الصفحة الأولى
قلق حكومي من {تفاوت} الإجراءات بين المركز والإقليم المنافذ الحدودية.. تلاعب وتهريب والمواطن يدفع الفاتورة كاملة
بغداد ـ محمد التميمي
لا تزال المنافذ الحدودية تشكل ثغرة كبيرة في جسد الاقتصاد الوطني، تنفذ منها المليارات الى جيوب الفاسدين شهريا. ويجمع خبراء ومراقبون على أن ما يُستحصل اليوم من تلك المنافذ لا يمثل سوى جزءٍ يسير من الإيرادات الفعلية، في ظل استمرار التلاعب بالتعرفة الجمركية، وعدم توحيد الإجراءات، وإمساك قوى متنفذة بزمام السيطرة على بعض المنافذ، بعيدًا عن رقابة الدولة.
تفاوت الإجراءات تهديد كبير
رئيس هيئة المنافذ الحدودية اللواء عمر الوائلي، يؤكد أن التفاوت المستمر في الإجراءات بين المنافذ التابعة للحكومة الاتحادية وتلك العاملة ضمن إقليم كردستان، بات يُشكل تهديدًا مباشرًا لحركة التجارة والعدالة الجمركية، محذراً من تداعيات اقتصادية خطيرة.
وقال الوائلي في تصريح تابعته "طريق الشعب"، إن "المادة 110 من الدستور منحت السلطات الاتحادية صلاحيات حصرية في رسم السياسة الاقتصادية والتجارية، بما يشمل إدارة المنافذ والجمارك، ومن غير المقبول أن تتخذ منافذ الإقليم مسارات موازية دون رقابة اتحادية فاعلة، في الوقت الذي تُشدد فيه الإجراءات على المنافذ الأخرى".
وأضاف أن "هذا التفاوت يُفضي إلى خلق بيئة تجارية غير متوازنة، تُجبر الكثير من التجار على التوجه إلى الإقليم للاستفادة من التسهيلات هناك، ما يضعف الإيرادات الاتحادية ويُربك السوق المحلية".
وفي بيان أخير لهيأة المنافذ الحدودية، أعلنت عن استكمال ربط السيطرات التابعة لإقليم كردستان مع مقر الهيأة، "وذلك لمتابعة سير الإجراءات وضمان تحقيق العدالة في استيفاء الرسوم، استناداً إلى قرار مجلس الوزراء رقم 270 لسنة 2025".
ضياع أكثر من نصف الإيرادات
من جهته، حذّر الباحث في الشأن الاقتصادي عبد الرحمن الشيخلي من أن مشكلة المنافذ الحدودية في العراق، باتت تشكل أحد أبرز مصادر استنزاف الموارد المالية للدولة، مشيرًا إلى أن جذور هذه الأزمة تعود إلى ما بعد عام 2003، عندما بدأ التراخي في إدارة الحدود وتحصيل الرسوم الجمركية بشكل أصولي.
وقال الشيخلي لـ"طريق الشعب"، إنّ "الفساد المالي والإداري في المنافذ الرسمية يتسبب بهدر أكثر من نصف الإيرادات المستحقة للدولة"، موضحًا أن "المكلفين بدفع الرسوم كثيرًا ما يتمكنون من إدخال البضائع من دون الالتزام الكامل بالتسعيرات والتعرفة المعتمدة، بفعل التلاعب أو المحاباة أو الرشاوى".
وأضاف أنه "برغم إدخال نظام الأتمتة في بعض المنافذ مؤخرًا، إلا أن ضعف السيطرة العامة وغياب الرقابة الحقيقية يحول دون الاستفادة القصوى من هذه الأنظمة"، متوقعًا أن "تتضاعف الإيرادات الجمركية أكثر من ثلاث او 5 مرات على الاقل إذا ما جرى ضبط الفساد وتفعيل الأنظمة الإلكترونية بشكل شامل".
22 منفذا غير شرعي؟
وفي ما يتعلق بالمنافذ غير الرسمية، أوضح الشيخلي أن هناك سبعة منافذ رسمية معلنة في إقليم كردستان، لكن عدد المنافذ الفعلية قد يصل إلى 22 منفذاً غير شرعي، تُستخدم لإدخال البضائع من دون رقابة حكومية اتحادية، ما يضعف هيبة الدولة ويشجع التهريب والتلاعب بالرسوم”.
وقال إن "العديد من التجار يفضّلون المنافذ غير الشرعية، لأنها تستحصل منهم رسوماً أقل من المعتاد، وتُتيح لهم تمرير البضائع بسهولة أكبر، ما يُضعف المنافسة العادلة، ويضرب الإيرادات الاتحادية"، مؤشرا وجود "هيمنة من قبل قوى سياسية نافذة وأذرع مسلحة على بعض المنافذ، ما يجعل من الصعب تنفيذ إصلاح إداري شامل دون توافق سياسي واسع"، مضيفا أن "الواقع يفرض أن تكون هناك إرادة سياسية حقيقية من داخل الإطار التنسيقي والحكومة لضبط هذه المنافذ وإعادة سلطة الدولة عليها".
وفي تقييمه للإيرادات المحققة حتى الآن، أوضح الشيخلي أن "حجم الإيرادات الجمركية في عام 2025 بلغت حتى الآن نحو 274 مليار دينار فقط، وهو رقم متواضع جدًا مقارنة بالإمكانات الحقيقية"، لافتًا إلى أن "الإيرادات السنوية يمكن في ظل إدارة فاعلة أن ترتفع إلى 10 تريليونات واكثر، إذا ما تم القضاء على الفساد وضبط جميع المنافذ، لا سيما غير الرسمية منها".
واختتم الشيخلي حديثه بالإشارة إلى حجم التلاعب في التصنيفات الجمركية، قائلاً ان "بعض البضائع المحظورة أو التي تفرض عليها رسوم مرتفعة تصل الى 300 في المائة، مثل السجائر والخمور تُسجل تحت بنود غذائية مثل معجون الطماطم وغيرها لتقليل الرسوم، وهذا نموذج صريح على الفساد المستشري في النظام الجمركي الحالي".
ضرورة لا تحتمل التأجيل
إلى ذلك، أكد الخبير الجمركي مصطفى الفرج أن الزيادة الأخيرة في الإيرادات الجمركية تعود بشكل رئيس إلى تطبيق نظام الأتمتة (الاكسيودا)، الذي أسهم في رفع الإيرادات السنوية للجمارك إلى نحو 2.5 تريليون دينار خلال العام الماضي، مشيرًا إلى أن هذا النظام لا يزال في مرحلته الثانية، لكنه أثبت جدواه.
وشدّد الفرج في حديث مع "طريق الشعب"، على أن "نجاح النظام مرهون بتعميمه على جميع المنافذ الحدودية في العراق، لا سيما أن تطبيقه في الوقت الراهن يشمل كل المنافذ، بينما تمتنع المنافذ في المناطق الشمالية عن الالتزام به، الأمر الذي تسبب بتوجه التجار من الوسط والجنوب نحو تلك المنافذ، بسبب عدم اعتمادها نظام الأتمتة".
وأوضح أن هناك مشكلة أساسية أخرى "تتمثل في غياب التوحيد في التعرفة الجمركية، إذ تعتمد منافذ الإقليم تسعيرات مختلفة عن تلك المعتمدة في باقي محافظات العراق، ما يعزز التفاوت والتلاعب، ويضعف العدالة الجمركية ويضر بالإيرادات الرسمية".
وحذّر الفرج من ان استمرار وجود منافذ غير رسمية تسهم في عمليات التهريب، ينعكس سلباً على الاقتصاد الوطني والرقابة النوعية للبضائع، قائلًا ان "هذه المنافذ تمثل تهديداً مباشرًا لأي إمكانية إصلاح، ويجب إما ضمها للنظام الجمركي الموحد أو إغلاقها بالكامل".
وبيّن أن "استكمال مراحل نظام الأتمتة، والربط الإلكتروني مع البنك المركزي، وتفعيل التصريح الجمركي الموحد في جميع المنافذ، بالإضافة إلى القضاء على الفساد والبيروقراطية، يمكن أن يرفع الإيرادات الجمركية المتحققة إلى ما بين 2 إلى 10 تريليونات دينار سنوياً".
وخلص الى القول ان "العراق بلد استيرادي بامتياز، وموقعه استراتيجي، ولا يُعقل أن تستمر المنافذ الحدودية خارج سيطرة الدولة، أو أن تُهدر فرص تحصيل الموارد غير النفطية بهذا الشكل. الإصلاح الجمركي ضرورة وطنية لا تحتمل التأجيل".
خلل عميق في النظام الكمركي
من جانبه، كشف الخبير الاقتصادي منار العبيدي عن وجود فجوة مالية خطيرة في النظام الكمركي العراقي، أهدرت خلالها الدولة أكثر من 20 تريليون دينار خلال الفترة من عام 2019 إلى عام 2024، في ظل غياب الإصلاحات الفعلية وهيمنة جهات متنفذة على منافذ الاستيراد.
وبحسب تدوينة نشرها العبيدي، فإن "إجمالي التحويلات المالية الرسمية المخصصة للاستيراد، بحسب بيانات البنك المركزي العراقي، بلغت نحو 311 مليار دولار، أي ما يعادل 415 تريليون دينار عراقي، وهي أموال خرجت من البلاد لاستيراد السلع والخدمات"، إلا أن ما تم تحصيله من عوائد جمركية خلال هذه السنوات، وفق بيانات وزارة المالية، لم يتجاوز 8.5 تريليون دينار فقط، أي بنسبة لا تتعدى 2% من إجمالي المبالغ المحوّلة.
وعدّ العبيدي هذا الفرق المالي الكبير "مؤشراً على وجود خلل عميق في النظام الكمركي"، موضحاً أن "المبلغ الذي كان يُفترض أن يُحصَّل، استناداً إلى تعرفة كمركية متوسطة تبلغ 7%، لا يقل عن 29 تريليون دينار"، ما يعني وجود فاقد فعلي يتجاوز 21 تريليون دينار، وهو تقدير محافظ وقد يكون الرقم الحقيقي أكبر من ذلك بكثير.
وأشار العبيدي إلى عدة أسباب تقف وراء هذه الفجوة، من بينها تحويل مسارات الاستيراد إلى منافذ إقليم كردستان التي لا تعيد الإيرادات الجمركية إلى الحكومة الاتحادية، واستيرادات وهمية تتم عبر تحويلات مالية لا تقابلها سلع حقيقية. بالإضافة الى تزوير الفواتير وتقليل قيم الشحنات للتحايل على دفع الرسوم، والاستيراد غير الرسمي عبر منافذ خارج سيطرة الدولة الاتحادية.
ووصف العبيدي الواقع الحالي بأنه "فشل صريح للنظام الكمركي"، مؤكداً أن الوقت لم يعد مناسباً للحلول الجزئية أو الترقيعية. واقترح بدلاً من ذلك إلغاء الكمارك بصيغتها الحالية واستبدالها بـ"ضريبة مضافة مباشرة تُفرض على كل عملية تحويل مالي تُجرى لغرض الاستيراد"، كبديل أكثر شفافية وعدالة.
وبحسب طرحه، فإن النظام المقترح سيوفر تحصيلاً فعلياً للإيرادات دون تهرب وحرمان الجهات الفاسدة من استغلال المنافذ، فضلا عن تعزيز موارد الدولة وسد العجز في الموازنات العامة.
************************************************
راصد الطريق.. بطاقة الناخب .. هل هي للبيع؟
"بطاقة الناخب البايومترية محصنة بجميع الوسائل الإلكترونية، ولا يمكن التصويت من خلالها دون حضور الشخص ذاته" .. هكذا عقّبت مفوضية الانتخابات على أنباء بيع وشراء البطاقات الانتخابية، وأضافت أن "مثل هذه الأفعال تُعدّ جرائم انتخابية يُعاقب عليها القانون بالسجن أو الغرامة المالية".
لكن، ورغم هذا التصريح، تتوارد أنباء عن بلوغ سعر البطاقة 250 ألف دينار، وأوردت اخرى حتى أسعارا مضاعفة، فيما تتحدث مصادر عن أن أحزابا نافذة أوعزت لـ"موظفيها" بالنزول إلى الأحياء الفقيرة لشراء بطاقات الناخبين.
فإذا كانت البطاقة – حسب المفوضية – غير قابلة للاستخدام في غياب صاحبها، فما دافع هذه الأحزاب إلى شرائها؟ ولماذا تجمعها؟ أهو تكتيك لحث المواطنين على المقاطعة، أم آلية ضغط على الناخبين لاحقاً أو استغلالهم في تمرير عمليات تزوير منظمة؟
ثم، لماذا تغيب أجهزة الدولة الرقابية والأمنية عن هذا المشهد؟ ولماذا لا تُحاسَب الجهات المتورطة في هذه الجرائم؟ هل لأن وراءها متنفذين فوق القانون ومؤسسات الحكم؟ أم أن الصمت الرسمي هو الآخر شكل من أشكال التواطؤ مع فساد انتخابي لا يتعلق بالبطاقة وحدها، بل ويصل حد إرشاء وشراء مرشحين؟
***********************************************
الصفحة الثانية
مفوضية الانتخابات: 8.788 مركزا ستستقبل المقترعين
بغداد ـ طريق الشعب
أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، أمس الأربعاء، عن عدد مراكز ومحطات الاقتراع العام، فيما أشارت إلى آخر المستجدات المتعلقة بتوظيف موظفي الاقتراع المؤقتين.
وذكرت المفوضية في بيان، طالعته "طريق الشعب"، أن "رئيس الإدارة الانتخابية، القاضي عامر الحسيني، صادق على خطة الانتشار الأولي لمراكز ومحطات الاقتراع".
وأضاف البيان، أن "عدد مراكز الاقتراع العام بلغ 8,788 مركزاً، فيما بلغ عدد محطات الاقتراع العام 40,819 محطة".
وأشار إلى أن "المفوضية تحتاج إلى قرابة 250 ألف موظف اقتراع، فيما بلغ عدد المتقدمين حتى الآن، بحسب آخر موقف، 231,016 متقدماً"، منوهاً إلى أن "باب التقديم لا يزال مفتوحاً لغاية 9 من شهر تموز القادم".
*************************************************
التجاوزات تمثل وقوداً جاهزاً للحريق.. الحرائق في العراق.. حوادث تتكرر والردع والرقابة غائبان!
بغداد – تبارك عبد المجيد
برغم تكرار مشاهد الحرائق في العراق وتزايدها المقلق، لا تزال المعالجات دون المستوى المطلوب، وسط غياب إجراءات رادعة وحلول جذرية.
وتسجل سنويا آلاف الحوادث، التي تحصد الأرواح وتتسبب بخسائر فادحة في الممتلكات، بينما تظل الأسباب نفسها تتكرر: تماس كهربائي، مواد بناء سريعة الاشتعال، تخزين عشوائي، وإهمال واضح لإجراءات السلامة.
كان آخر حريق قد اندلع يوم الثلاثاء، عندما التهمت النيران العديد من المواقع في جبال دلوجه الواقعة ضمن قضاء قرداغ بمحافظة السليمانية، وذلك بعد أيام من اندلاع حريق داخل مدينة ألعاب في قضاء المقدادية شمال شرقي محافظة ديالى. وقبل عطلة العيد، تم إخماد حريق اندلع في مخزن للسيراميك بمنطقة العامرية في بغداد. ووفقاً لبيان مديرية الدفاع المدني، فإن الحريق "اندلع داخل أربعة مخازن وأربعة محال تجارية مشيّدة من ألواح السندويج بنل وألواح الجينكو، المخالفة لتعليمات السلامة ومتطلبات الدفاع المدني".
ما يجري لم يعد مجرد حوادث فردية معزولة، بل بات انعكاساً مباشراً لأزمة أعمق، تتصل بغياب ثقافة الوقاية، وضعف التشريعات، وتهالك البنى التحتية في المؤسسات العامة والخاصة على حد سواء.
ويحذر مختصون من أن استمرار تجاهل هذه المنظومة يؤدي إلى مزيد من الكوارث، ما لم يُعَد النظر بجدية في أساليب التخطيط والرقابة وتطبيق القوانين.
التجاوزات والاهمال
وتتصاعد ألسنة لهب في زوايا مهملة من مؤسسات يُفترض أنها تحمي الأرواح. لكن الواقع، كما يصفه حيدر نوري من الهلال الأحمر، مختلف تماما: واقع يسكنه الإهمال والتجاوزات التي تحولت إلى وقود جاهز لأي كارثة قادمة".
يقول نوري لـ"طريق الشعب"، إن "الحرائق داخل مؤسساتنا الحكومية، خصوصا الصحية، لم تعد حوادث معزولة. إنها تراكمات مستمرة من سوء التخزين، ورداءة البناء، وانعدام الرقابة".
ويشير نوري إلى أن "أغراضا تالفة ومستعملة تُخزن بشكل عشوائي، في أماكن لا تصلح لهذا الغرض، دون أن تُزال أو تُفرز بشكل آمن. هذه المواد بعضها قابل للاشتعال تبقى مهملة وسط أنظمة لا تتحرك إلا بعد الكارثة".
ويضيف نوري بأسى: "الكرفانات المبنية من مواد غير مقاومة للنار مثل (الساندويتش بانل) ما زالت موجودة، رغم التحذيرات. هذه المواد قد تتحول إلى محرقة في لحظة واحدة فقط"، لافتا الى أن إجراءات السلامة شكلية فقط، غالبا ما تكون مجرد "حبر على ورق". النفايات الطبية الخطرة لا تُعالج أو تُتلف كما يجب. بعض المستشفيات تتبع معايير بسيطة، لكن أخرى تفتقر لأبسط أسس الحماية.
ويرى أن دور الدفاع المدني يجب أن يكون أكثر من مجرد رد فعل: "من المفترض أن يكون داخل المؤسسات الحكومية والخاص قسم دفاع مدني يراقب الأبنية، التخزين، ويشرف على مطابقة البناء لمواصفات السلامة. مثل ما موجود بباقي الوزارات. لكن للأسف، لا أحد يتابع فعليا، والإهمال واضح".
الأخطر من كل ذلك كما يقول هو أن "مخارج الطوارئ مجرد ديكور"، ويضيف: "نادراً ما أجد سلم طوارئ فعال. حتى لو كان موجودا، اما مغلق بقفل، او يحول لمخزن، او ضائع مفتاحه وهذه ليست سلالم نجاة، هذه مصائد موت".
ضعف قانوني يمنع الردع
فيما يقول مشرق عبد الخالق، مدير عام المركز الوطني للصحة والسلامة المهنية في وزارة العمل، إن المركز يعمل على تنفيذ واحدة من أبرز مهامه، وهي تقييم بيئة العمل في مختلف مؤسسات الدولة، لا سيما في القطاع العام، عبر زيارات ميدانية تفتيشية دورية.
ويوضح عبد الخالق لـ "طريق الشعب"، أن فرق التفتيش التابعة للمركز تقوم برصد وتوثيق كافة المخالفات والملاحظات في مواقع العمل، وتشمل هذه المخالفات: التلوث، المخاطر التي قد تؤدي إلى إصابات، أو الحوادث الناتجة عن الإهمال، مثل عدم الالتزام باستخدام السلالم الآمنة أو تدابير الوقاية الأخرى. وتُرفع التقارير التفتيشية بعد الزيارات إلى الدوائر المعنية، بهدف معالجة المخالفات وتصحيح الوضع القائم.
ويواصل عبد الخالق القول أن "المركز، وبعد مضي 6 أشهر على إصدار التقرير، يعاود إرسال فريق تفتيشي آخر لمتابعة مدى التزام الدائرة بإزالة المخالفات المسجلة". لكن برغم الجهود، فأن المركز يفتقر إلى سلطة قانونية مباشرة تُلزم الدوائر المعنية بتنفيذ التوصيات، وذلك في ظل غياب قانون خاص بالصحة والسلامة المهنية في العراق. إلا أن المركز، بحسب عبد الخالق، يحمل نفسه مسؤولية إبلاغ الجهات المختصة وتوثيق المخالفات، مؤكدًا أن "المسؤولية القانونية تقع بعد ذلك على عاتق الدائرة المعنية في حال وقوع أي ضرر أو إصابة في مواقع العمل".
أبنية خارج المتابعة والرقابة الحكومية!
بدوره، قال مختص في شؤون السلامة العامة أسعد عبد سلام، إن العراق يشهد سنويا ارتفاعا مقلقا في معدلات الحرائق، والسبب الأبرز لذلك هو عدم التزام المواطنين وأصحاب المحال التجارية والمخازن والمجمعات بإجراءات السلامة الأساسية، مشيرا إلى أن ما يحدث "ليس مجرد إهمال فردي، بل نتيجة تراكمات في التخطيط والرقابة والوعي".
وأضاف عبد سلام لـ "طريق الشعب"، أن "من أبرز مظاهر هذا الخلل هو غياب وسائل الإطفاء البسيطة مثل طفايات الحريق في معظم المحال والمخازن، فضلا عن انعدام أنظمة الإنذار المبكر في الأبنية التجارية والصناعية، مما يجعل الحريق يبدأ ويتفاقم دون أن يلاحظه أحد أو يتم التعامل معه في الوقت المناسب".
وأوضح أن المشكلة أعمق من مجرد غياب الأدوات، إذ تعود في جذورها إلى ضعف ثقافة الوقاية المجتمعية، وانعدام الشعور بالمسؤولية تجاه السلامة العامة. وقال: "الناس لا يدركون أن تجاهل وسيلة إنذار أو عدم وضع مطفأة قد يكلّف حياة إنسان. هناك قناعة سائدة بأن الحريق قدر، وليس شيئا يمكن منعه أو الاستعداد له".
وأشار الباحث إلى أن استخدام مواد بناء شديدة الاشتعال مثل ألواح الساندويج بنل، والتي تستخدم بكثرة رغم خطورتها، يفاقم من الكوارث، مؤكدا أن هذه المواد "تعمل كوقود سريع الاشتعال بمجرد اندلاع الشرارة الأولى".
كما ألقى عبد سلام باللوم على الجهات الرسمية، قائلاً إن هناك فجوة واضحة في المتابعة والرقابة، فالكثير من الأبنية التجارية لا تمتلك مخططات هندسية ولا تسجل لدى الجهات الحكومية، ما يجعل من الصعب مراقبتها أو مساءلتها. وأضاف: "لدينا آلاف المحال والمخازن التي نشأت بشكل عشوائي دون إشراف هندسي أو دفاع مدني، ومع غياب قاعدة بيانات واضحة، تصبح المتابعة شبه مستحيلة".
ويرى عبد سلام أن أحد الأسباب الجوهرية لضعف الالتزام هو غياب الردع القانوني، فحتى في حال وجود مخالفات، نادرا ما تطبق العقوبات أو تُغلق الأبنية المخالفة.
وقال: "إنْ لم يكن هناك ثمن لعدم الالتزام، فلن يلتزم أحد. الناس تتصرف بحسب الواقع، والواقع اليوم يقول إن السلامة اختيارية، وليست واجب".
كما انتقد البنية التحتية للإنذار المبكر، موضحا أن أنظمة الإنذار المتقدمة التي ترتبط مباشرة بمراكز الدفاع المدني نادرة الاستخدام في العراق، وغالبا ما تعتمد الأبنية على مجسات بسيطة غير فعالة أو لا تمتلك أي أنظمة إنذار على الإطلاق.
وتابع ان "الحرائق ليست أقدارا إلهية، بل نتائج حتمية لسلسلة من الإهمال وسوء الفهم وغياب التخطيط. إن لم نبدأ بإصلاح جذري في ثقافة السلامة، وتفعيل القوانين، وتوفير البنى التحتية، فإن أعداد الضحايا ستستمر في الارتفاع، عاما بعد عام"، وأضاف ان "خلال عام 2024 سجل العراق أكثر من 8500 حادث حريق".
أسباب الحرائق متعددة
من جانبه، بين مدير إعلام الدفاع المدني، نؤاس صباح، أن ارتفاع درجات الحرارة في البلاد تسبب بزيادة ملحوظة في حوادث الحرائق، مشيراً إلى أن فرق الدفاع المدني تمكنت خلال الساعات الماضية من السيطرة على عدد من الحوادث دون تسجيل أي إصابات بشرية، مع تقليل الأضرار المادية إلى أدنى حد ممكن.
وأوضح صباح في حديث أن "أسباب الحرائق تتنوع ما بين تيبس الحشائش والأعشاب في المناطق المفتوحة، واحتراق النفايات في المقالع، بالإضافة إلى تزايد الضغط على منظومة الطاقة الكهربائية في المناطق السكنية"، لافتاً إلى أن "تذبذب التيار الكهربائي وتداخل الأحمال بين المولدات والشبكة الوطنية يشكل عاملاً رئيسياً في اندلاع الحرائق".
وأشار إلى أن "الدفاع المدني يعمل وفق قانون رقم 44 لسنة 2013، الذي ينص على إجراء كشف نصف سنوي في مختلف القطاعات العامة والخاصة لمتابعة تطبيق إجراءات السلامة". وأضاف أن "الجهات غير الملتزمة تُحال إلى جلسة فصل إدارية تشبه المحكمة المصغرة، ويجري خلالها فرض غرامات مالية تتراوح بين 250 ألفاً إلى مليون دينار".
وكشف صباح عن مساعٍ جارية لتعديل القانون، قائلاً: "نعمل حالياً على تعديل التشريعات بحيث تشمل العقوبة المشروع المخالف نفسه وليس فقط صاحب المشروع، وقد تصل العقوبة إلى إغلاق المشروع بالكامل حتى يتم استيفاء شروط السلامة".
