الصفحة الأولى
{طريق الشعب} ترصد 443 فعالية احتجاجية خلال النصف الأول من 2025 .. رائد فهمي: دوافع الاحتجاج باقية والمنظومة الحاكمة عاجزة عن تقديم الحلول
طريق الشعب – خاص
شهد العراق، خلال النصف الأول من العام الحالي، 443 فعالية احتجاجية، توزعت على مختلف المحافظات، طبقا لرصد أجرته "طريق الشعب"، حيث تنوعت تلك الفعاليات بين تظاهرات ووقفات احتجاجية وإضرابات واعتصامات، عبّرت بمجملها عن تصاعد حالة الغضب الشعبي من تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والخدمية، وسط استمرار عجز السلطات الرسمية عن تقديم حلول واقعية أو تنفيذ وعودها المتكررة.
وتحدث الرفيق رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، عن امكانية تصاعد الحراك الجماهيري في المرحلة المقبلة، مرجعا تصوره الى "استمرار الازمات الاقتصادية والاجتماعية".
واعتبر فهمي أن "أية محاولة لتصوير الاحتجاجات المقبلة على أنها ذات طابع خارجي أو مدفوعة بأجندات مشبوهة، هي محاولة لتشويه المطالب المشروعة التي تنبع من واقع اجتماعي واقتصادي مأزوم"، مشيراً الى أن غالبية الاحتجاجات "تعبر عن معاناة حقيقية لم يتم التعامل معها بجدية، وهي بالتالي تستند إلى أسباب مشروعة وطبيعية".
واكد ان "الحزب الشيوعي العراقي يقف الى جانب الاحتجاجات السلمية ذات المطالب المشروعة".
وعجزت الحكومتان الاتحادية وفي الإقليم، وكذلك الحكومات المحلية، عن إيجاد حلول واقعية للمشاكل التي طرحها المواطنون خلال فعالياتهم الاحتجاجية.
ورصدت "طريق الشعب" خلال تقاريرها المتواصلة منذ بداية العام الحالي حتى منتصف تموز الجاري، اقامة تظاهرات غاضبة وسلمية، بشكل يومي تقريباً، وبمعدل تظاهرتين في اليوم.
الازمات مستمرة والاحتجاجات قد تعود
والتقى مراسل "طريق الشعب" بالرفيق رائد فهمي، للتعليق حول التقرير الاحصائي، حيث أكد ان "دوافع الاحتجاجات الشعبية، سواء في انتفاضة تشرين أو غيرها، لا تزال قائمة، نتيجة غياب الحلول الحقيقية والجذرية من قبل المنظومة الحاكمة"، ولفت الى "امكانية تصاعد الحراك الجماهيري في المرحلة المقبلة، بسبب استمرار الأزمات الاقتصادية والاجتماعية وتفاقمها".
وقال ان "بقاء الازمات يؤدي الى مزيد من الاحتجاجات خصوصاً تلك المتعلقة بالرواتب والاجور وسوء الخدمات وشح المياه. بينما تقف المنظومة الحاكمة عاجزة عن تقديم حلول فاعلية ومجدية لها".
وحذّر سكرتير الحزب من "محاولات تصوير الاحتجاجات على أنها ذات طابع خارجي أو مدفوعة بأجندات مشبوهة"، مشدداً على ان القصد من ذلك هو "تشويه المطالب المشروعة التي تنبع من واقع اجتماعي واقتصادي مأزوم"، مؤكداً أن "الحزب يدعم الاحتجاجات، إذا ما اندلعت، والتي ستكون تعبيراً عن معاناة حقيقية لم يتم التعامل معها بجدية، وهي بالتالي تستند إلى أسباب مشروعة وطبيعية".
تحديات سياسية واقتصادية
وعن الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي ادت الى استمرار خروج الاحتجاجات في مختلف المحافظات العراقية، وبشكل يومي تقريباً، اشار الرفيق رائد فهمي الى ان "المؤشرات الاقتصادية لا تبعث على التفاؤل، بالخصوص الاعلان عن ايقاف التعيينات في وقت يبقى فيه نمو القطاع الخاص ضعيفاً جداً، وهو ما يعني انعدام النشاط الاقتصادي الكفيل بخلق فرص عمل بديلة، وبالتالي فإن البطالة ستستمر وتتفاقم".
ونبه الى ان "ارتفاع الاسعار وكلف الخدمات الاساسية كالتعليم والصحة، بات يشكل عبئاً ثقيلاً على المواطنين حتى اولئك الذين لديهم وظائف حكومية وعمل"، مضيفا ان "ملفات المياه والكهرباء والنظافة والصحة تعاني من تدهور كبير، وهذا ما يعمق معاناة المواطنين".
وأشار إلى أن "القوى السياسية يجب أن تتعامل بجدية مع هذه المؤشرات، وتقرأها جيداً، لأن التحديات المقبلة ليست اقتصادية فحسب، بل سياسية أيضاً، وتعكس فشل المنظومة المتنفذة في إدارة الدولة".
موقف الحزب الشيوعي العراقي
وفي ما يتعلق بدور الشيوعي العراقي إزاء ذلك، بيّن فهمي "نحن ندعو إلى إقامة دولة مدنية قائمة على العدالة الاجتماعية، وتوفير الخدمات ومكافحة الفساد بكل أشكاله"، مبيناً أن "برامجنا الانتخابية تعكس هذه الرؤية، ونعمل من خلال المشاركة السياسية على إيصال ممثلينا إلى مجلس النواب، من أجل الإسهام في تحقيق الإصلاح والتغيير".
وأكد أن "تحقيق هذه الأهداف يتطلب ضغطاً شعبياً واسعاً، وتنوعاً في وسائل المطالبة، ولا يمكن الاكتفاء بالمسارات الانتخابية فقط، بل إن التحركات الجماهيرية وأشكال الاحتجاج السلمي تشكل جزءاً أساسياً من مشروع التغيير".
وشدد فهمي على أن "الحزب لا يتعامل مع الاحتجاجات من منظور توظيف سياسي ضيق، بل ينطلق من حرص حقيقي على تحقيق مطالب الناس"، مضيفاً "نحن سنكون إلى جانب الجماهير المحتجة، ونسعى بكل ما نستطيع إلى دعم هذه المطالب، سواء كانت جزئية أو شاملة".
النظام في حالة إنكار
وتعليقاً على ما اورده التقرير، أكد الباحث في الشأن السياسي د. غالب الدعمي أن المنظومة السياسية الحاكمة بعد عام 2003، ورغم ما ترفعه من شعارات ديمقراطية، عجزت تمامًا عن فهم مشكلات الجمهور العراقي أو معالجتها، مشيراً إلى أن "الطبقة الحاكمة" تعيش في عزلة تامة عن الواقع الاجتماعي الذي يعانيه المواطن.
وقال الدعمي في حديث لـ"طريق الشعب"، إن "السلطة السياسية الحالية، منذ نشأتها، لم تبذل جهداً حقيقياً لفهم ما يريده الناس، بل تعاملت معهم بعدائية غير مبررة".
واضاف أن هذا القصور البنيوي أدى إلى تكرار موجات التظاهر والاحتجاج، وقد يُفضي مستقبلًا إلى انهيارات سياسية محتملة، إذا ما استمر الانفصال بين الحاكم والمحكوم.
وتابع أن "الصدمة الكبرى ستكون لحظة خروج الناس مجددًا إلى الشوارع. حينها سيُطرد الفاسدون ويُحاسَبون حساباً عسيراً"، محذرا من أن "العودة إلى الشارع هذه المرة ستكون بدوافع أكثر خطورة، أبرزها الجوع والانهيار الاقتصادي والمعيشي، ما سيجعلها مختلفة تماماً من حيث الشكل والمضمون والتأثير".
البصرة تتصدر
وبالعودة الى تفاصيل الرصد، فقد تصدرت البصرة الحراك الاحتجاجي؛ اذ شهدت 81 فعالية احتجاجية، تلتها محافظة المثنى التي كان مجموع تظاهراتها 56، بعدها السليمانية بـ57، وخلفها بغداد بـ47 فعالية. وكان نصيب محافظات الفرات الأوسط (الديوانية، النجف، كربلاء) 67 فعالية متنوعة. اما محافظات الجنوب (ميسان، ذي قار، واسط) فكانت حصتها 51 تظاهرة واعتصاما واضرابا عن الدوام. وبرزت فيها مطالب توفير المياه والتوظيف والخدمات.
ازمة رواتب الكردستانيين
اما إقليم كردستان، فكان السبب الرئيس في تصاعد الحركة الاحتجاجية، هو قطع الرواتب عن الموظفين والمتقاعدين بسبب الخلافات القانونية بين الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كردستان، ولم تنفع الحوارات السياسية التي بينت على أساس هش، من توفير لقمة العيش للمواطنين في إقليم كردستان؛ اذ غابت الحلول الاستراتيجية المبنية على أساس الدستور والمصالح المشتركة. وخلال المدة بين كانون الثاني وتموز 2025 خرجت في محافظات أربيل، السيلمانية، دهوك، وحلبجة 79 فعالية احتجاجية، تركز معظمها في شهر شباط بحسب جهات مدافعة عن حقوق الانسان. وشهدت محافظة السلمانية اكبر عدد من الاعتصامات والتظاهرات الغاضبة على المنظومة الحاكمة؛ اذ خرج المواطنون والموظفون مطالبين بتوفير سبل العيش الكريم.
محافظات شمال بغداد الأقل عدداً
فيما شهدت محافظات ديالى وكركوك والموصل والانبار وصلاح الدين عددا أقل من الفعاليات الاحتجاجية، بواقع 40 فعالية احتجاجية، حيث تصدرت محافظة ديالى المشهد بـ18 فعالية، فيما كان نصيب الانبار وصلاح الدين فعالية احتجاجية واحدة لكل منهما.
الجميع يحتج
وسجل رصد "طريق الشعب" خروج شرائح اجتماعية واسعة ومتعددة، في هذه الفعاليات، وتصدرت المناطق السكنية اكبر عدد من الاحتجاجات بواقع 180 تظاهرة واعتصاما واضرابا، تلاها الموظفون بـ60 فعالية احتجاجية، ثم الفلاحون بـ 48 فعلا احتجاجيا. اما الخريجون الباحثون عن العمل فنظموا 37 فعالية احتجاجية، ثم المعلمون 31، والعاطلون عن العمل 16، والعمال 12، اما منتسبو القوات الأمنية والحشد الشعبي من المفسوخة عقودهم، والمتقاعدون والنساء وذوو الشهداء والكسبة والمرضى والأطباء والاستاذة الجامعيون والمقاولون والمحاسبون واسرى حرب الخليج والسجناء السياسيون وأصحاب العقود، فكان عدد تظاهراتهم 59 فعالية بين اضراب واعتصام وتظاهرة ووقفة.
العيش الكريم ابرز المطالب
وتنوعت مطالب المحتجين بين المطالبة بالعدالة والعيش الكريم وتوفير الخدمات والتوظيف وتوفير الرواتب وحل ازمة السكن ومعالجة شح المياه وحفظ السيادة وكشف ملفات الفساد وتوفير الكهرباء ورفض المحاصصة.
وصنف هذا التقرير الفعاليات كما يأتي: 152 عيش كريم، 72 توفير الرواتب مع العلم ان هذا المطلب لم يخص إقليم كردستان فقط، 60 توظيف العاطلين والخريجين والمعلمين والمهندسين وغيرهم، 49 خدمات مثل الكهرباء والماء والصرف الصحي وتعبيد الشوارع، 38 سكن وشملت توفير السكن اللائق وتوفير البدائل، 19 كهرباء بسبب نقص التجهيز خصوصاً مع بدء الصيف، 18 شح المياه وملوحته وعدم توفر مياه السقي، 13 كشف ملفات الفساد المتعلقة بسوء الإدارة، 9 توفير الادوية والمستلزمات الطبية خصوصاً للامراض المزمنة ومرضى السرطان، 7 المحافظة على البيئة وملوحة المياه، 3 للحفاظ على السيادة وبالخصوص ما يخص اتفاقية خور عبد الله، 2 لمناهضة العنف ضد المرأة وحقوق الانسان، وواحدة ضد المحاصصة الحزبية الضيقة.
أنواع الفعاليات وآلية التنظيم
ومن اللافت ان نصيب التظاهر كان الأبرز في هذه الموجة الاحتجاجية؛ اذ نظمت 295 تظاهرة، نظمها عدد كبير من المشاركين، ورفعت مطالب عامة. اما فيما يخص الوقفات الاحتجاجية فخرجت 112 وقفة. وفي هذا النوع يكون عدد الحضور اقل من التظاهر، وعادة ما يكون التجمع في مكان معين امام الدوائر الحكومية وذات مطالب محددة. اما الإضرابات فكانت بواقع 24 اضرابا. نصيب المعلمين والممرضين كان الأكبر. والاعتصامات كان عددها 11 فقط، سجلت غالبيتها في محافظة السليمانية، وطالب منظموها بتوفير الرواتب.
اما في ما يخص آلية التنظيم فمثلت هذه الاحتجاجات 325 فعالية عفوية، خرجت بدون وجود تنسيقي منظم للتظاهر. بمعنى ان منظمي هذه التظاهرة اتفقوا على موعد معين وشعارات محددة لرفع مطالبهم، وعادة ما يبرز فيها عدد من الناشطين والقادة، لكنها سرعان ما تنفض مع انتهاء الفعالية الاحتجاجية. اما الفعاليات المنظمة فكانت 117 فعالية وهذا يعني ان هذه الفعاليات خرجت بدعوة من جهات نقابية ومهنية وتنسيقيات للخريجين والعاطلين والمهندسين. ويجري في الغالب استثمار مواقع التواصل الاجتماعي لتنظيم معظم الفعاليات الاحتجاجية وتحديد شعاراتها وأهدافها.
على مَن خرجت الاحتجاجات؟
وتوجهت مطالب المحتجين بالدرجة الأساس إلى الحكومات المحلية، والى حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية وبقية الوزارات.
وخرج المواطنون بتظاهرات غاضبة ضد الحكومات المحلية بواقع 124 فعالية، وحكومة الإقليم 76 فعالية. اما الحكومة الاتحادية فتوجهت المطالب لها بواقع 63 فعالية احتجاجية متنوعة.
وزارة الكهرباء كان لها النصيب الأكبر في التظاهرات، اذ تلقت 27 فعالية بين المطالبة بتجهيز الكهرباء وبين التوظيف والمولدات الاهلية وغيرها. اما الشركات النفطية فقد خرج الأهالي الساكنون بقربها مطالبين بالتوظيف وتحسين البيئة وتوفير الخدمات بواقع 27 فعالية. اما وزارة التربية فخرجت ضدها 26 تظاهرة من قبل المعلمين في العراق والاقليم، في حين واجهت وزارة الزراعة 20 فعالية، اما الصحة فتوجهت ضدها 19 فعالية، والبلديات كان نصيبها 10 فعاليات نظمها العمال، والنقل 8، والموارد المائية 7، والدفاع 4، اما الصناعة والمالية والنفط ومجلس الخدمة الاتحادي فكان نصيب كلٍّ منها 4 فعاليات. في حين ان وزارة التعليم والحشد الشعبي ووزارة الداخلية خرج ضدها المواطنون بواقع 3 فعاليات. فيما بقية الوزارات وهي التجارة والتخطيط والاتصالات فكانت 5 فقط.
منظومة المحاصصة تتحمل المسؤولية
ويؤكد مراقبون للشأن السياسي، ان "منظومة المحاصصة الفاسدة تتحمل مسؤولية خروج هذا العدد من التظاهرات الاحتجاجية بسبب ديمومة الازمة البنيوية التي تشهدها البلاد"، فيما اكد آخرون إمكانية تصاعد وتيرة الاحتجاجات خلال النصف المتبقي من السنة الحالية 2025، وذلك لغياب الحلول اللازمة واستمرار نهج المحاصصة والفساد المتبع في الحكومة الحالية.
واكد ناشطون في الحركة الاحتجاجية، ضرورة تغيير المنظومة السياسية الحاكمة ونهجها الفاشل، من خلال مشاركة واسعة ونوعية في الانتخابات المقبلة. كذلك عبر تعزيز حركة الاحتجاج وتطوير شعاراتها وتحويلها الى فعاليات احتجاجية سياسية تطالب بالتغيير الشامل.
*************************************************
الشيوعي العراقي: على الحكومة التحكم بالقرارالعسكري والأمني وحصر السلاح بيد الدولة
منذ أيام عدة تتعرض حقول ومواقع ومنشآت نفطية عدة في إقليم كردستان الى قصف بطائرات مسيرة، وادى ذلك الى توقف عدد منها عن العمل والإنتاج، وتعليق الشركات لأعمالها فيها.
وإذ صدرت تصريحات عامة من الجهات الحكومية، فانها لم ترتق الى أفعال ملموسة توقف هذا التمادي في ضرب منشآت مهمة وحساسة ليس للإقليم وحسب، بل للعراق ككل، فيما بقيت الجهة او الجهات المسؤولة عن هذا الخرق الأمني الكبير بعيدة عن تسليط الأضواء عليها، وتعرية دوافعها وغاياتها.
ان ما يحصل يدلل من جديد على مسؤولية الحكومة، وكل الجهات ذات العلاقة، في كشف المستور والتحدث بشفافية، وتوفير مستلزمات التصدي لمساعي ادامة هشاشة الوضع الأمني في البلاد، وهذا يتطلب قبل كل شيء امتلاك الإرادة لذلك، بعيدا عن حسابات الربح والخسارة الضيقة والانية على حساب مصالح البلاد والاقليم، وامن المواطنين،وحماية مصادر الدخل الوطني الأساسية.
وما يحصل اليوم يؤكد أهمية وضرورة التطبيق الفعلي والعملي لشعار حصر السلاح بيد الدولة والتحكم في نهاية الامر بالقرار العسكري والأمني في البلاد، وحصر السلاح بيد الدولة وتجريد من لا يمتثل لذلك من سلاحه.
ان استمرار هذه الخرق الأمني الكبير، أيا كانت الجهات التي تقف وراءه، داخلية صرفة او متماهية مع اجندات خارجية، يحمل دلالات سياسية واقتصادية ذات أهمية كبيرة، ويؤشر حالة العجز عن ملاقاة والتصدي لمثل هذه التحديات.
اننا اذ ندين هذه الاعتداءات والقصف غير المبرر على الاطلاق، نطالب بالكشف عن الفاعلين واتخاذ ما يلزم لمنع تكرارها وتعزيز قدرات بلادنا العسكرية والأمنية والفنية والتكنولوجية، والاقدام على كل ما من شأنه الحؤول دون تدهور الأوضاع الأمنية وانعكاساتها السلبية على استقرار البلاد، وضمان الظروف المناسبة للبناء والاعمار والاستثمار، وقبل كل شيء حياة المواطنين وارواحهم وممتلكاتهم.
المكتب السياسي
للحزب الشيوعي العراقي
١٦-٧-٢٠٢٥
*******************************************
الصفحة الثانية
اتفاق جديد بين بغداد وأربيل لتسوية الرواتب وتوحيد الإيرادات
بغداد – طريق الشعب
كشف مصدر مطّلع، امس الأربعاء، عن التوصل إلى اتفاق مالي جديد بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان، يتضمن تسوية ملفات الرواتب والصادرات النفطية وتوحيد الإيرادات المالية، في خطوة تهدف إلى إنهاء الخلافات المالية المتراكمة بين الجانبين.
ووفقاً للمصدر الذي تحدث لوكالات الانباء، فإن الاتفاق يقضي بتسليم حكومة إقليم كردستان مبلغ 240 مليار دينار عن شهري أيار وحزيران، بواقع 120 مليار دينار شهرياً، مقابل تسليم الإقليم 230 ألف برميل من النفط الخام يومياً لبغداد، بالإضافة إلى التزامه بتسليم الإيرادات المحلية من المنافذ الحدودية.
وأشار المصدر إلى أن الإقليم سيبدأ فعلياً بتنفيذ بنود الاتفاق، من خلال تسليم الإيرادات النفطية وغير النفطية، في إطار التفاهمات الجديدة التي تم التوصل إليها بين الطرفين.
وأضاف، أن المرحلة المقبلة ستتضمن اجتماعات بين اللجان الفنية المشتركة من الجانبين، بهدف مراجعة وتدقيق الأرقام والإحصاءات الخاصة بالصادرات والواردات النفطية، إلى جانب بحث حصة إقليم كردستان من الموازنة الاتحادية.
في السياق ذاته، أكد مصدر حكومي عراقي أن مجلس الوزراء الاتحادي بانتظار تنفيذ حكومة إقليم كردستان لتعهداتها، من أجل المضي قدماً في تسوية الأزمة المالية، مشيراً إلى أن الحكومة الاتحادية تنتظر وصول كتاب رسمي من الإقليم للشروع في تنفيذ الاتفاق من قبل اللجان المختصة.
************************************
مطالب معيشية وخدمية ووظيفية تتصدر المشهد الاحتجاجي في تسع محافظات
بغداد ـ طريق الشعب
شهدت عدة محافظات عراقية خلال الأيام الماضية، موجة واسعة من الاحتجاجات الشعبية، شملت شرائح متعددة من المجتمع، وتركزت مطالبها على تحسين الواقع الخدمي والمعيشي، وتطبيق العدالة في توزيع الأراضي والتعيينات، في مشهد يشي بتصاعد الغضب الشعبي إزاء الإهمال والتمييز وغياب الحلول الحكومية.
المثنى.. تظاهرات متعددة المطالب
ففي محافظة المثنى، انطلقت تظاهرات في أكثر من قضاء، كان أبرزها في قضاء الهلال، حيث تظاهر عشرات المواطنين أمام مبنى القائمقامية، مطالبين بتحسين الخدمات الأساسية، وعلى رأسها ضخ المياه، واصفين مطالبهم بـ"الملحة"، داعين الجهات المسؤولة إلى التحرك العاجل.
أما في قضاء الخضر، فقد نفّذ عدد من العاملين في البلدية إضراباً جزئياً احتجاجاً على تدني أجورهم واستبعادهم من استحقاق توزيع الأراضي السكنية. وأكد أحدهم أن الإضراب جاء نتيجة تجاهل مستمر لمطالبهم، مطالبين بخطوات جادة لتحسين أوضاعهم.
وفي مدينة السماوة، نظم مواطنون وقفة احتجاجية أمام مبنى مجلس المحافظة، مطالبين بتطبيق المادة (25) من قانون بيع وإيجار أموال الدولة، والتي تتيح لهم تملّك الأراضي "المصفّرة"، مؤكدين أنهم أكثر من 200 مستفيد من داخل البلدية، ويأملون بدعم حكومي يخفف من معاناتهم.
ولم تكن الكوادر الصحية بمنأى عن هذا الحراك، إذ شهدت المحافظة تظاهرة حاشدة للكوادر الصحية والإدارية، طالبت بتحقيق العدالة في توزيع الأراضي السكنية، وعبّر المشاركون عن استيائهم من "التمييز" و"غياب الشفافية" في إدارة هذا الملف.
وفي قضاء السوير، تظاهر الأهالي أمام مبنى القائمقامية احتجاجاً على تدني مستوى الخدمات، مؤكدين استمرارهم في الحراك حتى تستجيب الجهات المعنية لمطالبهم.
وفي ما يخص ملف التوظيف، شهدت المحافظة تظاهرة للمئات من خريجي المجموعة الطبية والمهن الصحية دفعة 2024، للمطالبة بإطلاق استمارة التعيين المركزي، مؤكدين أن القانون رقم 6 لسنة 2000 يضمن حقهم بالتوظيف، وسط حاجة ملحة للمؤسسات الصحية إلى كوادرهم.
ميسان.. انقطاع الكهرباء يُشعل الشارع
وفي محافظة ميسان، انفجرت الاحتجاجات في قضاءي الكحلاء والمشرّح، حيث تسببت أزمة الكهرباء المتفاقمة وشح المياه وسوء الخدمات في موجة غضب دفعت المواطنين إلى اتخاذ خطوات تصعيدية.
ففي قضاء الكحلاء، قطع المتظاهرون الطريق الرابط بين القضاء ومدينة العمارة، بإحراق الإطارات ووضعها في وسط الشارع، ما أدى إلى شلل تام في حركة المرور. وعبّر المحتجون عن سخطهم من استمرار معاناتهم رغم أن القضاء يساهم بإنتاج أكثر من 600 ألف برميل نفط يوميًا، فيما يفتقر السكان لأبسط مقومات الحياة.
وفي ناحية المشرح، قطع عشرات المواطنين الطريق الرئيس المؤدي إلى مقرات الشركات النفطية، احتجاجًا على انقطاع الكهرباء وتدهور الخدمات، مطالبين بمياه صالحة للشرب وتعويضات للمزارعين المتضررين من حظر الزراعة الصيفية، فضلاً عن إطلاق المياه نحو الأهوار لضمان بقاء سبل العيش.
أزمة ملوحة المياه تؤجّج الاحتجاجات
وتجمع العشرات من أهالي قضاء أبو الخصيب في محافظة البصرة أمام محطة مياه محيلة، احتجاجًا على تفاقم أزمة ملوحة المياه وشحتها. واتهم المحتجون الجهات المسؤولة بتمييز صارخ في توزيع المياه، حيث يتم تزويد المجمعات السكنية الفاخرة والمناطق المرتبطة بالأحزاب والمتنفذين بحصص منتظمة، فيما تعاني الأحياء الشعبية من نقص حاد وملوحة عالية، رغم قربها من المحطة.
وأشار المحتجون إلى أن هذه الأزمة تتكرر سنويًا دون حلول فعلية، ملوحين بتصعيد الاحتجاجات، وداعين وزارة الموارد المائية إلى التدخل لضمان العدالة في التوزيع وتقديم حلول جذرية، محذرين من "عواقب وخيمة" في حال استمرار التجاهل الرسمي.
خريجو المهن الطبية في الديوانية وذي قار
وتظاهر العشرات من خريجي المهن الصحية لعام 2024 أمام مبنى دائرة صحة الديوانية، مطالبين بفتح استمارة التعيين المركزي، مؤكدين أن تأخيرها يمثل ظلماً واضحاً، وأن المؤسسات الصحية بحاجة ماسة لتخصصاتهم، خاصة في ظل نقص الكوادر.
وشددوا على ضرورة شمولهم بكافة التعليمات والقوانين النافذة، ملوحين باستمرار التظاهرات حتى تحقيق مطالبهم.
الى ذلك نظم العشرات من خريجي ذوي المهن الطبية من دفعة 2024 في محافظة ذي قار، اليوم الثلاثاء، تظاهرة أمام مبنى دائرة الصحة للمطالبة بالتعيين المركزي، أسوة بخريجي الدفعات السابقة.
