اخر الاخبار

الصفحة الأولى

العراق.. تصدر الفساد وكبح الممارسة الديمقراطية..  ناشطون: استخدام قوانين صدامية لقمع الرأي والتضييق على الحريات

بغداد - طريق الشعب

في ظل تراجع مستوى الحريات في العراق، تتسع ممارسات التضييق على الناشطين والصحفيين وأصحاب الرأي، مع تصاعد استخدام القوانين والإجراءات القديمة، لتوجيه دعاوى قضائية ضد كل من يجرؤ على النقد أو التعبير عن موقف سياسي بالضد من مزاج وتوجهات الأحزاب والقوى السياسية المتنفذة.

وتشير تقارير ومتابعات دولية ومحلية الى أن هذه الممارسات تهدد حقوق الأفراد وتُضعف سيادة القانون، ما يثير مخاوف من عودة ظواهر كانت مرتبطة بفترات الاستبداد السابقة، وتضع البلاد أمام خطر انزلاق تدريجي نحو التقييد والوصاية على الحريات الأساسية.

تحذير من انقلاب على الدستور

وحذرت مبادرة «عراقيون»، في بيان من انقلاب صامت تقوم به السلطات على مبادئ الدستور الضامنة للحقوق والحريات، بدءاً من إعادة العمل بتشريعات النظام السابق، وخرق الدستور في عمل بعض الأجهزة الأمنية، وصولاً إلى استخدام الدولة لخدمة مصالح حزبية وتقويض حق الدفاع والتقاضي العادل.

وشدد البيان الذي اوردته المبادرة لـ"طريق الشعب"، والموقع من عشرات الشخصيات الأكاديمية والثقافية والسياسية، على خطورة تصاعد الانتهاكات التي تشكل انقلابًا ناعماً على الديمقراطية، عبر قوانين وإجراءات موازية تعزز هيمنة أجهزة أمنية وأحزاب على حساب سيادة القانون.

ودعا إلى الوقف الفوري لاستخدام القوانين والسياسات الدكتاتورية، واحترام استقلالية القضاء، وإعادة النظر في قوانين الأجهزة الأمنية، ووقف جميع الإجراءات التعسفية خارج الإطار القانوني، مع تأكيد حرية التعبير ووقف ظاهرة «دعاوى الرأي والتعبير».

وختم البيان بالتأكيد على أن الدستور يمثل العقد الاجتماعي الأسمى، محذراً من انزلاق البلاد نحو الاستبداد من جديد، ومطالباً السلطات ومؤسسات المجتمع المدني والجهات المعنية بحقوق الإنسان بالتكاتف للدفاع عن الحريات الدستورية

عودة لقوانين النظام البائد

في هذا الصدد، اكد الكاتب فارس حرّام أن ما يجري اليوم هو “عودة ناعمة وغير معلنة” لاستخدام القوانين الموروثة من النظام السابق، لاسيما المواد المتعلقة بتقييد الحريات.

وقال حرّام لـ"طريق الشعب"، إنّ المحاكم العراقية "تشهد تزايداً في الدعاوى التي يرفعها أشخاص مقرّبون من السلطة ضد أصحاب الرأي والمعارضين، رغم أن ما صدر عن هؤلاء لا يرقى إلى الجرائم الجنائية، بل يندرج في إطار التعبير عن الرأي أو نقد أداء السلطات".

وأضاف حرام، أن هذا المسار "تصاعد بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة، وخصوصاً بعد احتجاجات تشرين، وكأنه محاولة استباقية لردع أي أصوات نقدية جديدة أو حركات احتجاجية محتملة"، مؤكداً أن "التضييق على حرية التعبير سيعمّق أزمة النظام بدلاً من معالجتها".

وأشار إلى أن العراق يواجه أصلاً "أزمات اقتصادية وثقافية متراكمة ناجمة عن انتشار الفقر والبطالة والجهل، إلى جانب تقلبات أسعار النفط، والتوترات الإقليمية، وتكرار انتهاكات السيادة.

ومع ذلك تتجه السلطات نحو تضييق إضافي على الحريات، الأمر الذي قد يؤدي إلى “سدّ الأفق تماماً أمام الشباب” ويفتح الباب أمام “انفجار اجتماعي كبير”.

وشدد على أن أي جهد قضائي حقيقي ينبغي أن يُوجَّه نحو ملاحقة الفاسدين والمخربين الفعليين، لا ضد الناشطين والمناضلين ضد الفساد والخراب.

وختم حديثه بتوجيه دعوة إلى الأحزاب والمنظمات والأفراد لعدم الصمت أمام ما يحدث، لأن استمرار هذا النهج سيحوّل الدولة إلى “دولة قمع واستبداد”، ويقود إلى ضياع مكتسبات الحرية التي تحققت بعد سقوط نظام صدام حسين.

في ذيل مؤشرات الديمقراطية

من جانبه، قال رئيس مركز ميترو للحريات الصحفية، رحمن غريب، إن التقارير الدولية المتعلقة بالديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية الصحافة والشفافية تكشف بشكل متكرر، إن العراق يقف في ذيل الترتيب العالمي عند الحديث عن الحريات والديمقراطية وحقوق المرأة والصحفيين. وفي المقابل، يحتل المراتب الأولى عندما يتعلق الأمر بالفساد، وانعدام الشفافية، وقضايا الإفلات من العقاب، والتلوث.

وأكد غريب في تعليق لـ"طريق الشعب"، أن هذه المؤشرات مجتمعة تعكس “تراجعاً واضحاً” في مستوى الديمقراطية والحريات في العراق، مشيراً إلى غياب احترام الآليات الديمقراطية الأساسية، بما في ذلك الانتخابات، وارتفاع معدلات العزوف الشعبي عن التصويت، واضطراب إجراءات التسجيل والاقتراع.

وأوضح أن "التراجع لم يعد مقتصراً على المحافظات العراقية الأخرى، بل شمل أيضاً اقليم كردستان الذي كان يُنظر إليه سابقاً باعتباره أفضل نسبياً في مجال الحريات".

وأضاف أن "المنظمات الدولية اليوم تتعامل مع العراق بوصفه وحدة واحدة، ولا تميّز بين الإقليم وباقي المحافظات، وهو ما يشير إلى تراجع ملموس في مساحة الحريات داخل الإقليم نفسه".

وحول الممارسات القضائية، عبّر غريب عن قلقه من تحول الدعاوى القضائية إلى أداة للانتقام وتصفية الحسابات ضد الناشطين والصحفيين.

وأضاف قائلاً: "اليوم أي شخص يكتب منشوراً ناقداً يمكن أن تُرفع ضده دعوى، وتتحرك الإجراءات بسرعة غير طبيعية، بينما قد تستغرق الدعاوى ضد المسؤول سنوات من دون أن تُحسم. هذا يثبت أننا لسنا متساوين أمام القانون”.

وأضاف أن هذا النهج يعمّق حالة الغضب الشعبي تجاه السلطات، ويزيد من تراكم الاحتقان العام.

وتابع حديثه بالقول "حين ننظر إلى المشهد في عموم العراق نجد أن غضب الناس من الطبقة السياسية يتصاعد باستمرار. تراكم هذه الأزمات وهذه الأساليب القمعية يخلق بيئة خطرة قابلة للانفجار”.

وختم غريب بالتأكيد على أن "استمرار هذا المسار سيقود إلى مزيد من التدهور في الحريات والديمقراطية"، محذراً من أن "تجاهل حالة السخط الشعبي سيضاعف الأزمات بدل أن يسهم في حلها".

تجاوز دستوري

الى ذلك، قال الكاتب والصحفي فلاح المشعل، إن ما نشهده من تصاعد حالات التضييق والدعاوى القضائية ضد الإعلاميين والناشطين السياسيين يعد تجاوزاً مباشراً على الدستور العراقي، الذي يكفل حق التعبير والرأي لكل المواطنين، ويمنح مساحة أوسع للصحفيين والنشطاء لما لهم من دور في البحث عن الحقائق ومكافحة الفساد ونقد الظواهر السلبية.

واضاف المشعل في حديث لـ"طريق الشعب"، أن المادة 38 من الدستور العراقي تؤكد حق التعبير وحرية الإعلام والملاحظة، مشدداً على أن "أي تقييد لهذه الحقوق يشكل خرقًا صريحًا للنظام الديمقراطي".

وتابع أن هناك "تصاعداً واضحاً في عدد الدعاوى القضائية المرفوعة ضد الإعلاميين والنشطاء"، مشيراً إلى حالات عديدة بينها "النائب سجاد سالم الذي واجه عشرات القضايا، إلى جانب حسين الغرابي وآخرين".

وأكد أن "النظام الديمقراطي قائم على النقد الدائم والمراقبة المستمرة والمعارضة المشروعة، خلافاً للنظام الشمولي الذي يفرض الاستسلام للسلطة"، مشيرا الى أن “الشعب هو مصدر السلطات، فكيف يمكن أن يكون مصدر السلطات إذا لم يُسمح له بالتعبير بحرية؟”.

وحذر المشعل من أن "استمرار مثل هذه الممارسات يؤدي إلى تعاظم الاستبداد السياسي والطائفي ويقوض مفاهيم الدولة المدنية والديمقراطية"، مشدداً على أن "هذا النهج يتعارض تماماً مع روح ومبادئ الدستور العراقي".

*******************************************

راصد الطريق.. نصب واحتيال

حذّرت هيئة الأوراق المالية من منصات غير مرخّصة تروّج لبيع وشراء الأسهم داخل العراق، معلنة "تبرؤها القانوني والإداري الكامل من أي ضرر يلحق بالمستثمرين" باعتبار أن هذه الأنشطة تقع خارج نطاق صلاحياتها ورقابتها. وفي السياق ذاته، نبّهت هيئة المنافذ الحدودية إلى قيام "ضعاف نفوس بانتحال صفتها" محذّرة المواطنين من التواصل مع عشرة أرقام هاتفية أوردتها في بيان رسمي.

لكن هذا النوع من التحذيرات لم يعد مفاجئاً أو جديداً. فالعراقي يسمع مثله يومياً حتى بات عاجزاً عن التمييز بين المشروع والمزيف، في ظل جهاز إداري يعاني من فوضى بنيوية وتضارب صلاحيات وتراجع رقابة واستشراء فساد. فشركات التسويق الهرمي مثلاً تعمل منذ سنوات بواجهات “قانونية”، وتستنزف مدّخرات آلاف الباحثين عن الربح السريع، دون أن توقفها جهة رقابية واحدة. وينسحب الأمر نفسه على شركات “الفوركس الوهمي”، وصفحات الاستثمار المزيف عبر وسائل التواصل، ومافيات المتاجرة بالعقارات الوهمية ،التي باعت وحدات سكنية واراض.

إن الخلل الحقيقي ليس في “ضعاف النفوس” كما يتردد كثيرا، بل في غياب الدولة كجهاز رقابي يعمل لصالح المجتمع، وفي تغوّل اقتصاد السمسرة، الذي جعل المواطن فريسة سهلة لأي وهم يُباع بدعوى أنه فرصة ربح.

فطالما تغيب البنية القانونية الرادعة، والمؤسسات تفتقد التخطيط والتنظيم، تبقى السوق العراقية مفتوحة لكل عمليات النصب، والضحية دائما هو المواطن.

******************************************

الصفحة الثانية

وزارة المالية تمول الدفعة السابعة من مستحقات الفلاحين

بغداد ـ طريق الشعب

باشرت وزارة المالية الاتحادية امس الاثنين، إجراءات تمويل الدفعة السابعة من مستحقات الفلاحين بمبلغ يزيد على 233 مليار دينار.

وأوضحت الوزارة أن دائرة المحاسبة قامت بتحويل مبلغ 233 مليارًا و999 مليونًا و993 ألفًا و760 دينارًا إلى الحساب الجاري لوزارة التجارة، وذلك لتسديد مستحقات الفلاحين المسوقين لمحصولي الحنطة والشلب للموسم الزراعي 2025.

وأشارت الوزارة إلى أن هذه المبالغ تمثل الدفعة السابعة من المستحقات، مؤكدة أن إجراءات التمويل تمت في إطار التزام الحكومة بدعم القطاع الزراعي وضمان حقوق المزارعين وتسليم مستحقاتهم المالية بانتظام.

******************************************

مواطنون من البصرة: نريد ماء صالحا للشرب تظاهرات في الموصل والمثنى تطالب بحلول لأزمة السكن

بغداد – طريق الشعب

خرج المواطنون في تظاهرات مطلبية في محافظات البصرة والمثنى وبغداد والموصل، مطالبين بمعالجة مشاكلهم الملحة، داعين الى ضرورة الاستجابة لها بصورة عاجلة.

وتشهد المدن العراقية احتجاجات مطلبية عديدة تطالب بتوفير مقومات العيش الكريم وظروف العمل المناسبة والسكن والصحة وتوفير المياه، فيما تنشغل القوى السياسية الماسكة في السلطة عن هذه المطالب، التي قد تتحول الى فعل جماهيري واسع، بحسب الكثير من المراقبين السياسيين.

ازمة المياه المالحة تتواصل

وخرج أهالي منطقة الشرش في قضاء القرنة شمالي البصرة، للاحتجاج على استمرار أزمة المياه المالحة التي وصلت إلى 13000 TDS حسب قولهم، مؤكدين أنهم سيواصلون الاحتجاج حتى الاستجابة لمطالبهم.

وقال احد المواطنين في المنطقة وهو حيدر سعد، ان "الجهات المعنية لم تستجب لمطالبنا، فيما ترتفع ملوحة المياه" مشيراً الى ان " المعلومات التي تنقلها دوائر المياه الى الجهات المختصة غير دقيقة اذ انها ترسل معلومة الى الجهات المعنية في بغداد بأن ملوحة المياه وصلت الى 3000 TDS ، بينما ترتفع ملوحة المياه الى 13 الف TDS"

وقال سعد: أن "مطالب المواطنين هي توفير المياه الصالحة للاستخدام البشري بدلاً من المياه المالحة".

يطالبون بحق السكن

وتصاعدت في الآونة الأخير التظاهرات المطلبية التي تطالب بتوفير قطع الأراضي وحق السكن للمواطنين والموظفين. وفي السياق نظم مستفيدون من مشروع مجمع "عين العراق" السكني في مدينة الموصل، وقفة احتجاجية جديدة مطالبين هيئة الاستثمار والحكومة المحلية بالتدخّل العاجل لإنهاء معاناتهم مع الشركة المنفذة وتسليم وحداتهم السكنية بعد سنوات من التعطّل.

وقال المتظاهرون إن "المستفيدين دفعوا مبالغ مالية مقدّمة منذ أكثر من عشر سنوات للحصول على وحدات سكنية"، وأشاروا الى ان  "المشروع الذي انطلق في العام 2010 تعرقل بسبب الظروف الأمنية ثم استُؤنف في عام 2021، إلا أن الخلافات المالية بين الشركات ما تزال تعيق استكماله إلى اليوم، ويتحمّل المواطن وحده نتائج هذا التعطّل".

وطالب المتظاهرين من هيئة الاستثمار والحكومة المحلية باتخاذ موقف جاد وحاسم لتنفيذ القرارات المتعلقة بالمشروع، وفتح تحقيق في ما يجري داخل ملف مجمع عين العراق، بما يضمن حصول المستفيدين على حقوقهم".

واكد المشاركون في الوقفة الاحتجاجية ان هذه الفعالية ليست الأولى، بل انها تتكرر بين مدة وأخرى بسبب عدم حسم المشاكل العالقة، رغم وجود أعمال جارية في أجزاء من المجمع من قبل مطورين آخرين، إلا أن ذلك لا ينعكس فعلياً على تسليم الوحدات لمستحقيها".

وأشار المحتجون، إلى أنهم سيواصلون وقفاتهم لحين تدخل الجهات المعنية وإنهاء معاناتهم المستمرة منذ سنوات طويلة.

وفي الرمثية مطالب آخرى

ونظم موظفون في قضاء الرميثة بالمثنى، وقفة احتجاجية أمام مبنى مديرية البلدية، للمطالبة بشمولهم بتخصيص قطع أراضٍ سكنية.

وذكر المواطنون، ان مطالبهم المشروعة بحاجة الى استجابة الجهات المعنية، كون ذلك تأخر منذ وقت طويل، فيما قال مصدر في قسم شرطة الرميثة ان القوات الأمنية  وفرت الحماية اللازمة واستلمت مطالبهم بشكل سلمي.

وضمن المطالب الخدمية المتواصلة في محافظة المثنى التي تعانى من نقص شديد في الخدمات، طالب مواطنون من سكان منطقة "آل بوحجر" في السماوة رئاسة فريق الجهد الخدمي بإكمال مشاريع الخدمات الأساسية في منطقتهم، جاء ذلك خلال وقفة للاهالي، طالبوا فيها بإكمال المشاريع وإعادة الآليات مرة أخرى، مشيرين إلى أن تلك المشاريع شملت خدمات الطرق والمجاري والاكساء إضافة للأرصفة وغيرها.

وفي بغداد خرج موظفو مديرية ماء بغداد لليوم الثاني على التوالي امام مبنى المحافظة في وقفة احتجاجية للمطالبة في صرف رواتبهم المتأخرة وذلك للمطالبة بوقف الاستقطاعات واطلاق المكافأت والعلاوات والترفيع.

**********************************************

نتائج الانتخابات بانتظار المصادقة: استبعادات جديدة رغم قرارات الأهلية السابقة

بغداد ـ طريق الشعب

بعد إعلان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات إرسال النتائج النهائية إلى المحكمة الاتحادية العليا لغرض المصادقة عليها،يقترب المسار الدستوري للانتخابات التشريعية 2025، من استكمال إجراءاته التي شابها الكثير من اللغط والجدل، قبل انطلاق الدورة البرلمانية السادسة، التي تفتقد الصوت المدني، الذي يدافع عن الحريات العامة وحقوق الإنسان.

النتائج وصلت المحكمة الاتحادية

وقالت المتحدثة باسم المفوضية، جمانة الغلاي، إن إرسال النتائج إلى المحكمة يأتي بعد انتهاء الهيئة القضائية للانتخابات من النظر بجميع الطعون المقدّمة، والتي بلغ عددها 853 طعناً.

وأكدت الغلاي أنّ نتائج الطعون لم تُحدث تغييراً جوهرياً في النتائج الكلية، رغم تسجيل عدد من قرارات الاستبعاد الفردية التي طالت فائزين.

وفي الوقت ذاته، كشفت المفوضية عن استبعاد نحو ستة مرشحين منذ انتهاء العملية الانتخابية وحتى الآن، وفق ما أوضحه ذالمستشار القانوني حسن سلمان.

وذكر سلمان، أن آخر حالة استبعاد جاءت إثر طعن في أهلية أحد المرشحين، ما أدى إلى نجاح الطعن واستبعاده من السباق الانتخابي.

وأكد أن بعض القوائم فقدت مقاعد بعد إسقاط فوز مرشحين، من بينها مقعد "كوتا النساء" في نينوى الذي انتقل من قائمة إلى أخرى، وتحول من مرشحة إلى مرشح رجل في القائمة التي حصلت على المقعد بعد التعديل.

اقصاء الفائز الأول في نينوى

وفي أبرز الملفات الساخنة، امتد الاستبعاد إلى المرشح الأبرز في نينوى نجم الجبوري، الذي حصل على أعلى الأصوات في المحافظة بنحو 39 ألف صوت.

فقد قررت الهيئة القضائية عدم المصادقة على فوزه بدعوى شموله بإجراءات المساءلة والعدالة. ورغم أن الهيئة نفسها كانت قد أعادته للسباق في آب من العام نفسه، إلا أن الطعن الأخير نجح في إقصائه مرة أخرى، وسط توقعات بلجوئه إلى الطعن في المحكمة الاتحادية قبل صدور المصادقة النهائية.

وشهدت محافظة نينوى تغييرات في توزيع المقاعد والمرشحين عقب استبعاد الجبوري من القوائم الانتخابية وحجب الأصوات المخصصة له، ما أدى إلى تقليص عدد المقاعد المخصصة لقائمة نينوى لاهلها من ثلاثة إلى مقعدين فقط.

كما أسفرت التغييرات عن فوز هجير الجحيشي عن قائمة المشروع العربي بمقعد ثانٍ، ليصبح للمشروع العربي مقعدين بدل مقعد واحد، فيما حل مختار الموسوي محل أنوار جياد ضمن قائمة منظمة بدر.

وطرأ على نتائج انتخابات محافظة ديالى تعديل بعد استبعاد النائب طه المجمعي عن حزب السيادة وحجب أصواته، ما أدى إلى دخول ناهدة الدايني، مرشحة الاحتياط الأولى في القائمة، محلّه.

وأدى هذا التغيير إلى خروج المرشحة الفائزة عن قائمة "صادقون" آمال الخالدي، ورفع النائب الخاسر في قائمتها أحمد الموسوي، بما أسهم في حسم المقاعد الأربعة المخصصة للنساء في ديالى.

وبعد التعديلات، احتفظ حزب السيادة بمقعدين، هما مضر الكروي وناهدة الدايني، فيما حصلت قائمة "صادقون" على مقعدين لرجلين هما رياض التميمي وأحمد الموسوي، بدلًا عن مقعد لرجل وآخر لامرأة في النتائج الأولية.

المرحلة الاخيرة

ويصف الخبير الدستوري والقانوني سالم حواس المرحلة الحالية بأنها "ما قبل الأخيرة" في المسار الدستوري.

ويوضح أن المصادقة الاتحادية على النتائج تمنحها قوتها القانونية الكاملة، وتحوّل الفائزين إلى نواب مكتسبين للصفة البرلمانية. وبموجب المادة 54 من الدستور، سيكون على رئيس الجمهورية دعوة المجلس الجديد للانعقاد خلال 15 يوماً من تاريخ المصادقة، لتُدار الجلسة الأولى من قبل أكبر الأعضاء سنًّا، وتشهد انتخاب رئيس البرلمان ونائبيه.

وفي المرحلة التالية، يفتح باب الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية، الذي يتطلب فوزه أغلبية الثلثين، ليقوم الرئيس المنتخب بتكليف مرشح الكتلة النيابية الأكبر بتشكيل الحكومة ضمن مهلة دستورية مقدارها 15 يوماً، على أن يقدم تشكيلته الوزارية خلال 30 يوماً لنيل ثقة مجلس النواب.

*******************************************

الصفحة الثالثة

اتفاق بلا مياه.. تركيا تحصد المكاسب أنقرة تماطل في تنفيذ الالتزامات المائية  والعراق يواجه الجفاف وحيداً

بغداد - طريق الشعب

في ظلِّ تفاقم أزمة المياه التي تضرب البلاد منذ سنوات، تتصاعد المخاوف من تأثيرات الاتفاق المائي الأخير بين بغداد وأنقرة، والذي منح تركيا دوراً مباشراً في إدارة الإطلاقات المائية ومشاريع البنية التحتية المرتبطة بها.

ورغم مرور شهور على توقيع الوثيقة التنفيذية للاتفاق الإطاري، تكشف المؤشرات عن غياب أي تحسن فعلي في مناسيب نهري دجلة والفرات، إلى جانب استمرار جفاف الأهوار وارتفاع اللسان الملحي في البصرة.

تنفيذ من طرف واحد!

وفي هذا السياق، كشف مرصد “العراق الأخضر” المتخصص بشؤون البيئة أن الزيارة الأخيرة للوفد التركي إلى وزارة الموارد المائية خُصصت لمناقشة تنفيذ المشاريع داخل العراق فقط، من دون أن تبدي أنقرة استعدادًا لتنفيذ تعهداتها الجوهرية بإطلاق الحصص المائية المقررة.

وأكد المرصد أن هذه المباحثات جرت “من طرف واحد”، في ظل مماطلة تركية واضحة وتجاهل مستمر للبنود التي تُلزمها بزيادة الإيرادات المائية الواردة للعراق.

وتأتي هذه التطورات في وقت تؤكد فيه الحكومة العراقية أن الاتفاق الموقّع مع تركيا يمثل “خطوة تاريخية” لمعالجة النقص الحاد في المياه، بينما تشير الجهات الرقابية والخبراء إلى أن العراق ما يزال ينتظر قطرة الماء الأولى التي كان يفترض أن تطلقها أنقرة بموجب الاتفاق

تنصل عن الاتفاق!

وللتعليق حول الموضوع، أكد رئيس المرصد، عمر عبد اللطيف، أن تنفيذ الاتفاق المبرم بين العراق وتركيا بشأن ملف المياه يجري  كما وصفه التقرير من طرف واحد فقط، وهو الجانب العراقي.