****************************************
كل خميس.. اليأس كصناعة.. تَبْرَعُ بها الطغمة
جاسم الحلفي
تُدير طغمة الحكم الشعور الجمعي بوعي مقصود، مستعملة أدوات نفسية وإعلامية وسياسية تهدف إلى تكريس هيمنتها واستدامة سيطرتها. وواحدة من أخطر هذه الأدوات هي صناعة اليأس، وتحويله إلى حالة جماعية تُشلّ بها إرادة الناس وتُخمد مطالباتهم بالتغيير. هذا اليأس هو ثمرة مباشرة لمنظومة متكاملة، تُنتج العجز وتُجهض الأمل وتدفع الناس إلى القبول بالأمر الواقع، وكأنه قدر لا يُرد.
ان سلطة المتنفذين في العراق غير مبنية على خدمة الناس أو تحسين معيشتهم، بل على تعطيل مقصود لمؤسسات الدولة، وإبقائها في حالة شكلية خاوية من أي فعالية. وتُهمَل عن عمد البنية التحتية وتنويع الاقتصاد والخدمات بشكل عام، وبالأخص الكهرباء، وتُترك لتنهار لا بسبب العجز، بل وفق خطة لإضعاف ثقة الناس بكل ما هو عام، ودفعهم نحو خلاص فردي في مواجهة حياة تُدار على إيقاع الفوضى.
في موازاة هذا التدمير الممنهج، تتسع الفجوة الطبقية بشكل فاضح. تُمنح النخب المرتبطة بالسلطة امتيازات ضخمة، تجعلها تعيش في عالم مختلف كلياً عن غالبية الشعب. وبينما يُترك الفقراء لمواجهة الجوع والحرمان، تنعم هذه القلة بموارد الدولة وتتحصن بالمحاصصة والفساد. ومع تفكك الطبقة الوسطى، يُغلق الطريق أمام أي توازن اجتماعي أو ضغط شعبي فعّال.
أما إعلام المتنفذين، فقد تم تسخيره بالكامل لخدمة هذه المنظومة. وهو لا يعكس الواقع، بل يُعيد إنتاجه وفق ما يناسب الطغمة. وتُختزل القضايا الكبرى في شعارات جوفاء، وتُحوّل المطالبات الإصلاحية إلى تهم أو نكات، ويُسوّق الاستقرار الزائف على أنه بديل عن التغيير الحقيقي. والإعلام هنا لا يُعبّر عن الشعب، بل يشارك في إعادة برمجته على القبول باللاحل، وعلى الخوف من البديل. وحتى الفضاء الرقمي، الذي كان ملاذاً، لم يسلم من الرقابة والتضييق. فهو يخترق ويُراقب ويُقيد، حتى تحوّلت حرية التعبير إلى خطر محتمل.
أما الفساد، فلم يعد انحرافاً عن النظام، بل صار هو النظام نفسه. لا رقابة حقيقية، ولا مساءلة، ولا عدالة. الفاسد يُكافأ إن كان موالياً، وتُغلق الأبواب في وجه الكفاءة والنزاهة. وتغلغلت المحسوبية في كل مفصل، وتحوّلت شبكات المصالح إلى بنية بديلة للدولة. وكل من يرفض هذه القواعد، يُقصى أو يُقمع أو يُشوَّه.
وهنا نستحضر تحذير الفيلسوفة السياسية "حنة أرندت"، التي رأت أن التوتاليتارية لا تقوم على العنف وحده، بل كذلك على العزلة. فالفرد المعزول لا يفقد القدرة على الفعل فقط، بل يُمنع من التفكير والحكم أيضاً. وهذا بالضبط ما تفعله الطغمة الحاكمة: تُغلق الفضاءات العامة، وتُفرغ المفردات من معناها، وتُحاصر الوعي العام بالعجز والتفاهة.
لكن رغم كل هذا، تثبت التجربة التاريخية أن الشعوب، مهما طال صبرها، لا تُعاد برمجتها إلى الأبد. فالألم لا يقتل دائماً، بل يُوقظ أحياناً. واليأس الذي يُنتَج بشكل منهجي، قد ينقلب في لحظة إلى غضب لا يمكن احتواؤه. والنظام الذي يبني بقاءه على سحق الإرادة، سيفشل حين تنهض تلك الإرادة من حيث لا يُتوقع.
********************************************
الصفحة الثالثة
السليمانية تدشن إضرابا مفتوحا بسبب الرواتب تصاعد الغضب الشعبي احتجاجًا على التردي الخدمي
بغداد ـ طريق الشعب
شهدت محافظات عدة موجة احتجاجات شعبية متصاعدة، عكست عمق الأزمات الخدمية والمعيشية التي يعاني منها المواطنون منذ سنوات، وسط اتهامات واضحة للسلطات بالتقصير والتهميش المتعمد.
الهارثة وسلسلة مطالب مشروعة
وفي شمال محافظة البصرة، عاد الحراك الشعبي مجددًا إلى قضاء الهارثة، حيث خرج المواطنون احتجاجًا على الواقع الخدمي المتردي الذي يرزح تحته القضاء منذ سنوات طويلة.
ووصف الأستاذ الجامعي محمد الياسري الوضع في الهارثة بأنه "تاريخ طويل من التهميش المزمن ونقص حاد في الخدمات الأساسية"، مشيرًا إلى تلوث مياه الشرب، تهالك الشوارع، وتراجع التعليم بسبب قلة المدارس وضعف مستواها.
وأكد الياسري، أن المرافق الحيوية تُركت دون رعاية حكومية، وأن المؤسسات الصحية تعاني نقصًا في الإمكانات، بينما تُركز الموارد المالية في مركز المحافظة على حساب الأقضية الأخرى.
فيما عدّ الناشط عمار عبد الحي، أحد منظمي الحراك، مبررات الحكومة المحلية بأنها "غير مقبولة"، في إشارة إلى تبريرها عدم تنفيذ مشاريع خدمية في الهارثة بدعوى كون أراضيها زراعية أو تابعة للنفط.
وطالب عبد الحي بإصدار وثائق رسمية تعكس التزامات حقيقية، متحدثًا عن "تمييز واضح" لصالح أقضية قريبة من مركز المحافظة مثل أبي الخصيب.
وشملت مطالب المحتجين في الهارثة: الإسراع بافتتاح مستشفى القضاء العام، تأهيل المراكز الصحية، تفعيل خطوط الإسعاف الأولية، استكمال الترتيبات الإدارية، وتفعيل مكتب التشغيل لتوفير فرص عمل. كما دعوا إلى تبليط وتوسعة شارع بغداد لفك العزلة عن القضاء وتحسين المعيشة.
خريجو التخصصات الهندسية والنفطية
في السياق ذاته، تظاهر العشرات من خريجي الأقسام الهندسية والنفطية والجيولوجيين أمام شركة نفط البصرة في موقع "المكينة"، للمطالبة بالتوظيف ضمن العقود الوزارية لشركات النفط. وأكد المتظاهرون استمرار حراكهم لليوم الثالث على التوالي، مشددين على أن مطالبهم قانونية ومشروعة، وأنهم قادرون على تطوير القطاع النفطي العراقي، فيما أكدوا عزمهم الاستمرار في الاحتجاج حتى تحقيق المطالب.
المثنى: الخدمات غائبة
وفي محافظة المثنى، تظاهر العشرات من سكان المناطق الواقعة بين مدينة السماوة وقضاء الخضر أمام مبنى مجلس المحافظة، احتجاجًا على تدهور الخدمات الأساسية، وخصوصًا الكهرباء، ومياه الإسالة، والطرق المهملة منذ سنوات.
وقال مشاركون، إن تدهور الخدمات أضرّ بحياتهم اليومية، لا سيما في ظل الارتفاع الحاد بدرجات الحرارة ونقص مياه الشرب، مهددين بتصعيد الحراك الشعبي في حال استمرار التجاهل الرسمي.
كما شهد الطريق العام جنوب المحافظة تظاهرات مماثلة لسكان القرى المجاورة، عبروا فيها عن استيائهم من تجاهل مطالبهم السابقة، مؤكدين استعدادهم للاستمرار في التصعيد.
وفي منطقة آل عزام جنوب المثنى، نظّم مواطنون وقفة احتجاجية قرب محطة ضخ النفط PS2، مطالبين بشمول منطقتهم بمشاريع المنافع الاجتماعية للنشاط النفطي، وتوفير فرص عمل لأبنائهم وتنفيذ مشاريع خدمية، محذرين من استمرار التهميش.
احتجاجات سائقي الشاحنات
أما في شمال البلاد، فقد أقدم مئات من سائقي الشاحنات على غلق طريق دهوك – الموصل عند سيطرة سد الموصل، احتجاجًا على إيقاف إجراءات الترسيم الجمركي لعجلاتهم، ما تسبب في شلل جزئي بحركة المرور.
المحتجون استخدموا شاحناتهم والحجارة لإغلاق الطريق، احتجاجًا على توقف العمل بترسيم العجلات من قبل إدارة النقطة الكمركية، بانتظار تعليمات جديدة حول التعريفة، الأمر الذي أدى إلى منع مرور المركبات والمسافرين، وتطلب تدخل القوات الأمنية لفتح الطريق.
السليمانية: إضراب بسبب الرواتب
وفي إقليم كردستان، دخل عدد من موظفي المؤسسات الحكومية في السليمانية بإضراب مفتوح احتجاجًا على تأخر صرف الرواتب، في خطوة تصعيدية تسلط الضوء على الأزمة المالية الحادة في الإقليم.
وشمل الإضراب موظفين في مديريات المياه والبلدية وجامعة السليمانية، مؤكدين أنهم يعانون من ضائقة معيشية خانقة، ومتهمين الحكومة بعدم الوفاء بوعودها. وهددوا باستمرار الإضرابات في حال عدم معالجة الأزمة.
كما نظم عدد من الأطباء غير المعينين تظاهرة أمام مديرية الصحة العامة في السليمانية، مطالبين بتعيينهم ورفض الإجراءات العقابية ضد زملائهم الذين امتنعوا عن الدوام.
وأكد الطبيب سيفر قادر، أن نحو 788 طبيبًا خريجًا لم يتم تعيينهم رغم حاجة المؤسسات الصحية إليهم، مطالبًا بإنهاء حالة اللامبالاة والتمييع في الملف الصحي.
وفي أربيل وسوران، أعلن الأطباء المقيمون مقاطعتهم للدوام احتجاجًا على تغيير نظام التصنيف الطبي وعدم تعيين الأطباء الجدد. ووجهوا بيانًا إلى مجلس الوزراء، حمّلوا فيه وزارة الصحة مسؤولية تدهور الأوضاع الصحية، محذرين من تداعيات الإهمال المستمر لمطالبهم القانونية.
المشهد العراقي الراهن يكشف تصاعد الاحتجاجات في أكثر من محافظة، يجمعها قاسم مشترك هو التدهور الخدمي، والتمييز بين المناطق، وتأخر الحقوق المالية، وسط صمت رسمي وغياب حلول جذرية. ويبدو أن الرسالة الشعبية باتت واضحة: الكيل قد طفح، والمطالب لم تعد قابلة للتأجيل.
**********************************************
العراق في الصحافة المحلية
ترجمة وإعداد: طريق الشعب
دبلوماسية الطاقة في العراق
نشرت صحيفة International Policy Digest مقالاً لنيوكلاس أوكس حول عودة العراق الهادئة إلى المشهد الدولي للطاقة، أشار فيه إلى أنه ومع دخول سوق النفط العالمي مرحلة جديدة من عدم اليقين الهيكلي، بفعل التغيرات في التحالفات الجيوسياسية، وتطور اتجاهات الطلب، وتسارع الحاجة الملحة للتحول إلى الطاقة الخضراء، يُعيد هذا البلد الذي يعّد ثاني أكبر منتج للنفط في أوبك، ضبط دبلوماسيته في مجال الطاقة بهدوء، حيث تشير الاتفاقيات الأخيرة مع الصين والهند وفرنسا إلى جهد استراتيجي لتنويع الشراكات التجارية، وحماية مستقبل بغداد الاقتصادي بين القوى الشرقية والغربية.
تقدم ولكن!
واستدرك الكاتب بالقول، ومع ذلك، تكمن وراء هذه الاتفاقيات معضلة أعمق، تتعلق بكيفية تحويل دبلوماسية النفط إلى نفوذ اقتصادي مستدام في بلد لا يزال يُعاني من هشاشة مؤسساتية وتقلبات سياسية مُستمرة. واضاف بأنه لطالما شكّل النفط الأساس الاقتصادي للعراق، إذ مثّل في عام 2024، حوالي 88 في المائة من إيرادات الحكومة وحوالي 92 في المائة من الصادرات الوطنية، وهو ما جعله عرضة بشدة للصدمات الاقتصادية العالمية، بدءًا من انهيار الأسعار عام 2014 ووصولًا إلى انهيار الطلب خلال ذروة الجائحة.
ورغم أن البلاد ركزت استراتيجيتها في مجال الطاقة على الصادرات إلى الأسواق الغربية، فإن استمرار عدم الاستقرار السياسي دفع العديد من الشركات الغربية إلى التردد بشأن الاستثمار طويل الأجل، مما دفع ببغداد لأن تتجه بشكل أكثر حسمًا نحو آسيا، وبدرجة أقل نحو أوروبا، سعيًا لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والأهمية الجيوسياسية.
الأقرب هي الصين
وذكر المقال بأن الصين برزت بسرعة كأهم شريك للعراق في مجال الطاقة، حيث تستورد 1.19 مليون برميل يوميًا - أي ما يقرب من ثلث صادرات البلاد النفطية، وهي شراكة ترتكز على عقد بإنشاء أول مشروع طاقة متكامل تمامًا، وعلى اتفاقية الإطار العراقية الصينية لعام 2021، وهي مبادرة واسعة النطاق للنفط مقابل البنية التحتية تسمح للشركات الصينية بتمويل مشاريع التنمية الكبرى مقابل ضمان إمدادات النفط.
ثم الهند
وبيّن المقال بأن الهند، ثالث أكبر مستهلك للنفط في العالم، زادت مشترياتها من النفط الخام العراقي بشكل مطرد، حتى بلغت 29 مليار دولار في العام الماضي. وقد أتاحت هذه الشراكة المتنامية – حسب الكاتب - فرصة لحوارات جديدة بين البلدين حول أمن الطاقة، مستندة إلى عاملين رئيسيين: بروز الهند كجهة محايدة في الشرق الأوسط، والدور المحوري المتزايد للعراق في هيكل أمن الطاقة في آسيا.
ولفرنسا دور أيضاً
وأكد الكاتب على أن لإحياء دبلوماسية النفط العراقية مع فرنسا بُعدًا أوروبيًا رئيسيًا، ففي عام 2023، وقّع العراق اتفاقية طاقة بقيمة 27 مليار دولار مع شركة توتال إنرجيز، بهدف زيادة إنتاج النفط، وتطوير البنية التحتية للطاقة الشمسية، في اعتراف مبكر بقرب انتهاء دور وهيمنة الوقود الأحفوري. واعتبر الكاتب الشراكة الفرنسية مؤشراً على رغبة العراق في إبقاء أبوابه الدبلوماسية مفتوحة مع الغرب، حتى مع توسعه شرقًا، وبقاء سياساته في مجال الطاقة خاضعًا لتأثير جهات إقليمية نافذة، وعلى رأسها إيران وتركيا، عبر استغلال الأولى لإمدادات الكهرباء لممارسة نفوذها السياسي، وسعي الثانية لاستغلال كونها ممرًا إقليميًا للطاقة لفرض قيودها على البنية التحتية العراقية.
دبلوماسية السير بين الألغام
وبدت دبلوماسية الطاقة العراقية، للكاتب، متوسعة ومقيدة في آن. فمن ناحية، تعمل بغداد بنشاط على توسيع قاعدتها الاقتصادية وتنويع شركائها الدوليين. ومن ناحية أخرى، لا تزال قدرتها على تنفيذ رؤية سياسية طويلة الأجل محدودة، في ظل الانقسامات الداخلية والتبعيات الخارجية، وهو ما انعكس بوضوح في توقف تنفيذ الخطة الخمسية الحالية للحكومة والتي تستهدف تحقيق تنويع اقتصادي أكبر. وتوصل المقال إلى أنه بدون إصلاح هيكلي أعمق، تُخاطر دبلوماسية النفط بأن تصبح حلاً مؤقتًا لإخفاقات أعمق.
وعلى الرغم من ذلك، امتدح الكاتب استراتيجية العراق المتطورة وقدرتها على التفاعل مع تباطؤ الطلب العالمي على النفط وتحول الجغرافيا السياسية للطاقة نحو نظام متعدد الأقطاب، والتوقعات بأن يلعب منتجو النفط دورًا كبيرًا في تشكيل ديناميكيات الطاقة المستقبلية.
وفي النهاية، أشار المقال إلى أن دبلوماسية الطاقة العراقية، في بلاد غنيةٍ بالموارد وهشةً سياسياً، يمكن أن تُحوّل الضرورة الاقتصادية إلى ميزةٍ جيوسياسية، إذا نجحت ليس في تنويع المشترين فحسب، بل في إعادةَ تقييم سياسة البلاد الخارجية أيضاً، بحيث تكون فاعلا متزايد التأثير في مستقبل سياسات الطاقة العالمية.
********************************************
عين على الاحداث
ما يفتهمون بالحساب لو ..!
أشارت تقارير عديدة على أن حجم إنفاق بعض المرشحين المتنفذين على حملته الانتخابية قد تجاوز 3 مليار دينار، وذلك لشراء بطاقات الناخبين وتوزيع "هدايا" عليهم وإكساء بعض الأزقة وتغطية نفقات الجيوش الإلكترونية وتجنيد الأزلام. هذا ويتساءل الناس عما إذا كان قبول هؤلاء المرشحين بهذه الخسائر المالية، التي تبلغ ثمانية أضعاف ما سيتقاضاه المرشح بعد فوزه، يأتي بسبب تدني قدرات هؤلاء المرشحين بالحساب، لأن استعادة هذه النفقات تحتاج لرواتب 16 سنة على أساس الراتب السنوي للنائب العراقي والبالغ 96 مليون دينار، خاصة وهم يقولون دوماً بأن كرسي البرلمان لا يبيض ذهباً.
لصوص الدعم
اشتكى الفلاحون مؤخراً من إغراق السوق بالحنطة المهّربة رديئة الجودة، والتي ملأت مخازن وزارة التجارة، بحيث لم يعّد هناك مكان لتخزين القمح ذي الجودة العالية والمنتج محلياً، مما أدى إلى حرمانهم من الدعم الحكومي لجهودهم. هذا وتجدر الإشارة إلى أن الفساد وعمليات التهريب والتحايل بطرق غير قانونية للاستحواذ على الدعم المخصص للمنتجين الحقيقيين، متواصلة منذ سنين، بعد أن فشل "أولو الأمر" في الجمع بين دعم الفلاح، وهو يساهم في خلق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي، وبين منع الفاسدين من السيطرة على معظم هذا الدعم، وهو فشل أدى لتقليص عدد المنتجين وتدهور الإنتاج الزراعي.
تيتي تيتي
وضعت منظمة الشفافية الدولية العراق في المرتبة 140 من أصل 180 دولة على مؤشر الفساد لعام 2024، رغم خطط الحكومة "الحاسمة" وبرامجها "المتكاملة" لمكافحة الفساد. وحسب ديوان الرقابة المالية، فقد تطورت أساليب الفاسدين في نهب المال العام، لتشمل غياب دراسات الجدوى عن 35 في المائة من المشاريع الاستثمارية، وإضافة ملحق تعاقدي لأكثر من 40 في المائة منها، يضمن تمويلاً أكبر بحجة إحداث تعديلات فنية أو حدوث ظروف مستجدة، وإحالة المشروعات لمقاولين ثانويين خارج شروط العقد، واللجوء إلى صيانة المشروع بعد فترة قصيرة من تسليمه وذلك لمعالجة النواقص في التنفيذ، ناهيكم عن عمليات الرشوة واستغلال النفوذ.
حليمة وعادتها القديمة
تصاعدت بحدة نبرة الاستقطاب الطائفي والقومي بين القوى المتنفذة كما هي العادة قبيل كل انتخابات بهدف التعمية على الوعي وكسب أصوات الناخبين. فإضافة إلى استخدام المال السياسي وشراء البطاقات الانتخابية بالترغيب أو الترهيب وعدم احترام النظام الانتخابي وقانون الأحزاب، يتصاعد الزعيق حول أحقية هذا الطرف أو ذلك بهذا الموقع القيادي أو ذاك، فيما تُتخذ إجراءات ترهق الحياة المعيشية لملايين المواطنين. هذا وفي الوقت الذي يصرح فيه المتنفذون علناً بأنهم يمثلون الناس، ويحلون أنفسهم محل الشعب في تقرير مصير البلاد، يرى المراقبون بأن لا سبيل للخلاص من منظومة المحاصصة والفساد الاّ في المشاركة الواسعة في التصويت.
كهرباء للسرقة!
كشف خبير اقتصادي عن بلوغ حجم الإنفاق السنوي على قطاع الكهرباء أكثر من 10.45 تريليون دينار خلال عام 2024، شملت 3.3 ترليون دينار لشراء الوقود المستورد و2.3 ترليون دينار للرواتب والمنح و3.39 ترليون دينار كأجور. وأكد الخبير على أن الدولة انفقت 200 مليار دولار على هذا القطاع حتى الآن دون أن تعالج الخلل المزمن فيه والذي بات يُثقل كاهلها، في ظل عدم حصول المواطنين والقطاعات الإنتاجية والخدمية على حاجتها من الطاقة الكهربائية. هذا ويعّد موضوع الكهرباء الشاهد الأبرز على ضعف الإدارة والرقابة وعلى تفشي الفساد في منظومة المحاصصة، التي ما فتئت تنهب ثروات البلاد.
*****************************************
الصفحة الرابعة
جماعات مسلحة تتجول وسط الطلبة! عسكرة الحرم الجامعي.. تهدد بنية التعليم في الموصل
متابعة – طريق الشعب
تتعرض أحرام الجامعات في العراق إلى انتهاكات متكررة أبرزها دخول أفراد بأسلحتهم وأزيائهم العسكرية، وتجوّلهم وسط الطلبة، في مشهد بات مألوفا منذ 2003، واتسع أكثر خلال السنوات الأخيرة، حتى أصبح مصدر جدل أكاديمي واسع.
وبين وقت وآخر تُعكر بنادق الكلاشينكوف والمسدسات التي يحملها أولئك الأفراد، هدوء الجامعات. ورغم أن القانون الذي يحظر تلك الظاهرة لا يزال سارياً، إلا انه لا يُطبق غالبا، لا سيما في جامعة الموصل. حيث تشهد أروقة كلياتها ومراكزها العلمية ظهور أفراد مسلحين ينتمون لفصائل مسلحة مختلفة، يدخلون إلى هذا الصرح العلمي تحت ذرائع متعددة، من بينها الاحتفالات والندوات. بينما تُتهم قيادة الجامعة بأنها متورطة في مجاملة تلك الفصائل بتوجيه دعوات إليها لغايات شخصية مرتبطة بنفوذها وسيطرتها على مفاصل الحياة في الموصل وعموم نينوى – وفق ما تذكره وكالة أنباء "العربي الجديد" في تقرير لها.
لا قدرة على منع دخولهم
تنقل وكالة الأنباء عن أحد مسؤولي الأمن في حرم الجامعة، قوله انهم لا يملكون أي قدرة على منع أفراد الفصائل من الدخول إلى الجامعة، مضيفاً القول أنه "باتت الظاهرة واضحة، وبعضهم يدخل الجامعة، ويستعرض بسلاحه أمام الطالبات بما يشبه تصرفات مراهقين. وقبل مدة، حدثت مضاربة بين أحدهم وطالب في الجامعة لهذا السبب".
ويؤكد المسؤول الذي حجبت وكالة الأنباء اسمه، أن "العام الدراسي الحالي شهد أكبر خروقات وانتهاكات للحرم الجامعي في الموصل. حيث يرفض الأفراد المنتمين للفصائل تسليم أسلحتهم، وفي بعض الأحيان يتركون مخازن الرصاص عند غرفة الأمن ويدخلون بالأسلحة وكأنهم باتوا مدنيين الآن"!
التدخلات المسلحة تمس مفاصل أكاديمية!
فيما تنقل الوكالة عن أستاذ في الجامعة، قوله أن "رئيس الجامعة متورط في تمكين هذه الظاهرة. إذ إن الدعوات التي تُوجه إلى قادة الفصائل في الاحتفالات والندوات تمثل أولوية له، وبطبيعة الحال، يحضرون مع موكب وعشرات المسلحين الذين يرافقونهم"، مضيفاً قوله أن "تدخلات الفصائل في الجامعة تعدت إلى مفاصل أكاديمية ومهنية، ومنها الضغط لنجاح هذا الطالب أو الطالبة ورفع درجات آخر، أو قبوله في برنامج دراسات معين، وكله يُخالف الضوابط والعدالة طبعاً".
ويستنكر الأستاذ الجامعي الذي حجبت الوكالة اسمه، تفاقم التجاوزات بحصول مقاولين تابعين للفصائل على المقاولات والإنشاءات الأخيرة في العديد من الكليات التابعة للجامعة "إذ تحال المشاريع إلى هؤلاء بشكل مباشر من قبل رئاسة الجامعة"، مشيرا إلى أن "هيمنة الفصائل لا تقتصر على جامعة الموصل، إنما تشمل جامعات نينوى الأربع: نينوى والموصل والحمدانية وتلعفر".
بينما يتحدث عن "أنشطة فكرية دينية مختلفة بعيدة عن روح الحياة الجامعية باتت تحاصر الطلبة".
