الصفحة الأولى
الأهوار والسدود بحاجة إلى موجات إضافية لإنعاش المخزون.. أمطار العراق: نفع للأنهار والخزانات.. وخسائر بشرية ومادية
بغداد ـ طريق الشعب
شهد العراق خلال الأيام الأخيرة، موجة أمطار غزيرة، أدت إلى ارتفاع مناسيب المياه في عدد من الأنهار والسدود التي تقاسي الجفاف، لكنها في المقابل سجلت خسائر بشرية وأضرارا مادية في محافظات عدة. وفي الوقت الذي يرى فيه مسؤولو وزارة الموارد المائية أنها حققت فوائد مهمة للري والمخزون المائي، حذر خبراء وأكاديميون من استمرار غياب التخطيط والتمويل لمشاريع حصاد المياه، وعلى رأسها مشاريع سدود الحصاد التي لم تُنفذ رغم أهميتها، في مواجهة موجات السيول والجفاف.
تراجع الضغط على الآبار
من جهته، أكد ميثم علي، المدير العام للهيئة العامة للمياه الجوفية في وزارة الموارد المائية، أن الأمطار التي هطلت يوم أمس في مناطق كركوك والسليمانية دفعت بـ500 متر مكعب من المياه خلال ثلاث ساعات إلى نهر دجلة عبر الزاب الصغير، ما أثر بشكل مباشر على منسوب النهر.
وأوضح علي، أن تأثير الأمطار على المياه الجوفية قد لا يكون مباشراً، لكنه مفيد بشكل غير مباشر، إذ سيخفف الضغط على استخدام الآبار من قبل المزارعين لمدة تقارب شهراً كاملاً، نتيجة توفر مياه الري السطحية.
وأشار إلى أن الأمطار التي هطلت في المناطق القريبة من سد الموصل عززت المخزون المائي فيه، فيما تتجه مياه الأمطار في وسط البلاد نحو بحيرة الثرثار التي تمثل خزّاناً استراتيجياً للمياه.
سد الموصل ينتعش
من جانبه، قال حاتم طيب، مدير سد الموصل، إن السد شهد ارتفاعاً واضحاً في منسوب المياه نتيجة الأمطار الأخيرة، مؤكداً أن جزءاً من الأمطار التي تهطل سنوياً في دهوك وزاخو يصل إلى السد ويسهم في تعزيز مخزونه المائي.
بدوره، أكد غزوان السهلاني، معاون مدير عام الهيئة العامة لتشغيل مشاريع الري والبزل، أن موجة الأمطار وفرت متطلبات الري للمرحلة الأولى من الموسم الشتوي، ضمن الخطة الزراعية المقرة.
وأضاف أن الأمطار رفعت من مناسيب مياه الأهوار وساهمت في دفع اللسان الملحي جنوب البلاد، إلى جانب تقليل الضغط على المخزون الجوفي في المرحلة الأولى من ري الأراضي الزراعية.
الخزين ارتفع بنسبة 2% فقط
وبرغم هذه الفوائد التي تحدث عنها المعنيون، يشير مرصد "العراق الأخضر" البيئي إلى أن كميات الأمطار الأخيرة لم ترفع الخزين المائي في السدود والخزانات إلا بنسبة تتراوح بين 1 و2% فقط، ما يؤكد استمرار ضعف الموارد المائية مقارنة بحجم الحاجة.
وذكر المرصد، أن محافظة السليمانية تصدرت المحافظات بكمية الأمطار التي بلغت 86 ملم، بينما سجلت دوكان 52 ملم. وحلت محافظة ذي قار ثانياً بمعدل أمطار بلغ 11.5 ملم، فيما تصدرت منطقة الأعظمية في بغداد العاصمة بنسبة 11.4 ملم.
ونبه الى أن البلاد ما تزال بحاجة إلى موجات مطرية وسيول مشابهة لتلك التي شهدتها قبل يومين، بهدف إنعاش الأهوار التي تعاني من انخفاض حاد في مناسيب المياه، ورفع الخزين المائي في السدود التي وصلت إلى مستويات متدنية.
وطالب المرصد الجهات الرسمية باستثمار هذه الموجات المطرية بعمليات حصاد المياه وتعزيز التخزين في المناطق التي تعاني من نقص حاد، خصوصاً في محافظات الجنوب والوسط.
تعطيل مشاريع سدود الحصاد
وفي سياق متصل، انتقد الأكاديمي نجم عبد طارش استمرار تعطّل مشاريع السدود التي اقترحتها وزارة الموارد المائية قبل عامين، مبيناً أن غياب التمويل تسبب بخسارة البلاد ملايين الأمتار المكعبة من المياه.
وقال طارش إن الوزارة صممت 36 سداً للحصاد في مناطق غرب وشرق العراق، قرب الحدود مع إيران والسعودية، وهي مناطق مرتفعة تصب سيولها باتجاه الأراضي العراقية الأقل ارتفاعاً، وتتجه بكميات هائلة نحو محافظات واسط وميسان والمثنى والأنبار.
وأضاف أن هذه المشاريع لم تنفذ بسبب نقص التمويل، رغم أن كلفتها مجتمعة لا تتجاوز 500 مليون دولار، مضيفاً أن العراق "بحاجة إلى كل قطرة ماء" في ظل الظروف التي تضعه على حافة أزمة مائية خطيرة.
مقر طوارئ بين كركوك وصلاح الدين
وفي ظل الأضرار التي تسببت بها السيول، أعلنت خلية الإعلام الأمني أن القائد العام للقوات المسلحة، محمد شياع السوداني، وجه بفتح مقر متقدم لإدارة الأزمات بين محافظتي كركوك وصلاح الدين.
وتتضمن الإجراءات، تأمين طائرات من قيادة طيران الجيش لتنفيذ عمليات الإجلاء، وفتح الطرق وترميم الجسور المتضررة. إضافة الى تخصيص مبالغ طوارئ لدعم الإغاثة، خصوصاً في إقليم كردستان المتضرر من موجة السيول.
فيما أفاد مصدر محلي في قضاء طوز خورماتو بمحافظة صلاح الدين، أن السيول الجارفة التي شهدتها المنطقة خلال الساعات الماضية أدّت إلى خروج الجسر الرئيس الرابط بين طوز خورماتو ومحافظة كركوك عن الخدمة بشكل كامل، ما تسبب بشلل حركة المرور وإغلاق الطريق الحيوي الذي يربط القضاء بالمحافظة.
وقال المصدر، إن "موجة الأمطار الغزيرة تسببت بارتفاع منسوب المياه في وادي طوز، ما أدى إلى تضرر الهيكل الإنشائي للجسر وانهيار أجزاء منه، الأمر الذي دفع الجهات الأمنية والبلدية إلى إغلاق الطريق فوراً حفاظاً على سلامة المواطنين".
وأضاف أن "فرق الدفاع المدني والجهات الخدمية تواصل أعمالها منذ ساعات الفجر لتقييم حجم الأضرار، فيما تم تحويل مسار المركبات إلى طرق بديلة، رغم صعوبتها وبعدها، ما أدى إلى ازدحامات وتأخير في حركة التنقل بين طوز خورماتو وكركوك".
وأشار المصدر إلى أن "خروج الجسر عن الخدمة يهدد بانقطاع الإمدادات بين القضاء والمحافظة ويؤثر على حركة التجارة ونقل البضائع"، مؤكداً أن "السلطات المحلية خاطبت الجهات المعنية في المحافظة ووزارة الاعمار والاسكان للإسراع في إرسال فرق فنية متخصصة للبدء بأعمال الصيانة وإعادة فتح الطريق بأقرب وقت ممكن".
وأفادت مصادر محلية، يوم الثلاثاء، بأن السيول قطعت طريق بغداد - كركوك قرب منطقة طوزخورماتو ضمن محافظة صلاح الدين.
أفاد مصدر في مديرية طرق وجسور صلاح الدين، امس الأربعاء، بانهيار جزء من جسر الزركة – طوز خورماتو الدولي، الرابط بين تكريت والقضاء، نتيجة تضرر الركائز بفعل السيول، ما أدى إلى اعتماد مسار واحد فقط لضمان استمرار حركة المرور ومنع أي انهيارات إضافية.
حوادث مأساوية
والى جانب ذلك، شهدت محافظات عدة خلال الساعات الماضية حوادث مأساوية نتيجة السيول والأمطار، مخلفة خسائر بشرية ومادية كبيرة؛ ففي السليمانية، فقد اثنان من المواطنين حياتهما في قضاء جمجمال، وهما عمر سعيد أمين (72 عاماً) وبشارات شريف (22 عاماً)، فيما ما يزال البحث مستمراً عن طفلين مفقودين من المنطقة، هما كارزان عبد الله (11 عاماً) وجرا محمد (9 أعوام)، بعد أن جرفتهما السيول.
وفي كركوك، لقيت الطفلة بيار عيسى يوسف (7 سنوات) حتفها بعدما جرفتها مياه السيول في ناحية ليلان، فيما شهدت مناطق جنوب وشرق المحافظة فيضانات واسعة أدت إلى إغلاق الطرق الرئيسية وجرف عدد من السيارات، ما زاد من معاناة السكان.
أما في ذي قار، فقد توفي شخصان في قضاء الشطرة إثر انهيار منزل نتيجة الأمطار الغزيرة.
كما شهدت محافظة ديالى، أضراراً مختلفة جراء شدة السيول والأمطار التي ضربت المحافظة خلال الساعات الماضية، والتي تسببت بأضرار مادية متوسطة في طرق ناحية "قرة تبة"، حيث أخرجت طريقي "قرة تبة - سرحة وقرة تبة – كفري" عن الخدمة. كما أنها تسببت بغرق بعض الشوارع والمنازل في مناطق متفرقة.
كما تسببت مياه الصرف الصحي وطفح المجاري نتيجة شدة الأمطار بغرق أروقة مبنى السراي التراثي وسط مدينة بعقوبة من المدخل وصولا الى الممرات الداخلية في الطابق الأرضي وغرفة الحارس، الامر الذي اضطر نقابة الفنانين في المحافظة الى "تعليق" كافة الأنشطة بالوقت الراهن نتيجة غرق السراي، الذي يضم مقار ومكاتب عدد من النقابات والاتحادات الفنية والأدبية بينها مقر نقابة الفنانين.
منخفض جديد يقترب
إلى ذلك، أفادت الهيئة العامة للأنواء الجوية والرصد الزلزالي بأن البلاد ستتأثر ابتداءً من فجر الخميس بمنخفض جوي جديد قادم من بلاد الشام، مصحوب بجبهة باردة، ما يؤدي إلى عودة السحب بكثافة وهطول أمطار خفيفة إلى معتدلة في عدد من المحافظات.
وتشير التوقعات إلى استمرار المطر اليوم في السليمانية وأربيل وشرق دهوك وديالى وواسط وميسان، وأمطار خفيفة في شرق بغداد وصلاح الدين والبصرة وبابل والديوانية، واحتمالية غزارة في واسط والسليمانية وشرق ديالى.
أما يوم الجمعة، فسيتعمق تأثير المنخفض، لتشمل الأمطار أغلب مدن البلاد مع فرص للرعد، قبل أن تنحسر مساء الجمعة، فيما تستمر السبت على الشمال وشرق البلاد، مع انخفاض واضح في درجات الحرارة.
وحذّر التقرير من تشكل الضباب وتدني مدى الرؤية فجر الخميس والجمعة، مع توقع تجدد الضباب فجر السبت على نطاق أوسع.
******************************************
راصد الطريق.. بعيدا عن تكميم الأفواه!
لا يختلف اثنان في أن أهم مكسب تحقق للعراقيين بعد سقوط النظام الدكتاتوري في سنة 2003 هو هامش الحرية، الذي حاولت قوى السلطة كثيرا وفي أكثر من مجال قضمها وتقزيمها، تارة عبر استخدام قوانين النظام المقبور، وأخرى عبر السلاح والقمع بأشكاله المتنوعة.
وما يثير القلق اليوم، هو ما كشفته وثيقة صادرة عن مجلس القضاء الأعلى، تتضمن توجيهًا بتحريك دعاوى قضائية ضد كل من يقوم بـ "التحريض أو الترويج لإسقاط النظام السياسي أو المساس بشرعيته" عبر وسائل الإعلام أو المنصات الإلكترونية.
إن مثل هذا التوجيه يفتح الباب واسعًا أمام المزيد من إجراءات تكميم الأفواه، وقد يُستخدم في إطار ملاحقة كل من يطرح آراء لا تنسجم مع مواقف قوى السلطة، المسيطرة على مقاليد الحكم. وحتى إن لم تصدر أحكام قضائية، فإن إشغال المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين بسلسلة دعاوى قضائية-، قد يتحول إلى أداة ضغط سياسي يهدف إلى تضييق الخناق على المعارضين.
إن مجلس القضاء الأعلى مدعوٌّ اليوم إلى مراجعة هذا التوجيه، والى أن يكون هو لا غيره الضامن الحقيقي للدستور والقانون، بما يكفل عدم انحياز المؤسسة القضائية، وحماية استقلاليتها، وصون الحريات العامة.
***********************************************
الصفحة الثانية
أكثر من 13 ألف حالة عنف أسري أرقام حقوق الإنسان في العراق تكشف تحديات متعددة
بغداد ـ طريق الشعب
بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، كشف نائب رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان، المحامي حازم الرديني، عن مؤشرات أرقامية تعكس واقع الحقوق والحريات في العراق خلال عامي 2024–2025، مؤكداً أن التحديات ما زالت عميقة رغم الجهود المبذولة.
وأشار الرديني إلى أن ملف الأمن شهد انخفاضاً في العمليات الإرهابية بنسبة 38% مقارنة بالعام السابق، في حين ارتفعت حوادث العنف المجتمعي بنسبة 12%. وفي ملف النساء، سجل المركز أكثر من 13,200 حالة عنف أسري خلال عام 2024، بزيادة 8% عن العام 2023، مع استمرار انخفاض نسب التمكين الاقتصادي التي لم تتجاوز 15%. كما تم تسجيل نحو 9,000 حالة استغلال اقتصادي للأطفال، فيما بقيت نسب التسرب الدراسي عند حدود 11%. وعلى صعيد حرية الرأي والتعبير، جاء العراق في المرتبة الـ155 عالمياً في مؤشر حرية الصحافة لعام 2025، ما يعكس الحاجة لإعادة النظر في سياسات الحماية والضمانات التشريعية للإعلام. وفيما يخص البيئة، احتلت بغداد المرتبة الـ13 عالمياً بين المدن الأكثر تلوثاً، وسجلت المؤسسات الصحية أكثر من 19 ألف إصابة بالأمراض التنفسية خلال النصف الأول من عام 2024. وشدد الرديني على أن تعزيز الحقوق والحريات في العراق يتطلب إرادة سياسية حقيقية، وإصلاحات تشريعية واسعة، وتفعيل دور الجهات الرقابية، ومكافحة الإفلات من العقاب، داعيا إلى الإسراع بإقرار قانون مكافحة العنف الأسري، وتطوير استراتيجيات وطنية لحماية النساء والأطفال، ووضع خطط بيئية واضحة للحد من آثار التلوث.
******************************************
موظفو المطارات يهددون بـ"إضراب شامل" احتجاجات متواصلة في البصرة أهالي الشافي والقرنة يرفعون سقف مطالبهم
بغداد ـ طريق الشعب
شهدت محافظة البصرة، خلال الأيام الماضية، سلسلة احتجاجات متفرقة نظمها أهالي عدد من الأقضية والنواحي، للمطالبة بحلول عاجلة لأزمات المياه والملوحة والخدمات العامة، إضافة إلى تحسين البنى التحتية وتوفير المستلزمات التربوية والصحية، في مؤشرات تعكس استياء المواطنين من استمرار تقاعس السلطات المحلية عن معالجة المشاكل الأساسية.
أهالي الشافي يطالبون بحلول عاجلة
ونظم أهالي ناحية الشافي، التابعة لقضاء الدير شمال البصرة، وقفة احتجاجية واسعة للمطالبة بعدة مطالب أساسية، أبرزها إيجاد حلول سريعة لمشكلة ملوحة المياه وتلوثها، كما عبر عدد منهم عن استيائهم من تقاعس محافظ البصرة في معالجة هذه الأزمة وبقية الخدمات الأخرى.
وقال عدد من المحتجين، إنهم نظموا عدة وقفات سابقة للمطالبة بتنفيذ قرارات مجلس محافظة البصرة لعام 2024، والمتعلقة بتغيير إدارة الناحية واختيار شخصية جديدة لإنهاء عمل رؤساء الوحدات الإدارية الحاليين، وهو القرار الذي لم يُنفذ حتى الآن.
كما شملت مطالبهم تحسين الجانب التربوي، وفك الدوامات الثلاثية في مدارس الناحية، بالإضافة إلى توفير كوادر تربوية لسد النقص الحاصل في عدد من المدارس، مع تأكيدهم على أن تكون الأفضلية لأبناء الناحية والمناطق المجاورة.
إلى جانب المطالب التربوية، طالب الأهالي بتحسين الواقع الصحي، وتوفير مشاريع التبليط، وتطوير البنى التحتية، مشددين على أن أي شخصية خارجية لا تمثل الشافي لا يحق لها تبني مطالبهم، مؤكّدين أنهم لن يسمحوا لأي شخصيات بالتملق للسلطات الحكومية على حساب مصالح الناحية.
مطالب بدفع المستحقات وحل الإشكالات
في سياق متصل، نظم أهالي المناطق المشمولة بالمرحلة الثالثة لمشاريع البنى التحتية في قضاء المديْنة شمالي المحافظة، تظاهرة أمام مبنى القائمقامية، للمطالبة بحل المشاكل العالقة واستمرار تنفيذ الأعمال في جميع المناطق.
وأكد أحد ممثلي المتظاهرين على ضرورة قيام حكومة البصرة بدفع مستحقات الشركة المنفذة للمشروع، وإظهار الشعور بالمسؤولية لضمان استكمال أعمال البنى التحتية. وأضاف أن دفع المستحقات يأتي بعد رفع التجاوزات من المناطق بطريقة واضحة وحقيقية، ما يمكّن الشركة من استكمال مد الخطوط الناقلة للمجاري المطرية والثقيلة، ومن ثم البدء بأعمال التبليط والأرصفة في مختلف الأحياء.
أزمة المياه في القرنة
فيما واصل أهالي منطقة الشرش في قضاء القرنة شمالي البصرة أيضا، احتجاجاتهم لليلة الثالثة على التوالي، احتجاجًا على استمرار أزمة المياه المالحة التي بلغت حسب تصريحاتهم 13,000 TDS، فيما تنقل الجهات المختصة معلومات أقل بكثير، تصل إلى 3,000 TDS، في مؤشرات على عدم دقة البيانات الرسمية.
وأكد المحتجون أنهم سيواصلون الاحتجاج حتى يتم الاستجابة لمطالبهم، والمتمثلة في توفير مياه صالحة للاستخدام البشري بدلاً من المياه المالحة، مشيرين إلى أن الجهات المعنية لم تتخذ أي إجراءات حقيقية لمعالجة الأزمة رغم ارتفاع الملوحة وضررها الواضح على حياة المواطنين.
إعادة الدمج أو إضراب عام
وعقب احتجاجات واسعة شهدتها مطارات العراق، خلال الأيام الماضية نفذها منتسبو قطاع الطيران المدني، اعتراضاً على قرار رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني القاضي بفصل المطارات عن شركة الملاحة الجوية، توعد موظفو المطارات بتنفيذ اضراب جزئي، يوم الاحد المقبل، على ان يتبعه اضراب شامل، يوم الأربعاء، في حال استمرار تجاهل مطالبهم.
وعقب صدور قرار الفصل، لجأ عدد من الموظفين إلى توكيل شركات محاماة للطعن أمام المحكمة الإدارية، التي أصدرت حكماً بإلغاء قرار مجلس الوزراء وإعادة الوضع القانوني إلى ما كان عليه. وبرغم وضوح الحكم، ما يزال الملف في أروقة وزارة النقل بانتظار التنفيذ النهائي.
وتواجه الحكومة، بحسب مراقبين، وضعاً بالغ التعقيد؛ إذ إن تنفيذ قرار المحكمة يعني إسقاط جميع الإجراءات التي اتُخذت بعد قرار الفصل، بما في ذلك عقد الإحالة الذي أبرمته الحكومة بإحالة إدارة وتطوير المطارات للاستثمار، بواسطة مؤسسة التمويل الدولية IFC التابعة للبنك الدولي، وهو ما يضع السلطة التنفيذية بين التزامها بتنفيذ أحكام القضاء، وبين محاولة الحفاظ على القرارات السابقة.
وناشد موظفو قطاع الطيران المدني في وزارة النقل، الجهات المعنية، إنهاء "الفوضى القانونية" وحماية القطاع من محاولات تسليمه إلى جهات دولية، فيما يلوّح المحتجون باللجوء إلى إضراب شامل، قد يؤدي إلى توقف حركة المطارات في حال عدم الاستجابة لمطالبهم.
*************************************
وفد التيار الديمقراطي يزور الحزب الشيوعي العمالي العراقي
بغداد ـ طريق الشعب
زار وفد من التيار الديمقراطي العراقي الحزب الشيوعي العمالي العراقي لتعزيز العلاقات الثنائية وتوسيع مساحات العمل المشترك. وتناول اللقاء تطوير التعاون السياسي والتنظيمي، تبادل وجهات النظر حول نتائج الانتخابات الأخيرة، والتنسيق للتحضير للاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
كما بحث الطرفان الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد، ودور القوى الديمقراطية في دعم الحركات الاحتجاجية، بالإضافة إلى تعزيز حقوق النساء والدفاع عن مكتسباتهن المدنية والاجتماعية. واتفق الجانبان على مواصلة الحوار والتعاون بما يعزز حضور القوى الديمقراطية واليسارية في الحياة السياسية والعمل الجماهيري.
ضم الوفد الأستاذ أثير الدباس، المنسق العام للتيار، إلى جانب الدكتور علي مهدي والسيدة كريمة الساعدي من أعضاء المكتب التنفيذي، والسيد مجيد العزاوي عضو لجنة العلاقات. وكان في استقبالهم الأستاذ سمير عادل، الأمين العام للحزب الشيوعي العمالي العراقي، برفقة الدكتور ثائر سليم والأستاذ صبحي البدري من أعضاء المكتب السياسي، والسيد مرتضى أحمد عضو لجنة الإعلام.
*****************************************
مؤسسة الإيزيديين الدولية تدعو الحكومة لتأمين عودة آمنة للنازحين
بغداد ـ طريق الشعب
دعت مؤسسة الإيزيديين الدولية لمناهضة الإبادة الجماعية، الحكومة العراقية إلى توفير متطلبات عودة آمنة وكريمة للنازحين الإيزيديين إلى مناطقهم الأصلية في سنجار، بالتزامن مع اليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا الإبادة الجماعية.
وأكدت المؤسسة أن آثار الإبادة ما زالت مستمرة، مشيرة إلى أن آلاف النساء والأطفال ما زالوا مجهولي المصير، وأن المخيمات والقرى المدمرة تحوي آثار الجريمة في النفوس والواقع الاجتماعي. وشددت على أن تحرير المختطفين والمختطفات، وتعويض الضحايا وإعادة الإعمار، تمثل خطوات أساسية لتحقيق العدالة ومنع تكرار الجرائم.
ودعت المؤسسة إلى بذل أقصى الجهود لتأمين عودة النازحين الإيزديين بعد سنوات طويلة في مخيمات إقليم كردستان، مؤكدة أن العودة الآمنة تتطلب استقراراً أمنياً، وخدمات أساسية، ورفع الألغام، وإعادة بناء البنية التحتية، مع استعادة الثقة بين السكان.
كما شددت على أن منع الإبادة الجماعية يحتاج إلى ترسيخ ثقافة المساواة والمواطنة، ومواجهة خطاب الكراهية، ودعم المجتمعات الناجية، مع متابعة ملاحقة الجناة وفق القانون الدولي وتمكين الناجين بالتعاون مع الشركاء المحليين والدوليين.
*****************************************************
كل خميس.. إعلان وظيفة شاغرة: رئيس وزراء بصلاحيات مدير عام!
جاسم الحلفي
في مشهد سياسي تتآكل فيه قواعد الحكم، وتضيع فيه بوصلة السلطة، يظهر خلل خطير في أهم منصب في الدولة: منصب رئيس الوزراء، الذي يجري التعامل معه بطريقة تهدم معناه الدستوري من الأساس.
يُفتح باب الترشيح لرئاسة الوزراء، وكأن المنصب "وظيفة شاغرة" تُعلَن في لوحة إعلانات. وتُرفع سير ذاتية، وتُجرى مقابلات .. في ما لا يشكل خللاً إجرائياً، بل تفريغٌ منهجي لموقع رئيس الوزراء من معناه الدستوري.
نحن أمام عملية قضم بطيء لمفاصل الدولة، حيث تتراجع الأدوار الحقيقية وتتحول المناصب العليا إلى مواقع بلا معنى، في حين يُدار اتخاذ القرار خلف الستار. ولعل أكثر ما يكشف عمق الأزمة، الصراع داخل الإطار التنسيقي نفسه، حيث تدور المعركة بين اطرافه وليس ضد خصومه. صراع حول حجم الحصة من "الكعكة"، لا على برنامج حكم.
وليست خافية على أحد الغاية من تحويل منصب رئيس الوزراء إلى "مدير عام"، في مشهد يعيد التذكير بنماذج الأنظمة الدكتاتورية، حين كان الحاكم يحوّل رئيس الوزراء إلى واجهة بلا قرار. وهكذا يصبح المنصب محاطاً بقيود غير مكتوبة، وتابعاً لتوازنات القوى لا لصندوق الاقتراع.
هذا التشوّه في قمة السلطة التنفيذية انعكس على باقي مؤسسات الدولة. فموقع رئاسة الجمهورية تراجع هو الآخر إلى دور بروتوكولي محض: استقبال وفود، توديع سفراء، مع غياب شبه كامل للصلاحيات الدستورية التي رُكنت على الرف. فالموقع الذي صُمّم ليكون ضابط توازن، صار أقرب إلى "مدير مراسم"، جزءاً من الصورة لا من صناعة القرار.
