الصفحة الأولى

 

9 آلاف شخص يطلبون قرض الإسكان..  الفائدة والكفيل والمقدمة تتحدى حلم امتلاك منزل

بغداد – تبارك عبد المجيد

رغم المبادرات الحكومية المتكررة لدعم الإسكان وتوفير القروض، لا يزال حلم امتلاك منزل بعيد المنال بالنسبة لشريحة واسعة من أصحاب الدخل المحدود والشباب في العراق؛ فارتفاع نسب الفوائد، وعُقد شروط الضمانات، وغياب البدائل التمويلية العادلة، هي عوامل تحول دون تحقيق هذا الحلم، وتُفاقم من أزمة السكن المتصاعدة في البلاد.

حلم السكن

يقول الشاب علاء السالم، إن "الحصول على بيت أصبح حلماً بعيد بالنسبة للشباب رغم أني موظف واتقاضى راتبا بحدود 800 ألف دينار شهريا".

ويضيف أنه، وعلى الرغم من حديث الدولة المتكرر عن دعم الشباب وتوفير قروض الإسكان، إلا أن الواقع مختلف تماما، بل ومحبط في كثير من الأحيان.

وبيّن في حديث مع مراسل "طريق الشعب"، أنه توجه إلى احد المصارف الحكومية بعد أن سمع عن قرض الإسكان انه يصل إلى 200 مليون دينار، بفائدة قدرها 4 في المائة سنويا. ولكن، بعد أن تم احتساب القسط الشهري، اكتشف أن عليه دفع أكثر من مليون و300 ألف دينار شهريا، وهو مبلغ يفوق قدراته بكثير، خاصة وأن راتبه بالكاد يكفي لمصاريف العيش اليومية.

ثم لجأ إلى صندوق الإسكان العراقي، الذي قيل إنه يمنح قروضا بدون فوائد.

ويؤكد علاء أن ما قيل صحيح من حيث الفائدة، لكنها تستبدل بعمولة إدارية تستقطع مباشرة من مبلغ القرض بنسبة 5 في المائة، ما يقلل من قيمة ما يستلم. ومع ذلك، لم تكن المشكلة الكبرى في العمولة، بل في شرط وجود كفيل حكومي راتبه يعادل ضعف القسط الشهري، وهو ما لم استطع توفيره، خاصة وأن الكثير من أصدقائه ومعارفه في أوضاع مالية مماثلة.

وأشار الى انه توجه الى عدد من المصارف الاخرى التي طلبت منه دفع مقدمة لا تقل عن 20 في المائة من قيمة العقار، أي عشرات الملايين من الدنانير. وهنا، يتساءل علاء: "إذا كان لدي هذا المبلغ، فلماذا ألجأ إلى القرض أصلاً؟".

ويُعبر عن خيبته بالقول إن القروض تبدو وكأنها مصممة لمن لا يحتاجها، بينما تُغلق أبوابها في وجه من هو بأمس الحاجة إليها. ويضيف ان "الشباب أمثالي، من ذوي الدخل المحدود، يحتاجون فعلاً إلى قروض عادلة بشروط إنسانية، لا إلى أنظمة تضعهم في دائرة العجز والديون."

وبالتالي، يرى علاء أن الحديث عن دعم الإسكان ما هو إلا حبر على ورق ما لم تراجع الشروط والضمانات بشكل يتناسب مع واقع الشباب والفئات الضعيفة.

 ويخلص الى القول: "نحن لا نطلب المستحيل، فقط نطلب فرصة للعيش بكرامة، تحت سقف نملكه نحن لا غيرنا".

فوائد مرتفعة

وقال الباحث الاقتصادي أحمد عيد إن القروض ذات الفوائد المرتفعة تشكل تحديا كبيرا أمام فئة الشباب وأصحاب الدخل المحدود في العراق، لا سيما في ظل الركود الاقتصادي، وتراجع فرص التشغيل، وغياب شبكات الحماية الاجتماعية الفاعلة.

وأضاف عيد لـ "طريق الشعب"، أن "الاعتماد المفرط على الاقتراض التقليدي القائم على الفائدة يُسفر عن آثار سلبية تراكمية على المدى المتوسط والبعيد، من أبرزها ارتفاع العجز المالي الشخصي، وتآكل القوة الشرائية، وتزايد حالات التعثر المالي، مما يُدخل الأفراد في حلقة مفرغة من المديونية المزمنة".

ولفت عيد إلى أن "عبء خدمة الدين، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة، يؤدي إلى تقييد حركة رأس المال البشري ويؤثر في قدرة الأفراد على الاستثمار بالتعليم، وتطوير المهارات، والمشاريع الصغيرة، الأمر الذي يُعيق التمكين الاقتصادي ويُكرس التفاوت الطبقي".

وأشار إلى أن غياب أدوات تمويل بديلة وعادلة يزيد من خطورة هذه الظاهرة، إذ لا تراعي الأدوات الحالية خصوصية الفئات الهشة، ولا تضمن عدالة الوصول إلى الموارد المالية.

وفي سياق أزمة السكن، أوضح عيد أن السياسات التمويلية العقارية القائمة على القروض المرتفعة الفائدة " تعد من العوامل المغذية لأزمة الإسكان في البلاد، حيث تُشكل الأقساط المرتفعة المرتبطة بسعر الفائدة عقبة كبيرة أمام الشباب الراغبين في امتلاك وحدة سكنية، خصوصاً العاملين في القطاع غير الرسمي أو أصحاب الأجور المنخفضة".

وبيّن أن شروط الضمانات المعقدة وغياب برامج الدعم المباشر حولت هذه القروض إلى أداة لإعادة إنتاج التفاوت الطبقي، بدلا من أن تكون وسيلة للعدالة الاجتماعية والتمكين الاقتصادي.

ودعا عيد إلى ضرورة تبني التمويل التشاركي كبديل تنموي ملائم، نظرا لاعتماده على مبدأ تقاسم الربح والمخاطر، لا تحميل المقترض أعباءً ثابتة بغض النظر عن نتائج النشاط الاقتصادي، مشددا على أن هذا النمط يقوم على التعاون، والشفافية، والشراكة الحقيقية، وهو أكثر انسجاما مع احتياجات الفئات التي تُقصى من النظام المصرفي التقليدي بفعل شروطه الصارمة.

واختتم عيد بالدعوة إلى مراجعة شاملة للسياسات التمويلية المعتمدة، مطالبا الجهات الحكومية، والبنك المركزي، والقطاع المالي بإرساء بيئة تشريعية محفزة، وتقديم حوافز للابتكار المالي، ودعم المؤسسات الوسيطة، بما يُعزز من قدرات الشباب على الإسهام في الاقتصاد الوطني، دون الوقوع في فخ المديونية الاستهلاكية أو السكنية.

قروض دون فوائد

من جانبه، قال د. مظهر محمد صالح، المستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي، أن "قروض السكن التي يقدمها صندوق الإسكان العراقي التابع لوزارة الإعمار والإسكان تُمنح بدون فوائد، مما يجعلها من الخيارات التمويلية الميسرة أمام المواطنين، مقارنة بالقروض المصرفية الأخرى التي غالبا ما تترافق مع فوائد مرتفعة".

وأوضح صالح، أن القروض تخضع فقط لعمولة إدارية بسيطة تُستوفى مرة واحدة عند منح القرض، في حين تمتد فترة السداد إلى نحو ٢٠ عامًا، شريطة أن يمتلك أو يحوز المقترض أرضًا لا تقل مساحتها عن 100 متر مربع، وأن يكون قد شيد بناءً بمساحة لا تقل عن 60 مترا مربعا.

وأشار صالح، إلى أن "القروض تُمنح للأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و63 عاما، على أن يُقدم كفيلا ضامنا يغطي نصف راتب المقترض الاسمي لضمان سداد الأقساط الشهرية، أو أن يُعتمد راتب المقترض ذاته كضمان في حال كان موظفا".

ولفت صالح إلى أن المصرف العقاري قد يتجه نحو اعتماد نموذج مشابه، خاصة في ظل مبادرة البنك المركزي العراقي التمويلية، التي تهدف إلى دعم قطاع الإسكان وتوفير بيئة سكنية ميسورة لشرائح أوسع من المواطنين.

اقبال كبير

بدوره، ذكر المهندس نبيل الصفار، المتحدث باسم وزارة الإعمار والإسكان، أن "القروض التي يمنحها صندوق الإسكان العراقي تقدم بدون فوائد، وهو ما جعلها محل إقبال كبير من المواطنين".

وأوضح أن "باب التقديم على هذه القروض مغلق حاليا، بعد أن تم فتحه في شهر شباط الماضي،" مشيرا إلى أن عدد المعاملات المقبولة إلكترونيًا عبر منصة "أور" حتى تاريخ 30 نيسان تجاوز 9 الاف معاملة، ويتم استكمال إجراءاتها تباعا".

وبين الصفار، أن "الصندوق يمنح هذه القروض حصريا لغرض بناء الوحدات السكنية، في إطار رؤية الوزارة لزيادة الرصيد السكني في العراق، على عكس بعض القروض التي تقدمها المصارف الأخرى والتي غالبا ما تخصص لشراء وحدات سكنية قائمة".

وفيما يتعلق بباقي القروض العقارية، أوضح أن نسب الفوائد تُحدد من قبل كل مصرف بناءً على سياساته الخاصة وتعليمات البنك المركزي العراقي، وهو ما يخرج عن نطاق عمل الوزارة.

وأشار الصفار إلى أن "تفعيل منظومة القروض السكنية يعد أمرا ضروريا في المرحلة المقبلة، خاصة في ظل الاستعداد لإطلاق مدن سكنية جديدة".

واكد وجود تفاهمات مستقبلية مع المصارف والبنوك بهدف إيجاد آليات تمويل مناسبة تتيح للمواطنين شراء الوحدات السكنية ضمن هذه المشاريع.

كل هذه الإجراءات والوعود وغيرها تبقى رهناً بالتنفيذ الفعلي، في وقتٍ أصبح فيه من الضروري اختزال الحلقات البيروقراطية، وإلغاء دور الوسطاء والمعقّبين، وتقديم المزيد من الحوافز التشجيعية لتسهيل الحصول على قروض السكن.

***************************************

راصد الطريق.. كفى تماهياً وتواطؤاً مع الإرادات الخارجية

نعم .. العراقي شهم ويتميز بحب الوطن والمشاعر الوطنية. وهذا ينطبق على عامة المواطنين. لكنه لا ينطبق قطعا على بعض السياسيين وذوي الولاءات الخاصة. وهناك في تاريخ العراق القديم، والحديث أيضا، الكثير من الأمثلة على التعاون والتنسيق والتماهي من جانب البعض مع الارادات الخارجية. وذلك ما حصل في العهد الملكي، وغداة ثورة 14 تموز 1958، وفي السنين والعقود التالية.

آفلم يصرح أحدهم قائلا بكلام واضح: "نعم، جئنا الى الحكم بقطار امريكي"؟ وهناك امثلة أخرى وحتى يومنا الحاضر.

فلا أحد يستطيع القول بعدم وجود علاقات للبعض من المتنفذين والسياسيين مع هذه الجهة الأجنبية او تلك، وهي علاقات لا تنطلق بالضرورة من المصلحة الوطنية. وهنا ينهض السؤال: هل توقفت التدخلات الخارجية اليوم في الشأن الوطني العراقي؟ وهل استعاد العراق قراره الوطني المستقل؟

كثيرة هي الادلة التي تؤشر استمرار هذه التدخلات، وجعل البعض منها وسيلة إضافية يستخدمها في سعيه للسيطرة والهيمنة. اما التصريحات التي تناقض ذلك، فلا تعكس الواقع بحال!

ونبقى بانتظار الصوت الصادق القويّ والمدوّي، وهو يشق الفضاء العراقي: لا لأي تدخل خارجي في شؤوننا، ولا لأي تواطؤ معه!

*********************************************

الصفحة الثانية

نينوى وبغداد تتصدران تحديث البيانات بايوميترياً

بغداد – طريق الشعب

أظهرت إحصائيات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، أن محافظتي نينوى وبغداد ـ بجانبيها الرصافة والكرخ ـ جاءتا في صدارة المحافظات من حيث عدد المواطنين الذين حدّثوا بياناتهم البايومترية حتى تاريخ 27 أيار 2025.

وتصدّرت محافظة نينوى القائمة بـ 237,090 مسجلاً، تلتها بغداد - الرصافة بـ 180,177، ثم بغداد - الكرخ بـ 165,949. فيما جاءت أربيل رابعًا بـ 116,724 مسجلاً. وحلّت محافظة صلاح الدين خامسًا بـ 90,980، تليها الأنبار بـ 88,202، ثم كركوك بـ 85,629، والسليمانية بـ 85,464، والبصرة بـ 85,051، وذي قار بـ 79,058. أما ديالى فسجلت 67,675 حالة تحديث، تلتها بابل بـ 61,781، ودهوك بـ 60,422، ثم النجف بـ 44,268، فالقادسية بـ 39,623، تليها واسط بـ 38,884، وكربلاء بـ 38,454، وميسان بـ 26,819، وأخيراً المثنى بـ 21,171.

وتُخصَّص عملية التحديث الحالية للمواطنين الذين لا يمتلكون بطاقة بايوميترية، أو للراغبين بتغيير دوائرهم الانتخابية بين المحافظات. ومن المقرر أن تستمر هذه العملية حتى 15 حزيران المقبل.

وتدعو مفوضية الانتخابات جميع المواطنين إلى الاستفادة من الوقت المتبقي لضمان مشاركتهم الفاعلة في الانتخابات القادمة.

وحددت المفوضية الثلاثاء المقبل موعداً لفتح باب التقديم على موظفي الاقتراع.

وتجري المفوضية جملة من الإجراءات الخاصة بإجراء الانتخابات البرلمانية المقررة في 11 تشرين الثاني 2025.

***************************************

كل خميس.. مبدعونا يعيدون وجه العراق نقياً

جاسم الحلفي

ينهض الجمال في العراق من بين الأنقاض، رغم ما يُنهب من تحت أقدام ناسه وما يُهدر من ثرواتهم. ليس لأن طغمة الحكم أنجزت معجزة، بل لأن العراقيين، برغم القهر والخذلان، ما زالوا يعرفون كيف يخلقون المعنى وسط الخراب. وقد حقق العراق في أسبوع واحد ثلاثية فخر، تذكّرنا بأن هذا الوطن لا يزال رغم الخراب قادراً على الإبداع، لأن شعبه لم يفقد حسّه الحياتي ولا شغفه بالتعبير.

في الأدب، خطفت الاديبتان فليحة حسن وأقداس عبد الله نوري اثنتين من جوائز "ناجي نعمان" الأدبية. فازت فليحة بجائزة الأعمال الشعرية الكاملة، فيما نالت أقداس جائزة الإبداع، وذلك

في منافسة شارك فيها أكثر من 4300 أديب وأديبة من 92 بلدا.

ولم يكن الحضور العراقي مجرّد مشاركة، بل جاء تأكيدا للمكانة اللائقة التي تحتلها الكلمة العراقية.

وفي السينما، جاء الإنجاز مدوّياً: فيلم "كعكة الرئيس" للمخرج حسن هادي والمنتج المبدع حيدر إبراهيم، يفوز بجائزتين في مهرجان كان السينمائي العريق، إحداهما "الكاميرا الذهبية" لأفضل فيلم أول، والأخرى "جائزة الجمهور". الفيلم جرئ في طرحه، ساخر في لغته، عراقي في نبضه، كشف تهافت السلطة عبر صورة ذكية لا تهادن ولا تجمّل.

أما في الرياضة، فقد اعتلت البطلة البارالمبية نجلاء عماد صدارة التصنيف العالمي لتنس الطاولة للسيدات (فئة 6)، لتصبح أول عراقية تلامس هذا الشرف. فبعد رحلة كفاح بدأت من الظل، تكتب نجلاء اسم العراق على منصات العالم الذهبية، وتثبت أن الإرادة العراقية لا تُقهر، مهما اشتد الخراب من حولها.

  • فإلى فليحة حسن، التي يمنح شعرها اللغة نَفَساً حيّاً يلامس الوجدان، ويعبر بالقصيدة نحو ما هو إنساني ومضيء.
  • وإلى أقداس عبد الله نوري، التي تكتب كما تُضاء الشموع في العتمة، تحمل الكلمة كقنديل، وتُمسك بجمر المعنى لتصنع من الكتابة مساحة للدهشة والصدق.
  • وإلى نجلاء عماد، التي لم تنتظر تصفيق أحد، بل ذهبت وحدها إلى القمة، ومذ كانت على الهامش كتبت بالعرق والإصرار اسم العراق في أعلى تصنيف عالمي. فهي ليست فقط بطلة في الرياضة، بل في المعنى، لأنها أثبتت أن الجسد حين يعجز، تنهض الروح بالنيابة عنه وتنتصر.
  • وإلى حسن هادي، وحيدر إبراهيم، وكل صُنّاع فيلم "كعكة الرئيس"، الذين التقطوا مرآة الوطن من بين الركام، وصاغوا منها صورةً فنيةً لاذعة، لا تُجامل، بل تُفكّر وتُحرّض. حملوا الكاميرا كمن يحمل ضميراً، وجعلوا من السينما لساناً للناس لا زخرفاً للسلطة.

لكم جميعاً التحية. لقد صغتم بصدقكم ومواهبكم وصبركم عراقاً آخر، جديراً بالفخر.

ليست هذه الانتصارات زينة إعلامية، وانما هي رسائل دافئة مفادها إن العراق ليس ما أرادوا له أن يكون، ليس تلك الطغمة التي دنّسته، ولا تلك الرداءة التي صُدّرت للعالم كأنها صورته الوحيدة. فبرغم منظومة الحكم التي تنهب الأحلام، وتشيع ثقافة التفاهة والتخلف، ما زال في هذا البلد مَن يكتبون ويبدعون ويغنّون للحياة.

العراق، الذي عملوا على خنقه بالقهر، لا يزال قادراً على التنفّس من خلال قصيدة، أو فيلم، أو بطولة رياضية. هو العراق الذي لا يُطفئه الظلام، طالما أن فيه مَن يؤمن بالنور، ويصنعه، ولو من رماد.

من هنا، لا يُعوَّل على السلطة، بل على الشعب. لا على التوازنات الحزبية والمحاصصة الطائفية، بل على الوعي.

فمن رحم القهر، تنهض وجوه العراق الأخرى: صُنّاع الجمال الذين يقاومون العفن بالابداع، واليأس بالمنجز، والخذلان بالكرامة، والفساد بالنزاهة.

*********************************************

احتجاجات الكهرباء تتصاعد.. مزارعون وموظفو مطارات يطالبون بمستحقاتهم المالية

بغداد ـ طريق الشعب

نظم الكثير من المواطنين والموظفين في قطاعات مختلفة، طيلة الأيام الأخيرة الماضية، تظاهرات ووقفات احتجاجية، طالبت بالخدمات لا سيما الكهرباء وبإطلاق المستحقات، وخلق فرص عمل وغيرها.

مزارعو المثنى

شهدت محافظة المثنى، أمس الأول الثلاثاء، وقفة احتجاجية نظّمها عدد من المزارعين أمام سايلو السماوة، احتجاجا على صرف جزء فقط من مستحقاتهم المالية الخاصة بتسويق المحاصيل، وعدم صرفها بشكل كامل حتى الآن.

وطالب المحتجون الجهات المعنية بالإسراع في صرف المستحقات المتأخرة، مؤكدين أن تأخير صرف الأموال يؤثر بشكل مباشر على أوضاعهم المعيشية وتحضيراتهم للموسم الزراعي المقبل.

مهلة حتى الأحد

وفي منطقة “آل هادي” جنوب قضاء السماوة، أقدم العشرات من الأهالي على قطع الطريق الرابط بين قضاءي السماوة والخضر جزئياً، وإشعال الإطارات، احتجاجاً على ضعف تجهيز الكهرباء وانقطاع مياه الشرب، في تصعيد جديد ضمن سلسلة تظاهرات شهدتها المحافظة خلال الأسبوع الجاري، مؤكدين استمرارهم في التصعيد حتى يوم الأحد المقبل في حال عدم الاستجابة لمطالبهم.

يقول ناظم نايف، احد المحتجين: نطالب بزيادة عدد ساعات تجهيز الكهرباء، لأن ما يصلنا لا يتجاوز ساعة ونصف الساعة فعلياً من أصل ساعتين، مشيرا الى ان مناطقهم تعاني أيضا "من انقطاع مياه الشرب عن مناطق جنوب السماوة، رغم أنها من المناطق المصنفة ضمن صندوق الفقر".

ويضيف، انهم لم يروا شيئا من أموال الصندوق: "لا نعلم أين ذهبت أمواله، شبابنا لن يسكتوا عن المطالبة بحقوقهم، لقد تعبنا من الوعود".

أما مسلم الزيادي، محتج آخر، فناشد "زيادة الحصة التشغيلية للكهرباء"، مبينا ان "محطة إنكا جنوب المثنى تعمل بنسبة 80%، لكنها تغذي محافظات أخرى وبغداد". ويشير الى ان "دائرة الكهرباء تزعم أن ساعات التشغيل 12، لكنها فعلياً أقل، ويسرق وقت التجهيز، نحن من حقنا أن نحصل على 24 ساعة تجهيز، فنحن في عام 2025 ولسنا في 2005".

احتجاجات الكهرباء تتصاعد

وأفاد مصدر محلي في محافظة النجف، بخروج العشرات من المواطنين بتظاهرة مطالبين بإقالة قائممقام المناذرة جنوبي النجف.

وعلق متظاهرو المناذرة، بعد منتصف ليل الأربعاء، لافتة على بوابة مبنى القائمقامية طالبوا فيها بإقالة القائمقام فوراً، معتبرين إياها مطلباً جماهيرياً، وذلك لعدم استجابته لمطالبهم الخدمية في ملفي الكهرباء وتأخر افتتاح صالة العمليات في مستشفى القضاء.

ويواصل المتظاهرون احتجاجاتهم لليوم الثالث على التوالي، داعين الحكومتين المركزية والمحلية للتدخل العاجل في وضع حد لما وصفوه بـ“اللامبالاة” تجاه معاناة السكان.

وقطع المتظاهرون قطع الطريق الرابط بين النجف وكربلاء باستخدام الإطارات المشتعلة، وسط تصاعد حدة الاحتجاجات بسبب تردي واقع الكهرباء، حيث تصل ساعات القطع إلى 8 مقابل ساعتين فقط تجهيز، طبقا لأحاديثهم.

هددوا باعتصام مفتوح

ونظم العشرات من أهالي منطقة الترجمانية محلة 949 في الزعفرانية، جنوبي بغداد، وقفة احتجاجية بعد تلقيهم تهديداً من أحد المستثمرين بهدم منازلهم وإصدار مذكرات اعتقال ضدهم، برغم قرارات مجلس الوزراء التي شددت على عدم التعرض لهم، علاوة على شمولهم بالخدمات.

وهدد المحتجون بتصعيد حراكهم وصولاً الى الاعتصام المفتوح.

يقول أبو زين اللامي، أحد الأهالي المحتجين: "وصلتنا اليوم رسالة تهديد من المستثمر يطالبنا بالخروج من المنطقة وترك منازلنا مع تهديد قانوني وعشائري، رغم صدور قرار قانوني من قبل رئيس الوزراء بإيقاف الاستثمار في هذه المنطقة ولكن من دون أي استجابة أو تطبيق لهذا القرار".

فيما يقول أبو علاء العلياوي، محتج آخر: "نحن مستعدون للمشاكل مع هذا المستثمر ولن نسمح له بإقامة أي مجمع سكني، وهناك أيدي خفية وراء هذا الموضوع ويريدون أخذ هذه المنطقة من ساكنيها". ويضيف ان "هذا الموضوع تسبب بوفاة شخصين أحدهما حرق نفسه، وأغلب ساكني هذه المنطقة من عوائل الشهداء. أنا لدي 5 عوائل في بيت واحد، ولن أخرج منه حتى لو تهدم على رأسي".

فيما يذكر أبو علي الشحماني، ان ولده استشهد قبل 3 أشهر في القائم، غربي العراق: "أنا الآن المعيل الوحيد لأسرتي ولا أملك غير هذا المنزل الموجود في هذه المنطقة".

منتسبو نفط البصرة

ونظم عدد من منتسبي شركة نفط البصرة من الحاصلين على شهادات أثناء الخدمة، وقفة احتجاجية أمام مقر الشركة، مطالبين بتنفيذ قرار مجلس الوزراء باحتساب شهاداتهم. وقال ممثل عن المتظاهرين أحمد عامر، إن عددهم أكثر من 500 منتسب، مشيرا الى انه لا يوجد سبب منطقي لتأخر تنفيذ القرار.

موظفو إدارة المطارات

ونظم موظفو إدارة المطارات التابعة لوزارة النقل، وقفة احتجاجية وسط مطار بغداد الدولي، احتجاجا على تأخر إطلاق مستحقاتهم من الرواتب.

وطالب المحتجون خلال الوقفة الاحتجاجية بصرف الرواتب دون تأخير ودمج المطار ضمن هيكلية شركة الخدمات الملاحية، التي انفصلوا عنها، قبل أشهر.

******************************************

تهانٍ

الرفيق العزيز فخري كريم

رئيس مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون

يتقدّم المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي بأحرّ التهاني وأصدق مشاعر التقدير إلى الرفيق فخري كريم، بمناسبة منحه جائزة الإعلام العربي لشخصية العام 2025، خلال قمة الإعلام العربي في دورتها الثالثة والعشرين المنعقدة في دبي. إن هذا التكريم الرفيع، الذي جاء تتويجاً لمسيرة نضالية وثقافية وصحافية امتدت لعقود، يُعدّ شهادة مستحقّة لما قدّمه الرفيق فخري كريم من إسهامات فكرية وثقافية وإعلامية متميّزة، وما مثّله من صوت حرّ ومدافع صلب عن قضايا الوطن الحقة، وعن حرية الإنسان وكرامته، وحق الشعوب في الكلمة والرأي.

لقد عُرف عنكم – وما زال – ثبات الموقف، ووضوح الرؤية، وصدق الالتزام بالقضايا الوطنية والديمقراطية، وهو ما جعل من تجربتكم علامة فارقة في المشهد الإعلامي والثقافي العراقي والعربي. وإذ نعبّر عن اعتزازنا الكبير بهذا التكريم، فإننا نراه أيضاً تكريماً لقيم الحرية والتنوير والعدالة الاجتماعية التي يجسّدها نضال القوى الديمقراطية والتقدمية في العراق.

