الصفحة الأولى
مراقبون: العراق سيتضرر كثيرا من التصعيد العدوان على الشعب الإيراني يتواصل والمجتمع الدولي يدعو إلى التهدئة
بغداد – طريق الشعب
استهدف الاحتلال الصهيوني، المنشئات المدنية والعسكرية والنووية الإيرانية في ضربات جوية عديدة، وادى هذا الاعتداء المدان الى أضرار مادية وبشرية كبيرة في مناطق عدة، فيما ردّت طهران بتوجيه مئات الصواريخ والطائرات المسيرة، طيلة ليلة الجمعة – السبت، والتي حققت العديد منها أهدافها.
وتستمر المناوشات بين الجانبين، حتى لحظة اعداد هذا التقرير، في ظل دعوات دولية وعربية الى ضرورة التهدئة وضبط النفس والعودة الى طاولة الحوار بشأن الملف النووي الايراني.
العراق يدين ويشتكي
ودانت الحكومة العراقية الاعتداء العسكري، وعدّته انتهاكاً صارخاً للمبادئ الأساسية للقانون الدولي، ولميثاق الأمم المتحدة، وتهديدا للأمن والسلام الدوليين، خصوصا انه حصل في اثناء فترة المفاوضات الامريكية ـ الايرانية.
وطالبت الحكومة المجتمع الدولي بـ"عدم التفرج، واتخاذ موقف رادع وعملي".
وشددت في بيان على لسان المتحدث الرسمي باسم الحكومة، على أهمية الشروع في حوار جاد لإيجاد اطر بديلة، تتضمن المساءلة، وتفرض العدالة، وتحمي السلم العالمي في حال عجز الآليات القائمة.
وفي السياق، قدمت وزارة الخارجية شكوى الى مجلس الأمن الدولي ضد الاحتلال الصهيوني الذي انتهك الأجواء العراقية، خلال تنفيذه الاعتداء العسكري على الجارة ايران.
ادانة السيستاني والصدر
كما دان المرجع الديني الاعلى السيد علي السيستاني هذا العدوان، ودعا المجتمع الدولي إلى الضغط على هذا الكيان المعتدي وعلى داعميه، لمنع تكرار مثل هذه الاعتداءات.
فيما حذّر زعيم التيار الوطني الشيعي مقتدى الصدر من توسع الحرب، مؤكداً رفضه استخدام الأجواء العراقية في العدوان على إيران. كما شدد على أهمية إبعاد العراق عن الحرب، ومحاسبة الكيان الصهيوني عبر الطرق المعمول بها دولياً، ودعا العراقيين الى الإصغاء لصوت الحكمة.
مجلس الأمن يدعو للحل السلمي
من جانبه، حذر مجلس الامن الدولي خلال جلسة طارئة عقدت بدعوة من ايران، من العواقب الوخيمة التي ستحصل في حال استمرار التصعيد. واعتبر المجلس ان افضل وسيلة لضمان الطابع السلمي للبرنامج النووي الإيراني تكون "عبر المفاوضات والحل السلمي".
ودعا الى تجنب اندلاع أي تصعيد متزايد في منطقة الشرق الأوسط بأي ثمن.
وأعربت روزماري ديكارلو وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام، عن "إدانة أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة لأي تصعيد عسكري في الشرق الأوسط، مؤكدة التزام الدول الأعضاء بعدم استخدام القوة ضد سلامة أراضي أي دولة أو استقلالها السياسي، وفقا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.
الصين وروسيا
من جهتها، أعربت الصين عن قلقها البالغ إزاء العواقب الوخيمة بعد الضربات الإسرائيلية على إيران، مؤكدة معارضتها أي انتهاك للسيادة الإيرانية.
ودعت الخارجية الصينية الأطراف المعنية إلى التصرف بطرق تخدم السلام والاستقرار الإقليميين، مشيرة إلى استعدادها للعب دور بناء في تهدئة الوضع.
فيما دانت موسكو في بيان صدر عن الوزارة الخارجية "بشدة الإجراءات ضد إيران"، مشيرة إلى أنها "تنتهك بشدة ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي". وقالت إن "الضربات الإسرائيلية في إيران غير مقبولة وغير مبررة".
هذا وصدرت مواقف عربية ودولية عديدة، دانت العدوان، ودعت الى تجنب التصعيد ومحاسبة إسرائيل على تصرفات حكومتها المتطرفة.
التيار الديمقراطي العراقي
واستنكر التيار الديمقراطي العراقي في بيان تلقته "طريق الشعب"، الهجوم، الذي اعتبره "تصعيدًا خطيرًا يُهدد الأمن والسلم الإقليمي والدولي، ويعرض شعوب المنطقة لمزيد من المخاطر والمعاناة".
ودعا البيان، الحكومة العراقية إلى اتخاذ موقف واضح يدعو إلى التهدئة، والعمل على تجنيب المنطقة مزيدًا من التصعيد، عبر التنسيق مع الأشقاء في الدول العربية والإسلامية، بما يُسهم في حماية استقرار المنطقة، والحفاظ على مصالح شعوبها، وتعزيز فرص السلام والتنمية.
الأحزاب الشيوعية تشجب
ودان عدد من الأحزاب الشيوعية في المنطقة، الاعتداء الصهيوني على إيران، وشددت على ضرورة تجنب المنطقة أي مسعى للحرب ومحاسبة حكومة الاحتلال الصهيوني المتطرفة.
ودان حزب توده الإيراني الهجوم بشدة، قائلا في بيان، ان "التصعيد من الطرفين لن يسفر سوى عن عواقب وخيمة"، وأكد "التزامه بحماية المصالح الوطنية الإيرانية".
ورفض الحزب "أي تدخل عسكري أو عدوان أجنبي ضد إرادة الشعب الإيراني ورغباته وحقوقه"، منبها الى انه "لا يستفيد من التوتر والحرب إلا الإمبريالية والقوى الرجعية التابعة والاستبداد الحاكم".
كما دعا البيان، القوى التقدمية في إيران والعالم إلى إدانة هذا الانتهاك، ومنع الصراع العسكري واسع النطاق والمدمر وإحلال السلام في الشرق الأوسط.
ودان الحزب الشيوعي اللبناني هذا الاعتداء، مؤكداً "حق كل الدول والشعوب في تطوير تقنياتها العلمية والتكنولوجية بما فيها النووية للأغراض السلمية الهادفة لتوليد الطاقة".
ومثله، استنكر الحزب الشيوعي الأردني بأشد العبارات هذا العدوان، مشدداً على ان "مساعي إسرائيل الى الاحتفاظ بالتفوق العسكري وتكريس الاحتلال وتصفية حق الشعب الفلسطيني وحرمانه من حق العودة وتقرير المصير، وجر دول المنطقة العربية الى مستنقع التطبيع هو السبب الحقيقي للاعتداء على إيران ودول المنطقة".
وحذر الحزب، السلطة الأردنية من خطورة القواعد العسكرية الأجنبية وخصوصاً الأمريكية، مؤكداً على ضرورة تفكيكها وإلغاء الاتفاقيات الناظمة لوجودها.
كما أبدى حزب الشعب الفلسطيني استنكاره للعدوان واستمرار التصعيد الإمبريالي الصهيوني ضد دول وشعوب المنطقة. وأكد الحزب "ضرورة الوقف الفوري للحرب العدوانية والإبادة الجماعية المستمرة ضد الشعب الفلسطيني وإنهاء الاحتلال عن أراضيه وتلبية حقوقه الوطنية وفق قرارات الأمم المتحدة".
فيما دعا الحزب الشيوعي الفرنسي في بيان، الحكومة الفرنسية إلى اتخاذ موقف حاسم لصالح وقف فوري لإطلاق النار، وتحقيق السلام في المنطقة، وفرض عقوبات على إسرائيل، من خلال تعليق اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل.
وطالب الشيوعي الفرنسي بـ"وقف جميع شحنات الأسلحة والمعدات العسكرية. كما يجب التوصل إلى حل تفاوضي بشأن الملف النووي الإيراني، استناداً إلى المفاوضات التي جرت خلال الأسابيع الماضية".
وأكد أهمية الاعتراف بالدولة الفلسطينية، مؤكداً تضامنه مع القوى الديمقراطية والساعية للسلام.
أهمية الدور الدبلوماسي
من جانبه، قال الدكتور أثير الجاسور، أكاديمي وباحث في الشأن السياسي، ان "الكيان الصهيوني سعى الى إضعاف الخارج الإيراني، من خلال تضييق جغرافية حلفاء طهران بعد إنهاء قدرات حزب الله وحركة حماس ونهاية نظام بشار الأسد، وهذا ما يعني ضعف جغرافية الصد الإيرانية"، حسب وصفه.
وأضاف الجاسور في حديث لـ"طريق الشعب"، ان "الصهاينة لم يريدوا لإيران ان تجلس على طاولة المفاوضات وبالتالي هي تضغط على الولايات المتحدة لتكون طرفاً أساسياً في هذه الحرب"، وبالتالي كان ذلك احد ابرز أسباب هذا الاعتداء.
وأضاف الجاسور، وهو أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة المستنصرية، ان "تبعات هذا التصعيد ستجر المنطقة الى تحالفات وتصنيفات رسمية وغير رسمية جديدة، ومنها إمكانية إعادة الاستقطابات الإقليمية والدولية بقيادة روسيا والصين مما سيعزز من نفوذهما في الشرق الأوسط، فضلا عن بداية لمحاور جديدة بقيادة إيران مختلفة عن محاورها السابقة".
وحذر الجاسور من جرّ المنطقة إلى حرب مفتوحة، داعيا الحكومة العراقية الى العمل ضمن الدوائر الدبلوماسية والابتعاد على ان تكون ضمن معادلة الحرب الحالية.
وأردف كلامه بان الواقع يؤكد ان العراق "عنصر في الحرب بسبب جغرافيته، كذلك إمكانية ان تتحرك الفصائل الموالية الى إيران وكذلك التعاطف الجماهيري ضد الكيان الإسرائيلي، لذلك ان مبدأ ان يكون العراق ضمن مستوى متقدم في الحرب وارد جداً".
وشدد على أهمية الدور الدبلوماسي، الذي اعتبره "المسار الوحيد الذي يجب أن يلعبه العراق لتجنب خطر الحرب وتداعياتها".
*******************************************
الشيوعي العراقي: ندين العدوان ونتضامن مع الشعب الإيراني
يدين الحزب الشيوعي العراقي العدوان الإسرائيلي الذي استهدف فجر اليوم، تحت ذريعة الملف النووي، الأراضي الإيرانية، فيما الكيان الصهيوني تظل أسلحته النووية خارج الرقابة والإشراف الدوليين.
ونعد هذا العدوان المستهتر انتهاكا سافرا لسيادة دولة مستقلة وعضو في الأمم المتحدة، وانتهاكا فظا للقانون والأعراف الدولية، وانفرادا في اتخاذ القرارات خارج الشرعية الدولية، وهو يشكل تهديدا جديا للأمن والاستقرار على المستويين، الإقليمي والدولي.
ومن الصعوبة بمكان تصور حصول هذه الهجوم الواسع بمعزل عن تواطؤ إدارة ترامب ودعمها وإسنادها المكشوف والضمني، كما أنه ليس بمعزل عن السياسات العدوانية التوسعية لحكومة نتنياهو العنصرية والفاشية، وحربها الوحشية ضد الشعب الفلسطيني، لاسيما في قطاع غزة، واعتداءاتها المتكررة على سوريا ولبنان، ومحاولاتها التي ما انفكت تسعى إليها لجر المنطقة إلى المزيد من الصراعات والحروب.
وإذ ندين انتهاك حكومة الكيان الصهيوني للأجواء العراقية، وما يتضمنه ذلك من مصادرة لسيادة العراق وحرمة أجوائه، نرى وجوب قيام الحكومة العراقية بواجبها الوطني في تجنيب شعبنا ووطننا أية تداعيات محتملة، والدفاع عن مصالح الوطن وحمايتها، والتحرك الدبلوماسي والسياسي العاجل لتأمين ذلك، وقبل كل شيء تمتين عوامل ومستلزمات التماسك الوطني الداخلي ومقومات سيادة البلاد وقرارها الوطني المستقل، وضمان وحدة القرار.
إن دول العالم ومنظمة الأمم المتحدة عليها التحرك سريعا لوقف العدوان الصهيوني وإدانته، ومنع انزلاق المنطقة إلى حرب شاملة ستطال تداعياتها قبل كل شيء شعوب المنطقة، كما تبرز الحاجة إلى تحقيق السلام العادل والوطيد في منطقة الشرق الأوسط عبر تطبيق القوانين والشرعية الدولية، بعيدا عن الانتقائية والمعايير المزدوجة، ووقف حرب الإبادة الصهيونية على الشعب الفلسطيني وتلبية حقوقه العادلة، واحترام إرادة شعوب المنطقة وحقوقها كافة، بما فيها الاستخدام السلمي للتكنولوجيا الحديثة.
في هذه اللحظات الحرجة التي تمر بها المنطقة وإذ نتضامن مع الشعب الإيراني، ندعو إلى رفض منطق العدوان والهيمنة والإملاءات، وتحقيق الأمن والاستقرار المطلوبين للسير على طريق التنمية واحترام حقوق الإنسان وتحقيق الحياة الحرة الكريمة.
اللجنة المركزية
للحزب الشيوعي العراقي
13/06/2025
********************************************
الصفحة الثانية
قصف تركي مكثف يشعل النيران في مزارع وغابات دهوك
دهوك – طريق الشعب
في تصعيد جديد يثير الاستهجان والاستنكار، جددت القوات التركية المتواجدة داخل الأراضي العراقية في إقليم كردستان شمالي محافظة دهوك، قصفها المدفعي العنيف على مواقع تزعم ارتباطها بحزب العمال الكردستاني، ما أدى إلى اندلاع حرائق واسعة في المزارع والغابات.
ووفقاً لمصادر محلية، فإن "القصف المدفعي التركي استهدف بشكل مكثف، منطقة بهرێگارهی على سفح جبل گاره في قضاء العمادية شمال دهوك"، مشيرةً إلى أن "الضربات تركزت على قرى مژێ، سپیندارێ وگرگاش، مما أدى إلى اندلاع حرائق في الأراضي الزراعية والغابات المحيطة بقرية گرگاش".
وتشهد المنطقة منذ أمس الأول الجمعة موجة قصف تركي متواصلة، وسط غياب واضح لأي موقف رسمي عراقي حازم يضع حداً لهذه الانتهاكات المتكررة للسيادة الوطنية.
**********************************************
مراقبون: العراق سيتضرر كثيراً من التصعيد في المنطقة
العراق المتضرر الأكبر
ومن جانب آخر، حذّر الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني من التداعيات الخطرة لأي تصعيد عسكري بين الدول في منطقة الخليج، مشيرا إلى أن "العراق سيكون من بين أكثر المتضررين اقتصاديًا، نظرًا لاعتماده شبه الكلي على صادرات النفط".
وقال المشهداني لـ"طريق الشعب"، إن "أي حرب في المنطقة ستترك آثارًا سلبية كبيرة على اقتصادات الدول المجاورة، لا سيما في ظل الترابط القوي مع الاقتصاد العالمي، إضافة إلى كون الخليج يُعد من أهم مناطق إنتاج وتصدير النفط عالميًا، حيث تبلغ صادراته نحو 17 مليون برميل يوميًا من أصل 45 مليون برميل تُطرح في السوق العالمية".
وأضاف أن "احتمال تطور الصراع إلى حد إغلاق مضيقي هرمز وباب المندب، سيؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار النفط قد يصل إلى 200 دولار للبرميل، وهو ما سينعكس سلبًا على الاقتصاد العالمي"، مؤكدًا أن "دول الخليج – ومن بينها العراق – لن تستفيد من هذا الارتفاع، كونها ستكون غير قادرة على التصدير في حال إغلاق الممرات البحرية".
ونبه إلى أنّ "توقف التصدير يعني انقطاع الشريان الرئيس لتمويل الرواتب والإنفاق الحكومي"، مشيرا إلى أن "تطور الصراع قد يطال البنية التحتية في إيران، الأمر الذي يؤثر على الاقتصاد العراقي، باعتبار أن العراق يستورد من إيران ما قيمته 10 إلى 12 مليار دولار سنويا من الغاز والمشتقات النفطية والمواد الغذائية".
كما حذّر من مخاطر بيئية واجتماعية محتملة جراء استمرار التصعيد، قائلًا: ان "الحروب لا تترك فقط آثارًا اقتصادية، بل بيئية أيضًا، منها التلوث الناتج عن الحرائق واحتمالية تضرر منشآت نووية، وهو ما قد يصيب بعض المحافظات العراقية القريبة من الحدود".
إفشال مفاوضات طهران وواشنطن
أما الخبير الأمني كاظم الجحيشي، فقد أكد ان إسرائيل سترفع سقف التصعيد العسكري ضد إيران إلى مستوى "الحرب المفتوحة، بعد أن تجاوزت المواجهة بين الطرفين نطاق الضربات المحدودة أو العمليات النوعية.
وقال الجحيشي إن هذه الحرب "تهدف بالدرجة الأساس إلى إفشال المفاوضات النووية بين طهران وواشنطن، وإجبار إيران على تقديم تنازلات عبر الضغط العسكري".
وأضاف أن "المعطيات الميدانية، بما في ذلك عمليات اغتيال قادة عسكريين وعلماء نوويين إيرانيين، تشير إلى أن إسرائيل تخوض صراعاً طويل الأمد، وقد حدّدت مسبقاً ما لا يقل عن 150 هدفاً بين منشآت ثابتة ومتحركة وشخصيات مستهدفة".
وقال وزير خارجية إيران عباس عراقجي في تصريحات صحفية، إن استمرار المفاوضات غير المباشرة بين إيران وأمريكا "غير مبرر في ظل وحشية إسرائيل".
وأضاف أنه "طالما تتواصل اعتداءات إسرائيل فلا معنى لحوار مع طرف يعد أكبر داعم للمعتدي ومتواطئ معه"، موضحاً أن "واشنطن ساندت الكيان الصهيوني في عدوانه بما فيه استهداف منشآتنا النووية السلمية".
واستدعت وزارة الخارجية الإيرانية السفيرة السويسرية في طهران، نادين لوزانو، التي تمثل مكتب رعاية المصالح الأمريكية، وذلك للاحتجاج على الهجمات الأخيرة المنسوبة إلى إسرائيل.
وطبقا للجحيشي فإن "فشل المفاوضات قد يُعد تهديداً استراتيجياً لمصالح الولايات المتحدة، ويوفر غطاءً سياسياً وعسكرياً للمشاركة في الحرب".
************************************************
اتحاد الطلبة العام يطالب بإجلاء الطلبة العراقيين من إيران
يتابع اتحاد الطلبة العام في جمهورية العراق بقلق بالغ التطورات الأمنية المتسارعة في المنطقة، ولا سيّما بعد تصاعد وتيرة الاعتداءات الصهيونية المدانة على الأراضي الإيرانية، والتي باتت تُهدِّد حياة المدنيين الأبرياء، وفي مقدمتهم الطلبة العراقيون المقيمون هناك لغرض الدراسة.وإذ ننطلق من مسؤوليتنا الوطنية والطلابية، فإننا نطالب الحكومة العراقية ووزارة الخارجية باتخاذ خطوات عاجلة وفعالة لضمان سلامة زملائنا الطلبة، والعمل على تنظيم عمليات إجلاء طارئة وآمنة لهم من إيران، وتأمين عودتهم إلى أرض الوطن ريثما تستقر الأوضاع وتنتفي المخاطر.كما ندعو السفارة العراقية في طهران والقنصليات المعنية إلى مواكبة أوضاع الطلبة بشكل مباشر، وتوفير ما يلزم من دعم وإرشاد في هذه الظروف الحرجة، مع فتح قنوات تواصل طارئة، وتشكيل فرق ميدانية مختصة لمتابعة أوضاعهم بشكل يومي.
إن حياة الطلبة العراقيين أمانة في أعناق الجميع، ولا يجوز التهاون أمام أي تهديد يحدق بهم. ونؤكد مجددًا أن صون حياة العراقيين في الخارج يجب أن يكون أولوية قصوى للدولة العراقية، خاصة في ظل الأزمات الإقليمية المتصاعدة التي قد تتطور إلى مواجهات أوسع.
اتحاد الطلبة العام
في جمهورية العراق
13 حزيران 2025
*******************************************
ومضة.. عدوان مُدان وتواطؤ مفضوح
صبحي الجميلي
في فجر 13حزيران ٢٠٢٥ أقدمت إسرائيل على حماقة جديدة، حيث استهدفت بسلسلة من الهجمات الواسعة الأراضي الإيرانية، في انتهاك فظ ووقح لسيادة ايران وحرمة أراضيها، وللقانون الدولي.
ورغم نفي واشنطن المشاركة في العدوان والقول انه "عمل إسرائيلي منفرد"، الا ان ما سبقه من تصريحات وإجراءات، بما فيها تعزيز القدرات الصهيونية الدفاعية، يكشف حجم التواطؤ الأمريكي في هذا العدوان الغاشم، الذي امتاز بسعته وشموله محافظات عدة ومنشئات نووية وعلمية وأماكن سكنية، إضافة الى شخصيات عسكرية وامنية وعلمية، حسب ما نقلت وسائل الاعلام. والاغرب ان الأوساط الرسمية الامريكية تعتبر أيّ رد إيراني "عامل عدم استقرار في المنطقة "، وهو ما يعكس الانحياز الاعمى لإسرائيل، وتبرير أي عدوان وعمل اجرامي تقوم به.
وفيما يُبرَّر الهجوم بانه يستهدف "الحد او منع أيران من امتلاك سلاح نووي" فان العالم اجمع يعلم بامتلاك إسرائيل ترسانة نووية، هي غير مشمولة باي رقابة دولية، إضافة الى عدم شمولها بمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية في العالم.
ومنعا لأي التباس فان الإشارة الى ذلك يراد بها التنويه بازدواجية المعايير في التعامل الدولي، في وقت يسير فيه العالم الى حالة من الفوضى بعد نسف كل المعايير الدولية والإهمال العمد للقانون الدولي، خاصة بعد تولي إدارة ترامب السلطة في الولايات المتحدة الامريكية.
وفي الوقت الذي يتوجب فيه تشجيع التوجه الى الاستخدام السلمي متعدد الأغراض للطاقة الذرية والنووية، ينبغي المطالبة بالحد من انتشار السلاح النووي الفتاك، وغيره من أسلحة الدمار والقتل الجماعي، شرط ان يسري ذلك على الجميع من دون تمييز، او انتقائية مفضوحة الأهداف والمرامي. ومع هذه التطورات المقلقة جدا مطلوب ان ترتفع الأصوات من جديد لابعاد الشرق الأوسط عن الأسلحة الفتاكة، وان يكون منطقة خالية منها، ومرة أخرى يتوجب ان يشمل ذلك الجميع دون استثناء "الطفل المدلل" من ذلك.
ويأتي العدوان الجديد في ظل تصاعد عدوانية وفاشية الطاقم الحاكم في إسرائيل، وتوسع رقعة جرائمه المرتكبة في الأراضي الفلسطينية، وقطاع غزة على وجه الخصوص، حيث يستمر القتل العمد والممنهج لإزالة أي وجود فلسطيني. وفيما البعض منهمك في ايصال المساعدات الى القطاع، يجري غض النظر عن حرب الإبادة والقتل اليومي البشع للفلسطينيين، وكأن لسان حال البعض يقول لا تجعلوا الفلسطينيين يموتون جوعا وعطشا، بل برشقات الرصاص وقصف الأسلحة!
ان ما جرى فجر 13 الشهر الجاري هو استهتار بكل القيم والمعايير، ونذير شؤم للمنطقة، وتوجه لفرض الغطرسة الصهيونية والأمريكية، والوصاية على مقدرات الإقليم وشؤون شعوبه. ويتوجب الادراك انه ابعد كثيرا من استهداف منشئات ومفاعلات نووية، وقد لا يكون بعيدا عن إعادة تشكيل شرق أوسط جديد، تكون فيه الهيمنة المطلقة للثنائي المتواطئ الإسرائيلي – الأمريكي.
ان التصدي لهذا المشروع الرامي الى كسر أيّ إرادة خارج توجهات الثنائي المتغطرس، لا يتحقق عبر المزيد من الانبطاح والتخلي عن روح التحدي وتكديس الأسلحة فقط، بل هو يحتاج الى بناء مجتمعي متماسك، وجبهات داخلية فاعلة قوامها المواطن وحريته وكرامته وحقوقه، وبناء أنظمة وطنية ديمقراطية حقة تمتثل لارادة شعوبها الحرة، ولتجارب شعوب أخرى تؤكد ذلك .
******************************************
مواساة
عائلة الرفيق الراحل طالب كاظم محمود ( أبو هشام ) المحترمين
بألم وحزن عميقين تلقينا نبا رحيل الرفيق أبو لميس ( أبو هشام ) في السويد ، بعد عمر حافل بالعطاء والتضحية .
اختار أبو هشام ومنذ شبابه طريق النضال والكفاح دفاعا عن مصالح الشغيلة والكادحين الذين شاركهم العمل والحياة المشتركة ، وانتمى في وقت مبكر لصفوف حزبنا الشيوعي وظل لصيقا به ومدافعا عن سياساته ومواقفه حتى رحيله .
وفي مسيرته النضالية تعرض الى الاعتقال والملاحقة واضطر وعائلته الكريمة الى مغادرة الوطن بعد الهجمة الدموية التي شنها النظام المقرور ضد الحزب عام ١٩٧٨ .
تميز الفقيد ببساطته وطيبته وعلاقاته الواسعة ، وقدم الكثير ، هو وعائلته الى الحزب ، وفي مختلف المواقع التي كان فيها .
في هذه الخسارة الكبيرة نتقدم الى عائلته ورفاقه وأصدقائه الكثر بالتعازي والمواساة ، راجين للجميع الصبر والسلوان ، ولفقدنا دوام الذكر الطيب .
المكتب السياسي
للحزب الشيوعي العراقي
١٣-٦-٢٠٢٥
*****************************************
مواساة
الأخ العزيز نيجيرفان البارزاني المحترم
رئيس إقليم كردستان – العراق
الأخ العزيز مسرور البارزاني المحترم
رئيس حكومة إقليم كردستان – العراق
بحزن عميق تلقينا نبأ وفاة الشخصية الوطنية والحكومية، والقيادي البارز في الحزب الديمقراطي الكردستاني، كريم سنجاري " عبد الكريم سلطان عبدالله"، بعد حياة حافلة بالعطاء في سبيل حقوق شعب كردستان، وفي دعم المسار الوطني والديمقراطي في الإقليم، وفي العراق عموما.
لقد كان الراحل رمزا من رموز الكفاح المفعم بالتضحيات للشعب الكردي، ومناضلا سياسيا وفي صفوف البيشمركة، وساهم في بناء مؤسسات الإقليم، ولاسيما وزارة الداخلية التي تولى مسؤوليتها.
في هذا المصاب الجلل نتقدم بخالص التعازي والمواساة الى اسرته ورفاقه، والى شعب وحكومة الإقليم، آملين للجميع الصبر والسلوان، وعاطر الذكر للفقيد الكبير كريم سنجاري.
المكتب السياسي
للحزب الشيوعي العراقي
١١-٦-٢٠٢٥
************************************
وأرسل المكتب السياسي رسالة تعزية اخرى جاء فيها:
الاخوة الأعزاء في المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني المحترمون
ببالغ الحزن والأسى تلقينا نبأ وفاة المناضل والشخصية الوطنية عبد الكريم سلطان عبدالله" كريم سنجاري ".
لقد عرف الفقيد بسيرته النضالية وكفاحه في صفوف البيشمركة، وكرس حياته في سبيل تحقيق اماني وطموحات الشعب الكردي، وترسيخ بناء العراق الديمقراطي الاتحادي.