واحتضنت جامعة الموصل في شباط الماضي مؤتمراً موسعاً حضره قادة فصائل وألوية مختلفة، تنتشر في نينوى، إلى جانب المئات من المسلحين الذين دخلوا الحرم الجامعي بزيهم العسكري، الأمر الذي أثار ردود فعل غاضبة رسمية وشعبية إزاء ما وصف في الموصل بأنه محاولات عسكرة الجامعة ونشر المظاهر المسلحة فيها بعد أن بقيت طيلة السنوات الماضية بعيدة عن تلك المظاهر.
وقالت جامعة الموصل عقب المؤتمر انها "في خطوة لافتة، نظمت المؤتمر المركزي (الحشد الشعبي تاريخ ونضال وتضحيات) في المسرح الكبير بالجامعة، برعاية وزير التعليم العالي والبحث العلمي نعيم العبودي"، واصفة الحدث بـ"الوطني المهم".
وعلى خلفية ما جرى، دعت كتلة "نينوى الموحدة" في مجلس محافظة نينوى، رئيس الوزراء إلى "التدخل العاجل لوضع حد لمحاولات عسكرة المؤسسات العلمية". وشددت في بيان لها على "ضرورة بقاء الجامعات العراقية، وعلى رأسها جامعة الموصل، في منأى عن أي استغلال سياسي أو عسكري"، محذرة من أن "تحويل جامعة الموصل إلى مظاهر العسكرة يشكل انتهاكاً صارخاً لهويتها الأكاديمية والمدنية، ما يعد سابقة خطيرة تمس مكانة الجامعة وتتنافى مع رسالتها العلمية والتربوية وتقحمها في أمور خارج مهامها الأكاديمية".
خطر حقيقي
في الأثناء، يحذر ناشطون من تداعيات إخضاع المؤسسات العلمية لسلطة الفصائل المسلحة وأجندتها.
ويقول الناشط السياسي في نينوى محمد الغانم، أن "مظاهر عسكرة الجامعات في الموصل التي باتت واضحة في الفترة الأخيرة، تشكل خطراً حقيقياً على رصانة العملية التعليمية، فضلاً عن تأثيرها السلبي على المجتمع"، لافتاً في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "جامعة الموصل ومنذ تأسيسها عام 1967 لم تشهد أنشطة سياسية أو عسكرية، لكن تلك الأنشطة باتت تفرض عليها من قبل إدارات الجامعات ووزارة التعليم". في المقابل، يدافع الأستاذ في جامعة الموصل زياد سمير عن الظاهرة قائلاً أن "الحديث عن عسكرة الجامعات وخضوعها للمحاصصة الحزبية مبالغ فيه، ويحمل نيات التسقيط السياسي". لكنه لم ينف وجود بعض الفعاليات التي استضافت الفصائل المسلحة في الجامعات، كذلك محاولة بعض الجهات الحزبية بسط نفوذها فيها.
ويوضح لـ"العربي الجديد"، أن "هذه التدخلات تحصل في جميع مؤسسات الدولة وأن الجامعات العراقية، إلى جانب القضاء، هي المؤسسات الأقل تأثراً بواقع المحاصصة الحزبية والأقل خضوعاً للنفوذ السياسي لغاية الآن".
الجامعة قد تخسر مكانتها العلمية
إلى ذلك، يعتبر الأكاديمي عادل كمال أن استمرار هذه الظاهرة كفيل بـ"تراجع مستوى المؤسسات التعليمية في الجامعة، بسبب كسر احتكار الحالة المدنية والعلمية فيها التي يجب أن تبقى"، مضيفاً لـ"العربي الجديد"، أن "جامعة الموصل قد تخسر مكانتها العلمية، وحتى الموثوقية في الشهادات التي تمنحها، في حال استمر التدخل في الحياة الأكاديمية من جهات لا علاقة لها بها".
*********************************************
اكول.. كرامة المتقاعد ليست قابلة للخصم
أسامة عبد الكريم
بينما أعلنت وزارة المالية عن صرف رواتب المتقاعدين قُبيل عيد الأضحى المبارك، برز خبر "عدم إضافة الـ 100 ألف دينار عراقي على رواتب المتقاعدين في إقليم كردستان"، كعلامة مؤلمة في سجل الإهمال المزمن تجاه من خدموا الدولة بصدق وأمانة. كيف يُعقل أن تُحجب هذه الإضافة عن موظفين أفنوا أعمارهم في الدوائر الرسمية، ومنهم من قاتل في صفوف الشعب وواجه رصاص الدكتاتورية وغازات الخردل؟ هل يكافأ من فقد صحته أو أطرافه في ميادين الخدمة والتضحية بعدم او بخصم يُمرَّر تحت ذرائع بيروقراطية؟ إن الأنصار البيشمركة، الذين شكلوا طليعة المقاومة الشعبية في جبال كردستان، لم يكونوا مجرد مقاتلين بل رموزاً للكرامة الوطنية، ولا يجوز أن تنتقص حقوقهم اليوم بقرارات جافة لا تراعي التاريخ. إن استقطاع او عدم اضافة 100 ألف دينار إلى رواتبهم ليس مسألة مالية بل صفعة أخلاقية، ورسالة مغلوطة بأن العطاء يقابل بالنسيان. المتقاعد في كردستان، كما في أي بقعة من العراق، يستحق المساواة والاحترام، لا المعاملة على أساس الجغرافيا أو التوازنات السياسية.
المتقاعد ليس مجرد رقم في كشف الرواتب، بل هو ذاكرة حية ومُؤسس صامت لبنية هذه الدولة. معلم، جندي، ممرض، موظف إداري، نصير بيشمركه.. خلف كل منهم قصة شقاء طويلة. ومع ذلك، يُتعامل مع استحقاقه التقاعدي كأنه فضل من الحكومة، لا كحقٍ مكتسبٍ وموثَّقٍ في الدستور. أين العدالة في أن تُصرف علاوات لبعض المتقاعدين في الوسط والجنوب، وتُحجب عن نظرائهم في الشمال؟ هل الموقع الجغرافي بات مقياساً للاستحقاق الوطني؟ الـ 100 ألف دينار ليست مجرد مبلغ يقتطع من راتب متقاعد بسيط؛ بل هي مؤشر على كيفية تعامل الدولة مع من خدموها عقودًا طويلة. إنها رسالة غير معلنة تقول: "ما قدّمته لا يكفي"، أو "لقد انتهى دورك". فهل نكافئ من ضحّى بشبابه، وبُترت أطرافه، وأصيبت عيناه بغاز الخردل وتحمّل سنوات الحصار والحروب، بالخصم لا بالتكريم؟ المؤسف أن مثل هذه القرارات تمرر دون مساءلة حقيقية، بحجج إدارية لا تقنع أحداً. فهل بات من السهل تجاهل ما يخلّفه هذا التمييز من غضب ومرارة وشعور بالإقصاء؟ وهل نحتاج لتذكير المسؤولين بأن كرامة المتقاعد خط أحمر، لا يُمَسّ ولا يُخصم منه؟
إن إعادة هذا المبلغ ليست قضية ميزانية، بل اختبار لقيم الدولة ومبادئها. فالدولة التي تُنصف متقاعديها تحفظ لنفسها هيبتها، وتحفظ لعقود الخدمة معناها. أما إن استمر الخصم، فالرسالة واضحة: التضحية بلا مقابل، والوفاء بلا وزن.
فلنتذكّر دائماً: التقاعد ليس نهاية الكرامة، بل بداية استحقاقها.
***********************************************
مواساة
- بمزيد من الحزن والألم، تنعى "منظمة مظفر النواب" التابعة إلى اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في البصرة، الرفيق سلام رحيمة، الذي توفي بعد صراع طويل مع المرض.
للفقيد العزيز عاطر الذكر ولذويه ورفاقه جميل الصبر والسلوان.
- تتقدم اللجنة الأساسية للحزب الشيوعي العراقي في قضاء الحي/ اللجنة المحلية في واسط بالتعازي والمواساة إلى الرفيق عظيم حنش، بوفاة ابنته.
لها الذكر الطيب دوما ولعائلها ومعارفها الصبر والسلوان.
- اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في واسط تقدم التعازي والمواساة إلى اولاد عائلة الخناق في المحافظة، وذلك بوفاة صديق الحزب فائق نوري حمودي الخناق.
الذكر الطيب للفقيد والصبر والسلوان لأسرته ومعارفه.
- تعزي اللجنة الأساسية للحزب الشيوعي العراقي في قضاء النعمانية/ اللجنة المحلية في واسط الرفيق الاديب عيسى مسلم جاسم، بوفاة عمه، الشخصية الوطنية عبد الرضا منخي مخور. وهو من سجناء انقلاب شباط 1963. حيث عمل في صفوف الحزب الشيوعي في شتى الظروف، وكان بيته ملاذا لايواء الشيوعيين في مدينة النعمانية.
له الذكر الطيب ولأهله ورفاقه الصبر والسلوان.
- تنعى اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في بابل الرفيق ستار حمزة الخفاجي، الذي توفي إثر حادث مؤسف.
كان الراحل مناضلاً صلبًا. ارتبط بالحزب عقب ثورة تموز 1958، وساهم في نشاطه وتنظيماته الجماهيرية بإخلاص وتفانٍ. وظل وفيًا للحزب، مؤمنًا بمبادئه، حتى ساعاته الأخيرة.
له الذكر الطيب، ولأسرته ورفاقه أحرّ التعازي وخالص المواساة.
- ببالغ الحزن والأسى ودعت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في إيطاليا، يوم الثلاثاء 3 حزيران الجاري، الفنّان التشكيلي قَرَني جميل، عن عمر ناهز 70 عاماً في مدينته اربيل التي وُلِد ونشأ فيها وأكمل دراساته الأولى حتى اضطراره لمغادرتها بعد الهجمة الشرسة التي شنها النظام الدكتاتوري على الشيوعيين والوطنيين.
ووصل الفقيد الى إيطاليا في نهاية السبعينيات، وعمل في صفوف منظمة الحزب الشيوعي العراقي وفي المنظمات المهنية الديمقراطية. وغادر عام ١٩٨٤ إلى إسبانيا وبعدها استقر في هولندا مستمراً في نشاطه الفني. بعد سقوط نظام الطاغية عام ٢٠٠٣ قرر العودة إلى مدينته أربيل حاملاً معه أفكاره في تنشيط الحركة الفنية في الإقليم. فعمل استاذا في معهد الفنون الجميلة وأشرف على تأسيس اول مجلة في أربيل تهتم بالفنون التشكيلية (اشيوكاري). كما اشرف على تطوير مشروع متحف الفن الحديث في أربيل.
وشارك الفقيد في العديد من المعارض في إيطاليا ودول اوربية اخرى. وقد كان شخصية تتسم بالهدوء والتواضع والخلق الرفيع. احب الجميع ونال محبتهم واحترامهم له.
له الذكر الطيب، ولأهله ورفاقه وزملائه الصبر والسلوان.
***************************************
واقع خدمي بائس أهالي حيّ الأمانة في الزعفرانية سئموا الوعود
متابعة – طريق الشعب
يشكو أهالي حي الأمانة في منطقة الزعفرانية جنوبي بغداد، من بؤس واقعهم الخدمي، مبينين خلال وقفة نظموها أخيرا احتجاجا على ذلك الواقع، أن حيّهم يضم أكثر من 5 آلاف قطعة سكنية تعاني غيابا تاما للبنى التحتية والخدمات الأساسية، كالماء والكهرباء والإكساء. وأوضحوا انهم دفعوا رسوم إجازات البناء والخدمات دون أن يقابل ذلك أي تحرك رسمي ملموس، مشيرين إلى تكرار الحوادث المأساوية بسبب الإهمال، من بينها وفيات ناتجة عن لدغات عقارب وصعقات كهربائية.
وحذروا في حديث صحفي من تفاقم المخاطر الصحية بسبب تراكم النفايات، مطالبين الجهات المعنية بالتحرك العاجل لوضع حد لمعاناتهم، ومؤكدين استمرار احتجاجاتهم حتى تحقيق المطالب المشروعة.
تقول المواطنة أسماء داخل، أن منطقتهم طابو ملك صرف، لكنها تفتقر إلى أبسط الخدمات منذ أكثر من عامين، مبينة في حديث صحفي ان الأهالي طالبوا مراراً بتوفير الخدمات، لكن دون جدوى، عدا تقديم بعض الحلول الترقيعية، ومنها شبكات كهرباء غير نظامية!
وتتساءل: "لا نعلم سبب هذا الإهمال والتسويف بحق منطقتنا. اليوم نقف أمام منازلنا، لكن غداً سنقف أمام الدوائر الخدمية المسؤولة عن المنطقة".
فيما يقول المواطن زهير عيسى، أنه "لا توجد أي خدمات في المنطقة، فلا مستوصف ولا مدرسة، ولا نعلم ما سبب هذا الإهمال المستمر والوعود الكاذبة، على الرغم من أن السكان دفعوا رسوم الخدمات، وهي 3 ملايين دينار كرسوم إجازة البناء".
ويؤكد أنه قبل فترة التقى بأمين بغداد، وشكا له من واقعهم الخدمي، إلا ان لا نتيجة تحققت، منوّها إلى أن "الثعابين والعقارب بدأت تظهر في المنازل".
إلى ذلك، يُطالب المواطن أبو محمد الجابري، بـ"حقوقنا المسلوبة وأموالنا التي نُهبت. جميع الساكنين في المنطقة دفعوا رسوم البناء والخدمات قبل سكنهم"، مشيرا إلى انه "لا توجد أي مصداقية من قبل المسؤولين، وكل ما نسمعه وعود كاذبة فقط".
******************************************
شرطي مستاء: ما أن أنظف شط غماس حتى تغمره النفايات مجددا!
متابعة – طريق الشعب
بعد حملة استمرت 3 أيام تزامنا مع عيد الأضحى، أنهى صاحب فلاح، أحد منتسبي فرقة الرد السريع، تنظيف ضفاف شط غماس في محافظة الديوانية من النفايات ومخلفات باعة سوق الخضار، لمسافة نحو كيلومتر ما بين جسري المدينة. ورغم أن فلاح معتاد على إطلاق حملات مماثلة لوحده، إلا أنه عبر عن استيائه من عودة الشط إلى حالته السابقة سريعاً، بسبب رمي النفايات فيه مجددا.
يقول فلاح في حديث صحفي، أن الأمر وصل إلى حد رمي الأوساخ في الشط من قبل المارة حتى خلال فترة تنظفيه المكان. بينما يؤكد أنه لا يتلقى أي دعم من الجهات المعنية، وكل ما يحصل عليه هو مبلغ ألف دينار من كل صاحب محل، يجمعها لشراء أكياس جمع النفايات.
ويشير إلى انه ساهم في وقت سابق في زراعة حدائق عدد من المدارس، فضلا عن صبغ وتنظيف أحد جسور المنطقة، وصبغ جدار الكورنيش، وتصليح مطبات وحفر في الشوارع، وغير ذلك من المبادرات التي اعتاد على إطلاقها خلال فترة إجازته.
ويوضح فلاح أنه "بدافع الحرص على مدينتي غماس، قمت بحملة فردية لتنظيف ضفاف النهر في منطقة ما بين الجسرين. وقد استغرق العمل ثلاثة أيام متواصلة، قمت فيها بجمع النفايات ومخلفات الباعة والسوق، بأكياس نفايات، لتأخذها البلدية في ما بعد"، مؤكدا أنه "لم أتلق مساعدة سوى مبالغ رمزية من أصحاب المحال القريبة من النهر، اشتري بها أكياس النفايات".
ويضيف قوله أن "ما يثير الحزن فعلاً هو أنه بمجرد ما انتهيت من تنظيف النهر حتى عاد الناس لرمي النفايات فيه، لدرجة أنه حتى خلال عملي كانوا يرمون النفايات لأعاود جمعها مجدداً! لذلك هي مسألة وقت حتى يعود النهر ملوثاً بالنفايات كما كان".
*********************************************
الصفحة الخامسة
تضامن متسع مع الفلسطينيين.. وقافلة جديدة لكسر الحصار غزة تحت القصف في العيد
متابعة – طريق الشعب
قدم الفلسطينيون في غزة خلال أيام عيد الأضحى، المزيد من الخسائر البشرية، وسط إصرار صهيوني على مواصلة القتل والتجويع والإبادة، وفي اليومين الأخيرين، استشهد ما يزيد على 145 مواطنا، معظمهم أثناء انتظارهم الحصول على مساعدات غذائية.
وسط ذلك، رفض ضباط احتياط في إسرائيل الخدمة العسكرية، في ظل حكومة غير ديمقراطية، وذلك وفقاً لعريضة وقعها 41 ضابطا، وطالبوا بإبرام صفقة تبادل وإنهاء الحرب.
تضامن مغربي وقافلة جديدة
وبوتيرة شبه يومية، تشهد مدن مغربية، احتجاجات شعبية داعمة لغزة، منذ أن بدأت حكومة اليمين المتطرف الاسرائيلية حربها المدمرة على غزة، ومساء أمس الأول، شارك مئات المغاربة، في مسيرة حاشدة بمدينة طنجة شمالي البلاد، تضامنًا مع الفلسطينيين.
وفي الأثناء، واصلت قافلة الصمود التونسية مسيرها نحو قطاع غزة، اذ وصلت إلى مدينة الزاوية في ليبيا، وسط دعم كبير من الأهالي، وستتجه لاحقا صوب العاصمة طرابلس وعبر المدن ستصل إلى حدود مصر، ثم معبر رفح في 15 من الشهر الجاري.
وتضم هذه القافلة قرابة 20 حافلة وزهاء 350 سيارة تقل نحو 1500 من المتضامنين من تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا وليبيا. ويؤكد منظمو القافلة أنها لا تحمل مساعدات أو تبرعات ولكن هدفها المشاركة في الحراك العالمي لكسر الحصار على غزة.
سفينة مادلين
أضرب الناشط البرازيلي تياغو أفيلا، عن الطعام والماء منذ فجر الاثنين. وأفيلا هو أحد النشطاء الـ 12 الذين كانوا على ظهر السفينة مادلين لكسر الحصار على غزة، والذين جرى احتجازهم في المياه الدولية، وفقاً لمركز العدالة الحقوقي في إسرائيل.
فيما غادر 4 من الناشطين، بعد رفض البقية توقيع أوامر الترحيل، ليتم إيداعهم سجن يفعون الإسرائيلي
وقال مركز عدالة إن "المحكمة الإسرائيلية نظرت في أوامر الاحتجاز الصادرة بحق الناشطين الثمانية من قبل وزارة الداخلية لترحيلهم القسري بأقرب فرصة".
عقوبات جديدة
دعت زعيمة حزب الخضر الألماني، فرانتسيسكا برانتنر، إلى فرض عقوبات ألمانية على الوزيرين المتطرفين الإسرائيليين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير.
وقالت برانتنر إن "هناك حاجة لفرض عقوبات على الوزيرين اللذين يدعوان علنا إلى العنف ضد الشعب الفلسطيني، ولطالما روجا لسياسة الضم والتهجير. هذا يودي بحياة أفراد، ويشرد مجتمعات بأكملها، ويضع عقبات هائلة أمام عملية السلام".
وكان وزراء خارجية بريطانيا وأستراليا وكندا ونيوزيلندا والنرويج قد صرحوا في بيان مشترك بأن الوزيرين الإسرائيليين حرضا على ارتكاب "عنف متطرف وانتهاكات جسيمة ضد حقوق الإنسان الفلسطيني".
وأوضحت الحكومة البريطانية أن العقوبات التي فرضتها بريطانيا تشمل حظرا على السفر وتجميدا للأصول، كما فرضت النرويج حظرا على السفر.
أوقفوا التسليح
وفيما تدعي باريس أنها بصدد الاعتراف بالدولة الفلسطينية، كشفت 10 منظمات غير حكومية، بينها حركة "أوقفوا تسليح إسرائيل" في فرنسا، وحركة "المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات"، أن فرنسا ترسل أسلحة بشكل منتظم إلى إسرائيل منذ بداية الإبادة الجماعية في غزة.
ونشرت هذه المنظمات تقريرا عن شحنات الأسلحة إلى إسرائيل، استنادا إلى بيانات من سلطة الضرائب الإسرائيلية.
وذكر التقرير أن فرنسا ترسل أسلحة إلى إسرائيل عن طريق البحر والجو بشكل منتظم ومستمر منذ بداية الإبادة الجماعية في غزة.
الحكومة في طريقها للحل
وفي تطورات الصراع داخل إسرائيل، قررت أحزاب المعارضة الإسرائيلية، أمس، طرح مشروع قانون حل البرلمان للتصويت بالقراءة التمهيدية، بعد تردد ناجم عن مخاوف من عدم حصوله على الأغلبية اللازمة.
ومن المقرر أن يصوت أعضاء الكنيست اليوم على المشروع الذي قد يؤدي تمريره إلى بدء مسار نحو انتخابات مبكرة، في حال اجتيازه المراحل التشريعية الثلاث.
وقالت القناة 12 العبرية إن قادة المعارضة اتخذوا قرارا بالإجماع لطرح مشروع قانون حل الكنيست، مؤكدين أن القرار "ملزم لجميع الأحزاب" المعارضة.
وبحسب القناة، قررت المعارضة حذف بنود الاستفسارات والتشريعات المعارضة من جدول أعمال الجلسة، بهدف تركيز الجهود على تمرير مشروع القانون وإسقاط الحكومة.
*****************************************
بكين: تقدم في مفاوضات التجارة مع واشنطن
بكين - وكالات
أعلنت الصين تحقيق تقدم في المفاوضات التجارية مع الولايات المتحدة الأمريكية، التي جرت في العاصمة البريطانية لندن بهدف تخفيف التوتر الناجم عن تبادل رفع الرسوم الجمركية بين البلدين.
وأوضح ممثل الصين للتجارة الدولية لي تشينغانغ، مساء الثلاثاء، أن لقاءات لندن كانت "مهنيّة وصريحة". وأضاف أنه تم خلال المحادثات، التوصل إلى تفاهم مبدئي بشأن تنفيذ الاتفاقات السابقة بين زعيمي البلدين، دون ذكر تفاصيل التقدم المُحرز.
من جانبه أعلن وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك، التوصل إلى "إطار عمل لتنفيذ اتفاقية التجارة المؤقتة التي تم التوصل إليها مع الصين أيار الماضي بشأن الرسوم الجمركية".
وقال: "أكبر اقتصادين في العالم توصلا إلى إطار عمل. سنبدأ بتطبيق هذا الإطار بعد موافقة الرئيس ترامب ونظيره الصيني".
*******************************************
طهران: سنضرب القواعد الأمريكية في حال اندلع الصراع
طهران - وكالات
هدد وزير الدفاع الإيراني عزيز نصير زاده، أمس، بضرب القواعد الأمريكية في المنطقة، إذا فشلت المفاوضات النووية واندلع صراع عسكري بين واشنطن وطهران.
وقال زاده في تصريحات صحفية إنّنا "سنضرب القواعد الأمريكية في المنطقة، إذا اندلع صراع مع الولايات المتحدة".
وفي وقت سابق، أعلن المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، أن "بنك أهداف العدو موضوع على طاولة القوات المسلحة، بعد أن كشفت طهران عن حصولها على كمية كبيرة من المعلومات والوثائق الاستراتيجية الحساسة المتصلة بإسرائيل".
وأوضح المجلس الأعلى في بيان، أنّ "العملية الاستخباراتية المعقّدة التي نفّذها عناصر من وحدة (جنود الإمام المهدي) تمثّل مكسباً استخباراتياً كبيراً، وهي جزء من استراتيجية هادئة ودقيقة يتّبعها النظام الإيراني في مواجهة حملات الأعداء".
وأشار البيان إلى أنّ هذا الاختراق يأتي في إطار "التخطيط الذكي والإجراءات البعيدة عن الضجيج، ويُستكمل ميدانياً عبر "جهاد القوات المسلحة المتواصل ليلاً ونهاراً، من دون ادّعاء، بهدف إيجاد قدرة عملياتية تتناسب مع نقاط الضعف والقوة لدى الكيان الصهيوني وداعميه".
*********************************************
كاليفورنيا تحترق.. ومقاومة عنف ترامب العنصري مشروعة
رشيد غويلب
رغم العنف وإنزال الحرس الوطني الأمريكي ضد المتظاهرين في الشوارع. تستمر، منذ أيام، الاحتجاجات ضد سياسات الترحيل العنصري، التي يصر الرئيس الأمريكي على استمرارها. بعد نشر 2000 جندي من الحرس الوطني في البداية خلال عطلة نهاية الأسبوع، حشد الرئيس دونالد ترامب 2700 جندي آخرين، بينهم 700 من مشاة البحرية. من جانب آخر تم فصل زعيم النقابات العمالية ديفيد هويرتا، الذي وُجهت إليه تهمة التآمر لعرقلة عمل المؤسسات العامة، في إشارة لعمليات الترحيل القسرية. وتم اعتقال النقابي المعروف يوم الجمعة الفائت خلال الاحتجاجات على مداهمات سلطات الهجرة الأمريكية في لوس أنجلوس.
وقالت صحف يسارية أوربية إن ما يدور في الولايات المتحدة يذكرنا بحرب أهلية في ساحل البلاد الغربي. جنودٌ يسيرون بكامل معداتهم القتالية، يحرقون حواجز، وسياراتٌ مقلوبة، وأطفالٌ مرعوبون لعائلاتٍ بريئةٍ كانوا في البداية يحتجون ضد اعتقالهم الوشيك، ما بدأ بتظاهراتٍ ضدّ الترحيل الجماعي في لوس أنجلوس، امتدّ منذ ذلك الحين إلى سان فرانسيسكو ومواقعَ أخرى. لقد حدثت المواجهات بعد أمرٍ من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أعلن، ردًّا على الاحتجاجات، على منصته اليمينية الخاصة يوم الأحد: "الأمور تبدو سيئةً في لوس أنجلوس. استدعوا القوات".