مع خالص التمنيات بدوام العطاء والتألّق.

المكتب السياسي

للحزب الشيوعي العراقي

27 أيار 2025

*************************************************

الرفيق العزيز

فخري كريم المحترم

تحية طيبة

تلقينا بكثير من الغبطة والفخر نبأ اختياركم شخصية العام الإعلامية، في الدورة الثالثة والعشرين لقمة الإعلام العربي التي انعقدت مؤخراً في دبي. وإذ نتقدم اليكم بأجمل التهاني وأطيبها بمناسبة هذا التكريم، نعرب عن يقيننا أنه يأتي اعترافا بجميل ما قدمتموه للإعلام والثقافة في البلدان العربية من خدمات جليلة، واحتفاءً بمساركم النضالي والتنويري ضد التخلف والاستبداد والاستغلال ودفاعكم عن الحريات والعدالة وحقوق البشر في الحياة الآمنة الكريمة. وهو ما تجلى في العديد من انجازاتكم، كإنشاء مؤسسات إعلامية متميزة، ومنصات فاعلة للتبادل الثقافي، ودعم عشرات الفعاليات الإبداعية، وتبني هموم وقضايا المبدعين والناس، إلى جانب سنوات من الكفاح العنيد من أجل قضايا الشعوب عامة، وشعبنا ووطننا خاصة.

وإذ نجدد التهنئة الحارة، نتمنى لكم رفيقنا العزيز الصحة وتواصل التألق والعطاء الذي عُرفتم به دوماً.

 

هيئة تحرير "طريق الشعب"

27 آيار 2025

******************************************

تنويه واعتذار

جاء في افتتاحية عددنا السابق (27 / 5 / 2025) ان الزميلة "الثقافة الجديدة" احتفلت قبل سنتين بالذكرى الستين لصدورها الأول. لكن الصحيح هو ان الذكرى كانت السبعين.

نشير هنا الى هذا الخطأ آسفين، ونعتذر عن وقوعنا فيه من قرائنا الكرام ومجلتنا العزيزة.

******************************************

الصفحة الثالثة

  ممر عبور أم منصة تصنيع؟ خبير دولي: العراق يفتقر الى نموذج واقعي في ادارة مشروع طريق التنمية

بغداد - طريق الشعب

وسط صراع إقليمي متصاعد، وتنافس عالمي على ممرات التجارة والطاقة، ما تزال التحديات الكبيرة التي تواجه  طريق التنمية قائمة، وتتراوح بين غموض الرؤية الفنية والتشغيلية، وضعف البنى القانونية، الى جانب شكوك حول جدواه الاقتصادية في ظل غياب رؤية تنموية متكاملة.

وبينما يُروّج للمشروع باعتباره ركيزة لتحول العراق إلى مركز لوجستي إقليمي، تتعدد التحذيرات من أنه قد يتحول إلى مجرد ممر لعبور البضائع ما لم يُدمج ضمن خطة شاملة تشمل مراكز صناعية وخدمات ذات قيمة مضافة.

المشاكل القانونية قد تعيقه

في هذا الشأن، قال عضو لجنة النقل والاتصالات النيابية، هيثم فهد، إن مشروع “طريق التنمية” يُعدّ مكملاً لمبادرة “طريق الحرير” ويمثل فرصة استراتيجية كبرى للعراق للربط بين الشرق والغرب، لكنه لا يزال في مراحله الأولى من الدراسة والاستملاك والاستشارة، ولم تبدأ الأعمال الفعلية بعد، كما أن الجدول الزمني الخاص به غير واضح المعالم حتى الآن.

وأضاف في حديثه لـ"طريق الشعب"، أن المشروع يتضمن شقين: "طريق بري مُعبد، وربط عبر السكك الحديدية، ما يتطلب استيعاباً كاملاً لحجم النقل المتوقع عبر الشاحنات ووسائط النقل المختلفة، وهو ما يستدعي ربطاً متكاملاً بين الطريقين البري والسككي".

وأوضح فهد، أن المشروع "يحمل أهمية كبيرة في ظل التنافس الإقليمي والدولي، خاصة في ضوء الموقع الجغرافي المتميز للعراق، الذي يؤهله ليكون محوراً لربط قارات آسيا وأوروبا وإفريقيا". لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن "السياسات الحكومية السابقة لم تستثمر هذا الموقع بشكل فعّال".

وأشار إلى أن "العراق كان يمكن أن يؤدي دوراً أكبر في تخفيف التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، ويستفيد من هذا الدور لتعزيز مكانته السياسية والاقتصادية عبر مشروع طريق التنمية الذي يوفر منافذ بحرية عبر ميناء الفاو، ومنافذ برية عبر الحدود مع إيران باتجاه الصين ودول آسيا".

وتابع قائلاً انه بإمكان العراق أن "ينأى بنفسه عن الصراعات الإقليمية والدولية، وأن يتحول إلى ساحة حوار ومحور تلاق لا صدام، بشرط أن يلتزم بمبدأ الحياد، وهو ما ينص عليه الدستور العراقي، بحيث لا تُستخدم أراضيه أو أجواؤه في أي نزاع”.

وشدّد على أن المشروع "لا يحتاج إلى تشريعات جديدة، لكنه يتطلب تعديل بعض فقرات قوانين الاستثمار القائمة، إلى جانب صياغة بنود قانونية واضحة تُترجم إلى لغات متعددة وتُودع لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية لغرض التحكيم في حال وقوع نزاعات".

وأشار إلى أن "العراق غالباً ما يخسر في المحاكم الدولية بسبب ضعف الخط القانوني والدفاعي، مؤكدًا ضرورة وجود خط هجومي قانوني يُحافظ على حقوق العراق في التعاقدات الدولية".

وأوضح أن "ما يُميز مشروع طريق التنمية عن غيره من المشاريع هو التنافس الإقليمي عليه، حيث تبدي دول الخليج وروسيا وإيران ولبنان وتركيا اهتمامًا كبيرًا بالمشاركة فيه، لأنه يمر عبر أراضيها أو يؤثر في مصالحها الاستراتيجية".

وحول الضمانات اللازمة لاستمرار المشروع، شدّد فهد على أهمية "حماية العقود قانونياً لتفادي التلاعب السياسي أو المالي"، مشيرًا إلى وجود "قلق دائم بشأن آلية إدارة الأموال وحصة العراق من العائدات، إضافة إلى شكل الشراكات مع الدول الأخرى، وما إذا كانت هذه الدول ستنخرط فعليًا داخل الأراضي العراقية".

واختتم بالقول إن "المشروع لا يزال في طور الدراسة واستكمال إجراءات الاستملاك في عدد من المحافظات، مع استمرار بعض الإشكالات في محافظة البصرة بسبب مرور الطريق عبر أراضٍ زراعية ونفطية قد تتسبب بزيادة الكلفة، وكذلك في إقليم كردستان عند نقطة الربط داخل الحدود الإدارية، معربًا عن أمله في أن تُحل هذه القضايا قريبًا لتسهيل تنفيذ المشروع.

بحاجة إلى مراكز صناعية

من جانبه، قال الخبير في مجال اقتصاد النقل الدولي، زياد الهاشمي، إن العراق تبنّى منذ بداية طرح مشروع “طريق التنمية” رؤية غير واقعية، تستند إلى أهداف طموحة وغير قابلة للتطبيق، مثل الربط التجاري المباشر بين الشرق والغرب عبر الأراضي العراقية، في وقت تمتلك فيه الصين ممرات سككية مباشرة تربط مصانعها بالأسواق الأوروبية دون الحاجة إلى المرور بالعراق.

ونوه في حديثه مع "طريق الشعب"، أن المشروع بصيغته الأولى لم يكن عملياً، لكنه شهد لاحقًا تعديلات مقترحة من الجانب التركي تهدف إلى صياغة نموذج أكثر واقعية. ورغم ذلك، لا يزال هذا النموذج بحاجة إلى تطوير شامل".

واوضح ان هناك حاجة "لإعادة ترتيب الأولويات والتركيز على إنشاء مراكز صناعية ولوجستية، تكون نقطة الانطلاق الأساسية لأي بنية تحتية للنقل، بما فيها طريق التنمية".

ولفت الى أن استراتيجية المشروع يجب أن "تبدأ من تحديد الأسواق المستهدفة – مثل أسواق شرق أوروبا – ومن ثم بناء خطوط السكك الحديدية والطرق البرية وفق هذا المسار، لتشكّل هذه الشبكات حلقة ربط طبيعية بين المراكز الصناعية العراقية والأسواق العالمية، بدلاً من بناء طريق لا يخدم سوى عبور البضائع الأجنبية".

وتابع أن طريق التنمية "يختلف عن مشاريع النقل الدولية الأخرى، لا سيما أنه يربط دول الخليج بتركيا عبر العراق، بينما يُعد مشروع “الحزام والطريق” الصيني مبادرة أوسع تربط الصين بأوروبا عبر ثمانية ممرات سككية، وهو مشروع عملي وموجود على الأرض، على عكس مشروع “الهند – الشرق الأوسط – أوروبا”، الذي لا يزال افتراضيًا وغير واقعي من الناحية الاقتصادية، ما لم يشهد تغييرات جوهرية، أبرزها تجاوز الكيان الإسرائيلي لتقليل التكاليف والمخاطر الأمنية".

وبيّن أن النقل الدولي اليوم "لم يعد يعتمد فقط على سلاسل الإمداد التقليدية، بل على التكامل بين التصنيع، والخدمات المضافة، والبنية التحتية اللوجستية.

وأكد أن دول الخليج، ومصر، بدأت فعليًا بتأسيس مدن صناعية قرب مصادر المواد الخام، وربطها بموانئ مثل ميناء الملك عبد الله في جدة، لتشكيل منظومة إنتاج وتصدير متكاملة عبر البحر".

وأضاف ان "النقل وحده لم يعد كافياً لتحقيق الإيرادات. مشروع طريق التنمية يجب أن يُدمج ضمن منظومة اقتصادية أشمل، تشمل مناطق صناعية ومراكز خدمات لوجستية، حتى يكون الطريق أداة لخدمة هذه الصناعات، لا مجرد ممر عبور لا يدر أرباحًا تغطي الكلفة التشغيلية العالية".

وأشار الهاشمي إلى أن إيران "تعمل منذ أكثر من عقدين على مشروع استراتيجي يربط ميناء “جابهار” في الجنوب الإيراني بميناء “مومباي” الهندي، ومن ثم بشبكة السكك الحديدية الإيرانية باتجاه روسيا، عبر مسار شمال-جنوب، وقد أنشأت مدنًا صناعية وخدمات لوجستية ضمن هذا المسار".

وقال إن طريق التنمية العراقي "لا يتقاطع مع هذا المشروع، لأن أهدافه ومساراته مختلفة، إذ يسعى لربط الخليج بتركيا وربما دول شرق أوروبا كبلغاريا، وليس روسيا أو الهند".

وفي ما يتعلق بالصراعات الإقليمية، خصوصًا بين الولايات المتحدة وإيران، رأى هاشم أن هذه الخلافات لا تمثل تحدياً مباشراً لمشروع طريق التنمية"، معتبرًا أن "التحدي الحقيقي يتمثل في قدرة العراق على بلورة نموذج عمل واقعي، وجذب مشغلين ومستثمرين قادرين على تنفيذ المشروع، عبر تطوير البنية التحتية، وإنشاء السكك الحديدية، وبناء المناطق الصناعية والخدمات اللوجستية".

********************************************

عين على الأحداث

بدل ما يكحلوها، عموها

أكد تقرير أخير لصندوق النقد الدولي على انخفاض نمو الاقتصاد غير النفطي، من 13.8 في المئة عام 2023 إلى ما لا يتجاوز 1 في المائة لهذا العام، فيما انكمش الاقتصاد الكلي فعلياً بنسبة 2.3 في المائة، جراء تراجع إنتاج النفط وتباطؤ الاستثمار وتراجع الفائض في الاحتياطي النقدي من 7.5 في المائة إلى 2 في المائة من الناتج الاجمالي. هذا وفي الوقت الذي ينذر فيه التقرير بقرب حدوث أزمة اقتصادية حادة، فهو يكشف عن عجز الحكومة على تحقيق أي إصلاح اقتصادي ويفضح دورها في حدوث التدهور جراء زيادتها للنفقات التشغيلية واستنزاف الموارد وتفشي الفساد.

الحلقة المفرغة

أقر مدير عام في وزارة الزراعة، بوجود عجز حاد في انتاج اللحوم الحمراء (بنسبة 75 في المائة) والبيضاء (بنسبة 44 في المائة) عن تغطية حاجة البلاد، مما يجعلها تعتمد بشكل كبير على الاستيراد، خاصة من تركيا وإيران. هذا وفي الوقت الذي كشفت فيه إحصائيات الحكومة عن تدهور إنتاج اللحوم الحمراء بنسبة 87 في المائة والبيضاء بنسبة 84 في المائة خلال العقدين الأخيرين جراء فشل البرامج الحكومية في القطاع الزراعي والتأثيرات السلبية المدمرة لسياسة الاستيراد المنفلت، تتدهور كل يوم الأوضاع المعاشية لسكان الريف وتتزايد هجرتهم إلى المدينة، مما يضاعف من تدهور الإنتاج الزراعي.

فرهود رسمي

إلى جانب مجموعة من الشروط التعجيزية التي تفرضها المصارف الحكومية على قروض الإسكان، كشف مختصون عن بلوغ الفوائد التي تفرضها هذه المصارف 50 في المائة من أصل القرض. هذا وفي الوقت الذي تشتد فيه أزمة السكن تعقيداً، في ظل حاجة البلاد لأكثر من 3 مليون وحدة سكنية، تفشل مشاريع الحكومة لحل المشكلة بسبب استغلال بعضها في غسيل أموال المتنفذين، وجراء الفساد الذي ينخر برامج الإستثمار في هذا القطاع، مما يتطلب سياسة نقدية مناسبة تتضمن تسهيلات مصرفية وقروض عقارية ميسّرة و تحفيز الاستثمار في مشاريع الإسكان الشعبي، وتنظيم الإقتراض وتحديد فوائده على أساس معدلات الدخل.

{فخر النساء} تهدد بقتل معارضيها

تظاهر مواطنون أمام الشركة العامة للمنتجات الغذائية، مطالبين بإقالة مديرها العام متهمين إياها بملفات فساد مالي وإداري. المظاهرة التي شارك فيها عدد من النواب، واجهتها المطلوب إقالتها بسيل من الشتائم والتهديدات، فيما كان بعض موظفيها المرعوبين والانتهازيين يصرخون بأن مديرتهم "العلوية فخرنا". هذا وفي الوقت الذي يعبر فيه الناس عن كامل احترامهم للألقاب العلمية والدينية والعشائرية، فإنهم يرون في هذه التصرفات اللامسؤولة تجاه حق التعبير والإحتجاج، علاقة مختلة ومخالفة للدستور بين الموظف والمواطن، وتثير المخاوف من استغلال الفاسدين والفاشلين للقيم الاجتماعية والروحية من أجل تبرير فشلهم واسكات صوت الإصلاح والتغيير.

جا وين حجيك ذاك!

احتلت بغداد الحبيبة المرتبة 264 من 300 مدينة عالمية قامت مجلة ”CeoWorld” الأمريكية بتقييم مستوى الأمان فيها لعام 2025، وذلك بعد حصولها على 57.77 درجة فقط. وأشارت المجلة إلى أنها اعتمدت في التقييم على معدلات الجريمة ومدى جذب السياح وقوة إنفاذ القانون والإجراءات الأمنية واستقرار الحكومات. هذا وفي الوقت الذي يترك هذا التقييم تأثيرات سلبية على سمعة البلاد وبالتالي على انتقال الإستثمارات اليها وتطور وارداتها غير النفطية، تلقي بمسؤولية أكبر على الحكومة للتحرك من أجل إصلاح الوضع والكف عن النواح وإنكار الواقع أو إلقاء اللوم على الآخرين والبقاء أسرى نظرية المؤامرة.

*******************************************

العراق في الصحافة الدولية

ترجمة وإعداد: طريق الشعب

 

العراق – الصين تعاون مثمر في قطاع الطاقة

ارتباطاً بالتطورات السياسية في المنطقة وما تشهده أسواق الطاقة من متغيرات، ناقشت مقالات عديدة انتاج النفط والغاز في العراق، والبرامج الحكومية التي تطبقها بغداد في هذا القطاع، وتأثيرات ذلك على علاقات البلاد الإقليمية والدولية.

الصين في المقدمة

فقد كتبت إيرينا سلاف مقالاً لموقع (أسعار البترول)، أشارت فيه إلى أن الحكومة العراقية وقعت اتفاقية مع شركة جيوجيد بتروليوم الصينية لتوسيع الإنتاج في حقل طوبا النفطي، وبناء مصفاة بطاقة 200 ألف برميل يومياً ومحطتين لتوليد الطاقة، إحداهما بسعة 650 ميغاواط والأخرى خاصة بالطاقة الشمسية بسعة 400 ميغاواط، إضافة إلى بناء منشأة للبتروكيماويات ومصنعاً للأسمدة.

وذكرت الكاتبة بأن بغداد ترى بأن هذه المشاريع مع شركة جيوجيد، تمثل نقلة نوعية في تنمية الثروة النفطية العراقية ودعم الاقتصاد الوطني وتوفر آلاف فرص العمل، موضحة بأن الشركات الصينية تمكنت من بناء حضور قوي للغاية في القطاع النفطي العراقي، وهو ما ينعكس في إدارة أكثر من ثلثي احتياطيات النفط والغاز العراقية المؤكدة، وما يصل إلى 66 في المائة من الإنتاج، وذلك كجزء من استراتيجية بكين لتوسيع توافر الإمدادات من خلال الاستثمارات المحلية والدولية.

وأكد المقال على أن دور الشركات الصينية التي تعّد من بين أفضل الجهات، يأتي منسجماً مع طموح الحكومة العراقية لزيادة الإنتاج بشكل كبير، من حوالي 4 ملايين برميل يوميًا ليصل إلى 7 ملايين برميل يوميًا. واختتمت الكاتبة مقالها بالإشارة إلى أن التطور الذي يحدث في الدور الصيني يعتمد على اتفاقية أُبرمت عام 2019، وعُرفت باسم "النفط مقابل الإعمار والاستثمار"، والتي تُمنح بموجبها الشركات الصينية حق الدخول إلى قطاع البنية التحتية للطاقة في العراق كمستثمرين مقابل إمدادات النفط.

نجاحات في معالجة الغاز

وفي موقع وكالة أنباء شينخوا، كتب لي جون مقالاً أشار فيه إلى أن مشروع غاز حلفايا، الذي نفذته شركة هندسة وإنشاءات البترول الصينية (CPECC) بقيمة مليار دولار، يعتبر نجاحاً للحكومة بعد سنين من التلكؤات في معالجة الغاز جراء الصراعات ونقص الاستثمار، مما أدى إلى اعتماد البلاد على استيراد الغاز والكهرباء باهظة الثمن، وخاصة من إيران المجاورة.

وأضاف المقال بأن أهمية المشروع تكمن أيضاً في كونه أكثر من مجرد بنية تحتية صناعية، بل هو رمز للمرونة والتعاون ومستقبل طاقة أنظف. كما تكمن أهميته في تزامنه مع قرار واشنطن إلغاء إعفاء العراق من شراء الكهرباء من إيران في إطار حملتها "للضغط الأقصى" على طهران، حيث يشكل خطوة على طريق البحث عن مصادر بديلة. وأضافت الكاتبة بأن المشروع بصفته أول عمل متكامل واسع النطاق لمعالجة النفط والغاز في العراق، سيعالج ما يقرب من 3 مليارات متر مكعب من الغاز المصاحب سنويًا، وهو منتج ثانوي من حقول النفط كان يُحرق سابقًا، مما يهدر طاقة ثمينة ويلوث الهواء، فيما سيتم اليوم التقاطه ومعالجته وتحويله إلى مصدر وقود صالح للاستخدام - حوالي 2.25 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المنقى سنويًا، والذي يمكن أن يولد 5 مليارات كيلوواط/ساعة من الكهرباء، كافية لتزويد حوالي 4 ملايين منزل عراقي بالكهرباء. كما سينتج المشروع حوالي 860 ألف طن من غاز البترول المسال سنويًا، والذي يتم توزيعه بواسطة شاحنات صهريجية في جميع أنحاء ميسان ومحافظات أخرى، وحوالي 900 ألف طن من الهيدروكربونات الخفيفة C5  و15 ألف طن من الكبريت الصناعي سنويًا.

حماية البيئة

وأكد المقال على أن المشروع مساهمة نوعية في تعزيز مكانة العراق البيئية ومواءمتها مع المعايير العالمية، ناقلاً عن مدير فرع الشركة في الشرق الأوسط قوله بأن المشروع ليس مجرد إنجاز هندسي، بل هو نموذج للتنمية المستدامة، حيث سيحول الطاقة المُستَقطَعة إلى منتجات تُشَغِّل المنازل، وتدعم الصناعات، وتُحسِّن حياة الناس، في ذات الوقت الذي تخفض فيه كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكبريت سنويًا.

*******************************************

الصفحة الرابعة

هل تتجاوز الصحون الامريكية البيضاء قصة التهريب إلى السوق العراقية؟  قفز حكومي على صراع الاتصالات وهيئة الإعلام بشأن الإنترنت الفضائي

بغداد ـ طريق الشعب

أعاد مشهد استقبال رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، أمس الأربعاء، وفداً من شركة أمريكية متخصصة بتكنولوجيا الشبكات والاتصالات، قصة اللغط والصراع الخفي بين وزارة الاتصالات وهيئة الإعلام والاتصالات حول رخصة "الإنترنت الفضائي".

وفي إطار تهافت العديد من دول المنطقة على التعاقد مع شركات أمريكية متخصصة بمختلف المجالات، استهوى هذا الجو رئيس الوزراء الذي استقبل يوم أمس وفداً من شركة سبيس أكس (ستارلينك) الأمريكية المتخصصة بتكنولوجيا الشبكات والمعلومات والاتصالات، متجاهلا اعتراض هيئة الإعلام على وزارة الاتصالات التي حاولت ترخيص الإنترنت الفضائي، قبل عامين، لكن السلطة القضائية تعاطت مع طعن الهيئة وجمحت رغبة الوزارة.

ويستغرب مراقبون من قفز السوداني على قرار المحكمة الاتحادية العليا، وعلى الخلاف بين الوزارة والهيئة، في لقائه الشركة الامريكية، التي لا تزال أجهزتها تتسلل الى السوق العراقية بطريقة غير شرعية، مشيرين الى ان ذلك يندرج في اطار الاستعراض الإعلامي.

وفي حينها، قال عضو لجنة الاتصالات النيابية زهير الفتلاوي ان طلب وزارة الاتصالات تشغيل الإنترنت الفضائي رفض بسبب اعتراض هيئة الإعلام والاتصالات على ذلك، موضحًا أن "الأقمار الصناعية التي تقدم هذه الخدمة تغطي سماء العراق بغض النظر عن وجود رخصة من عدمها".

وأكد الفتلاوي أن "إدخال أجهزة ستارلينك التي تلتقط هذه الخدمة يتم عن طريق منافذ حدودية"، مؤكدًا أن "وزارة الاتصالات ليست لديها السلطة في منع دخول هذه الأجهزة، بل ان ذلك من مسؤولية هيئة الإعلام والاتصالات وسلطات المنافذ الحدودية والأجهزة الأمنية".

ويُبث الإنترنت الفضائي من الأقمار الصناعية في الفضاء، ويوفر تغطية عالمية، تسمح بالاتصال بالإنترنت من أي موقع في الكرة الأرضية. وتعتبر شركة "ستارلينك" الشركة الأبرز والرائدة في توفير وتطوير الإنترنت الفضائي، وهي تحاول توفيره في كل الدول.

ورغم عدم تفعيل خدماتها في دول عديدة من بينها العراق، يستطيع المستخدمون الاشتراك بخدماتها عبر عدة طرق مستفيدين من أقمار الشركة المنتشرة حول أغلب دول العالم.

تسلل "ستارلينك" الى السوق العراقية

لكن قرار القضاء لم يمنع أجهزة (ستارلينك) من التسلل الى العراق، بعد أن وفّرتها السوق السوداء بأسعار مرتفعة، حيث يصل سعر الجهاز الواحد إلى ١٦٠٠ دولار، إذ يتم شحنها عن طريق DHL، وتدخل البلاد عبر بعض المطارات والمنافذ الحدودية، ليجري توزيعها بين المحافظات.

أحد تجار الأجهزة الإلكترونية قال لـ"طريق الشعب"، في وقت سابق، ان السلطات في الحدود كانت قد صادرت أكثر من شحنة من تلك الأجهزة، مشيرا إلى أن أحد التجار تعرض لمساومة من قبل تلك السلطات: السماح بإدخالها مقابل 1000 دولار عن الجهاز الواحد، لكن رفض التاجر قاد الى مصادرتها، بحسب قوله. 

وأضاف التاجر، أن هذه الصفقات تديرها شخصيات متنفذة، تحرص على بقاء تلك الأجهزة في السوق العراقية.

تُدار من برلين!

أما مهندس الاتصالات محمد كاظم فيقول: إن "عملية السيطرة على الإنترنت الفضائي في الوضع العراقي مستحيلة، ومن الأفضل ترخيصه بدل تركه خارج سلطة المؤسسات الرقابية"، مشيرًا إلى أن "الدول التي تمتاز باتباع الإجراءات الأمنية الأشد صرامة لم تتمكن من منع انتشاره".

ويضيف كاظم في حديث لـ"طريق الشعب"، أن "الأجهزة متوفرة في العراق حاليًا، ويمكن استخدامها من خلال الاستعانة بأجهزة ستارلينك المصنوعة في اليابان والصين وهذه الأجهزة تدخل عبر مواقع متعددة في العراق"، مبينًا أن "ما يمنع انتشارها حاليًا هو أسعارها المرتفعة، وفي حال انخفضت سيكون من الصعب السيطرة عليها وبالتالي سيكون للأمر انعكاسات سلبية أمنية واقتصادية".

ويشير إلى أن "المواقع الحالية للمستخدمين في العراق تظهر أماكن وجودهم عند تعقبهم، في برلين. كما أن هذا النوع من الإنترنت يمكن من إدارة الطائرات المسيرة وغيرها من القضايا المهددة للأمن"، موضحًا أن "الدولة ستخسر موردًا اقتصاديًا في حال عدم ترخيص هذا الإنترنت؛ فالفواتير والأموال تخرج الآن من العراق، وسترتفع معدلات الاشتراك في الأيام القادمة في حال استمرار خدمة الإنترنت السيئة المقدمة من قبل شركات الاتصال الحالية".

