الصفحة الأولى

امتهان منظم وعائدات بمليارات الدنانير.. من يقف وراء شبكات التسوّل في العراق؟

بغداد - طريق الشعب

رغم أنها تبدو في ظاهرها سلوكًا فرديًا ناتجًا عن الفقر أو الحاجة، إلا أن ظاهرة التسول في العراق تحوّلت خلال السنوات الأخيرة إلى مشكلة مركبة، وملف شائك ومتعدد الأبعاد، يتقاطع فيه الاجتماعي مع الأمني، ويتداخل فيه الاقتصادي مع الثقافي والسياسي.

فعلى الأرصفة، وفي التقاطعات، وأمام المراكز التجارية والمستشفيات ودور العبادة، بات مشهد المتسولين مشهداً يومياً مألوفاً، غير أن ما خلف هذا المشهد من وقائع وشبكات وعوامل محركة يكشف عن أزمة أعمق بكثير من مجرّد عوز مادي.

وبهدف معالجة هذه الظاهرة والحد منها، وافق مجلس الوزراء على إطلاق حملة وطنية لمكافحة التسول، وتكليف وزارة الداخلية وجهاز الأمن الوطني العراقي بالتنسيق مع الجهات المعنية الأخرى لتنفيذ الحملة.

عوامل اقتصادية وتداعيات امنية

ويؤكد مختصون ان ظاهرة التسول في العراق اليوم باتت انعكاساً لفشل السياسات الاقتصادية والاجتماعية، ونتاجاً لغياب العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروات، وضعف أدوات الدولة في معالجة الفقر، فضلاً عن استغلال الظاهرة من قبل جماعات منظمة تتجاوز حدود السلوك الفردي لتصل إلى الجريمة المنظمة وتجارة المخدرات والاتجار بالبشر.

ترويج للمخدرات ومناطق محمية بالنفوذ

 في جنبتها الامنية، حذر الخبير الأمني صفاء الأعسم من خطورة ظاهرة التسول في العراق، معتبراً أنها لم تعد مجرد سلوك غير حضاري، بل تحوّلت إلى ملف أمني معقد يشكّل تهديدًا مباشرًا للاستقرار المجتمعي.

واوضح لـ"طريق الشعب"، إن “التسول في العراق اليوم بات نشاطاً منظماً تقوده عصابات متخصصة، بعضها يوزع المواد المخدرة، بما في ذلك الحشيشة والكوكايين والكبتاغون، مستغلّة المتسولين كغطاء لترويج هذه السموم”، مشيراً إلى أن “الاتفاقات بين المروجين والتجار تتم أحياناً من خلال هؤلاء المتسولين”.

وأكد الأعسم أن هذه العصابات تمتلك نفوذاً واسعاً، وتسيطر على مناطق معينة تمنع فيها أي جهة أخرى من الاقتراب أو المنافسة، وهو ما يدل على امتلاكها للسلاح وعلاقات قوية تحميها من المحاسبة.

وأضاف ان "المتسولين في الشوارع لا يملكون أوراقاً ثبوتية، وبعضهم مطلوب للقضاء أو على ارتباط بجهات مشبوهة، وهو ما يمنحهم نوعًا من الحصانة غير المباشرة".

وكشف الأعسم عن شبكة تضم اكثر من 15 متسولاً تدر أرباحاً يومية قد تتجاوز 10 ملايين دينار، ما يعادل أكثر من 3 مليارات دينار سنوياً، مؤكداً أن “الأرقام صادمة، وهذه شبكة واحدة من بين العديد، وأن هذه الشبكات تملك فروعا منتشرة في عدة محافظات، وتعمل تحت حماية جهات متنفذة مقابل مبالغ مالية أو تسهيلات لوجستية”.

وأشار إلى أن هذه الشبكات "لا تقتصر على التسول وترويج المخدرات، بل تتورط أيضاً في جرائم أكبر مثل الاتجار بالأعضاء البشرية واختطاف الأطفال، مؤكدًا أن “كل حالة اختطاف طفل تقريبًا تصب في مصلحة تلك العصابات، التي تعتبر المتسولين الواجهة الأولى لأنشطتها”.

ورحّب الأعسم بتصريح وزير الداخلية بشأن إنهاء ظاهرة التسول في عام 2025، معتبراً أن الأمر قابل للتحقيق إذا توفرت الأوامر الصارمة والدعم السياسي الكامل.

وأتم الخبير الأمني حديثه بالاشارة الى ان "هذه الشبكات تعمل كمنظمات متكاملة، لديها أماكن سكن جماعية، ونظام داخلي موحد، يشمل توزيع الرواتب والطعام، ما يجعل من الصعب تفكيكها دون جهد أمني منسق ومستمر”.

المعالجة تبدأ من جذور الأزمة

وفي الجانب الاجتماعي لهذه الظاهرة، أكد الباحث الاجتماعي نشوان محمد أن ظاهرة التسول في العراق لا يمكن معالجتها بشكل جذري من خلال حملات أمنية فقط، بل تتطلب معالجة شاملة تمتد إلى الجذور الاقتصادية والثقافية والاجتماعية التي تغذي هذه الظاهرة.

وقال محمد في حديث لـ"طريق الشعب"، ان "تكليف القوات الأمنية بجمع المتسولين من الشوارع والتقاطعات خطوة ضرورية، لكنها تبقى حلاً مؤقتاً وليست المعالجة الحقيقية”، مشدداً على أن “التسول هو في جوهره ظاهرة اجتماعية، وله أسباب عميقة مرتبطة بالبنية الاقتصادية، وأخرى تعود إلى الثقافة المجتمعية”.

وأوضح أن الفقر يشكل السبب الرئيس لانتشار التسول، نتيجة الأزمات الاقتصادية، وغياب العدالة الاجتماعية، وتنامي الفوارق بين طبقات المجتمع، خصوصًا في ظل تراجع دور الطبقة الوسطى.

واضاف ان "الواقع يشير الى وجود طبقة فقيرة جداً لا تجد أمامها خيارات كثيرة، فيلجأ أفراد منها إلى التسول في التقاطعات، أو أمام المراكز التجارية، ودور العبادة، والمستشفيات، بل وحتى منازل الأحياء الراقية".

ونوه الباحث الى أن “العامل الاقتصادي ليس الوحيد في هذه الظاهرة، فهناك أيضاً أسباب ثقافية واجتماعية تلعب دوراً مهماً. فبعض العوائل، رغم فقرها المدقع، ترفض التسول بشكل قاطع، حتى لو عانت الجوع، وهو ما يعكس منظومة القيم المتجذرة في بعض البيئات العراقية”.

ودعا محمد إلى تعزيز الوعي الاجتماعي ومقاومة ثقافة التسول، خصوصًا ما يتعلق باستغلال النساء والأطفال في هذه الظاهرة، المرفوضة اجتماعيا.

وخلص الى القول: “يجب أن نوجّه رسائل توعوية واضحة للمجتمع، فالكثير من المتسولين لا يفعلون ذلك بدافع الحاجة الحقيقية، بل بدافع الطمع أو بدوافع مرضية، وهذا يتطلب مقاربة مجتمعية إلى جانب المعالجة الأمنية”.

غياب العدالة الاجتماعية

 الى ذلك، أكد الخبير في الشأن الاقتصادي صالح الهماشي أن ظاهرة التسول المتفشية في المدن تمثل انعكاساً مباشراً لفشل السياسات الاقتصادية خلال العقدين الأخيرين، محذراً من أن المعالجات الأمنية وحدها لن تكون كافية دون إصلاح جذري للمنظومة الاقتصادية في البلاد.

وقال الهماشي في حديث مع "طريق الشعب"، ان "التسول لم يعد سلوكاً فردياً عابراً، وانما أصبح نتيجة منطقية لانعدام العدالة في توزيع الثروات، وتآكل الطبقة الوسطى، وغياب أي دور حقيقي للدولة في توفير شبكات الحماية الاجتماعية للفئات الهشة والفقيرة”.

وأشار إلى أن الانكماش الاقتصادي، وارتفاع نسب البطالة، وتضخم السوق غير الرسمية، كلها عوامل ساهمت في دفع عشرات الآلاف إلى الهامش، لافتاً إلى أن “الكثير من المتسولين هم ضحايا ظروف قسرية أُجبروا على التسول في ظل انعدام فرص العمل وانهيار منظومة الرعاية”.

وأوضح الهماشي، أن الأزمة "لا تقتصر على الفقر بوصفه رقما إحصائياً، بل تشمل غياب التنمية المستدامة، وضعف الخطط الحكومية في تمكين الفئات الأكثر احتياجًا، خصوصًا في المناطق الطرفية، والتي غالباً ما تكون الحاضنة الأساسية لانتشار التسول".

وأضاف ان "تراجع دور الدولة الإنتاجي، وترك السوق للعشوائية، وسوء التخطيط المالي، كل ذلك أنتج فجوة طبقية كبيرة بين الأغنياء والفقراء، في ظل عجز الدولة عن ضمان الحد الأدنى من الدخل أو الخدمات، ما يدفع البعض إلى التسول كخيار قسري أو منهجي”.

ودعا الهماشي إلى “إعادة النظر في السياسات الاقتصادية والاجتماعية، وتفعيل أدوات الحماية الاجتماعية بشكل صحيح، وتوفير فرص عمل حقيقية للعاطلين والفقراء، لا الاكتفاء فقط بمنح اعانات اجتماعية، إذا ما أرادت الدولة القضاء على التسول بوصفه مظهراً من مظاهر الانهيار الاقتصادي قبل أن يكون مسألة سلوكية أو جنائية”.

************************************

راصد الطريق.. تستر وتراخٍ!

في ظرف لا يتجاوز يومين، أُغلقت 1118 منشأة مخالفة لشروط السلامة، في حصيلة صادمة تكشف حجم الهشاشة والضعف الذي تعيشه مؤسسات الدولة. هذا الرقم لا يمثل نجاحاً لحملة مفاجئة، بقدر ما يفضح سنوات من الإهمال والتراخي والتستر، حيث تُترك الأرواح معلقة بخيوط الفساد، بلا رقيب ولا محاسبة.

في العراق، لا تُبنى المؤسسات على الكفاءة بل على الولاء، ولا يُساءل الفاشلون بل يُعاد تدويرهم في مناصب أخرى، طالما ظلّوا جزءاً من منظومة المحاصصة وسدنتها. الفساد والتخادم السياسي لم يعطلا مؤسسات الدولة فحسب، بل حولاها إلى خرائب تعجّ بالمرتشين وغير المؤهلين.

ما حدث لن يكون الأخير. فطالما أن المحاصصة تحكم، والمؤسسات تدار بالعقلية النفعية الضيقة لا المهنية، فإننا على موعد دائم مع كوارث جديدة، يدفع العراقيون ثمنها دماً وخراباً وخسارات لا تُعوض.

وما يؤكد ذلك هو تتبّع أسماء المسؤولين الذين أُعفي بعضهم أو أُوقفوا، لنكتشف أنهم لم يُحاسبوا لأنهم أخطأوا، بل لأنهم انتهت ادوارهم ، ليأتي من بعدهم من يكمل نفس المسار تحت لافتة مختلفة، ولكن بذات النهج الذي قاد ويقود إلى ما نحن فيه.

****************************************

الصفحة الثانية

العام الجاري.. 231 إصابة و30 حالة وفاة في الحمى النزفية

بغداد – طريق الشعب

أعلنت وزارة الصحة، امس الاثنين، تسجيل حالتي وفاة و16 إصابة جديدة بمرض الحمى النزفية خلال الأيام القليلة الماضية، لترتفع الحصيلة التراكمية للإصابات في عموم البلاد منذ بداية عام 2025 إلى 231 إصابة مؤكدة، بينها 30 حالة وفاة. وقال المتحدث باسم الوزارة، سيف البدر، إن "حالات الوفاة الجديدة سُجلت في محافظتي ذي قار وواسط". وأضاف، أن الإصابات تركزت في ذي قار التي سجلت أعلى عدد بإجمالي 84 إصابة، تلتها بغداد/ الرصافة بـ32 إصابة، ثم المثنى بـ20 إصابة، وواسط بـ19، والبصرة بـ15 إصابة، وديالى بـ12، وميسان بـ11 إصابة. كما سُجلت 7 إصابات في نينوى، و6 في بغداد/ الكرخ، و5 إصابات في كركوك و5 في الديوانية. وسُجلت 3 إصابات في دهوك، وإصابتان في كل من بابل والسليمانية وأربيل والنجف وصلاح الدين، بالإضافة إلى إصابتين في الأنبار، وإصابة واحدة في كربلاء. وأوضح البدر، أن عدد الوفيات بلغ حتى الآن 30 حالة، توزعت في أكثر من محافظة، منها 4 في ذي قار، و6 في الرصافة، و2 في المثنى، و3 في واسط، و1 في البصرة، و3 في ديالى، و1 في ميسان، و4 في كركوك، و2 في الديوانية، و1 في دهوك، و1 في بابل، و2 في النجف، و2 في صلاح الدين، في حين لم تُسجل وفيات في نينوى، الكرخ، السليمانية، أربيل، الأنبار، وكربلاء.

وأكد المتحدث أهمية الالتزام بالإجراءات الوقائية، وفي مقدمتها شراء اللحوم من مصادر رسمية، وارتداء معدات الحماية عند التعامل مع المواشي، والانتباه لحشرة القراد. كما شدد على ضرورة مراجعة المراكز الصحية عند ظهور أعراض الحمى والإعياء العام، وهي مؤشرات مبكرة للمرض قبل تحوله إلى مرحلة النزف الخطرة. وأشار إلى أن النظافة الشخصية والعامة، وخزن اللحوم بدرجات تجميد منخفضة، وطهيها جيداً، من أهم عوامل الوقاية، مؤكداً ضرورة التعاون بين وزارتي الصحة والزراعة والجهات الأمنية للحد من ظاهرة الرعي والجزر العشوائي، التي تسهم في انتشار المرض.

*******************************************

العراق يغلي احتجاجاً.. مياه شحيحة وخدمات متردية وحقوق مهدورة

بغداد ـ طريق الشعب

في مشهد يختصر عمق الأزمات الخدمية والمعيشية التي تعصف بالمواطن العراقي، شهدت عدة محافظات تظاهرات متزامنة، تنوعت أسبابها بين شح المياه، تردي الخدمات، تدهور الكهرباء، وسط وعود حكومية غائبة، وتهديدات شعبية بالتصعيد والاعتصام.

واسط وفاجعة “هايبر ماركت”

وخرج المئات من أهالي مدينة الكوت في محافظة واسط، مساء الأحد، في مسيرة غاضبة أمام مبنى المحافظة ومجلسها، احتجاجاً على حريق "هايبر ماركت" الذي أودى بحياة العشرات. طالب المحتجون بتحقيقات شفافة ومحاسبة المتورطين والمقصّرين في واحدة من أكثر الكوارث المأساوية خلال العام الجاري.

البصرة والعطش

فيما شهدت محافظة البصرة سلسلة من التظاهرات، كان أبرزها في قضاء أبي الخصيب، حيث نظّم عدد من الأهالي وقفة احتجاجية بسبب شحّ المياه وعدم الالتزام بجداول المراشنة الخاصة بتوزيعها.

وأوضح المحتجون أن مياه الإسالة لم تصل إلى منازلهم منذ أيام، مما اضطرهم لشراء مياه (R.O) رغم صعوبة توفرها وارتفاع تكاليفها، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة. وقد هدّد الأهالي بالتصعيد وقطع الشوارع الداخلية والخارجية لأبي الخصيب ما لم يتم الاستجابة لمطالبهم.

في منطقة القبلة وسط البصرة، تظاهر العشرات احتجاجاً على ما وصفوه بـ"سرقة المياه" من مناطقهم وتحويلها إلى المجمعات السكنية الاستثمارية التي يسكنها المسؤولون. وأشار المتظاهرون إلى وجود "تلاعب" بعمليات ضخ المياه من مشروع البدعة، مطالبين بوقف المجاملات التي تُمنح للطبقات المتنفذة على حساب المواطنين. وهدّدوا بقطع مصادر المياه عن تلك المجمعات في حال لم تُلبَّ مطالبهم.

كما شهدت منطقة دور الصحة في مركز مدينة البصرة تظاهرة ليلية، احتجاجاً على شحة المياه المستمرة منذ شهور، دون أن تلوح في الأفق أي حلول من قبل الحكومة المحلية.

ميسان وشح المياه

وفي محافظة ميسان، صعّد المتظاهرون من تحركاتهم، إذ أقدم العشرات من سكان قرى نهر العز جنوب المحافظة على قطع طريق "العمارة – مجر"، احتجاجاً على انقطاع المياه وتأثير ذلك على الزراعة ومعيشة السكان. كذلك، شهدت ناحية الخير تظاهرات مماثلة وقطعاً لطريق "العمارة – البصرة"، في ظل عجز واضح من الجهات المعنية عن وضع معالجات واقعية لأزمة المياه التي تضرب المحافظة بشدة.

الخالص تنتفض ضد تدهور الخدمات

في قضاء الخالص بمحافظة ديالى، خرج المئات في تظاهرة غاضبة احتجاجاً على انهيار منظومة الخدمات منذ أكثر من 17 عاماً.

 وطالب المحتجون بحل أزمة الكهرباء والماء واستكمال مشاريع البنى التحتية المتوقفة. وعبّر الأهالي عن استيائهم من تعثّر مشروع المجاري الذي ألحق أضراراً كبيرة بالقضاء، مشيرين إلى أن بعض الأحياء لم تُكمل فيها أعمال الحفريات. وقد هدّدوا بتنظيم اعتصام مفتوح إذا استمرت الجهات الحكومية في تجاهل مطالبهم.

سوق الشيوخ: الأمراض تتكاثر

وشهد قضاء سوق الشيوخ جنوب محافظة ذي قار خروج تظاهرتين كبيرتين، الأولى في الجانب الأيمن من نهر الفرات، والثانية في ناحية العكيكة. وطالب المتظاهرون بتحسين واقع الكهرباء وتوزيعها بعدالة، وتوفير فرق صيانة، بالإضافة إلى مطالبة بإنشاء مشاريع مياه وكري الأنهر. وذكر محتجون أن انقطاع الكهرباء المستمر وانتشار الأمراض المرتبطة بتلوث المياه، مثل الفشل الكلوي، جعل الحياة لا تُطاق.

غضب فلاحي في نينوى 

وفي غرب الموصل، عبّر عدد من الفلاحين عن غضبهم من تدهور أسعار المنتجات الزراعية، وعدم توفر آليات تسويقية فعالة، عبر رمي محاصيلهم في الشوارع. هذا التصرف الاحتجاجي يعكس حجم الإحباط لدى شريحة المزارعين الذين يعانون من غياب الرؤية الحكومية لدعم الزراعة وضمان أسعار عادلة.

موظفو العقود يطالبون بالتثبيت

في مشهد متكرر يعكس الإحباط الوظيفي، تظاهر العشرات من موظفي العقود في شركة مصافي الجنوب بالبصرة، وأمام مصفى السماوة في المثنى، للمطالبة بتثبيتهم على الملاك الدائم وفقاً للقرارات الحكومية. وأكّد المحتجون أنهم حصلوا على الموافقات اللازمة، لكن وزارة المالية تتلكأ في التنفيذ، مطالبين رئيس الوزراء بالتدخل وإنصافهم.

تعكس التظاهرات المتفرقة في عدد من المحافظات العراقية واقعاً معقّداً من الغضب الشعبي المتنامي بسبب الفشل في إدارة الخدمات الأساسية، وتفاقم الأزمات المرتبطة بالمياه والكهرباء، وتدهور أوضاع العاملين بعقود وظيفية. ورغم تنوع المطالب بين قضاء وآخر، فإن الرسالة التي يبعثها الشارع واضحة: المواطن العراقي سئم الوعود، وينتظر خطوات فعلية تضع حداً لمأساة متواصلة منذ سنوات.

*******************************************

المرضى يجبرون على فحوصات وعلاجات غير مبررة.. أطباء لـ {طريق الشعب}: أسعار بلا رحمة في المجمعات الطبية الخاصة

بغداد – طريق الشعب

تشهد المؤسسات الطبية في العراق تصاعدا لظواهر خطرة تهدد أخلاقيات المهنة وتضرب المنظومة الصحية، في ظل الابتزاز والمساومة المالية التي يتعرض لها المرضى داخل بعض المجمعات الطبية الخاصة.

ويقول مختصون أن هذا الانحراف المتزايد يجد جذوره في ضعف تطبيق القانون وتراجع الرقابة الحكومية.

تراجع هيبة القانون

وهنا، يشير طبيب الجراحة زهير الفتلاوي إلى أن تراجع هيبة القانون في العراق أدى إلى تفشي العديد من الظواهر السلبية داخل المجتمع، ولا سيما في القطاع الصحي. ويقول الفتلاوي لـ "طريق الشعب"، أن "كل عاقل يدرك أنه حين يضعف القانون، تزداد الانفلاتات وتتسع رقعة السلوكيات السلبية، وهذا ما نشهده اليوم في العراق".

ويضيف أن غياب الردع القانوني ساهم في شيوع حالات تجاوزات طبية، مشيرا إلى أنه "في الدول المتقدمة، يكون القانون هو الرادع الأساسي والوحيد، وهو ما يجب أن نعمل على ترسيخه هنا أيضا".

ويؤكد الفتلاوي أن مهنة الطب، وعلى الرغم من طابعها الإنساني، ليست بمنأى عن هذه التجاوزات، لافتا إلى أن بعض الأطباء باتوا يستغلون حاجة المرضى، خاصة في مجال الجراحة: "يجب أن يُسأل الطبيب هل مراجعه المريض يحتاج فعلا إلى العملية؟ وهل الدواء الذي يُصرف له ضروري بالفعل أم هناك دوافع أخرى، ربما تتعلق بعروض شركات الأدوية؟".

ويجد أن هذه الممارسات تمثل نوعا من الابتزاز، وتعود في جذورها إلى ضعف الرقابة وغياب تطبيق القوانين الرادعة، مؤكدا أن الحل يبدأ من التثقيف.

ويشدد الفتلاوي على ضرورة توعية المواطنين، وكذلك الأطباء، بأن هناك قوانين نافذة تطال الجميع دون استثناء، مضيفا ان "المشكلة الأساسية تكمن في غياب ثقافة القانون، وإن غاب الرادع، يصبح الانحراف أمرا سهلا".

واختتم بالقول ان "الرقابة الصحية في العراق تواجه اليوم معركة متعددة الجبهات، تبدأ من ضبط المنافذ الحدودية، وتمر بالسيطرة على التوزيع الداخلي، وتنتهي عند مواجهة خطر التجارة الرقمية التي باتت تتجاوز الحدود التقليدية للأسواق، ولا بد من تحرك تشريعي وتنفيذي عاجل للحد من آثارها الكارثية".

بيع الادوية بشكل عشوائي!

فيما تحذر الدكتورة أيناس حيدر، التي تعمل في أحد المراكز الصحية الحكومية، من تفاقم ظاهرة بيع الأدوية عبر صفحات التواصل الاجتماعي في العراق، مؤكدة أن ما يجري حالياً يشكل تهديداً مباشراً على الصحة العامة، وسط فجوة تنظيمية ورقابية واسعة.

وتقول حيدر في حديث لـ "طريق الشعب"، إن "مواقع التواصل الاجتماعي تحولت في الأشهر الأخيرة إلى سوق سوداء للأدوية، حيث تُباع عقاقير مجهولة المصدر، بعضها مهرب والآخر غير خاضع للفحوصات الدوائية المعتمدة"، مبينة أن "هذه الأدوية تُعرض من دون رقابة طبية أو وصفات رسمية، ويتم الترويج لها بأساليب تسويقية مضللة تستهدف فئات واسعة من المواطنين".

وتضيف أن "العراق ينفق المليارات سنوياً على استيراد الدواء، ومع ذلك، لا تزال نسبة كبيرة من الأدوية المتوفرة متركزة في الأسواق المحلية لا سيما في الصيدليات غير المجازة، وغالباً ما تكون بلا وثائق تثبت صلاحيتها أو جودتها".

وتواصل الطبيبة حديثها، أن "المشكلة لا تقتصر على الدواء المهرب فقط، بل تمتد إلى غياب تشريعات رادعة تتعامل مع الجرائم الرقمية، خصوصاً ما يتعلق ببيع المواد الطبية عبر الإنترنت. فلا يزال العراق يفتقر إلى قانون فاعل للجرائم الإلكترونية، ما يصعّب ملاحقة المتورطين في هذه التجارة الرقمية الخطرة".

وتدعو حيدر المواطنين إلى عدم الانجرار وراء ما وصفته بـ"الإعلانات الطبية الوهمية"، التي تقدم أدوية أو مكملات غذائية ومواد تجميلية مجهولة، وتدعي فعاليتها من دون أي إثبات علمي أو اعتماد صحي، مؤكدة أن "هذه الممارسات لا تهدد فقط صحة الفرد، بل تؤسس لفوضى دوائية قد تعصف بالمنظومة الصحية في البلاد".

