الصفحة الأولى
استجابتها لا تتجاوز 10 في المائة وحقوق التدريسيين ضائعة.. الجامعات الأهلية.. تهرّب ضريبي ورقابة حكومية غائبة
بغداد - طريق الشعب
تمثل الضرائب مورداً أساسياً لدعم الموازنة العامة وتنمية الاقتصاد، لكن التهرب منها ما زال واحداً من أبرز التحديات التي تواجه الدولة؛ فالكثير من المؤسسات الاهلية، وفي مقدمتها الكليات والجامعات، تتقاعس عن أداء التزاماتها المالية، وسط تضارب تشريعي وغياب واضح لرقابة وزارة التعليم العالي والجهات المختصة.
ويرى مختصون، أن استمرار هذا الوضع لا يضر فقط بالموازنة العامة، انما ينعكس بشكل مباشر على حقوق التدريسيين والعاملين، ويؤثر حتى على ثقة المواطنين بالمنظومة الضريبية.
إشكالية الكليات الأهلية
وفي هذا الشأن، اكد عضو اللجنة العليا لتنفيذ الإصلاح الضريبي خالد الجابري، وجود إشكالية مزمنة في ملف الكليات الأهلية تتعلق بآليات التحاسب الضريبي، موضحاً أن جذور المشكلة تعود إلى التعارض بين التشريعات القديمة والقرارات اللاحقة.
وقال الجابري في حديث لـ"طريق الشعب"، إن “قانون التعليم الجامعي الأهلي الصادر عام 1997 نصّ صراحةً على إعفاء الكليات الأهلية من جميع أنواع الضرائب والرسوم، إلا أن قرار سلطة الائتلاف بعد عام 2003 ألزم جميع المهن والأنشطة بدفع الضرائب، لكن الكليات الأهلية لم تُحاسب بموجبه، ما أدى إلى تضارب في التفسير القانوني بين الهيئة العامة للضرائب وإدارات هذه الكليات”.
وبيّن أن “الجدل القانوني انتهى إلى اعتبار قانون الكليات الأهلية مُقيّداً لقرار سلطة الائتلاف، وبالتالي استمرت هذه المؤسسات التعليمية خارج نطاق الضريبة، إلى أن جرى تعديل القانون عام 2016، حيث قرر المشرّع رفع الإعفاء وإخضاع الجامعات والكليات الأهلية للضرائب والرسوم كافة، فضلاً عن إلزامها بمراجعة ديوان الرقابة المالية لتدقيق حساباتها”.
وأضاف أن “اللجنة العليا للإصلاح الضريبي وضعت آليات شفافة لتطبيق التحاسب الضريبي على الجامعات الأهلية، غير أن بعض هذه المؤسسات لا تزال تواجه إشكالات في التنفيذ، خاصة فيما يتعلق بضريبة الاستقطاع المباشر من رواتب الأساتذة المنتدبين من الجامعات الحكومية أو الأهلية منذ عام 2016، حيث لم يتم استيفاؤها الى الان، رغم أن القانون يحمّل الكلية مسؤولية الالتزام والتحصيل”.
وأشار الجابري إلى أن “اللجنة وضعت آلية خاصة لمعالجة هذا الملف وتم التوصل إلى اتفاق مع إدارات الكليات، إلا أن نسبة الاستجابة ما زالت محدودة، ولم تتجاوز 10%، الأمر الذي دفع الهيئة العامة للضرائب إلى اتخاذ إجراءات قانونية بحق الكليات الممتنعة، باعتبارها حالات تهرب ضريبي”.
وأوضح أن “جوهر التهرب الضريبي يعود إلى غياب الوضوح في العلاقة بين المكلف والهيئة العامة للضرائب، نتيجة قوانين قديمة لا تتماشى مع تطورات الاقتصاد الحالي، وهو ما دفع اللجنة العليا لتنفيذ الإصلاح الضريبي إلى تبني قرار بإعادة صياغة التشريعات ذات الصلة”.
ولفت الجابري إلى أن “اللجنة أطلقت آلية التقدير الذاتي، التي تستند إلى قرار مجلس الوزراء، وتعطي الثقة الكاملة للمكلف بالتصريح عن إيراداته ومصروفاته مدعمةً بالوثائق، مقابل اعتماد آلية التدقيق اللاحق للتأكد من صحة البيانات من خلال فواتير مصرفية، أو مستندات جمركية، أو إجازات استيراد مرقمة، وبقية الأدلة الرسمية”.
وأكد أن “هذه الآلية أنهت مرحلة التقديرات الضبابية التي كان يعتمدها بعض المخمّنين، وأعطت للمكلف دوراً مباشراً في الإفصاح عن ذمته المالية، على أن يجري التدقيق عبر كوادر خبيرة ومحترفة، بما يطمئن المستثمرين ويعزز بيئة العمل في العراق”.
وكشف عضو اللجنة العليا أن “تطبيق هذه الآلية أسهم في زيادة عدد الشركات التي بادرت للتسجيل الطوعي بنسبة 300%، ما يعكس أن الكثير منها كانت متحفظة على التعامل مع الهيئة العامة للضرائب، لكنها عادت طوعاً بعد اعتماد آلية التدقيق اللاحق”.
وفي السياق ذاته، شدّد الجابري على أهمية تعزيز الشمول المالي عبر تطوير النظام المصرفي وربطه بالدفع الإلكتروني، مبيناً أن “نجاحات تحققت في مجال الدفع الإلكتروني وربط الهيئة العامة للضرائب بهذا النظام، غير أن تحقيق الشمول المالي الكامل يتطلب حسابات مصرفية فاعلة، وهو ما يعمل البنك المركزي على بنائه ضمن خطة إصلاح شاملة لتعزيز الثقة بين المصارف والمواطنين”.
وختم بالقول ان “الإيراد الضريبي هو نتيجة للنشاط الاقتصادي، والركيزة الأساسية هي دعم هذا النشاط عبر تحديث المنظومة القانونية والمالية، وبناء الثقة المتبادلة بين المكلفين والهيئة العامة للضرائب، وبين المواطنين والنظام المصرفي”
غياب دور وزارة التعليم
من جهة أخرى، انتقد نقيب الأكاديميين السابق، مهند هلال، امتناع أغلب الكليات الأهلية عن أداء التزامها القانوني بدفع نسبة 3% من إيراداتها السنوية إلى الموازنة العامة، وفق ما نص عليه القانون، مؤكداً أن هذا التقاعس يمثل شكلاً من أشكال التهرب المالي ويؤثر سلباً على حقوق التدريسيين والعاملين في تلك المؤسسات.
وقال هلال في حديث لـ"طريق الشعب"، إن “الكليات الأهلية ملزمة قانوناً بتسديد ما نسبته 3% من إيراداتها السنوية إلى موازنة الدولة عبر وزارة التعليم العالي، إلا أن معظم هذه الكليات لم تلتزم بذلك تحت ذرائع متعددة، مع أن المبلغ يعد يسيراً قياساً بحجم إيراداتها الكبيرة ولا يشكل عبئاً عليها”.
وأضاف أن “التخلف عن الإيفاء بهذا الالتزام لا يقتصر على حرمان الدولة من إيرادات عامة، إذ ينعكس أيضاً على حقوق الأساتذة والتدريسيين في تلك الكليات، فيُحرم الكثير منهم من التسجيل في الضمان الاجتماعي واحتساب حقوقهم التقاعدية عند إنهاء مسيرتهم الأكاديمية، نتيجة عدم تسديد الكليات لالتزاماتها القانونية”.
وشدّد هلال على أن “هذه النسبة تُعدّ مالاً عاماً يدخل ضمن الموازنة العامة للدولة، ومن ثم فهي تخضع لرقابة الأجهزة المختصة مثل ديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة، وعلى هذه الجهات تفعيل دورها في محاسبة الكليات الممتنعة عن الدفع”.
وأشار إلى أن “غياب المتابعة والرقابة من قبل وزارة التعليم العالي سمح باستمرار هذا الخلل، الأمر الذي يجعل الوزارة مسؤولة عن عدم إلزام تلك الكليات بتطبيق القانون”، لافتاً إلى أن “الإجراء الطبيعي تجاه المؤسسات الممتنعة يجب أن يتضمن سحب الاعتراف والإجازة منها أو غلقها، لضمان خضوع جميع الكليات الأهلية لشروط الدولة المالية والقانونية”
ما سبب التهرب الضريبي؟
الى ذلك، أكد الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي أن مشكلة التهرب الضريبي لا تقتصر على العراق وحده، بل هي ظاهرة عالمية موجودة في مختلف الدول لكن بدرجات متفاوتة، مشيراً إلى أن أسبابها في العراق ترتبط بضعف العدالة الضريبية، والقصور المؤسسي، والفساد الإداري.
وقال المرسومي في حديث لـ"طريق الشعب"، إن “العدالة الضريبية تمثل عاملاً أساسياً في التزام المكلفين، فحين يشعر المواطن بأن الضرائب المفروضة لا تتناسب مع دخله أو أنها غير عادلة، تتسع أمامه مساحة التهرب. كما أن ضعف السلطات الضريبية في احتساب الوعاء الضريبي والدخل الخاضع للضريبة، فضلاً عن غياب الرقابة الفعالة، يفتح المجال أمام التلاعب والتحايل”.
وأضاف أن “عدم وضوح القوانين الضريبية وتخلفها عن مواكبة التطورات الاقتصادية، إلى جانب غياب الحوكمة وضعف الشفافية، كلها عوامل تعزز ظاهرة التهرب، حيث يُترك الأمر أحياناً لاجتهادات شخصية أو تفاهمات فردية بين المكلف والموظف الضريبي”.
وأشار المرسومي إلى أن “الفساد يمثل أحد أبرز أسباب التهرب، إذ قد يلجأ بعض المكلفين إلى دفع عمولات أو رشى لموظفين في السلطة الضريبية مقابل تقليص الضريبة المستحقة أو حتى إلغائها بالكامل”.
ولفت إلى أن “ضعف الثقة بين المواطن والسلطة الضريبية يضاعف من حجم المشكلة، فالمواطن لا يعرف على وجه الدقة أين تذهب أمواله الضريبية، بينما في الدول المتقدمة غالباً ما تُخصص ضرائب الدخل لصناديق خاصة تنفق على خدمات محددة يختارها المواطنون، كالبنية التحتية أو الصحة أو التعليم، وهو ما يعزز ثقافة الالتزام الضريبي لديهم”.
وفي ما يتعلق بإخضاع الكليات والجامعات الأهلية للضرائب، أوضح المرسومي أن “إشكالية عدم التحاسب منذ عام 2016 على ضريبة الاستقطاع المباشر من الأساتذة تمثل نموذجاً لضعف السلطات الضريبية في العراق”، مبيناً أن “استجابة الكليات لإجراءات اللجنة العليا للإصلاح الضريبي لم تتجاوز 10%، وهو رقم متدنٍ يعكس قصور الأجهزة الضريبية عن فرض القانون ومتابعة الالتزامات”.
وتساءل المرسومي: “لماذا مُنحت هذه الجامعات والمستشفيات الأهلية إجازات تأسيس دون وجود آلية صارمة لمتابعة تحاسبها الضريبي؟ وهل تترتب فوائد وغرامات تراكمية على المبالغ غير المسددة كما هو معمول به في بقية دول العالم؟”، مؤكداً أن “المسؤولية في المقام الأول تقع على عاتق السلطة الضريبية نفسها، قبل أن تُحمَّل للمؤسسات التعليمية أو الصحية الخاصة”.
يُذكر أن الحكومة الحالية قد شكلت لجنة عليا للإصلاح الضريبي، ضمت في صفوفها عدداً من الخبراء والمختصين في هذا الشأن.
******************************************
راصد الطريق.. عندك ضمان؟ أوگف على صفحة
يبدو كل شيء عندنا وكأنه يسير عكس الاتجاه. فمثلا: رغم ترحيب المواطنين، خاصةً الموظفين، بوعود توفير خدمات طبية بسعر أقصاه 10 بالمائة من كلفتها في المستشفيات الحكومية (الأجنحة الخاصة) أو الأهلية، للمشمولين بنظام الضمان الصحي، فأن الواقع أمامهم بعيد تمامًا عن الوعود الرسمية.
فالكثير من المشمولين المذكورين يشكون من سوء تعامل وقلة احترام وتأخير متعمد في بعض المستشفيات الأهلية، ومعها ممارسات تضيّق عليهم لثنيهم عن الاستفادة من هذا النظام.
وحسب أحد الموظفين تتعامل المستشفيات مع المريض "وكأنها تتصدق عليه". ويضيف أن بعضها تلجأ إلى فصل المراجعين المشمولين بالضمان عن الذين يدفعون نقدًا، في إشارة واضحة إلى تمييز سلبي، يتعارض مع أهداف الضمان الصحي.
هكذا يُقدَّم الضمان الصحي كمنجز إصلاحي يحاكي ما هو مطبق في دول متقدمة، بينما تكشف التجربة العملية عن عقلية تجارية تهيمن في معظم المستشفيات الأهلية، ترى في المريض مجرد "مصدر ربح" وليس "إنسانًا له الحق في الرعاية الصحية".
إن غياب الرقابة الحازمة، وترك المجال مفتوحًا أمام الممارسات الاستغلالية، لا ينسف مغزى الضمان الصحي فقط، بل ويفاقم فقدان ثقة المواطن بالمؤسسات الصحية الرسمية والخاصة على حد سواء.
*********************************************
الصفحة الثانية
العراق يستهلك {الماء الميت} والملوحة تصل لـ 30 ألف جزء بالمليون في البصرة
بغداد ـ طريق الشعب
حذّر المختص بالشأن المائي تحسين الموسوي من تفاقم أزمة المياه في العراق نتيجة استمرار موجات الجفاف لخمس سنوات متتالية منذ عام 2023، وسط غياب الاستعدادات الحكومية الكافية لمواجهة التحديات المناخية والبيئية.
وقال الموسوي، إن انخفاض مناسيب دجلة والفرات دفع السلطات إلى استخدام "الجزء الميت" من منخفض الثرثار، وهو إجراء لا يرقى إلى المعايير العالمية في الخزن المائي. وأوضح أن تقارير صادرة عن وزارة الموارد المائية كشفت عن وصول مناسيب المياه إلى مستويات خطيرة، فيما سجّلت محافظة البصرة نسب ملوحة مرتفعة وصلت إلى 30 ألف جزء في المليون، الأمر الذي يشكل تهديداً مباشراً على الصحة العامة.
وبيّن الموسوي، أن التلوث الحاصل في مياه الفرات، والذي وثقته فحوصات مختبرية في كربلاء، يعود إلى عوامل خارجية وأخرى داخلية؛ فخارجياً يرتبط بحرمان العراق من حصصه المائية من قبل دول الجوار، أما داخلياً فيتمثل بغياب وحدات المعالجة ورمي المخلفات الصناعية والمنزلية بشكل مباشر في الأنهار، فضلاً عن الاستنزاف المفرط للمياه الجوفية خلال سنوات الجفاف.
وأكد أن الحل الوحيد في المرحلة الراهنة يتمثل في تفعيل الضغط الدبلوماسي على إيران وتركيا لإطلاق الحصص المائية، مشدداً على أن ذلك سيسهم في دفع اللسان الملحي من شط العرب، والحفاظ على الجريان البيئي وجودة المياه، وبالتالي حماية صحة المواطنين.
*********************************************
استبعاد 751 مرشحًا من السباق الانتخابي والمرشح سجاد سالم عائد اليه
المفوضية تؤكد قانونية قراراتها
ومصدر: الانتخابات في موعدها دون تأجيل
بغداد ـ طريق الشعب
مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقررة في الحادي عشر من تشرين الثاني المقبل، يتصاعد الجدل في العراق بشأن قرارات الاستبعاد التي طالت مئات المرشحين، بينهم شخصيات سياسية بارزة، بدواعي المساءلة والعدالة أو ملفات جنائية وفساد.
وبينما تثير هذه الإجراءات اتهامات بوجود دوافع سياسية خلفها، تؤكد المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أن قراراتها قانونية ودستورية وخاضعة لرقابة القضاء، فيما تشدد مصادر مطلعة على أن الحديث عن تأجيل الانتخابات ليس سوى محاولة لإرباك المشهد وإلهاء الشارع، في وقت تواصل فيه الجهات الرسمية استعداداتها اللوجستية والأمنية لإنجاز الاستحقاق الدستوري في موعده.
المساءلة والعدالة: انتهت مهمتنا
وأنجزت الهيئة الوطنية للمساءلة والعدالة عملية تدقيق شاملة لجميع أسماء المرشحين البالغ عددهم قرابة ثمانية آلاف مرشح. وقال مدير الدائرة الإعلامية في الهيئة حسن الشويلي إن "التدقيق شمل مطابقة الأسماء مع قواعد بيانات الجهات الرقابية والقضائية والأمنية، وتم شمول (335) مرشحًا بإجراءات قانون المساءلة والعدالة، بهدف ضمان نزاهة العملية الانتخابية ومنع عودة غير المؤهلين إلى المشهد السياسي".
وبيّن الشويلي أن "القانون يتيح للمشمولين حق الطعن أمام الهيئة التمييزية خلال مدة شهر واحد، على أن يُبت بالقرار خلال شهر آخر، سواء بتأييد الشمول أو رفعه"، مشددًا على أن "الهدف الجوهري يتمثل في إبعاد عناصر حزب البعث عن السلطة التشريعية وصون العملية السياسية من أي محاولات للعودة غير المشروعة".
استبعاد 751 مرشحا
وأعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق عن استبعاد (751) مرشحًا من خوض الانتخابات المقبلة، المقرر إجراؤها بعد ثلاثة أشهر، لأسباب تتعلق بالمساءلة والعدالة أو قضايا جنائية وملفات فساد.
وأثارت وثائق مسربة عن استبعاد عشرات المرشحين خلال الفترة الماضية، بينهم شخصيات سياسية بارزة، جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والشعبية، وسط تصاعد الاتهامات بوجود دوافع سياسية خلف تلك القرارات تتجاوز الأطر القانونية.
وجاء في بيان المفوضية، أن "عدد المستبعدين من الترشح بلغ لغاية الآن (751) مرشحًا، على أن تتم المصادقة النهائية على القوائم مطلع تشرين الأول المقبل، فيما تنطلق الحملات الدعائية في التاسع من الشهر ذاته، وتنتهي قبل يوم من التصويت الخاص، يليها الصمت الانتخابي".
باب الاستبعادات مفتوح
من جهته، قال رئيس الفريق الإعلامي في المفوضية عماد جميل، إن "الاستبعادات ليست نهائية، فالعمل جارٍ على تدقيق أسماء باقي المرشحين، وجميع القرارات تستند إلى مواد قانونية ودستورية، ولا علاقة لها بأي أجندة سياسية كما يحاول البعض الترويج لذلك".
وأضاف أن "القضاء هو الفيصل في هذه الإجراءات، ويحق لأي مرشح مستبعد الطعن بقرار استبعاده أمام الهيئة القضائية المختصة، وقد أعيد بالفعل ترشيح عدد من المرشحين بعد كسب الطعون، ما يؤكد قانونية ودستورية الإجراءات".
فيما أكدت عضو الفريق الإعلامي للمفوضية، نبراس أبو سودة، أن "باب الاستبعادات سيبقى مفتوحًا حتى يوم الاقتراع وما بعده، طالما استمر التحقق وتنقيحات المفوضية، وفي حال ارتكاب جرائم انتخابية خلال الحملة أو ورود شكاوى، فإن المفوضية ملزمة بضمان تقديم مرشح مؤهل ومتوافق تمامًا مع الشروط القانونية".
أمنيًا، واصل نائب قائد العمليات المشتركة ورئيس اللجنة الأمنية العليا للانتخابات، الفريق أول الركن قيس المحمداوي، جولاته الميدانية للاطلاع على الاستعدادات الجارية لتأمين العملية الانتخابية. وأفاد بيان لخلية الإعلام الأمني بأن المحمداوي وصل إلى محافظة كربلاء المقدسة، واطلع على الخطط الأمنية الخاصة بالانتخابات في محافظات كربلاء والنجف وبابل، لضمان إجراء الاستحقاق الدستوري بأجواء مستقرة وآمنة.
عودة سجاد سالم
أصدرت الهيئة القضائية العليا، قرارًا يقضي بنقض قرار مجلس المفوضين القاضي باستبعاد المرشح سجاد سالم عن تحالف البديل في محافظة واسط من خوض انتخابات مجلس النواب العراقي لعام 2025.
وذكرت الهيئة أن الاستبعاد استند إلى ادعاءات غير مثبتة بحكم قضائي بات، على خلاف ما نصت عليه المادة (7/ثالثًا) من قانون الانتخابات رقم 12 لسنة 2018 المعدل. وأكد القرار أن المرشح لم يُدان بأي قضية فساد مالي أو إداري أو جريمة مخلة بالشرف، مشيرًا إلى أن الكتاب الصادر عن هيئة الحشد الشعبي لم يرقَ إلى مستوى الحكم القضائي النهائي. وبناءً على ذلك، قررت الهيئة القضائية العليا نقض قرار الاستبعاد، وإشعار مجلس المفوضين باتباع ما ورد في القرار، مشددة على أن حكمها صدر بالإجماع بتاريخ 8 أيلول 2025.
لا تأجيل للانتخابات
وفي خضم الجدل الدائر بشأن إمكانية تأجيل الانتخابات، كشف مصدر مطلع أن "الانتخابات لن تؤجل وهي ماضية في موعدها المقرر، والحديث عن التأجيل لا يعدو كونه محاولات لإلهاء الشارع والتغطية على عجز بعض الأطراف عن اللحاق بالسباق الانتخابي".
وأضاف المصدر، أن "المفوضية والجهات الحكومية والأمنية المعنية مستمرة بالتحضيرات اللوجستية والفنية والأمنية، ولا يوجد أي مؤشر رسمي على نية التأجيل، إذ إن المدد الدستورية واضحة والجدول الزمني يسير وفق ما أُعلن عنه مسبقًا".
وأوضح أن "الضغوط السياسية التي تُمارس من بعض الأطراف تسعى إلى خلط الأوراق بعد أن أدركت صعوبة موقفها الانتخابي، لكنها محاولات لن تنجح، لأن الرأي العام يراقب بدقة، والمجتمع الدولي الداعم للعملية الانتخابية أكد التزامه بمساندة العراق لإجراء الانتخابات في موعدها المحدد".
وختم المصدر بالقول إن "الإصرار على موعد الانتخابات يمثل رسالة قوية للداخل والخارج بأن الديمقراطية في العراق لا تُدار وفق رغبات الكتل أو المصالح الآنية، بل وفق استحقاقات دستورية وقانونية تهدف إلى ترسيخ الاستقرار وبناء الثقة بين الناخب والعملية السياسية".
*****************************************
الاحتجاجات الشعبية تتواصل ضد تردي الخدمات
بغداد ـ طريق الشعب
شهدت مناطق مختلفة في البلاد، سلسلة من التحركات الاحتجاجية المطالبة بتحسين الخدمات الأساسية، وسط تهديدات بتصعيد المواقف إذا لم تستجب الجهات المعنية لمطالب المواطنين.
حراك قضاء الدير في البصرة
وطالب حراك قضاء الدير الشعبي في محافظة البصرة، الحكومتين المحلية والمركزية باتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة الإهمال المستمر في الخدمات، مؤكداً أن صبر أهالي القضاء والمناطق التابعة له قد نفد نتيجة التسويف المتعمد.
وجاء في بيان الحراك: "لن نصمت بعد اليوم، ولن نرضى بالوعود الكاذبة أو المساومات الرخيصة، لذلك نطالب الحكومة بالكشف فوراً عن خريطة حقيقية تبين نطاق الكارثة ومناطق التعرض".
وأضاف البيان مطالب أخرى تتعلق بـ"اتخاذ إجراءات عاجلة وملموسة لحماية المياه والبيئة وسبل عيش الأهالي"، و"تقديم جداول زمنية واضحة وملزمة لتنفيذ الحلول بمراقبة شعبية ومؤسساتية مستقلة".
وحذر الحراك من أن الشارع سيكون صوتهم في حال لم تتحقق المطالب، مؤكداً أن أي تقصير سيواجه بتصعيد مناسب لحجم المعاناة التي تعرض لها المواطنون.
طلبة الطب يحتجون في بغداد
وفي العاصمة بغداد، نظم عدد من طلبة الطب العراقيين الدارسين في الخارج، وقفة احتجاجية أمام وزارة التعليم العالي رفضاً للتعديلات الأخيرة في تعليمات معادلة الشهادات.
وأوضح المشاركون في الاحتجاج، أن القرارات السابقة كانت تمنح الطلبة أصحاب المعدلات 90 فما فوق إمكانية فتح ملف وإضافة 5 درجات إلى معدلهم، مع إلغاء شرط النجاح بعد عام واحد من الدراسة، فيما قررت الوزارة لاحقاً الاكتفاء بمنح 3 درجات فقط مع اشتراط معدل 95 فما فوق، ما اعتبروه "قراراً مجحفاً وظالماً".
وقال الطالب نهاد سمير: "أكملت 3 سنوات من الدراسة ولا أعلم مصيري الآن، وقد صرفت أموالاً كثيرة وأضعت جزءاً من حياتي بسبب هذا القرار". وأضافت الطالبة مريم جليل أن التغييرات أثرت سلبياً على الطلبة وعوائلهم مادياً ومعنوياً، خاصة الذين درسوا في ظروف صعبة في دول مثل إيران. من جهته، اعتبر خليل فليح، ولي أمر أحد الطلبة، أن هذه القرارات تمثل "كارثة حقيقية ومظلومية" بحق الطلبة العراقيين.
أصحاب المولدات يهددون بالإضراب
وفي منطقة الكيلاني ببغداد، تظاهر أصحاب المولدات الأهلية احتجاجاً على قلة حصة الوقود وتخفيض تسعيرة الأمبير، مطالبين الجهات المعنية بزيادة حصة الكاز ومراجعة التسعيرة.
وأكد المحتجون أنهم سيمنحون الجهات المختصة مهلة محددة قبل اتخاذ قرار الإضراب وإيقاف تشغيل المولدات، مشيرين إلى أن الوضع الحالي يضعهم في مواجهة مباشرة مع شكاوى الأهالي بسبب شح الوقود وارتفاع الأسعار في السوق.
وتعكس هذه الاحتجاجات الشعبية المستمرة غياب الاستجابة السريعة للمطالب الأساسية في العراق، سواء المتعلقة بالمياه والبيئة، أو التعليم، أو الكهرباء، وهو ما دفع المواطنين والطلبة والمواطنين العاملين في قطاع الطاقة إلى النزول إلى الشارع للمطالبة بحقوقهم الأساسية، مؤكدين استعدادهم لتصعيد تحركاتهم في حال استمرار تجاهل السلطات.
