتجاجات الأميركية ضد الحرب على غزة بعد السابع من تشرين الأول، انطلقت من الفلسطينيين والعرب الأميركيين، ثم انضمت إليها حركات شبابية من أصول أفريقية ولاتينية وآسيوية، قبل أن تتسع وتشمل شبابا بيضا، مما يعكس عمق التضامن الشعبي مع القضية الفلسطينية.

وتوقف سيمز عند موقف الكنيسة الأميركية الأفريقية، التي اعتبرها من أوائل المؤسسات التي اتخذت موقفا علنيا ضد السياسات الأميركية تجاه إسرائيل، مشيرا إلى إعلان نشرته هذه الكنيسة في صحيفة نيويورك تايمز ينتقد دعم إدارة بايدن السابقة لتل أبيب.

أما بشأن الحل السياسي، فأكد زعيم الحزب الشيوعي الأميركي المشارك أن القرار النهائي يجب أن يظل بيد الفلسطينيين أنفسهم. ومع ذلك، أوضح أن الأحزاب اليسارية الشريكة لحزبه في فلسطين وإسرائيل لا تزال ترى في حل الدولتين خيارا واقعيا، رغم قناعتها بأن إسرائيل عمليا جعلت هذا الحل شبه مستحيل عبر التوسع الاستيطاني وفرض الحصار على غزة.

اللوبي الصهيوني

وفي حديثه عن جماعات الضغط، اعتبر سيمز أن النفوذ الصهيوني داخل الولايات المتحدة -ممثلا في جماعة "أيباك" والتحالف مع المسيحيين المتصهينين- ليس سوى جزء من معادلة أكبر تشمل شركات عملاقة ولوبيات من النخب. وأكد أن هذه القوى تحتكر القرار السياسي في البلاد، وتفرض رؤيتها المشتركة على قضايا حساسة مثل السياسة تجاه الشرق الأوسط، والنفط، والتسلّح، والصين.

واعتبر أن توجيه مليارات الدولارات من الدعم العسكري لإسرائيل -التي تجاوزت 12 مليار دولار منذ الحرب الأخيرة، يُعد تبديدا للموارد الأميركية، مشيرا إلى أن هذه الأموال كان يمكن أن تُستخدم في دعم الفلسطينيين المتضررين، أو في معالجة أزمات داخلية كحرائق كاليفورنيا.

وختم سيمز حديثه بالتأكيد على ضرورة إنهاء هيمنة الشركات العابرة للحدود على القرار الأميركي، معتبرا أن هذه المهمة العاجلة - رغم صعوبتها ليست مستحيلة، مشبها الوضع بالنهاية المفاجئة لنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، حين خرج نيلسون مانديلا من السجن في مشهد غير متوقع وغير مسبوق.

تعكس تصريحات سيمز وجهة نظر يسارية ترى أن التغيير في الولايات المتحدة ممكن، وأن التضامن الشعبي العابر للأعراق والانتماءات قد يكون مفتاحا لإعادة تشكيل السياسة الأميركية، داخليا وخارجيا، نحو مزيد من العدالة والإنسانية.

**************************************************

الصفحة الثامنة

اتفاقية خور عبد الله: بين الالتزامات الدولية واحترام حكم المحكمة الاتحادية

د. علي مهدي*

في بلد يعاني من تداخل السلطات وتنازع المرجعيات، يبدو احترام الدستور والقضاء أحد آخر خطوط الدفاع عن الدولة. الجدل الذي أثير مؤخراً حول قرار المحكمة الاتحادية العليا الخاص باتفاقية خور عبد الله بين العراق والكويت، أعاد فتح النقاش حول موقع المحكمة ومكانة قراراتها. وهل يمكن لأي سلطة، حتى رئاسة الجمهورية أو الحكومة، أن تعترض أو تنقض قراراً صادراً عنها؟ الإجابة الدستورية حاسمة وواضحة: لا.

المحكمة الاتحادية العليا: قرارات نهائية لا تُردّ

ينص الدستور العراقي لسنة 2005 في المادة (94) على: "تصدر المحكمة الاتحادية العليا قراراتها بالأكثرية، وتكون قراراتها باتة وملزمة لجميع السلطات." ومعنى ذلك: • باتة: أي لا تقبل الطعن أو المراجعة أو الإلغاء من أي جهة كانت. • ملزمة: يجب أن تنفذ من قبل جميع مؤسسات الدولة دون استثناء.   وبذلك فإن أي قرار صادر عن المحكمة الاتحادية، سواء بإلغاء قانون أو اتفاقية، لا يمكن نقضه أو تعديله أو التعليق عليه من قبل أي سلطة تنفيذية أو تشريعية.

المحكمة الاتحادية: سلطة الفصل والفيصل

تلعب المحكمة الاتحادية دورًا محوريًا في النظام السياسي العراقي: • تفسير الدستور. • الرقابة على دستورية القوانين. • الفصل في النزاعات بين السلطات. وهي بذلك تمثل المرجعية العليا في الدولة، ولا يجوز لأي جهة الطعن في قراراتها أو تجاوزها.

قرار اتفاقية خور عبد الله: بين الدستور والضغوط

حين أبطلت المحكمة الاتحادية قانون تصديق اتفاقية خور عبد الله، استندت إلى عدم تحقق النصاب الدستوري المطلوب (ثلثا أعضاء مجلس النواب). هذا القرار القانوني أثار ردود فعل متباينة، منها: • رفض بعض القوى السياسية للقرار. • تصريحات رسمية من رئيسي الجمهورية والوزراء توحي بالطعن أو الاعتراض عليه.   لكن حتى لو جاءت هذه الاعتراضات بصيغة "طعون"، فإنها لا تملك سنداً دستورياً، ولا تُغيّر من حقيقة أن المحكمة قالت كلمتها الأخيرة.

هل يملك الرئيس أو رئيس الوزراء حق الطعن؟

لا. ببساطة، لا يملكان ذلك، لأن الدستور لا يتيح الطعن بقرارات المحكمة الاتحادية. ومحاولة تقديم مذكرات "طعون" بهذا الشكل يمكن تفسيرها كالتالي:

  1. رسالة سياسية للداخل والخارج، خاصة إلى الكويت.
  2. محاولة لتخفيف الضغط الشعبي دون الاصطدام العلني بالقضاء.
  3. مناورة شكلية قد تكون أقرب إلى طلب "تفسير" أو "إعادة نظر سياسية" منها إلى طعن قانوني فعلي.

لماذا هذه الخطوة خطيرة؟

لأنها تطرح تساؤلات جدية: • هل تُحترم قرارات القضاء فعلاً؟  ما مدى التزام السلطات بفكرة الدولة الدستورية؟ • وهل سيتحول القضاء إلى جزء من لعبة الموازنات السياسية؟

أي تهاون في احترام قرارات المحكمة يُعد سابقة خطيرة تهدد هيبة الدولة، وتضعف ثقة المواطنين بمؤسساتها.

زيارة وفد مجلس القضاء إلى الكويت: تعزيز التعاون القانوني وتأكيد هيبة القضاء

في وقت حساس يخص قضية اتفاقية خور عبد الله، زار وفد من مجلس القضاء الأعلى العراقي الكويت، في خطوة تمثل إشارة قوية نحو تعزيز التعاون القضائي بين العراق والكويت. تأتي هذه الزيارة في وقت تجري فيه المحكمة الاتحادية تأجيلًا للحكم بالطعن ضد القرار، وهو ما يعكس مساعي العراق للحفاظ على التوازن بين الالتزامات الدولية واحترام السيادة القانونية.

الزيارة أيضاً تأتي في إطار تعزيز العلاقات القضائية بين البلدين، بما يضمن معالجة القضايا العالقة، وفي الوقت نفسه يرسخ مبدأ استقلال القضاء في العراق. ومع ذلك، يبقى من المهم أن يُنظر إلى القرارات القضائية باعتبارها قرارات نهائية لا تقبل الجدل أو الضغط السياسي، وتطبيق هذه المبادئ هو ما يعزز ثقة المواطنين بالمؤسسات الوطنية.

احترام القضاء أساس الدولة

إن قرارات المحكمة الاتحادية ليست وجهة نظر، بل مرجعية دستورية ملزمة. والخضوع لها لا يعني الضعف السياسي، بل هو دليل على احترام الدستور وسيادة القانون. في اللحظة التي يصبح فيها قرار المحكمة موضوعاً للنقاش السياسي أو التفاوض، نكون قد بدأنا نتخلى عن الدولة القانونية لحساب الفوضى الدستورية.

إن مسؤولية احترام القضاء، وخاصة من قبل أعلى سلطتين في البلاد، لا تقبل المجاملة أو التبرير، بل تتطلب انضباطاً دستورياً صارماً، حفاظًا على وحدة الدولة، وثقة الشعب، وكرامة المؤسسات.

إن هذه القضية، التي تجمع بين التزامات العراق الدولية واحترام أحكام المحكمة الاتحادية، تمثل اختبارًا حقيقيًا لسيادة القانون في العراق. وبينما يواصل العراق مسار تعزيز علاقاته الدولية، يجب أن يكون التزامه بالقرارات القضائية الوطنية هو الأساس الذي يبني عليه الثقة الشعبية والاستقرار المؤسسي.

ــــــــــــــ

* نائب رئيس مركز بغداد للتنمية القانونية والاقتصادية

*******************************************************

استحضار التاريخ لطمس الصراع الطبقي

رضي السمّاك

عرف تاريخ الأقطار العربية مراحل من الانحطاط الحضاري، منها قصيرة الأجل وأُخرى طويلة، بيد أن مرحلتنا الحالية هي الأخطر، فمنذ فجر النهضة الثقافية العربية أواسط القرن التاسع عشر، لم يشهد تاريخ الأُمة، هذا التراجع النهضوي المتزايد كما تشهده الآن، لا بل ما يثير الدهشة، أنه كلما تطورت الثورات التكنولوجية في الغرب بقفزات متلاحقة ازداد تخلفنا بقفزات أكبر إلى الخلف حضارياً، حتى بات الإنسان الواعي سياسياً يترحم على ما كانت عليه أوضاعنا العربية المأساوية بالأمس القريب لما كانت عليه في سني النهوض. على أن أخطر ما في هذه الردة الثقافية السياسية هو استحضار التاريخ وتمثله وربطه بالمرويات الدينية، سواء الصحيح منها أو المشكوك في صحتها وهي الأكثر، وذلك بغية تغييب الصراعات الطبقية في بلداننا العربية وتزييف وعي الجماهير والطبقات الشعبية ذات المصلحة في التغيير السياسي بما يخدم مصالحها وحقوقها. إن الطبقات العليا والأنظمة الحاكمة هي المستفيدة من استحضار التاريخ وإلهائها بصراعاته وكأنه تاريخاً وقع بالأمس، لا تاريخاً مضى عليه ما ينيف على ألف وأربعمئة سنة. وهكذا تجد كل فئة اجتماعية دينية تبذل "جهاداً" استثنائياً وتحارب بشدة في سبيل إثبات أن مروياتها الدينية التاريخية هي الأصح، وتُكذّب مرويات الفئة الاجتماعية الدينية الأخرى التي جعلتها خصماً لها، بل لا تتورع عن تفكيرها، ويحشد كل طرف من المرويات والحوادث التي تدعم أحاجيجه ما أنزل الله بها من سلطان لدغدغة عواطف جماهيره الدينية وحشدها ضد الفئة الأخرى، حتى باتت القضايا المصيرية الوطنية ذات الأبعاد الطبقية والقومية تتوارى إلى الخلف من حيث الأولويات. ومما يثير السخرية حقاً أنه يجري توظيف ثمرة ما وصل إليه العقل الغربي من تقدم هائل في عالم الاتصالات لنشر الثقافة الظلامية في عالمنا العربي على أوسع نطاق وجعلها ميداناً للحروب الإعلامية الدينية والفئوية، لتزييف الوعي الطبقي ومقدمة لحروب التكفير، في حين لو كان الغرب ما زال مستغرقاً في حروبه الدينية التاريخية المعروفة لما وصل إلى ما وصل إليه من تطور هائل مذهل في التقدم التكنولوجي.