تحول خطير

اما الدكتور أحمد العليوي، فيقول إن مهنة الطب في العراق بدأت تشهد تحولا خطرا في ظل المجمعات الطبية الخاصة التي تسعى للربح على حساب المريض.

يقول العليوي لـ "طريق الشعب"، أن "بعض المرضى يفاجؤون بطلبات طبية لا تنسجم مع حالتهم الصحية، مثل إجراء تحاليل أو فحوصات غير ضرورية، أو وصف أدوية مرتفعة الثمن من دون مبرر طبي واضح، مشيرًا إلى أن هذه الممارسات تهدف إلى تحقيق مكاسب مالية من دون مراعاة أخلاقيات المهنة.

ويبين أن الطبيب يُجبر في كثير من الأحيان على اللجوء إلى العمل في القطاع الخاص بسبب تدني الرواتب الحكومية، موضحًا أنه حتى بعد خدمة عشر سنوات وحصوله على شهادة البورد، لا يتقاضى أكثر من مليون ونصف المليون دينار شهريًا، وهو مبلغ لا يتناسب مع حجم العمل والخطورة والمسؤولية.

ويشير إلى أن المجمعات الطبية الخاصة أصبحت بيئة جاذبة للأطباء، ليس فقط بسبب الرواتب الأفضل، بل أيضًا لأنها توفّر دعمًا إعلاميًا وتنظيمًا إداريًا يساعد الطبيب على الوصول إلى عدد أكبر من المرضى. ومع ذلك، قال إن غياب الرقابة عن هذه المجمعات يساعد في ظهور سلوكيات غير مهنية، أبرزها تحويل الطب إلى سوق قائم على العروض، وفرض علاجات باهظة، وربط الخدمة الطبية بالقدرة المالية للمريض.

ويتحدث العليوي عن الارتفاع الكبير في أسعار العلاجات، والناتج عن سلسلة طويلة من الوسطاء تشمل الشركات المستوردة، ومكاتب التوزيع، والمذاخر، والمندوبين، وصولًا إلى الصيدليات، ما يؤدي إلى تضاعف سعر الدواء.

ويعتقد أن محاولات وزارة الصحة لتقنين الأسعار لم تحقق أثرًا ملموسا في ظل غياب الرقابة الفعالة على السوق.

ويختتم بالقول ان الكثير من المرضى يفضلون القطاع الخاص بسبب توفر الأجهزة الحديثة والتنظيم الأفضل. ويدعو الطبيب إلى تفعيل الرقابة الأخلاقية والقانونية على المؤسسات الصحية الخاصة، وفرض عقوبات حقيقية على من يثبت تورطه بابتزاز المرضى أو استغلال حاجتهم للعلاج لتحقيق مكاسب مالية.

*************************************

الوسط الثقافي يودّع الشاعرة حذام يوسف

بغداد ـ طريق الشعب

ودّع الوسط الثقافي العراقي، أمس الاثنين، الشاعرة والإعلامية حذام يوسف، التي رحلت بعد معاناة مع المرض، مخلفة أثراً عميقاً في الساحة الثقافية والأدبية التي أغنتها بإبداعها ونشاطها والتزامها الكبير.

ونعت مختصة العمل الثقافي المركزي في الحزب الشيوعي العراقي الفقيدة، مشيدة بدورها الفاعل داخل الحزب وفي "منتدى بيتنا الثقافي"، حيث كانت مثالاً في الإخلاص والتنظيم والمبادرة الثقافية، وساهمت في إقامة العديد من الفعاليات والندوات التي أغنت الحراك الثقافي التقدمي، كما كانت صوتاً نسوياً جريئاً حمل الكلمة الصادقة والمسؤولة، مدافعة عن قضايا الوطن والحرية والعدالة الاجتماعية.

وفي بيان نعي آخر، عبّر الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق عن حزنه العميق لرحيل الشاعرة، مقدّماً التعازي لزوجها القاص محمد عواد، ولعائلتها ومحبيها، مشيداً بعطائها الشعري والإعلامي ومواقفها المؤثرة في المشهد الأدبي.

كما نعت رابطة المرأة العراقية الشاعرة الراحلة، مشيرة إلى مسيرتها الزاخرة بالعطاء والإبداع، وتأكيدها على الالتزام الثقافي والوطني في الدفاع عن قضايا النساء والحرية والعدالة.

********************************************

الصفحة الثالثة

نتائج التحقيق في هجمات المسيّرات تضع نتائج التحقيق في هجمات المسيّرات تُحرج الحكومة خبراء يحذرون من تداعيات داخلية  وتكتم رسمي يثير الجدل

بغداد - طريق الشعب

خلال أقل من شهر، جرى تسجيل أكثر من 17 هجوماً، استهدفت منظومات دفاع جوي وقواعد عسكرية في بغداد وصلاح الدين وذي قار وكركوك، إلى جانب 11 هجوماً مركّزاً على مطار أربيل وحقول نفطية تشغّلها شركات أجنبية في إقليم كردستان، الأمر الذي اضطر الحكومة العراقية الى تشكيل لجنة تحقيقية، واعقبتها بلجنة اخرى، توصّلت إلى أنّ الجهة المسؤولة عن الهجمات «سياسية ولديها جناح عسكري فعّال في الداخل، وأنّ الطائرات انطلقت من منطقة جرف الصخر». وقد أثار البيان الصادر عن الحكومة بشأن نتائج التحقيق في الهجمات التي استهدفت مواقع رادارات ومنظومات دفاعية باستخدام طائرات مسيّرة، ردود فعل متباينة في الأوساط الأمنية والسياسية، وسط تحذيرات من تداعيات داخلية خطرة، واتهامات بوجود “توازنات وضغوط” تعيق كشف الحقائق كاملة للرأي العام.

ورغم ما تضمنه البيان من تأكيدات بشأن تحديد الجهات المنفذة ومواقع انطلاق الطائرات، إلا أن عدم الإعلان عن أسماء المتورطين، وتوقيت نشر النتائج، دفعا خبراء أمنيين إلى التحذير مما وصفوه بـ”حالة التستر” على بعض الأطراف، واحتمال دخول البلاد في موجة توتر داخلي جديدة، إذا لم تُتخذ إجراءات حاسمة وشفافة.

جهة واحدة

وأعلن الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، صباح النعمان، في بيان عن أن اللجنة التحقيقية العليا التي شُكّلت بأمر من رئيس الوزراء، وأنهت أعمالها بشأن الهجمات التي استهدفت منظومات الرادارات الدفاعية في عدد من القواعد العسكرية، بواسطة طائرات مسيّرة انتحارية نُفذت في توقيتات متزامنة. وأشار البيان الذي حصلت عليه "طريق الشعب"، إلى أن التحقيقات، التي شارك فيها كبار الضباط والمختصين، توصلت إلى نتائج “مهمة وحاسمة”، أبرزها: تحديد منشأ الطائرات المسيّرة التي تبين أنها مُصنّعة خارج العراق وتحمل رؤوساً حربية مختلفة، ورصد أماكن انطلاقها بدقة داخل الأراضي العراقية، إضافة إلى كشف الجهات المتورطة في التخطيط والتنفيذ، والتي وُصفت بأنها “جهة واحدة منظمة” بناءً على تطابق نوع الطائرات المستخدمة.

 كما شمل التحقيق بحسب البيان تحليلاً فنياً دقيقاً لمنظومات التحكم والاتصال، ما مكّن الفرق الاستخبارية من جمع بيانات دقيقة عززت نتائج اللجنة.

الإعلان جرى تحت ضغوط سياسية

وللتعليق حول نتائج التحقيق قال الخبير الأمني عدنان الكناني أن الإعلان عن نتائج التحقيق بشأن الهجمات الأخيرة تم تحت ضغوط سياسية كبيرة، مورست على اللجنة التحقيقية والحكومة العراقية على حد سواء، مشيراً إلى أن “الإفصاح عن النتائج دون الكشف عن أسماء المتورطين، يبعث رسالة ويفتح الباب أمام تأويلات تمسّ مصداقية الدولة”.

وقال في تصريح لـ”طريق الشعب”، إن “الإعلان عن النتائج دون تحديد الأسماء يمثل خللاً خطراً في التعامل مع الرأي العام، ويعزز حالة التستر على الجهات المتورطة، الأمر الذي يضع الحكومة في موقف بالغ الحرج”، مضيفاً أن “ما صدر عن اللجنة يبدو كأنه تسريب مقنن وليس كشفاً شفافاً، وهو ما قد يُفهم منه أنه رسالة موجّهة ضمن توازنات معقدة”.

وأضاف أن “الحكومة باتت فعلياً بين المطرقة والسندان؛ فهي من جهة مطالبة بإظهار الحقيقة، ومن جهة أخرى تواجه نفوذاً كبيراً للفصائل المسلحة التي تمتلك تأثيراً مباشراً داخل مؤسسات الدولة”، مؤكداً أن “الحكومة نفسها خرجت من رحم هذه الفصائل، ولهذا من الصعب عليها أن تتمرد على من كان سبباً في وجودها”.

وحذر من أن البلاد دخلت “دائرة خطر حقيقية”، قائلاً: “لا نريد أن نشهد فوضى داخلية بين أبناء الشعب الواحد، ولا أن تتأثر العلاقة بينهم نتيجة هذه الأحداث، لكن بعد إعلان اللجنة، يبدو أن هناك الكثير سيتغير”.

وفي ختام حديثه، ثمّن الكناني دور اللجنة التحقيقية، مشيداً بـ”شجاعتها واحترافيتها في الكشف عن الحقائق دون مجاملة، على عكس لجان سابقة اختارت التغاضي عن ملفات حساسة وغضّت الطرف عن المسؤولين الحقيقيين”.

فيما قال الباحث في الشأن السياسي، أحمد السعيدي، إنّ التحقيقات الحكومية الأخيرة تعكس حرجاً واضحاً في التعامل مع جهات مسلّحة داخلية تمتلك نفوذاً سياسياً وعسكرياً واسعاً. وامتناع الحكومة عن تسمية الجهة المنفّذة رغم تأكيدها أنها واحدة، يشير إلى سعيها لاحتواء التوتّر داخل معسكر قوى السلطة، خصوصاً مع اقتراب موعد الانتخابات.

جهات داخلية تقف خلف الضربات

من جهته، قال الخبير الأمني سرمد البياتي إن من حق الدولة العراقية أن تحتفظ ببعض المعلومات الأمنية وعدم الكشف عنها في الوقت الحالي، خاصة وأن هناك مجاميع وأفراداً متورطين في الهجمات الأخيرة لم يُلقَ القبض عليهم بعد.

وأوضح في تصريح لـ”طريق الشعب”، أن “البيان الحكومي ما يزال مبهماً في بعض جوانبه، لكن من الطبيعي أن تتكتم الدولة على التفاصيل، لا سيما أن العمليات الأمنية لا تزال جارية، وهناك تحركات في صحراء الحضر مرتبطة بالهجمات، وربما كانت السيارات التي نُفذت بها العمليات تنطلق من هناك نحو أهداف في إقليم كردستان”.

وأضاف أن “استهداف الرادارات مكّن الجهات الأمنية من تحليل خط سير الطائرات وطريقة تصنيعها، ما أدى إلى تحديد المجاميع المسؤولة عن الهجوم، وهي خارجة عن القانون”، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن “الإعلان عن هذه الجهات مرهون باستكمال إجراءات إصدار أوامر القبض”.

وبيّن البياتي أن “الحكومة ستُعلن بشكل رسمي عن نتائج التحقيق حال تنفيذ أوامر القبض بحق المتورطين، أما ما يُتداول حالياً من تسريبات حول التحقيقات، فهو غير دقيق ومجرد اجتهادات لا تستند إلى معلومات مؤكدة”.

وخلص الى القول: ان “نتائج التحقيق ستوضح للرأي العام أماكن انطلاق الطائرات والمجاميع المسؤولة عنها، والحكومة ستُعلن لاحقًا أن هذه الجهات داخلية وخارجة عن القانون، بعد إلقاء القبض عليها رسمياً وإيداعها في السجون”.

******************************************

العراق في الصحافة الدولية

ترجمة وإعداد: طريق الشعب

التلوث الزراعي في كردستان العراق؟

كتبت هانا لينش مقالاً لموقع أمواج البريطاني، أشارت فيه إلى أن خطرًا صامتًا يختبئ في أسواق الخضروات المزدحمة في كردستان العراق، ويُدقّ بسببه خبراء الصحة العامة، بمن فيهم منظمة الصحة العالمية، ناقوس الخطر من أن منتجات الإقليم شبه المستقل ملوثةٌ بشكلٍ خطيرٍ بالمعادن الثقيلة الضارة، والمخلفات الكيميائية، والبكتيريا.

مصادر متعددة للتلوث

وأكدت الكاتبة على أن مصادر هذا التلوث متعددة، منها الإفراط في استخدام الأسمدة، واعتماد المزارعين الكبير على المبيدات الحشرية، وتصريف الملوثات في المجاري المائية دون رقابة، وأساليب الري غير الصحية، مما أدى إلى تفشي مجموعة متنوعة من الأمراض، بما في ذلك تفشي وباء الكوليرا في عام 2024.

وبيّنت أنه، ورغم العدد المتزايد من المبادرات الجارية لرصد مستويات التلوث، وتشجيع الزراعة العضوية، وتثقيف كلٍّ من المنتجين والمستهلكين حول سلامة الغذاء، فإن حجم المشكلة ما يزال يكبر بسبب محدودية إنفاذ اللوائح، وضعف البنية التحتية، والقيود المالية. وذكرت أنه وبدون إصلاحات شاملة، واستثمار مستدام في مراقبة جودة الغذاء، سيظلّ سكان إقليم كردستان عرضة للمخاطر غير المرئية الكامنة في وجباتهم اليومية، مما يُبرز الحاجة إلى تنسيق الجهود بين الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص.

محطات التلوث

وتحدثت الكاتبة عن عدد من الأمثلة على ذلك، راصدةً استخدام كميات كبيرة من اليوريا، وهو سماد نيتروجيني، يزيد كثيرًا من المحصول، لكنه يُمثّل مصدر قلق متزايد للمتخصصين الزراعيين، نظرًا لارتباطه بتحمض التربة، وانخفاض خصوبة البذور على المدى الطويل، إلى جانب رفعه مخاطر الإصابة بالأمراض والحشرات.

ونقلت عن مسؤولين محليين قولهم إن هناك ما يشبه الحلقة المفرغة التي تضع المزارعين في دوّامة الاعتماد على المدخلات الاصطناعية للحفاظ على غلة قصيرة الأجل، في ظل أزمة العرض المتغير، وسعة المنافسة، وتقلب الأسعار، في الوقت ذاته الذي يدفعون فيه ثمنًا باهظًا جراء تدهور استدامة المحاصيل على المدى الطويل.

الصرف الصحي في الأنهار

وأشارت الكاتبة إلى أن ما يزيد من تعقيد المشكلة انتشارُ تصريف النفايات البلدية والصناعية مباشرةً في أنهار وجداول كردستان العراق، حيث تُستخدم هذه المياه لاحقًا للري. ويُعدّ نهر تانجيرو، الذي يمر بمدينة السليمانية في رحلته جنوبًا، مثالًا بارزًا على ذلك. فعلى طول مساره، يجمع النهر نفايات المدينة والصناعات قبل أن ينساب متعرجًا عبر الأراضي الزراعية المجاورة، في وقت تشير فيه بعض التقارير إلى أن 10–20 في المائة فقط من مياه الصرف الصحي في إقليم كردستان تُعالَج بشكل سليم.

مبادرات واعدة

وأوضح المقال أن هناك محاولات تجريبية عديدة لتخفيف المخاطر، منها قيام مشروع مررت فيه مياه الصرف الصحي الخاصة بالجامعة عبر طريقة الترشيح الطبيعي، مما أدى إلى إزالة 80 في المائة من الزيوت والشحوم منها، وتوفير 4000 لتر من المياه النظيفة يوميًا، والتي تُستخدم لري المساحات الخضراء في الحرم الجامعي.

كما توجد مساعٍ كثيرة لتغيير طرق التسميد باستبدال المواد الكيميائية بالأسمدة الطبيعية العضوية، وتجربة الزراعة المائية كبديل للزراعة المعتمدة على المواد الكيميائية، وكذلك لتقليل استهلاك المياه.

وحذّرت الكاتبة من نقص التمويل الذي تعاني منه هذه المبادرات والمشاريع العلمية المهمة، لا سيما مع غلاء أسعار المواد المستخدمة، داعيةً إلى دعم هذه الجهود من خلال حوافز مالية ودعم حكومي فعّال، فبذور مستقبل مشرق قد زُرعت، ولكي نرى الثمار لا بدّ من ألّا نَدَع الكرمة تذبل.

**************************************

أفكار من أوراق اليسار.. بين يسارِ ويسار!

إبراهيم إسماعيل

قال رجلٌ لسفيان الثوري يوماً: "إني أخيط ثياب السلطان، أفتراني من أعوان الظلمة؟"، فرد عليه سفيان قائلاً: "بل أنت من الظلمة أنفسهم، إنما أعوان الظلمة من يبيعك الإبرة والخيط"!

تذكرت حكاية هذا الشيخ وأنا أتابع ما يجري في المنطقة اليوم، فوجدتها صالحة لتفسير ما حلّ ببلداننا من خراب، وما ينذر به قادم الأيام من كوارث، ولتفضح نخباً وأنظمة وكتلاً سياسية واجتماعية، نجحت في إخفاء تبعيتها ومصالحها الطبقية خلف ستار من مظلوميات طائفية وقومية، ونُخَباً تدّعي وصلاً بالتقدّم، راحت تساوم الطغاة بذريعة العقلانية والتجديد الفكري والبراءة من الشعارات الثورية.

وكما بات جلياً أن القومانية المتطرفة والطائفية السياسية لم تكن يوماً صراعاً بين الجماعات البشرية أو تمثيلاً لها، بل نظاماً يُستخدم من قِبل القوى المهيمنة لإدامة السيطرة الطبقية، فإن قيام أي طيف يساري (مهما كان تجديدياً) بالبحث عن ذئبٍ رأسماليٍّ تخلّى عن أكل اللحم النيء، يطعن في مصداقيته، التي لا تكمن إلاّ في التمسّك بالنضال من أجل حلّ التناقض التناحري بين الطبيعة الاجتماعية للعمل وبين الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، وخلق عالمٍ تديره الشغيلة ديمقراطياً، ويعطي الأولوية للاحتياجات الإنسانية لا للربح، بغضّ النظر عمّا إذا كان ذلك الطيف يرى في التناقض صراعاً بين الطبقات، كما كشفت عنه الماركسية، أو صراعاً بين أغلبية محرومة من الرفاهية وأقلية تتحكم في السلطة والثروة، كما يحلو وصفه لبعض أطياف اليسار الجديد.

وعلى الرغم من أن تحوّل القومانيين والطائفيين طوعاً إلى سواعد مفتولة للعولمة المتوحشة يمثّل أكبر خطر على مستقبل شعوب المنطقة، فإن تبنّي بعض النخب لفكرة تحسين آليات الاستغلال وإصلاح أنظمة الاستبداد لا يقلّ خطراً، حين يساهم في تعزيز قدرة الطغاة على تشتيت القواعد الشعبية بكتل منغلقة على نفسها، وخلق وعي زائف يبقيها خائفة وسهلة الانقياد، ويلحق الهزائم بهذه القوى في متوالية هندسية ذات تأثير بعيد المدى. فالهزيمة، وإن أثمرت عن دروسٍ مهمة قد تجعل النصر أكثر احتمالاً في الغد، فهي غالباً ما تُثبّط — للأسف — من عزيمة الكثيرين، وتؤدي إلى استنتاجات متشائمة، تستدعي جهداً تعبوياً كبيراً لاستعادة الوعي بأن النضال من أجل عالمٍ أفضل، ليس أمراً سهلاً، ولا درباً خالياً من المطبات والنكسات المؤقتة.

إن شرط انتصار اليسار يبقى في قدرته على التحدّي، على تبنّي التكتيكات والاستراتيجيات الفعّالة، على تشخيص الحلفاء أو الأعداء، وعلى مواصلة المقاومة الجماهيرية، بهدف كسر دفاعات الطغاة المستغلّين: من قوانين مقيّدة للحريات، وأدوات قمع وترهيب، ومؤسسات دعاية وتضليل، وقوى ناعمة، ومنظمات "مدنية"، ومؤسسات "خيرية" تدّعي دعم الفئات الهشّة — وهو تعبير فظّ ومخاتل، يقصدون به ملايين المضطهدين ممّن يسحقهم الاستغلال الرأسمالي البشع.

ويعتمد توفّر هذا الشرط على متانة التنظيم، وقدرته على تربية وإعداد مناضلين ملتزمين ببناء المقاومة، متطهرين من رجس التعصب، مستمتعين بالنشاط الميداني في المصنع والحقل والمدرسة والجامعة وبين بيوت الطين، متمكّنين من إقناع الناس بمصالحها وسحب الغشاوة عن أعينها، وبالتالي إشراك هذه الفئات "الهشّة" بقوة في كسر تلك الدفاعات وإحداث التغيير الاجتماعي الحقيقي.

ولكي يتبيّن الخيط الأبيض من الأسود، ينبغي أن يتمتّع كل مقاوم للرأسمالية وأتباعها بحرية تامة في المساهمة في معركة الأفكار، حتى تتكشّف عند جلاء غبارها كُتَلٌ يسارية موحّدة في إرادتها، متناغمة مع نظيراتها، تتعاضد مناهجها، وتختبر تكتيكاتها في مجرى الكفاح، فتتعلّم من بعضها وتُعلّم، وتتنافس برفقة وتضامن، ويكون النشاط المنتظم شرط عضويتها، وقراءة الواقع بدقّة بوصلتها نحو مسارٍ يفضي إلى الظفر.

*********************************************

الصفحة الرابعة

المفوضية: الحبر الانتخابي إجراء شكلي.. والبطاقة البايومترية تضمن نزاهة الاقتراع

بغداد ـ طريق الشعب

أكدت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق أن الحبر الانتخابي لم يعد أداة فعالة في منع التزوير أو ضمان نزاهة العملية الانتخابية، مشيرة إلى أنه إجراء شكلي فقط، بات غير ذي جدوى في ظل التطور التقني المعتمد في إدارة العملية الانتخابية.

سيطرة كاملة

وقالت المتحدثة باسم المفوضية، جمانة الغلاي، إن المفوضية "تمتلك سيطرة كاملة على مجريات الانتخابات وتؤمّن إجراءاتها التقنية بما يضمن حماية أصوات الناخبين"، مؤكدة أن البطاقة البايومترية هي الأداة الأساسية للتحقق من هوية الناخب، ولا علاقة للحبر الانتخابي بمنع التزوير كما يُشاع.

وأوضحت الغلاي، أن يوم الاقتراع سيشهد ما وصفته بـ"المطابقة الثلاثية" لبصمات الأصابع العشر، تشمل: بصمة الناخب، والبصمة المخزّنة في البطاقة البايومترية، وتلك المسجلة في جهاز التحقق الإلكتروني داخل المحطة الانتخابية. وبيّنت أن هذه الآلية تضمن دقة فائقة في التعرف على هوية الناخبين، وتمنع أي محاولة للتصويت المتكرر أو التلاعب.

وأضافت، أن "المفوضية ستعتمد أيضاً على كاميرات مراقبة مرتبطة إلكترونياً بأجهزة التحقق، فضلاً عن تشغيل الأجهزة الانتخابية كافة المعتمدة مسبقاً"، مشيرة إلى أن "التحقق من هوية الناخب يتم حصراً من خلال البطاقة البايومترية، مع تضمين الصورة البايومترية لمراعاة حالات عديمي البصمة".

وأكدت الغلاي أن الناخب ملزم بالتوقيع ووضع بصمته في السجل الورقي داخل كل محطة انتخابية، إلا أن كل هذه الإجراءات تجعل من استخدام الحبر أمراً غير ضروري من الناحية الفنية، لا سيما مع تكلفته المالية العالية مقارنة بعدم جدواه في منع التزوير.

بطاقة ذكية لا تُزوّر

من جهته، أوضح الحسن قبس، عضو الفريق الإعلامي للمفوضية، أن البطاقة البايومترية مصممة وفق تقنيات دقيقة، وتشمل جهاز تعقب ومعلومات بيومترية فريدة مرتبطة حصراً بالناخب. وأكد أنها تُستخدم لمرة واحدة فقط، إذ تتوقف فور انتهاء استخدامها يوم الاقتراع، ما يمنع نهائياً أي محاولة للتصويت المتكرر.