******************************************
الصفحة الثالثة
بين الأرقام الرسمية والواقع المعيشي الديوانية.. ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وتلكؤ مزمن في المشاريع الخدمية
بغداد – تبارك عبد المجيد
رغم إعلان وزارة العمل والشؤون الاجتماعية عن انخفاض نسبة الفقر في الديوانية، لا تزال المحافظة تعاني من أزمات خدمية واقتصادية عميقة، تجعل هذه الأرقام موضع جدل بين ما هو مُعلن رسمياً وما يعيشه المواطن فعلياً. فالديوانية، التي تُعد ثالث أفقر محافظة في العراق بعد المثنى وبابل، ما تزال تواجه أزمات البطالة، تردي البنى التحتية، توقف المشاريع الحيوية، إضافة إلى تراجع القطاع الزراعي الذي يشكل عصب اقتصادها.
وبينما تؤكد الوزارة أن جهودها مستمرة بالتعاون مع منظمات دولية ومحلية للتخفيف من الفقر، يشدد مراقبون ونشطاء محليون على أن الواقع على الأرض لم يتغير، وأن الحل يكمن في خطط استراتيجية ومشاريع تنموية حقيقية تعالج جذور المشكلة.
وتضم محافظة الديوانية 13 قضاءً و3 نواحٍ، أما الأقضية فهي الديوانية، الشافعية، السنية، الدغارة، سومر، الشامية، غمّاس، المهناوية، عفك، آل بدير، الحمزة الشرقي، الشنافية، والسدير، والنواحي هي الصلاحية، نفر، والبسامية.
وتعد الديوانية ثالث أفقر محافظة بعد المثنى (في المركز الأول) وبابل (في المركز الثاني) بنسبة فقر تصل إلى 29%، بحسب نتائج المسح الاجتماعي والاقتصادي للأسرة في العراق التي تم إعلانها في شباط/ فبراير 2025.
يقول المتحدث باسم وزارة العمل، حسن خوام، أن وزارته "تبذل جهودا متواصلة لتقليل نسب الفقر في المحافظات العراقية، مشيرا إلى أن محافظة المثنى كانت على رأس أولوياتهم.
ويضيف خوام في تصريح لـ"طريق الشعب"، "نحاول قدر الإمكان، من خلال التعاون مع منظمات دولية ومحلية وإنسانية، وكذلك عبر برامج الحكومة العراقية ووزارة العمل، معالجة الفقر وتسجيل أفضل النتائج الممكنة".
ويشير الى أن "نسبة الفقر في محافظة الديوانية كانت سابقا تصل إلى 52 في المائة، وقد انخفضت حاليا إلى نحو 40 في المائة، مبينا أن "هذا الانخفاض ليس بالمستوى الطموح الذي تسعى إليه الوزارة، لكننا نحاول استغلال أي فرصة متاحة وفق الإمكانيات المتوفرة للوزارة، لتخفيض نسب الفقر في هذه المحافظة وغيرها من المحافظات".
تناقضات!
ويؤكد أمين محمد، اعلامي وناشط سياسي من ابناء المحافظة، أن المواطن الديواني لم يشعر بتحسن ملموس على الرغم من وعود الحكومة.
ويقول محمد في حديث لـ"طريق الشعب"، أن زيارة رئيس الوزراء إلى الديوانية، تضمنت وعوداً بتحويل المحافظة إلى واحدة من افضل المحافظات في القطاع الخدمي، إلا أن العديد من المشاريع، لم تنجز بعد حتى الان، وأصبحت تشكل عبئا ثقيلا على المواطن، لا سيما مشروع مجاري الديوانية الكبير، اضافة الى مشروع مدخل محافظة الديوانية من جهة النجف الأشرف، الذي أُحيلت ملفاته إلى هيئة النزاهة.
ويضيف أن هناك تراجعاً ملحوظاً في نسب الخدمات المقدمة مقارنة بالتقارير الحكومية، والصحفية الداعمة لعمل الحكومة، والتي تشير إلى تخصيصات ومشاريع عديدة، لكن بالواقع، لا شيء سوى التلكؤ.
ويشير الى ان غالبية مشاريع الماء والطرق والإعمار "متوقفة" برغم المبالغ المخصصة لها، بينما نفذت وزارة الاعمار والإسكان بعض المشاريع القليلة، التي لم تحدث فرقا ملحوظا في الواقع الخدمي، من بينها جسر الجمهورية الذي استمرت اعماله الانشائية لمدة 11 عاماً.
وينبه محمد الى ان معدلات البطالة والفقر في المحافظة "مرتفعة ومخيفة".
تحديات تساهم برفع نسب الفقر!
مصادر محلية، أكدت أن المحافظة تعاني من فقر مزمن نتيجة غياب المشاريع الاقتصادية الكبرى.
وقالت المصادر لـ"طريق الشعب"، إن الديوانية من المحافظات الفقيرة على مستوى العراق، نتيجة عدم وجود منافذ حدودية أو مشاريع بترودولار، بعكس بقية المحافظات الجنوبية.
وأضافت، أن القطاع الزراعي الذي يشكل العمود الفقري لاقتصاد المحافظة بنسبة تصل إلى 65 في المائة، يعاني هو الاخر من إهمال حكومي، كما تفتقر المحافظة الى خطط استراتيجية واضحة.
وتابعت ان "الديوانية بحاجة ماسة إلى اهتمام حكومي حقيقي، وتخصيص ميزانية طارئة لمعالجة المشاكل التي تعاني منها، مع وضع رؤية استراتيجية للتخفيف من نسب الفقر والبطالة في المحافظة"، مؤكدة ان معالجة هذه القضايا تتطلب جهودًا متواصلة من الحكومة المركزية، والعمل على توفير مشاريع تنموية تسهم في تحسين الواقع المعيشي والخدمي لسكان الديوانية.
****************************************
ترجمة وإعداد: طريق الشعب
البصرة.. لمحات من الأمل
في جنوب العراق المنسي
لموقع المجلس الأطلسي، كتب السفير السابق ومستشار المجلس جون ويلكس، مقالاً عن محافظة البصرة، ذكر فيه بأن الآمال التي كانت معلقة على أن تعيد البصرة مكانتها كمركز اقتصادي رئيسي في المنطقة وبوابةً للعراق ومنافسًا للمدن التجارية الكبرى في الخليج، بدت وكأنها تتبدد، حيث أصبحت المحافظة، وبسبب موقعها الاستراتيجي القريب من موارد العراق النفطية ومنافذه البحرية إلى الخليج وحدوده مع إيران، مصدراً رئيسياً لنهب الثروات ومستنقعًا من الفساد والعصابات، على حد تعبيره.
تحسن ملحوظ ولكن!
وأشار الكاتب إلى أن المؤشرات الإيجابية على الاستقرار وإعادة الإعمار، كتعبيد طرق جديدة واقامة مشاريع تجارية وسكنية والعناية بنظافة ونشاط مركز المدينة وتحسن قدرة الناس على التحرك بحرية وسلاسة، لا تختلف كثيراً عما تشهده البلاد بشكل عام من تحسن في الأمن والإعمار، رغم إنها لا تستطيع حجب الصورة المشوهة إلى حد كبير بسبب الفساد والحكم المختل واستحواذ القوى المتنفذة على الإيرادات في الموانئ والحدود والجمارك، وعلى الموارد النفطية والرشاوى من العقود، وعلى تهريب الأسلحة والنفط والمخدرات.
وأوضح الكاتب بأن سكان البصرة يشعرون بعدم الرضا حيال أوضاع المدينة والمحافظة، خاصة وهم يدركون حجم الثروات الهائلة التي يتم إنتاجها محليًا والتي لا ينالون منها إلا القليل، على الرغم من بعض التحسن الذي يُنسب إلى الحكومة المحلية. ويضيف الكاتب بأن تذمر الناس من نقص المياه والكهرباء والوظائف، ومن تدني الخدمات الصحية والتعليمية، غالباً ما ينعكس في احتجاجات شعبية، كان آخرها ما جرى بسبب أزمة نقص المياه النظيفة الصالحة للشرب.
أزمة المياه والتدهور البيئي
ووصف المقال هذه الأزمة بالفضيحة الأكبر التي تتقاطع فيها مظاهر الفشل السياسي مع الأزمة البيئية، لتكشف عن أحد أسوأ إخفاقات الحوكمة في العراق ما بعد 2003، والتي يدفع الفقراء والمهمشون كالعادة، ثمنها الأكبر. ففي الوقت الذي تقلصت كمية المياه العذبة بسبب تقليل تركيا وإيران للإطلاقات في نهري دجلة والفرات، زادت ملوحة المياه القادمة من الخليج عبر شط العرب، وانهارت البنية التحتية القديمة وتعطلت مشاريع تحلية المياه الضخمة، بسبب الصراعات السياسية والفساد المرتبط بتقاسم الغنائم وعجز الميزانية حين تكون أسعار النفط منخفضة.
وفيما شكك الكاتب بنجاح مشروع تحلية مياه البحر الذي رسي لشركة "باور تشاينا"، بسبب عدم توفر الإرادة السياسية الموحدة لتجاوز العقبات، توقع استمرار التقدم في مشروع جمع الغاز المحترق في حقول النفط القريبة من البصرة، والذي لا يشكل حرقه هدرًا اقتصاديًا فقط بل ويسبب أيضًا ضرراً كبيراً بصحة السكان والبيئة.
الحكومات وتطلعات الشعب
واعتبر الكاتب السياسة في العراق مستقرة بشكل لا يلبي تطلعات الشعب، رغم أنها على الأقل تسمح بقدر من الأمن والحوكمة، يمكن من خلاله تنفيذ مشاريع إعمار واسعة، خاصة إذا ما تنامت قدرات الدولة العراقية وتواصل ضغط الرأي العام عبر الانتخابات والاحتجاجات في السنوات المقبلة. وتوقع أن يكون الزمن عامل شفاء للعراق، رغم أنه ما يزال بعيدًا عن طموحات شعبه وأصدقائه فيما يتعلق بالسيادة والاستقرار والازدهار وتجاوز الطائفية ومنع التدخل الخارجي. واستند في تفاؤله هذا على تحسن الثقة بين الأحزاب السياسية الرئيسية والقيادات، ومحاولة تشكيل تحالف متنوع عرقيًا وطائفيًا.
كما وجد الكاتب بعدم مشاركة العراق عسكريًا في الصراع الإقليمي الأخير بين الكيان الإسرائيلي وإيران، دليلاً على عدم رغبة إيران وحلفائها العراقيين في التعرض للخطر وسعي النخبة السياسية العراقية إلى تحقيق مصالحها الخاصة، بما في ذلك التوسع في إمبراطورياتها الاقتصادية.
آمال واعدة
وفيما شدد الكاتب على أن طريق الاستقرار الدائم لا يمكن تسريعه، خاصة وأن الدعم الأجنبي لذلك لن يتجاوز ما يسمح به العراقيون أنفسهم، رأى وجود اتجاهات إيجابية في الأمن والازدهار، تتمثل في تطور القطاعات غير النفطية والقيام بالعديد من المشاريع الإعمارية في الداخل، وعدم وضع العراقيين كل بيضهم في سلة واحدة على الصعيد الدولي، حيث يسعون إلى إدارة علاقات سياسية واقتصادية قوية مع جميع جيرانهم والقوى الكبرى والاقتصادات المتقدمة في العالم، وخاصة مع الصين والشركات الغربية ذات السمعة الحسنة.
******************************************
أفكار من أوراق اليسار.. الإقطاع الرقمي
إبراهيم إسماعيل
في كتابه (الإقطاع التكنولوجي)، يبعث المفكر اليوناني يانيس فاروفاكيس رسالة عاطفية لوالده، ليخبره فيها بأن العالم اليوم لم يعد تحت هيمنة الرأسمالية واقتصاد السوق ومنطق الربح التنافسي، بل تحت هيمنة نظام إقطاعية رقمية، تتحكم فيه الشركات الكبرى المالكة للسحابة الرقمية، نظام لا تُنتج فيه القيمة من العمل، بل من ريع يخلقه المستخدمون باستئجارهم البنية التحتية للمنصات (اشتراكات، إعلانات، وخدمات البيانات)، دون أن يتحكموا بعملية تكوينه، أو أن يكون لهم نصيب منه، متحوّلين إلى فلاحين رقميين يعملون دون أجر حقيقي، تمامًا كما كانت علاقة مالكي الأرض من الإقطاعيين مع فلاحيهم. فالإقطاع التكنولوجي اليوم يستند إلى الملكية الخاصة للمنصات، واحتكار البنية التحتية الرقمية (السحابة، الذكاء الاصطناعي، البيانات)، مع استخدام بشع للسلوك البشري في خلق الثروة، وغياب أي تبادل حرّ حقيقي.
وإذا جاءت العديد من أطروحات هذا المنظّر اليساري توصيفًا متميزًا للمتغيرات في الاقتصاد العالمي، فإن أطروحة الإقطاع الرقمي تُعدّ، برأي العديدين، قراءة ماركسية معاصرة للصراع الطبقي، تكشف عن احتضار الرأسمالية التقليدية، وحلول نظام جديد محلّها؛ نظام لا تقدّم فيه المنصّات التكنولوجية خدمات مجانية، بل تمارس مراقبة وتوجيهًا سلوكيًا هائلًا علينا، وتعيد تشكيل وعينا الجمعي بطرق غير مرئية، وبلا مسؤولية قانونية. كما تعمل على استخراج أقصى ما يمكن من انتباهنا وبياناتنا، دون أن ندرك أننا طرف في صفقة لم نوقّع عليها.
إن صرخة فاروفاكيس الفكرية الواعدة ضد الاستسلام للرأسمالية الرقمية، التي تجرّدنا من حقنا في الاختيار، تتضمن دعوات الكفاح لتحقيق الثورة الرقمية الديمقراطية، التي تبدأ بفضح الوهم الشائع بأن الخلاص يأتي من التقدّم التقني وحده، دون الحاجة إلى وعي سياسي نقدي يعيد لنا سيادتنا على أدوات هذا التقدّم، مرورًا بفرض ضرائب على خدمات السحابة ومنصات التواصل، وتمكين المستخدمين من امتلاك بياناتهم، وكسر احتكارات المنصات، وإعادة تصميم اقتصاد الإنترنت على أساس التشاركية والعدالة.
ولم يمر أكثر من عام على تلك الصرخة، حتى انطلقت مثيلة لها في كتاب "الإقطاع التكنولوجي: نقد الاقتصاد الرقمي" للفرنسي سيدريك دوران، الذي قدّم قراءة ماركسية أخرى لعالم الرأسمالية المعاصرة، شخّص فيها خصائص الإقطاع الجديد المهيمن على التطور التقني، والذي راح يعيدنا إلى علاقات التبعية من مدخل حديث، نتحوّل نحن مستخدمي المنصات فيه إلى فلاحين نعيش داخل خوارزميات لا نراها، ونقدّم لها بياناتنا طوعًا، ونتوهّم بأننا أحرار، رغم أننا لا يمكن أن نكون سوى مورّدي معلومات لـ"اللورد" الذي ليس فارسًا ولا ملكًا، بل منصّات تقرّر عمّا نراه ونشتريه ونؤمن به، وتحصّل هي بالمقابل الريع من نقراتنا ونظراتنا وأحلامنا التي تتسرّب إلى خوادم السُحب. منصّات لا تبيع لنا المنتجات فقط، بل تبيعنا نحن للمنتجات، توجهنا، وتتنبأ باختياراتنا، وتُعطّل العلاقات التنافسية، وتخلق علاقات تبعية بيننا وبينها، في شكل جديد من أشكال القنانة الإقطاعية.
إن صرخَتَي فاروفاكيس ودوران ليستا دعوات ضد التكنولوجيا، بل لكسر وهم البراءة الذي يُغلّفها. إنها أصوات نقدية جريئة تفضح أن كل شيء مبرمج، وأن الحرية ما هي إلا وهم برمجي. فنحن لا نملك شيئًا من تجربتنا الرقمية: لا حساباتنا، ولا صورنا، ولا كلماتنا، لأنها مخزّنة في أماكن لا نعرفها، وتُستغلّ في صفقات لا نُستشار فيها.
ورغم أن الرجلين لم يقدّما وعودًا سحرية بالخلاص، بقدر ما استفزّا وعينا لفتح نقاش جاد حول مسار الاقتصاد الرقمي، فإنهما أطلقا شرارة أخرى، ستُذكي حتمًا جمرة الكفاح الطبقي ضد رأس المال، بأي شكلٍ حاول به قهر البشر.
********************************************
الصفحة الرابعة
واقع صحي مثقل بالأزمات لجنة نيابية تؤشر ضعف التمويل ووعود حكومية تتبخر
بغداد - طريق الشعب
رغم مرور أكثر من عقدين على التغيير السياسي في العراق، ما زال الحديث يتواصل حول مشاكل القطاع الصحي، الذي يرزح تحت أعباء التمويل الهزيل والادارة المرتبكة، حتى تحول الى أحد أضعف حلقات الدولة وأكثرها عجزاً عن تلبية احتياجات المواطنين.
فالمستشفيات ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ متهالكة، وهناك نقص في الأدوية، خصوصاً المتعلقة بالأمراض المزمنة، إضافة لتردي الخدمات. كل هذا بحسب ما اكده مختصون، يشكل نتيجة مباشرة لميزانيات شحيحة تستهلكها النفقات التشغيلية، فيما تغيب خطط الاستثمار والتطوير.
هذا الخلل البنيوي جعل المواطن العراقي يواجه يومياً واقعاً صحياً مريراً؛ طوابير انتظار طويلة، خدمات متواضعة، وغياب التجهيزات الحديثة، في وقت تتزايد فيه معدلات الأمراض المزمنة والاضطرابات البيئية، في وقت قطعت فيه دول جوار العراق شوطاً طويلاً في هذا القطاع.
عجز غير مسبوق
في هذا الصدد، حذّر رئيس لجنة الصحة والبيئة النيابية، ماجد شنكالي، من وصول المؤسسات الصحية في بغداد والمحافظات الى مرحلة عجز مالي غير مسبوق، مشيراً الى أن ذلك ينعكس بشكل مباشر على مستوى الخدمات الطبية المقدمة للمواطنين.
وقال شنكالي إنّ “الوضع الصحي يمر بأزمة خطرة بعد توقف الإعانات الغذائية وخدمات التنظيف وتجهيز وقود سيارات الإسعاف، ما جعل المؤسسات الصحية في ظروف صعبة للغاية”.
وأضاف ان “نسبة التمويل الفعلي لدوائر الصحة لم تتجاوز 22 في المائة من المبالغ المخصصة لها، في حين أن النسبة المطلوبة لضمان استمرارية العمل يجب أن لا تقل عن 66 فق المائة".
وتابع أن “أولوية أي برنامج حكومي يجب أن تكون تمويل وزارة الصحة ومؤسساتها، باعتبارها معنية بشكل مباشر بحياة المواطن وصحته”، مشدداً على أن “الواقع المالي الراهن يعكس تناقضاً واضحاً مع ما يُعلن من دعم القطاع الصحي”.
تحدٍ آخر
إضافة لشح التخصيصات، فإن الوزارة تواجه أحياناً معضلات كثيرة، مثل عدم صرف مستحقاتها، الأمر الذي ينعكس على مفاصل مهمة في هذا القطاع، كما حدث قبل شهرين مثلاً.
وكان النائب باسم الغرابي، عضو اللجنة ذاتها، كشف في وقت سابق، عن أزمة خانقة في الأدوية والمستلزمات الطبية داخل المستشفيات والمراكز الصحية، عازياً ذلك الى عدم صرف المستحقات المالية الكافية لوزارة الصحة.
وقال الغرابي، إنّ “الوزارة اضطرت الى الغاء العديد من عقود شراء الأدوية والمستلزمات الطبية بسبب شح السيولة المالية”، مبيناً أن “وزارة المالية لم تصرف سوى 25% من التخصيصات المرصودة لوزارة الصحة خلال هذا العام، وهو مبلغ لا يلبي أدنى الاحتياجات الفعلية”.
وأضاف أن “هذا النقص انعكس بشكل مباشر على توافر الأدوية الأساسية، ولا سيما أدوية مرضى السرطان، مما يهدد حياة آلاف المرضى ويضاعف من معاناتهم”.
واشار ايضاً الى أن الوزارة "بأمسّ الحاجة الى الأموال اللازمة لتجديد التعاقدات مع الشركات الدوائية وتغطية النقص الحاد”.
وطالبت الصحة النيابية، آنذاك رئيس الوزراء ووزيرة المالية بالتدخل العاجل وتوفير المبالغ الكافية لضمان استمرار توفير الأدوية والخدمات العلاجية الأساسية للمواطنين.
الصحة آخر اهتمامات الموازنة
في هذا الصدد، أكد المتخصص في الشأن الصحي، د. فاضل المندلاوي، أن الأزمة البنيوية في قطاع الصحة بالعراق تعود بالدرجة الأساس إلى ضعف حجم التخصيصات المالية الممنوحة له في الموازنات العامة المتعاقبة.
وقال المندلاوي في حديث مع "طريق الشعب"، أن “الحصة المخصصة للصحة لا تتجاوز 4 إلى 4.5 في المئة من الميزانية، وهي نسبة متدنية للغاية إذا ما قورنت بدول الجوار، فضلًا عن الدول المتقدمة، في حين تصل موازنات الدفاع والأمن الى نسبة اعلى بكثير”.
وأضاف المندلاوي، أن “هذا التفاوت الكبير جعل وزارة الصحة شبه مشلولة، إذ لا تتمكن من تلبية احتياجاتها الفعلية في تطوير الخدمات أو إنشاء مؤسسات جديدة، لاسيما أن أكثر من 80 في المائة من ميزانيتها تذهب إلى النفقات التشغيلية، فيما لا يتجاوز الجانب الاستثماري 20 في المئة”.
وبيّن، أن تدني التمويل يؤثر بشكل مباشر على نوعية الخدمات الطبية المقدمة للمواطنين، لافتاً الى أن “تحسين الخدمة الصحية يحتاج الى استثمارات كبيرة تشمل تدريب الكوادر، وتوفير الأجهزة الحديثة، وتغطية احتياجات الدواء”.
وشدد على أن “المعالجة الحقيقية تكمن في إعداد موازنة صحية مدروسة تستند الى تقديرات دقيقة من الخبراء والمتخصصين، وبما يضمن تلبية الاحتياجات الواقعية للمواطنين، بعيداً عن القرارات العشوائية والقيود التي تفرضها وزارة المالية”.
وأكد أن “غياب التخطيط العلمي في التمويل الصحي يمثل مشكلة مزمنة ممتدة منذ عام 2003 وحتى اليوم”.
المشكلة في التخصيصات فقط؟
من جهته، قال د. زهير العبودي، المختص بالشأن الصحي، إن التحدي الأكبر أمام النظام الصحي في العراق يرتبط بكيفية إدارتها وتوزيعها، وليس فقط بحجم الأموال المخصصة.
وأضاف العبودي لـ"طريق الشعب"، أن “غياب التخطيط الاستراتيجي وعدم وجود قاعدة بيانات دقيقة، لاحتياجات المستشفيات والمراكز الطبية، يؤديان الى هدر الموارد، بحيث تُصرف مبالغ كبيرة من دون أن يلمس المواطن تحسناً في مستوى الخدمة”.
وأشار الى أن “المؤسسات الصحية ما تزال تدار بعقلية ادارية تقليدية، تفتقر الى برامج تقييم للأداء أو متابعة لمؤشرات الجودة، الأمر الذي انعكس سلباً على كفاءة الخدمات الطبية، وزاد من اعتماد المواطنين على العلاج خارج البلاد او في القطاع الخاص بتكاليف مرهقة”.
وتابع أن “الاعتماد شبه الكامل على الموازنات التشغيلية من دون خطط استثمارية طويلة الأمد، أدى إلى تدهور البنية التحتية للمستشفيات وغياب التكنولوجيا الطبية الحديثة”.
وحذر من ان “استمرار هذا النهج سيفاقم أزمات النظام الصحي، خصوصاً في ظل التزايد السكاني والارتفاع المستمر في معدلات الاصابة بالأمراض المزمنة”.
ودعا في السياق الى “تبني رؤية اصلاحية شاملة، تبدأ من بناء نظام تمويل صحي عادل وشفاف، وتطوير الكوادر الطبية من خلال برامج تدريب حديثة، فضلًا عن تفعيل أنظمة الرقابة والمساءلة لضمان وصول الموارد الى أماكنها الصحيحة”.
**************************************
البساتين والأحزمة الخضراء تحولت إلى كتل إسمنتية! ربع مليون شجرة لبغداد في انتظار غرسها مطلع تشرين الأول
بغداد – طريق الشعب
تستعد أمانة بغداد، مطلع تشرين الأول المقبل، لإطلاق حملة وطنية كبرى تستهدف زراعة ربع مليون شجرة معمّرة في العاصمة، في خطوة تهدف إلى مواجهة آثار التغير المناخي وتخفيف العواصف الترابية والحرارة المتزايدة.
وتأتي هذه المبادرة في وقتٍ يعاني فيه العراق من تراجع خطير في غطائه النباتي، إذ تشير التقديرات إلى أن 40% من أراضيه متصحرة أو مهددة بالتصحر، فيما تحولت بساتين بغداد التاريخية إلى مجمعات سكنية ومشاريع استثمارية، ما ساهم في تدهور البيئة الحضرية وتفاقم أزمة الغبار والجفاف.
وبينما تعوّل الأمانة على مشاركة المواطنين ومنظمات المجتمع المدني في إنجاح الحملة، يحذر خبراء بيئيون من فشل المبادرة إذا لم تُعالج أزمة المياه وتُعتمد أنواع نباتية مناسبة للظروف المحلية، مع التأكيد أن التشجير مشروع وطني طويل الأمد لا يمكن اختزاله بحملة موسمية.
وعلى مدى قرون، كانت بغداد محاطة من جميع جهاتها ببساتين وحقول زراعية واسعة وفّرت للمدينة مناخاً ملائماً ومصدات طبيعية للرياح والعواصف الترابية القادمة من الصحارى في الأنبار ومثنى غرب وجنوب البلاد. غير أن التعدّي الجائر على هذه البساتين والمزارع، وتحويلها إلى مجمّعات سكنية واستثمارات بواسطة جهات نافذة تنتمي إلى أحزاب متنفذة، إلى جانب الجفاف والتغير المناخي، أديا إلى تراجع هائل في المساحات الزراعية.
حملة تشجير كبرى
وتعتزم أمانة بغداد إطلاق حملة وطنية كبرى، مطلع تشرين الأول المقبل، تستهدف زراعة 250 الف شجرة معمّرة في مختلف مناطق العاصمة. في إطار خطة تهدف الى تخفيف آثار التغيّر المناخي، وزيادة الرقعة الخضراء وتحسين البيئة الحضرية.
وشرح المتحدث باسم الأمانة عدي الجنديل، حملة دائرته الخاصة بالتشجير، مؤكدا أنها "ستكون الأكبر من نوعها، وستشترك فيها جميع الدوائر البلدية الى جانب الدوائر الفنية المختصة وادارة المتنزهات".