أما مجلس النواب فقصته أوضح تعبيراً عن الانهيار المقنّع. فتقارير الرصد البرلماني تشير بوضوح إلى تلاشي دوره التشريعي واختفاء دوره الرقابي: لا استجوابات، لا مساءلة، ولا لجان فاعلة. تحوّل البرلمان من سلطة رقابية إلى قاعة تُدار من خارجها، تحت تأثير قوى لا تخضع لأي عملية انتخابية.
وإذا كان هذا هو حال الرئاسات الثلاث، فإن الصورة الأوسع تكشف ما هو أخطر: انسحاب الدولة أمام تقدّم الطغمة. فهذا المسار لا يمكن تفسيره إلا باعتباره إضعافاً متعمداً لسلطات الدولة، وترك العراق نهباً لبنية موازية تتحكم بمصيره خارج الدستور، لطغمة تلتهم الصلاحيات، وتعيد توزيع القوة بما ينسجم مع شبكاتها لا مع إرادة الناخبين. ومع هذا الانحراف تتوسع الممارسات القمعية: ملاحقة الناشطين، وتقديم الشكاوى ضد أصحاب الرأي، كوسائل ضغط وإكراه، في مسعى واضح لمصادرة حرية التعبير وتجفيف المجال العام.
لم تعد الأزمة في العراق في جوهرها أزمة حكومات تتعاقب أو انتخابات تتكرر، وانما هي أزمة نظام تُفرغه الطغمة من مضمونه يوماً بعد يوم، حتى باتت الدولة هي الشاغر الحقيقي، لا منصب رئيس الوزراء.
وما لم تُستعاد سلطة القانون، وتُعاد الهيبة للمؤسسات، سيظل العراق يُدار بمنطق الظلّ، فيما تبقى المواقع الدستورية مجرد ديكور لسلطة لا يراها الناس إلا حين تمارس قبضتها، ولا يشعرون بها إلا عندما تغيب الدولة.
******************************************
الصفحة الثالثة
مخالفات بيئية حكومية لا يمكن وقفها! مصدر لـ{طريق الشعب}: شركات استثمارية {تحتال} على القرارات
بغداد ـ بسام عبد الرزاق
في منتصف عام 2024، اجتمع الفريق المكلف بإنشاء المدن الجديدة في العراق، وخرج بتوصيات "مهمة"، في مقدمتها اعتماد منظومة التجميع الهوائي التلقائي للنفايات في المدن الجديدة والمجمعات السكنية واعتبارها من ضمن منظومة البنى التحتية، مع إلزام الشركات الاستثمارية بان تشمل إدارة النفايات خدمات "التجميع والنقل والفرز والمعالجة".
زائدة عن الحاجة!
بعد أكثر من عام على هذه التوصيات، يكشف مصدر مطلّع لـ"طريق الشعب" ان الشركات الاستثمارية لم تلتزم بهذه التوصيات، رغم أهميتها، واعتبرت إضافة منظومة التجميع الهوائي للمجمعات السكنية، نوعا من "الترفيه" الزائد عن الحاجة.
ويرى المصدر، ان عدم متابعة هذا الملف، وغياب الرقابة والمحاسبة، دفع بالمستثمرين إلى تجاهل قرارات مجلس الوزراء، وتوصيات الفريق، التي كان من شأنها تحسين الواقع البيئي، والاستفادة القصوى من النفايات ومعالجتها واستخدامها في التسميد العضوي للزراعة، أو إنتاج الطاقة "تحويلها إلى وقود"، ما يقلل التلوث ويوفر الموارد الطبيعية.
ودعا المصدر إلى تشكيل لجنة عليا لمتابعة تنفيذ هذا المعيار على المدن الجديدة والمطور العقاري والمشاريع السكنية العمودية والأفقية.
البرلمان لا يعرف أزمة المناخ!
من جانبه، يرى الخبير البيئي خالد سليمان، ان العراق يعاني من مشكلة بيئية كبيرة جدا تتمثل في عدم وجود استراتيجية بيئية واضحة.
وفي حديث لـ "طريق الشعب" اشار سليمان الى ان "قانون حماية وتحسين البيئة لعام 2008، من القوانين القديمة جدا، ولا يعالج الازمات البيئية الموجودة في العراق. ولليوم لم يتم تحديثه".
وذكر سليمان انه أعد دراسة معمقة للوضع البيئي، وقام بإجراء لقاءات واتصالات مع اربعة اعضاء في مجلس النواب، ومن دورات مختلفة، وبحث معهم الملفات المتعلقة باللازمة المناخية في العراق"، مبينا ان "النواب الاربعة، اكدوا انه خلال الدورات المتتالية لمجلس لم يتم تحديث او نقاش او تخصيص جلسة واحدة تتعلق المناخ، في وقت يحتاج فيه العراق، ليس الى قانون حماية وتحسين البيئة، وانما الى اصدار تشريعات جديدة".
إجراءات وقتية وتقارير "تلميعية"
وأكد ان "البلد يعاني من ازمة مناخية متمثلة بارتفاع درجات الحرارة وتواتر العواصف الغبارية، وتراجع سقوط الامطار، وبالإضافة الى هذه الاثار المناخية، هناك اثار اخرى تتمثل في التدهور البيئي جراء النشاطات الداخلية".
وبين سليمان ان "النشاطات الوطنية، ساهمت بالتدهور البيئي، بما في ذلك النقل والصناعة وتجريف البساتين لصالح التوسع العمراني، ناهيك عن ارتفاع النسبة السكانية في العراق".
وانتقد الخبير البيئي الاجراءات الحكومية، ووصفها بالوقتية واليومية، موضحا ان "الوزارات الحكومية تصدر تقارير "تلميعية" ان صح الاستخدام، بينما يتحدثون في المؤتمرات المتعلقة بالمناخ وتحديدا القمة المناخية عن ان العراق خطى خطوة كبيرة باتجاه التحسين المناخي، ولكن هذا الحديث غير دقيق، مشيرا الى انه "على مستوى الواقع، لم تخض جميع الوزارات بما فيها وزارة البيئة، محاولة واحدة للتحول نحو الطاقة المتجددة".
وثيقة بيئية اخلاقية
ونوه الى انه "على الحكومة ان تفرض على الشركات الخاصة وعلى القطاع الخاص اصدار تعليمات بيئية خاصة بها، كون هذه الشركات بما فيها الشركات النفطية تستخدم الموارد الطبيعية المتجددة وغير المتجددة"، متسائلا "كيف تعمل كل هذه الشركات في بلد يعاني من ازمة مناخية وليس لهذه الشركات لا قانون بيئي، ولا وثيقة بيئية اخلاقية؟".
ولفت الخبير الى انه "باستثناء مدينة السليمانية، لا توجد أي مدينة في العراق تعالج النفايات، حيث استطاعت السليمانية توفير الوقود لمعامل الاسمنت عن طريق معالجة النفايات، وهذا الأمر وفرّ على الدولة حرق الوقود في هذه المعامل".
الرقابة بحاجة إلى أدوات
من جانبه، قال المتحدث باسم وزارة البيئة، لؤي المختار، إن "هناك تحديات كبيرة تواجه عمل الوزارة في متابعة المخالفات البيئية على مستوى البلاد"، مؤكداً أن فرق الوزارة تعمل ضمن إمكانات مالية محدودة، لكنها تقوم بزيارات دورية وتفرض غرامات على الجهات غير الملتزمة بشروط حماية البيئة".
وأضاف المختار، أن "مديريات البيئة المنتشرة في جميع المحافظات تتابع ما يقرب من عشرة آلاف نشاط في بغداد وحدها"، مبيناً أن "هذه المديريات ترفع كتباً رسمية إلى الجهات الحكومية ومجلس الوزراء بشأن المخالفات التي لا تستجيب لإجراءات التصحيح".
وذكر المختار، أن "ضعف التخصيصات المالية يمثل أحد أكبر المعوقات، إذ لا توجد موازنة تغطي متطلبات الجولات التفتيشية، من وقود للسيارات إلى تكاليف الواجبات الميدانية"، لافتاً إلى أن "الوزارة تعتمد أحياناً على التمويل الذاتي لتغطية بعض الأنشطة الضرورية".
وعن إجراءات الغلق، بين المختار أن "القرار قد لا يكون قابلاً للتطبيق في بعض القطاعات الحساسة مثل محطات الصرف الصحي، لكنه يُنفذ في قطاعات أخرى"، كاشفا عن "غلق 18 معملاً للطابوق خلال الشهر الماضي بقرار من الوزير، لمدة ثلاثين يوماً قابلة للتجديد، إضافة إلى فرض غرامات حتى إزالة المخالفات".
وأنهى المختار حديثه بالقول: ان "ملاحقة المخالفات الحكومية قضائياً تواجه عقبات قانونية، إذ ترّد المحاكم الدعاوى لكونها تتعلق بجهات رسمية لا يشملها الحكم الجزائي، بينما يكون التعامل مع القطاع الخاص أكثر مرونة"، مشيرا الى أن "الحملة البيئية في بغداد باتت ضرورة ملحّة، خاصة مع تفاقم مستويات تلوث الهواء".
فريق بيئي
أعلن عضو فريق "شبكة المدافعين عن البيئة"، حيدر سعدي، عن انبثاق تشكيل جديد يُعنى بحماية البيئة والدفاع عن حقوق السكان المحليين في المناطق التي تضررت جراء التغيرات المناخية عبر منظومة عمل علمية ورصينة تعتمد الشفافية واحترام القوانين والتشريعات النافذة، مؤكداً أن الفريق بدأ بالفعل طرح قضايا بيئية "مهمة" تستند إلى معلومات دقيقة وموثّقة.
وقال سعدي، في تصريح صحفي، إنّ "فريق حماية المدافعين عن البيئة يضم خبراء وشخصيات حكومية ومختصين وناشطين في المجال البيئي، وقد بلغ عدد أعضائه حتى الآن 100 عضو موزعين على جميع أقضية ونواحي محافظة ذي قار، بما يمنح التشكيل قوة تأثير كبيرة على المستوى المحلي".
وأوضح، أن "عمل الفريق يسير بالتوازي مع الخطط الحكومية، من خلال نقل معاناة المواطنين البيئية، وطرح حلول واقعية والتوعية باستخدام التقنيات الحديثة في إدارة الموارد وحماية البيئة، إضافة إلى تعزيز الوعي المجتمعي تجاه المخاطر البيئية المتزايدة".
وأشار إلى أن "هذا التشكيل يسعى ليكون منصة تستقبل الشكاوى وتنتج مبادرات بيئية فاعلة، عبر عمل منظم ومتكامل يجمع بين الجهد الشعبي والدعم المؤسسي، بهدف خلق بيئة صحية وآمنة في عموم المحافظة".
***************************************
العراق في الصحافة الدولية
ترجمة وإعداد: طريق الشعب
مرة أخرى عن مهمة سافايا
في مقال عن العلاقات بين بغداد وواشنطن، ذكرموقع أمواج البريطاني بأنه وبعد أكثر من عقدين من الزمن، عيّنت الولايات المتحدة مبعوثًا خاصًا إلى بغداد، في خطوة تبدو متسقة مع أهمية العراق وما تتركه التطورات التي يعيشها من تأثيرات على المنطقة برمتها. ورغم أن مارك سافايا، رجل الأعمال العراقي المولد من ديترويت، هو أول مبعوث يفتقر إلى الخبرة الدبلوماسية السابقة بإدارة مشهد سياسي مُعقّد، فقد بدأ الرجل مهمته كما يبدو بنشاطٍ وظهورٍ بارز، خاصة بعد أن منحت نتائج الانتخابات البرلمانية وعملية تشكيل الحكومة عمله أهمية أكبر، وسلطت الضوء على مدى قدرته على التنسيق مع الكتل السياسية وأصحاب المصلحة الإقليميين لضمان انتقال سياسي مستقر.
لحظة حاسمة
ورأى كاتب المقال بإن الدور البارز الذي لعبه سافايا في تأمين إطلاق سراح الباحثة الإسرائيلية ـ الروسية إليزابيث تسوركوف بعد قرابة عامين من اعتقالها قد سُجّل لصالحه، لاسيما بعد أن فشل دبلوماسيون مخضرمون في ذلك. غير أن متحدثاً عراقياً، رفض الكشف عن اسمه للموقع، نسب إنجاز سافايا إلى علاقته الطائفية والعرقية مع فصيل مسلح متنفذ في البلاد، وهي التي سهّلت وصوله وتأثيره في المحادثات الحساسة لإطلاق سراح تسوركوف. ورأى الكاتب بأن هذا "الإنجاز" اعتُبر اختباراً غير رسمي لسافايا، مما مهد الطريق لتعيينه مبعوثًا خاصًا بعد ذلك بوقت قصير، رغم أن ما حققه لا يضمن له بالضرورة النجاح في مهمته الجديدة، التي تتطلب مهارة دبلوماسية واسعة وتنسيقًا استراتيجيًا بدلاً من مجرد نفوذ سري عبر قنوات خلفية.
تصريحات بلا حدود
وذكر المقال بأن أول بيان رسمي للمبعوث سافايا تضمن أجندة طموحة، تضمنت الحد من النفوذ الخارجي (والمقصود الإيراني)، ووضع جميع الأسلحة تحت سيطرة الحكومة الشرعية، وفتح الأسواق أمام الشركات العالمية. ورغم إن هذه "الطموحات" ليست بالجديدة، إذ سبق وطرحها السفراء والمبعوثون الأمريكيون المتعاقبون، فإن توقيتها يأتي مع تعمق مواقع حلفاء طهران في المشهد السياسي وقطاع الأمن والاقتصاد. كما أن هذه التصريحات تضمنت دعماً لرئيس الحكومة الحالية، والذي يطمح لتولي ولاية ثانية خاصة بعد فوزه بأعلى عدد من المقاعد في مجلس النواب، حيث بُرر فيها الدعم بما حققه الرجل من "انجازات خلال السنوات الثلاث الماضية في توجيه العراق نحو المسار الصحيح، سياسيًا واقتصاديًا"، وحيث أشار سافايا فيها صراحة إلى أن البلاد بدأت تستعيد مكانتها كدولة ذات سيادة خلال ما سبق من أيام، على حد تعبيره.
غير أن كاتب المقال استدرك بالقول إن رئيس الحكومة سارع عند تلقيه هذه الإشارة إلى تذكير سافايا بأن حصر السلاح بيد الدولة يستلزم خروج قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة من العراق، الأمر الذي قد يكشف التناقض الجوهري بين موقف رئيس حكومة تصريف الأعمال ومهمة سافايا، لاسيما مع الهجوم العنيف الذي تعرضت له مهمته من قبل حلفاء إيران، الذين هددوا بإعادته إلى أسياده إن لم يصمت، إضافة إلى اعتراضات أخرى من تيارات غير ممثلة في البرلمان كالتيار الصدري، الذي يتمتع بقاعدة شعبية واسعة، والذي فُهمت انتقاداته على نطاق واسع على أنها إشارة إلى رئيس الحكومة.
بين قطبين متصارعين
وأشار الكاتب إلى أن التناقض بين موقفي طهران وواشنطن من الوضع في العراق خطير جداً ويصعب على رئيس الحكومة التعامل معه، ففيما تطالب الأولى بانسحاب أمريكي كامل من العراق، ترى واشنطن في ذلك هزيمة استراتيجية تسمح لإيران بتوسيع نفوذها في المنطقة، في وقت تواجه فيه سياسة التوازن التي اتبعها رئيس الحكومة الحالية، ضغوط حلفائه الذين تربطهم علاقات وثيقة بطهران من جهة، ورفضاً إيرانياً معلناً للتعاون مع سافايا في تشكيل الحكومة الجديدة، لعدم خبرته ولعد اتساقه معها سياسياً من جهة أخرى، وهو موقف مختلف عن الماضي، حيث كان المسؤولون الإيرانيون والأمريكيون يحافظون بانتظام على تنسيق سري لتحقيق الاستقرار في العراق أو تشكيل حكومات توافقية. وخلص الكاتب إلى القول بأن تشكيل الحكومة العراقية المقبلة، لا يتوقف على مهارة سافايا الدبلوماسية فقط، بل وأيضًا على قدرة واشنطن في إعادة تأكيد نفوذها الفعّال في بغداد بعد سنوات من تراجع نفوذها.
واختتم الكاتب مقاله بالإشارة إلى أن العراق لايزال اليوم بعيدًا كل البعد عن أن يكون أولوية قصوى في السياسة الخارجية الأمريكية، إلا أنه يظل اختبارًا حاسمًا لمصداقية أمريكا في المنطقة.
******************************************
عين على الاحداث
خيرٌ من ألا تأتي!
بالتنسيق مع الجهات القضائية المحلية والدولية، تمكّنت هيئة النزاهة من استرداد 17 مليون دولار التي سبق ونهبها الفاسدون، وذلك إضافةً إلى فتح نافذة آمنة على منصة (goAML) لمتابعة جرائم تمويل الإرهاب وغسل الأموال ومتابعة حركتها المشبوهة خارج البلاد. كما شرعت الهيئة وبالتعاون مع جهاز المخابرات الوطني في فتح نافذة للاستعلام الفوري عن بيانات المطلوبين. ورغم تأخر الهيئة كثيراً في تطوير عملها، فقد أبدى الناس دعمهم لهذه الإجراءات، عسى أن تحد من الفساد الذي نهب ما بين 450 و1400 مليار دولار من الثروة الوطنية، ودفع بالعراق إلى مراتب مخجلة على مؤشرات الفساد العالمية.
الاعتراف سيد الأدلة
بعد أن تحولت مشاريع الجهد الخدمي المتلكئة في نينوى إلى عبء كبير على المواطنين، قرر مجلس المحافظة تشكيل لجنة تحقيقية للوقوف على أسباب التلكؤ ومحاسبة الجهات المقصرة، معترفاً بأن الجهد الخدمي في المحافظة لم ينفذ أي مشاريع جديدة خلال الفترة الماضية ومبرراً ذلك بتدني قدراته التشغيلية. هذا وتجدر الإشارة إلى أن صفقات الفساد المتحكمة بإحالة عقود العمل، تقف وراء قيام المقاولين والشركات المسؤولة بتنفيذ نسبة بسيطة من المشروع ثم اهمال الباقي، مستندين لحماية المتنفذين أو السلاح المنفلت، وغير عابئين بالمعاناة الكبيرة لسكان مناطق متعددة ليس في نينوى وحدها، بل في عموم البلاد.
لا تقول سمسم
أعلنت السلطات عن نيتها بناء 15 مدينة صناعية على طول طريق التنمية، متوقعة ضخ استثمارات كبيرة في تلك المدن نظرًا لمواقعها الاستراتيجية على طول الطريق، الذي سيشمل خط سكة حديد عالي السرعة لنقل حوالي 14 مليون مسافر سنوياً وثلاثة مطارات رئيسية. وفي الوقت الذي يعترض فيه الفساد والبيروقراطية والاعتماد على النفط بأسعاره المتذبذبة وهشاشة الاستقرار السياسي إنجاز هذا المشروع الكبير، لا يجد الناس لدى "أولي الأمر" استراتيجية واضحة للتنمية الصناعية، كتوفير مرافق خدمية ولوجستية (ماء وكهرباء وطرق ومواصلات وغيرها)، وسكنية متكاملة، وبيئة عمل تنافسية جاذبة للاستثمار الوطني والأجنبي، ورعاية مناسبة للشراكة بين القطاعين العام والخاص.
استحوا واسكتوا على الأقل
توفيت طالبة وأصيبت أربع أخريات بحالات اختناق بسبب تسرب غازات قاتلة في مبنى الأقسام الداخلية التابعة لجامعة الموصل، وتأخر وصول سيارات الإسعاف لأكثر من ساعتين. وقد رفض المعنيون تفسير الجامعة لما وقع باعتباره إهمالاً شخصياً، بسبب وجود شكاوى سابقة بشأن الصيانة، وضعف إجراءات السلامة، وقدَم منظومات التدفئة، ونقص معدات الطوارئ. هذا وتجدر الإشارة إلى وقوع حوادث مشابهة سابقاً، كوفاة 14 شخصاً وإصابة 18 آخرين في حريق جامعة سوران، وفاة طالبة في جامعة الأنبار، ووقوع حريق في سكن طالبات جامعة بغداد وسكن مماثل لجامعة أهلية في واسط، دون أن يتحرك "أولو الأمر" لمعالجة المشكلة.
كون تغركَون بالزبَل
كشفت دائرة الإحصاءات البيئية أن ثلث العراقيين لا يحصلون على خدمات التخلص من النفايات، فيما لا تتوفر في 95 في المائة من مواقع التجميع المؤقت الاشتراطات البيئية اللازمة. ويبدو أن تقصير الحكومة في تقديم هذه الخدمة "طبيعي" في سياق غياب الخدمات الأساسية الأخرى أو تدني مستوى المتوفر منها، حيث يعاني 40 في المائة من المواطنين من نقص حاد في المياه الصالحة للشرب، و37 في المائة منهم من غياب الصرف الصحي، وغالبيتهم من عدم التجهيز الكافي بالكهرباء. كما يعيش حوالي 7 ملايين شخص في العشوائيات، ويقاسي 30 في المائة منهم من الفقر الشديد.
*********************************************
الصفحة الرابعة
العراق يحتاج 81.6 دولاراً للبرميل لتحقيق التوازن المالي تحذيرات من أزمة مالية مرتقبة وموازنة 2026 مهددة بعجز كبير
بغداد - محمد التميمي
رغم وعود الحكومية برفع حجم الإيرادات غير النفطية وتنويع الاقتصاد، لا تزال النتائج على أرض الواقع محدودة، والإيرادات غير النفطية لم تحقق سوى نسبة ضئيلة من إجمالي الموارد، فيما يظل النفط المصدر الرئيسي للموازنة العامة.
واقتصرت محاولات التنويع على بعض القطاعات المحدودة مثل الزراعة والصناعة الخفيفة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، من دون ايجاد خطة شاملة تشمل الصناعة الثقيلة، الخدمات، السياحة، والبنية التحتية الرقمية، ما جعل الاقتصاد العراقي هشاً ومعرضاً لصدمات مالية عند أي هبوط في أسعار النفط أو حدوث أزمات خارجية.
محاولات محدودة لتنويع الايراد
في هذا السياق، قال أستاذ الاقتصاد الدولي نوار السعدي إن الحكومة لم تُحقق تقدماً فعلياً في رفع حجم الإيرادات غير النفطية أو تنويع الاقتصاد خلال السنوات الأربع الماضية، رغم الوعود المعلنة وخطط الإصلاح التي طُرحت في أكثر من مناسبة.
وأضاف السعدي في حديث لـ"طريق الشعب"، أن الإيرادات غير النفطية ما تزال تشكل ما بين 8 في المائة - 12 في المائة فقط من إجمالي إيرادات الدولة، وهي نسبة منخفضة جداً، قياساً بالحاجة الماسة إلى تقليل الاعتماد على النفط الذي يعرّض الموازنة لتقلبات أسعار السوق العالمية.
وبيّن أن "الإجراءات الحكومية مثل الإصلاحات الضريبية المحدودة وتفعيل الجباية الكمركية لم ترتقِ إلى مستوى استراتيجية اقتصادية متكاملة قادرة على توليد موارد مستدامة".
وتابع أن "محاولات تنويع الاقتصاد اتجهت نحو قطاعات محدودة كالتكنولوجيا والطاقة البديلة والزراعة، لكن من دون وجود خطة شاملة تشمل الصناعة والخدمات والسياحة والبنية التحتية الرقمية، ما يجعل الاقتصاد العراقي، هشاً ومعتمداً بصورة شبه كاملة على صادرات النفط، ومعرضاً لصدمات مالية متكررة عند أي هبوط في الأسعار أو اضطرابات خارجية".
وأشار السعدي إلى أن "ما تحقق من زيادة طفيفة في الإيرادات غير النفطية جاء نتيجة ظروف سوقية ظرفية، وليس نتيجة إصلاحات هيكلية مستدامة"، مؤكداً أن "الحكومة المقبلة مطالبة باتخاذ خطوات عاجلة وجذرية، تشمل توسيع القاعدة الضريبية، دعم الصناعة المحلية، وتعزيز مصادر الدخل البديلة لضمان استقرار مالي طويل الأمد".
مبادرات غير مجدية
من جهته، اكد الباحث في الشأن الاقتصادي أحمد عبد ربه إن الحكومة العراقية حققت خلال السنوات الأخيرة بعض الخطوات الإيجابية نحو زيادة الإيرادات غير النفطية وتنويع الاقتصاد، لكنه أشار إلى أن هذه الجهود ما تزال محدودة ولم تُحدث تغييراً جوهرياً في هيكل الاقتصاد الوطني.
وقال عبد ربه في حديث لـ "طريق الشعب"، أن "الإيرادات غير النفطية ارتفعت إلى نحو 12 في المائة من إجمالي إيرادات الدولة في 2024، مقارنة بـ7 في المائة في 2023"، معتبراً "هذا التحسن مؤشراً جيداً نسبياً".
وأضاف ان "لاقتصاد الوطني يظل ضعيفاً طالما يواصل الاعتماد شبه الكلي على النفط، الذي يشكل حوالي 90 في المائة من عوائد الدولة، ويجعل الموازنة معرضة لتقلبات أسعار السوق العالمية".
وأشار إلى أن "الحكومة تبنت خلال الفترة الماضية عددا من المبادرات في قطاعات الزراعة، الصناعة الخفيفة، والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، لكنها لم تؤدِ بعد إلى نتائج ملموسة على الاقتصاد الكلي، نتيجة المعوقات البيروقراطية وضعف البنية التحتية، إضافة إلى غياب بيئة تشريعية وتشغيلية محفزة للاستثمار".
وزاد بالقول إن "أي تحسن طفيف في الإيرادات غير النفطية كان مرتبطاً إلى حد كبير بالظروف السوقية المؤقتة، وليس بالإصلاحات الهيكلية المستدامة".
وشدد على أن "الاقتصاد لا يزال هشاً، ويعتمد اعتماداً شبه كامل على النفط، ما يعرّض الدولة لصدمات مالية عند أي انخفاض في الأسعار أو حدوث أي أزمة خارجية".