وبيّن قبس أن المفوضية اعتمدت آليات تحقق إضافية، تشمل تصوير البطاقة داخل المركز الانتخابي، ومطابقة الصورة الشخصية باستخدام كاميرات رقمية وأجهزة تحقق إلكترونية متطورة، مما يجعل تزوير البطاقة أو إعادة استخدامها أمراً مستحيلاً.

وأشار إلى أن بيانات التحقيق الخاصة بالبطاقات قد تم إرسالها إلى الشركة المصنعة، وأن عمليات الطباعة والتوزيع ستُستكمل قريباً، تمهيداً لتسليمها إلى المواطنين ضمن الجداول الزمنية المعتمدة.

حق الناخب مضمون

في ختام التصريحات، شددت المفوضية على أن حق الناخب في التصويت مضمون بالكامل عبر بطاقة بايومترية غير قابلة للتزوير، وأن الآليات التقنية المتبعة تضمن أعلى درجات الشفافية والدقة، مضيفة أن الاعتماد على الحبر الانتخابي لم يعد ضرورياً، وهو مجرد إجراء شكلي لا يؤثر على نزاهة العملية الانتخابية بأي شكل من الأشكال.

*******************************************

مخاوف من تداعيات اقتصادية وجيوسياسية أنقرة تنهي اتفاق خط أنابيب النفط مع بغداد

بغداد ـ طريق الشعب

أقدمت تركيا على خطوة مفاجئة بإنهاء اتفاق خط أنابيب النفط الخام المبرم مع العراق منذ عام 1973، بحسب ما أفادت به وسائل إعلام تركية رسمية امس الاثنين. القرار الرئاسي الذي وقّعه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان شخصياً ونُشر في الجريدة الرسمية التركية بالعدد (10113)، ينص على إنهاء العمل بالاتفاق اعتباراً من 27 تموز 2026، بما يشمل جميع البروتوكولات والملاحق والمذكرات المرتبطة به.

وبحسب التقارير، فإن الاتفاقية التي شكّلت منذ عقود أحد أبرز أركان التعاون الاقتصادي بين البلدين، كانت تهدف إلى تصدير النفط الخام من العراق إلى ميناء جيهان التركي. وقد خضعت هذه الاتفاقية لتعديلات عدة، آخرها في عام 2010 حين تم تمديدها لمدة 15 عاماً، وهي فترة كان يُفترض أن تنتهي العام المقبل.

أسباب القرار.. خلافات قديمة وطموحات جديدة

يرى الخبير الاقتصادي د. نبيل المرسومي أن إنهاء الاتفاقية جاء استناداً إلى المادة (11) من الاتفاق المعدل عام 2010، والتي تتيح لأي من الطرفين إنهاء الاتفاق قبل سنة من انتهائه شريطة الإبلاغ المسبق. إلا أن العراق، بحسب المرسومي، لم يستثمر هذه المادة لصالحه، ولم يبادر إلى التمديد أو التعديل، ما فسح المجال أمام أنقرة لاتخاذ القرار منفردة.

ويعتقد المرسومي أن القرار قد يرتبط بردّ تركي على الحكم القضائي الصادر عن محكمة غرفة التجارة الدولية في باريس، والذي قضى بتغريم تركيا نحو 1.5 مليار دولار بسبب سماحها بتصدير نفط إقليم كردستان دون موافقة بغداد، وهو ما اعتُبر خرقاً للاتفاق الأصلي.

كما أشار المرسومي إلى أن أنقرة تسعى لفتح صفحة جديدة في التعاون النفطي عبر مشروع خط البصرة – سيلوبي، والذي يهدف إلى نقل 2.2 مليون برميل يومياً إلى ميناء جيهان، مروراً بحديثة وبيجي وصولاً إلى فيشخابور، وهو مشروع يحظى بدعم الحكومة العراقية ويُعد جزءاً من "طريق التنمية" الاستراتيجي لربط آسيا بأوروبا.

ضغوط تركية مرتقبة

في السياق ذاته، يرى الخبير الاقتصادي منار العبيدي أن إلغاء الاتفاقية قد يكون جزءاً من تكتيك تركي لإعادة التفاوض بشروط جديدة، قد تتضمن زيادة الرسوم المفروضة على العراق، أو مطالبة بغداد بتحمل التعويضات التي دفعتها أنقرة بعد الحكم الدولي. وأضاف العبيدي، أن تركيا قد تربط توقيع أي اتفاقية جديدة بشروط تتعلق بالمياه أو اتفاقيات تجارية أخرى، ما يضع العراق أمام تحديات تفاوضية صعبة في ظل محدودية خياراته.

تداعيات اقتصادية وجيوسياسية

ويمثل خط أنابيب كركوك – جيهان أحد الشرايين الحيوية لصادرات النفط العراقية، وتحديداً لإقليم كردستان الذي يعتمد عليه كمنفذ وحيد لتصدير نفطه.

من جهة أخرى، يُنذر القرار التركي بتغييرات واسعة في خارطة تصدير النفط العراقي، ويضع بغداد أمام ضرورة الإسراع بتنويع منافذ التصدير، خصوصاً في ظل التوترات السياسية الإقليمية والضغوط المتزايدة على أمن الطاقة.

************************************

دعوات لتعويض المتضررين دوليًا وملاحقة المقصرين  ألغام البصرة تواصل حصد الأرواح وتعطيل الحياة

بغداد – تبارك عبد المجيد

برغم مرور عقود على الحروب التي شهدتها محافظة البصرة، لا يزال أهلها يعانون من إرث ثقيل يتمثل بآلاف الألغام والذخائر غير المنفلقة المنتشرة في أراضيها، والتي تواصل حصد الأرواح وتعطيل التنمية.

ووفقاً لإحصائيات محلية ودولية، تجاوز عدد ضحايا الألغام في البصرة حاجز الـ800  شخص، بين قتيل وجريح ومصاب بإعاقة دائمة، جراء الانفجارات الناتجة عن هذه المخلفات الحربية.

وتُقدر المساحات الملوثة في المحافظة بحوالي 1200 الى 1250 كيلومتراً مربعاً، منها حوالي 925 كيلومتراً مربعاً مصنفة رسمياً كحقول ألغام.

البصرة مسرح الحروب والالغام

ذكر رئيس مركز العراق لحقوق الإنسان، علي العبادي، أن محافظة البصرة تُعد من أكثر المناطق تضررا في الشرق الأوسط، وربما عالميا، من حيث كثافة الألغام المزروعة فيها، وفقا لتقارير دولية متخصصة في هذا الشأن.

وأوضح العبادي لـ "طريق الشعب"، أن "البصرة كانت مسرحا مباشرا لعدد من الحروب الكبرى التي شهدها العراق، بدءا من الحرب العراقية-الإيرانية التي استمرت ثماني سنوات، مرورا بحربي الخليج الأولى والثانية، وصولا إلى الغزو الأميركي للعراق عام 2003. وأكد أن هذه الحروب خلّفت ملايين الألغام، لا سيما في المناطق المحاذية لشط العرب ومناطق الفاو والسيبة".

وأضاف أن حجم التلوث بالألغام في البصرة يتراوح ما بين 50 إلى 90 في المائة من أراضيها، مشيرا إلى أن هذا التلوث الهائل كان له أثر كارثي على حياة المواطنين، حيث تم تسجيل أكثر من 5000 إصابة نتيجة انفجارات الألغام خلال السنوات الماضية.

وتابع العبادي أن جهود إزالة الألغام شهدت تراجعا حادا في التمويل منذ عام 2017، بسبب تراجع الدعم الدولي نتيجة مشاكل سياسية أو إدارية من بعض الدول المانحة.

وأضاف أن البصرة لم تستفد حتى الآن من المنح الدولية المقدرة بأكثر من مليار دولار، في حين أن أكثر من 25 مليون لغم لا تزال منتشرة في أراضيها.

وأشار إلى وجود "شبهات فساد تحيط ببعض الشركات العاملة في مجال إزالة الألغام، حيث يُتهم بعضها بنقل الألغام من مكان إلى آخر بهدف الاستفادة المالية، بدلا من إتلافها بشكل آمن. كما لفت إلى غياب الجهود الحكومية الفاعلة في متابعة هذا الملف، مؤكدا أن الحكومة لم تبذل ما يكفي من الجهد في تعزيز العلاقات مع الدول المانحة والمنظمات الدولية المختصة. وانتقد العبادي إعلان الحكومة العراقية نيتها إعلان العراق خاليا من الألغام بحلول عام 2022، واصفا هذا الإعلان بأنه بعيد عن الواقع، حيث لا تزال محافظات عديدة، وفي مقدمتها البصرة، تعاني من التلوث الواسع بالألغام والمخلفات الحربية.

وفي ختام حديثه، طالب بتعويض محافظة البصرة عن الأضرار التي لحقت بها بسبب الألغام، من خلال المطالبة الدولية عبر الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية المختصة. كما دعا إلى تشكيل فريق من المحامين لمتابعة هذا الملف والمطالبة بالتعويضات من الجهات المسؤولة عن زراعة الألغام أو الإخفاق في إزالتها.

أنواع متعددة من الالغام

يقول مهندس كيميائي، يعمل في رفع الألغام، ان هناك ألغاما مضادة للأفراد وأخرى للدبابات، بالإضافة إلى قنابل جوية وعنقودية ومخلفات تعود للحرب العراقية الإيرانية، فضلاً عن العمليات العسكرية التي تلتها. ورغم الجهود الحكومية والدولية المستمرة في هذا الملف، لا يزال خطر الألغام قائماً بسبب عدم اكتمال الخرائط الخاصة بالمناطق الملوثة وغياب مسوحات دقيقة في عدد من المواقع.

وتنتشر المناطق الملوثة على نطاق واسع من المحافظة، حيث تُعد ناحية السيبة من أكثر المناطق تضرراً، تليها مناطق في قضاء أبي الخصيب التي لا تزال تضم مساحات لم تطهر بعد. أما حقول الرميلة الشمالية والجنوبية، فتبقى حافلة بمخلفات تعيق الحركة وتعرقل توسع النشاطات الاقتصادية.

وفي أقصى الجنوب، تواجه مناطق الفاو وسواحلها البحرية تلوثاً بيئياً خطراً نتيجة ما خلّفته العمليات العسكرية القديمة، ما يشكل تهديداً مزدوجاً للبيئة البحرية والسلامة العامة.

ورغم الجهود المبذولة، تبقى الحاجة ملحّة لتسريع عمليات التطهير وتعزيز التنسيق بين الجهات المعنية، خاصة في ظل مؤشرات على احتمال ارتفاع عدد الضحايا إذا ما استمر هذا الملف مفتوحاً بلا حلول نهائية".

حوادث مؤسفة

اما مريم الجبوري، إحدى العاملات في منظمة دولية معنية بإزالة الألغام في العراق، فقد رأت أن العمل في هذا المجال يواجه تحديات كبيرة، أبرزها التأخير المستمر في الموافقات الرسمية، ما يؤدي إلى تعطيل الأعمال الميدانية لأشهر، بالرغم من تحديد أماكن الألغام وتجهيزها مسبقًا لعمليات التفكيك والإزالة.

وأوضحت الجبوري لـ "طريق الشعب"، أن "المنظمة التي تعمل بها، وهي الوحيدة حاليا التي تنفذ أعمال إزالة الألغام في بعض المحافظات الملوثة منها البصرة، تتعاون مع الجهات الرسمية، إلا أن تأخر الإجراءات من قبل دائرة شؤون الألغام (DMA) يعرقل استكمال المهام".

وأكدت بالقول "نحن نواجه صعوبة في الحصول على الموافقات الأمنية رغم أن عملنا في مصلحة الدولة والمواطنين. الجهات الرسمية تطلب إجراءات طويلة رغم أن المنظمات تدفع مبالغ كبيرة، سواء للضرائب أو لتكاليف التشغيل".

وأضافت أن "هناك منظمتين دوليتين فقط تعملان حاليا ضمن محافظة صلاح الدين، وأنه من المتوقع عودتهما للعمل في شهر تموز الجاري".

وسردت حادثة مأساوية وقعت مؤخرا في إحدى القرى، حيث أدى انفجار عبوة ناسفة أثناء عمليات الحفر اليدوي داخل أرض زراعية إلى وفاة ثمانية أفراد من عائلة واحدة. وقالت إن العبوات في هذه المناطق تكون مدفونة بعمق يتجاوز أحيانًا 13 سنتيمترًا، مما يصعّب اكتشافها بسهولة.

وعن حادثة أخرى قالت: "خرجت عائلة في نزهة إلى منطقة نائية فانفجرت عبوة صغيرة على طفلة، ما أدى إلى وفاتها. كانت عبوة صغيرة الحجم، نطلق عليها محليًا اسم الصاعق الكهربائي، لكنها كانت كفيلة بإحداث هذه المأساة".

وتحدثت عن محافظة صلاح الدين قائلة، أن "المناطق الأكثر تضررا في صلاح الدين تشمل مكحول، قرب قاعدة سبايكر، قرية السلام، قرية الربيع، الصينية، والمزرعة، حيث تنتشر الألغام والمخلفات الحربية بشكل واسع في الأراضي الزراعية". وأكدت أن هذه الألغام تهدد حياة السكان بشكل مباشر، خصوصًا رعاة الأغنام والمزارعين الذين يعتمدون على هذه الأراضي في معيشتهم.

وتابعت الجبوري، أن مسؤولية إزالة هذه الألغام لا تقع فقط على عاتق المنظمات، بل تُنفذ عمليات التفجير بالتعاون مع الجيش العراقي والجهد الهندسي العسكري، حيث تُجمع العبوات وتُفجر تحت إشراف مباشر من القيادة العسكرية، خصوصًا قيادة سبايكر، مشيرة إلى أن هذه الجهود كانت أكثر فاعلية خلال فترات الحرب على تنظيم داعش.

واختتمت الجبوري بالتأكيد على أن استعادة الأراضي المتضررة من الألغام لا تعني فقط عودة الحياة للمناطق الريفية، بل تسهم أيضًا في دعم الاقتصاد الزراعي المحلي وعودة الأهالي إلى أراضيهم بأمان، داعية إلى تسريع الإجراءات الرسمية لتفادي المزيد من الخسائر البشرية.

حجم المساحة الملوثة

وكشف مصدر مسؤول مطلع في وزارة البيئة، فضل عدم الكشف عن هويته، أن العراق ما زال يواجه تحديات كبيرة في ملف إزالة الألغام، مع استمرار تلوث آلاف الكيلومترات من الأراضي بالمخلفات الحربية.

وقال المصدر لـ "طريق الشعب"، إن المساحات المتبقية من الأراضي الملوثة بالألغام تتجاوز 6000 كيلومتر مربع، بينما تم تنظيف نحو 4000 كيلومتر حتى الآن، ليتبقى ما يقارب 2000 كيلومتر مربع لا تزال بحاجة إلى عمليات مسح وتطهير.

وأوضح أن محافظة البصرة تُعد من أكثر المناطق تلوثا، حيث تضم وحدها أكثر من 1000 كيلومتر مربع من الأراضي الملوثة".

وأشار إلى أن الجهود المبذولة حاليا تعتمد بشكل شبه كلي على الجهد الوطني، ممثلا بوزارتي الدفاع والداخلية وهيئة الحشد الشعبي، في ظل توقف عدد من المنظمات الدولية، لا سيما الأميركية منها، عن العمل نتيجة تراجع التمويل من الجهات المانحة.

وأضاف، "نواجه تحديات مالية حقيقية بسبب الوضع الاقتصادي العام، والموازنة الاتحادية لم تُطلق بالكامل حتى الآن، ما ينعكس بشكل مباشر على تمويل عمليات إزالة الألغام".

وأكد أن الجهات العاملة بحاجة إلى دعم مالي ولوجستي عاجل، لاسيما في ظل اتساع رقعة التلوث بالألغام، وتزايد المخاطر التي تهدد حياة المدنيين، خصوصًا في المناطق الزراعية والنفطية.

وخلص الى القول إن إقرار الموازنة سيشكّل نقطة تحول في تكثيف العمل وتسريع وتيرة إزالة الألغام، لكنه شدد على ضرورة عودة الدعم الدولي، خصوصا من المنظمات المانحة، لضمان استمرارية العمل بكفاءة أكبر.

*******************************************

الصفحة الخامسة

تعليقا على حملات متابعة المباني إثر "فاجعة الكوت"  مراقبون: بعد سنوات من الحرائق الآن تذكرتم شروط السلامة؟!

متابعة – طريق الشعب

في أعقاب الحريق الكبير الذي اندلع في "مجمّع هايبر ماركت" بمدينة الكوت، والذي أوقع أكثر من 100 شخص بين قتيل وجريح، ووسط مخاوف حكومية من حصول حوادث مماثلة في مناطق أخرى من البلاد، راحت الجهات المسؤولة تنفّذ حملات واسعة لمتابعة شروط السلامة في المباني التجارية وغيرها، ما كشف عن مئات المباني المخالفة لتلك الشروط، لينتهي الأمر إلى إغلاقها.

يأتي ذلك وسط غضب شعبي واسع على السلطات، جراء إهمالها ملف شروط سلامة البناء، والذي أدى منذ سنوات ولا يزال يؤدي، إلى حرائق كارثية يروح ضحيتها العشرات من الأبرياء.

وينتقد مواطنون الجهات الحكومية على عدم تطبيقها القوانين إلا بعد حصول الكوارث. حيث يشير الكثيرون منهم عبر وسائل إعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، إلى ان المشكلة الأساسية تكمن في الفساد الإداري والمالي. إذ تُمنح موافقات على افتتاح أبنية غير مستوفية شروط السلامة، مقابل وساطات ورشاوى، أو بناءً على علاقات ومحسوبيات بين أصحاب المباني المخالفة، والسلطات المعنية.

وتتكرر حوادث الحريق منذ سنوات، ولم تقتصر على المباني التجارية، بل تجاوزت ذلك إلى المؤسسات الحكومية، ومنها المستشفيات. فلم ينس العراقيون حريق "مستشفى ابن الخطيب" في بغداد عام 2021، والذي أسفر عن موت أكثر من 80 شخصا واصابة نحو 110 اشخاص، وحريق "مستشفى الحسين" التعليمي في الناصرية خلال العام نفسه، والذي خلف أكثر من 90 قتيلا وعشرات المصابين، وقبل ذلك في العام 2016 نشب حريق في قسم الخدج بمستشفى اليرموك، وأسفر عن تفحم نحو 11 طفلا، هذا فضلا عن الحرائق التي تتكرر في الأراضي الزراعية والبساتين والأسواق.

وبالنسبة لحريق الكوت الأخير، أظهرت تقارير محلية أنّ المبنى يفتقر إلى أبسط تجهيزات الوقاية والسلامة. فلا مخارج طوارئ ولا أنظمة إنذار ولا إجراءات إخلاء مُعتمدة. بينما بدت إجراءات الإنقاذ ضعيفة للغاية، ما كشف عن تقصير وإهمال كبيرين حتى في هذا الجانب، وفقا لما نقلته وسائل إعلام ومواطنون عبر مقاطع مصورة، وتحدث عنه شهود عيان.

وأثار حريق الكوت غضب أهالي المدينة. إذ يواصلون منذ الخميس الماضي احتجاجات واسعة مطالبين بإقالة المحافظ وجميع المسؤولين المعنيين، في الوقت الذي قضت فيه لجنة التحقيق المشكلة من قبل رئيس الوزراء، بسحب اليد من بعض المسؤولين المحليين وملاحقة مسؤولين سابقين لم يلزموا صاحب المبنى بتطبيق شروط السلامة.  

حملات متابعة متأخرة!

بدأت مديريات الدفاع المدني في مختلف المحافظات بتنفيذ حملات ميدانية مكثّفة لتلافي تسجيل حوادث جديدة. ووفقاً لبيان صادر عن رئيس دائرة العلاقات والإعلام في وزارة الداخلية العميد مقداد ميري، فإنّ "الحملات أسفرت عن تنفيذ 508 أنشطة إغلاق لمشاريع وبنايات خالفت شروط السلامة والأمان"، مضيفا قوله أنّ "هذه الإجراءات جاءت في إطار الجهود الوقائية الرامية إلى فرض الالتزام بتعليمات الدفاع المدني، والحدّ من الحوادث التي قد تهدّد أرواح المواطنين وممتلكاتهم".

وشدّد ميري على أنّ "فرق الدفاع المدني ستواصل إجراءاتها من دون تهاون"، داعياً أصحاب المشاريع إلى "الالتزام التام بمعايير السلامة والاشتراطات القانونية"، وموضحاً أنّ "الهدف من هذه الإجراءات هو حماية الأرواح قبل كلّ شيء وترسيخ ثقافة الوقاية في بيئة العمل".

من جهتها، أعلنت بلديات بغداد، بالتنسيق مع مديرية الدفاع المدني، إطلاق "حملة موسعة لمحاسبة المتجاوزين على أملاك الدولة والمخالفين لشروط البناء ومتطلبات السلامة، وإجراءات ميدانية لجرد المنشآت التجارية والسياحية والحكومية والمشاريع الاستثمارية التي لم تلتزم بتعليمات الدفاع المدني أو استحصال الموافقات الأصولية".

وقال مدير بلديات بغداد ياسر القريشي، في تصريح صحفي، أن "الحملة تشمل جميع مناطق أطراف العاصمة، وتستهدف المباني والمنشآت التي لا تستوفي متطلبات الوقاية والسلامة، مع منح مهلة محدّدة تتراوح بين 10 إلى 30 يوماً لتصحيح الوضع القانوني، على أن تُتّخَذ الإجراءات القانونية بحقّ المتجاوزين، بما في ذلك الغلق والإزالة".

وفي النجف أعلنت قيادة الشرطة إغلاق أكثر من 153 مشروعاً مخالفاً لشروط الوقاية والسلامة.

وقال المتحدّث باسم شرطة النجف مفيد سالم الطاهر أن "الحملة تأتي تنفيذاً لتوجيهات وزير الداخلية، وبإشراف مباشر من قيادة الشرطة ومديرية الدفاع المدني، لضمان بيئة خالية من المخاطر المرتبطة بالمخالفات والإهمال".

أما في كربلاء، فقد أعلنت مديرية الدفاع المدني "إغلاق 482 مشروعاً مخالفاً لشروط السلامة والوقاية منذ مطلع العام الجاري وحتى الآن"، مبيّنةً أنّ فرقها الميدانية "تواصل حملات الوقاية والتفتيش على مدار الساعة، لضمان التزام جميع المنشآت بتوفير منظومات الإطفاء ومخارج الطوارئ وشروط السلامة العامة".

الحملات لن تُغيّر شيئا!

في السياق، يرى مراقبون ومواطنون أنّ الإجراءات الحكومية في العراق عموماً لا تأتي إلّا بعد وقوع الكوارث، أي متأخّرة جداً.

ويقول الناشط المدني سنان علي في حديث صحفي، أن "الحملة لن تغيّر شيئاً من الواقع. نحن أمام آلاف المباني المخالفة لشروط السلامة التي شُيّدت في الأعوام الـ25 الأخيرة"، متسائلاً: "هل يُصار إلى إغلاق كلّ تلك المباني؟".

ويضيف قوله أنّ "السكوت عن هذه المباني طيلة السنوات الماضية جعل العراقيين يعيشون في بيئة خطرة لا تتوفّر فيها شروط السلامة. فالجميع مُجبَر على مراجعة المستشفيات والدوائر والجامعات والمجمّعات التجارية والمطاعم وغيرها، وكلّها تمثّل خطراً حقيقياً على الحياة".

ويتساءل أيضا: "هل سيستمرّ إغلاق تلك المباني، أم أنّها ستعود بعد فترة قصيرة إلى نشاطها من دون أيّ إجراءات ومعالجات لشروط السلامة؟".

مراجعة قوانين منح التراخيص

إلى ذلك، ووسط تصاعد الغضب الشعبي على الفساد المستشري في البلاد كأبرز أسباب الكوارث، يدعو عضو نقابة المهندسين العراقيين علي اللهيبي إلى مراجعة قوانين منح التراخيص للمباني، وتشديدها.

ويقول في حديث صحفي أنّ "المباني التجارية وغيرها في مدن البلاد، والتي شُيّدت بعد عام 2003، أتت معظمها من دون إشراف هندسي حقيقي، ما يجعلها عرضة للخطر، وبالتالي تهدّد أرواح الناس"، مشددا على "ضرورة مراجعة القوانين التي تخصّ منح تراخيص البناء وتشديد الإجراءات العقابية بحقّ المخالفين، وبحق الجهات التي تمنح الرخص من دون إلزام أصحاب المشاريع باتباع المعايير الفنية الحقيقية".

***************************************

{فاجعة الكوت} تُلهب أسعار مطافئ الحريق

متابعة – طريق الشعب

أذعرت فاجعة حريق مجمّع "هايبر ماركت" في الكوت، المواطنين، ما دفع الكثيرين منهم إلى التهافت على اقتناء مطافئ الحريق، وبالتالي استغل التجار الجشعون الأمر، فعمدوا إلى رفع أسعار تلك المعدات إلى نحو 50 في المائة.