في هذا الخسارة الكبيرة، نتقدم اليكم والى عائلة الفقيد الكريمة، باحر التعازي واصدق المواساة، راجين للجميع الصبر والسلوان، وللفقيد دوام الذكر الطيب.
المكتب السياسي
للحزب الشيوعي العراقي
١١-٦-٢٠٢٥
*****************************************
الصفحة الثالثة
في المرتبة 146 من 151 دولة شملها المؤشر العراق في ذيل تصنيف النُخب الحاكمة معنيّون: التغيير يبدأ من صناديق الاقتراع
بغداد - طريق الشعب
كما جرت العادة، تذيّل العراق مرة اخرى تصنيفًا دولياً آخر، وهذه المرة في مؤشر “جودة النخبة” العالمي، بهدف تقييم مدى مساهمة النخب الحاكمة في خلق قيمة مستدامة، تخدم المجتمع عوضا من الانخراط في أنشطة تهدف إلى استخراج القيمة لفائدة مصالح ضيقة وخاصة.
ويشير معنيون الى أن البلاد تقف أمام فجوة متسعة بين الدولة ومجتمعها، تُعمّقها منظومة تغلب الولاء على الكفاءة، والمصالح الخاصة على المصلحة العامة.
تصنيف مُخجل
وحلّ العراق في مرتبة متأخرة ضمن مؤشر "جودة النخبة" العالمي، الذي يقيس مدى إسهام النخب الحاكمة في تحقيق منفعة عامة للمجتمع، مقابل السعي لتحقيق مكاسب شخصية.
وبحسب التصنيف، الذي يصدر ضمن إطار الاقتصاد السياسي، فقد جاء العراق في المرتبة 146 من أصل 151 دولة شملها التقييم، متقدماً فقط على اليمن وسوريا والسودان وهايتي وأفغانستان.
ويعتمد المؤشر على 4 أبعاد رئيسية: القوة الاقتصادية، السلطة السياسية، القيمة الاقتصادية، والقيمة السياسية، لتحديد ما إذا كانت نخب الدولة تحقق قيمة صافية للمجتمع أم تعمل لتحقيق مصالحها الخاصة.
نخبة من ورق
وللتعليق حول ذلك، قال السياسي والقاضي المتقاعد، وائل عبد اللطيف: إن هذا المؤشر الذي وضع العراق في المرتبة 146 من أصل 151 دولة في قائمة الدول، يعبّر بصدق عن الواقع المتردي للطبقة الحاكمة، بل ربما كان المؤشر متساهلا معهم، “لأن مكانهم الحقيقي هو المرتبة الأخيرة تماماً إن لم يكن خارج التصنيف".
وأضاف عبد اللطيف في حديث مع "طريق الشعب"، أن "الأزمة لا تقتصر على الفساد أو الفشل الإداري، بل تتعلق بانهيار شامل في منظومة القيم والكفاءة داخل المؤسسة السياسية في البلد".
وتابع قائلاً ان "القوى المسيطرة على الحكم في العراق ليس قادرًا على إنتاج نخب سياسية حقيقية، أنتج طبقة مترفة تحتقر المواطن وتستغل موارد الدولة لمصالحها الخاصة. الوزراء يتنقلون بين الوزارات بلا اختصاص، ويُعيّنون على أساس الولاء لا الكفاءة، في مشهد لا يمت للدولة الحديثة بأي صلة".
وأشار عبد اللطيف إلى أن الدولة "أصبحت “مجزأة”، حيث يشتغل كل طرف سياسي بمعزل عن الآخر، والوزارات والمحافظات تُدار كأنها إمبراطوريات خاصة"، مشيراً الى أنه "لا توجد حكومة موحدة، ولا مشروع وطني واضح. البرلمان عاجز، والوزارات تتحرك وفق مصالح الأحزاب التي تتقاسم النفوذ”.
وانتقد عبد اللطيف في السياق "استمرار الطبقة السياسية نفسها في الحكم رغم فشلها الواضح، محمّلاً المواطنين جزءًا من المسؤولية، كونهم يعيدون انتخاب الشخصيات ذاتها رغم التجربة المريرة".
وأكد أن المرجعية الدينية في النجف كانت واضحة في رسائلها السياسية، حيث دعت إلى "إحالة كبار الفاسدين إلى القضاء والاستفادة من الكفاءات الوطنية، لكن هذه الدعوات لم تجد آذانًا صاغية، بل جرى الالتفاف عليها".
واختتم حديثه بالقول: ان “العراق لا يعاني من نقص في العقول، بل من إقصائها. هناك كفاءات وطنية نزيهة، لكن لا يُسمح لها بالوصول. ما نحتاجه اليوم هو وعي شعبي يرفض انتخاب الفاسدين، ويُقصي اصحاب ولاءات الخارج، ومن باع الوطن، ومن لا يمتلك الحد الأدنى من الكفاءة والنزاهة”.
العراقيون يستحقون نخبة أفضل
من جهته، أكد المراقب للشأن السياسي داوود سلمان أن ما يُطلق عليه “النخبة الحاكمة” في العراق لا تمت بصلة لهذا المفهوم، لا من حيث الأداء ولا من حيث القيم والمعايير الأخلاقية.
وقال سلمان في حديث مع "طريق الشعب"، انه "حين نتحدث عن النخبة، فإننا نقصد شريحة تتمتع بكاريزما، ووعي، وثقافة، ونزاهة، وإخلاص للوطن والمجتمع، وتغلب المصلحة العامة على المصالح الشخصية. هذه هي المعايير التي تُميز النخبة الحقيقية، لا مجرد شخوص يتصدرون المشهد السياسي”.
وأضاف قائلاً انه “بكل وضوح، لا يوجد بين الطبقة السياسية الحاكمة اليوم من تنطبق عليه تلك المواصفات. ليس فيهم من هو نزيه أو أمين، ولا من يمثل بيئته بصدق، بل الأغلبية تدين بالولاء لجهات خارجية أو مصالح ضيّقة، ويحرصون على اقتسام الموارد والمناصب لا خدمة المواطن”.
وأشار إلى أن "وضع العراق في ذيل تصنيف الدول من حيث النخبة السياسية ومدى اسهاماتها بتقديم المنافع للناس مقابل مكاسبها الشخصية، كان دقيقاً وصادقاً، قياساً بالواقع".
ونوه الى ان "المجتمع العراقي فيه نخب فكرية وأكاديمية راقية تضاهي نظراءها في العالم، لكن لم تُمنح الفرصة للمشاركة في قيادة الدولة، لأنها ببساطة لا تنسجم مع منظومة الفساد والمحاصصة”.
وتابع قائلاً ان "الشواهد كثيرة، لشخصيات وطنية، حين أُتيحت لها الفرصة، رفضت أن تكون جزءاً من هذا الخراب، وتخلت عن مناصبها، وفضلت الغربة على البقاء في مشهد سياسي لا يؤمن بقيم الدولة والديمقراطية او بقوا في الداخل، ويعيشون حياة بسيطة جداً”.
وشدد على أن "التغيير مرهون بوعي الشعب، وآمل أن يدرك المواطن حجم مسؤوليته في الاختيار، فالتغيير يبدأ من صناديق الاقتراع، لا بانتظار معجزة. يجب أن يُقصى الفاسدون، وأن تُعطى الفرصة لنخب وطنية حقيقية تحمل مشروعًا للإصلاح”.
وخلص الى القول: ان “من المخجل أن نطلق على الفاسدين صفة سياسيين أو نخبة، فهم بعيدون كل البعد عن هذه الأوصاف. النخبة لا تشتري صوت المواطن بمدفأة وطعام، ولا تحتقر وعيه بالمهرجانات الفارغة. النخبة تُقدم مشروعاً، والمواطن هو من يحكم عليه. أما ما نراه اليوم، فهو تهريج سياسي، لا علاقة له بالنخبة أو بالقيادة”.
"زمرة متسلطة"
اما المحلل السياسي مناف الموسوي فقد قال إن الأزمة بين الطبقة السياسية والمواطن لم تعد بحاجة إلى تقارير دولية لتشخيصها، فالمشهد واضح: هناك أزمة ثقة حقيقية ومتجذرة.
وأضاف الموسوي في حديث مع "طريق الشعب"، أن أبرز مؤشرات هذه الأزمة "تمثلت في انتفاضة تشرين الشعبية، وكذلك في العزوف الواسع لأغلبية المواطنين عن الانتخابات النيابية السابقة، خاصة ما يُعرف بـ”الأغلبية الصامتة”"،
وأرجع أسباب هذه الأزمة إلى "سوء الإدارة، وعدم وفاء القوى السياسية بوعودها خلال الحملات الانتخابية، فضلًا عن سلوكها القائم على تهميش المواطن بعد الانتهاء من التصويت".
وأشار إلى أن القوى السياسية "تتعامل مع المواطن كأداة انتخابية مؤقتة، لا كجزء فاعل في العملية السياسية، وهو ما أدى إلى تصاعد حجم الاحتقان الاجتماعي من هذه الطبقة السياسية".
ونوه الى "اننا أمام مشهد طبقي مقلق، إذ نرى طبقة ثرية مفرطة في الامتيازات، مقابل طبقة مسحوقة تعاني من الفقر والعوز، فيما اختفت الطبقة الوسطى التي كانت تمثل العمود الفقري للمجتمع، وعلى رأسها فئة الموظفين”.
وتابع أن "ما نشهده من نتائج كارثية يعود إلى تغليب المصالح الحزبية الضيقة على المصلحة الوطنية، واستغلال موارد الدولة لخدمة المشاريع الحزبية والفئوية، وهو ما تلتقطه أيضاً التقارير الدولية كمؤشرات على فشل القوى الحاكمة في تحقيق منافع عامة للمجتمع".
وزاد بالقول: ان “انخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات السابقة يعطي انطباعاً سلبياً على المستوى الدولي بشأن سلامة المسار الديمقراطي في العراق، ويعكس حجم الاستغلال الواضح لمؤسسات الدولة من قبل الكتل السياسية، وهو ما قد يُضعف او يثلم الاعتراف الدولي بشرعية هذه القوى”.
واتم حديثه متسائلاً: “بعد أكثر من 22 عامًا على تغيير النظام، هل من المنطقي أن نطلق على الطبقة السياسية الحالية وصف (النخبة الحاكمة)؟، فمفهوم النخبة يعني التميز والتفوق في الأداء، لا السيطرة والتسلط، لكن الأدق هو أن نقول إننا أمام زمرة حاكمة، لا نخبة. زمرة أبعد ما تكون عن روح المسؤولية، وأقرب إلى الاستحواذ على الدولة”.
****************************************
العراق في الصحافة الدولية
ترجمة وإعداد: طريق الشعب
العراق والتطور النووي للأغراض السلمية
نشر معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى مقالاً للصحفي مايكل نايتس حول مشاريع العراق للتعاون مع روسيا والصين في مجال الطاقة النووية للأغراض السلمية، أشار فيه إلى أن بغداد قد أعلنت مؤخراً عن اتفاقية مع روسيا لتطوير مفاعلات نووية صغيرة مشتركة في مواقع غير محددة داخل العراق لإنتاج الكهرباء. كما بينت بأن هيئة الطاقة الذرية العراقية تتشارك مع هيئة الطاقة الذرية الصينية لإنشاء مفاعل للتدريب في مجمع التويثة للصناعات النووية الواقع في ضواحي بغداد.
حاجة ماسة
وذكر المقال بأن سعي العراق للحصول على التكنولوجيا النووية السلمية لتوليد الطاقة خيار منطقي للبلاد التي تحتاج عادة من 40 إلى 50 غيغاواط من الكهرباء لتلبية الطلب في موسم الذروة الصيفية، في وقت لا تتجاوز فيه الطاقة المنتجة والمستوردة حالياً 28 إلى 30 غيغاواط. ومن المتوقع أن تزداد الحاجة للكهرباء في المستقبل، جراء ارتفاع درجات الحرارة ونمو السكان، وتزايد رغبة البلاد في تعظيم صادراتها المربحة للغاية من المواد الهيدروكربونية، كما هو الحال مع غيرها، مع السعي لتحويل أكبر قدر ممكن من هذه الطاقة إلى الطاقة النووية والطاقة المتجددة.
واستدرك الكاتب بالقول إن مشكلة الكهرباء في العراق لا تتعلق بكمية المنتج منها فقط بل وأيضاً بتقادم شبكات النقل والتوزيع والتخلف التقني وضعف جباية التكاليف من المستهلكين، وبالتالي فإن معالجة المشكلة خلال السنوات القليلة القادمة، يتطلب مساراً أسرع يشمل التقاط الغاز، واستيراد الكهرباء، وحرق النفط المتاح بسهولة في محطات الطاقة، والتطوير المتسارع للطاقات المتجددة، وإصلاحات قطاع الكهرباء.
صعوبات غير قليلة
وأكد المقال على أن المسار النووي للإستخدام السلمي يستغرق وقتاً طويلاً، حتى مع القدرات الصينية على الإنشاء السريع، ويواجه الكثير من العقبات من أبرزها عدم الاستقرار، وبقاء الحكم عند حافة الفشل، والتوترات المتكررة مع واشنطن والتي يمكن أن تصل إلى فرض عقوبات على الحكومة كلها او أطراف منها.
وأشار المقال إلى أن البيت الأبيض لم يعلق حتى الأن على الصفقات العراقية مع بكين وموسكو، ربما لأنها لا تتعلق سوى بمفاعل تدريبي صغير، متسائلاً عما هو متوقع إذا ما إتسع نطاق الأمر لاحقاً، خاصة وإنه يجري مع عدوتين لدودتين للولايات المتحدة، حسب تقدير الكاتب، الذي ذكر عدداً آخر من الصعوبات التي تواجه المشروع كالفساد المستشري وضعف هيبة الدولة وانتشار السلاح خارج سيطرتها وعدم انسجام مكونات الحكومات المتعاقبة. ونصح الكاتب إدارة ترامب بالتدخل في تشكيل الحكومة، بعيد الانتخابات المزمع إجراؤها في تشرين الثاني القادم، لضمان مصالحها في العراق!
الصداقة مع الصين
وادعى الكاتب بأن الحكومة الحالية أظهرت ميلاً لتعزيز الصداقة والتعاون مع الصين، خاصة في قطاع الطاقة التقليدية، حيث ذهبت ثلاثة عشر من ستة عشر عقداً رئيسياً وُقعت في نيسان-أيار الماضي إلى شركات صينية. ورأى بأن من حق بغداد عدم الوثوق بصناعة المفاعلات الأمريكية، التي تكون مثقلة بالشروط فيما يتعلق بالطاقة النووية واستخداماتها، مع محاولة التحرر من سيف العقوبات الذي قد تشهره واشنطن عليها.
******************************************
عين على الأحداث
تسرّع
أعلنت الحكومة عن حظر الدفع النقدي في مؤسساتها بدءاً من مطلع تموز المقبل، بعد أن وصل عدد الحسابات المصرفية بين 22 و23 مليوناً وبلغ عدد نقاط البيع بين 60 و70 ألفاً. هذا وقد أثار الإعلان قلق الناس بسبب عدم ارتفاع نسب الشمول المالي لأكثر من 40 في المائة خلال سبع سنين من العمل، وبقاء 70 في المائة من الكتلة النقدية خارج المصارف جراء ضعف ثقة الناس بالنظام المصرفي، وعجز الحكومة عن اصلاح هذا النظام لاستعادة ثقة المواطن به، وهو شرط مهم لنجاح مشروع الدفع الإلكتروني، كان يجب أن يُّنجز قبل اتخاذ هذا القرار.
خوش توقيت!
تعرضت إحدى الطائرات العراقية إلى خلل فني في محركاتها عند محاولتها الإقلاع إلى بيروت، ما دفع بوزارة النقل للإعلان عن قيام إدارة المطارات باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة، وفق البروتوكولات العالمية المعتمدة، للحفاظ على أعلى مستويات السلامة الجوية، لأنها "تضع أرواح وسلامة المسافرين في مقدمة أولوياتها". هذا وفيما يتزامن الحادث مرة أخرى مع موعد مراجعة الإتحاد الأوربي لقراره بمنع تحليق طائراتنا في أجوائه، وهو منع تم تمديده على ضوء ماجرى، يتساءل الناس عن السر وراء تزامن هذه الأحداث مع قيام العالم بتقييم واقع خطوطنا الجوية، في وقت تتمتع فيه إدارة المطارات بهذا المستوى من المهنية.
حصة اللصوص وحصة الناس
كشفت الإحصائيات عن بلوغ إجمالي التحويلات المالية الرسمية المخصصة لإستيراد السلع والخدمات 311 مليار دولار (415 تريليون دينار) خلال الفترة 2019 - 2024، وعن بلوغ واردات الحكومة من الضرائب على هذه السلع 6.4 مليار دولار (8.5 ترليون دينار). هذا وتجدر الإشارة إلى أن الرسوم الكمركية التي حددتها الحكومة بنسبة 10 في المائة، كان يفترض أن توفر لها أكثر من 30 مليار دولار خلال هذه السنوات، مما يعني خسارتها لحوالي 24 مليار دولار، كسرقات وهبات وتسهيلات ورشاوى واستيرادات وهمية، وهي أموال كانت تكفي لبناء الثمانية آلاف مدرسة والمئات من المستشفيات التي تحتاجها البلاد.
أسعار عفتره
عاود سعر صرف الدولار الإرتفاع ثانية بعد تراجعه لعدة أيام، وذلك على أثر التوترات الجارية الان في المنطقة. ويثير هذا التغيير خشية الناس من تصاعد أسعار السلع والخدمات، حيث اعتاد التجار التذرع بسعر الصرف بسبب اعتماد العراق على المواد المستوردة بالعملة الصعبة في أغلب استهلاكه. هذا وفي الوقت الذي يحصل فيه المستوردون على الدولار بالسعر الرسمي، وبالتالي لا يتأثرون بتذبذب السعر الموازي، يتساءل الناس عن السبب في عدم تحديد سقوف الربح، لاسيما في الظروف الحرجة، وهو إجراء تعمد اليه حتى دول اقتصاد السوق احياناً.
بقت عالبيئة!
الإنذار الذي وجّهته بيئة ميسان لشركة زين العراق للاتصالات بسبب نصب أحد أبراجها داخل حي سكني وبدون استحصال الموافقات البيئية اللازمة، هو واحد من 49 إنذاراً ضد أبراج مخالفة تابعة لشركات الاتصالات الثلاث (آسياسيل، زين، كورك)، والتي تعمل من دون موافقات رسمية، ولا تتجاوب مع الإنذارات ولا تتلقى أي محاسبة حكومية جراء ذلك. من جهة مماثلة، وجهت بيئة النجف إنذاراً لمعمل إسمنت الكوفة الحكومي بسبب عدم احترامه لقواعد حماية البيئة، فيما حذرت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في البصرة من أن أزمة الجفاف غير المسبوقة منذ 80 عاماً، تمثل خطراً هائلاً على صحة الناس وبيئة المنطقة.
******************************************
الصفحة الرابعة
توثيق لقصص النزوح وموت الأرض أهوار ذي قار.. تراث عالمي يواجه تهديداً وجودياً ومجلس المحافظة يطلب تدخلاً عاجلاً
بغداد – تبارك عبد المجيد
تعاني محافظة ذي قار من أزمة مائية حادة باتت محط اهتمام الإعلام المحلي والدولي على حد سواء. فقد أدى جفاف الأهوار إلى تفاقم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة، بما في ذلك موجات النزوح المتزايدة وارتفاع معدلات الفقر، ما جعل الأزمة قضية حيوية لا يمكن تجاهلها. ورغم خطورة الوضع وتأثيراته الواضحة على حياة السكان، لا تزال الاستجابة الحكومية متواضعة وغير كافية لمواجهة تداعيات هذه الأزمة المتفاقمة بشكل فعال.
ترك مهنة الصيد
يقول عامر الزبيدي، أحد صيادي الأسماك، من اهوار ذي قار لـ "طريق الشعب"، أنه اضطر إلى ترك مهنة الصيد في أكثر بقعة يشعر بالانتماء لها، بسبب الجفاف.
ويضيف الزبيدي خلال حديثه لـ "طريق الشعب"، بحزن: "تركت مهنتي التي مارستها منذ الطفولة، واعمل الان في مهنة لا تشبهني: عامل في محل حدادة وسط المدينة".
ويشير الزبيدي الى، أن "اغلب سكان الاهوار تركوا مهنهم بسبب صعوبة العيش، ولم يبق سوى قليل منهم ممن لا يزال الامل يحدوهم بعودة الاهوار كما كانت عليه"، لافتا إلى ان إنعاش الاهوار يحدث بشكل طارئ، وسرعان ما تعود الى ارض قاحلة.
ويتمنى المتحدث ان لا تفقد محافظة ذي قار هويتها الممتدة إلى الاف السنوات.
موجة نزوح تحوّل الهور لذكرى باهتة
ويؤكد سجاد الربيعي، ناشط بيئي من محافظة ذي قار، أن أكثر من 1000 صياد اضطروا لمغادرة مناطق الأهوار بسبب الجفاف المستمر، إما بحثا عن فرص عمل بديلة أو نزوح إلى مناطق لا تزال تحظى بتوفر المياه.
وفي حديثه لـ"طريق الشعب"، أوضح الربيعي أن هذه الموجة من النزوح تركت أثرا بالغا على النسيج الاقتصادي والمهني والتاريخي للمحافظة، حيث تحولت مهن الصيد والزراعة، التي كانت تشكل العمود الفقري لاقتصاد الأهوار، إلى مجرد ذكريات باهتة لدى السكان المحليين.
ويقول أن التحول من إنتاج الموارد الغذائية إلى الاعتماد على الاستهلاك سيزيد من الضغوط على المراكز الحضرية، كما سيفاقم التحديات الاجتماعية والاقتصادية.
ويضيف أن تزايد أعداد السكان المستهلكين دون وجود بدائل اقتصادية مستدامة سيؤدي إلى تفاقم البطالة، وانتشار الفقر، وتدهور الخدمات الأساسية، بالإضافة إلى خلق أزمات في توفير الغذاء والماء".
وتقول التدريسية في جامعة ذي قار، منار ماجد، إن العراق يواجه أزمة مائية حقيقية منذ سنوات، تعود أسبابها إلى مجموعة من العوامل الطبيعية والبشرية المتداخلة.
وتضيف ماجد في حديث لـ "طريق الشعب"، أن الخلل في توزيع المياه بين المناطق يعد أحد أبرز مظاهر هذه الأزمة، وهو أمر يرتبط مباشرة بالظروف البيئية المحلية، مثل طبيعة المناخ وطبوغرافية الأرض، إلى جانب سوء توزيع الحصص المائية من دول المنبع، وازدياد الطلب البشري على المياه نتيجة النمو السكاني المستمر.
وترى ماجد، أن هذه العوامل مجتمعة ساهمت في "ظهور أزمات متعددة الأوجه، امتدت آثارها إلى القطاعات الاقتصادية والزراعية والاجتماعية".
وتضيف، ان "العراق جزء من منظومة عالمية متأثرة بندرة المياه وتغير المناخ".
وتشير إلى أن التغير المناخي يُعد اليوم من أبرز التحديات التي تهدد الموارد المائية، موضحة ان التغير المناخي يعني تلك التحولات التي تصيب المناخ العام خلال فترات زمنية طويلة، قد تمتد لعقود أو قرون، وينتج عنها تذبذب واضح في معدلات الأمطار ودرجات الحرارة، ما يخلق أنماطاً مناخية جديدة تؤثر بشدة على الموارد المائية.
وتبين أن محافظة ذي قار تعتمد على نهري دجلة والفرات كمصادر رئيسية للمياه، إذ تستفيد المناطق الشمالية والشرقية من مياه جدول الغراف القادم من نهر دجلة، بينما تعتمد المناطق الجنوبية والغربية على مياه نهر الفرات، وكلا النهرين ينبعان من تركيا، ما يعكس أهمية تنظيم وترتيب العلاقات المائية مع دول المنبع.
وتتابع ماجد ان "الدراسات المناخية الحديثة أظهرت وجود تغيرات واضحة في منطقة حوض النهرين، متأثرة بارتفاع درجات الحرارة وانخفاض معدلات الأمطار، وهذا مرتبط بمناخ شمال الأطلسي، الذي تتسبب تقلباته بتذبذب معدلات الأمطار في المنطقة، علماً أن 27 من موارد مياه النهرين تعتمد على الأمطار الموسمية".
وتحذر من أن هذا التراجع في التساقط المطري أسهم في انخفاض مناسيب المياه في نهري دجلة والفرات بنسبة 50 في المائة، مشيرة إلى أن موسم الشتاء في عام 1998-1999 شهد واحدًا من أسوأ معدلات الأمطار، ما أدى إلى تراجع إنتاجية محاصيل القمح والشعير بنسبة 63 في المائة، وخسائر في الزراعة الديمية وصلت إلى 70 في المائة.
مؤشرات مناخية
وتستعرض ماجد المؤشرات المناخية في محافظة ذي قار، مشيرة إلى ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة خلال العقود الماضية. وتقول: "سجلت المحافظة أعلى معدل سنوي لدرجة الحرارة في عام 2000 وبلغ 27.3 درجة مئوية، مقارنة بـ22.9 درجة في عام 1984، مما يعكس فرقًا قدره 4.5 درجات".
أما الرطوبة النسبية، فتؤكد أنها شهدت تناقصا مستمرا، حيث انخفضت من 45.3 في المائة حلال الأربعينات إلى 40 في المائة في العقد الأول من الألفية الجديدة، وقد تصل إلى 30 في المائة بحلول عام 2080، وهو ما سينعكس سلبا على معدلات الأمطار. وتضيف: "كلما انخفضت الرطوبة، تراجعت الأمطار، فقد تراجع المعدل السنوي من 161.5 ملم في الأربعينات إلى 132.4 ملم خلال العقد الأخير".
وتختتم ماجد حديثها بالتشديد على أن مناخ محافظة ذي قار يتجه نحو الجفاف وليس مجرد التذبذب المناخي، بفعل الارتفاع المستمر في درجات الحرارة، وانخفاض مستويات الرطوبة، مما يزيد من خطورة الوضع المائي ويستدعي استجابة عاجلة من الجهات المعنية.
تدهور بيئي ومعيشي
ويكشف رئيس لجنة التصحر والجفاف في محافظة ذي قار، حيدر السعيدي، عن أبعاد خطيرة للأزمة البيئية والإنسانية التي تعصف بالمحافظة، مؤكداً أن ذي قار أصبحت من أكثر المحافظات تضرراً في العراق نتيجة التغيرات المناخية وشحّ المياه، ما تسبب في موجات هجرة داخلية واسعة وتدهور بيئي ومعيشي كبير.
ويقول السعيدي لـ "طريق الشعب"، "لدينا مجموعة من التقارير والدراسات التي توثق حجم الكارثة، كما نعمل بتحرك جاد على المستويين الحكومي والدولي، بالتعاون مع منظمات دولية ووزارات ذات صلة. ذي قار اليوم تمثل رقماً صعباً، إذ تجاوز عدد المهاجرين داخلياً أكثر من 10,000 شخص".
ويشير السعيدي إلى أن الهجرة لم تتم بشكل عشوائي، بل وثّقت وفق استمارات رسمية ومعايير دولية، لاقت استحسان عدد من الجهات الأممية بسبب دقتها وجودتها.
وأردف: "اعتمدنا التصوير الجوي لمناطق كانت مغمورة بالمياه وأصبحت اليوم جافة بالكامل، ما أضفى مصداقية أكبر على تقاريرنا".
ولفت إلى أن ذي قار تختلف عن باقي المحافظات العراقية، كونها تفتقر لأي مصدر دخل بديل أو مشاريع استراتيجية يمكن أن تمول تعويضاً عن الخسائر. وأضاف: "نحاول أن نكسب دعماً من الحكومة المركزية عبر تقليص الخطط الزراعية في محافظات أخرى لضمان حصص مائية عادلة، إلى جانب التواصل مع المنظمات الدولية للضغط على الجانب التركي في هذا الملف الإنساني، خاصة أن ما يحدث أقرب إلى إبادة جماعية صامتة".