لقد بدأت معالم الردة عن الثقافة المستنيرة في أعقاب هزيمة 1967، ثم أخذت تتصاعد بمعدلات رهيبة في منتهى الخطورة منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي، حتى بلغت ذروتها المخيفة في وقتنا الراهن. وتأسيساً على كل ما تقدم فقد بات لزاماً على القوى اليسارية توظيف أقصى طاقاتها ونضالاتها لرسم خريطة الطريق للخروج من هذه الوهدة الحضارية المتعاظمة، خصوصاً في ظل المتسارعة للغاية لتلك الردة الحضارية إلى الخلف والتي لا يستفيد منها سوى أعداء شعوبنا العربية في الداخل والخارج.

************************************************

حماية المكتسبات الديمقراطية واجب وطني: حان الوقت للتغيير الشامل

أسامة عبد الكريم

في لحظات الانسداد السياسي والاجتماعي، تختبر قيمة الديمقراطية ومعناها الحقيقي في حياة الشعوب. فالحرية، بوصفها التعبير الأسمى عن كرامة الإنسان، لا تستقيم من دون ديمقراطية تضمن الحق في التعبير والتنظيم والاختلاف والمساءلة. الديمقراطية والحرية ليستا مفهومين منفصلين، بل هما شرط متبادل: لا حرية بلا ديمقراطية فعلية، ولا ديمقراطية بلا ضمانات للحقوق والحريات الأساسية. لكن الحرية، كما تُمارس في ظل أنظمة طبقية، كثيرًا ما تُفرّغ من مضمونها التحرري وتُختزل في حرية السوق والتنافس الفردي، بينما تُقيد حرية الجماعة وتُحاصر نضالاتها بشروط النظام القائم.

النموذج السائد للديمقراطية اليوم هو ما يُعرف بالديمقراطية البرجوازية، التي تمأسست في ظل الرأسمالية الغربية. هذا النموذج يمنح الأفراد حق الاقتراع والتمثيل، لكنه يبقي على جوهر السلطة بيد الطبقات المالكة، عبر أدوات إعلامية وتشريعية واقتصادية. إنها ديمقراطية مؤسسات، نعم، لكنها مؤسسات تخضع في قراراتها الاستراتيجية لمصالح السوق. في مثل هذا النظام، تمارس السلطة بواجهات حزبية وانتخابية، لكن من دون مساس بالبنية العميقة التي تعيد إنتاج الفقر والتفاوت وتكريس الهيمنة. وهكذا تصبح الديمقراطية شكلية، تدار من فوق، وتستعمل لتبرير السياسات بدل أن تكون وسيلة لتغييرها.

أما الديمقراطية الاشتراكية، فهي مشروع آخر كليًا، يقوم على إشراك الشعب في صياغة القرار، لا فقط في اختيار ممثليه. إنها ديمقراطية تُبنى على قاعدة العدالة الاجتماعية، والمساواة الاقتصادية، والملكية الجماعية للموارد الأساسية. في هذا النموذج، لا ينفصل السياسي عن الاقتصادي، بل يتحرر الإنسان من علاقات الاستغلال، ويستعيد المجتمع قدرته على تخطيط حياته وفق حاجاته، لا وفق أرباح الشركات. الديمقراطية الاشتراكية تنطلق من الجماهير، وتعود إليها، وهي الوحيدة التي تجعل من الحرية أداة للتحرر الجماعي، لا امتيازًا فرديًا مشروطًا.

إن الطريق نحو الاشتراكية ليس طريقًا مغلقًا، بل مسار تراكمي، يبدأ من النضال من أجل الحقوق اليومية، ويمتد نحو تغيير شامل في طبيعة السلطة والإنتاج والمعرفة. هذا الطريق لا يُرسم في المكاتب، بل في الشوارع والمصانع والجامعات، حيث تنبض حياة الناس وتتشكل مطالبهم. الانتقال إلى الاشتراكية لا يتم عبر الانقلاب، بل عبر بناء وعي جماعي، وتنظيم قوى اجتماعية قادرة على فرض إرادتها، وتطوير بدائل ملموسة للنظام القائم. الاشتراكية ليست وعدًا مؤجلًا، بل هي ممارسة تبدأ من الآن، حين يدافع الناس عن حقهم في التعليم والصحة والعيش الكريم، ويربطون بين معاناتهم اليومية وطبيعة النظام الاقتصادي والسياسي الذي يكرّسها.

لقد بات من الضروري اليوم تعزيز وعي الجماهير بمفهوم الديمقراطية الحقيقي، بعيدًا عن الشوائب التي علقت به نتيجة تراكمات الماضي القريب والبعيد. فبعد عام 2003، ورغم الانفتاح السياسي الشكلي، لم تُمنح الجماهير فرصة كافية لفهم الديمقراطية كممارسة شعبية تُبنى على الحقوق والمشاركة والمحاسبة. ما ترسّخ في وعي الكثيرين هو اختزال الديمقراطية في صناديق الاقتراع، بينما ظلّت أدوات القمع الناعمة والهيمنة الحزبية تعيد إنتاج أشكال جديدة من الاستبداد، مموّهة بلغة توافقية تدار من قبل نخبة برجوازية تستتر خلف خطاب المحاصصة. لقد أُفرغت الديمقراطية من جوهرها التحرري، وتحوّلت إلى واجهة لإدامة السلطة، لا إلى وسيلة للتغيير. من هنا، تأتي المبادرة كمحاولة جادّة لاستعادة المعنى الشعبي للديمقراطية، ونقله من مستوى الشعارات إلى مستوى الفعل اليومي، عبر توعية الناس بحقيقة أن الديمقراطية ليست هبة من أحد، بل ثمرة نضال مستمر، وشرط أساسي لأي عدالة اجتماعية منشودة.

إن حماية الديمقراطية ليست مهمة قانونية أو تقنية، بل هي فعل مقاومة ضد التهميش والاستغلال. وهي تبدأ حين يرى الناس أنفسهم شركاء في القرار، لا رعايا في دولة تتحكم بها أقلية. من هنا، تنطلق هذه المبادرة لتعيد للديمقراطية معناها الشعبي والجذري، وتفتح أفقًا جديدًا لنضالنا من أجل مجتمع أكثر عدالة وحرية.

**************************************************

شيوعيو الهندية يحتفلون بذكرى ميلاد حزبهم

الهندية – غانم الجاسور

أقامت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في قضاء الهندية، أول أمس الجمعة، حفلا في مناسبة الذكرى 91 لتأسيس الحزب.

حضر الحفل الذي أقيم في "كازينو الفرات"، جمع من الشيوعيين وأصدقائهم ومحبيهم، إلى جانب سكرتير محلية الحزب في كربلاء الرفيق مرتجى فاضل ومسؤول المختصة الثقافية في المحلية الرفيق سلام القريني، وأعضاء المحلية. ومن بابل حضر د. علي إبراهيم والشاعر عادل الياسري. كذلك حضرت مسؤولة رابطة المرأة العراقية في كربلاء الرفيقة كوثر كاظم ناصر، وعن التيار الديمقراطي حضر الأستاذ نعمة هادي الفتلاوي.

أدار الحفل الرفيق خالد الكفري، واستهله مرحبا بالحاضرين ومشيدا بالحزب ومسيرته النضالية، وبشهدائه الذين جادوا بأنفسهم في سبيل الوطن الحر والشعب السعيد.

بعدها  القى الرفيق حسن مهدي كلمة باسم المنظمة، مما قاله فيها: "سيبقى حزبنا يواصل مسيرته النضالية في قلوب الجماهير الناهضة"، مضيفا أن الحزب خلال 91 عاما، منذ بزوغ نجمه البطولي، ناضل من أجل الاستقلال الوطني والعيش الكريم وتأمين الحريات الديمقراطية لجماهير الشعب، وضمان حقوق العمال والفلاحين وكافة شغيلة اليد والفكر.

وأشار الكفري إلى أن "العراق يمر بظروف واوضاع شديدة التعقيد انتجها نظام المحاصصة الطائفية المقيت، الذي كان سببا في تشويه الديمقراطية ورعاية الفساد وإضعاف الوحدة الوطنية"، مؤكدا أن "الحزب الشيوعي العراقي هو ضمير ووجدان وامل كل الطبقات الاجتماعية المحرومة والمضطهدة، وهو المعبر الحقيقي عن تطلعات كل الاحرار وكافة ابناء الشعب دون تمييز".

ثم تطرق إلى الأزمات الكبيرة الراهنة، جراء الانسداد السياسي، والمحاصصة الطائفية والاثنية التي أفضت إلى تركز السلطات والثروات الوطنية بيد الأقلية، وإلى ترسيخ الاقتصاد الريعي وتفاقم التفاوت الاجتماعي والطبقي، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة وتفشي الأمية وتردي التعليم، وتراجع هيبة الدولة واستشراء الفساد وانتشار السلاح المنفلت والتضييق على الحريات الشخصية والعامة.  

وفي سياق الحفل، ألقى عدد من الشعراء قصائد في المناسبة، وهم كل من د. حاتم عباس بصيلة  الشافعي ومؤيد الخالدي وعادل الياسري. فيما ألقت الرفيقة كوثر كاظم ناصر كلمة باسم رابطة المرأة، أعقبها الأستاذ نعمة هادي الفتلاوي بكلمة باسم التيار الديمقراطي.

ثم جرى حوار بين الحضور وسكرتير المنظمة الرفيق هادي الكفري، حول ماهية الحزب وأهدافه السامية. 

وفي الختام، جرى توزيع ألواح تقديرية على المساهمين في الحفل، وهم كل من د. حاتم عباس بصيلة الشافعي، الشاعر الشعبي مؤيد الخالدي، المهندس المعماري عادل عزيز الوالي والأستاذ نعمة هادي الفتلاوي. وقد تناوب على توزيع الألواح الرفيقان د. علي إبراهيم وسلام القريني.

****************************************************

الصفحة التاسعة

مباريات حاسمة لتحديد الفائز في دوري المحترفين لكرة السلة

بغداد – طريق الشعب

أعلن الاتحاد العراقي لكرة السلة، عن مباريات تحديد المركزين الاول والثاني، والثالث والرابع لدوري المحترفين بكرة السلة للموسم 2024-2025.

وقال نائب رئيس الاتحاد خالد نجم، إن "مباراة واحدة حاسمة ستحدد الفريق الفائز بالمركزين الثالث والرابع والذي ستجمع فريق الكرخ والشرطة، حيث تقام المباراة في قاعة الشعب المغلقة في بغداد مساء اليوم الأحد الموافق 27 من الشهر الجاري".

وأضاف، أن "فريقين سيخوضان سلسلة من مباريات يتم من خلال نتائجها تحديد الفريق الحائز على اللقب بعد تحقيقه أكبر عدد من الانتصارات"، مبينا ان "عدد المواجهات تصل إلى خمس، والتي ستجمع فريقي الدفاع الجوي ودجلة الجامعة".

وأشار نجم إلى أن، "المباراة الاولى تقام مساء يوم الثلاثاء المقبل الموافق 29 من الشهر الجاري، والثانية يوم الجمعة الموافق 2 من شهر ايار المقبل، والثالثة يوم الاثنين الموافق 5 من شهر أيار، والمباراة الرابعة يوم الخميس الموافق 8 من أيار، والمباراة الاخيرة يوم الأحد الموافق 11 من أيار".

واوضح أن "كل المباريات ستقام مساءً في قاعة الشعب المغلقة ببغداد"، لافتاً إلى انه "بإمكان اي فريق من الدفاع الجوي ودجلة الجامعة حسم اللقب من أول ثلاث مباريات في حال فاز أحدهما بثلاث مباريات متتالية".

**********************************************

اختتام بطولة اندية بغداد المفتوحة للجوجيتسو

بغداد – طريق الشعب

اختتمت أمس السبت، بطولة اندية بغداد المفتوحة للجوجيتسو لفئتي الشباب والمتقدمين.