وقال عبد اللطيف لـ"طريق الشعب"، إن "الوفد التركي ناقش مع بغداد بتنفيذ المشاريع المرتبطة بالاتفاق، ولا سيما مشاريع حصاد المياه وإنشاء السدود، في حين لم تُقدم تركيا على أي خطوة منذ توقيع الاتفاق وحتى الآن".

وأضاف أن "جوهر الاتفاق يقوم على مبدأ إطلاق تركيا كمية محددة من المياه مقابل تنفيذ مشاريع داخل العراق"، مثل مشاريع تتعلق بالثروة الحيوانية والاستهلاك الزراعي"، مبيناً أن تركيا "لم تطلق قطرة ماء واحدة في نهري دجلة والفرات منذ بدء العمل بالاتفاق، في حين يستمر العراق وحده في تنفيذ التزاماته".

وتابع أن حالة «الارتياح التركي» ناتجة عن كون أنقرة تمارس منذ عام 2003 ضغوطاً سياسية وأمنية على بغداد لتمرير اتفاقيات تخدم مصالحها، مؤكداً أن العراق لا يمتلك أدوات الضغط نفسها، ووصف الموقف العراقي بأنه «رقبة تحت السيف التركي».

وأشار عبد اللطيف إلى أن تركيا اليوم "في موقع قوة اقتصادياً وسياسياً، إذ ترتبط بأسواق عالمية كبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا والاتحاد الأوروبي، وتصدّر لها منتجات صناعية ومعدنية، بينما لا يمثل العراق بالنسبة لها سوقاً مهماً سوى في جانب السلع الغذائية والاستهلاكية".

وفي ما يتعلق بالمسؤولية عن تدهور ملف المياه، أكد عبد اللطيف أن "الخلل لا يقع على الحكومة وحدها، بل تتحمل القوى السياسية جزءاً كبيراً من المسؤولية، إضافة إلى ضعف الوفد العراقي المفاوض مقارنة بنظيره التركي".

وبيّن أن "تغيير الوفود التفاوضية بشكل مستمر يربك الملف ويُضيّع حقوق العراق، إذ يبدأ كل وفد جديد من نقطة الصفر، بدلًا من متابعة ما تحقق خلال الاجتماعات السابقة".

وشدد على "ضرورة وجود مفاوضين محترفين قادرين على تثبيت أن نهري دجلة والفرات أنهار دولية لا يجوز لأي دولة الانفراد بالتحكم بها".

وفي ختام تصريحه، دعا عبد اللطيف الحكومة العراقية إلى اللجوء إلى "الأمم المتحدة أو مجلس الأمن لتوثيق الخروقات التركية والمطالبة بحقوق العراق المائية وفق الأعراف الدولية"، مؤكداً أن "هذه الخطوة باتت ضرورية لاستعادة جزء من حقوق البلاد في المرحلة المقبلة".

النفط مقابل الماء

من جانبه قال الخبير في مجال المياه، تحسين الموسوي أن الاتفاقية الأخيرة بين العراق وتركيا لم تتطرق مطلقاً إلى الإطلاقات المائية أو تحديد حصة العراق من مياه نهري دجلة والفرات، كما أنها تجاهلت جميع البروتوكولات والمعاهدات الدولية السابقة التي نظمت حقوق العراق المائية.

وقال في حديث لـ "طريق الشعب"، إن "العراق بهذه الاتفاقية سلم إدارة الملف المائي بالكامل إلى تركيا"، معتبراً ذلك "تقويضاً لحقوق العراق القانونية والمستقبلية".

وأضاف أن "الاتفاق تضمن الإشارة إلى مشاريع ري واستصلاح في محافظات الجنوب تُنفذ حصراً من قبل شركات تركية، فضلًا عن إنشاء أربعة سدود تعتمد على الإيرادات الداخلية من السيول والأمطار، وهو ما وصفه بأنه «إضعاف لسيادة العراق على موارده المائية".

وبيّن الموسوي أن الاتفاق "منح الشركات التركية حق التعاقد والتنفيذ داخل العراق، في الوقت الذي حُرم فيه العراق من حقوقه المائية"،  مؤكداً أن هذا التوجه "خاطئ وغير قانوني، خصوصًا وأن أحواض دجلة والفرات أحواض دولية، وقد ثبتت حقوق العراق فيها عبر اتفاقية 1946، ومعاهدة حلب، والاتفاقيات الثلاثية في عهد الانتداب".

وأشار إلى أن "توقف تركيا عن الإطلاقات المائية خلال الفترة الماضية، وتقليلها إلى مستويات متدنية، أدى إلى «تدهور خطير في الملف المائي العراقي، وانعكس على الزراعة والاقتصاد والحياة اليومية".

وأضاف الموسوي أن "ردّة الفعل التركية على الاتفاقية كانت مريحة جداً، لدرجة أن وزير الخارجية التركية وصفها  بالتاريخية".

ولفت الى ان "ربط المشاريع التركية داخل العراق بعقود تُسدد قيمتها من النفط العراقي، يمثل إحياءً لطرح خطير مفاده: النفط مقابل الماء"، مؤكداً أن "أي حكومة عراقية عبر التاريخ لم تقبل بهذا المنطق".

وأوضح أن "الخلل الأساس يعود إلى ضعف الفريق العراقي المفاوض وغياب الرؤية القانونية، متسائلًا عن طبيعة الوفد: هل هو فني؟ هل هو قانوني؟، ووصف المشهد بأنه «ضبابي ومليء بالثغرات".

وأشار الموسوي إلى أن "العراق لم يستثمر حتى الآن علاقاته مع الولايات المتحدة للضغط على تركيا، ولم يطلب وجود طرف ثالث ضامن مثل البنك الدولي أو الاتحاد الأوروبي، كما فعلت دول أخرى في أزمات مشابهة، مثل مصر في ملف سد النهضة، حيث اشترطت أن يكون القانون الدولي مرجعية قبل استئناف التفاوض".

وختم الموسوي بالقول إن "العراق بات ينفذ السياسات التركية، وتنازل عن مفاتيح القوة التي يمتلكها"، معتبراً أن ما حدث يعكس "خللاً داخلياً شديداً، واستعجالاً تحت ضغط الشارع والمزارعين، دون إدراك كامل لطبيعة الاتفاق وخطورته على مستقبل الأمن المائي للبلاد".

******************************************

العراق في الصحافة الدولية

ترجمة وإعداد: طريق الشعب

لا مكان لدعاة الإصلاح

لموقع معهد Chatham House  البريطاني، كتب حيدر الشاكري مقالاً حول الانتخابات التشريعية التي جرت في 11 تشرين الثاني الماضي، وما أسفرت عنه من عدم تمكّن الأحزاب والشخصيات المرتبطة بحركة تشرين الاحتجاجية من الفوز بمقاعد في البرلمان، على عكس ما جرى في انتخابات 2021 التي فاز فيها عشرات النواب المدنيين والإصلاحيين، ممن ساهموا أو حُسبوا على انتفاضة تشرين، ذات المطالب المتعلقة بإصلاح النظام السياسي العراقي.

خيبة قاسية

وأشار المقال إلى أن الانتخابات السابقة أنعشت الآمال في إمكانية الإصلاح من داخل النظام السياسي إذا ما مُورس الضغط الشعبي اللازم، فيما بددت نتائج انتخابات 2025 هذه الآمال. وذكر الكاتب أن العديد من النواب الجدد غير المنتمين إلى المؤسسات قد واجهوا بعد فوزهم في انتخابات 2021 مزيجًا من الضغوط والإغراءات والعقبات الإجرائية التي جعلت من الصعب عليهم العمل، بل تم استهداف بعضهم بشكل مباشر وطردهم من جلسات برلمانية بسبب رفضهم التصويت كما يريد المتنفذون، فيما تعرّض مكتب النائب المستقل سجاد سالم للهجوم بعد انتقاده للجماعات المسلحة، واستُبعد مرتين كمرشح لانتخابات 2025.

وتم تهميش النواب الذين رفضوا الانضمام إلى الكتل الكبيرة داخل اللجان المؤثرة، كما أُغرِي آخرون بوعودٍ بالمناصب أو الحماية أو الوصول إلى الموارد، إلى الحد الذي دفعهم إلى التخلي عن استقلاليتهم وصوتهم الاحتجاجي والانضمام إلى أحزاب المؤسسة. واستشهد الكاتب بحديث للنائب السابق محمد عنوز بأن النظام السياسي العراقي شديد المقاومة للإصلاح لأن النخب السياسية ما تزال تهيمن على كل من العملية السياسية والهياكل البرلمانية، مستبعدةً أولئك الذين ليسوا جزءًا من هذا النظام. لقد بعثت مثل هذه الحوادث برسالة واضحة حول ضعف النواب غير المنحازين داخل النظام السياسي.

تفكك وضبابية

وبيّن المقال أن الضغوط الهيكلية التي تعاظمت مع بدء الحملة الانتخابية قد أثّرت سلبًا على القوى المدنية التي رفضت التدجين؛ فهناك من اختار عدم الترشح مجددًا، وهناك من نأى بنفسه عن الكتل المتنفذة، غير أن الأكثرية بقيت تعاني من التشرذم والتوزّع على ما لا يقل عن ثلاث قوائم، إضافة إلى النقص الشديد في الموارد، وغياب أي مستوى من تكافؤ الفرص، مما أدى إلى خسارتهم جميعًا.

معايير لا ديمقراطية

وأكد الكاتب أن القوى المدنية والمستقلين قد واجهوا صعوبات جمّة بسبب البيئة الانتخابية المفصّلة على مقاييس الأحزاب المتنفذة. فمنذ عام 2022 وحتى عام 2025، استخدمت هذه الأحزاب موارد الدولة لتعزيز مكانتها وتقليص المساحة المتاحة للفاعلين المدنيين، إذ سمحت لها سيطرتها على الوزارات والمجالس المحلية بتوزيع الوظائف والعقود والمشاريع المحلية على الشبكات الموالية. كما أبقت قانون الأحزاب السياسية لعام 2015، الذي يحظر على الأحزاب امتلاك أجنحة مسلحة ويشترط الشفافية في تمويلها، معطَّلاً إلى حد كبير، لإدراكها بأن أي تطبيق جدي لأحكامه الأساسية سيمنع هذه الأحزاب من الوصول إلى ميزانيات الدولة وامتلاك مجاميع مسلحة.

الحقيقة ليست في صناديق الاقتراع

وذكر الكاتب أن اختفاء الأحزاب المرتبطة بتشرين تقريبًا من البرلمان لا يعني أن العراقيين قد قبلوا النظام السياسي. ففي العديد من المدن التي شهدت احتجاجات عام 2019، كانت نسبة المشاركة في التصويت من بين الأدنى في البلاد. ويشير هذا النمط إلى أن العديد من المتظاهرين السابقين اختاروا التراجع عن عملية انتخابية لم يعودوا يرونها وسيلة للتغيير. كما إن اللامبالاة الواضحة لدى الناخبين، لا تعني بأن العراقيين فقدوا اهتمامهم بشؤون البلاد، بل تعني بأنهم يختارون توجيه هذا الاهتمام إلى حيث يشعرون بإمكانية إحداث تأثير.

ماذا عن مستقبل الإصلاح؟

ورأى الكاتب أن زخم الاحتجاجات ووضوحها لا يكفيان في نظام يقاوم التغيير بنشاط. واقترح على القوى المدنية إعادة بناء الثقة مع قاعدتها الشعبية، وخاصة مع الأغلبية الصامتة التي لم تصوّت، وتبنّي فكرة التغيير البطيء ولكن المستدام، والعمل على توحيد الجهود؛ فوجود منصات مشتركة على مستوى المحافظات، وأجندة سياسات مشتركة، واتفاقيات للتعاون بدلًا من التنافس في الدوائر الانتخابية نفسها، من شأنه أن يساعد في تجنب الخسائر الذاتية.

كما رأى الكاتب ضرورة الكفاح لتطبيق قانون الأحزاب السياسية والحد من الفساد ومن دور المال السياسي، وبالتالي استغلال هذه الهزيمة لصنع تغيير يبدّل قواعد اللعبة ويخلق بيئة ديمقراطية حقيقية.

****************************************

أفكار من أوراق اليسار.. كان غيركم أشطر!

إبراهيم إسماعيل

لَعقودٍ كاملةٍ رسمت ونفذت الدوائرُ الغربيةُ المختلفة برامجَ لا حصر لها لبثِّ روح العداء للشيوعية، وبالتالي خلق مناخٍ فكريٍّ يعيق أيَّ تعبئةٍ مضادةٍ للسياسات الإمبريالية. وقد عانت المجتمعاتُ الأكثرُ تفاعلاً مع اليسار وتجاوباً مع اهدافه بالحرية والعدالة من التأثيرات القاسية لتلك البرامج، إذ أُغرِقت بالدم، وتحول قسمٌ منها من مركزٍ متقدمٍ لليسار إلى مجتمعاتٍ منغلقةٍ ومُغرَقةٍ في التخلف. وما ساعد في ذلك ـ بشكلٍ غير مباشر أحياناً ـ تمسك البعض باليقينيات التقليدية، رغم انهيار التجربة الأولى وما خلّفه من سحبٍ داكنةٍ حجبت الرؤية، أو انفصالُ اليسار السياسي عن اليسار الاجتماعي حين أصر البعض على تحالفاتٍ تُعينه على المشاركة في السلطة، بغضِّ النظر عن المشروعية الطبقية لهذه التحالفات.

وشهدت برامجُ معاداةِ الشيوعية، طوال السنين، تغييراً في الشكل مع المحافظة على جوهرها، حتى تحوّلت من فكرةٍ إلى أسلوبِ حياة، ومن دعاياتٍ مباشرةٍ إلى خطابٍ مستترٍ أو متلوّن. فراحت تستهدف البيئة الأخلاقية للشيوعية عبر تسفيه قيمِ التضامن والتضحية، والترويج للفردانية ولاقتناص وانتزاع الفرص، وتمجيد القسوة والعنف ضد المختلفين ثقافياً وطبقياً وضد النساء، وعبر إبعاد الأذهان عن التفكير في المساواة، واختلاق ملايين المواقف الزائفة لتشويه تاريخ الشيوعيين، واستخدام "حرص" المتساقطين ممن أعياهم الكفاح، لمهاجمة سياساتهم والدعوة إلى عقلنتها.

كما راحت هذه البرامجُ تختلق فزّاعاتٍ جديدة وتحملها مسؤولية ما يُنتجه التفاوتُ الطبقي من خراب؛ فالشيوعيون يقفون وراء المسلمين والمهاجرين الذين يمثلون "بلاءً" على ثقافة الغرب ودولة الرفاه، ويدافعون عن الأقليات التي تسبب "تأخر" البلدان النامية عن ركب التقدم. ومنهم تأتي أغلبية الأبطال الشعبيين والمدافعين عن الحريات والإنصاف وحقوق المرأة، ممن يجب تصويرهم كخارجين عن القيم، وسفّاحين ومتعصبين وعشّاق سلطة، مقابل إسباغ صفات الزهد والتسامح على أعدائهم من طغاةٍ ولصوصٍ ومستغلين وتجارِ حروبٍ وناشري أوبئة، إلى درجةٍ ارتقى بها هؤلاء إلى مصاف القديسين.

ولم تكن مناهضةُ الشيوعية يوماً ظاهرةً محليةً بحتة، بل هي منظومةٌ عالميةٌ لا تستهدف شيطنةَ المعارضين لها فحسب، بل ومعارضةَ المساواة وإسقاطَ فكرة العمل الجماعي من أجل المنفعة العامة. إنها أيديولوجيا الرأسمالية، لأنها ببساطة تناهض المثلَ العليا التي يرتكز عليها مبدأُ إلغاء الملكية الخاصة والاستغلال والإنتاج من أجل مراكمة الربح.

غير أن المثير للدهشة ـ وللفخر ـ فشلُ برامج معاداة الشيوعية في تحقيق نصرٍ مستدام، وذلك بسبب ما انطوت عليه من مفارقات؛ ففي الوقت الذي تروّج فيه بأن الشيوعية يوتوبيا مستحيلة، تحشد قوى لا حدود لها لمعارضتها، وفيما تُبشِّع ما تسميه "فكرة الحرمان" في الاقتصاد التشاركي، ترى في امتلاك واحد في المائة من البشر 82 في المائة من ثروة الكوكب أمراً عادلاً. وحين تنتقد القوة المفرطة للسلطة الاشتراكية، تُجيز للأقوياء الاستمتاع بعدم المساواة والتسبب في المعاناة، وتبرر شرعيةَ حقهم وحدهم في النعيم.

ولهذا خابت أحلامُ هؤلاء، وبقيت الشيوعيةُ نابضةً بضمير الناس، لأنها الفكرة التي تقف دائماً، وفي كل مكان، إلى جانب المضطهدين؛ ولأن أحزابها أدواتٌ معبّرة عن مصالح طبقةٍ اجتماعيةٍ موجودةٍ موضوعياً؛ ولأن أصحابها لم ولن يهادنوا في النضال السياسي ضد الملكية والاستغلال، ومن أجل العدالة والتحرر من عبودية رأس المال؛ ولأنها فكرةٌ تدحض مبررات الظلم، وتكشف السبب الحقيقي للمآسي.

وأخيراً، ورغم كل هذه الحقائق الناصعة، رأينا مؤخراً بعضَ أيتام الطغاة، ممن ينتظرون يوماً يختفي فيه الشيوعيون من العراق. فأشفقتُ عليهم، وتمنيتُ أن يفيقوا من كوابيسهم ويتخلصوا من أوهامهم، قبل أن يحترقوا عبثاً بأحقادهم.

*****************************************

الصفحة الرابعة

إعلانات وهمية واحتيال وخداع

قانون حماية المستهلك عاجز عن حماية المواطنين من جشع الشركات

بغداد - طريق الشعب

تشهد السوق العراقية اتساعاً غير مسبوق في حجم الاعلانات المضللة والعروض الوهمية والاحتيالية، في ظل فجوات تشريعية واضحة وضعف ملحوظ في آليات الرقابة الحكومية، ما جعل المستهلك الطرف الأكثر عرضة للاستغلال.

ورغم التطور الكبير في أساليب التسويق والخدمات الإلكترونية خلال السنوات الأخيرة، فإن قانون حماية المستهلك العراقي لا يزال قاصراً عن مواكبة هذه المتغيرات، ولا يقدم الإطار القانوني الكافي لضبط الأنشطة التجارية أو محاسبة الجهات التي تستخدم وسائل الخداع للترويج لسلعها وخدماتها.

اين الخلل؟

يقول مختصون أن غياب التنظيم القانوني الصريح للممارسات الاعلانية، وابتعاد الجهات التنفيذية عن أداء دورها الرقابي وضعف القانون الحالي لحماية المستهلك، أسهمت في خلق بيئة تشجع على الاحتيال والخداع؛ في وقت تتجه فيه الدول إلى تعزيز تشريعاتها بما يتماشى مع التحولات الرقمية والتقنيات الحديثة.

لا يواكب التطورات

في هذا الصدد، أكد المختص في الشأن الاقتصادي، رائد الساعدي أن "الإطار التشريعي الحالي لحماية المستهلك في العراق لم يعد قادراً على مواكبة حجم التحديات والممارسات التي يشهدها السوق"، مشيراً إلى أن القانون بصيغته الحالية يوفر حماية محدودة للغاية، ولا يتضمن المعايير الحديثة التي تعتمدها أغلب الدول لضمان حقوق المستهلك ومنع استغلاله".

وقال الساعدي في حديث مع "طريق الشعب"، إن السوق العراقية "أصبحت بيئة خصبة لانتشار الإعلانات المضللة والعروض الوهمية، في ظل غياب نصوص واضحة تُنظم المسؤولية القانونية للإعلانات أو تفرض شفافية في ترويج الخدمات والمنتجات، الأمر الذي يجعل المستهلك الطرف الأضعف في أي تعاقد أو معاملة تجارية".

وأضاف أن "ضعف القانون والرقابة أدى إلى توسّع الشركات غير المرخصة التي تستغل حاجة المواطنين، سواء في مجال القروض أو الخدمات الرقمية أو العروض التجارية، من دون أن يكون هناك إطار قانوني قادر على ضبط هذه الأنشطة أو محاسبة المخالفين".

وأوضح أن هذا القصور التشريعي "لا ينعكس على حماية المستهلك فحسب، اذ يترك تأثيرات مباشرة على بيئة الأعمال، ويُفقد السوق عنصر الثقة الذي يمثل أساساً لأي نشاط اقتصادي مستقر".

وبيّن الساعدي أن "معظم الدول المتقدمة قامت بتطوير تشريعات حماية المستهلك بشكل دوري، وبما ينسجم مع التطور السريع في أساليب التسويق والخدمات الالكترونية، بينما لا يزال العراق يعتمد قوانين قديمة لا تغطي سوى جزئية من المشكلات الراهنة".

ولفت إلى أن "عملية تحديث التشريعات في العراق تعاني بطئاً واضحاً وغياباً للتنسيق بين الجهات المعنية، فضلاً عن غياب الدراسات الاقتصادية والقانونية التي يجب أن تسبق أي عملية تشريع لضمان معالجة الثغرات الحالية وعدم إعادة إنتاجها".

وختم الساعدي حديثه بالتأكيد على أن "حماية المستهلك عنصر أساسي في بناء اقتصاد صحي يتسم بالشفافية والمنافسة العادلة"، داعياً الحكومة إلى "تبني مشروع متكامل لتعديل القانون الحالي، وتعزيز الرقابة، وإطلاق برامج توعية واسعة تُمكّن المواطن من معرفة حقوقه وآليات الشكوى، بما ينسجم مع المعايير الدولية المعمول بها في هذا المجال".

سوق مفتوحة امام الاحتيال والتلاعب

من جهته، أكد الباحث في الشأن الاقتصادي عبد السلام حسين أن قانون حماية المستهلك في العراق لا يزال بعيداً عن أداء وظيفته الأساسية، وأن مستوى الحماية الفعلية في السوق لا يتجاوز نسبة محدودة للغاية، ما سمح بانتشار ممارسات مضللة تستغل حاجة المواطنين وضعف الوعي القانوني لديهم.

وقال لـ"طريق الشعب"، إن واحدة من أبرز الإشكالات "تتمثل في غياب الرقابة الحقيقية، فمثلاً هناك جمعيات وشركات تروّج لسلف وقروض وهمية تحت أسماء مصارف حكومية معروفة، في حين لا تربطها بهذه المصارف أي صلة رسمية، وهو ما تأكدنا منه عبر زيارات ميدانية لجمعيات ترفع شعار “التسهيلات المصرفية”، بينما تعتمد على أساليب احتيالية توقع آلاف المواطنين يومياً في فخ التزامات مالية خطرة".

وأوضح أن هذه الجهات "تستغل بساطة المستهلك وتطالبه بتسليم بياناته وبطاقته الالكترونية والتوقيع على عشرات الأوراق دون أي وعي قانوني، ما يعرضه لاحقاً لمشكلات مالية وقضائية قد تصل إلى مراحل متقدمة، في ظل غياب شبه تام لرقابة الدولة على مثل هذه الأنشطة".

ويرى حسين أن "المستهلك العراقي يعيش في سوق مفتوحة بلا حماية فعلية، فيما تبقى نصوص القانون حبيسة الأدراج ولا تصل إلى الناس، لأن الجهات المعنية لا تعمل على توعية المواطنين بحقوقهم ولا تشرح القوانين أو القرارات التي تصدرها، الأمر الذي يجعل الفجوة كبيرة بين التشريع والواقع".

وأضاف أن "مقارنة القانون العراقي مع قوانين حماية المستهلك في دول أخرى تكشف ضعفاً واضحاً في آليات التطبيق وعدم وجود منظومة رقابية رادعة، فالقوانين في معظم الدول تقوم على الشفافية والرقابة الفعلية ونظام الشكاوى الفعّال، بينما يعاني العراق من بطء في التعامل مع الانتهاكات اليومية، ومن غياب جهة واحدة تتحمل مسؤولية المتابعة والمحاسبة".

وبيّن أن تطوير قانون حماية المستهلك "لم يعد خياراً، بقدر ما اصبح ضرورة، لأن استمرار هذا الواقع سيعمّق الفوضى الموجودة في السوق ويفتح المجال أمام مزيد من الشركات الوهمية والممارسات التضليلية التي تضرب المواطن قبل أي جهة أخرى".

غير أن العائق الحقيقي، بحسب رأيه، لا يكمن في صياغة التشريعات ومعالجة الثغرات فحسب، بقدر ما يكمن في ضعف الإرادة التنفيذية وغياب الرقابة الجدية القادرة على فرض القانون وملاحقة المخالفين".