وخلص الى القول إن "استمرار الإصلاحات الاقتصادية وتهيئة بيئة استثمارية مستقرة وتوسيع قاعدة الإيرادات غير النفطية تمثل عوامل حاسمة في تحقيق استقرار مالي طويل الأمد، وتقليل الاعتماد على النفط، وضمان قدرة الدولة على مواجهة التحديات الاقتصادية المستقبلية".
أزمة مالية مرتقبة في الـ 2026
وتوقع الخبير الاقتصادي العراقي أحمد صدام، أن يواجه العراق أزمة مالية صعبة خلال العام المقبل 2026، مرجعاً ذلك إلى الاعتماد الكبير على الإيرادات النفطية التي تشير التقارير الدولية إلى احتمال انخفاض أسعاره إلى ما بين 55 و62 دولاراً للبرميل الواحد.
وقال صدام في تعليق صحفي، أنه "لا توجد حلول سريعة أو قصيرة المدى لهذه الأزمة، إلا أن الحكومة تستطيع اتخاذ إجراءات تخفف من حدتها، أبرزها تخفيض النفقات غير الضرورية، خصوصاً ما يتعلق بـ(الرئاسات الثلاث) التي تصل رواتبها إلى نحو 6 تريليونات دينار، إضافة إلى 5–6 تريليونات دينار نفقات تشغيلية أخرى".
وراهن على "إمكانية تعزيز الإيرادات عبر تحسين التحصيل الضريبي والجمركي والحد من الهدر المالي، بما قد يسهم في تقليص جزء من العجز"، مشيرا الى أن "موازنة 2026 إذا ما جاءت مماثلة لموازنة 2024 البالغة نحو 210 تريليونات دينار، فقد تسجل عجزاً يتراوح بين 70 و80 تريليون دينار".
وحذر من أن "هذا الأمر سيجبر الحكومة على التركيز على النفقات الحاكمة مثل الرواتب والرعاية الاجتماعية والنفقات التشغيلية الضرورية، على حساب الإنفاق الاستثماري الذي من المتوقع أن ينخفض بشكل كبير".
ونوّه إلى أنه "في حال لجوء الحكومة إلى سياسة تقشفية وتقليل تخصيصات المحافظات ونفقات الرئاسات الثلاث، فقد يبقى العجز ضمن حدود 65 تريليون دينار ولن يصل إلى 80 تريليون دينار، إلا أنه سيبقى كبيراً بكل الأحوال".
وكان الخبير الاقتصادي منار العبيدي حذر في 15 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025 من أن العراق يواجه عجزاً مالياً حاداً قد يتجاوز 15 تريليون دينار نهاية 2025، نتيجة ارتفاع النفقات العامة مقابل محدودية الإيرادات غير النفطية واعتماد الميزانية على النفط فقط.
من جانبه أكد مرصد "إيكو عراق" في 6 أيلول 2025 أن العراق سجل عجزاً مالياً كبيراً تجاوز 7.5 تريليونات دينار خلال النصف الأول من 2025، نتيجة ارتفاع النفقات الفعلية مقابل محدودية الإيرادات، مع اعتماد شبه كامل على النفط.
وأشار عضو المرصد علي ناجي في بيان صحفي إلى أن السعر الحالي للنفط (68 دولاراً للبرميل) لا يكفي لتحقيق التوازن المالي، حيث يحتاج إلى 81.6 دولاراً، ما يعكس محدودية خيارات الحكومة لسد العجز المهدد بالتفاقم مستقبلاً.
وشدد مرصد "إيكو عراق" على ضرورة خفض النفقات التشغيلية غير المرتبطة بالرواتب والأجور وتنويع مصادر الإيرادات، في ظل ارتفاع الإنفاق العام خاصة على الأجور والمعاشات.
***********************************************
مفارقة تربك المنهج الدراسي: الكتب المنهجية غائبة عن الصفوف حاضرة عند الباعة
بغداد ـ تبارك عبد المجيد
مع كلّ عام دراسي، يتكرر المشهد ذاته: صفوف بلا كتب، دروس تتأخر، وطلبة يحاولون متابعة منهج لم يصل بعد. وبرغم التصريحات الرسمية التي تتحدث عن طباعة وتوزيع قريب، تبقى الكتب متوفرة في الأسواق أكثر مما هي في المدارس ومخازن الوزارة، ما يثير تساؤلات واسعة حول مصير الميزانيات المخصصة للمناهج.
وكان المتحدث باسم وزارة التربية، كريم السيد، قال في وقت سابق إن "الوزارة أتمت رفع المنهاج الجديد للغة الإنكليزية لمرحلة السادس الابتدائي على منصة المديرية العامة للمناهج الدراسية، لضمان إتاحة جميع وحدات الكتاب للطلبة والمعلمين بشكلٍ كاملٍ، لحين إتمام توزيع النسخ الورقية".
وأضاف السيد، أنّ أسباب عدم توفر الكتب في بعض المدارس، مرتبطة بـ"مشكلات فنية" في الطبع والتأليف، مؤكداً أن "الفرق المختصة في الوزارة، تُواصل عملها من أجل تأمين وصول النسخ المطبوعة المعتمدة لهذا العام الدراسي، في أقرب وقت إلى مدارس بغداد والمحافظات كافة".
وبعد قرابة شهر، تعمل المدارس على تأدية امتحانات نصف السنة للعام الدراسي 2025 ـ 2026، بينما لم يتلق كثير من طلبة المرحلتين المتوسطة والإعدادية كتبا منهجية تخص المواد العلمية وغيرها، بخاصة طلبة الدور الثالث.
توجه نحو الملازم والكتب الإلكترونية
من جهتها، عبرت الأستاذة هناء جبار عن قلقها من تراجع الاهتمام بالكتاب المدرسي وتنامي اعتماد المدارس الأهلية منها والحكومية على الملزمات المختصرة، معتبرة أن هذا التحوّل يشكّل مساسًا بحق أساسي من حقوق الطالب.
وتؤكد جبار لـ "طريق الشعب"، أن الكتاب المدرسي هو الركن الأهم في العملية التعليمية، وأن التخلي عنه أو استبداله بملزَمات مقتضبة تعد "تجاوزا على حق طبيعي للطالب".
وتشير إلى أن المشكلة بدأت تدريجياً مع نقص الكتب الذي تعاني منه المدارس. هذا النقص ـ كما تقول ـ دفع بعض المعلمين والمؤسسات التعليمية إلى تبني الملزمات كحل بديل، لكنها ترى في هذا الاتجاه خطورة تربوية، لأن الكتاب يحتوي على معلومات موسعة وإخراج علمي وفني مدروس، بينما تكتفي الملزَمات بتقديم "ما يكفي للامتحان فقط"، وهو ما يحدّ من القيمة التعليمية الحقيقية للمنهج.
وتضيف أن هذه الظاهرة لا تؤثر على المستوى العلمي فحسب، بل تفرض أيضاً عبئا ماديا على أولياء الأمور والطلبة الذين يضطرون لشراء ملزَمات متعددة بدل حصولهم على كتب منهجية متكاملة.
أما بشأن فكرة الكتب الإلكترونية، فترى جبار أنها خطوة غير محبذة في الوقت الراهن، لأن اعتماد الطالب على الهاتف أو الأجهزة الذكية بحجة الدراسة الإلكترونية قد يزيد انشغاله بمواقع التواصل، بينما تسعى الأسرة والمدرسة إلى تقليل هذا الانشغال لا تعزيزه. وتشدّد على أن التحول إلى الصيغة الإلكترونية يجب أن يكون للضرورات القصوى فقط، وليس بديلاً عن الكتاب الورقي طالما أن الدولة قادرة على توفيره.
وتختتم هناء حديثها بالتساؤل عن مصير الميزانيات المخصصة للكتب والمناهج، مؤكدة أن توفير الكتاب المدرسي هو أبسط حقوق الطالب. كما تدعو إلى تطوير المناهج بما يلائم حاجات المجتمع ومتغيراته، بدل اتخاذ قرارات تعيد التعليم "خطوات إلى الوراء" بدل المضي به نحو الحداثة والجودة.
مبادرات تطوعية لتعويض النقص
بدورها، تؤكد نور عادل، ناشطة في مجال التعليم، أن المشكلة لا تكمن في الميزانيات التي تخصص سنوياً للمنهاج الدراسي، بل في غياب الإدارة الفعّالة التي تضمن تحويل هذه الأموال إلى خدمات تعليمية حقيقية.
وتقول عادل لـ"طريق الشعب"، أن ما يصرف على تحديث المناهج، الطباعة، التجهيزات، وبقية المستلزمات يفترض أن يكفي لتغطية احتياجات المدارس: "لكننا في كل عام نواجه المشكلة نفسها: نقص في الكتب، تأخر في التوزيع، ونقص في المستلزمات الأساسية داخل الصفوف".
وتشير إلى أن تكرار هذا النقص يعكس خللاً عميقاً في التخطيط والمتابعة والرقابة، فالمعتمد على الورق لا يصل دائماً إلى الطالب، والموازنات لا تتحول إلى نتائج ملموسة داخل المدارس.
وتضيف أن غياب قواعد بيانات دقيقة بأعداد الطلبة، وضعف إجراءات التعاقد والطباعة والتجهيز، كلها عوامل تُعيد إنتاج الفوضى نفسها عند كل موسم دراسي.
وتلفت إلى أن هذا الواقع دفع المجتمع للتحرك ذاتياً، إذ ظهرت مبادرات تطوعية وتعليمية لتعويض النقص من خلال تبادل الكتب، وتجميع المستعمل الجيد، وإعادة توزيعه لطلاب المراحل المنتهية. وتعتبر أن هذه المبادرات تُظهر وعياً مجتمعياً كبيراً، لكنها "لا يجب أن تكون بديلاً عن مسؤوليات الدولة".
وتختتم بالقول: ان "الميزانيات تُعلن كل عام، لكن أثرها على مستوى الخدمات ما يزال محدوداً. نحن بحاجة إلى إدارة تعليمية أكثر فاعلية وشفافية تضمن أن تصل كل مادة تعليمية إلى الطالب في وقتها وبجودة تليق بحقه في التعليم".
عرقلة التعليم
أما حنين عبدالجبار، مدرسة مادة الأحياء في احدى مدارس بغداد، فتشير الى أن نقص الكتب الدراسية أصبح واحداً من أبرز الأسباب التي تعرقل سير المنهج منذ الأسابيع الأولى، إذ يُجبر المعلم على إبطاء الخطة أو إعادة الشرح مراراً لأن بعض الطلبة لا يملكون كتاباً يتابعون الدراسة معه.
وتضيف ان هناك طلبة لا تسمح ظروفهم المادية بشراء كتب جديدة من السوق، وهذا ما يخلق فجوة داخل الصف بين من يمتلك كتاباً ومن لا يمتلك".
وتعبر حنين عن استغرابها من المفارقة الواضحة بقولها: ان المكاتب وأسواق المتنبي مليئة بالكتب وبطبعات جديدة، لكن المدرسة الحكومية تفتقر لها! كيف تصل الكتب للسوق قبل ان تصل الى الطالب؟ كيف تتوفر للبيع بينما المديريات تعاني نقصاً فيها؟
وتؤكد أن هذا الوضع لا يربك الطالب فقط، بل يعطل سير المنهج بالكامل، لأن المعلم يُجبر على تعديل الجداول والواجبات وتقليل العمليات التطبيقية بسبب غياب المادة الأساسية التي يقوم عليها الدرس.
وتتحدث أيضاً عن الحل البديل الذي تقدمه الوزارة، وهو الاعتماد على المناهج الإلكترونية، لكنها تقول إن هذا الخيار غير عملي مع أغلب الطلبة: "أغلب طلابنا ليس لديهم أجهزة مناسبة أو إنترنت مستقر. وحتى لو توفرت، فالقراءة عبر الجهاز اللوحي لا يساعدهم على الاستيعاب، خصوصاً مع المواد التي تحتاج لتركيز عال مثل الأحياء أو الرياضيات".
وترى حنين أن المناهج الإلكترونية لم تُهيئ بالشكل المناسب لجيل اعتاد على القراءة الورقية، ولم تُرافقها تدريبات أو تجهيزات داخل المدارس تعوّض غياب النسخ المطبوعة.
********************************************
الصفحة الخامسة
ماذا عن جودة الخدمات؟! ثلث العراقيين غير مشمول بخدمة النظافة!
متابعة – طريق الشعب
تُفيد إحصائية رسمية جديدة بأن نحو ثلث سكان العراق لم يُخدم بجمع النفايات ونقلها، خلال عام 2024. وهي نسبة ليست جديدة في بلد تتراكم فيه الأزمات الخدمية. غير أن السؤال الذي لم تتناوله الاحصائية، والذي يطرحه مراقبون للواقع الخدمي هو: هل تتمتع المناطق المشمولة بخدمات التنظيف، فعلاً بخدمة جيدة؟!
وبحسب الإحصائية الصادرة عن دائرة الإحصاءات البيئية، فإن نسبة المشمولين بجمع النفايات بلغت 69 في المائة من سكان العراق (باستثناء إقليم كردستان). وفيما وصلت نسبة خدمة سكان الحضر في كركوك وذي قار إلى 100 في المائة، سجلت صلاح الدين أدنى مستوى خدمة بواقع 66.1 في المائة.
وفي الوقت ذاته، تكشف الاحصائية عن أبعاد أخرى لواقع قطاع التنظيف. إذ تشير إلى ان غالبية مواقع التجميع المؤقت غير حاصلة على الموافقة البيئية، مضيفة أن هناك 86 محطة تحويلية غير نظامية، 3 منها فقط تمتلك موافقات رسمية.
وتنوّه الإحصائية إلى انه في عموم البلاد لا يوجد سوى 4 معامل فرز وتدوير، 2 منها قيد الإنشاء، 2 معطّلان تقريباً، أحدها يقع في أطراف بغداد ويعمل بطاقة لا تتجاوز أقل من طن يومياً، وهو رقم لا يكاد يُذكر مقارنةً بآلاف الأطنان من النفايات التي تنتجها العاصمة.
خدمات بلا جودة
ورغم إعلان الكثير من البلديات أن مناطقها مخدومة بخدمات التنظيف، إلا أن الواقع على الأرض يقدّم صورة مغايرة، وفقا للمواطن سعد النوري من شرق بغداد.
إذ يقول أن "الكابسة تمرّ كل يومين أو ثلاثة، ومرات تغيب أسبوعا كاملا. النفايات تبقى عند أبواب البيوت، وتتحوّل إلى مصدر للضرر البيئي والصحي"، متسائلا: "هل هذه تُسمّى خدمة؟!".
أما في البصرة، فيقول المواطن علي رسن، من سكان قضاء أبي الخصيب: "نحن مشمولون بخدمات التنظيف على الورق فقط. البلدية تجمع النفايات من الشوارع الرئيسة، بينما تتُرك النفايات المتراكمة في الأزقة للرياح والقطط والكلاب السائبة"، مضيفا في حديث صحفي قوله أن "المشكلة ليست في رفع النفايات فقط، إنما تمتد إلى المطامر المؤقتة. إذ تقوم البلديات بتفريغ النفايات في ساحات ليست بعيدة عن المناطق المأهولة بالسكان، ليأتي بعد ذلك النبّاشون ويحرقونها للحصول على المعادن. ما يعني اننا إذا تخلصنا من النفايات في شوارعنا، تعود إلينا مجددا لكن بهيئة دخان"!
وفي السياق، يذكر محمد جلال، من بغداد، أن "المشكلة ليست في عدد المناطق المخدومة بقدر ما في جودة الخدمة المقدمة".
ويبيّن في حديث صحفي أن "هناك مناطق مُصنفة بأنها مشمولة بخدمات النظافة، سكانها يعانون تراكم النفايات في أزقتهم فترات طويلة"، مضيفا قوله أن "بعض فرق التنظيف لا ترفع النفايات دون أن يمنحها صاحب المنزل مبلغا من المال، وبخلاف ذلك ستبقى الأزبال متراكمة أمام باب بيته فترات طويلة"!
ويرى جلال أن قطاع التنظيف لا يجب أن يشمل فقط رفع النفايات، إنما إدارتها "فليس من المعقول أن تُنقل النفايات إلى مطامر عشوائية، وبالتالي تتضاعف أضرارها عند حرقها. إذ أن المسار الصحيح، هو إنشاء معامل لمعالجة النفايات وتدويرها، وهذا للأسف ما نفتقر له".
مكبات عشوائية
تتداول وكالات أنباء أرقاما تقول انها صادرة عن وزارة البيئة، تفيد بوجود 200 مكب نفايات عشوائي في البلاد، غالبا ما تقع داخل المدن أو حولها.
وإضافة إلى المكبات العشوائية، تنتشر في أحياء سكنية ساحات مهملة كثيرا ما تتحوّل إلى مكبات نفايات، بسبب ترهل خدمات التنظيف – حسب المراقب البيئي ليث حسن، الذي يوضح في حديث صحفي أن هناك ساحات مليئة بالأزبال، تقع بالقرب من المنازل والمدارس، والأسواق أيضا.
ويضيف قائلا أن الأمر لا يقتصر على الأحياء السكنية، فهناك مناطق زراعية تضم أيضا مساحات خصصها السكان لرمي النفايات، بسبب ضعف الخدمة، مشيرا إلى أن "الأزبال انسحبت نحو مصادر المياه، وهذا ما نشاهده باستمرار على أكتاف الأنهار وفي الجداول الصغيرة داخل المدن".
ويتحدث حسن عن مساهمة النفايات في أزمة تلوث الهواء، بسبب ما يصدر عنها من انبعاثات غازية سامة، وأدخنة مسرطنة عند حرقها. كما يتحدث عن أضرار النفايات على التربة والمياه الجوفية.
ويلفت إلى أنه "رغم خطورة الظاهرة، إلا أن تنظيمها لا يزال ضعيفاً، وفرق الرقابة البيئية تبدو محدودة الصلاحيات. إذ تكتفي بالتشخيص والتحذير، لكنها غالبا لا تتخذ إجراءات رادعة تجاه المخالفات البيئية".
الوعي المجتمعي جزء من المشكلة أم نتيجة لها؟
في المقابل، يرى مراقبون أن جزءاً من فوضى النفايات يعود إلى غياب الوعي البيئي لدى كثيرين من المواطنين.
وفي هذا الصدد يقول الناشط البيئي أحمد يعقوب، من نينوى، أن "هناك من يتكاسل عن إيداع نفاياته في الحاويات، فيرميها على الرصيف أو في ساحة قريبة من منزله، وهناك من نشاهده يرمي النفايات من نافذة سيارته".
وينّوه إلى ان "هذه المشكلة لا يمكن أن يُلام عليها المواطن وحده. فالوعي البيئي يشترط وجود نظام يُحدد المخالفات ويُعاقب عليها"، مضيفا القول أن المشكلة الأخرى تكمن في قلة أعداد حاويات جمع القمامة، أو تأخر البلدية عن إفراغها، ما يضطر المواطن إلى رمي نفاياته على الأرض.
وبناء على أرقام دائرة الإحصاءات البيئية، يبدو أن مشكلة النفايات ليست مجرد نقص في شمول الخدمة، إنما تشمل التخطيط والتدوير والإدارة الحديثة. فحتى المناطق الموصوفة بأنها مخدومة، تشهد اضطرابا واضحا في انتظام جمع النفايات وجودة النقل وسلامة مواقع الطمر. فيما تبرز المشكلة الأكبر في غياب معامل التدوير.
وبين أرقام رسمية وواقع يومي خانق، يبقى المواطن محاصراً بين أزقة تتكدس فيها النفايات، وأدخنة قادمة من مواقع طمر عشوائية!
********************************************
اگول.. نغرقُ في الأكاذيبِ!
علي يحيى السبّار
ما أجملَ المطرَ وما أنحسَ حظّنا.. تمطرُ في بلادِنا غيماتٌ متفرقاتٌ، يوماً أو يومين، فتتحوّلُ مواقعٌ التواصلِ إلى معرضٍ للصورِ والفيديوهاتِ الغرائبيةِ، لا بل المألوفة: أزقّةٌ تغرقُ، بيوتٌ يغزوها الماءُ من الأبوابِ والنوافذِ أيضاً، شوارعُ رئيسةٌ تُقفلُ وكأنها أنهت دوامَها الرسميَ. مشاهدُ لا تُثيرُ الدهشةَ بقدرِ ما تُحيي السؤالَ المتكررَ: هل نحن أمامَ أمطارٍ أم أمامَ دولةٍ ورقيةٍ تتفككُ بالبللِ؟!
كالعادةٍ، تطلُّ علينا بياناتُ الاستنفارِ: استعداداتٌ مبكرةٌ، خططُ طوارئ، تنسيقٌ مشتركٌ، جهوزيةٌ كاملةٌ... شعاراتٌ محفوظةٌ، كأنها نسخٌ ولصقٌ من مواسمَ الشتاءِ الماضيةِ، لا يتغيّرُ فيها إلا التاريخُ والعَددُ!
دوائرُ الكهرباءِ هي الأخرى تدخلُ على خطِ الضحكِ على ذقونِنا، تتعهدُ بتوفيرِ التيارِ لضمانِ عملِ مضخاتِ سحبِ المياهِ، ثم بلا مقدماتٍ، تسقطُ الشبكةٌ. ينطفئ كلُ شيءٍ، وتنامُ المضخاتُ!
يومٌ مطريٌ كفيلٌ بكشفِ طبقاتِ من الوهمِ، وما أكثرَ ما كشفناها: شبكاتُ تصريفٍ لا تُصرِّف، طرقٌ بلا بنيةٍ تحتيةٍ، مضخاتٌ بلا كهرباء، خدماتُ طوارئٍ تحتاجُ هي نفسُها إلى مُغيثٍ، مواطنون يخوضون في مياه عجزت الحكومةُ عن تأمينِها شهورَ الأزمةِ المائيةِ!
ومثل كلِ عامٍ، يطلُّ علينا مسؤولٌ يحملُ مظلةً ويقفُ على حافةِ بركةِ ماءٍ متراميةٍ، ليقولَ بصوتٍ واثقٍ: الأمورُ تحت السيطرةِ. بينما يقفُ هو أصلاً وسطَ الكارثةِ!
الناسُ لم يعودوا مندهشين، صار الغرقُ موسماً وطنياً، جزءاً من الفولكلورِ الشتويِ. سكانُ المناطقِ الشعبيةِ يشاهدون الماءَ يتسرّبَ إلى داخلِ بيوتِهم البائسةِ، في حين تُهرِّبُ الكهرباءُ نفسَها من الخدمةِ كي لا تُبلّلها الأمطارُ.
القصةُ ليست مطراً.. القصة دولةٌ تُثبتُ كلَ سنةٍ أنها غيرُ قابلةٍ للصمودِ أمامَ أبسطِ اختبارٍ مناخيٍ.
يا أيها الناسُ، لم يضربْنا تسونامي، ولا سيلٌ جارفٌ، انها قطراتٌ.. قطراتٌ تكفّلت وتتكفلُ سنوياً، بفضحِ وهمِ استعداداتِ حكومةٍ ورقيةٍ!
في المختصرِ.. نحن مهما أغرَقَنا المطرُ، تُغرِقُنا الأكاذيبُ أكثرَ!
*******************************************
في الزعفرانية مختبر طبي يفحص مرضى السرطان مجانا
متابعة – طريق الشعب
في بادرة من "مختبر الكرم" التخصصي الأهلي في الزعفرانية جنوب شرق بغداد، تتاح مجاناً الفحوصات الضرورية لمرضى السرطان والكلى، الذين يضطرون لإجرائها أسبوعياً قبل تلقي العلاج الكيميائي أو الخضوع إلى غسل الكلى.
يقول صاحب المختبر، علي عدنان، أن المبادرة انطلقت منذ نحو شهرين، ووصل عدد المستفيدين منها إلى أكثر من 65 مريضا، مبينا أن "مرضى السرطان الذين يخضعون للعلاج الكيمياوي، يجب عليهم إجراء فحوصات قبل الجرعة الأسبوعية. ونحن نجري لهم بالمجان فحوصات لصورة الدم ووظائف الكلى والكبد. أما المتماثلون للشفاء ممن يتعاطون العلاج البيولوجي، فحددنا لهم خصما بنسبة 50 في المائة".
ويضيف قوله أن فحوصات مرضى الكلى، تُجرى أسبوعيا مجانا. فيما ينوّه إلى ان ما يقومون به هو عمل إنساني لمساعدة من يستحق المساعدة، مشيرا إلى أن المبادرة مستمرة، مهما كانت تكاليفها. ويدعو عدنان زملاءه أصحاب المختبرات، إلى مراعاة الناس الفقراء والمحتاجين.
*****************************************
شيوعيو البصرة يتفقدون الرفيق فائق حنون
البصرة – طريق الشعب
زار وفد من شيوعيي البصرة الرفيق فائق حنون في منزله، للاطمئنان عليه بعد تعرضه لوعكة صحية ألمت به وبدأ يتعافى منها.
وتمنى الوفد للرفيق الشفاء العاجل ووافر الصحة والعافية. وضم كلا من الرفاق عبد الزهرة عذار طوفان، باسم محمد حسين وعبد الكريم الحربي.
****************************************
بسبب الجفاف نزوح 17 ألف عائلة خلال 5 سنوات
متابعة – طريق الشعب
وفقاً لإحصائية رسمية، نزحت 17 ألفا و365 عائلة في 7 محافظات خلال السنوات الـ5 الماضية، بسبب تأثيرات تغير المناخ والتصحر.
وحسب الإحصاءات الصادرة عن وزارة الهجرة والمهجرين، فإن معظم العائلات النازحة هي من محافظتي الديوانية وذي قار.
وجاءت الاحصائية على النحو التالي: ذي قار 9525 عائلة، الديوانية 2823 عائلة، المثنى 1668 عائلة، ميسان 1643 عائلة، البصرة 951 عائلة، النجف 742 عائلة وواسط 13 عائلة.
وحسب تصريح صحفي لرئيسة لجنة الزراعة في مجلس محافظة ذي قار زينب الأسدي، فإن "معظم أهوار شمال محافظتنا جفت، ونحن نحاول إنعاش بعضها عبر نهر دجلة، لكن الأهوار الأخرى الجافة في المحافظة بلا حل".