وقال رئيس الاتحاد العراقي مخلص حسن، إن "البطولة أُقيمت في بغداد للفترة من 25 إلى 26 نيسان 2025 في المركز التخصصي التابع لاتحاد المصارعة في ملعب الشعب بمشاركة تسعة اندية عراقية. وأضاف ان "البطولة شهدت تنافساً حاداً بين اللاعبين، وقد أفرزت عناصر شابة واعدة ستكون قاعدة للمنتخب الوطني". كما أشار حسن إلى أن النتائج الختامية لفئة الشباب أسفرت عن حصول نادي المصافي على المركز الأول، وحل نادي الشباب بالمركز الثاني، بينما جاء نادي الشعلة ثالثاً، ثم نادي العدل بالمركز الرابع.

وتابع رئيس الاتحاد القول "أما نتائج المتقدمين أسفرت عن تتويج نادي امانة بغداد بالمركز الأول، وحل نادي الشباب ثانيا، ثم نادي الحدود بالمركز الثالث، يليه نادي الشعلة رابعاً".

***************************************

يد العراق تستعد للبطولة العربية في السليمانية

السليمانية – طريق الشعب

انطلق في محافظة السليمانية بإقليم كوردستان، أخيراً، المعسكر التدريبي للمنتخب الوطني العراقي لكرة اليد استعدادا للبطولة العربية المقبلة.

وقال رئيس الاتحاد العراقي لكرة اليد أحمد رياض، إن "المنتخب باشر اليوم تدريباته بمعسكر السليمانية استعدادا للبطولة العربية في الكويت"، مبينا ان "الفريق العراقي يستعد بتدريباته في السليمانية تحت إشراف المدرب الكرواتي كوران بيركوفيتج والذي يستمر لمدة 7 أيام يجري خلالها وحدتين تدريبية صباحية ومسائية لإيصال اللاعبين إلى الجاهزية التامة".

وأشار إلى ان "منتخب يد العراق سيشارك في البطولة العربية الـ 10 والتي ستنطلق في دولة الكويت للمدة من 5 ولغاية 11 من شهر أيار المقبل بمشاركة 9 منتخبات عربية"، موضحا أن "البطولة ستقام خلال فترة التوقف الدولي".

**********************************************

منع جمهور زاخو ونوروز من الدخول إلى الملاعب

بغداد – طريق الشعب

قرر الاتحاد العراقي لكرة القدم حرمان جماهير ناديي نوروز وزاخو من دخولِ الملاعب على أرضهم المفترضة لحين البت في تلك الأحداث والمخالفات التي رافقت مباراة الفريقين التي جرت في ملعب نوروز لحساب الجولة الـ(29) من دوري النجوم للموسم الحالي (2024-2025).

وذكر بيان لاتحاد الكرة أنه "بسبب الأحداث التي جرت أثناء مباراة ناديي نوروز وزاخو والتي أقيمت على أديم ملعب نوروز ضمن دوري نجوم العراق للموسم 2025/2024، ولغرضِ فسح المجال أمام اللجنة لدراسة مقاطع الفيديو، وتقارير حكم ومشرف المباراة والمنسق الأمنيِّ، التي تخصُّ الأحداث المؤلمةَ التي رافقت المباراةَ بشكلٍ مفصلٍ ودقيقٍ، واستناداً للصلاحياتِ المخولة إلينا بموجب المواد (88) و (90) و (167) من لائحة الانضباط للموسم 2025/2024، عليه ولكل ما تقدم، قررنا حرمان جماهير ناديي نوروز وزاخو من دخولِ الملاعب على أرضهم المفترضة لحين البت في تلك الأحداث والمخالفات".

***********************************************

سيتي يواجه نوتنجهام على طريق نهائي الكأس الانجليزي

بغداد - وكالات

شدد بيب جوارديولا، مدرب مانشستر سيتي، على ضرورة أن يتفوق فريقه على كتيبة نوتنجهام فورست الدفاعية، من أجل الوصول لنهائي كأس الاتحاد الإنجليزي للمرة الثالثة على التوالي.

وذكرت وكالة الأنباء البريطانية أن مانشستر سيتي، الفائز بلقب الكأس في 2023 ووصيف الموسم الماضي، يبتعد 90 دقيقة من التواجد في النهائي، حيث يتأهب الفريق لمواجهة نوتنجهام فورست اليوم الأحد في الدور قبل النهائي.

وبعد تواجده في صراع تفادي الهبوط في آخر موسمين، أصبح فورست يمثل واحدة من قصص النجاحات في الدور الممتاز هذا الموسم، وعلى الأرجح سيقدم اختبارا صعبا لمانشستر سيتي.

وينافس نوتنجهام، بقيادة مدربه نونو سانتو، أيضا مانشستر سيتي على مقعد في دوري أبطال أوروبا، ويمتلك ثالث أقوى دفاع في الدوري الممتاز، بينما يتصدر الحارس ماتز سيلس سباق الفوز بجائزة القفاز الذهبي.

وقال جوارديولا: "سيكون من الجيد الوصول للنهائي للمرة الثالثة على التوالي، ولكن علينا أن نتغلب على منافس قوي".

***********************************************

الفيفا تدعو المنتخب الكروي للمشاركة في كأس العرب 2025

بغداد – طريق الشعب

تلقى الاتحاد العراقي لكرة القدم، أمس، دعوة رسمية من رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفانتينو لمشاركة المنتخب الوطني في كأس العرب 2025.

وذكر بيان لاتحاد كرة القدم، أن "رئيس الاتحادِ العراقيّ لكرة القدم عدنان درجال تلقى رسالةً من رئيسِ الاتحاد الدوليّ لكرة القدم جياني إنفانتينو، يدعو فيها المنتخبَ الوطنيّ العراقيّ للمشاركةِ في بطولة كأس العرب 2025 التي ستقام في قطر نهاية العام الحالي".

وقال إنفانتينو في رسالته: إنه "لمن دواعي سروري البالغ أن أوجهَ دعوةً لمنتخبكم الوطنيّ الأول للرجال للمشاركةِ في كأس العرب 2025، التي ستقام في دولةِ قطر نهاية العام"، مضيفًا، أنه "بعد النجاحِ الباهرِ الذي حققته النسخة الأولى من كأس العرب في عام 2021، يسعدنا أن نشهدَ عودةَ هذه البطولة المرموقة التي توحدُ العالمَ العربيَّ بأكمله، حيث من المقررِ أن تقام المرحلةُ النهائية في المدة من 1 إلى 18 كانون الأول المقبل".

وأضاف، أن "الشغفَ والحماسَ الذي أظهره المشجعون في جميع أنحاء المنطقة والعالم العربي وخارجه جعل النسخةَ الأولى مميزةً حقًا، ونتطلعُ بشغفٍ إلى إحياءِ تلك الروح مرةً أخرى، حيث ستسافر فرقٌ من قارتين تربطهما مجموعةٌ مشتركةٌ من القيمِ والثقافة، ولكن أيضًا هناك حب حقيقي وشغف بكرةِ القدم، في الرحلة إلى قطر".

وأكد إنفانتينو، أن "البطولة ستعرض بلا شك أفضلَ ما في كرةِ القدم العربية داخل الملعب وخارجه - تمامًا كما فعلت قبل أربع سنوات - مما يوفرُ فرصةً قيّمةً لكرةِ القدم عالية المستوى في ملاعب حديثة ومرافق كرة قدم من أفضل فئتها، مما يذكرنا جميعًا باللحظاتِ الرائعةِ لكأس العالم قطر 2022، وهي الأفضلُ حتى الآن".

وتابع إنفانتينو، "أتطلع إلى تلقي تأكيد مشاركتكم، والترحيب بكم وبفريقكم في قطر لما يعد بأن يكون احتفالًا استثنائيًا بكرةِ القدم العربية".

********************************************

وقفة رياضية.. عقليات علمية ومتطورة لقيادة الأندية العراقية

منعم جابر

القيادة الرياضية للقطاع الرياضي العراقي يتطلب منها ان تكون في المجالات الرياضية حصراً بالكادر المتخصص بالشأن الرياضي والشبابي وأن الجهات الفاعلة في هذا القطاع هم المتخصصون والعاملون بالشأن الرياضي والشبابي والعاملون في الرياضة المدرسية والجامعية والناشطون في الأندية والاتحادات الرياضية وخاصة حاملي الشهادات العلمية والأكاديمية في المجالات الرياضية والشبابية. وهذا التوجه يتطلب اندفاع وتوجه الطاقات المتخصصة بالنشاطات الرياضية والشبابية للعمل في هذه المؤسسات الرسمية والجماهيرية والشعبية. وان تواجد هذه التخصصات في مجالات عملها الفعلي سيؤدي إلى نجاح العمل الرياضي والشبابي وتجاوز أخطاء المرحلة السابقة لأن العاملين في هذه المجالات هم من المتخصصين والخبراء وسيكون عملهم ناجحاً ومدروساً وبالتالي نتخلص من مرحلة التجربة والخطأ، لأن العاملين في هذا المجال سيكونون متمتعين بالخبرة العلمية والميدانية. لهذا نقول لأحبتنا العاملين في هذه المؤسسات الرياضية (أندية واتحادات رياضية ولجنة اولمبية) هم من المتخصصين وحملة الشهادات العليا والأولية في الرياضة والشباب. وهذا ما يساعدهم على التفوق والنجاح. لذا أقول للمسؤولين وقادة الدولة عليكم بأن لا تسمحوا لغير المتخصصين للعمل في قيادة الرياضية العراقية وفي أي موقع بقيادة أي مفصل رياضي كان، وقد كنا في الأزمنة الماضية نعتمد على بعض الشخصيات غير المتخصصة بالرياضة بسبب قلة الكوادر والقيادات غير المتخصصة لتقدم الصفوف في قيادة المؤسسات الرياضية مما تسبب في تراجع المواقع الرياضية وفشل المؤسسات القائدة للرياضة، أما اليوم فأطالب أحبتي الرياضيين بان يفتحوا الطريق أمام المختصين بالشأن الرياضي لتقدم الصفوف وقيادة المؤسسات الرياضية لأنهم بتواجدهم في المؤسسات الرياضية سيساهمون بتقدم هذه المؤسسات وهذه الألعاب وبالتالي نجد تقدماً كبيراً في المجتمع الرياضي (أندية واتحادات رياضية وقيادة اولمبية) كل ذلك سيؤدي إلى إبعاد غير المتخصصين بالشأن الرياضي. لهذا أقول لأحبتنا الرياضيين عليكم أن تتواجدوا في الأندية والاتحادات الرياضية وفي كل ميادين وساحات العمل الرياضي. لكن الملاحظ أن أهل الرياضة والمتخصصون بالعمل الرياضي نجدهم يبتعدون أو يبعدون عن التواجد في المؤسسات الرياضي ما يحرم هذه المؤسسات منهم ومن خبراتهم وقابلياتهم العلمية والمعرفية وبالتالي ضياع هذه الطاقات المختصة والعارفة بالعمل وعلومه.

لقد كانت المؤسسات الرياضية قبل 2003 تقاد بشكل ارتجالي وفوضوي وحسب رغبات (قادتها) لكن الحال أصبح واضحاً وجلياً اليوم. لان البعض حاول ان يخلط الأوراق وتسرب البعض من غير المختصين بالشأن الرياضي للعمل في الأندية والاتحادات الرياضية. ولكن بدأت الأمور تأخذ شكلها الطبيعي وجرت محاولات لإبعاد الطارئين والانتهازيين ونجح بعضها لكن لا زال البعض متشبثاً في موقعه، لذا نطالب باعتماد عقليات علمية ومتطورة لقيادة المؤسسات الرياضية وخاصة الأندية والاتحادات الرياضية لأن هذه المؤسسات الرياضية يكون لها أثر بالغ ومؤثر في تطور ونهوض الواقع الرياضي. إن تطهير المؤسسات الرياضية من العناصر السيئة والنفعية والانتهازية سيدفع بالواقع الرياضي إلى التقدم والرقي، وهنا اضع مقترح امام القيادة الرياضية بعدم السماح لرئيس المؤسسة الرياضية بان يعيد ترشيح نفسه لأكثر من دورتين انتخابيتين إضافة إلى أمين السر. لان هذا سيساعد على عدم التفكير باحتكار الموقع وبالتالي نمو ظاهرة (دكتاتورية). وهذا ما لاحظناه في الكثير من الأندية والاتحادات الرياضية وحتى في قيادة الأولمبية حيث تسيد البعض لأكثر من عشر سنوات في موقعه دون نجاحات وتفوق وانجازات.