وخلص الى القول إن حماية المستهلك يجب أن "تتحول إلى ملف لا يقل أهمية عن الملفات الاقتصادية الأخرى، وأن على الدولة أن تتعامل معه بجدية أكبر من خلال تعزيز الرقابة، وتطوير التشريعات، وإطلاق حملات توعية واسعة تجعل المواطن قادراً على فهم حقوقه وتحديد الجهات التي يلجأ إليها عند تعرضه لأي تجاوز في السوق".

ثغرات كثيرة

أكد الخبير القانوني وائل منذر أن قانون حماية المستهلك العراقي لا يتضمن أحكاماً تنظم الاعلانات الكاذبة أو الخادعة، بل يقتصر فقط على ما يتعلق بالغش والتدليس وإخفاء حقيقة المواد والمواصفات، إضافة إلى الترويج لسلع غير مطابقة للمواصفات القياسية.

وقال منذر في حديث مع "طريق الشعب"، أن هذا الفراغ القانوني "يجعل من الصعب مساءلة الشركات في حالات تتعلق بالتضليل الإعلاني"، مؤكداً أن "ما قامت به شركة “كي كارد” – في الواقعة المتداولة مؤخراً – لا يمكن اعتباره مخالفة لقانون حماية المستهلك، لكون القانون نفسه لا يتضمن نصوصاً تعالج هذا النوع من السلوكيات".

وأضاف أن "معظم الدول تمتلك منظومات قانونية متكاملة لحماية المستهلك، تعتمد على تحديث مستمر يشمل كل ما يطرأ من ممارسات جديدة في السوق، بينما يفتقر العراق إلى تشريعات تغطي التفاصيل الدقيقة، وهو ما يترك مساحة واسعة للممارسات الخادعة دون إطار قانوني رادع".

ونبه الى ان عملية التشريع في العراق "لا تمر عبر دراسات ونقاشات معمقة من قبل مختصين أو جهات معنية، ما يؤدي إلى ظهور ثغرات قانونية تجعل من الصعب محاسبة الشركات عند وقوع مثل هذه الاشكالات".

*****************************************

الترفيه غير المنظم يخلق فجوة اجتماعية وينذر بمشاكل تربوية خطيرة صالات الألعاب الإلكترونية تهدد جيل الشباب: هرب من المدارس ونزف مالي

بغداد – تبارك عبد المجيد

باتت مساحات الترفيه للشباب والأطفال تقتصر على صالات الألعاب الإلكترونية والمولات، التي ارتفعت أسعارها بشكل جعل الاستمتاع بها حكراً على فئة محدودة من المجتمع. هذا الواقع يعكس أزمة اقتصادية واجتماعية؛ حيث يجد الشباب والأسر أنفسهم أمام خيارات محدودة وباهظة الثمن لممارسة أي نشاط ترفيهي أو رياضي، بينما تندر البدائل العامة والمنخفضة التكلفة.

أزمة اجتماعية واقتصادية

يقول ياسر مؤيد، طالب جامعي، إن واقع الترفيه في بغداد أصبح مأساوياً. ويصف الوضع بأنه "أزمة اجتماعية واقتصادية في وقت واحد".

 ويضيف مؤيد في حديث لـ "طريق الشعب"، بالقول انه "قبل خمس سنوات، كانت هناك مساحات رياضية وترفيهية متاحة بأسعار معقولة. اليوم، الوضع تغير بالكامل. صالات الألعاب الإلكترونية والمولات أصبحت مراكز استثمارية بامتياز".

ويشير إلى أن المطاعم الموجودة في المولات ترفع الأسعار بشكل يفوق دخل الأسرة متوسطة الحال، ما يجعل زيارة أي مكان ترفيهي للطفل أو للشباب "مكلفة ماليا" للعائلات، مؤكدا ان "الأمر لا يتعلق بالترفيه فحسب، بل بالصحة النفسية والاجتماعية. الأطفال والشباب بحاجة لممارسة نشاط بدني وذهني، لكن الفوضى التجارية وارتفاع الأسعار تجعلهم محاصرين بين شاشات الأجهزة الإلكترونية، أو البحث عن بدائل غير آمنة أو مقرصنة".

ويرى ان "العاصمة اليوم ممتلئة بالمطاعم، الصالات، ومراكز الألعاب، ولا توجد مساحات عامة حقيقية للرياضة أو الترفيه منخفضة التكلفة. الشباب والأطفال الذين يذهبون مع أهاليهم للترفيه أو التسوق يجدون أنفسهم أمام خيارات محدودة وباهظة الثمن، ما يخلق شعوراً بالإحباط والتهميش، ويزيد من الفجوة الاجتماعية بين من يستطيع الدفع ومن لا يستطيع".

ويبين ان "الأثر يتجاوز الترفيه. بعض الطلاب بدأوا يهملون الدوام المدرسي أو يهربون من المدارس خلال ساعات الدراسة للذهاب إلى صالات الألعاب الإلكترونية، لأن الترفيه أصبح أسهل من الالتزام بالواجبات اليومية، خاصة في ظل غياب الرقابة الأسرية والدروس الترفيهية. هذا يخلق جيلا قد يتعرض لمشاكل اجتماعية واقتصادية مستقبلاً، ويجعل الوقت الذي يجب أن يُستثمر في التعليم والنشاط الصحي يُستهلك في الترفيه المكلف وغير المنظم".

ويختتم مؤيد حديثه بدعوة الجهات الرسمية والخاصة، أنّ "الترفيه يجب أن يكون حقاً متاحاً للجميع، وليس سلعة باهظة الثمن. هناك حاجة إلى تنظيم الأسعار، وتوفير بدائل منخفضة التكلفة، وزيادة المساحات الرياضية والترفيهية المجانية، خصوصاً في المناطق المزدحمة، كي يتمكن الشباب والأطفال من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي وصحي، بعيداً عن الاستغلال التجاري والفوضى".

ترفيه مكلف

تقول الباحثة الاجتماعية بلقيس الزاملي، إنّ انتشار الألعاب الإلكترونية بين الشباب أصبح ظاهرة واسعة، لكن ارتفاع أسعار الاشتراكات والأجهزة خلق فجوة واضحة في إمكانية وصول الشباب لهذا النوع من الترفيه.

وتضيف الزاملي في تعليق لـ"طريق الشعب"، أن الكثير من الشباب يلجؤون للألعاب الإلكترونية كمتنفس من ضغوط الدراسة والعمل والحياة اليومية، لكنها أصبحت اليوم "ترفيها مكلفا" مع ارتفاع أسعار بطاقات الشحن، الاشتراكات الشهرية، والأجهزة نفسها.

وتشير الى ان "الترفيه لم يعد خياراً سهلاً. شباب كثير يلجؤون للألعاب للهرب من الضغط، لكن الأسعار الحالية تجعل جزءاً منهم خارج هذا العالم، رغم أنه يشكل مساحة التواصل الأبرز بينهم"، معتقدة أن هذا الوضع خلق تفاوتاً اجتماعياً جديداً بين من يمتلك القدرة على شراء أجهزة حديثة أو الاشتراك في ألعاب ضخمة، وبين من يكتفي بالبدائل الرخيصة أو غير الآمنة، مثل المواقع المقرصنة.

وتتابع ان "هذا الفارق يعزز الإحساس بالتهميش لدى الشباب من ذوي الدخل المحدود، ويضعهم خارج دوائر الترفيه التي تجمع أصدقاءهم"، مشيرة الى أن غياب الرقابة، مع الانتشار السريع للألعاب المدفوعة، أدى إلى ظهور مشاكل مثل الإدمان أو استخدام الأطفال لبطاقات الدفع دون علم الأهل.

وتعتقد الزاملي أن "المشكلة ليست في اللعبة بقدر ما هي في غياب التوازن. السعر المرتفع يدفع البعض للبحث عن بدائل غير آمنة، والتسهيلات الكبيرة داخل الألعاب تغري المراهقين لإنفاق مبالغ كبيرة دون وعي."

وفيما يتعلق بالحلول، تؤكد أن الموضوع يحتاج إلى دور مشترك بين الجهات الرسمية والقطاع الخاص: "من المهم أن تكون هناك عروض مخصصة للطلاب، أو تخفيضات على الاشتراكات، أو دعم حكومي لمراكز ألعاب آمنة وبأسعار مقبولة. الترفيه الإلكتروني أصبح جزءاً من هوية الشباب، ويجب التعامل معه كجزء من الصحة النفسية والاجتماعية وليس كرفاهية ثانوية".

وتلاحظ الزاملي انه في عدد من المناطق، تحصل حالات متكررة لطلاب يتركون مدارسهم، ويتوجهون إلى صالات الألعاب الإلكترونية في أثناء وقت الدوام. هذا السلوك لا يُعد مجرد هرب مؤقت، بل مؤشر خطير على غياب الرقابة الأسرية وضعف الإجراءات التنظيمية حول هذه الأنشطة.

وتشدد على أن وجود هذه الصالات بالقرب من المدارس يشكل بيئة محفزة للهروب من الدروس، إذ تقول: "من الضروري منع انتشار صالات الألعاب الإلكترونية قرب المدارس، لأنها تستغل أوقات الدوام، وتستقبل الطلاب الصغار بشكل يومي، وهو ما أدى إلى تسجيل حالات عدة من هروب الطلبة إلى تلك الأماكن".

كما تعدو الناشطة الحقوقية الجهات المختصة إلى فرض رقابة مشددة على هذه الصالات، خصوصاً من ناحية الفئات العمرية المسموح لها بالدخول، وساعات العمل، والمحتوى الذي يتم تقديمه.

قطاع ترفيهي غير منظّم

الباحث الاقتصادي عبد الله نجم، يقول إنّ انتشار صالات الألعاب الإلكترونية وارتفاع أسعار استخدام الأجهزة داخلها مرتبط بشكل مباشر بتدهور القدرة الشرائية لدى العائلات العراقية، خصوصاً في ظل موجة التضخم وارتفاع كلف التشغيل خلال العامين الأخيرين، مبينا أن "أغلب هذه الصالات تعتمد على أجهزة عالية الكلفة، إضافة إلى فواتير الكهرباء والمولدات، ما يدفع أصحابها لرفع الأسعار، وهي زيادات تنعكس بالكامل على الأطفال والطلاب الذين يشكلون النسبة الأكبر من روادها".

ويضيف نجم قائلاً: "نحن اليوم أمام قطاع ترفيهي غير منظّم اقتصادياً، يعتمد على التسعير المزاجي، وغياب الرقابة جعل بعض الصالات تفرض أسعاراً لا تتناسب إطلاقاً مع مستوى دخول الأسر. هذا خلق فجوة واضحة بين حاجة الأطفال للترفيه، وبين قدرة الأهالي على تغطية نفقات الساعات الطويلة داخل هذه الصالات".

ويرى أن الأزمة لا تقف عند الأسعار، بل تمتد إلى الأثر الاقتصادي على التعليم نفسه، موضحاً "وجود صالات الألعاب قرب المدارس ساهم في زيادة التسرب الدراسي، لأن الطالب يجد صالة الترفيه خياراً أسهل من الالتزام بالدوام، خصوصاً عندما لا تملك العائلة الوقت والقدرة لمتابعة أبنائها بسبب الضغوط الاقتصادية".

ويشير إلى أن استمرار الوضع الحالي قد يخلق أعباء اجتماعية واقتصادية مستقبلية، إذ يميل الأطفال إلى إنفاق جزء كبير من مصروفهم اليومي على اللعب، بدلاً من الاحتياجات الأساسية، ما يجعل الترفيه يتحول إلى عبء مالي بدلاً من أن يكون وسيلة دعم نفسي أو نشاطاً إيجابياً.

ويختتم عبد الله نجم بالقول: الحل يبدأ بتنظيم هذا القطاع، وتحديد سقف أسعار معقول، ومنع الصالات من العمل قرب المدارس، إضافة إلى تعزيز البدائل الترفيهية منخفضة الكلفة. هذه الخطوات ضرورية لتخفيف العبء الاقتصادي على العائلات، وحماية الطلاب من التحول إلى زبائن دائمين لصالات تستهلك وقتهم ودخلهم دون أي مردود تعليمي أو اجتماعي.

*****************************************

الصفحة الخامسة

بدائل غير آمنة في غياب الحلول المستدامة أزمة المياه تُجبر مواطنين على حفر آبار منزلية

متابعة – طريق الشعب

دفعت أزمة المياه المتفاقمة في عديد من مناطق البلاد، الأهالي إلى البحث عن بدائل غير آمنة صحياً، أبرزها حفر الآبار المنزلية الصغيرة داخل الحدائق، فضلا عن الاعتماد على السيارات الحوضية التي باتت المصدر الوحيد للمياه في كثير من القرى والأرياف. وتبدو الأزمة أكثر وضوحاً في محافظات الوسط والجنوب. إذ أدى تراجع الإطلاقات المائية في الأنهر إلى توقف مشاريع الإسالة الرئيسة في عدد غير قليل من المناطق، فيما تتزايد شكاوى السكان من سوء الأوضاع اليومية في ظلّ غياب حلول مستدامة لتلك الأزمة.

وفي غياب الحلول يجد الناس أنفسهم مضطرين إلى الاعتماد على المياه الجوفية ليس للشرب فقط، إنما للزراعة أيضا. هذا التحوّل القسري نحو تلك البدائل يضع ضغطا هائلا على الخزين الجوفي الذي يحتاج إلى سنوات طويلة كي يتجدّد، بينما تُسحب منه اليوم كميات تفوق قدرته على التعويض. ومع استمرار الحفر العشوائي للآبار، يقترب هذا المخزون الثمين من مرحلة الخطر التي قد تنعكس مباشرة على الأمن المائي.

وتكمن المشكلة الأخرى في نوعية تلك المياه. فبعض الآبار تضخ مياها ملوّثة أو محمّلة بنسب مرتفعة من الكبريت والأملاح والبكتيريا الضارة، ما يجعلها غير صالحة للشرب ومهددة لصحة السكان وتربة الأراضي الزراعية على حد سواء. ويؤدي هذا الارتفاع في الملوحة، مع الزمن، إلى تملّح مساحات واسعة من الأراضي، وإضعاف الإنتاج الزراعي، وتفاقم كلفة معالجة المياه.

معاناة يومية

يتحدث مواطنون من محافظة الديوانية عن معاناتهم مع أزمة المياه، التي تحوّلت إلى عبء يومي. إذ تقف عائلات في طوابير طويلة منتظرة وصول الحوضيات كي تزودها بمياه الشرب. بينما تضطر أخرى إلى الاعتماد على مياه الآبار المنزلية، رغم عدم صلاحيتها أحيانا.

تقول المواطنة أم تحسين، وهي من سكان إحدى قرى الديوانية، أن عائلتها تنتظر السيارة الحوضية كل يوم من أجل الحصول على كمية مياه تكفي للشرب والطبخ، مبينة في حديث صحفي أن ماء البئر في منزلها لا يصلح حتى للحيوانات، بسبب رائحته السيئة.

وتلفت إلى ان "المياه في منطقتنا باتت تعامل بوصفها سلعة نادرة. ننتظر ساعات وربما أياما حتى تصلنا، وكل بيت يأخذ حصته بحدود 200 إلى 300 لتر فقط، وهذه الكمية لا تكفي أسبوعاً".

وفي قضاء غماس في الديوانية، تفاقمت أزمة مياه الشرب كثيرا، بسبب انخفاض الإطلاقات المائية في النهر المغذي، وبالتالي توقف مشروع الإسالة، وهو ما دفع الكثيرين إلى حفر الآبار والاعتماد على ما يصلهم من مياه بواسطة السيارات الحوضية.

يقول قائم مقام القضاء وضاح الزيادي، أن "سوء التنسيق بين المناطق الواقعة شمالي القضاء، كالشامية والصلاحية والمهناوية، أدى إلى استنزاف الإطلاقات القليلة المتاحة عبر الاستخدام الزراعي، وهو ما أثر على مشاريع تصفية المياه".

ويوضح في حديث صحفي أن "كمية المياه الواصلة هذا العام انخفضت إلى نحو 20 متراً مكعباً. وهي كمية لا تصل فعلياً إلى غماس بسبب مرورها بمناطق زراعية واسعة قبل وصولها للقضاء، وأن المتبقي لدينا مياه ضحلة وآسنة ناتجة عن اختلاط الإطلاقات الثقيلة، ولا يمكن استخدامها منزلياً"، مضيفاً أن "مشروع الماء الرئيس في غماس توقف عن العمل بسبب امتلاء الغطاسات بالطين على إثر شح المياه. لذلك لجأت السلطات المحلية إلى حلول أبرزها تنظيم جداول يومية لإرسال سيارات حوضية إلى القرى والأرياف".

مصاريف إضافية

في السياق، يقول المواطن أسعد الفراتي من بابل، أنه "اضطررنا إلى حفر بئر في حديقة البيت، بعد ما فقدنا الأمل بوفرة ماء الإسالة. وقد كلفتني البئر مبلغا كبيرا، بين عمليات الحفر وشراء المضخة وغيرها من المستلزمات".  ويشير في حديث لـ"طريق الشعب"، إلى ان ماء البئر لم يُسعفهم. إذ تبيّن انه ملوث وذو لون وطعم غريب، وبعد فترة بدأت تظهر على أفراد عائلته مشكلات معوية وتهيجات جلدية، مضيفا قوله أنه "راجعنا الطبيب فأخبرنا بأن السبب على الأغلب هو المياه الجوفية الملوثة".  ويتابع الفراتي قوله: "نحن من أجل الماء لم نعد ندفع من جيوبنا فقط، إنما من صحتنا أيضا. بينما الحكومة عاجزة عن إغاثتنا ببدائل ماء آمنة".

أما المواطن يَعرب كريم من إحدى قرى صلاح الدين، فيقول أن مياه الإسالة أصبحت شبه منعدمة في قريتهم، ما اضطرهم إلى حفر بئر، مضيفا في حديث لـ"طريق الشعب"، أن ماء الإسالة لا يصلهم إلى نادرا، وان الأهالي لم يعودوا يتحمّلون هذا الواقع المأزوم.

ويستدرك "لكن حفر البئر كلّفنا مبالغ مرتفعة تفوق قدرة أي أسرة بسيطة، من أجور الحفّارة إلى شراء المضخة والأنابيب وتجهيز منظومة التشغيل. كما نُجبر على صيانة البئر دوريا بسبب احتوائها على ترسبات وأملاح، ما يضيف مصاريف شهرية تثقل كاهلنا".

ويشير كريم إلى ان "الحصول على مياه نظيفة أصبح عبئا ماليا مستمرا، يُضاف إلى أعباء المعيشة الأخرى".

تحذيرات من أضرار

تثير هذه الظروف قلق منظمات مجتمعية وناشطين. إذ يجري التحذير باستمرار من تأثير شح المياه على الصحة العامة، خصوصاً مع اضطرار الأهالي إلى استخدام مياه غير آمنة.

وتقول الناشطة في حقوق المرأة والطفل، سعاد الزيدي، أن "تراجع إمدادات مياه الشرب في المحافظات لم يعد أزمة خدمية وحسب، إنما قضية حقوقية تمس الحق في الحياة"، داعية في حديث صحفي، الحكومة المركزية والحكومات المحلية إلى "وضع خطة طوارئ مائية تضمن وصول مياه صالحة للاستخدام البشري، لا سيّما إلى المناطق الأكثر فقراً".

كما تُحذّر من "ارتفاع احتمالات انتشار الأمراض المنقولة بالمياه، مثل الإسهال الحاد والتسمم المعوي، نتيجة لجوء السكان إلى مصادر بديلة غير آمنة"، معتبرة أن "الاعتماد المستمر على الحوضيات لا يمكن أن يشكل حلا دائما. إذ تعاني مناطق عديدة عدم انتظام وصول تلك الحوضيات إليها، فضلاً عن ارتفاع تكلفتها".

***************************************

اگول.. بين حَفْرَين.. وثالثٍ!

علي يحيى السبّار

الحفرُ، في جوهرِه ليس فعلاً بحثياً بقدر ما هو محاولةٌ يائسةٌ لافتعالِ معنى في أرضٍ لا تتألمُ! كلُ ضربةٍ في العمقِ سؤالٌ بلا إجابةِ، وكلُ فراغٍ يتكوّن تحت السطح يُنبّهنا إلى أن الإنسان لا يفعل سوى توسيع هوّةٍ فراغيةٍ يتوهّمُ أنه يملؤها. وصوت اللاجدوى يُردد في دواخلنا: احفرْوا.. احفرْوا.. فأنتم لا تجيدون غيرَ الحفرِ!

هناك مفرداتٌ في المعجمِ العربي لا تُثيرُ أي التباسٍ بطبيعتِها، إلا في العراقِ. ومن ذلك مفردة "بئر"، بينما تُطلق على منبع يُثري اقتصاد الدولة، تُستخدم نفسُها لوصفِ حفرةٍ يحفرُها مواطنٌ في فناءِ بيتهِ ليشربَ.

وعلى حينٍ تتصدرٌ بئرُ النفطِ نشراتِ الأخبارِ باعتبارها ثروةً، احتياطياً، مورداً إستراتيجياً، تُتداولُ بئرُ الماءِ في أحاديثِ العطشى باعتبارها اضطراراً، لا قُلْ مرضاً!

المفارقةُ ليست في الآبارِ، بل في اللغةِ نفسِها حين يتبدّل معناها من سياقٍ إلى سياقٍ. شتّان بين من يغني جيوبَه بموازناتٍ أصلها نفطٌ، ومن يتوسّلُ الأرضَ قطرةً عذبةً تروي ظمَأه. ووسط هذا الارتباكِ اللغويِ، تتقدّمُ مفارقةٌ أخرى أشدّ سخريةً: العراقُ، الذي تُعرِّفه الجغرافيا بأنه "بلد النهرين"، قد يجد نفسَه مضطراً لابتكارِ معادلةٍ جديدةٍ: نفطُنا مقابلَ مائهم!

لا لأنَّ الدولةَ تريدُ ذلك، بل لأنها عجزَتْ سنواتٍ عن استحصال حقِها من الأنهارِ المشتركةِ، وعجزَتْ قبلها عن إدارةِ مواردها الداخليةِ، ولا تزالُ عاجزةً.. تراجعَ الماءُ وبقي النفطُ، وبأي معنى؟! لعلّنا قد نضطرُ إلى دفعِ النفط ثمناً للماءِ.. وما الغريبُ في أرضِ الغرابةِ؟!

في آخرِ الحَفْرِ، لا يبقى للإنسانِ سوى الوقوفِ حائراً على حافةِ هوّةٍ جديدةٍ.. حفرةٌ تُسمّى ثروةً، وأخرى تُدعى نجاةً، وثالثةٌ قبريةٌ تبتلعُ الحافرين. ومع ذلك، يستمرُّ الإنسانُ في الحفر، لا لأنه يأمل خيراً، بل لأنه لا يجد معنى في التوقفِ. فالسطحُ بلا جوابٍ، والعمقُ بلا وعدٍ، والفراغُ، في الحفرِ كلِه، هو الحقيقةُ الوحيدةُ الناصعةُ على ما يبدو!

**************************************

ديالى توقف مشاريع خدمية بسبب الديون

متابعة – طريق الشعب

كشف رئيس اتحاد المقاولين في ديالى اسماعيل برهومي، عما في ذمة الحكومة من مبالغ تعود لمقاولين في المحافظة، مؤكدا إغلاق المئات من الشركات أبوابها نتيجة عدم قدرتها على تأمين مبالغ تنفيذ المشاريع.

وقال في حديث صحفي أن "الديون تقدر بنحو 500 مليار دينار، والعمل ينفذ بلا دفعات كمستحقات مالية وهو ما فاقم معاناة المقاولين. فالديون تراكمت عليهم وأموالهم لا يستطيعون الحصول عليها من الحكومة".

وأضاف قائلا أن "بعض المقاولين مودعون في السجون حاليا بسبب تراكم الديون عليهم، وبعضهم تركوا اعمالهم. حيث يبلغ عدد المقاولين العاملين حاليا في ديالى قرابة 200 مقاول بينما العدد الكلي المسجل للشركات أكثر من 1100 شركة".

وأكد برهومي أن "الحكومة مستمرة في إحالة المشاريع، لكن من دون سداد مستحقات المقاولين"، لافتا إلى أن "الحكومة الاتحادية لم تفِ بوعودها لنا. حيث وعدنا رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني سابقا بإطلاق 5 تريليونات كمستحقات للمقاولين في عموم العراق، لكن المبلغ اطلق وفيه نقص أكثر من 2 تريليون".

وأوضح أن"استمرار اهمال مطالبنا وعدم اطلاق المستحقات سيدفعنا لإيقاف المشاريع في ديالى وسائر مدن العراق، لأن معاناة المقاولين تفاقمت كثيرا، لا سيما المقاولون القدامى وأصحاب الشركات الكبرى".