هذا ما أفاد به مواطنون في مدينة البصرة، عبر وسائل إعلام، مشيرين إلى ان المطفأة تحوّلت من سلعة مهملة إلى حاجة أساسية في كل منزل.

يقول المواطن البصري عباس طارش، وهو صاحب محل لبيع معدات السلامة: "سعر المطفأة من نوع 6 كيلوغرامات ارتفع من 20 ألف دينار إلى 30 ألفًا. لا يوجد وعي كبير بإجراءات السلامة، لكن هناك خوفا..

المواطن يشتري المطفأة ليشعر بالأمان، حتى وإن لم يكن يعرف كيف يستخدمها".

فيما يقول المواطن محمد عزيز، أنه لم يكن يهتم سابقًا بوسائل السلامة، إلا أن حادثة الكوت غيّرت رأيه، موضحا في حديث صحفي أنه "لم أفكّر من قبل في اقتناء مطفأة، لكنها اليوم باتت ضرورية كأي جهاز منزلي".

من جانبه، يقول بائع معدات السلامة جاسم سعيد، أنه "كنا نبيع هذه المعدات فقط إلى الشركات النفطية والأمنية، لكن اليوم بدأ المواطنون يسألون عن منظومات إطفاء كاملة.. وهذا تطور ملحوظ، وإن جاء متأخرًا وبدافع الذعر". وعن أسباب ارتفاع أسعار المطافئ، يوضح عباس طارش أن "بعض التجار استغلوا الأزمة، خصوصًا في بغداد، فارتفعت الأسعار في الجملة، الأمر الذي انعكس على المواطنين في البصرة"، مبينًا أن محله حافظ على الأسعار القديمة رغم صعوبة الاستيراد.

أما الشاب سيف علي، فيعبر عن استغرابه من غياب التوعية الإعلامية، متسائلًا: “لماذا لا توجد قناة توعوية تشرح للمواطن كيفية استخدام مطفأة الحريق؟ الناس يقتنونها بدافع الخوف، لكنهم لا يعرفون كيف يتعاملون معها".

****************************************

كربلائيون: بيوتنا تحوّلت إلى أفران!

متابعة – طريق الشعب

بينما تُقارب درجات الحرارة في كربلاء الـ50 مئوية، تستمر معاناة الأهالي جراء تدهور التيار الكهربائي، وانقطاعه فترات طويلة تصل أحيانا إلى أكثر من 6 ساعات متواصلة – وفق ما يؤكده مواطنون في أحاديث صحفية. وتنقل وكالات أنباء عن مصدر حكومي، قوله أن "كربلاء تحصل حالياً على 1000 ميغاواط من الكهرباء، 170 منها تخصص لخطوط الطوارئ"، مضيفا القول أن "حجم الطاقة الواردة الينا تمكننا من تجهيز المواطنين بالتيار الكهربائي ساعة ونصف مقابل 3 ساعات انقطاع".

في السياق، يؤكد مواطنون من مختلف مناطق كربلاء، أن بيوتهم تحوّلت إلى "أفران" بسبب الانقطاعات الطويلة للتيار الكهربائي، والتي تبدأ منذ ساعات الصباح الأولى وتستمر حتى المساء، تزامناً مع موجة حارة تجتاح المدينة.  يأتي ذلك خلافا لسلسلة وعود اطلقتها الحكومة سابقاً بتحسّن واقع الكهرباء خلال فصل الصيف الحالي، بعد خضوع المحطات إلى عمليات صيانة كبيرة استعدادا لهذا الفصل.  وتُرجع الجهات المعنية الأزمة إلى انخفاض كميات الغاز المورد من إيران، والذي أدى إلى فقدان المنظومة الوطنية نحو 4 آلاف ميغاواط – حسب المتحدث باسم وزارة الكهرباء أحمد العبادي.  لكن المشكلة – وفق ما يؤكده مواطنون عبر وسائل إعلام وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي – لا تكمن فقط في نقص الغاز، إنما في البنية التحتية للشبكة. إذ تأتي الكهرباء بـ"فولتية" ضعيفة تتسبب في عطب الأجهزة الكهربائية وتمنع تشغيل أجهزة التبريد.

كما يشهد التيار انقطاعات وتذبذبات كثيرة خلال فترة التجهيز، ما يدلل على عدم وجود صيانة دورية حقيقية للشبكة.

***************************************

اگول.. طامة «الكمرك»  المواطن أول الخاسرين

أسامة عبد الكريم

في خطوة تعكس تصعيداً جديداً في الحرب التجارية التي يتبنّاها، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض رسوم كمركية بنسبة 30 في المائة على صادرات العراق إلى الولايات المتحدة، اعتباراً من الأول من آب 2025. هذه الضريبة المرتفعة لم تكن مفاجئة تماماً في سياق سياسات ترامب الحمائية، لكنها في الحالة العراقية تأتي كصفعة اقتصادية وسياسية في آن، وسط صمت حكومي مطبق، وتراكم أزمات الداخل. العراق، الذي لطالما اعتمد على تصدير الموارد الأولية – بما فيها النفط والمنتجات القليلة غير النفطية – يجد نفسه اليوم في مرمى نيران سياسة كمركية تعاقب دون تمييز، وتضيف عبئاً جديدًا إلى اقتصاد هشّ ومتقلقل، قائم على الريع ومرتبط بتقلبات السوق العالمية. وبينما تُقدَّم هذه الإجراءات في واشنطن كوسيلة لحماية السوق الأمريكية، فإن وقعها الحقيقي يضرب في عمق الواقع العراقي: المواطن البسيط هو الذي يتحمّل النتائج الفعلية.

لا أحد يتوهّم بأن أصحاب القرار في العراق – أولئك المحصنين بالامتيازات والرواتب العالية – سيتأثرون برفع الرسوم أو تقليص حجم التبادل التجاري. التأثير سيطال المواطن، الذي يدفع أصلًا فواتير فساد داخلي مزمن، ليضاف إليها اليوم عبء "الكمرك" الأمريكي. سترتفع الأسعار، ويغلق باب جديد من أبواب التصدير، وتشلّ عجلة النشاط الاقتصادي المحدود أصلًا، في وقت لا يملك فيه العراق رؤية اقتصادية تنموية مستقلة.

من المثير للسخرية أن يُقدَّم القرار الأمريكي وكأنه "إجراء سيادي" من دولة تسعى لتعديل ميزانها التجاري، بينما هو في جوهره إعلان هيمنة واستخفاف. إنه يذكّرنا، وبقسوة، بأن العراق لم يغادر مربع التبعية بعد، وأن المواطن فيه لا يزال رهينة قرارات تُصاغ في الخارج وتُمرَّر بلا حوار أو حتى رد فعل.

السؤال الأخطر الذي ينبغي طرحه اليوم هو: أين الحكومة؟

أين الموقف الرسمي الذي يفترض أن يعبّر عن رفض هذه الإجراءات الجائرة؟ أين وزارات التجارة والخارجية والاقتصاد؟ بل أين البرلمان ولجانه التي لا تنشط إلا عند تقاسم المناصب؟ في بلد يفتقر إلى الحماية الاقتصادية الحقيقية، تتحوّل السياسات الدولية إلى أدوات ضغط مباشرة على معيشة الناس، دون أي نوع من الدفاع المؤسسي.

لقد كشف هذا القرار حجم هشاشة الموقف العراقي، وضعف أدواته في التفاوض أو المقاومة. كما أنه أعاد فتح النقاش حول غياب الاستراتيجية الاقتصادية: هل العراق دولة تنتج، أم مجرد سوق استهلاكي مستباح؟ هل يملك وسائل الرد، أم يكتفي بالتفرّج على المواطن يعصر بين مطرقة الداخل وسندان الخارج؟

ما تحتاجه البلاد اليوم ليس فقط موقفاً من قرار ترامب، بل رؤية شاملة للخروج من نفق التبعية الكمركية والاقتصادية. لا يمكن بناء سيادة حقيقية دون اقتصاد مستقل، ولا يمكن حماية المواطن من الطامات اليومية ما لم يعاد الاعتبار للإنتاج المحلي، ويغلق ملف الفساد الكمركي، وتفعَّل أدوات الرقابة على الاستيراد والتصدير. إن ما جرى ليس مجرد "خبر دولي"، بل إنذار جديد بأن المواطن العراقي، هو من يدفع الثمن دوماً. فهل من يسمع؟

***************************************

إجابة من وزارة النفط

تلقت "طريق الشعب" من وزارة النفط كتابا رسميا يحمل إجابة عن تقرير نشرته الجريدة في عددها المؤرخ 27 أيار 2025، وهذا نص الكتاب:

إلى صحيفة طريق الشعب الغرّاء

نهديكم أطيب تحياتنا..

إشارة إلى ما نشرته صحيفتكم الغراء بتاريخ 27/5/2025، تحت عنوان (تصاعد موجة الاحتجاجات الشعبية في المحافظات رفضا لتردي الخدمات)، نود إعلامكم بأن شركة مصافي الجنوب قد بينت بشأن تظاهرات الحراس الأمنيين العاملين في مشروع FCC انه تم الاستماع إلى مطالب المتظاهرين واستلام طلباتهم التي اقتصرت على موضوع التعيين على الملاك الدائم أو بعقد مؤقت، وتم ابلاغهم بأن هذا الموضوع ليس من صلاحية شركة مصافي الجنوب وتم رفع مطالبهم إلى الجهات ذات العلاقة في الوزارة حسب الصلاحيات.

شاكرين تعاونكم معنا مع التقدير  

*********************************

الصفحة السادسة

إيران والترويكا في محادثات {نووية} بإسطنبول الجمعة

طهران - وكالات

أكدت وزارة الخارجية الإيرانية استئناف المحادثات النووية مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا بمدينة إسطنبول، الجمعة المقبل.

وأوضح متحدث الخارجية إسماعيل بقائي، في تصريح صحفي، أن عقد جولة جديدة من المحادثات النووية يأتي بناء على طلب من الدول الأوروبية الثلاث.

وفي وقت سابق، أعلن التلفزيون الرسمي الإيراني استئناف المحادثات النووية مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا بإسطنبول في 25 تموز الجاري (الجمعة).

وذكر أن إيران وافقت على جولة جديدة من المحادثات النووية بناء على طلب الأطراف الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي عام 2015.

وسيمثل إيران مجيد تخت روانجي وكاظم غريب أبادي نائبا وزير الخارجية، في المحادثات النووية التي ستُعقد في إسطنبول على مستوى نواب وزراء الخارجية.

**************************************

بريطانيا ترفض تعويض أفغان تعاونوا مع قواتها بعد تسريب بياناتهم

لندن - وكالات

رفضت وزارة الدفاع البريطانية تقديم تعويضات مالية لآلاف المواطنين الأفغان الذين تسربت بياناتهم الشخصية أثناء عملهم كمساعدين للقوات البريطانية، وذلك عقب انسحابها من أفغانستان وتركها لهم في مواجهة مصيرهم.

وأكد متحدث باسم الوزارة أنها "ستدافع بقوة ضد أي إجراء قانوني أو تعويض لهؤلاء"، معتبرا أن هذه "مطالبات افتراضية"، ولن تقدم أي تعويضات رمزية لهم.

وتسربت بيانات 19 ألف أفغاني، تعاونوا مع الجيش البريطاني، في 2022، خلال محاولتهم الفرار من البلاد، بعد سيطرة حركة طالبان وانسحاب القوات الأمريكية.

وزارة الدفاع البريطانية بررت رفضها بدفع تعويضات بنتائج "مراجعة ريمر"، وهي مراجعة مستقلة أمر بها وزير الدفاع جون هيلي، وخلصت إلى أن وجود أسماء الأفراد ضمن البيانات المسربة لا يعني بالضرورة أنهم معرضون لخطر مباشر من طالبان.

**************************************

بيانات صادمة عن الفقر في أوروبا

برلين – وكالات

رغم صورتها اللامعة كموطن للرفاه، تكشف الأرقام الصادمة أن أوروبا تُخفي في عمقها واقعا اجتماعيا هشا، ففي قلب المدن الكبرى كما في ضواحيها المنسية، يتسع نطاق الفقر وتتقلص المساحات التي كانت تؤمّن استقرار الطبقة الوسطى.

ومع تراجع دور الدولة الاجتماعية وتصاعد كلفة المعيشة، يجد الملايين أنفسهم محاصرين بين البطالة وأزمة السكن، فهو واقع جديد يتشكل في الظل، يحمل ملامح أزمة اجتماعية صامتة تهدد كافة التوازنات التي قامت عليها الديمقراطيات الأوروبية الحديثة. تكشف البيانات الرسمية واقعا مختلفا في القارة العجوز، فبحسب دراسة نشرتها منصة "كل أوروبا" في تموز 2024، فإن نحو 20 بالمائة من سكان الاتحاد الأوروبي -أي ما يعادل 1 من كل 5 أشخاص- مهددون بالفقر أو الإقصاء الاجتماعي. وبحسب تقرير أصدرته شركة ستاتيستا الألمانية المتخصصة في بيانات السوق والمستهلكين فإن نحو 100 مليون شخص في دول الاتحاد الأوروبي معرضون لخطر الفقر أو الاستبعاد الاجتماعي، وهو ما يشكل نحو خمس السكان.

وتطال هذه النسبة الصادمة ملايين الأفراد الذين يعيشون على هامش المجتمعات الأوروبية، في ظل أنظمة دعم اجتماعي باتت عاجزة عن احتواء التفاوتات المتنامية. ويتخذ الفقر في أوروبا وجوها متعددة، فهو لا يعني دائما الجوع أو التشرد، بل كثيرا ما يتجلى مثلا في العجز عن مواجهة مصاريف الحياة الأساسية كالسكن والتدفئة والتعليم، وحتى الرعاية الصحية.

وتظهر نفس الدراسة تباينا واضحا بين الدول في الاتحاد الأوروبي، إذ تسجل بلغاريا ورومانيا نسبا مرتفعة للفقر، فيما تبدو النسب في دول مثل فرنسا وألمانيا أقل، لكنها تخفي تفاوتا داخليا حادا بين المدن والضواحي، وبين السكان الأصليين والمهاجرين.

******************************************

حزب الشعب يطالب مناصري قيم الإنسانية والحرية بالتدخل الفوري.. الأغذية العالمي: الوضع الإنساني في غزة بلغ مرحلة غير مسبوقة من التدهور

رام الله - وكالات

وجه حزب الشعب الفلسطيني، أمس الأحد، رسائل وعاجلة بعدة لغات، إلى الدول والأحزاب السياسية والحركات الاجتماعية والكتل البرلمانية، وبشكل خاص للقوى المناصرة لقيم الإنسانية والحرية وللقضية الفلسطينية، طالب من خلالها بضرورة وسرعة التحرك المكثف والتدخل الفوري، لوقف الإبادة الشاملة التي يتعرض لها شعبنا في قطاع غزة، على يد حكومة وقوات احتلال الإسرائيلي الفاشية، بدعم وغطاء أمريكي، وتخاذل أوروبي وصمت دولي فاضح.

وقف قوات الاحتلال الفاشي!

بيان للحزب، ذكر فيه أنه "باسم شعبنا وقواه السياسية وفعالياته المدنية ومكوناته الاجتماعية كافة، يتوجه لكم ومن خلالكم إلى كل من يهمه الأمر، من أجل التدخل الفوري وممارسة أقصى الضغوط عبر كل الوسائل، لوقف حرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها شعبنا وخاصة في قطاع غزة، على يد حكومة وقوات الاحتلال الاسرائيلي الفاشية، وبدعم وغطاء أمريكي صريح، وتخاذل أوروبي وصمت دولي فاضح".

وأضاف، إن "المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة على وجه الخصوص، يتعرضون منذ أكثر من 20 شهراَ متواصلة، لحرب إبادة جماعية، همجية وشاملة، أدت لقتل أكثر من (59.479) مواطن ومواطنة، وما لا يقل عن (140.355) مصاباَ، منذ 7 تشرين الأول 2023، عدا عن آلاف المفقودين تحت الأنقاض والمعتقلين والمختفين قسراَ على يد قوات الاحتلال".

أسلحة أمريكية وأوروبية

وأشار الحزب إلى انه "أصبحت الأوضاع في قطاع غزة الذي يعيش فيه أكثر من مليوني إنسان فلسطيني، غير صالحة كلياَ للحياة الآدمية، بسبب الكارثة التي تتسع وتتعمق نتيجة لاستمرار القتل الجماعي والدمار الواسع والشامل لكل شيء، بمختلف أنواع الأسلحة الحربية الأمريكية والاسرائيلية والأوروبية، وكذلك جراء التجويع الممنهج الذي يتزامن مع تشديد الحصار الشامل على القطاع، ومنع إدخال الاحتياجات الحيوية لسكانه ومؤسساتهم الطبية والخدمية".

ولفت إلى ان "نتيجة لسياسة التجويع الجماعي التي تفشت على نطاق واسع بين السكان وأدت لظهور أمراض مرتبطة بسوء التغذية الحاد، خاصة بين الأطفال والنساء وكبار السن، أصبح أكثر من 90 بالمائة من سكان قطاع غزة يعانون من انعدام في الأمن الغذائي، في حين دخل نحو 596,000 شخص في مرحلة المجاعة الكاملة، وتوفي 259 مريضاً و69 طفلاً جراء الجوع وسوء التغذية الحاد، وهو ما أدى لانقطاع تام لشرايين الحياة الأساسية لهم، في انتهاك صارخ لكل مبادئ وأحكام القانون الدولي الإنساني وخاصة اتفاقيات جنيف لعام 1948، ولمواثيق وقوانين حقوق الإنسان كافة".

حصار داخلي وخارجي!

ودعا الحزب، إلى الوقف الفوري لحرب الإبادة الجماعية الاسرائيلية التي يتعرض لها شعبنا الفلسطيني وكل أشكال العدوان عليه، فضلا عن فك الحصار المفروض على قطاع غزة خارجياَ وداخلياَ، ووقف سياسة التجويع الممنهجة ضد سكانه، فوراَ، وفتح جميع معابره البرية وإقامة ممرات إنسانية آمنة ودائمة له، وتأمين الاحتياجات الأساسية والحيوية والإنسانية له.

ونوه إلى ضرورة ضمان عمل المنظمات الإنسانية الدولية والمحلية، وتوفير الحماية لقوافل الإغاثة والمستشفيات والأطقم الطبية داخل القطاع، إضافة إلى ان تأمين أي مساعدات واحتياجات لسكان قطاع غزة، يكون فقط من خلال الهيئات الدولية وخاصة تلك التابعة للأمم المتحدة وفي مقدمتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) UNRWA، وعبر المنظمات الإنسانية الأخرى، فقط.

ثلث المواطنين بلا طعام

من جانبه، قال برنامج الأغذية العالمي، إن الوضع الإنساني في غزة بلغ مرحلة "غير مسبوقة من التدهور"، حيث يموت الناس بسبب نقص الغذاء.

وأوضح برنامج الأغذية العالمي في بيان صحفي اليوم الإثنين، أن نحو 90 ألف طفل وامرأة يعانون من سوء تغذية حاد، فيما يُحرم نحو ثلث المواطنين من الطعام لأيام متتالية.

وأعرب البرنامج عن قلقه العميق إزاء اعتداء قوات الاحتلال الإسرائيلي على منتظري المساعدات أمس، ما أدى إلى استشهاد عدد غير معروف من المدنيين، كانوا فقط يحاولون الحصول على الطعام لعائلاتهم وسط خطر المجاعة المتصاعد.

وأضاف أن هذا الاعتداء جاء رغم تعهدات إسرائيلية سابقة بتحسين الظروف لعمل القوافل الإنسانية، بما في ذلك ضمان عدم وجود أي تدخل عسكري.

المطلوب.. زيادة هائلة في توزيع الغذاء!

وأعرب برنامج الأغذية العالمي عن تمسكه التام بمبادئه في العمل الإنساني القائم على الاستقلالية والحياد وعدم التحيز، مؤكدًا أن هذه المبادئ تشكل أساس الثقة التي تبنيها الوكالة مع المجتمعات التي تخدمها.

وأكد أن السبيل الوحيد لاحتواء الأزمة يتمثل في "زيادة هائلة في عمليات توزيع الغذاء"، لاستعادة ثقة الناس وتهدئة مخاوفهم، ودعا إلى وقف فوري لإطلاق النار، وضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ومنتظم ومنهجي إلى جميع أنحاء قطاع غزة.

وناشد البرنامج المجتمع الدولي الضغط على جميع الأطراف لضمان وصول المساعدات إلى الأسر المجوعة داخل غزة بشكل آمن وبدون عوائق.ر

*************************************

التشيك.. معاداة الشيوعية بداية للأستبداد

رشيد غويلب

وقّع الرئيس التشيكي بيتر بافل، يوم الخميس الفائت، تعديلًا على قانون العقوبات يُجرّم "ترويج الفكر الشيوعي" ويُساويه بالدعاية النازية. وكان التعديل المقترح قد أُقرّ سابقًا في مجلسي الشيوخ والنواب، حيث اعتُمد بأغلبية كبيرة في أيار الفائت. ويسمح هذا القانون، الذي وقّعه رئيس الجمهورية، الذي شغل قبل ذلك منصب رئيس الجنة العسكرية لحلف الناتو، والذي كان عضو في الحزب الشيوعي الحاكم حتى عام 1989.  وسيدخل القانون حيز التنفيذ في الأول من كانون الثاني 2026، وبموجبه سيمكن للقضاة فرض عقوبات بالسجن تصل إلى خمس سنوات على الأفراد الذين ينشرون أو يدعمون أو يُروّجون لـ "حركات فاشية أو شيوعية أو غيرها من الحركات التي تهدف بوضوح إلى قمع حقوق الإنسان والحريات أو تُثير الكراهية العنصرية أو العرقية أو القومية أو الدينية أو الطبقية".

وقد أشارت العديد من المؤسسات التشيكية، بما في ذلك معهد دراسة الأنظمة الشمولية، إلى أن النظام القانوني الحالي يعامل الجرائم الإيديولوجية بشكل غير متساو، وأن تحقيق المساواة بين الإيديولوجيات "الشمولية" أمر ضروري.

تكتيك مكشوف

يُعدّ تعديل قانون العقوبات بمثابة كابح طوارئ تكتيكي. يُعاد الخلط فيه بين الفاشية والشيوعية، والهدف هو حظر الحزب الشيوعي. لكن منذ إقرار البرلمان التشيكي لمشروع القانون في 30 أيار، تزايدت قوة أحزاب المعارضة اليسارية واليمينية، لا سيما بعد أن دفعت الحكومة مؤخرًا بمشروع قانون لخفض المعاشات التقاعدية إلى البرلمان.

وما يزال من غير الواضح كيف سيطبق القانون على الأحزاب السياسية القائمة. لقد أدان الحزب الشيوعي في جمهورية التشيك بشدة التعديل، واصفًا إياه بأنه ذو دوافع سياسية. وقال الحزب في بيان له: "هذه محاولة فاشلة أخرى لإقصاء الحزب الشيوعي من الساحة السياسية وترهيب منتقدي النظام الحالي". في الانتخابات البرلمانية الأخيرة عام 2021، فقد الحزب الشيوعي تمثيله في البرلمان، بسبب عدم تجاوزه العتبة الانتخابية (5 في المائة)، ولأول مرة منذ عام 1920، لم يكن هناك تمثيل للشيوعيين في البرلمان. ووفقًا لاستطلاعات الرأي الحالية، تحصل زعيمة الحزب الشيوعي التشيكي، وعضوة البرلمان الأوربي كاترينا كونيكنا، وتحالفها "ستاتشيلو" ("كفى") على نسبة تأييد تقترب من 5 في المائة. ستُجرى الانتخابات العامة في جمهورية التشيك في أوائل تشرين الأول المقبل.

ربما كان تعديل القانون، الذي رافقه تكرار الخطاب المعتاد المعادي للشيوعية، نتيجةً للحملة الانتخابية الحالية، ولكن منذ تفكك النظام الاشتراكي في عام ١٩٨٩، عمل اليمين المتحالف مع مؤسسات الاتحاد الأوروبي، التي تناهض الشيوعية، تحت غطاء خطاب مناهضة الشمولية. في عام ٢٠٠٦، على سبيل المثال، حُظر نشاط رابطة الشباب الشيوعي، ولم تستعد الرابطة شرعيتها إلا في عام ٢٠١٠ بعد معارك قانونية مطولة. وفي ذلك العام، طالب وزراء خارجية ليتوانيا ولاتفيا وبلغاريا والمجر ورومانيا وجمهورية التشيك بأن تُعامل مفوضية الاتحاد الأوروبي جرائم الشيوعية بنفس الطريقة التي تُعامل بها جرائم النظام النازي. وقد خدم التقليل من شأن الإبادة الجماعية الفاشية ضد شعوب شرق وجنوب شرق أوروبا، وكذلك ضد يهود أوروبا، حملة "التبرير" التي نظمت في براغ.