وأكد السعيدي أن الأزمة تركت آثاراً عميقة على البنى التحتية والخدمات الأساسية، موضحاً أن أغلب النازحين استقروا في مركز المحافظة، مدينة الناصرية، ما شكل ضغطاً كبيراً على خدمات الكهرباء والمياه والصحة والتعليم. وقال: "لدينا تحديات كبيرة في استيعاب الأطفال وتوفير المدارس، فضلاً عن خدمات صحية خاصة للنساء في المناطق التي نزحوا إليها".
فيما حذر من مخاطر أمنية محتملة، قائلاً: "المناطق التي أُخليت من سكانها قد تتحول إلى ملاذ للعصابات المنظمة وتجار المخدرات، خاصة في ظل ضعف الرقابة وانعدام الوجود الأمني. كما فقدنا إنتاجية مناطق كانت تعتمد على تربية الجاموس والأسماك، وتحولت إلى مناطق استهلاكية".
واختتم السعيدي بالإشارة إلى تفاقم الوضع الصحي، قائلاً: "نرصد ارتفاعاً في نسب التلوث والإصابة بأمراض مثل السرطان، خصوصاً بين الأطفال وكبار السن، نتيجة تدهور جودة المياه. التنوع الأحيائي في المحافظة بدأ بالانقراض، وهذا يتطلب تحركاً عاجلاً على المستويات كافة".
**********************************************
وسط عجز حكومي عن ضبطها.. أسعار البضائع تواصل الارتفاع.. والقدرة الشرائية تتآكل
بغداد – طريق الشعب
لا تزال أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية تشهد ارتفاع ملحوظاً في الأسواق، من دون أن يلمس المواطن أي تحسن في قدرته الشرائية، برغم الانخفاض النسبي في سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي.
وتتحدث الحكومة عن إجراءات لضبط الأسعار ومحاسبة المتلاعبين، فيما يؤكد كثيرون أن الغلاء يواصل خنق العائلات ذات الدخل المحدود، في ظل غياب رقابة فعلية واستغلال واضح من بعض التجار.
جشع مستمر
يقول علي حمود، مواطن بغدادي، إنه يعاني كثيراً من ارتفاع أسعار المواد الغذائية، مضيفًا أنه رغم انخفاض سعر الدولار قليلاً في الفترة الأخيرة، إلا أن أسعار المواد ما زالت مرتفعة بشكل غير مبرر.
ويضيف حمود لـ "طريق الشعب"، أن "التجار يستغلون الأزمة بشكل كبير، مشيرًا إلى أن وضعه الاقتصادي صعب جداً، حيث أصبح من الصعب تأمين الحاجات الأساسية لعائلته.
ويعتقد حمود أن جشع بعض التجار وعدم وجود رقابة فعالة يزيدان من معاناة المواطنين، خصوصاً وأن الكثير منهم يرفعون الأسعار بحجة ارتفاع الدولار رغم أن الواقع غير ذلك، لافتا الى ان "في كل مرة ترتفع فيها الأسعار، نُترك وحدنا لمواجهة الكارثة، من دون اي دعم حكومي حقيقي، ولا إجراءات تردع التلاعب في السوق. الحكومة تتحدث عن تحسين الوضع الاقتصادي، لكن ما نراه هو العكس تماماً".
ويطالب حمود بتدخل حكومي بشكل عاجل لمراقبة الأسواق وضبط الأسعار، لأن استمرار هذا الوضع يزيد من صعوبة الحياة على الجميع. بالرغم من قوله ان "تصريحات الحكومة بمراقبة الأسعار نعلم انها مجرد اخبار إعلامية".
وأصدر رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، في 2 حزيران الجاري، توجيها إلى الدوائر المختصة بمكافحة الجريمة الاقتصادية لمتابعة ومحاسبة المتلاعبين بالأسعار. وبحسب الكتاب الصادر عن مكتب رئيس مجلس الوزراء، والذي اطلعت عليه "طريق الشعب"، ان "بالنظر الى استقرار أسعار الصرف امام الدينار العراقي لوحظ قيام بعض الشركات وضعفاء النفوس لاستيرادهم للأسعار او ابقاءها على وضعها السابق، دون مراعاة الاستقرار في الأسواق وبالأخص أصحاب المواد الغذائية والأدوية وأصحاب المخابز والافران".
وعزا ذلك إلى: "عدم التزامهم بتعديل أسعار البيع للمواد التي يحتاجها المواطن بشكل يومي"، مؤكدا "عدم وجود دور رقابي واضح من قبل الدوائر الاقتصادية لمتابعة تلك الحالات".
ممانعة السوق
من جانبه، قال الخبير في الشأن المالي مصطفى حنتوش أن انخفاض سعر الصرف لا يظهر تأثيره بسرعة في الأسواق، على عكس حال ارتفاعه، حيث تشهد الأسعار قفزات سريعة.
وأضاف في حديث لـ "طريق الشعب"، أن "السبب في ذلك يعود إلى أن التجار يحتفظون ببضائع تم شراؤها بأسعار صرف مرتفعة، وهي لا تزال تحت تصرفهم"، مشيرًا إلى، أن "المخازن ممتلئة ببضائع تم استيرادها وفق سعر الصرف الأعلى، وبالتالي فإن أي انخفاض في السعر لا يظهر على الفور، بل ينتظر حتى نفاد تلك الكميات ووصول شحنات جديدة مستوردة بالسعر الجديد".
وأشار إلى أن هناك أيضاً كمية كبيرة من السلع في السوق العراقية تم تسعيرها وفق السعر الرسمي، ما يعني أن تأثير التغير في سعر الصرف يكون محدوداً على المدى القصير.
تجربة الهايبر ماركت
كما لفت إلى أن بعض القطاعات، مثل الهايبر ماركت والأسواق المركزية، قد تعكس التغيير بشكل أسرع نسبياً، لأنها تعتمد على دورة سريعة في استبدال البضائع، مما يتيح لها شراء السلع بأسعار صرف منخفضة وبيعها بأسعار أقل للمستهلك.
وتابع حنتوش بالقول إن طبيعة الأسواق والتجارة في العراق تجعل من السهل انعكاس ارتفاع سعر الصرف على الأسعار، نظراً لعوامل مثل الخوف من تقلبات السوق وسلوك رأس المال، في حين أن الانخفاض لا يُترجم مباشرة إلى انخفاض في الأسعار بنفس الوتيرة.
وأشار إلى أن انخفاض الدولار أمر غير واضح إذا ما كان سيستمر أم يعاود الارتفاع، لأنه غير مرتبط بمعالجات عراقية بحتة إنما بتأثير إقليمي خصوصا مع تأثير المفاوضات الإيرانية الأمريكية وارتفاع قيمة العملة الإيرانية.
استيراد بالرسمي وبيع بالموازي!
فيما نبه الخبير الاقتصادي صالح الهماشي الى أن العلاقة بين سعر صرف الدولار وأسعار السلع في الأسواق المحلية باتت غير واضحة، رغم تثبيت سعر الصرف الرسمي عند 132 ألف دينار لكل 100 دولار.
وقال الهماشي لـ "طريق الشعب"، أن "أغلب التعاملات التجارية لا تزال تُحتسب وفق سعر الصرف في السوق الموازية، والذي يتجاوز 144 ألف دينار لكل 100 دولار، ما يخلق فجوة كبيرة بين السعر الرسمي وسعر السوق، تنعكس مباشرة على أسعار السلع والخدمات".
وأضاف أن التحديات لا تقتصر فقط على اختلاف أسعار الصرف، بل تمتد إلى التكاليف غير الرسمية التي يتحملها التاجر العراقي. فمن المنافذ الحدودية، إلى النقل، مرورا بالسيطرات الأمنية والموانئ، تنتشر الرشاوى والمعوقات، ما يضطر التاجر إلى رفع الأسعار لتعويض تلك التكاليف الإضافية.
وأكد أن هذه الممارسات لا تقتصر على جهات غير حكومية بل تشمل مؤسسات حكومية، ما يزيد من تعقيد الوضع.
وأشار إلى أن انخفاض قيمة الدينار العراقي أمام الدولار زاد من الضغوط على السوق، خاصة في ظل غياب سيطرة حكومية فعالة على المناطق والنقاط الحيوية. وأكد أن ما تحتاجه البلاد هو دولة قوية تحارب الفساد بجدية، وتستمع إلى مشاكل التجار والاقتصاديين، وتتعامل معها بعين الاعتبار.
وفيما يتعلق بالضرائب، أوضح الهماشي أن التحكم الضريبي سلاح ذو حدين، إذ يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار السوق إذا تم فرض ضرائب غير مدروسة، لكنه في المقابل قد يُستخدم للحد من الاستهلاك أو تنظيم السوق إذا استُخدم بشكل إيجابي ومدروس.
واختتم الهماشي حديثه بالتأكيد على أهمية السيطرة على نوعية البضائع المستوردة، ومنع دخول السلع غير المطابقة للمواصفات، لما تشكله من تهديد على الأمن الغذائي والاقتصاد الوطني.
وشدد على أن معالجة الفارق الكبير بين السعر الرسمي وسعر السوق باتت أولوية ملحّة تتطلب تحركا حكوميا حازما.
عجز حكومي عن ضبط الأسعار
من جانبه، يعلق الناشط السياسي، علي القيسي أن "استمرار ارتفاع الأسعار رغم وعود الحكومة المتكررة بالتخفيض يكشف عن فجوة كبيرة بين الخطاب الرسمي والتنفيذ الفعلي على الأرض. فالحكومة أعلنت مراراً عن نيتها محاسبة المتلاعبين بأسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية، إلا أن الواقع يشير إلى عجز واضح في السيطرة على الأسواق، أو حتى في فرض آليات رقابة حقيقية".
ويقول القيسي لـ "طريق الشعب"، إن "عدم التزام الحكومة بوعودها يضعف ثقة الشارع بها، خاصة وأن المواطن بات يسمع الوعود أكثر مما يلمس النتائج، في وقت تزداد فيه أعباؤه اليومية نتيجة الغلاء المتصاعد".
كما اشار إلى أن غياب استراتيجية اقتصادية متماسكة وتراخي الأجهزة الرقابية خلقا بيئة مثالية لجشع بعض التجار، ما فاقم معاناة المواطن البسيط.
ويؤكد أن "الاقتصاد لا يُدار بالتصريحات، بل بالإجراءات الميدانية الصارمة، وهو ما لم تلتزم به الحكومة حتى الآن".
واختتم حديثه بان "غلاء الأسعار تحول إلى كابوس يومي يؤرق العائلات ذات الدخل المحدود، فيما تنشغل الطبقة السياسية بصراعاتها ومصالحها الضيقة، غير مهتمة بانهيار القدرة الشرائية لأغلب العراقيين".
******************************************
الصفحة الخامسة
الملابس المستوردة الرخيصة تتصدر السوق مهنة الخياطة في العراق تُصارع من أجل البقاء
بغداد - عامر عبود
منذ سنوات، تواجه مهنة الخياطة تراجعا كبيرا في العراق، نتيجة عوامل عدة، ابرزها فتح أبواب الحدود على مصاريعها وبشكل عشوائي امام البضاعة المستوردة، وغزو الملابس الرديئة والرخيصة الأسواق، وندرة المواد الأولية وارتفاع أسعارها، فضلا عن غياب الدعم الحكومي، الأمر الذي أدى إلى تراجع هذه المهنة التي كانت تشكل مصدر عيش لآلاف المواطنين، وبالتالي دفع الكثيرين من أصحاب معامل الخياطة وورشها إلا إغلاق معاملهم وورشهم، وتسريح العاملين فيها.
من التصميم الراقي الى تصغير وتعديل الملابس
في حديث لـ"طريق الشعب"، يسرد الخياط الحاج مظفر حسن (ابو سعد)، جانبا من ذكرياته مع مهنة الخياطة وفنونها، وكيف ان هذه المهنة تراجعت كثيرا خلال العقدين الأخيرين، بعد أن كانت مزدهرة.
ويقول انه "في السابق قبل ان تفتح الحدود بهذا الشكل العشوائي أمام الملابس المستوردة، كان هناك اقبال كبير من النساء على ورش الخياطة، لطلب الـ(كوستمات) والفساتين المختلفة"، مبينا أن محل الخياطة خاصته كان يعمل فيه ثلاثة خياطات مع عاملين غير ماهرين، وان العمل كان جيدا يُغطي مردوده المالي حاجاته المعيشية واحتياجات عماله بالحد المقبول، حتى في سنوات الحصار الاقتصادي الذي فُرض على البلاد.
ويتابع أبو سعد قائلا أنه "بعد 2003، وبفعل فوضى الاستيراد وامتلاء الأسواق بالملابس المستوردة من مصادر مختلفة، تراجعت مهنتنا كثيرا، ما دعانا إلى تسريح العاملين، بعد أن عجزنا عن تأمين أجورهم. فتحوّل عمل المحل من الخياطة والتصميم (التفصيل) الراقي، إلى تصغير الملابس وتقريمها وتعديلها، مقابل مردود مالي بسيط بالكاد يؤمن قوت عائلتي".
المهنة تواجه الانهيار
من جانبه، يقول خياط "الدشاديش" أبو مرتضى: "نحن ثلاثة اخوة توارثنا مهنة الخياطة من ابي، الذي توارثها بدوره عن والده منذ السبعينيات.
وكانت هذه المهنة مصدر الدخل الوحيد لعائلتنا، وكان عائدها جيدا، ما ساعدنا على توسيع عملنا عبر افتتاح محلات منفردة لكل واحد منا". ويستدرك في حديثه لـ"طريق الشعب": "لكن بعد 2003 حصلت انتكاسة سريعة في مهنتنا، ولم نستطع ان ننافس البضائع المستوردة من دول مختلفة، خاصة من الصين، والتي اغرقت الاسواق بكميات كبيرة من الزي العربي الرديء الذي يُباع بأسعار منخفضة جدا، ما ادى الى غلق العديد من معامل ومحال الخياطة، ومنها محالنا". ويضيف أبو مرتضى قائلا: "الآن انا اعمل بصفة عامل خياطة في معمل صغير، وأتقاضى اجري على القطعة"، مؤكدا انه "تظاهرنا وطالبنا الحكومة كثيرا بالحد من الاستيراد وفرض الضرائب على البضاعة المستوردة لحماية الصناعة المحلية، الا انها لم تستجب لطلبنا".
خياطون يكافحون من أجل البقاء
إلى ذلك، يقول محمد لطيف، وهو صاحب ورشة صغيرة لخياطة الملابس النسائية في الكاظمية، أنه "بالرغم من توقف العديد من معامل الخياطة، إلا ان هناك ورشا ومعاملا صغيرة مستمرة في العمل، ولها القدرة على تجهيز الاسواق بالبضاعة العراقية، اذا ما تم دعمها من قبل الحكومة"، موضحا أنه "لا تحتاج هذه المعامل الى دعم مادي بل كل ما تحتاج اليه هو تنظيم السوق وضبط الحدود وفرض الضرائب على الملابس المستوردة، وتشجيع الصناعة المحلية وجعل المنتج المحلي متصدرا السوق".
ويستذكر لطيف مهنة الخياطة في فترة الحصار الاقتصادي في التسعينيات، ويقول: "كان معملنا الذي تقلصت اليوم اعداد مكائن الخياطة فيه وتحوّل إلى ورشة صغيرة، عبارة عن خلية نحل. الكل يعمل بنشاط ومهارة عالية الى ساعات متأخرة من الليل، خاصة في مواسم الاعياد وبداية السنة الدراسية. حيث كنا نجهز تجار الشورجة بالملابس النسائية وملابس الاطفال، كذلك الأزياء المدرسية للطالبات".
ويتابع قوله: "اما اليوم، فقد ضعف عملنا واصبحنا نعتمد على تجهيز طلبات قليل من محال بيع الملابس، وبالكاد نسد نفقات العمل والمواد الأولية وأجور العمال".
ويؤكد لطيف أنه "حاولت مرات عديدة ترك مهنتي والبحث عن وظيفة مختلفة، إلا انني لم اجد اي عمل سواء في القطاع العام أم الخاص.
لهذا انا باق في عملي بالرغم من المردود المادي الشحيح الذي أجنيه منه".
*****************************************
منذ 2003 منطقة عطشى غربي بغداد
متابعة – طريق الشعب
تُعد الكطيمة إحدى مناطق السعدان في ناحية بوابة السلام التابعة إلى قضاء أبو غريب غربي بغداد. وتقع بين نهر الفرات والقناة الموحدة، ما يعني أن موقعها الجغرافي قريب من مصدرين مائيين، إلا ان ذلك لم يمنحها فرصة للحصول على شبكة نظامية لمياه الشرب، الأمر الذي يضطر أهاليها إلى حفر الآبار واستعمال وسائل بدائية لتصفية المياه.
ويُبدي أهالي الكطيمة غضبا متزايدا جراء افتقار منطقتهم إلى أبسط الخدمات، في الوقت الذي تتكاثر فيه وعود إعمارها مع اقتراب الانتخابات، وتتبخر بعد انتهائها دون أدنى إيفاء – حسب ما يؤكده عدد من الأهالي في حديث صحفي.
يقول المواطن أبو صباح الزوبعي، أنه "أشغل مولدة الكهرباء على البئر لكي أملأ خزان الماء المنزلي"، مبينا في حديث صحفي "أقوم بتصفية الماء بواسطة فلتر، لكن ذلك لا يُنهي تلوّثه، ما تسبب في إصابتنا بأمراض مختلفة".
ويتساءل الزوبعي: "هل يُعقل أن نبقى نعتمد على أساليب بدائية في تصفية مياه الشرب، في الوقت الذي تتمتع فيه المناطق المجاورة لنا بشبكات إسالة حديثة"، مؤكدا أن "المسؤولين لا يذكرونا سوى في مواسم الانتخابات. وهم فقط يقدمون لنا وعودا بلا تنفيذ".
أما مصعب الزوبعي، فيقول أنه "منذ عام 2003 حتى اليوم لم تصلنا مياه شرب، بينما المناطق المجاورة كلها تزودت بشبكات متكاملة".
وتنقل وكالات أنباء عن مصدر في مركز ماء بوابة السلام، قوله أن "منطقة الكطيمة فيها خط مياه قديم. وان مديرية ماء بغداد وضعت خطة لتوسعة ذلك الخط عبر مد أنبوب جديد بقطر 6 إنج وبطول 1,300 متر، إضافة إلى فرع بطول 1,500 متر بقطر 4 إنج مخصص لتوزيع المياه على المنازل".
ويُضيف المصدر الذي حجبت وكالات الأنباء اسمه، قوله أن "هناك مقترحا قيد الدراسة لإنشاء محطة مياه مستقلة تخدم الكطيمة بشكل مباشر، تعويضاً عن المحطة الحالية التي لا تفي بالغرض بسبب صغر حجمها".
********************************************
بقرار رسمي العراقيون لن يذوقوا عنبر المشخاب هذا العام!
متابعة – طريق الشعب
لن تتم هذا الموسم زراعة رز عنبر المشخاب في النجف، وذلك بناء على قرار رسمي من اللجنة الوطنية للمياه، التي أوصت بذلك جراء شح المياه وتدهور الواقع المائي – وفق ما أكدته مديرية الموارد المائية في النجف.
وذكرت في حديث صحفي أن القرار، الذي دخل حيز التنفيذ، يسمح فقط بزراعة ألف دونم لأغراض بحثية، تُقسم بين النجف والديوانية، بواقع 500 دونم لكل محافظة.
يقول مستشار رئيس مجلس محافظة النجف أحمد سوادي، أنه "أبلغتنا وزارة الموارد المائية بأنه لا توجد زراعة صيفية العام الحالي. وهذا يعني أننا أمام كارثة جديدة تُضاف إلى سلسلة الكوارث التي يمر بها البلد، من فساد وأزمات أخرى"، مضيفا في حديث صحفي أن "إهمال القطاع الزراعي سيؤدي إلى تدهور ركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد، وسينعكس هذا التدهور أولاً على الفلاحين والمزارعين، ثم على المواطنين عموماً، ما سيدفع الدولة إلى اللجوء للاستيراد".
ويوضح أنه "على سبيل المثال، سنضطر لاستيراد الأرز، والخضراوات، وغيرها من المنتجات. لأن وزارة الموارد المائية أبلغتنا بعدم وجود زراعة صيفية بصورة عامة؛ وبالتالي، سنستورد كل المنتجات الزراعية من الخارج بالعملة الصعبة، في وقت يعاني فيه البلد أصلاً شح السيولة النقدية".
ويلفت سوادي إلى أن "الفلاحين لم يتسلموا مستحقاتهم عن موسم الري السابق. كذلك محصول الحنطة لهذا العام لم تُصرف مستحقاته حتى الآن"، مشيرا إلى ان "قرار منع الزراعة ستكون له آثار مباشرة على الفلاحين، وسيساهم في تفاقم البطالة".
من جانبه، يقول مدير الموارد المائية في النجف شاكر فائز، أن "التوجيه الصادر من اللجنة الوطنية للمياه يقضي بمنع الزراعة للموسم الصيفي، مع اتخاذ إجراءات قانونية صارمة ضد المخالفين تشمل مجموعة من الفعاليات، منها إصدار توجيهات بقطع التيار الكهربائي عن المضخات المتجاوزة، وتكليف وزارة الموارد المائية برفع هذه المضخات، إضافة إلى توجيه مديرية الزراعة بضرورة الالتزام بالخطة الزراعية المعتمدة".
ويتابع قوله أنه "صدرت تعليمات نصت على منع زراعة الشلب (رز العنبر) بشكل نهائي في النجف وبقية المحافظات، باستثناء ألف دونم فقط ستزرع في إطار الأبحاث حصراً".
إلى ذلك، يقول المزارع النجفي حيدر العذاري، أنه "لا يمكن لأي نوع من أنواع الأرز المستورد أن يعوض عنبر المشخاب"، مضيفا في حديث صحفي أنه "حالياً، كمية العنبر المتوفرة في الأسواق قليلة جداً بسبب توقف الزراعة، وهذا أدى إلى ارتفاع أسعاره. إذ يبلغ سعر الكيلوغرام منه بين 3500 و 4000 دينار، وإذا ارتفع السعر أكثر، سيتوقف الطلب تماماً".
ويشير إلى ان "الدول المجاورة لديها أرز خاص بها وتصدره، بينما نحن هنا، نُمنع من زراعة العنبر، ونستورد بدائل أقل جودة، وهذا يُقصي أرزنا من السوق، ويمنع المواطن من الحصول عليه".
ويختم العذاري حديثه قائلا: "أنا فلاح ابن فلاح، وأؤكد أن أرز عنبر المشخاب مهدد بالانقراض، وإذا لم يُسمح لنا بزراعته، فسنفقده نهائياً"!
*********************************************
ما حقيقة قلع أشجار معمّرة في اليرموك؟!
متابعة – طريق الشعب
أبدى الكثيرون من البغداديين اليومين الماضيين، استياء شديدا من إقدام أمانة بغداد على قلع أشجار معمرّة في منطقة الـ "4 شوارع" في اليرموك، مطالبين عبر منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، بإيقاف هذا الإجراء الذي تكرر في شوارع عديدة أخرى شهدت مشاريع خدمية.
وفيما بررت الجهات المعنية إقدامها على قلع تلك الأشجار بإصابتها بأمراض، ومنها "داء الارضة"، رأى مواطنون عديدون أنه كان الأجدر بالقائمين على المشاريع معالجة الأشجار بدلا من قلعها، مبينين أن غرس أشجار جديدة لن يفي بالغرض أبدا، ولن يعوّض أشجارا معمّرة.
من جانبها، ذكرت النائبة نهال الشمري، وهي من سكان اليرموك، أن "قلع بعض الأشجار في الجزرة الوسطية في الـ4 شوارع جاء ضمن خطة لتوسيع الشارع، بهدف تحسين الواقع الخدمي للأهالي، بإشراف دائرة المشاريع في أمانة بغداد". فيما قالت بلدية المنصور أن "الأشجار التي أزيلت كانت مصابة بداء الأرضة، وتم قلعها تجنبا لسقوطها، وذلك ضمن مبادرة (بغداد أجمل)".
وفي السياق، بيّنت أمانة بغداد أن إزالة الأشجار جاءت ضمن حملة تطوير شاملة، مع التشديد على تعويضها بأشجار معمرة لتحسين الغطاء النباتي والواقع البيئي في العاصمة، وذلك بعد موجة غضب واستياء بين الأهالي.
وأشارت النائبة الشمري إلى انه "بعد ورود شكاوى عدة من أهالي منطقة اليرموك على وجود قلع لأشجار في الجزرة الوسطية، تبيّن أن قلعها جاء خدمة للصالح العام والمواطن"، موضحة في حديث صحفي أنه "سيتم تقليل عرض الجزرة الوسطية، وتعريض الشارع وبعدها تتم زراعة أشجار جديدة".
إلى ذلك، قال مسؤول القسم الزراعي في بلدية المنصور جمال مهدي، أنه "لا يوجد أي تجريف للأشجار في (الـ4 شوارع)، هناك فقط أشجار مريضة بداء الأرضة، وخوفاً من سقوطها المباشر على المواطنين تم قلعها".
وأضاف في حديث صحفي أنه "في الأيام المقبلة ستتم إعادة تأهيل هذه الجزرة، من قبل القسم الزراعي في بلدية المنصور".
وفي تعليقهم على الحدث، يرى مواطنون أن تلك المشاريع التي لم تراع الوضع البيئي في ظل اتساع مساحة التصحّر، لا تهدف إلى تقديم خدمة حقيقية للمواطن، بقدر ما تجيء لدواعٍ انتخابية!
ويُعرب آخرون عن استيائهم من "عدم احترام الجهات المعنية رغبة المواطنين" كأن تفاتحهم بأمر المشروع قبل الأقدام على تنفيذه، لا سيما إذا كان سيُخلف ضررا بيئيا، مبينين أنه كان يُفترض بمنفذي المشروع أن يستشيروا الأهالي ويستمعوا اليهم، ويحددوا ما إذا كانوا يفضلون وجود تلك الأشجار على توسيع الشارع أو بالعكس، وما إذا كان الشارع فعلا بحاجة إلى توسعة!
ويتهم مواطنون أمانة بغداد بعدم التعامل بشفافية مع ملف المشاريع الخدمية، وبإقدامها على "تخريب الأشجار" دون رقيب أو حسيب. بينما يتفقد آخرون ما تبقى من أشجار معمرة قليلة في العاصمة لم يُطلها القلع بعد، ويخشون ان يُطالها في أيام قادمة وبدم بارد!
****************************************
مواساة
- تتقدم اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في واسط بالتعازي الى عائلة بيت الاحمر والى كل من المقدم مصطفى زهير وشقيقه المحامي حسين، وذلك بوفاة والدهم المربي التدريسي صديق الحزب زهير صالح مهدي الاحمر.
الذكر الطيب للفقيد والصبر والسلوان لذويه.
- تعزي منظمة الحزب الشيوعي العراقي في الكاظمية/ اللجنة المحلية في الكرخ الأولى، الرفيق كريم عبد الستار، بوفاة عمته اثر مرض عضال لم يمهلها طويلا.
الذكر الطيب للفقيدة والصبر والسلوان لعائلتها.
********************************************
الصفحة السادسة
التقرير السياسي الصادر عن الاجتماع الاعتيادي للجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي (٣٠ أيّار ٢٠٢٥)
على وقع تحولات إقليمية متسارعة وضغوط خارجية متزايدة، وفي ظل احتدام الصراع حول توجهات بناء الدولة وآليات إدارتها، تتعمق ملامح الأزمة البنيوية الشاملة التي تعصف بالبلاد. هذه الأزمة ليست طارئة أو ظرفية، بل هي امتداد لأزمة متجذّرة في بنية نظام المحاصصة والطائفية السياسية، المنظومة التي تماهت بمرور الوقت مع الفساد، حتى بات من الصعب فصلها عنه، وأصبحت عاجزة عن إنتاج حلول أو توفير استقرار سياسي واجتماعي دائمين.