وتابع برهومي القول أن "المقاولين، ورغم جهودهم في اعمار البلاد وتوفير آلاف فرص العمل، يتعرضون لحملة تسقيط نتيجة فشل المشاريع التي ينفذها مسؤولون ومقاولون جدد قبل كل انتخابات، لاستغلالها كدعاية انتخابية".

************************************

مواساة

• تتقدم اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في واسط بخالص التعازي والمواساة إلى عائلة الرفيق التربوي حسين علي حسون، بوفاته.

له الذكر الطيب ولأهله ورفاقه الصبر والسلوان.

*************************************

الصفحة السادسسة

الاحتلال يقتحم مقر الأونروا بالقدس عمليات نسف إسرائيلية بالقطاع وتحذيرات أممية من كارثة إنسانية

رام الله – وكالات

شن جيش الاحتلال الإسرائيلي سلسلة غارات جوية ترافقت مع عمليات نسف وقصف مدفعي وإطلاق نار مكثف مستهدفا مناطق عدة خلف ما بات يعرف بالخط الأصفر في قطاع غزة، يتزامن هذا مع اقتحام شرطة الاحتلال لمقر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في حي الشيخ جراح بالقدس.

غارات جوية

وقال مصدر محلي، إن جيش الاحتلال شن غارات جوية داخل مناطق انتشاره وراء الخط الأصفر في مدينة رفح، جنوبي قطاع غزة.

كما أشار إلى أن جيش الاحتلال نسف عددا من المباني في مدينة رفح، بالإضافة إلى قصف الدبابات والمروحيات الإسرائيلية عددا من المواقع شرقي مدينة خان يونس.

ومنذ الإعلان عن دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 10 تشرين الأول الماضي، يواصل جيش الاحتلال عمليات النسف والتدمير لما تبقى من مبان خلف "الخط الأصفر".

كما تعيش العائلات التي عادت إلى منازلها المدمرة حالة من عدم الاستقرار والخوف بفعل استمرار القصف المدفعي وإطلاق النار من الآليات العسكرية الإسرائيلية في المناطق الشرقية للقطاع.

تفاقم الوضع الانساني

إنسانيا، حذر صندوق الأمم المتحدة للسكان من تفاقم الوضع الإنساني في القطاع، مشيرا إلى أن 1.7 مليون شخص يواجهون فصل الشتاء وسط نقص حاد في الغذاء والمياه والرعاية الصحية.

وأعرب الصندوق عن قلق بالغ إزاء أوضاع النساء والفتيات، موضحا أن القطاع يضم نحو 50 ألف امرأة حامل محرومات من خدمات الولادة الآمنة نتيجة الهجمات على المستشفيات والانهيار شبه الكامل للنظام الصحي.

في الأثناء، حذّرت وزارة الصحة في قطاع غزة، من أنّ 52 في المائة من الأدوية الأساسية "رصيدها صفر". وأفادت الوزارة بأنّ "الأرصدة الصفرية من الأدوية والمستهلكات الطبية لا تزال تتخطى مستويات كارثية".

وأوضحت أنّ "52 في المائة من قائمة الأدوية الأساسية و71 في المائة من قوائم المستهلكات الطبية و70في المائة من المستهلكات المخبرية رصيدها صفر".

وشدّدت على أنّ "الأزمة تتّخذ منحنياتٍ تصاعدية مع زيادة الاحتياج للتدخلات العلاجية للجرحى والمرضى".

نقص في الأدوية

وأوضحت الوزارة أنّ "الرعاية الأولية والجراحة والعمليات والعناية المركزة والسرطان وأمراض الدم من الخدمات التي تعاني نقصاً شديداً في قوائم الأدوية". فيما تواجه "أقسام جراحة العظام والكلى والغسيل الكلوي والعيون والجراحة العامة والعمليات والعناية الفائقة تحديات كارثية مع نقص المستهلكات الطبية"، بحسب البيان. وطالبت وزارة الصحة في قطاع غزة بـ "بتعزيز الإمدادات الطبية العاجلة لتمكين عمل الطواقم الطبية في الأقسام التخصصية".

وتمنع إسرائيل إدخال قدر كاف من الأدوية والمستلزمات الطبية والمواد الغذائية إلى غزة، في خرق لاتفاق وقف إطلاق النار، حيث يعاني نحو 2.4 مليون فلسطيني أوضاعاً مأساوية. كما تخرق إسرائيل الاتفاق يومياً من خلال قصف أدّى إلى قتل 373 فلسطينياً وإصابة 970، بحسب بيان ثانٍ لوزارة الصحة في القطاع المحاصر.

اقتحام قسري

اقتحمت شرطة الاحتلال الإسرائيلي مقر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في حي الشيخ جراح بالقدس، ثم لحقت بها طواقم بلدية الاحتلال وشرعت في تفتيش المكان ومصادرة هواتف حراسه.

وجاء في بيان مقتضب أصدرته الوكالة باللغة الإنجليزية أن أعدادا كبيرة من قوات الأمن الإسرائيلية وصلت المقر، وأنه لا تتوفر أي معلومات إضافية نظرا لانقطاع الاتصالات.

وأكدت الوكالة الدولية في بيانها أنه لا يوجد حاليا أي موظف من موظفي الأمم المتحدة في الموقع، مضيفة أن "دخول قوات الأمن الإسرائيلية القسري وغير المصرح به يُعد انتهاكا غير مقبول لامتيازات وحصانات الأونروا كوكالة تابعة للأمم المتحدة".

من جهته، قال الناطق الإعلامي باسم الأونروا عدنان أبو حسنة إن "المقر لا يعمل حاليا، وكل العمليات فيه معطلة منذ قرارات الاحتلال الأخيرة، ولا يوجد داخله سوى عدد من الحراس، وهذا أمر طبيعي".

وأضاف أن عناصر من قوات من شرطة الاحتلال "بعضهم وصلوا على دراجات نارية" دخلوا المكان وصادروا الهواتف المحمولة الخاصة بالحراس، دون أن يوضحوا أسباب الاقتحام أو طبيعة ما يبحثون عنه.

وأوضح المسؤول الأممي أن أرشيف اللاجئين الفلسطينيين في مناطق العمليات الخمس محفوظ بالكامل، مضيفا أن الأونروا أنجزت عملية رقمنة ملايين الوثائق والصور والأفلام، وما تبقّى قيد الاستكمال حاليا، وهو ما يجعل احتمالات المساس بالملفات الأساسية "غير واردة.

إدانة لاقتحام المقر

وفي السياق، أدانت محافظة القدس اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي مقر الأونروا في حي الشيخ جراح، معتبرة ذلك اعتداء صارخا على حصانة مؤسسات الأمم المتحدة وتحديا مباشرا لقرار الجمعية العامة الأخير بتجديد ولاية الوكالة.

وأكدت المحافظة أن استهداف وكالة أممية تعنى بخدمة اللاجئين يشكل مساسا خطيرا بالمنظومة الدولية وبالقانون الدولي الذي يؤكد أن القدس أرض محتلة.

ودعت إلى تحرك دولي عاجل لمحاسبة إسرائيل على انتهاكاتها ومساءلة قادتها عن الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني ومؤسساته الوطنية والأممية.

*********************************************

حظر نشاط الحزب الشيوعي البولندي

متابعة – طريق الشعب

في بولندا، أعلنت المحكمة الدستورية الأربعاء الفائت، عدم شرعية الحزب الشيوعي، ما يعني حظر نشاطه. وكان رئيس الجمهورية كارول ناوروكي قد قدم الطلب في تشرين الثاني. وأصبح شطب الحزب من السجل ذي الصلة إجراءً شكليًا، تمامًا كما كانت المحاكمة نفسها. وتداولت المحكمة لمدة ثلاثة أسابيع ونصف، ولم تبذل جهدًا يُذكر لجمع الأدلة.

بالنسبة للقاضية المُقررة، كريستينا باولوفيتش، كان الحكم أمرًا عزيزًا على قلبها قبل تقاعدها المبكر يوم الجمعة: أخيرًا، قالت في خطابها في الجلسة الختامية، إن بولندا حققت ما لم يحققه أحد منذ عام ١٩٨٩: القضاء رسميًا على الشيوعية. أخيرًا، كان لا بد من خوض "المعركة الأخيرة". واضح من التصريح أن العداء للشيوعية يتفجر في قلب قاضية يفترض ان تحافظ على حيادها.

أوضح ممثل الحزب القانوني أنه في حال الحظر، سيكتفي الأعضاء بمتابعة معتقداتهم سرًا، وليس علنًا. ومن المرجح أن تكون الآثار العملية للحظر ضئيلة بقدر تأثير أنشطة الحزب. تأسس الحزب عام ٢٠٠٢، وكان يضم قرابة ألف عضو، معظمهم من كبار السن. في عام ٢٠١٥، وفي ضوء محاولات سابقة لحظره، أزال الحزب الشيوعي الدعوة إلى الثورة الاشتراكية من برنامجه. وكان ذلك محقًا تمامًا. فالثورة، وفق لينين، لا تأتي عندما يُطلق أحدهم شعارًا مبتذلًا بشأنها، بل عندما "يعجز من هم في القمة عن الاستمرار في ما هو قائم، ولا يريد من هم في القاعدة استمرار ما هو قائم". وكان لينين يُدرك ما كان يقوله.

*******************************************

يونيفيل: إسرائيل تنتهك وقف إطلاق النار في لبنان

بيروت – وكالات

قال قائد قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) الجنرال ديوداتو أباغنارا إن الهجمات التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على لبنان تشكل "انتهاكاً دائماً وفاضحاً" لقرار مجلس الأمن 1701.

وأضاف أباغنارا، أن الهجمات الجوية اليومية التي تشنها إسرائيل في الساحة اللبنانية تمثل "خرقاً ثابتاً" لاتفاق وقف إطلاق النار.

وفي 11 آب 2006، تبنى مجلس الأمن الدولي القرار 1701 الذي دعا إلى وقف كامل للعمليات القتالية، بعد حرب استمرت 33 يوماً آنذاك بين "حزب الله" والجيش الإسرائيلي.

كما انتقد أباغنارا تمركز مواقع عسكرية إسرائيلية ثابتة بمحاذاة الخط الأزرق (الحدودي المحدد لخطوط انسحاب إسرائيل من لبنان عام 2000)، واعتبرها "انتهاكاً دائماً وفاضحاً" لقرار الأمم المتحدة، حسب المصدر نفسه.

وأكد قائد "يونيفيل"، وفق القناة، أن قواته ملزمة "بتوثيق هذه الانتهاكات ورفع التقارير بشأنها"، محذراً من أن الوضع في جنوب لبنان "هش للغاية" وأن أي "خطأ صغير يمكن أن يقود إلى تصعيد كبير".

*********************************

من أجل قطع مشروع التهجير الصهيوني.. جنوب أفريقيا توقف إعفاء المواطنين الفلسطينيين من التأشيرة

بريتوريا ـ وكالات

اتخذت وزارة الداخلية في جنوب أفريقيا قرارًا بإلغاء نظام الإعفاء من التأشيرة لحاملي جوازات السفر الفلسطينية، على خلفية الجدل الذي أثارته رحلة جوية وصلت الشهر الماضي إلى جوهانسبورغ، حملت 153 مواطنًا من قطاع غزة، يُعتقد أنهم نُقلوا ضمن مخطط تهجير منظم.

وأفادت سجلات تتبع الرحلات الجوية أن الرحلة انطلقت من مطاري "عوفدا" العسكري و"رامون" الإسرائيليين، قبل أن تهبط في كينيا ثم جنوب أفريقيا، دون أن يحمل الركاب وثائق أو أختام خروج إسرائيلية، وسط مؤشرات على ضلوع جهات مرتبطة بإسرائيل في العملية.

وأوضح موقع IOL الإخباري أن وزير الداخلية لياون شرايفر اتخذ القرار استنادًا إلى تحقيقات أمنية وتوصيات أجهزة الأمن القومي، التي كشفت أن إعفاء الفلسطينيين من التأشيرة لمدة 90 يومًا استُغل بشكل منهجي من جهات إسرائيلية مرتبطة بمشاريع تُروَّج تحت مسمى "الهجرة الطوعية" لسكان غزة.

وأشار شرايفر إلى أن الإعفاء كان يهدف في الأساس لدعم السياحة قصيرة الأمد، إلا أن التحقيقات المتعلقة بالرحلة أظهرت أن السفر لم يكن بغرض السياحة، بل لنقل فلسطينيين من غزة، مشيرًا إلى أن الركاب لم يشتروا تذاكر سفرهم بأنفسهم، بل رتبت شركات وساطة الرحلة وكانت مستعدة لإيصالهم إلى جوهانسبورغ.

كما كشف الوزير عن حادثة مشابهة في نهاية تشرين الأول الماضي، حين وصل فلسطينيون إلى جنوب أفريقيا عبر نيروبي دون وثائق، لكنها لم تثر الضجة مثل الرحلة الأخيرة. وأكد شرايفر أن إلغاء الإعفاء هو الوسيلة الأكثر فعالية لمنع تكرار مثل هذه الحالات، مع ضمان استمرار قدرة الفلسطينيين على زيارة جنوب أفريقيا من دون الإضرار بهم، مؤكدًا أن بلاده لن تتسامح مع أي محاولة لاستغلال الفلسطينيين أو فصلهم عن غزة.

****************************************

عشرات آلاف التلاميذ الألمان يحتجون على إقرار قانون التجنيد الإجباري والعسكرة

رشيد غويلب

شهدت قرابة 100 مدينة المانية، الجمعة الفائت، أضرابا طلابيا عن الدراسة، تحت شعار" إضراب مدرسي ضد التجنيد الإجباري"، شارك فيه، وفقًا للمنظمين، أكثر من 55 ألف تلميذ. حملوا شعارات ولافتات، احتجاجًا على "قانون التجنيد الجديد " الذي أقرته حكومة تحالف الكبار بين الاتحاد الديمقراطي المسيحي بزعامة المستشار الالماني فريدرش ميرتس والحزب الديمقراطي الاجتماعي. صوت لصالح القانون الجديد 323 عضوا في البرلمان الاتحادي، و272 ضده، وامتنع عضو واحد عن التصويت. وجّهت الاحتجاجات بشكل رئيسي ضد التجنيد الإجباري المُخطط له لجميع الشباب المولودين عام 2008 وما بعده. خرج عشرات الآلاف من الشباب إلى الشوارع من أجل السلام وتقرير المصير وآفاق مستقبلية حقيقية.

صرح الجمعة الفائت، هانز كرامر، المتحدث الوطني باسم التحالف: "أُعجبنا بعدد التلاميذ الذين أضربوا اليوم". إن رسالتهم واضحة ولا لبس فيها: لا "للتدريب"، ولا "طاعة"، لا "لتعلم القتل"، لا "للحرب" من أجل ألمانيا. أثر الإضراب بشكل رئيسي على الفترتين الأخيرتين من اليوم الدراسي، حيث لم تبدأ الاحتجاجات في كثير من الأحيان إلا بعد الظهر.

وفقًا لتقارير الشرطة، شملت مراكز الإضراب مدن برلين وكييل وميونيخ. في العاصمة، تجمع حوالي 1400 متظاهر في "هاليشيس تور" ظهرًا. وسُجِّلت مظاهرة ثانية، من ساحة "أورانينبلاتس" إلى مبنى بلدية حي نويكولن، الساعة الرابعة عصرًا بمشاركة 2000 مشارك. في كييل، خرج حوالي ألف تلميذ إلى الشوارع، بينما تجمع حوالي 1500 شاب وشابة في ميونيخ يوم الخميس.

دعم وتضامن واسعان

حظي إضراب المدارس بدعم من المبادرات المحلية ولجان الإضراب والتحالفات، حيث تلعب هيئات تمثيل الطلاب، مثل مجالس التلاميذ في العديد من المدن، دورًا محوريًا. وقد أمضى العديد منهم الأسابيع القليلة الماضية في التحضير للمظاهرات، وكتابة الكلمات، وتصميم الملصقات، وإجراء استطلاعات الرأي، وتعبئة الزملاء بكل تفانٍ. واظهر يوم النشاط الوطني مدى المقاومة ضد القانون المُقر. ودعمت النقابات وحركة السلام وحزب اليسار وحزب "تحالف سارا فاكنكنشت" الإضراب، ودعمت عوائل التلاميذ أبنائها المضربين.

بموجب القانون، المقرر، الذي سيدخل حيز التنفيذ في كانون الثاني 2026، مهد البرلمان الاتحادي الألماني الطريق لتوسع هائل في الجيش الألماني. وينص القانون على "الخدمة التطوعية". وبدءًا من أوائل عام 2026، سيتلقى جميع الرجال البالغين من العمر 18 عامًا استبيانًا مصممًا لتقييم "دوافعهم وملاءمتهم". وستكون الإجابة على الاستبيان إلزامية للرجال، وطوعية للنساء. ويهدف القانون إلى زيادة عدد الجنود في الخدمة الفعلية من 183الف الى ما بين 255 ألف و270 ألف بحلول عام 2035. ومن المقرر أيضًا إضافة 200 ألف جندي احتياط. وقد رفض حزب البديل من أجل المانيا وحزبا الخضر واليسار القانون لأسباب مختلفة.

ردود فعل

لكن كيف كان رد فعل البرلمان على تظاهرات التلاميذ؟ بينما أشادت سيمتيه مولر، عضو البرلمان عن الحزب الديمقراطي الاجتماعي، بالمشاركة المدنية للشباب في البلاد، قالت خلال النقاش: "أنتم رائعون". ودعت في الوقت نفسه إلى جيش ألماني قوي و"شعب مرن" حتى "يدرك بوتين" أن أي هجوم على ألمانيا لا جدوى منه، لأنه "سيخسره حتمًا.

صرح روديغر لوكاسن، المتحدث باسم حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف، لشؤون الدفاع، قائلاً: "الجنود الذين يأتون من أجل الأجر لا يملكون أساسًا متينًا لخدمتهم. هذا ليس كافيًا". كما تعتقد سارة ناني، عضو البرلمان عن حزب الخضر، أن القانون لا يفي بالغرض. وانتقدت تركيز مشروع القانون على الشباب: "إن دراسة حالة أوكرانيا تُظهر أن "البلاد لا يدافع عنها شباب في الثامنة عشرة من عمرهم".

أعرب وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس (الحزب الديمقراطي الاجتماعي) عن ارتياحه، قائلاً إن قانون الخدمة العسكرية الجديدة يُعد "خطوة حاسمة لتعزيز قدراتنا الدفاعية".

موقف كتلة اليسار البرلمانية

هاجمت ديزيريه بيكر، عضو البرلمان عن حزب اليسار، مشروع القانون قائلةً: "نرفض التجنيد الإجباري، ونرفض أيضًا الاستعدادات لكل هذا: قانون تحديث الخدمة العسكرية الحالي". وفي حديثها للصحافة يوم الجمعة، أعلنت النائبة: "ندعم الآلاف الذين يتظاهرون اليوم، وسنواصل الاحتجاج مستقبلًا ضد التجنيد الإجباري".

ويرى تحالف الاضراب أن مكافحة العسكرة هي مكافحة لليمين المتطرف. وينتقد إرسال التلاميذ إلى الثكنات و"تعليمهم القومية" هناك. ففي نهاية المطاف، تتزايد التقارير عن العنصرية والهياكل اليمينية داخل القوات المسلحة الألمانية. في بيان بعنوان "إضراب مدرسي بدون حزب البديل من أجل ألمانيا"، استخدمت أمثلة متنوعة لتوضيح أن حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف "يتبنى خطاب العسكرة الحكومي المجنون.

****************************************

الصفحة الساببعة

ما (البديل) الحقيقي؟

جمال العتّابي

مثّلت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة في العراق (2025) لحظة كاشفة لمستوى التراجع الذي أصاب القوى المدنية والوطنية والديمقراطية واليسارية، وفي مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي. هذا التراجع لم يكن حدثاً ظرفياً بل خلاصـة لأزمة بنيوية، وهيكيلية وتنظيمية تراكمت عبر سنوات عديدة. تتطلب الآن إصلاحاً جذرياً في الفكر والتنظيم والمنهج وأساليب العمل والأدوات، وهي عوامل داخلية تخصّ هذه القوى، بيد أن أسباب الفشل تعود إلى أخرى خارجية تتعلق بطبيعة النظام السياسي نفسه. والتدخلات العربية والإقليمية والدولية فيه. وبينما تبدو الصورة قاتمة، فإن النجاح المستقبلي مرهون بقدرة هذه القوى على تبني المشروع (البديل) الحقيقي لتجاوز أسباب الفشل.

دخلت القوى المدنية واليسار الانتخابات في منافسة شديدة محكومة سلفاً لصالح الكيانات المتنفذة الكبيرة، وفي بيئة تميل كفّتها لصالح قوى السلطة المتنفذة، يهيمن عليها قوى المال الفاسد والسلاح، وتصاغ قوانينها على وفق مقاساتها. ضمن ظروف كهذه تصبح المشاركة خياراً تكتيكياً غير مدروس في أجواء فاسدة تستخدم فيها الموارد الضخمة لشراء الأصوات وتمويل حملات إعلامية ضخمة.

  في الواقع، هناك أسباب موضوعية تجعل المشاركة موضع شك:

ـ شرعنة الانتخابات القائمة على أسس خاطئة، تتمثل بقانون الانتخابات، ونظام التصويت، ومفوضية عامة منحازة غير مستقلة، خاضعة لإرادة القوى المتنفذة، توجهها حسب ما يخدم مصالح تلك القوى. فضلاً عن تعطيل تشريع قانون الأحزاب.

ـ إرباك الجمهور وإيصال رسائل متناقضة بعد أن كان الاتجاه العام نحو المقاطعة. ورفض النظام الانتخابي.

ـ إعادة تدوير الخطأ ذاته في تحالفات فاشلة تفتقر إلى الرؤية السياسية الناضجة.

ـ امتلاك القوى السياسية المتنفذة فصائل مسلّحة، خلقَ معادلة ترهيب غير معلنة، جعلت التنافس السياسي أقرب إلى موازين القوة منه إلى الإرادة الشعبية. فألقى بظلاله على المناخ الانتخابي، وأضعف ثقة المواطن بجدوى البديل المدني.

ـ انتشار الرشوة الانتخابية بوصفها ممارسة اجتماعية مبرّرة لدى فئات واسعة، ما أفقد العملية قيمتها الديمقراطية وأضعف تأثير القوى التي تعتمد على الإقناع لا الأموال.

ـ القانون بصيغته الحالية ـ مع نظام الدوائر المتعددة وغياب التمثيل النسبي الحقيقي ـ صُمّم عملياً لصالح القوى المتنفذة، وأقصى الأحزاب ذات التاريخ الوطني والقوى والجماعات المدنية والديمقراطية والمستقلة.

ـ نظام المحاصصة في العراق محكوم بتجاذبات إقليمية ودولية، ما يمنح القوى المرتبطة به نفوذاً غير متكافئ، بينما تدفع القوى المدنية ثمن استقلالها الوطني.

ـ تفوق الانتماء والولاء العشائري على الهوية الوطنية الجامعة، لقد دمرت الديكتاتورية المجتمع المدني، وخربت فكرة الدولة، وجعلت من الشخصية العراقية كياناً مسحوق الهوية، ومَحَت عناصر تكونه التاريخي، فكانت النتيجة خراب هذه الشخصية، وسحق إرادتها الحرة، وتهشيم روابطها الثقافية. ووجدت السلطة القائمة بعد 2003 ظروفاً مناسبة جداً لإكمال (مهمات التخريب) في ظل نظام مشوّه قائم على امتهان الحقوق والدستور ومصادرة الحريات. وهي الحصيلة التي تشير إلى الخطر الكامن في التدمير المجتمعي.

ـ تراجع الوعي السياسي، وانعدام الثقة بالانتخابات، دفع شريحة واسعة من الشباب إلى مقاطعتها، وهي الشريحة التي تُعد خزّاناً طبيعياً للقوى المدنية واليسارية. وهناك جمهور واسع من فئات مختلفة يشكّلون الأغلبية في مجموع الناخبين امتنعوا عن المشاركة، ومن بين هؤلاء أصدقاء الحزب وربما أعضاؤه.