وكان الحزب الشيوعي في جمهورية التشيك قد تعافى سريعًا من هزيمته في الانتخابات العامة عام ٢٠٢١، ففاز بمقعدين في انتخابات الاتحاد الأوروبي في عام ٢٠٢٤، وزاد عدد نوابه بثلاثة أضعاف في الانتخابات الإقليمية التي جرت في أيلول من العام نفسه.

زعيمة الشيوعي التشيكي في سطور

ولدت كاتارينا كونتشنا في 20 كانون الثاني 1981 في مدينة نوفي ييتشين التشيكية. حاصلة على أكثر من شهادة جامعية في الإدارة والاقتصاد، وهندسة الإدارة، وهي عضوة في البرلمان الأوروبي منذ عام 2014. وانتخبت وهي طالبة في عام 2002 عضوة في البرلمان التشيكي، وبقيت فيه حتى عام 2014. وعضوة لجنة مركزية منذ عام 2010، وفي عام 2018 أصبحت نائبة لرئيس الحزب، وانتخبت في 23 تشرين الأول 2021 رئيسة للحزب خلفا لفويتيخ فيليب. وقادت كونتشنا عملية مراجعة مكنت الحزب من تجاوز أزمته ووضعته على طريق النجاح ثانية.

********************************************

الصفحة السابعة

بمناسبة العيد الـ 90 للصحافة الشيوعية العراقية الصحافة الشيوعية.. دورها ووظائفها في المرحلة الحالية

رعد موسى الجبوري

دأب البشر على تسجيل تاريخ الأحداث المهمة وحفظ ذكراها بمناسبات احتفالية دورية، يراجعون عملها ويتحققون من فعاليتها وانجازاتها وتأثيراتها على المراد منها، ويستخلصون النتائج ويتعلمون الخبرات والدروس ليستفيدوا منها في عملهم وخاصة في العمل الوطني ومسيرات تطور وبناء مستقبل شعوبهم. وهذا ما واصله الشيوعيون وتميزوا به.  في 31 تموز 1935 أصدر الحزب الشيوعي العراقي أول صحيفة له باسم كفاح الشعب، كانت سرية وصدرت تحت ظروف قمع السلطات وبإمكانيات بسيطة. وباعتباره حدثا مفصليا، واصل الشيوعيون استذكاره سنويا وجعلوه مناسبة اعتبروها عيد الصحافة الشيوعية، وبمرور السنين ترسخ كمناسبة بارزة في تاريخ وطننا العراقي.

هذا العام يسجل العيد 90 للصحافة الشيوعية العراقية، ونشهد اليوم وبفخر صحافة شيوعية عراقية ترتقي، وبرغم كل الصعاب، إلى مستوى استحقاقات المرحلة وتؤدي مهامها ووظائفها بجدارة.

لا ننوي في هذا المقال التركيز على تقديم كلمات الإطراء والمديح، والتي تستحقها الصحافة الشيوعية بكل صدق، ولن نستعرض تفاصيل الأحداث التاريخية التي مر بها العمل الصحفي الشيوعي في العراق فهناك كثيرون كتبوا في هذا المجال، ولكن سنعرض هنا وجهة نظر تبين الوظائف الأساسية للصحافة الشيوعية في ظل المرحلة والوضع الحالي الذي يمر به الوطن. وهذا جزء مهم من عملية المراجعة والتعلم من الانجازات والعمل السابق قد يساعدنا في وضع الخطط والتصورات لمستقبل تطوير العمل.

يرتكز الشيوعيون بالأساس على مبادئ أفكار وأعمال المنهج العلمي الماركسي الذي يربط عملية التقدم ورفاه الشعوب والمجتمعات بطبيعة الأنظمة التي تسود ومدى تحقيق هذه الانظمة للعدالة الاجتماعية، وهكذا ارتبط مفهوم العدالة الاجتماعية بمفهوم الوطنية ورفاه الشعب لدى الشيوعيين بشكل عميق، فقال مؤسس الحزب الشيوعي العراقي يوسف سلمان فهد: كنت وطنيا وحين اصبحت شيوعيا ازدادت وطنيتي.

هذا النهج  الوطني ميز الشيوعيين عن الأحزاب الاخرى القائمة على مفاهيم تقسيم المجتمع إلى طوائف وملل دينية وإثنيات قومية متضادة متناحرة تدعو إلى تفتيت النسيج الوطني إلى مكونات متنازعة ومتصارعة. وفي مسيرتهم وعلى طوال فترات كفاحهم اثبت الشيوعيون تمسكهم بمبادئهم ومسؤولياتهم الوطنية. وبشكل خاص نضالهم ضد سياسات انظمة الفساد والقمع والتي من أبرزها نظام صدام حسين الديكتاتوري القمعي بحروبه العبثية التي ارهقت الشعب العراقي. فرفضوا التعصب والتخندق الطائفي والقومي الانعزالي ودعوا للسلم وللإيقاف الفوري للحروب المدمرة وأكدوا على  وحدة الهوية الوطنية العراقية الجامعة مع احترام الخصوصيات للثقافات المتعددة داخل المجتمع العراقي. ورفعوا شعار يربط انهاء الدكتاتورية بإقامة نظام يؤسس لديموقراطية حقيقية للشعب بدون تمييز. ولعبت صحافتهم دورا محوريا بارزا في هذا الكفاح، وركز عمل الصحافة الشيوعية على التوعية بالسياسة الوطنية مسترشدا برؤية مؤسسي الحزب الهادفة إلى بناء " وطن حر وشعب سعيد". 

سببت سياسة النظام الديكتاتوري العبثية، التي زجت بالوطن في صراعات خارجية وأزمات لا مبرر لها مع القوى الإقليمية والدولية التي كانت تتربص وتسعى وتطمع في الهيمنة على العراق وعلى المنطقة، أضرارا جسيمة للمجتمع العراقي. وانتجت بيئة مهدت لاشتداد تأثيرات سياسات وأطماع دول الجوار الإقليمي والدول الاجنبية على الداخل العراقي بشكل متزايد فنشأت ظروف ملائمة لتفشي الرؤى الغير وطنية المبنية على التخندق الطائفي والاثني المتشدد الذي هدد اللحمة الوطنية، وارتبطت المجاميع المتعصبة بتبعيات للقوى الاقليمية والخارجية بالضد من المصالح الوطنية ووحدة الشعب وسيادته على بلده. وانبتت هذه التدخلات كيانات وحركات غير وطنية قائمة على أفكار طائفية شمولية ولاؤها ليس للوطن وبعيدة عن هموم ومصالح الشعب لعراقي الحقيقية ولا تؤمن بالديموقراطية الحقيقية. وغزت هذه الحركات والأحزاب المشهد السياسي العراقي وانتشرت كما تغزو الأعشاب الضارة حقول الغرس والزرع. ولم تواجه قوى الاحتلال الاجنبي هذا الخطر بل بالعكس ساهمت في تسهيل وتمكين هيمنة هذه الكيانات والحركات الطائفية على السلطة التي اقيمت بعد اسقاط النظام الديكتاتوري. واخذت تعمل على تفويت الفرصة على الشعب العراقي وقواه الوطنية لبناء نظام ديموقراطي وطني حقيقي يوفر الأمن والازدهار للمواطن. وأدرك الشيوعيون هذه المخاطر على الوطن وعلى البناء الديموقراطي فاندفعوا لتصعيد الكفاح السياسي مؤكدين على التوعية بالفكر الوطني، وبرز، مرة أخرى،  دور الصحافة الشيوعية التي تصدت لهذه المهمة الوطنية بكل بسالة وتصميم.

واستمرت القوى الخارجية الدولية والاقليمية وبمباركة الاحتلال، تضغط  وتزيد من تدخلها في الشأن العراقي الداخلي بمختلف الطرق مستغلة الأحزاب الطائفية لتحجيم دور الأحزاب الوطنية، فأسست لقيام نظام محاصصة طائفية لأحزاب تمتلك مليشيات مسلحة تتستر بعقائد طائفية، وانتشر الفساد في مؤسسات الدولة وشاعت حالات سرقة المال العام. وبعد ازدياد ردود الافعال والاحتجاجات الشعبية الرافضة لسياسات أحزاب المحاصصة الطائفية والفساد المستشري، صعدت قوى التسلط من قمعها للجماهير الشعبية والناشطين المدنيين واستخدمت السلاح والمليشيات والإعلام الأصفر ضد الجماهير. ولم يقف الحزب الشيوعي العراقي صامتا أمام تحديات ما افرزه الوضع بعد الاحتلال ومخاطر تفشي المحاصصة الحزبية الطائفية والفساد في الأجهزة الحكومية فشدد على اهمية مواصلة الكفاح السياسي بكل أنواعه وخاصة الكفاح الفكري والتثقيفي بالمصالح الوطنية وفضح التهديدات التي تواجه وحدة الوطن واقتصاده ومخاطر تغييب الإرادة والسيادة الوطنية. فعملت الصحافة  الشيوعية وبكل نشاط وحزم  لتفضح القمع وما ينتج عن سوء الإدارة والفساد والمحاصصة.

وبالرغم من كل هذه التعقيدات والمصاعب في المشهد السياسي لم تهمل الصحافة الشيوعية وظيفتها في التوعية بالمخاطر والتحديات الكونية لتي تواجه البلاد مثل التغير المناخي وتوفير الطاقة والعمل على التنمية المستدامة في مجالات الاقتصاد والمجتمع وغيرها من مقومات الحياة البشرية. واستنادا إلى تاريخها النضالي الوطني العريق وتجاربها الغنية تصدت الصحافة الشيوعية بكل وعي لتحديات المرحلة. وانتهزت فرصة امكانية العمل العلني وبرزت  كرائدة للصحافة الوطنية الملتزمة الواضحة الاهداف والتي تخدم مصالح الشعب الأساسية.

وظائف مهمة وحاسمة تقوم بها الصحافة الشيوعية

 ومن خلال هذه المسيرة المظفرة تميزت الصحافة الشيوعية بأداء وظائف مهمة وحاسمة في عملها لتحقيق المجتمع الديمقراطي المدني، والتي ركزت عليها في المرحلة الحالية بشكل خاص، ويمكن تحديدها كالتالي:

1- البحث عن المعلومة الصحيحة وإيصالها إلى القارئ والمواطن العراقي بشكل صادق وغير مفبرك:

تعتبر الصحافة الشيوعية العراقية أن من واجبها توفير المعلومات بأقصى قدر ممكن من الكمال والدقة والموضوعية والشمولية، لتمكين المواطنين الذين يستخدمون الصحافة من متابعة الأحداث العامة بشكل فعال وواضح وشفاف وصريح. فتسعى الصحافة الشيوعية، من خلال توفيرهذه المعلومات، إلى ضمان فهم المواطنين للسياقات والتفاعلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الجارية، وليتفهموا مبادئ النظام الدستوري الديمقراطي ولتمكينهم من إدراك مصالحهم واطلاعهم على نوايا وأفعال جميع المشاركين في العملية السياسية. ولتنمية استعداد المواطنين للمشاركة بفعالية في النشاط السياسي ورسم السياسات واتخاذ القرار الوطني- كناخبين، أو كأعضاء في المؤسسات والمنظمات الاجتماعية والسياسية وفي المجتمع، وتحفيزهم للفعل كمواطنين مبادرين في رسم السياسات الوطنية.

نحن بطبيعتنا، كأفراد ومجموعات متنوعة في هذا المجتمع، نحتاج ونعتمد على التواصل والحوار فيما بيننا، ولكن وبسبب توسع وتمدد حجم مجتمعاتنا بشكل كبير جدا لم يعد بالإمكان الاكتفاء بالاعتماد على الحوار والتواصل المباشر والفوري، لذلك تقوم الصحافة الشيوعية  بتقديم وضمان هذه الخدمة وهي تؤدي هذه الوظيفة بشكل صحيح غير مشوه ومضلل. وهنا علينا ان نعي  ولا ننسى في هذا السياق أننا وإلى حد كبير، لم نعد نتبين وندرك العالم من خلال المعايشة والتجربة المباشرة؛ بل أصبح عالمنا يعتمد في اغلب الاحيان على الوسائط للحصول على المعلومة.

 2- وظيفة تشكيل الرأي:

وتقوم الصحافة الشيوعية ايضا بأداء دور هام في تشكيل الرأي العام. وهذا ينبع من قناعة راسخة بضرورة مناقشة قضايا المصلحة العامة، في ظل الديمقراطية، ولترسيخها وتحقيقها بشكل حرّ وشفاف ومفتوح. ويرمي هذا النقاش إلى هدف أن يحظى العقلاء الوطنيون بفرصة الغلبة في تصارع الآراء. وتعي الصحافة الشيوعية وتدرك، هنا ايضا، أن الآراء التي تحاول وسائل الإعلام المضادة، التي تمثل الفئات والأحزاب السياسية الفاسدة، تشكيلها وصياغتها، في المناقشات السياسية على سبيل المثال، لا تستند على تجارب الحياة الحقيقية التي يعيشها الشعب في المقام الأول بل تستند إلى ما تنقله وأحيانا تشوهه أو تزوقه وسائل الإعلام  هذه، لتضليل الرأي العام وفبركة للأحداث.

وبسبب التحديات الكبيرة نتيجة التغير المناخي لعبت الصحافة الشيوعية دورًا محوريًا في تغطية مخاطره واثاره للتعريف  ولتحفيز وتشكيل رأي عام  واع واثارة النقاش الاجتماعي والسياسي. فقامت بتوفير المعلومات وكتابة المواضيع حول أسباب تغير المناخ وعواقبه وأساليب معالجة المشاكل، لتحفيز القيام بالإجراءات اللازمة. وأعدت التقارير الرصينة والمتوازنة والتي توجه نحو القيام بإيجاد حلول للآثار المناخية وفي مختلف الاتجاهات.

3- تمثيل الاقليات والفئات الضعيفة:

في واقع الممارسة السياسية في الانظمة الديموقراطية، لا تتوفر فرص المشاركة في عملية بناء الرأي  العام بشكل متساو، فالأحزاب الممثلة في البرلمان، والمؤسسات الدينية والرسمية، ومؤسسات وجمعيات رجال الأعمال، ومثيلاتها من المنظمات المؤثرة، تتمتع بفرص أفضل في جذب اهتمام وسائل الإعلام مقارنةً بالأقليات العرقية والاجتماعية والدينية والسياسية - وينطبق هذا بشكل خاص على من يعتبرون من الأقليات الضعيفة مثل الأطفال والمتقاعدين والمعوقين والنساء، كما وتشكو هذه المجاميع أيضا من أن الصحف والإعلام التابع للأحزاب المتسلطة يركز على آراء القابضين على السلطة، بينما يتم تجاهل آراء مجموعات الأقليات، ونتيجةً لهذا الخلل، يزداد ترسيخ آراء ومصالح ونفوذ القوى المتسلطة، ويتم حجب ومنع الآراء الجديدة والمختلفة والمعارضة من الوصول إلى الجمهور. وللتغلب على هذا الضعف في العملية الديموقراطية، تزداد ضرورة واهمية الصحافة الشيوعية، التي تعتبر أحد مهامها الاساسية هو تمثيل مصالح الفئات الضعيفة ايضا في عملية تشكيل الرأي العام.

يتسم المجتمع الحديث ببنية متنوعة، ويضمّ فئات ومجاميع تتفاوت في الرؤية والمصالح، وتبرز هناك احيانا تقاطعات في هذه الرؤى والحاجات، وهنا تجد الصحافة الشيوعية في العراق ان من واجبها أيضا عكس هذه التعددية في الرأي والحاجات بطريقة تناسب وتنسجم مع المصلحة الاجتماعية والوطنية.

4- الوظيفة الناقدة والرقابة:

من المفترض ان تقع مهمة النقد والرقابة في النظام البرلماني بشكل أساسي على عاتق المعارضة البرلمانية. ولكن ونتيجة الخلل في مفهوم الديموقراطية عند أحزاب السلطة الحاكمة في العراق، قامت هذه القوى المتنفذة بترسيخ نظام المحاصصة الطائفية (ويطلقون عليه احيانا نظام التوافق) لتأمين استمرار نفوذها في الحكم والتسلط. وهكذا أصبح اتخاذ الغالبية الكبرى من القرارات البرلمانية يتم من خلال وعلى أساس المحاصصة الفئوية والحزبية وتم تقزيم وإلغاء دور المعارضة الوطنية داخل البرلمان. وهذا الواقع يشكل خللا كبيرا يهدد نجاح وفعالية العملية الديموقراطية. ولتعزيز النظام الديموقراطي وحمايته من الانهيار تصدت الصحافة الشيوعية بعد سقوط الديكتاتورية للقيام بمهمة الدورالناقد للسياسات ولتمارس دور الرقابة على الأجهزة التنفيذية والمؤسسات الحكومية والدولة بشكل عام. فقامت بكشف الانتهاكات ومظاهر وحالات الفساد والخلل، ونشرت التقارير والمقالات التي تلهم وتدعم تكوين رؤية وطنية واضحة وتقوم بمتابعة التحقيقات البرلمانية ولجان التحقيق في هذه الانتهاكات التي تعرض الوطن والديموقراطية لخطر التراجع والخضوع للفساد والتعسف البيروقراطي. وتقوم بفضح ومواجهة الاعتراضات من جهة الفئات الفاسدة والتي تدعي أن النقد قد يسبب ويلحق الضرر بسمعة المجتمع، هذا الادعاء الذي يحاول التضليل ويلقي اسباب الضرر على من يكشف الفساد والقصور والانتهاك ويعفي الجهات الفاسدة من مسؤولية القيام بالانتهاكات والتسبب بالضرر للمجتمع.

وفي هذا السياق تجدر الاشارة إلى أن الصحافة الشيوعية تقوم بمهمة ضمنية اخرى وهي التوعية بأن مسؤولية الرقابة على المؤسسات السياسية وأجهزة الدولة هي مسؤولية اجتماعية عامة. وتكشف الصحافة الشيوعية للرأي العام أولويات وأهمية المواضيع وتسلط الضوء على المواضيع المهمة المطروحة التي تواجه المجتمع.

5- وظيفة دعم وتعميق وتشكيل الثقافة الوطنية:

وفي هذا المجال تؤدي الصحافة الشيوعية وظيفة وطنية واجتماعية هامة. فتقوم بأدوار متعددة ومتنوعة في هذا الصدد. فهي تقوم بالتأثير على كيفية إدراك الثقافة من قبل المجتمع، وتوفر المجال للتماس معها وتجربتها من خلال تغطية الأحداث وتطور الاتجاهات والظواهر الثقافية، ونشرها وجعلها في متناول الجمهور الواسع. وتتمكن في الوقت نفسه من خلال المساهمة، من تشكيل التوجهات والخطاب الثقافي.

كما وتقوم بدور التبادل والتعرف على ثقافات الشعوب الاخرى من خلال التغطيات الصحفية وتعزيز الحوار بين ثقافات المجتمعات المختلفة، وترجمة المنتجات الثقافية من اللغات الأخرى، وليس فقط بين البلدان المختلفة بل داخل المجتمع العراقي ايضا، فتتم ترجمة الاعمال الثقافية من الكردية إلى العربية مثلا.

ومن خلال الطريقة التي تغطي فيها الصحافة المجال الثقافي ستساعد وتؤثر في تكوين آراء المواطنين تجاه الظواهر والاتجاهات الثقافية. وتساهم الصحافة الشيوعية في ترويج الابداع الثقافي الوطني وتوفر منصة للمثقفين والفنانين والأدباء من كافة الالوان، المسرح، الغناء، القصة، الشعر، التشكيل.. الخ.

وقامت الصحافة الشيوعية بإثراء الدراسات النقدية للتطورات في المجالات الثقافية الادبية والفنية وبهذا شجعت ودعمت التفكير والتأمل في القيم والمعايير المجتمعية والثقافية.

6- وظيفة دعم وتشكيل النشاطات الاجتماعية الاخرى:

إن الحديث عن دعم الثقافة الوطنية يمكن ان ينطبق أيضا على النشاطات الاجتماعية الاخرى ومن أبرزها الرياضة. فهي تقدم المعلومات والتحليلات عن النشاطات الرياضية وتروج لها لزيادة شعبيتها وتوسيع جمهورها. وتكوين الرأي عن نشاطات رياضية او رياضيين معينين والتسويق لهذه الرياضات.

وتركز الصحافة الشيوعية في هذا المجال على تثبيت القيم السليمة وتنمية الشعور بالانتماء الاجتماعي الوطني من خلال الرياضة. فقامت باحتضان المواهب الجديدة وحاولت جذب انتباه الرأي العام لهذه المواهب. وقامت بمراعاة الموضوعية والحياد في هذه المجالات.

وركزت الصحافة الشيوعية على جوانب المسؤولية الوطنية والاجتماعية والاخلاقية في تغطياتها للأحداث الرياضية. وهي تدافع دائما عن نقاء القيم الرياضية وإبعاد المتاجرة والفساد عنها.

الصحافة الشيوعية ركيزة أساسية للصحافة العراقية العلنية الحرة

أسس فهد هذا الصرح العتيد للصحافة الشيوعية الذي نراه اليوم وبإمكانيات بسيطة وكان يمتلئ يقينا ونفاذ بصيرة وإيمانا بانتصار وتطور هذا الصرح ليصبح أحد ركائز النضال الوطني في العراق وليشع نوره في المنطقة. يذكر عزيز سباهي في الجزء الاول من كتابه (عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي) شهادة محمد علي الزرقة عن الرفيق فهد والذي سكن معه في نفس البيت في بغداد محلة الحيدرخانة كالتالي: “ ..كان إلى ذلك عاملا بارعا كأكثر عمال الطباعة مهارة. كان يصلح اجزاء المطبعة ويهيئ حروفها ويكتب مقالاتها ويصفها مهيأة للطبع ويقوم بنفسه بطبعها ورزمها..”

وبرغم كل الصعوبات التي واجهتها وتواجهها اصبحت الصحافة الشيوعية، بما تمثله من مفاهيم وطنية تقدمية، قامة وركيزة أساسية للصحافة العراقية العلنية الحرة التي تناضل لقيام دولة مدنية ديموقراطية تستند على مبادئ القانون واحترام المواطنة، إن عيد الصحافة الشيوعية هو بالتأكيد مناسبة مهمة للصحافة الوطنية الديمقراطية التي قامت على معايير الحرية والتقدم، ولم يأتي هذا الموقع المتميز الذي تحتله الصحافة الشيوعية الا بجهود وبفضل أعمال كوكبة الصحافيين الشيوعيين الرواد والاجيال التي اعقبتهم، ومنهم من استشهد دفاعاً عن حرية التعبير والكلمة الحرة وحقوق الشعب ومنهم من غادرنا لتبقى ذكراه عطرة بيننا ومنهم من لايزال يواصل المسيرة برفقة اجيال جديدة لا تقل بسالة عن أسلافها، عازمة للوصول إلى تحقيق الحلم بإقامة الوطن الحر ليحيا فيه الشعب السعيد.

********************************************

الصفحة الثامنة

ثورة 14 تموز: من إرادة الشعب إلى ضمير الأمة

شهاب الفضلي

لم يكن صباح 14 تموز 1958 مجرد انتقال هادئ من ظلمة الليل إلى نور النهار، بل كان صحوة للصواب والخطأ، وانفجارًا للروح، وبداية كرامة كانت تُدفن كل يوم تحت أنقاض الظلم والخيانة. لم تكن الدبابات التي دخلت بغداد مع أول أشعة الشمس مجرد آلات حرب، ولم تكن البنادق التي تهدر على أرصفة العاصمة سوى أصوات جائعين ومحرومين ومنسيين، صرخوا بعد صمت طويل: "كفى!".

لم يكن ذلك الصباح حدثًا عسكريًا جافًا، كما تُوثقه الكتب السياسية الباردة، بل كان صرخة مجتمع يئن تحت وطأة القمع لعقود، ثمرة حامضة لحلم طويل لم ينضج في أرض تعج بالغرباء. كان ذلك الصباح بمثابة بيانٍ بأن العراق لم يعد يتقبل أن يكتب الآخرون مصيره، ولا أن يرسمه ملوكٌ ورؤساءٌ رأوا في العراقيين مجرد أعدادٍ تُقاد، لا بشرًا يُحترمون. كان العراقيون هم من صنعوا تلك اللحظة. لم يكونوا قادةً ولا جنرالاتٍ ولا مؤامرات، بل أناسٌ جاعوا في أوقات الرخاء، وأُذلّوا في قصور الأغنياء، وانتظروا الموت لسنواتٍ طويلة، يعيشون على بقايا وعودٍ زائفة. انبثقت الثورة من بيوتٍ طينية، ومن حقولٍ أنهكها العطش، ومن عيون أمهاتٍ بكين جوعًا أكثر مما بكين موتاهن. لم يكن الضباط الأحرار سوى انعكاسٍ للألم.