وقال الجنديل في حديث مع "طريق الشعب"، أن الأشجار المختارة للزراعة، ومنها أشجار الأكاسيا، جرى انتقاؤها لقدرتها على التكيّف مع أجواء بغداد الحارة، فضلاً عن دورها في إضفاء جمالية على المشهد العمراني للمدينة.
وأضاف الجنديل، أن التركيز سيكون بشكل اكبر على زراعة أشجار كبيرة العمر والطول، لضمان استمراريتها وقدرتها على مقاومة الظروف المناخية، إلى جانب شجيرات وأصناف نباتية أخرى.
وتابع أن الحملة تشمل "إعادة تأهيل المتنزهات العامة داخل العاصمة وتطويرها، وتشجير الجزرات الوسطية والشوارع الرئيسة، الى جانب استثمار المساحات الفارغة وتحويلها إلى بيئات خضراء، فضلا عن توفير منظومات سقي حديثة في مواقع التشجير لضمان استدامة نمو الأشجار.
وأكد الجنديل، أن "الحملة ستحمل طابعاً وطنياً، إذ ستعمل الأمانة على اشراك المواطنين، ومنظمات المجتمع المدني، وطلبة المدارس والجامعات في أعمال الزراعة، بهدف تعزيز ثقافة التشجير والمشاركة المجتمعية. كما جرى التنسيق مع وزارة البيئة وعدد من المؤسسات المعنية، لتكون شريكة في إنجاح المشروع".
5 آلاف شجرة معمرة.. مجانا
وفي بادرة إضافية، كشف المتحدث باسم الأمانة عن خطة لتوزيع خمسة آلاف شجرة معمّرة مجاناً على المواطنين خلال الموسم الخريفي المقبل، لتشجيعهم على زراعة الأشجار في الحدائق والمناطق السكنية.
واختتم الجنديل بالقول إن أمانة بغداد تعوّل على هذه الحملة لتكون خطوة نوعية في تعزيز الغطاء النباتي داخل العاصمة، والحد من تأثيرات التغير المناخي، فضلاً عن إضفاء لمسات جمالية وحيوية على المشهد الحضري لبغداد.
يذكر أن مبادرات إنشاء الحزام الأخضر، بدأت في سبعينيات القرن الماضي، كجزء من حملة قامت بها الدول العربية وبمساعدة منظمة الأغذية والزراعة (فاو) في مرحلتها الأولى، يعمل كمصد للرمال الصحراوية التي تجتاح المدن والأراضي الزراعية، فضلا عن عمله للحد من الرياح الصحراوية نحو المدن، لكن المشروع توقف بسبب الحرب العراقية الإيرانية 1980- 1988، ومن ثم حرب الخليج، والخلاف العراقي الخليجي.
وتواجه البلاد واحدة من أخطر الازمات البيئية، إذ تشير التقديرات الى أن نحو 40% من اراضي العراق تعاني من درجات متفاوتة من التصحر، فيما تؤثر العواصف الترابية المتزايدة سلباً على الصحة العامة.
وأدى تراجع مناسيب الأنهار وشحّ المياه الجوفية إلى تآكل الغطاء النباتي وانحسار المساحات الخضراء داخل المدن والأرياف على حد سواء، الأمر الذي فاقم من ظاهرة الجفاف وارتفاع درجات الحرارة.
وبحسب مختصين، فإن العراق يحتاج الى مليارات الأشجار على المدى البعيد لتعويض خسائره البيئية والحد من تداعيات التغير المناخي، في حين تُقدّر الحاجة الفعلية داخل العاصمة بغداد وحدها الى مئات الآلاف وربما ملايين من الأشجار لإعادة التوازن البيئي وتخفيف حدة التلوث والحرارة.
شروط مهمة لانجاح الحملة
من جهته، حذّر عضو المرصد العراقي الأخضر عمر عبد اللطيف من أن حملات التشجير التي تُطلق في العراق، ومنها الحملة المرتقبة في بغداد، قد تكون مهددة بالفشل، ما لم تُعالج أزمة المياه، وتُحدد أنواع أشجار مناسبة للظروف المناخية المحلية.
وقال عبد اللطيف في حديث لـ"طريق الشعب"، إن أي حملة تشجير بعد هذا العام “ستكون فاشلة، ما لم تُعالج قضية المياه”، مبيناً أن “التشجير يحتاج الى توفير مياه كافية، فيما يعاني العراق من أزمة خانقة في هذا المجال”.
وأضاف أن "الأشجار التي تُزرع تحتاج من سبع الى عشر سنوات لتكبر وتصبح قادرة على امتصاص كميات من الكربون وطرح الأوكسجين، وهو ما يتطلب عناية ومتابعة دقيقة، وفي الاساس اعتماد زراعة اشجار كبيرة في العمر".
وأشار إلى أن "تجارب سابقة أظهرت فشل العديد من حملات التشجير، حيث تعرضت الأشجار المزروعة إلى التيبس والتكسر والموت، بسبب غياب الاهتمام وعدم توفير المياه الكافية، حتى مع استخدام نظام التنقيط الذي يوفر كميات محدودة لا تكفي لحاجتها".
وانتقد عبد اللطيف اختيار بعض أنواع الأشجار الغازية مثل الكاربس، ضمن حملة التشجير، مؤكدا إنها “تتسبب بأضرار للبنى التحتية”.
ولفت الى أن أمانة بغداد نفسها سبق أن قامت بزراعتها، ثم واجهت تبعاتها السلبية، داعيا إلى "تغيير سياسة اختيار الأشجار والتركيز على الأنواع المقاومة للأجواء العراقية".
واشار الى ان "بعض الأصناف تتميز بجمالها ورائحتها الطيبة وقدرتها على العيش لفترات طويلة تصل إلى خمسين عاماً وأكثر"، مضيفا ان هذه الأنواع من الاشجار كانت منتشرة في بغداد، لكنها تعرضت للقطع لأسباب متعددة، من بينها مشاريع الاعمار وادعاءات اصابتها بحشرات كالأرضة، وهو ما أدى الى تراجع الغطاء النباتي في العاصمة.
ونبه الى تجارب دول قريبة مثل السعودية، التي “لديها ظروف مناخية مشابهة للعراق، وربما اقسى، لكنها نجحت في إدخال أصناف أشجار قادرة على التكيّف”.
وانتقد في المقابل استيراد “أشجار رخيصة وغير ملائمة للبيئة العراقية”.
ولفت عبد اللطيف إلى أن بعض المشاريع الاقتصادية، مثل "سگف الأسماك"، ساهمت أيضاً في تدمير الغطاء النباتي، حيث يجري قلع الأشجار الكبيرة والمعمرة لاستخدامها في هذه المشاريع، بسبب رخص ثمنها وسهولة الحصول عليها، داعياً وزارة البيئة وشرطة البيئة إلى متابعة هذه الممارسات وتقنينها.
واختتم بالقول إن العراق بحاجة إلى مشروع وطني واسع النطاق للتشجير قد يتطلب “زراعة ما يقارب 15 مليار شجرة”، موضحاً أن الرقم قد يبدو مبالغاً فيه، لكنه في الواقع يتناسب مع حجم التصحر الكبير في البلاد، مشدداً على أن “كل شجرة تُزرع وتُصان، ستكون قادرة على إحداث فرق في تلطيف الأجواء وتحسين البيئة”.
3 عوامل أساسية
رهن الخبير البيئي علي السامرائي، نجاح حملات التشجير في العراق بثلاثة معايير أساسية: اختيار النوع النباتي المناسب للبيئة المحلية، تهيئة البنية التحتية المائية الكافية، وضمان الصيانة المستمرة للأشجار بعد زراعتها”.
وقال السامرائي لـ"طريق الشعب"، ان “الأشجار المعمّرة قادرة على امتصاص كميات كبيرة من الكربون واطلاق الأوكسجين، ما يسهم في تحسين نوعية الهواء وتلطيف درجات الحرارة، لكن هذا الدور يتوقف تماماً إذا لم تُوفر لها منظومات سقي فعّالة ودورية”، مشيراً الى أن المشكلة الأساسية في العراق تكمن غياب الإدارة المستدامة للمبادرات".
واضاف أن العراق يحتاج الى "سياسة وطنية واضحة للتشجير مرتبطة بخطط مكافحة التصحر وادارة المياه”، مؤكداً أن “زراعة أنواع مثل الاكاسيا أو الإيكالبتوس والكارتوس يمكن أن تحقق نتائج جيدة إذا ما دُعمت بخطط صيانة وري منتظمة”.
وخلص الى القول ان “التشجير لا يعد نشاطاً موسمياً، ويمكن القول انه مشروع استراتيجي طويل الأمد يحتاج الى متابعة لسنوات، وفق خطة مدروسة بعناية وبطريقة علمية، واشراك مختلف المؤسسات والمنظمات، اي نحن نتحدث عن مشروع وطني مستدام لا مجرد حملة آنية”.
*********************************************
الصفحة الخامسة
لماذا لا يكتفي الموظف الحكومي براتبه الشهري؟!
متابعة – طريق الشعب
ما أن يخرج الموظف الحكومي أمير أحمد من الدائرة بعد انتهاء دوامه الرسمي، حتى يستبدل ثيابه داخل سيارته، بأخرى مخصصة لعمل آخر. حيث يتجول بسيارته في شوارع بغداد، فاتحا تطبيقات سيارات الأجرة (التاكسي) بحثا عن الزبائن، ليبدأ رحلة جديدة من العمل بعيدا عن المراجعين والمعاملات الورقية.
وفيما يشتكي أصحاب المهنة الأصليون من مزاحمة موظفين حكوميين بالعمل سائقي تاكسي بعد الدوام، يُبرر أحمد وأمثاله عملهم هذا بحاجتهم الماسّة للمزيد من المال، في ظل صعوبة الظروف الاقتصادية وازدياد متطلبات المعيشة وارتفاع الأسعار وزيادة ضرائب الخدمات العامة.
يقول أحمد في حديث صحفي: "لم يعد الراتب الحكومي مجزياً. نحن ندور في حلقة مفرغة، ما نأخذه من الحكومة نعيده إليها سريعاً بتسديد فواتير الماء والكهرباء ونفقات المدارس وغير ذلك".
ويضيف قوله أنه "على الرغم من العمل الآخر الذي أزاوله بعد انتهاء الدوام، كسائق تاكسي، اضطر إلى الاستدانة أيضاً في حال تأخر صرف الراتب يومين أو ثلاثة، بسبب التزاماتنا الأسرية التي لا تتحمل تأجيلا".
وتدفع الظروف المعيشية الصعبة بعض الموظفين الحكوميين، إلى مزاولة أعمال إضافية للتمكن من تأمين نفقات أسرهم، والتي تزداد باستمرار. ولا يقتصر الأمر على الرجال وحسب، بل حتى النساء الموظفات يزاولن أعمالاً أخرى بعد انتهاء الدوام حتى وإن من داخل المنزل.
الراتب لا يكفي يومين!
الموظفة عفاف صلاح، وجدت لنفسها عملاً بعد انتهاء دوامها الرسمي، متمثلا في إعداد وتسويق بعض المأكولات، مثل الكبة والبورك والدولمة والمعجنات، في محاولة لإضافة مبالغ أخرى إلى راتبها المتواضع.
تقول في حديث صحفي، أن "الراتب الحكومي يُغطي التزامات مالية معينة ندفعها مباشرة بعد أن نتسلمه، مثل إيجار المنزل ونفقات دراسة الأولاد ومبالغ اشتراك المولدة واشتراك الانترنيت، وغيرها"، لافتة إلى أن "الراتب الشهري ينفد خلال أول يومين من مطلع الشهر، ما يضطرنا إلى مزاولة أعمال أخرى لتغطية النفقات اليومية".
وأصبح مشهد الموظفين الذي يمتهنون أعمالاً أخرى في المحال التجارية ومكاتب وشركات القطاع الخاص أمراً مألوفاً في العراق. وبات من النادر أن ينهي الموظف عمله الحكومي وينصرف إلى منزله من دون التوجه لعمل آخر، بسبب الضغوطات الاقتصادية التي باتت تعصف حتى بطبقة الموظفين. فهناك فجوة واسعة بين الدخل الشهري للموظف، والحاجة الفعلية التي تصل إلى نحو ضعف ذلك الدخل.
حاجة ملحّة
من جانبه، يقول الخبير الاقتصادي أحمد عبد ربه أن "العمل الإضافي للموظف لم يعد خياراً ثانوياً أو طموحاً شخصياً، بل أصبح ظاهرة بارزة تعكس الحاجة الملحّة لتغطية متطلبات المعيشة التي لم تعد الرواتب الحكومية قادرة على مجاراتها".
ويشير في حديث صحفي إلى أن "هذه الظاهرة تكشف عن خلل واضح في التوازن الاقتصادي. حيث لا يتناسب دخل الموظف مع ارتفاع تكاليف الحياة اليومية، ما يعكس هشاشة النظام الاقتصادي في توفير دخل كافٍ مقابل الجهد المبذول في الوظيفة الأساسية".
ويؤكد عبد ربه أن "الحل لا يكمن في منع الموظف من العمل الآخر، بل في إجراء إصلاحات جوهرية تمس سلم الرواتب، مع تفعيل القطاع الخاص ليكون بيئة قادرة على استيعاب الطاقات الشابة بدلاً من تركها تتعرض للمنافسة على المهن الحرة، من قبل موظفين حكوميين".
ويلفت إلى أن "هناك معايير وآليات كانت تستند لها الحكومة في صرف الرواتب، تتضمن الراتب الاسمي والشهادة والدرجة الوظيفية ومخصصات الزوجية والأولاد، إضافة إلى بعض الحوافز والساعات الإضافية في بعض المؤسسات. بيد ان هذه الإجراءات لا تحمي معظم الموظفين، بسبب المبالغ الهشة التي يحصلون عليها من مجموع هذه الآليات الإدارية".
وفي الوقت الذي تكشف فيه ظاهرة ارتباط العديد من الموظفين بعمل آخر عن أزمة اقتصادية عميقة وخلل كبير في سلم رواتب لم يعد يتناسب مع التضخم وارتفاع الأسعار، تنجم عن ذلك أيضاً مشكلات اقتصادية واجتماعية. فمن الناحية الاقتصادية تتضرر الطبقات العاملة في القطاع الخاص والعمل الحر، وتشعر بمضايقة الموظفين الحكوميين عملها، ما يخلق فجوة كبيرة بين من يحصل على أكثر من فرصة عمل، ومن يعاني انعدام الفرصة – حسب ما يفيد به اختصاصيون في مجال الاقتصاد.
ضغط العمل
إلى ذلك، توضح الباحثة في علم النفس مناهل الصالح، أن "ضغط العمل الناتج عن الانشغال في وظيفتين يضعف قدرة الموظف على التواصل مع أسرته. فهو لن يتمكن من الترفيه عن الأسرة والأولاد والتفرغ لهم وسد احتياجاتهم، حتى العاطفية والنفسية".
وتنوّه في حديث صحفي إلى أن "المعادلة الشاقة في هذا المقياس، هي التأرجح بين إيجاد توازن مالي والحفاظ على حياة اجتماعية مستقرة".
وفي ظل راتب حكومي محدود ومعيشة مُكلفة، يجد الموظف نفسه منهمكا في أكثر من عمل تُتعبه بدنياً ونفسياً. كل ذلك من أجل أن يضمن لأسرته الحد الأدنى من العيش.
فيما يحذر خبراء من انعكاسات هذه الظاهرة على الاقتصاد والمجتمع وجودة الخدمات العامة، مؤكدين أن لا حلول لهذه المعادلة سوى القيام بإصلاحات جذرية تعيد للوظيفة الحكومية قيمتها وتمنح الموظف شعوراً بالأمان المعيشي، مع دعم الطبقات الكادحة التي تزاول أعمالا حرة، وحمايتها من المزاحمة والتنافس.
******************************************
اختصاصيون: السد الترابي في شط العرب {حل ترقيعي}!
متابعة – طريق الشعب
في ظل شحِّ المياه وتلوثها، تسعى حكومة البصرة لإنشاء سدٍّ ترابي على شط العرب عند "جزيرة السندباد"، بهدف الحفاظ على كميات المياه الواردة من نهر دجلة إلى مناطق شمالي المحافظة. إلا أن هذا المشروع أثار جدلًا واسعًا بين ناشطين بيئيين وزراعيين. حيث حذروا من تداعياته السلبية على التنوع الاحيائي والبساتين والثروة السمكية، مؤكدين أنه حلٌّ مؤقت يهدد مناطق أخرى ويكرّس سياسة "فئة على حساب فئة".
الناشط البيئي علي النور، ذكر في حديث صحفي أن "هذا الحل لا يُعدُّ معالجة جذرية للأزمة، بل يقتصر أثره على مناطق شمالي البصرة التي تعتمد على تربية الحيوانات والزراعة. بينما سيؤدي إلى تدمير المناطق الواقعة خلف السد وصولًا إلى الفاو".
وأضاف قوله أن "الحكومات المتعاقبة، محلية ومركزية، لم تتبنَّ حلولًا استراتيجية رغم التحذيرات التي أطلقناها منذ عام 2015. حيث قدَّمنا دراسات متكاملة لإنشاء سدٍّ مَلاحي في جزيرة أم الرصاص، لكن الملف أُهمل تمامًا"، مؤكدا أن “الحل الأمثل يكمن في إنشاء محطات متطورة لتحلية مياه البحر، لتكون صالحة للاستخدام البشري والزراعي والحيواني".
من جانبه، أوضح الناشط الزراعي علي قاسم في حديث صحفي، أن "مثل هذه القرارات يجب أن تُناقش مع اختصاصيين قبل التنفيذ. فهي حلول وقتية عالية الكلفة، وإزالتها تحتاج إلى موسم كامل على الأقل"، مشيرا إلى ان "الوضع الحالي لا يحتمل مزيدًا من القرارات الارتجالية، خاصة أن شط العرب يشهد تراجعًا مستمرًا في الإطلاقات المائية القادمة من تركيا منذ خمسينيات القرن الماضي".
وحذّر من أن "المشروع قد يسبب مشكلات كبيرة في أوقات الفيضان كما حصل عام 2019، حين فاضت الأنهار في أبي الخصيب وغرقت مناطق واسعة".
بدوره، وصف رئيس "منظمة الحقوق الخضراء" فلاح الأميري، القرار بـ"المتأخر وغير العلمي". وبيّن في حديث صحفي أن "أي مشروع يتعلق بالموارد المائية يتطلب موافقة اتحادية ودراسات دقيقة ومعمقة"، لافتا إلى ان "المسافة من السندباد حتى الفاو تتجاوز 120 كيلومترًا وتضم محطات تصفية ومناطق زراعية وبساتين، ولا توجد رؤية واضحة لكيفية تدوير المياه وتأمين مصادرها بعد إقامة السد".
ونوّه إلى ان "المشروع واجه معارضة شديدة من مزارعين وناشطين وأكاديميين، لأنه يهدد شط العرب، وقد يفتح الباب أمام تداخلات سياسية وانتخابية في ملف المياه".
****************************************
«الدبية الثالثة» حي في الكوت يعيش مرحلة ما قبل الخدمات!
الكوت - احسان باشي العتابي
رغم مرور اكثر من عشر سنوات على توزيع اراضي منطقة الدبية الثالثة في مدينة الكوت، على شرائح مستحقة، الا ان هذه المنطقة لا تزال تعيش خارج مظلة الخدمات الاساسية، وكأنها تعود الى زمن ما قبل الدولة الحديثة! منذ سنوات بدأ المواطنون ببناء منازل على أراضيهم، حتى اصبحت نسبة البناء في المنطقة تتجاوز نصف المساحة تقريبا. ومع ذلك، لا تزال "الدبية الثالثة" بلا ماء وكهرباء ولا حتى بنى تحتية!
الخدمات الأساسية مفقودة
الكهرباء تصل الى بعض البيوت من مسافات تتجاوز الكيلومتر عبر تسليك عشوائي، ما يجعلها ضعيفة وغير قادرة على تشغيل اجهزة التكييف، فيما يضطر الاهالي إلى الاعتماد على "المبردات" في صيف تصل درجة حرارته الى الخمسين مئوية، واحيانا تتجاوزها كما لا يخفى على الجميع. اما الماء، فلا يصل الا عبر جهود شخصية شاقة، يصفها بعض السكان بأنها "اشبه بخطط عسكرية". فالأمر يحتاج إلى مد أنابيب أو خراطيم (صوندات) طويلة، فضلا عن تجهيزات بدائية أحيانا تخضع لجدول مراقبة ومتابعة من قبل المواطنين، ما يبدو أن العائلات هناك تعيش في ما يشبه الثكنة العسكرية!
عزلة في الشتاء
معاناة اخرى تضاف الى قائمة طويلة من المعاناة، متمثلة في غياب الطرق المعبدة. ففي الشتاء تتحول المنطقة الى شبه معزولة، ويصعب على ساكنيها الدخول إليها والخروج منها بسبب الطين والمياه الراكدة، ما يضاعف من شعورهم بالتهميش. لهذا، فإن الكثيرين من أصحاب الأراضي، ممن شيدوا منازل، عزفوا عن السكن في منازلهم، منتظرين توفر الخدمات الاساسية. فيما ذهب آخرون إلى عرض بيوتهم للبيع، حتى قبل أن يشغلوها!
ولا مدرسة واحدة!
المأساة الاكبر في "الدبية الثالثة"، هي انها حتى الآن لا تضم مدرسة واحدة، رغم ان تصميمها الأساسي يتضمن تخطيطات لأبنية مدرسية عديدة، حتى روضة أطفال. وبسبب هذه الأزمة، يُجبر التلاميذ على قطع مسافات طويلة، تتجاوز الكيلومتر أحيانا، للوصول إلى مدارس في الأحياء المجاورة، وسط ظروف مناخية قاسية في الشتاء والصيف.
وإضافة إلى المدارس، تخلو المنطقة أيضا من مركز صحي، ومن أي مرفق خدمي آخر!
وعود لم تتحقق
المحافظ السابق محمد جميل المياحي، كان قد تعهد مرارا بإحالة مشاريع خدمية للمنطقة، الا ان شيئا من ذلك لم يتحقق على ارض الواقع. اما المحافظ الحالي هادي مجيد الهماشي، فيبدو انه تجاهل مناشدات الاهالي، تارة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، واخرى من خلال بعض اعضاء مجلس المحافظة، حتى بدا الأمر وكأن "الدبية الثالثة" ليست جزءا من مدينة الكوت!
نقيضان يتجاوران!
إلى جوار "الدبية الثالثة"، تقع منطقة لا يفصلها عنها سوى شارع عرضه 40 مترا، كانت قد وزعت على موظفي المحافظة في عهد المحافظ السابق. المفارقة هي أن هذه المنطقة مخدومة بالماء والكهرباء، رغم انها حتى اللحظة لم يُبنَ فيها غير بيوتات تُعد على عدد الأصابع!
صرخة الى بغداد
بعد ان فقد الاهالي الامل بوعود الحكومة المحلية، يوجهون اليوم نداءهم الى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني والوزارات المعنية، لإنهاء معاناتهم الممتدة إلى اكثر من عقد، مؤكدين ان ما يطالبون به ليس ترفا، بل هو ابسط حقوق المواطنة: ماء، كهرباء، طرق ومدرسة لأطفالهم.
********************************************
عن انهيار {جسر العطيشي} في كربلاء
انهيار جسر قيد الإنشاء ليس مجرد حادث عابر يمكن تجاوزه أو اعتباره "قضاءً وقدراً"، بل هو دليل صارخ على غياب الرقابة والإشراف الفني اللازمين لمشاريع البنية التحتية. ما حدث يدل على وجود خلل في الجهات المنفذة والمشرفة، بعد أن أدى الحادث إلى خسائر بشرية ومادية جسيمة، منها سيارات دُمرت وأرواح تعرضت للخطر.
الحادث جرس إنذار، ورسالة واضحة: لا مجال للتهاون في سلامة المشاريع.
الشفافية والمحاسبة ضرورتان لحماية الأرواح والأموال، وصون الثقة بين الدولة والمواطن.
منتظر سلمان
مواطن كربلائي
********************************************
كارثة بيئية في شط الكوفة
متابعة – طريق الشعب
يشهد شط قضاء الكوفة، والذي يُعد واحدا من أهم المعالم الطبيعية والتاريخية في القضاء، جفافا شبه تام، ما أثار قلقا واسعا بين الأوساط البيئية والاجتماعية في محافظة النجف.
في حديث صحفي، قال الناشط المدني النجفي كاظم عريعر، ان "ما يشهده شط الكوفة اليوم يمثل كارثة بيئية وإنسانية صامتة. واقع الحال في مدينتنا مؤلم ومخيف. اذ تحوّل النهر الذي كان رمزاً للعذوبة ومصدراً للحياة إلى مجرى راكد آسن، مياهه غير صالحة للاستخدام وتهدد صحة السكان وبيئتهم".
ويوضح أن "مناسيب المياه في الشط انخفضت بما يتراوح بين متر إلى مترين في بعض مناطقه، وهو ما يضعه على حافة الجفاف التام"، مشيرا إلى أن "هذا التراجع لم يأتِ صدفة، بل نتيجة سوء الإدارة المائية وضعف التنسيق مع دول الجوار وإهمال ملف توزيع الحصص المائية بعدالة".
وتابع عريعر قوله أن "استمرار الوضع الحالي سيؤدي إلى توقف مشاريع المياه بشكل كامل، الأمر الذي سيجبر الأهالي على حفر الآبار في منازلهم، مع ما يحمله ذلك من مخاطر صحية وبيئية خطيرة"، مشيرا إلى أن "في هذا المشهد يبرز غياب واضح للمعالجات الجادة وافتقار للمشاريع الإستراتيجية التي تعيد التوازن البيئي والمائي إلى المنطقة. فبين صمت حكومي وتقاعس تشريعي يتفاقم الخطر ويدفع الناس الثمن من صحتهم وكرامتهم".
وختم عريعر حديثه قائلا أن "ما يحصل في شط الكوفة اليوم ليس سوى صورة مصغرة لأزمة أكبر تعانيها البلاد، وهي أزمة إدارة لا أزمة موارد".
ويعود تاريخ هذا الشط إلى آلاف السنين. حيث مثّل خزانًا مائيًا طبيعيًا وبيئةً لعدد من الطيور والأسماك، فضلًا عن كونه محطة رئيسة في هجرة الطيور بين آسيا وإفريقيا. لكن التغيرات المناخية، وارتفاع درجات الحرارة، إضافة إلى قلة تساقط الأمطار وتراجع مناسيب المياه الجوفية، كل ذلك ساهم في تسريع وتيرة جفافه.
*********************************
مواساة
- تتقدّم اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في الشطرة بالتعازي الحارة إلى الرفيق صالح ثجيل، بوفاة والدته.