وأكد المحتجون، أن تأخير فتح الاستمارة يمثل ظلماً واضحاً بحقهم، مشيرين إلى أن المؤسسات الصحية بحاجة فعلية لتخصصاتهم، خاصة مع تفاقم النقص في الكوادر الطبية.
وشدد المتظاهرون على ضرورة تنفيذ القانون رقم 6 لسنة 2000، الذي ينص على تعيين خريجي المهن الطبية، ملوحين بالتصعيد في حال استمرار التجاهل الحكومي لمطالبهم.
خريجو الهندسة يطالبون بالإنصاف
ونظّم العشرات من خريجي كليات الهندسة، وقفة احتجاجية قرب الجسر المعلّق وسط العاصمة بغداد، للمطالبة بتوفير فرص العمل ورفض ما وصفوه بـ"تهميش" شريحة المهندسين.
ورفع المحتجون لافتات تطالب الحكومة بتفعيل قوانين التعيين العادل والمنصف، مشيرين إلى أنهم يعانون من البطالة رغم حاجة المؤسسات الحكومية إلى تخصصاتهم.
وأكد عدد من المشاركين أن الاحتجاج يأتي في إطار الضغط على الحكومة لوقف سياسة الإقصاء تجاه الكفاءات الهندسية، محذرين من استمرار التصعيد في حال عدم الاستجابة لمطالبهم.
غضب في سنجار والموصل
وفي محافظة نينوى، اندلعت احتجاجات في قضاءي سنجار والموصل. ففي سنجار، احتشد العشرات أمام مستشفى سنوني العام احتجاجاً على ما وصفوه بانهيار الخدمات الصحية، مطالبين بإصلاحات جذرية شاملة تشمل الكوادر والمستلزمات والأدوية. وقد شهدت التظاهرة توتراً بعد إطلاق القوات الأمنية النار في الهواء لتفريق المتظاهرين دون تسجيل إصابات.
أما في مدينة الموصل، فقد تظاهر المئات من خريجي المجموعة الطبية دفعات 2023 و2024 أمام دائرة صحة نينوى، احتجاجاً على ما وصفوه بـ"التمييز المجحف" في قرارات التعيين، مطالبين بتطبيق القوانين التي تلزم بتوظيف جميع خريجي المجموعة الطبية وشمولهم في موازنة 2025.
كركوك: مطالب وظيفية وتعليمية
وشهدت محافظة كركوك تظاهرة حاشدة أمام مبنى ديوان المحافظة، شارك فيها المحاضرون المجانيون، وحراس المدارس، وعقود البترودولار، مطالبين بإطلاق الدرجات الوظيفية المتوقفة وتثبيتهم على الملاك الدائم. وعبّر المتظاهرون عن سخطهم من تأخير تطبيق القرارات الخاصة بتوظيفهم، مشيرين إلى أن أكثر من 7 آلاف درجة وظيفية لم تُفعّل في المحافظة.
كما اعتصم معلمو الدراسة الكردية أمام مكتب البرلمان العراقي احتجاجاً على تأخر صرف رواتبهم لعدة أشهر. ووفقًا لممثليهم، فإن الاعتصام تم فضّه بالقوة من قبل القوات الأمنية، ما أثار استياءً واسعًا في صفوف المحتجين.
احتجاجات غاضبة في السليمانية
وتشهد محافظة السليمانية استمراراً في الحراك الشعبي، حيث تجددت التظاهرات في منطقة سركبكان اليوم الثلاثاء، احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية والخدمية، في ظل تفاقم الأزمات الاقتصادية وغياب الرواتب.
وفي تطور موازٍ، أعلن موظفو مستشفى طوارئ بينجوين الدخول في إضراب عام، احتجاجاً على تأخر صرف رواتبهم لأكثر من 76 يوماً، مؤكدين أنهم لم يتسلموا مستحقاتهم منذ ما يقارب ثلاثة أشهر.
وأشار العاملون في المستشفى إلى أن الإضراب يأتي بعد سلسلة من الوعود غير المنفذة من قبل حكومة الإقليم، محذرين من انهيار الخدمات الصحية في حال استمرار هذا الإهمال المالي والإداري.
وشهدت ناحية حاجياوا التابعة لقضاء رانية في محافظة السليمانية، تظاهرات غاضبة بسبب تدهور الخدمات الأساسية واستمرار انقطاع التيار الكهربائي.
وأقدم المحتجون على إشعال الإطارات وقطع الطرق الرئيسة في المنطقة، تعبيراً عن استيائهم من تردي الواقع الخدمي، متهمين حكومة الإقليم بالفساد بعدم الاستجابة لمطالب المواطنين في تحسين مستوى الخدمات.
وأكد مشاركون في التظاهرات أن احتجاجاتهم ستستمر حتى تنفيذ إصلاحات حقيقية تضع حدًا لمعاناتهم اليومية، في ظل تجاهل رسمي مستمر لأبسط متطلبات الحياة.
وأعلن موظفو مديرية مرور السليمانية، مقاطعتهم للدوام الرسمي، احتجاجاً على تأخر صرف رواتبهم لعدة أشهر.
وقال عدد من الموظفين إنهم يعيشون أوضاعاً معيشية صعبة بسبب استمرار الأزمة المالية، وغياب الشفافية في إدارة الموارد، متهمين حكومة الإقليم بالتقصير في تلبية أبسط حقوقهم الوظيفية.
أقدم متظاهرون غاضبون، على غلق سيطرة كويسنجق في محافظة أربيل، ضمن تصعيد احتجاجي احتجاجا على عدم صرف رواتبهم.
وقال المحتجون إن حراكهم جاء رداً على الفساد المالي والإداري المتفشي، وغياب العدالة في توزيع الثروات والوظائف.
ورفع المشاركون شعارات تندد بسياسات العامة، مهددين بمواصلة التصعيد حتى يتم الاستجابة لمطالبهم في العدالة الاجتماعية وتحقيق الإصلاحات الفعلية.
*****************************************
تهنئة
الرفيقات والرفاق الاعزاء
قيادة وكوادر وأعضاء الحزب الشيوعي العراقي الشقيق
تحية رفاقية..
يتقدم حزب الشعب الفلسطيني منكم ومن خلالكم لعموم الرفيقات والرفاق والقوى الوطنية والتقدمية والشعب العراقي الشقيق، بالتهاني الحارة بمناسبة الذكرى السابعة والستين لثورة 14 تموز 1958.
إن عيدكم الوطني والشعب العراقي في الرابع عشر من تموز 1958، هو بالتأكيد عيد كل المناضلين من أجل التحرر الوطني والاجتماعي والحرية والحقوق الديمقراطية، والتضامن الأممي.
عاش نضالكم والعراق من أجل وطن حر وشعب سعيد.
المكتب السياسي
لحزب الشعب الفلسطيني
فلسطين - 14/7/2025
**********************************************
الصفحة الثالثة
تصاعد استهداف الحقول النفطية في كردستان الطائرات المسيّرة تُهدد أمن الطاقة وتضع الاستثمار الأجنبي على المحك
بغداد – بسام عبد الرزاق
تواجه حقول النفط الكبرى في إقليم كردستان موجة غير مسبوقة من الهجمات بطائرات مسيّرة مفخخة، استهدفت لليوم الثالث على التوالي مواقع استراتيجية في محافظتي أربيل ودهوك، ما أدى إلى توقف الإنتاج في حقلي خورمالة وسرسنك، في تطور يضع علامات استفهام حول أمن الطاقة واستقرار بيئة الاستثمار في العراق.
وأفاد جهاز مكافحة الإرهاب في الإقليم بأن أربع طائرات مسيّرة استهدفت بهجمات منفصلة ثلاثة مواقع نفطية في إدارة منطقة زاخو المستقلة ومحافظة دهوك.
وكان حقلا "خورمالة" و"سرسنك" النفطيان في محافظتي أربيل ودهوك قد تعرضا، أول أمس الاثنين وصباح أمس الثلاثاء، لهجمات بثلاث طائرات مسيّرة مفخخة، دون تسجيل خسائر بشرية، بحسب ما أعلنته وزارة الثروات الطبيعية في الإقليم.
توقف الانتاج في أكبر الحقول
الأكاديمي والخبير الاقتصادي، نبيل المرسومي، تحدث عن جملة عوامل ترتبط باستهداف حقول النفط في الإقليم، بالتزامن مع طلب امريكي موجه الى الحكومة العراقية يحثها على توفير الحماية لشركات النفط العاملة في الإقليم.
وقال المرسومي لـ"طريق الشعب"، ان "هذه الضربات لا تتزامن فقط مع الرسالة الامريكية للحكومة العراقية بحماية حقول نفط إقليم كردستان من هجمات الطائرات المسيرة"، مبينا انه يأتي كذلك تزامنا مع تقرير وزارة الخزانة الامريكية حول اتهام العراق بتهريب النفط الإيراني، ويتزامن أيضا مع توقيع الحكومة الاتحادية اتفاقية مع شركة HKN الامريكية لاستثمار حقول النفط في حمرين، وهي نفس الشركة المشغلة لحقول نفط في الاقليم".
وأوضح المرسومي، ان "الحقول المستهدفة من أكبر حقول النفط في اقليم كردستان، حيث ينتج حقل (خورمالة) 130 ألف برميل وحقل (سرسنك) 60 ألف برميل"، لافتا الى ان هذه الحقول تزود الإقليم بالمشتقات النفطية ويؤدي استهدافها الى خلق ازمة كبيرة، لاسيما ان تصدير النفط من الإقليم عبر خط جيهان التركي متوقف منذ 2023.
وأعرب استاذ الاقتصاد في جامعة المعقل عن خشيته من استمرار هذه الضربات: "قد تطال مواقع الغاز".
يشار الى ان حقل كرومور الغازي في محافظة السليمانية كان قد تعرض في وقت سابق الى 11 هجوماً بالمسيرات.
وتوقع المرسومي، ان تطال الهجمات المجهولة "حقولا ومصادر الطاقة في وسط وجنوب العراق"، الامر الذي يفرز أجواء غير آمنة لعمل الشركات الاستثمارية الأجنبية في العراق. وبالتالي فان ذلك سيدخل البلاد التي يعتمد اقتصادها كليا على النفط، في أزمة كبيرة.
عجز حكومي عن الردع
الخبير الأمني د. احمد الشريفي، خمّن ان يكون هناك عامل مشترك بين الضربات التي استهدفت الرادارات العسكرية والهجمات التي طالت المواقع النفطية في إقليم كردستان.
وكانت مواقع عسكرية عراقية قد تعرضت، لضربات بطائرات مسيرة، استهدفت رادارات عسكرية في قاعدتي التاجي والناصرية، عشية اعلان الرئيس الأمريكي بوقف إطلاق النار بين ايران وإسرائيل.
وكشف رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، في لقاء صحفي أخير، عن تقديم حكومته طلبا للتحالف الدولي للمساعدة في تزويدها بمعلومات عن منفذي ومواقع انطلاق المسيرات.
وقال الشريفي لـ"طريق الشعب"، ان ما تحدث به السوداني "تبرير غير مقنع"، متسائلا "كيف لا تستطيع دولة بمؤسسات عسكرية وامنية متضخمة ان تحمي اجواءها من المسيرات؟".
وأضاف ان "الحكومة تعاني من حالة حرج شديد في قضية كشف الجهات التي تقف خلف عمليات استهداف حقول النفط في إقليم كردستان والرادارات" في اشارة الى انها تعرف هوية مدبر ومنفذ الهجومات، لكنها لا تستطيع اتخاذ أي اجراء.
وأشار إلى ان "الوسائل والأساليب وحتى المواقع المستهدفة تتعدد بحسب المتغيرات، ولكن الهدف واحد، وواضح جدا ان هذا هدف واحد وتقف خلفه نفس الجهة".
ولفت الى ان "قضية الاستثمار واحدة من القضايا الخلافية بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان وقد يكون هذا عنصر فاعل في هذه الاحداث"، مبينا انه "لا توجد رغبة في ان يكون للإقليم استقلالية مالية واستثمارية، وقد تكون هناك مؤثرات خارجية، لكن الابعاد الحقيقية والدوافع هي داخلية وتتعلق بالاقتصاد".
دعوات لموقف حازم
من جهته، دعا الاتحاد الوطني الكردستاني، أمس الأربعاء، الحكومة الاتحادية والبرلمان إلى اتخاذ موقف واضح وحازم من الهجمات المتكررة التي تستهدف إقليم كردستان، مشيراً إلى أن استمرار هذه الاعتداءات يهدد الأمن الداخلي والاستقرار السياسي في البلاد.
وقال الاتحاد في بيان، اطلعت عليه "طريق الشعب"، إنه "في الوقت الذي يبذل فيه جهوداً سياسية ودبلوماسية حثيثة لإنهاء أزمة رواتب موظفي الإقليم وتسوية الخلافات بين بغداد وأربيل، تواجه مناطق عدة من الإقليم، ولا سيما المواقع النفطية، موجات من الهجمات الجوية المسيّرة بشكل شبه أسبوعي".
وأضاف أن "مصدر هذه الهجمات وأطرافها المسؤولة مهما كانت، تمثل انتهاكاً صارخاً لمبادئ حماية الأمن الداخلي والسيادة الوطنية، ما يستدعي من الحكومة الاتحادية وضع حد واضح لهذه الانتهاكات".
فيما كشفت وزارة الثروات الطبيعية في إقليم كردستان، أمس، أن أضراراً فادحة لحقت بالمواقع النفطية المستهدفة بواسطة طائرات مسيرة مفخخة في إدارة منطقة زاخو المستقلة، ومحافظة دهوك.
*************************************
عين على الأحداث
شنو علاقته؟!
كشفت مصادر أمنية تركية، بأن رئيس جهاز الاستخبارات التركي قد بحث مع مسؤولين عراقيين وأثناء زيارته لبغداد أمن الحدود وتطهير المنطقة من الإرهاب، وإن مضيفيه قد أكدوا له دعمهم الكامل لتركيا على كافة المستويات وخاصة ما يتعلق بتحقيق هدفها المعلن "تركيا خالية من الإرهاب". هذا وفيما يتفق الناس مع سياسة حسن الجوار والتعاون في مكافحة الإرهاب، يتساءلون عن سبب خلو جدول العمل من خارطة طريق، تُنهي الوجود اللاشرعي للعسكر التركي على أراضينا، معربين عن دهشتهم من قيام الرجل بمناقشة أحزاب عراقية حول التحضيرات للانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها في تشرين الثاني القادم، فهي كما يقال شأن داخلي!
من يقره .. من يكتب!
أكد مرصد "العراق الأخضر" المتخصص بشؤون البيئة، على حاجة العراق لزراعة 15 مليار شجرة لمجابهة التغير المناخي والتصحر الممتد على أراضٍ تُقدر بنسبة 60 بالمئة من مساحة البلاد، مشيراً إلى أن العاصمة بغداد باتت غير صالحة للعيش نتيجة تلوث أجوائها بالغازات. هذا ويشير المختصون إلى أن العوامل البشرية الناتجة عن الحروب وما أطلقته من غازات سامة في الجو وما سببته من تغييرات في التربة والغطاء النباتي، لا تقل خطورة عن العوامل الطبيعية كالتغير المناخي، وشح الأمطار، والجفاف، والتصحر، وأن التماهل في معالجة المشاكل يضاعف من خطورتها وربما يجعل حلها مستحيلاً في المستقبل.
مكا – فحة
أصدرت هيئة النزاهة الاتحاديّة مُذكَّرةً لإلقاء القبض على مسؤول شعبة الحسابات في مُديريّة التسجيل العقاريّ بقضاء الزبير، بعد أن ضبطت بحوزته سندات عقاراتٍ تابعٍة للدولة تصل قيمتها لأكثر من ثمانية مليارات دينارٍ، ونقدًا بأكثر من 76 مليون دينار ومصوغاتٍ ذهبيَّةً وعجلةً قيمتها أكثر من 70 مليون دينار وعقود بيع وشراء مجموعةٍ سيارات تبلغ قيمتها نحو 200 ألف دولار. وأكدت الهيئة على أن الموما إليه جمع كل هذه "الخيرات" بالتزوير وابتزاز المواطنين على مدى سنوات، دون أن يراقبه أو يحاسبه أحد، رغم أن حكومتنا قد وضعت مكافحة الفساد على رأس برنامجها منذ 4 سنوات فقط.
كل سنة وكل عام
حددت دائرة حماية البيئة، ثلاثة أسباب محتملة لنفوق مئات الآلاف من الأسماك على ضفاف بحيرة سد الموصل أولها قيام بعض الأشخاص برمي السم في المياه بهدف الصيد أو غيره، وثانيها احتمال انتشار مرض معدٍ بين الأسماك، والسبب الثالث نقص اطلاقات المياه في نهر دجلة. هذا وفي الوقت الذي يُستخدم فيه السد لتنظيم المياه وتوليد الطاقة الكهربائية، يعّد مورداً حيوياً للثروة السمكية، التي تشهد البلاد بين فترة وأخرى أوبئة قاتلة لها، ولأسباب مبهمة ومثيرة للشك، دون أن تقدم الجهات المختصة أي تفسير لذلك أو تضع حلولاً لتجنب تكرار هذه الخسائر.
مو وكتها
حذر صندوق النقد الدولي، من أن الاقتصاد العراقي يواجه تحديات كبيرة جراء تباطؤ نمو القطاع غير النفطي من 13.8 في المائة في العام 2023 إلى ما يُقدر بنحو 2.5 في المائة فقط في العام 2024، متأثرًا بضعف الاستثمار والميزان التجاري، وارتفاع مخاطر الديون السيادية، والتوسع المالي الكبير وتزامنه الغريب مع انخفاض أسعار النفط. ودعا الصندوق السلطات لمراجعة خطط الإنفاق الجاري والرأسمالي، والحد من جميع النفقات غير الأساسية وتعزيز الإيرادات غير النفطية وتحسين نظام التوزيع. هذا ولا يتوقع المراقبون أن يقّدم "أولو الأمر" على ترشيد للإنفاق، لتعارضه مع الزبائنية التي يعتمدون عليها في خوض الانتخابات.
******************************************
العراق في الصحافة الدولية
ترجمة وإعداد: طريق الشعب
العراق وحقل الألغام الأمريكي
نشر موقع (Energy News Beat) مقالاً حول تصاعد المواجهة الدبلوماسية بين بغداد وواشنطن وسط تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، ذكر فيه بأن البيت الأبيض قد وجه تحذيرات للعراق بشأن تورطه المزعوم في تسهيل تهريب النفط الإيراني، وطالب الحكومة بمعالجة عمليات التهريب، إضافة لضرورة قطع علاقاتها مع القوى الحليفة لإيران.
تحذير وتلويح
وأكد المقال على أن تلك التحذيرات، اقترنت بالتلويح بعقوبات جديدة تستهدف الشبكات التي تُخفي النفط الخام الإيراني على أنه نفط عراقي، لضمان دخوله الأسواق العالمية، وهو تلويح يثير قلق العراقيين على تسويق انتاجهم النفطي، لاسيما حين تضمن تهديداً بفرض عقوبات على شركة تسويق النفط المملوكة للدولة، سومو، وتجميد ما يقارب 350 مليون دولار من الإيرادات المودعة في حسابات أمريكية.
وأشار الكاتب إلى أن وزارة الخزانة الأمريكية قد أعلنت مؤخراً عن جولة جديدة من العقوبات ضد مجموعة متنوعة من الكيانات والسفن الغامضة، المتهمة بنقل النفط الخاضع للعقوبات أو التي تقوم بتهريبه، والتي حققت من ذلك إيرادات بلغت مليارات الدولارات.
ادعاءات بالتهريب
وزعم المقال بأن النفط الخاضع للعقوبات ينقل من سفينة أخرى في المياه الدولية، وهي سفن ترفع أعلام دول مثل جزر مارشال أو الكاميرون، ثم يُمزج بالنفط الخام العراقي الشرعي، مما يسمح بتصديره مشترين في الغرب وآسيا وغيرهما، مشيراً أن قيمة الكميات التي هُربت بهذه الطريقة لا تقل عن مليار دولار سنويًا منذ عام 2022.
وعلى الرغم من أن البرلمان قد أخذ هذه المزاعم على محمل الجد، فاستدعى وزير النفط للاستجواب، فيما فرضت الحكومة قيودًا على بعض طرق التهريب، أشار الكاتب إن المنتقدين مازالوا يجادلون بأن هذه الجهود غير كافية بالنظر ترسيخ حلفاء إيران نفوذهم في قطاع النفط العراقي.
علاقات نفطية متميزة
وذكّر الكاتب بأن العلاقات النفطية بين بغداد وطهران ليست جديدة، فقد ساعدت الأخيرة العراق على تهريب بعض النفط أثناء الحصار في عهد صدام حسين، كما يعتمد قطاع الكهرباء العراقي بشكل ما على واردات الغاز الإيراني في الوقت الراهن. الاّ أن ذلك لا يبدو مقبولاً لدى واشنطن، التي ترى فيه دعماً لطهران ولحلفائها في العراق، وربما ممراً لوصول النفط المهّرب مصافي التكرير الأمريكية، خاصة في ظل غموض سلسلة التوريد، والدور الرئيسي الذي تلعبه مصافي كاليفورنيا في معالجة النفط الخام المستورد، رغم عدم وجود دليل مباشر يؤكد بيع النفط الإيراني صراحةً إلى كاليفورنيا عبر هذه القنوات العراقية.
وتوقع الكاتب أن يعرقل هذا التحذير استمرار الإعفاءات الأمريكية التي تسمح للعراق باستيراد الطاقة الإيرانية، والتي من المقرر أن تنتهي قريبًا، مما قد يسبب لبغداد نقصاً حاداً في الكهرباء، إذا لم تنجح الحكومة في تنويع مصادرها من النفط المكرر والغاز.
تأثيرات سلبية كبيرة
وتوقع الكاتب أن تُسبب هذه التطورات توترًا في العلاقات الأمريكية العراقية، وأن يشتد هذا التوتر في حال تطبيق العقوبات على شركة تسويق النفط (سومو)، وما سيفضي اليه من تعطيل صادرات العراق النفطية، التي تُشكّل أكثر من 90 في المائة من إيراداته، وبالتالي حدوث اضطراب اقتصادي في هذا البلد الريعي. واختتم الكاتب المقال بالإشارة أن العراق يواجه مهمة الحفاظ على التوازن بين تجنب أي عزلة اقتصادية وبين حماية علاقاته القوية مع إيران، وهو توازن يبدو مهماً للغاية، رغم هشاشته، ويعتمد عليه وبدرجة كبيرة، استقلال العراق واستقراره في مجال الطاقة.
******************************************
الصفحة الرابعة
بين الاستنزاف المالي والحصانة السياسية اتحاد الطلبة: التعليم الأهلي تحوّل إلى قطاع استثماري غير منضبط
بغداد – تبارك عبد المجيد
في ظل أزمة متفاقمة يشهدها التعليم الحكومي في العراق، يتجه آلاف الطلبة إلى خيار التعليم الأهلي رغم كلفته المرتفعة والجدل المتصاعد حول جودته ومدى التزامه بالضوابط الأكاديمية. وبينما يفترض أن يكون التعليم الأهلي رديفًا ومكملاً للتعليم العام، إلا أن غياب الرقابة وتداخل المصالح السياسية حوّلاه إلى قطاع ربحي محكوم بمعادلات السوق أكثر من كونه مشروعا تربويا.
وتواصل المدارس الأهلية في العراق التوسع والانتشار بشكل لافت، رغم الجدل الكبير الذي يحيط بها من حيث التكاليف الباهظة، وتراجع المستوى الأكاديمي، إضافة إلى ما توصف به من حماية سياسية تعيق خضوعها للقوانين والتعليمات الرسمية.
مشاريع تهدف للربح أولاً
اكد سكرتير اتحاد الطلبة العام، أيوب عبدالحسين، أن تجربة التعليم الأهلي في البلاد لم ترتقِ إلى مستوىً يُمكن أن يجعلها رديفا حقيقيا للتعليم الحكومي من حيث الجودة والرصانة العلمية، بخلاف ما هو معمول به في بقية دول العالم، حيث تلعب الجامعات الأهلية دورًا مهمًا ومتكاملا مع الجامعات الحكومية.
وقال عبد الحسين في حديث مع "طريق الشعب"، إن التعليم الأهلي في العراق تحوّل إلى قطاع استثماري يهدف إلى الربح أولًا، في ظل غياب الضوابط والمعايير العلمية الحقيقية.
وأضاف "لدينا الكثير من الطلبة غير منتظمين في الدوام لكنهم يحصلون على درجات نجاح، وآخرون يتخرجون بمعدلات مرتفعة جدا، لا يمكن لطالب في الجامعات الحكومية تحقيقها، ما يخلق خللا واضحا في معايير القبول بالدراسات العليا التي تعتمد بالأساس على المعدل التراكمي لأربع سنوات دراسية في مرحلة البكالوريوس".
وأشار إلى أن الجامعات الأهلية "لا تلتزم بالمناهج المقرة من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، رغم وجود نظام التوأمة مع الجامعات الحكومية"، موضحا أن ما يُدرَّس في الكليات الأهلية لا يتجاوز 50 إلى 60 في المائة من المقررات الدراسية مقارنة بالكليات المناظرة في التعليم الحكومي".
وفي ما يتعلق بالامتحانات التقويمية، بيّن أن النتائج كشفت الفجوة الكبيرة في المستوى الأكاديمي، مستشهدا على ذلك بالقول "لدينا قسم يضم 138 طالباً لم ينجح منهم سوى 24 فقط، وهذه الأرقام توضح مدى التراجع في الأداء الأكاديمي، رغم محاولات الوزارة التغطية على هذا التفاوت من خلال السماح بنقل درجات الامتحان التقويمي لرفع نسب النجاح، إلا أن النتائج ما تزال تكشف عمق الأزمة".
وانتقد عبدالحسين ما وصفه بـ"انفلات القطاع الأهلي وعدم خضوعه لرقابة جدية"، مؤكداً أن "الكليات الأهلية لا تلتزم بتعليمات الوزارة، ولا تطبق حتى أبسط القرارات، كقرار منع طرد الطلبة من القاعات الامتحانية بسبب عدم تسديد الأقساط، بل إن بعض الكليات تمنع دخول الطالب إلى الحرم الجامعي أصلًا إذا لم يسدد مستحقاته المالية".