وأوضحت أنه "في العام الماضي شهدت محافظتنا جفافاً، وانخفضت كمية المياه في الأهوار إلى حوالي نصف متر، بينما لم تكن تقل عن متر واحد في العام الذي سبقه. وبالتأكيد، في هذا الموسم، سينخفض هذا النصف متر المتبقي أيضاً، لأن جزءاً كبيراً منه سيتبخر".
وفي السياق، تُفيد وزارة التخطيط بأن 40.4 مليون دونم من الأراضي الزراعية تصحرت، و96.5 مليون دونم مهددة بالتصحر، ويوجد فقط 13.5 مليون دونم من الأراضي الصالحة للزراعة المتبقية.
******************************************
بابل {نهر الجربوعية} يجف تماما
متابعة – طريق الشعب
أظهرت صور نشرتها وكالات أنباء، تعرّض "نهر الجربوعية" في قضاء القاسم بمحافظة بابل، إلى جفاف تام، بعد أن كان مصدر مياه رئيسا لعدد من القرى والأرياف. (كان ذلك قبل امطار اليومين الماضيين بالطبع)
وأدى جفاف النهر إلى توقّف الزراعة وتراجع تربية المواشي. كما دفع العديد من العائلات إلى الهجرة بحثاً عن مصادر عيش بديلة.
وأبدى عدد من المزارعين ومربي المواشي في تلك المناطق، قلقا شديدا مما قد يحصل في قادم الأيام، في حال لم تتحرك الحكومة لإغاثتهم، مُطالبين بإجراءات جادة سريعة، لإعادة الحياة إلى النهر.
وشددوا على أهمية زيادة الإطلاقات المائية في نهر الحلة كي تصل المياه إلى نهر الجربوعية، الذي يغذي قرابة 50 ألف دونم من الأراضي الزراعية.
وعلى إثر الجفاف، أُصيب النهر بتلوّث حاد، ما يتطلب استمرار تدفق المياه فيه لفترة، كي يعود إلى حالته الطبيعية.
*************************************
مواساة
تعزي منظمة الحزب الشيوعي العراقي في السويد الرفيق العزيز صادق الجواهري "أبو إبراهيم" بوفاة اخيه الأستاذ المربي حسين الجواهري في طهران.
لعائلة الفقيد ولكم ولعوائلكم وأحبابكم الصبر الجميل وللفقيد الذكر الطيب.
****************************************
لقطة اليوم
بدل أن تُغرس فيها شجرة، تُرمى فيها الأزبال..!
للأسف، هذا المشهد، وهو في حي الغدير البغدادي، شائع في عديد من شوارع العاصمة، والمحافظات أيضا.
عدسة "طريق الشعب"
****************************************
الصفحة السادسة
منخفض جوي يغرق خيام آلاف النازحين وتحذيرات من كارثة مسؤول أممي: أطفال غزة الأكثر عرضة لخطر مخلفات الحرب
رام الله - وكالات
قال "يوليوس فان دير والت" رئيس برنامج الأعمال المتعلقة بالألغام في الأراضي الفلسطينية الأممي، إن مخلفات الحرب والذخائر غير المنفجرة تعرقل عودة الحياة إلى طبيعتها في غزة، وإن الأطفال هم الفئة الأكثر عرضة للخطر.
تلوث واسع
وفي حديث صحفي، أشار فان دير والت، رئيس البرنامج التابع لدائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام، إلى أن الذخائر غير المنفجرة في غزة تشكل خطرا بالغا على المدنيين، لا سيما مع تحرّك مئات الآلاف منهم عقب وقف إطلاق النار.
وذكر أن أكثر من عامين من الهجمات الإسرائيلية المكثفة على قطاع غزة خلّفت تلوثا واسعا بالمواد المتفجرة، ما يؤثر سلبا على إيصال المساعدات الإنسانية، ويبطئ تعافي القطاع، ويجعل أعمال إعادة الإعمار شديدة الخطورة، إضافة إلى تهديد مباشر لحياة المدنيين.
وأوضح أن فرق الأمم المتحدة تواجه مخاطر المتفجرات بشكل شبه يومي في مختلف مناطق القطاع، وأن الأسر التي تتحرك داخل غزة معرضة لخطر هذه المواد.
وأكد أن الأطفال هم الفئة الأكثر عرضة للخطر، كما هو الحال في معظم مناطق النزاع حول العالم، نظرا لفضولهم ومحاولتهم لمس الذخائر غير المنفجرة دون إدراك خطورتها.
أكثر من 650 مادة خطرة!
وأشار إلى عدم توفر بيانات دقيقة حول الحجم الكامل للتلوث بالمتفجرات في غزة، غير أن هناك مؤشرات قوية على انتشارها بشكل واسع في أغلب المناطق.
وأوضح أن دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام تعمل في غزة منذ تشرين الأول 2023.
وأضاف: "منذ ذلك الحين، تمكّنا من رصد أكثر من 650 مادة خطرة في المناطق التي استطعنا الوصول إليها فقط. وكانت الغالبية العظمى منها ذخائر غير منفجرة ومواد متفجرة يدوية الصنع".
وأشار المسؤول الأممي إلى أن صغر المساحة الجغرافية لقطاع غزة وارتفاع كثافته السكانية يجعلان الوضع أكثر تعقيدا مقارنة بمناطق نزاع أخرى مثل سوريا ولبنان.
أجسام حساسة جداً
ولفت إلى أن تجنب مخلفات المتفجرات يكاد يكون محالا في مثل هذه الظروف، وأن بقايا صغيرة قد تؤدي إلى كوارث كبيرة.
وشدد على أن عودة السكان إلى منازلهم أو أنقاضها تقتضي حذرا شديدا، داعيا إلى الإبلاغ الفوري عن أي جسم مشبوه أو متحرك.
وأردف: "هذه الأجسام حساسة جدا وقد تنفجر في أي لحظة، ما قد يؤدي إلى خسائر في الأرواح أو إصابات خطيرة، إضافة إلى احتمال إطلاق مواد سامة".
وتابع: "نوصي دائما بالإبلاغ عنها بدلا من لمسها. لدى برنامج الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام نظام إبلاغ إلكتروني، تتولى بموجبه فرق مختصة التقييم وتأمين المنطقة أو طمأنة السكان إذا لم يكن هناك تهديد مباشر".
برك ماء لا تصلح للعيش
في الأثناء، ضرب منخفض جوي قطاع غزة مما تسبب في غرق آلاف الخيام داخل مخيمات النزوح جراء الأمطار الغزيرة، وسط دعوات للضغط على إسرائيل للسماح بإدخال الوقود والخيام للقطاع المحاصر.
وحوّلت الأمطار الخيام إلى برك ماء لا تصلح للعيش أو السكن، مما فاقم من أزمة هؤلاء النازحين الذين يفتقرون لأبسط مقومات الحياة.
ونشرت وسائل إعلام فلسطينية مقاطع فيديو تظهر معاناة النازحين جراء غرق خيامهم، حيث طالب العديد منهم المجتمع الدولي بضرورة الضغط على إسرائيل للسماح بإدخال مزيد من الخيام بسبب برودة الطقس.
وقال المتحدث باسم بلدية غزة، حسني مهنا إن قدرة البلدية على تصريف مياه الأمطار تراجعت بنسبة لا 80 في المائة، وإن الاحتلال دمر 90 في المائة من مضخات المياه بالقطاع.
وأكد مهنا أن كميات الركام الضخمة بشوارع المدينة تعيق حركة الطواقم وتمنع انسياب مياه الأمطار نحو المجاري التي دمر الاحتلال 40 في المائة منها.
وحذّر من أن المنخفض الجوي الحالي يشكل خطرا حقيقيًا على حياة النازحين والسكان بسبب الدمار الكبير بالبنية التحتية.
مشهد صعب
وكان الدفاع المدني بغزة حذر من منخفض جوي قطبي يهدد مئات آلاف العائلات النازحة في القطاع، وطالب العالم بالتدخل لإنقاذ السكان الذين يرزحون تحت وطأة الواقع الإنساني الكارثي في القطاع.
وقال المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة الرائد محمود بصل إن مخيمات ومراكز الإيواء والمباني الآيلة للسقوط ستتعرض إلى ضرر كبير للغاية جراء المنخفض الجوي ويمكن أن تنهار ويسقط ضحايا.
كما حذر من أن مخيمات الإيواء الموجودة في مناطق منخفضة ستغرق بشكل كامل ولن يكون هناك استيعاب لكميات مياه الأمطار.
وقال إن المشهد سيكون صعبا للغاية في القطاع الذي قُتل فيه الآلاف جراء الإبادة الجماعية الإسرائيلية ويعاني من انهيار على الصُعد كافة. وناشد المجتمع الدولي للتحرك من أجل إدخال منازل مؤقتة إلى القطاع.
*******************************************
لافروف: أوروبا تحاول عرقلة الحل الدبلوماسي في أوكرانيا
موسكو – وكالات
قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن دول أوروبا "تحاول بكل السبل" عرقلة المساعي الدبلوماسية لإنهاء الصراع في أوكرانيا، مضيفا أنها تشجع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على مواصلة القتال رغم افتقارها للموارد المالية.
وتابع لافروف: "تعمل أوروبا على كبح عملية التسوية الأوكرانية بشكل مصطنع، وتحرض زيلينسكي على مواصلة الأعمال القتالية. يفتقر الاتحاد الأوروبي إلى الأموال الكافية لمواصلة تمويل أوكرانيا، ولم يتبق أمامه سوى نهب روسيا".
وأوضح لافروف أن موسكو لا تعتزم خوض حرب مع أوروبا، مؤكدا أنه "لا توجد أي نوايا" من هذا القبيل.
وقال إن روسيا سترد على أي خطوات لمصادرة أصولها المجمدة أو على أي نشر محتمل لقوات أوروبية في أوكرانيا.
وأشار لافروف إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هو "الزعيم الغربي الوحيد" الذي بدأ بإظهار فهم لأسباب النزاع في أوكرانيا، لافتا إلى أن المقترحات التي طرحها مبعوثه شملت ضمان حقوق الأقليات والحريات الدينية في أوكرانيا أو "في ما سيبقى منها".
وقال لافروف إن موسكو "تقدر" رغبة ترامب في الحوار بشأن أوكرانيا، مضيفا أن روسيا والولايات المتحدة اتفقتا على مواصلة العمل لإيجاد تسوية للنزاع. وتابع أن جهود ترامب لمناقشة الأزمة نوقشت خلال زيارة مبعوثه ويتكوف إلى موسكو.
*************************************************
الدنمارك تدرج الولايات المتحدة في قائمة الأخطار المهددة لأمنها
كوبنهاغن – وكالات
أفادت صحيفة BT بأن الدنمارك ستدرج الولايات المتحدة لأول مرة في قائمة الأخطار التي تهدد البلاد، في تقييم استخباراتي جديد.
وأشارت إلى أن صحيفة Berlingske الدنماركية ذكرت أن "الولايات المتحدة ذكرت لأول مرة كمصدر سلبي في خريطة التهديدات التي تواجه الدنمارك التي تعدها استخبارات البلاد".
وبحسب الوثيقة فقد باتت الولايات المتحدة تستخدم قوتها الاقتصادية والتكنولوجية كأداة ضغط، بما في ذلك تجاه حلفائها وشركائها.
ووفقا لوسائل الإعلام الدنماركية، يذكر إلى جانب الولايات المتحدة كل من روسيا والصين كتهديدات للأمن الدنماركي.
ومع ذلك، أكد رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الدنماركية توماس أرينكيل أن كوبنهاغن لا تزال تعتبر واشنطن حليفها الأقوى والضامن الرئيسي لأمن أوروبا.
ويأتي هذا التطور في ظل تصريحات متكررة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن غرينلاند يجب أن تصبح جزءا من الولايات المتحدة، مؤكدا أهميتها الاستراتيجية للأمن القومي وحماية "العالم الحر"، بما في ذلك من الصين وروسيا.
ومن جانبه رد رئيس الوزراء السابق لغرينلاند موتي إيغيدي بأن الجزيرة ليست للبيع ولن تباع أبدا، فيما رفض ترامب التعهد بعدم استخدام القوة العسكرية لفرض السيطرة على غرينلاند.
******************************************
وزير لبناني يعتذر عن زيارة طهران ويطلب لقاءً بدولة محايدة
بيروت – وكالات
اعتذر وزير الخارجية يوسف رجي، في رسالة لنظيره الإيراني عباس عراقجي، عن “عدم قبول الدعوة لزيارة طهران راهنا في ظل الظروف الحالية”، موضحاً أن “اعتذاره عن تلبية الدعوة لا يعني رفضاً للنقاش، إنما الأجواء المؤاتية غير متوفرة”.
وجدّد رجي دعوة عراقجي لعقد لقاء في دولة ثالثة محايدة يتم التوافق عليها، معرباً عن “كامل الاستعداد لإرساء عهٍد جديد من العلاقات البنّاءة بين لبنان وإيران شريطة أن تكون قائمة حصراً على الاحترام المتبادل والمطلق لاستقلال وسيادة كل بلد وعدم التدخل في شؤونه الداخلية بأي شكلٍ من الاشكال وتحت أي ذريعة كانت”.
وشددّ رجي في رسالته على “قناعة ثابتة بأن بناء أي دولة قوية لا يمكن أن يتمّ إذا لم تحتكر الدولة وحدها بجيشها الوطني حق حمل السلاح، وتكون صاحبة القرار الحصري في قضايا الحرب والسلم”.
********************************************
الاشتراكي اليمني: إعلان نقل السلطة يقود الشرعية إلى مزيد من التصدع
عدن – وكالات
أكد، محمد المخلافي، نائب الامين العام للحزب الاشتراكي اليمني وعضو هيئة التشاور والمصالحة، أن ما تشهده مناطق السلطة الشرعية من اضطراب ليس حدثاً طارئاً، بل هو نتيجة طبيعية لاستمرار الانقسام السياسي والعسكري، واسترخاء السلطة الشرعية وداعميها الإقليميين في مربع “اللا سلم واللا حرب”، والتراجع عن تنفيذ التدابير التي كان من شأنها إنهاء هذا الانقسام.
وأشار المخلافي إلى أن "اتفاق الرياض الذي أقرّ مبدأ الشراكة في الحكومة، وإعلان نقل السلطة الذي حقق الشراكة في مجلس القيادة الرئاسي، كانا يمثلان مدخلاً لبناء سلطة متماسكة، لكن الأطراف اكتفت بالاستفادة من سلطات الدولة وإمكاناتها دون التزام حقيقي بتنفيذ ما اتُفق عليه. واستمر أعضاء مجلس القيادة في إدارة وحداتهم العسكرية بصورة منفصلة عن مسؤوليات الحكومة، وتحويلها إلى أدوات نفوذ داخل نطاقات السيطرة بدلاً من أن تكون قوة للدولة".
وأضاف أن "ما آلت إليه الأوضاع كان متوقعاً، خصوصاً بعد أن تناست دول الجوار الهدف الأساسي من دعمها للشرعية ومن اتفاق الرياض وإعلان نقل السلطة، والمتمثل في استعادة الدولة اليمنية وبسط سلطتها على كامل التراب الوطني من الجنوب إلى الشمال ومن الشرق إلى الغرب. غير أن هذا الهدف جرى تقويضه بتحويل القوى المفترض أن تقوم بهذه المهمة إلى قوى ولاءات متفرقة، موزعة بين رغبات ومصالح هذه الدول".
وأوضح المخلافي أن "هذا النهج لم يخدم اليمن، بل دفع نحو ترتيبات تتعارض مع المصلحة الوطنية، من خلال السعي للهيمنة على السواحل والجزر اليمنية الممتدة من المخا حتى سقطرى، الأمر الذي يضع مستقبل اليمن واستقلال قراره الوطني أمام تحديات خطيرة تتطلب موقفاً وطنياً صلباً يعيد الاعتبار للدولة ووحدتها وسيادتها.
********************************************
زعيمة اليمين المتطرف تبيع موارد فنزويلا إلى الإمبريالية الأمريكية
رشيد غويلب
أعلنت ماريا كورينا ماتشادو، اليمينية المتطرفة وزعيمة الانقلاب في فنزويلا والحائزة على جائزة نوبل للسلام، عن "خصخصة واسعة النطاق"، وعرضت بيع موارد بلادها، التي تُقدّر قيمتها بـ 1.7 تريليون دولار، للشركات الأمريكية. ومن المعروف أن الولايات المتحدة تقوم، منذ 2003، بتمويل نشاط ماتشادو التخريبي.
وتشنّ إدارة ترامب حاليا حرباً على فنزويلا. وإذا نجحت في الإطاحة بحكومة الرئيس نيكولاس مادورو اليسارية، فسيكون لماتشادو دور محوري في قيادة النظام الجديد، الذي يراد له التعبية التامة للولايات المتحدة الأمريكية.
فازت ماتشادو بجائزة نوبل للسلام لعام 2025 رغم تأييدها العلني لحرب ترامب ضد بلادها. ولسنوات، دعت إلى تدخل عسكري أمريكي للإطاحة بحكومة البلاد المنتخبة. إذا نجحت إدارة ترامب في إيصال ماتشادو إلى السلطة، فقد وعدت ببيع أصول بلادها لشركات أمريكية.
بيع مجاني
أعلنت ماتشادو بفخر لمجموعة من رجال الأعمال الأمريكيين في ميامي بولاية فلوريدا أنها تخطط لبرنامج خصخصة ضخم من شأنه أن يوفر "فرصة بقيمة 1.7 تريليون دولار" لاستغلال النفط والغاز الطبيعي والبنية التحتية والذهب والموارد المعدنية الأخرى في فنزويلا.
وقد علّقت زعيمة المعارضة الفنزويلية اليمينية المتطرفة على هذا الأمر في خطاب افتراضي ألقته في منتدى الأعمال الأمريكي في الخامس من تشرين الثاني الفائت.
تحدثت ماتشادو قبل أن يعتلي دونالد ترامب المنصة لألقاء كلمته. وخلال الفعالية حاورها فرانسيس سواريز، عمدة ميامي بولاية فلوريدا الجمهوري، وهو حليف يميني مخلص لترامب، ونجل خافيير سواريز، الذي كان عمدة ميامي سابقاً.
قالت ماتشادو: "ان هذا الأمر مثير بالنسبة لي، سنفتح فنزويلا أمام الاستثمار الأجنبي. أتحدث عن فرصة استثمارية بقيمة 1.7 تريليون دولار، ليس فقط في قطاع النفط والغاز، وهو قطاع ضخم، هناك فرصٌ سانحة لأننا سنفتح جميع القطاعات، من التنقيب والإنتاج إلى النقل والتكرير والتسويق، أمام جميع الشركات؛ بل أيضاً في قطاعات التعدين والذهب والبنية التحتية والطاقة. وفي قطاع السياحة، تمتلك فنزويلا 2800 كيلومتر من السواحل الكاريبية البكر، بانتظار الاستثمار والتطوير. لذا، سيكون لهذا المشروع أثرٌ بالغ. سنرسّخ سيادة القانون، ونفتح الأسواق، ونوفر بيئةً آمنة للاستثمار الأجنبي، وبرنامجاً شاملاً وشفافاً للخصخصة في انتظاركم".
وسبق لها ان أعلنت هذه التفاصيل في تشرين الأول الفائت في منتدى اقتصادي عالمي في السعودية. وكذلك في حزيران الفائت في فعالية نظمها لوبي الشركات الامريكية.
شكرا للأصدقاء
تتباهى ماريا كورينا ماتشادو بدعم وزير الخارجية الامريكي ماركو روبيو ومسؤولين آخرين في الحكومة الأمريكية. وقد صرّحت ماتشادو بأنها وحركتها الانقلابية في فنزويلا تحظيان بدعم العديد من المسؤولين في الحكومة الأمريكية، بمن فيهم ماركو روبيو، ثاني أقوى رجل في الإدارة بعد ترامب. وفي مقابلة أجرتها معها ميشال حسين، مراسلة وكالة بلومبيرغ، في تشرين الأول، كشفت ماتشادو قائلةً: "أنا على اتصال ليس فقط بالعديد من المسؤولين في الحكومة الأمريكية، بل أيضاً بمسؤولين من دول أخرى في كندا، وأمريكا اللاتينية، ومنطقة الكاريبي، وبالطبع أوروبا".
في كلمتها الافتراضية في منتدى الأعمال الأمريكي في الخامس من تشرين الثاني، شكرت ماتشادو أيضًا مسؤولين آخرين في الحكومة الأمريكية لدعمهم محاولة الانقلاب في فنزويلا.
ان هذه العلاقة تمثل مؤشراً واضحاً على أن المسؤولين في الحكومة الأمريكية يأملون في تنصيب ماتشادو في السلطة في كاراكاس. فهم على ثقة بأن قائدة الانقلاب، التي حظيت بدعم مالي أمريكي لفترة طويلة، ستخدم طواعية مصالح الولايات المتحدة في أمريكا اللاتينية. وأكدت ماتشادو أنه إذا تمكن ترامب وروبيو من مساعدتها في الإطاحة بمادورو، فإنها ستقطع علاقات فنزويلا مع الصين وروسيا وإيران، وأن خطتها التالية ستكون العمل مع واشنطن للإطاحة بالحكومات اليسارية في نيكاراغوا وكوبا.
***************************************
الصفحة السابعة
جراء تدني الدخل وارتفاع الأعباء الضريبية عزوف عن التسجيل في الضمان الاجتماعي
بغداد – طريق الشعب
رغم الحملات المتواصلة لتوعية العاملين في القطاع الخاص بأهمية التسجيل في صندوق التقاعد والضمان الاجتماعي، ما يزال الإقبال محدوداً، حيث تتداخل الأسباب بين انخفاض الدخل الشهري للعاملين وتردد أصحاب المشاريع في الالتزام الضريبي، الأمر الذي يعرقل توسيع مظلة الحماية الاجتماعية التي تستهدفها وزارة العمل خلال السنوات المقبلة.
ويرجع العديد من العاملين أسباب رفضهم التسجيل إلى محدودية الدخل الشهري. المواطنة ابتهال عبد الله، التي تعمل في إحدى منظمات المجتمع المدني، تقول إن الرواتب المتاحة "لا تتجاوز 350 إلى 400 ألف دينار، وأن أي استقطاع إضافي سيثقل كاهلنا في ظل ارتفاع النفقات الضرورية".
أما أحمد حسن، مندوب في إحدى شركات القطاع الخاص، فيؤكد على أن محاولات إقناع أصحاب الشركات بإدراج العاملين ضمن الضمان تواجه غالبا بالرفض "خشية الضرائب الإضافية". ويضيف أن الشركة التي يعمل فيها اقترحت أن يكون التسجيل في الضمان اختياراً، فلم يسجل فيه سوى 5 فقط من أصل 18 مندوبا بسبب ضعف العوائد الشهرية.
أعباء مالية لا تحتمل
ولا يقتصر عدم الالتزام على العاملين فحسب، إذ يوضح علي المالكي، صاحب أسواق جملة في منطقة بغداد الجديدة، بأن السبب الرئيس لعدم تسجيل العاملين لديه هو "الأعباء الضريبية الكبيرة"، والتي تشمل دفع مبالغ بأثر رجعي منذ بدء النشاط التجاري، مما يشكل عبئا ماليا يصعب تحمله.
ثغرات في التعليمات
وفي سياق متصل، تشير المحامية سماح الطائي إلى أن تعليمات قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال "تتضمن العديد من الثغرات التي تزيد الأعباء على العاملين". وتؤكد أن من أبرز هذه الإشكالات "ضريبة الدخل المفروضة على العمال رغم تدني أجورهم، والتي تقل في كثير من الأحيان عن الحد الأدنى للأجور". وتنبه الطائي إلى "وجود حاجة ملحة لاستثناء العمال من ضريبة الدخل، خصوصا أولئك الذين يتقاضون أجورا متدنية، لما يمثله هذا الاستقطاع من عبء إضافي يحد من قدرتهم على الالتزام بتسجيلهم في الضمان الاجتماعي".
توقعات ببلوغ 500 ألف مشترك
وزارة العمل والشؤون الاجتماعية أعلنت أن أعداد المشمولين قد يرتفع إلى 500 ألف بحلول نهاية عام 2025، بعد تصاعد المسجلين من 300 إلى 480 ألفا خلال العام الحالي. وقالت خلود حيران فنجان، مديرة دائرة التقاعد والضمان الاجتماعي في تصريح اطلعت عليه "طريق الشعب" إن الوزارة أطلقت حملة وطنية للتعريف بالقانون شملت محاضرات في الجامعات وزيارات ميدانية للمناطق الصناعية. وأكدت أن الحملة تستهدف المشاريع التي يعمل فيها الشخص كصاحب مشروع وعامل في الوقت ذاته، لحثهم على التسجيل في الضمان.
اعتماد منصة إلكترونية لتسهيل الإجراءات
وأوضحت فنجان أن الوزارة اعتمدت منصة "ضمانتي" الإلكترونية لتسهيل التسجيل ووسّعت الشمول ليضم القطاعين المنظم وغير المنظم، إضافة إلى إعفاء المشتركين الجدد من الغرامات المالية. كما أشارت إلى أن تعديل القانون رفع الحد الأدنى لراتب المتقاعد المضمون إلى 600 ألف دينار، "الأمر الذي شجع العديد من العاملين في القطاع الخاص على الانضمام إلى مظلة الضمان أسوة بموظفي القطاع الحكومي".
****************************************
عمال يشكون من تأخر حسم الدعاوى في محكمة العمل
بغداد – طريق الشعب
يشكو عدد من العاملين في القطاع الخاص من التأخير المستمر في حسم قضاياهم داخل محكمة العمل، الأمر الذي يضاعف معاناتهم المعيشية في ظل عدم قدرتهم على الحصول على فرص عمل بديلة خلال فترة التقاضي، التي قد تمتد لأشهر وربما لسنوات.
ويؤكد العمال أن هذا التأخير لا يقتصر على القضايا المعقدة فحسب، بل يشمل أيضا الدعاوى البسيطة المتعلقة بتأخر الرواتب أو الفصل التعسفي، ما يجعلهم عالقين بين فقدان مصدر دخلهم الأول وعدم حصولهم على تعويضات أو حقوق قانونية في الوقت المناسب.