للفقيدة الذكر الطيب ولأُسرتها وذويها الصبر والسلوان.
- ببالغ الحزن والأسى تلقت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في هنغاريا نبأ رحيل الرفيق د. علي الخالدي (أبو نادية)، سكرتيرها السابق.
له الذكر الطيب ولعائلته ورفاقه الصبر والسلوان.
كذلك تلقت المنظمة بحزن بالغ، نبأ رحيل الرفيق صلاح ابراهيم مهدي البياتي (أبو سيف)، في مدينة سكد الهنغارية.
التعازي الحارة لعائلته ورفاقه.
- تُعزي منظمة الحزب الشيوعي العراقي في هولندا وبلجيكا برفاقها وأصدقائها، الأعزاء إحسان طبلة (أبو أوراس)، أسحار الحيدري (أم أوراس) وأنس طبلة، برحيل العزيزة أوراس.
لها الذكر الطيب ولأهلها الصبر الجميل والسلوان.
- ببالغ الحزن والاسى تلقت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في بريطانيا، خبر رحيل الشابة أوراس، ابنة الرفيق النصير احسان طبلة، بعد صراع طويل مع المرض.
المواساة والتعازي القلبية للرفاق سمير واحسان (أبو اوراس) وسوسن طبلة وللرفيقة اسحار (ام اوراس)، ولشقيق الفقيدة انس. لهم ولجميع معارف الفقيدة الصبر الجميل، ولها الذكر العطر الدائم.
- تعزي رابطة الانصار الشيوعيين العراقيين الرفيقة العزيزة اسحار الحيدري (ام اوراس) والرفيق النصير العزيز احسان طبلة (أبو اوراس)، برحيل ابنتهما العزيزة أوراس بعد صراع طويل مع مرض عضال.
أحر التعازي وأصدق المواساة للرفيقين، وللفقيدة الذكر الطيب.
- ببالغ الحزن والأسى تلقت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في السويد نبأ رحيل الشخصية الوطنية والثقافية والاجتماعية الرفيق حامد الحمداني (أبو ناهض).
التعازي الحارة لزوجة الفقيد العزيزة أم ناهض وأولاده وبناته، وله الذكر الطيب.
*************************************
الصفحة السادسة
ازدياد ضحايا المجاعة بقطاع غزة إلى 393 شهيدا أسبانيا تُجرّم تصدير السلاح إلى الكيان الصهيوني واليونيسف تحذر: الوضع كارثي
رام الله – وكالات
أعلن رئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز، اصدار مرسوم ملكي بتجريم تصدير الأسلحة إلى إسرائيل.
وقال في مؤتمر صحفي عقد أمس الاثنين، "قررنا منع ناقلات الوقود التي تزود الجيش الإسرائيلي بالوقود من الرسو في موانئنا، واغلاق مجالنا الجوي أمام كل الطائرات التي تحمل أسلحة أو ذخائر إلى إسرائيل".
وأكد أنه تم صدور قرار بإغلاق موانئنا أمام البواخر التي تحمل أسلحة ومنظومات دفاعية إلى إسرائيل، والحكومة ستقر مشروع قانون لتطبيق حظر فعلي على الأسلحة الموجهة إلى إسرائيل
وشدد على أن بلاده قررت زيادة الدعم الإنساني للسكان في قطاع غزة، ورفع الدعم لوكالة الأونروا إلى 10 ملايين يورو لدعم أهالي غزة.
واستدرك قائلا: لم يفلح كل ما فعلناه حتى الآن في تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني، والضرورة ملحة للعمل من أجل أن يعم السلام الشرق الأوسط.
وأضاف: أن الحكومة الاسبانية ستقر مشروع قانون لتطبيق حظر فعلي على الأسلحة إلى إسرائيل، مشيرا إلى أن هناك فرقا بين أن تدافع عن بلدك، وأن تقصف المستشفيات وتقتل الناس بالتجويع.
اليونيسيف: خطر انتشار المجاعة قائم
وفي السياق، حذرت المتحدثة باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسف تيس إنغرام من تفاقم خطر المجاعة في مدينة غزة، وامتدادها إلى وسط القطاع في غضون أسابيع إذا لم يتم التدخل واتخاذ إجراء عاجل.
وقالت إنغرام، إن خطر انتشار المجاعة في مدينة غزة قائم، مؤكدة أن العائلات باتت عاجزة عن توفير الغذاء لأطفالها، وأن الوضع في القطاع أصبح "كارثيا".
الأسوأ لم يأتِ بعد
وأوضحت أن الفلسطينيين في القطاع، لاسيما شرق وشمال مدينة غزة، يعيشون تحت وطأة تهديد مستمر من القصف الإسرائيلي المتصاعد، مبينة أن "فلسطينيي تلك المناطق يفرون من القصف إلى الغرب نحو البحر، حيث تزداد أعداد المخيمات والخيام على طول الشريط الساحلي".
وأشارت إلى أن مدراء المستشفيات أبلغوها بارتفاع عدد الأطفال المصابين بكسور وحروق وجروح جراء القصف الإسرائيلي في الأيام الأخيرة.
كما حذرت إنغرام أن المجاعة قد تمتد إلى وسط القطاع في غضون أسابيع إذا لم يتم التدخل واتخاذ إجراء عاجل.
وتابعت، أن "الأهالي يبحثون بيأس عن طعام وماء، التقيت بآباء وأمهات يمسكون يدي باكين ويسألون متى سيصل الطعام؟ هل سيبقى طفلنا على قيد الحياة حتى ذلك الحين؟ الوضع كارثة كاملة".
وأشارت إلى أن العاملين في القطاع الصحي والإنساني والصحفيين ظلوا منذ أشهر يحذرون من المجاعة في غزة، "لكن شيئًا لم يتغير"، مضيفة أن الأهالي الفلسطينيين يعيشون في حالة عجز لأنهم يعلمون أن الأسوأ لم يأتِ بعد، وأنه "لا يوجد ضغط دولي كافٍ لتغيير هذا الواقع".
وشددت على أن الأطفال بحاجة ماسة للغذاء والمياه والدواء، مؤكدة أن مئات الشاحنات يجب أن تدخل يوميًا إلى غزة لتغطية الاحتياجات الأساسية، "لكن ذلك لا يحدث حتى الآن".
موقف نضالي
قالت خالدية أبو بكرة منسقة "حركة نساء فلسطين – الكرامة" والمشاركة في "أسطول الصمود العالمي" انه "يسعدنا أن نرى القافلة تكبر يوميًا، وقد أصبحت اليوم تضمّ مشاركين من أربعٍ وأربعين دولة. وقد لاحظنا وجود دعوات من شعوبنا في عدد من الدول العربية للمشاركة في القافلة، وهو أمر إيجابي، وإن كنّا نرى أنّه من الطبيعي أن يكونوا في طليعة المشاركين قبل غيرهم."
وأضافت "إنّنا نتمنى أن نشهد مشاركة عربية أوسع، وخصوصًا من مصر والدول المجاورة لفلسطين، لما تمثّله هذه المشاركة من أهمية بالغة في دعم القافلة وتثبيت حضورها على الأرض."
وأكدت على أهمية دور النقابات العمالية بالقول: "نثمّن موقف عمال الموانئ في إيطاليا الذين وجّهوا تهديدًا صريحًا لـ“دولة الكيان" بإغلاق موانئ أوروبا بالكامل في حال التعرّض لأي مكروه للقافلة أو لأسطول الحرية، وهو موقف نضالي يعكس تضامنًا عالميًا حقيقيًا."
رسالة حازمة إلى دولة الاحتلال
وشددت أبو بكرة على توجيه الضغط نحو كيان الاحتلال، مشيرة بالقول "آن الأوان لتوجيه رسالة حازمة إلى دولة الاحتلال التي ما زالت ترتكب جرائمها بلا رادع، واليوم نشهد موقفًا مشرفًا من الطبقة العاملة حول العالم، حيث تقف وتُهدِّد دفاعًا عن القافلة والأسطول، الأمر الذي يمنحنا شعورًا قويًا بأنّنا مسنودون ومدعومون.
ونوهت الناشطة الفلسطينية على أنّ "واجب الشعوب اليوم ألا يقتصر على حماية الأسطول فحسب، بل أن تكون العيون والجهود متجهة أيضًا نحو غزة المحاصرة، حيث تتواصل جرائم العدو كما رأينا في قصفٍ لبرج مشتهى، إلى تهديدات بتدمير أبراج سكنية في خان يونس، فيما لا يزال القتل والتجويع مستمرًا بحق أهلنا في القطاع."
تدهور أوضاع الأطفال
أفادت معطيات حديثة صادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية، بارتفاع إجمالي وفيات سوء التغذية والمجاعة في قطاع غزة إلى 393 شهيدًا، من بينهم 140 طفلًا.
وسجّلت وزارة الصحة، وفق تصريح صحفي، أمس الاثنين، خلال الـ 24 ساعة الماضية، 6 حالات وفاة جديدة، نتيجة المجاعة وسوء التغذية؛ من بينهم طفلان.
ونوهت "الصحة" إلى أنه ومنذ إعلان IPC للمجاعة في غزة، سُجّلت 115 حالة وفاة، من بينهم 25 طفلًا.
****************************************
تحذير أممي من انهيار القانون الدولي وتمدد ثقافة الحرب عالميا
نيويورك – وكالات
حذر رئيس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، فولكر تورك من أن القانون الدولي وقواعد الحرب، التي تشكل أساس السلام والنظام العالمي، تتعرض للتقويض والتجاهل على نطاق واسع.
وفي كلمته الافتتاحية أمام الدورة الستين لمجلس حقوق الإنسان، شدد تورك على أن "اتجاهات مقلقة تقوّض حقوقنا تكتسب زخما في مختلف أنحاء العالم".
وأدان ما وصفه بـ "تآكل مزعج للقانون الدولي"، محذرا من أن "قواعد الحرب الراسخة منذ زمن طويل تُمزق في كل أنحاء العالم مع غياب شبه كامل للمساءلة".
وأشار إلى التجاهل الصارخ للقانون الدولي في النزاعات الجارية، بما في ذلك الحرب في أوكرانيا، والحرب الأهلية في السودان، والحرب التي تشنها إسرائيل على غزة.
وقال: "الدعاية المؤيدة للحرب منتشرة في كل مكان، من الاستعراضات العسكرية إلى التصريحات التصعيدية"، مضيفا: "للأسف، لا توجد استعراضات للسلام ولا وزارات للسلام".
وشدّد رئيس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة على أن القانون الدولي هو "أساس السلام، ونظامنا العالمي، وحياتنا اليومية، من قواعد التجارة إلى الإنترنت العالمي وصولا إلى حقوقنا الأساسية".
لكنه أشار إلى أن "عدة حكومات تتجاهل القانون الدولي وتستهين به وتنأى عن الالتزام به"، محذرا من أن "تجاهل الدول للانتهاكات يجعلها أمرا طبيعيا".
*********************************************
مدير الوكالة الدولية: لم يتبقَ الكثير من الوقت للتعاون النووي مع طهران
فيينا – وكالات
قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، في الاجتماع الافتتاحي لمجلس محافظي الوكالة، إن الفرصة لا تزال قائمة للتعاون النووي مع طهران، ولكن "لم يتبقَ الكثير من الوقت".
بدأت صباح الاثنين 8 أيلول الاجتماعات الفصلية لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمناقشة قضايا ومنها برنامج إيران النووي.
قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعلم أن أسلوب طهران في تنفيذ التزاماتها المتعلقة بالضمانات لا يمكن أن يكون كما كان الحال قبل حرب الـ 12 يومًا.
أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية أنه لم يتم اتخاذ قرار نهائي حتى الآن بشأن الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، وأن القرار النهائي هو "مسؤولية النظام".
كان المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، قد قال في وقت سابق، إن إيران لم تسمح للمفتشين بدخول المواقع الرئيسة في فوردو ونطنز وأصفهان.
واشار المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي: إلى انه "على الرغم من أن المفاوضات مع إيران تسير في الاتجاه الصحيح، فإنه لا يمكننا أن نقضي أسابيع وشهورًا في حوارات لا نهاية لها
************************************************
الصحة العالمية تدعو طالبان لرفع القيود على عمل النساء في مجال الرعاية الطبية
كابول – وكالات
في أعقاب الزلزال المدمّر الذي ضرب أفغانستان الأسبوع الماضي وأودى بحياة ما لا يقل عن 2.200 شخص، ناشدت منظمة الصحة العالمية حكومة طالبان من أجل رفع القيود على عمل النساء في مجال المساعدات الإنسانية، والسماح لهن بالتنقّل دون مرافقة رجل، أو ما يُعرف بـ "المَحْرم". وأوضحت الدكتورة موكْتا شارما، نائبة ممثل منظمة الصحة العالمية في أفغانستان، لوكالة رويترز، أن هناك نقصًا حادًا في عدد الموظفات في المناطق المنكوبة، مقدّرةً أن نحو 90 في المائة من الكوادر الطبية في المنطقة هم من الرجال، بينما لا تتجاوز نسبة النساء 10 في المائة، وغالبًا ما تقتصر أدوارهن على التمريض والتوليد، وليس ممارسة الطب وعلاج الحالات الحرجة. وأشارت إلى أن هذا النقص يعيق تقديم الرعاية الصحية، إذ غالبًا ما تشعر النساء اللواتي يحتجن إلى العلاج بالحرج أو عدم الارتياح أو حتى الخوف من التعامل مع طواقم طبية من الذكور، كما يترددن في السفر بمفردهن للحصول على الرعاية. ولفتت الطبيبة إلى أن القيود المفروضة على عمل النساء تضع المنظمات الإغاثية والعاملات في حالة من الإرباك، قائلة: "القيود كبيرة جدًا، وقضية المَحْرَم ما زالت قائمة، ولم يتم منح أي استثناء رسمي من السلطات الفعلية." وأضافت أنها وفريقها أثاروا القضية مع السلطات الأسبوع الماضي، مؤكدةً: "شعرنا بضرورة الضغط على السلطات لنقول إن الوقت قد حان لتوفير المزيد من الكوادر الطبية النسائية."
*******************************************
الرئيس الأرجنتيني الفاشي يُمنى بهزيمة ساحقة في انتخابات بوينس آيرس
عادل محمد
مني الرئيس الأرجنتيني الفاشي خافيير ميلي بهزيمة انتخابية ساحة ساحقة في انتخابات مقاطعة بوينس آيرس، التي جرت الأحد الفائت، والتي تعتبر مجسا أساسيا للصراع المتصاعد بين حزب الرئيس والمعارضة الديمقراطية، قبيل الانتخابات النصفية الحاسمة للسلطة التشريعية التي ستجري الشهر المقبل.
حقق حزب الحركة البيرونية اليساري، حزب الرئيسة السابقة كرستينا دي كيشنر، التي تقضي حكما بالإقامة الجبرية في منزلها لمدة ست سنوات فوزا كبير، بحصوله على 47 في المائة من أصوات الناخبين، مقابل 34 في المائة لحزب الرئيس.
لقد أكدت النتائج أن تلميذ كيشنر، أكسل كيسيلوف، الحاكم اليساري لمقاطعة بوينس آيرس، الذي دافع عن منصبه بجدارة، وأحد أشد منتقدي ميلي، كاشفةً أنه الأنسب لتولي زمام القيادة الحركة البيرونية في المستقبل.
وبعد إعلان النتائج، ألقى كيسيلوف خطابًا حماسيًا، وبّخ فيه ميلي وذكّر الناخبين بما خسروه باستبدال سياسات اليسار الاجتماعية بتخفيضات ميلي القاسية. وقال لأنصاره المحتفلين: "أخبرت صناديق الاقتراع ميلي أنه لا يمكن إيقاف الخدمات العامة. أنه لا يمكن هزيمة المتقاعدين، وأنه لا يمكن التخلي عن ذوي الاحتياجات الخاصة، ولا يمكن إيقاف تمويل التعليم والرعاية الصحية والعلوم والثقافة".
تجميع القوى
في المراحل النهائية في توحيد جميع القوى اليسارية البيرونية المهمة في مقاطعة بوينس آيرس، التي يسكنها ثلث سكان الارجنتين، في قائمة واحدة ضمت خمسة أحزاب تشكلت داخل الحركة البيرونية. وكان لتشظي الحركة دور كبير في هزيمتها في الانتخابات الرئاسية ا في تشرين الثاني 2023..
سبق ذلك خلافات داخلية حول الترشيحات والمناصب، مما يشير إلى هشاشة التحالف. لسنوات، وعلى الأقل منذ الهزيمة الانتخابية الساحقة التي مُني بها ماسا أمام خافيير ميلي في نوفمبر 2023، كان هناك صراع محتدم داخل البيرونية اليسارية حول إعادة تنظيم صفوفها. من ناحية، يتضمن هذا الأمر التصالح مع عهد ألبرتو فرنانديز (2019-2023)، الذي لا يمكن إنكار فشله. ومن ناحية أخرى، يتعلق الأمر بمن سيقود الدفة في المستقبل. وتُعدّ مقاطعة بوينس آيرس، بصفتها المقاطعة الأكثر سكانًا وقوةً اقتصاديةً في البلاد، محوريةً في هذا الصدد.
اعتراف
اعترف ميلي بأن خسارة حزبه الفاشي ساحقة بفارق 13 في المائة أمام منافسيه اليساريين "هزيمة واضحة" ". و" إذا ارتكبنا أخطاء سياسية، فسوف نستوعبها، وسوف نعالجها، وسوف نصحح أفعالنا"، ولكنه عبر عن إصراره على سياسته الليبرالية الجديدة: " لن يكون هناك تراجع في عن سياسة الحكومة".
وكانت المعارضة قد طالبت بعزل الرئيس، على خلفية فضائح فساد كشفتها تسريبات، تعامل معها القضاء الارجنتين باهتمام كبير، تتعلق بصفقات فساد كبرى وعقود شراء أدوية ومعدات لذوي الاحتياجات الخاصة، بالإضافة إلى فضائح بيع تسلسل المرشحين في القوائم الانتخابية، وكذلك بيع تنظيم لقاءات مباشرة مع الرئيس، تورطت فيها شقيقة الرئيس التي تشغل منصب سكرتيرته الخاصة، وشملت التحقيقات عددا كبيرا من وزراء في حكومة ميلي.
معاداة الشيوعية
على الرغم من أن الحركة البيرونية حركة تقدمية يسارية ولا علاقة مباشرة لها بالشيوعية، إلا أن رئيس الجمهورية الفاشي، وظف خزين معاداة الشيوعية في حملته الانتخابية واصفا المرشح المنافس بـ "القزم السوفيتي"، و "لن تعود كيشنر أبدا"، بالإضافة إلى السخرية علنًا من عشرات الآلاف من ضحايا آخر ديكتاتورية عسكرية (1976- 1983).
فشل اقتصادي
يتفاخر ميلي بخفض معدل التضخم في الأرجنتين، خلال الأشهر القليلة الماضية، ووضع حدٍّ للإنفاق الاجتماعي الذي مارسه أسلافه البيرونيين، إلا أن الأرجنتينيين لم يروا بعد الانتعاش الاقتصادي الذي كان من المفترض أن يعقب إجراءات التقشف القاسية التي اتخذها.
رفعت حكومته القيود النقدية المعقدة المفروضة على الأرجنتين، كجزء من خطة إنقاذ من صندوق النقد الدولي بقيمة 20 مليار دولار، لكنها لم تكتسب بعد ثقة الممولين الدوليين القادرين على جلب الاستثمارات اللازمة لخلق فرص عمل ودفع عجلة النمو الاقتصادي في البلاد.
وتتراجع ثقة المستهلكين، وترتفع البطالة، وترتفع أسعار الفائدة إلى مستويات قياسية، في ظل تدخل الحكومة المتكرر في سوق العملات لدعم البيزو وكبح التضخم، التي تحولت هي الأخرى إلى فضيحة سياسية – اقتصادية، في حين تتعمق ضائقة أكثرية السكان المالية.
اليسار يحتفل
لوّحت الرئيسة اليسارية السابقة كريستينا دي كيشنر (2007 – 2015) بحرارة من شرفة منزلها في بوينس آيرس، حيث تقضي عقوبة بالسجن لمدة ست سنوات رهن الإقامة الجبرية، لحشود غفيرة من المؤيدين يحتفلون في الشوارع.
وعلى الرغم من منعها من ممارسة السياسة مدى الحياة، إلا أنها لا تزال الزعيمة الأكثر نفوذاً في الحركة البيرونية.
وكتبت كيشنر على موقع (أكس) "هل رأيت ذلك يا ميلي؟". "اخرج من فقاعتك يا أخي، إن الأمور تزداد صعوبة". ووصفت فضائح الفساد المالي والإداري التي تحيط بالرئيس بأنها "مميته" لفرصه الانتخابية. وأضافت: " ولن أبدأ حتى بالحديث عن حال البقية (الذين ما زالوا يعملون). إنهم مثقلون بديون الطعام والإيجار والأدوية، وفوق كل ذلك، بطاقات الائتمان التي استنفدت ".
********************************************
الصفحة السابعة
مع القائد العمالي المخضرم جريمي كوربين حوار ضافٍ عن حزب اليسار الجديد في بريطانيا
رشيد غويلب
نشرت مجلة "جاكوبين" على موقعها الألماني في 18 آب 2025 حوارا ضافيا مع جيرمي كوربن، زعيم حزب العمال البريطاني السابق، وأبرز الشخصيات المؤسسة لحزب اليسار الجديد* في بريطانيا، تناول فيه مشروع التأسيس، الذي يهدف إلى ممارسة سياسة يسارية جذرية لصالح الأكثرية، ولتمكينهم من الاسهام في تشكيل السياسة. وكشف كوربن في الحوار عن التوجهات التي يتطلع حزبه إلى تحقيقها بشكل مختلف. وسنعرض هنا لأهم ما جاء في الحوار، مع ثلاث فقرات ختامية أضفناها لتوسيع الفائدة.
في الأسابيع الأخيرة، أثار إعلان النائبة السابقة عن حزب العمال، زارا سلطانة، عن تأسيس حزب جديد إلى يسار حزب العمال، حماسة ملايين البريطانيين. ويبدو أن الناس يبحثون عن قوة سياسية تعارض سياسات زعيم حزب العمال الحالي كير ستارمر، ودعمه للإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني، ولسياسة التقشف. وحتى لحظة نشر هذا الحوار، أعلن أكثر من 650 ألف بريطاني** انضمامهم إلى الحزب الجديد. وقد أثار الإعلان عن تأسيسه آمالا كبيرة في أوساط واسعة من جمهور اليسار، وجدلًا داخل أوساطه، خاصة مع إدراك اليسار البريطاني أنه أُبعد من المشهد السياسي السائد منذ عام 2022.
اهتمام ودعم هائلان
عندما يُبدي قرابة 650 ألفا من السكان اهتمامهم بمشروع جديد كهذا، فإنهم يفعلون ذلك لسبب وجيه: كونهم ضاقوا ذرعًا بالفقر بينما يزداد الأغنياء ثراءً. ضاقوا ذرعًا بارتفاع فواتير المياه حتى مع انفجار الأنابيب وتدفق مياه الصرف الصحي. ضاقوا ذرعًا بمطالبهم البديهية، مثل حصول ذوي الاحتياجات الخاصة على الدعم الكافي ليعيشوا حياة كريمة، ومع ذلك يتم تجاهلهم. ضاقوا ذرعًا باستبعادهم من القرارات التي تؤثر على حياتهم اليومية.
مجتمع اليوم في بريطانيا يواجه مشاكل عميقة: تُعدّ "مطابخ إطعام الجياع" مصدر عيش أساسي لآلاف الناس. و يضطر المستأجرون لأنفاق أكثر من نصف دخلهم الصافي على الإيجار. ويعاني الناس من جميع الفئات العمرية من ضغوط هائلة. وعندما تصل الحكومات إلى السلطة بوعود التغيير ثم لا يحدث شيء، يُثير ذلك رد فعل. وهذه الطاقة تتراكم منذ فترة. وفي النهاية، كل هذه المشاكل ليست جديدة. وقد رفضت الحكومات المتعاقبة في لندن اتخاذ أي إجراء بشأنها. ولهذا عوقبت؛ فـ "هؤلاء السياسيون" يحصدون الآن ما زرعوه.
كان الإعلان عن إطلاق موقع إلكتروني لحزب مستقبلي بمثابة لحظة فاصلة. فالذين حُرموا سابقًا من بديل حقيقي أصبح لديهم فجأةً ما ينضمون إليه. لقد أُعطي لهم سببٌ للأمل. إذ طُرحت ببساطة رؤيةً سياسيةً تقريبيةً، مبنيةً على المبادئ الأساسية للمساواة والسلام. وتشمل هذه الرؤية الملكية العامة، وفرض الضرائب على أصحاب الثروات الكبيرة، والاستثمار في الإسكان الاجتماعي، ودعم فلسطين. ومع ذلك لم تُطرح أجندةً أكثر تفصيلًا، لأن الأعضاء هم من سيقررون ذلك. لكن يجب أن يدرك الناس بالفعل الاتجاه الذي يرغبون السير فيه. إنه اتجاهٌ حُرموا منه طويلًا؛ اتجاهٌ يسعى إلى إعادة توزيع الثروة والسلطة.
طبيعة جمهور الحزب
ينحدر معظم الأعضاء، كما هو متوقع، من مدن رئيسية مثل لندن وليفربول ومانشستر ونيوكاسل. ومع ذلك، شكل اتساع نطاق الدعم وتوزعه بالتساوي على جميع مناطق وقوميات البلاد مفاجأة. صحيحٌ أن الدعم أقوى في لندن والشمال الغربي ويوركشاير وهامبر، ولكنه يمتد إلى أبعد من ذلك بكثير، حتى إلى جزر هبريدس في الخارج.
وهذا دليل على أن المشاكل القائمة أساسية وتؤثر على الناس في جميع أنحاء البلاد: الفقر، وانخفاض الأجور، والتوتر، وتدهور المرافق العامة، وتزايد العزلة الاجتماعية.
من الواضح أن معظم الذين انضموا إلى المشروع كانوا ينتظرونه منذ فترة. وقد بدوا متحمسين، بل شبه متلهفين. لكن الأهم من ذلك كله، أنهم متفائلون. وشمل ذلك أيضًا أفرادا لم يكونوا مهتمين بالسياسة من قبل. وذكّرت هذه الظاهرة، بالتفاعل الذي لمسه كوربين في حملته الانتخابية. إن الحزب الجديد ينبغي أن يكون بيتا سياسيًا لكل من ضاع صوته بسبب نظام الحزبين الجامد.