وتتعدد مظاهر تفكك الدولة وغياب سلطة القانون؛ فضعف مؤسسات الدولة، وعجزها عن إنفاذ القانون بشكل متساوٍ على جميع المواطنين، أفسح المجال لتغوّل قوى خارجة عن الشرعية الدستورية، في ظل استمرار تغول السلاح خارج إطار الدولة، وتحول بعض الجماعات المسلحة إلى قوى أمر واقع، تفرض سلطتها في مناطق بعينها، وتُهدد وحدة القرار السيادي. ويترافق ذلك مع تصاعد النزاعات المناطقية والعشائرية ونبرة التصريحات الطائفية، في ظل عجز الدولة عن بسط هيبتها، وفشلها في فرض القانون بشكل كلي.
أما على الصعيد الاقتصادي، فتعمّقت أزمة الاقتصاد الريعي نتيجة الاعتماد المفرط على النفط كمصدر وحيد للدخل الوطني، إلى جانب غياب سياسات تنموية جادة، والانخراط في سياسات "نيوليبرالية" تقوم على إضعاف دور الدولة الاقتصادي والاجتماعي، وإطلاق العنان لآليات السوق الحرة والخصخصة من دون ضوابط منظمة. وشمل هذا قطاعات مختلفة، من بينها التعليم والصحة. يرافق ذلك تحول الفساد من ظاهرة عارضة إلى منظومة متجذّرة، تمتد أذرعها إلى مختلف مؤسسات الدولة.
هذا الوضع، المترافق مع استمرار تراجع مستوى الخدمات الأساسية، وضعف البنية التحتية، وغياب مبدأ تكافؤ الفرص، عمّق من شعور المواطنين بالظلم، ومن فقدان شرائح واسعة ثقتها بالدولة ومؤسساتها.
وفي رحم هذه الأزمات الطاحنة، تتعمق ملامح فرز اجتماعي وطبقي واضح، حيث تتسع رقعة التهميش، وتنزلق شرائح جديدة من المجتمع نحو البطالة والفقر والعوز، ويتفاقم التفاوت الاجتماعي، ويكرّس انقسامًا عموديًا خطرًا في بنية المجتمع. في المقابل، تواصل أقلية ضيقة إحكام قبضتها على مفاصل السلطة والثروة، محتكرة أدوات القوة من مال وسلاح وإعلام، بما يغيّب الرؤية الوطنية الشاملة، واستبدالها بالولاءات الفرعية، وتقديم مصالح تلك الأقلية على حساب احتياجات عامة الشعب.
إنّ هذا الواقع المختل، الناتج عن فشل المنظومة الحاكمة في تلبية الحاجات الأساسية للمواطنين، عزز حالة متنامية من الرفض الشعبي، لم تعد تقتصر على التذمّر أو التعبير الفردي، كما شهدنا في السنتين الماضيتين، بل بدأت تتجسد في أشكال احتجاج جماعي متنوّعة، ونضالات مطلبية متصاعدة، تشمل شرائح وفئات واسعة من المجتمع.
إن مستقبل هذا الحراك الشعبي، ومدى قدرته على كسر الجمود القائم ودفع عجلة التغيير، سيعتمد بدرجة كبيرة على مستوى الوعي السياسي المتنامي لدى المحتجين، ووضوح اهداف الحراك، وحسن تنظيمه، ومدى ارتباطه بالحركة السياسية الساعية إلى التغيير الجذري والشامل نحو دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية.
إن تراكم هذه الأزمات، الداخلية والخارجية، السياسية والاقتصادية، الاجتماعية والأمنية، يفرض ضرورة الانتقال من منطق "تمشية الحال" إلى منطق "التغيير الجذري".
وأثبتت التجربة أن القوى المتنفذة ليست عاجزة عن تقديم حلول حقيقية فحسب، بل تتمسك بنهجها الفاشل، وتحاول التكيّف مع الأزمة لا تجاوزها.
إن تداعيات الأزمة العميقة تؤكد الحاجة الماسة اليوم إلى بلورة مشروع بديل وطني وديمقراطي، يقوم على أسس المواطنة، والعدالة الاجتماعية، والدولة المدنية؛ دولة المواطنة والمؤسسات القادرة على فرض القانون وخدمة المواطنين وإعلاء قيم حقوق الانسان. وهذا المشروع لا يمكن أن يتحقق دون تعبئة جماهيرية واسعة، وعمل سياسي منظم تقوده القوى التقدمية الديمقراطية، والحركات الاجتماعية، والنقابات، وكل القوى المؤمنة بإمكانية التغيير.
ومن هنا، فإن المشاركة الفاعلة في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة تشكّل إحدى أدوات التغيير، لكنها ليست كافية بحد ذاتها ما لم تُقرنْ بحراك شعبي واسع متواصل، وضغط سياسي مستمر، ووعي جمعي قادر على تجاوز الولاءات الضيقة، وتغليب المصلحة الوطنية الجامعة.
إخفاق حكومي وبرلماني
تتأكد يوما بعد آخر إخفاقات السلطة التنفيذية، وعجز السلطة التشريعية، ممثلة بمجلس النواب، عن أداء وظائفها الرقابية والتشريعية.
هذه الاخفاقات، الناتجة عن تحول مؤسسات الدولة إلى مراكز نفوذ حزبي وفئوي للقوى المتنفذة، يحكمها منطق الصفقات لا معايير الكفاءة والمصلحة العامة، بانت مظاهرها في الأشهر الماضية بشكل جلي.
فبعد مرور أكثر من عامين على تولي السيد محمد شياع السوداني رئاسة الوزراء، لم تُبدِ حكومته أي مؤشرات جدية على تبني برنامج إصلاحي حقيقي، ناهيك عن الشروع بتنفيذه. بل بدا واضحًا منذ البداية أن هدف الحكومة لم يكن التصدي الجذري للأزمات، وإنما إدارة التوازنات بين القوى السياسية النافذة، واحتواء النقمة الشعبية عبر حلول شكلية مؤقتة.
اتضح ذلك جليًا في السياسات المالية والاقتصادية المعتمدة، والتي تمحورت حول استثمار الوفرة النفطية في توسيع التوظيف العشوائي في القطاع العام، دون وجود رؤية تنموية مستدامة، أو خطة لإعادة هيكلة الاقتصاد العراقي المتخم بالبطالة والاعتماد الريعي. كما أن المشاريع الخدمية التي أُطلقت، حملت طابعًا انتخابيًا محضًا، ركّز على معالجات شكلية لا الجدوى الاقتصادية، ما أدى إلى تفاقم العجز في الموازنة العامة، وازدياد الضغط على موارد الدولة المحدودة اساساً.
وتتبنى الحكومة الحالية منهجا نيوليبراليا، لكنه ايضاً نسخة مشوهة من سياسات السوق الحرة، تُطبّق بآليات فوقية معزولة عن الواقع الاجتماعي والاقتصادي، وبدون أي حماية للطبقات الفقيرة أو القطاعات الوطنية المنتجة.
ورغم أن الحكومة رفعت شعارات محاربة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية عند تشكيلها، إلاّ أن ما نشهده على الأرض هو تكريس تدريجي لنهج اقتصادي يُضعف الدولة كمؤسسة راعية، ويفكك ما تبقى من القطاع العام، ويصفي أصول الدولة من عقارات ومنشآت واحتياطيات مصرفية، ويعيد إنتاج منظومة من الامتيازات الاقتصادية لصالح برجوازية طفيلية، تحت ذريعة "تحفيز الاستثمار". فيما راحت الفوارق الطبقية والاجتماعية تتعاظم، إضافة الى غياب الفرص المتكافئة للمواطنين، ولم تتخذ خطوات جدية شاملة للتصدي الشامل للفساد ومعالجة جذوره.
وفي سياق منفصل، وبينما تتسارع التحولات الجيوسياسية في المنطقة، حاولت الحكومة العراقية أن تقدّم نفسها كفاعل إقليمي متوازن. إلاّ أن هذا الطموح يصطدم بواقع داخلي هش، تُقيّده الفوضى السياسية، وتفتّت القرار، وتغوّل التأثيرات الإقليمية على صنع السياسات.
يجب التأكيد في هذا الشأن، أنه مهما حاول العراق كدولة، تقديم نفسه كطرف فاعل في التوازنات الاقليمية، فلن يتحقق ذلك دون مشروع داخلي لإعادة بناء الدولة على أسس وطنية ومؤسساتية واضحة.
وإذا كانت الحكومة تُنتقد على أدائها والإخفاق في ترتيب الأولويات وما يهم الناس، فإن مجلس النواب يُنتقد اليوم على غيابه السياسي والتشريعي والرقابي؛ فقد أصبح البرلمان، في دورته الحالية، غائبا عن الأحداث التي تهز البلاد، وعاجزا عن ممارسة أبسط وظائفه في التشريع والمراقبة.
فخلال أكثر من ستة أشهر، لم يعقد المجلس سوى عدد محدود من الجلسات، دون أن ينجز قوانين مهمة، أو يُمارس دوره الرقابي في مساءلة الوزراء والمسؤولين، رغم تفجر العديد من ملفات الفساد وسوء الإدارة في الحكومة الاتحادية والمحافظات. بل إن الدورة البرلمانية الخامسة، وفقًا لمنظمات رقابية مستقلة، تُعد الأضعف على الإطلاق من حيث الفعالية التشريعية والرقابية، إذ لم تشهد استجوابًا وزاريًا واحدًا حتى اللحظة.
وتُظهر هذه المؤشرات أن البرلمان بات رهينة لمنهج "سِلال القوانين" والتوافقات السياسية المعطِّلة، حيث أصبح تمرير أي قانون مشروطًا بتفاهمات شاملة تُراعي مصالح الكتل لا أولويات المواطنين، ما أفرغ المؤسسة التشريعية من مضمونها، وحوّلها إلى ساحة صفقات لا ساحة تشريع. وصار دور المجلس مقتصرا على استدعائه من قبل التحالف الحاكم «تحالف إدارة الدولة»!
إن استمرار غياب دور البرلمان في مرحلة تشهد أزمات اقتصادية، ومعيشية وخدمية، يُعد فشلاً ذريعًا للسلطة التشريعية، ويضع العراق أمام استحقاق استعادة التوازن المؤسسي؛ فالمجلس النيابي، بحكم موقعه، هو الحاضنة القانونية لأي مشروع إصلاح سياسي أو تغيير حقيقي، ولا يمكن تصور عملية تحول ديمقراطي في غياب برلمان فاعل وممثل لإرادة شعبية حقيقية.
هشاشة اقتصادية واتساع الفارق الطبقي
رغم مرور أكثر من اثنين وعشرين عامًا على التغيير السياسي، ما يزال الاقتصاد العراقي يعاني من هشاشة بنيوية واضحة، وسط ارتهان شبه كامل لعائدات النفط الخام، التي تشكل أكثر من 90 في المائة من تمويل الموازنات العامة ونفقات الدولة. وتفاقم هذا الاعتماد مع تكريس نمط السوق المفتوحة غير المنضبطة، وتغليب سياسات الليبرالية الجديدة، مقابل تراجع الدور الاقتصادي للدولة والتوجه إلى الخصخصة.
وبفعل السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية التي فُرضت ضمن إطار نظام المحاصصة، وتحت وطأة سوء الإدارة واستشراء الفساد، يواجه العراق تحديات اقتصادية معقدة، ترتبط بتقلبات السوق النفطية، وبالتحولات الإقليمية والدولية، يُضاف إلى ذلك الفشل المزمن في بناء اقتصاد منتج ومتنوّع، وغياب الصناديق السيادية التي يمكن أن توفّر الحماية المالية وقت الأزمات، إلى جانب التوسع غير المنضبط في الإنفاق العام.
وعلى الرغم من إعلان الحكومة عن خطط لزيادة الإيرادات غير النفطية، فإن المؤشرات الواقعية تعكس تراجعًا في الأداء الاقتصادي: فبعد تحقيق نمو بنسبة 13.8 في المائة عام 2023، انخفضت النسبة إلى 2.5 في المائة عام 2024. ويُتوقع أن يتباطأ النمو غير النفطي إلى 1 في المائة في عام 2025، في ظل انكماش اقتصادي يُقدّر بـ1.5 في المائة، مقارنة بتوقعات سابقة بنمو 4.1 في المائة.
وتبرز خطورة الاعتماد على النفط من خلال مدى ارتباط الأداء المالي والاقتصادي بتذبذب أسعاره؛ إذ يشير تقرير البنك المركزي العراقي خلال شهر شباط لعام 2025، إن الاحتياطي الرسمي بلغ 127.2 تريليون دينار، منخفضًا بنسبة 8.21 في المائة عن الفترة ذاتها من العام الماضي، بخسارة تقدر بـ11.37 تريليون دينار.
ورغم مرور أكثر من ستة أشهر على بداية العام، لم تُرسل الحكومة جداول موازنة 2025 إلى مجلس النواب، ما يُضعف مبررات تقديم موازنة ثلاثية السنوات. كما لم تُطلق التخصيصات المالية لموازنتي 2023 و2024 بالكامل، بسبب قلة السيولة، حيث تراوحت نسب التنفيذ العامة بين 50 إلى 60 في المائة، مع تفاوت واضح بين الوزارات والمحافظات. وسُجّل ارتفاع في العجز المالي عام 2024 ليصل إلى 7.6 في المائة من الناتج المحلي، مقارنة بـ1.3% عام 2023.
وتُظهر بنية الناتج المحلي الإجمالي اختلالًا هيكليًا، يتمثل في ضعف مساهمة القطاعات غير النفطية، نتيجة تهميش الصناعة والزراعة والخدمات الإنتاجية، مقابل تركيز الموازنات على قطاعات الطاقة والأمن. فقد بلغ الناتج المحلي الاسمي لعام 2024 نحو 250 مليار دولار، وكانت نسب المساهمة على النحو الآتي: النفط والغاز 52 في المائة، الصناعة التحويلية 2.2 في المائة، الزراعة 2.8 في المائة، التجارة والفنادق والمطاعم 8 في المائة، النقل والاتصالات 7 في المائة، والخدمات الحكومية والخاصة 28 في المائة.
وفي ظل تنامي العجز المالي وتقلّب أسعار النفط عالميًا، ازداد الاعتماد على الدين الداخلي، الذي ارتفع إلى 81 تريليون دينار (61 مليار دولار) في 2024، وبلغ مطلع 2025 نحو 83 تريليون دينار (62 مليار دولار). ومن المتوقع أن يصل الدين العام إلى 54.6 في المائة، من الناتج المحلي الإجمالي. وتُعدّ هذه المستويات المفرطة من الاقتراض مقلقة، لما لها من آثار سلبية على قدرة الدولة على دعم القطاع الخاص، وتباطؤ الاستثمار، وارتفاع أسعار الفائدة، وتكاليف تمويل المشاريع، إضافة إلى تأثيرها على التضخم واستقرار العملة الوطنية والثقة بها.
ورغم وعود الإصلاح والتنمية، لا تزال مؤشرات الفقر والبطالة في العراق تسجل معدلات مقلقة. فبحسب المعطيات المتوفرة لعام 2025، تبلغ نسبة الفقر 17.5 في المائة، بينما تصل البطالة العامة إلى 14.2 في المائة، وترتفع بين الشباب (14–25 عامًا) إلى 25 في المائة.
وتُسجَّل أعلى معدلات الفقر في الأسر التي تعيلها النساء، في ظل واقع اقتصادي واجتماعي يفاقم تهميشهن. إذ لا تتجاوز نسبة النساء العاملات واحدة من كل عشر، ويعانين من ضعف كبير في الوصول إلى الخدمات المالية وغياب الحماية الاجتماعية، خصوصاً في المناطق المتأثرة بالنزاع. وعلى الرغم من أن عدد النساء القادرات على العمل يقدَّر بنحو 12 مليوناً، إلاّ أن 7 في المائة فقط منهن يمارسن عملاً فعلياً، بينما لا تتجاوز نسبة مشاركة النساء في سوق العمل 10 في المائة من إجمالي القوى العاملة.
وفي ظل هذه الأرقام، يواجه المواطن العراقي أعباءً إضافية نتيجة صعوبات متفاقمة في الحصول على خدمات أساسية مثل الكهرباء والماء الصالح للشرب.
وتتجه السياسات الحكومية تدريجيًا إلى تقليص دور الدولة في قطاعات حيوية كالصحة والتعليم، مفسحة المجال للقطاع الخاص، وهو ما يُحمّل غالبية المواطنين تكاليف باهظة ترهق دخولهم المحدودة، التي تتآكل قيمتها الحقيقية بفعل التضخم وارتفاع الأسعار، واستمرار عدم استقرار سعر صرف الدينار.
يرافق ذلك، ضعف الاهتمام بقطاعات الصناعة والزراعة والخدمات الإنتاجية، ويتجلى في تدني التخصيصات المالية لهذه القطاعات ضمن الموازنات العامة. أما المشاريع التي تم إطلاقها، فهي تعاني من غياب المنهجية الواضحة، وتُثار حولها تساؤلات تتعلق بملاءمتها للاحتياجات الفعلية للمواطنين، وبتكاليفها المرتفعة، إلى جانب إحالتها المباشرة للتنفيذ دون تخطيط شفاف.
وفي مسعى خاطئ لمعالجة البطالة، توسعت الحكومة في التوظيف العام وزادت من عديد القوات المسلحة والحشد الشعبي، دون تقييم دقيق للاحتياج الفعلي، في حين كان المطلوب هو توفير فرص عمل حقيقية في القطاعات الإنتاجية. كما زاد عدد المشمولين بالرعاية الاجتماعية، لكن ذلك لا يُعد حلاً لأزمة الفقر.
ورغم تكرار الحديث عن تنمية القطاع الخاص، ظل دوره محدودًا، يعتمد بدرجة كبيرة على عقود الدولة، دون أن يتحول إلى محرّك حقيقي للنمو، ويستوعب فقط بين 25–30 في المائة من القوى العاملة.
أما الخدمات الأساسية، فلا تزال تعاني من خلل كبير، إذ لم يتحقق أي إنجاز ملموس في الكهرباء، أو في تحسين خدمات الصحة والتعليم والسكن والنقل. وإلى جانب ذلك، برزت مشكلة جديدة تتمثل في شحّ المياه، نتيجة تراجع حصة العراق من نهري دجلة والفرات، في ظل غياب أدوات الضغط الفاعلة لاستعادة حقوقه المائية.
وظل نهج المحاصصة والتخادم السياسي حاضراً في ملف التعيينات العامة، بما فيها الدرجات الخاصة، مع تضخم أعداد المستشارين دون مبرر حقيقي، وغياب المعايير المتعلقة بالكفاءة والنزاهة. كما لم تُحسم ملفات المعينين بالوكالة.
ولم تتحقق بعد خطوات ملموسة باتجاه العدالة الاجتماعية، سواء في توزيع الفرص أو تحسين شروط المعيشة للشرائح الهشة وذوي الاحتياجات الخاصة والمتقاعدين. كما أن الفجوة بين الرواتب العليا والدنيا لا تزال قائمة، رغم الحاجة إلى إصلاح منظومة الرواتب وتوحيدها، وإلغاء الامتيازات غير المبررة.
أخيرًا، ورغم اتساع آثار التغيّر المناخي وتفاقم التلوث البيئي، لم تُبدِ الحكومة الاهتمام الكافي بهذا الملف، سواء عبر سياسات التخفيف من آثار التلوث، أو خطط التكيّف مع نقص المياه وارتفاع درجات الحرارة.
كل هذه المؤشرات تدل على أن الأزمة العراقية ليست فقط اقتصادية أو خدمية، بل بنيوية بالدرجة الأولى، ترتبط بطبيعة المنظومة السياسية وآليات عملها. ومهما توفرت الموارد أو صيغت الخطط، فإن غياب الإرادة السياسية للإصلاح الشامل، والتمسك بمنطق المحاصصة والتخادم، يجعل من أي محاولة للتنمية أو العدالة الاجتماعية جهدًا مجتزأً لا يرقى إلى مستوى التحديات البنيوية التي تواجه البلاد.
نحو سياسة اقتصادية بديلة
تفرض الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الراهنة في بلدنا ضرورة ملحّة لإعادة النظر في السياسات المعتمدة، والتوجه الجاد نحو تنويع مصادر الدخل الوطني، وتنمية القطاعات الإنتاجية، وتوفير فرص العمل، وحماية المنتج المحلي، والعمل الجاد من أجل ضبط وتنظيم آليات السوق، مع تقليص الاستيراد إلى أدنى حد ممكن. كما تبرز الحاجة إلى تأسيس صناديق سيادية، وخفض رواتب وامتيازات الرئاسات الثلاث وأعضاء البرلمان والوزراء وأصحاب الدرجات الخاصة، بالإضافة إلى إلغاء المخصصات غير الضرورية والامتيازات المبالغ فيها.
وتتطلب المرحلة الحالية مواجهة جدية لملف الفساد، واسترداد الأموال العامة المنهوبة، وتحسين تحصيل الإيرادات من ممتلكات الدولة والمعابر الحدودية. كما يجب تطبيق نظام ضريبي تصاعدي يشمل الشركات والمشاريع والأفراد الميسورين، إلى جانب تقليص النفقات العسكرية، والحد من التوظيف العشوائي والتعيينات القائمة على المحسوبية في المؤسسات المدنية والعسكرية.
وتزداد أهمية مراجعة عقود التراخيص في قطاعي النفط والغاز بشكل يضمن مصالح العراق، ويحميه من تقلبات أسعار النفط. كذلك، لا بد من حل جذري لأزمة الكهرباء، والاعتماد على الإنتاج المحلي بدلاً من الاستيراد المستمر للكهرباء والغاز.
وتوجد اليوم كل المبررات الداعية إلى مراجعة شاملة لمنهجية إعداد الموازنات العامة وتقديم الموازنات الختامية، وإعادة توزيع الموارد بما يراعي حاجات المحافظات والمناطق الأكثر تضررًا ومعاناة.
وفي ظل انخفاض إيرادات النفط، واتساع العجز المالي، وشح السيولة النقدية، من غير المقبول تحميل المواطن، الذي لا يتحمل مسؤولية السياسات الخاطئة للنخب الحاكمة، تبعات هذه الأزمات. لذلك، من غير العادل اللجوء إلى تقليص الإنفاق على الخدمات التي تعاني أصلًا من التردي، أو فرض سياسة تقشف انتقائية يُستثنى منها الأثرياء، أو فرض ضرائب جديدة تثقل كاهل الفئات الضعيفة.
لا تنمية بوجود الفساد
ولا يمكن الحديث عن اقتصاد منتج في ظل وجود فساد ممنهج!، حيث يظل الفساد السياسي والإداري هو التهديد الأخطر والأعمق. إنه يرتبط بشكل مباشر في هشاشة الوضع الاقتصادي الذي أشرنا اليه. حيث أنه لا يُقوّض فقط الاقتصاد والخدمات، بل ينخر جوهر الدولة ذاتها، ويفكك الثقة بين المواطن ومؤسسات الحكم. لقد تحول الفساد إلى بنية متجذرة في مؤسسات الدولة، تتغذى على المحاصصة، وتحميها قوى سياسية متنفذة بالسلاح والنفوذ والمال.
إن ما نشهده اليوم ليس مجرد "فساد إداري"، بل نظام فساد سياسي – مالي متكامل، تشكّل عبر سنوات من التغاضي والتواطؤ، حتى أصبح جزءًا من آليات الحكم نفسها. وقد تسلل هذا الفساد إلى الحياة اليومية والبيئة المجتمعية، ليُحدث تشوّهًا في الوعي العام، حيث بدأت ثقافة “المعايشة مع الفساد” تحل محل منظومة قيم الشفافية، وتتآكل معها مفاهيم النزاهة والمساءلة والواجب العام.
ولا يقف خطر الفساد عند حدود الهدر المالي، بل يمتد إلى كونه قوة طاردة للاستثمار، وعائقًا أمام أي مشروع اقتصادي حقيقي، ومصدرًا دائمًا لعدم الاستقرار القانوني والمؤسساتي. إذ لا يمكن لأي مستثمر محلي أو خارجي أن يثق بسوقٍ لا تُحمى فيه الحقوق، ولا تضمن فيه العقود، وتخضع فيه كل الإجراءات لابتزاز الجهات المتنفذة.
ورغم ارتفاع وتيرة الكشف عن قضايا جديدة وصدور قرارات قضائية، لا تزال المعالجات محدودة وموجهة نحو استرداد جزئي للأموال المسروقة، دون فتح ملفات أساسية أو اتخاذ إجراءات تنفيذية جادة، كما ظهر في ما عُرف بـ”سرقة القرن”.
وما هو أخطر من ذلك، أن الفساد أصبح أحد الأسباب المباشرة لغياب ثقة المواطن بالدولة، وبقدرتها على حماية المال العام وإنفاذ القانون. وهذه الثغرة تُغذي بدورها مشاعر الإحباط والعزوف عن المشاركة السياسية، وتفتح الطريق أمام قوى اللادولة لملء الفراغ.
لذلك، من دون سياسات وإجراءات رادعة لمنظومة الفساد، كتعزيز الشفافية والعلانية والتحلي بإرادة سياسية حازمة لفتح ملفات الفساد الكبرى ومحاسبة المتورطين فيها وتطبيق مشاريع الحوكمة الإلكترونية، وخصوصا في خدمات الكمارك والضريبة والمنافذ الحدودية، وذلك على سبيل المثال لا الحصر، فإن أي حديث عن تقدم في الوضع العراقي يصبح مجرد شعارات سياسية للتغطية على الواقع المرير لمؤسسات الدولة.
الحركة الاحتجاجية تتنامى
على وقع هذا الفشل التنفيذي والتشريعي والأزمات المتكررة، تصاعدت الاحتجاجات الاجتماعية، خاصة بين فئات المعلمين، والمتقاعدين، والفلاحين وموظفي قطاعات خدمية، احتجاجًا على تدني الأجور وغياب العدالة في توزيع الفرص. وبدلًا من التعامل مع تلك المطالب المشروعة بطرق مؤسسية والاستجابة لها، انتهجت الحكومة سياسة الإنكار والتجاهل، بل وردّت في بعض الأحيان باستخدام العنف ضد المحتجين، ما يُظهر ضيق أفق سياسي، وعجز عن التعامل مع صوت الشارع.
إن هذا التعاطي القمعي مع الحراك المطلبي يعكس أزمة أعمق في منهجية الحكم؛ إذ لا تزال الدولة تُدار بمنطق فوقي لا يعترف بحق المواطنين في مساءلة السلطة، بل تنظر إليهم كطرف يجب “ضبطه” لا "الاستماع إليه".
كما يشهد العراق تضييقًا متزايدًا على الحريات العامة، وارتفاعًا في انتهاكات حقوق الإنسان، وقمع الاحتجاجات السلمية والتضييق على حرية الرأي والتعبير. ويقترن ذلك بمحاولات منظمة لتحجيم دور الحركة النسوية وتصاعد انتهاكات حقوق المرأة عبر التراجع عن مكتسباتها وحقوقها المشروعة، في مخالفة صريحة لالتزامات العراق الدولية. كما تجلى في تمرير البرلمان للتعديلات السيئة الصيت على قانون الأحوال الشخصية رقم ( ١٨٨ ) لسنة ١٩٥٩ . ويترافق ذلك مع حملات ممنهجة للتشهير والتشويه، تعتمد التضليل ونشر صور نمطية مشوهة بهدف تأليب المجتمع ضد النساء الناشطات في المجالات الإنسانية والمدنية والثقافية والإعلامية والسياسية.