المواطن محمد جاسم، يقول لـ "طريق الشعب" إنه ينتظر منذ أكثر من ثمانية أشهر البت في دعوى أقامها ضد الشركة التي فصلته دون إنذار، مضيفا: "لو كانت لدي فرصة عمل أخرى لما تمسكت بالقضية، لكنني أواجه صعوبة كبيرة في إيجاد بديل. لا راتب يصلني ولا حكم يصدر يعيد لي حقي".
أما سارة عبد الرحمن، فتشير لـ "طريق الشعب" إلى أنها رفعت دعوى للحصول على مستحقاتها المتأخرة منذ عام كامل، لكنها ما زالت "تتنقل بين المراجعات والتأجيلات دون نتيجة". وتضيف "نحن نعتمد على هذه الرواتب لإعالة أسرنا. أي تأخير في حسم القضية يعني زيادة الضغوط علينا وعلى عائلاتنا".
من جهته، يقول قاسم العبودي، وهو عامل في ورشة نجارة، إن التردد المستمر بين المحكمة والعمل يسبّب خسائر إضافية للعامل: "أحيانا نترك أعمالا بسيطة لأن المحكمة تحدد موعدا صباحيا، ثم نصل لنجد الجلسة مؤجلة. هذا الوضع لا يطاق".
ويطالب العمال وزارة العدل وهيئات التفتيش القضائي بإيجاد حلول عاجلة، مثل زيادة عدد القضاة المختصين بقضايا العمل، واعتماد آليات إلكترونية لمتابعة الجلسات، وتقليص فترات التأجيل، لضمان سرعة الفصل في النزاعات العمالية.
****************************************
فجوة أجور المرأة العاملة وجه آخر للعنف
نورس حسن
في كل عام، تعود حملة 16 يوما لمناهضة العنف ضد المرأة لتذكر العالم بأن العنف ليس دائما صوتا مرتفعا أو أثرا يرى على الجسد. أحيانا يتخفى في السياسات، وفي الأرقام، وفي الرواتب التي توضع على الورق ببرود شديد. من بين أكثر أشكال هذا العنف صمتا واستمرارا يأتي التمييز في الأجور، الذي ما زال يشكّل حاجزا صلبا أمام تحقيق العدالة الاقتصادية للمرأة العاملة، رغم كل ما قطعته المجتمعات من خطوات.
ورغم أن المرأة اليوم حاضرة في كل القطاعات تقريبا، إلا أننا نرى فجوة واضحة بين ما تتقاضاه مقارنة بما يحصل عليه الرجل في مواقع وظيفية متماثلة. الفجوة ليست مجرد رقم في تقرير، بل نتيجة تراكمات طويلة: أعراف اجتماعية، فرص أقل للتطور الوظيفي، وتوقعات مسبقة تقلل من قيمة جهد المرأة. والأسوأ أن هذا التمييز يقدم أحيانا كأمر "طبيعي"، وكأنه جزء من نسيج الوظائف نفسها.
لكن الحقيقة أن الأجر غير العادل هو شكل مباشر من أشكال العنف الاقتصادي، فهو ينتزع من المرأة فرصا للنمو، ويقيد استقلالها، ويضعف قدرتها على اتخاذ القرار داخل أسرتها ومحيطها. فلا يمكن فصل المساواة الاقتصادية عن المساواة الإنسانية. فحين يّقيم عمل المرأة استنادا إلى جنسها لا إلى إنجازها، فإن المجتمع يوجّه رسالة قاسية مفادها أن الجهد ذاته لا يستحق المكافأة ذاتها.
إن مناسبة 16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة ليست مجرد حملة رمزية، بل فرصة لإعادة فتح الملفات المسكوت عنها، وعلى رأسها الحق في أجر عادل. مطلوب من المؤسسات أن تراجع أنظمتها، ومن الحكومات أن تضع تشريعات رادعة، ومن المجتمع أن يتحرر من النظرة التي تربط قيمة المرأة بمساحة ضيقة يسمح لها بالعمل فيها.
إن تحقيق العدالة في الأجر ليس مطلبا نسويا فحسب، بل ضرورة تنموية. فالمجتمعات التي تضمن المساواة في الفرص هي المجتمعات التي تنمو بثبات وتبني مستقبلا أكثر أمنا وكرامة للجميع. وفي هذا اليوم، يبقى صوت المرأة العاملة شاهدا على أن النضال ما زال مستمرا وأن العدالة ليست منحة، بل حقا لا يساوم عليه.
*******************************************
الضريبة وأصحاب الدخل المحدود
تفرض ضريبة الدخل في الأصل لتحقيق العدالة الاجتماعية، عبر توزيع الأعباء على شرائح المجتمع بحسب قدراتهم المادية. غير أن الواقع يكشف تناقضا صارخا حين تطبق الضريبة نفسها على فئات تتقاضى أدنى الأجور، في وقت تعاني فيه هذه الشريحة من صعوبات معيشية لا تخفى على أحد.
العاملون الذين يتقاضون رواتب تقل عن الحد الأدنى القانوني يجدون أنفسهم أمام اقتطاعات إضافية تستنزف ما تبقى من دخل، لا يكفي أصلاً لتغطية أساسيات الحياة. وهنا تتحول الضريبة من أداة عدالة إلى عامل ضغط، يفاقم هشاشة أوضاع هذه الفئة بدل أن يساندها. فكيف يمكن لمن يتقاضى 300 أو 400 ألف دينار أن يتحمل ضريبة وكأن دخله يضاهي رواتب القطاع العام أو المؤسسات الكبرى؟
المفارقة الأكبر تظهر عندما يتزامن استقطاع الضريبة مع الدعوات الرسمية المتكررة للانضمام إلى مظلة الضمان الاجتماعي. إذ يتساءل كثيرون: كيف يطلب من أصحاب الدخل المحدود دفع اشتراك شهري في الضمان، وفي الوقت نفسه يقتطع جزء آخر من رواتبهم كضريبة دخل؟ أليس الأولى إعفاؤهم من أحد هذين العبأين على الأقل، إن لم يكن كليهما؟
إن فرض ضريبة الدخل على ذوي الرواتب المتدنية لا ينسجم مع أبسط معايير العدالة المالية. فالدولة، وهي تبحث عن موارد مستدامة، لن تجد هذه الموارد في جيوب الفئات الهشة، بل في إصلاح المنظومة الضريبية بحيث تعتمد على مصادر أكثر قدرة على الدفع، وعلى مكافحة التهرب الضريبي في القطاعات ذات الأرباح العالية.
الحل ليس معقدا: استثناء أصحاب الدخل المحدود من الضريبة، أو على الأقل تخفيضها إلى مستوى لا يؤثر على معيشتهم اليومية. كما يجب موائمة التعليمات مع الواقع الاقتصادي، بحيث لا يشعر المتضررون بأن التشريعات صممت دون النظر إلى ظروفهم الحقيقية.
ضريبة الدخل، بصيغتها الحالية، تحولت إلى عبء إضافي على فئة لا تملك رفاهية الاحتمال. والإصلاح العادل يبدأ من الاعتراف بأن العدالة الضريبية لا تتحقق بالمساواة في الاستقطاع، بل بالإنصاف في تطبيقه.
المحرر
******************************************
إيطاليا.. استمرار الإضرابات العمالية والاحتجاجات
محمد عادل
إعادة التسلح، وإجراءات التقشف، وانخفاض الأجور، هي الأسباب الرئيسية التي أدت إلى الدعوة إلى إضرابين عامين في إيطاليا. ورغم التقارب الملحوظ بين النقابات القاعدية المستقلة والاتحاد العام للعمال الايطاليين في 3 تشرين الأول تضامنا مع أسطول الصمود العالمي، عادت النقابات الآن إلى مواعيد منفصلة، واحتجت بشكل منفصل على قانون الميزانية الذي أصدرته حكومة رئيسة الوزراء الفاشية الجديدة ميلوني، حيث دعت النقابات القاعدية إلى إضراب في 28 تشرين الثاني والمشاركة في تظاهرة روما ضد الإبادة الجماعية للفلسطينيين في 29 تشرين الثاني، بينما دعا الاتحاد العام للعمال الايطاليين إلى اضراب في 12 كانون الاول الحالي.
لم يستجب اي طرف إلى النداءات التي طالبت "من أجل إضراب مشترك لجميع النقابات" لتكرار الاحتجاج على قانون الميزانية "كما فعلت في 3 تشرين الأول". وعموماً، يُعدّ النهج الموحد "عاملاً مُضاعِفاً" ضرورياً لدعم الشعب الفلسطيني ومعالجة القضايا المحورية للأزمة الإيطالية: الأجور، والوظائف الهشة، والخدمات العامة، والمعاشات التقاعدية، والرعاية الصحية، بالإضافة إلى التكديس الوشيك للأسلحة، والذي يُشكّل مصدر قلق للجميع. مع ذلك، لم يُبدِ أيٌّ من الجانبين الرغبة القوية في تركيز النضالات على مسار واحد.
ثلاثة إضرابات خلال شهرين
كان إضراب 28 تشرين الثاني هو الثالث للنقابات القاعدية خلال شهرين فقط، بعد إضرابها في 22 ايلول، والإضراب المشترك مع الاتحاد العام للعمال في 3 تشرين الأول تضامنًا مع غزة وأسطول الصمود العالمي. ففي أكثر من 50 مدينة، تظاهر مئات الآلاف ضد ميزانية الحرب التي أقرتها الحكومة، معربين أيضاً عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني ومطالبين بوقف تسليح الجيش واتباع سياسة اقتصادية مختلفة. وحملت إحدى اللافتات المركزية شعارات "ضد ميزانية الحرب التي أقرتها حكومة ميلوني - فلسطين حرة - قطع العلاقات مع إسرائيل".
انطلقت أكبر التظاهرات في ميلانو وبولونيا وجنوة، حيث تصدّرت شخصيات عالمية مثل السويدية غريتا ثونبرغ والممثلة الأممية فرانشيسكا ألبانيز، ووزير المالية اليوناني الأسبق اليساري يانيس فاروفاكيس التظاهرة إلى جانب عمال الموانئ. وفي البندقية، سار نحو ثلاثة آلاف شخص إلى مصنع ليوناردو للأسلحة. وهاجمت الشرطة المتظاهرين بوابل من خراطيم المياه لتفريقهم.
انتقد اتحاد عمال الموانئ تحديد سلطة الحرب المعولمة لجزء كبير من الموازنة. وفي جنوة وموانئ إيطالية أخرى، لم يعد عمال الموانئ يتعاملون مع السفن الإسرائيلية لهذا السبب. وطالب عمال القطاعين العام والخاص، من خلال إضرابهم وتظاهراتهم، بزيادة الأجور إلى 2000 يورو على الأقل، ومعاش تقاعدي 1500 يورو كحد أدنى، وتحديد سن التقاعد بـ 62 عاما، ووقف الإنفاق على الأسلحة، وإحياء الاستثمار العام من أجل وقف تهميش الصناعة في البلاد.
مئة ألف في روما يتضامنون مع الشعب الفلسطيني
بعد مرور شهر ونصف على التظاهرة الحاشدة في روما في الرابع من تشرين الأول، والتي استقطبت أكثر من مليون متظاهر، توافد أكثر من مئة ألف مجددًا إلى العاصمة الإيطالية للتعبير عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني. وعُزفت أغنية "فلسطين ستتحرر"، التي ألّفها روجر ووترز بهذه المناسبة. كما نظمت تظاهرة ضد العسكرة، في كل من فلورنسا وميلانو.
"يجب أن تُعلّمنا ساحات وإضرابات الأشهر القليلة الماضية أمرًا واحدًا: الوحدة تُثمر نتائج ملموسة. أما انقسامنا، فيضعف". تكررت هذه الرسالة يومي 28 و29 تشرين الثاني. "لا يهمنا من دعا إلى الإضراب أولًا؛ المهم هو توحيد القوى العمالية، لا تشتيتها".
إضراب 12 كانون الأول المقبل
يدعو الاتحاد العام للعمال الايطاليين إلى إضراب عام في 12 كانون الاول احتجاجًا على قانون الميزانية. يقول الأمين العام للاتحاد، ماوريتسيو لانديني: "نخرج إلى الشوارع لأن إيطاليا ستستثمر 900 مليار يورو في الأسلحة خلال السنوات العشر المقبلة، وهذا ضرب من الجنون. نحتاج إلى مساهمة تضامنية بنسبة 1 في المائة من الأثرياء".
**********************************************
الصفحة الثامنة
جواباً على أسئلة {طريق الشعب} الانتخابات الاخيرة
هادي عزيز علي*
*كيف تقيّمون المشهد الانتخابي العام من حيث البيئة السياسية والقانونية والتنظيمية؟ وهل كانت قادرةعلى انتاج تمثيل حقيقي يعكس ارادة الناخبين؟
اتسمت البيئة السياسية المفضية الى انتخابات 11/ 11/2025 بغياب البرامج التفصيلية والخطط المطلوبة للنهوض بالواقع المتردي، مع تعدد الكتل المشاركة، والنزوع نحو تلميع صورة زعمائها، وشيوع خطاب الشعارات تعبيراً عن توجهاتها، خاصة الخطاب الطائفي داخل المكون الواحد، المحمول من قبل الزبائنية، الامر الذي يعني زيادة عدد الكتل السياسية، وانتشار ظاهرة الكتل السياسية المسلحة داخل المكون الواحد، مع الوعد بالتحام تلك الكتل في مجلس النواب القادم، من اجل تشكيل الكتلة الأكبر. يضاف الى ذلك تأثير الاحداث في محيطنا الاقليمي على الوضع السياسي والامني والاقتصادي في العراق، كالحرب في جبهة غزة وجبهة لبنان، والتحول السياسي في سوريا، وحرب الـ 12 يوما على ايران، فضلا عن التدخل الخارجي المقصود، وغير ذلك من الاحداث المصاحبة ذات التأثير الواضح في البنية السياسية، المتوجهة نحو الانتخابات. فهذه البيئة السياسية عززت السلوك الطائفي والاثني، ورسخت المسعى المحاصصاتي في مقابل تشظي القوى العابرة للطائفية وقلة فاعليتها .
بالنسبة للبيئة القانونية أعود الى قول العميد ديكي ( Duguit ـ 1859 ـ 1928 ): "ان هيئة المواطنين هي عدد من المواطنين يعودون لنفس الشعب او الامة ويقبضون على قوة حاكمة، وبالتالي يمارسون سلطة سياسية .. ". فهيئة المواطنين القابضة على السلطة لدينا، تمكنت من توظيف الاقتراع السياسي ونصوصه التشريعية، كنظم الانتخاب ونظم التصويت ونظم الادارة الانتخابية، بما ينسجم مع مقاساتها واهدافها الانتخابية، المفضية الى ترسيخ البقاء في السلطة وتدوير الوجوه ذاتها. فتحقيق هذه الاهداف طلب ملح عندها، وإن تطلب ذلك تعديل القوانين في كل دورة انتخابية، ما دام يؤمّن اسباب البقاء، ويقصي الآخر. ومن أمثلة ذلك قيام السلطة التشريعية بمسخ "سانت ليغو الأصلي" واعطائه نسبا رقمية اعلى، للحيلولة دون صعود التنظيمات السياسة الصغيرة او الشخصيات المستقلة، والابقاء على حالة احتكار السلطة من قبل التنظيمات ذات الخطاب السياسي الطائفي، وعدم تكرار تجربة انتخابات مجالس المحافظات 1918 ، التي مكّنت بعض القوى المدنية من الدخول الى المجالس، عندما كان"سانت ليغو) بصحته الكاملة، قبل ان يدركه التشويه. فالبيئة القانونية باختصار شكّلها الماسكون بالسلطة لمصلحتهم حسب .
وبخصوص البيئة التنظيمية، صدر قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات الرقم 11 لسنة 2007 ونصت المادة (2) منه على انها هيئة مهنية حكومية مستقلة ومحايدة، تتمتع بالشخصية المعنوية وتخضع لرقابة مجلس النواب. وبيّن القانون هيئاتها في الفصل الثالث، وصلاحيات مجلس المفوضين في الفصل الرابع، والادارة الانتخابية في الفصل الخامس، واستبدال الاعضاء في الفصل السادس، وحقوقهم في الفصل السابع، والشكاوى في الفصل الثامن.
ينص قانون المفوضية على الاستقلال والحيدة، ومرجعية الاستقلال هنا هو نص المادة (102) من الدستور، كما انها تعلن نفسها من خلال ممثليها هيئة مستقلة، تضع الانظمة التي تتيح وضع العملية الانتخابية تحت مراقبة المراقبين الدوليين والمحليين ومنظمات المجتمع المدني ووكلاء الاحزاب السياسية، فضلا عن خضوع قرارتها للطعن امام هيئة مستقلة في محكمة التمييز الاتحادية. الا ان واقع الحال يقول ان هذه الهيئة، ورغم طغيان النصوص النازعة للاستقلال، تنتمي الى النظام السياسي القائم وتشكل جزءاً منه، والا كيف نفسر شيوع المحاصصة وشراء الاصوات والوضع الباذخ للدعاية الانتخابية، وولوج تنظيمات سياسية الى عالم الانتخابات بأذرع مسلحة، وتوظيف اكثر من مليوني مراقب.
*ما قراءتكم لطبيعة المشاركة المجتمعية في العملية الانتخابية ؟ بما في ذلك دوافع المشاركة او المقاطعة السياسية، وحدود تأثيرها على القوى المدنية والقوى المتنفذة ؟
القوى العابرة للطائفية منقسمة ويمكن تصنيفها الى فئتين، الاولى ترى ان المساهمة في الانتخبات تشكل شرعنة للنظام السياسي القائم ومشاركة له، مع انه مثقل بتهم الفساد بكافة اشكاله، وموسوم بالمحاصصة المقيتة، ومتمسك بالسلطة بكل وسيلة، بضمنها المال والسلاح، ومحتكر لها، ومتمسك بالمغانم والمكاسب وغير مستعد للتنازل عنها. اذن وضمن هذا التوصيف للوضع القائم، فان المشاركة في العملية السياسية عديمة الجدوى، وأقرب الى ضحك على الذقون. لذا فان البقاء بعيدا عنها ونقيا، افضل قطعا من المشاركة . ثم ان البرلمان ليس الساحة الوحيدة للعمل السياسي والنضال من اجل الوطن، فهناك ايضا ساحات وفضاءات أوسع واكثر رحابة.
والفئة الثانية تقول بامكانية اعتماد أي سبيل متاح لتحقيق الاهداف المرسومة، وان طرق ابواب البرلمان ليس سبّة ولا مسألة مخلة بالسلوك، ما دام ذلك مغطى بتنظيم وفق قانون صادرعن سلطة تشريعية، تتيح لاي تنظيم سياسي او شخصية مستقلة، ممارسة حق المشاركة في الشؤون العامة والتمتع بالحقوق السياسية، بما في ذلك حق التصويت وحق الانتخاب وفق المادة (20) من الدستور. أي انه سبيل مشروع وممكن، وعلى القوى غير الطائفية سلوك أي سبيل يمكن ان يوصلها الى تحقيق أهدافها، او بعض من تلك الأهداف، ما دام ذلك السبيل لا يمس العفة التي يتمتع بها هذا التشكيل او ذاك. لذا فان الاشتراك في الانتخابات هو ممارسة لحق دستوري، وليس مشاركة للفاسدين، ممارسة حق أتاحه القانون ويمكن من خلاله الامساك ببعض ملامح الاهداف المرجوة.
ولنتذكر صلح بريست الذي ابرمه لينين مع أعتى القوى الروسية رجعية حينذاك، والذي لم ينل من السلوك الثوري البلشفي للرجل، وما زال الى يومنا مثالا يحتذى. ولنا في مقالة الاستاذ رضا الظاهر أخيرا على هذه الصفحة ورجوعه الى المنبع، اسوة حسنة.
* ما هو تقييمكم لنتائج الانتخابات بالنسبة للقوى المدنية، وهل تعكس تراجعا ظرفيا ام بنيويا؟ وما هي العوامل التي اسهمت في تشكيل هذا المسار؟
ثلاثة عوامل ساهمت وأفضت الى النتائج الانتخابية المعلنة بوضعها الحالي. العامل الاول هو حجم المال المُنفق في العملية الانتخابية والطابع الباذخ للدعاية الانتخابية.
العامل الثاني هو شراء اصوات الناخبين، وهو ما لم يعد خافيا، ولا يحس المنخرطون فيه بأيّ حرج. حتى ان احدهم وأمام عيون الأشهاد ارسل 1500 شاب للتدريب العسكري ووعدهم بالتعيين، مقابل تصويتهم له!
والعامل الثالث هو تسجيل المفوضية اكثر من مليوني مراقب! فهذا الرقم المتورم للمراقبين أخلّ بالنتائج الانتخابية، وانعكس سلبا على القوى المدنية، مع ان ذلك مؤشر ايجابي على نظافة يد هذه القوى، كونها غير مسؤولة عن هذه النتالئج. فقد استعمل الخصوم اسلحة ضد القوى المدنية، تأنف هذه القوى عن استعمالها وتأبى حيازتها. لكن هذه الحقيقة لا تعفي القوى المدنية من مسؤولية التراجع.
في شأن التراجع الظرفي: النظام الانتخابي بشكل عام وسانت ليغو الممسوخ على وجه التحديد، والخبرة المميزة للاسلام السياسي في التعامل مع التنظيم التشريعي الانتخابي وتوظيفه لصالحه، والمراوغة المقصودة في التحالفات والالتفافات، فضلا عن العائلة، والعشيرة، والطائفة، والتوظيف الفقهي لبعض رجال الدين، والمال مجهول المالك، هذه كلها شكّلت بيئة حاضنة للنتائج الانتخابية المذكورة، وهي كلها حالات ظرفية وليست بناءَ مؤسسيا، لأنها يمكن ان تختفي وتزول بالعمل الجاد والمثابر، وبكشف المستور .
اما التراجع البنيوي فقد تجلى في تشرذم القوى المدنية، وفشل مساعي شد اللحمة، رغم نبل الجهود المبذولة في هذا الجانب. كذلك تعدد المشاريع والخطط واختلافها، وطغيان موروث (الدوغمائية) لدى البعض، والذي وصل حد رفض التحاور مع الآخر. يضاف الى ذلك ان سلوك البعض المتعالي معرفيا امام الجماهير محدودة المعرفة، وعجزهم عن ايصال معارفهم الى تلك الجماهير، وعن المواءمة بين الدوغما والرقمنة، خلق حالة انكفاء عن جمهور واسع، وفقدان الثقة باداء القوى المدنية.
* كيف تنظرون الى مشاركة الحزب الشيوعي والقوى المدنية الاخرى في الانتخابات؟ وما هي رؤيتكم الى المنهج الذي يجدر بنا مجتمعين ان نعتمده في عملنا خلال المرحلة المقبلة؟
في الانتخابات السابقة (2021) اختار الحزب الشيوعي المقاطعة، بعد ان اخضع الموضوع للنقاش والحوار وتداول الأفكار، وقد افضى هذا المخاض الى المقاطعة. فالقرار لم يكن فرديا او متخذا من القيادة، بل تم عبر الاستفتاء. وهذا يعني خضوعه للآليات الديمقراطية وبافضل تجلياتها .
تلك كانت تجربة، وحيث انها كذلك فقد تمت قراءة تفاصيلها واخضاعها للنقاش والتقويم. وهو ما افضى الى الاستنتاجات الآتية: 1 – ان المشاركة في الانتخابات ليست تزكية للماسكين بالسلطة، حسبما يروج الضجيج المثبط، بل هي حق كفله الدستور في مادته (20). فالمشاركة تتم في نطاق المشروعية وان اختلفت الالوان المشاركة في الانتخابات، وهي من حيث المبدأ نوايا نبيلة وليست آثمة. 2 – ان الانتخابات البرلمانية ساحة صراع للرؤى والبرامج والسياسات، وليست احكاما بشأن ما يجوز وما لا يجوز. والصراع مع الخصوم يحدد المختلف عليه، ويرسم ساحات النزاع، ويبرز الاسلحة الفكرية المختلفة. لذا يكون من العيب ان يوصف كل ذلك بالمداهنة او التعاطف مع الخصم. 3 – ان المقاطعة هي حالة الاستثناء التي لا يجوز التوسع فيها، وقد جرب الحزب الشيوعي المقاطعة بحالتها الاستثنائية، التي حلت من دون ان تطرح ثمارا. لذا لا يجوز الاصرار على حالة الاستثناء، مع ما يرتبط بها من عقم. 4 – ان التراث الثوري هنا، بدءاً بماركس ولينين وانتهاءً بألتوسير والمنظرين المعاصرين، وتجارب الاحزاب الشيوعية التي خاضت الصراعات الانتخابية مع اشد احزاب اليمين شعبوية، كل هذا التراث له أهميته الكبيرة، وتجدر العودة اليه دائما والتعلم منه والاعتبار به.
ـــــــــــــــ
* قاضٍ متقاعد
***********************************
الانتخابات.. هل نحن دولة مواطنة؟
حسب الله يحيى
المواطنة، حق قانوني وانساني واخلاقي قائم بين المواطن – أياً كان انتماؤه وهويته وطائفته ولونه – والدولة.
ولما كانت (الدولة العراقية) قائمة على الاغلبية/ الأكثرية، اذن هي دولة فئة بعينها، اما بقية المواطنين فهم (أقلية ومكونات) يتم إلحاقهم بتلك الفئة، فهي تابعة، وتتفضل عليها تلك الفئة بـ (حصة) و (كوتا) انتخابية.
فيما الديمقراطية الحقيقية لا تقر بالكثرة العددية لفئة بعينها، وانما تقاس الامور مجتمعة على الوطن والمواطنة، ولا يمكن تمييز مواطن عن سواه من ابناء الوطن الواحد. فكيف يكون الامر اذا كانت الديمقراطية شكلاً بلا محتوى؟
لنقرأ كل ادبيات الاحزاب الدينية مجتمعة، وسنتبين انها لا تؤمن بهذه المفردة (الديمقراطية) ولا تضعها في برنامج عملها الذي تحول من (العبادات) الى (الحاكمية) وعندما ألزم التغيير السياسي الذي جرى بعد عام 2003 هذه الاحزاب بـ (السياسة الديمقراطية) وبضمنها (الانتخابات) فوجئنا بأن هذه الاحزاب لا تجد نفسها إلا في ممارسة انتخابات قائمة على تشكيلات وقوائم متعددة فيما هي تخرج من ثياب العقيدة وقدسيتها.