القرار
خلال السنوات الأخيرة كانت هناك اتصالات ومطالبات بضرورة وجود صوت سياسي جديد في بريطانيا. بعد اخراج كوربين من الكتلة البرلمانية لحزب العمال، حافظ على عضويته في الحزب والبرلمان. وحظي بدعم العديد من الرفاق. وفي النهاية، منعه رئيس الحزب كير ستارمر من الترشح عن حزب العمال. وكان هذا هجومًا فاضحًا على الديمقراطية وعلى المواطنين الناخبين في دوائرهم الانتخابية، فهم وحدهم من يقررون ذلك. لهذا رشح كوربين في الانتخابات الأخيرة كمستقل وفاز في دائرته.
وكان تأجيل إعلان تأسيس الحزب إلى ما بعد الانتخابات ضروريا، ففوز كوربين في الانتخابات يعد عامل دفع مهم لمشروع الحزب الجديد، إضافة إلى تفرغه الآن لمتابعة تفاصيل التأسيس. وكان الجمع بين المهمتين سيؤثر بشكل كبير على حملته في دائرته الانتخابية. من جانب آخر أكدت الحملة الانتخابية الحاجة إلى مشروع سياسي جديد، وتبين ذلك من خلال دعم حملة كوربين كمرشح مستقل من قبل أوساط تعدت دائرة ناخبيه التقليديين. وخلال الحملة الانتخابية وبعدها انطلقت مناقشات واسعة أكدت ان إطلاق مشروع جديد لليسار ليس ممكنا فقط، بل وضروريا للغاية.
لقد فشل حزب العمال تماما في تحقيق التغييرات التي وعد بها، وذلك ما انعكس في حصر معونة الأطفال بطفلين فقط، وخفض إعانات ذوي الاحتياجات الخاصة، وخيانة حملة النساء المطالبات بالتعويض عن الاضرار التي سببها لهن رفع سن التقاعد، وخفض إعانات التدفئة، والتواطؤ في قتل الشعب الفلسطيني.
تعيش بريطانيا وضعٍا يُمهّد فيه حزب العمال الطريق لحكومةٍ مستقبليةٍ بقيادة حزب الإصلاح البريطاني اليميني المتطرف. وبسبب هذه المرحلة السياسية الحرجة، تقرر تشكيل الحزب الجديد، -لطرح بديل يدافع عن العيش في مجتمعٍ تسوده المساواة والسلام، ويرفض الظلم الاجتماعي والانقسام والحرب.
لماذا الحزب الجديد؟
جاءت فكرة تأسيس الحزب على خلفية خبرة 40 عاما من العمل في البرلمان البريطاني أثارت سؤالاً: لماذا يعاني النظام السياسي في البلاد من الخراب؟
أحد الأسباب هو هيكلية الأحزاب السياسية. فهي هرمية، مركزية، وبيروقراطية. وعندما كان كوربين زعيمًا لحزب العمال، رغب في بناء تنظيمات محلية. كانت الفكرة الأساسية هي منح السكان المحليين فرصة لتنظيم أنفسهم، لأنهم الأقدر على مواجهة المشاكل التي يوجهونها. لكن هذا المشروع قوبل بمقاومة يمينية شرسة.
ان التوجه لتأسيس لجان تنسيق محلية يعزز الثقة؛ إذ يُرسّخ الحزب جذوره في هذه المجتمعات، مما يُفضي إلى نتائج انتخابية أفضل بكثير. في عام ٢٠١٩ حصل حزب العمال على نسب تصويت أعلى في الدوائر الانتخابية التي وُجدت فيها لجان التنسيق المحلية. ولولا العقبات البيروقراطية التي أعاقت تطبيقها، لكان للجان التنسيق المحلية تأثير أكبر.
ويبدو وكأن نواب حزب العمال اليوم، يخشون الشعب الذي يُفترض أنهم يمثلونه. فعندما تتسم الأحزاب بالمركزية الشديدة، يؤدي ذلك إلى سياسات وقرارات خاطئة وإلى نتائج عكسية، بدءًا من خصخصة الخدمات العامة، مرورًا بغزو العراق، ووصولًا إلى إجراءات التقشف.
لهذا السبب، يجري سعي حثيث للقيام بشيء مختلف. إذ ينبغي أن تُركّز السياسة على تعزيز دور الناس وتمكينهم. وهذا بالضبط ما يسعى لتحقيقه هذا الحزب، فهو حزب منفتح، شامل، وديمقراطي شعبي.
وقد عبّر العديد من وسائل الإعلام البريطانية عن استيائها من فكرة أن يكون لعامة الناس رأي في مستقبل الحزب. ولكن بالنسبة لـ 650 ألف بريطاني أعلنوا عن انتمائهم، لم يكن ذلك صعب الفهم.
يجري التخطيط لعقد مؤتمر تأسيسي في نهاية العام الحالي، لتحديد التوجه الدقيق للحزب وأهدافه. لكن هذا المؤتمر لن يكون حدثًا منفردًا، ولن يأتي فجأةً: إنه تتويج لسلسلة من الاجتماعات والنقاشات في جميع أنحاء البلاد. وستكون هذه الاجتماعات أكثر من مجرد تجمعات فقط، بل تهدف إلى أن تكون فرصةً للسكان والحركات الاجتماعية والنقابات العمالية للالتقاء ومناقشة أهم القضايا التي تؤثر على مستقبل الحزب والبلاد، وبالتأكيد ستجري نقاشات حادة. وهذا أمرٌ جيد. فهذا هو جوهر الديمقراطية.
عن الديمقراطية وعلاقة الحزب بالحركات الاجتماعية
كتب كوربين أخيرا مقالاً، أشار فيه إلى أن من أكبر الأخطاء التي قد يرتكبها أي حزب هو الاعتقاد بأنه مضطر للاختيار بين البرلمان وأشكال العمل السياسي الأخرى. فالحزب بحاجة إلى امتلاك تنظيمات في كل مكان: محليًا، في البرلمان، في أماكن العمل، وفي المدن والبلدات. هذه هي قوة الحزب الديمقراطي الحقيقي: فهو يُمكّن الناس العاديين من المساهمة في تحديد الأولويات، وليس فقط أولئك الذين تعلموا ممارسة الضغط في البرلمان. يريد مؤسسو الحزب ربط الحملات الانتخابية بنسيج المجتمع وفي جميع أجزائه.
اتسمت السياسة البريطانية في عام 2024 بفشل حكومة حزب العمال. ولكن أيضا بنمو استثنائي للحركات الاجتماعية: النقابات العمالية، وجمعيات المستأجرين، ونشطاء حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، ومناهضو العنصرية، ونشطاء المناخ والسلام. ولا يمكن لهذه الحركات أن تحقق سوى نجاح محدود بمفردها. لكن تخيلوا ما يمكن أن تحققه، إذا أتيحت لها فرصة العمل مع حزب يجسد مشتركاتها.
اهتمام نقابي بمشروع الحزب
العمل مع النقابات يحتل حيزا كبيرا من اهتمام كوربين، لهذا يتحدث بانتظام مع ممثلي النقابات وقادتها وأعضائها. من الواضح تمامًا وجود استياء واسع النطاق من نهج حكومة حزب العمال. الحزب الجديد يسعى للتعاون مع النقابات والحركات الاجتماعية في جميع أنحاء البلاد.
وسيدعم الحزب العمال الذين لم يتمكنوا حتى الآن من تنظيم أنفسهم، وخاصةً في ظل اقتصاد العمل المؤقت. في وقت سابق من هذا العام، عُقد منتدى شعبي رائع في دائرة كوربين الانتخابية في إزلنغتون الشمالية، ركز على اقتصاد العمل المؤقت. وكان هناك إجماع على أن التحسينات الحقيقية لا يمكن تحقيقها إلا من خلال عمل جماعي للعمال.
من المهم أيضًا ألا يُنظر إلى الحركة النقابية العمالية على أنها منفصلة عن الأحزاب ومبادرات أخرى، مثل حركة السلام. وقد التقى كوربين بكريس سمولز، الذي يُنظّم عمال أمازون في الولايات المتحدة الامريكية، والذي انضم اخيرا إلى أسطول الحرية المتجه إلى غزة، مؤكدا أنه ليس على المرء الاختيار بين النضال من أجل العمال أو دعم فلسطين، بل ينبغي اختيار الاثنين معًا.
لا مكان للمخاوف
العمل الواسع مع النقابات والحركات الاجتماعية ومبادرات التضامن السياسية تثير مخاوف البعض، ويجري التأكيد على التباينات، لكن تجربة كوربين تقول إنه يعمل في البرلمان بشكل جيد مع زملائه النواب غير الحزبيين، وخاصةً في النضال معًا ضد الإبادة الجماعية في غزة. ويُبعث الأمل في قلوب الناس عندما يعلمون أن هناك أعضاءً في البرلمان ملتزمون علنا بالتضامن مع الشعب الفلسطيني. وهناك موقف مشترك واضح بشأن عدد من القضايا الاجتماعية والسياسية: رفض حصر إعانة الوالدين بطفلين فقط، ورفض خفض معونة التدفئة، ورفض خفض إعانات ذوي الاحتياجات الخاصة، ورفض مبيعات الأسلحة لإسرائيل، ولا يجري اتفاق على قضايا أخرى.
المهم الإيمان بقوة الديمقراطية في توحيد الصفوف. نعم، ستكون هناك اختلافات وصراعات في الحزب الجديد. يجب أن يجري التعامل معها بصراحة وصدق، وأن يتم الاعتماد على المؤسسات الديمقراطية لحلها بشكل بنّاء ومثمر. يجب بناء حركة تعترف بتنوع الآراء، لكنها دائمًا ما تدافع عن حقوق الإنسان وكرامة الجميع. يجب الاتحاد ضد الظلم والتمييز بجميع أشكاله. وهذا بالضبط ما سيفعله الحزب الجديد.
تجارب سابقة
شهدت بريطانيا سابقا تجارب لأحزاب على يسار حزب العمال، فهل سيستطيع المشروع الجديد تجاوز المشاكل المعتادة التي تفرضها عبادة الفرد وصراعات السلطة الداخلية؟
هناك إرادة في ان يكون هذا الحزب منفتحًا وشاملًا وديمقراطيًا شعبيًا. ويجب أن يعكس هيكله القاعدة الجغرافية الواسعة التي تؤيده، وأن يؤهل التنظيمات المحلية، حتى تتمكن من قيادة التغيير من القاعدة إلى القمة. ومن غير المطلوب خوض جدل لا ينتهي في كل لجنة وطنية حول من سيُنتخب لقيادة الحزب.
وتجري المحافظة على وحدة الحزب بالالتزام بقضايا جوهرية مثل فقر الأطفال، وحقوق الإنسان، والسلام. ويجب ألا تُنسى الأهداف الرئيسة وهي: تغيير المجتمع، وإعادة توزيع الثروة والسلطة. علما ان الأمر لا يتعلق بناشطي الحزب، بل يتعلق بملايين الناس الذين يستحقون حياة أفضل. ويتعلق بالأطفال الذين يعيشون في فقر. ويتعلق أيضًا بشعب فلسطين. يتعلق بكل هؤلاء، لا بأعضاء الحزب فقط.
التعاون مع الخضر
وسيدافع الحزب الجديد بقوة عن قضايا البيئة، إيمانًا منه بأن العدالة المناخية تعني أيضًا العدالة الاجتماعية. وسيعمل مع حزب الخضر أينما أمكن، في القضايا البيئية بالطبع، وأيضًا في قضايا مثل السلام وحقوق الإنسان. وسيكون الحزب منفتحا دوما على العمل سوية بشأن الاهتمامات المشتركة. فمعًا نكون أقوى.
وهناك معرفة بالعديد من أعضاء حزب الخضر، وتعاون برلماني جيد، وقد تم التعاون قدر الإمكان. وأثمر هذا التعاون تشكيل تحالف معارضة ضد قضايا مختلفة، لا سيما قضية تخفيض إعانات ذوي الاحتياجات الخاصة. وهناك عمل مشترك مع زاك بولانسكي، نائب زعيم حزب الخضر في قضايا عديدة، مثل مكافحة التقشف.
ردود فعل أولية
تتابع قوى اليسار الأوربي باهتمام عملية تأسيس الحزب البريطاني الجديد، التي ترى فيها إضافة نوعية لقوى اليسار الفاعلة في اوربا، في لحظة تاريخية تحتاج فيها هذه القوى كل الجهود، مهما كان حجمها، لتعينها على تعزيز دورها في مواجهة صعود اليمين المتطرف، وتواطؤ أوساط واسعة من قوى الوسط، وكذلك قوى اليمين المحافظ معه. ويصبح الاهتمام أكبر لدى قوى اليسار الممثلة في البرلمان الأوربي، فنجاح حزب اليسار البريطاني، سيعطي لكتلة اليسار في البرلمان الأوربي زخما جديدا. ولهذا بادر فالتر باير، زعيم حزب اليسار الأوروبي، إلى ارسال تهنئة شخصية إلى كوربين وسلطانة قائلا: "هذه خطوة بالغة الأهمية لليسار الأوروبي في وقتٍ تتكشف فيه الإبادة الجماعية في غزة أمام أعين العالم، ويتزايد فيه خطر الحرب. أتمنى لكم كل التوفيق لما فيه مصلحة الطبقة العاملة البريطانية وجميع العمال في القارة الأوربية والعالم". وجاء في التهنئة التي أرسلها جان لوك ميلينشون، زعيم حركة فرنسا الأبية الى كوربن: "لقد تم استيفاء الشرط الأساسي الأول للنجاح: القطيعة مع حزب العمال، وأكاذيبه، وسياساته الليبرالية الجديدة، وارتباطه الخبيث بتوني بلير".
بيان التأسيس
عكس بيان الشروع في تأسيس الحزب الجديد الخطوط العريضة لبرنامج الحزب المقبل. فالإعلان التأسيسي يدين التفاوت الاقتصادي، وتواطؤ الحكومة البريطانية في الحروب، وتفكيكها الخدمات العامة. وهو يدعو إلى: إعادة توزيع واسعة للثروة والسلطة، فرض ضرائب على الأغنياء، نظام صحي عام دون خصخصة، ملكية عامة للطاقة والمياه والسكك الحديدية وخدمة البريد، برنامج إسكان اجتماعي ضخم، عدالة مناخية من خلال الصفقة الخضراء الجديدة، وإنهاء مبيعات الأسلحة لإسرائيل، ويدعو لفلسطين حرة ومستقلة.
ويرفض البيان بشدة الإساءة إلى المهاجرين والأقليات، ويؤكد أن الأزمة الحقيقية تكمن في اقتصاد مبني على المليارديرات. ويقدم حزب اليسار الجديد نفسه كبديل حقيقي لليمين المتطرف بزعامة نايجل فاراج، الذي يتنافس حزبه، "إصلاح المملكة المتحدة"، مع حزب العمال بزعامة ستارمر. وبينما يحاول ستارمر تجاوز فاراج على اليمين بخطابه المناهض للهجرة، يتفوق فاراج عليه شعبويًا من اليسار باستخدام خطاب منافق مؤيد للرعاية الاجتماعية، يهدف الآن من ورائه، وهو العميل التاتشري القديم، الى مناغاة يسار الوسط العنصري. من الواضح تمامًا أن سياسات ستارمر الكارثية تمهد الطريق لفاراج للوصول إلى السلطة.
يخطط حزب اليسار الجديد إلى تقديم مرشحين في الانتخابات المحلية في العام المقبل، ويعمل بالفعل مع مستقلين محليين، وهو منفتح على العمل مع حزب الخُضر، لغرض تحقيق قاعدة عريضة من الناخبين التقدميين، وخاصةً أولئك الذين خاب أملهم بحزب العمال، نتيجة تحوله المكشوف نحو اليمين.
وبالطبع، لا يزال شبح النظام الانتخابي الوطني البالي، القائم على حزبين، والذي يحصد فيه الفائز كل شيء، قائمًا. ولكن إذا استمر حرمان الفقراء من الثروة وتواصل نهب الاغنياء لها بهذه الوتيرة، فقد تُدرك الفئات الوسطى، التي التحقت بجيش العاملين. وستشهد الانتخابات المحلية في أيار 2026 أول اختبار انتخابي.
فلسطين حاضرة دوما
تُعد أحداث الشرق الأوسط أيضا بالغة الأهمية في بلورة مشروع التأسيس. فقد أدى تحالف حكومة حزب العمال المكشوف مع الكيان الصهيوني بعد 7 تشرين الأول 2023، وانتقاده المُقتضب عمدًا لحرب إسرائيل على غزة، إلى إبعاده بشكل متزايد عن قاعدته الاجتماعية. وعلى مدار قرابة عامين، يخرج مئات الآلاف بانتظام إلى شوارع لندن ومدن بريطانية أخرى للتعبير عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني. وتُعدّ هذه الاحتجاجات واحدة من أكبر حركات الاحتجاج في تاريخ بريطانيا الحديث.
وقد تُرجمت هذه التعبئة الشعبية إلى انتصارات انتخابية في الانتخابات العامة لعام 2024، حيث دحر خمسة نواب مؤيدين لفلسطين، بمن فيهم جيريمي كوربين، منافسيهم من حزب العمال. ولذلك، يُولي حزب اليسار الجديد أهمية كبيرة للتضامن مع فلسطين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* أطلقت حملة جمع التواقيع لتأسيس الحزب بإسم "حزبكم"، على أمل أن يقرر المؤتمر التأسيسي الاسم الرسمي للحزب.
** بلغ لاحقاً عدد الموقعين 800 ألف مواطن.
*******************************************
الصفحة الثامنة
الشباب وآفة البطالة
عبد الله عمر
عرفت بلادنا منذ سقوط النظام البائد، ظروفاً معقدة وأزمات اقتصادية متتالية، أدت إلى انحسار الكثير من النشاطات الانتاجية، حيث لا تتعدى اسهامات القطاع الزراعي في الناتج المحلي الاجمالي حاجز (4,8) في المائة بسبب إغراق السوق بالمنتجات المستوردة، وضعف الدعم الحكومي، وشح المياه. كما لا يساهم قطاع الصناعة التحويلية، بأكثر من 2 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي، ولا يوفر فرص عمل سوى لأقل من (0,4) في المائة من عدد سكان العراق، فيما فقد ما يقارب 800 ألف عامل وظائفهم في القطاع الصناعي الخاص، بسبب عدم تلقيه أي دعم حكومي ملموس طوال السنوات الماضية، وجراء إغراق السوق بالسلع المستوردة التي تنافس إنتاجه وتقضي عليه.
سياسات فاشلة
وقد أدى ذلك كله إلى زيادة معدّلات البطالة بين الشباب بحوالي 35.8 في المائة، وبين الشابات بحوالي 60 في المائة. ويعيش 20 في المائة على الأقل من شبابنا تحت مستوى الفقر. وهناك خلل كبير في الفصل بين الجنسين في سوق العمل، ورغم تفاوت معدّلات البطالة بين النساء حسب الفئات العمرية، فإنّ أعلى مستوياتها سُجِّل لدى الشابات دون سنّ الرابعة والعشرين، حيث بلغت 65 في المائة. وتُضيف الجامعات والمعاهد العراقية كل عام ما يقارب 400 ألف شاب وشابة إلى جيش العاطلين.
وبدلاً من حل المشاكل، تعتمد الحكومات سياسات تشغيلية فاشلة، تُضَخّ من خلالها طاقات الشباب في ساحات البطالة المقنّعة، أو في مؤسسات أمنية لا علاقة لها بتخصصاتهم وكفاءاتهم. كما تقوم بالتعتيم على أرقام البطالة الحقيقية عبر توفير عقود عمل مؤقتة وشكلية، سرعان ما تنتهي، وتُعيد الشباب إلى جحيم البطالة بعد سنوات من العمل في وظائف هامشية.
الأسباب الحقيقية
ويمكن تلخيص بعض من أهم أسباب آفة البطالة بما يلي:
- إفتقار 59.2 في المائة ممن تتراوح أعمارهم بين (15 و24 عاماً) إلى المهارات الرقمية لأداء الأنشطة الأساسية المتعلقة بالحاسوب، وكذلك إلى فرص التعليم القائم على المهارات الحياتية، أو التي تؤهلهم للتوظيف، أو الذي يمكّن الشباب من تنظيم مشاريع تزجهم بسلاسة في سوق العمل.
- غياب سياسة علمية في القبول بالجامعات والمعاهد العالية، وعزوف الشباب عن التعليم المهني والتقني المتوسط، وسيادة أفكار نمطية حول التأهيل الدراسي والعلمي، وإعلاء شأن بعض المهن على حساب غيرها اجتماعياً.
- عدم وجود سياسة تأهيلية لمواجهة المتغيرات في أنماط الطلب على الأيدي العاملة في سوق العمل، وذلك لمعالجة اختلال العلاقة بين الشروط المطلوبة في سوق العمل والمؤهلات المعروضة من مخرجات النظام التعليمي.
- تمثل الأمية بين الشباب ظاهرة خطيرة ومولّدة للبطالة، حيث تصل إلى 17 في المائة ممن هم دون الرابعة عشرة وإلى 28 في المائة لمن هم دون الثلاثين، فيما تصل نسبة المتسربين من المدارس إلى 34 في المائة.
معالجات
- الكف عن ضخ الشباب في ساحة البطالة المقنعة، وتحويلهم إلى ساحة الإنتاج.
- زيادة الإستثمار في الجانب الإنتاجي وتقليل الإستثمار في الجانب الخدمي، وترشيد الإنفاق على الجانب الأمني.
- توزيع مؤسسات الانتاج الصناعي جغرافياً في المناطق الأقل ملائمة للإنتاج الزراعي.
- تمكّين المرأة ومكافحة العنف الأسري، وتفعيل مساهمة النساء في التطور المجتمعي والعلمي والإقتصادي للبلاد، ومعالجة الفجوة بين حصة المرأة والرجل من الدخل القومي، وتقليص الفرق بين الجنسين في الحصول على التعليم الجامعي والدراسات العليا.
- إتباع إستراتيجية تعليمية جديدة وواضحة تضمن تحديث المناهج بحيث تتوافق مع الإحتياجات الأساسية لسوق العمل والتركيز على التطور المذهل في تقنية المعلومات والإتصالات والأتمتة وتوفير القدرة على إستخدامها، و تنمية قدرات المتعلم على الإبتكار.
- زيادة موازنات التعليم المتدنية، وموازنات التعليم العالي والبحث العلمي والتعليم الإلكتروني بشكل خاص.
- إقامة مراكز تعليمية تخصصية محددة، خاصة في مجال الرقمنة والذكاء الأصطناعي، وتوفير مستلزمات نجاحها وإدامتها.
- مكافحة الأمية الأبجدية والمعرفية في المدينة والريف.
***************************************
التصويت حق وواجب
د. علي السالم
كشفت دراسة بحثية اجريت قبل خمس سنين، بأن 62 في المائة من الشباب العراقي يشاركون في المناسبات والمراسم الدينية كعاشوراء وغيرها، وإن 70 في المائة من المستطلعة آراؤهم يؤيدون المدنية هوية للدولة، لأنها تضمن لهم، ليس الحماية والأمان والعمل فحسب بل وأيضاً حرية العبادة والتعبير والمعتقد.
لكن الدراسة للأسف، قد كشفت عن معدلات عالية من نقص المعارف التعليمية والسياسية، وعن مستويات عالية من اليأس وعدم الثقة بالنظام السياسي القائم، في تلازم مخيف مع مشاكل اجتماعية عميقة من جهة ومع آفة البطالة من جهة ثانية. وانعكست هذه الأرقام في رفض 74 في المائة من المشاركين في الإستطلاع المشاركة في الانتخابات التشريعية.
ويكمن في هذا التناقض بين الرغبة الشديدة في التغيير الشامل وبين العزوف عن المساهمة في انجاز هذا التغيير، عبر الإنتخابات والتداول السلمي للسلطة أو عبر الحراكات الاحتجاجية المختلفة، خطر جدي، سواء في التخلي عن الحق في التغيير أو عن الواجب تجاه تخليص البلاد من أزماتها. ويتطلب ذلك اهتمام الجميع برفع الوعي الوطني وتطوير الخبرة السياسية لدى شبيبتنا، وهي مهمة القوى المدنية ومنظمات المجتمع المدني وكل النشطاء ومن يتطلع إلى عراق ديمقراطي حر ومزدهر، تُضمن فيه مستويات انسانية من العدالة الاجتماعية، فالمشاركة في الانتخابات والتصويت للتغيير الشامل خطوة مهمة نحو غد الخلاص!
***********************************
من الطب إلى التيك توك ومن الصحافة إلى الشاورما!
ساخر ابن بَطران
طموحات أصدقائي الشباب متنوّعة، وأحلامهم تصلح أن تكون مسلسلاً درامياً – كوميدياً – وثائقياً، لا يخلو من التشويق والتقلّبات السريعة. كان حسين يحلم أن يصبح طبيباً، لكن امتحانات السادس الإعدادي كشفت له أنه أقرب إلى "فنّي ستلايت" منه إلى "جرّاح قلب". أما سارة، التي حلمت منذ الصغر بأن تكون صحفية مشهورة، فأقنعها الواقع الإعلامي في بلدي، بأنها تصلح لدور "إنفلونسر" متخصصة في الدعاية لشاورما المطاعم الشعبية، لأن الأفواه – في العراق – أهم من العيون والآذان!
سجّاد ارتضى بتحجيم حلمه ليضعه في مقهى صغير يبيع الكابتشينو، حتى وإن كان إعداد هذا المشروب الساخن صعباً عليه! ولعلّ أكثر ما بقي يحزنني هو غصّة عمانوئيل، وهو ينعى حلمه بالهجرة والعمل في مزرعة أناناس!
وهكذا، يمكنني رصد طموحات الشباب العراقي في زوايا المقاهي، وعلى أرصفة الجامعات، وفي ساحات التواصل الاجتماعي؛ طموحات كدوّامة لا تهدأ، حتى وهي تصطدم بواقع مرير وتواجه تحدّيات أكبر. طموحات مرنة، تتبدّل بحسب الموسم، وسعر صرف الدولار، وأحياناً... مزاج المسؤول! ومع ذلك، لا تزال هناك طاقة، وإبداع، وخفّة دم، ترى في كل حلم – مهما كان غريباً – واقعاً قريباً، أو على الأقل... مادة للضحك!
في النهاية، ما بين الأحلام الوردية والواقع الرمادي، يظلّ الشاب العراقي مثل "راوتر الكفيل": يشتغل تحت الضغط... بس لا تفصله!
***************************************
تهميش الشباب في عراق المحاصصة
متابعة – طريق الشعب
كشفت إحصائية أجرتها شركة "statista" الألمانية المتخصصة في بيانات السوق والمستهلكين بالعالم، أن فئة الشباب في العراق تشكل أكثر من 60 في المائة من عدد السكان، وإن نسبة الفئة العمرية التي تتراوح بين سنة و14 سنة تصل إلى 35.24 في المائة، فيما تبلغ نسبة من أعمارهم بين 15 و64 سنة 61.17 في المائة، وهناك 3.59 في المائة فقط ممن تتجاوز اعمارهم الخامسة والستين.