وانطلاقاً من هذا الواقع، لا بد من التأكيد على حماية حق المواطنين كافة في التعبير عن آرائهم واحتجاجهم بالطرق السلمية والقانونية، وأن مسؤولية الحكومة الدستوري، حماية هذا الحق أولا، والاستجابة للمطالبة المشروعة بما يؤمن حقوق المواطنين كافة.
وهنا يتوجب القول بوضوح، إن علاج الأزمة في بلادنا سياسي بامتياز في أساسه، وان ايّ محاولة للف والدوران والحلول الترقيعية، لن تزيد الأمور الاّ تعقيداً، وقد تدفعها الى الأسوأ. فالناس لن تبقى تنتظر الوعود التي توضع في عسل الكلام.
فيما يتوجب على الحركات الاحتجاجية، بمختلف أنواعها وأشكالها وتنوّع مطالبها، ان تدرك إلحاح الحاجة الى المزيد من التنظيم والتنسيق والتشاور وتوحيد التوجهات، والى المزيد من الالتصاق بهموم الناس وتبني مطالبهم، وان تجمع على نحو سليم بين ما هو خاص بمختلف الفئات وما هو عام يخص الوطن وهموم المواطنين عموما.
الأوضاع في إقليم كردستان
ولا يمكن النظر للأوضاع في الاقليم بعيدا عن أوضاع البلد ككل، برغم هامش الاستقلالية الكبير الذي يتمتع به الإقليم.
فرغم مرور أكثر من نصف عام على الانتخابات البرلمانية في الإقليم، لا تزال مؤسسات السلطة في حالة شلل كامل. ولم تُعقد الجلسة الأولى للبرلمان الجديد، ولم يتم التوصل إلى أي اتفاق حول تشكيل الحكومة، ما يكشف عمق الانقسام بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، وهو انقسام سياسي لا يتعلق فقط بتوزيع المناصب، بل يمتد إلى الرؤية السياسية لهوية الإقليم ومستقبله، وعلاقته ببغداد والإقليم المحيط.
في الآونة الأخيرة، تصاعدت حدة الخطاب السياسي بين الحزبين بشكل غير مسبوق، واتهم كل طرف الآخر بتعطيل الاستحقاقات الدستورية وتخريب المسار السياسي، ما خلق حالة من الانسداد الكامل، ليس فقط داخل أروقة السلطة، بل أيضًا في الشارع الكردستاني.
هذا الانسداد السياسي تزامن مع دعوى منظورة أمام المحكمة الاتحادية العليا في بغداد للطعن في نتائج انتخابات الدورة السادسة لبرلمان الإقليم، والتي من المقرر البت بها في تموز المقبل. وإذا ما صدر قرار بإلغاء الانتخابات أو إعادة تنظيمها، فإن الأزمة قد تعود إلى المربع الأول.
على الجانب الاتحادي، اتسمت العلاقة بين بغداد وأربيل بالتوتر الدائم والتفاوض غير المثمر، حيث لا تزال الملفات الجوهرية العالقة بين الطرفين بلا حسم حقيقي.
أبرز هذه الملفات تتعلق بـ: تسليم الإيرادات النفطية، إدارة المعابر الحدودية، رواتب موظفي الإقليم.. وهذا الملف الأخير تحول إلى ورقة ابتزاز، يُستخدم فيها الموظف كرهينة في صراع سياسي مفتوح!
وعلى الرغم من جولات التفاوض العديدة، فإن النهج القائم على الترضيات الوقتية بدل الحلول الهيكلية، يجعل كل اتفاق معرضًا للانهيار عند أول أزمة سياسية، ويكرّس العلاقة بين المركز والإقليم بوصفها علاقة “أزمة مستمرة”، لا علاقة شراكة دستورية متكاملة.
وتلقي كل هذه التطورات بظلالها السلبية على الظروف المعيشية لقطاعات شعبية واسعة في الإقليم، ولاسيما في أوساط ذوي الدخل المحدود التي أصبحت بالغة الصعوبة وتشتد معاناتها.
يأتي ذلك في وقت تعاني فيه المناطق الحدودية في إقليم كردستان من استمرار العمليات العسكرية التركية بحجة مواجهة مقاتلي حزب العمال الكردستاني، في ظل صمت رسمي من الحكومة الاتحادية، وعجز مؤسسات الإقليم. وقد أدت هذه العمليات إلى نزوح آلاف المدنيين، ووقوع ضحايا بين السكان، في ظل استمرار الوجود العسكري التركي داخل الأراضي العراقية دون تفويض رسمي أو اتفاق معلن.
ورغم إطلاق ما سُمّيت بـ”مبادرة سلام” من قبل زعيم حزب العمال الكردستاني في نيسان 2025، لم تُبدِ تركيا أي تجاوب حقيقي، ما يبقي الوضع الأمني في مناطق دهوك وغيرها، تحت التهديد المستمر.
وارتباطاً بكل تلك التطورات، يجدد حزبنا الشيوعي دعوته القوى الكردستانية للعمل سريعا على تشكيل حكومة الإقليم وفق برنامج ينسجم مع التحديات التي يواجهها. كما يؤكد الضرورة العاجلة لأنْ تراجع الحكومة الاتحادية قرارها بوقف تحويل الرواتب لموظفي الإقليم، والذي نعده إجراءً يرقى الى حرمان قطاع واسع من أبناء شعبنا من مصدر عيشهم، ما يفاقم من أوضاعهم المعيشية، مؤكدين على ضرورة أن لا يكون شعب الإقليم وحقوقه الأساسية ولقمة عيش مواطنيه رهينة للتجاذبات والاختلافات، أيا كانت، بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم.
لقد آن الأوان أن تتعامل الدولة العراقية – بكل مكوناتها – مع العلاقة بين بغداد وأربيل كمسألة بناء دولة، لا مجرد تفاهمات سياسية ظرفية. فاستمرار التوتر والجمود في الإقليم، وتصدّع العلاقة مع الحكومة الاتحادية، لا يهددان فقط مستقبل الإقليم، بل يهددان وحدة العراق ومشروعه الديمقراطي.
إن تجاوز هذه اللحظة الحرجة يتطلب رؤية جديدة جذرية تتجاوز معادلة المحاصصة، وتعتمد على مبدأ المواطنة المتساوية، والشفافية في إدارة الموارد، وتكامل السلطات الدستورية. فقط بذلك، يمكن تحويل العلاقة بين الإقليم والمركز من علاقة شدّ وجذب، إلى علاقة شراكة وطنية حقيقية تُسهم في بناء عراق اتحادي ديمقراطي مزدهر.
الانتخابات المقبلة والمشروع الوطني البديل
من المقرر أن تُجرى الانتخابات البرلمانية في 11 تشرين الثاني المقبل، وسط أوضاع سياسية واقتصادية وأمنية معقدة محليا وإقليميا، وانقسام واضح في المشهد السياسي، يقابله انعدام ثقة متزايد من المواطنين تجاه الطبقة الحاكمة.
ورغم أن التحالفات الانتخابية القائمة ما زالت تُبنى في معظمها على الاصطفافات الطائفية والنفوذ العشائري والولاءات المناطقية والمصالح الضيقة، لا على برامج وطنية واضحة، فإن بعض هذه التحالفات يكشف عن تحركات جديدة داخل القوى المتنفذة، وتتم إعادة الاصطفافات داخلها، وأحيانا إلى تشظيها.
وبحسب بيانات مفوضية الانتخابات، شهدت عملية تحديث سجل الناخبين خلال الأشهر الأولى من 2025 إقبالاً فاق التوقعات، بتسجيل أكثر من 2.3 مليون تحديث، غالبيتهم من فئة الشباب، رغم الإحباط العام.
غير أن هذا الأمل يصطدم بتحديات حقيقية في النظام الانتخابي ذاته. فالقانون الانتخابي لا يضمن تمثيلاً عادلاً لإرادة الناخب. وأن المفوضية مطالبة بإثبات حيادها من خلال إجراءات صارمة تطبق على الجميع، وأن تعتمد الكفاءة والنزاهة أساسا في عمل مكاتبها في المحافظات.
ومن أكبر التهديدات التي تواجه العملية الانتخابية، إضافة إلى السلاح المنفلت، بروز المال السياسي بشكل واسع. فهل تستطيع المفوضية ضبط الإنفاق الانتخابي، وفرض سقف للدعاية، ومحاسبة المخالفين؟ هذا سؤال لا يزال مطروحًا بقوة.
ولا تزال بعض القوى السياسية تلجأ إلى الخطاب الطائفي والتخويف، في محاولة لتقسيم الشارع وتحقيق مكاسب انتخابية، بدلًا من خوض المنافسة على أساس البرامج.
ومع اقتراب موعد الاقتراع، يتصاعد الحديث عن إمكانية إحداث تغيير سياسي حقيقي في العراق. هذا النقاش لم يعد محصورًا في الأوساط السياسية أو النخب المدنية، بل أصبح جزءًا من الحراك الشعبي، الذي يظهر في النقاشات المتزايدة على منصات التواصل الاجتماعي، وفي مبادرات شبابية جديدة.
وهنا تبرز مفارقة واضحة: فبينما تلوح فرصة لبناء عملية سياسية جديدة، تستند إلى الوطنية والديمقراطية، تظل التحديات كبيرة. الفساد مستشرٍ، والسلاح المنفلت ما زال حاضراً، والمؤسسات تعاني من الضعف، إضافة إلى هشاشة الاقتصاد.
لذلك، فإن التغيير لم يعد مجرد احتمال، بل ضرورة حتمية. لكنه لن يتحقق إلا بإرادة داخلية حقيقية، قادرة على تجاوز الانقسامات والتردد الذي يعيق قوى التغيير. وان هذا يستدعي أيضا تجاوز السلبية والمشاركة الفاعلة في الانتخابات، وحيثما تحقق ذلك وتم استنهاض الجماهير زادت حظوظ التغيير واقترب موعد الخلاص من منظومة المحاصصة ونهجها.
أما التعويل على التدخل الخارجي، فقد أثبت فشله. فالقوى الدولية لا تبحث إلاّ عن مصالحها، حتى لو كان ذلك على حساب الديمقراطية وحقوق الإنسان.
إن القوى المتطلعة إلى التغيير مدعوة اليوم إلى توسيع حضورها السياسي والاجتماعي، واستثمار الانتخابات كفرصة لتعزيز نفوذها، وليس غاية بحد ذاتها. المطلوب هو مشروع وطني بديل، يرتكز على المواطنة والعدالة الاجتماعية، ويمنح الأمل للمواطن، بدلًا من تكريس اليأس والإحباط.
ولن يتحقق هذا المشروع إلاّ بتوحيد الجهود بين قوى التغيير والحركات المدنية، والنقابات، والناشطين، والشباب، لصناعة بديل حقيقي، قادر على المنافسة والتأثير.
تحالف البديل رؤية وطنية بطابع مدني
أعلن أخيرا عن تشكيل تحالف البديل الذي يضم حزبنا الشيوعي العراقي، إلى جانب مجموعة من القوى السياسية، ابرزها: حركة الوفاء، حزب الاستقلال، حزب البيت الوطني، الحركة المدنية الديمقراطية، حركة كفى، التجمع الجمهوري، بناة العراق، تحالف الاقتصاد العراقي، حركة المثقف العراقي، حركة ريادة، والتيار الديمقراطي، إضافة الى عدد من الشخصيات الوطنية.
لقد تشكل "البديل” كتحالف انتخابي يتبنى نهجا بديلا لنهج قوى السلطة. حيث ينطلق التحالف من برنامج يسعى الى بناء دولة مدنية ديمقراطية، وحصر السلاح بيد الدولة ومحاربة الفساد، والعمل على انهاء المحاصصة الطائفية والإثنية. كما انه يقدم برنامجا يتضمن تفصيلات عديدة ستأخذ طريقها الى التنفيذ في مختلف الموضوعات والقطاعات الوطنية.
ويؤكد التحالف على موضوعة التغيير باعتباره ضرورة ملحة لتجنيب البلد مزيدا من المآسي والدمار والخراب، وإنقاذ الشعب من الأزمات التي يعيشها.
ويعد "البديل" أوسع اصطفاف وطني مدني يخوض الانتخابات، حيث لا يقتصر على القوى والشخصيات المدنية فقط، بل يشمل تشكيلة من القوى والشخصيات الوطنية تمثل عموم فئات المجتمع.
وإزاء طابع التحالف المتميز، وطبيعة قواه، فإنه يتوفر على إمكانات جيدة في الانتخابات المقبلة برغم المنافسة الشرسة وغير العادلة، خاصة في ظل تحكم المال السياسي.
لذا فإن الشيوعيين وأصدقاءهم، وسائر الجماهير المتطلعة الى التغيير، امام مهمة دعم التحالف ومرشحيه، وحثّ المواطنين على التصويت لهم، لفرض إرادة الشعب في التغيير، وكسر احتكار قوى المحاصصة للسلطة، وتحقيق اختراق لصالح غالبية أبناء الشعب، والسير على طريق بناء دولة المواطنة والقانون والمؤسسات والعدالة الاجتماعية، الدولة المدنية الديمقراطية الاتحادية.
تطورات إقليمية ودولية السلم العالمي في خطر
تمرّ منطقة الشرق الأوسط بتحولات عميقة وأوضاع متأزمة، تتصدرها حرب الإبادة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني بدعم أمريكي فاضح، إلى جانب التغيرات الجذرية في سوريا منذ انهيار النظام السابق، وما تبعها من اختلال كبير في موازين القوى الإقليمية، وتكثف سياسات إدارة ترامب الهادفة إلى فرض الهيمنة الأمريكية ضمن “مشروع الشرق الأوسط الجديد”، لمواجهة تنامي نفوذ الصين. ويُضاف إلى ذلك خطر اندلاع حرب شاملة في حال انهيار المفاوضات النووية بين واشنطن وطهران.
في فلسطين، بلغت الهجمة الإسرائيلية ذروتها الأخطر منذ نكبة 1948، مع استمرار المجازر، والتجويع، والتهجير القسري، والتوسع الاستيطاني في الضفة وغزة، بدعم امريكي سافر لحكومة نتنياهو الفاشية. وقد طرحت إدارة ترامب مبادرة تهدف إلى “توطين” نحو مليون فلسطيني في دول عربية، ضمن خطة تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية. إن إحباط هذا المشروع الإجرامي يستدعي تصعيد التضامن الشعبي العربي والدولي، والضغط على الحكومات للتحرك الفوري من أجل وقف المجازر وإنقاذ مئات الآلاف من المدنيين المهددين بالجوع والموت.
ويتطلب تعزيز صمود الفلسطينيين وتحقيق حريتهم إنهاء الانقسام الداخلي وتحقيق الوحدة الوطنية، لمواصلة النضال المشروع، وتوحيد الصوت الفلسطيني في الساحات الدولية واستثمار مواقف الدول التي أعلنت اعترافها بدولة فلسطين، والداعية الى معاقبة إسرائيل لارتكابها جرائم حرب.
وفي القمة العربية الأخيرة، أكد “إعلان بغداد” أن القضية الفلسطينية هي “قضية الأمة الجوهرية”، داعياً إلى وقف الحرب، ورفض التهجير، ودعم الحقوق الفلسطينية. لكن هذه المواقف، كما في القمم السابقة، تبقى دون أثر إن لم تُترجم إلى إجراءات فعلية تقوم بها الدول، عبر تحرك مستقل وفعّال في المحافل الدولية، ولا سيما من العراق، باعتباره مستضيف القمة.
وفي سوريا، واصلت إسرائيل عدوانها لتقويض القدرات الدفاعية السورية، متوسعة في احتلال الجولان وإلغاء اتفاقية وقف إطلاق النار لعام 1974، مستفيدة من الفوضى التي أعقبت انهيار النظام أواخر العام الماضي. وأعلن ترامب رفع العقوبات الأميركية عن سوريا استجابة لمطالب خليجية، رغم ان تلك العقوبات فُرضت بذريعة معاقبة النظام، لكنها تحولت الى عقاب جماعي أدى الى وقوع نحو 90% من السكان تحت خط الفقر.
وأعرب حزبنا عن تضامنه مع الشعب السوري وقواه الديمقراطية، مجدداً إدانته لقرار السلطة الجديدة حل تنظيمات الشيوعيين السوريين، داعياً إلى الغائه، واحترام الحريات الديمقراطية، وحق التنظيم السياسي، وبناء سوريا موحدة ومستقلة وفق إرادة شعبها الحرة.
كما سلّطت جولة ترامب الخليجية – التي شملت السعودية وقطر والإمارات – الضوء على الموقع الحيوي للمنطقة في معادلات الطاقة والاستثمار والصراع الدولي. وأسفرت الزيارة عن صفقات هائلة تجاوزت تريليوني دولار. وتندرج ضمن جهود أميركية لإعادة تشكيل التحالفات الإقليمية، واستكمال مسار التطبيع مع إسرائيل الذي بدأ مع الإمارات والبحرين، وكاد يشمل السعودية قبيل أحداث 7 أكتوبر 2023. ويُعد قرار رفع العقوبات عن سوريا جزءاً من هذا التوجه الأميركي في سياق الصراع مع الصين، والذي يتجلى أيضاً في مشروع “الممر الاقتصادي من الهند إلى الشرق الأوسط وأوروبا”، المطروح بديلاً عن مبادرة “الحزام والطريق” الصينية.
أما على صعيد الملف النووي الإيراني، فما يزال احتمال انهيار المفاوضات بين ايران وأمريكا يثير مخاوف من ضربة إسرائيلية على منشآت إيران النووية، ما سيكون له تداعيات خطرة على الأمن والسلام الإقليميين.
وفي تطور لافت، أعلن حزب العمال الكردستاني تفكيك هياكله التنظيمية استجابة لنداء زعيمه المعتقل عبدالله أوجلان، الذي دعا في شباط الماضي إلى نزع السلاح. هذه الخطوة تفتح المجال أمام حل سلمي للقضية الكردية في تركيا، وتؤثر إيجاباً على المسألة الكردية في سوريا. ويتوقف نجاح ذلك على مواقف حكومة أردوغان، وحجم التدخلات الخارجية، خصوصاً الأمريكية. كما يدعم هذا التطور مطالبة العراق بإنهاء الوجود العسكري التركي على أراضيه، المستند إلى ذريعة ملاحقة مقاتلي الحزب المذكور.
أما السودان، فيرزح تحت وطأة حرب كارثية مستمرة منذ عامين، اتسعت رقعتها وفاقمت معاناة الملايين، حيث نزح نحو 15 مليون شخص داخلياً أو إلى دول الجوار، ويواجه السكان المجاعة والأمراض والعنف، في ظل انسداد الأفق السياسي وتآكل السيادة. وتؤكد القوى الوطنية أولوية وقف الحرب، وحماية المدنيين، والتصدي لانتهاكات الأطراف المتنازعة التي تتصارع على السلطة والثروة. ويقترح الحزب الشيوعي السوداني تشكيل جبهة شعبية واسعة مناهضة للحرب، لانتزاع السلطة من المليشيات والعسكر، واستكمال مسار التغيير الجذري نحو دولة مدنية ديمقراطية مستقلة وموحدة.
وعلى الصعيد الدولي، يشهد العالم تسارعًا دراماتيكيًا في الأحداث منذ عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وتنصيبه رئيسًا في كانون الثاني الماضي، عقب فوز انتخابي منح الجمهوريين السيطرة على السلطات الثلاث في الحكومة الفيدرالية. وقد شكلت إدارته اليمينية المتطرفة، التي تُعد من بين الأكثر تطرفا في تاريخ الولايات المتحدة، نقطة انطلاق لتحولات جذرية في السياسة الخارجية، تمثلت بإطلاق "حرب باردة جديدة" ضد الصين، وتقديم دعم مطلق للعدوان الإسرائيلي على غزة.
تترافق هذه السياسات مع اشتداد الأزمة البنيوية للدول الرأسمالية المتطورة، جراء فشل السياسات الليبرالية الجديدة، وفي ظل تأجيج هستيريا الحرب وسباق التسلح. كما يتجلى في إدامة الحرب بين روسيا وأوكرانيا المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات، وسط إصرار على رفض الحلول السياسية.
وفي أوروبا حققت الأحزاب الفاشية واليمينية المتطرفة صعودًا مقلقًا، ويترافق ذلك مع تبني سياسات عنصرية وهجمات على مكتسبات دولة الرفاه وحقوق الشعوب والشغيلة.
كما تراجعت مكانة الأمم المتحدة وأجهزتها، وفقدت فعاليتها في تسوية النزاعات الدولية، كما ظهر في أزمة الهند وباكستان، حيث اضطرت القوتان النوويتان للامتثال لجهود وساطة أميركية بدلاً من اللجوء الى المؤسسات الدولية.
وفي الداخل الأميركي، اتبعت إدارة ترامب سلسلة “أوامر تنفيذية” لمعالجة الأزمة الاقتصادية، منها فرض رسوم جمركية لحماية الصناعة الأميركية، لكنها أحدثت اضطرابًا في التجارة الدولية وأثارت تساؤلات حول مستقبل قواعدها، وأضعفت منظمة التجارة العالمية. وبالرغم من استخدامها كورقة تفاوضية في الحرب التجارية، فإن هذه السياسات أثبتت محدوديتها في استعادة القدرة التنافسية للولايات المتحدة، بسبب الإطار النيوليبرالي الحاكم لاقتصادها.
وتُعد مواجهة الصين محورًا استراتيجيًا في سياسة ترامب العالمية، حيث تعتبرها واشنطن التحدي الأكبر. فوفقًا لصندوق النقد الدولي، تجاوز الاقتصاد الصيني نظيره الأميركي بنسبة 23 في المائة من حيث تعادل القوة الشرائية، كما أصبحت الصين الشريك التجاري الأكبر لأفريقيا، الشرق الأوسط، أمريكا اللاتينية، واليابان، والثالث لأوروبا. وتتماشى هذه السياسة مع “استراتيجية الأمن القومي الأميركي” لعام 2017، والتي تؤكد على “حفظ السلام عبر القوة”، وإعادة التوازن في العلاقات الاقتصادية مع الصين.
في هذا السياق، يأتي التحول في موقف ترامب من روسيا والحرب في أوكرانيا، وقبوله ببعض شروط موسكو، كجزء من استراتيجية تهدف إلى عزل الصين وتفكيك تحالفاتها المحتملة. إلاّ أن الصراع مع الصين يختلف نوعيًا عن الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي، نظرًا للتشابك العميق بين الاقتصادين في مجالات التجارة، والديون، والتكنولوجيا، وسلاسل التوريد، ما يجعل هذه "الحرب الباردة الجديدة" أكثر تعقيدًا وتهديدًا للاستقرار العالمي.
من جانب آخر، تواجه السياسات الأميركية رفضًا متزايدًا في أمريكا اللاتينية وأوروبا، إلى جانب اتساع رقعة الاحتجاجات داخل الولايات المتحدة، ضد قرارات تمس الهجرة، وتقليص الوظائف الفيدرالية، والانحراف نحو الاستبداد، وكذلك بسبب الدعم الأميركي لحرب الإبادة الإسرائيلية على غزة.
ان السلام العالمي يواجه مستقبلا محفوفا بمخاطر جسيمة غير مسبوقة جراء سياسات القوى الإمبريالية وحلفائها. وإزاء هذه التحديات تواجه أحزابنا الشيوعية وقوى اليسار، في العالم وفي كل بلد، مهمات ملحة تستدعي تعزيز وحدتها والتنسيق بينها، وبناء جبهات واسعة من أجل السلام والديمقراطية والتقدم الاجتماعي، وطرح بدائل ورؤى من أجل تحقيق تغيير جذري. انها مهمة ملحة لإنقاذ شعوبها والإنسانية من كوارث وشيكة، ولتحقيق تطلعاتها نحو نظام اجتماعي جديد يقوم على قيم الديمقراطية والمساواة والعدالة والتعاون، وهي القيم الأساسية للاشتراكية.
في ظل هذه الأوضاع الدولية والإقليمية والمحلية المحمّلة بالتحديات والمخاطر والأزمات، تشتد الحاجة لأن يضاعف الشيوعيون جهودهم ونشاطهم المتعدد الجوانب من أجل تعزيز دور ومكانة وتأثير الحزب في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية للبلاد وتوسيع وتعميق روابطه وصلاته بمختلف القطاعات الشعبية، وخصوصا شغيلة اليد والفكر والفئات والشرائح التي تعاني من الفقر والعوز والتهميش، وفي الدفاع عن مصالح الكادحين والمرأة والطلبة والشباب، وعن الحريات والحقوق والحياة المدنية. ورفع مستوى الاستعداد والجاهزية لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة. وفي هذه العملية النضالية تشغل مهمات التطوير والتجديد في مجالات الفكر والتنظيم والسياسة والخطاب موقعا مركزيا.
**********************************************
الصفحة الثامنة
منظمة العفو الدولية تُوثّق إبادة جماعية متعمدة الاحتلال يواصل حرب الإبادة في غزة وسط صمت دولي وتحرك شعبي عالمي لكسر الحصار
متابعة – طريق الشعب
لم تتوقف آلة القتل الإسرائيلية عن حصد أرواح الفلسطينيين في قطاع غزة، إذ واصلت قوات الاحتلال عدوانها الوحشي، مستغلة انقطاع الاتصالات والإنترنت لليوم الثالث على التوالي لارتكاب مجازر جديدة بحق المدنيين العزل، ضمن ما يصفه خبراء حقوق الإنسان بـ "حرب إبادة ممنهجة".
مجزرة جديدة بحق منتظري المساعدات
ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، يوم السبت، مجزرة جديدة بحق فلسطينيين كانوا ينتظرون المساعدات الإنسانية قرب جسر وادي غزة وسط القطاع، حيث استشهد أكثر من 15 مدنيًا وأصيب العشرات، في استهداف مباشر لمحيط نقطة التوزيع الأمريكية المعروفة بمحور نتساريم.
وفي ظل الانقطاع شبه الكامل للاتصالات والإنترنت، تعذر على الطواقم الطبية إحصاء العدد النهائي للضحايا، لا سيما في المناطق الشرقية لخان يونس وشمال مدينة غزة، حيث تواصل القصف المدفعي بشكل كثيف طوال ساعات الليل.
صمت العالم أمام حرب الإبادة
وأحصت وزارة الصحة في غزة استشهاد 245 فلسطينيًا خلال الأيام الأخيرة فقط، إضافة إلى إصابة 2152 آخرين، معظمهم في مناطق انتظار المساعدات، وهو ما وصفته الأمم المتحدة بأنه "استخدام ممنهج للتجويع كسلاح ضد المدنيين"، وأداة للتهجير القسري تحت الغطاء الأميركي – الإسرائيلي.
كما استشهد ثلاثة فلسطينيين في غارة استهدفت خيمة تؤوي نازحين قرب مسجد الخالدي شمال غربي غزة، فيما قصفت المدفعية الإسرائيلية خيام النازحين في منطقة أصداء شمال خان يونس، في انتهاك صارخ لأبسط قوانين الحرب وحقوق الإنسان.
إضافة إلى ذلك، طالت الاعتداءات الإسرائيلية حي التفاح، ومنطقة الدحدوح جنوب غزة، وأبراج مدينة حمد السكنية شمال خان يونس، وسط تدمير واسع النطاق للبنى التحتية والمساكن.
وفي اليوم التاسع والثمانين من الحرب، فرضت سلطات الاحتلال حصارًا شاملًا على الضفة الغربية، وأخلت المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي، في إطار سياسة التضييق والتهويد المستمرة، وسط استمرار القصف البري والجوي والبحري لغزة.
قرار أممي يدين إسرائيل ويطالب بمحاسبتها
وأقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة مشروع قرار يدين استخدام إسرائيل للتجويع كسلاح، وطالبت بوقف فوري ودائم وغير مشروط لإطلاق النار، وفتح المعابر، وإنهاء الحصار، وضمان المحاسبة الدولية عن الجرائم المرتكبة بحق المدنيين.