توجيه بتسهيل عمل الشركة

وكان المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء، قال في بيان امس أن “رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، استقبل وفداً من شركة سبيس أكس (ستارلينك) الأمريكية المتخصصة بتكنولوجيا الشبكات والمعلومات والاتصالات، حيث جرى خلال اللقاء استعراض أوجه التعاون في مجال الاتصالات والخدمات التي تقدّمها الشركة، ومناطق تغطيتها”.

ووجّه رئيس الوزراء، بحسب البيان “الجهات المعنية بدراسة سبل تسهيل عمل شركة سبيس اكس (ستارلينك) والإسراع باتخاذ الإجراءات اللازمة”، مبدياً “ترحيبه بشركات التكنولوجيا الكبرى، خاصةً الأمريكية للعمل في العراق وإمكانية تعاونها مع القطاع الخاص العراقي، وضمن رؤية الحكومة في إجراءات التحوّل الرقمي”.

من جانبه، أكد وفد الشركة “الاستعداد للعمل في العراق وتقديم الخدمات والتعاون في السوق العراقية، مبيناً أن “خدمات ستارلينك ستساهم في التحوّل الرقمي وتطبيقاته لمؤسسات القطاعين العام والخاص، وتطوير الاتصالات وتحقيق الازدهار الاقتصادي في إطار التعاون الثنائي بين العراق والولايات المتحدة”.

************************************************

شددوا على مواءمةَ الأُطر القانونية مع المواثيق الدولية وتعزيز سلطة القضاء اقتصاديون وماليون: لا استقرار مالياً ونقدياً

مع وجود بيئة خصبة للفساد

بغداد ـ محمد التميمي

برغم تراكم الأزمات الاقتصادية وتزايد الضغوط المالية على الدولة، لا يزال الفساد المالي والإداري، واحدا من أبرز التحديات التي تواجه الدولة في ظل هيمنة المتنفذين على مفاصل الدولة، وغياب الإصلاحات الحقيقية.

وتتواصل تحذيرات محلية ودولية من خطورة استمرار هذا الواقع، خصوصًا مع تصاعد الإنفاق العام وتراجع مستويات الشفافية والمساءلة.

وبرغم بعض الخطوات الإجرائية التي اتُّخذت مؤخرًا، فإن التحديات البنيوية في السياسة المالية والنقدية لا تزال تمثل بيئة خصبة لإعادة إنتاج الفساد بأشكال جديدة.

عام مليء بالتحديات

وحذّر صندوق النقد الدولي (IMF) من أن العراق سيواجه عاماً مليئاً بالتحديات الاقتصادية، بالتزامن مع الارتفاع المستمر في النفقات على الرواتب وشراء الطاقة، حيث يُهدر 55 في المائة من كهربائه في وقت ما زال فيه الفساد عقبة امام تحقيق النمو.

وقال بيان للصندوق، إنّ "مكافحةَ الفساد ونقاط الضعف في الحوكمة أمر لا مفرَّ منه، وذلك لأجل دعم التنمية الاقتصادية". فيما عدّ "الخطوات المتخذة في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد ورفع كفاءتها، والتحسينات في المؤشرات والأرقام القياسية لإدراك الفساد، تطورات إيجابية في هذا المجال".

ولفت البيان الى انه برغم ذلك ما زال الفساد يشكل عقبة كبيرة في تحقيق النمو. فيما شدد على اهمية "تعزيز اطر المساءلة لتشغيل الشركات المملوكة للدولة، والشركات الخاصة في قطاعات النفط والكهرباء والتشييد".

ودعا الى إعطاء "الأولوية للامتثال الشامل لمعايير مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية، وسنّ قانون الشفافية والحصول على المعلومات"، مشيرا الى ان "مواءمةَ الأُطر القانونية لمكافحة الفساد مع المواثيق الدولية والممارسات الفُضلى، وتعزيز استقلال القضاء، مسألتان أساسيتان للإنفاذ الفعال للقوانين، ولحماية الحقوق الاقتصادية".

ورهن تضاعف نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي المحتمل تحقيقه على المدى المتوسط بـ"تنفيذ مجموعة شاملة من الإصلاحات، التي تشمل سوقَ العمل، وتنظيم أنشطة الأعمال، والقطاع المالي والحوكمة".

اصلاح المنظومة القانونية

في هذا الشأن، قال الخبير في مجال مكافحة الفساد سعيد ياسين، إن العراق يشهد تحسناً في بعض الجوانب المرتبطة بالسياسة النقدية، خصوصاً ما يتعلق بامتثال البنك المركزي للمعايير الدولية، إلا أن الفساد لا يزال متجذراً نتيجة اختلالات في السياسة المالية، وغياب البيئة القانونية الرادعة، واستمرار استغلال النفوذ السياسي.

وأضاف ياسين في حديث لـ "طريق الشعب"، أن السياسة النقدية العراقية اتخذت مسارات إصلاحية لتأهيل القطاع المصرفي، وضبط التحويلات المالية، والحد من عمليات غسل الأموال، مشيراً إلى أن العراق خرج مؤخراً من "المنطقة الرمادية" وفق تقييمات دولية خاصة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وتابع ياسين أن “البنك المركزي شرع بخطوات لتقييم المصارف المحلية، ودمج الأهلية منها، وفرض إجراءات رقابية، حتى لو أثرت هذه الإجراءات بشكل مباشر على المواطن العادي، مثل القيود المفروضة في قطاع العقارات”.

وفي ما يتعلق بالسياسة المالية، أبدى ياسين العديد من الملاحظات قائلاً: “لا تزال العقود والمشتريات الحكومية تتم بمعزل عن المعايير الدولية، وهو ما يتسبب بتضخم الأسعار التخمينية، ويخلق بيئة مواتية لغسل الأموال وإعادة تدويرها من أموال فاسدة إلى أموال نظيفة”.

واشار الى ان جزءا كبيرا من الفساد سببه تمتع بعض المسؤولين الحكوميين بسلطة الإحالة المباشرة للعقود دون منافسة حقيقية، ودون الاعتماد على معايير الكفاءة أو الخبرة.

ونصح ياسين بـ"إصلاح المنظومة القانونية التي تنظم العقود الحكومية، لأن البيئة الحالية تسمح بتنفيذ مشاريع رديئة الجودة تُهدر الزمن والموارد، ما يشكل تحدياً حقيقياً أمام التنمية المستدامة".

كما دعا إلى ايجاد سلسلة من الإجراءات الإصلاحية، بينها تشريع قانون جديد للعقوبات يتلاءم مع المتغيرات الراهنة، قائلاً ان "قانون العقوبات الحالي، الصادر عام 1969، بات قاصراً عن معالجة الجرائم الحديثة المرتبطة بالفساد والنفوذ السياسي، وهناك فجوات قانونية تتيح تمرير سلوكيات غير مُجرّمة حتى الآن".

وشدد على ضرورة توفير بيئة قانونية واقتصادية آمنة تُمكّن شركات القطاع الخاص من المشاركة الفعالة في مشاريع التنمية، وإنشاء المصانع، والمناطق الصناعية.

وأشار إلى أن هناك خطوات حكومية بدأت فعلاً، مثل مشروع المدن الصناعية والمناطق التجارية، لكنها بحاجة إلى دعم تشريعي ومؤسساتي أكبر.

واختتم ياسين قوله: "لكي تكون الإجراءات المتخذة فعالة، لا بد من تعزيز الشفافية عبر نشر المعلومات بشكل استباقي، وتشريع قانون حق الاطلاع على المعلومات، ليكون الإعلام والمجتمع شريكين فاعلين في مراقبة الأداء العام ومكافحة الفساد”

الفساد يقوّض الاستقرار المالي

من جهته، أكد الخبير الاقتصادي باسم جميل أنطوان أن استمرار الفساد في مؤسسات الدولة العراقية يشكل أحد أخطر التحديات التي تعيق جهود التنمية وتُربك استقرار الموازنات العامة، داعيًا إلى إصلاح جذري في منظومتي الرقابة والمحاسبة.

وقال أنطوان إن “الفساد لم يعد مجرد ظاهرة إدارية أو مالية، بل أصبح عاملًا مُعطِّلًا لمسار الدولة التنموي، حيث تُصرف الأموال الطائلة على مشاريع يفترض أن تنهض بالبنية التحتية والخدمات، دون أن تقابلها كشوفات أو تقارير إنجاز واضحة، ما يفتح الباب أمام الهدر والتلاعب”.

وأضاف أن “برنامج ملاحظات صندوق النقد الدولي يركّز على أهمية ضبط الإيرادات والنفقات، بوصفها أساسًا لإصلاح الاقتصاد، إلا أن استمرار الفساد يفرغ هذه الجهود من مضمونها ويجعل من الصعب تحقيق أي تقدم ملموس”.

وتابع أن غياب الشفافية في إدارة المال العام، وتراكم المخالفات دون محاسبة، يؤدي إلى تقويض الثقة بين المواطن والدولة، ويُضعف قدرة الحكومة على تمويل مشاريع استراتيجية تمس حياة الناس.

كما شدد على أهمية تقديم الحسابات الختامية للموازنات العامة في مواعيدها القانونية، واصفًا هذا الإجراء بأنه “ركن أساسي في أي نظام مالي سليم، وغيابه يعني تغييب أدوات الرقابة البرلمانية والمجتمعية، ويمنح الفساد بيئة خصبة للتمدد”.

ودعا أنطوان الجهات المسؤولة، لاسيما البرلمان وهيئات الرقابة المالية، إلى أداء دورها بفعالية أكبر في فتح ملفات الفساد الكبرى، وإحالة المتورطين إلى القضاء، وتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.

ولخّص القول بانه "لا يمكن الحديث عن تنمية حقيقية ما لم يتم قطع دابر الفساد، ووضع أسس قانونية ومؤسساتية صارمة تُعيد للدولة هيبتها، وتُعيد توجيه المال العام نحو ما يخدم المواطن ويصون المستقبل الاقتصادي للعراق".

البيئة الحاضنة للفساد

الى ذلك، اكد الخبير المالي والمصرفي مصطفى حنتوش، ان الاعتماد المفرط على النفط في العراق لم يكن نتيجة استراتيجية اقتصادية واضحة، بل جاء نتيجة تراكم طويل لواقع اقتصادي هش، وبيئة استثمارية داخلية طاردة، وقطاعات إنتاجية شبه منهارة، في ظل غياب حقيقي لتطوير الاقتصاد منذ عقود.

وقال حنتوش في حديث لـ "طريق الشعب"، ان "الملكية في العراق تكاد تكون حكراً على الدولة، وهذا سلاح ذو حدين. فالدولة تمتلك كل شيء تقريبًا، لكن من دون تنظيم فعّال أو سياسات اقتصادية واضحة ورشيدة، مما حوّل كل الموارد إلى ممتلكات حكومية تُدار من قبل مجموعة -محدودة ومعينة من الموظفين، ما أدى إلى تغييب القطاع الخاص بشكل شبه كامل".

واضاف أن "تركز السلطة الاقتصادية بيد الدولة التي تدار من قبل نخب محددة، وغياب الشراكة مع القطاع الخاص، مهدا الطريق أمام تفشي الفساد وخلق بيئة حاضنة للفساد، وتحوله إلى ظاهرة طبيعية في بنية النظام الاقتصادي".

وتابع، ان "لا توجد إرادة حقيقية لتمكين القطاع الخاص، لأن مراكز القرار تحتكر السلطة والموارد، وليس من مصلحتها فتح المجال أمام الآخرين"، متسائلاً "لماذا يسمحون للقطاع الخاص بالمشاركة وهم يحتكرون القرار؟".

وشدّد الخبير على أن "الإصلاح الاقتصادي في العراق يتطلب مراجعة جذرية وشاملة، تبدأ بتبنّي رؤية استراتيجية تضع تمكين القطاع الخاص في صلب أولوياتها، مروراً بإصلاح الجهاز الرقابي، وانتهاءً بتعزيز آليات مكافحة الفساد".

وخلص الى ان "ما نحتاجه اليوم ليس مجرد إجراءات إصلاحية متفرقة. انما الفساد أصبح مترسخًا لأن الملكية تدار من قبله أو من قبل جهات نافذة، وهذا يتطلب ثورة حقيقية في التفكير الاقتصادي ونمط إدارة الدولة".

***************************************

الاستثمار في العراق شروطه واتجاهاته

إبراهيم المشهداني

من المعروف أن عملية الاستثمار في العراق كما هو الحال في أي بلد اخر ، تلعب دورا عميق التأثير في تطوير الاقتصاد ورفع معدلات النمو الاقتصادي والاجتماعي وخصوصا أن الاقتصاد العراقي، الإشارات المعلنة تشي بارتفاع معدلات النمو، يتسم بالانكماش باستثناء قطاع البترول، ورغم أن هذه العملية تساعد في زيادة النمو الاقتصادي والاجتماعي فإنها تحفز عملية الإنتاج في معظم قطاعات الاقتصاد كونها تسهم في توفير فرص العمل ومعالجة البطالة وتحسين معيشة المواطنين عبر مشاريع تعزز القدرة التنافسية فيما بينها، أن كل ذلك يحصل اذا ما منح الاستثمار الأولوية في الخطط الاستراتيجية وتوفرت الإرادة السياسية.

لقد تم تشريع قانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006 ورغم ما فيه من شروط مشجعة للمستثمرين العراقيين والأجانب غير انه لم يصدر في الوقت المناسب حيث أن العملية السياسية كانت في بداياتها وان الأجواء ملبدة بالاضطرابات السياسية وتدهور الأوضاع الأمنية وهما من العقبات التي لا تستهوي المستثمرين مهما توافرت رغبتهم، لأن رأس المال معروف بجبنه وخاصة في مثل هذه الظروف. لهذه الأسباب ظل القانون مركونا في رفوف الحكومة آنذاك، ومع مستجدات الظروف وتشكل أوضاع تتسم بالاستقرار النسبي فقد أجريت جملة من التعديلات على القانون رقم 13 بتعديل نظام الاستثمار رقم 8 لسنة 2024 المتضمن الكثير من المغريات التي كان من المؤمل أن تحفز عملية الاستثمار، غير أن هذه التعديلات تبقى ضعيفة في مفاعيلها ما لم تتم إزالة العديد من الظواهر والعقبات ومنها عمليات الابتزاز وآليات التنفيذ التي ما زالت تحتفظ بتعقيداتها ورويتنها القديم.

ولابد من الإشارة إلى المزايا الأخرى للاستثمار الأجنبي من خلال مساهمته في توسيع القاعدة الإنتاجية والخدمية للاقتصاد العراقي وتنويع المصادر المالية وإمكانية تحقيق المشاركة مع القطاع الخاص المحلي وفائدته في تعزيز الخبرات ومهارات العمل وتوسيع المشاركة لتشمل القطاع الحكومي وتكوين قطاع مختلط فاعل خاصة وأن هذا القطاع كان قد ترك إرثا في تجهيز السوق العراقي بالسلع على أنواعها وفوائده للعائلة العراقية من ثلاجات ومجمدات وأجهزة تبريد في فصل الصيف، وصولا إلى توسيع القدرة التنافسية للمشاريع المشمولة بالقانون فضلا عن التوءمة مع كافة الدول الإقليمية والعالمية، ونحن اذ نتحدث عن مزايا الاستثمار لابد من الإشارة إلى العوائق التي تواجهه وأولها غياب البيئة المناسبة لتنشيط هذا القطاع ومنها عدم توفير العناصر الجاذبة والافتقار إلى إرادة حقيقية لتنفيذ التعديلات التي أجريت على نظام الاستثمار وفي نفس الوقت كثرة الاجراءات والتشريعات الكابحة وأبرزها عمليات الابتزاز والتهديد والروتين وهو الأكثر إزعاجا أمام المتقدمين للاستثمار التي يستغلها الفاسدون الطامحون في مراكمة غنائمهم.

إن العنصر الجوهري في أية عملية تنموية يرتبط دائما وبالضرورة بالاستثمار سواء من قبل الدولة او القطاع الخاص بجانبيه المحلي والأجنبي، ومن غير المتوقع أن يعطي القطاع الخاص الوطني مفاعيله المتوخاة بسبب ضعفه وافتقاره إلى رؤوس الأموال الضرورية وتخلف الدولة عن تمكينه من التعافي لانكفائها عن الدعم والاعتماد على القطاع العام الذي يتلقى الدعم من الموارد البترولية مع أهمية القطاع العام في كونه قاطرة تجر وراءها القطاعات الأخرى إذ يستمد قوته من الدولة. ومن الجدير بالذكر أن البنك المركزي والمصارف الأخرى قد فتحت أبوابها مشرعة لإقراض المشاريع الاستثمارية وبذلك يكون شرط التمويل وهو أهم الشروط المحفزة للاستثمار قد لعب دورا في بروز العديد من المشاريع لكنها اخذت اتجاها أحاديا متمثلا بقطاع العقارات وبعض المشاريع الخدمية، لكن المستثمرين في هذه الحال يعتمدون في توفير رؤوس الأموال على قروض البنك المركزي ودفعات الراغبين في الشراء وهي في العادة مقتصرة على من لديه وفرة مالية والموظفين ذوي الرواتب المضمونة فيصبح المستثمر والحالة هذه مشرفا ومستربحا بخلاف القاعدة التي توجب أن يكون المستثمر من أصحاب رؤوس الأموال، ووجهة الاستثمار في هذا القطاع فقط لا تنسجم مع أهمية الاستثمار في كافة القطاعات كالصناعة والزراعة والنقل وأنظمة الرعايا الصحية.

****************************************

الصفحة الخاسمة

عمل تخريبي يهدد سلامة المواطن سرقة أغطية المنهولات تتصاعد في تكريت

متابعة – طريق الشعب

تشهد محافظة صلاح الدين، ومدينة تكريت تحديدًا، موجة من السرقات المنظمة التي تطال مشاريع البنية التحتية الخدمية. إذ يقوم أشخاص بسرقة كابلات الكهرباء النحاسية وأغطية المنهولات، ما تسبب في أضرار بالغة بالمشاريع قيد التنفيذ، وسط تحرك أمني متواصل للحد من هذا الظاهرة الآخذة بالاتساع.

وتنقل وكالة أنباء "شفق نيوز" عن مصدر محلي في تكريت، قوله أن "مفارز قسم مكافحة إجرام صلاح الدين – مكتب مكافحة القادسية، ألقت القبض على عصابة تمتهن سرقة الكابلات الكهربائية لمشاريع إنارة الشوارع العامة، بعد سلسلة من عمليات الرصد والمتابعة. حيث تم ضبطهم داخل أحد الأحياء السكنية في مدينة تكريت أثناء تنفيذهم عملية سرقة جديدة، وبحوزتهم دراجة نارية نوع (ستوتة) وأدوات قطع معدنية".

فيما تنقل عن مصدر أمني في قيادة الشرطة، القول أن "العصابة اعترفت بسرقة عشرات الأغطية الحديدية الخاصة بالمجاري، إضافة إلى كميات كبيرة من كابلات الكهرباء الممتدة ضمن مشاريع خدمية حكومية، خصوصًا في منطقة القادسية".

ويضيف المصدر الذي حجبت وكالة الانباء اسمه، أن "التحقيقات الأولية تشير إلى تورط المتهمين ببيع المسروقات إلى سماسرة يتعاملون مع ورش ومعامل متخصصة في إعادة صهر الحديد والنحاس، تقع في مناطق أخرى من البلاد"، موضحاً أن "غياب الرقابة على سوق الخردة وتجارة المعادن ساهم بشكل كبير في تصريف هذه المسروقات".

ويتابع قوله أن "توقيف المتهمين تم وفق المادة 444 من قانون العقوبات العراقي".

تجارة سوداء

في سياق موازٍ، يقول عبد الجبار سمير، أحد باعة الحديد العاملين في سوق الخردة في تكريت، أن "الكابلات النحاسية تُباع في السوق السوداء بسعر يصل يتراوح بين 15 و18 ألف دينار للكيلوغرام الواحد. وهو ما يدفع بعض العصابات لتنفيذ هذه السرقات بحثًا عن ربح سريع دون اعتبار لحجم الضرر"، مضيفا في حديث صحفي قوله أن "أغطية المجاري تُعرض أيضًا للبيع بأسعار تراوح بين 25 و35 ألف دينار، موضحًا أن بعضها يُنقل إلى معامل أهلية لإعادة صهره واستخدامه في صناعة أدوات منزلية أو إنشائية، دون أي رقابة أو مساءلة قانونية".

السرقات تُعطل المشاريع

من جهته، يذكر المهندس "ماهر الجبوري"، وهو أحد كوادر تنفيذ المشاريع في صلاح الدين، أنه "تعرضنا أكثر من مرة لسرقة الكابلات الكهربائية وأغطية المنهولات أثناء تنفيذ مشاريع خدمية، ما اضطرنا إلى إيقاف العمل وإعادة التقييم، وهو ما تسبب في تأخير تسليم عدد من المشاريع الحيوية".

ويبيّن أن "تكاليف تعويض المواد المسروقة تكون باهظة. حيث تبلغ قيمة بعض الكابلات عشرات الملايين من الدنانير. أما استيراد أو تصنيع أغطية منهولات بديلة، فهذا يتطلب وقتًا طويلا وجهدًا إداريًا كبيرا، ما يؤثر سلبًا على أداء الدوائر البلدية والخدمية".

وتطالب أوساط مدنية ومجتمعية بفرض رقابة صارمة على أسواق المعادن والخردة، إلى جانب تشديد العقوبات بحق كل من يثبت ضلوعه في سرقة ممتلكات الدولة والمرافق العامة، باعتبارها جرائم تمس حياة المواطنين بشكل مباشر، وتعرّضهم لمخاطر متعددة، كالسقوط في فتحات المجاري المكشوفة أو التعرض لصعقات كهربائية.

ملاحقة الجناة

إلى ذلك، تؤكد قيادة شرطة صلاح الدين، في بيان رسمي، أنها "لن تدخر جهدًا في حماية الممتلكات العامة وملاحقة العصابات التي تحاول الإضرار بالبنى التحتية وتعطيل المشاريع الخدمية"، داعية المواطنين إلى التعاون مع القوات الأمنية والإبلاغ الفوري عن أي نشاطات مشبوهة.

وتؤكد الشرطة أن حملات التفتيش وجمع المعلومات الاستخبارية ستتواصل، لضمان تقديم الجناة للعدالة وبسط سلطة القانون وهيبة الدولة في جميع أنحاء المحافظة.

وتتكرر حالات سرقة أغطية المنهولات والكابلات وغيرها من المواد الإنشائية الخاصة بالمشاريع الحكومية، في عديد من مدن البلاد. وبينما تبذل القوات الأمنية جهودا كبيرة في ملاحقة السارقين، إلا أنه يبدو من الصعب السيطرة على الأمر بشكل تام، طالما أن أسواق بيع الخردة ومعامل التدوير لا تخضع لرقابة كافية، وهذا ما يدفع السرّاق إلى الاستمرار في سرقاتهم سعيا للربح السريع.

ولا يتوقف الأمر على سرقة الممتلكات العامة، بل يشمل أيضا سرقة ممتلكات المواطنين. فكثيرا ما يشكو مواطنون عبر وسائل إعلام وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، من سرقة حاويات جمع النفايات المنزلية، التي يضعونها قرب أبواب منازلهم، فضلا عن سرقة اي  حاجة يمكن بيعها فيما إذا كانت مركونة إلى جوار المنزل. 

********************************************

مركز حقوقي: التلوّث الضوضائي مرتفع في العراق

متابعة – طريق الشعب

قال رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، فاضل الغراوي، أن التلوث الضوضائي في البلاد لا يقل خطورة عن تلوث الهواء والبيئة، مشيرا في تقرير صادر عن مركزه أول أمس الثلاثاء، إلى أن أجهزة قياس الضوضاء سجلت في العاصمة ارتفاعا في نسب التلوث الضوضائي أعلى من المعدل المسموح به من قبل منظمة الصحة العالمية.

وأوضح أن أجهزة التحسس العائدة للمنظمة، وجدت أن نسب التلوث الضوضائي في العاصمة تتراوح بين  37،5 و76 ديسيبل، مبينا أن هذه النسب أعلى مما حددته المنظمة في المناطق السكنية، والذي يُفترض أن يكون بحدود  45 و55 ديسيبل.

ونوّه الغراوي الى أن سبب ارتفاع التلوث الضوضائي يعود إلى ارتفاع معدلات النمو السكاني، وانتشار المعامل والورش الصناعية داخل المدن، فضلا عن الارتفاع الكبير في أعداد السيارات، وانتشار المولدات التي لا تحتوي على كواتم للصوت.

وأكد أن "تقارير منظمة الصحة العالمية تبيّن أن الحد الأقصى للضوضاء التي يتعرّض لها الشخص يوميا يجب ألا يتجاوز 85 ديسيبل في مدة أقصاها 8 ساعات في اليوم الواحد. فما فوق ذلك قد يؤثر بشكل سلبي على الصحة الجسدية والنفسية للإنسان".

واشار إلى ان "التعرض المستمر لمستوى ضجيج يتجاوز 80 ديسيبل خلال الممارسات اليومية الاعتيادية، له أبعاد صحية جسيمة. فالتلوث الضوضائي لا يؤدي إلى فقدان السمع وطنين الأذن وفرط الحساسية تجاه الصوت فحسب، إنما قد يتسبب في الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية أو يؤدي إلى تفاقم تلك الإصابات، فضلا عن الإصابة بداء السكري من النوع الثاني، واضطرابات النوم والضغط العصبي ومشكلات الصحة العقلية والإدراك، بما في ذلك ضعف الذاكرة ونقص الانتباه، وتأخر التعلم في مرحلة الطفولة".

وطالب الغراوي الجهات الحكومية المعنية، بمعالجة ارتفاع مؤشرات التلوث الضوضائي من خلال إنشاء مدن صناعية حديثة خارج المدن، وإلغاء المعامل والمصانع والورش الصناعية داخلها، والزام أصحاب المولدات بوضع كواتم، وفرض غرامات على المركبات التي تستخدم المنبه دون داعٍ ضروري، وتلك التي تصدر أصواتاً عالية بفعل التحوير.

********************************************

اگول.. المواطن محاصر بالغرامات!