ورغم أن العراقيين يعّدون من الشعوب الفتية جداً، فإن شبيبتنا تعاني من تهميش شامل وقاسٍ، يُثقل حياتها ويُهدد مستقبلها بالخطر، وهو ما يؤكده بقاء العراق في الموقع 123 على مؤشر التنمية البشرية العالمي.
ويتجلّى التهميش في ما يلي:
- تغييب الشباب قسرًا عن ميادين القرار السياسي والاقتصادي، وافتقادهم إلى منظمات جماهيرية، ومهنية، وثقافية تستثمر طاقاتهم. فقد وصلت نسبة الشباب ممن لا يمارسون أي انشطة خارج المنزل إلى 80 في المائة من الذكور و98 في المائة من الإناث.
- غياب السياسات التي تُمكّن الشباب من تنظيم مشاريع تُدخِلهم بسلاسة في الحياة وسوق العمل، وتجعل منهم مواطنين فاعلين ومستنيرين، وتُعزّز مشاركتهم في عمليات صنع القرار.
- خلوّ المدن والقصبات من الأندية الرياضية والثقافية، والملتقيات الشبابية اللازمة لقضاء أوقات الفراغ بصورة نافعة. إذ كشفت بعض الدراسات عن افتقاد غالبية الشباب للقدرة على ممارسة الهوايات والأنشطة، الأمر الذي يدفع بحوالي 90 في المائة منهم، لقضاء 8-10 ساعات يومياً على مواقع التواصل الاجتماعي.
- تفشّي الأمية بين الشباب، حيث وصلت معدلاتها إلى 17 في المائة لمن هم دون الرابعة عشرة، و28 في المائة لمن هم دون الثلاثين.
- افتقاد شبابنا إلى المهارات المطلوبة لأداء الأنشطة المرتبطة بعالم الرقمنة، وإلى فرص التعليم القائم على المهارات الحياتية.
- تشجيع التعصب الطائفي والقومي بين الشباب، ونشر أفكار الاستسلام والعبثية، وتمجيد العسكرة والقوة، وثقافة الثأر والموت، والتعمية على قيم المواطنة، والتضامن، والسلام، والإيثار.
وإذ يتبنى الحزب الشيوعي العراقي، بقوة الدفاع عن طموحات الشباب، ويرى فيهم قوةً للبلاد وطاقاتٍ ثرّة لا بدّ من استثمارها للنهوض بالعراق في مختلف ميادين التقدّم، يناضل من أجل إتاحة الفرص لهم في المشاركة السياسية، وممارسة دورهم في رقيّ المجتمع، عبر التأهيل العلمي والمهني، والحصول على مواقع تناسب كفاءاتهم في سوق العمل وفي إدارة الدولة، إيماناً منه بأن التغيير الشامل لا يتحقّق إلا بسواعدهم وعقولهم النيّرة.
*****************************************
من إنجازات شبيبتنا
نالت الدكتورة الشابة ميس رشاد الشلاه، درجة الدكتوراة في الطب عن إطروحتها حول مرض السرطان، الذي ينتج عن تراكم الضرر في المادة الوراثية للخلايا، والذي ثبتت علاقته بالعمر و بأنماط الحياة المختلفة وبالعوامل الوراثية والبيئية.
أكاديمية كارولينسكا السويدية الشهيرة، التي منحت الطبيبة العراقية ميس، هذه الشهادة، أعربت عن إعجابها الشديد بهذا المنجز العلمي، الذي افتتح أفاقاً رحبة على طريق الكفاح الإنساني ضد السرطان، وذلك عبر ما وفرته من سبل لتحسين العلاجات السريرية لحاملي حارس الجينوم (TP53)، وتمكين ست مستشفيات جامعية أوربية من استخدام علاجات جديدة، ومن تطوير المعارف المتعلقة بضعف مناعة بعض الناس ضد مرض السرطان. وكانت الطبيبة الشابة قد بنّت اطروحتها على أربعة أبحاث مهمة، تم تقييمها عالياً وتم نشرها في مجلات عالمية متخصصة، تتعلق بتشخيص الجين الذي يحمي الخلايا من التلف السرطاني، وإستخدام الموجات فوق الصوتية لرصد المتغيرات فيه، وايجاد طريقة للتشخيص والتنبوء بحدوث الأورام، وتحسين العلاجات السريرية لحاملي هذا الجين.
"طريق الشعب" وهي تبارك هذا الإنجاز، تفتح صفحاتها للتعريف بانجازات الشبيبة العراقية، التي عُرفت بتقدمها في جميع ميادين العلم والابداع.
***********************************************
غياب المساءلة واليات الاصلاح
المحامي علي ظافر
يُفترض بالأجهزة الأمنية في أي دولة أن تكون الضامن الأول لحماية المواطن وصون حقوقه، غير أن الواقع العراقي كشف خلال السنوات الماضية ،عن تكرار حالات اعتداء بعض ضباط الشرطة والجيش على المواطنين، سواء بالضرب أو الإهانة أو ممارسة التعسف في استخدام السلطة. إن خطورة هذه الظاهرة لا تكمن فقط في الانتهاك المباشر لكرامة الإنسان، بل في غياب المحاسبة الجدية والرقابة الفاعلة، مما يجعلها أقرب إلى السلوك الممنهج منه إلى الأخطاء الفردية.
أولاً: السياق القانوني
ينص قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل على حماية المواطن من أي اعتداء، حتى وإن صدر من موظف حكومي أو رجل أم. فالمادة 322 تعاقب الموظف أو المكلف بخدمة عامة إذا تجاوز حدود وظيفته واستعمل القسوة ضد الأفراد. أما المادتان 412 و413 فتجرمان الاعتداء الجسدي والإيذاء، وتحددان عقوبات تصل إلى السجن في حالة الجروح أو الكسور. ولا تكمن الإشكالية في النصوص القانونية، بل في ضعف إنفاذها، حيث تُحال معظم الحالات إلى لجان تحقيق إدارية داخل الوزارات، لتُغلق غالبًا بقرارات شكلية مثل التنبيه أو النقل، بعيدًا عن القضاء المستقل.
ثانياً: انعكاسات الظاهرة:
تؤدي هذه الممارسات إلى:
- تآكل الثقة بالدولة حيث يشعر المواطن بأن القانون لا يحميه إذا كان خصمه رجل أمن.
- إضعاف شرعية المؤسسات الأمنية، إذ يتحول الجهاز المفترض أن يحفظ الأمن إلى مصدر تهديد.
- تغذية العنف المضاد، فغياب العدالة قد يدفع بعض الأفراد أو الجماعات إلى الرد خارج إطار القانون.
- الإساءة لصورة الأغلبية المنضبطة، حيث تُشوَّه سمعة مؤسسات كاملة بسبب تجاوزات أقلية من عناصرها.
ثالثاً: أسباب غياب المساءلة
- اللجان التحقيقية الشكلية تفتقر إلى الشفافية.
- الخوف من تقديم الشكاوى بسبب احتمالية التعرض لانتقام أو مضايقات.
- ضعف دور الادعاء العام ومفوضية حقوق الإنسان في متابعة القضايا، لغياب الإرادة السياسية والموارد.
- ثقافة الإفلات من العقاب التي تجعل رجل الأمن يعتقد أن موقعه الوظيفي يمنحه حصانة.
رابعاً: آليات الإصلاح المقترحة
- إحالة القضايا مباشرة إلى القضاء المدني لضمان استقلالية التحقيق والمحاكمة.
- تعزيز الرقابة البرلمانية والإعلامية على أداء الأجهزة الأمنية.
- إدماج مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج التدريبية للجيش والشرطة.
- تفعيل نظام حماية المشتكين والشهود لضمان قدرة المواطن على المطالبة بحقوقه دون خوف.
- إصدار تقارير دورية علنية عن حالات الانتهاك والإجراءات المتخذة بحق مرتكبيها، لإعادة الثقة بين الدولة والمجتمع.
**************************************
الإعلام والهيمنة الثقافية
منتظر سلمان
منذ نشأة المجتمعات الطبقية، كان الإعلام أداةً أساسية بيد القوى المهيمنة لإعادة إنتاج سلطتها وإضفاء الشرعية على وجودها. فهو ليس مجرد ناقل للخبر، بل جهاز أيديولوجي يعمل على صياغة وعي الجماهير بما يخدم مصالح الطبقة الحاكمة.
أعاد الفيلسوف الايطالي أنطونيو غرامشي، قراءة دور الإعلام والثقافة في ترسيخ الهيمنة الطبقية، وطرح مفهوم "الهيمنة الثقافية" باعتبارها عملية تمارسها الطبقة المسيطرة عبر الثقافة والقيم، بحيث تُقبَل سلطتها وكأنها طبيعية أو حتمية. وفي هذا السياق، يصبح لوسائل التواصل الاجتماعي فيسبوك، يوتيوب، إنستغرام، تيك توك – أهمية استثنائية، لأنها فضاء مفتوح لتحدي هذه الهيمنة وبناء خطاب بديل.
لكن السؤال: كيف يمكن للأفكار الماركسية أن تجد طريقها إلى وعي الناس في ظل هذا التشابك الإعلامي الممول والمهيمن؟
الإعلام الممول: سلاح ذو حدين
الإعلام الممول اليوم هو وسيلة مباشرة للوصول إلى الجماهير. لكن يجب أن نعي أنه ساحة تتجلى فيها الهيمنة بأوضح صورها. فالقنوات الفضائية والإعلانات المدفوعة غالباً ما تكون بيد الدولة أو الرأسماليين، الذين يملكون القدرة على صياغة السرديات وتجميل صورة الفساد والاستبداد.
في المقابل، يمكن للتيارات الماركسية أن تستفيد من نفس الأدوات عبر الإعلانات الرقمية الموجهة التي تصل مباشرة للفئات الشبابية والعمالية، وعبر منصات إعلامية صغيرة مستقلة تموَّل بالتبرعات، مما يكسر احتكار رأس المال للإعلام. وهنا يتحقق ما يسميه غرامشي بـ"الحرب على مواقع النفوذ"، أي اختراق فضاءات الهيمنة الثقافية بوسائل تكتيكية مدروسة.
يوتيوب: منصات بديلة لبناء الوعي
هناك دعوات جادة لإنشاء قنوات ماركسية على يوتيوب، وهي قضية ضرورية وليست ترفاً. هذه القنوات يمكن أن تكون على شكل حلقات حوارية مع مثقفين ومناضلين عايشوا تجارب الحركة الشيوعية، وأن يكون لبعضها محتوى فلسفي مبسط، يشرح المادية التاريخية والديالكتيك وفائض القيمة والصراع الطبقي، بلغة عصرية سهلة. كما يمكن أن تتضمن برامج تحليل سياسي-اقتصادي، تكشف زيف الخطاب النيوليبرالي والسلطوي.، وأخيراً، يمكن أن نبني بها أرشيف بصري – رقمي، يعَد ساحة مقاومة، ووسيلة لتفكيك الخطاب الرسمي المهيمن، وتجسيد عملي لبديل ثقافي.
النكتة والميمز: الثقافة الشعبية كسلاح
النكتة ليست ترفيهًا، بل أداة سياسية. اليوم، تحولت "الميمز" إلى لغة عالمية سريعة الانتشار، تحمل طابعاً ساخراً لكنه نافذ التأثير. والمهم أن نستطيع فضح تناقضات النظام الرأسمالي بكلمة وصورة واحدة. كما يمكن أن نسخر من الفساد والسلطة في شكل مقارنات بسيطة تصل إلى الملايين خلال ساعات. وتكمن أهمية هذه الوسيلة في أنها تُخاطب اللاوعي الجمعي، فتعمل كـ"حصان طروادة" لاختراق الثقافة اليومية التي تهيمن عليها قيم الاستهلاك والتفاهة. وأعتقد بأن غرامشي كان سيعتبر الميمز اليوم شكلاً من أشكال الثقافة المضادة القادرة على كسر "الإجماع المصطنع" الذي تصنعه الطبقة المسيطرة على الإعلام.
الفن والمجتمع: الشعر والغناء كفضاء وسلاح مقاوم
الفن ليس مجرد انعكاس للواقع، بل قوة قادرة على تغييره. في العراق، للشعر الشعبي خصوصاً مكانة مؤثرة، يمكن توظيفه لتجذير الوعي الطبقي وطرح الأسئلة الممنوعة. الشعر الشعبي يوصل الماركسية بلغة الناس اليومية، فيكون أقرب وأقوى من أي خطاب نخبوي.
الغناء قادر على تحويل الأفكار المعقدة إلى مشاعر جماعية، تحفّز على التمرد والرفض. وهذا يتناغم مع رؤية غرامشي بأن الفن جزء من الصراع على الهيمنة الثقافية، إذ يمكن أن يعيد تعريف المعقول والطبيعي في وعي الجماهير.
خاتمة
يتضح أن الصراع الإعلامي ليس تقنياً بقدر ما هو صراع أيديولوجي - ثقافي. الإعلام الممول يعيد إنتاج الهيمنة الرأسمالية عبر أدواته التقليدية والرقمية، بينما تمثل منصات التواصل الاجتماعي، فرصة لبناء خطاب ماركسي بديل. إن استخدام قنوات يوتيوب، الميمز، الشعر الشعبي والغناء، يشكل استراتيجيات فعالة لتفكيك الهيمنة الثقافية، وتحقيق ما سماه غرامشي بـ "حرب المواقع". بهذا، يصبح الإعلام الماركسي ليس مجرد وسيلة للنشر، بل أداة نضالية لإعادة تشكيل الوعي الجمعي، وفتح الطريق أمام التغيير الثوري.
********************************************
الصفحة التاسعة
العراق يشارك بمنتخبين في بطولة العرب للمصارعة
متابعة ـ طريق الشعب
أعلن الاتحاد العراقي للمصارعة، أمس الاثنين، مشاركته بمنتخبين في بطولة العرب للمصارعة، المقررة إقامتها في الأردن يوم 25 أيلول الجاري، بمشاركة واسعة من المنتخبات العربية. وقال نائب رئيس الاتحاد، مهدي إسماعيل، إن المنتخبين العراقيين لفئتي تحت 15 و20 عاماً سيشاركان في منافسات المصارعة الحرة والرومانية، مؤكداً أن الاستعدادات انطلقت عبر معسكر تدريبي داخلي يقام في المركز التدريبي بالعاصمة بغداد.
وأضاف إسماعيل أن الاتحاد يهدف من خلال هذه المشاركة إلى تعزيز حضور المصارعة العراقية عربياً، خاصة بعد النتائج المتقدمة التي حققها اللاعبون في التصفيات المحلية الأخيرة. وأشار إلى أن الاتحاد يعوّل على قدرات لاعبيه في تحقيق نتائج مميزة تعكس تطور اللعبة في العراق، مؤكداً أن المشاركة في كلا الفئتين تمثل خطوة مهمة على طريق المنافسات القارية والدولية المقبلة.
**************************************************
عماد محمد يحذّر لاعبي الأولمبي من التهاون قبل مواجهة كمبوديا الحاسمة
متابعة ـ طريق الشعب
أجرى المنتخب الأولمبي العراقي لكرة القدم، يوم الاثنين، مرانه على ملعب AIA StadiumG في العاصمة الكمبودية بنوم بنه، استعداداً لمواجهة منتخب كمبوديا، اليوم الثلاثاء، في ختام منافسات المجموعة السابعة من التصفيات المؤهلة إلى نهائيات كأس آسيا تحت 23 عاماً.
وأكد مدرب المنتخب، عماد محمد، خلال حديثه مع اللاعبين، على ضرورة تجنب الأخطاء التي وقعت في المباريات السابقة ومعالجتها بالشكل الصحيح، مشدداً على أهمية "عدم التهاون أمام كمبوديا، والسعي لتحقيق العلامة الكاملة من النقاط لضمان التأهل المباشر، بعيداً عن الحسابات المعقدة".
ويتصدر المنتخب العراقي جدول ترتيب المجموعة برصيد ست نقاط، يليه منتخب كمبوديا بأربع نقاط، ثم سلطنة عمان بنقطة واحدة، فيما يحتل منتخب باكستان المركز الأخير بلا رصيد.
وبحسب نظام التصفيات، يتأهل إلى النهائيات أصحاب المراكز الأولى في المجموعات الإحدى عشرة، إضافة إلى أفضل أربعة منتخبات تحتل المركز الثاني، بينما يشارك المنتخب السعودي مباشرة بصفته البلد المستضيف.
**********************************************
أرنولد يحصد 4 مكتسبات مع منتخب العراق من كأس ملك تايلاند
بغداد ـ وكالات
توج المنتخب العراقي بلقب كأس ملك تايلاند الودية بعد الفوز على صاحب الأرض تايلاند بهدف نظيف، حمل توقيع المهاجم مهند علي "ميمي" في الدقيقة 74، ليختتم "أسود الرافدين" مشاركتهم الناجحة في البطولة التي سبقت ملحق التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم.
ورغم أن البطولة كانت ودية، إلا أن مدرب العراق الأسترالي غراهام أرنولد خرج منها بأربع مكتسبات مهمة، اعتبرها بمثابة أوراق رابحة قبل دخول غمار التصفيات.
من أبرز ما حققه أرنولد في البطولة هو استعادة خدمات لاعب آرهوس الدنماركي كيفن يعقوب، الذي شكل إضافة قوية لخط الوسط بعد غياب طويل.
يعقوب قدم مستويات لافتة من خلال التسديدات البعيدة، ودقة التمريرات العرضية والبينية، ليمنح المدرب الأسترالي حلاً مهماً في المنطقة التي عانى منها المنتخب سابقاً.
المهاجم مهند علي استعاد بريقه في البطولة، بعدما سجل 3 أهداف في مباراتي هونغ كونغ (2-1) وتايلاند (1-0)، رغم مشاركته كبديل بدقائق محدودة.
أداء "ميمي" المميز جعله يتفوق على أيمن حسين، الذي كان المهاجم الأول للفريق في السنوات الأخيرة، ليعلن عن ولادة جديدة لهداف طال انتظاره.
أرنولد منح الفرصة للاعبين لم يسبق له متابعتهم بشكل مباشر مثل منتظر الماجد وآخرين، حيث تابع أداءهم عن قرب في المباريات والتدريبات اليومية، ما أتاح له تكوين تصور أوضح حول خياراته قبل إعلان القائمة النهائية لملحق المونديال.
ورغم الانتقادات التي رافقت المشاركة في البطولة، أكد أرنولد أن مواجهة منتخب تايلاند كانت ذات قيمة فنية عالية، كونه يلعب بأسلوب مشابه جداً لمنتخب إندونيسيا، خصم العراق المقبل في الملحق.
هذا منح المدرب الأسترالي فرصة للتعرف عملياً على كيفية التعامل مع مثل هذه المدارس الكروية.
وفي ختام البطولة، لم يكتف العراق بالتتويج بالكأس، بل حصد مهاجمه مهند علي لقب هداف البطولة، ليبعث برسالة قوية أنه جاهز لقيادة هجوم "أسود الرافدين" في الاستحقاقات القادمة، وعلى رأسها ملحق تصفيات كأس العالم.
****************************************
10 منتخبات عربية في بطولة الدراجات بالسليمانية.. والعراق يشارك بكامل فئاته
متابعة ـ طريق الشعب
كشف رئيس الاتحاد العراقي للدراجات، علي حميد، أمس الاثنين، عن قوائم المنتخبات العراقية التي ستشارك في البطولة العربية للدراجات، المقرر إقامتها في مدينة السليمانية للفترة من 3 إلى 12 تشرين الأول المقبل، بمشاركة عشرة منتخبات عربية.
وقال حميد، إن منتخب المتقدمين سيشارك تحت إشراف المدرب فادي إبراهيم، ويضم اللاعبين أحمد مهند عبد الأمير، محمد محمد علي حمه، أحمد عبد الخضر طعين، سربست عبد الله عيسى، وبرفان قاسم بديع.
وأضاف أن المنتخب الأولمبي يتكون من اللاعبين وهبي سليمان عبّد الله وسليمان محمد سليمان، بقيادة المدرب طارق سعيد عبد الرحمن، فيما يضم منتخب الشباب كلاً من مرتضى حيدر إياد، مصطفى صفوان محمود، موسى علي جاسم، ئا فه ند هشيار فريق، يوسف جهاد حسن، وصايل جنيد مروان، تحت إشراف المدرب غزال علي.
وأشار حميد إلى أن منتخب الناشئين يشارك بالمدرب محمد رضا رجبلو، واللاعبين فريدون فرهات تومي، عمار إيهاب عبد الخضر، سيف عبّد الحمزة حامد، يوسف أحمد كريم، علي عصام ماجد، وأسامة إيهاب صبيح.
أما منتخب النساء، فقد أوضح أنه يتوزع على فئتين، حيث يضم منتخب الشابات اللاعبات لينا هادي صابر، مريم سرمد عبد الكريم، آية سرمد عبد الكريم، ورانيا مالك خلف، بينما يتألف منتخب المتقدمات من داهات كاوة قادر، فاطمة حيدر عذاب، وأفان عدنان عزيز، بإشراف المدربتين هدير نعمة وفضاء فاضل.
وأكد أن الاتحاد العراقي يشرف بشكل مباشر على المعسكر التدريبي المقام حالياً في السليمانية، بمساندة الكادر الفني واللوجستي، من بينهم دومان رجب وهيثم رعد بصفة ميكانيكيين، ورسول أبو الفضل معالجاً.
وختم حميد حديثه بالإشارة إلى أن جميع اللاعبين واللاعبات أبدوا عزماً كبيراً على تحقيق نتائج مشرفة والفوز بالأوسمة الملونة، مؤكداً أن المشاركة على أرض العراق تمثل دافعاً إضافياً للصعود إلى منصات التتويج في هذا الاستحقاق العربي.
******************************************
ألكاراز يتوج بلقب أمريكا المفتوحة ويواصل كتابة التاريخ
نيويورك ـ وكالات
واصل النجم الإسباني كارلوس ألكاراز مسيرته الذهبية في ملاعب التنس، بعدما توج بلقب بطولة أمريكا المفتوحة، إثر فوزه في النهائي على الإيطالي يانيك سينر في مباراة ماراثونية مثيرة، ليستعيد بذلك صدارة التصنيف العالمي للاعبي التنس المحترفين.
إنجاز تاريخي قبل الـ 23
ألكاراز، البالغ من العمر 22 عاماً، حقق إنجازاً استثنائياً وفقاً لإحصاءات "أوبتا"، إذ بات ثالث لاعب في العصر الحديث يظفر بلقب أمريكا المفتوحة أكثر من مرة قبل بلوغه سن الـ 23، بعد أسطورتي اللعبة جون ماكنرو وبيت سامبراس.
كما عادل مواطنه رافاييل نادال بتحقيق 6 ألقاب جراند سلام قبل سن الـ 23، ليبقى خلف السويدي بيورن بورج فقط، الذي توج بـ 7 ألقاب في نفس العمر.
بطل على كل الأرضيات
منذ اعتماد الملاعب الصلبة في أمريكا المفتوحة عام 1978، أصبح ألكاراز أول لاعب يحقق أكثر من لقب واحد على مختلف الأرضيات الثلاثة (الصلبة، الرملية، العشبية) في بطولات الجراند سلام قبل سن الـ 23، مؤكداً تنوع قدراته وتكامله الفني.
انضم ألكاراز إلى رافاييل نادال كونه ثاني لاعب يتغلب على المصنف الأول عالمياً في أكثر من نهائي جراند سلام خلال موسم واحد، بعد أن تفوق على سينر في أمريكا المفتوحة، مكرراً إنجاز نادال أمام روجر فيدرر في رولان غاروس وويمبلدون عام 2008.
موسم استثنائي
بفوزه الأخير، عزز ألكاراز تفوقه على غريمه الإيطالي سينر من حيث الألقاب الكبرى، إذ يمتلك الآن 14 لقباً تشمل 6 بطولات غراند سلام و8 في بطولات الماسترز (فئة 1,000 نقطة).
أما سينر، فيملك 9 ألقاب كبرى، موزعة على 4 ألقاب غراند سلام، و4 ألقاب ماسترز، إضافة إلى لقب البطولة الختامية.
لم يسبق لألكاراز أن توج بأكثر من 3 ألقاب كبرى في موسم واحد قبل 2025، لكنه هذا العام حطم القاعدة، محققاً 5 ألقاب حتى الآن: رولان جاروس، أمريكا المفتوحة، مونتي كارلو، روما، وسينسيناتي.
ومع تبقي بطولات شنغهاي وباريس والبطولة الختامية، يبدو أن النجم الإسباني يسير بخطوات واثقة لتعزيز رصيده، وربما إنهاء الموسم بأحد أفضل الإنجازات في تاريخ اللعبة.
************************************************
العاملون في القطاع الرياضي والأداء الوطني
منعم جابر
لم يعد العمل في القطاع الرياضي عملاً كمالياً او ثانوياً، بل انه عمل حساس وهام، لذا اناشد كل الزملاء والاخوة العالمين فيه، ان يعطوه كل الاهتمام والرعاية والاخلاص والوطنية الحقة، وعلى من يعمل في هذا المجال ان يشعر بأهمية عمله وان يترجم موقفه الوطني بأفضل صورة وان يبعد ذلك الشعور بأن العمل في القطاع الرياضي هو عمل تكميلي وترفيهي ولا يحتاج الى الاهتمام العالي.
لذا اقول للعاملين في المؤسسات الرياضية ان عملهم في هذا المجال يشكل عبئاً ثقيلاً على العاملين فيه. فالرياضة اصبحت جزءاً من حياة المجتمع والدستور الدائم اقرها في المادة (36) والتي نصت على ان " ممارسة الرياضة حق لكل فرد وعلى الدولة تشجيع انشطتها ورعايتها وتوفير مستلزماتها".
وهنا نستطيع القول ان الحركة الرياضية وقطاعها الرسمي والشعبي يجب الاهتمام به ومن قبل كل المؤسسات المعنية بالرياضة، وبهذا يصبح قادة المؤسسات الرياضية معنيون بقطاعهم الرياضي لأن الاهمال والتقصير بهذا القطاع اصبح خطأ كبير، وان حسن الاداء في هذه المهمة الوطنية هو جزء اصيل من عمل المعنيين بالرياضة العراقية.
لذا اقول لأحبتنا العاملين في المؤسسات الرياضية والمشتغلين بالرياضة عليكم ان تشمروا عن سواعدكم وتقدموا خدماتكم لوطنكم فالرياضة وقطاعها الرياضي اصبح جزءاً من عملكم الوطني وادائكم الميداني والمطلوب ان تبدعوا في هذا المجال وتقدموا افضل ما لديكم وان يتسم عملكم بالنزاهة ونظافة اليد والضمير والحرص على المال العام، لأن الاموال التي تصرفها مؤسسات الدولة هي اموال من حقوق الشعب وان اهل الرياضة يعرفون بأن اموالهم هذه اقتطعت من قوت الشعب وعليه يتطلب من اهل الرياضة الحرص على الاموال وصرفها في المكان المناسب لها.