أعمق وأصدق من كل الشعارات: ألم الأقدام العارية، والبطون الخاوية، والرغبات التي تُدفن كل صباح مع شروق شمس لا تخصهم.

ذلك النهر الذي جري في عروق الأرض لم يتدفق في عروقهم. رأوا الماء دون أن يلمسوه، والذهب دون أن يمتلك بفخر شيئًا سوى فتات الذل. رأوا سيداتهم يغسلن الملابس بأيدٍ متعبة، والأخرى تحمل دمعةً لا تُمحى. رأوا أطفالهم ينامون على أرصفة الجوع، وفوق رؤوسهم سماءٌ تمطر وعودًا جوفاء لا تُشبع قلبًا ولا تُشبع فمًا.

ما حدث لم يكن حادثًا. لم يكن ثورةً باردةً تُعرّف في الفصول الدراسية. بل كان صرخة روحٍ أنهكها الانتظار. كانت ثورة جوع، ثورة كرامة، ثورة أناسٍ قرروا التعبير عما كتموه في صدورهم لسنوات. لهذا السبب لم يكن البشر بحاجة إلى أوامر أو تعليمات عندما نزلوا إلى الشوارع. انكسر شيء ما في دواخلهم، ولم يعد هناك ما يعيدهم إلى صمتهم القديم.

عندما حُمل عبد الكريم قاسم على أكتافهم، لم يكن ذلك لأنه تحول إلى بطل خارق أو قديس. بل لأنهم وجدوا فيه، في نهاية المطاف، شخصًا مثلهم. رجل لم يأتِ ليحكمهم من خلف جدران القصور، بل ليقول لهم بشجاعة لا تملكها السلطة: "أنتم، أيها البشر البسطاء، تستحقون الحياة". لم يكن عبد الكريم نبيًا ولا معصومًا من الخطأ، لكنه تجرأ على قول ما لم يفعله أحد قبله: أنتم لستم عبيدًا. أنتم مالكو الأرض.

كانت لحظة فرح عابرة ولدت من رحم الحزن. لحظة تتنفس فيها أمة أنفاسها الأخيرة بعد اختناق طويل. لحظة حلم بأن يكون العراق وطنا لجميع أبنائه. ولكن، كما هو الحال دائمًا،

في لحظةٍ تاريخية، تحطم كل شيء: طقوس البلاط، والقصص الملكية، ومآثر الولاء المسرحية. اختفت الألقاب والأوشحة، وارتفعت أصواتٌ لم يُسمح لها بالهمس. أصوات الفلاحين، وجنود المشاة البسطاء، والفتيات، والطلاب، وكل من حلم بأن يكون مواطنًا بدلًا من أن يكون موضوعًا.

جعل الشعب، وحده، يوم 14 تموز عطلة. لم يحتاجوا إلى إذنٍ من سلطةٍ أو توقيع وزير. العطلات الحقيقية لا تُمنح من السماء، بل تولد في أعماق القلوب. لا أحد اليوم، مهما زيّن نفسه بالكلمات أو ارتدى قناع الوطنية، يستطيع أن يُخبر البشر: أن ذلك اليوم لم يكن يستحق الاحتفال. لأن من فقدوا الاتصال بالذاكرة لا يحق لهم إعادة كتابة التاريخ.

المشكلة ليست في تجميل الماضي أو نسج ذكرياتٍ خيالية. المشكلة تكمن في إدراك أن هذه الثورة، التي منحت المرأة حقوقها، والأمل المتعثر، والكرامة للشعب، لم تعد خطيئة، بل شرارة إنسانية حقيقية في زمن قاسٍ. لذا، ما وُلد من رحم الشعب لا يموت. حتى لو اغتالوه بألف مؤامرة، سيبقى حياً لأنه خرج من رحم الألم، لا من دهاليز السياسة.

من أراد دفن 14 تموز، فعليه أولاً دفن ذكراه. عليه أن يُطفئ الحلم الذي لا يزال يطارد أرواح من عاشوا تلك اللحظة. ولكن، هل يُقتل ذاكرة شعب؟ هل يُمحى حلمٌ مكتوبٌ بالدم؟ مستحيل.

دفع العراقيون ثمن تلك اللحظة بدمائهم وأرواحهم، لكنهم لم يندموا. حتى في سنوات الردة والانقلاب على الثورة، ظل الناس يهمسون في زوايا المقاهي، مرددين بألم: "رحمك الله يا كريم". لقد كانت همساتهم البسيطة أكثر وضوحًا من أي شيء مكتوب في الصحف.

التاريخ لا يُكتب بالأكاذيب. بل يُكتب بآلام الأمهات، بدماء الشهداء، بعيون الأطفال الذين رأوا بغداد تُزيّن بالعلم الجديد لأول مرة. من لا يرى الفارق بين زمنٍ سُحقت فيه كرامة الإنسان وزمنٍ تجرأ فيه الناس على الحلم بالحرية، فهو قلبٌ فقد إنسانيته قبل أن يفقد بصيرته. لا يحتاج إلا إلى ذكريات أناسٍ بسطاء شعروا، ولو للحظة، أن حياتهم تستحق أن تُعاش.

ربما تغيّر وجه العراق. ربما تشوّهت الأحلام. ربما امتلأت الشوارع بوجوهٍ مزيفة. لكن الحلم لم يمت. لأن ما يولد من رحم الشعب لا يموت أبدًا. ما دام هناك قلب ينبض بالكرامة، ما دام هناك من يرفض الذل، ستبقى 14 تموز حاضرة، ليس مجرد ذكرى، بل شهادة: الكرامة الممكنة... والحلم لا يموت أبدًا.

*****************************************

المرأة في الصحافة الشيوعية: من البيان الشيوعي إلى نضالات الحاضر

ماجدة الجبوري

على مدار أكثر من قرن ونصف، شكّلت الماركسية إطاراً نظرياً وعملياً لتحليل جذور اضطهاد المرأة، ورؤية تحررها جزءاً لا يتجزأ من مشروع تحرر الإنسان. فمنذ صدور البيان الشيوعي عام 1848، فتحت الماركسية الباب لقراءة متقدمة للعلاقات التمييزية، بوصفها مرتبطة عضوياً بالبنية الطبقية وأنماط الإنتاج.

لم يكن ماركس وإنجلز يريان في قضايا المرأة مجرّد مطالب حقوقية جزئية، بل عنصراً مركزياً في تفكيك المجتمع البرجوازي. ففي كتاب العائلة المقدسة، يستحضر ماركس مقولة شارل فورييه: "يمكن قياس مدى تحرر المجتمع من خلال مدى تحرر المرأة"، ليؤسس على أساسها نقداً جذرياً للأسرة باعتبارها بنية أيديولوجية تنتج القمع التمييزي وتعيد إنتاج التراتبية الطبقية. فالأسرة، في هذا التصور مؤسسة تخدم النظام الاقتصادي السائد. وانعكست هذه الرؤية في التاريخ السياسي للماركسيين، ففي ثورات 1848 الأوروبية، لم تتأخر النساء عن المشاركة في التظاهرات وبناء المتاريس، بل أسّسن منظمات نسائية رفعت شعارات واضحة للمساواة. وفي كومونة باريس عام 1871، خاضت النساء واحدة من أجرأ تجارب التنظيم العمالي، حيث شاركن في القيادة، والقتال، والتشريع، وأسسن نماذج أولية للديمقراطية النسوية.

ومن قلب هذا المسار، برزت أسماء نسوية ماركسية كثيرة، غيّرت وجه الفكر الثوري.

وتأتي روزا لوكسمبورغ في الطليعة، كواحدة من أبرز المفكرات في تاريخ الحركة الاشتراكية. لم تُسهم فقط في تطوير النظرية الاقتصادية، بل دافعت عن ثورة واعية وديمقراطية تقطع مع الإصلاحية، وتضع تحرر الإنسان هدفاً نهائيًا.

لوكسمبورغ كتبت، ناضلت، سجنت، ثم اغتيلت، لتتحول إلى رمز للثورة والفكر الحر، دون أن تُختزل في قوالب نسوية ضيقة، بل ظلت صوتًا نسويًا ماركسيًا يؤمن بالتحول البنيوي لا التجميلي، كما اسهمت إلى جانبها ألكسندرا كولونتاي في إعادة تعريف مفاهيم الحب والزواج، والعمل من منظور اشتراكي، بينما حملت كلارا زيتكن راية التعليم والتنظيم النقابي للنساء، وأطلقت مبادرة الاحتفال بـ "يوم المرأة العالمي" عام 1910. أما في زمننا فقد أكملت أنجيلا ديفيس، وسيلفيا فيديريتشي، وغيرهن من المفكرات هذا المسار الذي بربط قضايا النساء بالعرق، والاستعمار، والنيوليبرالية، مؤكّدات أن النضال النسوي لا ينفصل عن الصراع الطبقي.

وما تزال هذه الأطروحات تجد صداها في الحركات النسوية الجذرية اليوم والتي تدرك أن التمييز لا يمكن فصله عن نظام اقتصادي يُراكم الربح على حساب الجسد الأنثوي والعمل غير المرئي. وفي ظل تصاعد الخطابات الرجعية التي تكرّس أدواراً تقليدية وتعيد إنتاج الهيمنة، يبقى الفكر الماركسي رافداً تحليلياً وميدانياً لفهم جذور الاضطهاد والعمل على تغييره. إن تحرر المرأة، لا يُقاس بعدد النساء في المناصب، بل بمدى قدرتنا على تفكيك النظام الذي يُنتج التبعية، ويُخضع الحياة الإنسانية لمعايير السوق. وهذا ما يجعل من الماركسية اليوم، رغم التحولات، خزاناً حياً للتفكير في التحرر بوصفه قضية شاملة، تتجاوز التمييز لتطال معنى العدالة نفسه.

واليوم إذ نحتفي بعيد الصحافة الشيوعية العراقية ال 90, نحيّي جميع النساء العاملات في مجال الصحافة والإعلام، لعملهن الدؤوب، وتحديهن للمخاطر والمصاعب الكبيرة التي تواجههن.

*****************************************

الرأسمالية تتعثر بثوابتها

خليل ابراهيم العبيدي

منذ ازمة الاقتصاد الأمريكي عام 2008، وسقوط نظام التسليف العقاري، وانكشاف المستور في أقساط السكن وفضائح النظام الصحي ابان انتشار كوفيد 19، لم تعد العافية لجسد الرأسمالية الأمريكية، وصارت تبارح أزمة وصولا إلى أخرى.

هروب الشركات الأمريكية

ان هروب الشركات الامريكية (وفقا لمبدأ حرية التجارة) إلى الخارج حمل معه الرأسمال المالي والرأسمال الصناعي في عملية مثيرة للجدل بين الاقتصاديين السياسيين الأمريكيين، ولم يكن الرئيس ريكان يهتم يومها بالاقتصاد قدر اهتمامه بمعاداة الشيوعية، وحرب النجوم، وعملية الهروب تلك أبقت الانتاج في الداخل الأمريكي مربكا ظهرت بوادره في عام. 1988 وعام 2016، تمثلت في أزمة السوق والركود، وما هروب الشركات الأمريكية في الثمانينيات إلى كوريا الجنوبية وتايوان وسنغافورة وغيرها من دول العالم الا نتيجة أزمة بنيوية أصابت النظام الرأسمالي، وعلى إثر قيام الثورة الصناعية في الصين بداية الثمانينيات انتقلت الشركات الأمريكية العملاقة إلى هذه الدولة الاشتراكية لتوفر عوامل الإنتاج، وعوامل تسهيله، وكنتيجة لارتفاع الضرائب الأمريكية في بلد المنشأ ،  ونتيجة لارتفاع الاجور بالتالي إنتاج سلع باهظة الثمن ، يقابلها سلع مستوردة من الصين بذات المواصفات وبأسعار زهيدة منافسة ، جراء انخفاض الأجور في الصين وتوفر المواد الأولية على نطاق واسع، وانعدام الضرائب، وقلة التعرفة الكمركية على المواد الأولية او المواد المكملة المستوردة لصالح الانتاج .

الثوابت الرأسمالية والتجارة الحرة

يكتب ماركس في كتابه بؤس الفلسفة (دار اليقظة بيروت ص 210. /211). في معرض بحثه في التجارة الحرة  وفي رده على برودون والاقتصاديين السياسيين يقول ، إن كل القوانين التي صاغها الاقتصاديون السياسيون من كويزني لريكاردو كانت تقوم على القضاء على كل عقبة كانت تقف أمام حرية التجارة ، وتثبيت هذه القوانين نسبيا لدى اعتناق التجارة الحرة، أول هذه القوانين هي المنافسة التي تخفض السلعة إلى أقل درجة من تكاليف الانتاج ، وهكذا فان أقل نسبة للأجور هي السعر الطبيعي للعمل، وما هو أقل نسبة للأجور قدر ما يحتاج لإنتاج الاشياء التي لا يمكن الاستغناء عنها لمعيشة العامل، أي لكي يوضع في مركز يؤكد معيشته مهما كانت هذه المعيشة رديئة وعاطلة وتكفي لإبقاء ذريته ، ومهما كان بقاء هذه الذرية منحطا ، أي ان كل القوانين التي تصاغ كلها قوانين لتجارة حرة تأتي على مستقبل العامل أينما كان، وقال في البيان الشيوعي عام 1848 اسست البرجوازية تلك الحرية الوحيدة ، الغير مقبولة، حرية التجارة، التي صاغ قانونها مؤخرا الفيلسوف الرأسمالي الفرنسي، كولبرت  ولوكاند. دعه يعمل دعه يمر، let him work let  him pass  بالإنكليزية ، واليوم جراء التراكم الرأسمالي وعدم استيعاب السوق الداخلية للدول الرأسمالية الرئيسية لمنتجات شركاتها، وارتفاع أسعارها جراء ارتفاع تكاليف الانتاج فيها، و ارتفاع أجور الأيدي العاملة ومنها ارتفاع الضرائب، فقد صارت الشركات بالذات الأمريكية تعبر الحدود القومية ، وهذا كما يكتب الدكتور محمد السيد سعيد في كتابه (الشركات عابرة القومية ص9 ) نتاج تنظيمي للقوانين الأساسية للتطور الرأسمالي في حقبته الراهنة ، وقد استمدت هذه القوانين ضرورة تدويل الانتاج الرأسمالي . ويستطرد يقول ، ويؤدي هذا التحول بالضرورة إلى تناقض رئيسي بين النطاق العالمي للتنظيم والتحكم في النشاط الاقتصادي ، والنطاق القومي باعتباره  الشكل الرئيسي لتنظيم هيكل السياسة الدولية ، فالنطاق القومي ليس مجرد جزء من النطاق العالمي، بل أنه نمط لتنظيم الحياة والانشطة الاجتماعية بجوانبها المختلفة وتتميز جوهريا عن النطاق الدولي، وهكذا تراجع اليوم ترامب عنما بدأه غيره من الرؤساء، فلم تعد أمريكا تتحكم بإنتاج شركاتها في كوريا الجنوبية او تايلند، والاهم في الصين، فالشركات الأمريكية في الصين تنتج بأسعار منخفضة جدا ، لتوفر المواد الأولية الرخيصة ، وتوفر الأيدي العاملة الرخيصة والمستجيبة للظروف الانتاجية، وانعدام الضرائب، ويكتب في ص10من المصدر نفسه، فالشركات عابرة القومية تعمل في بيئة عالمية وقومية ليست من صنعها تماما، وليست بالضرورة موائمة لها تماما، بل هي تواجه في هذه البيئة عوامل ومصالح وقوى معاكسة ومعادية أحيانا، وما عليها إلا تستجيب لبيئتها الجديدة بعيدا عن أصولها القومية، وكذا حالها اليوم في الصين حيث ترفض العودة إلى الوطن الأم، لان تلك العودة هي الرجوع إلى الضرائب والرسوم، وسطوة أجر العامل الأمريكي .

إن ترامب بسياسته الطارئة على النظام الرأسمالي، يجعل من الولايات المتحدة تتعثر بثوابت ما استقر عليه الانتاج الرأسمالي، فلا الرسوم المرتفعة بقادرة على انقاذ أزمة الركود الاقتصادي أو بقادرة على سداد الديون، ولا أيضا بقادرة على اركاع دول العالم سيما كندا، الصين والاتحاد الاوربي، بل وقال الرئيس ترامب إن المباحثات مع كوريا الجنوبية واليابان صعبة. وان الصين ترفض التفاوض إلا وفقا لثوابتها.

إن تراجع الرئيس في الكثير من مواقفه ، خاصة ، ما يتعلق بالتعريفات ، جعل اقتصاد العالم يدور في فلك المباحثات، لا في فلك الانتاج، وانه صار اليوم يبحث عن البدائل، ومنها افتعال الحروب متراجعا عن منطلقاته الانتخابية املأ منه، كما تكتب بعض الصحف الامريكية، في تنمية الصناعات الحربية ، بعد تراجع صناعة السيارات الكهربائية في الداخل، وبعد  تراجع الأداء الحكومي وتعثره بعد أخطاء (إيلون ماكس ) كل ذلك أدى إلى تراجع في الانتاج، وهو عامل آخر من عوامل تدخل الدولة كما يرى الخبراء في تفاصيل الاقتصاد وعدم تركه يعمل حرا في الداخل الأمريكي او في منفاه في دول العالم.

************************************************

الصفحة التاسعة

رسمياً.. أحمد ياسين يعود إلى أوربرو السويدي

متابعة ـ طريق الشعب

أعلن نادي أوربرو السويدي، أمس الإثنين، تعاقده مع المهاجم العراقي أحمد ياسين قادماً من نادي زاخو، بعقد يمتد حتى نهاية موسم 2026، في صفقة تمثل عودة النجم العراقي إلى صفوف الفريق الذي سبق وأن تألق معه سابقاً.

وأعرب أحمد ياسين عن سعادته بهذه الخطوة، قائلاً في تصريح نقله الموقع الرسمي للنادي: "أشعر بالراحة والطمأنينة لعودتي إلى النادي الذي أحبه، وسأبذل قصارى جهدي لمساعدة الفريق على تحقيق أهدافه".

ويأمل أوربرو في أن يُشكّل انضمام ياسين دفعة هجومية قوية، بالنظر إلى خبرته الكبيرة في الملاعب الأوروبية والعراقية، وقدرته على صناعة الفارق في المباريات الحاسمة.

**********************************************

خطة عراقية من خمس محطات الطريق إلى كأس العالم يبدأ من تايلاند

متابعة ـ طريق الشعب

كشف رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم، عدنان درجال، عن خطط جديدة وموسعة لإعداد المنتخب الوطني لخوض مباريات الملحق الآسيوي المؤهل إلى نهائيات كأس العالم 2026، والتي تستضيفها الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

وقال درجال في تصريح لموقع "winwin"، إن الاتحاد العراقي "حريص جداً على تجهيز المنتخب بصورة مثالية"، مشيراً إلى سلسلة من الاجتماعات واللقاءات التي عُقدت مع المدرب غراهام أرنولد لمناقشة جاهزية "أسود الرافدين" لخوض هذا الاستحقاق الحاسم، والذي "يحمل فيه اللاعبون آمال أكثر من 45 مليون عراقي".

وأوضح درجال أن التحضيرات لا تقتصر على المعسكرات والمباريات فقط، بل تمتد أيضاً إلى متابعة دقيقة لأوضاع اللاعبين المحليين والمحترفين في الخارج، حيث من المقرر أن تُجرى زيارة إلى أوروبا خلال الشهر المقبل للاطلاع على جاهزية اللاعبين من الناحية البدنية والمعنوية.

وأشار رئيس الاتحاد إلى أن التحضيرات ستنطلق في نهاية شهر آب/أغسطس المقبل، على أن يشارك المنتخب بعدها في بطولة كأس ملك تايلاند التي تُقام من 1 إلى 7 أيلول/سبتمبر 2025. وبهدف تعزيز الجاهزية، قرر الاتحاد تأمين ثلاث مباريات إضافية، ليصل مجموع المباريات التحضيرية إلى خمس.

وتزامناً مع هذه الاستعدادات، أعلن درجال أن الدوري العراقي سينطلق يوم 13 أيلول المقبل، لكنه سيتوقف مؤقتاً بعد مرور ثلاث جولات، لإتاحة المجال أمام المنتخب الوطني لمواصلة تحضيراته. كما أشار إلى إجراء مباراة ودية أخيرة يوم 4 أو 5 تشرين الأول المقبل، يجري حالياً التنسيق بشأنها مع عدد من الاتحادات الكروية.

ويستهل المنتخب العراقي مشواره في الملحق الآسيوي بلقاء منتخب إندونيسيا في 11 تشرين الأول، ثم يواجه منتخب السعودية في 14 من الشهر ذاته، على ملعب "الجوهرة" في مدينة جدة، الذي يتسع لـ 65 ألف متفرج، حيث تقام مباريات المجموعة الثانية من الملحق.

وأكد درجال أن كل التحضيرات تسير وفق الخطة الموضوعة، وأن الجهاز الفني يعمل على ضمان جاهزية الجميع لتقديم الأداء الأمثل وتحقيق تطلعات الجماهير العراقية.

*******************************************

سباق محموم بين الأندية قبل انطلاق دوري نجوم العراق

متابعة ـ طريق الشعب

مع اقتراب موعد انطلاق دوري نجوم العراق في أيلول المقبل، تشهد الساحة الكروية المحلية حراكاً نشطاً على مستوى التعاقدات مع المدربين وتجديد الثقة بالكفاءات التدريبية، وسط أجواء مشحونة أحياناً بسبب تصريحات إعلامية مثيرة للجدل قد تجر بعض المدربين إلى المساءلة القانونية.

وفي هذا السياق، تمكنت عدة أندية من حسم ملفاتها الفنية وتسمية مدربيها للموسم الجديد، فيما لا تزال أخرى في مرحلة التفاوض، بينما اصطدمت بعض الصفقات بعقبات قانونية تتعلق بعقود سابقة لم تُحل بعد.

ومن أبرز التحركات الأخيرة، تعاقد نادي كربلاء مع المدرب علي وهاب، الذي قدّم استقالته من تدريب أمانة بغداد، رغم نجاحه في قيادة الفريق للصعود إلى دوري نجوم العراق للمرة الثامنة في مسيرته. ويسعى وهاب إلى إعادة كربلاء إلى مصاف الأندية الكبرى بعد هبوطه إلى الدرجة الممتازة.

في المقابل، قررت لجنة الانضباط في الاتحاد العراقي لكرة القدم استدعاء مدرب الزوراء الحالي وزاخو السابق، عبد الغني شهد، للمثول أمامها ظهر اليوم الاثنين، بسبب تصريحاته المثيرة بعد نهائي كأس العراق، والتي اتهم فيها جهات داخل اللعبة بـ "تخطيط مسبق" لتتويج دهوك، في إشارة لمباراته أمام الميناء، ما أثار ردود فعل واسعة في الوسط الرياضي.

وفي ملف التعاقدات، دخلت إدارة نادي القوة الجوية في مفاوضات مع المدرب باسم قاسم لتولي قيادة الفريق، رغم أن عقد المدرب الحالي، علي عبد الجبار، لا يزال سارياً حتى نهاية الموسم المقبل. وتثير هذه الخطوة جدلاً قانونياً، إذ يمنع التعاقد مع مدرب جديد دون فسخ العقد القائم، تفادياً لأي تبعات قانونية.

وفي شأن آخر، أُفرج بكفالة عن معالج نادي دهوك، نبي كرفان، بعد توقيفه من قبل شرطة بغداد إثر اتهامه بالاعتداء على لاعب زاخو، أمجد عطوان، خلال المباراة النهائية. وكان عطوان قد تقدم ببلاغ رسمي، ما أدى إلى توقيف كرفان قبل إطلاق سراحه لاحقاً.

يُذكر أن سوق الانتقالات الصيفية لدوري نجوم العراق قد افتُتحت رسمياً في 20 تموز 2025 وتستمر حتى 20 أيلول، فيما ستبدأ فترة الانتقالات الشتوية في 5 كانون الثاني 2026 وتنتهي في 5 شباط من العام نفسه.

********************************************

قره قوش وأفروديت يحجزان مقعديهما في نهائيات سيدات الطائرة

متابعة ـ طريق الشعب

شهدت محافظة حلبجة، إقامة مباراتين حاسمتين في ختام تصفيات دوري السيدات للكرة الطائرة العراقي، وسط أجواء تنافسية قوية وحضور جماهيري مميز.