إن أسباب التراجع تعود لأزمات ذاتية تراكمت عبر السنوات. عانى منها الحزب الشيوعي، والقوى الديمقراطية والوطنية الأخرى، نشير إلى الأساسية فيها:

ـ تناقص أعداد الشباب والطلبة والنساء، هذه الفئات كانت في فترات معينة رافعة أساسية للحزب، انحسر وجودها لضعف الخطاب الموجّه لهذه الفئات. مع غياب

المشاريع التنظيمية التي تستوعب طاقاتهم وانعدام الجاذبية التنظيمية مقارنة بحركات أكثر حيوية، استطاعت كسب الشباب بوسائل مختلفة ومتعددة. وعلينا أن ندرك حقيقة مطالب هذه الفئات المتمثلة بتوفير فرص العمل، فلم تعد الأفكار تشكل مصدر إغواء لهذا الجيل من الشباب، إنه يفكر في استثمار اللحظة الراهنة، جيل عملي ـ براغماتي، غير حالم بعالم تسوده العدالة الاجتماعية، أو الاشتراكية!

ـ يعاني الحزب الشيوعي العراقي من قصور أو ضعف في التجديد القيادي، وتراجع العمل الميداني في المدن والأحياء الشعبية، ان طبيعة هذا العمل يعتمد بالأساس على قيادات التنظيم المحلي، وهم على الأغلب، تتناقص أعدادهم بسبب تقدم العمر، أو يعانون من أمراض الشيخوخة. في ظل هذه الظروف الصعبة، يصبح من المتعذر على هذه القيادات أن تتحمل أعباء العمل السياسي والتنظيمي، ومتطلباته وتحولاته السريعة. كما أن أسلوب العمل ذاته، أصبح تقليدياً وروتينياً لم يشهد أية حالات تجديد بما يتوافق مع متغيرات العصر.

ـ ثمة أزمة أخرى تتمثل في إعلام الحزب، وهي إحدى أخطر الأزمات اليوم، لأنها مرتبطة بالمجتمع الجديد، في زمن السرعة، وبجيل مشدود إلى الشاشات لا إلى الصحف والنشرات الورقية المحدودة التوزيع، الإعلام لم يعد واجهة للحزب، بل أصبح الفاعل المحرّك في المجتمع، ومن دون إعلام رقمي عصري لا يمكن لأية قوة سياسية أن تبقى مؤثرة مهما امتلكت من تاريخ أو إرث نضالي.

لغة الخطابات القديمة والتقليدية لم تعد لغة جذابة ومقنعة لجيل يعيش بالتطبيقات المختصرة والسريعة. باعتقادي أن الحزب لا توجد لديه خطة واضحة في الإعلام: لمن يتحدث؟ أية منصات؟ أية أدوات؟ ما الرسائل والخطابات؟ ما الفئات المستهدفة؟

هناك تطبيقات مؤثرة أصبحت ساحات سياسية مفتوحة، بتقديري أن الحزب يكاد يكون غائباً عنها.

وارتباطاً بهذه المهمات، سعى الحزب إلى تشييد بناية خاصة كـ (مقر) له اعتمد فيها على نزاهة التمويل، وتبرعات أعضائه وأصدقائه، في الخطوة إشارة إلى استقرار العمل السياسي والتنظيمي، فضلاً عن أنها حق طبيعي لحزب تجاوز عمره التسعين عاماً، لم يمتد فيها على مال عام، وليس في منهجه الاستحواذ أو التجاوز على أراضي وعقارات الدولة التي أصبحت ملكاً مشاعاً لأحزاب السلطة المتنفذة وقياداتها الفاسدة.

ومع أن وجود (المقر) يمثل رمزية خاصة للحالمين من أعضائه وشاهداً مادياً على بقاء الحزب، في مواجهة كل أساليب القمع والاستبداد والاقصاء والتهميش، إن وجود المبنى يمنح الحزب حضوراً فاعلاً في المشهد العام. لكنني لأتساءل، ومن المؤكد أن سؤالي سوف لا يبعث على الارتياح لدى العديد من رفاق الحزب، وأنصاره وأصدقائه، ولا يلقى ترحيباً عند قيادته بالطبع، مع ذلك أقول: أيهما الأهم في أولويات أهداف الحزب، بناء مقر له في ظروف مالية صعبة، أم الأهم إنشاء مركز إعلامي رقمي مهمته: إنتاج محتوى يومي، تحليل التفاعل، إنتاج فيديوهات قصيرة، إدارة النشاطات، قياس الرأي العام بفريق شاب، لا بالأساليب القديمة، يعالج قضايا السكن، الفساد في مؤسسات الدولة، البطالة، الهجرة، التعليم، الصحة، حقوق المرأة، الخدمات؟ أو تأسيس منبر إعلامي إذاعي أو قناة فضائية، تمنح العمل مساحة أكبر للتفاعل مع الجمهور بشكل مباشر، في الحوار، والخطاب السياسي. والتواصل السريع. بلا شك ان هذا التساؤل سيثير جدلاً حول جدوى الفعاليات التي أشّرت، بالقياس إلى وجود البناية.

  ـ شهد المسار الطويل للحزب أخطاءً عديدة أثّرت على وحدته وتماسكه. لسنا هنا بصدد العودة إلى الماضي، بيد أن الضرورة تقتضي الرجوع إلى الفترة التي أعقبت انهيار النظام السوفيتي ودول ما تعرف بـ (المعسكر الاشتراكي). لقد وجدت الأحزاب الشيوعية نفسها أمام أكبر زلزال فكري وتنظيمي في تاريخها، كثير منها فشل في استيعاب الصدمة، وبعضها استطاع إعادة إنتاج نفسه، وقلّة فقط تحولت إلى قوى سياسية مؤثرة في بلدانها. ماذا كان ينبغي على الأحزاب الشيوعية أن تفعل؟ ومنها الحزب الشيوعي العراقي.

أعتقد أن الخطوات تبدأ من المراجعة الفكرية الشجاعة من دون تقديس للماضي، ومرجعياته الفاشلة، هذه المراجعة كانت ستمنح الحزب القدرة على التجدد بدل الانكماش، وإعادة الثقة لجماهيره. كان ينبغي تطوير الخطاب السياسي لفهم العالم الجديد، بلغة تستجيب لمتطلبات العصر الجديدة، بتغيير أساليب العمل، وأدواته، ونمط التفكير. ليس من السهل قبول هذه الأفكار بسرعة، بيد أن تمسك الأحزاب بخطابها الأيديولوجي الماضي سيفقد صلتها بالأجيال الجديدة، وهي إحدى العقد المستعصية في عقول البعض. 

 تأتي مشاركتنا هنا ضمن المحاولات الإيجابية التي أكدت ضرورة مراجعة التجربة خلال عقدين من الزمن على الأقل، نعني بها تحديداً فترة العمل العلني للحزب بعد انهيار النظام في 2003، وهي فترة ليست قليلة، لكنها شهدت حضوراً واسعاً للحزب، ووجوداً قوياً في النقابات والاتحادات والمنظمات ورصيداً جماهيرياً تحسبُ له القوى المضادة ألف حساب، بينما تصاعد في الجانب المقابل الخطاب الديني ـ الطائفي التعبوي الذي تبناه التيار الإسلامي السياسي فور سقوط الديكتاتورية، بموازاته، تصاعد العنف والإرهاب، بينما بدأ اليسار يخسر مساحة تأثيره تدريجياً في ظل الرعب اليومي. وخسارة قاعدة جماهيرية واسعة كانت جاهزة للالتفاف حوله في السنوات الأولى.

وبذلك وجد الحزب نفسه في مواجهة مشهد سياسي جديد بالكامل، تهيمن عليه وتتحكم فيه قوى ذات نفوذ مالي وحكومي ومدعومة بالسلاح. تراجع فيها دور الحزب الجماهيري والسياسي. واضطر لعقد تحالفات انتخابية لم تكن مبنية على أسس برنامجية واضحة، ومما زاد في مساحة الالتباس لدى الجمهور هو الموقف المرتبك من الانتخابات: المشاركة في دورة انتخابية تارةً، والمقاطعة في دورة ثانية تارةً أخرى، الانسحاب أم البقاء؟ لم يقتصر التراجع في نتائج الانتخابات فحسب، بل شمل الأداء غير الموفق لممثلي الحزب في المنظمات والاتحادات النقابية والمهنية، على صعيد اختيار الممثلين أولاً، أم في إدارة هذا الملف ثانياً. إنه من المؤسف حقاً أن يخسر الحزب موقعه في هذه المنظمات للأسباب التي أشرنا.

هذه المواقف وغيرها أضعفت دور الحزب كقوة مستقلة، كما جعلته يبدو تابعاً لا شريكاً في أحيان عديدة. المشاركة قد تُفهم كقبول باللعبة، لكن المقاطعة أيضاً لا تُحدث تغييراً في النظام، ما لم تُطرح كجزء من مشروع بديل واضح.

إني لأتساءل هنا: هل جرت مراجعة صادقة وحقيقية للأخطاء؟ هل تمّ فتح ملفات التحالفات الخاطئة بجدية؟ هل أقدمت القيادة على مراجعات فكرية وتنظيمية توازي حجم الخسائر؟ إن أي حزب أو حركة، أم تنظيم، لا يواجه أزماته بوضوح ومسؤولية، ولا يطرح أخطاءه للنقاش سيظل يدور في حلقة مغلقة لا تقوده نحو الإصلاح، أعتقد هنا، أن هذه الدعوة للمشاركة في النقاش حول أسباب الإخفاق، خطوة في الاتجاه الصحيح أقدمت عليها قيادة الحزب.

السؤال الأهم على وفق تلك المعطيات: هل يستطيع الحزب النهوض بمشروع سياسي جديد وحده، في ظل ظروف صعبة تزداد تعقيداً؟ وهل ما زال لليسار موقع وضرورة في العراق المعاصر، أم أن دوره التاريخي يوشك على الانطفاء؟

باعتقادي، من الصعب جداً أن ينهض الحزب منفرداً، وبإمكاناته السياسية والمادية بهذا المشروع، إنما يتطلب تشكيل ائتلاف واسع وموحد، يضم القوى المدنية والوطنية والديمقراطية والاجتماعية، والنقابية، في شراكة قائمة على المصلحة الوطنية، وتحقيق العدالة الاجتماعية على وفق برنامج واضح الأهداف والرؤى، وخطاب يتبنى الإصلاح الاقتصادي، ومؤسسات الدولة. وخروج هذا القوى من نخبويتها، وبناء تحالفات تضم فئات مجتمعية واسعة. وأي بديل لا يبدأ من الداخل لا قيمة له.

فالأزمات ليست قدراً محتوماً، والشعوب قادرة على التغيير إذا ما امتلكت الإرادة.

************************************************

المراجعة والجرأة على الذات

شمخي جبر

المراجعة لمن؟ مراجعة المواقف من أجل تطويرها ومغادرة حالة الثبات، إذ أن الديناميكية بوابة التطور والاستاتيكية مغارة السكون والركود... بعضهم يدخل هذه وغيره يدخل تلك، انت تختار بوابتك لتراجع او تعلن ثباتك، الثبات أحد أعراض المرض وربما الفناء. والمراجعة مواجهة مع الذات وعقلها ومتبنياتها ومراجعة ونقد هذا العقل ومتبنياته.

المراجعة لحظة وعي واعتراف، والبحث عن سبل جديدة للنجاح لمغادرة لحظة الخلل والفشل، النكران لا يوصلنا إلى نتيجة بل هي عملية قفز على الواقع وتجاهل لحقائقه السياسية والاجتماعية والثقافية. الاندكاك بالواقع هي الصيغة المثلى للتأثير فيه وقيادته وليس التعالي عليه.

الآن نحن نعيش لحظة المراجعة الحتمية التي لابد منها، والمراجعة هنا لا تعني هجاء الذات بل لابد من مواجهتها والاعتراف بمواطن الخلل واكتشاف علل الفشل وأسبابه لا بطريقة فضح الذات بل من أجل تجاوزها إلى الأمام.

 وهنا تصبح عملية فحص البيئة الداخلية بجميع انساقها القانونية والسياسية والاجتماعية وكيف استطاع النظام غلقها عليه وتحويلها إلى لعبة غير قابلة للمشاركة من قبل معارضيه، فكان منطق الاستحواذ وإعادة إنتاج السلطة هو المتحكم دون إعطاء فرصة مهما كانت بساطتها لأي آخر معارض مهما صغر او كبر حجمه او تأثيره، فكان بالمرصاد لأية قوة تغيير أو مشروع إصلاحي منذ لحظات ولادته الأولى وذلك من خلال آليات الاحتواء او التخريب من الداخل من خلال اختراق الصف المدني. كما مارس هذا النظام بث روح التأييس وتثبيط الهمم او التشويه والقتل الرمزي للمشروع او قادته وحاملي رايته.

بيئة الانتخابات كانت تشير إلى ان النتائج لا يمكن ان تكون لصالح المعارضة نظرا للنظام الانتخابي الذي فصل على مقاس النخب الحاكمة، فضلا عن قانون الاحزاب الذي تم تجاهله مع اشارته الواضحة والتي حرمت مشاركة الاحزاب التي تمتلك أجنحة مسلحة بالانتخابات، واستثمار السلطة والنفوذ واستخدام مقدرات الدولة والمال السياسي في الدعاية الانتخابية الذي لم يتح فرص متكافئة للمنافسة بين من يمتلك المليارات ومن لا يمتلك. إذ استثمرت أموال طائلة في بيع وشراء اصوات الناخبين وبشكل علني في ظل غياب رقابة الاجهزة المختصة. وقد تم استغلال حاجة الناس وتفشي الفقر والبطالة، فكانت الوعود بالتعينات وإيجاد فرص عمل لهم او لأبنائهم.

 في الختام نستطيع ان نختصر واقع الاحزاب المدنية وجمهورها الذي يعيش انقسامات حادة، مع غياب الخطاب السياسي الواضح والموحد، كما أن أغلب المدنيين مقاطعين للانتخابات ليأسهم من التغيير وهذا المتبنى النفسي والاجتماعي لا يقتصر على المدنيين بل يمتد إلى شرائح واسعة من المجتمع وبخاصة كما يمكن ان نسميهم الطبقة الوسطى الذين يعدون أدوات التغيير وحاملي مشروعة..  كذلك نستطيع ان نرصد انقساما مجتمعيا واضحا وعلى اساس اثني استجابة لخطاب الاحزاب الطائفية التي تعمل على اساس التخندق الطائفي فهو رأسمالها الوحيد في التعبئة والتحشيد، فكانت الانتخابات مكوناتية وليست سياسية او حزبية على أساس البرامج.. هذا شيعي وذاك سني وغيره كردي.. من أنت؟..المال السياسي ..استغلال النفوذ في مؤسسات الدولة ..وعود المتنفذين.

فشل التيارات المدنية في الانتخابات جاء نتيجة هيمنة الأحزاب التقليدية على الدولة وضعف تنظيم المدنيين وقلة إمكاناتهم وعدم امتلاكهم قاعدة جماهيرية راسخة مع عزوف جمهورهم عن التصويت وتعرضهم للتشويه السياسي والإعلامي إضافة إلى قانون انتخابي يخدم القوى المتنفذة وانقسام المدنيين فيما بينهم وعدم قدرتهم على تقديم خطاب شعبي مباشر وفقدان الناس الثقة بأي قوة لا تملك نفوذاً يحمي أصواتهم مما جعل حضورهم الانتخابي محدوداً للغاية.

انقسام بعض الاحزاب المدنية وتشتتها وهذا ما رصدته في أكبر الاحزاب وهو نموذجها التنظيمي، وابرها شعبية واقصد الحزب الشيوعي اذ ان الكثير من اعضائه بل بعض كوادره رافضه لمشاركته في الانتخابات، بل مناهضة للمشاركة وأشدهم اولئك الذين غادروا صفوف التنظيم اذ كانوا معاول هدم لتوجهات الحزب، وقد عجز الحزب عن إعادتهم إلى صفوفه للأسف.

هذا هي لأسباب لذلك علينا العمل على معالجتها بشكل صحيح وانشاء لجنة تعمل على دراسة الأسباب بشكل واقعي وعلمي والعمل على تفكيكها.

لمعالجة كل هذا نحن بحاجة إلى ندوات موسعة لمناقشة مجمل ما طرح لإيجاد أرضية من توحيد التوجهات والاهداف واليات العمل. في الختام اقول نحن بحاجة ان نكون أكثر جرأة على ذاتنا في النقد والصراحة لتصحيح المسرات.

*********************************************

الصفحة الثامنة

اليسار العالمي بين أسئلة التحوّل  ومركزية فلسطين في أجندة التغيير

محمد علوش*

يجد اليسار العالمي نفسه اليوم أمام منعطف تاريخي بالغ الحساسية، تتقاطع فيه الأسئلة الفكرية الكبرى مع تحولات سياسية واقتصادية عاصفة، تعيد تشكيل موازين القوى وصيغ الهيمنة في العالم، وبينما تصعد النزعات القومية المتطرفة والنيوليبرالية الجديدة، وتتغير طبيعة الإنتاج والمعرفة بفعل الثورة الرقمية، يبرز تحدي إعادة تعريف الدور التاريخي لليسار وقوى التقدم، في عالم يتسارع تغيّره أكثر من قدرة القوى التقليدية على استيعابه.

لقد تراجع حضور اليسار في عدد من الساحات الدولية خلال العقدين الأخيرين، وتصاعدت التكتلات الرأسمالية العابرة للحدود، وتعمّقت التفاوتات الاجتماعية في ظل اقتصاد يقوم على احتكار التكنولوجيا والثروة والقرار السياسي، ورغم هذا التراجع، ما يزال اليسار يمتلك إرثاً نضالياً وقواعد اجتماعية وخبرات نظرية يمكن أن تؤهله لاستعادة دوره، شرط أن يتحلى بالشجاعة لطرح الأسئلة الأصعب، وأن يتجاوز حالة الجمود كي يقترب من واقع الشعوب واحتياجاتها المتغيرة.

إن طبيعة الهيمنة الدولية لم تعد تقرأ عبر أدوات الماضي، فالعالم يشهد منظومة جديدة من السيطرة تقوم على المعرفة والتقنيات والاقتصاد الرقمي، وتجعل من الدول الكبرى أكثر قدرة على فرض شروطها على الشعوب الضعيفة، وفي هذا السياق، تبدو فلسطين أكثر النماذج وضوحاً لجوهر الظلم الدولي؛ إذ لم يعد الاحتلال مشروعاً عسكرياً فحسب، بل منظومة استعمارية إحلالية متكاملة تستند إلى تحالفات وقوة تكنولوجية واقتصادية هائلة، ما يجعلها جزءاً أصيلاً من النظام الظالم الذي طالما وقف اليسار ضده نظرياً، ويفترض أن يقف ضده عملياً أيضاً.

ورغم مركزية فلسطين التاريخية لدى الحركة التقدمية العالمية، شهدت السنوات الماضية تراجعاً في التزام بعض أحزاب اليسار، خصوصاً في أوروبا وأميركا الشمالية، تحت ذرائع سياسية وبراغماتية تسعى للمواءمة بين خطاب تقدمي داخلي ومواقف خارجية أقل صداماً مع القوى المتحكمة بالنظام الدولي، غير أن هذا الانكفاء لم ينجح في طمس مكانة فلسطين في وجدان الشعوب، فقد شهد العالم خلال العامين الماضيين موجات واسعة من التضامن الشعبي، خاصة بين الأجيال الجديدة والنقابات العمالية وحركات العدالة الاجتماعية والطلابية، التي رأَت في النضال الفلسطيني تعبيراً مكثفاً عن صراع الحرية ضد القمع، والعدالة في مواجهة الاستعمار والاستغلال، وهذا يكشف أن اليسار الحقيقي هو من يتماهى مع هذه القيم ويترجمها، لا من يتخلى عنها أو يعيد تأويلها لخدمة حسابات سياسية ضيقة.

أما اليسار العربي، فهو يواجه بدوره تحديات مركبة تتمثل في سلطات استبدادية تعيق الحياة الديمقراطية، وفي اقتصادات هشة تابعة للمركز الرأسمالي، إلى جانب التدخلات الخارجية والصراعات الداخلية التي استنزفت مجتمعات المنطقة، ومع ذلك، فإن أي مشروع للتحرر الوطني والاجتماعي في العالم العربي لا يمكن أن يكتمل دون دور فاعل للقوى المدنية والتقدمية، القادرة وحدها على الربط بين مواجهة الاستبداد الداخلي ومقاومة الاحتلال والصهيونية، وفي هذا السياق، تبقى فلسطين العامل الكاشف لصدقية القوى السياسية العربية؛ فمن يقف مع حرية الشعب الفلسطيني يقف عملياً مع حق الشعوب كلها في التحرر، ومن يبرر الاحتلال يسقط في اختبار القيم ويكشف حدود مشروعه.

إن دعم فلسطين اليوم يتطلب انتقال اليسار العالمي والعربي من التضامن التقليدي إلى شراكة نضالية حقيقية، تشمل العمل السياسي والدبلوماسي الشعبي الضاغط، وتوسيع حركة المقاطعة باعتبارها أداة فعالة في مواجهة نظام الاحتلال، وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني عبر دعم مجتمعه واقتصاده ومؤسساته الوطنية، كما يشمل ذلك تفكيك الرواية الصهيونية التي جرى ترسيخها لعقود في الإعلام والمناهج والفضاءات الرقمية، وإعادة الاعتبار لمفهوم الأممية بوصفه أداة لتوحيد نضالات الشعوب ضد الاستعمار والاستغلال أينما وجد.

إن فلسطين ليست قضية محلية، بل جزء من معركة كونية ضد بنية هيمنة لا تتورع عن سحق حقوق الشعوب في سبيل مصالحها، ولهذا ستبقى معياراً أخلاقياً وسياسياً لاختبار صدقية أي حركة يسارية أو تقدمية، فالقضية الفلسطينية بما تمثله من مقاومة وإصرار إنساني على الحق، تختصر جوهر المعركة التي يراها اليسار بين قوى الظلم وقوى الحرية، بين من يصنع الجدران ومن يصرّ على هدمها.

واليوم، وسط عالم يتغير بوتيرة متسارعة، تتكثف أهمية دور اليسار في إعادة وصل نضالات الشعوب ببعضها، وفي إعادة تعريف مشروعه عبر الوقوف في صف الحرية والعدالة والمساواة، ووضع فلسطين في قلب أجندة التغيير، فالمستقبل لن يكون للأقوى، بل للأقدر على الدفاع عن إنسانية الإنسان، وعن حق الشعوب في تقرير مصيرها بعيداً عن الاحتلال والاستغلال، وهو ما يجعل من دعم فلسطين واجباً فكرياً وسياسياً، لا خياراً ولا شعاراً موسمياً.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

• عضو المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني

******************************************

تسليع العالم

أسامة عبد الكريم

يبدأ جداون لويس كراوس مقاله «الحصول على البضائع»، المنشور في مجلة نيويوركر، بقراءة لكتاب سفين بيكيرت «الرأسمالية: تاريخ عالمي» الصادر عن دار بنغوين، الذي يقدّم الرأسمالية بوصفها منظومة شاملة تتسرّب إلى كل جوانب الحياة. يحاول بيكيرت تفكيك الرأسمالية عبر تتبّع بنيتها الكبرى ومسارات توسّعها، لكنه كثيراً ما ينتهي إلى إعادة إنتاج سرديتها الرمزية دون الغوص العميق في بنيتها الاجتماعية. فبدل النظر إلى الرأسمالية كنظام تاريخي يقوم على علاقات إنتاج وصراع على الموارد والسلطة، يميل بيكيرت إلى تصويرها كقوة متعالية أو كطبقة من "الحركة التكتونية ــ مصطلح عند بيكيرت استعارة تصف الرأسمالية كقوة عميقة وبطيئة لكنها شاملة، تعيد تشكيل كل جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية. هذه القوة تتحرك تدريجياً، لكن تأثيرها ضخم ويغير شكل العالم بالكامل. باختصار، الرأسمالية تعمل مثل الصفائح التكتونية، ببطء وعمق، لكنها غير قابلة للتجاهل، والتي تعيد تشكيل الوعي والثقافة، وتحوّلها إلى منطلق لتفسير التغيّر التاريخي. تخيل أن الرأسمالية مثل الصفائح التكتونية تحت الأرض: تتحرك ببطء شديد، لكن كل تحرك صغير لها يغير شكل سطح الأرض تدريجياً. كذلك، القرارات الاقتصادية والتجارة العالمية تبدو صغيرة أحياناً، لكنها تُعيد تشكيل المجتمع والعلاقات بين الناس بشكل هائل. هذه الحركة البطيئة لكنها دائمة تجعل الرأسمالية قوة عميقة وشاملة، تؤثر في حياتنا اليومية دون أن نشعر بكل تفاصيلها.