فمن لا ينتخب ويقاطع يعد في رأيها (كافراً) وخارجاً عن (الملة والجماعة). ومن هذا الرأي الحازم والمطلق خرجت شعارات (ما ننطيها) و (لا تضيعوها) و (نحن امة) و (نحن دولة).. الخ.
هذه الفئة بكل عنواناتها حسمت الموقف امام الجمهور الانتخابي.. قبل وبعد العملية الانتخابية.. فيما كانت قد اعدت طريقة انتخابية تعسفية وصنعت في ضوئها، مركزية لرئيس القائمة، ومركزية اخرى للتجمع العددي للتحالفات التي تجري بعد الانتخابات.. وهذا يعني في النهاية خنق الديمقراطية ونسف وجودها في صلب العملية الانتخابية، فإذا اختار العراقيون شخصية بعينها او قائمة بذاتها، فإنها لا تفلح بالفوز ما لم تكن خاضعة لـ (القائمة الموحدة الاكبر)!! وتذهب كل الاصوات الى حيث تذهب الريح! هذه مسألة اولى.
اما المسألة الثانية فتقوم على غياب قواعد (اللعبة الانتخابية) وعدم تكافؤ فرص المرشحين للانتخاب. فما بين فئة حاكمة تملك المال والسلاح، وفئة تملك الواجهة الدينية والعشائرية وتشتغل على مفهومين: تعميق الجهل وتعميق اقناع الناس بالوظائف والمكاسب وشراء الذمم.. من دون ان يكون هناك فهم ومعرفة بواجبات (النائب) الذي لا يملك ارادة تنفيذية.
اما المسألة الثالثة، فتأتي كنتيجة طبيعية للمسألتين السابقتين ذلك ان القوى المدنية ومن بينها الحزب الشيوعي.. لن يكون لها موقع في ظل ما اوردناه.. مع ان هذه القوى المدنية هي الأكثرية اذا ما حددنا اعداد كل المناضلين، وكل الذين تم احتسابهم على فئة طائفية بعينها وهم لا يمتون بصلة الى هذا التقسيم الطائفي، وانما هم مواطنون عراقيون مهما كانت طوائفهم وهوياتهم وألوانهم ومناطقهم واحزابهم، ولا يمكن حصرهم على انهم من هذه الطائفة دون سواها.
وعلى وفق هذه الحقيقة التي غيبها الاعلام، مثلما غيبتها القوى المدنية ولم تعمل على تثقيف وتوعية الناس بها. ونتيجة لذلك وجدنا معظم الرافضين للانتخابات، كانوا على قناعة تامة بأن الانتخابات لن تغير شيئاً، وان كل الوجوه ستتكرر مع تغييرات طفيفة يتم استبدالها على حسب المصالح والعلاقات والرشا!
ولم تكن هناك ارادة سياسية تعمل بجدية ودأب على ايضاح هذه الحقائق امام الجمهور، بحيث بات الواحد منا غير قادر على اقناع اقرب الناس اليه بالتوجه للانتخابات.. لأن (قواعد اللعبة الانتخابية) لم تكن ديمقراطية اصلاً، وإلا كيف يمكن ان يكون هناك وطن بلا مواطنة؟
نعم.. هناك قناعة تامة لدى الكثيرين بأن مشاركة القوى المدنية، يعطي شرعية لانتخابات غير ديمقراطية ولفئة لا تؤمن بالديمقراطية، ولقانون انتخابي تم (تصميمه) على وفق ارادة السلطة الحاكمة وليس لأحد سواها من هنا كانت النتائج محسومة ومعلومة ومتوقعة من قبل الكثرة من الجمهور المدني.
واذا ما قيل بأن هناك ضرورة لإثبات الوجود، فان هذا الوجود لا يمكن ان يكون فاعلاً ومؤثراً في برلمان لا يجمع افراده لا بر نبيل ولا أمان سليم! وللمدنيين تجربة سابقة عندما استقال عضوان من البرلمان، حيث وجدا نفسيهما يغردان خارج السرب.. وحسناً فعلا.
من خلال هذه النقاط الواردة؛ نرى ان منطق الاشياء، يقودنا الى معرفة رصيدنا في ظل زمن باتت فيه كل الارصدة بأيدي تجار المواقع المهيمنة على البلاد والعباد، بوصفها تمتلك (قوة السلطة) و (قوة المال) و (قوة السلاح) كذلك. ما العمل اذن؟
ان بناء الانسان الذي هدمت ومسخت وجوده كل الفئات التي حكمت العراق منذ 2003، مستفيدة من انقاض دكتاتورية فردية سابقة، مخلفة السيء بما هو أسوأ.
هذا الانسان، به حاجة ماسة الى اضاءة عقله التي تحاول السلطات اطفائها، وجعله ينصرف الى الجهل والغيبيات والبحث عن قوت يومه والمطالبة بأبسط حقوقه كإنسان، من دون ان يشغل عالمه بالتغيير الحقيقي.. بعد ان رسخوا في ذاكرته فكرة القبول بالسيء بدلاً من المغامرة ومن ثم الوصول الى ما هو أسوأ!
ان الاستسلام لهذا الواقع الفئوي المتردي في الميادين كافة، يعني ان حس الوطن والمواطنة قد تم تعطيله وتغييبه ولكن.. بوجود العقول النيرة لا يمكن دفنه ولا يمكن الاستغناء عنه أبداً.. لأن المواطنة هي الاصل وهي الاكثرية.. وهي القادرة وحدها على بناء الوطن.
***********************************
الصفحة التاسعة
العراق يستعد لمواجهة الأردن في ربع نهائي كأس العرب
متابعة ـ طريق الشعب
يترقب عشاق الكرة العربية واحدة من أبرز مواجهات ربع نهائي كأس العرب "قطر 2025"، عندما يلتقي المنتخب العراقي بنظيره الأردني مساء الجمعة، في صراع كروي يحمل الكثير من الندية والتاريخ والإثارة. يدخل "أسود الرافدين" المواجهة برغبة قوية في تعويض خسارة الجولة الأخيرة أمام الجزائر، وإثبات قدرتهم على المنافسة في الأدوار الإقصائية، فيما يخوض "النشامى" المباراة بمعنويات مرتفعة بعد إنهائهم دور المجموعات بالعلامة الكاملة وأداء لافت أمام خصومهم.
لم تكن ليلة الثلاثاء عادية في الدوحة، فمع صافرة نهاية مباريات الجولة الثالثة من دور المجموعات، اكتمل عقد المتأهلين إلى ربع نهائي كأس العرب "قطر 2025". وبينما كانت الفرق تحتفل ببلوغ الأدوار الإقصائية، كان المنتخب العراقي يستعيد أنفاسه بعد الخسارة أمام الجزائر، ويحول تركيزه بالكامل نحو مواجهة من العيار الثقيل أمام الأردن، أحد أكثر المنتخبات ثباتًا في البطولة حتى الآن.
على استاد خليفة الدولي، تلقى "أسود الرافدين" خسارتهم الأولى في البطولة بثنائية جزائرية، في نتيجة لم تُخرج العراق من سباق المنافسة، لكنها وضعت علامات استفهام حول جاهزية الفريق قبل ربع النهائي. فقد تجمد رصيد المنتخب عند ست نقاط، ليحل ثانيًا في مجموعته خلف حامل اللقب الجزائري.
رغم ذلك، لم يبدُ الإحباط حاضرًا في حديث اللاعبين بعد المباراة، بل ظهرت روح إصرار واضحة، وكأن الهزيمة جاءت لتوقظ الفريق وليس لتهز ثباته.
المدافع ميثم جبار كان أول من عبّر عن هذا الشعور، إذ قال إن الطرد وظروف المباراة كان لها تأثير مباشر على الخسارة، لكنه شدد على أن المنتخب قدم ما يستطيع، وأن التركيز الآن انتقل بالكامل إلى مواجهة الأردن.
أما زيد إسماعيل، فاعتبر أن مواجهة الجزائر كانت اختبارًا كبيرًا، وأن طيّ صفحتها أصبح ضرورة قبل دخول معترك الأدوار الإقصائية. وأضاف بثقة: "يوم الجمعة سنواجه المنتخب الأردني… نعرف صعوبة المهمة، لكننا سنقاتل."
الهجوم العراقي لم يكن بعيدًا عن هذه الروح. المهاجم عمار محسن أكد أن نقص الصفوف أرهق اللاعبين، لكنه شدد على أن المنتخب لا يزال قادرًا على مواصلة المشوار، متمنيًا أن تكون مواجهة الأردن بداية جديدة للفريق في البطولة. وطالب، كما فعل زملاؤه، بحضور جماهيري كثيف في المدرجات، واصفًا دعم الجمهور بأنه "الوقود الأول" للفريق.
الحديث عن الأردن في هذه النسخة من البطولة مختلف؛ فالنشامى أنهوا دور المجموعات بالعلامة الكاملة، آخرها فوز ثقيل على مصر بثلاثية نظيفة أكد جاهزيتهم وقوتهم الهجومية.
العراق يعرف تمامًا أن المباراة المقبلة لن تمنح فرصة ثانية، وأن مواجهة منتخب بثقة عالية مثل الأردن تحتاج إلى انضباط ذهني وتكتيكي استثنائي. ومع ذلك، يبدو أن الخسارة أمام الجزائر أعادت شحن اللاعبين بطريقة مختلفة إذ يشعر الجميع بأن ما حدث كان مجرد "عثرة"، وبأن الاختبار الحقيقي يبدأ الآن.
*****************************************
جماهير ليفربول تدعم سلوت في مواجهة مع محمد صلاح
ميلان ـ وكالات
حظي الهولندي آرني سلوت، المدير الفني لليفربول، بدعم كبير من جماهير ناديه خلال مواجهة الفريق أمام إنتر ميلان على ملعب جوزيبي مياتزا، مساء الثلاثاء، ضمن الجولة السادسة من دور المجموعات لدوري أبطال أوروبا، في مباراة انتهت بفوز صعب للريدز بهدف متأخر سجله دومينيك سوبوسلاي من ركلة جزاء في الدقيقة 88. ووفقًا لموقع "توتوميركاتو" الإيطالي، وقف نحو 5 آلاف مشجع لليفربول خلف مدربهم سلوت، رغم الأزمة الأخيرة بينه وبين النجم المصري محمد صلاح، حيث هتفت الجماهير باسمه قبل وأثناء وبعد المباراة، تعبيرًا عن دعمها لخياراته الفنية وإدارته للفريق.
ويأتي هذا التأييد الجماهيري في ظل حالة التوتر التي نشبت بين سلوت وصلاح، عقب تصريحات هجومية أدلى بها اللاعب المصري بعد جلوسه على مقاعد البدلاء لثلاث مباريات متتالية، قبل أن يتم استبعاده من مواجهة إنتر تمامًا.
وكان صلاح قد صرّح عقب مباراة ليدز (3-3) السبت الماضي، معبرًا عن استيائه من وضعه الحالي، قائلاً: "قدّمت الكثير للنادي، والآن أجلس على مقاعد البدلاء دون معرفة السبب". وأضاف أنه يشعر بأن "النادي تخلّى عنه"، وأنه "تلقى وعودًا في الصيف لم تُنفّذ"، مشيرًا إلى انقطاع مفاجئ في علاقته بمدربه الهولندي.
ورغم هذه الأزمة، ظهرت جماهير ليفربول في ميلانو موحدة خلف سلوت، في موقف قد يزيد من تعقيد وضع صلاح داخل الفريق خلال الفترة المقبلة.
*****************************************
إنفانتينو مهدد بعقوبة الحظر بعد منحه جائزة السلام لترامب
زيورخ ـ وكالات
يواجه رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) جياني إنفانتينو احتمال التعرّض لعقوبة تصل إلى الحظر عن ممارسة أي نشاط كروي، وذلك على خلفية الجائزة التي منحها للرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال قرعة كأس العالم 2026 التي أُقيمت الجمعة الماضية في واشنطن.
وبحسب تقارير إعلامية، فإن الدعم العلني الذي قدّمه إنفانتينو لترامب، إلى جانب جائزة "السلام" المثيرة للجدل، أصبح موضع شكاوى رسمية قُدمت إلى محققي الأخلاقيات في الفيفا، وسط مخاوف من خلط السياسة بالرياضة بشكل غير مسبوق.
وأثار رئيس الفيفا موجة انتقادات واسعة خلال الأشهر الماضية بسبب ظهوره المتكرر مع ترامب، بما في ذلك مشاركته معه في "قمة السلام" بمدينة شرم الشيخ في تشرين الاول الماضي، مما دفع منظمات حقوقية إلى التحرك ضد ما اعتبرته "انتهاكًا لمبدأ الحياد السياسي".
وقالت مؤسسة "فير سكوير" الحقوقية، ومقرها لندن، إنها قدمت طلبًا رسميًا للتحقيق في "انتهاكات محتملة لواجب الحياد السياسي" من قبل إنفانتينو، مؤكدة أن منح جائزة لزعيم سياسي يشغل منصبه يُعد خرقًا واضحًا لأنظمة الفيفا. ورغم ذلك، رفض الاتحاد الدولي التعليق، موضحًا أن لجنته الأخلاقية لا تؤكد أو تنفي القضايا قيد النظر.
وينص قانون الأخلاقيات في الفيفا على إمكانية فرض حظر يمتد لعامين في حال ثبوت مخالفة واجب الحياد، فيما تشير وكالة "أسوشييتد برس" إلى أن المحققين الحاليين يتمتعون باستقلالية أقل مقارنة بفترة ما قبل إقالة سيب بلاتر قبل نحو عقد من الزمن.
ويواصل إنفانتينو تعزيز علاقته بالحكومة الأمريكية استعدادًا لمونديال 2026، الذي يقام لأول مرة في 3 دول هي الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، ويتوقع أن يحقق إيرادات تتجاوز 10 مليارات دولار للفيفا.
وفي شكوى من 8 صفحات، قالت "فير سكوير" إن إنفانتينو لم يكشف عن أسس تأسيس جائزة السلام ولا آلية منحها، مشيرة إلى أن مسؤولين داخل الفيفا علموا بها عبر وسائل الإعلام فقط. وأضافت أن تصرفه "إن كان فرديًا ودون سلطة قانونية، فإنه يشكل إساءة واضحة لاستخدام منصبه".
وتنتظر الأوساط الرياضية قرار لجنة الأخلاقيات خلال الأيام المقبلة، وسط ترقب لما إذا كانت هذه القضية ستفتح الباب أمام سابقة جديدة في تاريخ الفيفا.
**********************************************
وقفة رياضية.. دور الإعلام الملتزم في تحقيق الإنجاز الرياضي
منعم جابر
يتطور الإبداع الرياضي باستمرار، ويحقق النجاحات والإنجازات في عالم الرياضة، ويقفز إلى مستويات أعلى بفضل مساهمة الإعلام الرياضي الواعي، الحريص على سمعة وطنه ورياضته. فوجود مخلصين ومختصين في الإعلام الرياضي يُعد عاملًا أساسيًا في رفع مستوى الأداء الإعلامي والرياضي معًا.
نحن اليوم نمر بظروف استثنائية في المشهد الإعلامي، حيث تتداخل التوجهات المتنوعة، ويختلط فيها الغث بالسمين. لذلك، أؤكد على أهمية أن يحرص المسؤولون عن القطاع الرياضي والاختصاصيون على دعم الإعلاميين الرياضيين القادرين على العمل بكفاءة واحترافية. فنحن نعيش مرحلة انتقالية من نظام شمولي كان يقيد حرية التعبير إلى نظام ديمقراطي يسمح للأفراد بالتفكير والتعبير بحرية، ولضمان استقرار العمل الإعلامي الرياضي ونضجه، يجب أن يكون الالتزام بالروح الرياضية والأخلاق والقيم أساس عملنا.
وهنا أوجه رسالة لنجوم الرياضة، مفادها أن شرف المنافسة وجوهرها يقومان على المبادئ الأخلاقية والرياضية الشريفة، بعيدًا عن التعصب والانحياز الأعمى. كما يجب على الجمهور الرياضي احترام قواعد المشاهدة، والمشاركة كشريك حقيقي في هذه المنافسات، أو على الأقل المساهمة فيها بروح إيجابية وبنّاءة.
إن تحقيق الإنجازات الرياضية وصناعة الأبطال يعتمد بشكل مباشر على دور الإعلام الرياضي في الدعم النفسي والمعنوي لهؤلاء الرياضيين. ومن واجب الإعلام الرياضي أن يشد من أزر أبطالنا في جميع الفعاليات والبطولات، فالدعم لا يقتصر على اللاعبين والمدربين فحسب، بل هو مسؤولية مشتركة لكل من يساهم في المشهد الرياضي، ولو بكلمة صادقة أو إشادة صادقة.
وفي ظل أجواء بطولة كأس العرب الحالية، أوجه دعوة صادقة لكل مقدمي البرامج الرياضية وضيوفهم للوقوف مع المنتخب الوطني حتى آخر لحظة، والابتعاد عن المناكفات والمشاجرات التي لا تفيد سوى التأثير السلبي على اللاعبين والكادر التدريبي. فالإعلام الرياضي الملتزم هو ركيزة رئيسية لتحقيق الإنجازات وصناعة أبطال قادرين على رفع اسم الوطن عاليًا.
******************************************
معسكر في الكويت لتهيئة منتخب اليد قبل الآسيوية
متابعة ـ طريق الشعب
يستعد منتخب العراق لكرة اليد للدخول في معسكر تدريبي خارجي يقام في دولة الكويت يوم الثلاثاء المقبل، وذلك ضمن برنامج تحضيراته للمشاركة في البطولة الآسيوية الثانية والعشرين، المقرر إقامتها بين 15 و29 من الشهر الحالي، والمؤهلة إلى نهائيات كأس العالم 2027 في ألمانيا.
وذكر المنسق الإعلامي لاتحاد اليد حسام عبد الرضا، أن المعسكر ستسبقه وحدة تدريبية أولى تقام على قاعة السلام في محافظة النجف عند الساعة الخامسة مساء، على أن يتم تجمع اللاعبين صباح اليوم نفسه في فندق قصر الخورنق، بإشراف الجهاز الفني الذي يضم محمد كاظم وإبراهيم خنجر مدربين، ومصطفى ياسين مدرباً لحراس المرمى، إلى جانب فلاح حسن للتحليل الفني، ومهند لفتة علي كمعالج.
وأضاف عبد الرضا أن الأيام المقبلة ستشهد التحاق المدرب الأجنبي الجديد، الذي سيقود المنتخب في البطولة الآسيوية، بهدف تعزيز الجانب الفني ورفع مستوى الأداء، خصوصاً مع اقتراب المنافسات التي تتطلب إعداداً مكثفاً وجهوداً متواصلة.
وأشار إلى أن معسكر الكويت يمثل محطة رئيسية في البرنامج التحضيري للمنتخب الوطني، ويهدف إلى تجهيز فريق قادر على تقديم مستويات قوية، وتعزيز روح التنافس أمام المنتخبات المتطورة في القارة الآسيوية.
*****************************************
الصفحة العاشرة
حسن مدن.. ذاكرة مرممة بالحنين
بروين حبيب
روى لي شاعر صديق التهمت الغربة سنوات طويلة من عمره، أنه لمّا عاد إلى بيته – وكان يقيم فيه وحده- قبض على نفسه متلبّسا مرارا وهو يطرق باب غرفته قبل الدخول إليها، وكأنه طارئ على المكان، فتحولت غربته عن الوطن إلى غربة فيه، وقد أبدع الرحابنة في التعبير عن هذه الفكرة، في مسرحية «لولو»، فحين تعود لولو (فيروز) إلى حياتها الأولى، بعد أن سجنت 15 سنة تجد أن كل ما اختزنته من ذكريات عن الوجوه والأماكن قد تبخر، بل تشعر بأنها غير مرحب بها حتى من محبّيها، فتقدّم بخيبة هذه الخلاصة الموجعة: «أقرب الناس إلَك لما تغيب وتطوّل بيكونو دبَّرو حالُن من دونك، إذا رجعت بتكون راجع من الماضي تخربِط حياتُن، اللّي بيروح مش لازم يرجع».
تذكرت هذين المثالين وأنا أعيد قراءة كتاب الصحافي والكاتب البحريني حسن مدَن «ترميم الذاكرة.. ما يشبه سيرة»، الصادر في طبعته الرابعة قبل ثلاثة أشهر عن داريْ تكوين والرافدين، وكان قد صدر قبل ذلك بـ17 سنة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، وحاورته يومها في برنامج «نلتقي مع بروين». ولا يزال الكتاب راهنا، خاصة في شقّه التأملي عن الوقت والذاكرة والزمن والفقد، ولا يزال معبرا عن «جيل كان مأخوذا بالحلم وبالوعود الكبرى والآمال العديدة، من دون أن يعرف أن مرحلة الخسران والهزائم ستكون طويلة»، كما قال حسن مَدن في لقائنا التلفزيوني.
«ترميم الذاكرة» رحلة في منافٍ متعددة، لكاتب غادر بلده في التاسعة عشرة من عمره وعاد إليه في الخامسة والأربعين، بعد أن فُرضت عليه «غربة قسريّة إجباريّة، لم تكن اختياريّة، بسبب الظروف السياسيّة التي مرّت بها بلاده في تلك الفترة، حيث كان مقيما في الخارج»، وقد خالف المؤلّف وصيّة غراهام غرين التي صدّر بها كتابه «إذا أدركك الحنين إلى مكان فلا تعد إليه أبدا»، المتطابقة مع وصية فيروز «اللّي بيروح مش لازم يرجع» فعاد مرتين: عودة جسدية بعد أكثر من ربع قرن من الاغتراب، وعودة فكرية من خلال هذا الكتاب، الذي يشبه السيرة الذاتية، كما وصفه صاحبه في العنوان، ولكنه ليس سيرة بخصائصها المعروفة، وقد أكد الكاتب في أحد لقاءاته الصحافية على هذه الفكرة حين قال: «لم يكن في ذهني وأنا أعدّ الكتاب أن أكتب سيرتي الذاتية، كانت هناك أمور تثقلني وأريد أن أخففها»، لذلك كان موفّقا في عتبته النصية الأولى عنوان الكتاب، فهو يعيد ترميم ذاكرته، من خلال كتابة أجزاء منها، إذ إنّ «وجوها كثيرة قد تغيرت ملامحها، وكان عليّ أن أبذل جهدا في ترميم ذاكرتي التي تهشم بعض أجزائها بفعل الزمن»، كما ورد في نصه، وكانت تقنية الاسترجاع أفضل معين له على إنجاز مهمته، فبدأ مذكراته إن صحّ الوصف، برحلة عودته من المنفى، يحدوه الحنين إلى زمن مضى إلى غير رجعة، ويشرح لنا حنينه مع يقينه بأن عملية استعادة الماضي تبقى ذهنية لا تمظهرات واقعية لها، فهو مجرد حنين «إلى الأماكن والأشياء والأشخاص، يفجر في داخلنا حنينا، من نوع آخر، إلى صورة تلك الوجوه والأشياء والأماكن كما طبعت في الذاكرة لأول مرة، حين خلّفناها وراءنا ورحلنا عنها، إلى صورتها قبل أن تتحول إلى ذكريات، حين كان لها مذاق آخر. لقد نسينا هذا المذاق. وكل ما نفعله أننا نحاول فقط استعادة حلاوته، أو مرارته في فمنا، ولكننا.. لن نفلح أبدا»، فأول ما يصدم المؤلف: تغير صورة الأشياء بين المتخيل والواقع كما يراه، فالذاكرة تميل إلى تضخيم الأشياء حتى إن ساحة المسجد «التي كانت في نظره وهو صغير بوسع الدنيا، وكانت لشدة اتساعها تصبح ملعبا لكرة القدم» وجدها مجرد مساحة صغيرة اتسع لها الحلم وضاق بها الواقع، ورسمت مسافة حادة بين مخيلة الطفولة وصرامة هذا الواقع. ومدينته المحاطة بغابة نخيل ساعة السحر، والتي يغسل البحر أقدامها صباح مساء، ومنها استمدت اسمها، أصبح هذا البحر بعيدا جدا عنها و»ما انفك يبعد عن مركز المدينة، أمام زحف رمال الردم وأبراج الكونكريت والزجاج»، وهو ما أبدعت ليلى المطوّع في وصفه في روايتها «المنسيون بين ماءين». ليخلص حسن مَدن بعد هذه الصدمة العاطفية المجللة بالخيبة واليأس من استرجاع ماض لا يعود، إلا أن «الحنين مرض لأنه يعبّر عن رغبة غير متحقّقة في الإنسان».
ولكن ما الذي يغير ملامح الماضي، بل يمحوها ويرسم فوق أطلالها صورة تحمل قساوة الواقع؟ يُرجع الكاتب ذلك إلى الزمن، فيتوقف مؤقتا عن سرد الأحداث ليكتب تأملاته الفلسفية عن الزمن الذي يعرِّفه بأنه «الأطفال وقد غدوا فتيانا، أو فتيات، هو نحن وقد أصبحنا آباء أو أمهات»، ويكتب عن الزمن الفعلي والزمن الشعوري، فدقائق الساعة الستون هي نفسها في حساب القياس، لكنها تغدو ثواني في رفقة المحبوب، وتستحيل دهرا في حضرة الألم، فالوقت ليس قيمة مطلقة مجردة، بل هو كما وصفه كونديرا «المرء لا يقدم وقتا أبدا، إنه يقدم اهتماما، نصائح، معلومات، صداقة، ما أدراني ماذا أيضا؟»، وهذا الزمن هو الذي يستحيل في الغربة القسرية لا نهائيا، حيث يستحيل فيه المؤقت إلى دائم، كما عبر عنه حسن مدن بهذه الجملة الموجعة «الدائم ليس سوى سلسلة من المؤقتات» وفي حالته كان التيه بين المنافي هو الدائم الوحيد لديه، ما أن يراوده شعور الاستقرار حتى يسمع الجملة، التي قيلت له في مصر «النهار ده حتترحل من هنا»، وإذا كان يومها لم يكن قد اختبر بعد «معنى أن يقتلع الإنسان من مكان يحبه ويألفه وتشده إليه أقوى الوشائج»، إلا أن الاقتلاعات المتتالية من بغداد وبيروت ودمشق وموسكو، أكدت له أن ما كان يراه طارئا واستثناء أصبح قاعدة، ولما غازله الدائم بعد ربع قرن، وسمح له برؤية بلده، وصف شعوره بقوله: «لم أكن فرحا ولا حزينا كنت مرتبكا»، فقد انتظر هذا الخبر طويلا حتى كاد أن ييأس أو ينسى، وحين جاءه الخبر فجأة كانت «محفزات الانتظار والرجاء والأمل عنده قد هدأت، أو كفّت عن النشاط».