وتمكن فريق قره قوش من حسم مواجهته أمام فريق المعلمين بثلاثة أشواط مقابل شوط واحد، جاءت نتائجها كالتالي: (23-25)، (25-15)، (25-13)، و(25-15)، ليحجز بذلك بطاقة التأهل إلى نهائيات دوري السيدات.

وفي اللقاء الثاني، تفوّق فريق أفروديت على فريق الشورجة بثلاثة أشواط لشوط واحد، بنتائج: (25-16)، (25-18)، (18-25)، و(25-18)، ليضمن هو الآخر التأهل إلى النهائيات المرتقبة.

وبهذا الفوز، أكدت سيدات قره قوش وأفروديت جاهزيتهن لخوض غمار المرحلة النهائية من البطولة، وسط طموحات كبيرة بالمنافسة على اللقب.

*******************************************

خطة ألونسو لإعادة بناء ريال مدريد: بيع رودريغو واستهداف نجوم ليفربول

مدريد – وكالات

في الوقت الذي يواصل فيه نادي ريال مدريد صفقاته الصيفية، يعمل المدرب الإسباني تشابي ألونسو بصمت على تنفيذ خطة شاملة لإعادة بناء الفريق، عقب الخروج الصادم من كأس العالم للأندية 2025 أمام باريس سان جيرمان برباعية نظيفة.

وبحسب تقارير صحفية، فإن ألونسو يسعى إلى معالجة الثغرات التي كشفتها تلك الهزيمة، مع التركيز على تعديل التركيبة الأساسية للفريق وتعويض التراجع في مستوى بعض اللاعبين.

تشير المصادر إلى أن النجم البرازيلي رودريغو غوس بات مرشحًا لمغادرة النادي خلال الميركاتو الحالي، في ظل صعوبة إيجاد دور ثابت له بعد وصول كيليان مبابي واستمرار تألق فينيسيوس جونيور. ويهدف ريال مدريد من هذه الخطوة إلى تحقيق عائد مالي كبير يمكن إعادة استثماره في مراكز أكثر حاجة.

رحيل لوكا مودريتش ترك فراغًا فنيًا وقياديًا كبيرًا في خط الوسط، إذ لا يزال الفريق يبحث عن "ضابط إيقاع" يعوض النجم الكرواتي. رغم وجود مواهب شابة مثل أردا غولر وفرانكو ماستانتوونو، إلا أن ألونسو يرى أن الفريق بحاجة إلى لاعب أكثر نضجًا وخبرة في وسط الملعب.

من بين أبرز أهداف ألونسو في خط الدفاع، يبرز اسم المدافع الفرنسي إبراهيما كوناتي لاعب ليفربول، والذي تنتهي عقده في 2026. ويأتي الاهتمام به في ظل تراجع أداء روديغر وعدم اكتمال جاهزية ميليتاو، حيث ترى إدارة الريال في كوناتي الحل المثالي لسد الفجوة الدفاعية.

وبحسب صحيفة "آس"، فإن العلاقة الجيدة بين الناديين، والتي ظهرت مؤخراً خلال تقديم اللاعب ترينت ألكسندر أرنولد، قد تُمهّد الطريق أمام مفاوضات متقدمة بشأن كوناتي.

يرى المراقبون أن الميركاتو الحالي يُعد محطة مفصلية في مشروع ألونسو مع ريال مدريد، خصوصًا في ظل رحيل عناصر مؤثرة وتذبذب أداء بعض النجوم. وفي هذا السياق، يواصل المدرب الإسباني تنفيذ خططه بعيدًا عن الضجيج الإعلامي، بهدف بناء فريق أكثر توازناً وقدرة على المنافسة في البطولات الكبرى.

وبين التخلي عن رودريغو، واستهداف نجوم ليفربول، والعمل على تعزيز الوسط والدفاع، يبدو أن صيف ريال مدريد سيكون حافلاً بالتغييرات الجذرية في إطار "خطة ألونسو السرية".

***************************************

وقفة رياضية.. الوعي الرياضي.. وأثره في التطوير

منعم جابر

تلعب الثقافة والمعرفة العلمية دوراً مهماً وفاعلاً في الحياة الاجتماعية، وتُسهم في تقدم الشعوب والأمم. وقد كانت لثقافة الناس والجماهير آثارٌ إيجابية واضحة في رقي هذه الشعوب وتطورها.

لذا نقول للرياضيين: عليكم أن تنشدوا العلم والمعرفة، لكي تتمكنوا من الإسهام في صناعة الفرح والسعادة، بعيداً عن الحقد والضغينة، وأن تؤسسوا في حياتكم كل ما هو إيجابي ونافع. ولن يتحقق ذلك إلا من خلال التمسك بالمعارف والقيم النبيلة التي يغرسها مدربوكم ومعلموكم في الميدان الرياضي. وهذا ما قدمه لنا أساتذتنا ومربّونا الذين ساهموا في إعدادنا لمعركة الحياة والرياضة.

ومن هنا، أقول لأبناء الرياضة وعشاقها: عليكم بالاهتمام بالثقافة والمعرفة، وأن تعقدوا العزم على تحصيل العلم من أجل بناء الشخصية والتعرّف على أسرار الحياة، مع التزود - على الأقل - بالمعرفة الرياضية. فمن خلالها تكتسبون فهماً أعمق، وتصبحون أكثر تأثيراً داخل فرقكم الرياضية.

إن البناء الثقافي والنفسي للرياضيين يمنحهم شخصية قوية وكاريزما مؤثرة، ويعزز قدرتهم على التأثير والسيطرة الإيجابية داخل الفريق. وهذا ما يسهم في تعزيز روح الجماعة وتحقيق الانتصارات.

ومن هنا، أوجه الدعوة إلى زملائي مدربي الفرق الرياضية إلى ضرورة تشجيع لاعبيهم على القراءة وتطوير معارفهم، للارتقاء بمستوياتهم الفكرية، مما يسهل عملية التواصل والتعامل معهم، ويدفعهم نحو بر الأمان. فالمعارف التي يمتلكها أعضاء الفريق ترفع من مستواهم الفني، وتُبعدهم عن الأخطاء والانحرافات.

إن البناء الثقافي للرياضيين يؤدي دوراً كبيراً وإيجابياً في خلق الهدوء النفسي لديهم، وينعكس مباشرةً على أدائهم داخل الملعب. وبهذا، نستطيع أن نقدّم رياضياً واعياً، مدركاً لمسؤولياته، مستقراً في أدائه، وقادراً على الإبداع وتقديم أفضل المستويات.

وأتمنى على إدارات الأندية ومدربيها أن يسهموا بجدّية في تطوير كفاءات وقدرات لاعبيهم الذهنية والفكرية، بما يُؤهّلهم لتحقيق النجاح والوصول إلى أفضل النتائج.

*************************************

الرباع علي عمار يواصل تدريباته المكثفة في مدريد

متابعة ـ طريق الشعب

يواصل الرباع العراقي علي عمار تدريباته المكثفة ضمن المعسكر التدريبي المقام حالياً في العاصمة الإسبانية مدريد، بإشراف مباشر من اللجنة الأولمبية الوطنية العراقية، وذلك في إطار برنامج تطوير شامل يهدف إلى تعزيز الجاهزية الفنية والبدنية استعداداً للاستحقاقات الدولية المقبلة.

وذكرت اللجنة الأولمبية في بيان أن "المعسكر يُقام في قرية البطل للإنجاز العالي في مدريد، ويستمر حتى السابع والعشرين من الشهر الجاري، ضمن خطة متكاملة وضعتها اللجنة لإعداد الرياضيين العراقيين بأفضل صورة ممكنة".

وأضاف البيان أن "الرباع علي عمار قدّم أداءً لافتاً خلال فترة المعسكر، لا سيما في رفعات الخطف والنتر، ما دفع الفريق الفني الإسباني إلى توثيق أدائه ومشاركته على منصات رياضية متخصصة، تقديراً للمستوى الاحترافي الذي ظهر به اللاعب".

******************************************

الصفحة العاشرة

الشاعر كزار حنتوش وصديقه الشاعر الشعبي  صاحب الضويري

ثامر الحاج أمين

على الرغم من العلاقات المتشابكة والمعقدة التي تسود مجتمع الأدباء والمثقفين بشكل عام ، إلا أن ذلك لم يمنع من وجود علاقات هادئة وطيبة بينهم مبنية على الاحترام المتبادل والتقدير لبعضهم البعض، بعيداً عن التوتر والخلافات الفكرية والتنافس غير المشروع.

وقد تجسد ذلك في قيام بعض الأدباء بكتابة الآراء الإيجابية بحق زميل لهم، يكتب في نفس المجال، وتناولوا تجارب بعضهم البعض بالنقد البناء، البعيد عن الغيرة او محاولة التقليل من شأن تجربة الأخرين، إنما على العكس كانت هذه الكتابات تحمل في طياتها الكثير من الصدق والمشاعر الطيبة بحق الآخر، وجاءت لتعكس بوضوح صدق النوايا وجمال الاحساس والرقي في المشاعر.

احتفظ بوثيقة محبة بين شاعرين مهمين يدلي فيها الشاعر "كزار حنتوش" رأيه بالشاعر الشعبي " صاحب الضويري " تكشف المشاعر العميقة التي يكنها الشاعر حنتوش لصديقه والتي تمثل انسانيته ونبله وصفاء قلبه تجاه صديقه الضويري .. يقول فيها:

صاحب الضويري: الشاعر الذي أورثنا العصافير والطيب، المعجون بحنّاء عروس من سومر.. الذي يتكلم عصافير .. ومن تحت خطاه ينبت القرنفل، هذا الشاعر الصافي مثل بحيرة في الفردوس، هذا المضيء كصباحات آذار ( لن يصفو عليه الماء ابداً.. معتكرا أبدا، سيظل كبحيرة تمساح جائع). كانت مصائبه كحلا للعاشقات .. وهواجسه نايات .. ومن هنا فأنه كان سفيرا للشعر فوق العادة لدى بلاط جده جلجامش .. وكانت الديوانية هذه المدينة التي أراقت عليه من الدمع ما يكفي لملء بحيرة قزوين .. الديوانية أمرت عشاقها وسكيريها ومتشرديها وشعراءها بأن يقيموا في القلوب نصبا تذكاريا للألم والأمل والشعر، مجسدة بذلك خواص شاعرها الفريد من نوعه صاحب الضويري، وكان لإقدام الشعراء والفنانين من الشباب – ممن كانت لهم قبلا خطوات ناجحة في هذا المجال - على تبني طبع مجموعته الشعرية، طعم البرحي ورائحة الشاي الديواني الأحمر، ولولا جهدهم الخير هذا لضاع كل شيء ولكان هذا الناي وهذه الربابة قد ضاعا إلى الأبد. أما انت يا بن الديوانية الشرعي، أيها الأمير البعيد، نم في قبرك مرتاحا .. فالدنيا في خير، فلا تردد في الجنة:

للنايبات خيولهه مرسنّه

وللموج يبني مشرّعات السفن

ظلينه نلعب ما رجع حِلنّه

الناس ملسه جعابها شما نسن

****************************************

فهد.. گمره

حسين جهيد الحافظ

گمرية فرح طگت

يوم اثمانيه ابتموز

هلهولة محبه

او عشگ

و اهلال عيد

امعمده ابماي الكوز

فرحه

او تهاني عرس

رغم الألم و العوز

 القداح قدح

بيه غوه

او انتشر عطر الروز

او طشت امي الواهليه

املبس او مصقول

وأحلام او محنه او لوز

حامض حلو او چكليت

طشت هيل

والفستق ترف و الجوز

درابين الوطن

تنثر فرح عالناس

وايغرد صده فيروز

ميلادك فهدنه عرس

شعله او طريق الحزب

بدد ليالي العوز

او طگ برعمك

ذاك الشتلته وفه

أصبح حديقة زلم

تتلاوه وي الوكت

امعطرهه طيب الموز

طش گاع العراق أبزود

من شوگ الجبل للهور

فرحة فوز

اشكثر مرت عليه عدوان

هسه وين ؟

أنذبت بالمزابل ٠٠!

يشهد التاريخ

گشرة موز

بس انته هذاك أنته

زلمك زلم

موش ازلام

كل واحد بألف زلمه

ايباهي النجم عزمه

عزم خيال

مكتوب الرسن بسمه

منهم والشهيد الطاح

يتباهه فخر دمه

يلالي بالسمه نجمه

يطرز اعذوبة النسمه

تهاني او روز

ايغني أحلام

للگمره الأجت

بثمانيه تموز

ميلاد عزنه فهد

طرز سمه تموز

******************************************

وردة حلم ..

ريسان الخزعلي

ولالِي ..

ولالِي  اويَه  اللعب  لعْبَه

ولا

مثْلَه

بعد

غلْبَه

ولا حسْبَه - جزيره ابراسي دارت - مثل هالحسبه

ولا

إصبع

طِري

ابوردة

حلم

يلكَاه ..

الأصابع  بالحلم  خشْبَه .

ولا مثْلَه

جرس لو دكَ ../

هلاهل  ع المحجّر تنشتل  واتصفّكَ  العتْبَه

والملكَه

نهر

ينشاف

 بيه

كَلبَه

ولا مثلَه .. ماس امرايته ابكسر المري  صعْبَه

ولامثلَه

امصوبَن

والعطر ../

حتّه ابخيالَه  يومِي  للرغبَه ..

******************************************

خلاصة حب.. امرأة بالستين

د. حامد الشطري

هفتت نار شوگج ..

عبرت الستين ..

وذلت شمعتج وارجوچ لاتطفين..

بالعشرين چنتي بدمي طفله..

الما لوتها اسنين

رگد بيچ التحدي اواهسچ

صفنه..

اشلون احجي غزل يالواهسج من طين

واتمايز بشعرچ شيب،

 مو حنه..

وادري بشيب راسچ وفه كل الدين

بس بعدچ المهره ..

 صهيلها يحسس..

واخشى ازماط روحچ غضب من تردس..

وگول الوشله هذي..

ورفسة الميتين...

يل چنتي حبيبه ودفو

من تحنين..

يل حضنچ سوالف

من غنه الطيبين...

لملمت المراود..والكحل..واقلام حمره...شفايفچ من طين..

شفتيني المهن لمة امودعين.

 باغتني الحلم مره ..

وحسبتچ بالشدايد ..

واگفه امرايه...

واريد احويچ طيف

 وبسملة ايه..

واردچ  للسنين وعشگ الولايه..

واحشمچ صوت هلهوله...

وفزز ليلچ بگوله..

چاليلج يسعده

يبات بيه الليل..

ماينطر فجر يل ليلچ شطوله ..

ما اگدر ولا اكدر..

اطوي الذكريات اعزاز

چنت افرش ذراعي، ذراع المحبين..

ولوليلج اغاني بصوتهن تغفين..

تذكرين ..من صرنه بجسد روحين..

صرنه احنه الجسر ..

والشط دفگ مايه..

كل فزه بجناحج افز فختايه

ولان احنه الجسر سموه بالولايه..جسر العاشگين..

اليجمع الصوبين..

****************************************

راح أكشف المستور  

محمد جواد الكعبي

شگد عجيبه الدنيا صارت

شفنه كلشي من الأمور

الگطايه مو عجيبه

تبيض بعش الصگور

بالبلم لو نهر نعبر

ماتعبرنه الجسور

خلصنه العمر بالعوز

خبزنه أنوكل بالتنور

هاي شلون  !

أسمك بالحصاد ومنجلك مكسور

حرامي وصار ناطوري

چا ياهو اليعبر السور

شديت أعله الچلاب أسروج

قلة خيل صرت مجبور

بكثر ما أكل بينه الموت

قرابين وذبح ونذور

بنص المگبره أنعيد وي الموت

نسوگ شمع وبخور

أراذل شاخوو أعلينه

مثل الصخر عل الصدور

شوفونه العذاب أشكال

شوفونه الظلم والجور

زنزانه وسجن والمقصله أشهود

وأثار العذاب البقت عل الظهور

هواي أستخفوو بالشعب ياحيف

گطعوو كل نهر والگاع صارت بور

هم سامع گبل دجلة وفرات يجف

لو سامع گبل عطشان بردي الهور

چم دوب الصبر عل الظلم لي وين

ما نفضح الباگ البلوجه مستور

شمالك ياوطن متگلي ساكت ليش

بركان الغضب عل الظلم يمتى يثور

********************************************

حاير

سامي عبد المنعم

 

حاير ...

إبيا لون ..؟

وبيا فرشه ارسمك

حاير ..

ابيا إيد اجيسك

واكتب إسمك

حاير ..

وروحي إتكت الوان

يالون اليلم اوصافك

ويكتمل رسمك

إبيا معاضد يامحابس

ياطعم ينشاف خصرك

راح ارسمك...

مثل نسمة صيف

مرت عالحدايق

وذاب عطرك بالورد

وشلون المك ..؟

خاف ياخذني الوكت

واسكر واخسرك

لايهمك ...

راح ارسمك ...

حلم هدوة ليل

وبتالي العمر

وبروحي اظمك

لايهمك

**********************************************

الصفحة الحادي عشر

الشاعرة حذام يوسف طاهر.. وداعاً

فقدنا امس الشاعر العذبة، والصوت النقي النبيل الرفيقة حذام يوسف طاهر، التي كانت تملأ اجواء الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، بابتسامتها الشفافة وروحها السمحة المحبة للجميع وقصائدها الجميلة التي كانت تلقيها في منبر الاتحاد. وكانت الفقيدة العزيزة تعمل محررة للصفحة الثقافية في جريدة "الصباح الجديد" وعضوة في لجنة النشر التابعة لاتحاد الادباء. وأصدرت عدة اعمال شعرية، ونشرت في "طريق الشعب" نصوصاً حية تحمل رؤى تقدمية وألق شعري مضيئ.

لروحها السلام والطمأنينة والذكر الحسن.. مواساتنا المخلصة لرفيق حياتها القاص محمد عواد ولزملائها ومحبيها وأهلها.

************************************************

ذاكرة الصحافة الشيوعية.. دور الصحف الشيوعية في ترسيخ الثقافة الوطنية

د. بهاء محمود علوان

لعبت الصحف الشيوعية مثل "طريق الشعب" ومجلة "الثقافة الجديدة" و "الطريق الثقافي" دوراً مهماً في تعزيز الثقافة العراقية المعاصرة. وفي سياق الذكرى التسعين لإصدار أول صحيفة للحزب الشيوعي العراقي، لابد من الاشارة الى تأثير هذه المطبوعات على الشأن الثقافي والسياسي في العراق، الذي كان تأثيراً بائناً وكبيراً عن طريق نشر الفكر التنويري بين الجماهير العراقية. وتعد "طريق الشعب" من أبرز الصحف التي أسسها الحزب الشيوعي العراقي. وقدْ صدرت جريدة (كفاح الشعب) في 31 تموز 1935، وحملت صفحتها الأولى شعار المطرقة والمنجل وعبارة (يا عمال العالم اتحدوا). لتكون الصحيفة الرسمية الاولى للحزب الشيوعي العراقي الذي كان قد تأسس قبل ذلك بسنة واحدة، في 31 آذار 1934.

وكانت تُعبر عن آراء الحزب وأفكاره ومواقفه فيما يدور في الساحة العراقية من أحداث ومتغيرات سياسية وثقافية. كانت الصحيفة منبراً هاماً للأدباء والمفكرين وتعكس مقالاتها التوجهات الفكرية والسياسية للحزب، مما جعلها تلعب دوراً فعالاً في نشر الفكر الشيوعي في العراق. من جهة أخرى، تمثل مجلة "الثقافة الجديدة" وسيلة لاستكشاف الأفكار الثقافية والفنية في العراق. وتهتم المجلة بإبراز الأعمال الأدبية والثقافية، وتُعنى بتعزيز الحوار الثقافي. وقد ساهمت هذه المجلة في توسيع آفاق المثقفين من خلال نشر نصوص نقدية وأدبية تعكس التوجهات السياسية والاجتماعية، التي تعبر عن الفكر اليساري التقدمي.

أما جريدة "الطريق الثقافي"، فهي تسعى لتعزيز الثقافة الوطنية من خلال نشر الدراسات والبحوث التي تتناول مواضيع متعددة تُعنى بإلقاء الضوء على القضايا الثقافية والاجتماعية الهامة، مما يسهم في بناء وعي ثقافي شامل بين القراء.

وعلى مر السنين، كان للصحافة الشيوعية في العراق تأثير كبير على المجتمعات. وقدْ استفاد العديد من المثقفين من هذه المنابر لتقديم أفكارهم ومناقشة قضاياهم، حيث ساعدت هذه الصحف على خلق مساحة حوار بين مختلف الفئات.

ان أحد الجوانب الهامة التي يجب التطرق إليها هو كيفية تعامل الصحف الشيوعية مع القضايا الاجتماعية. وكان جل اهتمامها ينصبُ على قضايا التعليم، المرأة، العمال، وهذهِ الموضوعات ذات أهمية قصوى بالنسبة للمجتمع العراقي. وركزت المقالات التي كانت تنشر على قضايا الاحتجاجات والظلم الاجتماعي، مما جعلها تعكس روح الفترة وظروفها. وفي السنوات الأخيرة، لا تزال هذه الصحف تلعب دورها في تعزيز الوعي الثقافي والسياسي. وتلقى قضايا حقوق الإنسان والديمقراطية اهتماماً خاصاً. وتسلط هذه الصحف الضوء على التحديات التي تواجه المجتمع العراقي، مقدمة لأفكار جديدة تهدف إلى تحسين الأوضاع السياسية والاجتماعية.

وقد واجه القطاع الإعلامي العديد من التحديات، مثل الرقابة الحكومية، والتهديدات الأمنية، والمناخ السياسي العام والتي اثرت سلباً على حرية الصحافة. لكن الصحف الشيوعية أصبحت رمزاً للصمود والثبات أمام هذه التحديات.

وساهمت تقنيات الإعلام الرقمي في توسيع نطاق الوصول إلى الأجيال الجديدة من خلال تحسين وجودها على الإنترنت، وتعزيز تأثيرها الثقافي والمساهمة مع المؤسسات الثقافية والأكاديمية في تنظيم ورش العمل والندوات التي تهدف إلى تبادل الأفكار وتعميق الفهم الثقافي.

لقد لعبت الصحف الشيوعية في العراق دوراً بارزاً في ترسيخ الثقافة الوطنية، وأظهرت صحيفة "طريق الشعب" ومجلة "الثقافة الجديدة" وجريدة "الطريق الثقافي" التزاماً عميقًا بتعزيز الفكر التقدمي والثقافة الحرة. في ضوء التحديات التي تواجهها، يبقى الأمل في أن تستمر هذه الصحف للتأثير والإلهام لزيادة الوعي والثقافة في العراق.  وكان الحزب الشيوعي العراقي قد لعب دوراً هاماً في تعزيز الوعي الثقافي في العراق من خلال منشوراته، وصحفهِ الورقية.

وفي أوائل الستينيات شكلت تحولاً  في مسيرة الحزب، وبالتالي في مسيرة المجتمع العراقي. وخرجت صحيفة (طريق الشعب) من فترة من الاضطرابات السياسية والتغيير المجتمعي، بهدف توفير منصة للفكر اليساري، قادرة على التفاعل مع السرديات السائدة آنذاك وتحديها. وأصبحت الصحيفة صوتاً للعمال والفلاحين، مسلطةً الضوء على قضايا اجتماعية، مثل: حقوق العمال والإصلاح الزراعي، ومعاداة الإمبريالية. وقد أتاح هذا التركيز على القضايا المحلية للقراء ربط السياسة مباشرةً بحياتهم اليومية، مما عزز الشعور بالهوية والوعي الجماعي لدى الطبقة العاملة. بالتوازي مع ذلك، لعبت (الثقافة الجديدة) دوراً حيوياً في تغذية الخطاب الثقافي العراقي. وُلدت هذه المطبوعة من ضرورة دراسة التراث والأدب والفنون العراقية والاحتفاء بها من منظور يساري، وساهمت في إحياء الاهتمام بالفولكلور والتقاليد العراقية، مع تعزيز التعبيرات الفنية الحديثة. ومن خلال الدعوة إلى حوارات ثقافية متنوعة، نجحت (الثقافة الجديدة) في خلق مساحة فكرية شجعت النقاش بين الكُتّاب والفنانين والباحثين وكان لهذا التوجه دورٌ حاسمٌ في ترسيخ الشعور بأهمية الثقافة والهوية في وقتٍ كانت تُقمع من قِبل الأنظمة الاستبدادية. وقد أثّرت شخصياتٌ بارزة في الحزب الشيوعي العراقي من خلال منشوراتهم بشكلٍ كبير على تطوير الوعي الثقافي، وقدموا مساهماتٍ جوهرية من خلال أعمالهم. وكثيراً ما استكشفت مقالاتهم مواضيع الهوية الوطنية والعدالة الاجتماعية ومقاومة القمع، مما أثرى المشهد الثقافي العراقي. ولم يقتصر دور هؤلاء المثقفين على تشكيل محتوى المنشورات فحسب، بل ألهموا أيضاً جيلًا من المفكرين والناشطين الذين سعوا إلى تعزيز الأفكار التقدمية في بيئة قمعية. وعلى الرغم من المساهمات الكبيرة لصحيفة (طريق الشعب) ومجلة (الثقافة الجديدة)، فقد واجهت المنشورات تحدياتٍ كبيرة، لا سيما خلال فترات الاضطرابات السياسية. فعلى سبيل المثال، كانت الأنظمة الحاكمة معروفةً بعدائها للأيديولوجيات اليسارية. وقد أدى ذلك إلى فرض الرقابة واضطهاد المثقفين المرتبطين بالحزب الشيوعي. لقد أبرز النضال من أجل البقاء خلال هذه الأوقات القمعية مرونة هذه المنشورات والتزامها بتعزيز الوعي الثقافي. وبينما واجهت خطر الإغلاق والاضطهاد، فإن استمرار وجودها يرمز إلى الأمل للعديد من العراقيين الذين يتوقون إلى التغيير وتمثيل أكبر في السرد الثقافي. في السنوات الأخيرة، تطور المشهد الثقافي العراقي، متأثراً بالعولمة، والتكنولوجيا، والتطورات الاجتماعية، والسياسية. يقدم صعود منصات التواصل الاجتماعي فرصًا وتحديات للمنشورات التقليدية. من ناحية، تتيح هذه المنصات نشر الأفكار على نطاق أوسع وتسهل الحركات الشعبية من أجل التغيير الاجتماعي، مما يسمح بتوسيع نطاق الجمهور الذي يمكن أن تصل إليه منشورات الحزب.