بهذا الزخم المفهومي، يصبح حديثه عن "التحوّل الذهني" أو "التشكّل الثقافي" للرأسمالية طرحاً مهمّاً لكنه غير مكتمل، لأنه يفصل البنية الاقتصادية عن شروطها المادية ويرجع التغيير إلى تحوّل في الوعي بدل أن يربطه بتحولات في الملكية والتكنولوجيا والقوة الاجتماعية. فالتبدّلات التي جعلت التراكم مشروعاً لم تكن نتاج تطوّر أخلاقي أو ثقافي فحسب، بل جاءت من إعادة تنظيم العمل وتوسيع شبكات السيطرة وانتزاع فائض القيمة من اليد العاملة ضمن علاقات إنتاج غير متكافئة. عندما يصف بيكيرت الرأسمالية كمنظومة تنتج الاستلاب وتعيد تشكيل تقسيم العمل، فإنه يلامس تحليلات نقدية معروفة، لكنه لا يذهب إلى جذورها: كيف يُعاد تشكيل الإنسان كمجرّد حامل لوظيفة اقتصادية، وكيف يُبنى الاقتصاد العالمي عبر عنف استعماري منظم. كما يقدّم "التراكم البدائي" كمرحلة سبقت الرأسمالية، في حين تشير قراءات أخرى إلى أنه مكوّن مستمر يُعاد إنتاجه بطرق جديدة: عبر الخصخصة، الهيمنة المالية، وإعادة تشكيل الأسواق. وفي تناوله للعوالم السابقة للرأسمالية، يميل بيكيرت إلى تأطيرها بوصفها مجتمعات "مكتفية" أو غير مهيأة للتوسّع، ما يغفل وجود الفوائض، والتفاوتات، وشبكات التبادل التي لطالما أثّرت في التنافس بين القوى الاجتماعية. حتى تحليله للثورة الصناعية بوصفها لحظة "ربط عالمي" يبقى عاماً، لأنه لا يُبرز أن صعود الآلة كان وسيلة لزيادة السيطرة على زمن العمل، ورفع الإنتاجية، وإخضاع العمّال لشروط جديدة من الانضباط والإيقاع الصناعي. كما يعامل بيكيرت التكنولوجيا كعامل محايد أو كنتاج لحيوية الرأسمالية، متجاهلًا أن الابتكار ذاته يتولّد داخل توترات اجتماعية عميقة، وأنه لا يتحرك بمعزل عن علاقات السلطة. وفي تحليله لدور الدولة، يختصرها غالباً في كونها أداة توسّع اقتصادي، دون التوقف عند بنية القوانين، والتعليم، والضرائب، والشرطة، وكيفية استخدامها لإعادة إنتاج ملكية معيّنة وضمان استمرار السيطرة. حتى حين يناقش أشكال مقاومة الرأسمالية، فإنه يقدّمها كحساسية أخلاقية أو ثقافية أكثر من كونها تعبيراً عن صراع داخل عملية الإنتاج نفسها، ما يجعل مقاومته للرأسمالية أقرب إلى نقد للهالة لا لتفكيك الأساس الذي تقوم عليه. وفي النهاية، قد يكشف كتابه عن مفارقة لافتة: فمحاولته تقديم “نظرية كلية للرأسمالية” تنتهي إلى إعادة إنتاج الطابع الشمولي الذي يتّسم به النظام ذاته-تفسير شامل، وتوسّع بلا حدود، وانفصال نسبي عن البنية المادية. يوضح هذا النوع من القراءة أن الرأسمالية ليست قوة غامضة أو كياناً قدرّياً يسيطر على العالم، بل هي نظام يمكن فهمه، قائم على ممارسات اجتماعية ملموسة يمكن دراستها، وتحليلها، ومواجهتها، وتجاوزها، بدل الاقتصار على التأمل في أبعادها الثقافية الظلّية.

*********************************************

التعليم في العراق.. حق للمواطن وواجبٌ على الدولة

غانم الجاسور

إنّ التطور الحضاري الإنساني، والتعقيدات المتعددة التي حملها معه، جعلا من التعليم حاجة أساسية وملحّة من حاجات الإنسان المتعددة، وضرورة من ضرورات بقائه ونمائه، وحقًّا من حقوقه التي نصّت عليها جميع المواثيق الدولية وحقوق الإنسان، وتضمنتها معظم الدساتير والشرائع السماوية السمحاء. وتتشكّل غالبية طبائع الإنسان وأساليبه السلوكية وقيمه الأخلاقية والاجتماعية وطبيعة علاقاته مع أفراد أسرته وزملائه في المدرسة وحتى مع من يمارس اللعب معهم في الشارع، من خلال عملية التعلّم والتعليم، في دائرة مجتمع الكبار والصغار.

وعند بلوغ الطفل السن القانونية للدراسة، يتحتم على الأسرة إلحاقه برياض الأطفال أو المدارس الابتدائية، بحسب السن الذي بلغه والذي يؤهله للتعليم. وهنا يجب على الحكومات أن تُهيّئ الأماكن اللازمة للأطفال في السن المدرسية. ونتذكر أنه في أحد الأعوام الدراسية الماضية كان هناك عجز كبير في استيعاب عدد كبير من الطالبات والطلاب في مدارس العراق، مما أدى إلى بقائهم خارج الأبنية المدرسية. وإذا بقي الحال على هذه الصورة البائسة، فبالتأكيد سيُضاف هؤلاء إلى جيش الأمية المتزايد الذي بلغ أكثر من سبعة ملايين أمي.

إنّ حرمان الطفولة من حقها الطبيعي في التعليم جريمة لا تُغتفر، وحرمانها من الالتحاق بالمؤسسات المتخصصة في التعليم - وهي في المرحلة العمرية التي تكون فيها كامل قدراتها وإمكانياتها ومواهبها ورغباتها متفتّحة للتعلم-يمثل انتهاكاً خطيراً لحق أساسي من حقوق الإنسان.

إنّ تعليم الأطفال في مؤسسات تعليمية متخصصة سيقدّم لهم أنواعاً متعددة من المعارف والخبرات والمعلومات القيّمة والمهارات وأساليب التفكير والعمل، كما سيغرس القيم الأخلاقية وطرق التعامل الجيدة المبنية على الحب والاحترام المتبادل وروح العمل الجماعي، وحب العمل واحترامه، وتقديس الوطن والمواطنة، والوصول إلى أهداف إنسانية رفيعة في الأخوة البشرية. فالإنسان أخو الإنسان وصديقه ورفيقه، وكل ذلك يحدث بشكل يلائم المرحلة العمرية للطفولة.

وعندما يتعلم الطفل في مرحلة مبكرة من بلوغه السن المدرسية، ويتدرّب على الاستعداد للتعلم، يصبح التعليم عادة تلازمه طوال حياته الدراسية، تساعده على بلوغ أرقى الشهادات، وتمنحه الخبرات المتطورة والمهارات العالية والوعي السياسي والاجتماعي والمهني. ويستمر الإنسان في التعلم مرحلة بعد أخرى، مستغلاً ذكاءه وقابلياته، محاولاً إشباع رغباته وطموحاته.

وهنا يرتبط نوع التعليم بنوع العمل، وترتبط فرص التعليم بالمكانة الاجتماعية، ويُشكّل مقدار ما يحصل عليه الإنسان المتعلم من إعداد مهني عالٍ أحد العوامل الأساسية في التباين الاجتماعي بين المواطنين. ومن هنا أيضاً يكمن دور الحكومات في القيام بمسؤولياتها من خلال توفير مقادير كافية ومتنوعة من التعليم بمراحله المختلفة، بما يلائم ذكاء وقابليات الطلبة ومتطلبات الخطط التنموية وسوق العمل، وتوزيع المؤسسات التعليمية بشكل عادل بين مدن العراق وضواحيه وأريافه وقراه وقصباته، وبين الجنسين ذكوراً وإناثاً.

وعلى الدولة أن تجعل التعليم مجانياً وإلزامياً، وأن يستمد التعليم قيمته من كون المعرفة التي يقدمها للمتعلم غاية في حد ذاتها، وفي الوقت نفسه وسيلة لتحقيق غايات إنسانية ومجتمعية أخرى.

لقد حظي التعليم بهذه المكانة الجليلة لدى شعوب العالم، واستحق الثروات الكبيرة التي تُصرف عليه في الدول المتقدمة لأسباب جوهرية؛ لِأهمية الإنسان بوصفه مورداً أساسياً من موارد الإنتاج والخدمات، وخالقاً للثروات ومجدّداً لمصادرها، ولأنه الطاقة المحركة للتنمية البشرية التي تحقق إنسانية الإنسان. ويساهم التعليم في تحسين الاكتفاء الذاتي من خلال رفع الكفاية الإنتاجية، ويساعد على تطوير مدارك الإنسان ووعيه، ويخلق لديه القدرة على السعي نحو تحقيق آفاق جديدة للحياة الحرة الكريمة، ويعزز الوعي السياسي والاجتماعي بما يخدم مصلحة الوطن والمواطن.

إنّ الوقفة الجماعية للجماهير والمطالبة بإصلاح التعليم إصلاحاً شاملاً وجذرياً مطلوبة من الجميع؛ لأنها تمثل عملاً وطنياً جليلاً يرتبط بضمير كل حريص على وطنه وشعبه وتقدّمه وازدهاره. ومهما تحدثنا في هذه الأمور، يبقى التنفيذ هو القضية الرئيسية والحاسمة في التخطيط وتحليل السياسات التعليمية. وقد سهّلت التقنيات الحديثة مهمة إصلاح التعليم من خلال حساب التكاليف ورسم الخطوات اللازمة لتطويره وإنعاشه في المراحل اللاحقة.

ومن الضروري أن يمتلك جميع المشاركين في عملية الإصلاح معرفة تامة وعميقة بالأهداف التربوية وأفضل الطرق للوصول إليها. وما دام التعليم حقاً من حقوق الإنسان، فهو في الوقت نفسه واجب من واجبات الدولة، وعليها أن تقوم به بأفضل صورة، وأن ترعاه وتطوره تبعاً للظروف العالمية واحتياجات التنمية. كما يجب القضاء على مدارس الطين والقصب المقزّزة واستبدالها بالأبنية الحديثة التي تحاكي ما هو موجود في الدول المتقدمة. ونسأل: هل هذا كثير على طلبتنا؟ في بلد يعج بالثروات الطبيعية الهائلة، وينثر مليارات الدولارات يميناً ويساراً بلا وجع رأس، بينما يبقى قطاع التعليم-وهو أحد أهم القضايا الوطنية - بأمسّ الحاجة إلى الاهتمام والرعاية، ولا سيما من قبل أصحاب القرار السياسي وكل الساعين نحو التغيير للأفضل، باتجاه بناء الدولة المدنية الديمقراطية القائمة على العدالة الاجتماعية.

*******************************************

الصفحة التاسعة

نيمار يحدد شروطه الثلاثة قبل حسم مستقبله مع سانتوس

برازيليا ـ وكالات

أثار النجم البرازيلي نيمار جونيور الجدل حول مستقبله مع سانتوس، رغم مساهمته المباشرة في إنقاذ الفريق من الهبوط في الجولة الأخيرة من الدوري البرازيلي، بعد الفوز الكبير على كروزيرو بثلاثية دون رد، ليحقق النادي انتصاره الثالث توالياً وينهي الموسم في المركز الـ 12 برصيد 47 نقطة. وقال نيمار في تصريحات صحفية إنه لم يحسم بعد قراره بشأن الاستمرار مع سانتوس، مع اقتراب نهاية عقده الذي ينتهي خلال أسابيع. وردّ على سؤال حول مستقبله قائلاً: "لا أعرف حقًا. لا أعرف".

وأوضح نيمار أنه يحتاج إلى 3 أمور قبل اتخاذ قراره النهائي، قائلاً: "أحتاج مهلة لعدة أيام، ثم الحصول على الراحة، والانفصال العام عن العالم، ثم أقرر مستقبلي"، مؤكدًا في الوقت ذاته أن سانتوس سيبقى خياره الأول دائمًا.

وكان نيمار قد عاد إلى ناديه الأم في بداية العام الجاري قادمًا من الهلال السعودي، بعقد لمدة 6 أشهر جُدّد لستة أشهر إضافية. وخلال الموسم، قدّم اللاعب البالغ من العمر 33 عامًا أداءً لافتًا، مسجلاً 11 هدفًا ومانحًا 4 تمريرات حاسمة في 28 مباراة بمختلف البطولات.

****************************************

كأس العرب.. العراق بصفوف منقوصة في مواجهة حسم الصدارة مع الجزائر

متابعة ـ طريق الشعب

يدخل منتخب العراق لكرة القدم مواجهته الحاسمة أمام نظيره الجزائري اليوم الثلاثاء، ضمن الجولة الثالثة من منافسات المجموعة الرابعة في بطولة كأس العرب المقامة في قطر، بقائمة منقوصة تضم 18 لاعباً فقط، من بينهم حارسا مرمى، من أصل 23 لاعباً.

وسيخسر المنتخب العراقي عدداً من عناصره المهمة بسبب الغيابات المؤثرة؛ إذ يغيب اللاعب مصطفى سعدون لتراكم البطاقات، فيما يبتعد كلٌّ من شيركو كريم وأيمن حسين وجلال حسن بسبب الإصابة. كما غادر ماركو فرج وفد المنتخب بموافقة المدرب، نتيجة سفره الاضطراري إلى أوروبا لاستكمال إجراءات التعاقد مع أحد الأندية هناك.

ومنح الجهاز الفني المهاجم أيمن حسين راحة للتجهيز الجيد للأدوار الإقصائية في ربع النهائي، في حال تعافيه بالكامل قبل موعد المباراة. وبسبب هذا النقص العددي، سيخوض المنتخب المباراة بقائمة تضم 16 لاعباً فقط إلى جانب حارسي المرمى، ما يضع المدرب غراهام أرنولد أمام تحديات كبيرة في المواجهة القوية والحاسمة أمام المنتخب الجزائري.

وسيرتدي المنتخب الوطني اللون الأخضر في المباراة، بينما سيظهر حارس المرمى باللون الأصفر، في حين سيرتدي المنتخب الجزائري الزي الأبيض.

ويتصدر العراق ترتيب المجموعة الرابعة برصيد 6 نقاط بعد خوض جولتين، يليه المنتخب الجزائري بـ 4 نقاط، ثم السودان بنقطة واحدة، فيما يتذيل منتخب البحرين الترتيب دون نقاط.

من جانبه، قال عدنان درجال، رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم، ان "أغلب لاعبي المنتخب العراقي يعانون من الإرهاق لعدة أسباب، من بينها إصابات سابقة ومقلقة. الإصابة ستبعد اللاعب أيمن حسين عن المباريات المتبقية، لكن لا توجد تأكيدات بنسبة 100% حتى الآن، ونأمل مشاركته في الدور ربع النهائي".

وأضاف: "اللاعب شيركو كريم تعرض لإصابة، وسيخضع لفحوص خلال اليومين المقبلين لتحديد مدى خطورتها. أما الحارس جلال حسن، فإصابته عبارة عن تشنج في عضلات الظهر نتيجة حركة خاطئة، ومن المتوقع أن يكون جاهزاً قريباً لأنه أحد أهم عناصر الفريق".

حدّد نجم حراسة المرمى السابق نور صبري "ميزة خفية" في مدرب المنتخب العراقي غراهام أرنولد، يعتقد أنها من أهم أسباب تطور أداء اللاعبين.

وقال صبري ان "المنتخب يقدم مستويات كبيرة في البطولة، وقد نجح اللاعبون في استعادة الثقة بعد ضغط مباريات التصفيات والملحق الآسيوي. الجماهير سعيدة بما يتحقق على أرض الملعب".

وأضاف: "بصمة أرنولد واضحة جداً؛ هناك تنظيم فني وتكتيكي، واللاعبون يبرزون مهاراتهم بشكل لافت لأنهم يلعبون بأريحية وبعيداً عن الضغوط. وهذا نتيجة وصول الفريق إلى مرحلة من النضج الكروي".

وبيّن: "الميزة الخفية في أرنولد هي قربه من اللاعبين. أركز دائماً على اللقطات الجانبية، وأجد المدرب يتعامل بتواضع وروح أبوية، وهذه الصفة يبحث عنها اللاعب العراقي لأنها تمنحه ثقة ودافعاً كبيراً".

وتابع: "منذ مباراة الإمارات في أبو ظبي في ملحق التصفيات الآسيوية، والمنتخب يقدم مستويات رائعة. الفريق بحاجة إلى خطط استراتيجية لا تعتمد على العمل المؤقت، وأعتقد أن أرنولد بدأ يدرك ذلك ويطبّقه".

واختتم: "من أبرز مكاسب البطولة بروز اللاعب زيد إسماعيل كأحد اكتشافاتها، إلى جانب تألق كرار نبيل وأحمد مكنزي ومهند علي وعلي جاسم. ونتمنى أن يستعيد أيمن حسين لياقته لأن المنتخب بحاجة شديدة إليه".

وسبق للمنتخب العراقي أن توج بلقب كأس العرب أربع مرات في أعوام 1964 و1968 و1985 و1988، ليكون أكثر المنتخبات تتويجاً في تاريخ البطولة، وهو ما يضاعف مسؤولية الفريق في النسخة الحالية.

***************************************

ربع نهائي غرب آسيا للسيدات سيدات طائرة سنحاريب يتأهبن لمواجهة العلا السعودي

متابعة ـ طريق الشعب

أكمل فريق سيدات سنحاريب العراقي عقد المتأهلين إلى الدور ربع النهائي من البطولة الأولى لأندية غرب آسيا للكرة الطائرة للسيدات، بعد فوز مثير حققه على فريق النصر الأردني بنتيجة 3–2 في مواجهة حاسمة أكدت جاهزيته للمنافسة على أدوار متقدمة. وشهدت المباراة التي أُقيمت على قاعة سلوى الصباح في الكويت أداءً قوياً من لاعبات سنحاريب، إذ نجحن في قلب مجريات اللقاء وحسمه بالشوط الفاصل، ليحقق الفريق انتصاره الثالث في البطولة ويؤكد ثبات مستواه الفني والبدني منذ انطلاق المنافسات.

وجاء تأهل سنحاريب بعد سلسلة من النتائج اللافتة؛ حيث افتتح مشواره يوم الخميس بفوز مستحق على الفيحاء السعودي بنتيجة 3–1، ثم واصل تألقه يوم السبت بتغلبه على القدس الفلسطيني بثلاثة أشواط دون رد، قبل أن يحسم اليوم آخر مواجهاته في الدور الحالي أمام النصر الأردني. وبحسب جدول مباريات دور الثمانية المقرر إقامتها يوم الأربعاء، سيخوض سنحاريب اختباراً جديداً عندما يلتقي العلا السعودي عند الساعة الثالثة عصراً، في مواجهة مرتقبة يأمل من خلالها ممثل العراق مواصلة مشواره الاستثنائي في البطولة.

ويحظى الفريق بدعم جماهيري واسع، فيما يترقّب المتابعون ما سيقدمه سنحاريب في الأدوار الإقصائية، بعد أن أثبت أنه أحد أبرز فرق البطولة من خلال روح قتالية عالية وأداء مستقر طوال مبارياته الثلاث.

*****************************************

لاندو نوريس ينتزع لقب بطولة العالم لأول مرة بعد سباق درامي

أبو ظبي ـ وكالات

نجح البريطاني لاندو نوريس، سائق مكلارين، في كتابة اسمه بحروف بارزة في تاريخ الفورمولا 1، بعدما حسم لقب بطولة العالم للسائقين للمرة الأولى في مسيرته، إثر إنهائه سباق جائزة أبو ظبي الكبرى في المركز الثالث، خلف الهولندي ماكس فيرستابن والأسترالي أوسكار بياستري.

ودخل نوريس السباق الحاسم منطلقًا من المركز الثاني بين فيرستابن وبياستري، وهو يعلم أن وجوده ضمن المراكز الثلاثة الأولى يكفي لتأمين اللقب، دون الحاجة لحساب نتائج منافسيه المباشرين. لكن البداية لم تسر كما أراد، إذ نفّذ بياستري مناورة جريئة تجاوز بها زميله ليتراجع نوريس إلى المركز الثالث منذ اللفة الأولى، في لحظة أثارت القلق داخل مرائب مكلارين.

ورغم الضغوط الهائلة التي تعرض لها، أثبت نوريس نضجًا كبيرًا خلف المقود. فقد واجه هجمات متواصلة من شارل لوكلير، وتعرّض لإعاقة بعد توقفه الأول في الحظيرة، كما خاض معركة مباشرة مع الياباني يوكي تسونودا، وسط سيناريوهات معقدة أبقت الصراع مفتوحًا حتى اللفات الأخيرة.

لكن البريطاني الشاب تمسك بثباته، ونجح في عبور خط النهاية ثالثًا، خلف فيرستابن الفائز وبياستري الوصيف، ليؤمّن رسميًا أول لقب عالمي في مسيرته بعد موسم استثنائي.

ومع إسدال الستار على البطولة، انتهى الفارق بين نوريس وفيرستابن عند نقطتين فقط في صدارة الترتيب، بينما جاء بياستري ثالثًا بفارق 11 نقطة، في واحدة من أكثر نهايات المواسم إثارة في تاريخ الفورمولا 1.

وأنهى لوكلير السباق رابعًا بفارق سبع ثوانٍ عن نوريس، تلاه جورج راسل كأفضل سائقي مرسيدس، ثم فيرناندو ألونسو مع أستون مارتن. كما شهد السباق حضورًا لافتًا لنيكو هولكنبرغ في مشاركته الـ 250، بعدما أنهى تاسعًا، بينما خطف لانس سترول آخر النقاط على الرغم من تعرضه لعقوبة.

******************************************

وقفة رياضية.. منشآت رياضية مطلوبة في كل المدن العراقية

منعم جابر

لا يمكن للرياضة أن تستقيم أو تتطور إلا من خلال توفر قاعدتها المادية، وهي الملاعب والساحات والمسابح، وحلبات الملاكمة والمصارعة، والقاعات المغلقة، إضافة إلى ملاعب كرة السلة والكرة الطائرة. فمن دون هذه المنشآت لا يمكن للرياضة أن تنهض وتتقدم، وهذا ما تجده في جميع البلدان المتقدمة حضارياً والساعية للنمو والتطور.

أما نحن في العراق فلا زلنا نحبو في هذا المجال، ولا زالت ملاعب كرة القدم هي الغالبة على اهتماماتنا، وكأن هذه اللعبة هي الرياضة بكاملها! لذا، أناشد قادة الدولة والمجتمع والحكومات المتعاقبة بأن يحسبوا الحسابات العلمية والدقيقة، وأن يوليوا اهتمامًا حقيقيًا ببناء المنشآت الرياضية في كل المدن والمحافظات، لأن الرياضة والاهتمام بمنشآتها وتجهيزاتها أصبح مقررًا في الدستور العراقي وفق المادة 36: "ممارسة الرياضة حق لكل فرد، وعلى الدولة تشجيع أنشطتها ورعايتها وتوفير مستلزماتها".

وبهذا، أصبح المجتمع والمؤسسات الرسمية ملزمين بدعم وتشجيع الرياضة في العراق، وأحد أهم أشكال هذا الدعم هو الاهتمام بالبنية التحتية وتهيئة المنشآت الرياضية في جميع مناطق البلاد. ولكن الواقع يشير إلى أن هذه المنشآت موجودة فقط في بعض المدن، وغالبًا ما تقتصر على ملاعب كرة القدم، في حين أن باقي الملاعب والمرافق المخصصة للألعاب الأخرى إما مفقودة أو مهدمة.

أتذكر أنه في خمسينيات القرن الماضي أسست الإدارات المحلية ملاعب لكرة القدم، إلى جانب ملاعب مكشوفة لكرة السلة والكرة الطائرة، كما تم بناء بعض الأندية الرياضية في سبعينيات القرن الماضي. أما بعد ذلك، ومع انشغال البلاد بالحروب الداخلية والحروب المجنونة، فقد توقفنا عن أي عمران وإنشاء المنشآت الرياضية وغيرها. وبذلك، لم يتحقق أي تقدم حقيقي في البنية التحتية حتى عام 2003، وما تحقق بعد ذلك من إنجازات كان جزئيًا وناقصًا، حيث اقتصر على إنشاء ملاعب كرة القدم، متجاهلين الألعاب الأخرى.

نعم، نحن بحاجة إلى ملاعب كرة القدم، لكننا اليوم نجد أن الكثير من المدن والمحافظات العراقية لا تتوفر فيها المنشآت الرياضية الأخرى مثل المسابح، والقاعات الرياضية، والمضامير، والقاعات المغلقة، والأندية الحديثة. في المقابل، العديد من البلدان المتقدمة والنامية تؤسس منشآت رياضية حديثة ومتطورة بهدف تحقيق الإنجازات الرياضية، وتدريب الشباب على المشاركة في النشاطات الرياضية باسم بلداتهم، وصولاً إلى تحقيق أفضل النتائج والإنجازات.