منظمة العفو الدولية وثّقت تدمير بلدة خزاعة بالكامل خلال أسبوعين فقط في أيار 2025، مؤكدة أن هذا "دليل إضافي على حملة ممنهجة للتدمير المتعمد لقطاع غزة". المنظمة كشفت عن "نمط متكرر من استهداف البنية التحتية الحيوية ومناطق زراعية خصبة بهدف إخضاع السكان لظروف معيشية تهدف إلى تدميرهم ماديًا"، وهو ما اعتبرته جريمة إبادة جماعية تستوجب تحقيقًا دوليًا فوريًا.
وقالت مديرة البحوث في المنظمة، إريكا غيفارا روساس، إن "حجم الدمار يفوق أي ضرورة عسكرية، ويكشف عن خطة متعمدة لتحويل غزة إلى أرض قاحلة"، مؤكدة أن ما يحدث ليس فقط تجاهلًا للقانون الدولي بل خطة مرسومة لتمزيق النسيج الاجتماعي الفلسطيني.
حراك شعبي دولي لكسر الحصار
في المقابل، تصاعدت الدعوات الدولية لوقف العدوان ورفع الحصار، إذ أعلنت منظمات ماليزية عن التحضير لتسيير "أسطول الألف سفينة" لكسر الحصار على غزة، في تحرك غير مسبوق على المستوى الشعبي العالمي. وقال رئيس مجلس تنسيق المنظمات الإسلامية الماليزية إن الاتصالات مع منظمات دولية أفضت إلى تأييد واسع لهذه المبادرة.
وأكد أن هذه الخطوة تستهدف إيصال المساعدات، وكشف جرائم إسرائيل أمام العالم، وتحفيز الحكومات على حماية مواطنيها المشاركين، في ما وصفه بـ "انتفاضة ضمير إنساني بعد أن فشلت الأنظمة السياسية في وقف الإبادة".
الضحايا بالآلاف.. والدمار يعم القطاع
منذ بدء الحرب في تشرين الأول 2023، ارتكب الاحتلال الإسرائيلي مجازر مروعة أودت بحياة أكثر من 55 ألف فلسطيني وأصابت أكثر من 128 ألفًا، في تدمير شامل شبه كامل للبنية التحتية، أسفر عن تهجير كل سكان القطاع تقريبًا، وسط دمار هو الأوسع منذ الحرب العالمية الثانية. وفي ظل هذا الواقع الكارثي، يتواصل الصمت الرسمي العربي والدولي، بينما يرتفع صوت الشعوب ومنظمات المجتمع المدني لمواجهة آلة القتل الإسرائيلية وكشف جرائمها التي ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية وفق توصيفات المنظمات الحقوقية الدولية.
********************************************
ماكرون يعلن تأجيل مؤتمر حل الدولتين
باريس – وكالات
أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تأجيل المؤتمر الدولي الخاص بحل الدولتين، الذي كان من المزمع عقده في مقر الأمم المتحدة الأسبوع المقبل، مؤكداً أنه سيُعقد "في أقرب وقت ممكن"، رغم الظروف الراهنة.
وأوضح ماكرون، خلال مؤتمر صحفي، أن قرار التأجيل جاء لأسباب "لوجستية وأمنية"، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن هذا القرار "لا يجب أن يُضعف التصميم على المضي قدماً في حل الدولتين". كما جدّد الرئيس الفرنسي تأكيد بلاده المضي نحو الاعتراف بدولة فلسطين، واصفاً الخطوة بأنها "قرار سيادي"، رغم المعارضة الإسرائيلية.
وأشار ماكرون إلى أن الاعتراف الفرنسي بدولة فلسطين سيُبنى على عدة شروط، أبرزها نزع سلاح حركة حماس في غزة، وضمان أن تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح وتعترف بوجود إسرائيل وأمنها، تحت إشراف بعثة دولية لحفظ الاستقرار. وأكد أن هذه الخطوات ضرورية من أجل "الاندماج الإقليمي لإسرائيل".
ونوه الرئيس الفرنسي إلى أن موعداً جديداً لعقد المؤتمر الدولي سيتم تحديده خلال الأيام المقبلة بالتنسيق مع قادة المنطقة، وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية، التي كانت من المقرر أن تشارك في رئاسة المؤتمر إلى جانب فرنسا.
واختتم ماكرون تصريحه بالتأكيد على أن "الزخم الذي أحدثه هذا المؤتمر لا يمكن إيقافه"، معرباً عن أمله في أن يشكل المؤتمر نقطة تحول نحو سلام دائم في المنطقة.
************************************************
الشرطة الأمريكية تعتقل 60 متظاهراً قرب الكابيتول
واشنطن ـ وكالات
أفادت شبكة "سي إن إن" الإخبارية، نقلاً عن مصدر في الشرطة الأمريكية، بأن السلطات اعتقلت نحو 60 شخصاً مساء الجمعة خلال احتجاج قرب مبنى الكابيتول في العاصمة واشنطن، بعد اختراقهم لحاجز أمني مكوّن من رفوف الدراجات.
وذكرت القناة أن نحو 75 شخصاً كانوا يتظاهرون أمام المحكمة العليا الأمريكية، لكن مع اقترابهم من المغادرة، قامت الشرطة بتطويق الموقع بسياج مؤقت لمنعهم من الوصول إلى مبنى الكابيتول، ما أدى إلى مواجهات أسفرت عن اعتقال العشرات.
وأكدت الشرطة أن جميع المعتقلين سيواجهون تهم "التظاهر غير القانوني" و"عبور حاجز أمني تابع للشرطة". وكشف مصدر أمني لشبكة "سي إن إن" أن المحتجين ينتمون إلى مجموعة من المحاربين القدامى، وكانوا يتظاهرون ضد ما وصفوه بـ "صعود الفاشية" في البلاد.
ويأتي هذا الحادث وسط تصاعد موجة الاحتجاجات في عدة ولايات أمريكية، لا سيما بعد اندلاع أعمال شغب في لوس أنجلوس في 7 يونيو، احتجاجاً على حملات المداهمة ضد المهاجرين غير الشرعيين وتزامناً مع تقارير عن تخفيضات محتملة في التمويل الفيدرالي لكاليفورنيا.
وشهدت شوارع لوس أنجلوس اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الشرطة، التي استخدمت الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية لتفريق الحشود، فيما تم نشر الحرس الوطني في المدينة في خطوة وُصفت بأنها الأولى من نوعها منذ عقود، دون طلب أو موافقة من سلطات الولاية.
**********************************************
بعد إسقاط التهم الموجهة إليه.. جيرمي كوربين يتعهد بمواصلة التظاهر لوقف الإبادة في غزة
لندن – وكالات
أعلن النائب البريطاني المخضرم جيرمي كوربين، زعيم حزب العمال السابق، عزمه الاستمرار في التظاهر من أجل وقف الإبادة الجماعية في غزة، وذلك بعد إسقاط الشرطة البريطانية التهم الموجهة إليه على خلفية مشاركته في مظاهرة داعمة لفلسطين.
وقال كوربين في تغريدة نشرها عبر حسابه على منصة "إكس" (تويتر سابقاً): "أفخر بحضوري العديد من المظاهرات مع صديقي جون ماكدونيل على مرّ السنين. اليوم، أسقطت الشرطة القضية المرفوعة ضدنا، بعد مظاهرة دعم لفلسطين"، مضيفاً: "لكن دعونا نكون واضحين: سنواصل النضال ما دام الأمر يتطلب، من أجل وقف الإبادة في غزة".
وجاءت هذه التصريحات في أعقاب حملة تضييق واسعة مارستها السلطات البريطانية على عدد من السياسيين والناشطين المؤيدين للقضية الفلسطينية، حيث استُدعي كوربين وزميله النائب السابق جون ماكدونيل للتحقيق عقب مشاركتهما في مظاهرة شعبية نُظمت في لندن احتجاجاً على العدوان الإسرائيلي على غزة.
ويُعرف كوربين، الذي قاد حزب العمال بين عامي 2015 و2020، بمواقفه الثابتة في دعم الحقوق الفلسطينية، وهو ما جعله هدفًا لحملات سياسية وإعلامية اتهمته بـ "معاداة السامية"، في إطار محاولات لتجريمه سياسياً بسبب مواقفه المناصرة لفلسطين.
وأثارت تصريحاته الأخيرة، التي وصف فيها ما يحدث في غزة بأنه "إبادة جماعية"، ردود فعل غاضبة من بعض الأوساط اليمينية، بينما يرى مراقبون أن تلك الهجمات جزء من جهود ممنهجة لإسكات الأصوات المؤيدة لفلسطين داخل الحياة السياسية البريطانية.
وكان كوربين قد صرح في وقت سابق بأن "الوقوف مع غزة ليس خياراً سياسياً فقط، بل التزام إنساني"، محملاً الحكومات الغربية مسؤولية تشجيع الاحتلال على الاستمرار في جرائمه بسبب صمتها المتواطئ.
ورحّبت منظمات حقوقية بريطانية بإسقاط التهم عن كوربين وماكدونيل، معتبرة أن الحق في التظاهر "يجب أن يُحمى لا أن يُجرّم"، محذرة من أن التضييق على المتضامنين مع فلسطين يمثل تهديدًا حقيقيًا للديمقراطية البريطانية.
***************************************************
احتجاجات واسعة رفضاً لتسييس القضاء السجن والحرمان من المشاركة السياسية لرئيسة الأرجنتين الأسبق
رشيد غويلب
تشهد الأرجنتين احتجاجات واسعة النطاق ضد حكم المحكمة العليا بحق الرئيسة اليسارية الأسبق كريستينا فرنانديز دي كيرشنر. وأيدت المحكمة، الثلاثاء الفائت، الحكم الصادر عن محكمة النقض بالسجن ست سنوات والحرمان من تولي المناصب السياسية مدى الحياة، وذلك لانتهاكها المزعوم لشروط منح العقود العامة في مقاطعة سانتا كروز.
احتجاجات
وعلى إثر صدور القرار، اندلعت احتجاجاتٌ عديدة، وأغلق المتظاهرون العديد من الطرق السريعة المؤدية إلى العاصمة. واحتل طلاب الجامعات الحكومية مباني الكليات. وأعلن اتحاد نقابات موظفي القطاع العام، واتحاد عمال المعادن عن الإضراب، ومن المتوقع أن تنضم إليهما نقابات أخرى. وتعرضت المحاكمة لنقد مختلف الأطياف السياسية.
وأعربت شخصيات وطنية ودولية عديدة عن تضامنها مع كيرشنر، وكذلك فعلت منظمات حقوق الإنسان، مثل منظمة أمهات وجدات المغيبين.
وبعد إعلان قرار المحكمة، ألقت كيرشنر، التي تعرضت في عام ٢٠٢٢ الى محاولة اغتيال فاشلة، خطابا حماسيا أمام أنصارها، ثم توجهت بسيارتها إلى منزلها، حيث كان حشد آخر بانتظارها. وقالت: "نحن البيرونيون لسنا كاليمينيين. ولا نهرب كرجال المافيا". ووصفت الرئيس الفاشي الحالي خافيير ميلي بأنه "دمية في أيدي القوى الاقتصادية". وأضافت: "سيسقط، عندما لا يعد مفيدًا لهم "، لقد أرادوا منعي "من تنظيم الحركة الشعبية".
ويصف النقاد المحاكمة بأنها ذات دوافع سياسية. ويشيرون إلى أن الهدف هو تهميش فرنانديز دي كيرشنر قضائيا، وهو أسلوب يعرف عادةً باسم "الحرب القانونية". وما تزال كيرشنر حتى اليوم أبرز شخصية يسارية في الأرجنتين.
من جانب آخر احتفل الرئيس الارجنتيني ميلي، الذي يقوم بزيارة رسمية لإسرائيل، بصدور قرار الحكم، وكتب على وسائل التواصل الاجتماعي ً: "إنها العدالة، انتهى".
وأعطت المحكمة مهلة خمسة أيام يبدأ بعدها تنفيذا فعليا للقرار، وبما أن كيرشنر تجاوزت السبعين، فإن القانون يسمح بقضاء العقوبة بشكل إقامة جبرية. وقد قدم محاموها بالفعل طلبًا بهذا الخصوص، بالمقابل، طالب الادعاء العام باعتقالها واحتجازها فورًا.
وأعلن محامو الدفاع عزمهم على تقديم استئناف أمام هيئات دولية، مثل محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان، وقد تقدموا بالفعل بشكوى إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي استنادا الى وجود "ملاحقة غير قانونية". يمنح القانون الأرجنتيني هذه الهيئات صفة دستورية، ما يسمح لمحكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان، من حيث المبدأ، بإصدار أمر إعادة التحقيق في القضية. وقد حدث هذا بالفعل في قضايا أخرى. إلا أن عمليات اتخاذ القرار في هذه المؤسسات بطيئة جدا.
قرار معد مسبقا
لم يكن تأكيد الحكم المثير للجدل ضد كيرشنر، والذي يرى العديد من الخبراء القانونيين أنه انتهاك صارخ للحق في محاكمة عادلة، أمرًا مفاجئًا. فمنذ أن أعلنت كيرشنر قبل عشرة أيام ترشحها مجددًا لعضوية برلمان مقاطعة بوينس آيرس، كثفت وسائل الإعلام اليمينية الضغط على القضاة لتأكيد حكم محكمة النقض بسرعة.
وكما في مرات سابقة، كان نص قرار الحكم معروفا مسبقا بالنسبة لبعض الصحفيين. وقال أحد المعلقين التلفزيونيين: "ربما حتى قبل أن يطلع عليه القضاة".
ومن اللافت للنظر أيضًا سرعة إصدار القرار، خلال 47 يومًا فقط. عادةً ما يستغرق إصدار أحكام هيئات القضاء العليا وقتًا أطول بكثير. على سبيل المثال، لا تزال الشكوى الدستورية ضد المرسوم الحكومي الحالي رقم 70، الذي له تأثير هائل على الحياة اليومية للسكان، معروضة أمام القضاة، ولم يُتخذ أي إجراء. وخاصةً في المحاكمات المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان، وما زال الكثيرون ينتظرون صدور الحكم منذ سنوات.
وعلى أساس ما تقدم، اعتبرت قطاعات كبيرة من الطيف السياسي الحكم ضد كيرشنر فضيحة أخرى وإجراءً قانونيا مناهض للديمقراطية.
طبيعة القرار
يُعدّ الحكم السجن الصادر بحق كريستينا فرنانديز دي كيرشنر، والذي أيّدته المحكمة النهائية يوم الثلاثاء، "حكمًا تاريخيًا". وهذا صحيح على الأقل من حيث أنه لم يسبق لأي رئيس سابق في الأرجنتين أن سُجن بتهمة الفساد. ونظرًا للقائمة الطويلة من الشخصيات الغامضة التي تولّت أعلى المناصب في البلاد، فقد يكون هذا مفاجئًا، على الأقل لمن لا يرغب في الخوض في خلفية المحاكمة.
على عكس شخصيات فاسدة مثل كارلوس منعم، الذي اتهم، بصفته رئيسًا في التسعينيات، بإهدار ثروات البلاد، تُمثل كيرشنر سيسيليا نموذجًا مختلفًا للحكم. خلال فترتي ولايتها (2007-2015)، ركزت على توسيع دولة الرفاه وتطوير الصناعة الوطنية. ولتحقيق ذلك، اصطدمت بالمراكز الاقتصادية الكبرى المحلية والعالمية، وبالتالي فهؤلاء لن يسامحوها. لذا، فإن الحكم عيها ليس مفاجئًا حقًا.
لقد أدرك المعسكر التقدمي في الأرجنتين مبكرًا أنه ليس وحيدًا في هذه المحاكمة. يوم الثلاثاء، وقف جميع القادة البارزين في البيرونية اليسارية وراء المرأة المضطهدة. وبدلًا من الخلافات الداخلية التي سادت في الأشهر الأخيرة، أظهروا وحدتهم. ومن المرجح أن يكون لهذا أهمية أكبر في مكافحة هجمات اليمين.
وبعد أشهر من الصدمة، لا يزال المعسكر التقدمي قادرًا على التعبئة. ومن المرجح أن يكون لهذا أهمية خاصة لمستقبل الأرجنتين السياسي. فحتى لو كان تسيس القضاء سائدًا في أمريكا اللاتينية، كأداةً قويةً في يد اليمين الحاكم، فإن الحرب القانونية لا تضمن إسكات القوى اليسارية على المدى الطويل. أو كما قالت كيرشنر: "أن تكون سجينًا فهذا دليلٌ على كرامتك".
*******************************************
الصفحة التاسعة
أحمد الناجي مؤرخ الذاكرة ومثقف الحلة المتجدد
محمد علي محيي الدين
في مدينة الحلة، حيث تتنفس الفرات عبق الحضارات القديمة، وُلد أحمد عبد الصاحب الناجي يوم السادس عشر من أيلول عام 1955، وكأن مصيره ارتبط منذ الوهلة الأولى بمهمة التوثيق والتأريخ والحفر في الذاكرة الجمعية لمدينته ووطنه، لا بصفته مؤرخاً أكاديمياً فحسب، بل كمثقف موسوعي يلتقط من أطراف الفكر والثقافة ما يبني به نصاً يعبر الأزمنة.
أكمل الناجي دراسته في مدينته، ثم حصل على شهادة البكالوريوس في علوم وصناعة الأغذية من جامعة السليمانية عام 1977، قبل أن يأخذه العمل في دوائر وزارة الصناعة عقوداً طويلة، غير أن شغفه بالمعرفة لم يهدأ، وظلت الحروف ترافقه كظلٍّ لا ينفصل عنه، حتى بعد أن أحيل على التقاعد. ومن هذا الظل الممتد كتب وألّف وشارك وأضاء مساحات ظلت لفترة طويلة في غياهب النسيان.
ينتمي أحمد الناجي إلى جيل ظلّ وفياً لفكرة الثقافة بوصفها رسالة وحضوراً ومسؤولية. فنشر عشرات المقالات والدراسات في الصحف والمجلات العراقية والعربية، وتوزع نشاطه بين عضوية اتحادات مهمة كاتحاد الأدباء والكتاب في العراق، واتحاد المؤرخين العرب، ونقابة الصحفيين العراقيين. كما شغل مواقع ثقافية مؤثرة، منها عضويته في الهيئة الإدارية لاتحاد أدباء بابل، ومشاركته في لجنة انتخابات الاتحاد العام للأدباء سنة 2022.
في رحاب مؤلفاته: الذاكرة الوطنية والتنوير الثقافي
من يطالع مؤلفات أحمد الناجي المطبوعة يقف أمام مشروع ثقافي حقيقي، تتداخل فيه مجالات التأريخ والفكر والنقد الاجتماعي والفلسفي، وقد بلغت مؤلفاته المطبوعة خمس عشرة، حملت كلها بصمته التوثيقية ورؤيته التحليلية. فمن "أوراق من الاحتلال البريطاني للعراق 1914-1918" (2005) إلى "نوافذ على الذاكرة الحلية" (2022)، يراوح الناجي بين صرامة المؤرخ ومجازات الكاتب.
وقد كان من أوائل من أنصف المفكر التنويري الشيخ عبد الكريم الماشطة في طبعتين في 2006 و2019، وكأنه أراد أن يعيد الاعتبار لرموز نهضوية أهملها التاريخ الرسمي. كما سعى في كتابه الفريد "هيغل والحلة" (بطبعتيه 2007 و2021) إلى رسم علاقة غير تقليدية بين مدينته وبين الفلسفة الهيغيلية، فحاول أن يجعل من الحلة بوابة للتأمل الفلسفي.
ولعل كتابه "التاريخ في ذاكرة الشعر" (2008) نموذج آخر لقدرته على العبور بين الحقول، حيث جعل من الشعر مدخلاً لتأمل التاريخ، ومن الذاكرة نافذة لإعادة سرد ما سُرد بعيون جديدة وكتابين آخرين عن علمين من اعلام الحلة أولهما: ناجح المعموري.. غواية الأسطورة وسحر الكلام، دار تموز للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق، سوريا، 2018. والثاني هذا هو موفق محمد، دار الفرات للثقافة والإعلام، بابل، 2021.
لم يقتصر الناجي على التأليف الفردي، بل ساهم في العشرات من الكتب المشتركة، سواء بمقالات أو دراسات أو مقدمات، وتوزعت جهوده فيها بين قراءات لمدينته، واستذكارات لشخصيات ثقافية، وتحليلات لخطابات نقدية، لعل أبرزها مساهمته في موسوعة "الحلة الحضارية"، أو دراسته عن المجتمع الحلي في الانتداب البريطاني.
أما في الدوريات، فكان قلمه حاضرًا في أبرز الصحف العراقية من طريق الشعب إلى المدى، ومن الصباح إلى المؤتمر، فضلًا عن المجلات الثقافية مثل الثقافة الجديدة وجدل ومتون والجنائن، التي تولى في بعضها مواقع تحريرية، مثل مدير تحرير الجنائن وسكرتير تحرير أوراق فراتية، ما يعكس التزامه العملي بالثقافة، لا الاكتفاء بالنشر العابر.
امتد صوته إلى المنصات الدولية، فحاضر في مؤتمرات ومهرجانات داخل العراق وخارجه، منها مؤتمر مالمو الثقافي في السويد سنة 2013، حيث تحدث عن التنوير والثقافة العراقية وعلي الوردي، بل وأعاد تقديم أفكاره في منتديات الدنمارك ويوتوبري، وكأن فكر الحلة بات مهيئًا ليتجاوز محليته نحو آفاق أرحب.
رؤى نقدية عنه وشهادات تثبت المنجز
تناول عدد من الأدباء والنقاد منجزه بالقراءة والاحتفاء، منهم ناجح المعموري، جمال العتابي، رشيد الخيون، رياض الغريب، جاسم عاصي، شريف الزميلي، جبار الكواز، وغيرهم، واحتفت بمشروعه كتبٌ متخصصة بتراجم الكتّاب مثل: أدباء وكتاب بابل المعاصرون لعبد الرضا عوض، ومعجم رجال الحلة لصباح المرزوك، وتراثيون في الذاكرة لرفعت الصفار، ما يشير إلى انغراسه في تربة الثقافة العراقية المعاصرة.
ذاكرة مثقف لم تهادن النسيان
في سيرة أحمد الناجي نجد ملامح المثقف الذي لم يركن إلى ضوء المكتب، بل جال في الندوات والمجلات والمنابر ليصنع أثرًا، لا بصراخ الخطابة، بل بهدوء المعرفة وبصبر المؤرخ. ظل وفيًّا لمدينته الحلة، لكنه جعل منها مجازًا لوطن يبحث عن ذاته. انه باحث جاد ومؤرخ ومثقف عضوي، يمثل شاهدًا حيًا على كيف يمكن للثقافة أن تكون مقاومة، وللكلمة أن تكون واحة ضد النسيان.
*******************************************
شيوعيو كربلاء يزورون الشاعر د. عمار المسعودي
كربلاء – طريق الشعب
زار وفد من اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في كربلاء، أخيرا، الشاعر د. عمار المسعودي في داره بمنطقة الصلامية، لتهنئته في مناسبة فوزه بعضوية المجلس المركزي لاتحاد الأدباء والكتاب في العراق.
وضم الوفد كلا من مسؤول المختصة الثقافية في المحلية الرفيق سلام القريني، والرفيق سلام نوري. حيث أهدى الأول للمسعودي نسخا من أدبيات الحزب، ونسخة من كتابه الجديد الذي يضم دراسات للراحل د. حسين قاسم العزيز. فيما أهداه الثاني باقة ورد باسم المحلية.
وخلال اللقاء تبادل الطرفان حديثا مطولا عن الشيوعية والشيوعيين في كربلاء والثقافة في المحافظة وفي منطقة الصلامية تحديدا، والتي تعد واحدة من رموز الذاكرة الوطنية.
هذا وأثنى المسعودي على دور الشيوعيين في إغناء الذائقة المعرفية. وشكر الوفد على الزيارة.
*********************************************
شيوعيو الكاظمية يتفقدون الرفيق علاء الوردي
بغداد – طريق الشعب
زار وفد من منظمة الحزب الشيوعي العراقي في الكاظمية، الخميس الماضي، الرفيق علاء الوردي في منزله، وذلك للاطمئنان على صحته.
ونقل الوفد إلى الرفيق تحيات قيادة اللجنة المحلية في الكرخ، وتمنياتها له بالشفاء العاجل. كما تبادل معه الحديث حول الانتخابات القادمة وضرورة المشاركة فيها.
ضم الوفد كلا من ستار جبار ومحسن صالح السعيد ومظهر داود وعباس ابو شهد.
**********************************************
شيوعيو البصرة يستقبلون المطران حبيب النوفلي
البصرة – طريق الشعب
استقبل شيوعيو البصرة صباح الخميس الماضي في مقرهم وسط المدينة، راعي أبرشية البصرة والجنوب للمسيحيين الكلدان المطران حبيب النوفلي والمعاون الأسقفي عماد البنا، اللذين قدما ليُهنئا بعيد الأضحى، وفي سياق إدامة التواصل بين الجانبين.
وكان في استقبالهما سكرتير اللجنة المحلية وبعض الكوادر الحزبية.
وتجاذب الطرفان الأحاديث الودية. كما تحدثا عن أوضاع الوطن والبصرة بشكل خاص. وأيضا تبادلا الهدايا في ما بينهما.
*******************************************
رابطة المرأة في كربلاء تحتفل بعيد الطفل
كربلاء – طريق الشعب
في مناسبة يوم الطفل العالمي، أول حزيران، أقامت رابطة المرأة العراقية في كربلاء حفلا حضرته عائلات وأطفالها، وذلك في بساتين منطقة "بدعة أسود الفيحاء" في ناحية الحسينية.
استهلت الرابطية كوثر كاظم ناصر الحفل بكلمة في المناسبة، ألقت فيها الضوء على حقوق الطفل الأممية ومعاناته اليوم في العالم، مشيرة إلى ضرورة التزام الدول بمواثيق حقوق الطفل التي أقرتها الأمم المتحدة. بعدها تمت قراءة بيان اللجنة التنفيذية للرابطة في المناسبة، من قبل نائبة السكرتيرة آراء تحرير كاظم ناصر المسعودي. وشهد الحفل فعاليات فنية وترفيهية، مع توزيع مرطبات وهدايا على الأطفال.
*********************************************
الصفحة العاشرة
كيف يُبَرّر التعذيب؟ في عمق سيناريو القنبلة الموقوتة
صدر عن منشورات (تكوين) كتاب “كيف يُبَرَّر التعذيب؟” في عمق سيناريو القنبلة الموقوتة، للكاتب أليكس آدامز، ترجمة د. إيمان معروف.
وجاء في كلمة الغلاف:
شهد الصعود الحالي لليمين العالمي – وفي ظل قيم العالم الغربي الرأسمالي – عودة المدافعين عن التعذيب إلى واجهة التيار السياسي، منطلقين من ترويجهم لصوابية فكرة تعذيب الخصوم من أجل تحقيق الأمن العام.
وتشير آخر الاستطلاعات أن قطاعات كبيرة من السكان في الديمقراطيات العالمية مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تعتبر التعذيب مبرراً ومشروعاً في حالات الطوارئ. حيث يتراءى التعذيب في الثقافة الشعبية السائدة على نطاق أوسع من أي وقت مضى، وغالباً في الأفلام أو الروايات التي دائماً ما تجنح لتصوير “سيناريو القنبلة الموقوتة”.
في هذا الكتاب، يدرس الناقد الثقافي أليكس آدامز هذا السيناريو بعمق، بالنظر إلى الطرق التي تقدم بها للعامة من خلال الأفلام والروايات والبرامج التلفزيونية. ويحاول من خلاله تعرية وانتقاد حجة هذه النظرية خطوة بخطوة، حيث يُذكّرنا هذا الكتاب بأنه على الرغم مما يجعل البعض يتقبّل “سيناريو القنبلة الموقوتة” في حالات انفعالية بداعي الحفاظ على الأبرياء، إلّا أنه من غير الممكن تبرير التعذيب على الإطلاق؛ إذ أن التعذيب هو سمة ثابتة للحكومات الشمولية والاستبدادية والتاريخ الاستعماري (الكولونيالي) العالمي والحاضر الاستعماري. وبالتالي فإن سيناريو القنبلة الموقوتة يُستخدم لحجب هذا التاريخ المادي للتعذيب الممنهج، ويعترف به إلى المدى الذي يظهر فيه أنه ينحرف عنه.