أسامة عبد الكريم

من يراقب استعدادات بغداد الأخيرة لاستقبال القمة العربية، قد يظن لوهلة أن العاصمة استعادت عافيتها العمرانية ونظافتها العامة. لكن الواقع على الأرض يكشف غير ذلك. فالشوارع ما تزال تختنق بالزحام، وأعمال التبليط متأخرة أو غائبة، والحواجز الكونكريتية تصادر الأرصفة والهواء، فيما تملأ البسطات العشوائية الأرصفة دون حلول جذرية. ويتساءل المواطن: أين الأسواق العصرية في الأحياء الشعبية؟

الأمانة العامة في بغداد لجأت إلى سلسلة غرامات وصفها المواطنون بـ"القاسية"، في محاولة لفرض النظام قبيل القمة: 500 ألف دينار على صاحب البسطة، مليون دينار على رامي النفايات من نافذة السيارة، و3 ملايين دينار على من يمد أنابيب ماء أو مجارٍ من دون موافقة رسمية.

قد تكون هذه القوانين ضرورية من حيث الشكل، لكنها تفتقد للعدالة حين تطبَّق على الفئات الأكثر هشاشة، من دون أن تترافق مع حلول ملموسة. أين الحاويات؟ المواطن الذي يغرَّم بسبب النفايات لا يجد في كثير من الأحياء الشعبية أي حاوية مخصصة أصلاً لرمي الأوساخ. في أحياء بغداد القديمة، لا توجد بنية تحتية تدعم مثل هذه الغرامات. من يطبق القانون لا يهيّئ له أدواته. فهل المطلوب من المواطن أن يحمل نفاياته في جيبه إلى أن يجد حاوية في مكان ما؟

أما عمال النظافة، الذين يُعوّل عليهم في تحسين الصورة، فإن كثيراً منهم يتقاضى ما بين 170 إلى 350 ألف دينار فقط، وهو ما لا يسد رمق العيش، ولا يليق بكرامة من يُطالبون برفع مستوى النظافة العامة.

أكًول، إن فرض الغرامات ليس إصلاحاً، بل خطوة سطحية إن لم تترافق مع عدالة اجتماعية وتهيئة بيئة حضرية عادلة. بغداد لا تحتاج إلى "تجميل مؤقت"، بل إلى خطة شاملة تبدأ من احترام الإنسان ومنحه أدوات النظام، قبل محاسبته.

********************************************

أهالي حي الهياكل في الغزالية: أسرعوا بتأهيل شارع ستين الحيوي

بغداد - عامر عبود الشيخ علي

طالب عدد من أهالي حي الهياكل في منطقة الغزالية بجانب الكرخ، الجهات المعنية، بالإسراع في متابعة الوضع المزري لشارع ستين في الحي، والذي يعاني إهمالا واضحا منذ سنوات.

وقال الأهالي لـ"طريق الشعب"، أن "هذا الشارع، الذي يُعدّ شرياناً حيوياً ذهابا وايابا يربط الغزالية بطريق صلاح الدين السريع، بات غير صالح للسير نتيجة الحفر والتخسفات الكثيرة المنتشرة على طوله".

 وأوضحوا أن "المركبات تسير فقط على جانب واحد من الشارع، نظرا لإغلاق الجانب الآخر منذ فترة طويلة، لدواعٍ غير معلومة"، مؤكدين أنه بالرغم من شكاويهم المتكررة للجهات المعنية، لم يتم اتخاذ أي إجراء فعلي لتأهيل الشارع.

وما زاد الطين بلة هو تحوله إلى مكب للنفايات وأنقاض البناء، الأمر الذي فاقم معاناة السكان وسبب أضرارا بيئية وصحية.

وأشار الأهالي إلى انهم طالبوا مرارا بإكساء جانبي الشارع، واستغلال المساحة الفاصلة بينهما في إنشاء بقعة خضراء، ما يساهم في تحسين الواقع البيئي.

كما انهم طالبوا بإنشاء مجسّر للعبور إلى سريع صلاح الدين، يربط شارع ستين بشارع ثلاثين في الحرية (حي السلام)، إلا أن أي من مطالبهم لم يُحظ باستجابة. 

ويأمل الأهالي أن تجد مطالبهم آذاناً صاغية، وأن تبادر الجهات المعنية إلى وضع خطة شاملة لإعادة تأهيل هذا الطريق الحيوي، بما يليق بأهميته ويحقق احتياجات السكان.

******************************************

لقطة اليوم

ضحّيتم بالأشجار المعمّرة. جزرتموها بذريعة انها تُعيق مشروع تطوير كورنيش أبو نؤاس، وجعله متنفسا ومعلما سياحيا عصريا.. وواصلتم فعلتكم رغم الاعتراضات الكثيرة، لكن ما الذي حصل في النهاية؟! المكان مُهمل لا يحظى بإدامة. النفايات تنتشر في المساحات الخضراء. الروائح الكريهة العفنة تتصاعد وتخنق الأنوف، الحاويات غير النظامية تطرح صورا مشوّهة، النباتات لا تُسقى ولا تُشذّب، وما خفي أشد سوءا! هل كان الغرض من "مشروع التطوير" المحدود مجرد البهرجة الإعلامية لتزيين صور المسؤولين ؟! ما تنقله اللقطة يقع مقابل المركز الثقافي الفرنسي.

مواطن

*******************************************

شكر على تعزية

نيابة عن عائلة محمد حسين الخياط وبالأصالة عن نفسي، أتقدم بوافر الشكر والامتنان للذوات المعزين بوفاة أخي (خالد) ممن حضروا مجلسي العزاء في الناصرية والبصرة ومن اتصلوا هاتفياً ومن كتبوا مواساتهم في قنوات التواصل الاجتماعي وبالخصوص اللجان المحلية لحزبنا الشيوعي العراقي في الناصرية والشطرة والبصرة. راجياً لهم مديد العمر مقروناً بالصحة والسعادة.

باسم محمد حسين

*****************************************

الصفحة السادسة

حكومة الاحتلال الصهيوني تتلقى المزيد من الصفعات.. حزب الشعب الفلسطيني يطالب بتغيير آليات توزيع الأغذية

متابعة – طريق الشعب

باتت المجاعة في قطاع غزة واقعاً ينهش أجساد الأطفال، وشهادة حية على عجز العالم الذي يتابع ذلك بصمت، إذ لم يعد الموت في القطاع المحاصر، خياراً بين القصف او القنص، حيث دخل الجوع وهو الأسلوب جديد، ضمن قائمة القتل العمد الذي يستخدمه الصهاينة ضد الفلسطينيين.

الخبز محكوم باعتبارات سياسية

قال حزب الشعب الفلسطيني، إن "طريقة توزيع الغذاء على سكان غزة، يتعارض مع المعاهدات المتعلقة بتوزيع المساعدات اثناء الحرب، وهي محكومة باعتبارات سياسية وأمنية، وتتضمن المزيد من الإذلال للمواطنين.

وطالب الحزب بضرورة ممارسة أقصى الضغوط من قبل جميع دول العالم والمؤسسات الدولية، من أجل الإسراع في اعتماد آلية الأمم المتحدة والوكالات التابعة لها من أجل ادخال المساعدات وتوزيعها بصورة عاجلة.

حزب الشعب: يجب ممارسة كل الضغوط لاعتماد الآليات الأممية لضمان إيصال وتوزيع المساعدات لقطاع غزة، وضمان ايصالها إلى أماكن السكن، وشدد على ضرورة تكثيف الجعود من أجل وقف العدوان وحرب الإبادة وفتح جميع المعابر والسماح بتدفق المساعدات الإنسانية كافة والمكدسة على المعابر الحدودية.

يهدر الموارد ويلهي عن الفظائع

وأثارت مشاهد توزيع المساعدات المعتمدة من قبل الاحتلال الإسرائيلي بدعم أمريكي، موجة غضب واسعة، حيث شهدت منطقة التوزيع تدفق آلاف الفلسطينيين دفعة واحدة، مما أدى إلى حالة من الفوضى العارمة.

وقال المفوض العام لوكالة الاونروا فيليب لازاريني، أمس، إن "نظام توزيع المساعدات المدعوم أميركيا في غزة (هدر للموارد والهاء عن الفظائع)".

وأضاف: "رأينا أمس (الثلاثاء) صورا صادمة لأشخاص جياع يتدافعون على الأسوار في حاجة ماسة للغذاء. كان الوضع فوضويا ومهينا وغير آمن". وتابع، لدينا في الأساس نظام لتوزيع المساعدات مناسب لهذا الغرض... الوقت يداهم من أجل تجنب المجاعة، لذا يجب السماح (للمنظمات) الإنسانية القيام بعملها المنقذ للحياة". ولفت ان "الالية المعتمدة تجبر السكان على النزوح نحو الجنوب".

الصفعات تتوالى

ويزداد الضغط الدولي على الكيان الصهيوني، من أجل وقف الحرب والبدء بتوزيع المساعدات، اذ حضّ وزير الخارجية الإيطالي أنتونيو تاياني، الاحتلال الإسرائيلي، على وقف ضرباته على غزة، وحذر من أن طرد الفلسطينيين من القطاع لم يكن ولن يكون خيارا مقبولا.

كذلك، أدان تاياني خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لسيطرة الولايات المتحدة على غزة وإجبار الفلسطينيين الذين يعيشون في القطاع على المغادرة.

وفي ذات الشأن، أقرّت الحكومة الإيرلندية مشروع قانون يحظر استيراد منتجات المستوطنات الإسرائيلية التي تُعتبر جميعها كيانات غير قانونية في نظر المجتمع الدولي، في خطوة غير مسبوقة بالنسبة لدولة عضو في الاتحاد الأوروبي.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الإيرلندية لوكالة فرانس برس إنّ "الحكومة تعتبر هذا التزاما بموجب القانون الدولي".

فيما أكد رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز أنهم سيرفعون أصواتهم بقوة أكبر من أي وقت مضى ضد الوضع في قطاع غزة، جاء ذلك في بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لاعتراف إسبانيا رسميًا بدولة فلسطين.

داخليا، انتقدت صحيفة هآرتس الإسرائيلية المعارضة، التظاهرة التي نظمها المستوطنون في القدس، حيث مجد هؤلاء بالإبادة الجماعية والقتل، وقالت في افتتاحيتها: دولة تحتفل بالإبادة الجماعية فقدت عقلها كلياً.

يأتي ذلك، في وقت أقر رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية - باعتقال آلاف الفلسطينيين من قطاع غزة وتصويرهم عراة بزعم التحقق من عدم حيازتهم متفجرات، نافيا في الوقت ذاته وجود سياسة إسرائيلية ممنهجة لتجويع السكان، رغم تقارير أممية تؤكد وصول سكان القطاع إلى مستويات "غير مسبوقة من المجاعة".

*****************************************

ليبيا.. دعوة لأجراء الانتخابات مباشرة

طرابلس - وكالات

دعا رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة، إلى "التوجه الفوري نحو الانتخابات العامة، ورفض ما وصفه بخلق مراحل انتقالية جديدة تهدف إلى التمديد للمؤسسات الحالية"، مشددا على أن "حكومة الوحدة لن تسلّم السلطة إلا لجهة منتخبة من الشعب الليبي".

وأكد الدبيبة أن "رؤية الحكومة تقوم على إنهاء المراحل الانتقالية من خلال الذهاب المباشر إلى الانتخابات"، معتبرا أن "استفتاء الشعب الليبي على المسار السياسي المطلوب هو أداة مهمة لتجاوز حالة التقاعس من قبل رئاسة مجلس النواب، وما ترتب عليها من تعطيل متعمد لعملية الانتخابات".

وعلى الصعيد الأمني، شدد الدبيبة على استمرار جهود حكومته في إنهاء كافة مظاهر التسلح خارج مؤسسات الدولة، وتعزيز دور الجيش والشرطة الرسميين، قائلا إن "ترسيخ سلطة الدولة لا يمكن أن يتم إلا من خلال تعاون مختلف المؤسسات السياسية والأمنية لحفظ الأمن وتحقيق تطلعات المواطنين في الاستقرار والعدالة".

وبالتوازي مع هذا الموقف، عقد مجلس النواب الليبي، جلسة، وتم خلالها الاستماع إلى برامج عدد من المترشحين لرئاسة حكومة جديدة.

*****************************************

قصف مطار صنعاء وتدمير آخر طائرة

صنعاء - وكالات

قال وزير دفاع الاحتلال الصهيوني يسرائيل كاتس إن "سلاح الجو قصف مطار صنعاء ودمّر آخر طائرة هناك" مضيفاً، أن "الغارات على اليمن رسالة واضحة واستمرار لسياستنا بأن من يطلق النار على إسرائيل سيدفع ثمنا كبيرا.

وأكد أن المطارات والموانئ في اليمن ستتعرض لما وصفها بضربات شديدة، وأن مطار صنعاء سيدمر مرة بعد مرة، على حد تعبيره، مشددا على أن إسرائيل ستدمر المنشآت الاستراتيجية التابعة لجماعة الحوثي ومن يدعمها.

ويأتي ذلك، رداً على تكرار الضربات الموجعة التي تلقاها الاحتلال الصهيوني، من قبل حركة أنصار الله الحوثية، فيما ذكرت القناة 12 الإسرائيلية أن أكثر من 10 طائرات شاركت في قصف المطار.

*********************************************

نحو تغيير جذري في المسار.. تقرير ديون 2025.. الجنوب العالمي يئن تحت وطأة الديون

رشيد غويلب

رفض البابا الراحل فرنسيس، قبل وفاته، قبول استمرار بؤس العالم. لقد طالب في خطابه في بداية عام 2025، الذي يعد "السنة المقدسة"، طالب بشدة الأغنياء والأقوياء بخفض الديون عن البلدان الفقيرة والأشد فقراً في العالم. وفي خطابه بمناسبة العام الجديد، قال: "لا ينبغي لأي شخص، ولا لأي عائلة، ولا لأي شعب أن تسحقه الديون". لقد رحل فرانسيس، لكن المعاناة لا تزال قائمة. وسوف تظل هذه المشكلة قائمة ما دام المجتمع الدولي لم يتخذ إجراءات فعالة.  يُظهر "تقرير الديون لعام 2025" السنوي الذي قدمه التحالف "سنة اليوبيل الألماني" ومنظمة الإغاثة الكاثوليكية الاثنين الفائت، إن عبء الديون والفوائد في بلدان الجنوب العالمي مازال عند "مستوى الأزمة المرتفع". وفي 47 دولة على الأقل من بين 198 دولة شملتها الدراسة، يمكن الافتراض أن حقوق الإنسان في الحصول على احتياجات الحياة الأساسية تتعرض للانتهاك بسبب ذلك.

تشمل الدول المتضررة باكستان وكينيا، بالإضافة إلى سريلانكا وسورينام. لم تتمكن الدولتان الأوليان حتى الآن من الدخول في مفاوضات محتملة لإعادة هيكلة الديون، بينما اجتازت الدولتان الأخيرتان المرحلة بالفعل.  ويتبين أن ما يُسمى بالمساعدات لا تُجدي نفعًا. في فصل "حلول جديدة - أنماط قديمة؟"، أشارت كريستينا ريهبين المنسقة السياسية للتحالف الألماني، إلى عدم كفاية استدامة ما يُسمى بهيكلة الديون لما بعد وباء كورونا. لقد وفرت هذه الإجراءات، في أحسن الأحوال، "إغاثة قصيرة الأجل"، ولا تُقدم "حلاً عادلاً اجتماعيًا واقتصاديًا على المدى الطويل" لأنها تخدم مصالح الدائنين وتُعطي الأولوية للقدرة على السداد على حساب الإنفاق الاجتماعي والتعافي الاقتصادي. والنتيجة: تقليص تخصيصات التعليم والصحة، وإهمال حقوق العمال، وتراجع جهود مكافحة الفقر والجوع وأزمة المناخ بشكل أكبر.

يشير التحليل إلى أن الدول الخمسين الأكثر تضررًا ستضطر إلى دفع 15 في المائة أو أكثر من إيراداتها للدائنين الأجانب لسداد الفوائد وأصل الدين. و "نتيجةً لذلك، تُقيّد مرونة سياساتها المالية بشكل كبير". وأوضح كلاوس شيلدر، خبير تمويل التنمية في مؤسسة "ميزيريور"، الاثنين الفائت، أن ما مجموعه 231 مليون شخص في الدول المعنية يعانون من "فقر مدقع". و"هذا يُمثل قرابة 18 في المائة من سكان هذه البلدان، أي أكثر بكثير من ضعف المتوسط العالمي. وهو شهادة فقر حقيقيًة وعار نعيشه في القرن الحادي والعشرين". ووفقًا للدراسة، تُعتبر 28 دولة أخرى "مثقلة بأعباء ثقيلة"، و13 دولة أخرى "معرضة للخطر الكامن في الديون". وينبغي أن يتجسد الحل في برامج شاملة لتخفيف أعباء الديون تشمل جميع الدائنين: الدول والمؤسسات المالية متعددة الأطراف، وأهمها، المُقرضون من القطاع الخاص، أي البنوك وصناديق الاستثمار وشركات التأمين. وعلى عكس ذلك تُنجح هذه الأخيرة، على وجه الخصوص، باستمرار في تقويض هذه المبادرات، مُستفيدةً بشكل مُضاعف من معاناة المتضررين.

في عام ٢٠٢٤، خُصصت أموالٌ أكثر من أي وقت مضى في سداد الديون وفوائدها على نطاق عالمي. وتدفق أكثر من مليار دولار أمريكي يوميًا لتغطية خدمة الديون. ونتيجةً لاعتمادها على الدول الأخرى، تُجبر الحكومات المعنية أيضًا على فتح الأسواق واستغلال مواردها الطبيعية لصالح الشركات الأجنبية، مما يُفاقم معاناة السكان المحليين. في نيسان الفائت، دقّ الاتحاد الأفريقي ناقوس الخطر بشأن "أزمة تمويل غير مسبوقة" في قطاع الرعاية الصحية. وإلى جانب عبء الديون المرتفع، أعرب الاتحاد عن أسفه لتخفيضات المساعدات الأمريكية وبرامج الدعم الغربية الأخرى. وبدون تدابير حاسمة، يُتوقع " حدوث ما بين مليونين وأربعة ملايين حالة وفاة إضافية يُمكن الوقاية منها سنويًا".

وبحسب المنظمتين اللتين قدمتا التقرير يُتيح عام ٢٠٢٥ "فرصًا فريدة" للتغلب على الأزمة. سيُعقد المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية في إشبيلية (30 حزيران- 3 تموز). يجب على الحكومة الألمانية اتخاذ موقف واضح، وأن "تأخذ في الاعتبار مقترحات الإصلاح التي قدمتها بلدان الجنوب العالمي" خلال التحضير لهذا المؤتمر. ان هذا النداء مُوجَّه مباشرةً إلى المستشار الألماني الجديد فريدريش ميريتس، زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، الذي تستفيد شركة "بلاك روك"، التي كان يعمل فيها قبل ان يعود الى ميدان السياسة، بشكل كبير من معاناة أفقر دول العالم. والى جانب فان المؤسسات المالية العالمية وجميع البلدان الرأسمالية المتقدمة معنية أيضا بمعالجة هذه المشكلة الإنسانية الخطيرة، التي تعد إحدى نتاجات النظام الرأسمالي العالمي.

****************************************************

تحية وتهنئة للحزب الشيوعي المصري الشقيق

وجه المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، رسالة تهنئة الى الحزب الشيوعي المصري بمناسبة الذكرى الخمسين لاعادة تأسيسه.

في أدناه نصها:

يسرنا وأنتم تتوجهون لإحياء الذكرى اليوبيلية الخمسين لإعادة تأسيس حزبكم المناضل أن نتقدم اليكم، وإلى رفاق الحزب ومناضليه وجماهيره، بأحر التحيات والتهاني، متمنين لكم دوام النجاحات والتقدم على مختلف الصعد.

نحن في الحزب الشيوعي العراقي نقدّر عاليا المسيرة النضالية لحزبكم، مسيرة العطاء والتضحية في سبيل الأهداف الكبرى لشعب مصر، ولعماله وكادحيه ومثقفيه. 

وفي هذه الذكرى المجيدة نعبر عن تضامننا مع نضالكم في سبيل الحريات وحقوق الأنسان، والديمقراطية الحقة وتحقيق العدالة الاجتماعية، والدفاع عن استقلال مصر وقرارها الوطني المستقل وانهاء التبعية، والسير على طريق التنمية المستدامة، ومن أجل نظام ديمقراطي يستجيب لتطلعات شعب مصر وإرادته الحرة وتوقه إلى حياة كريمة، بلا فقر ولا بطالة.

نشاطركم الموقف في أهمية وضرورة المزيد من التعاون والتنسيق بين القوى والأحزاب الوطنية والتقدمية والشيوعية في البلدان العربية للدفاع عن مصالح شعوبنا وحقوقها في البناء والإعمار والتقدم ولبناء أنظمة وطنية تعبّر عن إرادتها.

في هذه الظروف الصعبة التي يمر فيها الشعب الفلسطيني، ندعو وإياكم إلى وقف العدوان الصهيوني الغاشم وحرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني وقطاع غزة. واليقين عندنا راسخ بأن لا حل ولا سلام دائم في الشرق الأوسط من دون نيل هذا الشعب الصامد حقوقه وإقامة دولته الوطنية المستقلة ذات السيادة على ارضه.

الرفاق الأعزاء، تملؤنا الثقة بأنكم قادرون على تخطي الصعاب والسير بخطى ثابتة على طريق النضال من أجل ازدهار وتقدم وخير الشعب المصري وكادحيه.

ونود في هذه المناسبة التعبير مجددا عن كامل تضامننا واعتزازنا بالعلاقات الكفاحية التي تجمع بين حزبينا، ونتطلع في المستقبل أيضا إلى تطويرها والارتقاء بها.

**********************************************

السودان.. النساء يدعون لإنهاء الحرب وبناء السلام

الخرطوم – طريق الشعب

وجهت التنسيقية النسائية لإنهاء الحرب وبناء السلام في السودان، مذكرة إلى المنظمات الدولية والسعودة وقطر، طالبت فيها بإعلان السودان منطقة كوارث.

وجاء في المذكرة التي حصلت "طريق الشعب" على نسخة منها، لقد تابعتم ما يجري الآن في السودان، خاصة ولاية الخرطوم، من تفشي أوبئة متعددة منها وباء الكوليرا، والذي أدى إلى وفاة 500 حالة إصابة في اليوم. وما زال الوضع يتفاقم ويزداد سوءً. 

وطالبت التنسيقية، في "إعلان السودان منطقة كوارث وأوبئة معينة في ظل النقص الحاد للمستلزمات الطبية، وتقديم الدعم الصحي والغذائي بأسرع ما تيسر ذلك، وعن طريق الاستغاثة الجوية، والضغط على حكومة الأمر الواقع بالتصدي لهذه الكارثة الإنسانية وتقديم الخدمات الصحية والطبية المطلوبة". 

وشددت المذكرة على "ضرورة إرسال فرق تحقيق دولية للتأكد من طبيعة هذه الأوبئة، والعمل الجاد من قبل المجتمع الدولي والإقليمي، وبذل كل الجهود من أجل حماية الحياة في السودان المنكوب".

**********************************************

الصفحة السابعة

الضمان الاجتماعي في القطاع الخاص: انتهاكات مستمرة وحقوق مهدورة

بغداد- طريق الشعب

في ظل تزايد الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه العمال في القطاع الخاص، تبرز قضية الضمان الاجتماعي كأحد الحقوق الأساسية التي تضمن لهم الأمان الوظيفي والمعيشي. إلا أن شكاوى متكررة تكشف عن محاولات بعض أصحاب العمل في القطاع الخاص، التهرب من تطبيق قانون الضمان الإجباري، مما يؤدي إلى حرمان العمال من حقوقهم الأساسية.

وفي هذا السياق، يكشف العامل في إحدى شركات القطاع الخاص، أحمد إبراهيم، عن تعرض حقوقه لانتهاك واضح، خاصة بعد أن رفض صاحب الشركة شموله بالضمان الاجتماعي الإجباري للعمال، وأرغمه على التسجيل في الضمان الاختياري. هذا الإجراء حرم العامل من العديد من الامتيازات التي يكفلها قانون الضمان الاجتماعي الإجباري، مثل الحماية من الإصابات المهنية، وتوفير التقاعد، والتأمين الصحي.

ويوضح أحمد خلال حديثه لـ "طريق الشعب"، أن إجباره على هذا الخيار يضعه في موقف صعب، حيث يعامله القانون كأنه يعمل لحسابه الخاص، رغم أنه موظف تحت إدارة صاحب العمل. وأكد على أن هذا النهج ليس حالة فردية، بل يعكس ظاهرة متزايدة في بعض شركات القطاع الخاص التي تحاول التهرب من مسؤولياتها تجاه العمال، مما يشكل تحديا حقيقيا لجهود تحسين ظروف العمل وتحقيق بعض من العدالة الاجتماعية.

دعوات للتدخل

ودعا أحمد الجهات المختصة، بما في ذلك وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، إلى التدخل الفوري لضمان تطبيق القانون ومعاقبة المخالفين من ارباب العمل. كما طالب النقابات العمالية بتكثيف جهودها لحماية حقوق العاملين في القطاع الخاص وضمان شمولهم بالضمان الاجتماعي الإجباري بما يتماشى مع التشريعات النافذة.

بدوره أكد حسن جميل الشمري، رئيس الاتحاد الوطني العام لنقابات عمال العراق، على أن الضمان الاختياري الذي أُقر بموجب القانون رقم 18 لسنة 2023، يهدف إلى شمول العاملين في القطاع غير المنظم، مثل الباعة المتجولين وأصحاب الأعمال الفردية. ومع ذلك، فأن بعض أصحاب العمل في القطاع المنظم، كالشركات والمحلات التجارية، يستغلون هذا النوع من الضمان للتهرب من الالتزام بشمول العمال بالضمان الإجباري، الذي يكفله القانون. وأوضح الشمري لـ"طريق الشعب" أن الضمان الإجباري يوفر للعامل مزايا مهمة مثل التقاعد، والترقية، والتأمين الصحي، في حين أن الضمان الاختياري يحرم العامل من بعض هذه الامتيازات.

 وأكد أن إجبار العامل المنظم على الانضمام إلى الضمان الاختياري بدلا من الإجباري يُعد انتهاكا صريحا للقانون، يستوجب محاسبة صاحب العمل عليه وتحويله إلى محكمة العمل.