إن إقامة المنشآت الرياضية والانطلاق من خلالها نحو تحقيق الفوز والإنجازات يشكل حافزًا ودافعًا حقيقيًا للارتقاء بالرياضة وتحقيق الأرقام القياسية. لذلك، أناشد قادة الدولة والمؤسسات الحكومية بأن يضعوا نصب أعينهم قضية المنشآت الرياضية التي يحتاجها شباب الوطن وشاباتها، فهي مسؤولية مشتركة بين الدولة والمجتمع.

الاهتمام بالبنية التحتية للرياضة العراقية وتجهيزها بشكل متكامل سيجعلها صالحة لجميع النشاطات الرياضية، ومهيأة لكل أبناء وبنات الوطن لممارسة مختلف الرياضات والألعاب. لذا، أناشد وزارة الشباب والرياضة بالحرص على توفير هذه البنية التحتية في كل المدن والمحافظات، ووضعها تحت تصرف المواطنين. عندها، سيصبح ما نص عليه الدستور العراقي حقيقةً ملموسة، وسيشكل علامة مضيئة في مسيرة الرياضة العراقية، وسيندفع أبناء الوطن بكل قدراتهم للنهوض بالواقع الرياضي.

***************************************

الصفحة العاشرة

فضاء شعبي

كاظم غيلان… صوتٌ.. ظلّ نظيفاً حين تلوثت الساحة

د.كاظم جمعه الغزي

في مشهدٍ ثقافي عراقي تعرّض لاضطراباتٍ قاسية وتحوّلات لا تهدأ، يظلّ بعض المبدعين قائمين كالنخيل على ضفاف دجلة؛ شامخين رغم الريح، وأوفياء رغم الجفاف. ومن بين تلك الأصوات النادرة يبرز الشاعر والناقد والصحفي كاظم غيلان، ابن ميسان الذي حمل الجنوب في قلبه وبغداد في ذاكرته، وأخلص للكلمة كما لو أنها عهدٌ لا يُنقض.

وُلد غيلان عام 1956 في مدينة العمارة، في بيئة ريفية ندية أنبتت حسّه الشعبي، وفتحت له بوابة اللغة الرطبة التي ستصير فيما بعد مادته الشعرية الأولى. ومع شبابه المبكر، اتجه إلى بغداد ليجاور أسماء كبيرة وليصبح واحداً من الوجوه التي التصقت بالشعر والموسيقى العراقية الحديثة.

شاعر العامية النظيف.

وسط موجات التطبيل التي ارتفعت خلال حقب الصراع والحرب، بقي غيلان نظيف السيرة واللغة؛ لم يمدح طاغية، ولم يكتب للشعارات، ولم يساوم على ضمير القصيدة.

يكتب للناس، للشارع، للوجع، ولليوميات التي يعرفها جيداً، ولذلك ظلّ صوته قريباً من القلب، لا من الميكروفونات.

ويرى أن تسمية “الشعر العامي” هي الأدق، لأنها تمتدّ في الجغرافيا العربية كلها، بينما كلمة “الشعبي” تضع الإبداع في زاوية ضيقة. لكنه يتحسر على ضياع الكثير من بريق العامية الحديثة، بعدما تسللت إليها ثقافة العنف والقيم الطائفية والعشائرية.

قصيدة تُشبه الشاعر… وتفضح الليل.

ومن أبرز نصوص كاظم غيلان قصيدته الشهيرة التي تفتتح الجنوب وليله ولهيبه على صفحة الورق، حيث تتجسّد روحه المتمردة ولغته الملونة:

"أبوحدي أريدن

أرسم أشكال الليالي

وأرسم ألوان الليالي

حمرة… زرگة… خضرة… صفرة

وما أريدن غيري يرسمهه الليالي

آ… يروحي

والله لو ترسم حزنهه

أتصير (سلفادور دالي)

ولو چذب هذا اللي كلته

أمروتك… تصير ابدالي"

قصيدة تكشف جرأة الشاعر، وإصراره على الرسم بلغته الخاصة، وعلى أن يبقى صوته هو اللون الحقيقي، مهما ازدحمت اللوحة بألوان الآخرين.

ناقد لا يساوم… وذاكرة موسيقية حيّة.

إلى جانب الشعر، امتلك غيلان حسًّا نقدياً دقيقاً جعله من الأصوات التي يُحسب لها حساب. قادر على تفكيك النص بمهارة، وعلى قراءة المشهد الثقافي والموسيقي بعمق، بحكم علاقاته وصداقاته مع كبار الملحنين والشعراء والمطربين.

صار مرجعًا مهمًا للباحثين في تاريخ الأغنية العراقية، يعرف تفاصيلها ومسارات تطورها.

ويرى غيلان أن الثقافة العراقية تعيش مرحلة تراجع صعبة يتحمل مسؤوليتها المثقف الذي ترك الضجيج يحتل المنصّة، فيما غاب النقد الحقيقي وسط فوضى “العروض الصحفية” التي تُمنح صفة النقد دون استحقاق.

مهرجانات بلا روح.

وعن المهرجانات الشعرية، يرى غيلان أنها فقدت روحها، واتجهت إلى الكمّ على حساب النوع. أسماء تتكرر، ومنصات تتحول إلى ساحات مجاملة أكثر منها فضاءات إبداع.

ويسمّي هذا الانحدار “فسادًا ثقافيًا” لا يقلّ خطرًا عن الفساد المالي والإداري، إذ يفقد الشعر مكانته حين يُستبدل بالضجيج.

يظلّ كاظم غيلان واحدًا من الأصوات التي اختارت الصدق طريقًا، والنقاء منهجًا. شاعرٌ لم يلوّثه الزمن، ولم تغره المناصب، ولم يبدل موقفه أو لغته.

ظلّ مثل أنهار ميسان: صافياً مهما تعكّر المشهد، وعميقاً مهما ضاق السطح.

إنه نموذج للمثقف الذي يرى الكلمة مسؤولية قبل أن تكون فنًا، ويؤمن بأن الشعر لا يزدهر إلا حين يكون الشاعر حرًا… وصادقًا.

***************************************

«صد گ وترد» مرثية الحبّ والخذلان في قصيدة موفق محمد

محمد علي محيي الدين

في قصيدته الشعبية الباذخة بالشجن والعذوبة، يقف الشاعر العراقي موفق محمد عند بوابة الغياب، يطرقها بنداء ملؤه الرجاء والخذلان: "صدك وترد؟". سؤال يتكرّر حتى يصير نشيدًا داخليًّا، يتأرجح بين الأمل المر واليقين القاسي بأن من ننتظرهم لا يعودون.

القصيدة – التي تنتمي إلى المدرسة العاطفية في الشعر الشعبي العراقي – تستند إلى بنية بسيطة في ظاهرها، عميقة في جوهرها. يبدأ الشاعر بلوعة القلب المفجوع، ويجسّده بجناح عصفور لا يقوى على احتمال الفُرقة:

"يلگلبي جنح عصفور من فرگاك

 يرف ايگول اريد الگاك وتلگاك"

القلب هنا لا ينبض، بل يرفّ، يرتعش، يتشوّق، في استعارة توحي بالهشاشة والقلق. إنه قلب متيم، ما زال يرفض التصديق بأن الحبيب رحل، وأن لا سبيل إلى لقائه من جديد.

وبين طيّات هذا الانتظار العصيّ، تتصاعد حرارة التضحيات، فيقول:

"مرة وتجرع الحنظل

غريبة وتلهم الزرنيخ

مشچولة شچل بالصيخ"

تتخذ المعاناة هنا طابعًا جسديًا حادًا، فالغياب ليس مجرد فقد معنوي، بل ألم ملموس، يلسع الجسد، يُسمّمه، يُشوّه الحواس. ومع ذلك، يظلّ الحب أقوى من السمّ.

في الفقرة الوسطى من القصيدة، ينهض الخيال الشعري مزدهرًا برموز الحياة والخصب:

"وجمعلك ورد قداح

جوري

لا

اجمعلك ضوه عيوني

وتلگاها حديقة الروح

 خضره

 والشجر نومي"

لا يقدّم الشاعر وردًا فقط، بل يهب عينيه، ليزرع بهما حديقة في روح الحبيب. هذه المبالغة العاطفية ليست من باب التزيين، بل من طبيعة اللغة العاشقة، حيث لا توجد حدود بين الجسد والرمز، بين الواقع والحلم.

ويبلغ الأمل ذروته حين يتخيل الشاعر عودة الغائب:

"اجه الغايب

هلهلن يا بنات العم

اجه الغايب

ابچنه بدمع من سم

اجه الغايب

لفنه ابچفن اظلم"

لكن هذه العودة ليست حقيقية، بل مزيج من الحلم والتهيؤ، من أصداء الماضي والتمنّي، حتى ينقلب كلّ شيء في آخر بيت، حيث تنقضّ الحقيقة كالصفعة:

" چذب ما ترد"

بهذا السطر القصير، ينقلب البناء العاطفي للقصيدة رأسًا على عقب. كل الأمنيات، كل الاستعارات، كل البكاء كان وهمًا. الغائب لن يعود. النهاية ليست مجرد يأس، بل إدراك مؤلم لطبيعة الخيبة.

إن "صدك وترد" ليست فقط قصيدة حب، بل مرآة دقيقة لقلق الإنسان العراقي، الذي اعتاد على انتظار الغائبين، سواء كانوا أحبّة أو أوطانًا أو أحلامًا ضائعة. بأسلوبه الشعبي الرهيف، يرسم موفق محمد خريطة وجدانية للانتظار، ثم يهدمها بجملة واحدة صارخة: "جذب ما ترد".

هي قصيدة يمكن أن تُغنّى كما يمكن أن تُبكى، يمكن أن تُقرأ في ليالٍ وحيدة أو في مجاميع سامرة، لكنها في كل الأحوال، تظلّ واحدة من أبرز نصوص الشعر الشعبي المعاصر التي جمعت بين بساطة اللفظ وعمق الشعور.

************************************

سولف

عبد الكريم القصاب

سولف

يما تدري ،

وعطش بالروح يجبرني ...

أسولف ويَّ شباجك .

اِشتهيت آتنفس آعذرني .

فل خيط السوالف نشغة كَرنفل

سولف لي بعبير الصوت ،

بطعم فيروز ذكّرني .

سولف لي بحريرك ، اِحجي ، خدّرني .

صوتك من بساتين العنب طالع .

من أول حرف مايع يسكّرني .

سولف ...

بلجي آنام الليله من عشيات ،

ودفو صوتك يدثرني

************************************

مقارنة

كامل الركابي

شفت نخلات في بلدان مختلفه ظليله

على طول الطرق

 والأرصفه الممتده

مابين المدن والريف

والوديان

ولكن ماشفت

يحويها بستان

وبخيله

هذا الفجّر إحساسي بكرمها

النخله العراقيه: جميله !

*******************************************

غزل عاشگ بالحلم ..

د. حامد الشطري

اشلون المك..

ياطبع زيبگ صعب بالايد صمك

تلصف بعين الشمس..

ليرة الفضه ..

بشفه غضه..

يبان لو تضحك ترافه،

 بطرف سنك..

لضم ليلو امطرز برصعة ذهب..

والشمره ماخذها ابتسامه ابحلگ امك...

خايب العالي بوگفتك

ارد انوش عثوگ قداح الگصيبه..ومنها اشمك...

فرفحت روحي عطش..

واخيالك يغطي وگفتي

 بظل شمس..

واعطش يراودني طيفك چن نهر عطشان مثلي..

اضفافه مثل اشفافك الذبلان بيهن طيف بوسه...

وصارت الحسبات هوسه التاخذك مني...واحس كل لمسه منك..

جوري طگ ب ضحكتك..

توني ارتويت..

وارتوى القداح من فاض النهر ترس النهر روجة عطر...

طشت النسمه بسماي

مطرت الدنية سوالف

على العطر فاض بگذلتك..

والگصيبه الطايره تنوش الشمس

يلي طولك سيسبان وعالي مثل النخله جمارك حبيبي..

**********************************************

وجـــــــه المــــــاي

محمد جواد الكعبي

أجيتك من سفر

تايه 

مثل طير اليدور

بالسما وشايّيه 

وين أنت  ؟

حبيبي

رويحتي

وچبدي 

ناعور الهموم

وياي 

يملي بهمي

ويبدي 

مثل زيبگ بچف

سكران

تطّشر ضاع

شيلمك

 يوجه الماي 

فتشت الدروب أعليك

شارع  ..  شارع

لوحدي 

مامش أثر بس

أسمك

حفرته أعلى الشجر

ذكرى

بستان و ورود هواي

أنت الجرح وأنت

دواي 

تعال نسامح

ونبدي

يگلبي ويابعد

چبدي

******************************************

أم سعود 

حسين جهيد الحافظ

أم سعود يَم سعود

اشلونه الوكت وياچ

يَم سعود

لبستي ألوان

لو بعدچ حزن

وامعاشر اهدوم السود

الكحل هم زاور اجفونچ

او هم زارت الحمره اخدود

لو انت هذيچ انت

اشما ساعه الحزن عافچ

ابكل حيله يرد اردود

أم سعود يم سعود

.يم خلگ الوسيع

الواكح الأيام

اشسواه الخلگ بارود

او ليش الحزن

بس وياچ خنيب

والفرح صيهود

كافي الحزن يم سعود

مو مل العمر

 ضيم الحزن

والله العمر مگرود

ابتسمي لو جذب

 فد يوم

هلبت فرح لينه ايعود

هلبت يبطل الناي عزفه

او يرد عزف العود

أم سعود يم سعود

الواه اعله وكتچ ذاك

يم سعود

رغم الألم رغم العوز

رغم چنه نعاني بيه

او ممنوع ابحلم

ونشوف گشرة موز

حديقتنه (خفت)

-اذا عدنه حديقه-

او حديقتهم

جلنار او روز

اغانينه حزن في حزن

وأغانيهم صده فيروز

ابدعابل طين نلعب

او يا محله من نفوز الفوز

ودعابلهم أظن مصقول

لا يمكن اظنهن جوز

گضه وكت العجل

واللعد والياويل

 يم سعود

وكت التوابيت الچثيره

و لافتات السود

وكت الحمام الچان

عليه باب البرج مسدود

 أجه وكت الحمام

ايطير حريه

ولا تگطع طريقه

شبچة الصايود

هي أيام معدودات

يم سعود

اصبحنه والملك لله

والله الباقي الموجود

شعبنه

فصوخوه تفخيص

صار افخاذ

 يا بو افخاذ

سنه او شيعه

أو عرب و أكراد

او رسموا بين الاخوان

 احدود

صفر اعله الشمال

الشعب عدهم صار

 صاحوا بالوطن فرهود 

راعي البيت اصبح ضيف

او صار الضيف

 راعي البيت

 گومي هلهلي ايامچ حزن

او طشي حسرتچ چكليت

وه اوخليهه على الله

اتنطري الموعود

لازم ما صبح يطلع

وتموت الليالي السود

او يعم الخير دنيه الناس

يم سعود٠٠

يم سعود

******************************************

الصفحة الحادية عشر

جديد اتحاد الأدباء

عن الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق، صدرت مؤخراً الكتب الآتية:

- النقد الادبي في روسيا ما بعد السوفيتية/ تأليف يفغيني دوبرينكو وغالين تينخوف، ترجمة واعداد حسن صابر.

- كون العقل/ النظرية السيميائية للثقافة/ تأليف يوري ليتمان، ترجمة لؤي خزعل جبر. تقديم امبيرتو ايكو.

- بعضه في الريح كثير منه في القصب/ شعر طالب عبد العزيز.

- اشتقاق اللذة/ شعر ريسان الخزعلي.

- الاعمال الشعرية/ حميد قاسم.

- الاعمال الشعرية/ كزار جنتوش.

- بحث الانسان عن المعنى/ تأليف فكتور فرانكل، ترجمة د. علي السعيدي.

**********************************************

الرحلة المضنية في  {تاريخ التعب}

عبد الغفار العطوي

غوستاف لوبون في كتابه(فلسفة التاريخ) يقدم تفاسير التاريخ المختلفة ويعلق بقوله حول معنى  ان نفسر التاريخ: كان قدماء المؤرخين كهيرودت قليلي الاكتراث لصحة الحوادث، و كان شأنهم مقتصرا على استنساخ ما يسمعون من أقاصيص ، و كانت هذه  الأقاصيص تتألف حصراً من ذكريات باقية في  ذاكرة الناس التاريخ وإلى وقت  حديث تتألف  من  شهادة  المعاصرين فقط، و هذا  ما فعله المؤرخ الفرنسي المعروف  جورج  فيغاريلو في كتابه ( تاريخ التعب من العصر الوسيط إلى أيامنا هذه)* إذ عالج تاريخا مضنيا من  التعب  عاشه  الإنسان و مازال ذلك لإنسان يكابده بمرارة سواء  أ كان عن طريق الجسد أم من خلال الجهد النفسي و العقلي و أبرز فيغاريلو كعالم اجتماع  الجسد معالم الشقاء الإنساني  و كيف كانت الصعوبات و المشاق بالانهاك الجسدي و العضلي، ثم كانت التحولات التاريخية نحو الجهد و الإرهاق النفسي، الكتاب حافل  بالصور المرهقة التي رسمت العالم و تحديه و  دون دقائق الحوادث المهلكة التي كان يجتازها التاريخ فوق ذلك الكتاب يتكون من أقسام في بداية وضع التاريخ المتعب للإنسان الذي يفتقر لوسائط الراحة حيث سجل المؤلف  المصاعب  الجمة و المشاق  المهلكة  التي اعاقت مسيرة الإنسان في معيشته التي ابتدأت من العصر الوسيط إلى أيامنا هذه ، و من الجدير بالذكر إن وصف التعب وكما بينه المؤلف  سيمتد عبر خمسة قرون من التعب الجسدي و النفسي وفق جدول تطور وسائل الإنسان  في التغلب على  مشاق التعب  المختلفة، في معنى التعب و كيفية استيعابنا لمفرداته ، و يبقى هذا  الكتاب  الضخم من أنفس  ما كتب في علم اجتماع الجسد، و قد استطاع المؤلف في رحلة استكشافية؛ إطلاعنا على أهم  التصورات التي أعطت للتعب  تاريخا مضنيا  مازال الإنسان يكابده بمرارة ، و فوق ذلك الكتاب يتكون من (30) فصلاً، أما القسم الأول الذي غطى  تاريخ العصر الوسيط ، فقد استغرق ( 6) فصول تعد الاكثر تشويقاً ما في محتوى التاريخ المدون المستقصي لهموم و معاناة  العالم الوسيطي و معالم التحدي فيه التي تمثلها الصور الواضحة لتعب المحارب و مدى ما يقطعه من مفازات هي صورة تدفع نحو الاحتفاء بها في تاريخ الإنسانية ، فأكثر من يعاني من تعب الجسد المحارب، يتبعه المسافر عبر طرق كلها جهد و مشقة ، فيكون المحارب هو المسافر صاحب التعب الجسدي الأكبر ، و لعل  حقيقة التعب كما جاء  في  مقدمة الكتاب  في الإقرار في إن القرنين 20\21 شهد اتساعاً  مذهلا في مجال التعب  تعكس  الإطار العام الكلي الشامل لما  انتهى إليه خطاب التعب ، حيث نجد عالمنا اليوم قد ورث أنواع التعب ، و قام بالضغط عليه بشتى قواه ، حتى بتنا  نعاني الأمرين من ألوان التعب  المتعددة ، و مثلما كان التعب الجسدي ظاهراً منذ العصر الوسيط ، فقد تحول بالإنسان نحو العالم الحديث ببروز تحد آخر له هو عبارة عن تحدي الفئات ، مستغرقا من فصول الكتاب في قسمه الثاني (6) فصول اقتضت  نشوء اثر يتعامل مع شعارات  سيزار  ريبا التي شرحت الشخوص التي يمكن  لفن الرسم ان  يستلهمها  من خلال فكرة ابتكار الفئات  التي جعلت من الحياة العملية أكثر اجتماعية ، و أوسع استيعاباً في خلق ما يسمى بالوظائف ، و بات التعب يترتب عليه عقوبة ، و صار مفهوم التعب  يأخذ منحى آخر  يلقي بثقله على  الهاجس النفسي الذي اصبح يعطل مجرى الجهد العضلي في الإنسان وبات الإنسان الحديث يرهق وظيفياً ، وامتد طيف التعب  مع الحداثة ، و تنوعت أشكاله و أمكنته، و أضحى معقداً في تشكيله  لنظرة الإنسان لمغزى العيش ضمن الاعداد الفئوية ، صار يفقد القدرة على العيش والخلاص الفردي، وتمخض التعب الشامل الذي يوحد العالم تحت جناحيه من تنوع التأثيرات التي تقوده نحو أشكال مختلفة من التعب ، التمردات المؤلمة ، الأمراض الفتاكة ، و الحوادث الغامضة الناجمة عن الأفعال الغامضة ، و لأن ازدياد مسارات التعب تولدت مسارات الملاذات التي تقيه حدة التعب الجسدي و النفسي ، و شهد العالم الحديث ، الى جانب تفاقم الفئات و العدد الذي رسم توجهاته في نمط التعب المظاهر الكارثية في شيوع البؤس  و الوهن ، و كان القرنان السادس عشر و السابع عشر شهدا حصول تطورات من أصناف التعب ترجمت  هي ذاتها  إلى مجموعة من العلاجات التي انتهت  بثقافة التعب نحو عصر الأنوار في تحد سافر لكل ما هو حسي، و لقد شغل القسم الثالث أهم مشاهد التعب الحسي، بسبب إن العصر هو عصر الانوار الذي  تفتح على العلوم العقلية التي نظرت بوعي  الإنسان وقتها إن اكتشاف معالم الحواس هو بداية التعاطف مع تاريخ التعب بقواه  التي وجدها تتحداه و هو يخطو نحو قطع الصلة بالحسي، و الانتباه للعقلي بسبب  إن انتشار ثقافة التعب هو بدء التحدي ، و من خلال هذا البدء لاح للإنسان ضرورة   ما   أشار إليه  فيغاريلو عن عصر الأنوار كان يريد التنبيه  الحذر في ما سنقرأه  عن القرن التاسع عشر من تحول وعينا للتعب من الحسي الجسدي نحو أنماط متعددة و متجاذبة من  من ثقافات تاريخ التعب، التعب العددي الذي سيجده المواطن في رقعة مواطنته ، و هو نوع من تعب ميكانيكي يتمشى مع مفهوم علمي للطاقة التي برزت من فوهة العددية، و من الملاحظ ظهور التعب الذهني، و ما يشكله من مقاومة و تضحية في سبيل خلق عالم محسوب على التعب النفسي العصابي ، حتى نصل للقرنين التاسع عشر والعشرين ، و هما اللذان  مثلا خلاصة جهد الإنسان في مسيرة التعب  وذلك بالتحدي السايكولوجي، فلون  التعب الإنساني قد تبلور إلى شكل من أشكال  الكشف النفسي، لهذا اطلق على الإنسان الجديد الذي يعيش في كنف هذين القرنين بالإنسان المأساوي، رغم مظاهر الرفاهية و التطور المادي الذي اختزلت منازل التعب إلى أن تصبح هوية الإنسان  تحددها مفاعيل الرفاهية ، لكن فيغاريلو المؤلف  المتخصص في مشاغل الجسد طل معتكفا على إيصال  فكرة مفادها إن  تاريخ التعب لا ينتهي او يسكت  خطابه  المتجدد بل يعاني من إندياح دائم في حمل الإنسان  مشاق التعب و متغيراته.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* تاريخ التعب  من العصر الوسيط إلى أيامنا هذه جورج فيغاريلو ترجمة  محمد نعيم  الناشر صفحة سبعة  ط1 2023