أشدّ ما يؤلم في الغربة فقدان من نحب، من دون أن نحظى بفرصة توديعهم وهم أحياء، أو إلقاء النظرة الأخيرة عليهم وهو أموات، وليس حسن مَدن استثناء في هذا، فقد مرّ بفقدانات متعددة، أعظمها أنه تلقّى خبر وفاة أبيه وأمه في لحظة واحدة، ويروي كيف عانده القدر للقاء والده في العراق مرارا، أما أمّه فما فتئت تظهر في نصوصه ومنها، نص موجع بعنوان «وصايا الأم» أثبته في شبه سيرته، كما حكى عن فقدان أخويه الوحيدين: الأكبر الذي كان بمثابة والده، والأوسط الذي توفّي في حادث سير مفجع مع ابنة الأخ الأكبر. ولم يجد بدّا من محاولة النسيان مع يقينه بأن «النسيان خديعة ابتكرناها كي نتغلب على الألم الناجم عن الفقد، أو الخيبة أو الأذى».
ليس «ترميم الذاكرة» مجرد استرجاع أحداث وبناء ذكريات شوّهت الغربة ملامحَها، إذ لا بد للثقافة وهي هاجس حسن مَدن الأبدي أن تطلّ برأسها من خلال الاستشهاد بالشعر والسينما والكتب، كما يرسم لنا الوجه الثقافي لبعض البلدان التي استوطنها فحين يعقد مقارنة بين بيروت ما قبل الحرب الأهلية وبيروت ما بعدها، لا ينسى وهو يتحدث عن الدمار، الذي خلفته الحرب في البشر والحجر أن يذكِّرنا بأن عجلة المطابع بقيت تدور، والصحف تصدر في مواعيدها، وليس بمستغرب أن ترى «مبنى متهاويا من آثار القصف وداخله يقام معرض تشكيلي»، وفي بيروت أيضا – وقد عاش فيها خمس سنوات – التقى بالقضية الفلسطينية في شكل جارته البطلة دلال المغربي، فقد كانت فلسطين بالنسبة له «النشيد الأول الذي حفظناه عن ظهر قلب، اسم أول مجلة حائط أصدرناها في المدرسة، واسم أول فريق كرة قدم للهواة تأسس في الحي، وأول هتاف أطلقناه في مظاهرة».
وكذلك الأمر كان المؤلّف شاهدا على واحدة من التحولات الكبرى في القرن العشرين فقد وصل إلى موسكو وهي عاصمة الاتحاد السوفييتي، وغادرها بعد سنوات خمس وهي عاصمة روسيا، حيث عصفت بها رياح البروسترويكا، وهذا الوضع السياسي المتقلّب لم يحل دون أن يحضر الكاتب أشهر عروض الباليه «بحيرة البجع» للموسيقار العبقري تشايكوفسكي على مسرح البولشوي الشهير.
بعد هذا التطواف بين العواصم العربية والغربية نتساءل، هل قال حسن مَدن كل ما عنده؟ يجيبنا بنفسه على سؤالنا مواربة حينا، حين كتب «الكتاب أزاح عنّي ثقل الذكرى إلى حدود كبيرة، وهناك الكثير من التفاصيل والوقائع والأحداث والمشاعر لم تجد مكانها في هذا الكتاب»، ومصارحة مرة ثانية حين صرّح بأنه سيكتب جزءا ثانيا يتناول فيه تجربته السياسية، وبانتظار صدور ما وعد به نتبنى سؤاله: «أكان ينبغي أن تسير الأمور على النحو الذي سارت عليه؟ ألم يكن بالإمكان أن تكون أحسن؟».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"القدس العربي" – 24 تشرين الثاني 2025
********************************************
الخيول تهدأ على أنغام الموسيقى الكلاسيكية
في إسطبل كبير داخل مركز لإنقاذ الخيول على أطراف مدينة لينكولن البريطانية، تُعزَف مقطوعة بيتهوفن الشهيرة «فور إليز» لمجموعة من الخيول. ويؤكد موظفو المؤسسة الخيرية أن الموسيقى الكلاسيكية تُعدّ وسيلة أساسية لتهدئة الحيوانات.
وفي هذا السياق، تنقل «بي بي سي» عن نائبة الرئيس التنفيذي لمؤسّسة «برانزبي هورسز» إيما كارتر قولها: «إنها تستمتع بالاستماع إلى الموسيقى».
ويحتوي الإسطبل على مجموعة من الخيول تُعرف باسم «ذا باي بويز»، وهي خيول بنّية اللون من فصيلة الخيول الأصيلة المعروفة بنشاطها وحيويتها.
ومع بلوغ لحن البيانو ذروته، بدت آذان الخيول كأنها تتفاعل مع الموسيقى. وتوضح إيما كارتر: «تشير البحوث إلى أن الموسيقى تساعد في خفض هرمونات التوتر وتقليل معدّل ضربات القلب». وتضيف أن الخيول لا تُظهر تمييزاً كبيراً فيما تستمع إليه من مقطوعات، لكن القائمين عليها يختارون لها قطعاً ذات إيقاع «ناعم ومنتظم». وتقول مبتسمة: «شخصياً أحبّ الاستماع إلى بعض مقطوعات بيتهوفن».
وتتولى المؤسسة الخيرية إنقاذ الخيول وإعادة تأهيلها، وبعضها يأتي من ظروف صعبة وصدمات، ويشير العاملون إلى أنّ الموسيقى الكلاسيكية الهادئة ساعدت بشكل واضح في تخفيف توتّر هذه الحيوانات.
وتقول إحدى الموظفات، وهي لويز هانسون: «يمكنك رؤية آذان الخيول وهي تلتقط كلّ شيء»، في حين تستمر المقطوعة في العزف. وتضيف أن بعض الخيول تُشغَّل لها الموسيقى خلال فترات الراحة التي يحدّدها الطبيب البيطري. وتصف الاستجابة الجسدية الواضحة للحيوانات، قائلة: «ترتفع رؤوسها ثم تنخفض تدريجياً، ويسترخي تعبير وجهها بالكامل».
وتشير لويز إلى أنّ خيول «ذا باي بويز» من أكثر السلالات نشاطاً واندفاعاً لأنها مربّاة لذلك؛ ولهذا فإنّ رؤيتها تهدأ بفعل الموسيقى تُعد تجربة «مجزية حقاً». وتُتابع: «تقترب منا، تراها تسترخي وتتفاعل مع اللحن بشكل واضح».
ولا يُعد تأثير الموسيقى الكلاسيكية على الحيوانات أمراً جديداً. فعام 2012، أظهرت دراسة نُشرت في «مجلة السلوك البيطري» أنّ الموسيقى الكلاسيكية يمكن أن تساعد في تقليل القلق لدى الكلاب.
وتقول مديرة رعاية الخيول في «برانزبي هورسز»، رايتشل جينكينسون، إن الفرق التي تخرج لإنقاذ الخيول من المواقف الخطِرة تلجأ أحياناً إلى الغناء لتهدئة الحيوانات. وتوضح: «نُغنّي بنبرة منخفضة جداً، فهذا يساعد على تهدئة تنفس الجميع ويجعل الوضع أكثر هدوءاً. فالخيول حيوانات اجتماعية جداً». وتشير أيضاً إلى أن الموسيقى تساعد أحياناً في تخفيف أثر الأصوات غير المألوفة على هذه الحيوانات.
وفي النهاية، يقول العاملون في المؤسّسة إنهم تبنّوا استخدام المقطوعات الكلاسيكية الشهيرة، سواء لموتسارت أو لتشايكوفسكي. وتؤكد الملاحظات أنّ هذه الخيول تستمتع بها بالفعل، وفق قولهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"الشرق الأوسط" – 28 تشرين الثاني 2025
********************************************
عشر سنوات على رحيل مهندسة {الحريم} فاطمة المرنيسي
سعيد منتسب
فتحت فاطمة المرنيسي، على نحوٍ غير مسبوق، الباب على مصراعيه لإعادة صياغة معنى "الحريم" بعيداً عن الرؤية الاستشراقية التي لم ترَ فيه سوى فضاء إيروتيكياً تتنافس فيه الإماء والجواري من أجل إمتاع "الأسياد"؛ رؤية تميّزت بالإخفاق في تمثيل التراتب الثقافي داخل هذا الفضاء، وبغياب الجرأة في الدخول في تفاصيله النفسية، وفي كشف نمط العلاقات السائدة فيه، وفي تأشير العلاقة المتكسّرة بينه وبين العالم الخارجي الذي يحتلّ الرجل (الذكر) المركز الأساسي فيه.
الجنس هندسة اجتماعية
غداً 30 من نوفمبر/ تشرين الثاني، تحل الذكرى العاشرة لرحيل عالمة الاجتماع المغربية فاطمة المرنيسي، التي دأبت، منذ أطروحتها الأولى "ما وراء الحجاب: الجنس كهندسة اجتماعية"، على الحفر التاريخي والجينيالوجي في تاريخ "الحريم" والتمثّلات "الذكورية" في اشتباكها مع الرؤى الاستشراقية والإسلام والماركسية.
عارضت المرنيسي الصورةَ الاستشراقية التي ترى أنها تخدم خيال الغرب أكثر مما تعكس واقع النساء. لذلك أعادت قراءة المصادر العربية نفسها — المؤرخين وكتب الأدب — لإظهار أن المرأة لم تكن دائماً مهمّشة، وأن حياة القصور والحريم كانت أكثر تعقيداً مما يُروَّج له في الخطاب الغربي.
في ضوء هذه المعارضة، المؤسسة على تجربة ذاتية صاغتها في كتاب "نساء على أجنحة الحلم"، أعادت فاطمة المرنيسي صياغة مفهوم الحريم من الداخل، لا بوصفها باحثة سوسيولوجية فقط، بل كامرأة عاشت بعض تجليات هذا الحريم اليومية في مدينة فاس. وهو ما منح كتاباتها حول الحريم قوة استثنائية تمزج بين الذاكرة الشخصية والخبرة الميدانية والتحليل النظري.
بيت تحكمه العادات
في كتابها السردي "نساء على أجنحة الحلم"، الذي ترجمته فاطمة الزهراء أزرويل، قدّمت المرنيسي شهادة حية عن طفولتها في بيت تحكمه العادات والتقاليد، بيت كبير يشبه الحريم لكن دون مبالغات استشراقية. تلك التجربة الشخصية كانت الشرارة التي ستفتح للمرنيسي باب السؤال: ماذا يعني الفصل بين النساء والرجال؟ لماذا يحدّد النظام حركة المرأة داخل فضاء مضبوط؟ وهل الحريم مجرد عادة اجتماعية أم تقنية سياسية لإنتاج الطاعة؟
منظومة كاملة من الحدود المرئية واللامرئية
أدركت المرنيسي، من خلال التجربة، أن الحريم ليس مجرد جدران تعزل النساء عن الرجال، بل منظومة كاملة من الحدود المرئية واللامرئية، من "الممنوع" و"المسموح". وبدأت بناء مشروعها الفكري حول الحريم، فكان "الحريم السياسي" خطوة أولى نحو فك الارتباط بين الحريم بوصفه فضاء منزلياً وبين السلطة بوصفها فضاء رمزياً. ذلك أن الحريم، كما تراه، طريقة لإدارة الجسد الأنثوي وتحجيم صوته داخل النظام السياسي. ولعل هذا ما حدا بها إلى تأليف كتاب "ما وراء الحجاب/ الجنس كهندسة اجتماعية" (ترجمة فاطمة الزهراء أزرويل)، حيث صاغت نظرية أوسع تربط فيها بين مفهوم الحريم، وتبيّن كيف تُصنع هشاشة المرأة عبر منظومة من المعتقدات والعادات والقوانين التي تهدف لتحويلها إلى كائن يمكن التحكم فيه
تحدثت المرنيسي في هذا السياق عن وظيفة الغرائز ودور المرأة في الحياة الجنسية، وعن الرقابة على المرأة و"الزواج كمجال للصراع" و"المعنى الضمني للحدود"، وذلك من خلال قراءة ذكية للتراث الإسلامي، حيث أعادت طرح السؤال حول علاقة السلطة بالمرأة، مبينةً كيف كان التحكم في فضاءات النساء جزءاً من هندسة الحكم، ما يدلّ على أن الحريم مؤسسة سياسية وأداة لضبط الفضاء الاجتماعي، وأنه جزء من بنية الحكم التي تهدف إلى تنظيم الحركة داخل المجتمع من خلال تقييد المرأة.
هذه القراءة السياسية تُسقط فوراً الفكرة الغربية التي ترى الحريم بوصفه عالماً غريباً ومبهَماً، متعةً للعين وغموضاً للخيال، لتضعه في سياقه الطبيعي: فضاءً للمراقبة والسيطرة. وهنا يصبح الاستشراق، في نظرها، إسقاطاً لرغبات الغرب على موضوع لا يعرفه إلا من داخله.
وهنا تختلف مع الباحث الأنثروبولوجي الجزائري مالك شبل، الذي يقترب من الحريم من زاوية الخيال الجنسي العربي - الإسلامي، أو ما يسميه هو نفسه "الأنثروبولوجيا الإيروتيكية للإسلام"، التي تنظر إلى الحريم بوصفه فضاءً رمزياً أنتجته المخيلة الإسلامية، وارتبط — في جانب كبير منه — بالترف واللذة والشعر والجواري وسحر الشرق؛ فهو، عكس المرنيسي، يحاول أن يفهم كيف تشكّلت صورة الحريم بوصفها جزءاً من الخيال العربي، وفي الوقت نفسه بوصفها جزءاً من الخيال الغربي عن الشرق.
أشكال جديدة أو مغيّبة من الحريم
ولأن الحريم يتحرك ويتحوّل مع التاريخ، أصدرت المرنيسي كتابها "هل أنتم محصنون ضد الحريم؟" (ترجمة نهلة بيضون)، لتكشف أن المجتمع الحديث، الذي يفاخر بتمدّنه، لا يخلو من أشكال جديدة أو مغيّبة من الحريم: الحريم الإغريقي والروماني، حريم الكاهن الألماني الذي يدافع عن تعدّد الزوجات، حريم المؤسسات التي تحدّ من صعود النساء، حريم العلاقات اليومية التي تُنتج قيوداً أشد نعومة. لقد كان السؤال موجّهاً للقارئ المعاصر: هل خرجنا بالفعل من زمن الحريم، أم أننا بنينا حريماً شفافاً لا نراه، لكنه يضبط سلوكنا ويعيد تشكيل علاقاتنا؟
لقد حوّلت المرنيسي الحريم إلى سؤال كوني مفتوح، وإلى مجال حيوي للسلطة، انطلاقاً من رصد الكيفية التي يتشكّل بها الجسد، اجتماعياً وسياسياً، بين القيود والاحتمالات، خاصة أنها ترى أن الحريم شبكة من العلاقات المستمرة، قد تتخذ شكل جدار، أو شاشة تلفاز، أو قانون عابر، أو حتى نظرة اجتماعية.
لقد تمكنت المرنيسي من خلخلة البنية السياسية لفكرة الحريم، كما اتخذت موقفا حاداً من الاستشراق الذي شوّه،
في نظرها، صورة المرأة في المنطقة العربية حين حوّلها إلى موضوع فرجة أو رمز جنسي بلا تاريخ اجتماعي ولا معاناة يومية. ومن ثم،
فإن كل كتاباتها حول الحريم تشتغل لنزع الشرعية عن نظرة الغرب، وإعادة بناء المفهوم من الداخل، عبر التجربة الشخصية، والبحث السوسيولوجي، والحفر النقدي في التراث.
ــــــــــــــــــــــ
"العربي الجديد"
29 تشرين الثاني 2025
********************************************
الصفحة الحادية عشر
ثلاثة كتب للدكتور هاشم نعمة
عن دار الاهوار/ بغداد، صدرت ثلاثة كتب جديدة للباحث د. هاشم نعمة هي:
* موضوعات اجتماعية- اقتصادية معاصرة/ مع التركيز على حالة العراق.
* العراق/ دراسات في المتغيرات السكانية.
* قراءات فكرية – سياسية.
يعد المؤلف من ابرز الكتاب العراقيين المغتربين الذين يتناولون الواقع السياسي والاقتصادي والمعرفي العراقي بالدراسة المعمقة والتفاصيل الدقيقة وصولاً الى حلول علمية ناجحة.
******************************************
الوجع والاستلاب في نصوص مختارة من السرد النسوي
أ.د. رباب هاشم حسين*
نتناول في هذه الدراسة النقدية أربعة نصوص في القصة القصيرة لأربع كاتبات عكست كل قصة نوعا من الاختلاف والخصوصية في التعبير عن الوجع الاجتماعي والإنساني والأنوثة المستلبة في ظل واقع مأزوم وملتبس. وهن على التوالي :
1-الخوافات لا نعام كجه جي
2-غيبة لميسلون هادي
3- ظلال هائمة لولام العطار
٤- خواء لزهراء ناجي
وقبل الشروع بهذه الدراسة نكشف عن توظيفنا واستخدامنا لمصطلح السرد النسوي الذي يبدو مصطلحات قلقاً وفضفاضاً حيث يستخدم على وفق توجه وتعريف اجرائي أكثر منه مصطلحاً موضوعيا ودالا فالادب أوسع من أن يقسم الى تصنيفات وخانات وتمركزات تعكس رؤية قاصرة لمفهوم الأدب الانساني بوصفة رؤية كلية لاتتجزأ محور الأنسان وهمومه وتطلعاته وليس مجرد استقصاء لزوايا وتقسيمات توحي بنوع من التأثير الشكلي والهامشي، فالادب لاينتمي الى الهويات الفرعية والخطاب المتضخم الفرعي .
والمقاربة الاخرى ترتبط بطبيعة وخصائص كل نص من النصوص الأربعة التي تمثل تجارب مختلفة على مستوى المضمون أو الثيمة القصصية بالإضافة إلى اختلاف الكاتبات من حيث المجايلة فهي تجارب من أجيال مختلفة تكشف عن نوع من الاختلاف في الأسلوب والفكرة والتقنيات والمنظور الجمالي والفكري.
ولاتنعدم كليا عوامل المشترك والمؤتلف بينها من حيث الاشتباك مع تجليات الوجع والاستلاب ومن زوايا متباينة وأختيار كل كاتبة لبؤرة عبرت بها عن هذه المشتركات .
وتمثل قصة (الخوافات) توجهاً للكشف عن هموم وفوبيا الخوف والرهاب والتطير الذي يسكن على سبع شقيقات كل واحدة يتقاسمها الخوف الفادح من قوة أستلابية تحيل أنوثتها الى خراب وقلق وضياع وتحيلها الى كائن مهزوم ومستلب يجتر مخاوفة نتيجة القمع الذي يهيمن عليه من خلال القمع الاجتماعي والذكوري ويتحول إلى فوبيا مهيمنة ويكشف العنوان عن سيميائية هذه الدلالة فالخوافات سجينات لخوف داخلي راسخ ومقيم فضلاً عن دلالة الرقم (٧) ومايعكسه من رمزية منتجة لمعنى الانفراد والعزلة والهيمنة بوصفه رقما فرديا ويعكس المقطع السردي الآتي هذا الأستهلال الكاشف:
(نحن سبع شقيقات كلنا خوافات ،أختي عاتكة كبرانا تخاف السرطان الذي التهم ثديها الأيمن فاستعاضت عنه بقطعة من البلاستيك، تدسٌها في صدريتها كل صباح فيعتدل مظهرها.وفي الليل تطفيٌ أختي نور غرفتها قبل أن تخلع ملابسها ثم ،وكمن يكش عنه عقربا سامة ،تخلع الثدي الكاذب وترميه في عتمة خزانة الثياب ،محاذرة ان تنظر اليه ،تعيش عاتكة خوفا مستمرا من أن يمتد السرطان إلى ثديها الأيسر وبطنها وحنجرتها ورحمها وبقية أجزاء جسدها )
وتكشف القصة عن طبيعة كل خوف لكل شقيقة وكأنه أقتسام قدري واستلابي، فعفاف تخاف من زوجها ومن تجريحه المستمر،ولاسيما بعد أن أكتشف علاقة قديمة لها :((عفاف تخاف من زوجها .من تجريحه المستمر لها لأنها أحبت قبله زميللاًلها في الجامعة ،سافر ال هولندا لإكمال دراسته ولم يعد )).
أما عاطفة (( فليس لها زوج تخاف منه لكنها تخشى الزمن تضع وجهها في وجه المرأة ساعات طوال )) حتى أنها تخشى أو تتطير من حفلات عيد الميلاد .
فشكل الخوف من الزمن قوة استلابية لها.
أما الشقيقة وصال فانها مصابة بالخوف والذعر من مديرها في العمل وهذا يعكس الهيمنة الذكورية والاجتماعية مع أنها أنتمت الى الحزب لكي تتخلص من ضغوطاته وهي إشارة للاستلاب والهيمنة السياسية المتسلطة .
أما منال فتخاف على خطيبها وهو ابن عمها فقد أخذته الحرب الى المجهول وظلت تخاف أن تختطفه وحشيتها وهي تتبع أخبار القتلى والشهداء ويجسد خوفها الفوبيا من الحرب
أما الأخت الأجرأ فهي منى فهي لا تخاف الا من ذاتها الجامحة ونزواتها العنيفة مما يقودها الى الدمار وبهذا فهي تعاني تآكلا داخليا .
وتأتي الأخت السابعة وهي الساردة المتماثلة حكائيا بحسب تصنيف جيرار جنيت حول السارد المشارك في السرد فهي تعاني فوبيا أو خوفا من مجموعة من مدرائها رئيس الشعبة والقسم والمدير والتطير من اسئلة ارتيابية حول الزوج والانتماء السياسي ،وبهذه الأجواء تصنف لنا القصة انواع الخوف والرهاب الذي يهيمن على الذات الأنثوية ويحيلها الى كائن هش ومستلب ولاسباب متعددة ومتباينة.
أما قصة ميسلون هادي الموسومة (غيبة) فهي تتناول حياة امرأة تحمل هذا الاسم وهي (( عجوز ناحلة لا ترتدي لونا زاهيا ولا تشتري ثوبا تطير حوله الفراشات )).وهي كائن أنثوي مستلب بسبب الخوف الداخلي لمنع حدوث اي طارئ حتى يتحول هذا الشعور الى رهاب داخلي فهي تخاف من كل شيء وتتطير من التفاؤل والأمنيات وليس على لسانها سوى مفردة (لا) ورفض كل جديد متقوقعة حول ذاتها وقد تحولت إلى عانس واصبحت مثل شجرة ذاوية تومن بالزوال والعدمية مما يحيلها الى استلاب داخلي وتشاؤم من كل شيء فهي منزوعة الوجود قلقة مهزومة من الداخل وهو نوع من التصلب الذاتي يجعلها في عزلة من الحياة وتصبح متناغمة مع أسمها وهي تعيش في غياب دائم .ولعل أبرز دلالات الانسحاب من الحياة هو رفضها الزواج لتعمق حالة العزلة والخواء والإصرار على الانتكاس الداخلي وموت الأمنيات والأمل وهي تعكس نضوب الروح والجسد وغياب الحلمية باتجاه الانغلاق والانسحاب وتصبح كائنا معزولا خاويا يعكس نوعا من الخراب والتصلب الذاتي وموت روح الأنثى وهي تجتر أحزانها وخوفها من المجهول وبهذا تكشف القصة عن أنوثة محملة بالقهر والقمع وعدم التفاعل مع الواقع الاجتماعي والتناقض الصارخ بين الذات الأخر.
ويمكن الأستدلال بهذا المقطع السردي الدال لهذا التوجس والتآكل الداخلي لبطولة القصة.
((ذات عيد سألنا بعضنا البعض : ماهو السر في كلمة (لا) التي تكررها خالتنا غيبة دائما .. أتفعل ذلك لأنها لم تتزوج أو تسافر أو تتنزه في حياتها ؟ قالت غيبة :
كلا ليس هذا هو السبب ،لانعرف حقا كيف سمعتنا ونحن نتحدث بصوت خفيف فتجرأنا واعدنا سؤالنا بصيغة أخرى ماقصتك ياخالة غيبة لماذا تقولين (لا) على كل شيء نفعله في هذه الحياة .....لماذا ...فعلا ..صمتت غيبة طويلا ،فتحركت ستارة النافذة ،ثم اشتدت حركة الريح وتساقطت أوراق الأشجار كلها على الأرض))
وتمثل قصة "ظلال هائمة" توجها مختلفا عن القصتين بدءا من سيميائية عنوانها الشعري المتناغم والمتضافر مع المعنى أو الرسالة التي تنطوي عليها القصة وتتناول موضوع الأيمان بالحقيقة والمسار الذي يجب على الذات الأنثوية ان تتمسك به وتحوله الى مساحة وبؤرة للقوة والتماسك والسير في الحياة القائمة على استلهام القوة والتفاؤل وعدم الأنتظار غير المجدي والأمساك بقوة التدفق وبسالة وجمالية الحلم
كل هذه التوجيهات تعكس نوعا من الظلال الشاعرية التي ينبغي على الذات المتكسرة أن تتماهى معها وهذا المضمون الإنساني يعكس قدرة الانوثة المقهورة على ان تستعيد توهجها الداخلي وتتعامل مع الحياة والواقع بهذه الومضة الداخلية المشعة .وان تحول الخوف الى ثبات وتماسك وقد انتابها في البدء الخوف أو الفوبيا من فتح الرسالة التي تركها لها جدها معلم الملك ،لكنها انتصرت على خوفها وترددها واحباطها وامتدت يدها الى الرسالة بعد انتظار وخوف .