المقدمة.. واستكمالا للتعريف بالكتاب نورد هنا نص المقدمة:
سيناريو القنبلة الموقوتة، تجربة فكرية حول متى يكون من المقبول أخلاقياً ممارسة التعذيب؟ إن افترضنا أنه مقبول أصلاً. إن خضتَ يوماً نقاشاً حول التعذيب، فلا بد أنك سمعت عن هذا السيناريو. غالباً ما يُنظر إلى هذا السيناريو على أنه سؤال بلاغي يتطلب إجابة شخصية، ويوجِّه بدوره المشاركين نحو اختيار إجابة معينة. إذ يسير النقاش عادة وفق الخطوط التالية: يعلم الجميع أن التعذيب لا يمكن تبريره في الظروف العادية لأنه شكل من أشكال سوء المعاملة المثير للاشمئزاز والغريب والمنفّر، ولا يمارسه إلا المختلّون عقلياً أو بلطجية الحكومات الدنيئة، إلى جانب أنه يسبب لضحاياه ألماً وضيقاً شديدين وربما الموت. لا أحد، بالطبع، يحاول تبرير التعذيب في حد ذاته. لكن تخيل، إن استطعت، أن قنبلة موقوتة وضعت في مكان خفي في مدينة ما، والساعة تقترب من الصفر بلا رحمة وصولاً إلى لحظة التفجير، وقد وقع المجرم المسؤول عنها في قبضتك. اختلف الوضع هنا: نحن لسنا أمام رجل مختلّ عقلياً يعذب شخصاً ما بشكل فظيع من باب التسلية، أو أمام جماعة من ذوي القمصان البنية يقتلون المنشقين سياسياً والمعارضين في قبو التعذيب لدى بعض الأنظمة الاستبدادية.
أنت أمام إرهابي، فهل يمكنك -هل فعلاً يمكنك- تعذيب هذا الإرهابي المذنب بالتأكيد من أجل انتزاع معلومات منه في غاية الأهمية حول مكان القنبلة كي تتمكن من إيقافها في اللحظة الأخيرة قبل أن تنفجر وتودي بحياة مئات أو آلاف الضحايا الأبرياء؟
نذكر ما يشبه ذلك في فيلم غريغور جوردن «اللا متصور Unthinkable»، قام إرهابي بزرع قنابل نووية في ثلاث مدن في جميع أنحاء الولايات المتحدة وقدم مطالب جيوسياسية مبالغ بها يعلم جيداً أنه من الصعب تلبيتها. أو ربما، مقطع من رواية جان لارتيجوي السينتوريون، حيث زرع مجموعة من رجال العصابات القوميين 15 قنبلة موقوتة في عاصمة دولة استعمارية كجزء من حملتهم المسلّحة المناهضة للاستعمار. أو ربما، كما في فيلم تشارلز برونسون أمنية الموت الجزء الخامس: وجه الموت، حين يضطر الرجل اليائس لإنقاذ ابنة زوجته المختطفة وحمايتها من القتل على يد رجل عصابات مخيف بلا قلب. فهل التعذيب في هذه السيناريوهات هو ردّ الفعل الصحيح أو السلوك الصحيح الذي يجب اتباعه؟
يأتي سيناريو القنبلة الموقوتة بأشكال عديدة. وتؤطر جميعها بأساليب درامية متنوعة ضمن مجموعة هائلة من الأنواع الأدبية والفنية، وتستدعي نخبة واسعة من الأفكار المتداخلة، لكن مكوناتها الأساسية هي نفسها تقريباً – الحالات الطارئة العاجلة محدودة الوقت والأسير المذنب، وافتراض أن ممارسة التعذيب على هذا الأسير سينتج عنها معلومات حاسمة ومحددة ستقود مباشرة إلى حل مرضٍ للحالة الطارئة وإنقاذ الضحايا الأبرياء. لذلك، من الواضح في هيكل السؤال نفسه أنه لا يعترف إلا بردّ واحد مقبول أخلاقياً: نعم، إذا افترضنا أن التعذيب سيحقق ما نريد، وإذا ثبت أن التعذيب في هذه الحالة هو أهون الشرين، وإن كانت ممارسته تفضي إلى حماية حياة الأبرياء، فمن المؤكد أن بالإمكان التغاضي عنه والقبول به.
يمكن العثور على أمثلة في كتب الفلسفة والسياسة بقدر ما يمكن العثور عليها في الأدب. فعلى سبيل المثال، كتب الفيلسوف مايكل ليفين عام 1982، “في وقت قريب سيهدِّد إرهابي عشرات الآلاف من الأرواح، وسيكون التعذيب هو السبيل الوحيد لإنقاذهم”. وفي مقالته القصيرة، التي تتخللها مواقف افتراضية عاطفية مثل تفجير سلاح نووي في مدينة نيويورك في الرابع من يوليو أكّد بشكل قاطع أن التعذيب في ظل ظروف سيناريو القنبلة الموقوتة «ليس فقط مسموحاً به بل إلزامي أيضاً من الناحية الأخلاقية». ويرى ليفين أنكَ كلما حظيتَ بفرصة لمنع الدمار المروّع من خلال ممارسة التعذيب الجسدي على الشخص المسؤول عنه، فلا ينبغي أن تتردّد على الإطلاق.
وبعد مضي عشرين عاماً، رأى آلان ديرشوفيتز، محامي الحقوق المدنية والروائي الذي حقق مكانة بارزة ومربحة عبر الدفاع عن المواقف الاستفزازية، أن على الولايات المتحدة وديمقراطيات التعذيب الأخرى إصدار ما وصفه بـ “مذكرات التعذيب” في الحالات الطارئة التي تشبه سيناريو القنبلة الموقوتة. ويفترض أولاً أن “من الأفضل بالتأكيد تعذيب الإرهابي المذنب الذي يحجب بشكل غير قانوني المعلومات اللازمة لمنع ارتكاب عمل إرهابي بدلاً من ترك عدد كبير من الضحايا الأبرياء عرضة للموت” ، ويفترض ثانياً أن التعذيب سوف يُرتكب بالتأكيد إذا وقع مثل هذا الحدث. وبعبارة أخرى، يتفق الجميع على أن التعذيب ضد شخص واحد أفضل من هجوم إرهابي ضد العديد من البشر، لأنه ينطوي على تعرّض عدد أقل من الأشخاص لألم أقل؛ ثم يفترض أن الشرطة أو القوات العسكرية المسؤولة عن الأزمات الطارئة ستوافق على هذا الرأي وتقرر ممارسة التعذيب من أجل منع هذا الهجوم.
وينتقل بدءاً من هذه النقطة إلى الاستنتاج بأن التعذيب في سيناريو القنابل الموقوتة يجب ألا يعاقب عليه القانون ضمن فئة محدودة من الظروف الاستثنائية، من أجل الحماية القانونية لعملاء القانون والنظام الذين، حسب ديرشوفيتز، يمارسون فقط الشيء الواضح والطبيعي الذي سيفعله أي منا في مثل هذه الحالة.
بعد مضي ثلاثة عشر عاماً، دافع دونالد ترامب مراراً وتكراراً عن التعذيب أثناء حملته الانتخابية. وقد فاز بالدعم لترشيحه للرئاسة في جلسات نقاش الجمهوريين من خلال الادّعاء بأنه سيعيد أسلوب التعذيب بالإيهام بالغرق “بل وحتى ما هو أسوأ من ذلك بكثير”.
وحاول في لقاء مع المجلة الدورية الأمريكية يو إس إيه توداي USA Today اتخاذ موقف متشدد بشأن الأمن القومي من خلال الادعاء بأنه “سيدعم ويؤيد استخدام أساليب الاستجواب المحسّنة [تعبير ملطف شائع للتعذيب] إذا كان استخدام هذه الأساليب سيعزز حماية وسلامة الأمة”، واستخدم مفردات جاك باور، بطل المسلسل التلفزيوني 24 الذي أنتجته شبكة فوكس التلفزيونية، ووظّفت الشخصية في كونها عضو في وحدة مكافحة الإرهاب 24، حيث وعد بأنه “سيفعل كل ما يلزم لحماية هذه الأمة وشعبها والدفاع عنها”. وفي وقت لاحق، في أول مقابلة تلفزيونية له كرئيس للولايات المتحدة، دافع ترامب عن أسلوب التعذيب بالإيهام بالغرق، وادعى أن التعذيب “له فوائده دون أدنى شك”.
بالنظر إلى أن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية يدافع صراحة عن التعذيب في أي فرصة سانحة، وأنه عيّن جينا هاسبيل، العميل الميداني السابق في وكالة الاستخبارات المركزية مسؤولة عن إدارة موقع أسود لأحد سجون التعذيب [موقع أسود هو مصطلح عسكري يشير إلى المرافق التي تسيطر عليها وكالة المخابرات المركزية وتستخدمها الحكومة الأمريكية في حربها على الإرهاب لاحتجاز الإرهابيين]، ومن ثم إدارة وكالة الاستخبارات المركزية، فإننا لا نبالغ حين نقول إن التشجيع على التعذيب هو من أخطر القضايا السياسية الدولية اليوم. ولكنها مع ذلك ليست مجرد مسألة تخص الولايات المتحدة.
لقد دافع الرئيس البرازيلي المنتخب حديثاً بول بولسونارو عن التعذيب، وصرح في مقابلة تلفزيونية معه أنه “يؤيد التعذيب، والناس يؤيدونه أيضاً كما تعلم”؛ كما أوصى بالتعذيب كأسلوب للشرطة في المواقف الطارئة التي تتطلب التحقيق مع المتاجرين بالبشر والخاطفين.
وفي مكان آخر، قام الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي بإضفاء الطابع المؤسسي على مظهر خطير جداً من مظاهر العنف، يشمل التعذيب، كجزء من حربه على المخدرات، وكذلك الرئيس السريلانكي ماهيندا راجاباكسا المتورط في جرائم حرب من ضمنها جرائم التعذيب. وتواجه بريطانيا أيضاً دعوات متكررة لإجراء تحقيقات قضائية بشأن تواطؤ أجهزتها الأمنية في ممارسات التعذيب بعد أحداث 11 سبتمبر وتطبيق نظام الترحيل الاستثنائي، كما شاركت القوات البريطانية قديماً في عمليات التعذيب، خاصةً في سياق العملية المطوّلة والمؤلمة لإنهاء الاستعمار بعد الحرب العالمية الثانية (في قبرص وعدن وكينيا وأيرلندا الشمالية، على سبيل المثال). ونظراً لإعادة إحياء التعذيب على الصعيد الدولي كقضية عالمية، يبدو من المناسب لمعارضي التعذيب إخضاع مبررات التعذيب التي تروج في الخطاب الثقافي والسياسي الشعبي إلى التدقيق النقدي. وهذا هو الغرض من هذا الكتاب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منصة "تقدم" – 21 أيار 2025
***********************************************
ترامب.. ما أسرع انتقاله من المهزلة إلى المأساة / أليكسي باير
ترجمة: د. سعدي عواد السعدي
تشهد الولايات المتحدة اليوم مرحلة هزلية لزعيمٍ كاريزمي ذي دوافع مشكوك فيها، قد ينتهي به الأمر إلى مأساة وطنية وعالمية.
في مقال نشر عام 1852، أشار كارل ماركس إلى أن جميع الأحداث والشخصيات العظيمة في التاريخ قد تتكرر مرتين، مرة كمأساة، ومرة أخرى كمهزلة.
قد تكون الولايات المتحدة اليوم على موعد مع نسخة مختلفة من مقولة ماركس. تعيش البلاد حاليا مرحلة هزلية لزعيم كاريزمي ذي دوافعٍ مشكوك فيها، قد تنتهي بمأساة.
ممارسة التفاهة الشخصية والانتقام
لا تبشّر العديد من تعيينات الرئيس المنتخبِ دونالد ترامب بالخير للديمقراطية الأمريكية أو للحفاظِ على قوة أمريكا. في كثير من الأحيان، يبدو أن الدافع وراء هذه التعيينات مزيج غريب من التفاهة الشخصية والانتقام.
في السابق، كان الأوروبيون هم من اختبروا، بدءا من عشرينيات القرن الماضي، وبعد نوبة أولية من الأمل والحماس، كيف أطاحت الديكتاتوريات الفاشية في ألمانيا وإيطاليا بشعوبِهم وأدت إلى مأساة عظيمة.
مسيرات
دونالد ترامب الانتخابية كمهزلة
لنأخذ مسيرات دونالد ترامب الانتخابيةَ كمثال. على الرغم من أنها كانت مدفوعة بالكراهية والاستياء، إلا أنها كانت في الأساس عروضا كوميدية ارتجالية. بصرف النظر عن التهريج المتعمد، كانت هناك الكثير من الغرابة غير المقصودة والسخافة الصريحة في حملة الرئيس المنتخب.
فكر فقط في المناظرة الرئاسية، عندما انفجر ترامب غضبا من أكل الناس للقطط والكلاب، مما جعل كامالا هاريس تهز رأسها وتضحك بدهشة.
أو الدخول المفاجئ لأغنى رجل في العالم على منصة في بنسلفانيا، والذي أصر ترامب على تقديمه على أنه ليون ماسك.
من المقبول إلى المريع
ازدادت تهريج ترامب منذ الانتخابات. بدأ إعلان اختياراته الوزارية لولايته الثانية بثلاثة مرشحين جادّين، وهم المدير السابق لهيئة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE) توم هومان كـ "قيصر الحدود"، والسيناتور ماركو روبيو كوزير للخارجية، وعضوة الكونغرس إليز ستيفانيك كسفيرة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة. تبعت هذه التعيينات فوضى عارمة: مُقدّم برامج أسبوعية على قناة فوكس نيوز وزيرا للدفاع، ومتاجر مزعوم بعاملات جنس قاصرات نائبا عاما، ومناهض للتطعيمات يبدو أنه مدمن مخدرات، رئيسا لوزارة الصحة والخدمات الإنسانية.
ثم جاء تعيين تولسي غابارد، المدافعة الصاخبة عن رجال أقوياء مثل بشار الأسد في سوريا وفلاديمير بوتين في روسيا، مديرة للمخابرات الوطنية - وهو ترشيح أثار قلق الكثير من أجهزة المخابرات الأمريكية. كما تفوق على خبراء الاستخبارات الذين لم يكن لديهم أدنى فكرة عما سيحدث.
غوغول ينقذ الموقف
يمثل التملق المستمر لترامب في المعسكر الجمهوري جانبا رئيسيا من هذه الكوميديا المبتذلة. يبدو أنها مستوحاة مباشرة من أعمال الكاتب الساخر الروسي نيكولاي غوغول، مؤلف مسرحية "المفتش العام" في القرن التاسع عشر. في مسرحيته، يحاول مسؤولون في بلدة ريفية التودد إلى محتال واضح. وهذا ما حدث مؤخرًا في مار-آ-لاغو، عندما وصف الممثل المخضرم سيلفستر ستالون ترامب بأنه "جورج واشنطن الثاني".
من المؤكد أن المقارنات السخيفة مع عظماء الماضي ستزداد، حيث يتنافس جيش من منافقي ترامب على إغداقه بأبشع الأوسمة.
ترامب يؤمّن عصرا ذهبيا للكوميديا
حتى قبل أن يبدأ رسميا، دشنت ولاية ترامب الثانية عصرا ذهبيا للكوميديا. يزوّد ستيفن كولبير، وجيمي كيميل، وجون أوليفر، وجون ستيوارت، وزملاؤهم الأصغر سنا، والعديد من الكوميديين الآخرين، بكمية وفيرة من المواد يوميا.
حواراتهم تُكتب نفسها حرفيا - لدرجة أن موقع "ذا أونيون" الساخر زعم إغلاقه لأن مقالاته السخيفة لم يعد قادرا على منافسة الأخبار الحقيقية.
أكثر من مجرد تهريج سخيف
وبينما وُصف دونالد ترامب بالفاشي من قبل شخصيات مختلفة، مثل رئيس هيئة الأركان المشتركة السابق، الجنرال مارك ميلي، والرئيس جو بايدن، يبدو أن استيلاءه المستمر على السلطة مغلف بتهريج سخيف للغاية.
يبدو إذن أن ترامب 2 سيكون عبارة عن سيرك مستمر. ولذلك، قد يكون منتقدوه مخطئون عندما يدّعون أنهم يسمعون ناقوس الموت للديمقراطية الأمريكية.
تحذير
في الواقع، تحذير بالترتيب: قد يكون الأمر هزليا، لكن هذا الرمز المسرحي العريق يجمع بين قناع الكوميديا وقناع المأساة.
في الواقع، بدا موسوليني ورفاقه أيضا مثيرين للسخرية، على الأقل لفترة من الوقت. وكذلك أدولف هتلر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن: "ذا غلوبال بوليتيكس" – 22 تشرين الثاني 2024
*********************************************
قاموس اقتصادي فلسفي.. الثورة الصناعية
اعداد: د. صالح ياسر
الثورة الصناعية (Industrial Revolution): هي ثورة في تكنيك الانتاج، جوهرها الاستعاضة عن العمل اليدوي، بالعمل الممكنن (الآلي)، وهي انتقال المشاغل الرأسمالية الى نظام المعامل في الانتاج الرأسمالي، وقد دللت هذه الثورة على انتصار العلاقات الرأسمالية. وبنتيجة الثورة الصناعية نشأ الأساس لتطوير القوى المنتجة، في المجتمع الرأسمالي، تطويرا سريعا، وظهرت الصناعة الآلية الضخمة، وتطور التقسيم الاجتماعي للعمل، وظهرت فروع انتاجية جديدة، ونشأت مدن ومراكز صناعية جديدة. وكان بروز الرأسمالية، كتشكيلة اجتماعية اقتصادية، هو الأثر الاجتماعي الاقتصادي الرئيسي للثورة. ومع الانتقال الى الانتاج الآلي، اقامت الرأسمالية قاعدتها المادية التكنيكية التي تلائمها، وفرضت سيادتها على اشكال انتاج ما قبل الرأسمالية. وفضلا عن ذلك فإن هذه الثورة، قد ساهمت في ظهور جميع تناقضات الراسمالية، وتفاقمها، الأمر الذي وجد تعبيره في الازمات الاقتصادية المتكررة دورياً، وفي نمو ثروة الرأسماليين وافقار الكادحين، وفي نمو الحركة العمالية. لقد بدأت الثورة الصناعية في الثلث الاخير من القرن الثامن عشر، في انكلترا. وفي النصف الاول من القرن التاسع عشر، اندلعت الثورة الصناعية في دول اوربية اخرى، وفي الولايات المتحدة الامريكية. أما في روسيا، فقد ابتدأ استخدام الآلات في الصناعة، والنقل، في النصف الاول من القرن التاسع عشر، غير ان الثورة الصناعية لم تبلغ مداها الا بعد القضاء على نظام القنانة. وفي اليابان، حدثت الثورة الصناعية في سبعينات القرن التاسع عشر. ان خواص الثورة الصناعية في مختلف البلدان حددتها الظروف التاريخية لتطور هذه البلدان.
********************************************
الصفحة الحادية عشر
نواطيرك يا وطن
فوزي السعد
يا أيّها النائم
في ظلّ النواطير
أنّى تنام عن نواطيرك ياوطنْ ؟!
حماتك الذين عاهدوك
في ذات كذبة على الولاء
والذود عن حماك
كيف بك اليوم وقد خانوك ؟
في غفلة منك لقد باعونا
وباعوا العرض والأرض
وباعوا الماء
وربما غداً يبيعون
ما في سمائنا من الهواء
قد أكلوا مال اليتامى
سرقوا اللقمة في الأفواه
من قبلما أن تلج البطون
وجوّعوا الحرّة حتّى أكلت
من فرط ذلّ حرّةُ البيت بثدييها
وفي الجوار منها
حرّةُ الجيران
من فاقةٍ أطفالُها
باتوا على جوع وزمهرير
بلا ثياب همدوا
على سرير
دونما
سرير
**********************************************************
ذاكرة الصحافة الشيوعية.. الكتابة مع الكبار
رعد كريم عزيز
حين تدخل في الطريق الى الشعب عبر هذه الصحيفة فانت تصبح صديقا للكبار الذين يشار اليهم مثلما الاساطير والذين سبقونا في التجربة والشهرة سيما قبل عصر الانترنيت والكتابة اليومية اليسيرة اليوم.
في لحظة حمى غاشمة وقبل ايام من ذهابي الى معهد المعلمين في البصرة بالقطار من مدينتي الحلة عام 1972 خربشت دون وعي او معاينة نصوصا نثرية رافقتني الى البصرة لم اكن قد قرأتها.
في المعهد الذي درسني فيه الرائد الخالد الشاعر محمود البريكان وكان معاون المعهد القاص المعلم محمود عبد الوهاب ودرسنا كذلك الشاعر راضي سيفي والفنان شوكت الربيعي ولان البصرة بالنسبة لي هي دهشة الفجر الوردي المشع من نافذة القطار وشعلة الابار المتوهجة وبائعات القيمر في العشار وصوت ومرأى الباخرة في شط العرب وتمثال السياب ,اعدت كتابة النصوص الثلاثة وعرضتها على البريكان فاشاد بها وقال جملة مقتصدة:
-انه شعر
طرت في الهواء وسهوت عن نفسي, اية مصادفة هذه ان يحملني الشعر على محفة من التيه والزهو ,ولم اتأخر في ارسال النصوص بالبريد العادي الى الشاعر سعدي يوسف طالبا منه اختيار نص واحد للنشر ,والمفاجأة كانت انه نشر النصوص الثلاثة دفعة واحدة مع تخطيط للفنانة عفيفة لعيبي ,فذهبت الى السماء السابعة مزهوا ,وفي اليوم التالي كنا انا والشاعر كامل الركابي في كازينو على شط العرب ونتحدث عن الادب والشعر فقال لي:
-لو انك قرات النصوص البارحة في الطريق ستعرف ما هو الشعر.
ضحكت فانا كنت اقلد الكبار في تواضعهم ولم اخبره بما فعلت ولكني امام هذا الاعجاب قلت له:
-انها نصوصي
فلم يصدق وقال ارني هويتك واستمرأت اللعبة واريته هويتي فاذا به يقفز ليقبلني غير مصدق مما زاد من ثقتي بما اكتب .
ونشرت بعدها نص" البصرة ترفع كفها سلاما" حتى ان محل فلافل ابو قاسم في الشارع الوطني علقها على الجدار لانني ذكرت اسمه في النص.
وحين عدت الى الحلة قابلني الاديب ناجح المعموري وقال لي:
- يمعود خبصني عليك قاسم محمد حمزة وهو معجب بما نشرت .
والتقيت بالشهيد قاسم محمد حمزة وانا اشعر بالغبطة والاحتفاء وبعدها عرفني بالشاعر مهدي محمد علي الذي نقل من البصرة الى الحلة.
للذين لا يعرفون هذه الخصيصة المهمة ان جريدة "طريق الشعب" تعامل الجميع باكبار واحتفاء وتقدير مما يسهم في الاحساس بقيمة ما تكتب ..تصوروا نصك يراه البريكان وينشره سعدي يوسف.
وقبل انفراط الجبهة الوطنية كانت لنا دورة صحفية في الجريدة بشارع السعدون وايضا تصوروا يستقبلك في الاستعلامات الشاعر يوسف الصائغ ويحاضر رشدي العامل وفالح عبد الجبار وتلتقي بشمران الياسري وفاضل ثامر وتحاضر الممثلة زينب كضيفة وتلتقي بعبد الرزاق الصافي في الممرات ومؤيد نعمة وينوشك تعليق طريف من حسين الحسيني ,وتنال وردة رازقي من المعلم حسن العتابي والشاعر مخلص خليل والكاتبة فاطمة المحسن والشاعر عبد الكريم كاصد ..قد اكون نسيت بعض الاسماء ولكن "طريق الشعب" مدرسة اهلية بلا اجور ,واستاذة كبار بكل تواضع واخلاق جمة.
ونشرنا بأسماء مستعارة للكثير من التحقيقات والاخبار واذكر منها تحقيق اثار نفر في عفك باسم "ثامر مفيد" ومرات باسم ابو فيروز، كنا نمشي على الماء ونطير بأجنحة من احلام لا حدود لها ,رغم اننا ارتطمنا بالارض بقسوة كما وقع عباس ابن فرناس ولهذا الحديث فرصة اخرى.
واخر عهدي بـ "طريق الشعب" بعد ملاحقة السلطات للشيوعيين حين ذهبنا انا والروائي سلام ابراهيم الى بغداد وتعجبنا من وجود مكتبة الطريق وفيها بعض اعداد الصحيفة وكان في باب المكتبة الكاتبة فاطمة المحسن فدخلنا بطريقة خاطفة واشترينا بعض الاعداد غير مصدقين ثم اخفيناها تحت قمصاننا ونحن نرجع الى الديوانية مودعين حقبة مزدهرة ذهب فرسانها الى السجون او المنافي او قمم الجبال او الانكفاء في مدن العراق وهم يجرون خيوط الاسى رغم انهم حاكوا منها ذاكرة مشرقة لأيام "طريق الشعب" التي لا تنسى.
********************************************
قصائد فقدت الذاكرة
علي حميد الحمداني
إذا سمعت منادياً يصرخ من أعماقك ويقول: " أيها الشاعر، لن تتمكن من كتابة القصيدة، فصوت هذا المنادي هو صوت آخر انكساراتك إزاء المقارنات غير العادلة التي تعقدها بين الـ (أنا) و (الآخر) البغيض الذي يطلّ برأسه من نوافذ مخاوفك، وإذا استللت قلمك كما يستل المحارب سلاحه ليدخل حرب اثبات الذات، فسوف ينكفئ الصوت المحبط ويغلق خلفه أبواب المقارنات ويبقى معلَّقا على مشجب الخيبات منتظرًا دخولك مرة أخرى في مقارنات لا متكافئة.
إن التجسيد النصّي للتذّمر من أعقد المهمات التي يتبناها منشئ النص الفني، ويخضع لقواعد مرور ضمنية لو أجاد السير وفقها لتيسّر له اقتلاع الثوابت من امتداداتها الراسخة كمراجع خارجية قادرة على تفسير لغز النص وتمثيل ذلك التمرد وإدراجه ضمن النص الموازي واستعادة ذاكرة القارئ التكويني صياغته في بنية مشتقة من مهارة التجسيد ونقاء التفسير، وتتحقق بهذا صور ناشئة في الذهن يشترك فيها كل من ايحاء الصورة ومخزون الذهن ذاته. وفي النصوص النثرية (لم تعد ضفائري ارجوحة لعينيك) للشاعر إبراهيم خليل ياسين، هناك نصّا نثريا بعنوان (قصائد فاقدة الذاكرة)، تستعاد صورة بعد أخرى، حين يدخل التذمّر كدافع للكتابة، وباعث للمقارنة حيث يسرد الشاعر أوصافًا متسلسلة واضحة يستنكر فيها دعة الكلمات والقصائد المروَّضة المستمدة من خيال مريح وتتمدد كعذراء ناضجة على سرير من العشب الأخضر وأوراق الورد وتصطف بجسدها الفاتن المعطَّر الى جانب نهر المرايا وتتراقص غدائرها (كلماتها) على انغام المترفين وترقص تلك العذراء (القصيدة) مع الفراشات في حلم وردي يذهب بها بعيدًا عن مناطق القلق والأحزان، لهذه القصيدة ذاكرة ملآى بما تخفيه الستائر الحمراء خلفها وتستحم بماء الترف وتفتخر حروفها بالحبر الفاخر الذي كُتبت به، فهذه القصيدة في مقارنة الشاعر هي (دمية جميلة)، ويترك للقارئ التكويني أن يقرر قيمتها، بل تفاهتها مهما حملت من ذاكرة، عابرة إزاء قصيدة أخرى تقف على الجانب المقابل من تلك المقارنة.