خطوات لمواجهة التجاوزات

ودعا الشمري جميع العمال المتضررين إلى التقدم بشكاوى إلى الاتحاد أو وزارة العمل، مشيرا إلى توفر قنوات اتصال ومقرات لاستقبال الشكاوى ومتابعتها قانونيا. كما شدد على أهمية اتخاذ إجراءات رادعة للحد من هذه التجاوزات، وضمان حماية حقوق العمال وفقا للتشريعات النافذة. واختتم الشمري تصريحه بتأكيد التزام الاتحاد بمساندة العمال، داعيا إلى تعزيز الوعي بحقوقهم وضمان تطبيق القوانين التي تحقق العدالة الاجتماعية في بيئات العمل.

من جهته أكد كريم لفتة سندال، رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال في جمهورية العراق، لـ "طريق الشعب" على أن الضمان الاختياري يهدف إلى توفير الحماية للعمال، لكنه أشار إلى وجود تجاوزات من قبل أصحاب العمل في تطبيقه، خاصة في قطاع الشركات والمعامل.

 وأوضح أن العديد من أصحاب العمل يلجؤون إلى تسجيل عدد محدود من العمال، غالبا من الأقارب، ضمن الضمان الاجتماعي، بينما يتم تجاهل تسجيل بقية العاملين، تهربا من دفع نسب الاشتراك التي تصل إلى 17 بالمائة وقد ترتفع إلى 20 بالمائة.

واشار الى أن العمال الذين يُجبرون على الانضمام إلى الضمان الاختياري بدلا من الضمان الإجباري يخسرون العديد من الامتيازات، مثل احتساب سنوات الخدمة بشكل كامل، والتقاعد، والتأمين الصحي. وأضاف أن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، بالتعاون مع اتحادات العمال، عليها دور أساسي في الرقابة على أصحاب العمل وضمان تطبيق القانون. وأشار إلى أن العمال المنظمين في الشركات، في حال تسجيلهم ضمن الضمان الاختياري، قد يواجهون صعوبات في الاستفادة من حقوقهم الكاملة، مثل إضافة سنوات الخدمة السابقة، بما في ذلك الخدمة العسكرية، إلى سجلهم التقاعدي.

ضرورة الرقابة المشددة

ودعا سندال إلى تكثيف الجهود الرقابية من قبل وزارة العمل واتحادات العمال، لضمان شمول جميع العمال بالضمان الإجباري وتجنب التجاوزات التي تؤدي إلى انتهاك حقوق العمال، مؤكدا على استعداد الاتحاد لتلقي الشكاوى ومتابعتها قانونيا لتحقيق العدالة للعاملين في مختلف قطاعات العمل.

*************************************************

قرار مجحف..  أم إلغاء للحقوق؟

صلاح العمران

يعّد العمال، القوّة الفاعلة والمؤثرة في العملية الإنتاجية ومكملاتها: التشغيل، الصيانة، الانتاج، التعبئة والتغليف، التخزين، النقل، التفريغ، التوزيع، التنظيف، الحراسة،..الخ. أما الموظفون، فتُناط بهم، وحسب التحصيل الدراسي والتخصص المهني، الأعمال والخدمات الساندة للعمال والعملية الانتاجية بصورة عامة، وهي: الهندسية، الفنية، الإدارية المالية، التجارية، التسويقية، الرقابية، التخطيط والمتابعة، الفحص الهندسي والسلامة، السيطرة النوعية، البرامج والمعلوماتية، البحث والتطوير، وشهادة الجودة للمنظمة الدولية للمعايير "الآيزو"، أدارة المشاريع، التصاميم، الطبابة، إدارة المخازن.. الخ. مثل هذا التقسيم ما هو إلا تقسيم قياسي مهني عالمي يعتمد الوصف الوظيفي الذي تُحدد بموجبه وفق معايير بيانية ورياضية، درجة الإنتاجية، وكلٌّ حسب عمله وما ينجزه.

وتتعلق هذه المقدمة التعريفية بقرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم 150 لسنة 1987، والذي جرى بموجبه تحويل فئات واسعة من العمال (المنتمين لقطاعات الصناعة والخدمات) إلى "موظفين" حكوميين، مُستخدَمين بموجب عقود دائمة. لكن هذا القرار لم يكن إصلاحًا اجتماعيًا، بل كان أداة لما يلي: 

  • تجفيف منابع النقابات العمالية، بتحويل العمال إلى موظفين خاضعين مباشرة لسلطة الدولة، وحظر تشكيل نقابات مستقلة خاصة بهم.
  • إخضاع القطاع العمالي لسيطرة أمنية وقانونية مُطلقة. حيث باتت علاقة العامل بالإدارة أشبه بعلاقة الموظف بالدولة، مع تقييد حق الإضراب أو المطالبة بالحقوق.
  • تدمير استقلالية الحركة العمالية، التي كانت تشكل تهديدًا محتملًا للنظام السابق عبر تنظيماتها النقابية.

ردود الفعل الدولية

أثار القرار استياء دوليا، حتى أن الاتحاد السوفيتي (الحليف الرئيس للعراق آنذاك) طلب تفسيرًا رسميا لكيفية تطبيقه، إذ اعتبره انتهاكا لاتفاقيات منظمة العمل الدولية (خاصة الاتفاقية رقم 87 حول حرية التنظيم النقابي). لكن النظام السابق تجاهل هذه الاعتراضات، معتمدا على حجة "سيادة الدولة" في تنظيم شؤونها الداخلية.

هل حان الوقت لإلغاء القرار؟

رغم سقوط النظام السابق عام 2003، لا يزال القرار ساريا بسبب: 

  • غياب إرادة سياسية لإصلاح قوانين العمل، لا سيما مع استمرار هيمنة الفكر البيروقراطي في الدولة.
  • تخوف بعض الأطراف من أن يؤدي إلغاء القرار إلى إحياء النقابات العمالية المستقلة، التي قد تطالب بإصلاحات جذرية في سياسات الأجور والضمان الاجتماعي.

ويكمن الحل الأمثل في تشريع عادل، حيث ينبغي على البرلمان العراقي اليوم، إصدار قانون عمل جديد يلغي قرار (150) ويُعيد الاعتبار للعمال كفئة مستقلة ذات حقوق نقابية. كما يجب التصديق على اتفاقيات منظمة العمل الدولية، خاصة تلك المتعلقة بحرية التنظيم النقابي (الاتفاقية 87) والحق في المفاوضة الجماعية (الاتفاقية 98)، وضمان حماية العمال من التمييز أو الفصل التعسفي في حال انتمائهم إلى نقابات.

***********************************************

الماركسية ودورها في صياغة حقوق الطبقة العاملة

حوراء فاروق

تمثل الماركسية إحدى النظريات الفكرية والسياسية الأكثر تأثيرا في تاريخ العالم الحديث، حيث أثرت بشكل كبير في صياغة حقوق الطبقة العاملة وتطوير الحركات الاجتماعية والسياسية التي دافعت عن هذه الحقوق. وانطلقت الماركسية من نقد النظام الرأسمالي وتحليل علاقات الإنتاج والملكية، لتقدم رؤية ثورية تسعى لإعادة توزيع الثروة وتحقيق العدالة الاجتماعية.

الجذور الفكرية للماركسية

ظهرت الماركسية في القرن التاسع عشر كاستجابة للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي نتجت عن الثورة الصناعية، حيث صاغ كارل ماركس نظريته اعتمادا على تحليل علمي للمجتمع والاقتصاد، معتبراً الصراع الطبقي، المحرك الأساسي للتاريخ، ومؤكداً على أن تحرير الطبقة العاملة يتطلب القضاء على استغلال الإنسان للإنسان وإلغاء الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج.

الصراع الطبقي كأساس للتحول الاجتماعي

تركز الماركسية على مفهوم الصراع الطبقي بوصفه عاملا محوريا في التغيير الاجتماعي، وترى بأن الطبقة العاملة، التي تتكون من الأغلبية التي تعمل ولكنها لا تمتلك وسائل الإنتاج، تعاني من استغلال الطبقة البرجوازية، مما يؤدي إلى تغذية التوترات الاجتماعية والسياسية التي تؤدي في النهاية إلى الثورة.

دور الماركسية في الحركات العمالية

ساهمت الأفكار الماركسية في تحفيز الحركات العمالية والنقابات المهنية في مختلف أنحاء العالم على المطالبة بحقوق العمال، مثل تحسين ظروف العمل وتحديد ساعاته ورفع الأجور، كما ولدت على ضوئها العديد من الأحزاب الشيوعية والعمالية التي لعبت دورا حاسما في تحقيق إصلاحات قانونية واجتماعية لصالح الطبقة العاملة.

الحقوق المكتسبة بفضل الماركسية

ومن بين الإنجازات التي تحققت نتيجة لنضال الماركسيين:

  • تقنين ساعات العمل، فالماركسيون هم أول التيارات الفكرية التي طالبت بتقليل ساعات العمل اليومية لضمان حياة كريمة للعمال.
  • ضمان الحد الأدنى للأجور والعمل على تقليص الفجوة بين الأغنياء والفقراء.
  • توفير التأمينات الاجتماعية والصحية، حيث أثمر نضال الماركسيين، عن ظهور أنظمة تأمين اجتماعي في العديد من الدول.

الماركسية في العصر الحديث

مع تطور الرأسمالية والعولمة، واجهت الماركسية تحديات كبيرة، وبقيت أغلبية أفكارها صالحة، في مواجهة قضايا مثل عدم المساواة، وتغير المناخ، واستغلال العمال في الدول النامية، وظلت مصدر إلهام للحركات الاجتماعية لفهم الصراع الطبقي وتحقيق العدالة الاجتماعية. إنها تذكرنا دائما بأن التغيير ممكن إذا توفرت الإرادة الجماعية وتواصل النضال بلا هوادة.

*******************************************

غياب العدالة الاجتماعية وانتهاك القوانين النافذة         

نورس حسن

تشهد الساحة العراقية تصاعدا ملحوظا في الانتهاكات الحكومية للقوانين النافذة، التي كان الهدف الأساسي منها تحقيق العدالة الاجتماعية وحماية الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع. واحدة من أبرز هذه الانتهاكات تتمثل في عدم الالتزام بالحد الأدنى لأجور العمال المحدد بـ 350 ألف دينار شهريا.

هذه المشكلة ليست وليدة اليوم، بل هي نتيجة لسياسات مترهلة وضعف الرقابة على المؤسسات والجهات المسؤولة عن تنفيذ القوانين. ومن البديهي أن يفسح عدم تطبيق هذه القوانين في المجال لاستغلال الفئات الكادحة، ويُّبقي شريحة واسعة من المواطنين في دائرة الفقر والعوز، مما يزيد من التفاوت الاجتماعي ويضعف الاقتصاد الوطني.

الحد الأدنى للأجور ليس مجرد رقم، بل هو معيار لمعرفة الحد الأدنى الذي يضمن الكرامة الإنسانية. وعندما تهمل الحكومة تطبيق هذا المعيار او تحاول العمل على إلغائه، فإنها بذلك تقوّض الأسس التي يقوم عليها العقد الاجتماعي بين الدولة والمواطن. المسؤولية هنا تقع على عاتق الجهات التنفيذية التي ينبغي عليها تفعيل آليات الرقابة وإلزام المؤسسات بالتقيد بالقوانين.

من المؤسف أن نرى قطاعات عدة تتهرب من التزاماتها القانونية مستفيدة من ضعف المتابعة أو غياب المحاسبة. هذا التهرب يضعف ثقة المواطن بالدولة، ويفتح الباب أمام أزمات اجتماعية قد تكون آثارها طويلة الأمد. ويكمن الحل في تفعيل دور الأجهزة الرقابية والقضائية، مع وضع عقوبات صارمة ضد المخالفين. كما ينبغي على منظمات المجتمع المدني والاتحادات والنقابات العمالية تكثيف جهودها لفضح هذه الانتهاكات وتقديم الدعم القانوني للعمال المتضررين.

إن العدالة الاجتماعية لا تتحقق بالشعارات، بل تتطلب التزاما حقيقيا بتنفيذ القوانين، ومنح العامل حقوقه دون انتقاص.

****************************************************

التحديات النقابية  في بناء حركة نسوية عمالية شعبية

بغداد - طريق الشعب

نظم الفريق النسوي للقمة العالمية للشعوب في المنطقة العربية والمغاربية، مؤخرا، ندوة إلكترونية تحت عنوان: "أي دور نقابي في بناء حركة نسوية عمالية شعبية"، شاركت فيها الناشطة في مجال حقوق العمال منال جبار، حيث سلطت الضوء في حديثها بالندوة على عدة قضايا ملحّة تواجه النساء العاملات في العراق، فأشارت إلى أن النساء يمثلن نسبة كبيرة من العاملين في الاقتصاد غير المهيكل، مثل العاملات في المنازل واللواتي يعملن لحسابهن الخاص. وأضافت أن هذه الظاهرة تشهد تزايدًا في العراق، خاصة بين النساء المتعلمات اللواتي يلجأن للعمل من المنزل بسبب البطالة وغياب فرص العمل، مما يشكل تحديًا للنقابات في تنظيم هذا القطاع.

كما تناولت جبار قرارات حكومية حديثة، مثل قانون الضمان الاجتماعي الذي يسمح للعاملات لحسابهن الخاص بالانضمام للضمان. لكنها أشارت إلى وجود إشكاليات تتعلق بتعامل بعض الشركات مع العاملات كأفراد يعملون لحسابهم الخاص، رغم أنهن يعملن فعليا تحت إشراف أصحاب عمل، مؤكدة على أهمية الربط بين المطالب النقابية والمطالب النسوية، ومشددة على أن المطالب النقابية التقليدية مثل تحسين الأجور وظروف العمل يجب أن تتكامل مع المطالب النسوية الخاصة بالمساواة والحماية من التحرش. وأوضحت أن هذا التكامل يعزز النضال النقابي، ويوسع قاعدة الدعم لتحقيق العدالة الاجتماعية وضمان حقوق متساوية للجميع.

وأشارت الناشطة منال جبار إلى ضرورة مواكبة الحركات النقابية للتطور التكنولوجي، معتبرة أن الوسائل الرقمية توفر فرصة لتنظيم العاملات والعاملين ورفع وعيهم. ودعت إلى تبسيط لغة الخطاب النقابي لجعلها أكثر قربا من أولويات العمال والنساء العاملات. وفي ختام حديثها، أكدت جبار على أهمية الانخراط في الحركات الاحتجاجية الاجتماعية ومواصلة ربط المطالب العمالية والنسوية لتعزيز الحراك النقابي وتحقيق التغيير المنشود.

*******************************************

الصفحة الثامنة

لماذا نحافظ على التراث المعماري؟

موفق جواد الطائي*

الحفاظ على التراث المعماري ليس مجرد مسألة جمال بصري، بل هو جزء أساسي من هويتنا الثقافية والتاريخية. إليك بعض الأسباب التي تجعل الحفاظ عليه أمرًا مهمًا:

  • تمثل المباني التاريخية سجلًا حيًا للأحداث والتطورات التي شهدتها المجتمعات عبر الزمن.
  • تعكس أنماط العمارة التقليدية الهوية الثقافية وروح المكان وأصالته، ما يمنح الأفراد إحساسًا بالانتماء.
  • تعتمد العديد من المدن على معالمها التاريخية لجذب الزوار وتعزيز الاقتصاد المحلي.
  • تُعنى الاستدامة البيئية بإعادة تأهيل المباني القديمة بدلًا من هدمها، مما يقلل من النفايات ويدعم ممارسات البناء المستدامة.
  • يمثل التراث المعماري مصدر إلهام للمهندسين والمصممين، حيث يساعد في تطوير أفكار جديدة تستند إلى الماضي.

بعبارة أخرى، المحافظة على التراث المعماري ليست مجرد ترف، بل هي مسؤولية تجاه الأجيال القادمة، كي لا تفقد صلتها بتاريخها وهويتها. هل هناك مبانٍ تاريخية في منطقتك تشعر بأهميتها؟

التحديات التي تواجه الحفاظ على التراث المعماري

لا شك أن التحديات تختلف حسب الموقع والظروف الاجتماعية والاقتصادية. يمكن سرد بعض العقبات الرئيسية:

  • ترميم وصيانة المباني التاريخية يتطلب موارد مالية كبيرة، وهو ما لا يتوفر دائمًا، خاصة في الدول التي تعاني من أزمات اقتصادية.
  • تزايد الحاجة إلى التوسع العمراني والمشاريع الحديثة يؤدي أحيانًا إلى هدم المباني القديمة لصالح الإنشاءات الجديدة.
  • بعض المعالم التاريخية تتعرض للإهمال بسبب نقص الوعي بأهميتها أو عدم توفر خطط واضحة للحفاظ عليها.
  • العوامل الطبيعية مثل الزلازل والتغيرات المناخية تؤثر سلبًا على الهياكل القديمة، ما يجعل الحفاظ عليها أكثر تعقيدًا.
  • غياب القوانين الصارمة لحماية التراث المعماري يؤدي إلى استغلاله بشكل غير مسؤول، سواء عبر التعديلات غير المدروسة أو الهدم.
  • في بعض الحالات، يُنظر إلى المباني القديمة على أنها أقل قيمة مقارنة بالإنشاءات الحديثة، مما يقلل من الاهتمام بها.

على الرغم من هذه التحديات، هناك جهود مستمرة من قبل الحكومات والمنظمات المحلية والدولية للحفاظ على التراث المعماري، سواء من خلال حملات التوعية أو مبادرات الترميم. هل هناك مبنى في مدينتك تشعر أنه بحاجة إلى حماية أفضل؟

المبادرات الفعالة لحماية التراث المعماري

هناك العديد من المبادرات الفعالة التي تهدف إلى حماية التراث المعماري، سواء على المستوى المحلي أو العالمي. بعض هذه المبادرات تشمل:

  • تعمل الحكومات والمنظمات غير الربحية على ترميم المباني القديمة وإعادتها إلى حالتها الأصلية مع الحفاظ على طابعها التاريخي.
  • تقوم بعض الدول بإصدار قوانين تمنع هدم أو تعديل المباني التاريخية دون موافقة الجهات المختصة.
  • لا شك أن برامج التثقيف والتوعية تلعب دورًا رئيسيًا في تعزيز الاهتمام بالحفاظ على التراث بين أفراد المجتمع، وخاصة الشباب.
  • العمل لإدراج التراث في التراث العالمي، حيث تقوم منظمة اليونسكو بتصنيف بعض المواقع ضمن قائمة التراث العالمي، مما يضمن لها الحماية والدعم الدولي.
  • دعم السياحة الثقافية يسهم في توفير التمويل اللازم لحماية المواقع التاريخية وجعلها مصدرًا اقتصاديًا يعزز استدامتها.
  • إشراك التكنولوجيا واستخدام تقنيات مثل المسح ثلاثي الأبعاد والواقع الافتراضي يساعد في توثيق المعالم التاريخية وحمايتها من الاندثار.
  • التعاون بين الحكومات والشركات الخاصة يوفر التمويل والخبرات اللازمة لتنفيذ مشاريع ترميم وحماية المواقع التاريخية.

تلك المبادرات تساهم في الحفاظ على الطابع الفريد لكل مدينة، مما يعزز هويتها التاريخية والثقافية. هل لديك اهتمام بمشروع معين لحماية التراث المعماري؟

تأثير حماية التراث المعماري  على الاقتصاد المحلي

حماية التراث المعماري لها تأثيرات إيجابية كبيرة على الاقتصاد المحلي، حيث تسهم في تعزيز التنمية المستدامة وخلق فرص اقتصادية جديدة. إليك بعض الطرق التي يؤثر بها الحفاظ على المباني التاريخية في الاقتصاد المحلي:

  • حيث إن المواقع التراثية تجذب السياح المهتمين بالتاريخ والثقافة، مما يزيد من إنفاق الزوار على الإقامة والمطاعم والمتاجر المحلية.
  • كما أن مشاريع الترميم والصيانة توفر وظائف للمهندسين والحرفيين وعمال البناء، إضافة إلى العاملين في قطاع السياحة والإدارة الثقافية.
  • وجود مواقع تاريخية محفوظة يعزز النمو الاقتصادي عبر دعم الأعمال الصغيرة كالمقاهي والمتاجر التقليدية والأسواق المحلية التي تستفيد من حركة السياح.
  • زيادة قيمة العقارات في المناطق التي تحافظ على طابعها التاريخي غالبًا ما تكون أكثر جاذبية للسكان والمستثمرين، مما يرفع قيمة العقارات فيها.
  • حيث إن الشركات والمستثمرين يميلون إلى الاستثمار في المناطق ذات الطابع التاريخي المميز، مما يؤدي إلى تحسين البنية التحتية وتعزيز الاقتصاد المحلي.
  • عندما يتم الحفاظ على المباني التراثية، يشعر السكان بالفخر بتاريخهم ويعزز انتمائهم، ما يؤدي إلى زيادة النشاط الاقتصادي المحلي عبر المشاركة المجتمعية.

أزعم أن حماية التراث المعماري ليست فقط مسؤولية ثقافية، بل هي أيضًا استثمار ذكي في مستقبل اقتصادي أكثر استدامة.

دور المجتمعات المحلية في المشاركة في حماية التراث

مشاركة المجتمعات المحلية في حماية التراث المعماري أمر بالغ الأهمية، لأنها تجعل الحفاظ عليه أكثر استدامة وتأثيرًا. إليك بعض الطرق التي يمكن من خلالها للأفراد والمجتمعات المحلية المساهمة:

  • نشر المعرفة حول أهمية التراث من خلال الفعاليات ووسائل التواصل الاجتماعي والأنشطة المدرسية، يسهم في تعزيز الاهتمام والحماية.
  • يمكن للأفراد المشاركة في فرق تطوعية تساعد في تنظيف وصيانة المباني التاريخية أو توثيقها.
  • دعم الأماكن التاريخية من خلال زيارتها والمشاركة في الجولات السياحية والترويج لها عبر الإنترنت يعزز أهميتها الاقتصادية.
  • التواصل مع الجهات المسؤولة وتقديم اقتراحات للبلديات والمنظمات المعنية بشأن الحفاظ على التراث، والمطالبة بسياسات أفضل لحمايته.
  • تشجيع ودعم الحرف اليدوية المرتبطة بالتراث، مثل العمارة التقليدية والنقش والزخرفة، يحافظ على المهارات التراثية ويمنحها استمرارية.
  • إشراك الأجيال الجديدة في الحفاظ على التراث يضمن استمراريته على المدى الطويل، سواء عبر ورش العمل أو الأنشطة المدرسية.
  • المشاركة في حملات التمويل الجماعي أو دعم المبادرات المحلية لترميم المباني القديمة يساعد في توفير الموارد اللازمة للحفاظ عليها.

عندما تصبح المجتمعات المحلية جزءًا من جهود الحماية، فإنها تضمن أن التراث المعماري يظل حيًا ومؤثرًا في المستقبل.

ـــــــــــــــــ

* معمار اكاديمي

*************************************************

الشرق الأوسط الجديد:  مشروع هيمنة أم إعادة بناء؟ البديل: مجتمع مصير مشترك للشرق الأوسط

كاوه محمود*

لطالما كان الشرق الأوسط بؤرةً للأزمات المتشابكة والمعقدة، ويكاد لا يخلو أي عقد زمني من تكرار الصراعات والحروب في هذه المنطقة، حتى بات يُنظر إليها بوصفها تجسيدًا حيًّا للأزمات البنيوية والسياسية والاجتماعية، بل ويمكن القول إن أزمتها نابعة من طبيعة التسمية ذاتها، فمصطلح "الشرق الأوسط" لم يكن من اختيار شعوب المنطقة، بل صيغ في الأدبيات الاستعمارية الغربية منذ أواخر القرن التاسع عشر، قبل أن تتبنّاه الولايات المتحدة الأمريكية بعد الحرب العالمية الأولى، ضمن رؤية مركزية أوروبية ترسّخ تفوّق الغرب واعتباره مركز الحضارة.

هذا المصطلح الاستعماري لا يزال يُستخدم حتى اليوم، دون أن يكون لشعوب المنطقة رأي في تسميته أو تعريف ذاته، وهو يعكس إرثًا طويلًا من التدخل الأجنبي وهيمنة القوى الكبرى التي لم تكتفِ بإعادة رسم الحدود السياسية بعد انهيار الدولة العثمانية، بل فرضت نظمًا سياسية واقتصادية تخدم مصالحها، خصوصًا في ما يتعلق بالثروات الطبيعية كالنفط والممرات المائية.

إن من أبرز تجليات الأزمة في الشرق الأوسط هو غياب الدولة الوطنية المستقرة، إذ أن تقسيم المنطقة وفق اتفاقية سايكس- بيكو وتأسيس دول على أساس مصالح استعمارية لا على أسس تاريخية أو اجتماعية متجانسة، أنتج أنظمة هشة وغير قادرة على تلبية تطلعات شعوبها. وقد ترافق هذا مع أزمات متفاقمة في مجالات عدة، منها:

ــ استمرار الحروب والنزاعات الطائفية والسياسية، من فلسطين إلى سوريا واليمن ولبنان، وتصاعد ظواهر الميليشيات والتنظيمات المتطرفة، بالإضافة إلى بروز محاور إقليمية متنافسة مثل إيران وتركيا.

ــ تعميق الانقسامات المذهبية والطائفية، وتوظيفها في الصراعات السياسية من قبل الأنظمة الحاكمة لترسيخ سلطتها.

ــ هيمنة الأنظمة الديكتاتورية التي تعيق التحول الديمقراطي، وتنتهك حقوق الإنسان، وتمنع مشاركة المعارضة أو تمثيل الأقليات والنساء.

ــ الاستغلال الاقتصادي من قبل القوى العالمية، عبر التدخلات العسكرية المباشرة أو غير المباشرة، كما في حالات التدخل الأمريكي والروسي، أو دعم أنظمة استبدادية وميليشيات.

ــ فشل مشاريع التنمية بسبب التبعية الاقتصادية والفساد البنيوي، مما أدى إلى تفشي البطالة والفقر والتهميش الاجتماعي.

ــ هذه الأزمات تشكّل بمجموعها ما يمكن وصفه بـ "أزمة شاملة متعددة الأبعاد"، تُغرق المنطقة في دوامة من اللااستقرار والعنف.

في ظل هذه التحديات، طُرحت عدة مشاريع دولية للتعامل مع أزمات المنطقة، أبرزها:

  1. الفوضى الخلّاقة (Creative Chaos)

قدّمتها كوندوليزا رايس، مستشارة الأمن القومي ووزيرة الخارجية الأمريكية خلال عهد بوش، بزعم أنها تهدف إلى نشر الديمقراطية وتفكيك الأنظمة القديمة وبناء أنظمة جديدة. لكن هذه السياسة عمقت أزمات الدولة، وزادت من تفشي الميليشيات والتنظيمات الإرهابية، وساهمت في تعميق التدخل الخارجي.