*******************************************
ميلان يُجهّز عرضاً جديداً لبوليسيتش
ميلان ـ وكالات
يسعى نادي ميلان الإيطالي إلى حسم مستقبل لاعبه الأمريكي كريستيان بوليسيتش خلال الفترة المقبلة، وسط توقف مفاوضات التجديد خلال الأشهر الأخيرة.
وكان بوليسيتش قد انضم إلى ميلان في صيف 2023 قادماً من تشيلسي مقابل 20.8 مليون يورو إضافة إلى متغيرات، ونجح منذ ذلك الحين في إحياء مسيرته، مسجلاً 34 هدفاً وصانعاً 23 تمريرة حاسمة في 103 مباريات رسمية بقميص الروسونيري.
ويمتد عقد الدولي الأمريكي حتى صيف 2027 مع خيار التمديد لعام إضافي، غير أن موقع كالتشيو ميركاتو أشار إلى أن إدارة ميلان تسعى لتوقيع عقد مُحسن مع اللاعب، يمتد حتى صيف 2029، مع راتب أكبر من راتبه الحالي البالغ 4 ملايين يورو سنوياً.
وبحسب المصدر، فإن عودة ميلان إلى دوري أبطال أوروبا تحت قيادة المدرب ماسيميليانو أليغري ستكون نقطة حاسمة في حسم موقف بوليسيتش من التجديد.
ومن المقرر أن تعقد إدارة النادي اجتماعاً مع وكيل اللاعب خلال فترة التوقف الدولي المقبلة في أكتوبر/تشرين الأول، في محاولة للتوصل إلى اتفاق نهائي يضمن بقاء النجم الأمريكي لفترة أطول في صفوف الفريق.
**************************************************
الصفحة العاشرة
الشاعر سفاح عبد الكريم ما زال يخاف أن يكشف اللعبة!
وجدان عبد العزيز
اخذت مساحة المشهد الثقافي العراقي بعد سقوط الدكتاتورية، بالتوسع في كل فنون الابداع، وبشكل خاص الشعر الشعبي. فرغم محدودية انتشار هذا النوع من الشعر خارج العراق، كونه يعتمد اللهجة العراقية الدارجة، فقد اثبت جدارته في تقديم صور شعرية استثنائية، جذبت له القارئ المتمرن في تحليل وتسجيل جملته المغايرة. وأعني بالقارئ المتمرن المحلل، ذلك الذي يقرأ ويقرأ، ثم يطرح بعد ذلك رؤاه النقدية، بحيث يكون قبالة المبدع صاحب الفرادة، قاريء يحاول مسايرة الابداع. ولهذا توسعت الرقعة الجغرافية للمشهد الثقافي العراقي بعد سقوط النظام، والخلاص من الرقيب الداخلي في مسامات أنامل المبدع.
ولما كانت اللغة، هي الحاملة لأغصان شجرة الابداع والثابتة بجذورها، تراكمت عليها المعارف عمقا، وعلى اسطحها ظهرت الجماليات المختلفة، باتت الإبداعات تطاردنا بجمالها نحن القراء، دون أن نستطيع الإلمام بها، مما يشكل إقراراً بعجز النقد عن اللحاق بقافلة الإبداع الثرية.
واثبتت لغتنا العربية بهذا انها حاضنة لكل الأنساق الإبداعية الحديثة في كل رؤاها المكانية والزمانية، تأخذنا الى مناطق تأملات عميقة، ولاسيما في الجملة الشعرية التي تمزج بين المعرفة والمهارة الذاتية، وهي تعلن عن لحظاتها الابداعية المتوهجة داخل القصيدة.
وهذا ما نتلمسه من قراءة قصيدة الشاعر سفاح عبدالكريم المعنونة "الجهات الأربع"، والتي يعلن فيها اصالة النفس وقوة وقوفها امام زحف سيء يحاول زحزحتها عما هو متأصل فيها. فروح الشاعر حين يقول "أمرايه روحي إو جامها الصافي ايتحسر" صافية تتلألأ فيها جماليات الاستقرار الثابت المتأصل، تماما كقوله "طيبتي من أهلي اورثتها/ من سجايا الخيل المأصله التدنگ للشلب)، وقوله:
"صوتي بيه همسة حبايب
وأمي وصتني إعله كيفك من تحب
صاحيه الغيره البراسي، وآنه صرماية حچي او طوري عذب
بعده ذاك المستحه ايطرز إرموشي
وعايز إشوية وفه حتى أقترب"
فذات الشاعر اصيلة كالخيل الاصيلة، ثابتة كماهي الجهات الاربع، لكن "عايز إشوية وفه حتى أقترب"، فقد تكون جمل الشاعر اعطت بنية سطحية، تقابلها بنية عميقة، هاجمت بسلاح الثبوت المتأصل حالات العقوق من الآخر. ثم يقول الشاعر عبد الكريم:
"حاير ابيا صوت أغني... حتى من أخسر أظل ساكت چذب
أصرخ إو مامن مجيب اليروي بستاني وآنه الصاير عِشب
إمخضره ابدربي الليالي وانتچيت إعله الوطن حسبالي اشب
عوز يمي التم عليه إمن الجهات الاربعة واشلون أهب"
وهنا عكس حيرته، ورغم ان الحيرة والحزن ينتابانه، بجمال وهو الغناء بقوله "حاير ابيا صوت أغني..."، يثبت ان العراقي كالعنقاء الطائر الذي لا يموت بسهولة، حيث العنقاء صفة مشبهة تدل على الثبات، فبقي الشاعر يغني رغم حزنه التليد، وبهذا خلق حالة توتر بين صوره المغايرة.
وحينما نتمعن، ونغوص في مكنونات التجربة الجمالية والفنية الخاصة للشاعر، كما وشتْ بها نصوصه في إطار سياقات معرفية وفكرية عايشها فعلاً، ثم مقاربة طريقته المميزة في ابتكار جماليات مرتبطة بتلك التجارب والخبرات الخاصة، تظهر لنا حيرته انه اختار الغناء، لكن ايما صوت يختار صوت الحزن، ام صوت الفرح، وهنا بقي الشاعر يداري حيرته، وهكذا استمر قائلا:
"الساتر الله.. اتراب بيه ريحة مقابر
والهوى المَرّ عالأرصفه ايحطني ابذنب
عندي إتدور الافلاك البعيده الذكرياتي الغاليه او جفني رطب"
ومن منطلق الحيرة، بقي يعالج قضايا الوطن وعلاقة الحب معه، ففي القراءة التأويلية يبقى العمل الأدبي يمر عبر سياقات تاريخية وثقافية مختلفة، مما يعني وجود معان جديدة ومختلفة يمكن تصورها في العمل، والتي لا يمكن أن يكون المؤلف، قد تصورها، أو الجمهور المعاصر، إذ يتوقف ما ينقله النص لنا على طبيعة الأسئلة، التي نطرحها عليه، وعلى قدرتنا أيضاً على فهم السياق التاريخي، الذي كتب فيه النص، ويتم تأويل النصوص عبر مراعاة الكاتب، والنص، والسياق التاريخي. ويعتقد الناقد الأميركي “هيرش غونيور” أن النص الأدبي يمكن أن يعني أشياء مختلفة لأناس مختلفين في أوقات مختلفة، وأن أهمية النص يمكن أن تتغير عندما يتغير السياق" فالشاعر سفاح عبدالكريم بقي ضمن حالة الحيرة والتردد، الا انه استطاع ان يقترب من رؤيته الخاصة بقوله:
"إمحايله اظنوني واشوف آنه السراب
امنين أجيب الفرح حتى أرجع شباب
الخاطر اليبچون أنا گمت اشتعل"
واخيرا لم يجد بدا من ان يشتعل لينير الطريق، ويكشف حقيقة علاقته بالوطن وبالآخر، متعكزا على جملة شعرية تقول: "الوكاحه إهدوم شتويه او تلمني/ والدفو إبراسي واخاف اكشف لِعب". جملة القول ان الشاعر ظل يحمل الحذر والخوف والحيرة، لانه ابن العراق الذي خرج من اعتى دكتاتورية عرفها تاريخه، ولا زالت آثارها بادية عليه.
********************************************
تجليبه
علاء الماجد
اجلبنك يليلي اثنعش تجليبه
ومن كثر القهر طلعت الف شيبه
اجلبنك يليلي والشعب مقهور
والتموا عليه الردي والطرطور
التظاهر بالسلم مكفول بالدستور
يادستور من ترجع لـ أبو حديبه
اجلبنك يليلي اثنعش تجليبه
اجلبنك يليلي والشعب مغلوب
حقه بالحياة مفرهد ومسلوب
ومن جذب الحكومة ترسينه جيوب
ومن نحجي نشكل خطر لو ريبه
اجلبنك يليلي اثنعش تجليبه
اجلبنك يليلي وكلبي ينزف دم
على الراحوا غدر بالجسر والمطعم
بس عدنه امل هذا الوطن يسلم
وتعدي الغمامه وهاي المصيبه
اجلبنك يليلي اثنعش تجليبه
اجلبنك يليلي وتشهد التحرير
وشبان التظاهر تنشد التغيير
هبوا للوطن يردونه جنه يصير
بس اهل الفساد تريد تسليبه
اجلبنك يليلي اثنعش تجليبه
*****************************************
الوفاء
في حياتنا.. أوفياء وناكرو جميل.. وقد اخترتُ "النخلة" رمزاً للوفاء، وهي تعاتب "ناكر جميل"
إبراهيم مايع طلال
نَخله آنــه .. وَرْد أعاتب
لن عِشِرتي ما صِنِتَهَهْ
عمري أنطي.. إنتَ تاخذ
ما وِفَيــت إو قدَّرِتَهَه
آنه مِن زين النَخل
آنـه مـو دگله إو خِنِتهَه
ألف وَسفه.. ما دِرَيت
الحسبَه مُو خَوش إحسَبِتهَه
گابلتنی .. وإنتِخَيت
ذِخِر هَلـنَخلَه رِدِتهَه
آنـه فيَّـك بالشمس
حَسباتك بگلبی إدفَنِتهَه
تِذْكر إشچم حَسبَه چانن
ما تِصَدِّگ لـو عِدِتهَه
چنه صُحبَه
أسرارعمرك، بَيني ما بَينك تِكِتهَه
صِرِت نَشوَه إو طلِّعَيت
طَلعَه طَلعَه الكِل بِسِتهَه
إفرَحِت بيَّه وإنتِشَيت
أحباب گلبک بشَّرِتهه
تشبگ إعثوگی شبگ
شبگة المَلهوفَه إعله بِـتهَه
تنتگی زَين الرطَـب
هاي حلوه .. ذیچ مو زَينَه عِفِتهَه
مِن چنت مِعتاز مضطَر
چنت طَيبَه وإعتِزِتهَه
يوم تنُّورَك هِفَت
سَعـفاتي بيدَك چیمتهه
يوم گتلی أطفالي برْدَوْ
إلــك كُرباتي إشعَـلِتهَه
يوم گتلی أبني بيتي
إجذوع ظهري فصَّلِتهه
ويوم إجيت فراش ماكو
إبْسَعفي حِصرانك حچتهه
بعد ما حالك تِحَسَّن
حتى گاعي نَشَّفِتهَه
إشلَعِت عرگی مْن الأساس
إعروگی بيدَك گطعتهه
روحي جمّاره طِريَّه
روحي جمّاره إو كَـلِـتهَه
عگب ما كِلشي نِطِيت
بِيَّــه نارك وجَّرِتـهَــه
******************************************
شيلة أمي
غادة جواد
تعاي اخذيني يم صدرچ
ثگل همي
يم ريحة اچفوفچ
يم عبير الياس
اتلفّت يمين.. ايسار ..
ما بالناس وجه امي
يحضنچ.. بي نعيم الجنة ما ينقاس
يفردوسي الهجرته لشهوة التفاح
وتالي الدنيا ضكّتني.. وحلمها الوردي طَش وانزاح
يأمّي..
يا رغيف الحنطة.. والسيّاح
يَعينچ.. ما شفتها امكحلة اولا وجهچ المرتاح
يَچفّچ.. ينعبد ..
من تندعين ودعوِتچ لاقفال بيبان السما.. مفتاح
يريحة شيلتچ.. دخّان تنورچ
واشمها المسچ والقداح
يوردة وما روت.. لا من ندى اولا درت شنهو الغيم
ربَتْ بالعوز.. واندگ وي وشمها الضيم
ينخلة صيفنا
و فَينا
و ثمر ينلاح
يباب الجنة..
يا جبريل گلبي
و إلچ كل مغربية و فجر خفگ اجناح
يا بسمة نبي
و دينچ صبر و احساس
يقديسة.. الجرح من ينعشگ ينباس
جرح فرگاچ هاجس.. چن سكر بالراس
يا يمه السماح..
وعذري ما مقبول
لأن يمچ سكوتي ايطول
واجي لبيتي.. والوذ بحرفي والگرطاس
*********************************************
والله ملّينه الحروب
عبد الحسن العبودة
والله ملينه الحروب
كل عمرنا نشوف بس دم
بالسلام اهواي نحلم
لا حكومه البينه تهتم
ولا صفت بينه الكلوب
والله ملينه الحروب
ابسببها الناس فقره
والثمن تدفعه البصره
كون ياربي تهطره
كلمن يدور حروب
والله ملينه الحروب
بنفسي اشوف الطفل ورده
وماكو كل دمعه عله خده
والظلم هالوصل حده
ليش مو مثل الشعوب!؟
وآلله ملينه الحروب.
يا وطن يابو الجراح
شوكت منشوف السلاح؟
من شبابه الراح راح
والبقه كض الدروب
والله ملينه الحروب.
يا وطن بالخير تنزف
والحرامي بيك ينتف
ولو كلت هذا تخلف
زعلت كروش وثروب
والله ملينه الحروب
*******************************************
تساؤلات
عباس طريم
ليش عد الكفر ممنوع الفساد
وليش عدنه البوك والفرهود
زاد ؟
واقتصاد الدول يركض للامام
ليش عالبك عدنه يمشي
الاقتصاد ؟
وليش ساد الامن والعيش الكريم
بالدول ، واحنه الفقر والجوع
ساد ؟
وليش كل الدول تفخر بالتراث
واحنه بابخس ثمن بعناه
بالمزاد ؟
وليش كل لص، وحرامي ايحاسبوه
واحنه يطلع يفتخر بين
العباد ؟
كل شعوب العالم اتعيش ابسرور
ليش بس احنه ، حداداً
في حداد ؟
الخيرّ ايظل بالوطن ، يبني الحياة
ليش خيرنه يهج امن
البلاد ؟
الناس في كل معضله ، اتحكم العقول
ليش بس عدنه الاصابع
عالزناد ؟
وليش ميهيد الوضع ، بارض العراق
وحته بالشيشان والصومال
هاد ؟
وليش اليأمنوه ، حارس عالبناء
يفلش الحيطان ، ويبوك
المواد
وليش اصحاب البخل، صارو الروس
وذيلهم ، صار المعدل
والجواد ؟
والشيوخ ، البالشدايد ينتخون
والمضايف عامره ومليانه
زاد ؟
ليش هسه اتغيرو ، واللي تجيه
يريد يعرف اولا
كم يستفاد ؟
وليش كلمن يسأل : شلونه العراق؟
يجاوبه محيسن [ ولك اصبح
رماد ] ؟
وليش ابو البطيخ ، يتعين مدير
وعادل الخريج ، محصوله
السماد ؟
بالنزاهه وبالشرف ، تفخر الناس
ليش عدنه الناس تفخر
بالفساد
وليش فاد النصح ، وي كل الشعوب
ولا نصح بينه ولا ارشاد
فاد
وليش ابو الركي ، يعينونه مدير
جاوبيني ، فدوه لعيونج
سعاد ؟
وليش اليكول الوضع ، مزري واليم
يهاجمونه اهل البخت
مثل الجراد ؟
وليش كلمن ينتقد وضع العراق
شارب ايكولون ، ومضيع
الرشاد
*****************************************
الصفحة الحادية عشر
دراسات انثروبولوجية عن الچبايش
* عن دار المأمون في وزارة الثقافة، صدرت الطبعة الثالثة من كتاب " الچبايش/ دراسة انثروبولوجية لقرية في اهوار العراق" تأليف: شاكر مصطفى سليم. وكانت الطبعة الاولى قد صدرت عام 1958 والطبعة الثانية 2021.
* وعن دار المدى صدر كتاب " الچبايش- دراسة انثروبولوجية للحياة اليومية في مدن الاهوار" تأليف انتزال الجبوري.
والچبايش/ قضاء في محافظة ذي قار يُعد قلب الاهوار العراقية، ومضايفه مبنية من القصب، ويعتبر من ابرز المعالم السياحية العراقية راهناً، بعد ان تم وضع الاهوار ضمن قائمة التراث العالمي لليونيسكو عام 2016.
قضاء الجبايش اليوم يعاني مثل الاهوار نفسها من الإهمال، ويتطلب الانتباه الى ادامة وجوده السياحي المتميز.
***********************************************
أصلُ الأفكار عند هيوم
بهاء سوادي
على الرَّغم من أنَّ فكرنا يبدو مالكًا لهذه الحرية اللامحدودةِ فإنَّنا، عندما نَفحصهُ عن كثبٍ، نَجدُ أنَّهُ في الحقيقة مَحجورٌ عليه في حدودٍ ضَيِّقةٍ، وأنَّ كلَّ قُدرة للذِّهن الخلَّاق هذه، لا تتعدَّى مَلكةَ التركيب والنَّقلِ والزِّيادةِ والإنقاص للمواد التي تُزوِّدنا بها الانطباعاتُ – أي الخبرة والحواسّ – الناتجة عن التَّجربةِ.
ديفيد هيوم / مَبحثٌ في الفاهمَة البشرية.
لقد أُلبِسَ فكرُ هيوم عباءةَ التّجريبيّةِ الخالصةِ في النّقد، وهذا أمرٌ لا جدالَ فيه؛ فالرّجل يُعدُّ من أبرزِ واضعي الأسسِ الأولى للتّجريبيةِ الحديثة، وهو من رسمَ ملامحها الصّارمة في مضمار المعرفة. وبما أنّ التّجربة، عنده، تُشكّلُ العُقدةَ الفلسفيّةَ التي تسيرُ عليها كلُّ أفكارِنا، فقد كان من الضّروريّ - من هذا المنطلق - أن تشمل هذه الرّؤية حتى أعقد مكوّنات الذّات الإنسانية الا وهي:الخيال. إذ لم يتسامح هيوم مع أيّ نشاطٍ ذهنيٍّ يبدو منفصلًا عن التّجربة اذ انّه كان قد دأب لكشف الحجب حتى عن الخيال الذي ينشأ بعيداً عن الواقع الحسـي _المجرب_عند الأنسان ،بل أخضعَ الخيال ذاته لنفس القاعدة، كاشفًا عن أُصوله التّجريبيّة.
انها مفاجأة او لنقُل ومضةُ مُدهشةُ – تكمن في أنَّ هيوم لم ينظر إلى الخيال على أنّه قوّة مستقلّة تنشأ بعيدًا عن الإدراك الحسّي، بل اعتبره نشاطًا ذهنيًّا ثانويًا، ينتمي بدوره إلى عالمِ الواقع والتّجربة. فالخيال عنده ليس سوى صنيعةٍ من صَناعِ الحواسِّ، ووليدًا طبيعيًا لما يُقدّمه الإدراك من مادّةٍ أوليّة. وقد عبّر هيوم عن هذه الرّؤية بجلاءٍ في كتابه "رسالة في الطبيعة البشريّة"، حيث قال:
"الخيالُ حرٌّ في ترتيبِ الأفكار، لكنّه لا يستطيعُ اختراعَ فكرةٍ بسيطةٍ لم تمرّ عليه كإحساسٍ أو انطباعٍ مسبق."
والمقصود بذلك أنَّ الخيال - مهما بدا طليقًا ومتحرّرًا - لا يستطيعُ اختلاقَ محتوى جديد لم يسبق أن رآه أو أحسَّ به الإنسان من قبل، اي ان ليس بمقدور الخيال الخروج عن اطار الواقع هذا الا بكيفية تركيبية ينظّم بها المواد التي سبق وان استقاها من الواقع.!
وعلى ضوء هذه القاعدة، يُقدّم هيوم دليلًا يُعزّز به فرضيّته، من خلال حجّتين اكتفى في الاولى التي يقول فيها:
"حين نُحلّل أفكارَنا أو إدراكاتِنا، مهما بلغَت من سموٍّ أو تعقيد، فإنّنا نراها تتحلّل ابداً إلى وحداتٍ بسيطة، كانت قد نُسخت عن سابقِ إحساسٍ أو شعور – أي عن تجربةٍ واقعيّة – حتى تلك الأفكار التي تبدو لنا، للوهلة الأولى، بعيدةً عن كلِّ أصلٍ حسّي، نكتشف عند تمحيصها أنّها مشتقّة من ذلك الأصل نفسه."
ويضرب مثالًا قويًّا على ذلك بفكرة "الله"، إذ يرى أنَّ هذه الفكرة – من حيث كون الله كائنًا رحيمًا، حكيمًا، عليمًا، غير متناهٍ – ليست إلّا ناتجًا عن تفكير الإنسان في نفسه، وعن تصوّره لصفاته العقليّة والنّفسيّة، ومن ثمّ مضاعفتها بلا حدود، حتّى تنفلت من قيد النّقص البشري.
وبناءً على هذا السّلوك المطّرد للخيال، القائم على مراكمة التّجربة، نستطيع أن نخلُص إلى نتيجةٍ تبدو للوهلةِ الأولى متناقضة، ولكنّها – بالتحليل الجدليّ – منطقيةٌ تمامًا:
كلّما اتّسعت تجربة الإنسان في الواقع الحسّي، اتّسعت معها آفاق خياله ، وزادت قدرته على الانفلات في عوالمَ ميتافيزيقيّة واكثر لامحدودية واغزر سفـرا في فضاء اللاممكن، الذي هو بعينه نتيجة الممكن.
فالخيال الميتافيزيقيّ العميق، حسب هذه الرؤية، لا يُولد من التّرف العقليّ أو من رغبةٍ في التّجاوز فقط، بل هو نتيجة تراكم الواقع في الذّهن، وتحوّله إلى مادّةٍ قابلةٍ للتركيب والتّوسيع.
لم أنتهِ بأجتراح استنباطً كهذا، إذ لطالما نجد أنَّ للتّجربة مجالًا، وللرّوح الميتاطبيعيّة مجالًا آخرَ، يختلف في الجوهر والمصدر والغاية. غير أنّ قوّةَ منطقِ هيوم، وشفافيّة أسلوبه، وحلاوةَ أفكاره، تدفعُ الذّهن دفعًا نحو التّأمل وإعادة النّظر، بل تجعلُ من هذا الفصل القديم بين الحِسّ والخيال أمرًا لا يخلو من المراجع.
*****************************************
آراء.. الورق.. ودفء الحبر
د. علي زين العابدين الحسيني
ثمة سؤال ظل يرافقني طيلة سنوات، يعود إليّ كلما وجدت نفسي جالساً أمام شاشة الكمبيوتر، يحدق بي مؤشر الكتابة اللامبالي، وأنا أحاول أن أقتنص الفكرة من زحام الأفكار، وأعيد ترتيب الجمل في فضاء افتراضي بلا ملمس ولا روح: هل غيّرت التكنولوجيا جوهر الكتابة؟ هل لا يزال للإبداع النكهة نفسها حين ينزلق من أطراف الأصابع مباشرة إلى شاشات البرامج الحديثة، دون أن يسير الطريق الطويل عبر القلم والورق؟ صار كثيرون يفضلون أن يختصروا الطريق، أن يكتبوا أفكارهم مباشرة على برامج مثل "الوورد"، وأن يستغنوا عن متعة الورقة البيضاء التي تنتظر الحبر، وعن تلك اللحظات التي يمضيها الكاتب مع نفسه ممسكاً بقلمه، غارقاً في عالم خاص، يخلق فيه الكلمات من صمت وتأمل. وقد يبدو الأمر منطقياً، خاصة في عصر السرعة؛ لسهولة الحذف والإضافة والتعديل، حيث يمكنك أن ترتب أفكارك، وتعيد صياغتها بضغطة زر، لكن مع كل هذه السهولة أشعر أن شيئاً ثميناً قد فُقد على طول هذا الطريق المختصر. إن الكتابة على الورق طقس كامل، وتجربة روحانية تجمع بين حركة اليد، وصوت احتكاك القلم بالصفحة، ورائحة الورق التي تملأ الأجواء بشيء من الحنين، فحين تمسك بقلمك وتخط سطراً خلف سطر، تجد أن الأفكار تتدفق بحرية لا تقارن، وكأن الورقة تمتلك قدرة سحرية على استدعاء الإلهام. ومن مزايا الكتابة اليدوية أيضاً تلك العلاقة العميقة التي تنشأ بين الكاتب ونصه؛ فعند مراجعة ما كتبته بقلمك، تجد نفسك تعود لقراءة الحروف بعين متأملة، تلاحظ أدق التفاصيل، وتشعر بثقل الكلمة وخفتها، وتستطيع أن تستعيد الحالة الذهنية التي كنت عليها أثناء الكتابة، وهذا ما لا يحدث كثيراً عندما تكتب عبر لوحة المفاتيح. ولعل أجمل ما في الدفاتر أنها تحملك في رحلة عبر الزمن؛ سطورك بخط يدك تصبح جزءاً من ذاكرتك الحية، شاهدة على فترات مختلفة من حياتك، على أفكار كنت تحملها ذات يوم وربما نسيتها، لكنها باقية هناك، تحتفظ بكل شيء: مشاعرك، طموحاتك، مخاوفك، وحتى ملامح شخصيتك في تلك اللحظة. وأنا ممن لاحظت فرقاً هائلاً بين شهور أمضيتها أكتب فيها بالقلم، وأخرى اعتمدت فيها كلياً على الكتابة الرقمية؛ ففي تلك الشهور التي كان الورق فيها حاضراً كانت الأفكار أكثر تدفقاً، والإنتاج أكثر غزارة، وكأن القلم يوقظ خلايا خاملة في العقل، ويحرّض على الاسترسال، بينما الكتابة الرقمية -رغم سهولتها- تبدو أحياناً باردة الأحاسيس وجافة المشاعر، تفتقر إلى الروح التي يمنحها الحبر. ثم هناك بعد جمالي آخر يغفل عنه الكثيرون: هو ذلك الشعور الخفي الذي يتسرب إليك وأنت تمسك بدفترك، تقلب صفحاته، تمر بيدك على خطوطك، وتتنقل بعينيك بين العبارات، وتعيد اكتشاف نفسك. حتى تنوع الأقلام وألوان الحبر يضفي على التجربة نكهة لا تُنسى؛ فبعض الكتّاب لا يبدؤون إلا بقلم معين، وربما لون معين، كأن للحبر رمزية تهيئ الروح للكتابة. ولعلنا حين نتأمل في سير كبار الأدباء والكتّاب سنجد أن علاقتهم بالأقلام كانت رفيقاً روحياً ووسيطاً صادقاً بينهم وبين أفكارهم. كانوا يولون اختيار أقلامهم عناية خاصة، وتتنوع ميولهم في ذلك؛ فمنهم من لا يأنس إلا بالحبر الأخضر، ومنهم من يفضّل القلم الرصاص، وآخرون يرون في سواد الحبر رمزاً للرصانة والوضوح. ولا ريب أن اختلاف هذه الأذواق انعكاس لعلاقة حميمة وعميقة تجمع الكاتب بالقلم، علاقة تشي بأهمية هذه الأداة الصغيرة في مسيرتهم الإبداعية. والأهم من كل هذا أن اليد التي تهجر الكتابة بالقلم تضعف مع الوقت، كما يضعف الجسد إن هجر الرياضة؛ فالكتابة باليد تدريب مستمر على الصبر، على الانتباه، على دقة التعبير. إنها في ذاتها تربي الكاتب على الانضباط، على أن يفكر قبل أن يخط؛ لأن تصحيح الحبر ليس سهلاً كما في البرامج الحديثة. تظل الكتابة بالقلم تواصلًا صامتًا بين الإنسان وذاته، ورحلة نحو العمق، وتمرينًا على الإصغاء للأفكار قبل أن تصبح كلمات، ولعل ما يجعلني تمسكاً بها اكثر هو ذلك الشعور بأن الكتابة الورقية تمنحني فرصة لمحادثة نفسي بصوت مكتوب أحتفظ به للأيام القادمة تماماً كما يفعل الأصدقاء الحقيقيون، الذين مهما طال الغياب لا تخونهم الذاكرة. لهذا، سيبقى الدفتر والقلم رفيقين لا غنى عنهما، ما دامت في القلب فكرة، وما دام في العقل سؤال.