كاليفورنيا تحترق
لقد تحولت كاليفورنيا إلى مسرح لاستعراض قمعي للقوة لم تشهده الولايات المتحدة منذ عقود. بعد أن اعتقلت سلطات الهجرة العشرات، معظمهم من أصول لاتينية، غالبًا دون تمييز، ردّ المتضررون في ثاني أكبر مدينة أمريكية، بمسيرات احتجاجية سلمية شارك فيها الآلاف، وأغلقوا الطرق السريعة، أمام مبنى إدارة الحكومة الفيدرالية الأمريكية ومجمع السجون في وسط المدينة، وطالبوا بإنهاء مطاردة المهاجرين. وبالنسبة لترامب، كان هذا نموذجًا لتصعيد مدروس. وصف المتظاهرين بـ "الغوغاء" ولوس أنجلوس بـ "مدينة يحتلها المجرمون". واعتبرت الاحتجاجات "تجمعًا غير قانوني"، وردّت قوات الأمن الاتحادية بالغاز المسيل للدموع وناقلات الجند المدرعة وقوات مكافحة الشغب. ونشرت القيادة الشمالية الأمريكية، المسؤولة عادةً عن التهديدات العسكرية الخارجية والهجمات الإرهابية والكوارث الطبيعية، 2000 جندي من الحرس الوطني في المنطقة بناءً على أوامر ترامب، بالإضافة إلى 700 من مشاة البحرية على أهبة الاستعداد.
ردود فعل مباشرة
ترى سيكلي غاي، رئيسة حركة "حياة السود مهمة" العالمية، أن هذا استفزاز متعمد: "إن استخدام الحرس الوطني ضد المتظاهرين - في مدينة لا تزال تعاني من الظلم العنصري وسياسات الهجرة الظالمة، يُذكرنا هذا بشدة باستعراض القوة الذي قامت به الحكومة في واشنطن بعد مقتل جورج فلويد". وأدانت عمدة لوس أنجلوس، كارين باس، نشر الجيش قائلةً: "لم يكن ذلك لأسباب أمنية، إنه استعراض استبدادي". كما اتهم حاكم كاليفورنيا الديمقراطي، غافين نيوسوم، ترامب بإثارة التصعيد وانتهاك القانون لتصوير نفسه على أنه يمتلك سلطة التصرف. وأعلن نيوسوم، الذي يُنظر إليه على أنه مرشح للانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2028، عن رفع دعوى قضائية. ويُعد نشر الحرس الوطني، الذي تخضع وحداته في الولايات المتحدة لسيطرة حكومات الولايات المعنية، أول عملية منذ عقود يأمر بها رئيس أمريكي، في تعارض واضح مع الدستور. ولهذا دعا حاكم كاليفورنيا الديمقراطي، غافين نيوسوم، ترامب إلى سحب الوحدات، ووصف نيوسوم النشر بأنه "انتهاك خطير للسيادة الفيدرالية".
لا يقتصر الغضب على الولايات المتحدة فحسب، إذ دعت الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم السلطات الأمريكية إلى "معاملة المهاجرين بكرامة"، ونددت بالملاحقة القضائية غير المبررة لمواطنيها. وقالت يوم الأحد: "المداهمات أو العنف ليسا الطريقة الصحيحة للتعامل مع ظاهرة الهجرة".
ترامب يصر على عمليات الترحيل القسري
حذّر البيت الأبيض السلطات المحلية في لوس أنجلوس من أن الاضطهاد المكثف للمهاجرين سيستمر لمدة 30 يومًا أخرى. وكان ترامب قد وعد بـ "عمليات ترحيل جماعي" خلال حملته الانتخابية. قد يكون التصعيد وشن حملة قمع حقيقية ضد مهاجرين يعانون من صعوبات قانونية في العديد من المدن الأمريكية، يهدف إلى إثارة مقاومة حازمة، وبالتالي منح الرئيس الأمريكي فرصة لاختبار حدود سوء استخدام الدستور.
وقد تكون الوحشية المكشوفة في سياسة الهجرة أيضًا محاولة لتعزيز شعبية ترامب، التي تراجعت بشكل ملحوظ في ظل ضعف الاقتصاد ونهج الرئيس غير المُتسق في السياسة التجارية.
إن الفعل الحقيقي للعنف يكمن في تجريم فئات سكانية بأكملها، وليس في الاحتجاجات ضده. إن ما يحدث حاليًا في لوس أنجلوس هو تنفيذ لهدف ترامب الاستراتيجي المتمثل في كسر شوكة ما يطلق عليه في الولايات المتحدة "مدن الملاذ الآمن"، تلك المدن التي ترفض التعاون مع الحكومة الفيدرالية في اقتلاع شرائح من سكانها.
يبدأ الفعل الحقيقي للعنف بتشويه سمعة مجموعات سكانية بأكملها وتجريمها، كما يفعل ترامب باستمرار. ويُترجم مُدبّر الكراهية العنصرية، نائب رئيس الأركان ستيفن ميلر، هذا إلى تعليمات لهيئة الهجرة والجمارك: في نهاية أيار، أصدر ميلر توجيهًا يقضي باعتقال 3000 شخص يعانون من مشاكل قانونية يوميا وترحيلهم في أسرع وقت ممكن. ويجب أن يتم ذلك تمامًا بغض النظر عن السجل الجنائي أو الوضع العائلي أو الدخل. هذا انحطاط إنساني، وجنون اقتصادي، وعنصرية خالصة في نهاية المطاف، على غرار ممارسات الفاشيين الجدد في أوربا.
*************************************************
كوربين: التاريخ سيحاسب من وقفوا مكتوفي الأيدي
لندن - وكالات
قدم النائب اليساري البريطاني المستقل جيريمي كوربين، مشروع قانون للمطالبة بتحقيق مستقل حول (تواطؤ المملكة المتحدة) في الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني بقطاع غزة، معتبرا أن إقراره إذا تحقق سيشكل خطوة نحو حقن دماء الفلسطينيين. وقال كوربن في تصريح صحفي، في حال إقرار القانون، سيؤثر ذلك على العلاقات العسكرية والاقتصادية والسياسية التي تربط الحكومة البريطانية وإسرائيل، مبينا أنه "سيشمل كل أوجه التعاون بينهما" منذ بداية الإبادة بقطاع غزة. وأكد النائب أن "مشروع القانون يطالب بتحقيق مستقل بالسياسة البريطانية المتعلقة بغزة، وبتزويد إسرائيل بالأسلحة، واستخدام القواعد الجوية البريطانية في قبرص الرومية"، كما يدعو مشروع للتحقيق بعدم التزام لندن بقرارات محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، إلى جانب استمرار تزويد إسرائيل بمكونات طائرات F35 "التي لا يمكنها التحليق دون هذه الأجزاء".
وكشف كوربين عن أن "15 في المائة من مكونات طائرات F35 يتم تصنيعها داخل المملكة المتحدة، وعليه طالب بوقف تصديرها إلى إسرائيل "فورا". ولفت إلى أن مشروع القانون الذي قدمه "يحظى بدعم شعبي واسع"، مشيرا إلى تلقيه عددا هائلا من رسائل البريد الإلكتروني من مختلف أنحاء بريطانيا والعالم، وجميعها تعبر عن دعم كبير لمشروع القانون. وفي السياق، وجه كوربين رسالة إلى زملائه أعضاء البرلمان قائلًا: "آمل أن يدرك النواب حجم هذا الدعم، لديهم الفرصة لإسماع صوتهم وإظهار موقفهم الواضح". كما دعا العالم إلى "التحرّك العاجل من أجل وقف الدم النازف" وقال: "رسالتي إلى العالم، هذه الحقبة من القرن الحادي والعشرين ستُسجل في التاريخ كمرحلة شاهدنا فيها الأطفال يموتون جوعا على الهواء مباشرة، والناس يموتون في المستشفيات نتيجة نقص التخدير، وغياب المواد الطبية والمعقمات، وانعدام كافة الاحتياجات الأساسية". وأضاف: "كل ما يحتاجه الناس من طعام ومياه وكهرباء وأدوية موجود على بُعد كيلومترات قليلة فقط، ومع ذلك نشهد تدمير حياة مليوني إنسان. وبالفعل لقد قُتل 61 ألفا منهم حتى الآن". ووصف النائب البريطاني ما يشهده قطاع غزة بأنه "مخزٍ ومثير للاشمئزاز"، وأردف مستنكرا: "التاريخ سيحاسبنا، وسيحاسب بالأخص أولئك الذين وقفوا مكتوفي الأيدي وكان بإمكانهم أن يفعلوا شيئا ولم يفعلوا".
**************************************************
رئيس لبنان يدعو إلى وقف الاعتداءات الإسرائيلية
بيروت – وكالات
أكد الرئيس اللبناني جوزيف عون، مساء الثلاثاء، أن الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على الجنوب، بما فيها استهداف القوات الأممية "اليونيفيل"، تمثل انتهاكاً صارخاً لاتفاق وقف إطلاق النار، ودعا الدول الراعية بما فيها الولايات المتحدة وفرنسا للضغط لوقفها. وقال عون إن "استمرار اسرائيل في اعتداءاتها على الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت وباقي المناطق اللبنانية، يشكل انتهاكا صارخا للاتفاق الذي تم التوصل اليه تشرين الثاني الماضي برعاية فرنسية وأمريكية". ودعا المجتمع الدولي، ولا سيما راعيي الاتفاق، إلى "ممارسة الضغط لوضع حد لهذه الاعتداءات التي تقوض عمليا مفاعيل القرار 1701". وأكد عون أن "الاعتداءات التي تطال دوريات قوة الأمم المتحدة (اليونيفيل) من حين إلى آخر مرفوضة مهما كانت الذرائع"، مشدداً على "وجوب التوقف عن القيام بأعمال تخدم العدو الاسرائيلي وتسيء إلى الاستقرار في الجنوب". كما شدد على أن قوات "اليونيفيل باتت حاجة إقليمية لا لبنانية فقط، بالنظر إلى دورها في حفظ الأمن بالتعاون مع الجيش اللبناني"، مشيدًا بدور فرنسا في تأمين التجديد السنوي لولايتها.
**********************************************
الصفحة السادسة
عمال النظافة.. كفاح مستمر وسط لهيب الشمس
بغداد – طريق الشعب
فيما كان المواطنون يستمتعون بعطلة عيد الأضحى، كان عمال النظافة يواصلون عملهم دون انقطاع، في ظل ظروف قاسية تشمل ارتفاع درجات الحرارة وتكدس نفايات الإحتفالات وغياب متطلبات السلامة. ورغم تثبيت العديد منهم على الملاك الدائم، إلا أن معاناتهم من تدني الرواتب واستمرار التجاهل الحكومي لحقوقهم الأساسية بقيت تلقي بظلالها الثقيلة على واقعهم اليومي.
استنفار في العيد
يقول عامل النظافة محمد حسين لـ”طريق الشعب” إنه "على الرغم من الإعلان الحكومي عن عطلة رسمية لجميع الوزارات خلال أيام عيد الأضحى، يواصل عمال النظافة عملهم بوتيرة مكثفة، خصوصا في المناطق التجارية والسياحية التي تشهد تجمعات كبيرة للمواطنين". وأضاف أن هذا الواقع يفرض استنفار جهود أمانة بغداد وتكثيف حملات التنظيف.
غياب الوعي المجتمعي
ويشير محمد إلى أن "قلة الوعي لدى الكثير من المواطنين وغياب الخدمات الأساسية مثل الأرصفة المنظّمة، إلى جانب الوقوف العشوائي للمركبات، تشكّل تحديات كبيرة تواجه عمال النظافة في تحقيق النتائج المرجوة من عملهم".
ويذكر محمد، الذي يعمل في الوجبة الصباحية، أن الأجور التي يتقاضاها شهريا تبلغ "300 ألف دينار فقط"، رغم تثبيته على الملاك الدائم منذ أكثر من عامين، ويضيف "نفتقر إلى جميع أشكال متطلبات السلامة أثناء العمل".
إصابات بالغة بسبب أشعة الشمس
وحول طبيعة العمل في فصل الصيف، يؤكد محمد على "عدم وجود أي شكل من أشكال الحماية لعمال النظافة باستثناء البدلة الفسفورية التي تحميهم من الحوادث المرورية، وحتى معدات النظافة التي تُعطى للعامل هي متهالكة ولا يعتمد عليها أثناء العمل بل وتزيد من جهد العامل". ولفت الانتباه إلى أن "الكثير من زملائه تعرضوا لإصابات وحالات إغماء أثناء العمل بسبب ارتفاع درجات الحرارة".
سلوكيات تزيد المعاناة
من جانبه، أشار عامل النظافة آوس كمال إلى أن "غياب وعي العديد من المواطنين يزيد من معاناة عمّال النظافة". وقال لـ”طريق الشعب” "على الرغم من توفر حاويات خاصة للنفايات، خصوصا في الأماكن السياحية، يتعمد الكثير من المواطنين رمي مخلفاتهم على الأرض والحدائق العامة، ما يزيد من متاعب العمال خلال عطلة العيد". وأوضح آوس أنه يتقاضى "270 ألف دينار شهريا" رغم تثبيته على الملاك الدائم منذ عامين.
أجور متدنية
ويشير آوس إلى أن "عمال النظافة يعانون من مظلومية كبيرة من جميع الجوانب"، ويضيف "على الرغم من ضغط العمل وغياب متطلبات السلامة وتواصل المطالبات بتحسين أجور عملنا، فإننا ما زلنا نتقاضى رواتب متدنية لا ترتقي حتى لمستوى الرواتب التقاعدية ".
الأمراض والمخاطر الصحية
يقول العامل عمار علي لـ”طريق الشعب” إن "عمال النظافة هم أكثر الفئات عرضة لمختلف أنواع الأمراض نتيجة لظروف العمل الصعبة، وأشدها تأثيرا هو ارتفاع درجات الحرارة". وأكد على أن "أمانة بغداد لا توفر أي حماية من أشعة الشمس"، ما دفع العمال إلى اتخاذ تدابير شخصية لحماية أنفسهم من أشعة الشمس الحارقة بوسائل بسيطة مثل ارتداء اللثام والقبعات وتغطية الأطراف بالأقمشة. وأضاف أنه يتقاضى "170 ألف دينار شهريا مقابل 7 ساعات عمل يوميا"، مشيرا إلى أن "هذه الأجور لا تسد احتياجات الحياة اليومية". وأوضح أن عطلة عيد الأضحى اقتصرت على "زيارة واحدة إلى بيت العائلة دون شراء أي شيء يُسعد الأطفال".
مطالب بتوحيد الأجور
يطالب عمال النظافة الحكومة بتطبيق سلم الرواتب وزيادة أجورهم بما يتناسب مع طبيعة عملهم الشاق، وتسويتهم برواتب الموظفين في القطاعات الحكومية الأخرى، واحتساب مخصصات خطورة أسوة بالقوات الأمنية أو العاملين في الميدان الصحي.
وأخيرا، يظل عمال النظافة يكافحون في ظروف عمل قاسية دون تعويض عادل أو حماية كافية. ويتطلب استمرار تجاهل مطالبهم، تحركا جاداً من الجهات المعنية لتحسين أوضاعهم المعيشية وضمان حقوقهم.
******************************************
العمال وساعات العمل المنهكة
بغداد – طريق الشعب
يواجه العمال في مختلف القطاعات الكثير من التحديات أبرزها العمل لساعات طويلة دون راحة أو تعويضات عادلة، رغم وجود قوانين تضمن حقوقهم. وفي هذا السياق، يعاني ثامر فهد، العامل في أحد مطاعم بغداد، من ساعات عمل تمتد بين 12 و13 ساعة يومياً دون أي عطلة أسبوعية أو أجر إضافي يعوضه.
ويقول ثامر: "أغادر المنزل صباحا بينما عائلتي نائمة، وأعود ليلا وهم نائمون. أحيانا يشعرون بالدهشة إذا جلست معهم على الإفطار". وتزداد معاناة الرجل عندما يحتاج إلى إجازة، حيث يمنع من أخذها أيام الخميس والجمعة بسبب ضغط العمل، ويخصم أجر اليوم الذي يحصل فيه على إجازة، مع استبداله بعامل آخر.
انتهاكات قانونية
وتتناقض هذه الممارسات مع المادة 70 من قانون العمل، التي تضمن للعامل راحة أسبوعية لا تقل عن 24 ساعة مدفوعة الأجر، مع تعويض إضافي في حال زيادة ساعات العمل أو تشغيله خلال أيام العطل.
إلى جانب استغلال أرباب العمل، يدفع ارتفاع تكاليف المعيشة في البلاد العديد من العمال للعمل لساعات إضافية. المواطن وليد حسن، يعمل في وظيفتين يوميا لتغطية متطلبات حياته. في الصباح، يعمل كمشغل لمولد كهربائي في منطقة بغداد الجديدة لمدة 7 ساعات، ثم يعمل مساء لمدة 5 ساعات في مكتب لصيانة الحواسيب، ليصل إجمالي ساعات عمله إلى 12 ساعة يومياً.
ورغم حصوله على شهادة البكالوريوس في التاريخ، يضطر وليد للعمل خارج تخصصه لتأمين احتياجاته. وهو يقول بهذا الصدد "لم أكن أعلم أن القانون يحدد ساعات العمل بثماني ساعات فقط. أعمل لساعات إضافية بسبب الحاجة المادية".
**********************************************
إهمال السلامة وغياب الضمان يفاقمان معاناة العمال
بغداد- طريق الشعب
تتزايد معاناة العمال نتيجة إهمال إجراءات السلامة المهنية وتهرب أرباب العمل من تسجيلهم في منظومة الضمان الاجتماعي، مما يحرمهم من التعويضات ويضعهم في مواجهة مصاعب مضاعفة خاصة عند حدوث إصابات العمل.
العامل رائد حسين رائد يواجه مأساة حقيقية بعدما فقد اثنين من أصابع يده اليمنى وأصيب بحروق خطيرة في يديه وقدمه اليسرى، جراء صعقة كهربائية تعرض لها أثناء عمله في ورشة لتصليح السيارات. وعلى الرغم من أن صاحب العمل نقل رائد إلى المستشفى وتكفل بتكاليف الإسعاف الأولي، فإنه رفض تحمل نفقات العمليات الجراحية التي شملت ترقيع الجلد وبتر الأصابع، فضلا عن المتابعة الطبية اللازمة. هذه الإصابات تركت المواطن رائد يعيش بإعاقة جزئية حالت دون قدرته على إيجاد عمل جديد يعيل به أسرته. وما زاد من معاناة رائد، عدم حصوله على أي تعويض مالي، حيث لم يكن مسجلاً في دائرة التقاعد والضمان الاجتماعي، في مخالفة صريحة لقانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال، والذي يلزم أصحاب العمل بشمول العاملين به واتخاذ تدابير السلامة المهنية.
وتسلط حالة المواطن رائد الضوء على مشكلة متكررة يعاني منها الكثير من العاملين، خصوصا في المنشآت الصغيرة ومتوسطة الحجم التي تفتقر إلى الرقابة وتضعف فيها إجراءات تطبيق القانون.
**********************************************
الشيوعيون يعارضون عمالة الأطفال
حوراء فاروق
في يوم الطفل العالمي الذي يُّحتفى به في الأول من حزيران من كل عام، تتجدد الدعوات للتصدي لظاهرة عمالة الأطفال، التي تعّد واحدة من أبرز القضايا المؤلمة التي تواجه المجتمعات في جميع أنحاء العالم، وخصوصا في الدول النامية.
وتشير تقارير منظمة العمل الدولية، إلى أن عدد الأطفال العاملين حول العالم يزيد على 160 مليون طفل، يشتغلون في ظروف قاسية غالبا. وتتجلى هذه الظاهرة بشكل أكثر وضوحا في الدول ذات الاقتصادات الهشة، حيث تعد الحروب والنزاعات والفقر عوامل رئيسية تسهم في انتشارها. وفي يوم الطفل العالمي، تتوجه الأنظار نحو هذه الأرقام المقلقة، مع دعوات إلى وضع حد لهذا الانتهاك الصارخ لحقوق الأطفال.
عمالة الأطفال في العراق: واقع مأساوي
وفي العراق، تعاني شريحة كبيرة من الأطفال من ظروف معيشية صعبة نتيجة للحروب المتكررة، والنزاعات المسلحة، والانهيار الاقتصادي. ووفقا لإحصاءات محلية ودولية، يعمل الآلاف من الأطفال في مختلف القطاعات، بما في ذلك البناء، والتجارة، والزراعة، وحتى التسول. هذه الظاهرة ليست فقط انعكاسا للأزمة الاقتصادية، بل هي أيضا تعبير عن ضعف التشريعات وإهمال تطبيق القوانين المتعلقة بحماية حقوق الأطفال.
وعلى الرغم من قيام العراق بالمصادقة على العديد من الاتفاقيات الدولية التي تحظر عمالة الأطفال، إلا أن ضعف المؤسسات وضعف الرقابة يجعل تنفيذ هذه القوانين أمرا صعبا. كما أن العائلات الفقيرة تجد نفسها في موقف لا يسمح لها سوى بإرسال أطفالها للعمل لتأمين دخل إضافي.
الموقف الماركسي في مواجهة الواقع المأساوي
يعتبر كارل ماركس، من بين أكثر المفكرين تناولاً لهذه القضية، حين حللها ونظر اليها من زاوية نقدية تركز على الظلم الاجتماعي والاستغلال الاقتصادي.
ففي النظرية الماركسية، يعتبر النظام الرأسمالي، القائم على الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج وعلى نهب أكبر قدر من فائض القيمة، مسؤولا عن ظاهرة عمالة الأطفال، حيث يعمل هذا النظام على استغلال اليد العاملة الرخيصة، بما في ذلك الأطفال، لتحقيق أقصى درجات الربح.
ويرى ماركس بأن الرأسمالية التي تلقي بملايين الفقراء في أتون الجوع والتهميش، تجبرهم على إشراك أطفالهم في العمل لتلبية احتياجاتهم الأساسية، مما يؤدي إلى حرمان هؤلاء الأطفال من حقوقهم في التعليم والنمو السليم. ومن منظور ماركسي، يرى الشيوعيون العراقيون بأن عمالة الأطفال في العراق هي نتيجة مباشرة للبنية الاقتصادية والاجتماعية غير العادلة، وأن الحل يكمن في إجراء تغييرات جذرية في هيكلية الاقتصاد والسياسات الاجتماعية، بحيث تتم إعادة توزيع عادلة للثروات وتُوفر فرص عمل لائقة للبالغين، مما يضمن للعائلات دخلا كافيا يحمي الأطفال من الانخراط في سوق العمل.
الحلول الممكنة
لمعالجة ظاهرة عمالة الأطفال في العراق، يجب التركيز على مجموعة من الحلول التي تتوافق مع الرؤية الماركسية منها:
تعزيز نظام التعليم: يجب توفير تعليم مجاني وإلزامي لجميع الأطفال، مع تقديم حوافز للعائلات لإبقاء أطفالها في المدارس.
إعادة هيكلة الاقتصاد: العمل على تقليل معدلات البطالة بين البالغين، مما يُخفف الضغط الاقتصادي على العائلات.
تشديد الرقابة وتفعيل القوانين: يجب أن تكون هناك رقابة صارمة على الشركات وأرباب العمل الذين يوظفون الأطفال بشكل غير قانوني.
التوعية المجتمعية: نشر الوعي حول الآثار السلبية لعمالة الأطفال على المدى الطويل، سواء على الطفل نفسه أو على المجتمع ككل.
إن الموقف الماركسي من عمالة الأطفال يقدم تحليلا عميقا لهذه الظاهرة باعتبارها نتيجة حتمية للاستغلال الاقتصادي في ظل النظام الرأسمالي. ومع ذلك، فإن معالجة هذه الظاهرة في العراق تتطلب نهجا شاملا يجمع بين تعزيز التعليم، وتوفير فرص العمل، وتطبيق القوانين بحزم.
**************************************************
أين حقوق العامل تحت هذه الشمس الحارقة؟
نورس حسن
في بلد مثل العراق، تصل فيه درجات الحرارة صيفا إلى مستويات قياسية، يُطرح سؤال ملح: كيف يمكن للعامل البسيط أن يؤدي عمله بأمان، اذا لم تتوفر متطلبات السلامة المهنية؟
لا يزال العمال، خاصة في قطاعات النظافة والبناء والمهن الحرة، يعانون من انعدام أبسط معايير الحماية اللازمة، لمواجهة هذا الحرّ القاسي. فبدلا من أن تكون البيئة العملية مكانا تراعى فيه حقوقهم، وتُحفظ صحتهم، نجدها تثقل كاهلهم بمخاطر قد تصل في بعض الأحيان إلى التهديد المباشر للحياة.
وأظهرت تقارير حديثة أن حالات الإصابة بضربات الشمس والإجهاد الحراري في صفوف العاملين،ـ تتزايد سنويا. وعلى الرغم من ذلك، لا تزال الإجراءات الحكومية لتوفير معدات السلامة، مثل القبعات الواقية وأماكن الظل، غائبة أو لا توفر على أرض الواقع. فكيف يمكن أن يُطلب من عامل الوقوف تحت أشعة الشمس لساعات طويلة، دون أدنى مقومات الحماية؟
والأمر لا يقتصر على القوانين فقط، بل يمتد إلى ثقافة اللامبالاة التي تهيمن على بعض أصحاب العمل. فهم بينما يجنون الأرباح من تعب العامل، لا يرون ضرورة لاستثمار بسيط يضمن حمايته. وتغيب عن اهتمامهم حقيقة أن صحة الإنسان لا تقدر بثمن، وأن توفير بيئة آمنة له يزيد ليس فقط من رضاه، بل أيضا من إنتاجيته.