*********************************************

موسيقى {أتونالتي}.. لا نهائية المعاني في لا مركزية النغم

عبد الله البصري

وفق ما لمسه كثيرون من الموسيقيين الطلائعيين في تلك الحقبة، فإن النظام التونالي التقليدي (النظام اللحني القائم على مركز نغمي محدد وعلاقات ثابتة بين الدرجات)، قد بلغ إبان نهايات القرن التاسع عشر درجة الإرهاق والاستنفاد، بعد مسيرة طويلة استُخدم فيها بوصفه المرجعية الوحيدة للعلاقات النغمية. ومع اتساع التوترات الهارمونية وتكثيف حضورها اللحني، وتدفق جرعات تنافر "مقصودة" من قبل موسيقيين شغوفين بالتجريب، أدرك موسيقيون عديدون أن الإطار المقامي لم يعد قادرا على استيعاب متطلبات المخيال النغمي التركيبي الحديث.  هكذا انفتح الطريق أمام اللاتونالية (أتونالتي/ لامقامية)، أي الإلغاء الواعي لمركز الثقل النغمي، والتعامل مع درجات السلم الموسيقي وأنصافها بوصفها أقانيم متساوية القيمة. ففي هذا النظام الجديد تُصبح العلاقات الداخلية بين الأصوات - وليس الجاذبية المقامية - هي البنية الفاعلة التي يرتكز عليها العمل الموسيقي. في مرحلتها الأولى لم تكن اللاتونالية مشروعا مكتملا، بل نزوعا تجريبيا غير مُسوَّر بنظرية، أو لنقل غير مبني على قصدية منهجية، كما لدى الموسيقييَّن الفرنسي كلود ديبوسي (1862 – 1918) والروسي أليكساندر سكريابين (1872 – 1915)، اللذين اتجها نحو استعمال سلالم مفتوحة وفضاءات هارمونية غير مستقرة. غير أن الموسيقي والناقد النمساوي أرنولد شوينبيرغ (1874 – 1951)- ومعه الموسيقيان النمساويان ألبان بيرغ (1885 – 1935) وأنتون فيبرن (1883 – 1945) - نقلوا هذا الميل من حقل التجربة إلى حقل التأسيس، عندما وضعوا اللبنات الأولى لـ "الدوديكافونية" كمحاولة لضبط ذلك التحرر النغمي: مساواة تامة بين نغمات "السلم اللوني" الاثنتي عشرة من حيث الأهمية، وتغييب ممنهج للمركز النغمي، وتنظيم داخلي قائم على ترتيب السلاسل النغمية وعملياتها. لكن هذا الانعطاف لم يكن تقنيا وحسب. إذ أثار سؤالا فلسفيا: أين يقوم معنى الموسيقى؟ هل هو صفة ذاتية للصوت، أم أنه إسقاط يستمده المستمع من عاداته السمعية وثقافته؟ 

تتفق اللاتونالية، نوعا ما، مع النزعة "الشكلانية" للناقد الموسيقي النمساوي إدورد هانسلك (1852 – 1904)، والتي ترى أن الموسيقى ليست لغة عاطفة، إنما صيرورة صوتية ذات قيمة في ذاتها، تتأسس على العلاقات الداخلية بين الجمل، لا على التعبير الشعوري. فهو يرى، خلافا للرومانسيين، أن الموسيقى لا تُعبر سوى عن "أفكار موسيقية"، أي انها لا تحمل معنى شعوريا. ومن هذا المنظور لا تُقرأ اللاتونالية بوصفها نفيا للمعنى وحسب، إنما نفيٌ لوهم المعنى الشعوري المباشر، ما يجعلها، كعملية تجريدية، تقبل أيَّ المعاني وترفضها في الوقت ذاته. ولا يبدو ان هذه الطفرة في التجريب النغمي منفصلة عن صعود "الشكلانية" الروسية (نحو 1915)، التي منحت التحليل الموسيقي أدوات للتعامل مع البنية من دون الركون إلى التفسير الشعوري. إذ وفّرت الشكلية لغة تُمكّن من توصيف التحولات اللاتونالية من الداخل، ما جعل العلاقة بينهما أشبه بحوار متبادل: تنظيرٌ يكشف إمكاناتٍ لم تكن معروفة، ثم موسيقى تُحاول تجسيد تلك الإمكانات، فتنظير يعود ليفسر نتائجها. بهذا المعنى، لا يمكن فصل اللاتونالية عن المناخ الفكري الذي مهّد لإدراكها. قبل التطرق إلى أعمال فردية لموسيقيين جرّبوا اللامركزية النغمية في إطار التقنين أو خارجه، يجدر توضيح مفهوم"الدوديكافونية"، كتقنية موسيقية صاغها شوينبيرغ لتطبيق اللاتونالية بطريقة منهجية. إذ تُعامل كل نغمة كروماتيكية من نغمات السلم الدياتوني على قدم المساواة ضمن سلسلة اثني عشرية مقنّنة. وتُستعمل هذه السلسلة كأساس لتكوين الجملة الموسيقية كاملة، بما يضمن تحقيق لا مركزية نغمية داخل إطار بنائي صارم. وقد مكّنت هذه التقنية الملحنين من الحفاظ على تحررهم من الجاذبية التونالية التقليدية، مع إدراك دقيق للعلاقات الداخلية بين الأصوات. وتتجلى هذه التقنية في أعمال كثيرة أصبحت علامات فارقة، منها: "Pierrot Lunaire" لشوينبرغ و"Lyric Suite" لبيرغ، وصولا إلى"Variations for Orchestra, Op.30" لفيبرن. حيث تتكثف البنية النغمية غير المركزية إلى حد يقارب النحت في الفراغ! ويبرز الموسيقي الفرنسي أوليفييه ميسيان (1908 – 1992) كتجربة متقدمة في اللاتونالية الإيقاعية والطيفية، في أعمال مثل "Mode de valeurs et d’intensites" و"Turangalila-Symphonie". وفي جانب آخر يقف الموسيقي الروسي إيغور سترافينسكي (1882 – 1971)، الذي وإن لم ينخرط في "الدوديكافونية"، صاغ شكله الخاص من اللاتونالية في "Le Sacre du printemps" و"Symphony of Psalms"، حيث يعمل الصوت خارج الجاذبية المقامية من دون أن يفقد قابليته الإدراكية. نهاية، يتوجب الإشارة إلى ما يُشاع حول صعوبة تلقي اللاتونالية من حيث غياب المرجعيات السمعية المألوفة. إذ يفترض البعض أن هذا النمط منفر بطبيعته.  لكن هذه الصعوبة ليست دليلاً على انقطاع اللاتونالية عن الطبيعة السمعية، بل عن المألوف الثقافي. فالإنسان لا يفهم الصينية من أول وهلة، ليس عجزا في جهازه السمعي، إنما افتقار للخبرة في نظامها الرمزي. كذلك الأذن البشرية قادرة، بيولوجيا، على تمييز كل الترددات والعلاقات الصوتية الدقيقة التي تقوم عليها اللاتونالية. فالبنية العصبية للأذن مؤهلة لالتقاط الفروق الطيفية والمدد الزمنية والمسافات الميكروية بين النغمات. وما ينقص المستمع هو الاعتياد، وليس القدرة. وحين يتنامى الاعتياد، ينكشف للسامع أن اللاتونالية يمكن أن يُتفاعل معها كما يُتفاعل مع أي منظومة صوتية مألوفة. ومثلما لا تُختزل اللغة في معجم دلالي ثابت، بل في نظام من العلاقات المتحولة بين المفردات، كذلك اللاتونالية، إذ تتولد بنيتها من التفاعل بين الأصوات نفسها وليس من مركزية صارمة تبسط سلطتها عليها. من المهم أيضا الإشارة إلى الالتباس الذي تخلقه بعض المقاربات التعبيرية، حين تُمنح الموسيقى معنى شعوريا مباشرا فقط لأنها تحاكي أصواتا واقعية: المطر، تغريد الطيور، طيران الحشرات، العواصف والرياح، وما إلى ذلك.. هذا ليس تعبيرا بالمعنى، إنما محاكاة صوتية مجرّدة. لذلك ان خلطَ تلك المُحاكاة بالتعبير يُربك النقاش، لأنه ينسب إلى الموسيقى ما ليس من جوهرها، ويجعل الحكم عليها تابعا للأثر ليس للبنية. وإذا كان كثيرون من المستمعين يجدون في الموسيقى معنى، فهذا المعنى يتشكل في مخيالهم، لا في النغمة في ذاتها. إذ لا يوجد قاموس موسيقي – لفظي يُحدد دلالة جملة موسيقية بوصفها كلمة منطوقة ضمن اللغة البشرية تُحيل إلى مدلول واقعي – شعوري، كما يحدث في الشعر والأدب عموما، أو في الفنون البصَرية واقعية الأسلوب. لذلك، تبدو اللاتونالية خطوة مقبولة في تاريخ الوعي الموسيقي: فنٌّ يزداد تجريدا كلما اكتشف ذاته، وينأى عن المحاكاة والوصف لصالح صيرورة صوتية خالصة. وهي، على تعقيدها، ليست نظاما مغلقا أو عصيا على الإدراك، بل انها عالم بنائي له منطقه الخاص، يُفهم متى ما تحرر المستمع من عادات السماع القديمة. ومن هنا تأتي قيمتها: ليست تحديا للأذن، إنما تحدٍ للمألوف. ومهما تعددت مقاربات اللاتونالية بين التجريب الحر لدى ديبوسي وسكريابين، أو النسق المنهجي الصارم لدى شوينبرغ ومدرسته، فإنها تمثل - في المحصلة - استجابة تاريخية لوعي موسيقي بلغ مرحلة النضج الذاتي. لقد كانت لدى سكريابين، على سبيل المثال، رغبة عميقة في التحرر من الجاذبية المقامية، لكنه لم يسلّم نفسه بالكامل للمساواة المطلقة بين الدرجات، بل حاول ابتكار مراكز طيفية بديلة متنافرة، مثل الأكورد الشهير "Mystic Chord" أو "الأكورد الصوفي" الذي يتألف من ست نغمات متتابعة أو مدمجة تُشكل وحدة هارمونية بلا مركز تونالي واضح. فسكريابين هنا يتعامل مع التونالية باحتراس، مبتكرا نوعا من التوازن الداخلي بينها وبين اللاتونالية، لكن عبر تنافر مدروس. أما ديبوسي فكان أكثر رهافة في هذا الانفصال. فهو لم يتقاطع مع التونالية، لكنه عوّمها عبر السلالم المتوازية والانسحاب التدريجي للجاذبية الهارمونية، فمهّد لظهور فضاء لاتونالي جزئي من دون إعلان قطيعة صريحة مع التونالية. حيث استخدم سلالم خاصة في تشكيلاته الهارمونية، مثل السلم الكامل، السلم الخماسي والسلالم المودالية، لتوسيع الحرية الصوتية واللحنية.

وفي مقابل هذا الحراك، ظهرت مواقف أكثر حذرا أو حيادية تجاه اللاتونالية. فقد ظل الموسيقي الفنلندي جان سيبيليوس (1865 – 1957)، على سبيل المثال، ينظر إليها بوصفها مسارا لا يخلو من شجاعة تجريبية، لكنه كان يرى أن فقدان المركز النغمي يُضعف القدرة على بناء "قوس سردي" طويل النفس. وهو ما اعتبره جوهرا دراميا لا غنى عنه في الموسيقى السيمفونية. ومع ذلك، لم يكن سيبيليوس خصما للاتونالية، بل قارئا متوازنا لها. إذ رأى أنها تصلح لبعض الأغراض التعبيرية والبنائية، لكنها لا تنسجم مع رؤيته الخاصة للموسيقى كخط تطوري ممتد يعتمد على التحول العضوي للمادة الصوتية، حيث تتطور الموضوعات والأفكار بشكل طبيعي ومتدرج دون قطيعة مفاجئة مع السياق التونالي البنائي.  وبهذا يتضح أن اللاتونالية ليست ثورة ضد التاريخ بقدر ما هي طور من أطوار ارتقائه.. طور تتكشف فيه بنية الموسيقى لنفسها، وتتخلى عن مركز الجاذبية، لتُعيد اكتشاف معنى العلاقة الصوتية خارج سلطة السلّم. إنها لحظة وعي بالموسيقى كفن تجريدي خالص، يقترب من جوهره كلما نأى بنفسه عن المحاكاة والحمولة الشعورية المفترضة، وارتقى نحو نظام أصواتٍ يُبنى لذاته، ويُفهم بحدوده الداخلية، ليس بما يفرضه الإرث السمعي من توقعات. هكذا تحتل اللاتونالية موقعها: ليست قطيعة أو ضرورة مطلقة، إنما إمكان جمالي واسع، يظل مفتوحا لكل قارئ جاد يبحث في الموسيقى عن صيغة بنائية مُثيرة، لا عن ظلٍّ شعوري عابر! وهكذا، حين يتحرر الصوت من مركزه، تتحرر معه دلالاته، ليغدو المعنى النغمي غير متناهٍ في انفتاحاته واحتمالاته.

*********************************************

إيواءات

طالب حسن

1

النواميس المستعادة

أقاويل فقدت

بصيرتها

2

عظامك هشة

أيتها البلاد

مثل حلم قابل

للأنكسار

3

لماذا في كل موسم

تتعرين كما الأشجار

وتفتحين فخذيك لقلق

ولادة جديدة  ؟

4

قبل أن أعرفها

لم أكن أفهم كيف  أو لماذا

القتلة....

والسفلة...

يتناسلون

5

لا أستطيع التخلص

من قوائم أسماء الشهداء

فهم حتى بعد رحيلهم

لازالوا يسقون براعم حلمي

6

الخطأ ليس في الكرسي

ولا بالجالس عليه...

الخطأ في ذاكرة الأشجار

التي شاخت مبكرا

7

العالم يضج بالحماقات

حتى وإن تظاهر

بالبراءة

8

حين تشظى وجهه في المرايا

صار يتلقى الصفعات

من بغايا الأرصفة

9

ذنوبهم كبيرة

أولئك الذين قنصوا الطيور

من على الأشجار

والورود من على الحدائق

10

الذئاب التي أدمنت الأفتراس

تعلمت القنص من دمى

السيرك

11

هكذا يمضون

لا حلم في اليد

لا جهة يشيرون

إليها..

******************************************

الصفحة الثانية عشر

وسط جمع حاشد من محبيه.. استذكار الفنان الكبير الراحل سامي كمال

بغداد – طريق الشعب

احتضنت قاعة منتدى "بيتنا الثقافي" في بغداد، السبت الماضي، جلسة استذكار للفنان الكبير الراحل سامي كمال، حضرها جمهور غفير من رفاقه ومحبيه، يتقدمه سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الرفيق رائد فهمي. 

الجلسة التي التأمت على قاعة المنتدى في ساحة الأندلس، أدارها الفنان ستار الناصر، واستهلها بالحديث عن مكانة الفنان الفقيد في وجدان محبيه، بينما استعاد بعض ذكرياته معه.

بعد ذلك، تحدث الناقد الموسيقي سامر المشعل عن مسيرة الفقيد الفنية، متوقفا عند فرادة أسلوبه وتميّزه، فضلا عن مساهماته في الأغنية العراقية.

وأكد أن الراحل مثّل نموذجا للفنان الملتزم بقضايا شعبه، ووقوفه دائما إلى جانب الناس البسطاء.

وتحدث في الجلسة أيضا الفنان حسن بريسم، الذي نوّه إلى انه استقى  اسمه الفني من أغنية الراحل الشهيرة "البريسم"، معربا عن اعتزازه الكبير باستذكار فنان شكّل جزءا من وجدانه الفني.

وقدم بريسم شهادة محملة بالوفاء عن مبادئ سامي كمال ومواقفه السياسية التنويرية، والتزامه بقضايا الفقراء والكادحين، وما عُرف عنه من خصال إنسانية رفيعة طوال مسيرته.

بعدها أدى بريسم، على العود، مجموعة من أغنيات الفقيد، ما أضفى على الجلسة أجواء من الحنين والوجد. حيث استعاد الحاضرون ذكرى سامي كمال وحضوره الفني.

 كذلك، قدم عدد من الحاضرين مداخلات وشهادات عن شخصية الفقيد وإنسانيته، مستذكرين مواقف عديدة له، ومثمّنين تأثيره الفني والفكري.

هذا وكانت لابن أخ الفنان الفقيد، السيد سلام الجشعمي، كلمة أعرب فيها عن شكره ووالده، الذي حضر معه الجلسة،  للحزب الشيوعي العراقي ومنتدى "بيتنا الثقافي" على اقامة الجلسة. 

وفي الختام، قدم الرفيق رائد فهمي شهادتي تقدير باسم المنتدى، إلى الفنان حسن بريسم والناقد سامر المشعل، تقديرا لمساهمتهما في الجلسة.

وكان الفنان سامي كمال قد توفي بداية تشرين الأول الماضي في مغتربه السويدي، عن عمر ناهز 85 عاما، بعد صراع مع المرض. وقد عُرف، وهو المولود عام 1940 في ميسان، كأحد أبرز المطربين العراقيين في حقبتي السبعينيات والثمانينيات، وارتبط اسمه بأغنيات وجدانية وسياسية.

وباعتباره شيوعيا، اضطر كمال نهاية السبعينيات إلى الهجرة خارج البلاد، بعد اشتداد الحملة البعثية الوحشية ضد الشيوعيين والوطنيين.

*************************************

الشيوعيون يزورون عائلة النحات الراحل عبد الجبار البنّاء

بغداد – طريق الشعب

زار وفد من مختصة العلاقات الاجتماعية المركزية في الحزب الشيوعي العراقي، أخيرا، عائلة النحات الكبير الراحل عبد الجبار البناء في منزلها ببغداد، وذلك تكريما لمنجز الفقيد الإبداعي ومواقفه الوطنية المشرّفة.

وكان في استقبال الوفد نجل الفقيد دريد وحفيده أحمد. حيث دارت بين الطرفين أحاديث حول مآثر البنّاء وخصاله الحميدة، فضلا عن تجربته الفنية الغنية، إلى جانب الذكريات المشتركة بين أعضاء الوفد والفقيد. 

ضم الوفد كلا من رئيس تحرير "طريق الشعب" الرفيق مفيد الجزائري، ونقيب الفنانين الاسبق الرفيق صباح المندلاوي، والرفيق عباس حسن والرفيقتين خيال الجواهري ونهاوند المالكي.

**************************************

يوميات

يُضيّف نادي السرد في الاتحاد العام للأدباء والكتاب، غدا الأربعاء، الكاتب د. قيس عمر، في جلسة حوارية حول تجربته السردية، يتحدث فيها الشاعر والناقد محمود جمعة.

الجلسة التي من المقرر أن يديرها الروائي خضير فليح الزيدي، تبدأ في الساعة 4 عصرا على قاعة الجواهري في مقر الاتحاد بساحة الأندلس.

***********************************

ليس مجرّد كلام.. المخدّرات وخراب الوطن ..!

عبدالسادة البصري

للحديث عن المخدّرات واضرارها، كونها آفة تفتك بالمجتمع بشكل كامل وتؤدّي الى ضياع الشباب ودمار مستقبلهم، عقدنا قبل سنوات في "ملتقى جيكور الثقافي" جلسة استضفنا فيها أحد المعنيين بمكافحة المخدرات في البصرة ، ليقدّم محاضرة عن مخاطرها واضرارها. وعلى مدى ساعتين تحدّث عن أصنافها وزراعتها وتداولها ونقلها وترويجها واستعمالاتها، كما عرض لنماذج منها، إضافة إلى الصور والأفلام الوثائقية، ما ولّد في نفوسنا رعباً حقيقياً من تفشّي هذه الآفة المدمرة!

كانت محاضرة رائعة بحق، وكان الحاضرون منشدّين ومتفاعلين مع ما سمعوه من أمثلة وأرقام وحكايات واحداث، حتى أذهل البعض ما يحدث في مجتمعنا من ضرر وخراب بين الشباب!

ومذذاك وبين آونة واخرى نسمع  عن حوادث وصدامات  لرجال الأمن مع مروجي المخدرات وعصاباتها، يروح ضحيتها شهداء  من رجال الأمن الغيارى.

المخدّرات آفة لعينة، تفتك بالإنسان أولاً، وبالمكان ثانياً، وتدمّر المجتمع، بل تنخره من الداخل ليتهاوى على رؤوس أهله ثالثاً!

منذ عشرات السنين والحرب قائمة ضدها من قبل كل حكومات العالم، وبالأخص في أمريكا اللاتينية. وكم شاهدنا من أفلام وثائقية، وقرأنا من روايات وقصص وأخبار وتقارير عنها.

قبل عام 2003 كانت بلادنا ممراً ومعبراً لبعض مهرّبيها صوب دول الخليج وغيرها، لكن لم يكن هناك متعاطٍ واحد لها. ثم بعد أن فُتِحت الحدود على مصاريعها وبعد انفلات الأمن وضعف القانون واستفحال الفساد وشرعنته، راجت تجارتها وراح انتشارها يستفحل بين الشباب شيئاً فشيئاً، حتى باتوا نهباً لإغراءاتها ولوسائل وطرق ترويجها وتعاطيها الجديدة!

أصبحت مدننا نهباً لتجارتها وانتشارها، ووقع البعض من شبابنا ضحيةً لأصحاب الضمائر الميتة، المتاجرين بها دون خوف من عقاب!

وافتتحت مراكز لعلاج المدمنين عليها هنا وهناك، ما دلل بجلاء على انتشارها واستفحالها!

إذا أردنا القضاء على هذه الآفة فعلينا أن نقطعها من الجذور، ونُحكم قبضتنا على حدودنا بقوة ومن جميع الجهات. كما علينا تشريع قوانين رادعة وتطبيقها على الجميع بلا استثناء ووساطات وما شابه ذلك. فلا مكان للمحسوبية والرشوة والفساد في محاربتها، وإلاّ لن نتمكن منها أبداً وسيضيع شبابنا وبالتالي يضيع الوطن .. وحينها لات ساعة مندم !

***************************************

قف.. متشائمٌ..  والعكس صحيح

عبد المنعم الأعسم

ثمة غبار، خانقٌ، يهب علينا، مسبوقٌ بسباق بين انتاج الوعود البراقة وانتاج الاكاذيب المُصنّعة حيث بدأ هذا السوق يشهد ازدحاما بالبضائع المغشوشة. اينما تذهب تجدها هناك، حتى لتحار في تسبيب هذه الهمة الاستثنائية لتجار الخردة قبل اوان المزاد وخارج ترخيص القوانين التي يقولون انهم يلتزمونها، وهذا، من جانبٍ، مُقلق على مصير البلاد، وقل من باب التشاؤم اذ لا احد من اصحاب لعبة الحكم يهمه ذلك المستقبل. انهم يعقدون اجتماعات، وولائم باذخة طوال الليل والنهار، ثم يطلون على جمهورهم مبتسمين، بافضل الثياب المنشّاة.  كلهم يتحدثون عن افضل الطرق لأحياء الماضي التليد، بل وأسوء ما في الماضي الذي اكتوينا به.

وهو، من جانب آخر، فرصة لكي نميز بين الغث والسمين. بين الصدق والكذب. بين الكلام الذي يفيض بالحرص والنزاهة، مثل رغيف التنور، والكلام الآخر الذي يفضح نفسه من اول كلمة، لكي نتحصن ضد النفاق ومشاريع الردة واصحابها، برغم ضياع الكثير من الوقت والدماء والاحلام الى جانب ضياع سمعة الملعب واللاعبين.

*قالوا:

"لقد تعلمتُ باكؤا، ان الحق لا يُعطى لمن يسكت عنه".

مالكولم اكس

****************************************

في {بيتنا الثقافي} ندوة حول  {القضية الايزيدية}

بغداد – طريق الشعب

احتضنت قاعة منتدى "بيتنا الثقافي" في بغداد، أخيرا، ندوة حوارية بعنوان "القضية الايزيدية بين الماضي والحاضر"، نظمها "فريق أكد" التطوعي بالتعاون مع اتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي.

تناولت الندوة ثلاثة محاور رئيسة تمثل جوهر القضية الايزيدية، وتشمل تاريخ الايزيديين والأحداث المأساوية التي تعرّضوا لها عام 2014، إضافة إلى واقعهم الراهن وما يواجهونه من تحديات.

وشهدت الندوة حضورًا واسعًا وتفاعلاً لافتًا من المشاركين، الذين أثروا الحوار بمداخلات وأسئلة، ما ساهم في توسيع دائرة الوعي حول هذه القضية الإنسانية المهمة.

وأكد منظمو الندوة، أهمية الاستمرار في مثل هذه الندوات، لتعزيز الفهم المجتمعي بشأن القضية الايزيدية، ودعم قيم التعايش بين جميع مكوّنات الشعب.

**************************************

إدراج {أسطوانة كورش} على لائحة اليونسكو

متابعة – طريق الشعب

أعلن ممثل العراق الدائم لدى اليونسكو، أسعد تركي سواري، عن نجاح العراق في إدراج ملف "أسطوانة كورش" الأثرية، على لائحة التراث العالمي.

وقال في بيان صحفي أول أمس الأحد، أن العراق نجح في اجتماعات المؤتمر العام لمنظمة اليونسكو، الدورة الـ43، بإدراج ملف "اسطوانة كورش".

واضاف قوله ان هذه الاسطوانة، وقد وجدت في مدينة بابل، تعد من أقدم الوثائق التاريخية لحقوق الإنسان، وانها مكتوبة باللغة السومرية، مشيرا إلى ان الدول الأعضاء لدى اليونسكو صوتت بالإجماع على قرار إدراج الملف المشترك.