******************************************
الرواية وحرية التعبير
محمد الأحمد
الرواية عمل شاق وشائك، وتتمثل كتابتها عن طريق نسق مختار من بين الأنواع المتعددة؛ جميع أحوالها القلب النابض للرواية، النسق الروائي هو الطريقة التي يروي بها الروائي عالمه المتخيل، صنعته المتقنة أو رسالته الى القارئ حتى يقنعه إنها القضية التي يجب ألا تكون مخفيّة، يرسم بدقة شخصيات توضح تشابك الأحداث.
اغلب الأنساق الروائية تختلف من كاتب الى آخر، وليست عملية "نقل للأحداث" بترتيب زمني، بل هي رؤية الكاتب للعالم الذي يصنعه، وكيفية تقديمه بوضوح للقارئ حتى يستفيد منه. فالسرد نظام يجري كنسق بنائي يقوم على نظام يقنعنا فيه الكاتب بأحداث روايته حيث كل تجربة - القناعة التامة بما يقدمه للقارئ، تتنوع وفق نظام جلي له نسق يعبر بواسطة شكل من أشكال السرد. كما في الروايات التي كتبت في السابق باختلاف الأهداف، باستخدام الأساليب الفنية المتاحة. الرواية.. حرية مطلقة للبوح، مساحة عصرية تتسع لمن يحضر العصر ليقول إنني حيّ أُرْزَقْ ولا يمكن أن يسلب حقي في الرأي والتنفس. ومن حق أي كاتب اختيار الموضوعة المناسبة للبوح من خلالها بما يريد أن يبوح به، الرواية دائما يختارها، من تنبض عروقه بالعطاء. انها وسيلة حرة للتعبير ومن حق الجميع محاولة كتابتها، شرط أن يقنع كاتبها القارئ وان لا يستغفله على انه مُسطح، وألا يستهين بفرصته الذهبية الممنوحة من لدن القارئ، وألا يضيّع له وقته الثمين في ترّهات عشوائية قد تقرفهُ، وتجعلهُ يندم مما حدث معه. البعض يجد سبيله في سرد خطي أي يتابع حدثا قد حدث، كالخط المستقيم الذي تسنده المسطرة، وفق ترتيب زمني واضح: بداية، ثم وسط، ثم نهاية. يعرف هذا الشكل بأنه "السرد الكلاسيكي حيث يبدأ الكاتب بتمهيد الشخصيات والزمان والمكان، ثم يتطور الصراع حتى يصل إلى الذروة، وينتهي بنهاية القصة حيث يضع لها نتيجة أو نهاية مفتوحة. ذلك السرد شائع في الروايات التاريخية والواقعية، لأنه يمنح القارئ إحساسا بالوضوح والانسيابية. مثال: روايات: نجيب محفوظ، وديكنز وروايات مثل "زيفاكو"، وروايات "روكامبل" الشهيرة التي تحافظ على التسلسل الزمني الواضح، فالاطلاع على الرواية العالمية تعلم علامتها، وتذكر أن هناك سرد دائري يبدأ من حيث تنتهي في نفس النقطة، تضع دليلا الى القارئ لكي يعود إليها. هذه التقنية تمنح إحساسا بالقدرية أو التكرار الحتمي للأحداث، وغالبا ما تستخدم لإبراز فكرة أن الشخصيات لا تستطيع الهرب من مصيرها. مثال: بعض أعمال "خوسيه سرماغو"، "غابرييل غارسيا ماركيز"، "ماريو مارياس يوسا" حيث تتكرر الأحداث بنكهة أسطورية. تجعلنا نعود الى نقطة البداية، لتكتمل دورة يريدها الكاتب. على عكس تلك الطريقة التي تعتمد التقطيع ، أي إنها تتجاوز السردية المنتظمة وتفلت من القيود الزمنية، فتقفز بين الماضي والحاضر وربما المستقبل. هنا، يختلط الحاضر بالذكريات والاستباقات، في محاولة لخلق تجربة قرائية أكثر تعقيدا وعمقا. هذا النوع يناسب الروايات النفسية أو الفلسفية، حيث يعكس تشتت الوعي أو تعدد وجهات النظر. كرواية "البحث عن الزمن المفقود" لمارسيل بروست، وخريف البطريرك لماركيز عندما تنقل ليروي لنا تاريخ الدكتاتورية الحاكمة في بلاده التي أمسكت بها الرواية وأسقطتها بشكل عنيف ومهيب جعلتنا كقراء نتفاعل مع ما نقرأ. وكذلك هناك من يسرد روايته عبر الأصوات المتعددة، حسبما يرى في تعدد الشخصيات مجالاَ حيويا لان يروى الحدث من أكثر من منظور واحد، بل من خلال عدة شخصيات، لكل منها صوتها ورؤيتها الخاصة.
تلك الطريقة تحتاج الى راو سارد ماهر يجيد القبض على الزمن ليكشف التناقضات من عدة زوايا، بعضهم يجعل القارئ مشاركا في البحث عن الحقيقة وسط تعدد وجهات النظر. كما في أعمال "عبد الرحمن منيف" في "ارض السواد"، و"مدن الملح" كذلك في رواية "الأخوة كرمازوف" لروائي الروسي الشهير "دستويفسكي"، وتعدد الأصوات في "الصخب والعنف" للكاتب الأمريكي "وليام فوكنر" التي تنقل الأحداث من عيون مختلفة، ومن زوايا متعددة.
إضافة إنها تعتمد (ضمير المتكلم) وفي نفس الوقت تساهم في تقديم تواصلي للحدث حيث تجعل القارئ قريبا جدا من مشاعره وأفكاره. هذا الأسلوب يعزز الإحساس بالحميمية، لكنه قد يكون محدودا لأنه يقتصر على ما يعرفه الراوي. كذلك "ذكريات منزل الأموات" لدستويفسكي "الشيخ والبحر" ل"ارنست هيمغواي" ثم "الأمير الصغير" للكاتب "أنطوان دو سانت إكزوبيري"، حيث العالم يرى بعين الراوي فقط، يمكننا أن نناقش في ذلك (الراوي الكلي المعرفة) كما تسميه "جوليا كريستينا" حيث يكون الراوي حاضرا في كل مكان، يعرف كل شيء عن الشخصيات وأفكارها وماضيها ومستقبلها. وحسب "ميخائيل باختين" يمنح هذا النوع من السرد حرية كبيرة في الانتقال بين المشاهد والأزمنة. كما في "الحرب والسلام" لتولستوي و"المقامر" "الجريمة والعقاب" لدوستويفسكي.
لكل كاتب حرية مطلقة في طريقة روي روايته، حرية مفتوحة، لدعم حرية الرأي، والموقف.. تكاد تكون كالماء المبذول لشاربه، وكل له الحق في تجربته السردية بكسر القواعد التقليدية، مثل إدخال نصوص غير مكتملة، أو اللعب بالخط البصري على الصفحة، أو إدماج الشعر والمذكرات والتقارير الصحفية كما فعل "صنع الله إبراهيم" في روايتيه الرائعتين "بيروت.. بيروت" و"وردة". وهذا يناسب الروايات الحداثية.
مسألة تقنية رؤية تؤهل الكاتب للاقتحام، محافظا على هدف يتمثل كيف يرى ذلك الحدث، بشرط الجديّة تتمثل أن يضع القارئ في نظامه الخاص مفترضا الكيفية في تفاعل الشخصيات التي من الممكن أن تبقى حيّة تعيش حرة خارج متن الكتابة.
********************************************
بلا اسم
شعر: فودينيكوف ديمتري
ترجمة: تحسين رزاق عزيز/ موسكو
أنت تغسل طوال أيامك
(لقد قرأنا عن هذا في مكان ما):
تغسل المنزل، والعقل، والثلاجة.
أنت تغسل وتغتسل
من الداخل،
وتقلب نفسك من الداخل إلى الخارج:
تغسل أمعاءك، تغسل دماغك،
تغسل مرارتك،
وقلبك الأسود،
تغسل أضلاعك الحقيقية، وأضلاعك الكاذبة،
وأضلاعك المتأرجحة.
حتى أنك تغسل الغدة
الصعترية المختفية
تغسل بفرشاة كبيرة غير مبالية.
لذلك أصبحنا أنا وأنت بلا اسم.
مجرد أشياء تافهة للغسيل
مجرد فجوات،
مجرد متاهات
أرجوانية ناعمة منحنية.
كم فينا من الظلمة،
كم فينا من الجبن، كم من الضعف
كم من الحزن، كم من الحرية
كم من الصدق، كم من الفضيلة
كم من الشر.
على الكوكب الأكثر عزلة وفي الوقت نفسه
الذي يطن باستمرار
في منظومتنا الشمسية، في المجرة
وفي الكون
يغتسل الإنسان من الداخل، وينظف نفسه
بفرشاة صغيرة تختفي
وسرعان ما تبلى:
اتضح أنها قطعة قند.
يغسل الإنسان ويغتسل من الداخل
من وجهة نظر السماء
هو صغير إلى حد الزوال.
بدلَ هذا الدخان، بدلَ هذه الدائرة
بدلَ الحياة معاً التي تطورت فجأة.
ولكن الأهم بدلَ هذا الدخان:
رأيته في حلمي، وكنت شابّاً.
حلمَ بيَ الدخانُ. وقفتُ قربه وأحطتُ به
على الرغم من عدم امتلاك الدخان ذراعين يمدهما نحوي
ولا عينين يرى بهما الأحلام.
لكننا حلمنا ببعضنا البعض.
الآن أنت تحلم بي
وأنا سوف أحلم بك
من الفراغ الزجاجي
الذي تكثَّفَ فجأة.
سيضع الدخان الجديدة الكؤوسَ
رأساً على عقب
ويقول للضباب: نحن الآن ثلاثة.
«لا تستدِر،
تظاهر فقط
بأن شخصاً ثالثاً يقف هناك دائماً».
بيد أنكَ تستدير، من دون أن تستمع إلى النهاية
ولكن هناك، خلف سواد زجاج النافذة
وهناك، خلف رذاذ زجاج الفجر
تلوح لك الحياة السابقة بلونها الأبيض.
في أي وقت، في الظلمة وفي النور
تارة بشيء أبيض،
وتارة بعمود الشمس
مثل إغواء العقل الباطن،
يتضاعف ويتموج.
والشخص الثالث يقف هناك دائماً.
************************************************
الصفحة الثانية عشر
في اتحاد الأدباء ببغداد استذكار القاص الراحل إدمون صبري
متابعة – طريق الشعب
ضمن مشروعه الرامي إلى إحياء التراث السردي، نظم نادي السرد في الاتحاد العام للأدباء والكتّاب، السبت الماضي، جلسة استذكار للقاص الراحل إدمون صبري (1921 – 1975)، بحضور نخبة من النقاد وعدد من الأدباء والمثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي.
الجلسة التي التأمت على قاعة الجواهري في مقر الاتحاد، أدارها الروائي خضير فليح الزيدي. واستهلها معرّفا بالقاص الراحل.
وقال أن "حياة صبري اتسمت بالعزلة والإشكالية، لكنه بقي أحد أبرز الأصوات السردية التي أثرت في المشهد الأدبي العراقي".
في مداخلة له، ذكر الناقد د. شجاع العاني، أن "النقدية العراقية لم تنصف النتاج السردي لصبري، على الرغم من غنى مضامينه الفنية، وتحويل بعض قصصه الرائعة إلى أفلام سينمائية بارزة، من بينها فيلم (سعيد أفندي)".
فيما قال الناقد حمزة عليوي في مداخلة له، أن "القاص إدمون صبري أصدر ثلاث مجموعات قصصية تعكس ثلاث مراحل سياسية مختلفة، من أبرز ما فيها قصة (الخالة عطية) التي تتناول سيرة امرأة تتزوج رجلاً يكبرها سنا. وهي قصة ذات بعد سياسي بامتياز، وتشير القراءات إلى أنها كُتبت عام 1958، وجاءت موجّهة لانتقاد النظام الملكي آنذاك".
من جانبه، رأى الناقد محمد أبو خضير في مداخلة له، أن "إدمون صبري لم يكن مجرد قاص، بل كان رجل ثقافة وأديبا منتجا. امتاز برشاقة سردية جعلته علامة فارقة بين أبناء جيله ومن جاء بعده". واشار إلى ان "إدمون لم يتردد في إدخال البعد الإشهاري في معظم نصوصه، فضلاً عن كونه مترجماً بارعاً أغنى الساحة الأدبية بمساهماته".
وساهم عدد من الحاضرين في تقديم شهادات ومداخلات عن القاص الفقيد، عكست صورة بانورامية عن حياته وتجربته السردية، بوصفه كاتبا مجددا جمع بين الجرأة السياسية والبراعة السردية والقدرة على الترجمة والانفتاح الثقافي.
********************************************
اليوم الثلاثاء افتتاح معرض بغداد الدولي للكتاب
متابعة – طريق الشعب
بمشاركة أكثر من 600 دار نشر ومؤسسة ثقافية وبحثية من العراق ودول عربية وأجنبية، تنطلق صباح هذا اليوم الثلاثاء فعاليات الدورة 26 لمعرض بغداد الدولي للكتاب، وذلك على أرض مدينة المعارض في العاصمة.
المعرض الذي يستمر حتى يوم 21 أيلول الجاري، يتضمن إلى جانب أجنحة الكتب، برنامجاً ثقافياً متنوعاً يشمل ندوات فكرية وأمسيات شعرية وجلسات حوارية وورش عمل.
وتحلّ دولة قطر ضيف شرف على هذه الدورة. إذ يسعى جناحها إلى إبراز الإنتاج الفكري والأدبي والفني القطري، فضلا عن تعزيز التعاون مع المؤسسات الثقافية ودور النشر العراقية والعربية. ويقترح البرنامج القطري سلسلة من الندوات والمحاضرات، أبرزها محاضرة بعنوان "المسرح القطري: تجربة خمسين عاماً وأكثر" للكاتب حسن رشيد، وأخرى بعنوان "هندسة المشاريع والفعاليات الثقافية: تجربة وزارة الثقافة القطرية" يقدمها ناصر مال الله المالكي.
وحسب المدير التنفيذي للمعرض أزهر عبد الوهاب الراضي، فإن هذه الدورة تسعى إلى ان يكون المعرض منصة لدعم صناع الكتاب والنشر في العراق والعالم العربي، من خلال ربط الناشرين بالمؤلفين والقراء، مع فتح فرص تعاون جديدة، وترويج ثقافة القراءة والحوار والانفتاح، وبناء شراكات جديدة تدعم استمرار صناعة النشر عربياً.
*********************************************
يعقد ملتقى الثقافة الموسيقية في الاتحاد العام للأدباء والكتاب، هذا اليوم الثلاثاء، جلسة بعنوان "(زياد) الفتى الرحباني المتمرد"، يتحدث فيها الباحث والفنان ستار الناصر، مع تقديم مقطوعات موسيقية.
الجلسة التي من المقرر أن تديرها د. راوية الشاعر، تبدأ في الساعة 5 مساء على قاعة الجواهري في مقر الاتحاد بساحة الأندلس.
********************************************
ليس مجرد كلام.. تساؤل مشروع جداً ..
عبد السادة البصري
بعد أن سعوا الى الحطّ من شأن المرأة في تصويتهم على قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية 188 لسنة 1959، وعلى المدوّنة من بعده رغم ان بعض بنودها تحرم المرأة سواء كانت أماً أو اختاً او زوجة أو بنتاً، من حقوقها التي جُبِلَت عليها وأقرّتها كل الشرائع السماوية والإنسانية!
بعد ذلك يُطرح تساؤل امام الجميع: كيف ستكون الحياة لو خلت من لمسة الجمال (المرأة) ؟!
كيف يحيا المرء بلا أمٍ، وبلا حضنٍ يأوي إليه كلمّا داهمته الخطوب ؟
كيف تكون الحياة بلا المرأة؟! بالتأكيد ستغدو داكنة الظلمة، تخيّم على فضائها الوحدة والهموم والبؤس .
فالمرأة هي كل شيء جميل في الحياة !!
يقول الروائي كاميليو خوزيه ثيلا : النساء أرسخ قَدَماً في الأرض من الرجال، وحسّهنّ العام أقوى.
إنها المرأة وكفى !
لو لم تكن لما استمرت حياة آدم ووجوده الكوني.
المرأة التي وقفت إلى جانب الرجل منذ فجر التاريخ، وناضلت، وصمدت أمام أعتى الأعاصير والأنظمة الفاشية الاستبدادية، لتحطّم قضبان السجون، وتهزّ عروش الطغاة، وتمرّغ أنوف الجلّادين في وحل العار والهزيمة.
علينا أن نحترمها ونوقّرها بإعطائها حقوقها كاملة ، نلك التي شرّعتها السماء والارض والضمير الانساني الحقيقي، لا أن نسعى الى اهانتها والحطِّ من كرامتها بإصدار قرارات مجحفة تظهر عدم احترامنا لها.
لقد اعطى القانون 188 للعراقيين بكل اطيافهم، رجالاً ونساءً حقوقهم بشكل عادل ومنصف جداً، كما شدد على وحدة الوطن. فالعراق وطن متعدد الطوائف والديانات، لكنّها تصبّ في بوتقة واحدة اسمها العراق. وان أي تغيير في هذا القانون سيفتح أبواب الفتنة والخلافات والمشاكل والازمات، وأولّها ظلم المرأة، نصف المجتمع الذي أوجبت كل الشرائع والسنن احترامه وإنصافه.
**************************************
في الناصرية أمسية ثقافية عن {فرقة ذي قار} للتمثيل
الناصرية – طريق الشعب
ضيّف ملتقى "سومريون" الثقافي بالتعاون مع "جماعة الناصرية" للتمثيل، أخيرا، الفنان هيثم محسن الجاسم، الذي تحدث في أمسية ثقافية عن "فرقة ذي قار للتمثيل (1982- 1987)".
الأمسية التي أقيمت على قاعة الملتقى في الناصرية، أدارها الأستاذ سلام جيجان، وحضرها جمع من المثقفين والمهتمين في المسرح. كما حضرتها السيدة هيفاء الأمين عن التحالف المدني الديمقراطي في ذي قار.
وتحدث الفنان جاسم في الأمسية عن ظروف تأسيس الفرقة المذكورة، التي تمثل امتدادا للنشاط المسرحي في الناصرية في السبعينيات، متناولا الظروف التي أحاطت عملية تشكيل الفرقة وتقديم الأعمال.
ورأى أن المسرح العراقي تأثر بالفكر التقدمي الماركسي، وانعكس ذلك في العديد من الأعمال المسرحية الاجتماعية على الرغم من محاولة النظام الدكتاتوري السابق تحويل المسرح إلى أداة تعبوية لحروبه وسياسته.
وأشار أيضا إلى دور المخرجين مهدي السماوي وكاظم العبودي في الفرقة. وتحدث عن العديد من زميلاته وزملائه أعضاء الفرقة.
وتخللت الأمسية مداخلات ساهم فيها عدد من الحاضرين.
**********************************************
نظمها {مركز بغداد} للتنمية ورشة حوارية عن الأمن الغذائي
بغداد – طريق الشعب
نظم "مركز بغداد" للتنمية القانونية والاقتصادية، السبت الماضي، ورشة حوارية بعنوان "الأمن الغذائي.. مستحقات وآليات"، شاركت فيها نخبة من الاختصاصيين والمهتمين في الشأنين الاقتصادي والزراعي.
الباحث الاقتصادي ثامر الهيمص، رئيس القسم الاقتصادي في المركز، استهل الورشة بكلمة ترحيب، أعقبها بعرض مطالعته الخاصة في مادة الورش.
وتركزت محاور النقاش حول علاقة الأمن الغذائي بملف المياه، وإمكانية الاستفادة من مياه الخليج، فضلاً عن تحديث الزراعة كأحد السبل الأساسية لتعزيز الأمن الغذائي في العراق.
كما تناولت الورشة الاستخدام الرشيد للمياه المتاحة داخل البلاد. وشددت على ضرورة الاستفادة من الثروات المائية الجوفية بوصفها أحد البدائل المهمة لدعم الأمن المائي والحد من الهدر. وتطرقت المداخلات إلى وجود عوامل عدة مؤثرة في اتجاه الأمن الغذائي، أبرزها العلاقات بين الدول المتشاطئة. حيث يتطلب أن تكون هناك دبلوماسية محنكة واستثمار للإمكانات الاقتصادية العراقية في مجال الاستيرادات التجارية مع دول الجوار، لتعزيز موقع البلاد التفاوضي بما يضمن استمرار تدفق المياه إليه.
كما جرى تأكيد أهمية الاستفادة من مياه البحر عبر التطور العلمي والتقني. وتم استعراض تجارب دول مجاورة كالإمارات والسعودية، في تحلية المياه وتوليد الطاقة الكهربائية، واستخدام هذه الموارد في الشرب والزراعة والصناعة، بما يفتح آفاقًا جديدة لتأمين احتياجات العراق المائية والغذائية.
وفي ختام الورشة، صدرت جملة من التوصيات التي من شأنها أن تساهم في توجيه صانعي القرار في العراق نحو حلول عملية ومستدامة، مع نشر ثقافة عامة وتوعية مجتمعية تستهدف الاستخدام الأمثل للمياه المتوفرة.
****************************************
قف.. الانتخابات المشاركة وضدها
عبد المنعم الأعسم
لا احبّ الجدال (الآن) حول صواب المشاركة في انتخابات تشرين الثاني المقبل، حيث يتنافس فيها المال المنهوب من قوت الشعب، والسلاح الذي يقتل ويخطف ويستبيح ويهدد، والاعلام الباذخ، المملوك لاكثر الجهلة من اصحاب الحظوظ والطرق المبلطة، والميسرة، الى مقاعد البرلمان، كما يخوضها الترزق المنفلت الذي يستقطب الالوف من العاطلين والمهمشين، ينتهي السباق ثم يعودون الى خيباتهم على قارعة الطريق، ومع ذلك فان لمعارضة المشاركة زاوية للنظر، فيما للمشاركة دواعيها، بالضبط هي الدواعي التي دفعت الموسيقار اليوناني الوطني، الشهير "ميكيس ثيودوراكيس" المناضل من اجل الحرية حين رشح الى انتخابات الرئاسة في بلاده، ضد مرشح العسكر الانقلابيين، وكان قد خرج توا من الاعتقال، وحين سؤال عما يدفعه الى مواجهة الطغمة الماسكة بخناق البلاد عن طريق صناديق الاقتراع، اكد انه كان يعرف مناسيب حظه المتواضع في الفوز، لكنه كان يحرص على "دسّ الوردة" في الغرف الضيقة التي يحشر فيها ابناء الشعب ليتنفسوا عبيرها، وقال "شاركت في التنافس على المنصب الاول بعد ان شعرت ان رياحا عاتية تهدد برمي بلادي خارج المدنية".
اقول، ومع احترامي للقراءات التي تستبق المعركة بالحديث عن نتائجها من الآن، فان بعضها ليس علميا، وبعضها الآخر لا يعدو كونه متعجلا.. وفي العجلة الندامة.
*قالوا:
"يأتي على الناس زمان لا تـُقرّ فيه عينُ حليم".
لقمان الحكيم
*******************************************
في هلسنكي أبو الفوز و{الهجرة وأثرها على الكاتب}
هلسنكي - طريق الشعب
احتضنت "مكتبة باسيلا" في العاصمة الفنلندية هلسنكي، أخيرا، أمسية للكاتب العراقي يوسف أبو الفوز، عنوانها "تجربة الهجرة وأثرها على عمل الكاتب".
الأمسية التي حضرها مهاجرون وفنلنديون، أدارها السيد أحمد الطيب، فيما استهلها أبو الفوز بالحديث عن علاقته المبكرة بالكتب والكتابة، والتي توطدت مع إيمانه بأهمية الكلمة باعتبارها تُرعب الأنظمة التسلطية.
فيما تطرق إلى مغادرته الاضطرارية وطنه عام 1979 إلى الكويت، ثم إلى اليمن الديمقراطي. حيث كتب عن موضوعة الحرية والنضال، التي عكسها في مجموعته القصصية "النهر والعشاق" 2025.
كما استذكر سنوات وجوده في كردستان العراق ضمن فصائل الأنصار الشيوعيين، ملقيا الضوء على حياة الأنصار بما فيها من طموحات ومعاناة عكسها في كتبه، لافتا إلى انه خلال سنوات تشرده بين دول عدة، وصولا إلى مستقره الفنلندي، كتب مجموعات قصصية عديدة.
وأشار إلى ان حياة الاستقرار التي عاشها في فنلندا، مكّنته من البحث وكتابة اكثر من رواية. حيث اهتم بموضوعة الهجرة، ككاتب وباحث جامعي، بحكم تزايد اعداد المهاجرين، ومنهم العراقيون.
وبعد مداخلات لعدد من الحاضرين، قُدمت إلى أبو الفوز باقات ورد من منظمة الكتاب والفنانين الفنلندية، ومن البيت العراقي وبعض الحاضرين. بينما وقّع هو من جانبه نسخا من كتبه ووزعها على الراغبين في اقتنائها.