كما أشار إلى وجود تفاوت كبير في الوحدات الدراسية بين التعليم الأهلي والحكومي، يصل في بعض الأقسام إلى نقص من 4 الى 5 وحدات، وهذا يضاف للخروق الأكاديمية الواضحة، إضافة إلى عدم توفر المختبرات الفعالة أو الكوادر التدريسية المؤهلة، حيث يُسجَّل وجود 30 تدريسياً بدرجة أستاذ مساعد، بينما الواقع يكشف أن أغلبهم من حملة الماجستير، الذين لا يحق لهم قانونًا التدريس وفقًا للمعايير الأكاديمية.
تسريب الأسئلة الامتحانية!
وتحدث عبدالحسين عن قضايا خطيرة تم رصدها، مثل "تسريب أسئلة الامتحانات الوزارية وكتابة الإجابات على السبورات أمام أنظار اللجان الوزارية من دون محاسبة حقيقية".
وتابع أن هناك "قبولًا للطلبة خارج الخطة الاستيعابية المقررة، وتلاعباً في آلية استيفاء الأقساط، في ظل غياب واضح للتعليمات التنفيذية لقانون التعليم الأهلي رقم 25 لسنة 2016، رغم مرور نحو عشر سنوات على إقراره وتعاقب أربعة إلى خمسة وزراء على وزارة التعليم العالي".
وأكد أن "اللاعب الأساسي في ملف التعليم الأهلي هو الإرادة السياسية، فإن توفرت هذه الإرادة الجادة لإصلاح القطاع، يمكن حينها البدء بعملية مراجعة شاملة للتجربة، ومعالجة جوانب القصور الإداري والأكاديمي، والاستفادة من تجارب دول نجحت في تنظيم هذا القطاع، مثل الهند، حيث تتولى الجامعات الحكومية الإشراف على الكليات الأهلية في إطار من التنسيق العلمي والإداري الصارم".
وخلص في حديثه الى الدعوة "لمراجعة شاملة لتجربة التعليم الأهلي في العراق، والوقوف الجاد عند الإشكاليات البنيوية التي ترافقها"، مؤكداً أن "الاتحاد مستمر في المطالبة بتصحيح المسار، رغم غياب الإصغاء من قبل الجهات المعنية، التي تصر على تصوير هذا التعليم كبديل مماثل في الكفاءة والجودة، في حين أن الواقع يكشف عكس ذلك تمامًا".
رقابة أكاديمية صارمة
من جهته، قال الناشط في مجال التعليم ليث عبدالله أن "واقع التعليم الأهلي في العراق يمر بمرحلة حساسة، ويحتاج إلى رقابة حقيقية ودعم حكومي جاد ليكون مكملا فعليا للتعليم الحكومي، وليس بديلا عشوائيا أو ملاذا للطلبة من أصحاب المعدلات المنخفضة فقط".
وقال ليث لـ "طريق الشعب"، إن "التعليم الأهلي بحاجة ماسة إلى رقابة أكاديمية صارمة، لأنه يفتقر إلى عدة عناصر أساسية، أبرزها المصداقية الأكاديمية، إضافة إلى افتقاره إلى الدعم الحكومي الذي يمكن أن يلعب دورا مهما في رفع مستوى هذه المؤسسات".
وأوضح ليث، أن "هناك تصورا لدى الكثيرين بأن الجامعات والكليات الأهلية مجرد بدائل مؤقتة أو ملاذات للطلبة الذين لم يحصلوا على معدلات تؤهلهم للقبول في الجامعات الحكومية"، مشددا على أن "هذا الانطباع قد يتغير في حال توفر شرطين أساسيين: الرقابة الأكاديمية الجادة، والدعم الحكومي المنهجي".
وكرر القول أن "إذا توافرت الرقابة الحقيقية وتم فرض معايير صارمة على هذه المؤسسات، فإن بعض الجامعات الأهلية قد تقدم مستوى تعليميًا أفضل من الجامعات الحكومية، خصوصًا على صعيد البحث العلمي وتطوير المناهج".
وبين ليث أن التعليم الأهلي يجب ألا يُترك لمعادلات السوق والعشوائية، بل أن يُدمَج ضمن منظومة تعليم وطنية متكاملة، تعتمد على التكامل بين القطاعين الأهلي والحكومي.
وتابع ان "الدعم الحكومي هنا لا يعني فقط التمويل، بل يشمل التشريعات، والمتابعة، وإتاحة الفرص للتطوير، لتكون الجامعات الأهلية فعلاً جزءًا من النسيج التعليمي الوطني، لا مجرد تجارة تعليمية".
وزاد ليث بالقول ان "قضية التعليم الأهلي في العراق بقيت من الملفات الشائكة التي تتطلب وقفة جادة من الجهات المختصة، لا سيما مع تزايد تأثير النفوذ السياسي على هذا القطاع".
واختتم بالتأكيد على أن "الارتقاء بجودة التعليم الأهلي مسؤولية مشتركة بين الدولة والمجتمع الأكاديمي، ولا يمكن الوصول إلى تعليم عالي الجودة دون وجود شراكة حقيقية، ورقابة صارمة، ودعم مستدام، يعزز من موقع العراق الأكاديمي محلي وإقليمي".
حصانة حزبية للمستثمرين
أما حيدر كاظم، مشرف تربوي، فقد تحدث عن المدارس والجامعات الأهلية، مشيرا الى انها تفرز "استنزافا ماليا للمواطنين وحصانة حزبية للمستثمرين".
وقال كاظم في حديث لـ "طريق الشعب"، أن التعليم الحكومي يعاني من مشكلات مزمنة تتعلق بنقص الأبنية المدرسية، وقلة الكوادر التعليمية، وشح المستلزمات الدراسية، إلى جانب ازدحام الصفوف، ما أدى إلى اعتماد نظام الدوام الثنائي والثلاثي في العديد من المدارس، وهو ما دفع الأهالي للبحث عن بدائل توفر بيئة تعليمية أكثر استقرارا.
ويبين كاظم انه "برغم أن الهدف المعلن من المدارس الأهلية هو دعم المنظومة التعليمية وتوفير خيارات إضافية، إلا أن الواقع يشير إلى وجود مخالفات واسعة النطاق".
وتشير مصادر في وزارة التربية إلى صعوبات كبيرة في فرض الرقابة على المؤسسات التعليمية الأهلية التي تتزايد أعدادها عاما بعد عام، فيما تتكرر المخالفات الإدارية والفنية، وسط تأكيدات عن عدم التزام الكثير من هذه المدارس بالضوابط المعتمدة.
ويضيف، ان "غالبية المستثمرين في هذا القطاع ينتمون إلى أحزاب وجهات سياسية متنفذة، وهو ما يمنحهم حصانة غير معلنة من المساءلة القانونية".
ويتابع "لاحظنا خلال السنوات الماضية إغلاق الوزارة لبعض المدارس بسبب مخالفات جسيمة، لكنها كانت تعود للعمل سريعًا بعد تدخلات سياسية توفر لها الحماية الكاملة".
ويشير إلى أن بعض هذه المدارس تستأنف نشاطها بشكل أقوى مما كانت عليه، مستفيدة من الحماية السياسية والاقتصادية التي تحيط بها، الأمر الذي يشكل تحديًا خطيرا أمام جهود إصلاح التعليم وتنظيم عمل القطاع الخاص التربوي.
********************************************
وقفة اقتصادية.. وجهة الإنفاق العام أداة لمعالجة الأزمة المالية
إبراهيم المشهداني
السياسة المالية للدولة ،خاصة عندما تتعرض إلى أزمة سواء مؤقتة او دائمة، لابد أن تقوم في الميدان الاقتصادي على أساس التعريف الذي استقر عليه الاقتصاديون في كونه (مجموعة من المصروفات التي تقوم الدولة بإنفاقها عبر استراتيجيات التنمية والموازنات السنوية في شكل كمي من المال خلال فترة زمنية محددة لإشباع حاجات المجتمع التي تتحمل الدولة مسئولية تنظيمه) بالاقتران مع مفهوم الاستقرار الاقتصادي الذي يعني المرحلة التمهيدية لاستعادة التوازن الذي يتحقق عندما لا يتجه أي من المتغيرات الاقتصادية إلى اتجاه سلبي في الفترة المحددة.
وها هي بوادر الأزمة المالية تظهر بإطلالتها المشؤومة على الاقتصاد العراقي الذي يعاني بالأصل من الركود والانكماش وغياب المرونة التي تساعده في التكيف مع تلك الازمة التي قد يكون منشؤها عاملا خارجيا فضلا عن العوامل الداخلية، وقد بشر بهذه البوادر صندوق النقد الدولي الذي غالبا ما يقوم بهندسة الاقتصاد العراقي عبر مشاوراته وتوقعاته ،فقد توقع الصندوق تراجعا في المالية العراقية بشكل ملحوظ اذ يقدر العجز فيها بنسبة 4.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024 ليتسع إلى 7.5 في المائة في هذا العام 2025 ثم إلى 9.2 في المائة في عام 2026 يقابلها انخفاض في الإيرادات من 32 في المائة عام 2024 ال31 في المائة عام 2026 ومقابل ارتفاع في الإنفاق من 43.5 في المائة إلى 43.8 في المائة خلال نفس الفترة كل ذلك بالتماهي مع تراجع في عائدات النفط حيث كان 94.2 مليار دولار تراجع إلى 79.2 مليار عام 2025 متأثرة بانخفاض أسعار النفط الآخذة في التراجع ليصل إلى 62 دوار للبرميل في العام المقبل، يحصل ذلك كله مع ازدياد الدين الحكومي إلى 62.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة ذاتها وانخفاض الاحتياطات الأجنبية من 100.3 مليار دولار إلى 79.2 في المائة دولار خلال نفس الفترة، وليس من العصي على المتابع لهذا التراجع من إرجاعه إلى السياسة الاقتصادية الفاشلة للحكومات المتعاقبة التي اعتمدت على البترول كمصدر وحيد للأنفاق في الموازنات السنوية وتعرض هذه الإيرادات إلى عمليات نصب واحتيال من قبل اللجان الاقتصادية للأحزاب النافذة للعبث في هذه الموارد عبر عمليات الهدر والسرقة والتهريب للعوائد المالية بشكل غسيل الأموال او تهريب العملة الصعبة إلى الخارج تحت انظار الحكومة ولجانها التحقيقية التي لا تقل فسادا عن زميلتها اللجان الاقتصادية .
ومن جانب آخر فقد عمدت الدولة كجزء من رؤيتها الاقتصادية إلى توسيع قاعدة الجهاز الإداري وإنفاقه الاستهلاكي ورفعت من مستوى الدخول مع ما صاحب ذلك من البذخ في الإنفاق خارج نطاق الانتاج من فيض في سيارات النقل الخاص ومخصصات ما انزل الله بها من سلطان وحصرها في دوائر معينة ميدانها الرئاسات الثلاث والأمانة العامة لمجلس الوزراء والعديد من الوزارات والإيفادات السياحية بحجج التدريب وتحويل الطلب الناتج عن مضاعفة القوة الشرائية نحو الجانب الاستهلاكي التي عبرت عنه نافذة البنك المركزي حيث زادت مبيعات البنك المركزي للقطاع التجاري الخاص اكثر من 500 مليار دولار لغاية عام 2024 حيث جرى التركيز على استيراد البضائع الاستهلاكية الرديئة مما أدت إلى تدوير الجزء الاعظم من الموارد النفطية إلى الخارج عبر ما جرى التعبير عنه بالباب المفتوح .
إن مواجهة هذه الأزمة تتطلب إرادة حكومية حازمة في اتخاذ إجراءات عاجلة ونقترح الاتي:
- إعادة النظر في حجم الإنفاق الحكومي وتخليصه من أبواب الهدر وإلى أدنى المستويات والالتفات إلى الانشطة التي تساهم في تنويع الاقتصاد وتوجيه الإيرادات النفطية نحو قطاعات الانتاج والابتعاد ما أمكن عن إنفاق القروض الأجنبية لأغراض الانفاق التشغيلي كي لا يكون عبئا على الاقتصاد الوطني والموازنات السنوية.
- التشديد على تعبئة جهد وطني واسع وحقيقي متعدد الاطراف لمكافحة الفساد داخل الجهاز الحكومي والتعبئة الرقابية الشعبية وحمايتها من غدر الفاسدين وتنشيط دور القضاء لاستعادة الاموال المنهوبة والاستعانة بالجهد الدولي لهذا الغرض.
*******************************************
الصفحة الخامسة
قوانين السلامة حبر على ورق كادحون يشقّون سبل معيشتهم وسط الجمر!
متابعة – طريق الشعب
يلسع لهيب النار وجه عامل في مطعم وهو يقلّب سمكة موضوعة أمامه على الحطب. ويعصر وجهه بقوة كرد فعل طبيعي ازاء الحرارة العالية المنبعثة من الجمر، وسط أجواء تموز اللاهب!
وفي مشهد مماثل يرتدي العامل حسام الدين عباس، اكثر من قميص، على الرغم من النار وارتفاع درجات الحرارة، ويغطي وجهه بقطعة قماش سميكة ويضع قبعة على رأسه ويرتدي النظارات والكفوف، وهو يواجه نار الشواء.
مثل هذا المشهد يتكرر في الأسواق والمطاعم والأفران. فعلى الرغم من ارتفاع درجات الحرارة، إلا أن العمال يكافحون ويواصلون عملهم من أجل لقمة عيش أسرهم، دون أن يتبعوا أدنى شروط السلامة.
مُرغمون على مواجهة اللهيب!
في حديث صحفي، يقول العامل عباس، أنه "أحاول من خلال الملابس الثقيلة التي ارتديها، أن أقي جسدي من الحرارة العالية والحروق".
ويضيف قوله أن "عملنا في المخابز والأفران وشي السمك لا يتوقف في مختلف الظروف، ولا توجد ضوابط او تعليمات معينة توقف عملنا في الأيام الحارة، لأن ذلك مرهون بقرار رب العمل فقط".
ويتابع عباس قائلا أن "توقف العمل يضر بنا كثيرا كعمال نتقاضى أجرا يوميا أو أسبوعيا نعيل به أسرنا. فكل يوم نتوقف فيه عن العمل، يُخصم من أجورنا"، مؤكدا أن "مواصلة العمل وسط النار والحرارة العالية، في مثل هذه المهن، يُعرضنا إلى إصابات جسدية، وأمراض مختلفة".
وبموجب القوانين النافذة، فانه يجب توفير مستلزمات السلامة للعاملين في مثل هذه المهن، بيد ان القوانين لا تزال مجرد حبر على ورق. إذ لا تُطبق غالبا في مجالات عمل القطاع الخاص.
إصابات بالغة
من جانبه، يقول عامل الأفران كريم فرحان، أنه "مضى 15 عاما على ممارستي العمل في الأفران والمخابز وشي الأسماك. وقد عملت في مختلف الظروف دون توقف"، مضيفا في حديث صحفي أن أنه "تعرضت مرات عديدة لحروق في وجهي ويدي، ودخلت المستشفى اكثر من مرة جراء مضاعفات النار والدخان. كذلك تعرضت مراراً للاختناق".
ويوضح أن "الفرن والشواية، تبلغ درجة حرارتهما 50 درجة مئوية على أقل تقدير، تضاف إلى ذلك درجة حرارة الجو التي تناهز الـ50 ايضاً. وبهذا نحن نعمل بدرجة غليان كاملة"، مشيرا إلى انه "لم أشكُ يوما من هذه المعاناة. فأنا وأقراني نكسب قوتنا في ظروف عمل تشبه الجحيم.. الحياة صعبة، لدي عائلة أتكفل الإنفاق عليها".
ويؤكد فرحان أن "العمل في بعض الأفران يتواصل على مدى 12 ساعة، وان اقل وقت يقضيه العامل يوميا في مواجهة النار هو 7 ساعات".
ويستطرد في قوله أن "كثيراً من العاملين تركوا العمل في شي الأسماك خلال فصل الصيف لعدم تحملهم الحرارة الشديدة"، مشيرا الى ان "العمل في مجال شي الأسماك يتطلب وقوف العمال طويلاً تحت الشمس ليواجهوا النار والدخان والشمس الحارة، وهذا ما لا يقوى عليه كثيرون. الا انني اعتدت هذا العمل وتعايشت معه، فهو مصدر عيشي الوحيد على الرغم من الاضرار الصحية التي أتعرض لها والتي تجبرني على ترك العمل لأسابيع".
أما عبد العزيز عبد الواحد، وهو صاحب مطعم سمك، فيقول في صحفي أنه "ليس باليد حيله. لا يمكن غلق المطعم خلال ارتفاع درجات الحرارة لأنه سبيل عيشنا الوحيد". ويبدي عبد العزيز تعاطفه مع العمال في فصل الصيف، حيث النار والشمس والدخان، ويثني على جهودهم وصبرهم، مشيراً في ذات الوقت إلى انه "أستبدل عمال شي الأسماك بين فترة واخرى، أما لتركهم العمل او تعرضهم لإصابات تمنعهم من مزاولته".
ماذا عن قانون العمل؟!
إلى ذلك، يوضح الخبير القانوني نور الدين مهدي، أن "قانون العمل لسنة 2015 يوجب اتباع تدابير الصحة والسلامة الأساسية وتوفير بيئة عمل لائقة وصحية وسليمة، وتدريب العاملين على كيفية تجنب المخاطر المهنية، فضلا عن نشر ثقافة الصحة والسلامة المهنية بين العاملين وتثبيت الضوابط الخاصة بمخاطر المهنة في مكان ظاهر في موقع العمل".
ويلفت في حديث صحفي إلى ان "قانون العمل يشدد على ضرورة توفير مستلزمات الإسعافات الطبية الأولية في مكان العمل وضمان إجراء الفحوصات الطبية الابتدائية والدورية لكافة العمال، للتأكد من سلامتهم من جميع المخاطر المهنية، إضافة الى توفير معدات الوقاية الشخصية المناسبة للعمال دون ان يتحمل العامل أي تكاليف مالية، بل يجب توفيرها من قبل ارباب العمل".
ووفقا لأطباء واختصاصيين، فإن الوقوف فترات طويلة في أفران الصمون أو أمام شوايات الاسماك في الصيف، يؤدي إلى اضطراب الدورة الدموية، إضافة الى ارتفاع معدلات ضغط الدم، وتورم والتهاب الساقين، وآلام في الظهر والرقبة والكتفين وتشنجات العضلات.
وإضافة إلى عمال الأفران وشي السمك، هناك مخاطر جمة تواجه عمال معامل الطابوق وعمال البناء والورش الصناعية وغيرهم، في الوقت الذي لا يزال فيه اتباع شروط السلامة شبه غائب، بسبب عدم وجود رقابة حكومية فعلية على ظروف العمل، لا سيما في القطاع الخاص.
وثمة اعتبارات عديدة تُجبر العمال المتضررين على الامتناع عن تقديم شكاوى للنقابات أو الجهات الحكومية المعنية، ومنها الخوف من فقدان العمل وعدم الثقة في الاجراءات التي يمكن ان تتخذ، إضافة الى يأسهم من تحسين بيئة العمل.
***************************************
بيئة النجف: غالبية مطامر النفايات غير خاضعة للشروط البيئية
متابعة – طريق الشعب
كشفت مديرية بيئة النجف عن وجود 24 موقعاً للطمر الصحي في المحافظة، مبينة أن غالبية تلك المطامر غير مجازة ولا تتبع الشروط البيئية، في وقت تفرز فيه المحافظة يومياً ما بين 1200 إلى 1300 طن من النفايات الصلبة.
ووصفت المديرية عملية إدارة النفايات في النجف، بأنها سيئة، بسبب غياب مواقع طمر صحي حقيقية، باستثناء موقع "عيون الشجيج" في منطقة بحر النجف، الذي حصل على الموافقة البيئية عام 2014.
في المقابل، تؤكد بلدية النجف سيطرتها الكاملة على ملف النفايات، مشيرة إلى إغلاق عدة مكبات عشوائية، ومنع عمليات الحرق من خلال تسييج مواقع الطمر ووضع كاميرات حرارية عليها، بالتعاون مع القوات الأمنية والدفاع المدني. في حديث صحفي، قال مدير بيئة النجف جمال عبد زيد، أن "واقع إدارة النفايات في النجف سيء بإجماع المواطنين والمسؤولين"، مشيرا إلى أن كمية النفايات الصلبة التي تُطرح يوميا في المحافظة، كبيرة جدا، ما يتطلب إدارة فعالة تشمل النقل إلى محطات وسطية ثم إلى مواقع طمر صحية نظامية.
ولفت إلى انه "تم تسجيل أكثر من 24 موقعاً لتجميع النفايات، تتنوع بين مكبّات عشوائية وسط الأحياء أو في أطراف المدن، ومواقع طمر توصف بـ(الصحية) لكنها في الواقع غير نظامية"، منوّها إلى ان "موقع الطمر في منطقة عيون الشجيج، رغم حصوله على الموافقة البيئية، إلا ان متطلبات العمل فيه ضعيفة. كما أن المحطة الوسطية الشمالية قرب الطريق الحولي، رغم حصولها على الموافقة، تعاني سوء الإدارة". وذكر مدير البيئة أنه "في الفترة الأخيرة أُغلق العديد من المكبّات العشوائية، وتراجعت ظاهرة الحرق، لكن الوضع ما زال دون المستوى المطلوب"، مبينا أن "غالبية مواقع الطمر هي مواقع حكومية مؤقتة، تُستخدم من قبل البلديات ضمن أو خارج التصميم الأساس، وهو ما يُعدّ مخالفة بيئية".
وتكمن خطورة النفايات في آثارها الصحية والبيئية، لا سيما عند حرقها. حيث تنبعث منها غازات سامة مسرطنة كالديوكسين. وتتراوح إجراءات مديريات البيئة تجاه البلديات بين الإنذار، والغرامة، والغلق – وفقا لمدير البيئة. من جانبه، قال مدير إعلام بلدية النجف بشار السوداني، أن دائرته جادة في إيجاد حلول جذرية لمشكلة وجود مكبات للنفايات داخل الأحياء السكنية، وان عمل الدائرة مستمر بالتنسيق مع مديرية بيئة النجف.
وأوضح في حديث صحفي أنه تم عقد اجتماع أخيرا، برئاسة المحافظ وعضوية مديري البيئة والبلدية، لتحديد هذه الأماكن والعمل على نقلها من داخل المدينة إلى خارجها، مشيرا إلى ان "هناك دعاوى مقامة من قبل مديرية البيئة. وقد تم إغلاق مجموعة من المحطات الوسطية داخل المدينة ونقلها إلى خارجها".
********************************************
اگول.. من للأطفال المتوحدين؟!
آيات سعدون
ينتشر مرض التوحد بين الأطفال في العراق بصورة سريعة، وسط تحديات اجتماعية واقتصادية وتربوية كبيرة، وفي ظل ضعف الإجراءات الحكومية لمساعدة المرضى على أن يكونوا جزءا طبيعياً من المجتمع.
لن أتطرق لأسباب مرض التوحد وعلاجه، فالأمر من شأن الاختصاصيين، لكنني أستطيع القول أن معظم العائلات الفقيرة التي يُصاب أطفالها به، تعاني ضعف الوعي بالتعامل معه، وبالتالي يجري اعتبار الأطفال المصابين لدى عدد كبير من هؤلاء غير أسوياء او معاقين عقلياً.
وبسبب ندرة المراكز الحكومية التي تشخّص هذه الحالات وتعمل على معالجتها، كذلك صعوبة استيعاب أعداد المرضى المتزايدة، تلجأ العائلات غالبا الى المراكز التخصصية الأهلية. وهي متطورة كثيراً مقارنة بالمؤسسات الحكومية. لكن من يذهب الى هذه المراكز عليه ان يتمكن في الوقت ذاته من تأمين الأموال التي سوف ينفقها على التدريب الشهري. إذ يتراوح المبلغ بين 500 و600 ألف دينار شهريا، ناهيك عن المتطلبات الأخرى.
وبحسب المعلومات المتوفرة، فإن عدد المراكز الحكومية التي تعنى بتشخيص مرض التوحد في بغداد، لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، فيما يشير اختصاصيون إلى ان أطباء ضعيفي الأنفس والقيم اخذوا يتاجرون بالأطفال المرضى وعائلاتهم من خلال منح أدوية بحجة معالجة حالات التوحد، في حين ان هذا المرض ليس له علاج دوائي، بحسب دراسات طبية!
ويذكر عدد من المعلمات والمعلمين، ان هناك عائلات بدأت ترسل هؤلاء الأطفال الى المدارس مع التستر على حالات مرضهم، وبالتالي فهم يواجهون صعوبات جدية في التعامل معهم وتعليمهم، ما يتطلب من الجهات المعنية فتح مدارس خاصة بهم.
ويتطلب لحصر هذا الموضوع، ان تباشر الجهات الحكومية بحملة توعية كبيرة تُشدد على ان هؤلاء الأطفال بشر يمكن ان يكونوا أسوياء في حال التعامل معهم بطريقة تختلف عن الآخرين.
كما يتطلب أيضاً التوسع في فتح مراكز التشخيص او تدريب كوادر طبية ونفسية وزجهم في العيادات الشعبية والمراكز الطبية لغرض التشخيص السريع لهذه الحالات.
ومن الأمور التي يتوجب العمل عليها سريعاً، هو فتح مراكز تدريب وتأهيل حكومية، ودعم العائلات في رعاية أطفالها عبر زجهم في دورات توعية وتأهيل لغرض التعامل الصحيح مع هذه الحالات.
**************************************
النفايات تتراكم شهران وعمال النظافة في الأنبار بلا رواتب
متابعة – طريق الشعب
يواجه عمال الأجور اليومية في بلديات محافظة الأنبار، أوضاعاً إنسانية صعبة، بعد تأخر صرف رواتبهم لأكثر من شهرين، الأمر الذي انعكس سلباً على أداء الخدمات البلدية، لا سيما في ملف النظافة.
وتصاعدت شكاوى المواطنين من تراكم النفايات في عدد من أحياء الرمادي والبغدادي وهيت وغيرها من المدن، نتيجة غياب الكوادر العاملة التي تعاني ضائقة مالية بسبب تأخر الرواتب.
فيما ناشد العمال، المسؤولين صرف رواتبهم. وذكر عدد منهم في لقاءات مع وكالات أنباء، أنه "نواصل عملنا رغم الظروف الصعبة، لكن تأخر الرواتب جعلنا عاجزين عن تأمين أبسط متطلبات العيش، من طعام ودواء لأطفالنا. لذا نطالب الجهات المعنية بالتدخل العاجل، فالوضع لم يعد يُحتمل".
وكانت بلدية الرمادي قد نشرت توضيحاً قبل أيام بشأن تأخر صرف رواتب موظفي الأجور اليومية، أكدت فيه أن "عملية الصرف مرتبطة بإجراءات فنية وإدارية تتعلق ببطاقات الماستر كارد، وهي خارجة عن إرادة الدائرة".