  1. اتفاقيات أبراهام (Abraham Accords)

هدفت إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل وبعض الدول العربية (الإمارات، البحرين، المغرب، السودان) في عهد ترامب. وقد رُوّج لها على أنها بوابة للتعاون الاقتصادي والتكنولوجي، وتقليل عزلة إسرائيل، ومواجهة إيران، لكنها لم تساهم في حل القضية الفلسطينية، ولم تؤسس لسلام حقيقي، بل عمّقت الانقسامات، وزادت من تطبيع الخلافات الدينية، ورسّخت الانقسامات داخل المجتمعات العربية.

  1. مشروع الشرق الأوسط الجديد

ويُطلق عليه أحياناً "الشرق الأوسط الكبير"، وروّجت له الولايات المتحدة في بدايات القرن الحادي والعشرين، من أجل إحداث تغييرات سياسية واقتصادية وثقافية. ويمكن اعتبار "الفوضى الخلاقة" و"اتفاقيات أبراهام" جزءاً من هذا المشروع. لكن خطوات هذا المشروع زادت من عسكرة المنطقة والحروب، ولم تُفضِ إلى تنمية عادلة، بل صبّت في مصلحة القوى الرأسمالية والهيمنة الإمبريالية.

وعموماً أن "الشرق الأوسط"، كما أنتجته اتفاقية سايكس – بيكو، وبالآليات التي أُعيد إنتاجه بها على مدى أكثر من قرن، لم يعد قادراً على الاستمرار وفق النموذج السابق.

ورغم الطروحات المتكررة لإعادة هيكلة المنطقة تحت عنوان "الشرق الأوسط الجديد"، كما طُرح في مشروع "الفوضى الخلّاقة" الذي روجت له إدارة بوش عبر وزيرة خارجيته كونداليزا رايس، أو "اتفاقيات أبراهام" في عهد ترامب، إلا أن هذه المبادرات لم تنجح في بناء شرق أوسط مستقر أو عادل، بل على العكس، زادت من تفكك المجتمعات وعمّقت الاستقطاب.

إن فشل هذه المشاريع يعود إلى أنها صُمّمت وفق منظور القوى العظمى ومصالحها الجيوسياسية والاقتصادية، دون اعتبار حقيقي لإرادة شعوب المنطقة وحقها في تقرير مصيرها. وبالتالي، فإن الخروج من هذا المأزق التاريخي يتطلب مشروعًا محليًا-وطنيًا بديلًا، ينبع من داخل المنطقة، يقوم على التعاون الإقليمي الحقيقي، وضمان الحقوق السياسية والاقتصادية والثقافية لجميع المكونات، بما في ذلك الاعتراف بحقوق الشعب الكردستاني في تقرير مصيره وضمان حقوق المكونات والأقليات المهمشة.

فقط عبر بناء دول ديمقراطية عادلة تستند إلى إرادة شعوبها، والتوجه نحو مستقبل مصير مشترك للشرق الأوسط يمكن لهذه المنطقة أن يتحرر من إرث سايكس- بيكو، ويؤسس لمرحلة جديدة من الأمن والسلام والتنمية، بعيدًا عن هيمنة القوى الخارجية ومشاريعها المفروضة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الكردستاني

*****************************************************

فعاليات

في ستوكهولم حفل فني في ذكرى ميلاد الشيوعي العراقي 

ستوكهولم - عاكف سرحان

أحيت منظمتا الحزب الشيوعي العراقي والحزب الشيوعي الكردستاني في السويد، السبت الماضي، حفلاً فنياً في مناسبة الذكرى 91 لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي.

حضر الحفل الذي أقيم على قاعة "مطعم كوسار كول كريل" في منطقة يرفلا شمالي العاصمة ستوكهولم، جمع من الرفاق والأصدقاء وعائلاتهم. وقد زينت القاعة برايات الحزب وشعارات باللغتين العربية والكردية، تحيي الذكرى.

وافتتح الحفل الرفيق سعدي السعدي والرفيقة ريزان أحمد شيخو، بكلمات ترحيب. ثم دعيا الحاضرين إلى الوقوف دقيقة صمت إكراما للفقيد الرفيق فخري الدين نجم الدين (مام صالح).

وتفاعل الحاضرون مع أغنيات الحزب والأغنيات العاطفية والتراثية العربية والكردية والآشورية التي قدمها الفنان أياد السمعاني وفرقته. 

*****************************************

في المثنى الشيوعيون يطمئنون على صحة الأستاذ كاظم نصيف 

السماوة – طريق الشعب

زار وفد من المختصة الثقافية في اللجنة محلية المثنى للحزب الشيوعي العراقي، الشخصية الوطنية والتربوية البارزة الأستاذ كاظم نصيف، في منزله بمدينة السماوة، للاطمئنان على صحته وتكريماً لتاريخه النضالي والوطني.

ويُعد الأستاذ كاظم نصيف من الشخصيات المعروفة في الأوساط الثقافية والاجتماعية في المحافظة، حيث وُلد في أربعينيات القرن الماضي، وتخرج في قسم الفيزياء بكلية التربية ليعمل لاحقاً مدرساً في إعدادية السماوة للبنين. وقد كان له دور مهم في تنشئة أجيال من الطلبة على حب الوطن والدراسة والعمل النقابي والمهني.

وخلال اللقاء، استعرض نصيف محطات من سيرته النضالية، مشيراً إلى سنوات العمل السياسي ضمن صفوف الحزب الشيوعي واتحاد الطلبة العام، فضلاً عن مواقفه الداعمة لرفاقه في أحلك الظروف، حيث احتضن عدداً من الشيوعيين الهاربين من بطش الأجهزة الأمنية في ظل النظام السابق وساعدهم على مغادرة البلاد.

كما أشار الوفد إلى الدور المميز لشريكة حياته التي كانت من الناشطات في رابطة المرأة العراقية والخط النسوي في الحزب خلال سبعينيات القرن الماضي، حيث واجهت مع زوجها العديد من الضغوط دون أن يتخليا عن مبادئهما.

من جانبه، عبّر الأستاذ كاظم نصيف عن شكره وتقديره لهذه المبادرة، مؤكداً دعمه المتواصل لرفاقه وتمنياته بالتوفيق والنجاح لمنظمة الحزب في المثنى.

وضم الوفد الزائر كلاً من الرفاق: حيدر بشبوش، منتهى أم مشتاق، انتظار نعمان، وأحمد عذوف.

************************************************

الصفحة التاسعة

إنتر ميلان يحسم صفقة البرازيلي لويس هنريكي

ميلانو – وكالات

نجح نادي إنتر ميلان الإيطالي في التوصل إلى اتفاق نهائي مع نادي أولمبيك مارسيليا الفرنسي للتعاقد مع الجناح البرازيلي الشاب لويس هنريكي، في صفقة تبلغ قيمتها 26 مليون يورو شاملة المكافآت، وفقًا لما كشفه موقع "فوت ميركاتو" الفرنسي. ومن المقرر أن يوقّع هنريكي، البالغ من العمر 23 عامًا، عقدًا يمتد لخمس سنوات، سيبقيه في ملعب "جوزيبي مياتزا" حتى صيف 2030، ليكون أحد صفقات النيراتزوري الهجومية للموسم الجديد. وكان نادي نوتنغهام فورست الإنكليزي قد أبدى اهتمامًا بضم اللاعب، إلا أن إنتر تفوق في المفاوضات، بعد أن حسم الاتفاق مع اللاعب على الشروط الشخصية منذ فترة، بحسب التقرير ذاته. ويُعد هنريكي، الذي تألق سابقًا مع بوتافوغو البرازيلي، أحد أبرز عناصر مارسيليا هذا الموسم، وساهم بشكل حاسم في تأهل الفريق الفرنسي إلى دوري أبطال أوروبا تحت قيادة المدرب روبرتو دي زيربي، مسجلًا 10 أهداف وصانعًا 9 تمريرات حاسمة في جميع المسابقات. وتميز اللاعب بمرونته التكتيكية، حيث لعب كجناح أيسر وكظهير أيسر، وهو ما يتماشى مع أسلوب لعب المدرب سيموني إنزاغي في إنتر ميلان، ما يجعل منه إضافة مهمة لخطط الفريق في الموسم المقبل.

******************************************

أسود الرافدين يرفعون وتيرة التحضيرات لمواجهة كوريا الجنوبية في تصفيات المونديال

متابعة ـ طريق الشعب

يواصل منتخب العراق لكرة القدم تحضيراته المكثفة في مدينة البصرة استعدادًا للمواجهة المرتقبة أمام نظيره الكوري الجنوبي، والمقررة في الخامس من حزيران المقبل، ضمن التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2026.

وشهدت تدريبات الأربعاء انضمام ثلاثة من اللاعبين المحترفين إلى المعسكر، وهم: علي الحمادي، مهاجم إيبسويتش تاون الإنكليزي، وحسين علي، لاعب هيرنفين الهولندي، بالإضافة إلى يوسف الأمين، لاعب نادي الوحدة السعودي. ومن المنتظر أن يكتمل عدد اللاعبين المشاركين في المعسكر يوم الجمعة المقبل.

وفي إطار التركيز على الجوانب التكتيكية، قرر الجهاز الفني إغلاق تدريبات اليوم أمام وسائل الإعلام، بحسب بيان رسمي صادر عن اتحاد الكرة العراقي.

في السياق ذاته، وجّه نجما المنتخب إبراهيم بايش وميرخاس دوسكي رسالة خاصة إلى الجماهير العراقية، داعين إياهم للحضور المكثف في مباراة كوريا الجنوبية المرتقبة، والتي وصفها دوسكي بأنها "أشبه بنهائي مصيري".

وقال بايش، لاعب نادي الرياض السعودي: "استعداداتنا تسير بشكل ممتاز، ونعد الجماهير بتحقيق نتيجة إيجابية تفتح أمامنا طريق التأهل المباشر. الجمهور هو اللاعب رقم 12، ونتمنى أن يكونوا حاضرين بقوة".

أما دوسكي، مدافع نادي فيكتوريا بلزن التشيكي، فقد وصف أجواء المعسكر بـ "الرائعة"، مشددًا على أهمية الدعم الجماهيري: "نحن بحاجة للجمهور في هذه اللحظة الحاسمة. وجودهم يصنع الفارق، ونريد أن نهتف جميعًا باسم العراق من الدقيقة الأولى وحتى صافرة النهاية".

من جانبه، أكد رئيس الاتحاد الفرعي لكرة القدم في البصرة، بدر ناصر، أن المدرب أرنولد أبدى إعجابه الكبير بمنشآت المدينة الرياضية التي تحتضن تدريبات المنتخب.

وقال: "المدرب الأسترالي خرج بانطباع ممتاز بعد تفقده لأرضية الملعب، ووصف ما شاهده بالشيء المميز"، مشيرًا إلى أن جميع احتياجات الطاقم التدريبي تم تلبيتها بالكامل، مما ساهم في خلق أجواء مريحة للتحضيرات.

وتسود أجواء من التفاؤل والارتياح داخل معسكر المنتخب، مع تزايد الانسجام بين الجهاز الفني واللاعبين، وحضور لافت من رئيس الاتحاد عدنان درجال. وأكد ناصر على وجود تعاون مميز بين المدرب أرنولد ولاعبيه، مما يعكس حالة فنية إيجابية مع اقتراب موعد المواجهات المصيرية.

وعن ملف التذاكر، كشف ناصر أن عملية البيع ستكون من خلال الشركة الراعية "المنارة"، وستُتاح في مكاتب السياحة والطيران، بالإضافة إلى الأكشاك المحيطة بملعب البصرة الدولي، وبالسعر الرسمي المعلن.

ويحتل منتخب العراق المركز الثالث في جدول ترتيب المجموعة الثانية برصيد 12 نقطة، خلف كوريا الجنوبية المتصدرة بـ 16 نقطة، والأردن صاحبة المركز الثاني بـ 13 نقطة. وتبقى للمنتخب العراقي مواجهتان حاسمتان أمام كوريا الجنوبية والأردن، في الخامس والعاشر من حزيران، على ملعبي البصرة الدولي واستاد عمّان الدولي.

*****************************************

بايرن ميونخ يحسم موقفه من التعاقدات قبل مونديال الأندية

برلين – وكالات

أعلن كارل هاينز رومينيغه، عضو مجلس إدارة نادي بايرن ميونخ الألماني، أن النادي لن يُبرم أي تعاقدات جديدة قبل انطلاق بطولة كأس العالم للأندية المقررة في حزيران المقبل في الولايات المتحدة الأمريكية.

وفي تصريحات لصحيفة "سبورت بيلد"، قال الرئيس التنفيذي السابق للنادي البافاري: "لن يقوم النادي بشراء أي لاعب إضافي لبطولة كأس العالم للأندية"، مؤكدًا أن بايرن قرر الانتظار لما بعد البطولة من أجل تسجيل صفقات جديدة، رغم تعديل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لقواعد فترة الانتقالات للسماح بمشاركة لاعبين جدد.

وتنطلق النسخة الموسعة من البطولة يوم 14 حزيران، وتُقام كل أربع سنوات بمشاركة 32 فريقًا بدلًا من 7، في خطوة تهدف إلى رفع قيمة البطولة فنيًا وتسويقيًا.

وكان بايرن ميونخ قد تأهل إلى هذه النسخة من البطولة بعد فوزه بلقب دوري أبطال أوروبا 2020، ومن المقرر أن يتلقى النادي رسوم مشاركة تتجاوز 25 مليون يورو، إلى جانب مكافآت محتملة في حال التقدم في الأدوار.

ووصف رومينيغه المشاركة في البطولة الجديدة بأنها تمثل "مستوى جديدًا كليًا"، مضيفًا: "الآن سيلعب لاعبونا الدوليون في أمريكا ولكن بقميص بايرن ميونخ، ونحن نحصل على مكافأة مناسبة مقابل ذلك".

ورغم اعترافه بدور الأموال في اتخاذ القرار، شدد رومينيغه على أن التحول في نظام البطولة هو العامل الأهم، مشيرًا إلى أن "الدوري الألماني هو الأساس للتأهل إلى دوري الأبطال، والذي أصبح الآن بوابة للمشاركة في كأس العالم للأندية، ما يمنحه أهمية رياضية مضاعفة".

********************************************

مودريتش يُفضل أمريكا وجهةً أخيرة لأسباب عائلية

مدريد – وكالات

أكدت تقارير إعلامية، أمس الأربعاء، أن النجم الكرواتي لوكا مودريتش حسم قراره بشأن مستقبله بعد الرحيل عن ريال مدريد، مُفضلًا الانتقال إلى الولايات المتحدة الأمريكية، رغم تلقيه عروضًا مغرية من أندية خليجية وبرازيلية.

وسينهي مودريتش، 38 عامًا، مسيرته المظفّرة مع ريال مدريد بعد مشاركته في بطولة كأس العالم للأندية المرتقبة في الولايات المتحدة، والتي تُقام بين 14 حزيران و13 تموز المقبلين، حيث يأمل توديع القميص الأبيض بلقب أخير، تحت قيادة المدرب الجديد تشابي ألونسو.

وشهدت مباراة ريال مدريد الأخيرة في "سانتياغو برنابيو" أمام ريال سوسيداد وداعًا عاطفيًا للنجم الكرواتي، الذي خاض 13 موسمًا بقميص الملكي، سجل خلالها 591 مباراة، وتُوّج بـ 28 لقبًا، أبرزها دوري أبطال أوروبا خمس مرات.

وفي خطابه أمام جماهير "المدريديستا"، قال مودريتش: "لقد كانت رحلة طويلة ورائعة... حانت اللحظة التي لم أكن أرغب في أن تأتي. أشكر النادي، والرئيس بيريز، والمدربين، وزملائي، وعائلتي، وكل من دعمني طوال هذه السنوات".

وبحسب موقع "فوت ميركاتو" الفرنسي، فقد تلقّى مودريتش عدة عروض بعد إعلان رحيله عن الريال، أبرزها من نادي النصر السعودي، وإنتر ميامي الأمريكي، إلى جانب فرق برازيلية مشاركة في "الموندياليتو". إلا أن اللاعب يُفضل التوجه إلى الولايات المتحدة لأسباب عائلية، ما يجعل عرض إنتر ميامي الأقرب للقبول، خاصةً مع رغبته في خوض تجربة إلى جانب ليونيل ميسي.

وأشار التقرير إلى أن كريستيانو رونالدو تواصل مع مودريتش في الفترة الماضية، محاولًا إقناعه بالانضمام إلى النصر، وأكد له أن السعودية توفر بيئة مناسبة من النواحي الرياضية والعائلية. لكن يبدو أن اللاعب الكرواتي بات مقتنعًا بأن أجواء الدوري الأمريكي ستكون الأنسب له في المرحلة الأخيرة من مسيرته.

***********************************************

العراق يحصد 11 وساماً في بطولة آسيا للجوجيتسو

متابعة ـ طريق الشعب

أعلنت اللجنة الأولمبية الوطنية العراقية، عن إنجاز لافت حققه لاعبو المنتخب الوطني للجوجيتسو، بحصدهم 11 وساماً ملوّناً في بطولة آسيا التي اختُتمت مؤخرًا في العاصمة الأردنية عمان، وسط مشاركة أكثر من 800 لاعب يمثلون 28 دولة من القارة الآسيوية.

وذكرت اللجنة، في بيان، أن حصيلة المنتخب العراقي تضمنت ثلاث ميداليات ذهبية، وفضيتين، وست ميداليات برونزية.

وجاءت الميداليات الذهبية عبر تألق اللاعبين باقر الزيدي، ويوسف الغراوي، ومحمد المصطفى السعدي، الذين تمكنوا من الصعود إلى منصات التتويج، وعزف النشيد الوطني العراقي في سماء العاصمة الأردنية.

كما أحرز اللاعبان حسن ستار ومحمد فالح ميداليتين فضيتين، فيما أضاف كل من محمد زهير، عبد الله رعد، حسن رابح، موسى جعفر، منتظر أحمد، وحسين أحمد جاسم ست ميداليات برونزية للعراق.

من جانبه، عبّر رئيس اتحاد الجوجيتسو العراقي، مخلص حسن، عن فخره بالنتائج المحققة، مؤكدًا أن "حصد 11 وسامًا على المستوى القاري يعكس تطور اللعبة في العراق وبلوغها مراحل متقدمة"، مشيرًا إلى أن الإنجاز جاء نتيجة "العمل الدؤوب والدعم الكبير من رئيس اللجنة الأولمبية الوطنية العراقية عقيل مفتن وأعضاء المكتب التنفيذي".

وأضاف حسن: "هذه الأوسمة تمثل رسالة أمل، تؤكد أن العراق لا يزال زاخرًا بالطاقات الواعدة القادرة على تحقيق إنجازات على المستويات الإقليمية والدولية".

**********************************************

وقفة رياضية..  ذكرى استشهاد بشار رشيد ورفاقه

منعم جابر

في مثل هذه الأيام، تمر الذكرى الثامنة والأربعون لاستشهاد اللاعب الدولي بشار رشيد ورفاقه، حين أقدم النظام الدكتاتوري العميل على إعدام ثُلّة من الرفاق العسكريين بتهمة الانتماء إلى الحزب الشيوعي العراقي، والعمل على إسقاط النظام، وممارسة النشاط الحزبي والسياسي داخل القوات المسلحة.

علمًا أن هؤلاء الرفاق لم يكونوا يمارسون أي نشاط حزبي أو سياسي في صفوف الجيش، وذلك التزامًا باتفاق الجبهة الوطنية. لكن القيادة البعثية – الصدامية، بعد أن رأت أن «اتفاقاتها الجبهوية قد استُنفدت أغراضها»، قررت إنهاء العمل الجبهوي، فأقدمت على ارتكاب هذه الجريمة الشنيعة، التي أعدم فيها المئات من الشيوعيين، وكان من بينهم عدد كبير من الرياضيين.

وقد استمرت سياسة القمع والاستئصال هذه بحق الحزب الشيوعي العراقي، والتيارات الإسلامية أيضًا.

إن محاولات بعض الإخوة تلميع صورة الماضي، بإطلاق اسم "الزمن الجميل" على تلك المرحلة، هي محاولات لا تصمد أمام الحقيقة. فنقولها بصدق: تلك كانت أيامًا سوداء، انشغل فيها العراقيون بالحروب والعدوان، وشهدت إعدامات طالت كل من عارض النظام البعثي.

تمر هذه الذكرى الأليمة والعراقيون يستذكرون أبطالهم الرياضيين الذين غيّبتهم دكتاتورية صدام من بين المبدعين وأبطال الرياضة. فقد شهدت سجون أبو غريب وبسماية إعدام العشرات من رموز البطولة والإباء، ومنهم: الشهيد بشار رشيد، صبري كاظم (لاعب نادي الجيش)، محمد عبود (لاعب نادي البريد)، سعدي لايج (لاعب نادي الصناعة)، فالح أكرم فهمي (بطل ألعاب الساحة والميدان ولاعب المنتخب الوطني بكرة السلة)، كيلو صبيح، صباح شياع، رحيم الكردي، شاكر رحيم، عمار جابر (لاعب البريد)، صميدح خديم، أبو واقد، عبد الكريم، وعدد كبير من رياضيي المحافظات الذين قدّموا نماذج رائعة في الشجاعة والتضحية.

لقد مارس النظام الصدامي أبشع أشكال العنف والاضطهاد بحق أبناء الرياضة، إلا أن ما قدمه هؤلاء الأبطال من صور مشرقة للشجاعة والصمود، سيبقى حيًّا في الذاكرة، ويشكّل درسًا في الوطنية والفداء.

وفي هذه الذكرى الحزينة، نجد أنه من واجبنا أن نستذكرهم بكل فخر واعتزاز، ونقول لهم: لكم منا ألف تحية إعجاب وتقدير لما قدمتموه لوطنكم وشعبكم. وإننا ماضون على دربكم، ساعون نحو غدٍ مشرق يعمّ فيه السلام والعدالة لأبناء شعبنا كافة.

إن تلك الأيام السوداء التي عاشها شعبنا بكل قومياته وأطيافه، ستبقى محفورة في ذاكرة الأجيال جيلاً بعد جيل. ونقول لشهدائنا: لقد كانت تضحياتكم مقدمةً لسقوط النظام الدكتاتوري، وبلسمًا لجراحنا، وأملاً لمستقبلنا.

تحية إعجاب وتقدير لعوائل المناضلين الصابرين والصامدين، وتحية إجلال إلى الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم دفاعًا عن الوطن وقيمه السامية.

أما أعداء الشعب، من الحكام الفاسدين والقتلة، فقد انتهوا إلى غير رجعة، وسُجّلوا في مزبلة التاريخ.

******************************************

الصفحة العاشرة

لِم حكّام العالم من غير طينة خوسيه موخيكا؟

جورج كعدي*

بنزعة متأصلة فيهم إلى الخير، أو إلى الشر، يوصل الناس حكّاما إلى الحكم. يكون الحاكم من طينة المحكومين، فإن كانوا صالحين كان مثلهم، وإن كانوا أشرارا وفاسدين كان نظيرهم. هذا في النظم التي تأتي بالانتخاب لا بالاستبداد أو السطو على الحكم عنوةً. هكذا ينتخب الأميركيون رئيسًا  يحاكي نزعات شوفينية فارغة لديهم تحت الشعار الأجوف "ليحم الله أميركا" أو الشعار المتعاظم "لنجعل أميركا عظيمة مجددًا"، أو ينتخب البرازيليون رئيسا يمثل أحوال الغالبية من الفقراء أو متوسطي الحال بكونه آتيا من ماضي عوز وكفاح ومحبوبا عندهم، أو يكافئ الجنوب أفريقيون زعيما تحرّريا سُجن دهرا من أجل وطنه وشعبه، أو تولّي أكثرية من شعب الاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين قاتلا سايكوباتيا لتماهيها معه وشبهها به نزوعا إلى العنف والقتل والانتقام ... الناس على دين ملوكهم، قال الإمام عليّ ماضيا في "نهج البلاغة" الإعجازي، وقوله جارٍ وصالح حتى اليوم.

مناسبة هذا الكلام وفاة رئيس الأورغواي السابق خوسيه موخيكا المعروف باسم Pepé Mujica  لفترة رئاسية من خمس سنوات بين عامي 2010 و2015، الذي كان القدوة والنموذج المشتهى للعالم أجمع بتواضعه الأسطوري وعيشه بين فقراء بلده ومثلهم، وتخليه التام عن المظاهر وعلامات التنعّم بالسلطة وبذخها ومباذلها. هو الحاكم الفيلسوف والزاهد الذي رسمت فلسفة أفلاطون وأرسطو وسقراط ملامحه، رجل الحكمة والعدل والتقشّف والعيش بين الناس، بل بين الفلاحين والمزارعين، ليؤكد لهم أن السلطة لم تبدله ولم تحرفه قيد أنملة عن مبادئه الجوهرية وقناعاته. وُصف بأنه "أفقر رئيس في العالم"، والأكثر تواضعا أيضا، بل الأكثر إثارة للدهشة بحياة الزهد التي اختارها وتبدّت في سكنه بعد فترة الرئاسة في بيت صغير جدرانه غير مطلية وأثاثه خشبي عتيق، محتفظا بسيارته الـ"فولكسفاغن" القديمة الزرقاء.