*********************************************

الصفحة العاشرة

لينين وجانب من نتاجه الفلسفي

ربيع ديركي*

وضعت أعمال كارل ماركس وفريدريك انجلز أسس المنهجية المادية الديالكتيكية لمفهوم العلوم وتطورها وارتباطها بالواقع الموضوعي وحاجات الإنتاج، مبرزة دور البراكسيس (الممارسة)، أيضاً، في حقل المعرفة وتطورها ونموها، بذلك اشتملت الماركسية على مفهوم جديد ثوري للعلوم وللفلسفة انتقدت فيه المفهوم المثالي، والمفهوم المادي الميكانيكي لهما، في المنهجية نفسها أضاءَ لينين على جوانب من نظرية ماركس وانجلز حول نظرية المعرفة ومفهوم الديالكتيك وعلاقة الوعي بالمادة، ومفهوم البراكسيس وارتباطه بنظرية المعرفة والممارسة السياسية ونقده للفلسفة المثالية، النقد الذي يشكل، مع أعمال ماركس وانجلز، أسس نقد الفلسفة المثالية التي، بجميع تياراتها ومذاهبها، ومنها الوضعية Positivism بالطبع، تسعى إلى تأويل الاكتشافات العلميَّة لشن هجوم مضاد على النظرية الماركسية – اللينينية بهدف إنكار، بالوهم، علميتها.

في الذكرى الـ 101 لرحيل فلاديمير لينين (22 أبريل 1870 – 21 يناير 1924) قائد الثورة الاشتراكية ومؤسس أول دولة اشتراكية نسلط الضوء على جانب من نقد لينين للتيار المثالي في الفلسفة، والمادي الميكانيكي، وذلك من خلال نقده للتأويل المثالي للاكتشافات العلميَّة ورأس حربته الوضعية وتأويلها لها في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، لإبراز جانب مهم من نتاج لينين، ومحوري في النظرية الماركسية، أي جانب من نتاجه الفلسفي، وبالطبع لسنا هنا بصدد دراسة متكاملة تبرز نتاج لينين الفلسفي بالكامل فهذا موضوع دراسة شاملة لا يتسع المجال لها الآن وهنا.

أهميَّة كتاب “المادية والمذهب التجريبي النقدي” وموقعه في الدراسات الفلسفية

خاض لينين معركة فلسفية ضد المثالية ومحاولات استخدامها للاكتشافات العلميَّة، وفق تأويلها المثالي لها، لدحض الفلسفة الماركسية. في معركته الفلسفية أظهرَ لينين الارتباط المادي الديالكتيكي بين الفلسفة والسياسة، والخلفية السياسية للهجوم على الفلسفة الماركسية – اللينينية، والأبرز في ذلك يكمن في عمق اطلاعه على النتاج الفلسفي في تلك الحقبة التاريخية ورده الفلسفي العميق عليها. كتابات لينين الفلسفية موجودة في ثلاثة أعمال هي كتيب “من هم أصدقاء الشعب” الذي ميز فيه بين الديالكتيكي الماركسي والديالكتيك الهيغلي، إضافة إلى توسيع مفهوم الديالكتيك؛ وكتاب “المادية والمذهب التجريبي [الأمبيريقي] النقدي”  Materialism and Empirio- Criticism  الذي صدر في شهر أيار/ مايو العام 1909 وينطوي على نقاش فلسفي ممتع في عمقه وتماسكه ضد الفلسفة المثالية بمختلف تياراتها ومذاهبها، كما يتجلى فيه مفهوم الارتباط المادي الديالكتيكي بين الفلسفة والسياسة وما يدلل على ذلك حكاية تأليف هذا الكتاب الذي أتى رداً على مفكرين بلاشفة أبرزهم الكسندر بوغدانوف دعوا لأفكار سياسية عدمية وفلسفة لا عقلانيَة وهي آراء وضعية، آراء مارخ (النقدية الأمبيريقية)، التحريفية، فقد طلب الروائي الشهير مكسيم غوركي من لينين، مناقشة تلك الآراء الوضعية والرد عليها. لقد دعا بوغدانوف إلى تجديد الماركسية بناء على التغير الذي حصل في العلوم الفيزيائية وبالتالي قيام فلسفة للعلم جديدة “وقد كان يبدو لبوﻏدانوف أن ماخ وغيره من التجريبيين النقديين صاغوا الشروط الفلسفية للعلم الجديد كأدق ما تكون الصياغة، فسعى هو إلى التّأليف بين مواقفهم الفلسفية وبين مبادئ المادية التاريخيّة تأليفاً دعاه باسم ”الواحدية التجريبية“ (Empirio- monisme):  كصّيغة ماركسية للنقدية التجريبية” (بن سوسان جيرار، لابيكا جورج، معجم الماركسية النقدي، ترجمة جماعية، دار محمد علي للنشر، صفاقس، دار الفارابي، بيروت، ط.1، 2003. ص. 1315)، وعملوا على أن تكون هي الأساس الفلسفي للماركسية، بدلاً من المادية الديالكتيكية، هذا الطرح الفلسفي وما يحمله من خلفية سياسية انتقده لينين وأظهر أنه يعيد أطروحات فلسفة القرن الثامن عشر الميكانيكية وتجريبية هيوم ولا أدريته، مظهراً البعد الفلسفي للماركسية؛ أما العمل الثالث الذي وضع فيه لينين طروحات فلسفية هو “دفاتر فلسفية” ولكنه عمل غير مكتمل.

يعد كتاب “المادية والمذهب التجريبي النقدي” أحد أهم الكتب التي يظهر فيها البُعد الفلسفي للماركسية وقدرتها على نقد الاتجاهات الفلسفية السائدة، شن فيه لينين هجومه على الأكاديميين ومفهومهم للفلسفة الذين جعلوها أداة في يد السلطة للدفاع عنها لشن هجوم على الفكر الثوري وتشويه الوعي تحت ذريعة النقاء الفلسفي، لذلك تعرَّضَ الكتاب للكثير من محاولات التشكيك بخلفيته الفلسفية بهدف تحنيط الفلسفة في برجها العاجي ومنع أن تكون الفلسفة أداة من أدوات النضال الثوري ضد الأيديولوجية البرجوازية المسيطرة وفلسفتها. وقد أبرز ألتوسير الخلفية الفلسفية لكتاب لينين من خلال إبرازه لمفهوم البراكسيس في كتابه “تأهيل إلى الفلسفة للذين ليسوا بفلاسفة” (ترجمة الياس شاكر، دار الفارابي، بيروت، ط1، 2017)، وما حمله مفهوم البراكسيس من تغيير لمفهوم الفلسفة وجعلها أداة من أدوات التغيير.

أهمية كتاب لينين “المادية والمذهب التجريبي النقدي” في الدراسات الفلسفية وأهمية الفلسفة الماركسية وجديدها الثوري، أبرزها العديد من المفكرين البارزين في عالمنا العربي، نذكر منهم، بحسب اطلاعنا، محمود أمين العالِم الذي يُعد كتابه “فلسفة المصادفة”، وهو بحث لنيل درجة علميَّة من جامعة القاهرة، أحد الكتب الرئيسة في اللغة العربية، لنقد الوضعية بمنهجية مادية علمية، فقد شكل كتاب لينين “المادية والمذهب التجريبي النقدي”، مادة رئيسة في تطوير أفكار محمود أمين العالِم وقلبها رأساً على عقب، بعد أن كانت تسيطر عليه الفلسفة المثالية التي حاول فيها تقويض الموضوعية العلمية، باعتراف العالِم في تمهيده لكتابه، وأنّ اطلاعه على كتاب لينين قاده إلى كتاب انجلز “ديالكتيك الطبيعة”، واعترف العالِم أن لهذين الكتابين دورهما في تقويضه للفكر المثالي الذي كان يأخذ به. ويشير العالِم إلى مسألة مهمة تفضح مدى هيمنة الفكر المثالي على الصروح الأكاديمية وممارسة قمعه لأية محاولة لنقدها، هي أنه لم يستطع، في بحثه الأكاديمي، الإفصاح بالدور الذي لعبه كتاب لينين وكتاب انجلز في قلب أفكاره المثالية، لذلك يقول العالِم إنه استعان بمصطلح “تكميلية” في “الموضع الذي أردت أن أستخدم فيه كلمة ”الجدلية“. وكان هذا مخاطرة فكرية بغير شك. إذ أن ”التكميلية“ مصطلح معروف يختلف اختلافاً كبيراً عن ”الجدلية“، بل يتضمن مدلولاً مثالياً توفيقياً”. (العالِم، محمود أمين، فلسفة المصادفة بحث في الفلسفة العلمية يؤكد الأساس الموضوعي للمصادفة ويحدد دلالتها في الفيزياء الحديثة، مكتبة الأسرة، القاهرة مصر، لا. ط، 2003 ص.9). وأظهر د. هشام غصيب، بشكل رئيس في كتابه “جدل الوعي العلمي إشكالات الإنتاج الاجتماعي للمعرفة”، من خلال نقده للوضعية وما بعد الوضعية، أهميَّة موقع لينين في الدراسات الفلسفية وموقع كتابه “المادية والمذهب التجريبي النقدي” الذي في ضوءِ المنهجية المادية الديالكتيكية لنقد الوضعية، والفلسفة المثالية، وضع لينين، بتحديد د. هشام غصيب، الأبيستمولوجيا المادية. الإقرار بأهميَّة كتاب “المادية والمذهب التجريبي النقدي” يعترف به د. محمد عابد الجابري، وهو غير ماركسي، الذي قال إن رد لينين على الوضعية وظاهراتية ماخ “في كتابه ”المادية والمذهب التجريبي النقدي“، هذا الكتاب الذي لم يظهر بعد عند السوفيات، في حدود علمنا، ما يوازيه اطلاعاً وقوة حجة”. (الجابري، محمد عابد، مدخل إلى فلسفة العلوم العقلانية المعاصرة وتطور الفكر العلمي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط3، 1994.ص.445).

نقد “المثالية الفيزيائية”

في هذه العجالة السريعة نقصر التركيز على قضية رئيسة انتقد فيها لينين المذهب الوضعي في تلك المرحلة التاريخية، أي “المثالية الفيزيائية”، والتيار المثالي في الفلسفة بمختلف مذاهبه واتجاهاته، التي تشكل، في الوقت نفسه، أسس المفهوم الماركسي – اللينيني لفلسفة العلم. لقد أدت الاكتشافات العلمية الحديثة إلى انهيار مبادئ الفيزياء القديمة وقوانينها، نتيجة لذلك ظهر في تلك الفترة التاريخية، ما عُرِف بـ “أزمة الفيزياء”، التي وجد فيها أرنست ماخ، وهنري بوانكاريه، وفيلهلم أوستفالد، وكارل بيرسون وغيرهم، فرصة لإلغاء السمة المادية للفيزياء بمعنى “نبذ الواقع الموضوعي القائم خارج الوعي، أي الاستعاضة عن المادية بالمثالية واللاعرفانية [اللاأدرية]”. (لينين، فلاديمير، المختارات، 10 مج، مج 4، ترجمة شاهين، الياس، دار التقدم، موسكو، لا ط، 1978، ص. 331)؛ أما السبب الثاني، العام، لـ “أزمة” الفيزياء وانتشار “المثالية” الفيزيائية”، فهو اتساع دور الرياضيات في الفيزياء، مفيدة ممَّا تتمتع به من قدرة على معرفة قوانين الطبيعة والتنبؤ بها، إلا أنها قادت إلى الاهتمام بوصف المعطيات التجريبية، رياضياً، بدلاً من عكس العمليات الواقعية، (علاقة الرياضيات بالتجربة حللها فريدريك انجلز في كتابه “انتي دوهرينغ“. القسم الأوَّل، “الفلسفة”، مبحث، “التصنيف – القَبْليَّة”). وبالتالي حصرت مهمة العلم في الوصف الموجز لمعطيات التجربة ونزعت عنه الصفة التفسيرية والاكتشاف، وهو موقف أكده كارل بيرسون في كتابه قواعد العلم بقوله: “لا يظن أي أحد أن العلم يفسر أي شيء، كلنا ننظر إليه على أنه وصف موجز، كاقتصاد للفكر”؛ أما أرنست ماخ فجعل مهمة العلم، في كتابه تحليل الحواس مقتصرة على اكتشاف نظام المحاكاة بين حواسنا التي تمكننا من التنبؤ بحواس مستقبلية. في هذا الاتجاه من التفكير وصلَ ماخ وأوستفالد إلى نفي وجود الذرات في الواقع الموضوعي. اتجاه كشف لينين خلفيته المثالية بقوله إنَّ “الاقتراب من عناصر متجانسة وبسيطة من عناصر المادة تجيز قوانين حركتها المعالجة الرياضية، يؤدي الى نسيان المادة من قبل الرياضيين. ”المادة تزول“ وتبقى المعادلات فقط. وفي المرحلة الجديدة من التطور، تظهر بطريقة جديدة (…)، الفكرة الكانطية القديمة القائلة ان العقل يملي القوانين على الطبيعة”. (لينين فلاديمير، مختارات، مج4، مصدر سابق، ص. 397).