وأشارت إلى أن العمل جارٍ على معالجة الإشكال لضمان وصول المستحقات في أقرب وقت.
وتشهد مناطق عدة في الأنبار، لا سيما داخل الرمادي، تراكماً ملحوظاً للنفايات نتيجة غياب العمال المعنيين بجمعها.
ويصف سكان المناطق هذا الوضع بأنه "كارثي على الصعيدين البيئي والصحي"، في ظل موجة الحرّ التي تُسرّع من تحلل النفايات وتسبب روائح كريهة وانتشار الحشرات.
**********************************************
الصفحة السادسة
دعوات أممية لمحاسبة المستوطنين الصهاينة وحكومتهم المتطرفة ألبانيزي تستنكر تجديد العلاقة مع حكومة الاحتلال: الاتحاد الأوروبي يخون القيم
متابعة – طريق الشعب
قال مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الثلاثاء، إن 875 شخصا في غزة استشهدوا أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء، مشيرا إلى أن 674 منهم قُتلوا بالقرب من مواقع "مؤسسة غزة الإنسانية"!
خيانة للقيم الاوروبية
وبعد أن قرر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، إبقاء الخيارات مطروحة لمعاقبة إسرائيل على انتهاك حقوق الإنسان في قطاع غزة من دون اتخاذ أي قرار، استنكرت فرانشيسكا ألبانيزي، المقررة الخاصة للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ذلك، ودعت الدول الأعضاء بالأمم المتحدة إلى فرض عقوبات على إسرائيل وقطع التعاون الاستراتيجي والعسكري والعلمي والمالي والاقتصادي معها.
وقالت ألبانيزي إن "الاتفاقيات بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي ما كان لها أن تكون أصلا. وتجديدها في غمرة تدمير غزة مجاهرة بالمعايير المزدوجة وانحدار في السياسة الخارجية الأوروبية وخيانة للقيم الأوروبية".
وقالت ألبانيزي إنه لا مكان للتفاوض وإن على إسرائيل الانسحاب الفوري وغير المشروط من القطاع الفلسطيني، كما شددت على ضرورة عودة الرهائن الفلسطينيين والإسرائيليين إلى ذويهم.
ووصفت المقررة الأممية العقوبات الأميركية المفروضة عليها بأنها تجاوز للخطوط الحمر. ودعت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى توفير الحماية لها.
دعوة لمحاسبة إسرائيل
من جانبها، طالبت مقررة الأمم المتحدة المعنية بالحق في الصحة تلالنغ موفوكينغ، بمساءلة إسرائيل ومحاسبتها على تدمير المنظومة الصحية في قطاع غزة، واستهداف العاملين في الرعاية الصحية.
واتهمت المقررة الأممية بمحاولة تقويض المنظومة الإنسانية وكذلك منظومة المساءلة؛ من خلال رفض الاستجابة لطلبات خبراء الأمم المتحدة ونداءاتهم ورسائلهم الخاصة بشأن الأوضاع في غزة.
وقالت موفوكينغ "وردتنا معلومات تتعلق بتوقيف وقتل عاملين في مجال الرعاية الصحية. ومن جهتي، فإنني أتحدث إلى المسؤولين الإسرائيليين عن الأمر، لكنهم يستمرون في تجاهل نداءاتنا الملحّة، ويواصلون تدمير المنظومة الصحية بطريقة لا يمكن إصلاحها".
وأضافت "راسلت رئيس الجمعية العامة والأمين العام للأمم المتحدة والمفوض السامي لحقوق الإنسان لحثهم على استخدام صلاحياتهم حتى يضمنوا أن تُحاسب إسرائيل وأن تُساءل من خلال المطالبة السريعة بوقف غير مشروط لإطلاق النار" في غزة.
تحقيق شامل
وفي ذات السياق دعت الأمم المتحدة لإجراء تحقيق شامل ومستقل وشفاف بشأن جميع انتهاكات الحقوق الدولية في الضفة الغربية المحتلة.
ولفت المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إلى "أن الآونة الأخيرة شهدت زيادة في هجمات المستوطنين الإسرائيليين وقوات الأمن الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية، ما أدى إلى مقتل عدد من الفلسطينيين.
ودعا إسرائيل إلى "وقف عمليات القتل والمضايقات وعمليات هدم المنازل فورًا في الأراضي الفلسطينية المحتلة".
وأكد أن إسرائيل، بصفتها "قوة احتلال"، ملزمة باتخاذ جميع التدابير الممكنة للحفاظ على النظام العام والأمن في الضفة الغربية.
وأردف: "يجب التحقيق بشكل شامل ومستقل وشفاف في جميع حوادث القتل وجميع الادعاءات الأخرى بشأن انتهاكات القانون الدولي في الضفة الغربية".
إغلاق مصائد الموت
من جانب آخر، طالب مدير مجمع الشفاء الطبي محمد أبو سليمة بإغلاق مراكز توزيع المساعدات، لأنها تحولت إلى مصايد موت في القطاع. وجاء ذلك بعد سقوط شهداء للمرة الأولى جراء الاختناق والتدافع الشديد للمواطنين الفلسطينيين بمراكز توزيع المساعدات.
واستشهد 21 فلسطينيا منهم 15 بينهم أطفال وكبار السن، اختنقوا نتيجة إطلاق غازات على مجوعين بمركز توزيع المساعدات جنوب خان يونس جنوبي قطاع غزة.
ووصفت وزارة الصحة في غزة ما جرى اليوم بالجريمة الكبرى فيما اتهمت مسؤولين في غزة "مؤسسة غزة الإنسانية"، بجمع مئات آلاف الفلسطينيين المجوعين في ممرات حديدية ضيقة، وإغلاق البوابات عليهم عمدا، ورشهم بغاز الفلفل.
وأضافت: "قام موظفو المؤسسة الإجرامية وجنود الاحتلال برش غاز الفلفل الحارق وإطلاق النار المباشر على المّجوّعين الذين استجابوا لدعوتهم للحصول على "مساعدات"، ما أدى إلى اختناقات جماعية وسقوط هذا العدد الكبير من الشهداء على الفور في مكان الجريمة، وإصابة العشرات، نتيجة التدافع في مكان مغلق وبلا مخرج ومصمم للقتل".
*****************************************
البرلمان اللبناني يُجدّد الثقة بحكومة سلام
بيروت - وكالات
جدد البرلمان اللبناني الأربعاء، ثقته بحكومة رئيس الوزراء نواف سلام بأكثرية 69 نائبا من أصل 128.
جاء ذلك بعد استماع الحكومة للنواب في جلسة استمرت على مدار يومين متتالين دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري، لمناقشة الحكومة في سياساتها العامة.
وجدد البرلمان اللبناني ثقته بحكومة سلام بعد أن أكد 69 نائباً ثقتهم بها، فيما حجبها 9 نواب وامتنع 4 عن التصويت، مع غياب 46 نائبًا من أصل 128 نائبا.
وطغى ملف نزع سلاح حزب الله، إضافة إلى الورقة (المقترح) الأمريكية وتطبيق القرار 1701، على جلسة البرلمان العامة التي عُقدت؛ لمناقشة سياسات الحكومة اللبنانية.
***************************************
إيران تحتجز ناقلة نفط أجنبية
طهران - وكالات
قال رئيس القضاء في إقليم هرمزجان الإيراني، أمس، إن "إيران احتجزت ناقلة نفط أجنبية في خليج عمان بسبب تهريب مليوني لتر من الوقود".
وأضاف مجتبى قهرماني: "بعد الرصد المستمر لأنشطة تهريب الوقود المشبوهة على طول الحدود البحرية الإيرانية في بحر عمان، قامت جهات إنفاذ القانون بتفتيش ناقلة نفط أجنبية.
و"بسبب عدم اكتمال الوثائق القانونية لحمولتها، تم احتجاز السفينة للاشتباه في نقلها وقودا مهربا"، بحسب وكالة مهر الإيرانية للأنباء.
وأوضح قهرماني أنه تم اعتقال 17 شخصا، بمن فيهم قبطان الناقلة وطاقمها، في إطار الإجراءات القانونية. ووضعت القضية لدى الجهات المختصة في مدينة جاسك، ولا يزال التحقيق القضائي مستمرا.
**************************************************
روسيا: ندعو إلى مفاوضات مباشرة مع أوكرانيا
موسكو - وكالات
دعا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، جميع الأطراف إلى ممارسة الضغوط على أوكرانيا لاستئناف المفاوضات المباشرة.
جاء ذلك خلال تصريحات للصحفيين في العاصمة الروسية موسكو، تعليقا على قرار الولايات المتحدة الأمريكية بشأن بيع الأسلحة لأوروبا من أجل أوكرانيا.
وقال بيسكوف: "هذه تجارة. كان هناك شحن للأسلحة سابقا أيضا. ولكن السؤال هنا هو من سيدفع ثمنها. الآن سيدفع بعض الأوروبيين الثمن".
وأشار إلى أن موسكو رأت مؤخرا تقارير تتحدث عن رفض دول مثل فرنسا وجمهورية التشيك الدفع. وذكر أن بعض الخلافات ستظهر حتما حول المبلغ الذي ستدفعه كل دولة.
وأردف: "حتى الآن نرى الأوروبيين يتبنون موقفًا عسكريًا واضحًا". وشدد المتحدث باسم الكرملين على أن أوروبا "تبدي نوايا نحو الاستفزاز لاستمرار الحرب".
وردًا على سؤال عما إذا كانت روسيا دعت إلى ممارسة الضغط على أوكرانيا لاستئناف المفاوضات المباشرة، أجاب بيسكوف: "نوجه هذا النداء للجميع".
***************************************************
سوريا.. الاشتباكات بين المسلحين تسفر عن المزيد من الضحايا تحالف نسوي إقليمي يحذر من حرب أهلية
متابعة – طريق الشعب
يتداول ناشطون عبر منصات التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر تجاوزات يرتكبها مسلحون من أطراف القتال في السويداء، بينما يحاول الأمن السوري مسؤولية ضبط الأوضاع.
ندى: نحذر من حرب أهلية
استنكر التحالف النسائي الديمقراطي الإقليمي "ندى" الأحداث الجارية في سوريا، وحذر من انه قد تتمدد نحو حرب أهلية تدار بآليات الجهادية السياسية السلطوية وبدعم إقليمي ودولي، وتدفع ثمنها الأرواح البريئة، وعلى رأسها النساء والأطفال والشيوخ.
وذكر التحالف في بيان، أن " ما نشهده في سوريا لا ينفصل عن السياق الإقليمي الأوسع، حيث تشهد الشرق الأوسط وأفريقيا تصاعداً خطيراً في أنماط العنف المنظم، وانتشار الجماعات الجهادية الهجينة التي تستخدم الخطاب الديني والطائفي لفرض أجندات سلطوية مدمّرة، تتمدد هذه الجماعات على أنقاض الدول الفاشلة، وتحوّل أجساد النساء إلى ساحات حرب، ومجتمعاتهن إلى حطبٍ لآلة التطرّف.
واكد التحالف أنه من المهم وقف المجازر والدفاع عن المستقبل الديمقراطي للنساء ولشعوب هذه المنطقة.
اعتداءات صهيونية
وأفادت القناة الـ 12 الإسرائيلية بأن سلاح جو الاحتلال قصف أهدافا تابعة للحكومة السورية، في حين توعد وزير دفاع الاحتلال يسرائيل كاتس بأن "حكومته ستواصل مهاجمة قوات الحكومة السورية حتى تنسحب من السويداء، وذلك تزامنا مع تجدد الاشتباكات". في مشهد يدل على التدخل السافر للصهاينة في شؤون الآخرين. وفي تطور متصل، قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن الجيش الإسرائيلي دفع بكتيبتين إضافيتين إلى الحدود بين إسرائيل وسوريا ضمن تعزيز قواته على الحدود السورية مبررا ذلك بخشيته من اقتحام دروز من إسرائيل السياج الحدودي.
سلوكيات إجرامية
من جانبها، قالت الرئاسة السورية إن "الأفعال التي تندرج ضمن السلوكيات الإجرامية لا يمكن قبولها تحت أي ظرف وتتنافى مع مبادئ الدولة".
وأكدت أنها "تضع أولوية قصوى لحماية الأمن والاستقرار في جميع أنحاء سوريا، وأكدت أنها تتابع باهتمام الانتهاكات المؤسفة التي طالت بعض المناطق في محافظة السويداء".
تجدد الاشتباكات
في غضون ذلك، قالت إدارة الإعلام بوزارة الدفاع السورية إن "مجموعات خارجة عن القانون عادت إلى مهاجمة القوات السورية في السويداء".
وقالت الوزارة إن قواتها ترد على مصادر النيران داخل السويداء مع مراعاة قواعد الاشتباك لحماية الأهالي.
من جانبها، أفادت الإخبارية السورية بأن قوى الأمن السوري بدأت تمشيط الأحياء الشرقية لمدينة السويداء من المجموعات المسلحة التي تصفها وزارة الداخلية السورية بالخارجة عن القانون.
وأكدت الحكومة السورية، التزامها بإجراء تحقيق يفضي إلى محاسبة المتورطين بـالانتهاكات، معتبرة تلك التجاوزات "غير قانونية".
******************************************
من أجل تعزيز دور اليسار.. مشروع حزب جديد في بريطانيا
رشيد غويلب
في السادسة والسبعين من عمره، يُصرّ على خوض غمار التجربة من جديد: بعد مداولات وتخطيط طويل، قرّر جيريمي كوربين، الزعيم السابق لحزب العمال البريطاني، تأسيس حزب جديد. أعلن كوربين، الذي عاد إلى مجلس العموم البريطاني كنائب مستقل منذ العام الفائت، عن مشروعه الجديد مساء الأربعاء في البرنامج السياسي "بيستون" على القناة (آي تي في). وقال إنه "هنا لخدمة الشعب". لقد انتشرت شائعات في عدد من وسائل الإعلام عن تأسيس حزب جديد على يسار حزب العمال منذ عام ٢٠٢٣.
من جانب آخر، وبعد عام من فوز حزب العمال في الانتخابات، أعلنت النائبة زارا سلطانة استقالتها الفورية من الحزب. وقالت النائبة، البالغة من العمر 31 عامًا، في 3 تموز الجاري: "لقد فشل حزب العمال تمامًا في تحسين حياة الناس". وبعد 14 عامًا، ستستقيل من الحزب، وستساهم في بناء حزب جديد: "سأقود أنا وجيريمي كوربين تأسيس حزب جديد، بمشاركة نواب مستقلين ونشطاء آخرين في جميع أنحاء البلاد".
يذكر أن زارا سلطانة، استُبعدت من قيادة حزب العمال عام ٢٠٢٤ بعد دعمها تعديلاً لإلغاء الحد الأقصى لإعانة الأطفال. وتحظى زارا باحترام كبير لدى النقابات العمالية، حيث كانت من بين نواب حزب العمال القلائل الذين دعموا بجدية الإضرابات العمالية.
هنأ كوربين سلطانة على قرارها، وأعرب عن سعادته لأنها ستساعد في بناء "بديل حقيقي". ونقلت صحيفة الغارديان عن كوربين قوله، إن الأسس الديمقراطية لحزب سياسي جديد ستتبلور قريبًا، لكنه لم يُشر إلى من سيقوده. ولم يُعلن بعد عن جدول زمني لإطلاق الحزب.
أضف إلى ذلك أن صعود حزب "إصلاح المملكة المتحدة" اليميني المتطرف، دفع العديد من نشطاء اليسار في الأشهر الأخيرة، إلى تأكيد الحاجة الماسة إلى حزب جديد. وينبغي الإسراع في طرح البديل الانتخابي، وفق ما صرحت به باميلا فيتزباتريك، الحليفة المقربة لكوربين، في نيسان الفائت. ويعود تأخر بدء العمل إلى وجود عدد من المنظمات، بعضها يتبع استراتيجيات مختلفة.
ويبدو أن الوقت قد حان: فبعد أشهر، بل وحتى سنوات، من النقاش حول تأسيس حزب يساري جديد، تم أخيرا اتخاذ خطوات أكثر ملموسية على هذا الطريق: جيريمي كوربين، الزعيم الأسبق لحزب العمال ونجم جناحه اليساري، سيقود حملة انتخابية مع زميلة شابة، لتقديم بديل على يسار حزب العمال للناخبين في بريطانيا.
هجوم ستامر على يسار حزب العمال
تعود هذه التحولات إلى التقاطع بشأن سياسات الليبرالية الجديدة التي يعتمدها يمين حزب العمال، بالإضافة إلى الهجوم المنظم الذي شنه رئيس الوزراء البريطاني وزعيم الحزب الحالي كير ستارمر على الجناح اليساري في الحزب. ونتيجة لذلك بدأ تصدع تدريجي في حزب العمال. وتأسس حزب "سياسات التحول" في تشرين الثاني 2023، وخاض مرشحه أندرو فاينشتاين، النائب السابق عن حزب المؤتمر الوطني الأفريقي في جنوب أفريقيا، كمرشح مستقل، الانتخابات العامة لعام 2024، في دائرة ستارمر. واستطاع اشغال الموقع الثاني في الدائرة، بعد حصوله على 19 في المائة، مسببا انخفاضا كبيرا في عدد الأصوات التي حصل عليها رئيس الحكومة الحالي.
مجاميع قاعدية
أسست المجموعة المحيطة بكوربين وفيتزباتريك، على سبيل المثال، منظمة تُدعى "كوليكتيف"، ويبدو أنها الآن في طور التحول إلى حزب. ينتمي كوربين إلى كتلة مستقلة داخل البرلمان، والتي تضم خمسة نواب انتُخبوا قبل عام لموقفهم الداعم للقضية الفلسطينية. وما يزال من غير الواضح ما إذا كان هؤلاء النواب يعتزمون الانضمام إلى الحزب الجديد.
هناك أيضًا عدد من المجموعات القاعدية التي تسعى في البداية إلى تنظيم محلي، بما في ذلك حركة الأغلبية التي أسسها جيمي دريسكول، العمدة السابق لمدينة شمال تاين في شمال شرق إنكلترا. لا يُبدي دريسكول اهتمامًا يُذكر بحزب لعموم البلاد، لكنه يرغب في بناء منظمة جديدة من القاعدة إلى القمة. في لندن، يتبع أندرو فاينشتاين، الناشط السابق المناهض للفصل العنصري، نهجًا مشابهًا، بعد أن أسس تحالف كامدن المجتمعي. مع ذلك، يُعد فاينشتاين أيضًا حليفًا لكوربين، وقد ينضم إلى الحزب الجديد.
أفادت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أن هناك نقاشات حول تقديم مرشحين في الانتخابات المحلية في ايار 2026. ووفقًا لاستطلاع رأي أجرته مؤسسة "مور إن كومون"، من المتوقع أن يفوز حزب على يسار حزب العمال، وخاصةً بقيادة كوربين، بنسبة 10 في المائة من أصوات الناخبين. وسيحظى الحزب الجديد بشعبية خاصة بين الناخبين الشباب، بنسبة تأييد تبلغ 32 في المائة. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى خسارة حزب العمال على الأقل 3 في المائة من قوته التصويتية، لكن حزب الخضر سيتضرر أكثر. لقد استفاد الخضر في الانتخابات الأخيرة من استياء أوساط من الناخبين من حزب العمال. ومع ظهور حزب منافس جديد، فمن المتوقع تراجع حظوظ الخضر الانتخابية من 9 إلى 4 في المائة.
*******************************************
الصفحة السابعة
ضحايا المادة 41 من قانون العقوبات: {لسنا ملكية خاصة}
بغداد – نورس حسن
في ظل تصاعد الأصوات المطالبة بوقف العنف الأسري والتمييز ضد النساء، تبرز المادة 41 من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 كواحدة من أكثر المواد إثارة للجدل، إذ تتيح "تأديب الزوجة" من قبل الزوج تحت مظلة ما يسمى بـ "الحق في التأديب"، وهو ما تراه منظمات نسوية وناجيات من العنف "شرعنة قانونية للتعنيف والإهانة".
وتتوالى في هذا السياق، المطالبات النسوية والحقوقية، بتعديل أو إلغاء هذه المادة، التي تعّد، وفقا لضحايا، غطاءً قانونيا لانتهاكات جسدية ونفسية خطيرة تتعرض لها النساء.
جدل مستمر
تنص المادة 41 من قانون العقوبات العراقي على أن "لا جريمة إذا وقع الفعل استعمالاً لحق مقرر بمقتضى القانون ويُعتبر استعمالاً للحق: 1- تأديب الزوج لزوجته، في حدود ما يقرره القانون أو العرف". وما يعاب على هذا النص، غموضه الشديد، ما يجعله عرضة للتأويل وسوء الاستخدام، ويكرّس سلطة غير متكافئة داخل الأسرة.
"زوجي كاد أن يقتلني "
المواطنة إسراء الزبيدي تتحدث لـ "طريق الشعب" عن تجربة عاشتها لمدة ست سنوات فتقول "عندما كنت على ذمة زوجي، كنت أتعرض للضرب بشكل شبه يومي. في إحدى المرات كاد أن يكسر عمودي الفقري عندما رمى بي من الدرج، ولما قدمت شكوى قالوا لي: (هاي مشاكل زوجية.. هو من حقه يأدبك). القانون خذلني، والقاضي اعتبر ما فعله مجرد توبيخ عائلي، رغم وجود تقرير طبي يحدد إصابتي الشديدة". وتضيف الزبيدي بحسرة "هذا القانون لا يعاقب من يقدم على تعنيف زوجته، بل يحميه ويعطيه ترخيصا قانونيا بذلك، والنتيجة آلاف النساء المعنّفات اللواتي يعانين بصمت".
ضحايا بلا حماية
من جانبه، يشير المحامي جعفر التميمي إلى أن المادة 41 تعد إشكالية قانونية، لأنها تفتح الباب واسعا أمام العنف تحت ذريعة التأديب، ويقول لـ "طريق الشعب"، "لا توجد معايير واضحة تحدد ما هو التأديب المقبول، وبالتالي تصبح أي ممارسة عنفية مبررة قانونا إذا ادّعى الزوج أنه كان (يؤدب)، هذا خلل دستوري لأنه يتعارض مع الحق في السلامة الجسدية ومع مبدأ المساواة أمام القانون". ويضيف "كل التشريعات الدولية الحديثة ألغت هذا النوع من النصوص، والعراق ملزم بمواءمة قوانينه مع الاتفاقيات الدولية التي وقع عليها، ومنها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)".
"القانون يربطنا بسلاسل قديمة"
أما الناشطة النسوية نداء الجبوري فتؤكد على أن "المادة 41 لا تنتمي لعصرنا، نتحدث اليوم عن تمكين النساء، عن المشاركة السياسية، عن محاربة التحرش والعنف، فكيف نقبل بوجود مادة تسمح بالتأديب الجسدي أو النفسي؟ هذه المادة تربطنا بتقاليد الجاهلية التي كانت تتعامل مع النساء كممتلكات خاصة ولسن كشريكات حياة".
وتتابع الجبوري قائلة، "تلقينا أكثر من 700 شهادة من نساء تعرضن للعنف وتم رفض دعاواهن بسبب المادة 41. المطلوب ليس فقط تعديل القانون، بل خلق وعي مجتمعي بأن المرأة ليست كائنا ناقص الأهلية".
أرقام مفزعة
وبحسب تقارير صادرة عن وزارة الداخلية، سُجلت أكثر من 16 ألف حالة عنف أسري في عام 2024، أغلبها استهدف النساء. ويرجع خبراء سبب تفاقم العنف إلى ضعف القوانين الرادعة، ووجود نصوص قانونية "تضعف موقف الضحية أمام المعتدي، كما هو الحال مع المادة 41 من قانون العقوبات".
من جهتها، ترى الناشطة والقانونية نوال الداوودي أن المادة 41 بصيغتها الحالية "تتناقض مع البنود الدستورية"، موضحة أن "الدستور العراقي في مادته 29 يحظر كل أشكال العنف والتعسف في الأسرة، فكيف نسمح بوجود نص قانوني يعطي الضوء الأخضر للتأديب؟".
البرلمان.. صمت أو تأجيل
رغم استمرار الحملات النسوية والضغوط الحقوقية، إلا أن مجلس النواب لم يتحرك حتى الآن بشكل جدي لإلغاء أو تعديل المادة. بعض النواب وخلال تصريحات صدرت عنهم يبررون ذلك بـ "الحساسية المجتمعية" أو الخشية من "ردود الأفعال الدينية والقبلية".
وفي هذا السياق، تعلق الداوودي على ذلك بالقول "حقوق الإنسان لا تؤجل بسبب الأعراف، بل يجب أن تشّرع القوانين لحماية الضعفاء، لا لإرضاء مشاعر متحجرة".
*******************************************
سبع حالات طلاق كل ساعة خلال حزيران
بغداد – طريق الشعب
أعلن مجلس القضاء الأعلى، مؤخرا، عن تسجيل نحو سبع حالات طلاق في الساعة الواحدة خلال شهر حزيران الماضي، في مؤشر جديد يعكس تفاقم ظاهرة التفكك الأسري في البلاد، وسط تصاعد القلق من تداعيات السياسات التشريعية الأخيرة.
ووفقا للإحصائية التي نشرها المجلس، فقد بلغ عدد حالات الطلاق المسجلة خلال شهر حزيران الماضي 5028 حالة، بمعدل 167 حالة طلاق يوميا، فيما تصدرت العاصمة بغداد ومحافظة البصرة القائمة. كما سجلت المحاكم 28222 عقد زواج خلال نفس الشهر، في جميع المحافظات العراقية باستثناء إقليم كردستان.
إن الأرقام المرتفعة لحالات الطلاق لا يمكن فصلها عن التعديلات الأخيرة على قانون الأحوال الشخصية، لا سيما السماح بتزويج القاصرات تحت غطاء "الرضا" أو "الولاية". هذا النوع من القوانين لا يحمي الأسرة، بل يضعفها من الأساس، حين يلقى بعقود الزواج على أكتاف فتيات لم ينضجن بعد عاطفيا أو اجتماعيا، ما يؤدي إلى زيجات قصيرة الأمد تنتهي بالطلاق وتترك ضحايا بلا حماية.