يرسم له الصحافي الإسباني إغليسيا كارونشو بورتريه بعد وفاته من خلال لقاء سابق معه، ومما جاء في وصفه للقاء: "كان Pepé موخيكا ينتظرنا في الحديقة المهجورة لبيته على مشارف مونتيفيديو. هناك جلس الزوار على زوج من المقاعد الخشبية على جانبي طاولة ريفية قدمها له زملاؤه المنفيون في باراغواي (...) ومن الواضح لنا أن البذخ والثروة ليسا من اهتمامات موخيكا (...) يطل علينا مرتديا قميصا أزرق مفتوح الأزرار جزئيا، بمزاج هادئ ومريح، فهو ينضح بالهدوء التأملي، الخالي من القلق. إنه على مسافة أسبوع واحد من إنهاء ولايته وتسليم وشاح الرئاسة إلى تاباري فاسكيز، سلفه وخليفته (...) ترتفع نظرة موخيكا فوق الأشجار، نحو السماء. يبدو أن Pepé يمضي بعيدا في الزمن. هل يرى نفسه مرة أخرى في ساحة السجن حيث قضى ثلاثة عشر عاما من حياته؟ يروي لنا أنه عندما كان ورفاقه شبّانا أرادوا إحداث ثورة بضربة واحدة، ثم أدركوا أن الأمر لم يكن بهذه البساطة (...) ويتذكر أنه التقى رجلا بنى مصنعا وهو في عمر الثالثة والتسعين: 93 عاما! ما الذي يدفع شخصا في هذه المرحلة العمرية لبدء مشروع جديد؟ والدخول في فوضى إنشاء مصنع والصراع مع البنك والعمال والمديرين! ما الفائدة التي قد تكون لدى هؤلاء؟ حين علم هذا الرجل أنه سيموت اتصل بأبنائه قائلا إنه لا ينبغي لهم بعد موته أن يغلقوا المصنع. هذا الرجل يملك قيما مختلفة عن قيمنا، ولكنها ضرورية لبناء مجتمع (...) أولئك الذين لا يملكون قيما هم أصحاب المصارف وأصحاب رأس المال. إنهم لا ينتجون شيئا ويستولون على الثروة. ماذا يقدمون للمجتمع؟ لا شيء! ولكن أولئك الذين يعملون وينتجون، حتى وإن كانوا يهدفون إلى الربح فإنهم يقومون بوظيفة (...). مع اقتراب نهاية ولايته – يتابع الصحافي الإسباني – أعرب موخيكو عن أسفه إذ كانت لا تزال أمامه بعض الأمور، أن يضع يديه في جيوب الأغنياء، بحسب تعبيره، لجعلهم يدفعون الضرائب المستحقة عليهم. يقول: لكني لم أستطع ذلك وبقي الأمر عالقا في ذهني (...). في تلك اللحظة تظهر زوجته لوسيا توبولانسكي، أكثر أناقة من المعتاد. إنها تخوض حملة انتخابية لمنصب عمدة مونتيفيديو. تقترب وتحيينا بلطف. يقول موخيكا إنّه لم يكن يريدها مرشحة، لكن زملاءها أصروا واضطرت إلى القبول (...) يتابع Pepé: إننا نعيش بالقليل، لكننا لا نحتاج إلى المزيد. يسألونني لماذا أعيش في هذا المنزل فهو صغير وغير مريح؟ بينما أستطيع أن أعيش في القصر الرئاسي حيث يوجد موظفون! لكنني لن أغيّره. دعوني هنا (...). يصبح الضوء أكثر انتشارًا بين الأشجار المحيطة. يواصل Pepé تأملاته (...) يتذكر لقاءه مع البابا فرنسيس (المتوفى قبله بأسابيع قليلة). أخبره Pepé بأنه ليس محظوظا بما يكفي ليؤمن بالله، فردّ البابا: غير مهم، إني في حاجة إلى العديد من أمثالك هنا في الفاتيكان (...). يكمل الصحافي: "اقترب وقت الظهيرة وعلى الضيوف المغادرة. يودعنا موخيكا بعاطفة جمة، أو على الأقل هذا ما نشعر به. لقد بدا لنا أكثر من مجرد سياسي. كنا مع فيلسوف سقراطي، مثل سقراط نفسه، وضع الحكمة قبل الثروة وعاش في النور، سائلا الآخرين إن كانوا يفضلون أن يكونوا أحرارا أم مرتبطين بالراحة المادية. يزعم البعض أن الفلسفة لا تتوافق مع السياسة، فإرادة الموارد العامة تستلزم إداريا جيدا وليس شخصا يطرح الكثير من الأسئلة. ولكن نظرا إلى ما حصل لنا مع  Pepé، مَنْ لا يرغب في أن يكون رجل مثله رئيسا؟".

لخوسيه موخيكا أقوال وأفكار عميقة وبليغة، هنا بعضها:

- "إلى الشباب، لو أردتم أن تعيشوا بسعادة، اغرسوا فكرة تؤمنون بها وعيشوا لخدمة هذه الفكرة، ولا تدعوا أنفسكم عبيدًا للسوق. العالم الذي سنعيشه هو العالم الذي نستطيع صنعه، فنحن في أميركا اللاتينية يجب أن نكون مستودعا لأفضل ما في الحضارة الإنسانية، قارة سلام، قارة عدالة، قارة تضامن، قارة فيها جمال الولادة والموت، قارة تقول نعم للعدالة، قارة بلا كراهية، بلا انتقام، قارة تكرّم وجود الإنسان فوق الأرض (...). امنحوا الوجود مضمونا، فإن لم تفعلوا ذلك بوعي سيكون المضمون هو راتبكم الذي ستدفعونه في نهاية كل شهر مقابل الجهاز الجديد الذي عليكم شراؤه، وهكذا دواليك حتى آخر أيامكم، حتى يأتي يوم لا تقوم فيه عظامكم، ولا يكون لكم وجود فيه، لا ذاكرةً ولا نَفْسًا، وداعًا (...). هناك أمور أخرى إلى جانب الشباب ووقاحة النظر في المرآة (...). يمكنكَ أن تكون شابا، أو عجوزا، أو في منتصف العمر، فلا داعي لتقسيم العالم إلى رجال ونساء، وسود وصفر، بل يجب تقسيمه إلى قطاعين: قطاع ملتزم، وقطاع غير ملتزم، والالتزام هو تبني قضية (...). لقد اخترعنا جبلا من الاستهلاك غير الضروري، ونضطر إلى الإسراف في الشراء والاستهلاك، فما ننفقه هو حياتنا".

-  "أنا لست فقيرا، أنا رزين، خفيف الظل، أعيش بما يكفيني حتى لا تسلبني الأشياء حريتي. الفقراء ليسوا مَنْ يملكون القليل، بل هم مَنْ يحبّون كثيرا. أنا لا أعيش في فقر، بل في تقشف، في نكران الذات. أحتاج القليل لأعيش".

- "يتعين علينا نحن السياسيين أن نعيش كما تعيش الأغلبية وليس كما تعيش الأقلية. السلطة لا تغيّر الأشخاص، بل تكشف فقط عن حقيقتهم".

- "السياسة ليست هواية، وليست مهنة تعاش، بل هي شغف يرافقه حلم ببناء مستقبل اجتماعي أفضل. مَنْ يحب المال فليفعل بعيدا عن السياسة. السياسة هي النضال من أجل سعادة الجميع".

- "أمضيت أربعة عشر عاما في السجن (...) ليلة وضعوا لي فراشا شعرت بالراحة وتعلمت أنني إذا لم أكن سعيدا ببعض الأشياء لن أكون سعيدا بالكثير منها. جعلتني عزلة السجن أقدّر أشياء كثيرة".

- "أريد معرفة الحقيقة، لكنني لا أؤمن بالعدالة على الإطلاق".

- "أنا مواطن عنيد. لا أتعامل مع الأمور من منظار اقتصادي. لكنني على خلاف مع الحضارة التي أعيش فيها. إذا كنا نطمح في هذه الإنسانية إلى الاستهلاك على طريقة المواطن الأميركي العادي فإننا نحتاج إلى ثلاثة كواكب للعيش (...). نحن نعد بحياة مليئة بالإسراف والتبذير، ما يشكل في نهاية المطاف عدا تنازليا ضد الطبيعة وضد مستقبل الإنسانية".

- "قد يكون شخص متعلّم أكثر وحشية من آخر غير متعلّم. لا بد من وجود قيم وراء التعليم".

- "ما الذي يلفت انتباه العالم؟ أعيش في منزل بسيط وأقود سيارة قديمة. هل هذا هو الجديد؟ إذاً العالم مجنون لأنه يفاجأ بما هو طبيعيّ".

- "بلى أنا متعب، لكن لن يتوقف تعبي حتى يأخذونني في نعش، أو عندما أصبح عجوزا غبيا".

- "يجدر أن تعيش بكثافة، قد تسقط مرة، مرتين، ثلاثا، لكن تذكّر أنك تستطيع النهوض والبدء من جديد. مهزومون الذين توقفوا عن القتال، وموتى هم الذين لا يقاتلون من أجل الحياة".

في نيسان / أبريل 2021 كان لخوسيه موخيكا خطاب بليغ على منبر الأمم المتحدة، وممّا جاء فيه: "إنني آتي من الجنوب إلى هذه الجمعية العامة. أحمل بلا لبس ملايين المواطنين الفقراء في المدن، في البراري، في الأدغال، وفي سهول بامبا ومستنقعات أميركا اللاتينية. أحمل وطنا مشتركا يستحوذ على ثقافات السكان الأصليين المهزومة، وبقايا الاستعمار (...) أحمل دَيْنا اجتماعيا هائلا، مع ضرورة الدفاع عن الأمازون، والبحار، وأنهارنا العظيمة. إني مكلّف بواجب النضال من أجل وطن الجميع (...) لقد ضحينا بالآلهة القديمة غير المادية ونحتل المعبد مع إله السوق، فهو ينظم الاقتصاد والسياسة والعادات والحياة، بل يموّلنا بالقروض والبطاقات، مظهرا من مظاهر السعادة. يبدو أننا خلقنا فقط للاستهلاك، وعندما لا نستطيع يصيبنا الإحباط والفقر والعزلة (...) إن الحضارة الحالية هي ضد البساطة، ضد الرصانة، وضد جميع الدورات الطبيعية، والأسوأ أنها ضدّ الحرية والعلاقات الإنسانية والحب والصداقة والتضامن والأسرة (...) لقد هدمنا الغابات الحقيقية وزرعنا غابات من الإسمنت غريبة. نعيش الأرق مع تناول الحبوب، والوحدة مع الإلكترونيات (...) يتجول الإنسان البسيط في عصرنا بين المؤسسات المالية وسأم المكاتب المكيفة، يحلم دوما بالعطلات والحرية وتسديد ديونه، حتى يتوقف قلبه ذات يوم ويودعنا (...) لا يتجه الاقتصاد المعولم إلا نحو المصالح الخاصة لقلة قليلة، والرأسمالية الإنتاجية حبيسة أموال المصارف وتمثل قمة القوة العالمية (...) لا ينبغي للدول القومية الكبرى، ولا للشركات العابرة للحدود، ولا حتى للنظام المالي، أن تحكم المجتمع البشري (...) إن القوة التي تحرّر الضعفاء أصبحت قمعية في أحضان الأقوياء (...) تتلاشى المؤسسات العالمية في ظل معارضات الدول الكبرى. تضعف الأمم المتحدة وتتحول إلى بيروقراطية بسبب افتقارها إلى السلطة والاستقلالية".

"وصل الأمر إلى عالم العطور، إذ صُنع عطر يحمل اسمه مستخرج من الأزهار التي كان يزرعها في فناء بيته القديم المتواضع"

تحوّلت سيرة الرئيس الأورغواينيّ الراحل في جانبي النضال وأسلوب الحياة الزاهد والمتقشف مادة لأفلام وأعمال فنية وغير ذلك، ولعل أبرزها فيلم المخرج الصربيّ الشهير أمير كوستوريتسا الذي عرض على "نتفلكس" بعنوان " El Pepé – A Supreme Life"   ويتضمن مقابلة مع الرئيس موخيكا وزوجته ورفيقته في النضال لوسيا، فضلًا عن مشاهد من الأرشيف والشهادات الحية لرفقي Pepé منذ أيام الثورة ماوريسيو روزنكوف وإليوتيريو فرنانديز هويدوبرو اللذين يستعيدان ذكريات الحبس الانفرادي، مع التركيز على حياة الرئيس السابق الزاهدة والبسيطة جدا وسط الفقراء والمزارعين. فيلم طريف ومؤثر يختصر سيرته. وثمة فيلم سينمائي يستلهم سيرته للمخرج ألفارو بريشنر تحت عنوان "ليلة الإثني عشر عاما" المرتكز على كتاب "ذكريات الزنزانة" والذي يستعيد أحلك سنوات Pepé في السجن تحت الحكم العسكري الديكتاتوريّ وكيفية مصارعته ورفاقه البقاء. وفي الموسيقى والأغاني ألهمت حياة موخيكا فنانين كثرًا حول العالم، مثل المغنية الإسبانية روزالين وأغنيتها Girasoles المستوحاة من مقطع في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، كما أنشدت له الفرقة الفرنسية  Lemon Furia أغنية تحمل اسمه، وأنجز الفنانان التشكيليان، اليابانيّ مانابو ناكاجو والفرنسيّ مارتان ساستر، لوحات من وحي سيرته ومواقفه. ووصل الأمر إلى عالم العطور، إذ صُنع عطر يحمل اسمه مستخرج من الأزهار التي كان يزرعها في فناء بيته القديم المتواضع. عن تسعة وثمانين عاما رحل الرئيس الزاهد والفيلسوف ليبقى عبق أزهاره يذكّر به رئيسا ليس كباقي الرؤساء، أقرب إلى الأسطورة.

ـــــــــــــــــــــــــــ

* ناقد وأستاذ جامعي من لبنان

ضفة ثالثة – 21 أيار 2025

***********************************************

«كوابيس الإبادة» بتحرير عبد الوهاب الأفندي

فهم دوافع العنف الجماعي

ضمن سلسلة ترجمان، صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب بعنوان "كوابيس الإبادة: سرديات التوجس ومنطق الفظائع الجماعية" لمجموعة من الباحثين، بتحرير رئيس معهد الدوحة للدراسات العليا عبد الوهاب الأفندي وترجمته بالاشتراك مع بدر الدين حامد الهاشمي، ويقع في 448 صفحة.

يناقش الكتاب ظواهر العنف المكثف والمتعاظم، ويقدم مقاربة جديدة لفهم دوافع الأفراد "العاديين" للمشاركة في أعمال العنف المتطرف، محاجاً بأن سرديات انعدام الأمن تؤدي دوراً محوريّاً في جعل هذه الأفعال مبررة أو بطولية.

ويجمع بين التفسير النظري ودراسات حالة من أربع قارات، ما يشكل اختراقاً نوعياً في مجال دراسة العنف الجماعي.

وفي تقديمه للترجمة العربية للكتاب، يرى المحرر في ما يحدث في غزة اليوم تأكيداً لهذا الإطار التفسيري، فقد اكتسبت كوابيس الإبادة وسرديات الفزع بعداً جديداً، عندما طرحت حكومة الاحتلال هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 من جانب حركة حماس باعتباره أكبر تهديد لوجود إسرائيل، وسوّغت بذلك الإبادة الجماعية الفعلية التي ترتكبها في غزة اليوم.

ينطلق الكتاب من التجربة البحثية الطويلة للمحرر عبد الوهاب الأفندي، التي بدأت قبل أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001، والتي تتناول ظواهر العنف، مع ربطها بمفاهيم الديمقراطية والإسلام السياسي. وقد تطور الأمر ليشمل بحوثاً أكاديمية في "جامعة ويستمنستر"، وسط تصاعد ربط الإسلام بالإرهاب، وانتهى إلى فرضية مركزية مفادها أن "سرديات التوجس والخوف" هي المحرك الأساسي لأعمال العنف المكثف، سواء من الدول أو من الجماعات أو من الأفراد، حيث تقوم هذه السرديات على خلق خطر متخيّل أو تضخيم خطر حقيقي، غالباً بناء على الهوية، الأمر الذي يؤدّي إلى دائرة عنف ذاتية التعزيز.

وتتناول مساهمات المؤلفين المشاركين في هذا الكتاب تطبيقاً للنموذج التفسيري على حالات كثيرة، مثل: الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، والحروب في يوغوسلافيا، والنزاعات في السودان ونيجيريا والهند، وصعود الإسلاموفوبيا في الغرب.

ويُظهِر الكتاب أن النخب الفكرية والسياسية والإعلامية تؤدي دوراً أساسياً في إنتاج هذه السرديات.

استند المؤلف إلى "نظرية الأمننة" من مدرسة كوبنهاغن، وأضاف مفهوم "الأمننة المفرطة" محركاً رئيساً للعنف المنفلت، مثل جرائم الحرب والإبادة، وأكد أن هذه السرديات تستخدم لتعطيل الانتقال الديمقراطي أيضاً، ليس في الدول العربية فحسب، بل في الديمقراطيات الغربية أيضاً، واختتم بفتح المجال لنقد الفرضية، داعياً الباحثين إلى اختبارها بمحاولة العثور على حالات عنف لا تفسرها سرديات التوجس.

أخيراً، يمثل الكتاب إضافة فكرية نوعية إلى المكتبة العربية؛ إذ إنه يقدم منظوراً جديداً لفهم دوافع العنف الجماعي بعيداً من التفسيرات النمطية، مستنداً إلى سرديات الخوف والهويات المهددة باعتبارها أدواتٍ لتبرير الفظائع.

تكمن أهميته للقارئ العربي في تفكيك الآليات التي تستخدم لتبرير القمع وتعطيل التحول الديمقراطي، سواء من الأنظمة أو من الفاعلين غير الدولتيين. وهو يساهم في تعميق النقاش حول موقع الإسلام السياسي في السرديات العالمية المعاصرة، ويمنح الباحثين العرب أدوات تحليلية لفهم واقعهم وربطه بالسياق العالمي. إنه عمل نقدي مهم في زمن تتعاظم الحاجة فيه إلى فهم جذور العنف، لا الاكتفاء بتتبع نتائجه فحسب.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

"العربي الجديد" – 19 أيار 2025

********************************************

تلقي الكتّاب والمبدعين لفكر الدكتور عبدالله الغذامي

هذا كتاب يبحث في بصمة الكاتب السعودي عبدالله الغذامي في الثقافة العربية عامة، والسعودية على وجه الخصوص، عبر كتبه التي أثارت، في غالبيتها، ولا يزال بعضها يثير التساؤلات والجدالات والمزيد من التأمل والتفكير في مختلف مناحي الفكر والفلسفة والأدب والنقد الثقافي وغيرها من الموضوعات.

يضم كتاب "أصداء الغذامي – تلقّي الكتّاب والمبدعين لفكر الدكتور عبدالله الغذامي" الذي جمعه وحرره كل من عبد العزيز بن علي النصافي ورحمة القرشي، وصدر، مؤخرا، عن دار رشم للنشر والتوزيع في السعودية، مقالات لم تنشر من قبل. فمنذ طرح الفكرة على المبدعين والنقاد العرب، بادرت نخبة من الكتاب العرب بحماسة للكتابة عن الناقد العربي الدكتور عبد الله الغذامي، بحسب ما جاء في المقدمة، وهي مقالات تنوعت موضوعاتها، بسبب تنوع كتّابها واختلاف اتجاهاتهم الفكرية والثقافية. وأضافت هذه المقالات للكتاب، وذلك بسبب جودة ما كُتب، وانضمام عدد من النخب العلمية في العالم العربي للكتابة عنه. يقول الكاتب رحمة القرشي في مقدمته: "إن جمع المادة كانت فكرة أذكى جذوتها الأستاذ الفاضل عبد العزيز النصافي، وشاركته اعتزازا بدور الدكتور الغذامي، وإيمانا بدور طلبة العلم في الحفاظ على إنتاج أساتذتهم، وهو محاولة لتوثيق مادة ثرة عن العالم الجليل الذي خرج بأفكار أنار بها دروب البحث، وولدت أفكاره قراءات متباينة عن النص. وقد جمعنا في هذا الكتاب المقالات التي صدرت عن الدكتور وعن دراساته، من داخل المملكة وخارجها، وسيلحظ المتلقي الكريم أن المقالات المختارة لم تغطِّ مسيرة الدكتور كاملة، نظرا إلى ضخامتها، فحاولنا جمع المقالات المترامية في الصحف العربية، احتفاء بمسيرة الدكتور الطويلة، والمقالات التي تلقّت الدكتور أكبر بكثير من هذا العدد، وهي تتفاوت في الجودة والنضج، وبعضها ضعيف صَعُبَ علينا وضعه". يصف القرشي المقالات التي ضمها الكتاب بـ"الرصينة"، وبأنها جاءت "احتفاء بمسيرة الغذامي، الناقد الذي أعطى النقد العربي، وبوّأ له مكانة مرموقة تليق بالفكر العربي الضارب في عمق التاريخ".

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجلة "المجلة" – 29 نيسان 2025

**********************************************

الصفحة الحادية عشر

الجديد في المكتبة

- حجر صغير/ حنون مجيد (سيرة ذاتية) منشورات اتحاد الادباء والكتاب في العراق.

- السواقي البيضاء/ رؤية في التصوير الشعري عند قاسم العابدي. تأليف عباس كاظم مشعل السماوي، اصدار: دار ليندا.

- الإبحار الى كالكوتا/ رحلة البحار سيمو/ ادب رحلات. تأليف حسن البحار. اصدار: اتحاد الادباء والكتاب في العراق.

- تفاصيل ضئيلة من حياة الرائي/ رواية وحيد أبو الجول، اصدار: دار ابجد- بابل. سبق للمؤلف ان اصدر: (منتصف مائل/ نهار ويوم احد/ عنق الغراب/ ثمرة الآلة/ ابيض رماي اسود).

***********************************************

بلغات الشعوب

ريادة الحداثة في الأدب السويسري

ترجمة واعداد: د. بهاء محمود علوان

يقول بيتر بيكسل عن عملية كتابته الإبداعية في محاضرات فرانكفورت الشعرية (1982):

(عندما أروي التاريخ، فأنا لا أهتم بالحقيقة، بل باحتمالات الحقيقة. وطالما لا تزال هناك قصص، لا تزال هناك احتمالات). ولذلك فإن سؤال الراوي عن صحة قصته مبني على خطأين. الخطأ الأول: لا توجد قصة لا تحتوي على الحقيقة، ومن حيث المبدأ لا تميل إلى الابتعاد عن ذلك الواقع. الخيال البشري محدود بكل ما هو موجود من تكنولوجيا، وهذا هو ما يسمى القانون الطبيعي.

ان اللغة لا يمكنها أبداً أن تعكس ما هو في موجود في الواقع، بل يمكنها فقط وصف هذا الواقع. فالوصف الشخصي هو وصفُ (شاهد عيان)، والواقعُ هنا، ليس كما جاء بوصفِ شاهد العيان هذا. ولذلك فهو غير دقيق ولأنه قد يكون ليس كاتباً ماهراً. ومهما كان شاهد العيان مراقباً جيداً، فانه لا يتمكن من تثبيت الجاني بصرياً باستخدام اللغة. المهم في تقرير شاهد العيان ليس فقط ما رآه. إن خبراته الإضافية لا تقل أهمية؛ فخبرته تعتمد على كل ما يمكن أن يقارن به شخص مرتكب الجريمة.

إن رواة القصص القصيرة يضعون متطلبات كبيرة على خيال وانتباه وذكاء جمهورهم: مثلما يريد المؤلفون إظهار عالماً كاملاً ببضع كلمات، يضطر القراء إلى التعامل مع عدد قليل فقط من الكلمات للاكتفاء بالأدلة والتلميحات للصورة التي يتعين عليهم إنشاؤها لأنفسهم. ولذلك، فإن القصة القصيرة تتطلب التركيز الأكبر من المؤلف وكذلك من القارئ ومن لا يلاحظ فقرة أو حتى جملة واحدة في القصة القصيرة يخاطر بأن تظل غير مفهومة بالنسبة له. تُظهر الأعمال النثرية القصيرة بعض التشبيهات في اختيار المواد والإطار التصميمي لتلك المواد، على الرغم من تنوع التعبير الفردي وتنوع اساليبها، فإن المحتوى والخصائص الجمالية للأعمال تكشف عن أرضية مشتركة لكل تلك الأعمال، حتى مع ظهور مجموعات مختلفة من المؤلفين الكُتاب. ويعد استخدام الأحداث اليومية أمراً نموذجياً رائعاً بالنسبة لنصوص الكاتب السويسري كريستوف جيزر، ومنها مجموعتهِ المسماة (هنا كل شيء تحت حماية النصب التذكاري) والتي صدرت في عام (1972). إن النصوص عبارة عن صور محققة لفترة وجيزة للخصائص السطحية لواقع عبثي وخالٍ من اللغة. إنها تظهر الواقع المحبط للحياة اليومية وتقدم تشخيصاً واضحاً للمجتمع. تعتبر قصص هاينريش ويزنر انعكاسات تركيبية للواقع، كما يريد المؤلف استخدام الموضوع وحده للإشارة إلى خطورة المشكلات المعاصرة، وهو ما نجح في القيام به إلى حد كبير. ويقوم الكاتب بتطوير أفكاره وإيصالها بوضوح من أجل كشف قوى الشر بأهداف اجتماعية ملموسة وتركيز وعي القارئ على الأسئلة المطروحة. وفي كتاب سيلفيو بلاتر (تبديل الأخطاء) 1972 تبرز على الفور أوصاف عمليات العمل التلقائية والتفاصيل الفنية باعتبارها الموضوع الرئيسي بمساعدة انتقائية العرض الصارمة، يتم إعلام القارئ بالتفاصيل الدقيقة داخل النص. تظهر بشكل متكرر اللحظات الإنسانية مثل التعب، وأحلام الإجازة، وأحلام كسب المال التي هي جزء من عالم العمل في المصنع. فهو يكتب حقائق المصنع بجوانبها المظلمة وبدون تجميل. إن العملية السردية في النصوص النثرية: العيش خارج الزمن. قصص بين القرية والمدينة (1965) بقلم كورت مارتي تحدد إشارات ملموسة عن الواقع. إنه يسجل الأحداث اليومية، والجوانب الفردية للأشياء، ويقدم أدلة خاصة بالزمان والمكان. وفي الوقت نفسه تتحول القصص الفردية إلى قصص مجازية تدور أحداثها مع الإحساس بالأصل النموذجي للذات.