لينين والمفهوم المادي الديالكتيكي لعمليات الطبيعة

تحليل لينين للاكتشافات الفيزيائية الحديثة انطلق من إبرازه للجانب الديالكتيكي لعمليات الطبيعة، حيث ركز في نقده لـ”المثالية الفيزيائية” على مسألة فلسفية في غاية الأهمية هي نقد الفهم الميكانيكي وحيد الجانب لتلك الاكتشافات، الذي قادَ إلى نفي مبادئ الفيزياء الكلاسيكية نفياً، ميكانيكياً؛ وإلى الوقوع في ما يُسمَى نسبية معارفنا. مذهب في المعرفة نقده لينين، وأعطى، في الوقت نفسه، المعنى الديالكتيكي لنسبية معارفنا، بتأكيده أن التفكير يستطيع “ان يعطينا وهو يعطينا الحقيقة المطلقة التي تتكون من مجمل الحقائق النسبية. وكل درجة في تطور العلم تضيف ذرات جديدة الى مجمل الحقيقة المطلقة هذه، ولكن حدود حقيقة كل موضوعة علمية هي حدود نسبية لأنها تتسع تارة وتضيق طوراً جراء نمو المعرفة اللاحق”. (لينين فلاديمير، مختارات، مج4، مصدر سابق، ص. ص 168-169).

ومن المسائل التي استخدمها أتباع “المثالية” الفيزيائية” في هجومهم على المادية، مسألة إعلان الفيزيائيين “زوال المادة” وإرجاعهم المادة إلى الكهرباء، مسألة وجدوا فيها فرصة لإنكار الوجود الموضوعي للمادة. موقف انتقده لينين بتحديده أنه عندما يقول الفيزيائيون إنَّ ”المادة تزول“ “فإنهم يريدون ان يقولوا بذلك ان علم الطبيعيات حصر حتى الآن جميع بحوثه للعالم الفيزيائي في المفاهيم الأخيرة الثلاثة: المادة، الكهرباء، الاثير؛ أما الآن، فيبقى الاخيران فقط. لأنه يمكن حصر المادة في الكهرباء“. (المصدر نفسه، ص 334. مراجعة الملاحظة رقم 78، ص. ص 492-493). إذن، يوضح لينين أن العلم قد توصل إلى اكتشاف أشكال جديدة للمادة وحركتها وليس إنكار الوجود الموضوعي للمادة، وبالتالي لا يوجد تناقض ميكانيكي بين المادة والوعي، إذ إن الخاصية “الوحيدة للمادة، التي تربط المادية الفلسفية بالاعتراف بها انما هي خاصة [خاصية] أن تكون واقعية موضوعية، أن توجد خارج وعينا”. (لينين فلاديمير، المختارات مج 4، مصدر سابق، ص 335). كما سعى أصحاب الفكر المثالي إلى استخدام اكتشاف الالكترون لتأكيد “زوال المادة” انتقده لينين انطلاقاً من أن “الالكترون لا ينضب، مثله مثل الذرة، والطبيعة لا متناهية، ولكنها توجد إلى ما لا نهاية؛ وان هذا الاعتراف القاطع الوحيد، والمطلق الوحيد بوجودها خارج وعي الانسان واحساسه هو الذي يميز المادية الديالكتيكية عن اللاعرفانية [اللا أدرية] النسبية وعن المثالية”. (المصدر نفسه، ص337).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*سكرتير تحرير منصة "تقدم"

منصة "تقدم" – 21 كانون الثاني 2025

******************************************

تجديد التصورات عند ماركس.. حول المجتمعات ما قبل الرأسمالية والإيكولوجيا

ثامر الصفار

كانت دراسات ماركس الشاملة حول المشاعة الريفية الروسية خلال سبعينيات القرن التاسع عشر قد تجسدت في آخر عملين له: مسودات الرسالة إلى زاسوليتج (1881) ومقدمة الطبعة الروسية من (البيان الشيوعي) (1882)، حيث أعرب عن رأيه النهائي بأن المشاعة الريفية الروسية يمكن أن تصبح نقطة انطلاق للتحول الاشتراكي في روسيا.

«يمكن "للمشاعة الريفية" الروسية أن تحافظ على نفسها من خلال تطوير أساسها، الملكية العامة للأراضي ، ومن خلال القضاء على مبدأ الملكية الخاصة المتضمن فيها أيضًا ؛ يمكنها أن تصبح نقطة انطلاق مباشرة للنظام الاقتصادي الذي يميل المجتمع الحديث نحوه ؛ يمكنها قلب صفحة جديدة دون أن تباشر بقتل نفسها؛ يمكنها جني الثمار التي أغنى بها الإنتاج الرأسمالي البشرية، دون المرور بالنظام الرأسمالي، وهو نظام، لا يُنظر إليه إلا من وجهة نظر مدته المحتملة في حياة المجتمع. ولكن علينا أن نهبط من النظرية البحتة إلى الواقع الروسي».(مسودات الرسالة الى زاسوليتج ، مرجع سابق).

ومع ذلك، لم ينس ماركس الإصرار على ضرورة ارتباط المشاعة الريفية الروسية بالحركة الثورية للطبقة العاملة وكذلك بتكنولوجيات المجتمعات الغربية الأوروبية كشروط مسبقة لنجاح الثورة الريفية في روسيا. يقول ماركس بأن:

«التطور الشيوعي يمكن أن يكون احتمالا حقيقيا في روسيا غير الرأسمالية، إذا تمكنت الثورة الروسية من الارتباط بنظيرتها المبنية على أساس الحركة العمالية الغربية» (مسودات الرسالة الى زاسوليتج ، مرجع سابق).

لقد لعبت حالة التداخل والتقاطع بين الطبقة والعرق والعنصرية والقومية دوراً كبيراً في تطور فكر ماركس ونظريته فيما يتعلق بالحركات العمالية البيضاء في الولايات المتحدة التي كان فشلها محتماً طالما انها لم تطالب بإلغاء العبودية والتمييز العنصري؛ وكذلك العمال الإنجليز الذين كان مصيرهم الفشل أيضًا لعدم قدرتهم على دعم قضية الشعب الأيرلندي من أجل استقلال أيرلندا. كان ماركس، طوال حياته الفكرية، يغير توصراته نحو إعطاء وزن أكبر للحركات القومية في الدول التابعة مثل بولندا وأيرلندا والهند وغيرها. إن هذه السياسات لا تتناسب مع مصالح الحركات العمالية في البلدان المتقدمة. وقد رافق هذا التغيير تحول آخر في وجهة نظره بشأن تاريخ العالم المعاصر من التطور أحادي الخط إلى التطور متعدد الخطوط.

في القسم الرابع من طبعة MEGA المجلد 18 ثمة مقتطفات أخرى، الى جانب المقتطفات من ماورر، قام بها ماركس تعود الى كارل نيكولاوس فراس، وهي تكشف عن مرحلة جديدة في تطور نظرية ماركس حول علم الإيكولوجيا. ولقياس عمق نقد ماركس للرأسمالية، من الضروري النظر في أن ماركس كان يجمع بين نظرة ثاقبة في تاريخ المجتمعات غير الرأسمالية وما قبل الرأسمالية مع نظرة عميقة في علم الإيكولوجيا، حيث ركز على الآثار المدمرة (وليس الحضارية) التي تسببها الرأسمالية من وجهتي النظر التاليتين: (1) الدمار والعنف الذي ألحقته رأسمالية أوروبا الغربية بمناطق هامشية من العالم (ليس فقط المستعمرات الرأسمالية)، و (2) الصدع الأيضي (التبادل المادي) بين الإنسان والطبيعة، وتدمير النظام الإيكولوجي والتغيرات المناخية المسببة للتصحر. في عام 1866، قرأ ماركس أعمال عالم الكيمياء الزراعية الألماني يوستوس فون ليبيخ أثناء عمله على مسودة لنظرية الريع، وقد فصلت في أبحاث سابقة تأثير ليبيخ على ماركس (الماركسية والإيكولوجيا، الطبعات 1،2،3). وقد اقتنع ماركس بفضل ليبيخ بأن الزراعة الرأسمالية استنفدت الأرض وخربت العلاقة الأيضية بين الإنسان والطبيعة. ففي الطبعة الأولى من (رأس المال) - 1867، أدخل ماركس ملاحظة موجزة عن الصناعة الكبرى والزراعة في نهاية الفصل الرابع "الآلات والصناعات الكبيرة" حيث عبر عن أعلى احترام لليبيخ لأن «شروحاته المفصلة حول تاريخ الزراعة تحتوي على نظرة ثاقبة أكثر من أعمال جميع الاقتصاديين السياسيين المعاصرين». لكنه لم يتوقف عند ليبيخ.

في كانون الثاني/ يناير من عام 1868، واجه ماركس أعمال مهندس زراعي في ميونيخ ، كارل نيكولاوس فراس (1810-1875) (انظر رسالة ماركس إلى إنجلز من 3 كانون الثاني/ يناير 1868)، الذي أثار إعجابه بشدة لدرجة أنه استنسخ مقتطفات تفصيلية منه. لقد طور فراس فكرة أكثر جدية فيما يتعلق بتخريب عملية التبادل المادي بين الإنسان والطبيعة (الأيض) مقارنة بما طرحه ليبيخ. حيث وضح فراس، بالتفصيل، كيف تسبب عملية إزالة الغابات لتحويل ارضها الى حقوق زراعية في جفاف وارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي الذي كان له دور كبير في تدمير التربة وانهيار وزوال عدد من الحضارات. ان ماركس يدين لفراس بأنه تعلم أن القضايا المتعلقة بـ "السيطرة الواعية" على عملية الأيض بين الإنسان والطبيعة ترتبط ارتباطا وثيقا بمشكلة التغيرات المناخية التي لها منظور طويل الأجل أكثر من تاريخ الرأسمالية. وبالضد من ليبيخ، الذي حاول التعامل مع استنفاد الأرض من خلال استخدام الأسمدة الكيماوية المناسبة، اقترح فراس تقنية لتحقيق أفضل استخدام لقوى الطبيعة الدائمة مثل الأنهار الغرينية. أطلق عليها اسم Kraftkultur (ثقافة القوة). وكبديل للزراعة الاستغلالية، اصبح ماركس يفكر في الزراعة التي ترتكز على القوى الترميمية المتأصلة في عملية الأيض نفسها.