***************************************
تصاعد القلق بين الأمهات في ظل غموض التعديل على قانون الحضانة
متابعة - طريق الشعب
يثير الغموض المحيط بتعديل المادة 57 من قانون الأحوال الشخصية قلقا واسعا بين الأمهات، في ظل حديث عن منح الحضانة للآباء دون نشر رسمي للمدونة القانونية. وتشير القانونية إسراء الخفاجي إلى أن المحاكم تعتمد حاليا على الاجتهادات القضائية لحين صدور التعديلات بشكل رسمي، والمتوقعة حصوله بعد انعقاد البرلمان الجديد. بدورها، حذرت القانونية والمدافعة عن حقوق المرأة إسراء سلمان من تداعيات نفسية خطيرة على الأمهات، مشيرة إلى تلقيها يوميا رسائل من نساء منهارات نفسيا بسبب الخوف من فقدان أطفالهن. وأضافت بأن القانون الحالي لا يحمي النساء، بل يعرضهن للعنف ويجعل من الطفل أداة انتقام. وانتقدت الحملات الموجهة لتعديل القانون، معتبرة أنها تمثل أجندات سياسية لا تأخذ بعين الاعتبار حماية النساء أو الأطفال.
********************************************
عين المرأة.. المرأة العراقية.. ومخاطر التغير المناخي
انتصار الميالي
تؤثر التغيرات المناخية على النساء بشكل غير متناسب، حيث يعانين من آثار صحية واجتماعية واقتصادية أكثر حدة من الرجال، ويشكل عدم المساواة بين الجنسين عاملًا رئيسيًا في هذا التأثير، حيث تتحمل النساء غالبًا مسؤولية أكبر في إدارة الموارد الطبيعية، مثل المياه والأراضي، التي تتأثر بشدة بتغير المناخ.
وتُظهر التغيرات المناخية مخاطر على صحة النساء والفتيات وحديثي الولادة كالأمراض المرتبطة بالحرارة، مثل الكوليرا والسل الرئوي والتيفوئيد وفقر الدم، كما تزيد من صعوبة الحصول على المياه النظيفة والرعاية الصحية، مما يؤثر سلبًا على صحة الأم والطفل.
وللتغير المناخي تأثير على الأمن الغذائي أذ تعتمد النساء بشكل كبير على الموارد الطبيعية في الكسب، وتؤثر التغيرات المناخية على إنتاج المحاصيل والثروة الحيوانية، مما يهدد الأمن الغذائي للمرأة وأسرتها، كما تزيد من النزوح والهجرة، مما يعرضهن لخطر متزايد كالعنف والاتجار بالبشر وزواج الأطفال، علما أن أكثر المحافظات في نسب الأسر المهاجرة هي البصرة والناصرية وميسان بسبب قلة المياه والتلوث والملوحة، حيث وصل إلى (2058 )عائلة عام 2021 بحسب إحصائية المنظمة الدولية للهجرة، بالإضافة لتفاقم الفقر خاصة بين النساء اللاتي يعملن في الزراعة والقطاعات التي تعتمد على الموارد الطبيعية، مما يؤدي للعنف ضد المرأة في أوقات الكوارث، حيث تفقد النساء سبل عيشهن ويزداد تعرضهن للاعتداء الجسدي والجنسي.
دولة مثل العراق عليها أن تضع خططاً طارئة وأطرًا للعدالة مشفوعة بالموارد الكافية والاستجابة الشاملة، بهدف تحقيق المساواة بين الجنسين في العمل المناخي، من خلال الاعتراف بدور المرأة ومشاركتها الفعالة في صنع القرار، كونهن عاملا أساسيا في قيادة العمل المناخي على مستوى المجتمعات المحلية، وقادرات على الصمود من خلال تبني ممارسات زراعية مستدامة، وإدارة الموارد الطبيعية بكفاءة، والمشاركة في جهود التخفيف والتكيف، وإعادة توزيع الموارد والفرص، وجبر الأضرار التي لحقت بالنساء نتيجة لتغير المناخ.
وبما ان النساء العراقيات يمتلكن معرفة وخبرة واسعة في مجال الموارد الطبيعية والزراعة والحرف، ويعتبرن قيمة مضافة استثنائية للعمل المناخي المحلي والإقليمي وحتى العالمي، ولديهن مهارات في التواصل والتنسيق مع الآخرين، وبناء الشبكات الاجتماعية والنسائية، يمكن الاستفادة من هذه الإمكانيات في وضع وتنفيذ استراتيجيات فعالة للتكيف مع تغير المناخ، عبر دعم الابتكارات والحرف لتمكين المرأة في مجال ريادة الأعمال الخضراء ليساهمن في تطوير حلول مبتكرة لمواجهة التغيرات المناخية.
********************************************
ثورة 14 تموز فتح الأبواب المغلقة أمام نصف المجتمع
حوراء فاروق
شكّلت ثورة 14 تموز 1958 واحدة من أهم اللحظات التاريخية في العراق، إذ لم تقتصر آثارها على إسقاط النظام المتخلف وإعلان الجمهورية، بل امتدت إلى إحداث تغييرات جذرية في بنية المجتمع، كان من أبرزها تمكين المرأة وإخراجها من الهامش إلى قلب الحياة العامة، مذ تبنت القيادة الجديدة بقيادة عبد الكريم قاسم مشروعا اجتماعيا تقدميا يهدف إلى تحرير المواطن، رجلا كان أم امرأة، من القيود المفروضة عليه بفعل التقاليد، والجهل، والفقر، والاستغلال.
قيود اجتماعية وتشريعية صارمة
قبل الثورة، كانت المرأة تعاني من التهميش في مختلف مجالات الحياة، حيث كانت نسبة الأمية بين النساء مرتفعة، والتعليم محصورا في المدن، وغائبا تماما في الأرياف. أما المشاركة السياسية، فكانت شبه معدومة، في ظل بنية اجتماعية تعطي الأولوية للعشيرة والذكورة. وعلى الصعيد القانوني، كانت الأحوال الشخصية خاضعة لتفسيرات دينية واجتماعية متشددة، جعلت من المرأة طرفا ضعيفا في الزواج والطلاق والميراث، ومجرد تابع قانوني واجتماعي للرجل، بلا استقلال حقيقي أو حماية تشريعية.
ثورة أنصفت المرأة
مع إعلان الجمهورية، سارعت الحكومة إلى اتخاذ خطوات عملية لتمكين النساء، انطلاقا من قناعة راسخة بأن النهضة الحقيقية لا تكتمل من دون مشاركة كاملة للمرأة. فقد أعلن قائدها عبد الكريم قاسم في خطابات رسمية أن المرأة "شريكة في النضال والبناء"، وترجمت هذه الأقوال إلى سياسات واقعية.
الأحوال الشخصية: نقلة تشريعية غير مسبوقة
وفي عام 1959، صدر قانون الأحوال الشخصية رقم 188، الذي يعد واحداً من أبرز منجزات ثورة تموز. ساوى هذا القانون بين الزوجين في الحقوق والواجبات، وقيّد تعدد الزوجات، ومنح المرأة حق الطلاق عبر القضاء، وحمى حقوقها في الميراث والحضانة.
ولاقى هذا القانون ترحيبا واسعا في الأوساط التقدمية والنسوية، واعتُبر فتحا قانونيا غير مسبوق، كما واجه مقاومة شرسة من بعض القوى، التي رأت فيه تهديدا لبنيتها التقليدية وسلطتها الاجتماعية.
التعليم والعمل
وأولت الدولة اهتماما كبيرا بتعليم الفتيات، حيث توسعت المدارس في الريف والحضر، وأُطلقت حملات لمحو الأمية استهدفت النساء تحديدا. كما شجعت العائلات على إرسال بناتهم إلى المدارس من خلال منح ومساعدات. ودخلت المرأة ميادين العمل، لا سيما في قطاعات التعليم والصحة والإعلام، فيما تأسست منظمات نسوية قوية ونشطت في الساحة وكان من أبرزها رابطة المرأة العراقية، التي لعبت دورا محوريا في التثقيف والدعم المجتمعي، وساهمت في حملات التوعية والمناصرة لقضايا النساء والفقراء.
مقاومة التغيير
لم تمر هذه التحوّلات من دون ردود أفعال معارضة، إذ واجهت الحكومة حملات تشويه واتّهام بـ "تفكيك الأسرة" و"خرق الشريعة"، واصطدمت مع قوى محافظة دينية وعشائرية كانت ترى في تلك القوانين تهديدا مباشرا لمصالحها وسلطتها.
وبعد الانقلاب الدموي في عام 1963، شهدت البلاد ارتدادا واضحا عن كثير من منجزات تلك المرحلة، خاصة في المجال الاجتماعي، مع بقاء بعض القوانين على الورق دون تنفيذ فعّال.
إلغاء العطلة الرسمية لثورة تموز
وعلى الرغم من المنجزات الواضحة التي قدمتها ثورة تموز، خصوصا للمرأة العراقية، فإن الحكومات اللاحقة عملت على تهميش إرث الثورة في الوعي الوطني. وكان أحد أبرز مظاهر ذلك إلغاء الاحتفاء بالرابع عشر من تموز وحذف المناسبة من قائمة العطل الرسمية، بعدما كانت تعد يوما وطنيا يحتفى به سنويا.
لم يكن هذا الإلغاء مجرد قرار إداري، بل رسالة سياسية متعمدة من الأنظمة اللاحقة لإعادة صياغة التاريخ الرسمي، وتقديم رموز وسرديات بديلة تنسجم مع توجهاتها.
ويمثل هذا التراجع عن الاعتراف بثورة تموز، بالنسبة للمرأة العراقية، خسارة مزدوجة تتمثل بفقدان ذكرى مرحلة فتحت الأبواب أمامها، وتراجع الخطاب الرسمي عن دعم حقوقها كمواطنة كاملة، لتعود السياسات تدريجيا إلى التصورات الأبوية التقليدية.
تشويه منظم لأحد أعظم منجزات تموز
لم يكن قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 مجرد وثيقة تشريعية، بل كان بمثابة إعلان عن ولادة رؤية جديدة للأسرة والمجتمع تقوم على المساواة والعدل. ومع ذلك، فإن هذا القانون واجه لاحقاً موجات متكررة من التعديلات والتهديدات التي سعت إلى سحب مكتسباته وتفريغه من مضمونه.
ومع سقوط النظام عام 2003، ازدادت حدة الهجمات على القانون، إذ ظهرت دعوات إلى إلغائه بالكامل واستبداله بقوانين طائفية خاصة لكل مذهب، كما حدث في محاولة تمرير "قانون الأحوال الجعفري" عام 2014، والذي واجه اعتراضا واسعا من منظمات نسوية ومدنية اعتبرته عودة خطيرة إلى الوراء، خصوصا بما يتيحه من تزويج القاصرات، وتقييد حقوق المرأة في الطلاق والحضانة.
ورغم أن قانون 188 ما زال قائما من حيث الشكل، إلا أنه تعرض لتعديلات كثيرة أضعفت جوهره، وأهمل تطبيقه فعليا في المحاكم بفعل الضغوط الاجتماعية والدينية، مما انعكس بشكل سلبي مباشر على النساء، خاصة في ما يتعلق بحقوقهن في الحضانة والطلاق العادل والنفقة.
إن ما جرى ويجري لهذا القانون هو تشويه سياسي واجتماعي متعمد، يستهدف ليس فقط النص القانوني، بل ما مثّله من مشروع تحرري كانت المرأة العراقية في صميمه.
ذاكرة نسوية لا تُمحى
وأخيرا، إن ثورة 14 تموز 1958، رغم ما تعرضت له من تشويه وتهميش، تظل لحظة فارقة في تاريخ العراق الحديث، خصوصا في ما يتعلق بحقوق المرأة. فقد أرست لأول مرة أسس الدولة المدنية والمواطنة المتساوية، وقدّمت نموذجا لقوانين عادلة ومؤسسات منفتحة على مشاركة النساء.
واليوم، ومع استمرار التحديات السياسية والاجتماعية في البلاد، تبقى تجربة تموز مصدر إلهام للأصوات النسوية التقدمية، التي لا تزال تناضل من أجل مجتمع ديمقراطي، تُستعاد فيه روح تلك اللحظة المؤسسة، وتُستكمل فيه مسيرة تحرر المرأة كشرط لتحرر المجتمع بأسره.
******************************************
العباءة ليست برنامجاً انتخابياً
في كل دورة انتخابية، تتكرر ذات المشاهد التي باتت مألوفة ومثيرة للتساؤل: مرشحات يظهرن فجأة في الساحة السياسية بعباءة "ثقيلة"، يتجولن في الأسواق والأحياء الشعبية وهن يوزعن الابتسامات والوعود. لا يعرف عن بعضهن أي نشاط سياسي أو اجتماعي سابق، لكنهن يحاولن بناء رصيد انتخابي على حساب رمزية العباءة، باعتبارها مفتاحا للثقة في مجتمع محافظ.
السؤال الذي يُطرح هنا: هل العباءة برنامج انتخابي؟ وهل المظهر الخارجي، مهما كان شكله، يمكن أن يكون بديلا عن الكفاءة، أو الرؤية السياسية، أو حتى التواصل الحقيقي مع هموم الناس؟
هذا النوع من الاستغلال الرمزي لا يخدم لا النساء ولا الدين، بل يضعف من حضور المرأة الفاعل في المجال العام، ويكرس صورة تقليدية ضيقة عنها، لا تتعدى كونها رمزا للمحافظة الشكلية. في حين أن العراق اليوم بحاجة إلى مرشحات قادرات، يحملن مشاريع حقيقية، ويواجهن الفساد والتهميش، لا من يستخدمن العباءة غطاءً لفراغ سياسي.
الأدهى أن بعض المرشحات سرعان ما يختفين بعد إعلان النتائج، ولا يسمع لهن صوت في البرلمان، إلا عند التصويت على الامتيازات. إن احترام الرموز الدينية لا يعني تحويلها إلى أدوات دعاية. كما أن المرأة ليست بحاجة لتأكيد "أهليتها" عبر اللباس، بل عبر الأداء والموقف. المطلوب اليوم أن يختار الناخبون نساءً قادرات، لا مجرد "صور انتخابية" مغلّفة بالعباءة.
ـــــــــــــــــــــ
المحرر
********************************************
الصفحة الثامنة
14 تموز.. حين بكى الوطن ونهض
شعر: محمد راسم قاسم
تموز...
يا شهر النار والذاكرة
فيك احترق الحنين، وفيك اشتعل الحلم.
فيك سالت دموع الأمهات على أرصفة بغداد
وفيك رفرف علم جديد ...
كُتب على أطرافه .. لن يُهان الوطن بعد اليوم .
كان الصباح دامعاً ، لكنه مختلف ...
صباح يشبه نغمة قيثارة سومرية حزينة،
تتمايل بين ركام القصور
وأمل الفقراء.
الرابع عشر من تموز...
ليس يوماً، بل شرارة وشعلة،
زلزالاً من غضب النخيل،
وأنين من أعماق الجنوب،
وصوتاً خرج من حنجرة شعبٍ ضاق به القيد،
فكسر الأغلال على وقع نشيد الثورة.
في ذاك الصباح،
لم تعد السماء صامتة،
نطقت مدافع الحق،
وارتجت قصور الطغاة.
خرجت بغداد من ظلمتها،
لتنفض شعرها من غبار الطغيان،
وترتدي ثوبها الشعبي،
فتغني للحرية بصوت الزعيم عبد الكريم.
تموز... يا شعلةً نحملها في الخفاء،
ويا أملاً نغنّيه في الزوايا المنسية...
لقد حملتَ أوجاعنا كثيراً،
لكنك كنت البداية.
فلا العروش تدوم،
ولا الأقنعة تُخفي وجه الجوعى،
ولا الموت يخيف من ذاق مرّ الذل.
في الرابع عشر من تموز
نفض العراقي عباءة الخنوع،
وصار اسمه... وطن.
فامضِ يا تموز،
في كل عام...
سنشعل لك شمعة من دم القلب،
وسنحمل ثورتك في كفٍّ،
وفي الكف الأخرى... صورة العراق الذي نحلم به،
عراقٌ لا يُباع،
ولا يُكسر،
ولا يُنسى.
********************************************
شيوعيو ميسان يحتفون بعيد الثورة
العمارة – طريق الشعب
في مناسبة الذكرى 67 لثورة 14 تموز المجيدة، أقامت اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في ميسان، السبت الماضي في مقرها بمدينة العمارة، جلسة سياسية - فكرية حضرها عدد من الرفاق والأصدقاء.
استهل الرفيق علي السفير الجلسة بكلمة أشار فيها إلى "أهمية استذكار هذه المحطة التاريخية المهمة في حياة شعبنا، وما حملته من تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية كبرى"، مشددا على التمسك بقيم الثورة والسير على خطاها في النضال من أجل العدالة الاجتماعية والديمقراطية.
وشارك في الجلسة الباحث والكاتب معاذ محمد رمضان، الذي قدّم مداخلة غنية تناول فيها السياق التاريخي والاجتماعي الذي مهّد لانفجار ثورة 14 تموز 1958، مبينًا دور الحركة الوطنية والقوى التقدمية، وعلى رأسها الحزب الشيوعي العراقي، في تعبيد الطريق للثورة.
كما ناقش ما واجهته الثورة من مؤامرات داخلية وخارجية انتهت إلى إجهاضها وانقلاب شباط الدموي.
وشارك في الجلسة أيضًا الرفيق عيدان جمعة، الذي قدّم مداخلة سياسية تطرّق فيها إلى الدروس المستخلصة من تجربة تموز، خاصة في ما يتعلق بأهمية بناء الدولة المدنية الديمقراطية القائمة على سيادة القانون والعدالة الاجتماعية، ملقيا الضوء على بعض الثورات التي أدت إلى تحولات كبيرة في المجتمعات، خاصة الثورة الفرنسية.
كذلك ربط الرفيق الماضي بالحاضر في ضوء الأوضاع السياسية الراهنة وما يشهده العراق من أزمات مستمرة نتيجة نظام المحاصصة والفساد.
وشهدت الجلسة حوارات ونقاشات مستفيضة بين الحضور، الذين أكدوا أهمية إحياء المناسبات الوطنية التاريخية وتعزيز الوعي السياسي.
اختتمت الجلسة بالتشديد على ضرورة مواصلة النضال من أجل التغيير الوطني الديمقراطي، وتأكيد ان دروس ثورة 14 تموز ما زالت حيّة في وجدان الشعب وقواه الوطنية التقدمية.
*******************************************
شيوعيو البصرة يستذكرون ثورة 14 تموز المجيدة
البصرة – طريق الشعب
استذكر شيوعيو البصرة أول أمس الثلاثاء، ثورة 14 تموز الخالدة، معبّرين عن اعتزازهم وافتخارهم وتمسّكهم بمبادئها ومنجزاتها، وذلك في جلسة نظمتها المختصّة الثقافية التابعة إلى اللجنة المحلية للحزب في المحافظة، بالتنسيق مع "ملتقى جيكور" الثقافي.
الجلسة التي احتضنتها "قاعة الشهيد هندال" في مقر المحليّة، ادارها الرفيق مشرق المظفّر، واستهلها داعيا الحاضرين إلى الوقوف دقيقة صمت في ذكرى شهداء الحزب والوطن.
ثم تحدّث بفخر عن الثورة وقائدها الشهيد الزعيم عبد الكريم قاسم ومنجزاته التي لا يزال بريقها ساطعاً. فيما أشار إلى حقد احفاد الاقطاعيين والسائرين في ركاب الغرب والامبريالية، الذين سعوا إلى محو ذكرى الثورة.
بعده تحدّث الرفيق قاسم حنون عن المؤامرات التي حيكت ضد الثورة وقائدها، والدسائس وما عملته في ذلك الوقت، وصولاً الى ما صنعته الحكومات المتعاقبة بعدها، حتى إلغاء يوم الثورة كعيد وطني من قبل سياسيي اليوم. أعقبه الرفيق عبد الزهرة عذار بالحديث عن منجزات الثورة الخالدة، بالارقام والاسماء.
وقدّم الرفيق سجاد الموسوي انشودة استذكر فيها الثورة وامجادها. ثم جرت مناقشات شارك فيها كل من جمعة الزيني، يسر الفرطوسي، باسم محمد حسين، جاسم محمد حاجي وآخرين.
********************************************
في يوتوبوري.. حفل بذكرى الثورة المجيدة
يوتوبوري – طريق الشعب
أقامت منظمة الحزب الشيوعي العراقي ورابطة الأنصار الشيوعيين العراقيين في مدينة يوتوبوري السويدية، مساء الأحد الماضي، حفلا سياسيا وفنيا، في مناسبة الذكرى 67 لثورة 14 تموز المجيدة.
حضرت الحفل الرفيقة هند وصفي طاهر وعدد من الرفاق والأصدقاء. بينما تحدث فيه الرفيق حمزة عبد، سكرتير منظمة الحزب، عن أهمية الاحتفال بهذا الحدث الخالد في تاريخ العراق، والذي أسقط النظام الملكي العميل.
في القسم الأول من الحفل، قدم الرفيق إخاء المهداوي محاضرة عن ثورة تموز، تناول فيها، بسرد مفصل، الوضع السياسي في العراق منذ الاحتلال البريطاني حتى يوم اندلاع الثورة، ودور الضباط الأحرار فيها. كما تحدث عن الاستعدادت قبل يوم الثورة وعن التشكيلات العسكرية التي ساهمت فيها، فضلا عن الإنجازات الكبيرة التي حصلت في البلد خلال العمر القصير للثورة.
وتحدث أيضا عن خطط العامل الخارجي والداخلي لاسقاط الثورة. وسرد ذكريات شخصية مهمة حول ليلة الثورة ودور والده فيها.
في القسم الثاني من الحفل، تم تكريم عدد من النصيرات والأنصار بوسام النصير الشيوعي، لدورهم المشرف في الحركة الانصارية المقدامة.
******************************************
النجف تستذكر ثورة تموز
النجف - احمد عباس
في مناسبة الذكرى ٦٧ لثورة ١٤ تموز ١٩٥٨ المجيدة، نظمت اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في النجف، الاثنين الماضي، جلسة استذكار حضرها جمع من الأصدقاء والرفاق. تحدث في الجلسة منسق التيار الديمقراطي في النجف الرفيق صالح العميدي عن العوامل الداخلية والخارجية التي مهدت للثورة. وقال: "كان النظام الملكي في العراق سائرا في فلك الاستعمار البريطاني الذي هيمن على كل مقدرات البلاد، ما حمل الجماهير معاناة الجوع والجهل والمرض فضلا عن القهر والاستبداد والقمع والقتل الذي كانت السلطة تواجه به الجماهير المطالبة بأبسط حقوقها المشروعة، حتى جاءت الثورة لتغير واقع المجتمع بشكل كبير. فأعادت للمواطن كرامته وحقوقه واستعادت استقلال البلاد وحريتها بعد إلغاء المعاهدات والاتفاقات المذلة". وأشار الرفيق العميدي إلى عدد من العوامل الخارجية التي مهدت للثورة، مثل توطد مكانة الاتحاد السوفييتي آنذاك، والذي كان أكبر نصير لحركات التحرر الوطني. كما تطرق إلى الدور الريادي والقيادي للحزب الشيوعي العراقي في مسيرة الشعب النضالية، وفي تشكيل جبهة الاتحاد الوطني عام ١٩٥٧ التي بدأ منها التفكير الجدي في إسقاط الحكم الملكي العميل. وفي سياق الجلسة، ألقت الرفيقة ملاذ الخطيب كلمة في المناسبة باسم اللجنة الأساسية النسوية للحزب في النجف. كذلك كانت هناك مداخلات وأسئلة طرحها عدد من الحاضرين، وأجاب عنها الرفيق العميدي.
*************************************
في ميونخ.. حفل بهيج في ذكرى ثورة تموز
ميونخ – طريق الشعب
لبى العشرات من بنات وأبناء الجالية العراقية في مدينة ميونخ الالمانية، الأحد الماضي، دعوة وجهها التجمع الديمقراطي العراقي في ألمانيا للاحتفال بالذكرى 67 لثورة 14 تموز المجيدة.
مدير الحفل الشاعر علي غريب السماوي، دعا الحاضرين إلى الوقوف دقيقة صمت في ذكرى شهداء الوطن. ثم عزف الفنان علاء الحركاني النشيد الوطني على الاورغ، أعقبه الموسيقي عدنان سبتي، عضو التجمع الديمقراطي، بقراءة كلمة باسم التجمع، قال فيها ان "الوحدة الوطنية المتينة، والسعي الحثيث لإقامة نظام ديمقراطي حقيقي في العراق يضمن ويجسد مصالح وحقوق العراقيين دون تمييز أو محاباة، والاستعداد للنضال والتضحية في سبيله، فضلاً عن أهمية التعاون والدعم المتبادل والتحالف الجدّي والواسع بين القوى السياسية الوطنية، هو الدرس الأهم في ثورة 14 تموز، والذي تزداد أهميته القصوى وضرورته في ظل الظروف المعقدة والعصيبة التي يعيشها الآن عراقنا الحبيب وطناً وشعباً، وفي أجواء الصراع على توجهات بناء الدولة، وآليات إدارتها".
وتحدث في كلمته عن الأزمة العراقية الراهنة. وقال: "تتعمق ملامح الأزمة البنيوية الشاملة بفعل المحاصصة والطائفية السياسية والفساد والسلاح المنفلت، وتتعدد مظاهر تفكك الدولة، وغياب سلطة القانون والسيادة الوطنية، وضعف البنية التحتية، وغياب مبدأ تكافؤ الفرص، وفقدان الثقة بالدولة ومؤسساتها وانزلاق شرائح جديدة نحو البطالة والفقر والعوز، وتفاقم التفاوت الاجتماعي، مقابل أقلية ضيقة تحكم قبضتها على مفاصل السلطة والثروة، وتحتكر أدوات القوة والمال والسلاح والإعلام".
وأشار سبتي إلى ان "تجاهل هذا اليوم الوطني الكبير (14 تموز 1958) اجحاف شديد بحق تاريخ العراق وشعبه"، مضيفا أن "إحياء هذه المناسبة هو وفاء لملايين الآباء والأجداد الذين خرجوا يوم 14 تموز 1958 في جميع محافظات العراق بمختلف شرائحهم وانتماءاتهم، مؤيدين الثورة وإعلان تأسيس الجمهورية التي حققت لهم مكاسب سياسية واقتصادية واجتماعية".
ودعت الكلمة إلى لملمة الصفوف وتوحيد جهود جميع الديمقراطيين والتقدميين والوطنيين المستقلين في ميونخ والمدن المحاذية لها، لتشكيل فرع أو تنسيقية للتجمع.
بعدها قٌرأَت برقيتان في المناسبة من منظمتي الحزب الشيوعي العراقي والحزب الشيوعي الكردستاني. ثم ألقى د. قاسم السعداوي عضو تنسيقية التجمع، كلمة باسم الجالية العراقية في ميونخ، وهو أحد ناشطيها، شدد فيها على أهمية التعاون والعمل المشترك بين بنات وأبناء الجالية العراقية ذوي التوجه التقدمي الديمقراطي المدني.