كما أن على الحكومة أن تتخذ خطوات حقيقية لحماية العاملين، بدأً بإقرار قوانين صارمة تلزم الجهات المشّغلة بتوفير متطلبات السلامة، مع تفعيل الرقابة لضمان تطبيقها. أما النقابات العمالية، فعليها أن تكون أكثر نشاطا وجدية في الدفاع عن حقوق أعضائها، وألا يقتصر دورها على تعزيز العلاقة بالدولة، دون منفعة تذكر للعمالة التي تعاني الأمرّين. فالأمر أبعد من كونه مطلبا إنسانيا فقط، إنه التزام أخلاقي وقانوني. وإذا استمر غياب الجهود الحقيقية لحماية العاملين من المخاطر المناخية والمهنية، فإن العراق سيخسر ما يفوق القوى العاملة، سيخسر إنسانيته.
***********************************************
استغلال العمال {انتخابياً}
حسين النجار
استفاد جميع المواطنين في العراق من عطلة العيد، التي امتدت من الخميس الفائت حتى أول أمس الثلاثاء، باستثناء الموظفين المكلفين بالمهام الرسمية الطارئة مثل الامن والصحة وغيرهما، مع ان عددا منهم حصل على استراحة معينة، وفقاً للنظام الخاص بكل دائرة.
في المقابل، استمرت أعداد غير قليلة من الكسبة والكادحين في العمل طيلة أيام العيد، بسبب ظروفهم المعيشية التي تفرض عليهم مواصلة العمل لتأمين اللقمة. لكن أليس من الغريب ان يستمر عمال بناء الجسور في عملهم خلال العطلة؟
فعلى مدى أيام العطلة الخمسة، واصل عمل بناء جسر الطوبجي والجسر الجديد الممتد من تقاطع حيفا الى المنصور، عملهم بجهد وجد كبيرين، ولم يحصلوا على استراحة حتى في اول أيام العيد، ما يدل على ان جهدهم وعملهم استغلا لمصلحة الحكومة، التي تريد افتتاح هذين الجسرين قريباً، بالتزامن مع حملة رئيس الوزراء الانتخابية. حيث توزعت صوره واقواله في معظم الشوارع والتقاطعات في بغداد والمحافظات!
لقد خالفت حكومتنا في غمرة جهودها الانتخابية قانوني العمل والعطل الرسمية، واستغلت هؤلاء العمال من اجل مكاسب شخصية، ليس إلا! وهذا في ظل صمت النقابات العمالية التي يكمن واجبها الأساس في الدفاع عن العمال وحقوقهم.
ومن اللافت ان هؤلاء العمال اشتغلوا في تأثيث تلك الجسور، في ظل درجات حرارة مرتفعة، دون ادنى وسائل للحماية منها، ومن غيرها من مصادر الخطر أثناء العمل، وهذه مخالفة قانونية ثانية.
ويبقى الأمل ان تكون الحكومة قد منحت هؤلاء العمال مبالغ إضافية لقاء الجهد المبذول "انتخابياً"، وإن لم تفعل ذلك فستكون ارتكبي مخالفة قانونية اخرى.
وفي الختام، لمَ هذا الاستعجال ؟!
***************************************************
الصفحة السابعة
استقبالا لعيد الصحافة الشيوعية العراقية.. لينين صحفياً (2 – 2) لينين صحفياً
رضا الظاهر
في مقدمة كتابه (ما العمل؟) يصف لينين "الجريدة" قائلا: "تصبح هذه الجريدة جزءا من منفاخ حدادة هائل ينفخ في كل شرارة من شرارات النضال الطبقي والسخط الشعبي ويجعل منها حريقا عاما. وحول هذا العمل الذي هو بريء جدا وصغير جدا بحد ذاته، ولكنه منتظم وعام بكل معاني الكلمة، يتعبأ بصورة منتظمة ويتعلم جيش دائم من مناضلين مجربين..."
مقاربة ماركسية
في مقالنا هذا نسعى الى أن نقدم مقاربة ماركسية وقراءة جديدة في (لينين صحفياً)، وإرثه الغني في هذا الميدان، مركزين بشكل خاص على سمات الجريدة ودورها في الحركة الثورية، مضيئين جوانب من تجربة صحيفة (الإيسكرا).
وتعني المقاربة الماركسية لـ(لينين صحفياٍ)، من بين أمور أخرى، إعادة تقييم عمله لا كأداة للدعاية الثورية حسب، وإنما، أيضا، كشكل من التحليل الفكري ومعرفة سمات وتعقيدات عصره. ويتطلب هذا بحثا في كتاباته ونشاطه كصحفي في السياق الأوسع للنظرية الماركسية والممارسة السياسية. ولابد من تحليل الكيفية التي استخدم بها لينين الصحافة لنشر الأفكار الثورية وتأسيس الحركات السياسية، وتحدي بنى السلطة القائمة. ونرى أن الجوانب الأساسية لإعادة التقييم هذه تتضمن: أسلوب لينين الصحفي ولغته، واستخدامه الصحيفة كأداة للتعبئة السياسية، ودور الصحافة في صياغة الحركة البلشفية والثورة الروسية، وراهنية ستراتيجياته الصحفية بالنسبة للحركات الثورية والاشتراكية المعاصرة.
ولابد أن تبحث إعادة التقييم هذه في الكيفية التي ساعد فيها أسلوب لينين في الكتابة، واستخدامه البلاغة، واهتمامه بالجمهور، على نشر الأفكار الثورية. وتبحث، من ناحية أخرى، في الكيفية التي طبق فيها النظرية الماركسية على الأوضاع الملموسة. وقد عرف لينين بأسلوبه الجدلي، واللجوء، أحيانا، الى لغة حادة ونزعة كاريكاتورية في مهاجمة خصومه. وغالبا ما اعتمدت كتاباته على أمثلة من الأدب والتاريخ الروسي لإضاءة أفكاره.
ولم تكن صحافة لينين مجرد ممارسة أكاديمية، بل أداة لبناء الوعي السياسي، وتنظيم العمال، وتحدي الوضع القائم. وفي سياق تحليله للاقتصاد الروسي جادل لينين بأن الرأسمالية في روسيا كانت تتطور. واستنتج أن الامبريالية هي أعلى مراحل الرأسمالية، وأنها سبب رئيسي للحرب والاستغلال. وأسهمت جهود لينين الصحفية في تنمية وتطوير الحزب البلشفي وبرنامجه الثوري. واهتم لينين بالتفاعل مع الفصائل الأخرى داخل وخارج الحركة الثورية، ويشتمل هذا على جدالاته مع المناشفة (الأقلية)، ونقده الأحزاب الاشتراكية الأخرى، ومساعية لاقامة تحالفات سياسية واجتماعية.
وساعدت صحافة لينين على خلق الظروف المناسبة للثورة الروسية واستيلاء البلاشفة على السلطة. ويشتمل هذا على تحليل نقده للنظام القيصري، ونداءاته للثورة الاشتراكية، ومساعيه لتعبئة الطبقة العاملة والقوى الثورية الأخرى.
وعلى الرغم من أن تجربة الاشتراكية في روسيا انتهت الى الفشل، فان نظريات لينين وأفكاره ماتزال تواصل الالهام وإثارة الجدل والأسئلة، والتأثير العميق على مسار الحركة الشيوعية وعلى المشهد السياسي العالمي. ويمكن القول، بثقة، إن إرث لينين مايزال حيا. وفي عصر العولمة يتسم تحليل لينين للرأسمالية ونقده للإمبريالية براهنيته.
مهمتنا العاجلة
في مقالة (مهمتنا العاجلة)، المنشورة في 1899، حدد لينين المضمون الرئيسي للصحافة الثورية: نقل المثل الاشتراكية إلى الحركة العفوية، وصهر الحركة العفوية داخل نشاط الحزب الثوري، إذ قال أن "مهمة الاشتراكية الديمقراطية هي نقل المثل الاشتراكية الأساسية إلى حركة الطبقة العاملة العفوية، وربط هذه الحركة بالمعتقدات الاشتراكية التي ترقى إلى مستوى العلم المعاصر، وربطها بالنضال السياسي المنتظم من أجل الديمقراطية كوسيلة لبلوغ الاشتراكية – باختصار لصهر هذه الحركة العفوية في كل واحد غير قابل للتدمير في نشاط الحزب الثوري. إن تاريخ الحركة الثورية والديمقراطية في أوروبا الغربية، وتاريخ الحركة الثورية الروسية، وخبرة حركة طبقتنا العاملة هذه هي المادة التي ينبغي استيعابها لخلق منظمة هادفة وتكتيكات هادفة لحزبنا. وينبغي أن يتم "تحليل" هذه المادة بصورة مستقلة طالما لا توجد نماذج جاهزة يمكن العثور عليها في أي مكان…".
وشدد لينين على لفظ "تحليل"، ليؤكد على ضرورة تحليل الخبرات وليس سردها من أجل الوصول إلى تكتيكات صحيحة للثوريين بصدد الحركة. وفي فقرات تالية من ذات المقالة نظر الى المهمة الرئيسية العاجلة للمجلة، على أنها الطريق الوحيد لحل المعضلات والمسائل الرئيسية التي تواجه الاشتراكيين الديمقراطيين في روسيا في ذلك الوقت.
وأكد لينين، في أكثر من موضع، المهمة الرئيسية المنوطة بالمجلة الناظمة، أي حل معضلات الحركة أمام الثوريين وتقديم إجابات عملية واقعية وملموسة لسؤال: ما العمل؟ ونقد في هذا السياق الميول التي تزدري دور النظرية والتحليل السياسي، وتؤدي، بالتالي، إلى قطع الصلة بين الاشتراكية والحركة العفوية. وفي البيان التأسيسي للإيسكرا الذي كتبه عام 1900، قال ".. إن الممارسة الضيقة، المنفصلة عن الوضوح النظري للحركة ككل، قد تدمر الصلة بين الاشتراكية والحركة الثورية في روسيا من جهة والحركة العفوية للطبقة العاملة من جهة أخرى..".
وفي موضع آخر من البيان كتب في سياق تحديده لمهام المجلة ".. واحدة من المهام الأساسية تلك هي تحليل هذه الحركة العفوية – بين جماهير العمال وبين الانتلجينسيا على حد سواء – وعلينا أن نحاول فهم الحركة الاجتماعية للمثقفين، تلك الحركة التي ميزت أواخر التسعينيات في روسيا وضمت تيارات مختلفة وأحيانا متعارضة. علينا أن ندرس بعناية أشكال وظروف يقظة العمال والنضالات المحتدمة الآن لكي نتمكن من توحيد حركة الطبقة العاملة الروسية مع الاشتراكية الماركسية التي بدأت تضرب جذورها في الأرض الروسية، في كل واحد متكامل لكي يكون بمقدورنا ربط الحركة الثورية الروسية بالنهوض العفوي للجماهير الشعبية. وعندما يتحقق هذا الارتباط وحسب يمكن تأسيس حزب الطبقة العاملة الاشتراكي الديمقراطي في روسيا، لأن الاشتراكية الديمقراطية لا تقوم لمجرد خدمة حركة الطبقة العاملة العفوية مثلما يميل إلى الاعتقاد بعض "عمالنا العمليين" اليوم أحيانا – بل دمج الاشراكية بحركة الطبقة العاملة وهذا الدمج وحده هو الذي سيمكن البروليتاريا الروسية من تحقيق مهمتها السياسية العاجلة – تحرير روسيا من الاستبداد والأوتوقراطية..".
داعية ومحرض ومنظم جماعي
لقد ربط لينين تماما في ذلك الوقت ما بين اتساع الحركة الاشتراكية الديمقراطية الثورية في روسيا وصعود الصراع الطبقي هناك، وبين ضرورة تأسيس منظمة مركزية وجريدة ناظمة يعملان على توحيد وعي وحركة الثوريين بهدف النشاط السياسي وقيادة النضالات الطبقية. وقال ".. إننا اليوم في وضع يسمح لنا بتأمين منبر ينبغي أن يكون صحيفة اشتراكية ديمقراطية. إن الطبقة العاملة الروسية. خلافا لسائر طبقات وفئات المجتمع الروسي، تبدي اهتماما ثابتا بالمعرفة السياسية وتعبر عن طلبها المستمر والواسع، (لا في فترات الاضطرابات المكثفة فقط) على الأدبيات السرية. وعندما يكون مثل هذا الإقبال الجماهيري واضحا، وعندما يكون تدريب القادة الثوريين المجربين قد بدأ، وعندما يجعل تمركز الطبقة العاملة منها السيد الفعلي في الأحياء العمالية في المدن الكبرى وفي المستوطنات والمجمعات العمالية، يضحي تأسيس جريدة سياسية أمرا في مقدور البروليتاريا تماما، وبواسطة البروليتاريا ستتغلغل الجريدة إلى صفوف البرجوازية الصغيرة في المدن والحرفيين والفلاحين في الريف وتصبح جريدة سياسية شعبية حقا. بيد أن دور الجريدة لا يقتصر على مجرد نشر الأفكار، على مجرد التربية السياسية واجتذاب الحلفاء السياسيين..".
وأضاف قائلا بشأن مشروع الصحيفة "هل يمكن الاقتصار على الدعاية لفكرة عداء الطبقة العاملة للأوتوقراطية؟ كلا، طبعا. فلا يكفي أن نبين للعمال أنهم مضطهَدون سياسيا – مثلما لا يكفي أن نبين لهم أن مصالحهم تتناقض مع مصالح أصحاب الأعمال – إن من الضروري أن نقوم بالتحريض بصدد كل مظهر ملموس من مظاهر هذا الاضطهاد – مثلما شرعنا بتحريضنا ضد مظاهر الاضطهاد الاقتصادي الملموسة – ولما كان هذا الاضطهاد يمس شتى طبقات المجتمع على اختلافها، ويتجلى في ميادين الحياة والنشاط: المهنية والعامة والخاصة والعائلية والدينية والعلمية. إلخ، أفليس من الواضح أننا لن ننجز مهمتنا، في تطوير وعي العمال السياسي، إن لم نأخذ على عاتقنا أمر تنظيم الفضح السياسي للأوتوقراطية بصورة شاملة؟ ولغرض القيام بالتحريض على أساس مظاهر الاضطهاد الملموسة، لا بد من فضح هذه المظاهر – مثلما يقضي التحريض الاقتصادي بفضح الانتهاكات في المصانع..".
وتحدث عما يحتاجه العمال، جمهور الصحيفة المنتظر، قائلا: "نحن نريد أن نعرف كل ما يعرفه الآخرون، نريد أن نتعلم تفاصيل كل مناحي الحياة السياسية، وأن نساهم بنشاط في كل حدث سياسي مهما كان وهذا يتطلب من المثقفين أن يقللوا من تكرار ما نعرفه نحن أنفسنا، ويحدثونا أكثر عما لا نعرفه حتى الآن، وما لا نستطيع أبدا أن نتوصل إلى معرفته عبر تجربتنا المصنعية والاقتصادية، ونعني المعرفة السياسية. تستطيعون أنتم معشر المثقفين أن تحصلوا على هذه المعرفة، وأنكم لملزمون بأن تقدموها لنا بأكثر مما فعلتم اليوم بمائة ألف بل بألف ألف مرة.."
ومن بين المسائل الأساسية التي أكد عليها لينين في مقاله الهام (بم نبدأ) أن "الجريدة ليست فقط داعية جماعيا ومحرضا جماعيا، بل هي في الوقت نفسه منظم جماعي. ومن هذه الناحية الأخيرة يمكن أن تقارن بالسقالات التي تنصب حول البناية التي يجري تشييدها، فتشير إلى معالم البناية وتسهل الاتصال بين البناة وتساعدهم على توزيع العمل بينهم وعلى رؤية مجمل النتائج التي أحرزها العمل المنظم ".
الإيسكرا: من الشرارة يندلع اللهيب
يمكننا أن نوجز سمات ومهمات صحيفة (الإيسكرا)، التي تعني (الشرارة)، والتي صدر عددها الأول في أوائل كانون الأول من عام 1900، باعتبارها أداة أساسية في بناء الحزب الثوري الطليعي. وأدت مهمة منصة لنشر الفكر الماركسي وتنظيم الطبقة العاملة خصوصا ضد "الاقتصادويين". كما أكدت أهمية الكفاح السياسي والحاجة الى حزب ثوري لقيادة البروليتاريا نحو الاشتراكية.
وكانت الإيسكرا أكثر من مجرد صحيفة، فقد كانت مشروعا أساسيا بالنسبة للينين ولحزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي لتوحيد الحزب ورفع الوعي السياسي للطبقة العاملة وتهيئتها للثورة الاشتراكية.
وانتقدت الإيسكرا بقوة "النزعة الاقتصادية" التي ترى أن على العمال أن يركزوا على المطالب الاقتصادية مثل الأجور وظروف العمل، متجاهلة الكفاح السياسي الأوسع. وجادل لينين بأن هذا لن يؤدي الا الى مستوى محدود من القضايا الاتحادية النقابية، ولن يكون كافيا لتحدي الرأسمالية والطبقة الحاكمة.
وأكدت الإيسكرا على الحاجة الى حزب طليعي يتسم بالتنظيم، ومجموعة من الثوريين المحترفين المتسمين بالانضباط لقيادة الكفاح السياسي ورفع المستوى العام لوعي الطبقة العاملة.
ومارست الإيسكرا دورا أساسيا في صياغة موقف البلاشفة في حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي ومنهجه الثوري. وقد أصبحت أفكار لينين التي جرى التعبير عنها في مؤلفه (ما العمل؟)، وعبر الإيسكرا، أساسية بالنسبة لستراتيجية البلاشفة في الاستيلاء على السلطة.
وكان شعار الإيسكرا "من الشرارة يندلع اللهيب"، وهو سطر من الرد الذي كتبه ألكسندر أودويفسكي على قصيدة بوشكين الموجهة الى الديسمبريين المناهضين للقيصر، الذين كانوا معتقلين في سيبيريا.
لقد كان البيان التأسيسي لهيئة تحرير الإيسكرا يشبه اعلان حرب ضد جميع الاتجاهات الاصلاحية في الحركة العمالية الروسية، وبشكل خاص ضد "الاقتصادويين". وأدرك لينين أن جوهر الحزب السياسي يتمثل في أفكاره، وفلسفته المرشدة، وبرنامجه، ومنهجه. أما التنظيم فليس سوى أداة لنقل هذه الأفكار الى حركة عمالية أوسع.
ومن هنا طرح البيان التأسيسي مسألة الوضوح السياسي لاعادة بناء الحزب. وقد جاء فيه "إن تأسيس وتعزيز الحزب يعني تأسيس وتعزيز الوحدة بين جميع الاشتراكيين الديمقراطيين الروس. ومثل هذه الوحدة لا يمكن تحقيقها بمرسوم، أو بقرار لاجتماع المندوبين، بل ينبغي العمل والكفاح من أجلها. ومن الضروري، في المقام الأول، العمل من أجل الوحدة الفكرية الصلبة التي يتعين أن تزيل الخلافات والارتباكات التي – ولنكن صريحين – تسود بين الاشتراكيين الديمقراطيين الروس في الوقت الحاضر. وينبغي تعزيز هذه الوحدة الفكرية عبر برنامج الحزب".
وبدلا من دعوة الاتجاهات المختلفة في الحركة الى أن تلتقي تحت خيمة واحدة، جادل لينين بأن الأساس الواقعي الوحيد لحزب ثوري موحد هو الاتفاق على أفكاره ومبادئه الأساسية. وكما أوضح في (ما العمل؟) فانه: لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية.
ونجد المثال على مقاربة لينين في مقالته الشهيرة (بم نبدأ)، التي نشرت في العدد الرابع من الإيسكرا. ففيها كشف لينين عن نتائج أفكار "الاقتصادويين" في التطبيق العملي: حالة تشظي القوى الثورية، واستغراق الثوريين في عمل محلي صرف، وسلوكهم غير الناضج الذي ينجم عن ذلك.
ومن المعلوم أنه في عام 1903 وفي أعقاب انقسام حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي سعى بليخانوف الى المصالحة مع أعضاء الحزب المنشقين، الذين انسحبوا من التصويت لتقليص عدد مقاعد هيئة التحرير من ستة الى ثلاثة، واختار أن يسمي ثلاثة أعضاء كلهم من المناشفة. وقد استقال لينين قبل أن يجري حسم الترشيحات تاركا الإيسكرا تحت هيمنة المناشفة.
كانت المهام الأساسية للإيسكرا في رأي لينين وقتها، هي، كما أشرنا، تحليل الحركة العفوية، وفهم الحركات الاجتماعية للمثقفين، والدراسة المعتنية للأشكال التي تتخذها النضالات العمالية المحتدمة في ذلك الوقت، وهذا كله بهدف أداء المهمة الثورية الرئيسية، أي دمج الاشتراكية بحركة الطبقة العاملة. فهو لم يكن يتفق مع "عمالنا العمليين" في الاعتقاد بأن مهمة الحركة الاشتراكية هي خدمة الحركة العفوية للطبقة العاملة!! وأكد مجددا على أهمية أن تقوم الإيسكرا بالتحليلات النظرية للظواهر الملموسة وطرح القضايا السياسية والتنظيمية، معارضا بذلك التصور القائل بإحالة هذه القضايا إلى مطبوع دوري آخر مستقل: ".. نود أن نؤكد بشكل خاص معارضتنا للتصور القائل بأن على أي صحيفة عمالية أن تكرس صفحاتها للشؤون الآنية المتعلقة مباشرة بالحركة العفوية للطبقة العاملة فقط، وترك كل شيء يتعلق بالنظرية الاشتراكية والعلم والسياسة وقضايا التنظيم الحزبي... إلخ إلى مطبوع دوري موجه للمثقفين. إن الضرورة تتطلب ما هو عكس ذلك، فعليها أن تربط كل الحقائق والظواهر الملموسة لحركة الطبقة العاملة بالقضايا المشار إليها. إن نور النظرية ينبغي أن يسلط على كل حقيقة قائمة بذاتها، أما الدعاية للقضايا السياسية والتنظيم الحزبي فينبغي أن تقوم به وسط أوسع جماهير الطبقة العاملة…".
وأكد لينين على أهمية وضرورة جانب آخر للإيسكرا في البيان التأسيسي، وهو أن على الإيسكرا أن تكون ذات اتجاه مستقل وموحد ومحدد تماما في جميع القضايا، وأن لا تتحول إلى خليط من الآراء المتضاربة، قائلا ".. وهنا تبرز بالطبع، هذه المسألة: إذا كانت المطبوعات المقترحة تستخدم أهداف توحيد كل الاشتراكيين الديمقراطيين الروس وتدمجهم في حزب واحد، فلا بد لها أن تعكس كل ألوان الرأي، كل الخصائص المحلية المحدودة، وكل الطرائق العملية على اختلافها. ولكن كيف نستطيع الجمع بين وجهات النظر المختلفة والحفاظ على سياسة تحرير منسجمة لهذه المطبوعات؟ أتكون هذه المطبوعات مجرد خليط من وجهات نظر متضاربة؟ أم ينبغي أن يكون لها اتجاه مستقل ومحدد تماما؟ أننا نتمسك بالرأي الثاني، ونأمل أن تبرهن الصحيفة ذات الاتجاه المحدد على أنها ملائمة تماما لغرض التعبير عن مختلف وجهات النظر وللنقاش الرفاقي بين المساهمين فيها..".
وربط لينين بين ضرورة أن يكون للصحيفة اتجاه موحد ومستقل وبين مهمة توحيد المواقف المختلفة للاشتراكيين، وذلك بأن تحافظ الصحيفة على استقلالية ووحدة مواقفها وبين أن تسمح على صفحاتها بالمساجلات بين الرفاق. وكتب يقول إننا "لا ننكر وجود الاختلافات، ولن نحاول إخفاءها أو طمسها بل على العكس من ذلك نريد لمطبوعاتنا أن تصبح منبرا لمناقشة كل القضايا من قبل جميع الاشتراكيين الروس على اختلاف وألوان آرائهم. أننا لا نرفض المساجلات بين الرفاق، بل نحن على العكس من ذلك، مستعدون لأن نخصص لهم مجالا واسعا على أعمدة صحفنا..".
وفي بيان هيئة تحرير الإيسكرا الذي صدر ككراس مستقل عام 1901 أكد لينين على أهمية أن تناقش الصحيفة جميع القضايا من وجهة نظر مستقلة وموحدة، وأن تضع حدودا فاصلة ومميزة لمواقفها، وذلك لكي تكون قادرة على النضال ضد التشوش السائد، وتوحيد مواقف الاشتراكيين. إلا أن عليها أن تخصص مساحة للمساجلات، على أساس كونها مساجلات وليست كمواقف للمجلة. وأكد أنه "كما سبق وقلنا، فإن الوحدة الآيديولوجية للاشتراكيين الديمقراطيين الروس مازالت بانتظار خلقها، وفي سبيل ذلك فإن من الضروري في تقديرنا الشروع بنقاش مفتوح وشامل للقضايا الجوهرية المتعلقة بالمبادئ والتكتيكات التي يطرحها اقتصاديو ونقاد اليوم البيرنشتانيون. ولا بد لنا، قبل أن يكون بوسعنا أن نتوحد ومن أجل أن نكون قادرين على التوحيد، أن نضع حدودا ثابتة وفاصلة متميزة. وإلا فإن وحدتنا ستكون وحدة موهومة تماما وستخفي البلبلة السائدة وتعرقل عملية اجتثاثها من جذورها. من الواضح أننا لا ننوي تحويل مطبوعاتنا إلى مجرد مستودع للآراء المتضاربة. بل على العكس، أننا عازمون على أن نوجهها بروح الاتجاه المحدد بوضوح تام. ورغم أننا سنناقش جميع المسائل من وجهة نظرنا الواضحة إلا أننا سنخصص مساحة كافية في صحافتنا للمساجلات التي تدور بين رفاقنا..".