وهكذا، تمكن ماركس من التغلب في النهاية على تصوره السابق حول التأثيرات الحضارية لرأس المال من خلال الجانبين النظريين التاليين اللذين اكتسبهما في المراحل الأخيرة من حياته: (1) الاعتراف بالأدوار الإيجابية للمجتمعات غير الرأسمالية وما قبل الرأسمالية في تجاوز الرأسمالية، و(2) اكتشاف قوى الطبيعة المرنة في عملية الأيض لمقاومة استنزاف الأرض الناجم عن الزراعة الرأسمالية.

*****************************************************

الصفحة الحادية عشر

جمعة اللامي اجتمعت الكلمات في بيدرك

لم تكن الأقلام التي كتبت هنا عن الفقيد المبدع التقدمي جمعة اللامي، قد كتبت تحت ظرف الواجب تجاه زميل عزيز ورفيق نقي وانسان مضيء ومبدع مزهر؛ وانما كتبت تحت عوامل كثيرة ليس لأن الفقيد مات في الغربة، ولا لأنه لم يأخذ قسطه الكافي من هواء الوطن، وانما لأنه كان انسان قدّ من المحبة سواء من رفاقه في الحزب وزملائه في العمل ومن يأخذ من بيدر حروفه النيرة..

من هنا كان جمعة اللامي تجتمع عنده الكلمات، فهو البيدر الذي تصطفيه الحياة، مثلما يصطفيه المجد.

************************************************

جمعة اللامي صانع الجغرافيا المتخيلة للسرد

فاضل ثامر

القاص والروائي جمعة اللامي، الذي رحل عن عالمنا فجأة في السابع عشر من شهر نيسان الجاري 2025، يظل دائماً منذ أن تعرفت عليه في سجن نقرة السلمان عام 1963 وسجن الحلة عام 1965 ذلك الفتى الشيوعي المتمرد والمتصوف في آن واحد، الذي يحب عزلته وغربته الشخصية، ولا يرتضي بشيء ثابت او مكرر. فهو يبحث دائماً عن المختلف والإشكالي ويشاكس الأعراف السردية مصطدماً بقوة بجدار اللغة والشكل

. عرفناه لأول مرة عبر مجموعته القصصية المبكرة " من قتل حكمة الشامي" التي صدرت عام 1965 بوصفه قاصاً تجريبياً وحداثياً من رواد الحداثة القصصية في الستينات في العراق.

لقد إرتبطت نزعة الحداثة آنذاك، لدى معظم قصاصي الستينات، ومنهم جمعة اللامي، بمحاولة " إبهار" القارئ، وربما صدمه ببنيات سردية، كتابية ومرئية مغايرة، وابلاغه أن ثمة جيلاً جديدً،قد دخل ميدان السرد بقوة، وأن ثمة بنى سردية بديلة بدأت بالتشكل على أنقاض البنى السردية التقليدية. لذا لم تقتصر "من قتل حكمة الشامي" على الكتابة السردية فقط، بل إقترنت بالصورة والتخطيط ودوائر الرؤيا والفنطازيا، وهي كفيلة باصطياد وعي القارئ واستدراجه الى فضاء تجربته السردية والرؤيوية الساخنة.

لقد مال جمعة اللامي، منذ بدايته الى أسطرة شخصياته، والى النزول الى القاع الاجتماعي للمجتمع العراقي لاقتناص الشخصيات المهمشة والمنبوذة والغريبة، كما سعى لاكتشاف قارات جغرافية جديدة،لم يكتشفها أحد من قبل، منها اكتشافه لمدينة " اليشن" الميسانية، وهو يعترف بأنها مدينة اكتشفها في خرائطه الشخصية، وتقع جنوب محافظة ميسان، ومن الممكن ايجادها بسهولة اذا ما حاول المرء اكتشاف خرائطه الشخصية. ويعلن القاص بأنه بعد أن اكتشف أرضه الخاصة، في هذه الصحراء الكونية، المترامية الأطراف، راح يبحث عن محراثه الذي لا يشبه أي محرات آخر، وبدأ بحراثة حقله، وفي الجغرافيا التي يختارها، حيث وجد أن أسلوبه الذي يبتغي، هو المضمون أيضاً، ويقول بثقة عن توحده مع نصه:

"أنا هو نصي وحدي، الواقف على قدمّي الصلبتين، في مواجهة هاويتين."

لم تكن نصوص جمعة اللامي تحمل دائما تجنيساً سردياً واضحاً، ففيها يختلط السردي بالشعري، والواقعي بالفنطازي، والعرفاني بالصوفي.

"المستنقعات، والطيور، والافاعي، القصب، البردي، اللا إكتراث، حالات التخدر وانثلام الذاكرة : أنا"

كما يشغل الموقف الصوفي، مساحة كبيرة في سرد جمعة اللامي، حيث تتكرر ظاهرتي الحلول والتناسخ، فضلاً عن الشطحات الصوفية والعرفانية:

"أقول، كان الذي أعز من نفسي مقيماً تحت جلدي، يقاسمني النوم والصحو، وله عندي منزلة. (ص 42) 

وتكشف قصص جمعة اللامي ورواياته عن نزعة ميتا سردية واضحة، وحضور للقارئ:

"لم أتأكد من صحة هذه الرواية بعد، رغم أن وثائق مجلس المدينة أشارت الى الجد العاشر." (ص 38)

ويظل قريباً من قرائه وهو يحاورهم، في اشارة ميتا سردية واضحة:

"أشعر أن بعضكم يلومني لهذا السرد. حسناً أيها القراء كفّوا عن غلوائكم بعض الشيء. " (ص 15)

قد تبدو الكثير من كتابات جمعة اللامي السردية، منفلتة وتفتقد الى الانضباط البنيوي السردي، وتغدو أحياناً مثل هذيانات سوريالية خالية من المنطق والترابط، ولكن ماذا في ذلك:

أليس السرد الهذياني لوناً من السرد، له شعريته الخاصة، وهذا ما تتطلبه نصوص جمعة اللامي: الانفتاح والاستعداد لتلقي المدهش والمفاجئ والمفارق دفعةً واحدة، للاندراج في فضاء المتعة الروحية، واقتناص اللذة التي بشر بها رولان بارت عند تلقي النص.

رحل جمعة اللامي بعد أن أثث مكتبةً سردية شامخة، وخلق مدناً متخيلة وخرائط لجغرافيا فنطازية واسطورية للسرد القصصي والروائي العراقي.

*************************************************

بالأبيض والأسود.. تأمل في صورتين لجمعة اللامي

محمد خضير

اقتطعتُ صورتين من ألبوم جمعة اللامي الشخصيّ، كي أتأمل حالتين من حالات الجسد والكتابة، في سنوات حياته التي قاربت الثمانين (العمارة ١٩٤٧- الشارقة ٢٠٢٥).

  في الصورتين (إحداهما بالبيجامة المقلّمة، والثانية بالبدلة البيضاء الناصعة) مسافة يجب أن نملأها بالحقائق، بما كان يتصل بحقبة سوداء عقب انقلاب شباط ١٩٦٣ (اعتقال جمعة وسجنه في نقرة السلمان) وحقبة تالية بيضاء (النأي والتبرؤ والاستكانة لحالات من التأمل الصوفيّ) وكلتاهما علامة على نوعين من النصوص السردية. الصورة الأولى: علامة على سرديات المنشأ القرويّ والهجرة للمدينة والعمل الصحفيّ والتباس الصداقة، اشتباكها في ثنائيات متضادة، وثلاثيات درامية فاجعة. والصورة الثانية: انسحاب السرد من مناقعه الأولى، إقامة علاقات مع غرباء المهجر، الابتعاد والتحليق في سماء الذات. التحاف الجسد بزيّه الأبيض مثل كفن.

غدا تنافرُ الملبسين تعالقاً اضطرارياً بنصوص الّلامي السردية والمقالية، الناطقة بلسان مرحلتين، سوداء وبيضاء؛ وأيضاً معياراّ لحياة صلبة وأخرى شفافة وهائمة، بقوة الزمن الواقعي القاهر أولاً، ثم بالإشارة الصوفية ثانية؛ فقد صارت المسافة بينهما عُرياً فاضحاً يجب إكساؤه بزيّ وهيأة وعلامة دالة على كاتب غير قابل للحكم والتعيير والحيازة المكانية والزمانية. إنه التنافر الضروريّ بين الحبس والحرية، والسكن في أقصى الارض، اللازم لصون اللسان والروح من الانحدار أكثر فأكثر نحو الهاوية- هاوية السلطة وحواشيها الإيديولوجية.

في صورة الّلامي بالبيجامة المقلّمة توافق مع التحدي المكشوف، والصرخة الصامتة. صرخة النفس المعذبة، وصمت العائلة المذنِبة. ويبدو الّلامي في صورة السجن هذه في أعلى استعداده للبوح والسخرية من وضعه، بإضافة السيجارة المعلّقة في طرف شفتيه المطبقتين. أما إذا أضفنا القبّعةَ المسطّحة إلى البذلة البيضاء الناصعة، في الصورة الثانية، الملتقطة من مكان إقامته في الشارقة، على طرف الخليج البعيد، فقد يدلّنا الزيُّ الأنيق على تنافر حقيقيّ آخر مفاده انكفاء الوجه المقبَّع على اعتلاله، استسلامه للرياح المالحة، للمرض الوسِخ، المتسلل تحت القماش النظيف.

في المحاكاة الحوارية التي نشرتُها بعنوان (محاورات حديقة زينب) يجيب جمعة اللامي على سؤال: من أين تأتي الفكرة وكيف تظهر: "الفكرة لا تترهّل، ولا تسوَّد بسواد حياتنا. إنها وضحاء، طليقة كمُهر؛ لكنها قد تختفي وتسافر ثم ترجع لتلازمنا كظلّنا. نحن كُتل من هواجس وأضابير، بعضها فوق بعض وفي بعض".

  بهذه السمات، أو من تعالقها مع نوعي زيّ الّلامي، قد تأتي "الفكرة" أيضاً، حيث اختفت سنوات طويلة، قبل تحرّرها وتلاطم موجاتها في النصوص المتبقية على شواطئ البحر الفسيح.

 

***********************************************

من قتل جمعة اللامي؟ يوسف المحمداوي

داء الفشل الكلوي البغيض هو من قتل أديبنا الكبير جمعة  ليسرق من الوسط الادبي أحد عمالقة السرد، والشيوعي الثائر الذي تنقل بين سجون الحكومات الاستبدادية منذ ستينيات القرن الماضي ليرسم لنا لوحة زاهية عن النضال الحقيقي والوطنية الناصعة البياض كنصاعة اسمه في ارشيف الذاكرة الجمعية.

عمارتلي الهوى

ولد الراحل جمعة عجيل درويش راشد اللامي في محافظة ميسان عام 1947 وعاش طفولته في منطقة الطيب ومحلة الماجدية، وكونت تلك الطفولة بذرة العشق الكبير لمدينة العمارة النتي خصها في الكثير من اعماله الادبية مثل مجموعته القصصية " اليشن " و " ابن ميسان في عزلته " و" المسألة الفلاحية في العراق"  وغيرها من المؤلفات التي يراها البعض وكأنه قضي سنوات حياته في مدينة العمارة  مسقط رأسه، كما اسس في منفاه الاختياري  في الشارقة " مركز الشارقة - ميسان العالمي للحوار والتنمية الثقافية " ، ولكن ما يثير الدهشة ان جمعة المشاكس انتقل مع عائلته الى بغداد في العام 1959، وباشر في نشر اعماله في الصحف والمجلات العربية بعد انتمائه للحزب الشيوعي العراقي، ولنشاطه الحزبي ايام سيطرة الحرس القومي على السلطة أدخل السجن في العام 1963.