وكانت هناك كلمة للجالية الإيزيدية في ميونخ ألقاها السيد فاروق شيخان، وأشاد فيها بثورة الجيش والشعب ضد الاستعمار.
ثم تحدثت السيدة بيادر كلدان، عن أهم إنجازات الثورة على مختلف الصعد. فيما قدمت مصممة الازياء المعروفة لمى أفندي، عرضا سريعا لأهم نتاجاتها.
كذلك عرضت التشكيلية سفانة خضير وزوجها النحات حسن أمويع مجموعة من أعمالهما الفنية.
وشهد الحفل فقرات شعرية وموسيقية – غنائية. حيث أدى الفنان عدنان سبتي على عوده، أغنيات عراقية أصيلة، يرافقه عازف الأورغ علاء الحركاني. بينما ألقى الشاعران علي غريب السماوي وكريم الهلالي، قصائد تُعبّر عن الثورة ومنجزاتها.
******************************************
الصفحة التاسعة
ومضات تأريخية من الصحافة السرية للحزب الشيوعي العراقي.. كفاح الشعب إنموذجاً
أ. د. سيف عدنان القيسي
كثيرا ما يهاتفنا التاريخ المحمل بأحداث ربما تكون ثقيلة الذاكرة ولاسيما ذاكرة العراق المعاصر بالعموم والحزب الشيوعي على وجه الخصوص وهو يقترب من التسعين عاما بين صحافته وتأسيسه الرسمية التي تسجل في 31 آذار 1934 في حين ان الأدبيات الماركسية والمثقفين الأوائل وإن لم يسجلوا رسميا انتماءهم للشيوعية كحسين الرحال وعاصم فليج وعبدالله جدوع ومصطفى علي، وغيرهم ممن اعتنقوا تلك المبادئ بعقد سبق تأسيس الحزب الشيوعي العراقي وما يستدل على ذلك ما تركوه من إرث وأرشيف لازالت المكتبات تحتفظ بشيء منه رغم مرور قرن على جريدة "الصحيفة" التي يعود تاريخها إلى عام ،1924 في حين أن الشيوعيين يختلفون في ذلك فلهم تاريخهم الرسمي على اعتبار أن صحيفة "كفاح الشعب" التي حملت تاريخ 31 تموز 1935 في عددها الأول وهي لسان حال اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي بخط أقرب ما يكون مطرزا بخط عمالي بسيط بحجم (24,5سم في 35 سم)وبثماني صفحات يعلوها شعار (المطرقة والمنجل)ومعهما نجمة خماسية هي النجمة البلشفية المعروفة بـ "النجمة الحمراء" وتحمل الصحيفة على عاتقها بأنها "لسان حال العمال والفلاحين"، في حين أن جريدة "الصحيفة" أصدرتها الطبقة المثقفة وفق معطيات مرحلتها التاريخية وإن حملت بين ثناياها بعض المطالبات التي تدعو إلى الحرية والمساواة وربما أحدثت خلخلة في روتين الحياة اليومية في بغداد ولكنها لم تستطع أن تقتحم أهم معقلين شعبيين هما طبقتا "العمال والفلاحين" باعتبارهما طبقتي الغالبية المهمشة التي وهبت غالبية وقتها لتلك الفئتين، وبدأت تتسرب إلى الحياة الاجتماعية اليومية للعراقيين لتخرج الصحيفة مسرعة من الذاكرة اليومية لأنه لم يكن لدى كتابها برنامج محدد ولم يهاجم كتابها التقاليد البالية بكل حقولها، بل أنهم ركزوا على حرية المرأة وتحريرها، ومن جانب آخر لم يتمكنوا من مقاومة تيار حكومي معاد لتلك التحركات.
إن الاستذكار ليوم الصحافة الشيوعية وبصحيفة "كفاح الشعب" يدفعنا إلى القول إنها الصحيفة التي تمكنت من جمع أقلام الماركسيين والشيوعيين المدافعين عن آرائهم وأفكارهم في الصحف العراقية التي وفرت حرية نسبية لنشر مقالاتهم كصحيفة "الأهالي"، من جهة أخرى جمعت الصحيفة ما تعذر على الآخرين فعله وهي أنها أصبحت لسان حال الألوية (المحافظات)الأخرى التي بدأت مظالم أهاليها تنقل عبر الصحافة من خلال ممثلين الحزب المنتشرين في تلك الألوية ووفرت لهم ظروف الأزمة الاقتصادية العالمية التي ضربت أطنابها دولا عدة ومنها العراق فزادت الفقر فقرا لطبقاته الكادحة مما دفع من خلال الأخبار المتداولة عن تلك الصحيفة الكثير من المثقفين الأكثر استعدادا لتقبل الافكار اليسارية والشيوعية بعد حالة التردد والتشتت التي كان يعاني منها البعض من هؤلاء المثقفين.
في الحقيقة التي لا يجب نسيانها أن عاصم فليح سكرتير أول لجنة مركزية للحزب الشيوعي العراقي كان منهمكاً هو الآخر في التحضير لنشر أول صحيفة عراقية سرية تحت مسمى "كفاح الشعب" وشعر أنه لن تكون هناك أداة أكثر فاعلية في لم شمل الخلايا الشيوعية المختلفة والمبعثرة وجمعها في حزب واحد.
وما ذهب اليه عاصم فليح في تفكيره تحقق سريعا بعد أن بدأت صحيفة " كفاح الشعب" تحاكي واقع العراق ومنها الانتفاضات العشائرية في عهد وزارة ياسين الهاشمي الأولى بالقول: "أن الناس فشلوا في جني ثمار انتفاضات الفرات لسبب هام جداً ألا وهو عدم وجود حزب طبقي ثوري على أرض المعركة السياسية ولقد ظهر الحزب الآن".
وفي عدد لاحق طرحت "كفاح الشعب" بدقة أكبر أهداف الحزب وشملت الأهداف المعلنة ومنها "طرد المستعمرين" و"توزيع الأراضي على الفلاحين" و"تركيز السلطة في أيدي العمال والفلاحين" و"إطلاق الثورة الاجتماعية بلا تأخير"، كل ما تقدم لم يألفه المجتمع الكادح بأن هناك حزبا فتيا يدافع عنهم ويرفع شعارات تطالب بحقوقهم المشروعة.
إن الشعارات التي وصفت بـ "المتطرفة" من قبل الحكومة التي أطلقت العنان للشرطة لمطاردة الشيوعيين، ولم يثن ذلك الشيوعيين فوصف تقرير "لكفاح الشعب" في عددها الثاني الصادر في آب 1935 بأن الشيوعيين بدلا من التقدم بحذر كان بعضهم ميالاً إلى الذهاب إلى المقاهي حيث كانت أصواتهم ترن علناً وأمام أناس غرباء تماماً عنهم". وبلغ مجموع ما أصدرته "كفاح الشعب" من أعداد من تموز وحتى توقفها في كانون الأول حسب تقرير للشرطة (500) نسخة وهو عدد ربما يدعونا للتوقف في ظل طبقة متعلمة لا تتجاوز (10بالمائة).
بل وحتى وزير الداخلية رشيد عالي الكيلاني في حكومة ياسين الهاشمي الثانية معلقاً على صحيفة "كفاح الشعب" التي وجدها على مكتبه مقدمة له من قبل الشرطة السرية والتي تزامنت مع انتفاضة سوق الشيوخ بالقول "هذه الورقة أشد خطراً من ثورة سوق الشيوخ فإذا ما ثبتت أفكارها سيستحيل علينا قلعها"، وبالفعل ما ان اغلقت "كفاح الشعب" واعتقال أعضاء اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي سرعان ما أعاد الحزب ترميم صفوفه وليصدر صحيفته الجديدة "الشرارة" لتواصل ما بدأت به الصحيفة الأولى.
*********************************************
حين علمتني الصحف كيف أكون
هندي حامد الهيتي
لم يكن الدرس الثالث من مادة الفيزياء للمرحلة الثالثة في متوسطة هيت كأي درس، ولم تكن تلك اللحظة العابرة التي سحبت فيها كتابي من حافظة الرحلة سوى بداية لرحلة أخرى، أشد تعقيدًا وأعمق أثرًا. أذكر جيدًا حين وجدت جريدة صغيرة مطوية بين صفحات الكتاب، ارتبكت للحظة، بل تملكني فضول ممزوج بشيء من القلق، خاصة حين لمحني الأستاذ وابتسم، وكأنه يعلم سر تلك الورقة التي تخبئها دفاتري.
أعدت طي الجريدة بسرعة دون أن أعرف ما هي، حاولت جاهدًا أن أركز مع شرح الأستاذ، مع أنني من عشاق هذا الدرس ومتفوق فيه، لكن المفاجأة احتلت كل زاوية في رأسي. انتظرت انتهاء الحصة بفارغ الصبر، وما إن دوى جرس النهاية وخرج الطلبة حتى بقيت لأرى ما قصة تلك الجريدة، ناداني صوت زميل كان جالسا خلفي دون أن ألتفت، قال بصوت خافت:
"لا ترتبك… دعها بين الكتب، واقرأها في البيت".
خرج، وخرجتُ بعده، لكنني حملتُ معي ثقل السؤال وفضول الاكتشاف، فالجريدة الصغيرة لم تكن مجرد ورقة مطبوعة، بل كانت، دون أن أدري، بوابة عبوري الأولى إلى عالم مختلف.
عدتُ إلى البيت، لم أبدّل ملابسي، لم أتناول شيئًا، فتحت الجريدة بلهفة، فإذا بها "الفكر الجديد"، بحجمها الصغير، لكنها كبيرة بما تحمله من تنوع فكري وأدبي وفني. قرأت كل ما احتوته صفحاتها بشغف، لكنني توقفت طويلًا عند صفحتها الأخيرة، تلك الصفحة التي جمعت أخبارًا وموضوعات أدبية، شعرت وكأنني وجدت شيئًا كان ينقصني، شيئًا لم أكن أعلم بوجوده أصلًا.
في اليوم التالي، حملتني قدماي، بخطوات خجلى، إلى مكان بيع الصحف وسط السوق، وكأنني ذاهب إلى موعد مرتب سلفًا مع قدري، وهناك وجدته، زميلي، ينتظرني بلا اتفاق. دخلنا المكتبة الصغيرة، طالعتُ بعينين جائعتين عناوين الكتب والصحف، اشتريت كتابًا لسلامة موسى، وعددًا جديدًا من "الفكر الجديد"، ومنذ تلك اللحظة، عرفت الطريق... طريق الكتب، طريق الصحف، طريق الوعي..... طريق الشعب!!
كانت البداية مع "الفكر الجديد"، لكنها لم تكن النهاية، بل مفتاحًا لعالم أوسع، عالم الصحف اليسارية والشيوعية التي شكّلت وعي جيلي وزرعت فينا بذور التفكير النقدي وروح البحث عن العدالة. لم أكن وحدي، كنا كثيرين، نلهث خلف " طريق الشعب"، و"الثقافة الجديدة"، و"الفكر الجديد"، نقرأها سرًّا أحيانًا، ونتداولها بفخر أحيانًا أخرى، لكنها كانت دومًا أكثر من مجرد أوراق تُطوى وتُرمى، كانت مدرسة، بل جامعة كاملة.
علّمتنا تلك الصحف أن الحياة ليست مجرد معادلات فيزيائية أو دروس محفوظة، بل معركة فكرية مستمرة، فيها الاقتصاد، وفيها السياسة، وفيها العدالة التي يحلم بها الفقراء والمهمّشون، وتلك القصائد التي تصرخ بحرية الإنسان، والروايات التي تحكي عن أبطال التحرر، من ثورة أكتوبر إلى مقاومي النازية والفاشية، إلى ثورات شعوبنا الباحثة عن كرامة العيش.
لم تكن طريق الشعب صحيفة فحسب، بل كانت رفيقًا يوميًا، نبدأها بعمود أبو كاطع، وننتهي بصفحاتها الثقافية والسياسية، ننهل منها ما لم تعلّمنا إياه المدارس، ونتلمّس فيها وعيًا يتشكّل وحلمًا يكبر، ونسأل أنفسنا كل يوم: كيف نكون جزءًا من هذا التيار الذي يصنع الإنسان الجديد، الإنسان الذي يعي ذاته ومجتمعه وتاريخه.
ومن بين طيّات تلك الصحف، تشرّبنا الأدب، الشعر، الرواية، وتعلّمنا لغة الحوار، لغة السؤال، وتعلّمنا ألا نخشى الإجابة الصعبة، ولا أن نُصنَّف إذا نطقنا برأي، فكم مرة سُئلت: "أأنت شيوعي؟"، وكنت أبتسم، لا لأن الانتماء تهمة، بل لأنهم رأوا في مواقفي، في لغتي، في وعيي، ملامح تلك الصحف، ملامح مدرسة امتدت من حبر "كفاح الشعب" إلى حوارات "الثقافة الجديدة"، وعمق "الفكر الجديد".
نعم، كانت الصحف الشيوعية العراقية مدرسة لا تشبه غيرها، صنعت منا قرّاءً، نفكر بوعي، ثم، شاء القدر، أن نكون جزءًا من جيل ما زال يؤمن أن التغيير يبدأ من الكلمة، من الورقة المطبوعة، من الفكرة التي تُرعِد العروش وتحطم الدكتاتوريات.
وها نحن اليوم، وبعد كل تلك السنوات، نقف أمام هذا الإرث، نرى أثره الغائب في ملامح الشبيبة الجديدة، جيلٌ ابتعد عن القراءة، أغمض عينيه عن الصحف التي تحمل الوعي وتفتح الأفق، وفتحها على ثقافة العولمة الاستهلاكية، على لهاثٍ خلف آخر صرعات المودة، وانبهار أعمى بأنواع الأكلات السريعة، وكأنها بديل عن الفكر والغذاء الروحي، رغم الواقع البائس والمستقبل الضبابي الذي يحيط بهذا الجيل.
وهنا، تقع المسؤولية الكبرى على عاتق القائمين على الإعلام في الحزب الشيوعي، وعلى لجان الثقافة في الأحزاب والنقابات والاتحادات، ليعيدوا إنتاج الوعي بأساليب تتماشى مع روح العصر، ليعيدوا للجريدة دورها التربوي والتنويري، وليضعوها، كما وضعت لنا يومها خفية في كتاب الفيزياء، بين أيدي الجيل الجديد.
*******************************************
صوتٌ لا يُقمع: تسعون عاماً من نضال الصحافة الشيوعية العراقية في أزمنة الخراب
دينا الطائي
في زمنٍ يُستبدل فيه القمع العاري بالاستلاب الناعم، وتُغلف الكوارث الاجتماعية بشعارات "الإصلاح أو التحول الديمقراطي"، تقف الصحافة الشيوعية لا كأرشيفٍ نضالي، بل كجبهة مفتوحة ضد الردّة الطبقية المعولمة. ليس احتفال التسعين عاماً من صدور "كفاح الشعب" لحظة نوستالجيا سياسية، بل لحفر خط الجبهة مجددًا وسط هذا الخراب - حيث تتآكل الدولة، ويتحوّل الإعلام إلى سوق نخاسة سياسية، وتُقايض السيادة الوطنية والمصالح الشعبية بصفقات الفساد والولاءات الخارجية، ويُسحق ليس فقط الفقراء، بل كل صوت تقدمي، وطني، ديمقراطي، حرّ.
ما معنى أن تكون صحفياً شيوعياً اليوم؟ أن تكتب ضد الصمت الطبقي المفروض، أن تفكك أكاذيب السلطة والمعارضة المأجورة معاً، أن تصرخ في وجه الذين يريدون من الكلمات أن تكون محايدة، بينما تنزف البلاد وتُسحق كرامة الانسان.
أنا، كواحدة من هذا الجيل الذي لم يعاصر بدايات هذه الصحافة، لا أكتب من باب الاحتفال البارد، بل من التزام نضالي حي. أقرأ هذا التاريخ كرافعة نضالية ضرورية اليوم، وأدرك أن مسؤولية استيعابه تقع على عاتقنا نحن - جيل ما بعد الاستبداد، الذي لا يزال يرزح تحت قشرة الحرية الشكلية.
في 31 تموز 1935، حين انطلقت "كفاح الشعب" كأول صوت صحفي شيوعي في العراق، لم تكن مجرد صحيفة، بل شرارة في ليل استعماري سميك، ومنبرًا في زمنٍ كانت الكلمة الحرة فيه جريمة.
منذ تلك اللحظة، حملت هذه الصحافة على عاتقها مهمة مزدوجة: أن تكون لسان حال الطبقة العاملة وأداة تنظيمها، ومنبرًا نضاليًا لقضايا التحرر الوطني والتقدّم الاجتماعي، وجزءًا من إنتاج وعي ثوري لخوض حرب لا هوادة فيها ضد كل أشكال الاستعمار والطغيان والاستغلال والجهل.
أداة إنتاج طبقي لا وسيلة إعلام فقط
في التصوّر اللينيني للحزب الثوري، للصحافة موقع جوهري: ليست راصدًا للحدث فحسب، بل وسيلة لصناعة الوعي، لتوحيد التجارب، لخلق الصوت الطبقي الجماعي. كانت صحف مثل "إلى الأمام"، "اتحاد الشعب"، و"طريق الشعب" لاحقا، أدوات بناء حزبي: ساهمت في صقل الكادر، وتغذية النقاش الداخلي، وتوفير مساحات للجدل حول التكتيك السياسي، كما شكّلت اختبارًا للانضباط والحسّ البروليتاري عند الكاتب. أسهمت في بلورة وعي نقدي مُناهض للهيمنة، وربطت بين جبهات النضال المختلفة.
ولأنها لم تكن محايدة، بل منحازة بوضوح للعمال، للفلاحين، وللطلبة، وللنساء الكادحات، كانت دائمًا عرضة للحصار والقمع والمنع والملاحقة، لكنها لم تفقد دورها كأداةٍ للصراع، بل واصلت مهمتها: أن تُنير ما يُراد له أن يُطمس.
تسعون عامًا من النضال والتنوير
الصحافة الشيوعية العراقية ليست فقط ذاكرة مطبوعة، بل تاريخ من التحدي: كُتبت في السرّ، المعتقل، المنفى، وتحت الرصاص لكن تأثيرها كان مضيئًا. وفي فترات الانفراج النسبي، تحدّت الرقابة، وفضحت الفساد، وأصّلت للبديل الاشتراكي. وفي كل مرحلة، كانت تستعيد دورها بوصفها الذاكرة الجمعية للحزب، وأداة تواصله مع الجماهير، ومرآة نضاله الداخلي والخارجي.
كما أنها لم تكن يومًا مجرّد آلة نضالية، بل مشعلًا ثقافياً - نشرت الأدب، والنقد، والتحليل، والجدل الفلسفي، وساهمت في خلق جمهور ناقد. والتنوير هنا لم يكن ترفًا، بل تفكيكًا للجهل المصنّع، ومواجهةً للإعلام المضلل، وكسرًا لخطاب الاستبداد، وانتاجًا لوعي متجدد بوصفه فعلًا مقاومًا.
وفي هذا الإطار، لم تحوّل الماركسية إلى دعاية جامدة، بل أبقتها ديالكتيكاُ حياً يطرح الأسئلة ويُصارع الواقع. استخدمت النظرية كمفتاح للفهم والتحويل، لا كمطرقة أيديولوجية، فظلت مدرسة حوار، لا منبر تلقين. بهذا المعنى، غدت ميدانًا يلتقي فيه الثوري والمثقف، التنظيمي والميداني، لتشكيل وعي جماعي يرفض الخنوع والتسطيح، ويناضل من أجل الحرية والعدالة.
الإعلام الطبقي المضاد: صحافة رأس المال
في مقابل هذه الجبهة، وقفت آلة الإعلام السلطوي الرجعي بخطاب مأجور، تُروّج لصورة زائفة عن الديمقراطية، بينما تشيطن حرية التعبير والاحتجاجات الشعبية، وتلمّع سلطة السلاح المنفلت والسوق. هكذا تُعاد قولبة وعي الناس على مقاس النظام القائم، من خلال ضخّ تصور جماعي خاضع يُنتج الطاعة لا التغيير.
وهنا تتجلى أهمية الصحافة الشيوعية كأداة تفكيك جذري، تُعري الهيمنة، وتفضح بنى السيطرة، وتُعيد تعريف الواقع لا بناءً على ما يُقال، بل على ما يُعانيه الناس في يومهم: البطالة، الجوع، العنف، التمييز.
راهنية المعركة: بين الخراب النيوليبرالي وتجديد التنوير الثوري
في هذا السياق الخانق، حيث تُحاصر حرية التعبير من الرقابة العلنية إلى الخنق الناعم في ظل الهيمنة الثقافية للنيوليبرالية، ومن التجويع الإعلامي إلى عسكرة الخطاب، تواصل الصحافة الشيوعية أداء دورها كصوت نادر في فضاء مشبع بالبروباغندا. لا تملك امتيازات، ولا تحظى بإعلانات، لكنها تكتب لأن الصمت، في معركة الوعي الطبقي، خيانة.
لقد أدّت الصحافة الشيوعية، على امتداد تسعين عامًا، أدوارًا تتجاوز التوثيق: وسّعت التنظيم، وربطت النضال الطبقي بالقضايا الوطنية والاقليمية، والنسوية، والنقابية. بأسلوب مبدئي، ساهمت في صياغة خطاب وطني ديمقراطي ترك أثره على الصحافة التقدمية والوطنية عمومًا. لم تكن لسان حال الحزب فقط، بل صوتًا لعموم شغيلة اليد والفكر، ورسّخت مكانتها كركن ثابت في معركة بناء الدولة المدنية والتصدي لمنظومات الاستبداد والاحتلال والمحاصصة، لتبقى هذه الصحافة ضرورة نضالية وفكرية، لا ترفًا، وركيزة في مشروع تحرر شعبي شامل.
كما تجاوزت هذه الصحافة التأثير المحلي، إذ شكّلت رافعة أممية، فتضامنت مع حركات التحرر في وجه الهيمنة الامبريالية، وظلّت جزءًا من نبض الشعوب المناضلة، من دون أن تفقد خصوصيتها العراقية. لم يكن حضورها مجرّد تضامن شعاراتي، بل ممارسة يومية: أرّخت للمذابح، نشرت البيانات، وتبنّت نضالات الشعوب - ما جعلها، حاضرة في الوجدان التقدمي الأممي.
التحوّل الرقمي: التنوير في الفضاء الإلكتروني
في فضاء رقمي تُهيمن عليه الخوارزميات، وتُعاد هندسة الشبكات لترويج التفاهة وإسكات الصوت التحرري، هنا تبرز الصحافة الشيوعية أمام تحدٍّ مزدوج: أن تبقى وفية لرسالتها الطبقية، وأن تُتقن أدوات العصر. لا بالتنازل، بل بالاقتحام – بالمحتوى البصري، والمقاطع النقدية السريعة، وكل ما يجعل التنوير ممكنًا في زمن الانهيار المعرفي. في هذا الفضاء، تتحوّل الصحافة الشيوعية إلى رافعة تنظيمية جديدة: تربط بين الدوائر النضالية، وتبني منصات للفكر التنويري، وتفتح مداخل لتجنيد الطاقات الشابة خارج الأطر التقليدية، كامتداد حي لنشرة الحزب السرّية، لكن بلغة وصياغات العصر.
أفكر معهم، كواحدة منهم، لا كمتفرجة: ما الذي يعنيه أن نواصل هذه الصحافة؟ أن نكتب لا لنملأ الفراغ، بل لنكسره؟ أن ننتج معرفة لا تُدجن بل تُفجر وعياً؟ إن مسؤوليتنا اليوم أن نطور جبهتنا الإعلامية في وجه تحالف السلطة، المال، والسلاح.
الشهداء والشهيدات: اسم يُكتب بالدم
لا يمكن الحديث عن تاريخ صحافتنا دون الانحناء أمام أولئك الذين دفعوا أعمارهم ثمنًا للحقيقة. شهداء الكلمة، شهيدات النشر السري، وأولئك الذين كتبوا وهم يعلمون أن أعين السلطة تترصدهم ومعهم جنود الكتمان. صحافتنا كُتبت بالدم، ومدادها نضال لا يُمحى. لم تكن يوماً، ولن تكون، مجرّد فعل تنظيمي أو فكري؛ بل مخاطرة وجودية، خاضها من أطفأهم الرصاص أو بدّدتهم المنافي. إن هؤلاء ليسوا تضحيات الماضي، بل صناع الوعي في كل زمان. إنهم جميعاً ، بلا استثناء، مفخرة للصحافة العراقية، وللضمير الإنساني الحي.
ختاماً، ليس احتفال التسعين عاماً مناسبة نوستالجية. إنها لحظة إعادة التأسيس، أدعو من خلالها رفيقاتنا ورفاقنا في ساحات التنظيم والنضال: اجعلوا من الصحافة الشيوعية منبراً دائماَ ضد الهيمنة والاستغلال، صوتاً للتنوير، سلاحاً في يد من لا يملكون سوى وعيهم.
فلنكتب كما نناضل: بوضوح، بانحياز، وبلا خوف.
هكذا نحفظ جذوة المسار، شعلةً لا تُساوَم.
عاش نضال الصحافة الشيوعية العراقية، جبهة وعي، ناراً لا تنطفئ.
********************************************
الصفحة العاشرة
نعوم تشومسكي أو كيف كيف نحرّر العقل من أغلال الهيمنة؟
فاطما خضر
«نعوم تشومسكي: سيرة ومقالات وحوارات»، كتابٌ غنيٌّ ليس فقط بسيرة ذاتيّة عن «أحد صنّاع القرن العشرين» كما وصفته صحيفة «التايمز» اللندنيّة، بل بسجلات الحروب المروّعة التي قادتها الولايات المتحدة على مدار عقود. إنها سيرة متعددة الأبعاد، تبدأ من الطفولة وحضن العائلة، وتنمو لتحاكي عقل مفكر يثور على اللغة والسلطة.
تولت المترجمة السورية ميرنا الرشيد إعداد الكتاب وترجمته (دار كنعان/ 2025) واستهلته بمجموعة آراء لأشخاص رووا لقاءهم بتشومسكي. أحدها لكولين فيليب أستاذ اللغويات في «جامعة ميريلاند»، الذي درس في قسم تشومسكي في «معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا» تحت إشرافه، ووصفه بأنه «قوة من قوى الطبيعة».
يلي ذلك تمهيد بقلم الرشيد، ثم مقالان: يستعرض الأول حال أميركا في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي؛ ويستعرض الثاني حال اليهود في أميركا في المدة ذاتها.