***********************************************
الصفحة الثامنة
في بابل.. رابطة المرأة تحتفل بيوم الطفل
الحلة – مائدة جميل
في مناسبة يوم الطفل العالمي الذي يصادف الأول من حزيران، نظمت رابطة المرأة العراقية في بابل سلسلة من النشاطات في عدد من مناطق المحافظة، سعيا لإدخال البهجة إلى قلوب الأطفال، وترسيخ القيم الإنسانية والتضامن مع القضايا العادلة.
وشملت الفعاليات توزيع الهدايا والحلويات على الأطفال في حديقة الإسكان وسط مدينة الحلة، في أجواء احتفالية مبهجة. كما نظمت الرابطة نشاطًا مماثلًا في قرية البو فارس.
وفي ناحية جبلة، أقيمت فعالية جُمِع خلالها عدد من الأطفال ووزعت عليهم الهدايا. فيما شهدت قرية غليس في الحلة نشاطًا مماثلًا، جسّد روح المحبة والعناية بالطفولة.
وتميّزت هذه الفعاليات بمشاركة الأطفال أنفسهم، الذين رفعوا لافتات خطّوها بأيديهم، عبّروا فيها عن تضامنهم مع أطفال غزة، مُدينين العدوان الصهيوني الذي يستهدف الطفولة والعائلات الفلسطينية بالتشريد والقتل.
********************************************
في أبي الخصيب حفل بيوم الطفل العالمي
أبو الخصيب - ربيعة الحمزة
شهدت إحدى الحدائق العامة في قضاء أبي الخصيب في البصرة، حفلا للاطفال في مناسبة يوم الطفل العالمي الأول من حزيران، حضره حشد من الصغار وعائلاتهم، فضلا عن ممثلي منظمات مدنية.
ورفع المحتفلون شعارات طالبت بضامن العيش الكريم للأسر وأطفالها، وبحماية حقوق الطفولة من تعليم ورعاية وتوفير بيئة خالية من العنف. كما تضامنت مع أطفال غزة والدول المنكوبة وهم يواجهون الحروب والمخاطر. وتخللت الحفل نشاطات ترفيهية وثقافية. فيما قرأت سكرتيرة رابطة المرأة في أبي الخصيب ربيعة الحمزة، بيانا في المناسبة تحت شعار "أوطان آمنة ومجتمعات مسالمة تضمن الحقوق الكاملة للطفل وتحرص على حمايتها".
وسلط البيان الضوء على أبرز التحديات التي تواجه الطفولة في العراق. وندد بالانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها أطفال غزة واليمن والسودان. وطالب بخطوات فورية لتحسين أوضاع أطفال العراق.
*******************************************
المحلية العمّالية تُعرّف بنضال الشيوعيين
بغداد – عامر عبود الشيخ علي
بهدف التعريف بسياسة الحزب الشيوعي العراقي وتجربته النضالية، نظمت اللجنة المحلية العمالية في الحزب، أخيرا، جولات إعلامية راجلة في عدد من مناطق بغداد الصناعية، مثل كمب سارة وشارعي الصناعة والشيخ عمر ومنطقة كسرة وعطش.
ووزع الرفاق على العمال والحرفيين والفنيين، نسخا كثيرة من فولدر يُعرّف بتاريخ الحزب وتجربته النضالية ومواقفه السياسية المدافعة عن حقوق الشعب.
ودارت بين الرفاق والعمال وأصحاب المحال والورش، حوارات حول ضرورة التغيير الشامل لمنظومة الحكم. كما تبادلوا الحديث عن الصناعة الوطنية وعن أهمية اعادة تشغيل المعامل المتوقفة في القطاع العام وتأهيل ودعم القطاع الخاص.
هذا وأبدى العديد من العمال استعدادهم للوقوف إلى جانب الحزب في سعيه إلى توفير بديل وطني يعمل على بناء الدولة المدنية وتحقيق العدالة الاجتماعية.
***********************************************
أطفال الحيّ يحتفلون بيومهم العالمي
الحي – بشار قفطان
في مناسبتي يوم الطفل العالمي الاول من حزيران وعيد الأضحى، أقامت رابطة المرأة العراقية في قضاء الحي بمحافظة واسط، عصر الأحد الماضي، حفلا للأطفال في إحدى المتنزهات.
الحفل الذي حضره جمع من الأطفال وعائلاتهم، تضمن توزيع حلوى ومرطبات على الأطفال، وتنظيم فعاليات ترفيهية.
*********************************************
الصفحة التاسعة
في ختام تصفيات المونديال العراق يحقق فوزا معنويا على الأردن.. والعيون على الملحق
متابعة ـ طريق الشعب
حقق منتخب العراق فوزاً معنوياً ثميناً على مضيفه منتخب الأردن بنتيجة (1-0)، في اللقاء الذي جمعهما يوم الثلاثاء الماضي، ضمن الجولة العاشرة والأخيرة من المرحلة الثالثة لتصفيات آسيا المؤهلة إلى كأس العالم 2026 في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.
وسجّل هدف المباراة الوحيد اللاعب حسن عبد الكريم في الدقيقة 78، إثر كرة عرضية خادعت دفاع وحارس النشامى يزيد أبو ليلى، بمساهمة ذكية من اللاعب سجاد جاسم الذي أربك تمركز الحارس، ليخطف أسود الرافدين فوزاً معنوياً مهماً في ختام مشوار التصفيات.
وبهذا الانتصار، رفع المنتخب العراقي رصيده إلى 15 نقطة، أنهى بها التصفيات في المركز الثالث خلف الأردن صاحب المركز الثاني بـ 16 نقطة، والذي كان قد ضمن تأهله إلى المونديال مسبقاً.
ورغم أن الفوز لم يُحدث تغييراً في ترتيب المنتخبين، إلا أن المنتخب العراقي خرج بثلاث مكاسب رئيسية، اولها استعادة الثقة قبل الملحق فقد عانى المنتخب العراقي في الأشهر الأخيرة من غياب الانتصارات، وتحديداً منذ مباراته أمام اليمن في كأس الخليج "خليجي 26" أواخر كانون الاول 2024. الفوز على الأردن أعاد شيئاً من الروح والثقة للاعبين والجهاز الفني، خصوصاً مع اقتراب خوض المنتخب للملحق الآسيوي الحاسم.
وقال المدرب غراهام أرنولد في المؤتمر الصحفي بعد المباراة: "أنا فخور بما قدمه الفريق. لقد كانت مباراة صعبة، لكننا قرأنا الخصم جيداً، وهذا الفوز يمنحنا دفعة معنوية كبيرة قبل الملحق. القادم سيكون أفضل."
كان من المتوقع أن يتراجع العراق في تصنيف الفيفا بعد خسارته أمام كوريا الجنوبية، إلا أن الفوز على الأردن قد يحول دون ذلك. كما أن النتيجة تمنح العراق فرصة للحفاظ على مركزه الحالي أو تحسينه في حال تحقيق نتائج إيجابية في المباريات المقبلة، سواء الرسمية أو الودية.
جاء الفوز على أول منتخب عربي ضامن للتأهل إلى المونديال بمثابة مصالحة جزئية مع الجماهير العراقية، التي كانت تأمل في انتصار على الأردن، خصوصاً بعد الخروج من كأس آسيا. اللاعبون، ومنهم أيمن حسين، أكدوا على أهمية دعم الجماهير في المرحلة المقبلة، ووعدوا بالقتال في الملحق من أجل تحقيق حلم التأهل.
وقال أيمن حسين: "لم أسجل، لكن الأهم أننا فزنا. هذا الفوز يعني الكثير لنا وللجماهير. الملحق لن يكون سهلاً وعلينا التكاتف."
من المقرر أن تُقام قرعة الملحق الآسيوي يوم الخميس 17 تموز المقبل، بمشاركة منتخبات العراق، السعودية، قطر، الإمارات، عُمان، وإندونيسيا، حيث ستُلعب المباريات في تشرين الأول 2025.
ووفقاً لتصنيفات الاتحاد الآسيوي، جاء العراق في المستوى الثاني إلى جانب الإمارات، فيما ستُقام مباريات الملحق على أراضي المنتخبات ذات التصنيف الأعلى، وهما السعودية وقطر.
*********************************************
غاتوزو يقترب من قيادة المنتخب الإيطالي
روما – وكالات
بات جينارو غاتوزو، المدير الفني السابق لناديي ميلان ونابولي، قريبًا من تولي مهمة قيادة المنتخب الإيطالي الأول خلال الفترة المقبلة، خلفًا للمدرب لوتشيانو سباليتي. ووفقًا لما كشفته صحيفة "كوريري ديللو سبورت" الإيطالية، فإن غاتوزو أصبح المرشح الأوفر حظًا لتولي منصب المدير الفني للأزوري، بعد أن رفض المدرب المخضرم كلاوديو رانييري العرض المقدم له من الاتحاد الإيطالي.
وضمت قائمة المرشحين أيضًا أسماء بارزة مثل روبرتو مانشيني، دانييلي دي روسي، وفابيو كانافارو، لكن حظوظ غاتوزو ارتفعت بشكل كبير خلال الساعات الماضية. وأشارت الصحيفة إلى أن رئيس الاتحاد الإيطالي لكرة القدم، غابرييل غرافينا، يميل إلى منح غاتوزو فرصة قيادة المنتخب، ويحظى بدعم قوي من جانلويجي بوفون، الحارس الأسطوري وأحد رموز تتويج إيطاليا بكأس العالم 2006. وأكدت تقارير أن اجتماعًا سريًا بين غرافينا وغاتوزو قد يكون قد عُقد بالفعل أو يُعقد خلال الساعات المقبلة لحسم التفاصيل.
*************************************************
اتحاد اليد يحدد 15 أيلول موعداً لانطلاق دوري النخبة
متابعة ـ طريق الشعب
أعلنت لجنة المسابقات في الاتحاد العراقي لكرة اليد، اليوم الأربعاء، عن موعد انطلاق منافسات دوري النخبة للموسم الجديد 2025-2026، حيث تقرر بدء المنافسات يوم 15 أيلول/سبتمبر 2025.
وقال رعد عبد رمضان، عضو الاتحاد والمشرف العام على لجنة المسابقات: "دوري النخبة سينطلق رسمياً في منتصف أيلول المقبل، ونعمل حالياً على إدخال تحسينات متعددة على المسابقة، بهدف تعزيز الإيجابيات وتلافي السلبيات التي رافقت النسخة الماضية."
وكان نادي الحشد الشعبي قد توّج بلقب دوري النخبة للموسم الماضي (2024-2025)، بعد فوزه على نادي الكرخ بنتيجة (28-26) في مباراة نهائية مثيرة، ليحل الكرخ وصيفاً.
وفي سياق متصل، تستأنف اليوم الخميس منافسات الدور الثالث من المرحلة الثانية لدوري الدرجة الأولى لكرة اليد، بإقامة مباراة واحدة تجمع نادي كويه مع نادي النصر عند الساعة الثالثة عصراً على قاعة نادي كويه.
وتُستكمل مباريات الجولة يوم الجمعة، بإجراء مواجهتين؛ الأولى بين الطوز وتشرين في قاعة نادي كيوان بمحافظة كركوك الساعة الرابعة عصراً، والثانية بين صلاح الدين والبصرة في قاعة محمد خليل بمحافظة تكريت الساعة الثانية ظهراً.
ويأمل الاتحاد أن تسهم هذه التحسينات في تطوير مستوى اللعبة وزيادة التنافس بين الأندية في الموسم الجديد.
*******************************************************
الاتحاد الآسيوي يعتمد أربعة أندية عراقية للمشاركة القارية
متابعة ـ طريق الشعب
أعلن الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، أمس الأربعاء، بشكل رسمي أسماء الأندية العراقية التي يحق لها المشاركة في البطولات القارية للموسم 2025-2026، وذلك بعد استيفائها شروط ومعايير الرخصة الآسيوية.
ووفقاً للاتحاد، فإن أربعة أندية فقط من العراق حصلت على الرخصة، وهي: الزوراء، الشرطة، الكهرباء، وزاخو، بعد أن استوفت جميع المتطلبات الفنية والإدارية والمالية التي يشترطها الاتحاد ضمن نظام التراخيص الخاص به.
وأشار الاتحاد إلى أن مشاركة الأندية العراقية في البطولات القارية ستكون محصورة بهذه الأندية الأربعة، بغض النظر عن نتائج الموسم المحلي 2024-2025، إذ لن تُمنح بقية الأندية غير الحاصلة على الرخصة حق المشاركة، حتى وإن حققت مراكز متقدمة في الدوري.
وتنقسم بطولات الاتحاد الآسيوي إلى ثلاثة مستويات، هي: دوري أبطال آسيا للنخبة (المستوى الأعلى)، ويضم أفضل 24 نادياً في القارة، ودوري أبطال آسيا 2 (المستوى الثاني)، بمشاركة 32 نادياً، وكأس التحدي الآسيوي (المستوى الثالث)، بمشاركة 20 نادياً.
ويُنتظر أن تُحدَّد هوية البطولة التي سيشارك فيها كل نادٍ عراقي من الأندية الأربعة، بناءً على تصنيف الدوري العراقي وموقع النادي في جدول الترتيب النهائي للموسم المحلي.
*********************************************
السبت المقبل.. انطلاق كأس العالم للأندية 2025 وسط جدل حول جدواها
متابعة ـ طريق الشعب
تترقب جماهير كرة القدم حول العالم انطلاق بطولة كأس العالم للأندية 2025 يوم السبت المقبل في الولايات المتحدة الأميركية، في نسخة تاريخية موسعة يشارك فيها 32 نادياً يمثلون قارات العالم المختلفة، وسط جدل متواصل بين مؤيدين ومعارضين بشأن توقيت البطولة وتأثيرها على اللاعبين.
توزيع المقاعد وتباين التمثيل القاري
وبحسب النظام الجديد للبطولة، يحصل الاتحاد الأوروبي (UEFA) على 12 مقعدًا، بينما تشارك أمريكا الجنوبية بستة أندية، مقابل 4 فرق لكل من آسيا، إفريقيا، و"الكونكاكاف"، وفريق واحد فقط من اتحاد أوقيانوسيا. أما إنتر ميامي الأميركي، فيمثل البلد المضيف كفريق مشارك في البطولة.
أنشيلوتي يثير الجدل ويعود للتأكيد
كان الجدل قد تفجّر في حزيران 2024، حين صرّح المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي بأن أندية مثل ريال مدريد قد ترفض المشاركة بسبب ضغط المباريات وضعف العائد المالي، معتبراً أن "مباراة واحدة لريال مدريد تساوي 20 مليون يورو، بينما فيفا يريد منحنا هذا الرقم مقابل بطولة كاملة". لكن أنشيلوتي عاد لاحقاً وأوضح أن تصريحاته "أسيء فهمها"، مشدداً على اهتمامه بالبطولة ورغبته في الفوز بلقب جديد مع الفريق الملكي.
كما أصدر نادي ريال مدريد بياناً رسمياً أكد فيه التزامه بالمشاركة، واصفاً البطولة بأنها "فرصة لإلهام الجماهير وتحقيق لقب جديد".
الفيفا يدافع وإنفانتينو يهاجم
في مواجهة الانتقادات، دافع رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) جياني إنفانتينو عن قرار توسيع البطولة، مؤكداً أن "فيفا ينظم 1بالمائة فقط من المباريات، في حين تقع المسؤولية الكبرى على الاتحادات القارية والمحلية". كما أشار إلى أن عائدات البطولة – التي تصل إلى مليار دولار – سيتم توزيعها بالكامل على الأندية، إضافة إلى 250 مليون يورو كمدفوعات تضامنية لدعم الأندية الأصغر حول العالم.
ورغم ذلك، يتواصل الجدل بشأن الإرهاق البدني للاعبين، إذ سلط العديد من المدربين والخبراء الضوء على خطورة الجدول المزدحم، ومنهم توماس فرانك مدرب توتنهام، الذي صرّح: "نحن نصل إلى نقطة انهيار للاعبين... لا أحد يريد هذه البطولة"، بينما وصف المحلل الإنجليزي جيمي كاراجر البطولة بأنها غير ضرورية ولا تحظى باهتمام حقيقي من الجماهير.
حماسة من اللاعبين واهتمام أمريكي لاتيني
رغم الانتقادات الأوروبية، يبدي عدد من النجوم حماسة للمشاركة، أبرزهم هاري كين وتوماس مولر من بايرن ميونيخ، والذين وصفوا البطولة بأنها "فرصة فريدة ذات طابع عالمي". ويبدو أن الحماس الجماهيري في أمريكا الجنوبية والولايات المتحدة يفوق نظيره في أوروبا، حيث لا تزال دوري أبطال أوروبا تُعد البطولة الأهم للأندية الأوروبية.
أبعاد مالية وتأثيرات على الأندية
من الناحية الاقتصادية، تُعد البطولة ذات أهمية كبيرة لعدد من الأندية، مثل إنتر ميلان، الذي يعاني من مشاكل مالية، وقد يحقق عائدات تفوق 30 مليون دولار من مشاركته. ومع تخصيص جوائز ضخمة، يُتوقع أن تسهم البطولة في تحسين أوضاع عدد من الأندية ماليًا، حتى إن لم تكن مستعدة بدنيًا لخوض مباريات إضافية.
بطولة بين الطموح والإرهاق
مع انطلاق كأس العالم للأندية 2025، تقف كرة القدم أمام مفترق طرق بين الرغبة في التوسع والعولمة وبين ضرورة حماية صحة اللاعبين وتوازن الجدول السنوي. وبينما يصر الفيفا على أن البطولة ستكون "نقطة تحول تاريخية"، يرى آخرون أنها تمثل عبئاً إضافياً قد يؤثر على جودة اللعبة على المدى الطويل.
وبين الواقعية الاقتصادية والجدل الرياضي، يبقى الجمهور هو الحكم النهائي في تحديد مدى نجاح هذه النسخة التاريخية من البطولة.
*****************************************
وقفة رياضية.. عدنان درجال مستشاراً لأرنولد
منعم جابر
في هذه المنافسات الحاسمة، بات من الضروري للكابتن عدنان درجال أن يبقى قريباً ومستشاراً (ومساعداً) للمدرب الإسباني غراهام أرنولد، لأنه على دراية تامة باللاعبين العراقيين، سواء من المغتربين أو المقيمين، إذ عاش معهم وشاركهم أفراحهم وإخفاقاتهم. ولأن المدرب الأسترالي لم يُكوِّن بعد تصوراً كاملاً عن قدراتهم الفنية والمهارية، فإن وجود درجال إلى جانبه سيكون داعماً ومكمّلاً.
لذا أقول للكابتن درجال: إن المرحلة المقبلة حاسمة، وأنتم الأعرف والأدرى بواقع لاعبيكم وإمكاناتهم. وبهذا، نستطيع أن نوظف كل القدرات الفنية والإدارية المتاحة لتحقيق نتيجة مشرّفة. كما أن وجودكم على مقاعد الاحتياط سيكون فرصة لمناقشة المدرب الأسترالي ومساعديه، وتقديم الأفكار والمقترحات العملية التي تُسهم في تصحيح مسار الفريق وأدائه، خصوصاً في اللحظات الحاسمة.
إنكم تملكون الخبرة والدراية بأسرار عالم التدريب، والمدرب أرنولد لن يتمكن من التعرّف السريع والدقيق على إمكانات اللاعب العراقي في مثل هذه الظروف، إلا من خلال مساعدين يمتلكون المعرفة والقدرة والخبرة الكافية للتعامل مع اللاعبين ومعرفة تفاصيلهم عن قرب ولفترات طويلة.
ولكي يكون عملنا الكروي متكاملاً ودقيقاً وناجحاً، ينبغي على الجميع — من فنيين وإداريين وإعلام وجماهير — أن يضعوا الخلافات جانباً، وأن يتجهوا بجدية وإخلاص نحو الارتقاء بمستوى كرتنا، والسعي لبلوغ قمة آسيا، والتأهل إلى نهائيات كأس العالم 2026. وهذا هو الأمل الأكبر للجماهير العراقية المتعطشة لرؤية منتخبها على الساحة العالمية.
إن مشاركة الكابتن درجال في هذه المهمة الوطنية، كونه مدرباً وخبيراً سبق له قيادة المنتخب العراقي وبعض الأندية الخليجية، وامتلك من الخبرات وعلوم التدريب ما يؤهله لذلك، لا ينبغي أن يُعفى منها. لقد اكتسب خلال السنوات الثلاث التي قاد فيها اتحاد الكرة، وأشرف خلالها على جميع المنتخبات الوطنية، كماً هائلاً من المعلومات والمعارف المباشرة عن اللاعبين وإمكاناتهم ومستوياتهم.
وبذلك، يستطيع الكابتن درجال أن يُسهّل مهمة المدرب الأسترالي الجديد في هذه المهمة الوطنية، التي نعلم جميعاً مدى صعوبتها. وهنا أطالب الإعلام الرياضي بأن يساهم في دعم المدرب ومساندته، كما أناشد الجماهير الرياضية أن تكون سنداً حقيقياً للفريق الوطني، وأن تُعزز من معنويات اللاعبين حتى تحقيق الحلم العراقي الكبير بالتأهل إلى كأس العالم.
*********************************************
الصفحة العاشرة
الشيخ إمام في ذكراه الثلاثين... ثائر بالصدفة!
شريف صالح
لم يخطط الشيخ إمام - الذي تمر ذكراه الثلاثين هذه الأيام - أن يحفظ القرآن الكريم ولا أن يصبح موسيقيا ولا مغنيا ولا من مشاهير المعتقلين السياسيين، وإنما كانت الأقدار تسوقه من فخ إلى فخ.
طفل صغير اسمه إمام محمد عيسى ولد في صيف 1918 لأسرة فقيرة في قرية "أبو النمرس" في الجيزة، أصيب بالرمد في سنته الأولى وبسبب علاج شعبي خاطئ فقد بصره، فاكتسب حساسية خاصة في علاقته مع الحياة، وسمع أمه تعاير بأنه "كفيف"!
تكسب بالتلاوة
جرت العادة أن ينذر الصغار الأكفاء لحفظ القرآن الكريم وتلاوته، لضمان لقمة العيش والتكسب بالتلاوة في المآتم والجنازات. أي أن صدفة العمى قادته إلى الالتحاق بالجمعية الشرعية وحفظ القرآن الكريم ودراسة قراءاته المختلفة. كانت الأمور تسير كيفما خطط والده الصارم، إلا أن الصبي كان متمردا ينصت بقلبه إلى الأهازيج وأغاني النساء في الأفراح ومواسم الحج، بل وتجرأ على سماع تلاوة الشيخ رفعت في الراديو، والجمعية كانت تحرّم الراديو!
لم يرتكب جريمة كبرى لكنهم فصلوه، وخشي من غضبة والده، فذهب إلى أقارب له للعيش قرب سيدنا الحسين والأزهر الشريف، ما يوفر له فضاء أكثر حرية لسماع التواشيح والإنشاد، ليصبح قارئا ومنشدا هاويا. آنذاك أتى إليه والده وانتهى اللقاء بقطيعة معه ومع قريته إلى الأبد، خصوصا بعد وفاة والدته.
حتى هذه اللحظة لم تكن لدى الشيخ إمام خطط للمستقبل، ولا ميول فنية جارفة، إلى أن استقر في "حوش قدم" في الغورية، حي شعبي مغرق في القدم يعد جزءا من القاهرة الفاطمية.
رفقة الشيخ الحريري
بعد صدفة العمى، وصدفة حفظ القرآن الكريم، وصدفة الفصل من الجمعية الشرعية، وصدفة الفرار إلى أقاربه في الغورية، حدثت صدفة غيرت مسار حياته إلى الأبد، حين التقى الشيخ درويش الحريري أحد أعلام الموسيقى العربية ومعلميها الكبار.
تتلمذ على يديه وصحبه في مجالسه، وتعرف على أحد تلاميذه الكبار وهو الشيخ زكريا أحمد. فأصبح الشيخ إمام وقبل أن يبلغ العشرين بمثابة المرآة الخاصة بالشيخ زكريا يسمع منه الألحان ويدققها، ويراجعه إذا نسي شيئا. وتحسنت حياته نسبيا، إلى أن اتهم بتسريب ألحان الشيخ زكريا لأم كلثوم قبل أن تغنيها، فانقطعت العلاقة بينهما.
حتى تلك اللحظة لم يكن الشيخ إمام يتقن العزف على آلة العود. يملك الأذن الموسيقية، والذاكرة الحافظة، وشعر أنه لو أتقن الضرب على أوتار العود لنافس أستاذه الشيخ زكريا نفسه، لذلك استعان بصديقه كامل الحمصاني لتدريبه.
كان ينسلخ شيئا فشيئا عن تكوينه الديني، فخلع جلبابه الأزهري وارتدي ملابس عصرية، وحاول تأليف كلمات كي يلحنها ويغنيها. مع ذلك لم يحقق أي نجاح يذكر.
لقاء نجم
عندما يقترب المرء من الخامسة والأربعين، يبدأ العد التنازلي لرحلته، لكن الشيخ إمام لم يفقد الأمل أن يصبح ملحنا ومغنيا.
ثم وقعت أكبر صدفة في تاريخه، واحدة من أجمل مصادفات تاريخ الغناء، فالموسيقي العائش في الظل في حي شعبي عتيق، فوجئ بالكاتب والمخرج سعد الموجي يزروه برفقة شاعر تجاوز الثلاثين بشعر منكوش اسمه أحمد فؤاد نجم كان يعيش في حي شعبي آخر هو بولاق الدكرور.
انجذب الاثنان إلى بعضهما البعض سريعا، لكثرة المشتركات الثقافية والنفسية، كلاهما ينتمي إلى جذور ريفية، وثقافة دينية متشابهة، واليتم والفقر، وحب الموسيقى والطرب. الفارق الوحيد أن الفاجومي - لقب نجم - كان أكثر احتكاكا باليسار المصري وشارك في مظاهرات وتعرض للسجن، واطلع على الأدب الروسي، فكان أكثر غضبا، وأصدر بالفعل ديوانه "صور من الحياة والسجن".