ضياع مجموعته الاولى

للسجن تأثيره الادبي الكبير على اللامي وباعترافه في احدى المقابلات الصحفية أكد قائلا:" في السجن صرت كاتبا محترفا" ، ولسوء حظ المكتبة العربية ان عمله الاول الذي كتبه في العام 1967 ضاعت مخطوطته والذي يوثق فيه حياته في السجن، لتصبح مجموعته الاولى التي استنبطت عنوان مقالتي منها هي " من قتل حكمة الشامي" التي كتبها في سجن الحلة عام 1967 والتي ناضل اللامي كثيرا وعانى من الرقابة بصراع مرير ليستطيع نشرها في العام 1976،لتتوالى بعدها انجازاته الادبية الكبيرة التي شكلت حضورا مميزا بالمكتبة العربية والعراقية التي منها " اليشن، الثلاثيات، المقامة اللامية، مجنون زينب، ترجمان العشاق، التراجيديا العراقية " ولم تغب الرواية عن القاص اللامي ليتحف المكتبة الادبية برواياته الثلاث " المقامة اللامية، مجنون زينب، عيون زينب، الثلاثية الاولى " وخرج اللامي من عباءة السرد القصصي والروائي ليبحر في عالم الدراسات ومن دراساته المهمة " قضية ثورة، الصراع والوحدة في منظمة التحرير الفلسطينية، دراسة ثقافية تاريخية في الشخصية العربية، والمسألة الفلاحية في العراق" وغيرها من الدراسات الاخرى.

رحلته الاعلامية

اللامي على الرغم من انشغالاته الأدبية؛ دخل الوسط الاعلامي عن طريق منشوراته في الصحف والمجلات العراقية والعربية، ففي بداية سبعينيات القرن الماضي ترأس اللامي تحرير مجلة "وعي العمال" ولنجاحه في تطويرها تحول بعدها كمدير لتحرير مجلة "ألف باء"، ومع اشتداد سطوة النظام البعثي وتحكمه في الاعلام غادر اللامي الشيوعي الى الامارات في العام 1979 ليستقر فيها الى يوم رحيله الابدي في يوم الخميس السابع عشر من نيسان هذا العام عن عمر ناهز" 78" عاما، وفي دولة الامارات عمل ابا عمار في صحيفتي "الخليج" و"الاتحاد" وكان الابرز من بين الاقلام العربية العاملة في تلك الصحيفتين، وبعد نجاحه الاعلامي اختير كخبير ثقافي لدائرة الثقافة والاعلام في امارة عجمان.

جوائزه وبيانات النعي

حاز اللامي في مسيرته الابداعية على العديد من الجوائز الادبية منها: " فوزه بالمركز الأول للقصة القصيرة في المؤتمر الأول للكتاب الشباب في العام 1977" و " جائزة السلطان قابوس للابداع الثقافي" وجائزة العنقاء الذهبية الدولية في العام 2007" و" قلادة الابداع ".

نعي اللامي  الذي عجت به صفحات التواصل الاجتماعي لهذا الرجل، دليل واضح وجلي على نقاء سريرة هذا المبدع وبياض وجهه وموقفه الرافض للطغيان وديكتاتوريات الجور والاضطهاد، لذلك نعته الحكومة العراقية ممثلة بدولة رئيس الوزراء السوداني الذي قدم العزاء للوسط الثقافي والادبي برحيل اللامي، ووجه السوداني بالتكفل بنقل جثمان الفقيد من دولة الامارات العربية المتحدة الى مثواه الأخير في أرض الوطن. وكان السيد السوداني قبل وفاة اللامي أوعز بارسال وفد ادبي للاطمئنان على صحته وتلبية احتياجاته ، وكان الوفد مكونا من المستشار الثقافي لرئاسة الوزراء الشاعر عارف الساعدي، والامين العام لاتحاد ادباء وكتاب العراق الشاعر عمر السراي، والشاعر حميد قاسم لكن القدر لم يمهله طويلا، وقد رثاه اتحاد الجواهري في بيان تعزية قائلا: " ينعى الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق القاص الكبير جمعة اللامي الذي فارق الحياة بعد مسيرة طويلة وكبيرة وحافلة في عوالم السرد والمقالة والثقافة والادب..... الرحمة والمغفرة لروحه الطاهرة والسلوان لاهله ومحبيه ووسطنا الثقافي العراقي، والوسط العربي".

عشق اللامي لدجلة

اصدقاء رحلته في الادب والصحافة، شغلت صفحاتهم الشخصية عالم الفيسبوك عبر مقالات الاستذكار لهذه القامة الادبية اللامعة  ومنها على سبيل المثال لا الحصر استذكار الروائي والقاص عبد الستار البيضاني الذي نقتطف منه قوله" عندما اخبرني المبدع الكبير جمعة اللامي انه سيزور بغداد ، قررت مع الصديق الروائي حميد المختار، ان نحتفي به بطريقة استثنائية، وبعد وصوله بايام اصطحبناه الى شارع ابو نواس ودعوته على عشاء ( سمك مسكوف) في المطعم البغدادي ومعنا كانت السيدة ام عمار التي حسمت قلقي بعدم تناوله الطعام بقولها " ترى ابو عمار ما يكل شيء، كل الاكل ممنوع عليه"  وبكلمات مرتعشة، اضاف ابو عمار: ( ما اريد اي شيء خلوني اشبع شوف من دجلة)، تركت يده كي اجلب كرسي ليجلس عليه، لكنه رفض الكرسي، وجلس على تراب الجرف غير مكترث بتلوث بدلته الرسمية بالتراب، وكنا انا وحميد نستمع وكأن حديثه ترتيل صلاة وداع للمدينة ونهرها، لتكون تلويحة وداع أخيرة من الدنيا، وقد رفض نفض التراب عن ملابسه عندما نهضنا" وختم البيضاني بكائيته على صاحبه بقوله " رحل جمعة اللامي خلف حلم مازلنا نتحسسه بجوارحنا بعد حياة ضاجة لا تعرف السكون، نحتاج الكثير من المساحة والوقت لتدوينها....الكلام لايفيك حقك ياصديقي...وداعا جمعة اللامي المبدع الشرس المهيوب الكريم، الحنون" .

أول هدية لحبيبتي

ابكاني وبحرقة ما كتبه الشاعر والاعلامي علي وجيه وهو يقول "  صباح العافية ابا عمار، صباح الورد على جبينك الأسمر، ايها العمارتلي العجيب، مرة، وما زلت احببت إمرأة اسمها نورا سالم حساني الحلفي، عمارتلية، مثلك، مثل جدي سيد عباس، وذهبت لها بفترة الخطوبة، وقلت لها : هل تحبين القراءة؟ فقالت نعم، أهديتها أعمالك الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بمجلدين...أيها العمارتلي الحاد، كانت أول هدية لحبيبتي في حينها، الآن وأنا جالس لوحدي، محاطا بالكتب، ويصلني خبر موتك، فرحت لك، تعبت كثيرا ياعماه، تعبت كثيرا، منذ تواصلنا أول مرة، منذ عقد، حتى وفاتك، وأنا بين الاحتفاء بك، وبين تمني الشفاء العاجل....لكن هذا لايليق بك، يابيرغ الشرجية... ياوكح نكرة السلمان، أيها القصير وأطول من أرى في الصور الجماعية، الزلمة، ارى مظفر النواب بمنزلك، أراك واقفا مع درويش والماغوط، وانت أطول منهم، أيها القصير....سأشتاق لك كثيرا، عمي المشرشب! لان هدية خطوبتي، أعني نصوصك، بنت بيتي، ولي من العمارتلية أربعة أطفال، ببركة تلك الهدية، وداعة الله يا مجنون زينب.. ويا خنجر الفارس وسيفه، أود أن ارثيك حتى يستطيل النص ليكون كتابا، لكنني منهك عمي.,..سلاما لمن نحب، أقيلك على يديك"، وانا اشارك عليا الوجع واختم مقالي بدارمي حزين للعمارتلي والشيوعي جمعة قائلا:

"جمعه أراد أون عليك ونة عماره سولتها تالي الليل كاس وجكاره"

*********************************************

جمعة اللامي كاتب لم يغادر العراق، حتى حين غادره

زياد جسام

هل يمكن للإنسان ان يغادر وطنه، دون أن يغادره؟

هذا ما فعله جمعة اللامي طوال عقود المنفى الطويلة، حين ظل اكثر عراقية من كثير ممن لم يغادروا أرض العراق قط. رحل اللامي، الذي كان روحا قلقة تسكن النص، وتراقب البلاد من مسافة القلب، لم تكن الغربة بالنسبة له رحلة خارج المكان، بل امتدادا لجرح مفتوح اسمه العراق. ولد في العمارة، حيث يرزح تحت ثقل التاريخ والجوع والطين. ومن هناك بدأ وعيه الوطني والسياسي، كان شابا يساريا، شيوعيا في زمن كان فيه الفكر موقفا لا ترفا. اعتقل في شبابه، وزج به في سجن نقرة السلمان، وصار ذاك السجن مع الزمن رمزا للرعب وللتحدي. خرج من هناك لا منكسرا ولا نادما، بل اشد تمسكا بالحياة، واعمق ايمانا بوطن يستحق الكتابة والموت من اجله.

ما يميز اللامي حقا، انه لم يحول تجربته السياسية الى نصوص، ولا انتماءه الأيديولوجي الى هوية صلبة تقصي الآخر.. كان يساريا بنكهة انسانية شفافة، يرى في العراق اكثر من خريطة او شعار، يراه اما، بيتا، ترابا لا يعوض.. ولهذا حين غادر العراق، اخذه معه في حقيبة الروح، لا حقيبة السفر. كان يمكن له ان يستقر، ان يندمج، ان يتحول الى كاتب منفي يعيش على هامش اوطان الآخرين، لكنه اختار أن يبقى حيث بدأ، في هم العراق. ظل يكتب ويدافع ويبكي عليه. لم ينخرط في تسويات المنفى، ولا في حسابات ما بعد الاحتلال، ولا في موجات التصفيق الموسمي، كان وفيا للحقيقة، وأشد وفاء لما تبقى من ضميره العراقي.

في نصوصه، العراق ليس مكانا فقط، بل شخصية حية تتألم، تتكلم، وتتلوى. الوطن عنده ليس فكرة رومانسية، بل جرح يومي، يمتد من الجنوبي المنسي الى المنفي في الشام، الى الحالم بالعودة وهو يعرف انها لن تتم. ولهذا كان جمهوره من الناس البسطاء قبل النخب، من اولئك الذين شعروا انه يشبههم، لأنه لم يدر ظهره يوما لمعاناتهم.

كان جمعة اللامي صوتا للمهمشين، للمنفيين، للمقموعين بحب عميق، صادق، حزين. حب يجعلك تفهم لماذا يكتب بهذا الألم، ولماذا لا يستطيع الانفصال عن وطنه رغم سنوات النفي. كأنه كان يعاقب بحبه، ويعيش على قسوته، دون ان يطلب ثمنا او عرفانا.

في سيرته، لا تجد بهرجة الجوائز، ولا ضجيج الاحتفالات، بل تجد رجلا عاش بكرامة داخل النص، وكرامة خارج الشهرة. ظل وفيا لقيمه، لأصدقائه، لوطنه، حتى وهو يرى البلاد تتاكل، والأحلام تنكسر، والخرائط تتغير.

**********************************************

الصفحة الثانية عشر

في اتحاد الأدباء العراقيين احتفاء بالروائي كريم كطافة

متابعة – طريق الشعب

عقد الاتحاد العام للأدباء والكتاب الخميس الماضي، جلسة حوارية أدبية احتفاء بالروائي كريم كطافة وتجربته الإبداعية، حضرها وشارك فيها جمع من الأدباء والمثقفين.

الجلسة التي التأمت على قاعة الجواهري في مقر الاتحاد، أدارها الروائي رياض داخل، واستبقها بتقديم نبذة عن المحتفى به، واصفا إياه بـ"أحد أبرز الأصوات السردية التي تمكنت من خرق السائد وكسر قوالبه".

وفي مفتتح حديثه، قال كطافة انه "لا أستطيع أن أزعم بأن الكتابة كانت همي منذ فترة طويلة. كل الذي حصل هو أن التجربة الحياتية الاستثنائية التي عشتها دعتني إلى الكتابة، بما فيها من تنوع وأحداث وتناقضات وتحولات".

وأشار إلى أن "لغة الرواية قائمة بذاتها، تختلف عن لغة الشعر وغيره من الأجناس الأدبية. فهي لغة تفكير ووعي، فضلاً عن كونها لغة (الواشي العظيم) الذي يعبّر عن طبيعة الكاتب وبيئة انتمائه".