تأتي أهميّة هذين المقالين في أنهما يموضعان سيرة طويلة لإنسان وُلِد بعد عام من كساد أميركا العظيم المشار إليه في المقالين السابقين، لعائلة يهودية مهاجرة من أوكرانيا (والده كان أستاذاً جامعياً للغة العبرية) وبيلاروسيا (والدته كانت مدرّسة للغة العبرية الحديثة).
نشأ تشومسكي في بيئة فكرية يسارية زرعت فيه بذور التمرد الفكري، تبلورت لاحقاً في انتقاده الحاد للأنظمة السلطويّة؛ وحفزته والدته تحديداً على الالتزام بمواجهة القضايا الاجتماعية.
تأثر باكراً بمناقشات والديه المناهضة للرأسمالية وللظلم الاجتماعي، وبعدد من أفراد أسرته الممتدة الذين شاركوا في حركات سياسية راديكاليّة ازدهرت أثناء مدة «الكساد العظيم». وكان لهذه النقاشات الأثر في بعده عن الماركسية، وتحركه باتجاه الأناركية ــ الفوضوية.
التحق بـ «جامعة بنسلفانيا»، حيث درس الفلسفة واللسانيات. هناك، كان لعالم اللغويات البارز زيلغ هاريس تأثير بالغ في حياته.
نال شهادة بكالوريوس غير تقليدية عكست اهتمامه باللغويات والفلسفة والمنطق. ثم تابع دراساته العليا، ونالت أطروحته «الصرف الصوتي للعبريات الحديثة» اهتماماً شديداً، كونها أول مثال على «النحو التوليدي الحديث»، ومثلت حجر الأساس لكتابه «البنى النحوية» الذي أحدث زلزالاً في علم اللغة.
نقد فيه المدرسة السلوكيّة السائدة، التي رأت أن اللغة تكتسب بالتقليد والتحفيز البيئي فقط؛ طارحاً بديلاً جذرياً، وواضعاً نظرية ثورية في علم اللسانيات.
هكذا قدم في مسيرته الأكاديميّة، التي قضى معظمها كأستاذ للسانيّات، أكثر من ثلاثين كتاباً، إلى جانب عشرات الأبحاث والمقالات الأكاديمية المؤثرة، إضافة إلى مفاهيم لغوية لم تكن معروفة: تسلسل تشومسكي الهرمي، النحو التوليدي، ومفهوم النحو الشامل. ليغدو بذلك «أب اللسانيات الحديثة».
في القسمين الثالث (مقالات) والرابع (حوارات)، ننتقل إلى بعد آخر من مسيرته، عرف فيه كمفكر ومحلل سياسي، كرس معظم كتاباته بعد الستينيات للنقد السياسي والاجتماعي، فألف أكثر من سبعين كتاباً سياسياً، وكتب عشرات المقالات، كسر عبرها تابوهات الدعم الأعمى لإسرائيل والهيمنة الأميركية، ليغدو واحداً من أقسى منتقدي السياسة الخارجية الأميركية.
اختارت الرشيد 15 مقالاً من مقالاته السياسية، وسبعة حوارات أُجريت معه يتضح فيها مجتمعة أنه ناقد للإمبريالية الأميركية والرأسمالية، صوت للمهمّشين، ومدافع عن حقوق الشعوب، وأولها حق الشعب الفلسطيني الذي دافع عنه بقوة، واصفاً الاحتلال الإسرائيلي بنظام الفصل العنصري، ومقارناً سياساته بالاحتلال النازي.
لذلك منعته إسرائيل من دخول الضفة الغربية لإلقاء محاضرات في «جامعة بيرزيت» (2010)، فوصف هذا الفعل: «تصرف لا يحدث إلا في الدول الديكتاتورية الشمولية».
رأى في مقال له أن الإذلال والإهانة والإرهاب هي أدوات إسرائيل الأساسية للسيطرة: «تعود مأساة غزة بالتاريخ إلى عام 1948، عندما هرب مئات الآلاف من الفلسطينيين مرعوبين، أو أنهم طردوا قسراً إلى غزة، بفعل القوات الإسرائيلية الغازية.... على مدى عقود، كانت غزة بمنزلة معرض للعنف بجميع أنواعه.
يتضمن السجل فظائع خُطّط لها بعناية، على غرار عملية الرصاص المصبوب بين عامي 2008 و2009، أو «قتل الأطفال» كما أسماها مادس غيلبرت وإريك فوس، الطبيبان النرويجيان اللذان عملا في «مستشفى الشفاء» في غزة، مع زملائهما الفلسطينيين والنرويجيين أثناء العدوان الإجرامي».
من ضمن مقالات الكتاب مقال بعنوان طويل «لا أهمية لنقاش (الدولة الواحدة ــ الدولتين) بينما توطد إسرائيل والولايات المتحدة إسرائيل الكبرى»، يكفي لفهم أسباب الحروب التي تفتعلها أميركا وإسرائيل.
رأى فيه أن النقاش حول «الدولة الواحدة» أو «حل الدولتين» أصبح بلا معنى، إذ تواصل إسرائيل، بدعم أميركي لا محدود، توطيد مشروع «إسرائيل الكبرى»، محولة الضفة الغربية وقطاع غزة إلى كانتونات معزولة، وملحقة بأراضيها بكامل القدس الموسّعة ووادي الأردن. ما يلغي أي إمكانية لقيام دولة فلسطينيّة مستقلة، ويجعل الحلول النظرية مجرد غطاء لاستمرار الاحتلال.
أكد في مقال آخر أن وقف الدعم الأميركي غير المشروط هو العامل الوحيد القادر على إجبار إسرائيل على تغيير سياستها التوسعية والقمعية تجاه الفلسطينيين. إذ تعتمد إسرائيل كلياً على الحماية السياسية والعسكرية والمالية من واشنطن، ما يمكنها من تجاهل القانون الدولي والقيم الإنسانية.
وفي مقاله «ما هي نوايا إيران»، تحدث بالتفصيل حول إيران، رافضاً وصفها بأنّها «تهديد عالمي»، ومؤكداً على أن سياستها الخارجية دفاعية في جوهرها، لحماية سيادتها بعد قرون من التدخلات الغربية؛ وأنها تشوّه عبر الآلة الإعلامية الأميركية.
وبحسب تحليله، فإن البرنامج النووي الإيراني ليس عسكرياً، بل رداً على التهديدات الأميركية والإسرائيلية، خاصة مع امتلاك إسرائيل ترسانة نووية غير خاضعة للتفتيش. والمعضلة الحقيقية ليست في نوايا طهران، بل في رفض الغرب قبول دولة مستقلة ذات سيادة.
وطرح هذه الفكرة الأخيرة في مقال آخر، تحدث فيه عن أن ما يهدد أميركا ليس «الإسلام المتطرف»، بل نزوع الدول للاستقلال عن الهيمنة الغربية، خصوصاً في العالم العربي.
فالأولوية الأميركية هي السيطرة على الموارد والتحكم الجيوسياسي، بغض النظر عن طبيعة الأنظمة الحاكمة (ديموقراطية أم ديكتاتورية).
انتقد مطولاً الغزو الأميركي للعراق، مشبّهاً الدمار الذي خلفه بالغزو المغولي، واعتبره جريمة دوليّة كبرى قائمة على أكاذيب سياسية مدروسة، وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، موضحاً أن الأهداف الحقيقيّة تتمثل في السيطرة على ثروات العراق، وإعادة تشكيل الشرق الأوسط لخدمة المصالح الأميركية والإسرائيلية.
وبعد الحرب الروسية ــ الأوكرانية، سخر من الغرب الذي تجاهل جرائم أميركا في العراق، قائلاً: «الغرب يدين روسيا، لكنه لا يجرؤ على إطلاق أدنى احتجاج ضد أميركا».
هكذا، بين قواعد اللغة وقواعد السلطة، ظل تشومسكي ثائراً على كل ما يقيّد حرية الإنسان، مكرّساً حياته لسؤال واحد: كيف نحرر العقل من أغلال الهيمنة؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"الأخبار" اللبنانية – 21 حزيران 2025
**********************************************
كذبة أدبية كبيرة اسمها: {ورشة كتابة الرواية!}
أمين الزاوي
أكبر كذبة أدبية يصدقها كثر من الكتاب الحالمين الصاعدين هي كذبة "ورشة كتابة الرواية!". الكتابة الإبداعية رواية أو شعراً تقيم خارج مربع التعليم والتعلم، بل أجزم بأنها ضد مسطرة التعليم والتعلم أصلاً.
فجأة، انتشرت ظاهرة ثقافية غريبة في فضاءاتنا الإبداعية، ظاهرة تأسيس "أوراش كتابة الرواية!".
البيداغوجيا عدوة الإبداع!
ترفع "ورشة كتابة الرواية" شعاراً صارخاً، كيف تصبح روائياً عالمياً؟ على وزن كيف تصبح حلاقاً مشهوراً أو مصارع ثيران لا يهزم؟
فكما حوّل بعض المعلمين مرائبهم (كاراجاتهم) إلى قاعات للتدريس الاستدراكي مع اقتراب موعد الامتحانات، حيث يكدس التلاميذ مع وعدهم بالنجاح المحقق والباهر في الباكالوريا، عمد بعض "الكتاب" و"النقاد" و"الجامعيين" وحتى "الصحافيين" إلى تأسيس "أوراش للكتابة الروائية" ليسكنوها في بعض مكتبات الحي أو المراكز الثقافية، ونادوا عالياً عبر وسائط التواصل الاجتماعي على الكتاب الصاعدين أن تعالوا نعلمكم "أسرار الكتابة الروائية"، ونمنحكم مفاتيح كتابة الرواية المدهشة حتى تحصلوا وتحصدوا الجوائز الكبرى المحلية والعالمية. هذه الكذبة الأدبية الغريبة التي يصدقها كثر، لا يقتصر انتشارها على العالم العربي وشمال أفريقيا فقط، بل إن أصلها ومنبتها كان في الولايات المتحدة الأميركية (هكذا يقال!)، ثم شاعت في بلدان أوروبا، لتحط رحالها في ربوعنا أخيراً. وتكون الكذبة قوية وملونة كلما كان منبتها العالم المتطور المصنع والمعلب!
ماذا تقدم يا ترى كذبة "ورشة كتابة الرواية" لكاتب شاب يحلم أن يكون، ذات يوم، كاتباً على شاكلة غارسيا ماركيز أو إرنست همنغواي أو نجيب محفوظ أو فيكتور هوغو ...
هل يمكننا أن نتصور كاتباً يكتب بحسب ما تمليه وصفة "دواء أدبية"؟
يقرأ الكاتب الصاعد "وصفة طبيبه الأدبي" بصورة جيدة يحفظها عن ظهر قلب ثم يطبقها بحذافيرها، كما يحترم المريض مضمون وصفة طبيبه لعلته، فيتخيل نفسه وقد أصبح بقدرة قادر دوستويفسكي أو مكسيم غوركي أو عبدالرحمن منيف وآسيا جبار.
مضغ الوهم! اجترار لقمة السراب!
وبحماسة يبدأ الكاتب الصاعد خريج كذبة "ورشة كتابة الرواية" بتركيب ما أملاه عليه "فقيه الرواية"، طريقة خلق الشخوص والرجال بلحاهم والنساء بزينتهن والأطفال بلعبهم والسماء بزرقتها والعصافير تزقزق والقط يموء والجارة تراقب الجار الذي سيصبح البطل الرئيس ويسافر ويتزوج وينجب، وتمطر السماء ويجري النهر ويجرف في طريقه الأشجار والماشية وتطلع الشمس...
هي الرواية يا إلهي! ويكبر الوهم!
كلما سمعت أو قرأت عن ورشة لكتابة الرواية، عن مزاياها وتشبث بعض الشباب من الكتاب بأوهامها، أتساءل في أية ورشة لكتابة الرواية تعلم سرفانتس وزولا وهمنغواي والطيب صالح أسرار فن كتابة الرواية؟ على يد أي "فقيه" أو "فقيهة" تدرب هؤلاء حتى اشتد عودهم الأدبي وأصبحوا بكل هذه الجودة وهذا الإدهاش الفني؟
الكتابة الإبداعية الخلاقة هي السير ضد الطريق المستقيم، على الكاتب أن يمشي كالقط في طريق حلزوني، ويظل على هذا الطريق إلى أن ينتهي الطريق أو لا ينتهي، لا يهم. والكتابة الإبداعية هي تحطيم "الأصنام". العلاج بالكتب: وصفة طبية أدبية لشفاء النفوس وحين يجلس الكاتب الصاعد أمام "فقيه" يعلمه كتابة الرواية، فهو، قبل كل شيء، يعلمه عبادة أصنام الرواية الذين جاؤوا من رحم غير رحم "المدرسة"، وحين يريده معلمه أن يصبح مثلهم، أو أن يكتب على نهجهم فهو بذلك يصنع منه نسخة مزورة لعملة نادرة. الكتابة الخلاقة سفر ضد المكرس، هي قتل الأدب. الكتابة تنبع من رحم التجارب الخاصة في الحياة، هي حفر في علاقة الكاتب مع نفسه ومع الآخرين، فلكل كتابة أصيلة بصماتها ولها زمرتها الدموية ولها جيناتها، ولا تشبهها في ذلك سوى تجربة حرارة الحياة الخاصة، لكل إنسان مصير ومسار خاصان به، وعلى الكتابة كي تكون متفردة أن تقتفي هذه الحياة المميزة.
الكتابة هي القراءة، ونقطة إلى السطر.
ورشة الكتابة الوحيدة والمثلى التي على الكاتب الصاعد أن يدخلها ويظل مقيماً فيها متعلماً، لا يغادرها حتى لو أصبح من صف تولستوي وكامو وكاتب ياسين ومحمد ديب هي "ورشة القراءة". لا معلم في الأدب إلا معلم القراءة. والمدرسة التي لا تغلق أبوابها والتي يظل فيها الكاتب تلميذاً هي مدرسة "القراءة"، ونصاب بالتخمة في كل شيء باستثناء القراءة، فكلما قرأنا شيئاً جميلاً نصاب بمرض ارتفاع منسوب "الشهية"، فترتفع رغبتنا في التهام الكتب أكثر فأكثر.
الكاتب الجيد قارئ أجود!
المدرسة الحقيقية للكاتب هي "المكتبة"، وقد تحدث بورخيس عنها ولم يجد لها شبيهاً سوى "الجنة"، وكتب عنها نصوصاً إبداعية مدهشة كقصة "مكتبة بابل" ورفعها إلى درجة المكان المقدس. ويذكرنا التاريخ الإنساني بأنه كلما كانت هناك مكتبات مرجعية في مدينة أو بلد إلا وأنتجت لنا مواهب في الإبداع والفكر والفلسفة، فهي المكان الذي يجتمع فيه وحوله النخب، من جامعة "مداوروش" بالجزائر ومكتبتها التي أعطتنا الكاتب أبوليوس صاحب أول رواية في تاريخ السرد البشري وهي "الحمار الذهبي، إلى مكتبة "الإسكندرية" وإلى مكتبات تمبكتو العريقة. ومن خلال القراءة المتعددة تتشكل الذائقة الجمالية، لغة وأسلوباً وفلسفة، وبصورة لا واعية يقوم القارئ/الكاتب بتصفية ما يقرأ ثم يشرع في إجراء عملية تقاطع الأساليب والرؤى، ومنها تبدأ ولادة كاتب جديد. أعود لكذبة "ورشة الكتابة" فأقول إن ورشة الكتابة الروائية هي شبيهة بخم الدجاج، فالورشة سعيها الحثيث هو تفريخ أكبر عدد من الكتاكيت الأدبية الروائية المتشابهة، ككتاكيت الحاضنة الكهربائية، متشابهين في اللون والحجم والحركة والمصير أيضاً.
أيها الكتاب الصاعدون الحالمون لا تصدقوا كذبة "ورشة الكتابة الروائية"!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"اندبندنت عربية" – 3 تموز -2025
***********************************************
رسالة البابا فرنسيس إلى الشعراء: {أنتم العيون التي ترى وتحلم}
أحمد المديني
سبق لي أن قدّمت عرضاً لكتيّب طريف ومثير في نوعه للبابا فرنسيس بعنوان "رسالة عن دور الأدب في التكوين" صدر بترجمة البروفيسور في "الكوليج دو فرانس" وليام ماركس وتقديمه، ("منشورات إكواتور" 2024). أظهر هذا الإصدار الجانب الخلفي لشخصية البابا الراحل الذي عمل في شبابه مدرّساً للأدب في إحدى ثانويات بلاده قبل التحاقه بالسلك الكنسي، وتعرفنا معه إلى الأهمية والقيمة اللتين أولاهما لقراءة الأعمال الأدبية: الشعر والرواية، وحض رجال الدين على القراءة لتغذية أرواحهم، وفهم الكتاب المقدس، والتكفل برسالة الهدى والصلاح ناظراً إلى الأدب سبيلاً للخلاص.
في 27 أيار 2023، استقبل البابا فرنسيس في الفاتيكان جمعية للشعراء والكتّاب وكتّاب السيناريو. وهي المناسبة التي أظهرت اهتمامه وشغفه الكبيرين بالأدب، وأرادها كما سجل المحفل البابوي احتفالاً بسلطة الكلمات في مواجهة لغز الحياة البشرية. فكانت خطبته في مجمع الأدباء التي دوّنت لاحقاً في نص، ونشر أخيراً بالفرنسية (في نهاية نيسان بعدد خاص من الأسبوعية الرصينة LE UN HEBDO) هي ما أترجم لكم، سأترك لكم الإفادة والاستمتاع بهذا النص الفريد، يحبب لك الأدب والدين ويسمو بهما عالياً.
"طيلة حياتي أحببت عديد الكتاب والشعراء، وخاصة دانتي، ودوستويفسكي، وآخرين. أعانتني كلمات الكتاب على الفهم، فهم العالم، وفهم شعبي، وكذلك جس قلب الناس، وتعميق طريق إيماني، بل ورسالتي الكنسية وأنا في هذا الكرسي البابوي. ذلك أن كلماتِ الأدب هي مثل شوكة في القلب، تدفعك إلى التفكير وتضعك على الطريق. إن الشعر مفتوح، ينقلك إلى جهات أخرى. وفي ضوء تجربة شخصية، أريد أن أتقاسم معكم بعض الأفكار حول مهمتي.
أول ما أريد قوله هو: إنكم أنتم العيون التي ترى وتحلم. إن شخصاً فقد القدرة على الحلم يفتقر إلى الشعر، والحياة من دون الشعر ليست على ما يرام. نحن البشر نطمح إلى عالم جديد ربما لن نراه أبداً بأعيننا، ومع ذلك نرغب فيه، ونبحث عنه، ونحلم به. يقول كاتب من قارة أميركا الجنوبية: لنا عينان، واحدة من لحم، والثانية من زجاج. بالأولى نرى ما ننظر إليه. وبالعين الزجاجية، نرى ما نحلم به. يا لتعاستنا إن توقفنا عن الحلم؛ الويل لنا!
الفنان هو كائن، بعينيه يرى ويحلم في آن واحد. إنه يدرك بعمق أكبر، يتنبأ ويظهر طريقة مغايرة للنظر، ولفهم الأشياء التي تتبدى لنا. أجل، الشعر لا يتحدث عن الواقع بمبادئ مجردة، ولكن بالاستماع إليه نفسه، إلى العمل، الحب، الموت، ولكل الأشياء الصغيرة التي تملأ الحياة. هنا أستشهد ببول كلوديل [شاعر ومسرحي فرنسي 1868ـ1955] في قوله: هي "العين تسمع". إن الفن ترياق لذهنية الحساب والنمطية؛ إنه التحدي لخيالنا ولطريقتنا في النظر وفهمنا للأشياء. وبهذا المعنى، فإن الإنجيل بذاته تحد فني. إنه حامل لهذه الطاقة "الثورية" التي تعرفون جيداً وتعبّرون عنها بعبقريتكم بكلمات تحتج، تؤوّل، وتصرخ. الكنيسة أيضاً في حاجة إلى نبوغكم لأنها تطلب الاحتجاج، وأن تنادي، وتصرخ.
الأمر الثاني الذي أريد قوله، هو: إنكم صوت القلق والهموم البشرية. كثيراً ما تبقى هذه الوساوس دفينة في قعر قلوبنا. وتعرفون جيداً أن الإلهام الفني ليس مريحاً فحسب، بل مبعث اضطراب، ذلك أنه يقدم في آن واحد أجمل حقائق الحياة ووقائعها الأشدّ تراجيدية. إن الفن حقل خصب يتم فيه التعبير عن "المتعارضات القطبية" للواقع كما سمّاها اللاهوتي رومانو غوارديني [1885ـ1968] تتطلب لغة خلّاقة ومرنة، قادرة على تبليغ الرسائل والرؤى القوية. وكمثال، أجدني أفكر في هذا المشهد في "الإخوة كرامازوف" [رواية دستويفسكي 1880] حين يروي الكاتب قصة طفل، ابن فلاح مستخدم يرمي حجراً فيصيب أحد كلاب سيّده، فيرد السيد بإطلاق الكلاب على الطفل. يجري هذا محاولاً الهرب من هجومها لكنها تتمكن منه وتنهشه تحت أنظار السيد الجنرال والعينين المستسلمتين لأمّه. إن لهذا المشهد سلطة فنّية وسياسية هائلة: فهي تتكلم عن واقع أمس واليوم، عن الحروب والصراعات الاجتماعية، كذلك عن أنانياتنا، ولا أحيل في هذا المشهد إلى النقد الاجتماعي وحده. إنني أتحدث عن توترات الروح، عن تعقيد القرارات، وعن الطبيعة المتناقضة للوجود. هناك ظروف في الحياة لا نستطيع، أحياناً، فهمها، أو لا نجد الكلمات المناسبة لها: هنا يوجد الحقل الخصب لعملكم، وهو أيضاً وكثيراً ما نلتقي فيه بالله. هي تجربة تفيض، لا نستطيع احتواءها. نحس بها وتتجاوزنا، مثل حوض يمتلئ بالماء من دون انقطاع إلى أن يفيض.
هذا ما أريد أن أطلبه منكم اليوم، أيضاً: تجاوزوا الحدود المغلقة والمرسومة. كونوا خلاقين، من دون أن تدجنوا أبداً وساوسكم ولا هموم الإنسانية. أخاف مسلسل التطويع هذا لأنه يخنق الإبداع، ويكبت الشعر. جمِّعوا بكلمات الشعر الرغبات المضطربة التي تسكن قلب الإنسان، حتى لا تبرد، ولكيلا تنطفئ. إن هذا العمل يسمح لفكر بأن يعمل، أن يبدع الانسجام وسط التوترات وتناقضات الحياة البشرية، وأن يرعى اشتعال نار الأهواء الجميلة، ويسهم في نمو الجمال بكل أشكاله، الجمال الذي يجد تعبيره عبر غنى الفنون، تحديداً.
هذا هو عملكم باعتباركم شعراء: أن تحيوا وتعطوا الكلمات لكل ما تعيشه الخلائق، وتحسّ به، ما تحلم وتتألم، بخلق التناغم والجمال. هو عمل يمكن أن يعيننا، أيضاً، على فهم الله، "الشاعر" الأكبر للبشرية. هل ستتعرضون للنقد؟ ليكن، فهذا جيد، تحملوا عبء النقد وتعلموا منه، لكن ابقوا دائماً وأبداً أصلاء وخلّاقين. لا تتوقفوا عن الافتتان بأنكم أحياء".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"النهار العربي" – 27 حزيران 2025
**************************************************
الصفحة الحادية عشر
جديد دار {المأمون}
مجلة "المأمون" الصادرة عن دار المأمون في وزارة الثقافة، صدر عددها الجديد 2/ 2025 وهو يحمل ملفاً عن الشاعر والمترجم ياسين طه حافظ، ومن ابرز المساهمين فيه:
د. نادية هناوي و د. سمير خليل ومن موضوعات العدد المهمة:
- "تأثير المشاكل الاجتماعية والبيئية على النصوص الادبية/ دراسة مجتمعية لأدب الجواهري وكالفينو".
- مقابلة مع ماريو فارغاس يوسا.
- صعوبات ترجمة قصة تشيخوف "في الطريق".
- آراء بشأن منهجية القراءة.
- الامن السيبراني.. اهميته وفحواه.
- واسيني الاعرج.. كابوس الحلم النووي.
- صداقة بيكاسو وماكس جاكوب.
- كيميائية الحب.
- المرجع في سيكولوجية البطولة الاجتماعية/ نصوص اساسية مختارة- السنوات التأصيلية (2017- 2020). اختيار وترجمة لؤي خزعل جبر. كتاب قيم يعنى بعلم النفس الاجتماعي وبأقلام نخبة من المتخصصين.
******************************************
«صلاة القلق» الرواية الفائزة بجائزة البوكر العربية 2025 قلق إيجابي يتمرد على الخوف والتسلط والتعذيب
فرح غارس عدنان
تعد رواية " صلاة القلق" لمحمد سمير ندا عملاً سردياً متماسكاً يعكس تجربة إنسانية متأزمة، تقوم على القلق الوجودي والخذلان الجمعي من خلال مجتمع صغير مغلق هو "النجع"، والذي يُشكّل بيئة رمزية تختزل الصراعات السياسية والاجتماعية والدينية التي عصفت بالمجتمع المصري والعربي خلال فترات محورية من تاريخه الحديث.
تُبنى الرواية على سرد بوليفوني واضح؛ حيث تتعدد الأصوات السردية وتتنوع وجهات النظر بين شخصيات مختلفة، دون هيمنة السارد العليم، مما يسمح للقارئ بتكوين تأويل حر.
كل شخصية في الرواية تحمل منظوراً خاصاً، وتعبر عن أزمة وجودية أو اجتماعية، سواء في مواجهة السلطة أو الحرب أو التقاليد أو حتى الذات.
كما تتخلى الرواية عن الحبكة التقليدية الخطية، وتلجأ إلى بنية مفتوحة تقوم على التقطيع الزمني، فيشتبك الحاضر بالماضي، وتتقاطع الذاكرة مع الواقع، مما يُعزز الإحساس بالاضطراب والقلق، انسجاماً مع عنوان الرواية.
تُجسِّد الشخصيات أبعاداً رمزية أكثر من كونها نماذج واقعية، اهمها:
- نوح النحال مثال للإنسان المهزوم تحت وطأة الخوف، والتسلط، وذكريات التعذيب، وهو في ذات الوقت حامل بذرة التمرّد.
- محجوب النجار يمثّل صوت التصالح الديني والروحي، لكنه عاجز عن الفعل، ومشدود بين إيمانه وأوهامه.
- شواهي تمثّل الحياة، الرحم، الديمومة، كونها لم تتأذَّ من الوباء الذي جعل منها رمزاً لـ"جوهر الحياة الباقي رغم الخراب".