كانت تجربتهما العميقة في الحياة، أكثر أهمية من ثقافة الكتب والقراءة، واستغرب نجم الذي انتقل للعيش مع الشيخ إمام في حوش قدم أن رفيقه لم يقدم نفسه كملحن ومطرب حقيقي، فأعطاه أشعاره.
في السنوات الخمس الأولى للثنائي الشهير، لم يحدث تصادم حقيقي مع السلطة، بل نجح الشيخ إمام أن يصبح له برنامج في الراديو يقدم فيه بعض الألحان.
كانا يحاولان تقديم تجربة أكثر شعبية وأقرب في روحها إلى الهامش وليس إلى السائد الرسمي، إلى أن وقعت النكسة التي أثارت غضب الجميع، وسمح عبد الناصر نفسه، جزئيا، بأن يعبر الناس عن غضبهم، وانخرط الغناء الرسمي كله من أم كلثوم وعبد الوهاب والسنباطي وعبد الحليم وصلاح جاهين والأبنودي، في التحفيز للصمود وتحرير الأرض. لكن فجأة خرج نجم والشيخ إمام بهجائية لاذعة تقول ما لم يجرؤ الجميع على قوله، وتحمل عبد الناصر نفسه مسؤولية النكسة وترمز إليه باسم عبد الجبار: " اشعار تمجد وتماين.. حتى الخاين.. وان شا الله يخربها مداين..عبد الجبار"!
لم يتفهم عبد الناصر نعته بالخيانة، واتهامه بالخراب. كانت الأغنية ترسخ جراحه للأبد، وتذكره بكابوس النكسة، فأمر بسجن الاثنين إلى الأبد.
لم يكن نجم أول شاعر يُسجن لموقف سياسي، لكن الشيخ إمام هو أول موسيقي يوضع خلف القضبان عقابا له على ألحانه.
عقب النكسة كان اليسار المصري منقسمًا على نفسه، فالبعض تحالف مع عبد الناصر واصطف خلفه في حرب الاستنزاف، والبعض الآخر استمر في إعلان غضبه وتحريك المظاهرات التي تطالب بالحرب والتحرير واستمر الوضع هكذا في عصر السادات.
اندمج نجم وإمام أكثر في نوبات الغضب والتعليق السياسي على كافة الأحداث بواسطة الغناء، ربما كان نجم ثائرا منذ البداية، وإنما الشيخ إمام تورط في سياق الغضب.
لم تخل تلك المرحلة من كر وفر، وإجراءات قمعية كالاعتقال والمنع من السفر، مع ذلك قدم الاثنان أهم وأشهر الأغاني الثورية مثل "رجعوا التلامذة" و"مصر يا أمه يا بهية" التي اختارها يوسف شاهين لفيلمه "العصفور" وإن كان الفيلم نفسه منعته الرقابة لسنوات ولم يُعرض إلا بعد حرب أكتوبر. كما قدما أيضا أغاني ساخرة من زعماء زاروا مصر مثل "شرفت يا نيكسون بابا.. يا بتاع الووتر غيت.. عملوا لك قيمة وسيما.. سلاطين الفول والزيت"، وأغنية: "فاليري جيسكار ديستان.. والست بتاعه كمان.. حيجيب الديب من ديله.. ويشبع كل جعان.. يا سلاملم يا جدعان..ع الناس الجنتلمان"، إضافة إلى "هم مين وإحنا مين" ردا على ما أسماه السادات "انتفاضة الحرامية"، و"موال الفول واللحمة" و"يا فلسطينية" و"بقرة حاحا" و"غيفارا مات" و"شيد قصورك".
بمرور الوقت التفت أجانب وعرب لتلك الحالة الفنية الثورية، فمثلا تبنى مثقفو تونس تجربة الثنائي ونسخوا ووزعوا أغانيهما أكثر من مصر ـ ودعي نجم والشيخ إمام إلى حفلات في أوروبا والجزائر، وأصبحت أغانيهما جزءا أساسيا في النضال العربي الفلسطيني، والاحتجاجات السياسية، بما في ذلك ثورة يناير في مصر التي رفعت منذ اللحظة الأولى شعار "الورد اللي فتح في جنانين مصر" استلهاما من أغنية للاثنين، كما اعتمدت أغنية أخرى للشيخ إمام هي "يا مصر قومي وشدي الحيل" من كلمات نجيب شهاب الدين.
نجحت التجربة لأنها اعتمدت على شعر عفوي وطازج، لا يخلو من السجع والسخرية المريرة والقسوة والمفارقات، وقول المسكوت عنه سياسيا بلا مواربة.
بينما عبرت ألحان الشيخ إمام عن روح مصرية خالصة تمزج الحس الشعبي بالروح الدينية والصوفية، والجملة اللحنية البسيطة بلا بهرجة أو توزيع أوركسترالي، فهو يكتفي بالغناء والعزف على العود بصبحة محمد علي "الإيقاع"، وكثيرا ما يكون نجم هو الكورال أو بعض الأصدقاء غير المحترفين.
موجة غضب عالمي
منذ البداية تزامن غضب نجم والشيخ إمام مع ثورات الشباب في أوروبا أواخر ستينيات القرن الماضي، وأفكار ما بعد الحداثة التي تشكك في الروايات الرسمية والتقاليد المتعارف عليها، لمصلحة الغناء التهكمي الذي لا يخلو من السباب والشتائم والسخرية.
وبرغم طغيان السياسي لكن التجربة لم تفقد قوتها الإبداعية واتساعها لتشمل حالات متنوعة مثل "واه يا عبد الودود" فهي قصة إنسانية لجندي في الحرب بعيدا عن الهجائية اللاذعة، و"يا حبايبنا..فين وحشتونا" وهي لا تخلو من حس رومانسي يرتبط بقصة حب عاشها الشيخ إمام لكن الاعتقال أبعده عن حبيبته، و"الله حي" التي تستلهم أجواء الموالد وحلقات الذكر.
في السنوات العشر الأخيرة من حياة الشيخ إمام، دب الخلاف بينه وبين نجم، وكان إفساد الصداقة بينهما حلًا أسهل من سجنهما.
أسباب الشقاق متعددة، منها القول بأن الشيخ إمام وهو رجل منضبط لم يعد يتحمل فوضى نجم وعدم التزامه خلال رحلاتهما الفنية، ومنها تبرم نجم من تعاون الشيخ إمام مع شعراء منافسين له، كما نقل البعض لنجم كلاما مسيئا صدر بحقه من الشيخ إمام.
أياً كان السبب، انتهت واحدة من أهم ظواهر الغناء العربي، رغم نجاح البعض في عقد صلح بينهما قبيل رحيل الشيخ إمام الذي مال إلى العزلة بعدما تجاوز السبعين، ومات وحيدا فقيرًا في حزيران عام 1995، مثلما بدأ وحيدا فقيرا في الغرفة ذاتها.
فنان الشعب
إجمالًا حافظت التجربة على بساطتها وطزاجتها، وعفوية وسرعة تعبيرها عما يجري في الواقع، وانحيازها للبسطاء والمهمشين ضد السلطة وضد صيغ الغناء الرسمي.
ولم يحقق الشيخ إمام رخاء ماديا ولا أسس بيتا، لكنه، بمرور الزمن، فرض نفسه في تاريخ الأغنية الثورية، وحين نشر نعيه حمل لقب "فنان الشعب"، وشارك في النعي مثقفون وفنانون وشخصيات عامة من اتجاهات مختلفة منهم: خالد محيي الدين مؤسس حزب التجمع وأحد الضباط الأحرار، أحمد فؤاد نجم، يوسف شاهين، عادل إمام، صنع الله إبراهيم، محمود أمين العام، ولطيفة الزيات.
كانت تلويحة احترام ومحبة لفنان كبير ساقته الأقدار لتطفو أغانيه فوق موجات الغضب العربي.
ــــــــــــــــــــــــــ
"النهار العربي" – 8 حزيران 2025
********************************************
{ديالكتيك الفن} لجون مولينو.. من منظور التوترات الطبقية
ياسر سلطان
هل يمكن للفن أن يكون حراً في ظل منظومة رأسمالية تسخّر كل شيء لمراكمة الربح؟ هذا هو جوهر الإشكالية التي يطرحها الكاتب والناشط الاشتراكي البريطاني الراحل جون مولينو (1948-2022) في كتابه "ديالكتيك الفن"، الصادر حديثاً عن "دار ليون للنشر" في القاهرة، بترجمة عربية لرسام الكاريكاتير والمترجم المصري أشرف عمر، المعتقل بسبب آرائه السياسية. في هذا الكتاب، لا يتعامل مولينو مع الفن لكونه منتجاً جمالياً، بل نتاجاً اجتماعياً مشحوناً بالتوترات الطبقية والتناقضات التاريخية. يضيء الكتاب على زاوية غالبا ما يتم تجاهلها، وهي العلاقة الجدلية بين الفن والرأسمالية.
توتر بين الفنانين والرعاة
يدعونا مولينو منذ صفحات الكتاب الأولى إلى رحلة تنقيب فكري ممتعة ومتوترة في آنٍ، تمتد من عصر النهضة حتى اللحظة المعاصرة، يسلّط فيها الضوء على الصراع العميق بين الإبداع الفردي والنظام الاقتصادي الرأسمالي. ينظر مولينو إلى الفن البصري الغربي من خلال عدسة ماركسية تحليلية، كاشفاً عن التوتر التاريخي المستمر بين الفنانين، أفراداً يسعون للتعبير الحر، وبين الرعاة من الباباوات والمليارديرات، الذين سخّروا الفن لخدمة نفوذهم وسلطاتهم. ومع ذلك، فإن هؤلاء الفنانين، في كثير من الحالات، لم يكونوا مجرد أدوات، بل مارسوا مقاومة ضمنية وصريحة من داخل هذا النظام نفسه، وباستخدام الفن كأداة للتشكيك، والنقد، والتمرد.
أحد أعمدة الكتاب الفكرية هو التمييز بين العمل الإبداعي والفن من جهة، والعمل المأجور المغترب، كما يسميه المؤلف، والذي يهيمن على علاقات الإنتاج الرأسمالية. فالفنان، بحسب مولينو، ينتج عملاً يتوحد فيه الشكل والمضمون، ويستحيل أن ينفصل عن السياق العاطفي والذهني والاجتماعي لمبدعه، وهذه الوحدة الحميمية هي ما يمنح الفن عظمته. يحذّر مولينو من الوقوع في فخ التصنيفات المانوية بين ما يطلق عليه "فن يساري جيد" وآخر "يميني سيء". فالتمييز الجوهري لا يقوم على انتماء سياسي، بل على قدرة العمل الفني على التعبير عن الواقع الاجتماعي ومجابهته، لا مجرد عكسه أو تصويره. وهنا تكمن القيمة التحليلية التي يقدمها المؤلف في قراءة الفن، ليس كقيد، بل كأداة تفسير وتحرير.
في فصل لا يخلو من الجرأة، يناقش الكاتب السؤال الذي يتحاشاه كثير من النقاد المعاصرين، وهو: ما الذي يجعل من عملٍ ما عملًا فنيّاً عظيماً؟ وهل يجوز أصلاً إصدار أحكام جمالية؟ يرفض مولينو الخضوع للموضة الفكرية التي تروّج للنسبية المطلقة، ويؤكد أن معظم البشر، سواء أدركوا أم لا، يصدرون أحكاماً على الفن باستمرار. لذا، لا مانع من محاولة فهم هذه الأحكام، شرط ألا تكون نخبوية أو مغلقة، بل منفتحة على معايير مثل المهارة، والتعبير، والقوة العاطفية، والارتباط بالواقع الاجتماعي. وبهذا، يدخل مولينو الماركسية من أوسع أبواب النقد الفني، لا لتكميم الفن، بل لفهمه بشكل أكثر عمقاً وإنسانية، كما يقول.
الفن بوصفه أداة تحليل
يرصد الفصل الأخير من الكتاب تحولاً كبيراً في طبيعة المواد والموضوعات الفنية مع تطور المجتمعات، من الرخام والذهب إلى الطوب والنيون، ومن لوحات الملوك والنبلاء إلى وجوه الناس العاديين. لكنه يلفت أيضاً إلى ظاهرة استيعاب الفن المُتمرّد داخل مؤسسة الرأسمالية، حيث يتم تبني فنانين مثل بانكسي وجيف كونز من شركات عملاقة، وحتى وكالات استخبارات! مما يطرح تساؤلاً خطيراً حول تدجين التجارب المتمردة والرافضة للواقع السياسي والاجتماعي. لا يكتفي مولينو هنا بنقد الماضي والحاضر، بل يمد بصره نحو المستقبل. يتخيل فناً جديداً يولد من رحم الصراع البيئي، في مواجهة أزمة الكوكب. فنّ لا يخدم الاستهلاك، بل يشارك في بناء عالم أكثر إنسانية واستدامة.
في هذا الكتاب، تتجلّى أطروحة مركزية لا يمكن تجاهلها، وهي أن الفن لا يعيش في فراغ، بل يتحرك دائماً ضمن شبكة معقدة من القوى الاجتماعية والتاريخية. ولعل أبرز ما يميز معالجة مولينو هو قدرته على تفكيك الأسطورة الليبرالية للفن الحر، ليكشف كيف أن المؤسسات، سواء كانت كنسية أو سوقية، قد شكلت الذوق الفني وساهمت في توجيهه. غير أن هذا لا يأتي على حساب قدرة الفن على المقاومة، بل العكس؛ فكل عمل فني يحمل داخله بذور المواجهة والتجاوز. ومن هنا، يعيد الكتاب الاعتبار للفن كأداة تحليل وفهم، تماماً كما هو أداة جمال ومتعة، والتعامل معه ليس فقط كمرآة للواقع، بل مطرقة لكسره.
يتجاوز كتاب "ديالكتيك الفن" كونه مجرد دراسة فكرية في تاريخ الفن، إذ يبدو كبيان سياسي وثقافي لمفكر مستنير يرى في الفن قوة مقاومة ومجالاً للتحرر. إنه دعوة مفتوحة لإعادة التفكير في دور الجمال، لا كترف برجوازي، بل كفعل حقيقي يفتح نوافذ التفكير نحو وعي مختلف. وما يمنح النسخة العربية من هذا الكتاب أبعاداً أعمق وأكثر صدقاً هو مصير مترجمها، الفنان والمثقف أشرف عمر، القابع في السجون المصرية بسبب أفكاره ومواقفه. فهنا، لا يعود النص مجرد وسيلة لنقل المعرفة، بل يتحول إلى شهادة حية على الصراع بين الكلمة والسلطة، وبين الإبداع والقمع، أو بين من يصنعون المعنى ومن يحاولون مصادرته.
يذكر أن الراحل جون مولينو هو كاتب ومفكر بريطاني، له عدة مؤلفات هامة في الفكر اليساري، من بينها: "ما هو التراث الماركسي الحقيقي؟" (1985)، و"رامبرانت والثورة" (2001)، و"الأناركية: نقد ماركسي" ( 2011).
ــــــــــــــــــــــــ
* كاتب من مصر
"العربي الجديد" – 7 حزيران 2025
*************************************************
أحوال المرأة العربية في الزمن الرقمي
بين أروقة «معرض بيروت العربي الدولي للكتاب»، يحضر الكتاب التاسع عشر لـ «تجمّع الباحثات اللبنانيات»، معيداً طرح أسئلة المرأة العربية في زمن الرقمنة وفوضى المعلومات.
يشكل هذا العمل الجماعي ثمرة جهد بحثي تولت تحريره نهوند القادري، ومود اسطفان، ولمى كحال وزينب خليل ويضم مساهمات من باحثين وباحثات من لبنان والعالم العربي، لا سيما من الجامعة اللبنانية مع ناتالي اقليموس، وعزة سليمان، وماري نويل الخوري.
يحمل الكتاب عنوان «النساء العربيات والمرجعيات في ظل الرقمنة وفوضى المعلومات»، ويجمع ثلاثاً وعشرين دراسة ومقالة تضيء على مسارات النساء في فضاء افتراضي مفتوح على إمكانات المعرفة وقيودها الجديدة.
يتناول المشاركون كيفية تموضع النساء العربيات أمام وفرة المعلومات وأوجه الإفادة أو التعقيدات الناشئة عن تحديات التحقق، والفوارق الطبقية والاجتماعية، والبيئة الرقمية المتسارعة. تسعى الدراسات إلى رسم صورة دقيقة لمواقع النساء العربيات في عالم تحكمه السرعة واللايقين وتؤثر فيه الاحتكارات الكبرى، وتستعرض انعكاسات الواقع الافتراضي على ممارسات النساء ومرجعياتهنّ ضمن سياقات اجتماعية متغيرة.
ـــــــــــــــــ
"الأخبار" اللبنانية – 24 أيار 2025
**********************************************
الصفحة الحادية عشر
أخبار ثقافية
* العزلة والحرية/ تأليف غيورغي اداموفيتش، ترجمة تحسين رزاق عزيز. اصدار: دار المأمون- بغداد. الكتاب يتناول ادباء المهجر الروس ومعاناتهم ومنجزاتهم.
* مسرحيات قصيرة/ تأليف رياض ممدوح جمال. منشورات اتحاد الادباء والكتاب في العراق.
* انتظرني في البيت/ رواية ميسلون هادي، اصدار: دار وتر.
* تساءل عدد من ادباء وفناني العراق عن غياب الفنان المسرحي د. جبار محيبس، بعد ان واجه المرض وتعثرت معاملة احالته على التقاعد. جاء ذلك في نداء نشر على مواقع التواصل الاجتماعي.
* سلالم الصحو/ رواية جابر محمد جابر. صدرت في البصرة مؤخراً.
* شخوص وامكنة وأفكار/ قراءات نقدية في السرد الروائي المعاصر، تأليف د. علي عبد الأمير صالح. اصدار: دار الشؤون الثقافية – بغداد.
- ودعت تونس الاديب والمترجم البارع حسون المصباحي، فيما افتقدت الثقافة الكردية في العراق الفنان التشكيلي قرني جميل.. لروحيهما السلام والطمأنينة.
*******************************************
ماركس والماركسية في الثقافة الرقمية
عبد الغفار العطوي
في كتابه (كارل ماركس/ تاريخ حياته ونضاله) يؤكد فرانز مهرنغ على إن حياة وفلسفة ماركس تمثل احسن الدوافع في الإصرار على ديمومة البقاء دوما خارج نطاق الإهمال الذي يضفي على العالم غلالة من النكران، مهرنغ يؤكد في كتابه الضخم على إن ماركس(1818-1883) في حياته ونضاله؛ قدر له ان يعيش لما بعد رحيله بسبب ما كان لعصره من جسامة الأحداث الفكرية والفلسفية والاجتماعية والثقافية التي عصفت بالعالم من تأثير وتأثر وكان ماركس حاضراً فيها جميعاً منذ نقده لهيغل حتى السنوات الأخيرة من حياته، كانت هيمنة ماركس وفلسفته الماركسية واضحة، والرهان على إستمراريتها إلى أمد بعيد هوما عمد فيها لمناقشة ومراجعة وتحليل لأهم مفاصل الفكر الإنساني، لنجده قد تجاوز بشهرته الثقافة الرقمية بما استطاعت الفلسفة الماركسية في وعي حركة وجدلية المادة في التاريخ، لتتضح معالم تلك الفلسفة التي اهتمت بالاقتصاديات والتحولات الاجتماعية في المادية التاريخية، ولم يكن ماركس قد توجه صوب الفلسفة إلا لكونها قادرة في الوصول نحوتحليل البنى الفوقية التي تفرزها البنى التحتية، بمعنى إدراك ماركس قيمة الاقتصاد والسياسة والوعي في حياة الناس، لهذا انتقد فلسفة هيغل بالذات لأنها ظلت مستغرقة في عالم المجردات المتعالية تاركة حياة الإنسان في خطر الصراع الطبقي والاغتراب واستغلال ارباب العمل لفائض القيمة على حساب الشغيلة وغيرها، مما جعل الماركسية وهي نزعة فلسفية مادية ان تتسرب نحومشكلات العاملين في العالم، بحيث لا نجد حقلا معرفيا ولا إشكالية اجتماعية إلا وترى الماركسية تجد لها تخريجا، مما أدت أفكار الناس للاقتداء بفتوحاتها، والقرن العشرون شهد رواجاً كبيرا في التعاطي معها من خلال القيام بتطبيقاتها النظرية الاقتصادية والسياسية بالاقتران مع السلطة كما في الاتحاد السوفياتي آنذاك (1917-1989) لهذا لم يتوان العالم الرقمي لما بعد الحداثة في إشاعتها في الكون الرقمي، وأن تحظى بنصيب الأسد للمتابعين لما تطرحه من اشكالية على أي واقع محدث، فكانت عقود القرن المنصرم مشبعة بالفكر الماركسي والإيديولوجي، وظلت الماركسية بكل اريحية في فواصل مجتمع المعلومات والثقافات الالكترونية، للمداخلات الفلسفية العميقة التي تقوم بتحليل مشكلات العالم من خلالها، أي أن الماركسية كانت طيعة في استيعابها من قبل مختلف طبقات وشرائح البشر، فنجد وسائل الإعلام جميعها تتناقلها، وإذ انتشرت الماركسية عبر رؤية تحليلية تفسيرية لينينية حملت معالم الإيديولوجيا فقد اشتدت شوكة الحركة الشيوعية باعتبارها نسقاً ثقافيا للماركسية، مما حفز الثقافة الشيوعية التي تأسست عام 1935 في العراق على رفع سقف رصيد اليسار ورفده بكتابات انعشت الثقافة العراقية التي كانت سائدة آنذاك، كنت واحدا من الشبيبة التي تنبهت الى ادبيات الشيوعية، وعرفت ماركس قبل كانط واسبينوزا وإفلاطون وارسطووديكارت.
لقد برزت الصحافة الشيوعية منذ 90 عاماً كانت ولازالت تعمل على اكتشاف العالم، ونحن الآن في عام2025 وهذه الصحافة تتحفنا بالمعرفة والدهشة، وما فتئت تحمل على عاتقها ثقل الوعي التاريخي الناجم عن إدراك ضرورة إرساء ثقافة جادة رصينة في عالم متغير، مخيف، وهي تمارس أنجح الانتقادات للواقع المتردي ولنظام التفاهة الذي يكتنف العالم الرقمي عبر وسائل الإعلام الرقمية، وتواكب المستجدات الثقافية المتنوعة بمزيد من التحليلات الفكرية والمعرفية، وتدفع بوعي الجمهور العراقي إلى متبنيات ثقافية تصب في صالح الوعي السياسي الشعبي.
********************************************
واثيونغو و{تصفية استعمار العقل}
رضا الاعرجي
في الثامن والعشرين من أيار/ مايو الجاري، وعن عمر يناهز 87 عاماً، توفي في أتلانتا بالولايات المتحدة، الكاتب الكيني نغوغي وا ثيونغو، المرشح الدائم لجائزة نوبل، والمدافع عن الأدب المكتوب باللغات الأفريقية.
وكان قد تعرض للرقابة في بلده، والاضطهاد والسجن والإجبار على المنفى خلال حقبة الديكتاتور دانيال أراب موي.
ولد وا ثيونغو عام 1938 في كاماريتو، بالقرب من العاصمة الكينية نيروبي، وعاش في الولايات المتحدة منذ عام 1983 عندما اضطر إلى الفرار من بلاده بسبب انتقاداته للطبقة الحاكمة التي وصلت إلى السلطة بعد الاستقلال، مما أدى إلى احتجازه لسنوات طويلة في سجن شديد الحراسة.
كانت مسرحية ساخرة كتبها بلغة الكيكويو وقام بتمثيلها مجموعة من الفلاحين، تصور محنة الأشخاص الذين لا يملكون أرضاً وتستغلهم النخب الفاسدة، هي التي أثارت غضب ساسة بلاده في عام 1977. وهذه التجربة يرويها الكاتب في روايته (شيطان على الصليب). وتشكل هذه الرواية، التي كتبها في السجن ونشرها عام 1980، معلماً بالغ الأهمية بين أعماله، وكان قد كتبها على ورق التواليت، وهو الورق الوحيد الذي كان بحوزته أثناء سجنه.
تخلى وا ثيونغو عن اللغة الانجليزية، كما تخلى عن الاسم الاستعماري الذي كان يوقع به في ذلك الحين، وهو جيمس نغوغي، واختار الاسم الذي يعرف به اليوم، واستمر يكتب بلغة الكيكويو حتى وفاته.
تتخلل أعماله المبكرة النضال ضد الحكم الاستعماري والحرب ضد الماو ماو (1952 - 1960) التي تسببت في قمع دموي للغاية من قبل السلطات الاستعمارية البريطانية، حيث تم طرد والده من أراضيه، وتوفي اثنان من إخوته في الصراع. قصة تشكل العمود الفقري لروايته (لا تبك أيها الطفل) التي نشرت عام 1964، وهو العام نفسه الذي حصلت فيه كينيا على استقلالها.
وفي العام التالي نشر (النهر الفاصل) الرواية التي تتناول حياة واياكي وعائلته، وتوضح كيف أثر الاستعمار والتحول الاجتماعي على حياته وعلاقته بالثقافة مع نضوجه ومواجهته لتحديات العالم الحديث.
وفي ذلك الوقت، انضم إلى جامعة نيروبي كأستاذ للأدب الإنجليزي. وكانت تلك السنوات هي التي كتب فيها وناضل من أجل وضع الأدب الأفريقي في المركز. وقد انعكس هذا في كتابه (تصفية استعمار العقل).