وفي نظرتنا إلى المستقبل نجد بأن صحيفة (طريق الشعب) ومجلة (الثقافة الجديدة) وجريدة "الطريق الثقافي" سيعتمدون على قدرتهم وعلى التكيف مع المشهد الإعلامي المتغير مع الحفاظ على مبادئهما التأسيسية. وسيكون التأكيد على دورهم التاريخي في التنمية الثقافية والخطاب السياسي أمراً حيوياً. ويمكن للتفاعل مع الأجيال الشابة من خلال المبادرات الرقمية والمشاريع التعاونية مع الفنانين والمفكرين الناشئين في اغناء هذه المطبوعات عن طريق تبني أشكال جديدة من التعبير والسرديات الشاملة، ومواصلة تعزيز الوعي الثقافي والمساهمة في الخطاب المستمر حول الهوية والعدالة الاجتماعية في العراق.

*********************************************

متاهاتٌ جديدة

عصام كاظم جري

حتمًا

ستكتملُ هذه الصلوات

ولن يخيبَ مسعاك

 ما زال

 قلبكَ يدفعكَ

 إلى بئرِ البُشر

هذه البئرُ ذكرى نسيان

سأمزجُ وحشتَكَ

بالأماني

ومساءَكَ بالعيون

هذه الذكرى بياضٌ

من سحرِك

وأهلّةٌ نبتلّ في متاهاتِها

سأدعو خارطةَ الدمع

فالحريةُ

لم تُستكمَلْ بعد

والفاجعةُ مستودعُ

الوصل .

هذهِ الأقدام

التي تتسوّلُ وحشةَ

 الميدان

لن تُحسنَ الراحةَ أبدًا

وهذه اللوحةُ

سرابٌ في أفقٍ رمادي

وقيثارةُ ريحٍ أوزارُها

شعرُكِ المنثور

أو ربما هي حيلة!

لن ألبسَ

مراياك

بدءًا

من وجهي

 الذي رسمتهُ الحروب

وداعًا لثوبِ إيمانِك

لمساءِ أحزانِك

وهذه باقةٌ

في أنيةِ الرحيل

وداعًا لوصايا الجنون

الذي آثرَ تاريخَ ميلادِك

منذ القديم

******************************************************

بلغات الشعوب

قصة قصيرة.. المثوى الأبدي

آلاء الخيرو

ذلك هو اليوم الأول لي تحت التراب بل هي الدقائق الأولى، مازلت أسمع أصواتهم في أذني وأستطيع أن أميزهم، إنَّهم بعض أجزائي، كنت أرى أختين من اللاتي رافقنني كل أيام حياتي، كأنهن تائهات لايعرفن ماذا يفعلن فلم يكن لدينا إلا بعض تجارب قليلة مع الموت وأغلبه كان بعيداً، ومن المؤكد أنَّ موتي عندهم بمثابة جرح  كبير لايمكن أن يندمل ومن الصعب تخطيه إلا بالقوة، وأمي التي باتت صامتة في أواخر أيامي إذ تزاحم عليها عبء المرض والاكتئاب، ما جعلها صامتة دوماً، والآن بدأت أسمع صوتها وهي تنادي باسمي وتقول : هل عادت من العمل ...ما هذه الضوضاء كأنَّها ترفض تصديق يقين موتي. فقد عشت...كما ينبغي لامرأة عاشت طوال حياتها بصعوبة وألم، قبضت روحها اليوم قبضاً يسيراً، حيث توفيت بهدوء دونما ألم. ها أنا الآن أرقد بسلام في سريري ممددة على ظهري، مغمضة العينين، كانت لي مشاغل كثيرة سأنجزها في الغد، حيث لا تتحمل التأجيل، وكم من موعد أعطيته وسيتصور من له ذلك الموعد أنني أخلفت، رغم أن ذلك لم يكن ما جبلت عليه، في سريري كأنني نائمة بقسمات وجهي هادئة وساكنة، خصلات شعري الأسود المائل إلى الحمرة طويل بعض الشيء طالما كان مرتباً بعناية كأنني أتممت التسريحة لحفلة الموت. ملامحي الهادئة  باتت ترسم خطوطاً مثقلةً بالشحوب الساكن، الأمر الذي يجعل أي إنسان قادراً على أن يستشعر أي روح شفافة حلت في ذلك الجسد، وأي جسد مطمئن قادته تلك الروح، وكذلك أي خاتمة حسنة نالتها تلك الإنسانة ! يخيل لي أنني مازلت أرى هيأتا تلكا البنتين اللاتي ذكرتهما انفا تصران على  البقاء بقربي بكل تفاصيل التهيؤ للرحلة الأخيرة، حيث اننا لم نفترق يوماً، مع ان لي أخريات موجودات وأرى خيالهن ويصلني مرارة البكاء وناس آخرون أخوة أنساب، وملامح تئن بنحيب مكتوم خافت من بعيد.  قد تبدو لشخص كان له أثر في حياتي، لم تظهرهم الصورة ... ولم أرهم، لكنني عرفتهم من أصواتهم، إذ حجبت الرؤية عني غشاوة الموت، وصديقة لي كانت حديثة العهد مع قلبي ولكنها اجتازت كل أسوار حياتي، كانت ساكنة بحزن آسر يملؤها في كل الوجدان، مع كل ذلك الجمع كانت روحي تبحث عن أشخاص وسط ذلك الزحام بحثت ولم أرَ، وها أنذا وصلت إلى المرحلة الأخيرة وكدت أن أوارى التراب، وليست بي مقدرة على طلب الانتظار ولو قليلاً...ولكن كانت كلماتي تخونها قدرتي على البوح. ...الليلة التي تسبق يوم الموت... ودعت الحياة مع أبنائي حيث غادراني وقررا السفر، ولداي نبضا القلب ذهبا وتركا الروح موجوعة وملتاعة على الفراق ذهبا حيث استلا قلبي من بين الضلوع.. لم يبق بد من عدم الرحيل فماذا كنت سأفعل إنْ بقيت بعدهما ... جسد بلا روح...أخذهما مني هاجس الغربة... وكنت قد عشت حياتي بهما...ولم يرحما لوعتي لذهابهما والموت كان أرحم منهما بي. وأخبرتهما من خلال كلماتي ودموعي أن لا عيش بعدهما .. وعداني بالعودة ... وأخبرتهما في نفسي، كما اعتدت على ذلك الحديث.. "إذا لقيتموني.. حين الرجوع"!  ناجيت قلبي أن يداوي مر الفراق فكان الرد حاسماً بتسليم الروح. حزما كل شيء ليغادرا ولم أقوى على الوداع ...ودعتهما من بعيد، نظرتهما ولم يشاهداني، وعدت الى البيت ودخلت فراشي ولم أرد أن أعرف أو أسمع ما كان. أخيراً...بدأ التراب يوارى علي وبالكاد أسمع أصوات من أنتظرت لأراهم... فقد عدلا عند قرارهما بعدم الرحيل... يركضان بسرعة نحو مرقدي منقطعي الأنفاس، لا يستوعبون الحادث، ففد فاتني أن أعلمهم الموت وكنهه، وماذا هم فاعلون ... لم يتهيأوا له عاطفياً ولا ذهنياً. بعد فوات الأوان عرفا خطأ قرارهما بالرحيل إلى حيث والدهما..  فكانا بالكاد يعرفانه، كل ما يعرفانه عنه أنه السبب الذي جعل من أمهما المرأة الأكثر شقاء، ولكن من دون تفاصيل. لمحت المشهد الأخير ... من بعيد خيال ابني بملامحه الحكيمة المعهود واستقامته الدائمة وطيبة قلبه، وابنتي التي طالما اكتوى حبي بقلبها، لمحتهما يركضان، وقلبي موجوع عليهما حيث كلما أزدادا ركضاً.. يجثيان أرضاً.. ويقومان بلهفة ...إنهما يبكياني بمرارة، كانا على وشك الموت حزناً وكمداً فمنذ طفولتهما سلحتهما بمجموعة من المبادىء الأخلاقية والقيم الصارمة. ربيتهما على التمسك بالدين بلا هوادة وعلى الالتزام بالواجبات والخلق من دون مساومة. حتى صار ولدي شاباً يشار له بالبنان، وابنتي فتاة جميلة يقال إنَّها قد سبقت سنها بالعقل.  صار أملي الوحيد أن أراهما قبل أن أوارى ولكن هيهات من ذلك الحلم... أغلق المكان الذي أرقد فيه الآن، وعلى الجانب الآخر من العالم...كانت أيديهما قد وصلت، حيث لم يبق مني غير التراب، وصلا ومشاعرهما بدت ثابتة...يمسكان ترابي كما كنا دائماً معاً.. كانا يمسكان بملاءة سريري بقبضتهما المستمدة  قوتها مني، والآن من الموت. ويمسدان الملاءة ليحفظاها من التجعد...هذا ما بقي لهما...مثلها مثل ذكرى هذه اللحظات الأخيرة التي تسبق المثوى الأبدي.

*****************************************************

نشأنا نُحبُّ الزعيم

الى الزعيم عبد الكريم قاسم

حسينة بنيّان

صِغاراً عرفنا الحكاية

بأنّا أداةٌ لسيرِ العلوم

وكان الزعيمُ

يوزّعُ كأسَ الحياة

لكُّلِّ الأباة

هناك عرفنا الطريقَ

هناك الهدى المستقيم

وحيثُ الزعيم

يُديرُ النخيلَ

ويسقي ثراهُ

ويحملُ كلَّ أديم العراق

بكفٍّ أمينة

وقلبٍ رحيم

ونحنُ صغارٌ

تَصيرُ الحكايا

وتعلو

ويسمو قمر

وأُمّي تُشيرُ

لتلك الملامح

وتلك الصور

شهيداً سيرسو

بتلك الجراح

ليحملَ كلَّ عيون الثكالى

بتلك ألايادي التقيّة

تعال ..توكّل

فأنت البلاد التي

قد سقيتَ ثراها

بنهر دمائك

وأنت الربيعُ الذي أتيتَ الينا

لنرسمَ وجهك بين الزهور

كريماً مشيتَ على كُلِّ قطرة

بذاك الفرات

فكيف تمادى البغيض

ليدفنَ وهجَ الصقور

فما زلت فينا

بهذا العراق

وكلُّ خُطانا

 وعشقُ صِبانا

تصيرُ شهوداً

بذاك الزمان

وهذا الزمان

وملعونُ من يستبيحُ المكان

ويمسحُ ركناً تقدّسَ روضهُ

وفاح عبيرهْ

بكلِّ فروض الصلاة

وأنتَ أديمُ الحياة

وأنتَ بقيّةُ فرضٍ

علينا تدور

وتلك الثغور

بكل البلاد

تُنيرُ قِفاها

ويزهو سماها

وحين مررتَ عليها

مرورَ الكرام

وأفنيتَ فيها

سنيناً وحتى يدوم السلام

فماذا يُريدُ اللئام

***************************************************

الصفحة الثانية عشر

معاً لبناء بيت الحزب.. بيت الشعب

دعماً للحملة الوطنية لبناء مقر الحزب الشيوعي العراقي، تبرع الرفاق والأصدقاء:

  • كاوة بيساراني 3500 دولار
  • فاضل الجاعد 600 جنية استرليني

الشكر والتقدير للرفاق والأصدقاء على دعمهم واسنادهم حملة الحزب لبناء مقره المركزي في بغداد.

معاً حتى يكتمل بناء بيت الشيوعيين.. بيت العراقيين.

**************************************************

ليس مجرّد كلام.. الفساد سبب كل الكوارث

عبد السادة البصري

بين آونةٍ وأخرى تشتعل النيران في مرفق من مرافق وطننا، فنادق، أسواق ومولات، مزارع وبساتين، مؤسسات حكومية، والطامة الكبرى المستشفيات!

يروح بسببها ضحايا أبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم يعيشون في هذا البلد متحمّلين كل ما يأتي به الفاسدون من خرابٍ وبؤس وسفك دماء!

لم تندمل بعدُ جراحات غرقى العبّارة في الموصل والمحروقين في مستشفى الخطيب وردهات مستشفى الحسين (ع) وغيرها، لتنفتح جراحات أخرى وأكثرها ألماً وفجيعة ما حصل في الكوت قبل ايام!

لم ولن تندمل كل الجراحات منذ اندلاع أزمات الموت والخراب والطائفية واستفحال الفساد بعدُ لتنفتح أخرى أكثر عمقاً ونزفا!

الغريب في الأمر أن كل هذه الأزمات والحرائق والنكبات تُسجّل ضد مجهول، وكأننا نعيش بين أشباحٍ وعفاريت!

وأنا أكتب الآن تذكّرتُ مسرحية الكاتب السويسري ماكس فريش (بيدرمان ومشعلو الحرائق) التي كتبها لينتقد فيها الصامتين والخانعين والساكتين (المغلّسين) عن كل فعل يرتكبه الفاسدون سواء كانوا في السلطة أو غيرها، ويقول للصامتين الذين يحسبون أنفسهم بعيدين عن هذا الفساد وبمنأى عنه ــ رغم أنه في وطننا طال ويطول الجميع بلا استثناء ــ انه في نهاية المطاف لن ينجو أحد قطّ، بل ستأكل النارُ اليابس والأخضر وتصل إلى بيوت وأجساد الجميع ما لم نتحرك لإيقافها وكشف مشعليها ومحاسبتهم!

ولأنّ وضعنا الحالي لا نحسد عليه أبداً من حرائق وأزمات تزكم روائح فسادها الأنوف، ونزف دم لم يهدأ بعدُ وصراعات مصالح ودعايات انتخابية، أقول لكم:

ألم نسأل أنفسنا (والسؤال موجّه للجميع ساسة وبرلمانيين ومواطنين) هذه الحرائق لماذا.. والى أين.. وما الذي يراد بها ومَنْ المسبّب الحقيقي والرئيسي لها؟!

الجواب: الفساد! لماذا.. والى أين.. ألم نشبع بعدُ؟!

لماذا لم نلتفت إلى التاريخ قليلاً ونتأمل حياة الطغاة والفاسدين ومشعلي الحروب والحرائق ونتّعظ من كل ما جرى لهم؟!

لماذا لا نشعر ولمرة واحدة بأننا في وطنٍ ناله ما ناله من الحيف والغبن والجور والخراب رغم ما يحمله من إرث وتراث كبيرين؟!

علينا أن نكون حقيقيين بكل أفعالنا قبل أقوالنا بانتمائنا لهذا الوطن، ونعرف جيداً أن اشتعال حريق هنا لن يمحو ما احترق من أوراق فسادٍ هناك، وكل الأزمات والأحداث المفتعلة التي يقوم بها مجهول أفندي لن تمحو فساداً أبدا، بل ستزيد الطاق طاقين، وتفتح أعين الناس وبصائرهم ليروا ما كنّا ساترينه عنهم بالشعارات والكلام المعسول ويشاهدوا نجوم الحقيقة في عزِّ الظهيرة اللاهبة وعندها لات ساعة مندم!

لهذا علينا أن ننتبه ونعمل بإخلاص ونزاهة وضمير حيٍّ نابض بحب العراق وأهله الطيبين، وصدّقوني ساعتها سيكون الوطن جنّة، وسننجح ونكبر ويكبر معنا وبنا كل شيء!

********************************************

في الناصرية .. ندوة حوارية حول ثورة 14 تموز

الناصرية – طريق الشعب

نظمت اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في الناصرية، ندوة حوارية حول ثورة 14 تموز 1958، في مناسبة ذكراها الـ 67، ضيّفت فيها أستاذ علم اجتماع الثقافة في كلية الآداب بجامعة ذي قار د. محمد حمود السهر.

أدار الندوة التي حضرها جمع من الشيوعيين وأصدقائهم، عضو اللجنة المركزية وسكرتير اللجنة المحلية الرفيق المهندس حسين الغزي. 

وسلطت الندوة الضوء على الثورة من منظور علم اجتماع الثورة. حيث قدم د. السهر مقاربة علمية حول أسباب اندلاع الثورة، مستندًا إلى الأطر النظرية لعلم الاجتماع الحديث.

وأوضح أن الثورة جاءت استجابة لانسداد الأفق السياسي والاجتماعي والاقتصادي، مشيرًا إلى تفشي الفقر، تفاقم الإقطاع، غياب العدالة الاجتماعية وانعدام الإصلاحات الجذرية.

وتطرق الضيف إلى المنجزات المادية والقيمية التي حققتها الثورة، من إسقاط النظام الملكي وإعلان الجمهورية، إلى تشريعات الإصلاح الزراعي، وإشاعة قيم العدالة والمساواة. كما تناول البعد الوطني للثورة، مؤكدًا دورها في تكريس الهوية العراقية الجامعة، والانفتاح على مكونات الشعب كافة، فضلا عن مساهمتها في إطلاق طاقات التحديث الثقافي والاجتماعي.

وناقش الحضور خلال الندوة محاولات طمس الثورة ومصادرة إنجازاتها، خاصةً عبر تغييب دور الحزب الشيوعي العراقي والقوى الديمقراطية في الإعداد لها والمشاركة الفاعلة في تفجيرها، مؤكدين أن استذكار الثورة لا يكتمل دون إنصاف قواها الوطنية الأصيلة التي شكلت عماد الوعي الشعبي والطبقي آنذاك.

وشددت الندوة، من خلال الحوار مع الحضور، على أهمية استلهام دروس الثورة في ترسيخ قيم العدالة والمساواة، وتعزيز وحدة العراق الوطنية، وتحصين الذاكرة الجماعية من محاولات التشويه والتهميش.

********************************************

سعد مبارك يُجسد أزقة الحلة القديمة فنيا

متابعة – طريق الشعب

وسط زقاق في مدينة الحلة القديمة، يعيش الفنان التشكيلي سعد مبارك، المولود عام 1971، والذي استطاع أن يحوّل هوايته إلى وسيلة يُجسد بها معالم مدينته عبر رسوم ومجسمّات فنية. 

سعد، وهو عضو في نقابة الفنانين العراقيين، اختار أن يستخدم في عمله الفني مواد وخامات بسيطة، كالخشب ومصابيح الإنارة والزجاج. إذ يرسم لوحات ويصنع مجسمات تحمل حكايات عن مدينة الحلة وبيوتها التراثية وشناشيلها.

يقول في حديث صحفي: "لم أكن أمتلك في البداية سوى حبّ الفن، الهواية تفوقت على كل شيء آخر. لم أتعلم هذا الفن أكاديميًا، لكنني عشت معه، كبرت معه، حتى أصبح جزءًا من كياني".

ورغم التحديات الاقتصادية، وعدم وجود دعم رسمي، إلا أن سعد استمر في إنتاج أعمال فنية متميزة، بعضها عُرض في معارض داخل العراق وخارجه، بما في ذلك ست قطع وصلت إلى الأردن، وأخرى إلى فرنسا.

ويضيف سعد قوله إن "أكثر ما أعتز به، هو ما أنفذه من لوحات مجانية في شوارع وأماكن عامة داخل الحلة، حفاظًا على الهوية الثقافية والموروث الفني للمدينة"، موضحا أن "كل قطعة أنجزها اشتغلها بيدي، ولا أستخدم أدوات تصنيع حديثة ولا أقبل بالنسخ التجارية الرخيصة".

ويخلص سعد إلى أن "لوحاتي هي امتداد لحلمي، وموروثي، ومدينة الحلة التي أفتخر بها".

******************************************

قف.. فايروس {فيصل القاسم}

عبد المنعم الأعسم

استفرد فضاءا قطر والعراق، وفضائية الجزيرة وبضعة فضائيات عراقية، دون عالم الفضائيات كله بهذا الضجيج وهذه المهاترات على أنهما حوار سياسي في شأن من الشؤون العامة، وذلك بلغة التشهير والتسقيط والإثارة المُصنّعة، المهيأ لها، والمدفوع أجرا عنها، وفي برامج مسائية يعاد عرضها عدة مرات، الأمر الذي اصطلح عليه في مدارس الإعلام والعديد من الدراسات ب"فايروس فيصل القاسم" صاحب برنامج "الاتجاه المعاكس" من الفضائية القطرية، حيث لم يقلده في صنعة التأليب وتبادل العياط على الهواء سوى حوالي عشر قنوات فضائية عراقية كرست برامجها السياسية الحوارية في "توليف" معارك ديكة وحلبات بصاق وشتائم تطال المقامات والأعراض والحياء، وهي تناقش (هكذا يقال) أخطر القضايا التي تواجه العراق، ومن غير تردد، أقول، إن ثمة القليل من المشاركين في هذه الولائم المعيبة يحاولون الابتعاد عن مطعن الابتذال، والسقوط في الضحالة، وتسويق الضجيج.

 ومن دون أية فضائية عربية أو عالمية وجد فايروس فيصل القاسم مرتعه ودَبَـقه على شاشات بعض الفضائيات العراقية، وفي بعض برامجها السياسية الحوارية، حيث تعرّفنا منها، لشديد الأسف، على شتائم سوقية، وشتامين سَوَقة.. وعلى مقدمي برامج مُساقين. 

*قالوا:

""إذا شبع المرء.. لم يجد للخبز طعماً".

مثل اسكتلندي

********************************************

بجهود تطوعية موصليون يحوّلون زقاقاً خرباً إلى مساحة خضراء

متابعة – طريق الشعب

بجهود تطوعية، حوّل أهالي حي الفاروق في الجانب الأيمن من الموصل، أحد الأزقة التي كانت مدمرة بالكامل نتيجة العمليات العسكرية، إلى مساحة خضراء تنبض بالحياة، باتت مقصداً للزائرين والمصورين من داخل البلاد وخارجها، الأمر الذي يشجع الأهالي على إدامة هذا المشهد الجميل أمام منازلهم.

تقول أم عمار، وهي من سكان الزقاق، أن "شبابنا زرعوا الزقاق، ونحن بدورنا نرعى المزروعات"، مضيفة في حديث صحفي قولها: "تعبنا على هذه النباتات، وهي ليست فقط للزينة، بل تمنحنا الأكسجين".

وتوضح أن "أكثر النباتات التي تمت زراعتها، هو صنف اسمه (الحشمي)"، مشيرة إلى ان "كل من يزورنا يُعجب بزقاقنا ويمتدحه، والأهالي يتباهون بما أنجزوا".

وتدعو أم عمار المواطنين إلى غرس الأشجار وزراعة النباتات أمام بيوتهم.

من جانبه، يقول المواطن علي موفق، من سكان الزقاق، أن "زقاقنا كان مليئا بالحطام، لكننا تعاونا على زراعته"، مبينا أنه "نسقي النباتات كل صباح.. الزراعة مفيدة وتوفر لنا الأكسجين، وتخفف من ضغوطنا النفسية".

ويشير في حديث صحفي إلى أن "الناس يزورون الزقاق من خارج المنطقة، وبينهم سائحون عرب وأجانب يأتون ليلتقطوا صورا للزقاق وينشروها على مواقع التواصل".

فيما يقول عمار أحمد، أن "هذا الزقاق كان مليئاً بالأوساخ والأنقاض، والآن تغير تماماً بجهود الأهالي، وقد قمنا بتنظيفه وزراعته بأنفسنا"، موضحا أن "الزقاق يقع فيه أكثر من 10 منازل، وجميع السكان تعاونوا على زراعته".