- حكيم ابن الخوجة، هو الآخر شخصية مريضة نفسياً، مهووسة بالبحث عن المعنى، ويُحتمل أن تكون شواهي كلها وهماً متخيّلاً في عقله.
- النجع يرمز إلى المجتمع العربي المتخشب، الخاضع، والمكبّل بالخوف.
- النيزك والوباء يرمزان إلى لحظة الانهيار النهائي التي تُسقط الأقنعة وتُفني التقاليد القامعة.
- سقوط الحواجب والشعر إشارة رمزية إلى زوال الهيبة، والتحول من كائن اجتماعي إلى كائن فاقد للمعنى بل اقرب للسلاحف التي تعيس حياتها ببطءٍ هامشي.
وتتناول الرواية بشكل ضمني ثيمات مثل:
- الخوف الجماعي.
- اغتراب الإنسان داخل مجتمعه.
- سقوط الأيديولوجيات (نكسة 67، خيبة عبد الناصر).
- عبث الحروب.
- العزلة والفقد.
اللغة والأسلوب:
لغة الرواية مشدودة، دقيقة، محملة بالإيحاء، وأحياناً تميل إلى الشعرية المكثفة من دون أن تقع في الزخرف. تعتمد على الصور الرمزية والتناص التاريخي والثقافي، وتُراهن على الإيقاع الداخلي للجملة، مما يمنح السرد بعداً تأملياً يلائم جو القلق الذي تنقله للقارئ بكل بساطة. ليست "صلاة القلق" مجرد حكاية عن قرية أو شخصيات تنتظر عودة أبنائها من الحرب، بل نصّ يتعامل مع الإنسان ككائن هشّ، تائه، يائس من الخلاص، ويبحث عن المعنى في عالم فقد المبررات لوجوده. وقوة الرواية تكمن في قدرتها على جعل القارئ يشعر بعدوى القلق، وهذا بحد ذاته نجاح فني ونفسي معاً. هذه الرواية تُذكّرنا بأعمال أدباء الحداثة التي تجعل من العبث والانتظار والموت البطيء موضوعاً للكتابة، لكنها تفعل ذلك داخل بيئة عربية، محليّة، نابضة بالتفاصيل.
*************************************************
ذاكرة الصحافة الشيوعية.. مبارك.. يوم مولدها
داود سلمان الشويلي
ونحن نعيش في بحر من الاصدارات اليومية والاسبوعية والشهرية وفي هذا الخضم من الأخبار، وما أوصلته لنا هذه الاصدارات تبرز لنا إصدارات تحمل على كاهلهما الصدق المتميز من الأخبار اليومية العراقية والعربية، ومن هذه الاصدارات جريدة "طريق الشعب" اليومية، ومجلة "الطريق الثقافي" النصف شهرية، الحافلتين بما هو غني ومثمر وعالي المستوى، من أخبار تفيد المجتمع العراقي والعربي ودراسات متنوعة، ومقالات عديدة، في الفلسفة، والثقافة، والأدب، والفن، وكل ما هو يفيد الرأي العام العراقي والعربي.
وفي الذكرى التسعين للصحافة الشيوعية التي رسمت أمامنا الطريق السوي الذي علينا السير فيه لتجنب العثرات على الأصعدة كافة، ومنها الصعيد الثقافي، من خلال صفحاتها المشرقة والنيرة والبهية، صفحة الطريق الثقافي، هذه الصفحة التي كانت ميدانا لكل محبي هذه العوالم الثقافية والأدبية والفنية والتي نشرت كل ما هو مفيد للمجتمع من دراسات ومقالات وشعر وقصة قصيرة التي زودتنا، قراء وكتاباً، بما هو جديد، وغني، ومثمر، وبكل أشكاله، وألوانه، فكانت بذلك صفحة ناصعة البياض لتقديم كل ما هو رصين من دراسات، وقصص قصيرة، ورؤى عن الأدب، والفنون، والثقافة بصورة عامة، وكانت مع زميلتها مجلة "الطريق الثقافي" في حمل الثقل الأكبر عن الأدب، والفنون، والثقافة، في طريق جديد جديرة بشعب يحمل في حدقات العيون عراق الحضارات على امتداد سبعة آلاف سنة من الانجاز الحضاري في شتى الميادين، ومنها الأدب بما قدمه للعالم من الأساطير، والملاحم، الشعرية، والنثرية، كملحة جلجامش. في هذه المطبوعات الزاخرة بما هو جديد، وأصيل، نشرت نتاجي الأدبي الشخصي، والذي أعتز به، للقراء في الوطن العربي لهي جديرة أن يحتفى بصدورهما المبارك، والمشرق.
نتمنى لهذه الصحافة التقدم والازدهار، ولمن كتب فيها من أصحاب الأقلام التقدمية النيرة وافر العطاء.
********************************************
بلغات الشعوب
قصتان قصيرتان
للكاتب المكسيكي: خيراردو كورنيخو موررييتا*
ترجمها عن الاسبانية: حسين نهابة
الإهمال
كان البراهمان روحانياً سماوي الطيف، يسير في الغابة بخفة وحذر لدرجة يكاد يطفو ولا يلامس الأرض، حريصاً على ألّا يُلحق ضرراً بأي كائن حي. كان يتوخى الحذر وهو منغمس في عالم الكائنات الدقيقة، لئلا يطأ النمل والديدان، أو أن تلامس أطراف ردائه البرتقالي أجنحة الفراشات، أو أن يسحق الحشرات تحت نعليه. ولفرط انشغاله بذلك لم يدرك أن نمراً كان يخرج بخفة من بين الأدغال… حتى التهمه.
مسافرون
في الأعلى، كانت الطائرة النفاثة تشق السماء مخلفة أربعة خطوط بيضاء رفيعة، تتلاشى الى الخلف كآثار عابرة على بحرٍ مظلم من الفضاء. كان في داخلها رجلان يتحدثان عن الأشباح. قال الجالس الى جانب النافذة إنه لا يؤمن بالخرافات، ثم غفا. إلا أن طَرقاتٍ خفيفةً على الزجاج أيقظته. التفت الى رفيقه ليسأله إن كان قد سمعها هو أيضاً… لكنه لم يجده في مكانه. أخبرته المضيفة أن ذلك المقعد لم يُشغل طوال الرحلة، وأرته حزام الأمان غير المثبّت. ظنّ أنه حلم، فعاد الى النوم. لكن طَرقاتٍ واضحة هذه المرة أيقظته من جديد. تجرأ ونظر عبر النافذة، فرأى رفيق الحديث يبتسم له بخبث، ويودّعه بيده… من الخارج، قبل أن يتلاشى في الأثير.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* خيراردو كورنيخو موررييتا (1937–2014) كاتب مكسيكي بارز. كرّس جزءاً كبيراً من أدبه للتعبير عن حبّه العميق لمسقط رأسه، رغم إقامته الطويلة في مدينة مكسيكو. درس الأدب في الجامعة الوطنية المستقلة في المكسيك (UNAM). أسّس كلية سونورا عام 1982 وشغل منصب عميدها عدة مرات. كتب الرواية والمقالة والقصّة القصيرة، ومن أبرز مؤلفاته: الجبل والريح، باحة الصمت، كما لو خائفاً من النسيان. كرّمته حكومة سونورا بإطلاق اسمه على إحدى جوائزها الأدبية ومكتبة الكلية التي أسسها.
**********************************************
ثلاث نصوص أوزبكية
ترجمة : أحمد جاسم الزبيدي
- إلى أمي
محمد يوسف
آهٍ، يا أمي المرهقة من أجلي
يا من قلبُها الممزق ألف قطعة من حبّي
ذقتِ في هذه الدنيا همًّا لا يُحتمل
مسكينةٌ أنتِ، لم تري طشقند حتى!
هل جئتُكِ مرةً كابنٍ يُفرح القلب؟
هل أصبحتُ حقًّا ابنًا لكِ، أخبريني؟
رغم أن كلمة "عيد" لا تملأ يديكِ
أعلمُ، تنتظرين جمرات الموقد تضيء
أما قلبي، فلا يُدعى قلبًا!
لم أهدِ حبيبةً وردًا هذا المساء
ولكِ أيضًا، لا زهرة، ولا كلمة حلوة
فهل أنا ابنكِ فعلًا، يا أمي؟!
تقولين: "يكفيني أن تبقى سالمًا هناك
أن تذكرني أحيانًا، وتسأل عني فقط "
"يا بني، الكل يغبطني لأجل ..."
لكن، يا أمي، شِعري ليس فقط عن الآهات
أنا لستُ شاعرًا شهيرًا، بل قاسٍ مشهور
فهل أنا ابنكِ فعلًا، قولي لي بصدق؟
كتبتُ هذه الأبيات فخرًا بكِ
لتجدكِ الكلمات، تقبّل يديكِ
لتُدرِك أنكِ أعظم من كل شيء
ولتسأل عن حالكِ العزيز لديّ
فهل لقلبي معنى بدونكِ، يا أمي؟
هل أصبحتُ ابنكِ حقًّا، يا أمي؟
- الشعراء الصادقون
إركين وحيدوف
كُـلّ الشعراء الصادقين… أُطلِقَ الرصاص عليهم
والباقون… جميعهم قد بِيعوا في سوق النخاسة.
كلمتي صادقة، رجولية:
كلّهم جبناء.
أما أنا؟
لا تسألوا...
لن أبوح بأسمي أبدًا ...
فالزمن حرج… و لديّ أطفال
- سراب
عبد الله أوريبوف
ستة أشهر، لم أكتب شعراً، فقلبي جريح
ستة أشهر، أتمنى الحظ لغيري بقلب صريح.
ستة أشهر، تواريت عن أصدقائي في الخفاء
أذ انطفأت موهبتي، وبدأت انتظر
الكرامات في الخلاء.
أبحث عن شيءٍ أعظم من الشعر جمالاً
أبحث عن شيءٍ أغلى من الخبز كمالاً.
العالم لا نهاية له، مليء بالألوان،
لكن عينيّ لا ترى الألوان، كأنها دخان.
روحي الحساسة أحياناً تريد النبيذ
لا أجد السلوى إلا في حضنه
حين تتيه أفكاري سُكرى في فضاء الذكرى.
أعود، وقد تاهت خطاي بلا مأوى
تمرّ السنون كرمشة العين في صمتٍ عميق.
كل عامٍ حبة لؤلؤ من أنيني المرير
تومض كالجمر بين ضباب الذكرى.
أيامي الماضية... مسرعة كريم الفلى تجري
تركض خفيفةً، ولا تعود.
وحتى ذلك الزمان
كانت السماء والتلال
وكنا نطوفها حفاة ، بقلوبٍ عارية.
***********************************************
شُمُوعٌ بَاكِيَةٌ فِي دَرْبٍ طَوِيلٍ
خالد الحلّي/ ملبورن _ أستراليا
مُنْذُ رَأَيْتِ شُمُوعًا
تَذْرِفُ فِي اَلْفَجْرِ دُمُوعًا
رِحْتِ تُصَلِّينَ لِفَجْرِ اَلْكَلِمَاتْ
دَاعِيَةً
أَنْ لَا يَأْتِي ثَانِيَةً
مُكْتَظًّا بِالْحَسَرَاتْ
حِينَ يُفَجِّرُ حُزْنُ اَلْعُمْرِ
بِعَيْنَيْكِ اَلْعَبَرَاتْ
صَارَتْ أَيَّامُكِ تَخْشَى أَيَّامِي
وَشُهُورُكِ بَاتَتْ
تَخْشَى أَعْوَامِي
وَمَلَايِينُ اَللَّحَظَاتْ
مَا زَالَتْ
تَرْكُضُ كُلَّ اَلْأَوْقَاتْ
بَيْنَ سِنِينٍ وُئِدَتْ
وَسِنِينٍ وُلِدَتْ
وَسِنِينٍ لَا يَعْنِيهَا
مَا نَشْهَدُهُ أَوْ مَا شَهِدَتْ
تَخْتَلِطُ اَلْأَيَّامُ مَعَ اَلسَّنَوَاتْ
سَكْرَى تَتَرَنَّحُ بَيْنَ اَلْخُطُوَاتْ
لَا تَحْسَبُ لِلنَّوْمِ حِسَابًا
وَأَنَا أَسْأَلُ مُرْتَابًا
مَا جَدْوَى اَلْأَحْلَامْ
إنْ كَانَتْ لَا تَعْرِفُ إِلَّا اَلتَّأْجِيلْ؟
هَلْ تَبَقَى طُولَ اَلْعُمْرِ مُؤَجَّلَةً
نَتَوَارَثُهَا جِيلاً يَتْبَعُهُ جِيلْ
هَلْ تَبَقَى تَأتِي مُبْطِئَةً
وَتُغَادِرُ مُسْرِعَةً
وَالدَّرْبُ طَوِيلٌ
وَالْعِبْءُ ثَقِيلْ؟
********************************************
الصفحة الثانية عشر
خلال جولاته في بغداد الرفيق فهمي: التغيير يتطلب مساندة الناس ومشاركة انتخابية واسعة
بغداد ـ طريق الشعب
أجرى الرفيق رائد فهمي، سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، سلسلة من الجولات والأنشطة الجماهيرية في عدد من مناطق العاصمة بغداد، مؤكدًا خلالها أن تجاوز الأزمات السياسية والاقتصادية الراهنة يمر عبر تفكيك منظومة المحاصصة، وبناء دولة مدنية ديمقراطية على أساس المواطنة، وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية.
وخلال استضافته من قبل الشيخ عباس شلش اللامي، بحضور جمع من وجهاء منطقة الكمالية شرقي بغداد، تحدث الرفيق فهمي عن الأزمات التي تحاصر الشعب العراقي، لا سيما في الجوانب الخدمية والمعيشية.
وأشار فهمي إلى أهمية النخب الاجتماعية والعشائرية في المساهمة بمشروع التغيير، مؤكداً أن بإمكانها أن تلعب دوراً جوهرياً في الدفاع عن مصالح الناس ورفع مطالبهم المشروعة، خاصة عبر المشاركة الفاعلة في الانتخابات المقبلة، واختيار قوى بديلة تمتلك مشروعاً واقعياً للتغيير.
كما شدد على أهمية توحيد الجهود والعمل المشترك من أجل ضمان تحقيق المطالب الشعبية والضغط لاستعادة الحقوق وتأمين الخدمات الأساسية.
وفي إطار نشاطات محلية الرصافة الثانية للحزب الشيوعي العراقي، شارك الرفيق فهمي في فعالية إعلامية بمنطقة المشتل، حيث جرى توزيع نسخ من جريدة "طريق الشعب" بين المواطنين، وسط تفاعل وترحاب كبيرين.
وتخللت الجولة حوارات مباشرة مع المواطنين حول الوضع السياسي والاجتماعي، وأهمية المشاركة في الانتخابات القادمة، والدعوة إلى انتخاب قوى تحمل مشروعاً جدياً لبناء دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية.
ورحّب عدد من الأهالي بالرفيق فهمي، معبرين عن تقديرهم لدوره البرلماني والوزاري السابق، ومواقفه الداعمة لمصالح البلد.
كما شهدت منطقة السيدية – الشارع التجاري، فعالية إعلامية نظمها فريق من الحزب، بمشاركة سكرتير اللجنة المركزية. وتم خلالها توزيع نسخ من بيان الحزب بمناسبة الذكرى السنوية لثورة 14 تموز 1958، فيما أجرى الرفيق فهمي حوارات مع المواطنين ركّز فيها على أهمية استلهام روح الثورة في مواجهة التحديات الحالية، والتحضير الجاد للمشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة ضمن تحالف "البديل"، كخيار يسعى للتغيير الحقيقي وإنهاء سلطة الفساد والمحاصصة.
***********************************
في مناسبة اختياره أحدَ رموز الشعر العربي 2025 ياسين طه حافظ رئيساً فخرياً لاتحاد الأدباء العراقيين
متابعة – طريق الشعب
أعلن الاتحاد العام للأدباء والكتاب اختيار الشاعر والمترجم الكبير ياسين طه حافظ، رئيسا فخريا له.
جاء ذلك في جلسة نظمها الاتحاد بالشراكة مع دائرة العلاقات الثقافية العامة في وزارة الثقافة، أول أمس الثلاثاء، احتفاء بحافظ في مناسبة اختياره رمزاً من رموز الشعر العربي لعام ٢٠٢٥ من قبل المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو).
الجلسة التي احتضنتها قاعة الجواهري في مقر الاتحاد، حضرها جمع كبير من الأدباء والمثقفين، فيما أدارها الأمين العام للاتحاد الشاعر عمر السراي، الذي قال في مفتتح حديثه إن "الاتحاد يحتفي اليوم بقامة عراقية وعربية وعالمية قدّمت للشعر والأدب والثقافة والإنسانية الكثير".
بعد ذلك، دُعي المحتفى به إلى المنصة، ليضيء من جانبه محاور من تجربته الثقافية.
وقال إنه منذ طفولته خطّ لنفسه طريقاً للاختلاف والتمرد على الأنساق المعتادة، وقد رافقه هذا الاختلاف طيلة مسيرته الشعرية منذ أول قصيدة كتبها وأول ديوان طبعه، وصولاً إلى قصائده الطويلة، مشددا على أهمية أن يُناضل الشاعر من أجل قضاياه الإنسانية.
وتابع قوله إن "على الكاتب والشاعر، وكل من يدخل ميدان الكتابة والكلمة، أن يقرأ كثيراً، وأن يُحسن اختيار ما يقرأ، لأن الكتابة لدى الشاعر، خصوصاً، تتطلب خزيناً معرفياً واطلاعاً على عوالم الأفلام والترجمات والمشاهد الطبيعية؛ لتكوين صورة ذاتية وغير نمطية، وبالتالي كتابة قصيدة تمثل التجربة. فالشعر عمل إبداعي فردي".
بعد ذلك، ألقى رئيس الاتحاد الشاعر د. عارف الساعدي، كلمة جاء فيها أن "ياسين طه حافظ رمزنا الشعري والثقافي منذ أكثر من خمسين عاماً"، معلناً عن اختياره رئيساً فخرياً للاتحاد. فيما أشار المدير العام لدائرة العلاقات الثقافية العامة، د. علاء أبو الحسن، في كلمة قصيرة، إلى أن اختيار ياسين طه حافظ رمزا شعريا للعام 2025 من قبل منظمة "ألكسو"، إنجاز مهم، مؤكدا أنه منذ أحد عشر عاما لم يجرِ اختيار مبدع عراقي رمزا من قبل المنظمة.
وفي سياق الجلسة جرى عرض فيلم قصير عن مسيرة المحتفى به الأدبية وإنجازاته في فضائي الشعر والترجمة. بعدها قرأ حافظ مجموعة من قصائده، منها قصيدته "استحضر فاطمة لأستريح"، ما أثار تفاعل الحاضرين.
وفي الختام، قدم الاتحاد للشاعر والمترجم ياسين طه حافظ، لوح الجواهري، فيما أهدته دائرة العلاقات الثقافية العامة تمثالا نصفيا له.
****************************************
قف.. طريق الشعب في {منازل العطراني}
عبد المنعم الأعسم
قُرّاء معدودون لم يكونوا بحاجة الى مخيلة مستعارة من سردية جمال العتابي "منازل العطراني" لكي يخططوا ملامح وهوية بطلها محمد الخلف (الأب) والام زهرة وجميع البنات والابناء ممن أدّوا دور المنشدين في سمفونية حزينة تذكرنا بـ"الاغاني الحزينة" للموسيقار البولوني هنريك غوريسكي التي صممت لأسرة (مثل اسرة الرواية) قاومت زلزالاً ضرب اقدارها بهمس مدوٍ.
ابطال المنازل الرئيسيون، الوالد والراوية وعامر، الشهيد، وزوجته، كانوا مثل كتيبة يعملون في مشغل الرغيف الشيوعي اليومي "طريق الشعب" عندما هبت عاصفة الغبار على الجريدة، والعراق، ما يلزم ان نسجل الرواية ومأثرة ابطالها في مفردات الاحتفال بيوم الصحافة الشيوهية بكل فخر.
انا الموقع اعلاه احد نزلاء الرواية، وكانني الآن(وانا اكتب شيئا) امسح براحة كفي على رخامة القبر الذي ضم جسد (صديقي) عامر، لصق رخامة الام التي أدارت اشتباكات معقدة باليقين والخوف، وصنعت فلذات انقذفت (اعواما) في عواصف قاسية، حيث رافقتُ بطل الرواية محمد الخلف في معابره وحواراته، سجينا وهاربا وعائدا، قويا وحائرا.. ثم حين احتل، طيب الذكر، طاولة في بناية طريق الشعب، على بعد ياردات من طاولتي.
*قالوا:
."الخيزران الذي ينحني اقوى من البلوط الذي يقاوم"
نيتشة
************************************************
الموسيقى العسكرية العراقية في مهرجان بريطاني
متابعة – طريق الشعب
أعلنت وزارة الدفاع أول أمس الثلاثاء، عن مشاركة وفد من الجوق الموسيقي التابع لصنف الموسيقى العسكرية العراقية، في المؤتمر التحضيري الخاص بالمهرجان الدولي للموسيقى العسكرية (MMS)، والذي عُقد أخيرا في العاصمة البريطانية لندن.
وقالت الوزارة في بيان صحفي، أن "الوفد ترأسه مدير صنف الموسيقى العسكرية، اللواء عامر جواد كاظم، وذلك استعدادًا لمشاركة الموسيقى العسكرية العراقية في هذا المهرجان الدولي المرموق". ويعد هذا المهرجان، الذي يقام سنوياً في لندن، أحد أبرز الفعاليات الموسيقية العسكرية في العالم. حيث تُشارك فيه فرق موسيقية عسكرية بريطانية ودولية، تُقدم عروضاً موسيقية واستعراضية تعكس تراث الجيوش وتقاليدها. ويهدف المهرجان إلى تعزيز التبادل الثقافي وتسليط الضوء على دور الموسيقى في التعبير عن الانضباط والوطنية. وعادة ما يُقام في "قاعة رويال ألبرت هول" العريقة بحضور جماهيري واسع.
************************************************
اما بعد.. وحوش كاسرة
منى سعيد
لطالما فكرت بالوحوش البشرية من الأشخاص الذين يعذبون ضحاياهم في السجون لأسباب عدة في الغالب سياسية، ترى كيف يعيشون بقية يوميات حياتهم بعد انتهاء مهامهم الجرمية تلك؟ وهل هم أناس كبقية البشر أم مجرمون متخفون بأشكال إنسانية مختلفة؟ مرة شاهدت عبر حوار تلفزيوني لأحد السجناء السياسيين يشرح وضعه في أحد أقبية السجون المريعة، يذكر فيه أن جلاده بعدما يتعب من جلده بالسياط وهو المعلق على خطاف، يفرش سجادته أمامه، يصلي الظهر ثم يتناول طعام غدائه بتلذذ.
راعني حقا ما ذُكر من تفصيلات رهيبة لطرق تعذيب السجناء السياسيين في كتاب صدر أخيرا عن دار سطور للنشر، بعنوان "حتى مصرع الفجر" سيرة سجين سياسي للكاتب خضر عبد الرحيم، بواقع 199 صفحة مرفقة بمجموعة صور لشهداء القمع والإجرام، وقد أهداه (إلى قناديل الحرية في ليل الدكتاتورية الحالك، شهداء العراق لأرواحهم الطمأنينة والسلام)، يصف فيه غرف التحقيق بمسلخ بشري تُنتهك في داخله كرامة الإنسان بوحشية مفرطة، ينفث فيه الجلادون سمومهم، ومركبات نقصهم في الأبدان المعلقة إلى خطاف، والمتدلية من السقف كما الذبيحة المعدة للسلخ، تتحول الظهور والأكتاف مرمدةً لأعقاب سكائرهم، يلقون ببقايا أكواب الشاي على الرؤوس الحليقة، والعيون المعصوبة، يضحكون بتلذذ مفتعل، ويتباهون بمهاراتهم في إذلال الرجال، والحط من كرامة وكبرياء الأبطال.. رجال الأمن يقفون على قدم وساق من أجل ديمومة وسلامة دولة العنف، والقسوة، والكراهية.
ثم يتطرق لأوضاعهم الاجتماعية ذاكرا: "ضباط ومنتسبو هذا القبو المرعب الذين هم في حقيقتهم منتسبون في أجهزة الدولة العراقية، يتقاضون رواتبهم كأي موظف آخر. لديهم عوائل وزوجات وأطفال، ولهم أصدقاء، وأحباء، يأكلون ويشربون، يزعلون ويتصالحون، يحبون ويتخاصمون كأي كائن آخر، غير أنهم ينقلبون وحوشا كاسرة، بلا قلب ولا ضمير حال دخولهم دائرة العنف والقسوة هذه".
وفي مفارقة مريرة يصف الكاتب قاعة التعذيب المجاورة لقاعة محكمة الشعب التي تحولت في نهاية السبعينيات مقرا للفرقة السيمفونية الوطنية. ويذكر في الصفحة 25: "لم أتصور وأنا استمع لبهاء الأنغام وسطوتها، وعذوبة الموسيقى في القاعة الهادئة أن في الجوار سياطا تسلخ في اللحظات ذاتها أجسادا عارية إلا من صلابتها، وصمودها، لم يكن الأمر بغريب على نظام قمعي شرس، فقد حول البعث إبان انقلاب شباط الأسود عام 1963 هذه القاعة إلى مركز لاعتقال وتعذيب المعارضين لسياسته".
وفي مفارقة أخرى أتذكر ما رواه لي قريبي عن صديقه الشهيد عادل الشعرباف حين كانا يتنزهان معا في شارع أبي نؤاس بعد الإفراج عن عادل من اعتقال دام لبضعة أيام قبل سوقه لمقصلة الإعدام، قال مرَّ بنا شخص غريب لم اعرفه من قبل سَّلم عليه عادل بحرارة، وعند مغادرته سألت عادلا عنه فقال لي: "كان هذا الولد يعذبني في المعتقل"! أي قلب حمل هذا الشهيد وكل شهدائنا وهم يودعون مباهج الحياة ويقبلون على الموت ببسالة؟!
***************************************
معاً لبناء بيت الحزب.. بيت الشعب
دعماً للحملة الوطنية لبناء مقر الحزب الشيوعي العراقي، تبرع الرفاق والأصدقاء:
- صالح المصرفي 100 الف دينار
- مجيد منصور الشمري 100 الف دينار
الشكر والتقدير للرفاق والأصدقاء على دعمهم واسنادهم حملة الحزب لبناء مقره المركزي في بغداد.
معاً حتى يكتمل بناء بيت الشيوعيين.. بيت العراقيين.