في عام 1997، نشر روايته الشهيرة (تويجات الدم) وفيها يحكي قصة أربعة شخصيات يتم استجوابهم في قرية كينية بتهمة القتل. قصة يستخدمها الكاتب للعب بالزمن، والسفر إلى الماضي، وكيف تتشابك حياتهم وما تواجهه كينيا في مرحلة ما بعد الاستعمار.
بعد عامين من وفاة دانيل أراب موي، عاد وا ثيونغو إلى كينيا عام 2004. وقد حظي بترحيب حار في المطار، ولكن بمجرد وصوله إلى شقته، تعرض لهجوم من قبل رجال مسلحين عازمين على قتله. وقد أجبره هذا الحدث على الذهاب للمنفى مرة أخرى.
لقد أخذ الموت نغوغي وا ثيونغو قبل أن ينال الجائزة التي يستحقها، متقدماً على مؤلفين آخرين فازوا بها في السنوات الأخيرة: جائزة نوبل في الأدب. ولكنه ترك وراءه مجموعة مهمة من الأعمال التي تظهر بوضوح نضاله والتزامه بأفريقيا الحرة والخالية من الاستعمار، وبالعدالة الاجتماعية، ومحاربة القمع والفساد.
*******************************************
قصة قصيرة.. أناقة
هناء عبيد*
أجبرت جسدي المرهق على النهوض بعد رنين المنبّه المزعج، الطّقس في الخارج ماطر، يحيل البقاء في السّرير إلى جنّة. توجّهت إلى خزانة ملابسي، أنتقيت قميصًا مختلفًا عن قميص البارحة، أحاول تجديد حياتي قدر الإمكان متجاوزًا المتاح المحدود، مبتعدًا عن جلباب أبي المهترئ، حلمي الدائم أن أتجنّب العيش في قفص حياته الروتينية المملة، لم يبرح أرضه يومًا، يجد صعوبة بالسّفر بعيدًا عن محيطها ولو لمرة واحدة، ثروته الطائلة كما يرى؛ معول يغرسه في التراب ليحصد أنقى ما تختزنه الأرض، كان يقول لي دومًا: القناعة كنز لا يفنى، "وعلى أدّ فراشك مدّ إجريك". أختلف كثيرًا عنه، ولا أجد في تفكيره الضيق مخرجًا من البئر المظلمة الّتي فرضها على نفسه. اكتفى بالحمير للتنقل من مكان إلى آخر، لم يفكّر يومًا في اقتناء سيّارة؛ بحجّة أنها تلوث الجو، ربّما أتقبّل وجهة نظره تلك، لكنّي أرفض الصّحو على صوت العصافير في الصّباح كما كان ينصحني، كيف لي أن أترك دفء السّرير لأستمع إلى زقزقتهم المزعجة وهي تعكّر صفو بداية نهاري؟!
كثيرًا ما حاول اقناعي بالعمل معه في حراثة الأرض وجمع محصولها الّذي يرى فيه انعكاس أشعّة الذّهب كما يزعم، في كل مرة كنت أتهرب باختلاق حجج إلى أن تخلّصت من إصراره هذا بعد أن حصلت على وظيفة بالمدينة بمساعدة صديق لي.
لم يرق الأمر له، هو يجزم بفشلي، والدتي أيضًا تفضّل بقاء وحيدها بين أحضانها. سافَرْتُ رغمًا عنهما؛ لأعيش حريّتي وأختار نظام الحياة الّتي تتماشى مع طبيعتي.
أعشق الظّهور بشكلٍ لائق، لديّ العديد من الملابس، لا أجد صعوبة في اقتنائها؛ أختارها دومًا على ذوق أحد صنّاع المحتوى المغرم بالموديلات العالميّة المبهرة.
أعترف أن راتبي لا يسمح لي بتعدي خطوطٍ معينة، رغم ذلك أخصص ميزانية تفوق أضعافه لأضع نفسي في قالب موازٍ لأولئك الّذين ولدوا وبفمهم -ملعقة من ذهب-.
بدأت بتحضير نفسي للذهاب إلى وظيفتي، وقفت أمام المرآة، على يساري هاتفي، أتابع خطوات تأنّقي من خلال فيديو صاحب المحتوى العالميّ، أحاول تقليد روتينه اليوميّ، رشقت على وجهي العطر الّذي ما زلت أدفع أقساطه الشهرية، أحطت معصمي بالسّاعة ذات الماركة العالمية، لم أكترث للإنذار الّذي وصلني بسبب عدم تسديدي لأقساطها. ماركة الحزام العالمية الذّهبية لمعت حول خاصرتي.
توجهت إلى سيارتي الّتي يفوق لمعانها النجمات، ما أقبح طبعها! تفاجئني بعد مسافة قصيرة بخزانها الفارغ من البنزين، لا أدرك سرّ إدمانها على ابتلاعه بهذه السرعة، فهي لا تمنحني فرصة التمتع برؤية إشارة العداد وهي متسمرة على علامة الاكتمال.
حينما وصلت إلى مكان العمل، حاولت أن أزلق جسدي عبر الصّالة بأكبر سرعة ممكنة؛ حتى لا يلمحني مديري الّذي سيلاحقني حتمًا بعباراته الموبخة بسبب تأخري في إكمال واجباتي. جلست على مكتبي، الأوراق المتراكمة عليه عكّرت صباحي، بدأت بإنجازها ببطء محاولًا عدم ملامستها لزرّ قميصي الذهبيّ.
في نهاية الدوام، رمقتني الأوراق بتقزز، وعدت نفسي للمرة الألف أن أكمل إنجازها في الغد.
بعد دقائق محدودة من دخولي للبيت، قرع الجرس، تسمّر صاحب العمارة أمامي، رشقني بوابل من الشتائم طالبًا مني إيجار الشقة، لم أستطع هذه المرّة التملص بحججي الواهية، صرخ بصوته الغاضب: غدًا عليك أن تفرغ الشّقة من حاجاتك ومنك. صعق الباب خلفه. هرعت إلى خزانة ملابسي، أخرجت جلباب أبي؛ نمت بسباتٍ عميق.
ــــــــــــــــــــــ
*مهندسة مدنية وروائية من القدس، تقيم حالياً في شيكاغو.
****************************************************
قامات.. حسين علي محفوظ: الموسوعي المتفرد
أ. د. باقر محمد الكرباسي
في تاريخ وادي الرافدين هناك شخصيات خالدة نعتز بها نقشت أسماءها في طين هذا البلد وإمتزجت مع مائه وترابه بنصوص دخلت القلوب وعشقتها الأفئدة، ولا شك في أن الكتابة عن هؤلاء الذين ألفوا قيمة عليا في مجال اختصاصهم الإبداعي والفكري، والكتابة عنهم هي من القضايا الصعبة والشائكة خوفاً من التقصير بحقهم، من هذه الشخصيات الخالدة العلامة حسين علي محفوظ، العالم الفذ والمحقق والعراقي المولد، طباعه محمودة ومعانيه صائبة ومؤلفاته غزيرة مثمرة، عالمه واسع سعة علمه والحياة تجري لمستقر لها يبرز في مسيرتها للاحبة رجال أفذاذ يتركون بصماتهم في الميدان، والعلامة الراحل من هؤلاء، رجل أدى دوره بأمانة العالم وصدق الإنسان المخلص لوطنه وأمته وللإنسانية، أطل على الكتابة والتأليف من أبواب عديدة فكان عميداً في البحث والأدب واللغات الشرقية والحديث الديني والانساب والوثائق والأرشفة والتقاويم والمجالس البغدادية، إنه موسوعة فريدة تضم جل المعارف، وعند الحديث تتداعى الى الذهن سمتان بارزتان في نتاجه:
الأولى: إهتمامه بالتراث واللغات الشرقية وآدا بها وأبرازها على الساحة الثقافية.
والثانية: عشقه لبغداد العلم والحضارة والثقافة لذا سمي عاشق بغداد وشيخها.
وقف الرجل حياته على البحث و التأليف يولع بهما ويجد فيهما لذة ومتاعاُ الا يعد لهما متاع آخر، يبحث وينقب، يقرأ ويتطلع، يحقق ويراجع، يشرح ويعلق، يكتب ويؤلف ذلك همه وتلك غايته، كان فصيح العبارة بليغ المعنى سيّال الفكر غزير الثقافة إنساناً وهو أحد أولئك المثقفين الاجلاء وأحد عمالقة اللغة العربية والتراث العربي، كانت كتاباته تحيل إلى ثقافة موسوعية شاسعة ورؤية علمية عميقة وقدرة بحثية نادرة، وعن نتاجه يؤكد الباحثون بأن أكثر من ألف رسالة أو دراسة أو بحث أو مقال وقصيدة ومقالة ومقطعة وترجمة ونبذة من غير المحاضرات والخطب والكلمات والتعليقات والنقول والمقدمات والتصادير والتصحيحات، كل ذلك يعود للعلامة محفوظ وكلها ما زالت مخطوطة وصنفها ووضعها على رفوف مكتبتة العامرة، يقول الشيخ عيسى الخاقاني عن العلامة الراحل : بأنه (علامة دهره، وفهامة عصره، العلامة الفذ والعبقري الجهبذ، والموسوعة العلمية الفائقة، والخميلة الأدبية الرائقة، مثال سيرة الخلف الصالح بالعلم والعمل، حتى عاد زينة البلاد وقدوة العباد، ذاق الحياة يوم أن مات)، تعلم منه طلابه الصدق والتسامح والمحبة والتواضع والبساطة وحب العلم والوطن والخير، رجل امتلأ علماً ومعرفة زينة خلق كريم ناهيك عن رزانة ودماثه وصحافة رأي، يتجول في حدائق التراث العربي ويختار لنا من كائناته قطافاً و يطعمها سخاء ثمارها ويهدي للمتلقي أسرارها، ولا يغفل هذا العالم عن حقيقة مفادها: إن معرفة الذات والنفس لا تتم إلا بقراءة مرجعيات تلك الذات ومسببات هذه النفس فكان أن قرأ التراث العربي البعيد البعيد ودرس العجيب العجيب عند الأمم وأظهر النفيس النفيس منه عندما حقق مجموعة من المخطوطات التراثية، أما أحاديثه فقد كانت ممتعة لا يمل منها فقد تحدثنا يوماً عن رحلاته الى الشرق وبالذات أفغانستان وكيف مكث فيها شهوراً عديدة كي يدون أسماء القبائل العربية الموجودة هناك، وأحاديث أخر عن العلم والعلماء والمجالس قديماً وحديثاً وعشقه لبغداد وما تحويه مكتبته من مخطوطات وكتب ثمينة عنها، فقال عن الكتاب: (إن الكتاب أفضل معاون، وخير مقارن وأنبل جليس وآنس أنيس وأصدق صديق وأحفظ رفيق وأكرم مصاحب وأفصح مخاطب وأبلغ ناطق)، وكان يحب النجف حباً كبيراً قال عنها: (مثابة العلم الجم، ومعدن الخلق العظيم، وموقع الرأي الأصيل، ومقر التراث المجيد، محل الحكمة والإجتهاد ومكانة العقل والفضل ومظنة الطهارة والنزاهة)،
محفوظ.. مفكر وشاعر وأديب وخطيب وفلكي ونسابة ومؤرخ وتربوي ومحقق ثبت فضلاً عن إجادته لعدة لغات، كل ذلك وغير صنعته إرادة محفوظ الذي حافظ على كبريائه وعظمة إرادته بعيداً عن الأضواء قريباً من قلوب الناس، ولكي لا يضيع تراث الموسوعي المتفرد حسين علي محفوظ أدعو من يملك يداً تقدر العلم والمعرفة أن تمتد إلى هذه التراث حتى يرى النور ويطلع عليه الجميع.
**********************************************
الصفحة الثانية عشر
قريبا في نيويورك.. استعادة إرث «جماعة بغداد} للفن الحديث
متابعة – طريق الشعب
يُفتتح يوم 21 حزيران الجاري في نيويورك، معرض "مختلف أنواع التجارب: إرث جماعة بغداد للفن الحديث"، والذي سيضم أعمالا لفنانين منضوين في تلك المجموعة.
ففي ثلاثينيات القرن الماضي، ومع عودة أوائل التشكيليين العراقيين المبتعثين إلى الأكاديميات الأوربية، بدأت البلاد تشهد تنظيم معارض وظهور جماعات فنية، إلى جانب تأسيس كليات متخصصة في الرسم والتصوير، كان لها دور بارز في إرساء قواعد الحداثة خلال العقدين اللاحقين. وكانت من الجماعات التي تأسست في تلك الفترة "جماعة بغداد" للفن الحديث.
المعرض الذي سيحتضنه "متحف هيسل" للفنون، التابع إلى كلية بارد، والذي سيستمر حتى يوم 19 تشرين الأول القادم، يشرف عليه كلٌّ من ندى شبوط وتيفاني فلويد ولورين كورنيل. ويضم تجارب فنية يعود أقدمها إلى عام 1946. وهي تعبّر عن نشوء وعي مناهض للاستعمار، ومحاولات للبحث في الجذور الرافدينية والإسلامية للهوية العراقية. وسيتم عرض تلك الأعمال ضمن رؤى معاصرة تشترك في سمات عدة.
ويركّز منظمو المعرض – حسب ما أفادت وكالات أنباء - على العلاقات داخل "جماعة بغداد"، وطبيعة التفاعل بين أساتذة الفن الذين ساهموا في تأسيسها، وفي مقدمتهم جواد سليم وشاكر حسن آل سعيد، وبين تلامذتهم المنضوين ضمنها، وانعكاس ذلك على ممارساتهم الفنية. كما يبرز المعرض مساهمات الأعضاء الأقل شهرة في الجماعة، مع الإشارة إلى الأجيال التي انضمت إليها حتى أوائل السبعينيات، وبقي تأثيرها حاضراً إلى اليوم.
وسيضمّ المعرض نماذج بارزة من الرسم والنحت، ومخطّطات معمارية نادرة لأعمال الجماعة، إضافة إلى مواد أرشيفية من صحف ومجلات تلك المرحلة، وكتيّبات صمّمها بعض فناني الجماعة، وملصقات معارضهم الفردية والجماعية، إلى جانب بيان تأسيس الجماعة عام 1951، الذي شدّد على الجمع بين الأسلوب الفني الحديث واستلهام الفن العراقي القديم. وصدر ذلك البيان في لحظة تاريخية اتسمت بحماسة ثورية متصاعدة. حيث لخّصت الجماعة تطلعات شريحة واسعة من الفنانين الذين فسّروا تجريد الحداثة الأوربية عبر استعادة جماليات مستمدة من الحضارة العراقية القديمة والفن الإسلامي، بأساليب متنوّعة. ويؤكد ذلك الكتاب المصاحب للمعرض، الذي يضمّ مجموعة مقالات والذي سيوزع خلال الافتتاح.
ويهدف المعرض إلى التعرّف على الحداثة من منظور عراقي، باعتبار العراق مركزاً حيوياً للتبادل والتأثير بين المجالين العربي والأوربي.
هذا وستُعرض أعمال كل من فرج عبو، هيمت محمد علي، صادق الفراجي، ضياء العزاوي، رسول علوان، شاكر حسن آل سعيد، خليل العريض، قحطان عوني، بوغس بابلانيان، عمار داود، إسماعيل فتاح، غسان غايب، محمد غني حكمت، جبرا إبراهيم جبرا، جواد سليم وزوجته لورنا سليم، فؤاد جهاد، أرداش كاكافيان، هناء مال الله، محمود العبيدي، وداد الأورفلي، سعاد العطار، ميران السعدي، خالد الرحال، محمود صبري، نزيهة سليم، نزار سليم، كريم رسن، وليد سيتي، مديحة عمر ونزار يحيى.
*************************************************
لدى عودته من مهرجان كان.. استقبال رسمي للمخرج حسن هادي
متابعة – طريق الشعب
استقبلت وزارة الثقافة المخرج والكاتب حسن هادي في مطار بغداد الدولي لدى وصوله من فرنسا، بعد مشاركته في مهرجان كان السينمائي الدولي الـ78، وفوزه بجائزتين مرموقتين عن فيلمه الموسوم "كيكة الرئيس".
وجرى استقبال هادي بحضور ممثل عن رئيس الوزراء وشخصيات رسمية من وزارتي الثقافة والشباب والرياضة، فضلا عن وسائل إعلام محلية ودولية، في مشهد عبّر عن الاعتزاز بمنجزه الفني الذي يُعد خطوة مهمة تُحسب لصالح الحضور السينمائي العراقي على الساحة العالمية.
********************************************
معرض تشكيلي عراقي في روما اليوم
روما – طريق الشعب
يُفتتح هذا اليوم الخميس في العاصمة الإيطالية روما، معرض تشكيلي لأربعة فنانين عراقيين، هم بالدين أحمد، رسمي الخفاجي، فؤاد عزيز وقاسم الساعدي. ويأتي هذا المعرض في إطار إعلان بغداد عاصمة السياحة العربية 2025. المعرض الذي يستمر حتى يوم 19 حزيران الجاري، تُقيمه الأكاديمية المصرية بالتعاون مع السفارة العراقية في روما. وسيحمل عنوان "ضفتان"، وسيضم مجموعة مختارة من أعمال الفنانين المذكورين، تحمل تقنيات متنوعة.
ويسعى القائمون على المعرض إلى أن يُجسد هذا الحدث حوارا بين توصلات الفنانين وبحوثهم الجمالية المختلفة، وأن يمثل فرصة للجمهور الإيطالي للتعرف على بعض جوانب الثقافة والفنون في العراق.
جدير بالذكر أن الفنانين الأربعة الذين دأبوا على مدى سنوات على إنجاز نشاط فني فعال في الكثير من المتاحف والغاليريات في دول مختلفة، سيقام معرضهم الجديد الى جانب مجموعة من الأنشطة والفعاليات الفنية والإعلامية.
*********************************************
معاً لبناء بيت الحزب.. بيت الشعب
دعماً للحملة الوطنية لبناء مقر الحزب الشيوعي العراقي، تبرع الرفاق والأصدقاء:
قبل ان فارق الرفيقة شعوب سعدي الحياة بعد صراع مؤلم مع مرض عضال، تركت لنا درسًا في الوفاء والإيمان بالقضية.
لقد أودعت الفقيدة، قبل وفاتها، مبلغ (100 دولار) وأوصت – بكل حب ونُبل – بأن يُخصص هذا المبلغ تبرعًا لبناء مقر الحزب، لتكون بصمتها حاضرة في كل لبنة توضع، وكل حلم نواصل من أجله المسير.
وصلنا تبرعها الكريم، وقد استلمناه بكل فخر، حاملين وصيتها في القلب، من اجل وطن حر وشعب سعيد.
الشكر والتقدير للرفاق والأصدقاء على دعمهم واسنادهم حملة الحزب لبناء مقره المركزي في بغداد.
معاً حتى يكتمل بناء بيت الشيوعيين.. بيت العراقيين.
***************************************************
اما بعد.. ليس بالعباءة تُحمى المرأة
منى سعيد
ضجت وسائل التواصل الاجتماعي في الآونة الماضية بما نشر من تصريح حول اعتماد مجلس محافظة بغداد العباءة الزينبية زيا رسميا للمرأة. وكنت قد علقت على صفحتي في الفيس بوك وقلت: "تمخض الجبل فولد فأرا.. بأي حق يعتمد مجلس محافظة بغداد العباءة الزينبية زيا رسميا للمرأة، حسب تصريح رئيسة لجنة البيئة هدى جليل العبودة.. أليس من الأجدى لها ولأمانة بغداد، في الأقل، تنظيف قمامة بغداد حفاظا على البيئة، بدلا من التجاوز على حقوقنا الشخصية؟!"
وقبلي أثار التصريح زوبعة من التعليقات سواء بصيغة مقالات أو "بوستات" مختصرة، شاجبة ومحللة أسباب إطلاق مثل هذا التصريح بهذا الوقت تحديدا.. بحجة " الغيرة" أو "الخصوصية المجتمعية"، ومؤكدة أن بغداد ليست قندهار ثانية، وأن ما يحدث في الفترة الأخيرة من تضليل متعمد واعتداء سافر على الحقوق المدنية للمرأة، ليس سوى تنميط للتخلف وللرجعية والعودة للوراء. كذلك شاع هاشتاغ وقعت عليه أعداد كبيرة من الناس بعنوان #أنا _ أرفض_ هذا القرار.
هذا الرفض القاطع لم تستسغه بعض الشخصيات النسائية أيضا، باعتباره "باردا" وليس حازما بالدرجة المطلوبة، وأن القرار سيُطبق ويُمرّر كما مُررت التعديلات الأخيرة على قانون الأحوال الشخصية. مثلما ذكَّرتنا أحدى الزميلات بوسائل الاحتجاجات الصارمة التي اعتمدتها نساء العالم، عند التعرض لحقوقهن الأساسية سواء بإطلاق التظاهرات أو إعلان الإضراب عن العمل ..
وحتى المحجبات من النساء لم يرضهن هذا القرار، وكتبن إنهن محتشمات ومحجبات بلا العباءة الزينبية، بل وسخرن من هيئة السيدة التي أطلقت هذا التصريح، كونها خاضعة لعمليات تجميل ووجهها متبرج بدرجة مبالغ بها.
من ناحية أخرى اعتبر كثيرون إن ما اثير حول هذا الموضوع لم يكن سوى "طشة" أو زوبعة إعلامية بقصد الترويج الانتخابي ..ومهما يكن من تبرير، نتوقف هنا عند التحليل السوسيولوجي للظواهر الاجتماعية المختلفة، التي يشير لها الكاتب والمفكر أمين الزاوي حول حضور المرأة في الفضاء العام أيام الخمسينات والستينات والسبعينات، بكونها علاقة سليمة وناضجة بين الرجل والمرأة في الطبقة الوسطى، التي هي المعوّل عليها في كل تغيير اجتماعي أو سياسي ايجابي، وأن اللباس الأنيق لا يعكس الثراء بل يرمز إلى الذوق الجمالي وإلى احترام الشريك في هذا المقام ، وأن الهندام هو سمة خارجية تحيل إلى مضمون اجتماعي طبقي وثقافي أيضا.. وعند التدقيق بهندام سيدات الستينات نجده يعكس العفّة في المعاصرة والحشمة في الحداثة، والمرأة كانت تخرج إلى الفضاء العام محميّة بثقتها بنفسها وبأخلاقها وبثقافتها، مما يجعل اللباس يتراجع من ناحية شكله وطبيعته.
بمعنى آخر ان المرأة في الفضاء العام كانت محمية بثقافتها وأخلاقها وثقتها بنفسها، وليس بعباءتها أو بخمارها.
************************************************
قف.. الرواتب.. زاوية مقربة
عبد المنعم الأعسم
رواتب الموظفين والمتقاعدين في اقليم كردستان تحولت، في تجاذبات السياسة ولي الاذرع، من سياقها الاداري والدستوري الى عقاب جماعي يطال عشرات الالوف من العائلات التي لا علاقة لها بتفسير القوانين وطبيبعة الالتزامات وبالخلافات بين إدارتي المركز والاقليم، بل ولا ينبغي القبول بسياسة الابتزاز السياسي وتقاذف المسؤوليات واختصار الازمة بتدقيقات بيروقراطية في القوائم والورقيات والمحاضر، في وقت يتضوّر الناس وتحتقن نقطة التماس بين الادارتين، وتهدد باندلاع مخاشنات، ودخول قوى خارجية للاستثمار في الازمة، وتوسيع بؤرة التوتر.
وفي تضاعيف الرد والبدل، وتأشير المسؤولية عن توقف وزارة المالية عن دفع حصة الاقليم المالية التي تغطي الرواتب، والتقارير عن انتكاسة الجهود في مجال تشجيع الاستثمار الخارجي، وخسارة البلاد من توقف تصدير النفط عبر الاقليم، ارتفعت اصوات الكراهية القومية والخطابات الشوفينية ونداءات الانتقام والاقصاء، وكما يحدث في كل أزمة، يرتدي ساسة فاشلون ودعاة احزاب نافذة وانصاف مثقفين ملابس القتال على جبهة الحرب التي يتمنون اندلاعها.. بانتظار عودة العقول الى جادة الصواب.. والصواب هو صرف الرواتب، اولا، ثم الدخول في التفاصيل ذات العلاقة بالالتزامات الدستورية.. وذلك بديلا عن المنزلق.
*قالوا:
"ان الذي يُحدث التيه (الزهو الكاذب) لدى الحاكم كثرة ما يسمعه من الثناء".
سليمان البستي في "كتاب العزلة"
***************************************************
يوميات
يُنظم منتدى "بيتنا الثقافي" في بغداد بعد غد السبت، ندوة بعنوان "جعفر أبو التمن.. الوزير والسياسي المخضرم والزعيم"، يُقدمها الباحث في التاريخ حسين العارضي.
تبدأ الندوة في الساعة 11 ضحى على قاعة المنتدى في ساحة الأندلس.
********************************************
إصدار
عن "مؤسسة أبجد" للترجمة والنشر والتوزيع، صدر حديثا كتاب بعنوان "التفاعل الحضاري بين التاريخ والأدب"، من تأليف د. حسين قاسم العزيز وجمع وإعداد سلام القريني.
يضم الكتاب دراسات أصدرها المؤلف في الفترة من عام 1969 حتى رحيله عام 1999. وهي بواقع 11 دراسة في التاريخ والأدب، منها عن البابكية والماسونية والشعوبية، فضلا عن ثلاث دراسات مترجمة عن الروسية، إحداها عن استيطان العرب في أذربيجان.
تُغطي الدراسات 506 صفحات من القطع الكبير.
جدير بالذكر، أن القاص سلام القريني سبق أن أصدر كتابا، كجزء أول، يضم أعمال العلامة الراحل د. حسين قاسم العزيز، والتي تتخصص في التراث تحديدا.