علاوة على ذلك، فإن رواة القصص القصيرة يضعون متطلبات كبيرة على خيال وانتباه وذكاء جمهورهم: مثلما يريد المؤلفون إظهار عالم كامل ببضع كلمات، يضطر القراء إلى التعامل مع عدد قليل فقط من الكلمات". للاكتفاء بالأدلة والتلميحات للصورة التي يتعين عليهم إنشاؤها لأنفسهم. ولذلك، فإن القصة القصيرة تتطلب التركيز الأكبر من المؤلف وكذلك من القارئ. ومن لا يلاحظ فقرة أو حتى جملة واحدة في القصة القصيرة يخاطر بأن تظل غير مفهومة بالنسبة له. ليس من السهل تحديد الأسباب التي يمكن أن تفسر تفضيل الأشكال النثرية الأصغر حجماً. وفي هذا السياق، غالبًا ما يظهر ضيق البلد وصغره، والتجزئة الكانتونية والمناطقية، وعدم اليقين في استخدام اللغة المكتوبة. (ربما يكون لهذا الشكل أيضًا علاقة بذلك الميل السويسري النموذجي إلى "تقليص الحجم). وفقاً لبولفر، يشترك جميع الكتاب المهمين وغير المعترف بهم في ميل إلى الانكماش والاختباء، وهو ما لا يزال يمثل نوعًا من الفكرة الأساسية في الأدب السويسري الناطق بالألمانية اليوم، (ليس خطيراً في كثير من الحالات، ولكنه مثمر. (كشرط أساسي للإدراك الدقيق لأصغر الحركات) في هذا السياق، فإن إجابة أورس فيدمر على السؤال حول سبب تفضيل المؤلفين السويسريين، بما فيهم هو نفسه، للصيغة القصيرة، هي إجابة نموذجية لبيتر بيكسل حيث يقول: (أعتقد أن أحد الأسباب قد يكون أيضًا أصولنا الزراعية. هناك القليل مما هو حضري هنا، مما يعني أن هناك أيضًا القليل من هذه اللفتة العظيمة للمدينة الكبيرة. لا يوجد في الأساس سوى برجوازية صغيرة وغير مهمة، على الأقل في الأمور الثقافية، وهناك، على الرغم من الأسباب الخاطئة، سيطرة اجتماعية قوية للغاية وهناك اللهجة. أعتقد أن كل هذا يؤدي إلى حذر الناس من الإيماءات الكبرى. ليس لدينا الكثير من الموهبة في الرثاء وأنا أحب الرثاء).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر:

1 - DURZAK, Manfred (1980): Die deutsche Kurzgeschichte der Gegenwart: Autorenporträts, Werkstattgespräche Interpretationen. Stuttgart.

2 - IEHL, Dominque/HOMBOURG, Horst (Hg.) (1990): Von der Novelle zur Kurzgeschichte. (Forschungen zur Literatur- und Kulturgeschichte; Bd. 27). Frankfurt a. M., Bern, Paris.

*******************************************

شهادات

للشاعرة الأوزبكية عيسى خانوفا

ترجمة: احمد جاسم الزبيدي

إلـى أبنـاء الـوطــن

هل فارقتَ الوطنَ الحبيبَ؟

أم فارقَك ذاك القريب؟

أأنتَ غريبٌ عن الديار؟

أم هاجرَت بلا حبييب؟

فالسربُ عائدٌ في الربيع،

يعودُ الطيرُ بلا نحيب،

فما له في الرجوع نصيب...

رياحُ الغربةِ لا تهدأ،

العواصفٌ ليست بنسيمْ،

ألحانُهم ليست لي،

صوتٌ غريبٌ لا نديم،

والناسُ غرباءٌ معك،

لا قريبَ منهم لا حميم

لا معنى للإنسان فيهم،

لا عدلَ في المقياس،

ولا إيمانٌ خالصٌ،

ولا صفاءٌ أو إخلاص،

يُنادون بالأخوّة، لكن

لا صدقَ، لا إحساس،

نهرُ الدموع، وهمُّ دنيا

عقيمٌ ما له أنفاس...

قصورُهم، حورُهم، ما نفعُها؟

ألماسُهم، كنزُ الزمان؟

سلاطينُهم، ملوكُهم،

زهوُهم محضُ دخان،

فذاك الإسكندرُ العظيم

ماتَ واليدُ في هوان،

فارغ اليد تركَ الحياة

وانتهى مثلَ الجميع...

أرضُ الجدودِ سندٌ لنا،

جبالُها حصن أمين،

تُرابُها جنّةُ الأماني،

ومسكُها عطرُ الياسمين،

ولو كنتَ في الغربةِ مَلِكًا،

فأنتَ بلا وطنٍ مهان،

فلا شرفَ إن لم يكن

ترابُه لكَ جنة نعيم ...

***********************************************

شوقي الموسوي: ذاكرة تشكيلية

علي إبراهـيم الدليمي

على قاعة أكد للفنون، أفتتح المعرض الشخصي الثامن للفنان د. شوقي الموسوي، تحت عنوان (ذاكرة)، ضم (50) عملاً فنياً، بقياسات مختلفة، رسمت جميعها بألوان مادة الأكريليك. واتسمت اللوحات بتقسيم مساحاتها إلى عدة قطع متساوية مربعة الشكل أو مستطيلة، بدأ عددها من أربعة إلى أكثر من (20) قطعة، وكل لوحة تشترك بأبعادها الفكرية الفلسفية واللونية. الموسوي، بحث وعمل على ثيمة موضوع (الذاكرة) ولا غيرها، المخزنة بصور الطفولة وما رافقها من العفويات: الأصدقاء، والبيوتات، والشوارع، والسيارات، والدراجات الهوائية، أرقام وحروف وكتابات باللغة الإنكليزية، قد تعتبر لدينا طلاسم عابرة، ولكنه يتخذها مساراً توثيقياً لترسيخ زمن أو مكان، أو كلاهما. قد تكون هذه الذكريات، ماسأوية، دموية، حزينة، سلبية، فقدان... أو تكون فيها بعض من بصيص أمل قادم، أو حب، تألف، حنين لمكان أولي، لزمان لا يعود.. وأحياناً حتى الحزن يكون أكثر ذاكرة إنسانية مخزنة في ضمائرنا وقلوبنا.. وعيوننا. يؤكد الموسوي: "لاحظت في أكثر من دراسة علمية حول الذاكرة وعلاقتها بالفنون بشكل عام وبالرسم على وجه الخصوص بأن الفن التشكيلي يسهم في تحسين الذاكرة ويساعدنا على التذكر لتعزيز الأداء في عمليات التصوّر والتخيل والكتابة والإبداع". لقد أحب الموسوي، جميع ما لامسته يداه في صباه، أو طبعت في حدقات عيناه صور الحياة الاجتماعية التي عاشها.. أو حتى ما شنفته أذنيه من أخبار الحرب العالمية الأولى مثلاً، بحيث رسم صورة للسيارة التي كان يستغلها هتلر وكبار قادة الحروب.. الموسوي، لا يريد أن يغادر هذا الكم أو الخزين من الذكريات، لانه واقع فرض علينا. وفي أحد معارضه السابقة، حاول أن تكون جميع شخصيات لوحاته (مقطوعة الرأس)، وهي ثيمة رمزية لكي يعيش الإنسان بلا ذكريات، لا سيما وأن جميع ذكرياتنا مؤلمة حد العظم.. ولكن بالنتيجة لم يفعل شيئاً إزاء هذا، لأن الإنسان كائن حي، لا يستطيع أن يعيش من دون (رأس – ذاكرة) مهما كانت الصعاب! الأستاذ النفساني د. قاسم حسين صالح، حلل سايكلوجية أفكار الموسوي في هذا المعرض، قائلاً: "فقد جسد (الذاكرة العراقية) برموز وأرقام وأشكال وشخوص بأعمار مختلفة، فأنت حين تشاهد لوحة باللون الأصفر مكتوب عليها (1900) و(4) بلونين مختلفين، وحين ترى شاباً وفتاة، أو امرأة وطفلاً، أو فتاة بنصفين، أو كلمة (DREAM)، فان خلية دماغك سترسل إلى ذاكرتك (إستدعاء) من هذا الرقم أو الفتاة أو الكلمة.. فيثير عندك إنفعال الفرح أو الحزن أو الأسف، وقد تذهب إلى (الكافتريا) لتحتسي قهوة مرة أو حلوة، تنفيذا لطلب ذاكرتك وأنت لا تدري!". الفنان شوقي الموسوي، مواليد 1970. دكتوراه فلسفة فن إسلامي. حالياً أستاذ في كلية الفنون الجميلة/ جامعة بابل. أقام (8) معارض شخصية، فضلاً عن مشاركاته في العديد من المعارض والمهرجانات داخل العراق وخارجه. كتب الكثير من المقالات النقدية.

**********************************************

وحدنا في البيت

رياض الغريب

في النهاية

سنبقى

انت وانا

وحدنا في البيت

وثالثنا بلبل رافق رحلتنا

الاخيرة

البلابل تعرف كيف

تغرد

لعجوزين

في اخر الليل

او بمعنى ادق

تغني لهما

وتهدهد احلامهم

كي ينام النسيان

موحشة هي الليالي

موحشة جدا

بلا صخب البيت القديم

بلا انفاسهم وهي تضحك قلوبنا

وتمنحها غدها

الآن

انت هناك

وانا هنا

والبلبل

يغرد وحشته

ليقول

يالها

من حياة

ممللة

وطويلة

انها

حياة سفري

في الليل يزور  الاب اطفاله

واحدا واحدا

ويطمئن على احلامهم

يربت على نزق يسكن احدهم

ليهدأ كي ينام

لاشيء يمنع الاب في اخر الليل

من فكرة واحدة

كيف ينجو بهم

من الغرق

من محنة تلك البلاد

ويزرع في ارواحهم غيمة مسافرة

تمطر طرقا وحدائق من الضحكات

بدلا عن كل هذا الاختناق

الاب يجلس الان وحيدا

تطارده صورهم

يا الهي

كيف يمسك ضحكاتهم

في البيت

ويقبلها

***********************************************

الصفحة الثانية عشر

في {بيتنا الثقافي} عن دور المثقف في صناعة البديل

بغداد – طريق الشعب

 

نظم منتدى "بيتنا الثقافي" في بغداد السبت الماضي، جلسة بعنوان "دور المثقف في صناعة البديل: قراءة في الراهن الثقافي"، ضيّف فيها د. علي إبراهيم والشاعرة والإعلامية ابتهال بليبل، بحضور جمع من المثقفين والمهتمين في الشأن الثقافي.

الجلسة التي احتضنتها قاعة المنتدى في ساحة الأندلس، أدارها الشاعر حسين المخزومي، واستبقها معرّفا بالسيرتين الذاتيتين للضيفين.

فيما ألقى الضوء على موضوع الجلسة، مشيرا إلى أهمية دور المثقف في صياغة رؤى بديلة وفاعلة من أجل مواجهة الأزمات التي يتعرض لها المجتمع.

وغطّى الضيفان في حديثهما، محاور عديدة، أبرزها دور المثقف في تفكيك الأزمات وصياغة البدائل، مفهوم "الصناعة الثقافية والفنية والسياسية" مقابل التنظير المجرّد، مواجهة الهيمنة الثقافية والاستهلاكية والفكرية، إعادة تعريف المفاهيم الجوهرية كالحرية، الهوية والتقدم، فضلا عن أهمية الحراك المجتمعي والفن الثوري كأدوات للتغيير.

كذلك قدّما قراءة معمّقة للراهن الثقافي العراقي. وعرّجا على موقع المثقف وسط التحولات، بين التحديات البنيوية والفرص المتاحة لإعادة بناء الوعي الجماعي، مؤكدين أن المثقف الحقيقي لا يكتفي بالمراقبة، بل ينخرط في مشروع التغيير ويبني جسور الأمل بين الوعي والفعل.

ومما ذكره د. علي إبراهيم في حديثه، ان "الابداع ضروري، لكنه لا يكفي لإيصال الثقافة ما لم يُعزز بالفعل الثقافي. وهذه المحصلة تقودنا إلى ان الثقافة من دون حريات ووعي اجتماعي واقتصادي، تبقى قاصرة في استنهاض ثقافة المجتمع وتطويرها".

فيما عرّفت الشاعرة ابتهال، المثقف بـ"الشخص الذي يمتلك وعيا نقديا في قضايا المجتمع، ويسعى إلى تفكيك الواقع وتحليله عبر أدوات فكرية أو فنية أو إبداعية". 

وكانت لعديد من الحاضرين مداخلات أغنت موضوعة الجلسة.

وفي الختام، وباسم منتدى "بيتنا الثقافي"، قدم الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتّاب العراقيين، الشاعر عمر السراي، شهادة تقدير إلى الشاعرة ابتهال بليبل. فيما قدم رئيس المنتدى د. علي مهدي، شهادة تقدير إلى د. علي إبراهيم، وقدمت رئيسة رابطة المرأة العراقية السيدة شميران مروكل، شهادة مماثلة إلى الشاعر حسين المخزومي.

*****************************************

فخري كريم {شخصية العام الإعلامية}

متابعة – طريق الشعب

اختارت قمة الإعلام العربي في دورتها الـ24، التي احتضنتها دبي، الكاتب والإعلامي المعروف فخري كريم، رئيس مجلس إدارة "مؤسسة المدى" للإعلام والثقافة والفنون ورئيس تحرير جريدة "المدى" البغدادية، شخصية العام الإعلامية، وذلك تقديرا لمسيرته الطويلة في الدفاع عن حرية التعبير ومساهماته في إثراء المشهد الإعلامي العربي، والتزامه العميق بقضايا الشعوب والعدالة الاجتماعية.

وسلم الجائزة إلى كريم، الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس اللجنة الأولمبية الوطنية.

وانطلقت قمة الإعلام يوم الاثنين الماضي، واختتمت أمس الاربعاء بمشاركة أكثر من 8 آلاف شخصية إعلامية عربية.

وتضمنت أجندة القمة أكثر من 175 جلسة رئيسة إلى جانب ما يزيد على 35 ورشة عمل متخصصة قدمتها مؤسسات إعلامية ومنصات رقمية عالمية، بمشاركة أكثر من 300 متحدث من المنطقة والعالم.

*****************************************

في الطريق الى المؤتمر الانتخابي العام لاتحاد الأدباء

فاضل ثامر

يتوجه في تمام التاسعة من صباح الجمعة 30 أيار الجاري مئات الأدباء والكتاب العراقيين، من جميع المحافظات، الى صناديق الاقتراع لانتخاب مجلس مركزي جديد، والمصادقة على التقارير الإدارية والثقافية والمالية التي أقرها المجلس المركزي في دورته الأخيرة. وكانت اللجنة التحضيرية قد أعلنت عن اكتمال تحضيراتها لعقد المؤتمر في أحد فنادق العاصمة بغداد. فالانتخابات مركزية وتجري بحضور أدباء جميع المحافظات الى قاعة الانتخاب، على وفق ما أقره قانون اتحاد الادباء ونظامه الداخلي، المرقم (70) والمؤرخ في 8/4/1980.

وكان اتحاد الادباء قد تأسس في 7 أيار عام 1959 بمباركة شخصية من الزعيم عبدالكريم قاسم، حيث أُنتخب شاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري رئيساً للاتحاد والدكتور صلاح خالص أميناً عاماً، كما ضم ممثلاً عن الادباء الكورد هو الشاعر الكبير عبدالله كوران، وبذا يكون عمر الاتحاد اليوم ستاً وستين عاماً.

واستطاع الاتحاد ان يرسي تقاليد ديمقراطية في عمله المهني، وأن يستقطب جميع ادباء العراق، ويؤسس اتحادات أدبية فرعية في جميع المحافظات. كما تشكلت داخل الاتحاد منتديات متخصصة للشعر والسرد والمرأة والاعلام، وأقيمت عبر السنين والعقود العشرات من المهرجانات الثقافية الكبرى، مثل مهرجان المربد في البصرة، ومهرجان ابي تمام في الموصل، ومهرجانات جواهريون والسياب ونازك الملائكة وحسب الشيخ جعفر. كما أجري خلال ذلك العديد من المسابقات الادبية للأدباء الشباب، نجحت في استقطاب أسماء أدبية شابة، ومن كلا الجنسين.

وتحول اتحاد الادباء الى منبر مهم للثقافة الوطنية العراقية، ومعلماً تنويرياً مهماً يحظى باحترام وتقدير جميع الأوساط الثقافية المحلية والعربية والعالمية. وبقي خلال ذلك عضواً دائماً في الاتحاد العام للادباء والكتاب العرب، وفي اتحاد كتاب آسيا وأفريقيا. كما نشط في مجال نشر النتاجات الأدبية والبحثية لأعضائه، حيث نشر اكثر من الف كتاب، وشارك في العشرات من معارض الكتب المحلية والعربية، ووجدت منشوراته صدىً طيباً لدى القراء، كما لقيت مجلته المركزية "الأديب العراقي" اهتماماً متميزاً من لدن الأدباء والقراء العراقيين والعرب، نظرا لثرائها وتواصلها مع أهم التجارب الإبداعية الجديدة.

وظلت ندوات الاتحاد الأسبوعية المركزية في قاعة الجواهري نقطة جذب للأدباء والمثقفين، لانها تعالج أهم القضايا الثقافية، وتستقطب ابرز الوجوه الثقافية المعروفة.

في هذه المناسبة لا يسعنا الا أن نحيي أدباء العراق، وهم يتهيأون لعقد مؤتمرهم الانتخابي العام، متمنين لهم ممارسة ديمقراطية حرة وديمقراطية، بحضور هيئات قانونية ورقابية تشرف على العملية الانتخابية، وتتأكد من التزامها بضوابط قانون الاتحاد ونظامه الداخلي، فضلاً عن الآليات المعتمدة في انتخابات الاتحادات والمنظمات الثقافية العراقية، والقوانين المرعية.

وأملنا كبير في ان يتوجه جميع أعضاء الاتحاد الى قاعة الانتخاب في الموعد المحدد، وأن يمارسوا حقهم الانتخابي ويشاركوا في هذا العرس الديمقراطي الكبير.

********************************************

يوميات

  • تُنظم "منصة مداد" للسرد في منظمة "بغداد مدينة الابداع الادبي – اليونسكو"، هذا اليوم الخميس، ندوة حوارية بعنوان "الحب يسارا.. رحلة في السرد والثقافة"، تضيّف فيها الأستاذ القاص حسب الله يحيى.

تبدأ الندوة التي سيديرها مدير المنصة د. سعدي عوض الزيدي، في الساعة العاشرة صباحا على قاعة المدينة (سيتي) في بيت الحكمة.

  • يعقد منتدى "بيتنا الثقافي" في بغداد بعد غد السبت، جلسة بعنوان "رحلة غنائية في حياة الفنانة الرائدة مائدة نزهت"، يُقدمها الباحث الموسيقي ستار الناصر ويغني فيها الفنان علي حافظ.

تبدأ الجلسة في الساعة 11 ضحى على قاعة المنتدى في ساحة الأندلس.

  • تضيّف "مؤسسة إيشان" لدراسات الثقافة الشعبية، بعد غد السبت، الشيخ محمد خليل السنجري، ليتحدث عن "الأدب الشعبي في دلائله ومصاديقه القيمة".

تكون البداية في الساعة 6 مساء، على قاعة المحاضرات في مقر المؤسسة الكائن في بغداد الجديدة – الشارع الرئيس – خلف مول جواهر - عمارة بابل (الطابق الرابع).

****************************************

أما بعد.. مائة سنة وسنة

منى سعيد

101 سنة .. عمر أمضاه المعماري الكبير الراحل محمد مكية، في سلسلة انجازات قيّمة لم تزل شواهدها في العراق والخارج تسرد حكايا إبداع وتفرد. ومن منا لم يمر يوما بجامع الخلفاء في بغداد مثلا، لكن هل عرف الجميع أن منارته تعود إلى العصر الالخاني وأن قبته صممها مكية مستلهما المفردات المعمارية والزخرفية من ذلك العهد، ليضعها بتصميم جديد موظفا الخط العربي ومستعينا بخطوط الفنان هاشم البغدادي. رغم أن المنارة أخذت تميل الآن قليلا بفعل قدمها، ما دعا احدى الشركات العالمية القائمة على أعمار جامع النوري الموصلي إلى السعي لإعادة أعمارها أيضا.

طيب الذكر مكية .. احيت الجمعية العراقية لدعم الثقافة وذ                    نقابة المهندسين العراقيين قبل يومين الذكرى العاشرة لوفاته، بتقديم محاضرة شيقة للدكتور معتز عناد غزوان، بيّنت أن ما خلّد أعماله هو التزامه التراث والمرجعيات الثقافية الرافدينية، منفتحاً على المدارس الفنية الحديثة ومحافظاً على الهوية المحلية في الوقت نفسه.

رافق المحاضرة عرض توثيقي صوري، عكس دوره في تأسيس جمعية التشكيليين العراقيين وجعلها جزءا من منظومة جمالية منفتحة، ضمت حتى الفنانين ذوي  الاختصاصات الأخرى كالأطباء مثلا ..

وأشار المحاضر الى علاقة مكية مع مصمم جامعة بغداد، المعماري غروبيوس وحرصه على مباشرة تنفيذها عام 1957. كذلك الى تصميمه (مكية) متحف الموصل الآثاري، الذي تعرض لتخريب شديد من قبل عصابات داعش، ولكن أمكن إعادة إعماره بعد تكليف فريق من متحف اللوفر الفرنسي بذلك، وسيعاد افتتاحه قريبا.

من أعمال مكية الفخمة خارج العراق جامع الدولة الكبير في الكويت، وجامع السلطان قابوس في عُمان، اللذين استخدم فيهما مفردات من الفن الإسلامي في المحراب خصوصا، ومن التراث الخليجي في الأبواب الخشبية، ومن التراث العباسي في تصميم الأقواس، وغيرها. كذلك تصميمه لبوابة مدينة عيسى في البحرين، الذي مزج فيه السمات التراثية بالحداثة.

ولعل من أبرز أعماله التي أثارت عليه سخط السلطة الحاكمة في العراق آنذاك، تصميمه جامعة الكوفة بشكل كلمة "علي" مكتوبة بالخط الكوفي ومحاطة بسور، حيث اضطر إثرها الى مغادرة العراق، وصودر منزله في شارع الأميرات ببغداد.

وعُني مكية بالنشاطات الأدبية والنشر المعرفي، وقد اسس جمعية الكوثر الأدبية عام 1966، ثم ديوان الكوفة الثقافي في لندن بعد مغادرته العراق.

زار مكية العراق آخر مرة عام 2005 بعد غيبة طويلة، فأذهله مدى الخراب الذي حل بتصميمها الأساسي واختفاء سماتها البغدادية، وخاب أمله في تحقيق حلمه القديم باستحداث ممشى عريض تحيطه الأشجار بخضرتها، ويمتد من جامع الخلفاء حتى ضفاف دجلة..

تُرى لو حلّ اليوم في بغداد، فماذا كان سيقول ؟!

**********************************************

قف.. المنقذ.. لينقذ نفسه

عبد المنعم الأعسم

تتكرر هذه الأيام نفس المعزوفة التي ياما كنا نسمعها عشية كل انتخابات نيابية حول "منقذ وحيد" للوضع المأزوم، المتردي، ولا غيره، بل ومن دونه فإن العراق سائر إلى خراب، وانعدام أمن وانهيار اقتصادي وتدخل خارجي وفتن وعربدات، وتذهب بعض التصريحات المراهِقة والكتابات المدّاحة والإعلانات التلفزيونية الفاقعة إلى تسمية شخص بعينه بوصفه المنقذ، فيما ينشر مخيال الملفقين ما يشبه الأساطير عن ذلك المنقذ، فهو يعرف فوق ما يعرفه الآخرون، ويعمل ما لا يستطيع أن يعمله غيره، ويخطط ما لم يكتشفه احد من المخططين والاستراتيجيين من الخطط، وانه سيجترح المعجزات، و"يمشي فوق الماء" ولا يغرق.

وحكاية المشي على الماء لها صفحة في أغاني ابو الفرج الاصفهاني، إذْ جاء أحد مريدي الصوفي سهل التستري المتوفى عام 886 ميلادية وقال له: إن الناس يقولون إن بمقدورك أن تمشي فوق الماء، فكان رد "سهل" بأن طلب منه الذهاب إلى مؤذن في المدينة معروف بصدقه كي يسأله عن الأمر، وحين ذهب المريد إلى المؤذن تلقى الجواب الشافي منه إذ قال له الأخير: أنا لا أعلم إنْ كان شيخنا سهل يمشي على الماء، أم لا، لكن ما أعلمه هو أن الشيخ الجليل حين قصد حوض الماء ذات يوم بغية الوضوء سقط فيه وكاد أن يموت غرقا لو لم أسارع إلى نجدته وإنقاذه.

*قالوا:

"لن تعبر المحيط اذا فقدت القدرة على رؤية الشاطئ".

كولومبس

******************************************

الناصرية تستذكر  النوّاب وموفق محمد

متابعة – طريق الشعب

استذكرت مدينة الناصرية تجربتي اثنين من أبرز رموز الشعر والثقافة العراقية، هما الراحلان الكبيران مظفر النواب وموفق محمد، وذلك في أمسية أقامها فريق "شارع الثقافة" في المدينة، وحضرها جمهور من المثقفين والأدباء والمواطنين الآخرين.

الأمسية التي أقيمت في الهواء الطلق، شهدت قراءات شعرية ونقدية، ومداخلات تناولت صوت المثقف المقاوم، الذي تجسد في قصائد الشاعرين الفقيدين.

في حديث صحفي، قال الأديب والباحث حيدر عبد الخضر، أن منظمي فعاليات "شارع الثقافة" دأبوا على الاحتفاء بالرموز الثقافية الوطنية الكبرى. لذلك كرسوا أمسيتهم الأخيرة للاحتفاء باسمين بارزين في الذاكرة الثقافية العراقية والعربية، هما مظفر النواب في ذكرى رحيله الثالثة، وموفق محمد الذي فارق الحياة هذا الشهر، مشيرا إلى ان الفقيدين شكلا علامتين مضيئتين في مسيرة الإبداع العراقي. 

وتابع قائلا أن "الراحلين مثلا صوت الشعب، وعبّرا عن أوجاعه ومواجهته الاستبداد والتهميش والدكتاتورية. ان ما نفعله اليوم هو بذرة وفاء، نؤكد فيها أن الثقافة تمثل هوية الأمة وصوتها الحي".

وأوضح أن الأمسية شهدت قراءات شعرية ونقدية ألقت الضوء على تجربتي هذين المبدعين، وكشفت عن أثرهما في الوعي الثقافي العراقي.

من جانبه، قال الكاتب والناقد صباح محسن، أنه "منذ أكثر من 10 سنوات، وشارع الثقافة في الناصرية يعزز حضوره النوعي من خلال أمسيات تليق بحجم الرموز التي يحتفي بها. أمسيتنا الأخيرة ليست فقط تأبيناً، بل انها موقف وفاء لشخصيتين طبعتا الشعر العراقي ببصمتيهما".

وتابع القول أن "النواب لم يكن شاعرا عاديا، إنما كان رمزا حمل قصيدته راية مقاومة منذ خمسينيات القرن الماضي حتى رحيله. كتب عن الوطن، عن الفقراء وعن القدس، بلغة لم ترتهن لأي سلطة أو زمن".