وعن دواعي الكتابة، أوضح كطافة أنه "أكتب لمعالجة جرح من الجراح التي تعرضت لها وعشتها وتعايشت معها في حياتي. فعندما أوثق ذلك الجرح في الكتابة أشعر بأنني قد شفيت منه، وهذه هي مهمة الكتابة".

ثم ألقى الضوء على تجربته في كتابة السيناريو، لأفلام سينمائية وروائية.

وشهدت الجلسة حوارات مع المحتفى به، وشهادات ومداخلات حول تجربته السردية، والجانب الإنساني في رواياته، فضلا عن أسلوبه الذي يقترب من المونتاج السينمائي عبر إعطائه مساحة واسعة لشخصياته الروائية.

جدير بالذكر، أن الروائي كريم كطافة ولد عام 1961 في بغداد، وزاول العمل الصحفي ونشر كتابات قصصية ومقالات نقدية وثقافية كثيرة. كما أصدر روايات عديدة، منها "ليالي ابن زوال"، "حصار العنكبوت" و"قرابين الظهيرة". أما في مجال السيناريو، فقد كتب سيناريو فيلم "نصيرات"، الذي يتناول تجربة النساء المقاتلات في وحدات أنصار الحزب الشيوعي العراقي.

******************************************

  • يعقد بيت المسرح في الاتحاد العام للأدباء والكتاب بعد غد الثلاثاء، جلسة بعنوان "الشباب فضاءات متجددة/ المسرح الجامعي أنموذجاً"، يضيّف فيها الناقد والكاتب المسرحي د. رياض موسى سكران.

الجلسة التي سيُقدم خلالها طلبة قسم المسرح في كلية الفنون الجميلة بجامعة بغداد، مشهدا مسرحيا، والتي ستديرها د. سافرة ناجي، تبدأ في الساعة 5 مساء على قاعة الجواهري في مقر الاتحاد بساحة الأندلس.

********************************************

{مهرجان شمران الياسري} الثقافي

بغداد – طريق الشعب

يقيم "مركز شمران الياسري" للثقافة والآداب، يوم الخميس الأول من أيار المقبل في بغداد، "مهرجان شمران الياسري" الثقافي.

يُفتتح المهرجان في الساعة العاشرة صباحا على قاعة جمعية المهندسين العراقية، الكائنة في تقاطع الجوازات قرب ساحة الأندلس.

***********************************************

يوم الثقافة والإرث في ديالى

 بعقوبة – طريق الشعب

برعاية كلية الطب في جامعة ديالى وبالتعاون مع كليتي الفنون الجميلة والتربية للعلوم الإنسانية في الجامعة، احتضن مبنى السراي القديم في مدينة بعقوبة أخيرا، فعاليات "يوم الثقافة والارث في ديالى"، بحضور رئيس الجامعة وجمع من التدريسيين والطلبة والمواطنين، إلى جانب وفد من اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي.

ووفقا للقائمين عليها، فإن هذه الفعاليات تهدف إلى إبراز تراث ديالى الثقافي، عبر مساهمات من طلبة الجامعة والمجتمع.

وتضمنت الفعاليات معرضا للرسم والصور الفوتوغرافية التراثية، وآخر للأزياء الشعبية والحرف اليدوية والمأكولات. كما تضمنت فقرات موسيقية.

**********************************************

خارج النسق.. حين أدركت معنى {الوطنية} أصبحت شيوعيا!

 طه رشيد

لم يدر بخلدي يوما ما أن أكون شيوعيا، فأنا المنحدر من انتماء فلاحي وابن عائلة من صغار الملاكين لا يفكرون إلا في اتساع ملكياتهم أو في دفع أبنائهم للتطوع في الجيش أو الشرطة وبالتالي يحصلون على مركز للتسلط يوحي للقوة والنفوذ، إلا أن مغادرتنا القرية ونزوحنا إلى المدينة وأنا طفل صغير قرّبني من مفهوم المدينة وأبعدني عن تلك البداوة التي كنت أتلمسها في القرية، خاصة بعد الزلزال الكبير الذي حدث في ١٤ تموز ١٩٥٨! حيث تحولت محلتنا في وسط مدينة بعقوبة من اسمها القديم "الگنث " إلى محلة السلام وتم خط اسمها بشكل جميل جدا من قبل أحد شيوعيي المحلة على جدار الساحة الذي يتوسطها، ولينتصب فيها مسرح يتحلق أمامه في المساء جمع كبير من أعمار مختلفة لتقدم عليه عروض مسرحية هزلية لا تخلو من رسائل جادة.. المخرج والممثلون هم أبناء المحلة يتقدمهم الراحل أسعد سيد أحمد، الذي صار لاحقا مقدما لبرنامج تمثيلي اسمه السندباد.

ما أثار انتباهي وفي فترة مبكرة هو خلو معظم اسماء أترابي من لقب العشيرة وخلو أحاديثهم من أي إشارة طائفية، وبعضهم أصبح شيوعيا بعدها، مثل الراحل داود محمد شريف (اغتيل اثناء الحرب الطائفية) وصباح رحومي علو والراحل هادي ياس وأحمد حمد علو وغيرهم كثر.

ومن خلال هؤلاء وأحاديث بعضهم الشيقة عن الوطن والتضحية والشهادة من أجل قضاياه ومع تقدم العمر والتجربة والقراءات والبحث في التاريخ السياسي للعراق، تيقنت أن كل الانتماءات الفرعية لم تقدم للوطن أية معونة تساعده على النمو والارتقاء حتى وصلت لقناعة راسخة، وذلك قبل أكثر من 50 عاما، بأن الشيوعية هي أبهى صور تجل للوطنية، حينها قررت الانتماء لهذا الفصيل الكبير تجربة وتاريخا.

************************************************

ليلة لـ{المقام العراقي} على ضفاف دجلة

متابعة – طريق الشعب

احتضنت ضفاف دجلة قرب معهد الدراسات الموسيقية في شارع الرشيد وسط بغداد، مساء أول أمس الجمعة، حفلا موسيقيا أقامه المعهد تحت عنوان "ليلة المقام العراقي"، وشاركت فيه مجموعة من الطلبة بقيادة الفنان عمر رعد.

وعزف الطلبة مقامات عراقية عديدة، إضافة إلى أغنيات بغدادية تراثية معروفة.

وجاء هذا الحفل ابتهاجا بمرور 54 عاما على تأسيس المعهد، واحتفاء بالمقام العراقي، وسعيا إلى الحفاظ عليه كإرث ثقافي مهم، لا سيما انه يواجه حاليا النسيان والاندثار.

وحضر الحفل جمع من أهالي الطلبة، إضافة إلى مواطنين آخرين وعدد من الشخصيات الأممية والفنية، وأساتذة سابقين في المعهد.

**********************************************

في ضيافة {ملتقى جيكور} الشاعر عبد الأمير العبادي وكتابه الجديد

البصرة - فالح ياسين عبود

أقام "ملتقى جيكور" الثقافي في البصرة و"دار الأدب البصري"، الثلاثاء الماضي، حفل توقيع للكتاب الشعري الموسوم "آخر متصوفة الحب"، جديد الشاعر عبد الأمير العبادي.

حضر الحفل الذي أقيم على "قاعة الشهيد هندال" في مقر اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في البصرة، جمهور غفير من الأدباء والمثقفين ومتذوقي الشعر. بينما أداره الشاعر والإعلامي عبد السادة البصري، واستهله بتقديم نبذة عن سيرة العبادي وعن إصداراته ودوره في دعم الحراك الثقافي في البصرة.

بعدها قرأ العبادي عددا من القصائد التي ضمها كتابه الجديد. أعقبه مدير "دار الأدب البصري" الأديب زكي الديراوي بقراءة ورقة عن الكتاب مُرسلة من الأستاذ غازي ابو طبيخ.

وشهد الحفل مداخلات عن تجربة العبادي وكتابه، ساهم فيها الأدباء خالد خضير، د. مشتاق عيدان، جاسم محمد حسن، حبيب السامر، قاسم حنون. فيما قدم الفنان د. محمد حميد، عزفا على العود.

وفي الختام، قدم الكاتب ناظم المناصير شهادة تقدير إلى الشاعر العبادي من "مؤسسة النهضة" الثقافية، وأخرى قدمها له الناشط عبد الزهرة عذار من "ملتقى جيكور"، ليوقع العبادي من جانبه نسخا من كتابه ويهديها للحاضرين.

***********************************************

قف.. غالب الشابندر.. قالها

عبد المنعم الأعسم

غالب الشابندر، رجل المواقف، حرّك اختصاص زاوية النظر، كعادته وجرأته دائما، الى نقطة تماس ينحدر فيها رئيس حكومة الاطار التنسيقي  الى إغواء العشائرية، ما يشكل استدارة خطيرة الى الوراء، من خلال تدويره ورقة العشيرة، وزجها في اللعبة السياسية، واستخدامها في الصراع على السلطة بين اجنحة وزعامات منظومة الفساد والمليشيات. وشاء الشابندر (ابو عمار) ان يدق ناقوس الخطر عند نقطة نعدام الحكمة، وقصر النظر، وراء تسليح العشائر وشراء شيوخها، وفرض سطوات استفزازية لبعض افخاذها، و(في النتيجة) اشاعة العنف في مجتمعات  تنتشر فيها الاسلحة والضغائن، وتُختزن في باطنها عداوات دموية، وأعمال ثأر، بدل الحرص على إبعاد الورقة العشائرية عن الصراع السياسي والسعي نحو فروض السلم الاهلي  وسيادة القانون.

وشاء الشابندر، صديقي ابو عمار، ان يختار الوقت المناسب لاطلاق نصيحته الثمينة، الى رئيس الحكومة، بوجوب التراجع عن هذه السياسة التي ستضرم النار في كومة القش المجتمعية، سيما وأن منافسيه سبقوه في استثمار منهوباتهم في الساحة العشائرية، ليتراجع قبل فوات الأوان.. وياما فات الأوان على سابقيه.

*قالوا:

"على النابل (رامي النِبال) ان يتأنى، فالسهم ما إنْ انطلق لا يعود".

 حكمة قديمة

**************************************************

موصليون يزرعون النباتات بلا تربة!

متابعة – طريق الشعب

دشّن الطالب الموصلي مصطفى عدنان مع شقيقتيه أصيل وآية، مشروعاً يحمل اسم "زراعة الاحيومائية"، يتمثل في دمج الزراعة مع تربية الأسماك دون الحاجة للتربة.

هذه التجربة ليست جديدة في العراق، لكنها تضمنت هنا حوضا لتربية الأسماك يمد النباتات بالمواد المغذية. وتم إنجاز نموذج تجريبي زُرعت فيه نباتات ورقية. فيما يُخطط أصحاب المشروع توسيع عملهم مستقبلا، وزراعة الطماطم والفراولة والخس بهذه الطريقة.

يقول مصطفى، وهو طالب في قسم هندسة تقنيات البناء، أن "زراعة الاحيومائية" نظام متكامل يجمع بين النباتات والأسماك، مبينا في حديث صحفي أن فضلات الأسماك تُصبح مغذيا للمزروعات.

ويشير إلى ان النباتات تم وضعها في قدح بلاستيكي مثقوب داخل أنبوب بلاستيكي يجري فيه الماء الصاعد من حوض الأسماك، ثم يعود إلى الحوض ويستمر في هذه الدورة، مبينا أن النباتات زُرعت في أحجار بدلا من التربة. وهي أحجار "الليكا" التي تجعل النباتات تنمو بشكل أسرع مقارنة بالتربة. 

وعن فكرة المشروع، قال ان شقيقتيه اللتين تدرسان في كلية العلوم البيئية، طرحتاها عليه، فقام بمساعدتهما على تنفيذها.

من جانبها، قالت أصيل عدنان أن نمو النباتات يعتمد على تغذية أحجار الليكا، التي تساعد في الحفاظ على رطوبة النبات وثباته، مضيفة أن غاز الأمونيا الذي تنتجه الأسماك يغذي النباتات، إضافة للمواد العضوية المغذية.