على الجانب الآخر يسرد إبراهيم خليل ياسين اوصافًا متسلسلة أيضًا، حيث يقول:
(قصائدي تلتحف معطف الليل
وتنام على ضجيج الشظايا
وتصحو حد الاختناق على جدران
نخرها الخراب
وتتبرج بسحب الدخان
وأرض تئن من فرط الصراخ
وأنين من غادروا قسرا)
اية قصيدة هذه التي تلتحف الليل وتدمن الشظايا وتعيش الخراب في اسوأ صوره حيث تلتصق مختنقة بجدران الدمار وتتغذى رئتها بالغبار والدخان؟.... أية قصيدة تلك التي لا تجد ارضًا تستقبل بذورها إلّا الأراضي اليباب؟ ولا تملك ان تشتري لسطورها مساحيقاً تتبرج بها الا صراخ الموجوعين وأنين المكلومين، ولا تجيد الرقص سوى على أنغام آواخر أنّات الموتى والراحلين؟
لا بد أن تكون هذه القصيدة بلا عشّاق، فهي صوت الحقيقة المُرّة التي تعانيها الإنسانية، وذاكرتها تختزن جراحًا فاغرة ما زالت تبتلع الزمن والانسان.. ذاكرة يتمنى المترفون لو انها تموت، تنمحي، تنطمر.. أيّ شيء يحدث لها الا ان تبقى حيّةً تدينهم وتشهد على موت ضمائرهم.
*********************************************
عن فلسفة اللغة
علي محمد اليوسف
يتوسط الوجود بين حقيقة الشيء واللغة المعبّرة عنه، وكلاهما الحقيقة واللغة، مفاهيم وتصورات نسبية، تنعكس عن الوجود المستقل للاشياء، وحقيقة اللغة كما يعبّر عنها عالم اللغات دي سوسير(نظام معرفي قائم بذاته) من جهة، ونسبية الحقيقة الوجودية من جهة اخرى. وفي تعالقهما الثنائي بالاشياء والموجودات يتعيّن بهما الوجود الحقيقي. (كما ان الانسان لا يوجد في المطلق، بل يوجد في الزمان والتاريخ، يوجد حيث يفكّر، ويفكّر حيث هو موجود، ولا يمكن فهم الذات من دون توسّط اللغة والعلامة والرمز والنص).1، وبحسب بروتاغوراس ان الحقيقة هي مظهر الوعي، وان كل شيء نسبي، والموجود لا وجود له الا بالاضافة الى الوعي. هذه الجدلية التعالقية العلائقية بين الوجود والفكر كان تم حسمها منذ قرون، فأما ان تكون علاقة (مثالية) او ان تكون علاقة (مادية).
ان اللغة ادراك عقلي مفاهيمي تداولي، شفاهي ومكتوب ومرئي، وتعبير رمزي صوري تواصلي. اما لغة الصمت فهي على نوعين من التعبير اللغوي، من حيث الادراك العقلي لها، فهي لغة حيّة لا تقل اهميتها الوظائفية عن اللغة المنطوقة او المكتوبة، او المرئية، حين تكون لغة الصمت ادراكا ذاتيا واعيا بضروراته التواصلية والوظائفية، كما نجده في طقوس الديانة البوذية التأملية وبعض الاديان الوثنية الاخرى المعبّر عنها بلغة الصمت الطقسي الشعائري، واليوغا، المسرح الصامت، رقص الباليه، ولغة بعض المتصوفة المجذوبة الاغترابية عن المجموع. الوجود كينونة متعيّنة بالادراك العقلي لها، ويكون وجودا معطّلا من غير ادراك اللغة تواصليا معه. اما ان تكون لغة الصمت غير مدركة عقليا، بمعنى التعطيل الوظائفي لها في الحياة، عندها تكون وهما، وتعبيرا زائفا عن وجود الاشياء، بل تكون وهما خارج فاعلية الوجود، فهي لغة خارج المدرك الحسّي والعقلي للاشياء والموجودات، وهذه اللغة نجدها عند بعض الحيوانات وفي غطرفة وهذاءات المجانين العصّية على التلقي والاستقبال. فهي لغة غير منطوقة بنظام لغوي تعبيري تعريفي، ولا تهتدي بالعقل ادراكيا، وهي بلا معنى ولا هدف. فلغة الحيوان هي نوع من اللغة التواصلية(غريزيا) فقط، ليست لها امتدادات وظائفية خارج الحاجات البيولوجية الغريزية المحدودة للحيوان، بينما اللغة العقلانية لدى الانسان، لغة تواصل تداولي لمحمولات وظائفية لا حصر لها تغطّي جوانب الحياة بمجملها من ابسط الامور والى أعقدها. وبذا تكون اللغة المؤنسنة بالنوع خاصية انسانية لا يشاركه بها الحيوان، هنا الانسان يتأنسن باللغة وهي تتأنسن به ، مثلها مثل علاقة الانسان بالطبيعة فهو يتأنسن بها وهي بدورها تتأنسن به . اللغة وجود ادراكي عقلي يتفرّد الانسان بحيازته ويختّص به دون غيره من الكائنات. واللغة هنا وسيلة العقل لأثبات وجود الاشياء، وبحسب غاديمير:(الكائن الذي يمكن ان يفهم هو الكائن اللغوي،وان اللغة هي الفهم، وهي التي تحدد علاقة الانسان بالعالم).2
يذكر الزواوي بغورة ان الفلسفة الوضعية المنطقية حوّلت التحليل اللغوي المنطقي الى واقع فلسفي قائم، وحصرت مهمة الفلسفة في التحليل اللغوي، واعطت اولوية اللغة على الفكر. كما سبق لفنتجشتين قوله ( اللغة هي الفكر).
تساؤلنا ايهما أسبق ادراكيا الوجود ام اللغة ؟
هنا تناقض كبير في عبارة عالم وفيلسوف اللغة سوسير يقول: (وجود الاشياء يسبق فكرتنا عنها) وهذا منطق مادي سليم ليس فلسفيا وحسب وانما علميا ايضا، لكن لنتأمل تكملة العبارة: (يمكن القول بأن تصوراتنا هي التي تخلق الأشياء.. كيف؟). هذا التناقض في عبارة واحدة ، ينكر فيه سوسير موضوعة فلسفية معرفية ان مثالية التفكير تقود لمثل تلك الاستنتاجات الفكرية البائسة، في تقاطع وجود الشيء يسبق فكرتنا عنه، وهذه نظرة علمية مادية صحيحة، اما اننا ندّعي اننا نستطيع خلق اشياء من تصوراتنا عنها فهو لا يستقيم مع اي منطق عقلي او علمي. وجود الشيء لا يحدده التفكير به، وانما يحدد الفكر وجود الشيء السابق على الفكر. في هذا التناقض المثالي لسوسير نجده ينسف ابجدية الفكر المادي حين يقول بامكانية المفاهيم المدركة واللغة خلق وجود الاشياء، فالجدل الماركسي يقول ان وجود الشيء يسبق ادراكنا له، وليس بأمكان تصوراتنا ان تخلق واقعا حقيقيا لوجود الاشياء،وانما وجود الشيء يخلق تصوراتنا التجريدية والمفاهيم عنه، واللغة او التصورات المنبثقة عنها حيث لا تخلق حقائق الوجود، وانما الوجود يخلق حقائقه لغويا تجريديا بعد ادراك العقل له. ان مقولة فينجشتين (اللغة هي الفكر)، ادراك العقل للوجود والاشياء هي أسبق على أدراك العقل للفكر، من حيث ان الفكر هو انعكاس تجريدي وصوري لغوي في فهم الواقع والوجود. والعقل مستودع الافكار ومكمن انطلاقها، لذا فان ادراك العقل للوجود والاشياء يسبق ادراك العقل للافكار او اللغة المتعالقة بالتبعية التراتبية لوجود الاشياء. والادراك اللغوي مستمد من علائقية ادراك العقل للاشياء. وهذا الادراك يكون قاصرا وظيفيا ما لم تسعفه اللغة كنسق منظّم في تبيان خواص وتمظهرات الاشياء والموجودات المدركة عقليا(الحواس+ العقل)، وكذلك وجود الانسان في الطبيعة ومحدداته كينونته وجوهره.
من المهم ان لا نغفل حقيقة ان اروع الافكار هي التي تصوغها عبقرية اللغة ، ولا يعطي وجود الاشياء المادية اللغة جمالية التعبير العبقري. ان عبقرية اللغة تسبق عبقرية الفكر. كما لا تقل اهمية اللغة في التعبير عن اهمية التفكير العقلاني، واللغة وسيلة العقل لا ثبات الوجود.ولغة الخيال ادراك غير فاعل لواقع الاشياء والموجودات في تعطيله التواصل المثمر.
ان ادراك العقل للوجود والاشياء ادراك ناقص ولا فاعلية له من دون مدركات اللغة التعبيرية الافصاحية عنه، فيما الوجود يتم ادراكه عقليا كموضوع مستقل فقط قبل ادراك اللغة له، الوجود من غير ادراكه لغويا وجود مكتف بذاته يفتقد الحيوية والفاعلية والتأثير، اللغة كشف ادراكي عقلي للاشياء والموجودات، والوجود الواقعي لا ندركه ادراكا واعيا حقيقيا في تجريدنا ادراك اللغة له، ومن غير الادراك العقلي وتزامن الادراك اللغوي معه تصبح معرفتنا للوجود قاصرة غير منتجة.
وتعجز اية فكرة مدركة عقليا، أن يكون ادراكها مثمرا تواصليا منتجا من غير ادراك اللغة لها تداوليا، والفكرة التي لا تستوعبها اللغة بأرقى درجات التعبير التواصلي تبقى ناقصة ومشوّهة كفكرة ادركها العقل ولا يستطيع البوح بها ومقيّدة لا تستطيع التعبير عن نفسها.
وفي دعوة كروتشة الى اهمية اللغة ، يجب ان تكون مقتصرة على دراستها (جماليا) على صعيد الشعر تحديدا، فيها الكثير من التطرّف في تجاوز أهمية دراسة ابعاد اللغة كوسيط تداولي تعبيري، فلسفيا ،اجتماعيا، وثقافيا واقتصاديا. ودراسة اللغة جماليا هو دراسة لواحدة من خصائصها الوظائفية العديدة وليس منتهاها . ومثل ذلك ذهب هيدجر في اهمية دراسة اللغة، وايضا الشعر تحديدا لتبيان(المقاصد الوجودية من اللغة) وهي دعوة ايضا تستبطن اهمية اللغة جماليا ، وفي تعطيل السمات والخصائص المتعددة للغة وظائفيا. ويضيف هيدجران اللغة وهي من تركيبات الانية، الا ان هذا التركيب لا يظهر الا في حالة الوجود الزائف، في صورة ثرثرة يومية، وهذه لا تتضمن حوارا بمعنى الكلمة او تبادلا للافكار. وقد ترتب على ذلك ان يصبح الوجود الحقيقي هو الصمت.
ان اهمية ادراك الشيء والتواصل به ومن خلاله ومعرفته لغويا، هو اكبر من اهميته كمدرك عقلاني (موضوع) مكتف بذاته خارج فاعلية واهمية اللغة له، اللغة بعد العقل هي المتعيّن الوجودي لجميع الافكار في ان تكون تداولية تواصلية ذات حيوية واثراء نافع للحياة.
هوامش
- و(2) نقلا عن الزواوي بغورة، شذرات عن كتاب "الفلسفة واللغة"، عرض وتلخيص.
********************************************
توهج
سالم محسن
الماءُ بلا لونٍ
يأخذ شكل َالتوهجِ
كُنْ كما الماء
يمشي آذارُ بخطواتٍ وئيدةٍ تحت ظلالِ النخيل
يسيرُ وحيداً وفي جيبِ معطفهِ أغنيةٌ
So we meet again my heartache" "
هذا هو المكانُ المناسبُ لولادة الاساطير
سيهوي الطائرُ مِنْ سمائِهِ
يشُّقُ صفحةَ النَّهرِ
يبحثُ في عيونِ الضفافِ عمَّا يشبهُ الرسومَ والصُّورَ
نحنُ نسرقُ اللَهفةَ والتَفَاصيلَ الاليفةَ
مِنْ أَزهارِ الدَفْلى البيضاءِ
من ازهار الدَفْلى الورديةِ
من أجل بهجةِ الرصيفِ
لولا الصداقةُ
ما نحن ..؟
وأيُ مدينةٍ دونَها..؟
دونَ الأيدي لا تنضجُ الثمارَ
ستمتلئُ آنيةَ الصَيفِ بالسؤالِ
تبتلُ الاصابعُ بمزيجِ الفاكهة
خوخٌ ورمانٌ وتفاحٌ
وارتباكٌ في الوجوهِ من ألوانٍ وضوءٍ
********************************************
وَصْفَةٌ لِحَيَاةٍ مَا
ياسين غالب
الْيَدُ نَفْسُهَا، يَدُكَ الآنَ،
تِلْكَ الَّتِي لَا تَغْسِلُهَا كُلُّ طُيُوبِ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ،
الْمُوغِلَةُ فِي التِّيهِ،
فِي دُرُوبٍ لَا نَجَاةَ فِيهَا وَلَا عَلَامَاتٍ لِلسَّلَامَةِ،
حَيْثُ لَا وُصُولَ أَبْعَدَ مِنْ شَفَةِ الْهَاوِيَةِ.
الْيَدُ نَفْسُهَا، أَقُولُ لَهَا:
لَوْ كُنْتِ مَقْطُوعَةً كَغُصْنِ شَجَرَةٍ،
لَوْ كُنْتِ حِجَارَةً تَرْكُلُهَا الرِّيحُ،
لَكُنْتِ أَكْثَرَ مَعْنًى مِنَ الْحَيَاةِ.
لَكِنَّهَا الدَّائِرَةُ...
تَكْبَرُ وَتَصْغُرُ،
لَكِنَّهَا أَنْتَ،
الْحَيَاةُ الَّتِي تُرْجِعُنَا كُلَّ مَرَّةٍ إِلَى الصِّفْرِ،
حَلْقَةٌ مُفْرَغَةٌ مِنَ الْهَدْرِ،
نَنْعَمُ بِثَوَانٍ مِنَ الرِّضَا،
تَفْتَحُ مِثْلَ مَسَامٍ فِي جِلْدَةِ الْوَقْتِ،
بِضْعُ ثَوَانٍ تَسْبِقُ الْكَارِثَةَ عَادَةً.
***********************************************
الصفحة الثانية عشر
ينظم فعاليات واستضافات ثقافية نادٍ للقراءة في مدينة الثورة
متابعة – طريق الشعب
بادر شباب في مدينة الثورة (الصدر)، إلى تأسيس نادٍ للقراءة في منطقة الكيارة داخل المدينة، قرب مصرف الدم، وذلك بالتعاون مع "مكتبة شباب المدينة" للقراءة والمطالعة.
ويعمل النادي – حسب مؤسسيه - على تنظيم فعاليات ثقافية نصف شهرية تشمل محاضرات وندوات، إضافة إلى عرض كتب في مجالات الأدب والفكر والعلم والفنون، واستضافة كتاب وباحثين وأكاديميين من داخل المدينة وخارجها.
ويعمل النادي أيضا على نشر التفكير النقدي، وتعزيز التواصل الثقافي والحوار المعرفي بين الأجيال، فضلا عن تسليط الضوء على النتاج الفكري المحلي والعالمي، وتقديم صورة مشرقة عن الثراء الثقافي والأدبي لمدينة الصدر ومواهبها المتنوعة.
وتجيء هذه المبادرة في وقت تشهد فيه المدينة غيابا شبه تام للنشاطات الثقافية، ما يجعلها تعيد الاعتبار إلى مطالعة الكتب كنشاط مجتمعي فاعل.
يقول عضو نادي القراءة فرات علي، أن النادي الذي تأسس حديثا، هو امتداد لتجارب سابقة بين عامي 2017 و2018، مبينا في حديث صحفي أنه "أطلقنا هذه المبادرة بعد أن لاحظنا أن هناك تراجعا كبيرا في الاهتمام بالقراءة والمطالعة. لذلك نحن نسعى إلى إعادة الاعتبار لقيمة الكتاب وأهميته في المجتمع".
ويشير إلى ان "مدينة الصدر تعاني تهميشا ثقافيا، ونحن نعمل من خلال هذا النادي على إعادة تفعيل النشاط الثقافي في المدينة"، مؤكدا أن "النادي مستقل تماما، ولا يتبع أي جهة سياسية أو دينية أو حزبية".
من جانبه، يقول أستاذ الاقتصاد د. حامد المالكي، أن "القراءة ضرورة معرفية، ويُفترض أن يتوجه المجتمع، خصوصاً فئة الشباب، نحو ممارستها بشكل منهجي"، مبينا في حديث صحفي أن "القراءة المنظمة تعمّق الإدراك وتُنتج فهماً أفضل للمشكلات المجتمعية وتساهم في إنتاج حلول واقعية، خصوصاً عندما تكون موجهة لا عشوائية".
أما الصحفي شمخي جبر، فيرى أن هذه المبادرة تمثل "خطوة مهمة ضمن مسار مستمر من النشاط الثقافي الشبابي في مدينة الصدر"، مضيفا في حديث صحفي قوله أن "شباب المدينة يملكون حافزاً مدنياً واضحاً، ولديهم قدرة على إطلاق فعاليات ثقافية مميزة".
ويلفت إلى ان "تنمية القراءة ليست ترفاً، بل ضرورة لتكوين معرفة منتجة، والمعرفة بدورها تمنح الأفراد سلطة فكرية تمكّنهم من أداء أدوار فاعلة داخل المجتمع".
*************************************************
فيلم فلسطيني يفوز بجائزة سينمائية أمريكية
نيويورك – أسامة عبد الكريم
في تجربة سينمائية قصيرة لا تتجاوز عشر دقائق، حصل الفيلم الوثائقي التجريبي الفلسطيني "آمل أن يصلك بريدي هذا وأنت بخير"، للمخرجة آسيا زغير، على جائزة أفضل فيلم وثائقي قصير ضمن برنامج: Shorts For the Cause في مهرجان تريبيكا السينمائي 2025 في نيويورك، وذلك كجزء من مجموعة أفلام تحمل قضايا إنسانية ملحّة.
الفيلم هو كولاج بصري مكثف، جُمع من لقطات صورتها زغير على مدى ست سنوات من حياتها اليومية. إذ تقود المُشاهد من خلال عدسة ذاتية حساسة إلى أعماق مشاعرها وتجربتها كفلسطينية تعيش في ظل الحرب والاحتلال، بين القدس والضفة الغربية. ويحمل العمل طابعاً تأملياً، حيث تتقاطع الذكريات مع الألم، ويُروى كل ذلك بصيغة رسالة إلكترونية لم تُرسل أبداً، موجّهة إلى شخص كان يوماً ما جزءاً مهماً من حياتها — فلسطيني يعيش على الجانب الآخر من الجدار.
الرسالة غير المرسلة، التي تشكّل العمود الفقري للسرد، ليست مجرد استرجاع لعلاقة انتهت، بل مرآة لحياة انهارت تحت وطأة الحرب، ومن خلالها، تُبيّن زغير كيف اختزلت الحرب ملامح حاضرها، وكيف أصبح الماضي الجميل بعيداً وضبابياً، تماماً كمن تحادثه في تلك الرسالة التي بقيت عالقة بين الذاكرة والخذلان. يتجاوز الفيلم حدود الوثائقي التقليدي، ليغدو شهادة شخصية عميقة عن التشظي الإنساني تحت الاحتلال، وعن الحنين والخذلان، والفقد غير المعلن.
وبأسلوب بصري شاعري ونبرة صوت داخلية هادئة وموجعة، تنجح زغير في ملامسة الجوانب المسكوت عنها من التجربة الفلسطينية، حيث لا بطل سوى الألم، ولا نهاية سوى استمرار الصمت.
************************************************
على «شارع الثقافة} في الناصرية أمسية حول حزن الجنوب العراقي
متابعة – طريق الشعب
شهد "شارع الثقافة" في الناصرية، أخيرا، أمسية بعنوان "تاريخ الحزن في جنوب العراق"، ألقى فيها الباحث سامي الزيدي، الضوء على ارتباط الحزن العميق بشخصية الإنسان الجنوبي وجذوره الممتدة إلى العصر السومري.
الأمسية التي حضرها جمع من روّاد الشارع الثقافي، تناول فيها الزيدي طقوس الحزن وأصوله التاريخية جنوبي البلاد، مشيراً إلى أن "الحزن في الجنوب ليس مجرد حالة عابرة، بل هو جزء من الموروث الثقافي والروحي الذي انغرس في الوعي الجمعي بفعل الكوارث الطبيعية والحروب التي تعرضت لها هذه
الأرض منذ آلاف السنين".
وأشار إلى انه أصدر عام 2021 كتابا بعنوان "تجليات المقدس وإسقاطات الرمز"، تناول فيه طقوس الحزن في الجنوب، موضحا أن "المنطقة الجنوبية تميزت بخصوصية الحزن، ربما لأن هذا الشعور متأصل في شخصية الإنسان الجنوبي، ويعود إلى أيام السومريين، الذين سكنوا هذه المنطقة وشهدوا فيضانات وكوارث طبيعية، وحروبا أسقطت عاصمتهم أكثر من مرة".
وتابع قوله: "كان الإنسان في هذه المنطقة يشعر بالقلق الدائم على مزروعاته أو منزله. وكان يراقب النهر خوفا من أن يغضب ويفيض ويقضي على مستقبله".
من جانبه، ذكر الكاتب والصحفي غفار عفراوي: "جربنا الحزن، ونرى انه جميل، وهذه نظرية فكرت فيها كثيرا. حيث وجدت الحزن أجمل من الفرح. فأنا أشعر أن الحزن للكبار والفرح للأطفال".
واستدل عفراوي على ارتباط الإنسان الجنوبي بالحزن في انجذابه للأغنيات الحزينة أكثر من الأغنيات الترفيهية.
********************************************
معاً لبناء بيت الحزب.. بيت الشعب
دعماً للحملة الوطنية لبناء مقر الحزب الشيوعي العراقي، تبرع الرفاق والأصدقاء:
- حسين الخزاعي (ابو كمال) 200 يورو
- عمار حميد جاسم 200 دولار
الشكر والتقدير للرفاق والأصدقاء على دعمهم واسنادهم حملة الحزب لبناء مقره المركزي في بغداد.
معاً حتى يكتمل بناء بيت الشيوعيين.. بيت العراقيين.
*******************************************
إصدار
مسرحيات مختارة للراحل يحيى بابان
عن "دار ميزر" للنشر والتوزيع، صدر حديثا كتاب بعنوان "مختارات من الأعمال المسرحية"، من تأليف الكاتب الراحل جيان (يحيى بابان).
يضم الكتاب أربع مسرحيات تتناول حياة المجتمع العراقي عموماً، والبغدادي بخاصة، في فترات زمنية مختلفة، سواء قبل أم بعد تأسيس الدولة العراقية الحديثة.
وبأسلوب متميز وخبرة أدبية، يكشف جيان في مسرحياته عن طبيعة الناس، الصراع بين القديم والجديد، الاستبداد والتسلط، فرض الآراء والمعتقدات بالإجبار، مع إبراز مكانة المرأة ودورها في كل ذلك، وما كانت تعانيه من ظلم وعذاب.
جدير بالذكر أن جيان ولد عام 1930 في بغداد، وعاش ظروفا قاسية في وطنه بسبب تبنيه الفكر التقدمي، ما اضطره لاحقا إلى الهجرة والعيش أكثر من خمسين عاماً في العاصمة التشيكية براغ، التي فارق الحياة فيها سنة 2023. وخلال مسيرته الأدبية كتب جيان القصة والرواية والمسرحية، وقطف عن كتاباته جوائز مهمة عراقية وعربية.
يقع الكتاب في 282 صفحة من القطع الوسط. وقد صمم غلافه خالد بابان ونفذه صلاح سايس.
******************************************
قف.. التصعيد
عبد المنعم الأعسم
يهمنا من التصعيد المفاجئ بين تل أبيب وطهران، كوطنيين عراقيين، سلامة بلادنا وتجنيبها الصراع، في المقام الأول، وهذا الهمّ والاهتمام (وبصراحة) لا يعنيان البعض من العاملين في المجال السياسي، في الحكومة وخارجها، وفي البرلمان حصرا. ومصداقية هذه الملاحظة ذات العلاقة بتدني روح المسؤولية الوطنية، وغياب الغيرة على مصالح الشعب ومستقبله وأمنه، تتمثل في أن الجماعة التي نعنيها مشغولة عما يهدد البلاد في شؤون مصالحها وولاءاتها وفي النهب وتكريس السطوات والاحتماء بالأجنبي، بل وفي زجّ القرار السيادي في المحرقة المخيفة من خلال استعراض القوة، الفارغ والمتهور.
لكن الأكثر خطورة يتمثل في مزاعم القول بأن كل شيء هادئ في البلاد، وأن الأمن مستتب، ولا وجود لمشكلات في الجبهة الداخلية، وأن السلطة وأحزابها بخير، ومجالس المحافظات ليست مشلولة، والعلاقة مع الإقليم سمنٌ وعسل، والفساد قُضي عليه، ولا وجود لتظاهرات وانتحارات ومنخورات في الإدارة والخدمات، وأن الأخطار مبالغ فيها، والتهديدات بعيدة عن الحدود، حتى قال قائلهم: "إذا تحرشوا بنا سنلقّنهم درسا بليغاً".. أضبط.
*قالوا:
"اللي اختشوا ماتو"
مثل مصري
***************************************
في البصرة الرسامة باسمة الحسن تُقيم معرضها الرابع
البصرة – صلاح العمران
احتضنت قاعة نقابة الفنانين في البصرة، أخيرا، المعرض الشخصي الرابع للرسامة والشاعرة باسمة الحسن، والذي حمل عنوان "نبض".
المعرض الذي حضرته نخبة من الفنانين والأدباء ومتذوقي الرسم، ضم 33 لوحة، تناولت هموم المرأة وتطلعاتها.
وفي حديث لـ"طريق الشعب"، تحدثت باسمة عن شغفها بفن الرسم منذ المرحلة الدراسية الابتدائية، مبينة أن والدها شجعها على تطوير موهبتها، وأنه كان يحلم بأن تكون ابنته أديبة وفنانة.
وعن معارضها السابقة، قالت ان جميعها مرتبط بإصداراتها الأدبية، التي احتفى بها "ملتقى جيكور" الثقافي على "قاعة الشهيد هندال" في مقر اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في البصرة.
وأوضحت أن معرضها الأول عام 2018 ارتبط بتوقيع كتابها "لوحة ونص"، والثاني عام 2021 رافق إصدار كتابها "ذاكرة حرف"، والثالث تزامن مع إصدار كتابها "نصوص طيفية"، أما الرابع فكرّسته للتعبير عن هموم المرأة والطفل.
وأبدى عدد من زائري المعرض إعجابهم بأعمال الفنانة. حيث ذكر السيد عبد الأمير الشمري لـ"طريق الشعب"، أن "باسمة عرفتها أديبة وشاعرة، لكنني اليوم أرى فيها فنانة قدمت لوحات ناضجة". فيما قالت سكرتيرة رابطة المرأة العراقية في البصرة أن "معرض باسمة يمنح المرأة البصرية حافزا جديدا. نفخر بأديباتنا وفناناتنا المتميزات".
من جانبه، قال زوج الفنانة علاء حسن، أنه شجع زوجته على العودة إلى النشاطين الفني والأدبي بعد انشغالها في متطلبات البيت والوظيفة، ووفر لها سبل النجاح.