(( همست لنفسها ، لكن السؤال لا يحتاج الى أجابة ، الصوت الذي يهمس في رأسها كل ليلة تعرفه جيدا حيث فتحت الظرف ،لم تجد سوى سطر واحد كتب في عتمة أو في لحظة بكاء -حين تهرب من ظلك ،لاتنسى انه يعرف الطريق إليك...حاذر أهمال وجوده أو الأيمان بسواه ...ارتجف قلبها تذكرت تلك الليلة التي هربت بها من مدينتها وحبه ، ظانه ان السفر إلى مدينة لا تعرف عنها شيئا يكفي لمحو حكاية أذكى من النسيان تبعها ظلها أينما اتجهت بصمت مريب ،فتحت النافذة فاندفعت نسمة ثلجية باردة ،مصحوبة برائحة تراب مبلل)).
لقد عكست القصة نوعا من ضرورة النظر الى الحياة والهموم بمنظور الأيمان واستلهام البواعث الجميلة والأحلام التي بمقدورها هزيمة التردد والخوف والتوجس.
أن استثمار الخوف الايجابي والذي يوصل الذات الأنثوية المنكسرة والمترددة الى بوابة الفعل التواصلي الحقيقي مع الظلال التي لم تعد هائمة بوجود الحقيقة التي نصنعها وهي تقترب من رجل يمثل لها نوعا من الظلال الجميل أذ تقول ((كل ما فيها ينازعها: خوف قديم يسحبها الى الوراء حنين جارف يدفعها بخطوات خفية الى أمام، تذكرت أخر نظرة تبادلاها عند محطة القطار ،يوم أدار وجهه عنها دون تلويحة وداع تحمل في حقيبتها قراراتها الجازمة ،وألا تغفر ....لم تفهم ان الغفران ليس هدية نمنحها للآخرين ،بل الهواء الوحيد الذي نتنفسه لنواصل الحياة)).
وبذلك تعبر القصة عن قوة الأختيار وفهم مجريات الواقع وجعل الغفران نوعا من التجاوز لتحقيق الذات والتماثل مع الآخر وهي دعوة لعدم التصلب الذاتي واجترار الخوف والتردد وإيجاد مسافة للعودة الحياة وكما نرى أنها أختلفت في الفكرة والمعالجة عن القصتين انفتي الذكر بالانتماء الى الحل الشاعري ولذلك جاءت لغة القصة بصيغة المفردات وهيمنة النسق الشعري لتتكامل الفكرة مع الأداء الجمالي والتعبيري
ونلاحظ أن بهذه الخصائص وطبيعة الاشتغال تأطر السرد بالمنحى والصياغة الرمزية وأصبحت القصة تنتمي الى شعرية الترميز وعلى شكل فسحة من التفاؤل والأستجابة للذات الأنثوية وهي تغادر خوفها وترددها الداخلي الذي ألتصق بالعزلة والتصلب ويحيلها الى كائن سآلف معزول متوقف عن النضوب والتدفق،
ان الشعرية هنا لم تجعل الساردة أحداث قصتها كبيرة أو عمودية لأنها أكتشفت بهذا الأنثيال (افقي)الشاعري وصوغ الفكرة على ضوء هذا الفهم المرن للحياة وصنع الموقف والمبادرة الى التوق وليس الانغلاق على الذات وبما يجعلها في ذروة المواجهة وفي عمق حركة الحياة من خلال استنهاض التوق الداخلي وأختيار شعرية الموقف للتخلص من أعباء التأزم بكل صوره وتداعياته ،وتأسيس لعلاقة انتماء مع الأخر التي تقوم على ادراك المشترك فتحقيق الذات لايتم الأ عبر الآخر التي تقوم على التي تقوم على إدراك المشترك فتحقيق الذات لايتم الا عبر المبادرة والتوجه اليه لردم المسافه أو الهوة بين الذات والأخر وكسر صلابة التوقع الداخلي الذي يومي بنوع من النرجسية والفهم الاحادي ،أنها قصة تدعو الى تفعيل الذات باتجاه الحل المتوازن للتخلص من التوازن المفقود .
وأذا كانت قصة "الخوافات" قد وظفت البعد السايكولوجي في بناء القصة واستعراض الخوف الداخلي والفوبيا للاخوات السبع فإن قصة "غيبة" قد أستعرضت واستلمت أزمة الذات الأنثوية وفق التأزم الاجتماعي والشعور الحاد بالوحدة أما ولام العطار فصاغت قصتها وفق اشتغال شعري ورمزي مما يعكس الاختلاف والتباين في معالجة ومقاربة أزمة الذات الأنثوية والقمع والاستلاب والقهر الذي يحاصرها.
أما قصة "خواء" للقاصة زهراء ناجي فأنها تنحو منحى بعيدا كل البعد عن المعالجة النفسية أو الواقعية والرمزية باتجاه توظيف النسق الفانتازي والسرد العجائبي وهي تتصدى لهم أنساني وليس للذات الأنثوية فحسب وانما تصنع مفارقة فانتازيا وهي تسرد قصة أنسان فقد راسه في حالة إعدام جماعي وآخر فقد راسه في حادث سير مما يجعل الأخير يستعير الراس المعدوم بعد أن بقي زمناً يستخدم رأسا بلاستيكيا ولعبة تبادل الرؤوس التي تعكس اشتغالا فانتازيا يكشف عن الوحشية والقبح وأساليب التسلط والموت بسبب الاستبداد والقهر ومحو الأخر واستهداف الجسد بوصفه المعنى الحياتي والرمزي للكينونة الإنسانية والذي يحيل الانسان الى ذات متشظية متقطعة والى خواء مدو ونهاية تراجيدية.
ان قصة (خواء) تقرن تراجيديا الأسى ونزعه عن الجسد في متلازمة الحرب والقتل الجماعي وهي بذلك تدين الحرب والاستبداد السلطوي اللذين يسعيان الى استهداف الجسد والرأس وفصل كل منهما عن الآخر لتحقيق الموت والخواء والصمت الوحشي.
وقد عبر الاستهلال عن هذه الدلالات بدقة الوصف وعمق الدلالة والدخول الفانتازي السريع :(( قبل أن يخلد الى النوم، خلع راسه من بين كتفيه ووضعه تحت الوسادة ،فقد تعود على ذلك منذ أن فقد راسه في إعدام جماعي وهو وسط أشلاء القتلى في حفرة عميقة ،عرف فيما بعد أن لصا عبث في الأجساد، بحثاً عن شيء ثمين يسرقه فلم يجد غير أدمغة مهشمة ،وراس واحد بدت ملامحه كاملة ،اخذه وباعه لرجل عاد من للحرب بلا رأس ..الراس الجديد ليس على قياسه تماما فهو رجل أضخم منه مات في حادث سير ، وجده وسط المقابر حين ينبش السحرة التراب لتتلقف ايديهم من فنون الشعوذة في جماجم داخلها أرواح الجن..)).
وبذلك أصبح الاختلال علامة لهذا التركيب الجديد بين الجسد والرأس وبهذه التوليفة الفانتازية (أن تعيش برأس غيرك ) وهي صورة تحمل الكثير من الغرابة الاستفزازية رديفا دلاليا لمعنى المراد من تجسيد وحشية الحروب والقتل الجماعي الذي يغتال جسد وروح الأنسان ويحيله الى خواء وعدمية مقيتة .
اننا نلمس هذا في هذا المقطع السردي: الغريب انه كلما مشى في طريق وجد جسده يتجه الى ناحيته ،بينما الرأس يتجه دوما الى الناحية التي يوجد فيها قبر صاحب الجثة مما دفعه الى ان يفقأ عينة حتى تنتهي معاناته ،فلا يتيه بين الاتجاهات المتراكمة))
لقد حققت القصة اختلافها عن القصص الثلاث السابقة بتوظيفها النسق الفانتازي وتقديم بشاعة القتل والحروب . وقدمت وصفا كابوسيا لتحقيق الاستفزاز وتصوير القبح الذي يهيمن على الحياة جراء فعل الحروب والاستبداد والموت الذي يمسخ الأنسان وجسده وعقله ويجعله صورة مسوخية تقتل معنى الانسجام والتناغم وتكشف عن اختلال وشرخ وانكسار لمعنى الكينونة الانسانية ومحو الجمال والقوة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* أستاذة في كلية التربية / الجامعة المستنصرية
********************************************
رأي قراءة في الألم الخفي
فرح غارس عدنان
الحساسية العالية التي يتمتع بها كثير من الأدباء ليست مجرد صفة، بل هي طريقة معيشة تجعلهم أكثر عرضة للألم النفسي. فالأديب غالباً ما يرى التفاصيل الصغيرة ويشعر بتقلبات العالم بحدة أكبر مما يفعل الناس العاديون. هذه القدرة على الالتقاط الداخلي قد تمنحه إبداعاً مميزاً، لكنها في المقابل تضعه في مواجهة دائمة مع ذاته، ومع توقعات المجتمع الذي يريده ثابتاً، قوياً، ملهماً، بلا ضعف ولا انهيار. تجارب الانتحار أو محاولاته عند بعض الأدباء ليست ناتجة عن لحظة اندفاع، بل عن مسار طويل من الضغط النفسي والقلق الداخلي. سيلفيا بلاث مثال على ذلك؛ كانت تعيش صراعاً مستمراً بين رغبتها في التعبير وإحساسها الثقيل بالعزلة. إرنست همنغواي، رغم صورته الصلبة التي يعرفها العالم، كان يشعر بضعف داخلي كبير، وتراكمات نفسية لم يعد قادراً على احتمالها. ستيفان زفايغ فقد ثقته بالعالم حين رأى الحرب تشوّه ما كان يؤمن به، ومع تفاقم إحساسه بالاغتراب قرر إنهاء حياته. فيرجينيا وولف بدورها عاشت حالة من الاضطراب النفسي جعلتها غير قادرة على التعايش مع ضجيج أفكارها. في العالم العربي، خليل حاوي من الشخصيات التي انهارت تحت ثقل الإحساس العميق بالخيبة والضغوط التاريخية والسياسية. أما مي زيادة فلم تنتحر لكنها حاولت ذلك أكثر من مرة، تحت وطأة الوحدة والاكتئاب والخذلان. هذه الأمثلة تكشف أن المثالية التي نضعها على اكتاف المبدعين لا تتوافق مع طبيعتهم الإنسانية. إنهم ليسوا نماذج مكتملة، بل أشخاص يعيشون بصعوبة أحياناً، ويحاولون أن يقدّموا للعالم شيئاً رغم هشاشتهم. السؤال الذي يبقى حاضراً: إلى أي حد نستمر في مطالبة الأدباء بأن يكونوا قدوة مثالية؟ وإلى متى نتوقع منهم تجاوز الألم دون أن نسأل عن معاناتهم؟ المجتمع كثيراً ما يتعامل مع المبدع كأنه مصدر إلهام دائم، بينما هو في الحقيقة إنسان قد يتعب، ينهار، ويصل في مرحلة معيّنة إلى نقطة لا يجد فيها دعماً أو فهماً كافياً. إن فهم دوافع انتحار بعض الأدباء يبدأ من الاعتراف بأن الحساسية العالية ليست ضعفاً، لكنها قد تتحوّل في ظروف معينة إلى عبء كبير. والمطلوب منّا ليس أن نحاكمهم، بل أن نتوقف عن النظر إليهم وكأنهم مطالبون دائماً بالثبات، وأن نتفهّم أن وراء النصوص والأعمال أشخاصاً يعانون أحياناً أكثر مما يُظهرون.
**********************************************
قصة قصيرة زيارة أبي
محمد محمود غدية / مصر
زارنى أبي فى الحلم، لم أفلح فى إخفاء قدح الحزن من فوق الطاولة، كنت قد تناولت منه رشفتين، المرارة ما زالت عالقة فى الحلق، مشتاق لوجه أبي الطيب وكلامه العذب وإبتسامته التى لا تفارقه ومسبحته الكهرمان، معذرة يا نهراً من طيب العنبر لفوضى المكان، لابد وأنك مررت بهذه الفوضى فى الخارج أثناء قدومك هنا، لا تدهش لتبدل الإنسان فى هذا الزمان، لم يعد الصديق يزور الصديق للإطمئنان على الصحة، والأبناء تفرقوا وتباعدوا ! الصديق يزور الصديق لبث الهموم وشكوى الزمان، هذه القصاصات المتناثرة على الطاولة وفى الزوايا، أدفع بها لبعض الصحف والمجلات، رغبة فى مشاركة الأشياء والتأملات كي لا أموت، وأدفع بمثلها فى سلة المهملات، كيف دخلت يا أبي من باب البستان، والبستان منذ رحيلك مغلق. معذرة للسؤال؟ لأنك فى أغصان هذا الكون مثل تدفق الأمطار تفتح أفاق الخصوبة، تدفع بين الناس الكلم الطيب والمودات، وتريح النفس من العداوات، الهم نصف الهرم، يطاردنا كما يطارد الضوء الحارق الفراشات، محشورين فى قطار طويل يتأهب للرحيل، تذهلنا الحياة بمنطقها المفاجىء وغير المتوقع،
- نعم يا أبي : ينبغى مواجهاتها دون التعمق فى فهمها !
- يسألنى أبي الطيب :
لماذا لم تتزوج بعد وفاة الزوجة وعن الأبناء ؟
- لم أجبه .. !
وهو لم ينتظر اجابتي قائلا : المرأة يا ولدى هى الأمان، وفرملة الرجل التى تحول بينه وبين السقوط، فى برائن الوحشة،
أسمعت أبي كلمات الشاعر خليل حاوى :
إنى أموت / مضغة تافهة / فى جوف حوت .
- قال أبي : أتبحث عن موت تشتريه، لأنك ترى العيش كريه
لا خير فيه !
من يبدر الشوك يجنى الوجع، إزرع المعروف تحصد الخير،
مائة صديق قليل وعدو واحد كثير،
إبغض العداوات وأغنم المودات،
ما أجملها عطايا السماء للزرع والإنسان وكل الكائنات،
يعاود أبي السؤال عن الأبناء : أأخبره عن هواتفهم المتباعدة، وكيف يمر العام دون رؤيتهم،
- رغم أن الكلمات تشكلت فى جمل صحيحة ووصلت إلى فمى ودورها لسانى بين أسنانى،
إلا أننى لم أجرؤ على لفظها !
لكن أبي الشيخ الطيب،
قرأ الجواب فى دمعات عينى التى إنهمرت كالمطر،
ثم غاب.
*********************************************
الصفحة الثانية عشر
قضايا المرأة تتصدر ندوات معرض الكتاب
متابعة – طريق الشعب
تصدرت قضايا المرأة ندوات معرض العراق الدولي للكتاب، المقام حاليا في بغداد تحت عنوان "100 نون نسوية"، ما فتح مساحات نقاش مُعمّقة حول قضايا المجتمع والثقافة والتحوّلات الفكرية في المنطقة.
تاريخ آخر للعراق
واحتضنت قاعة الندوات جلسة بعنوان "حين تتكلم النساء.. يُكتَب تاريخ آخر للعراق"، تحدثت فيها الباحثة نهلة النداوي وأدارها أثير محمد شهاب.
تحدثت الباحثة عن مشروع بحثي يُشرف عليه المجلس العربي للعلوم الاجتماعية في بيروت بالتعاون مع الجامعة الأمريكية، يهدف إلى توثيق التاريخ الشفوي للنساء في المنطقة العربية، مبينة انها كُلفت بتوثيق شهادات لنساء العراقيات، فاختارت جيل السبعينيات موضوعاً للدراسة، وهو الجيل المولود بين أربعينيات وبدايات خمسينيات القرن الماضي.
وأشارت إلى أن "هذا الجيل يتمتع بخصوصية تاريخية فريدة كونه نشأ في أواخر العهد الملكي وتشكل وعيه مع قيام الجمهوريات وبدايات تأسيس الدولة الوطنية، ما جعل تجاربه الإنسانية والسياسية والاجتماعية شديدة العمق والتعقيد".
وأضافت النداوي قولها أن "المشروع اقتصر على توثيق شهادة 20 امرأة فاعلة في مجالات العمل السياسي والمجتمعي والمبادرات العامة، نتيجة صعوبة الوصول إلى عدد أكبر بسبب المرض أو الهجرة أو الامتناع عن الظهور الإعلامي، إلى جانب القيود الاجتماعية التي لا تزال تدفع كثيرات إلى التحفظ عن الحديث".
وأكدت أن "فقدان توثيق هذا الجيل يعني خسارة صفحة كاملة من التاريخ العراقي لم تكتب بعد"، منوّهة إلى أن "نساء هذه المرحلة كن شهوداً على فترات السجون والنضال والعمل المسلح، وساهمن في تثبيت مكتسبات تشريعية مهمة، من بينها قانون الأحوال الشخصية الذي شكّل ركناً أساسياً في حماية حقوق المرأة لعقود طويلة".
الثقافة الكردية وحضور المرأة
في السياق، عُقدت جلسة بعنوان "المشاركة الثقافية للمرأة الكردية في إقليم كردستان"، تحدثت فيها كردستان موكرياني وأدارها هافال زاخوي.
وتناولت موكرياني دور المرأة الكردية في الحفاظ على الموروث الثقافي واللغوي من خلال الحكايات الشعبية والقصص والأساطير التي تنتقل عبر الأمومة والأدب الشفاهي من جيل إلى آخر.
فيما استعرضت تطور ما يعرف بـ "الأدب النسوي في البيئة الكردية" عبر مراحل مختلفة، بدءاً من مرحلة الدفاع عن حقوق المرأة التي تصدى لها شعراء رواد في القرن التاسع عشر، وفي مقدمتهم حاجي قادر كويي، مروراً بجيل منتصف القرن العشرين الذي برز فيه الشاعر شيركو بيك س بقصيدته "نسرين"، التي دعا من خلالها المرأة إلى كسر القيود الاجتماعية والتوجه نحو التعليم والعمل باعتبارهما زينتها الحقيقية".
وأوضحت أن "بعض الكاتبات لجأن في مراحل سابقة إلى النشر تحت أسماء مستعارة في ظل القيود الاجتماعية، وهو مسار يعكس حجم التحديات التي واجهتها المرأة في إيصال صوتها إلى المجال الثقافي العام".
الرواية وتحولات المجتمعات
وشهدت قاعة الندوات أيضا ندوة بعنوان "تحولات لا تهدأ: كيف ترصد الرواية العربية تغيّر المجتمعات"، تحدثت فيها الكاتبة البحرينية جليلة السيد والكاتبة الإماراتية إيمان اليوسف، وأدارها حسين سعدون.
وذكرت جليلة ان "الرواية تؤدي وظيفة مكملة للتاريخ. حيث يوثق المؤرخ الوقائع والأحداث، بينما يتولى الروائي رصد التحولات الداخلية في وجدان الإنسان ومشاعره من خوف وألم وهواجس".
من جانبها، ذكرت إيمان أن "الروائي يمتلك مساحة أوسع من الحرية مقارنة بالمؤرخ، الذي يبقى مقيداً بسياقات الوقائع والوثائق. في حين يستطيع الكاتب أن يناور سردياً مع الأحداث التاريخية، وأن يعيد تشكيلها فنياً ليقدّم قراءات متعددة للواقع وتحولاته".
***************************************
في خانقين الشاعر وحيد يوسف يوقّع {حلاق أشبيلية}
خانقين – محمد الخياط
احتضنت "قاعة الشهيد سلام" الثقافية في خانقين، أخيرا، حفل توقيع المجموعة الشعرية "حلاق أشبيلية"، جديد الشاعر وحيد يوسف.
الحفل أقامه اتحاد الأدباء والكتاب في ديالى بالتعاون مع "دار الشهيد سلام" الثقافية، وحضره جمع من الأدباء والمثقفين ومحبي الشعر.
وتضمن الحفل مداخلات عن تجربة الشاعر يوسف. حيث ألقى الشاعر باسم الحربي الضوء على تلك التجربة وعلى أبعاد المجموعة الشعرية الجديدة.
فيما قدم الناقدان د. سامان جليل ود. مثنى كاظم صادق، قراءتين نقديتين عن جماليات النصوص الشعرية في المجموعة. وناقشا موضوعات النصوص ما تحمله من رؤى فنية.
وفي سياق الحفل، قدم قائم مقام خانقين شهادات تقدير إلى الشاعر والمساهمين. وفي الختام، وقع الشاعر وحيد يوسف نسخا من مجموعته.
****************************************
باسم فرات في ضيافة {جيكور}
البصرة – طريق الشعب
ضيف "ملتقى جيكور" الثقافي في البصرة و"دار الادب البصري"، أول أمس الثلاثاء، الشاعر والرحالة باسم فرات، في جلسة حضرها عدد من الأدباء والمهتمين بالثقافة والأدب، فضلا عن الهيئة الإدارية الجديدة لاتحاد الأدباء والكتاب في البصرة.
الجلسة التي نُظمت على "قاعة الشهيد هندال" في مقر اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في البصرة، أدارها الرحالة عبد المنعم الديراوي، وافتتحها مقدما سيرة الضيف الذاتية.
بعدها تحدث فرات عن تجربته في أدب الرحلات، وعن البلدان التي زارها وأقام فيها. وذكر أحداثا ومفارقات مرت به. ثم قرأ نماذج من شعره.
وفي سياق الجلسة، قدم عدد من الحاضرين مداخلات عن تجربة الضيف الأدبية.
وفي الختام، قُدمت إلى الشاعر باسم فرات شهادة تقدير وصورة تذكارية، من "ملتقى جيكور" و"دار الأدب البصري".
*****************************************
يوميات
في مناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان 10 كانون الأول، يُضيّف "مركز بغداد للتنمية القانونية والاقتصادية" بالتعاون مع منتدى "بيتنا الثقافي"، بعد غد السبت، الناشطة المدنية هناء إدور ود. سعد حسين عبد الله، ليتحدثا في جلسة حوارية حول أهم التحديات والآفاق المستقبلية لحقوق الإنسان في العراق، ودور المجتمع المدني في تعزيز قيم الحرية والعدالة.
تبدأ الجلسة في الساعة 11 ضحى على قاعة منتدى "بيتنا الثقافي" في ساحة الأندلس.
يعقد نادي النقد في الاتحاد العام للأدباء والكتاب، بعد غد السبت، جلسة حوارية بعنوان "النقد العراقي بين المنهج والايديولوجيا/ قراءة جغرافيا الفكر والسلطة"، يتحدث فيها الناقدان القديران الأستاذ ياسين النصير ود. ضياء خضير.
تبدأ الجلسة التي من المقرر أن يديرها د. علي متعب، في الساعة 11 ضحى على قاعة الجواهري في مقر الاتحاد بساحة الأندلس.
*******************************************
أما بعد.. (نون) المائة والمائة
منى سعيد
بفخر واعتزاز وفي مبادرة متميزة احتفت مؤسسة المدى في المعرض الدولي للكتاب بدورته الحالية، التي تمتد حتى 13 من الشهر الجاري، بمائة سيدة رائدة من (الراحلات) المؤثرات في المجتمع العراقي، بما قدمن من علم وفن ودراسات في مختلف المجالات ، وعرضت مجسمات خشبية لصورهن تصدرت مداخل المعرض، إلى جانب كتابة أسمائهن على لافتات عريضة، امتدت من سطوح مبنى المعرض حتى أرضيته. كما زيّنت بصور وأسماء سيدات متميزات وتحت عنوان (حاضرات)، جدران أماكن مختلفة في قاعات العرض.
من بين أسماء الراحلات أذكر نزيهة سليم، نازك الملائكة، سليمة مراد، حياة شرارة، بثينة شريف، بولينا حسون، لمعان أمين زكي، زها حديد، ابتسام عبد الله، لميعة عباس عمارة، سعاد العطار ، أطوار بهجت. أما على جدران (الحاضرات) فتصدرت صور وأسماء النساء الفاعلات في مجتمعنا العراقي، ومن بينهن الروائية لطفية الدليمي، سيدة الكتابة - شخصية المعرض ، وسافرة جميل حافظ، ميسون الدملوجي ، ميسون الباجه جي، بخشان زنكنة، فوزية عارف، سلوى زكو، شوقية العطار، كوردستان بيرداود. ولي الشرف وبكل فخر أن صورتي انا أيضا تزين الجدار نفسه.
وقبل هذا وذاك تمثلت رسالة المعرض في تكريس الاعتبار للمرأة العراقية، بما تشكل من ثيمة ومحور رئيسيين، وتكريم دورها الثقافي في المجتمع، واحتواء الذاكرة العراقية لمنجزها، وتوعية الأجيال الحاضرة برموزها الملهمة في كافة مجالات الحياة.
يشكل المعرض حدثا ثقافيا كبيرا، ونافذة مشرعة لإطلالة العراق على الخارج، وللإقبال على الكتاب المطبوع بكثافة تُكذّب مقولة انتصار القراءة السريعة والمختصرة في وسائل التواصل الاجتماعي.
وقد شهد ندوات دارت حول محور المرأة: "المرأة وأهوال الحرب"الاستلاب في شخصية المرأة – الرواية العراقية أنموذجا)، "المشاركة الثقافية للمرأة الكوردية في إقليم كردستان"، "حين تتكلم النساء: يكتب تاريخ آخر للعراق"، إضافة الى جلسة حول "مدونة الأحوال الشخصية والفقه"، وأخرى بعنوان "استذكار الناشرة سميرة عاصي".
وحضي المعرض بتغطيات إعلامية، وبخصوص المرأة طرحت فيه أفكار مهمة مثل "القوانين التي تحتاج لتشريعها المرأة"، مع التشديد على أهمية تفعيل القوانين المناهضة للعنف. وتحققت للأطفال فرص ترفيهية وتربوية عبر عرض العديد من دور النشر كتبا تعليمية وترفيهية، إلى جانب تقديم مسرحيات مشوقة مثل مسرحيتي "أنا والمدرسة" و"العلم والجهل"، وعروض غنائية وموسيقية ممتعة.
بدورها احتفت دور النشر بتوقيع عدد كبير من الكتاب والباحثين اصداراتهم الجديدة التي ظهرت هذا العام. فيما استضاف المعرض عددا من الشخصيات الأدبية العربية، مثل الكاتب البحريني نادر كاظم، والكاتبة الإماراتية إيمان اليوسف، والكاتب المصري احمد عبد اللطيف.
*******************************************
قف.. كتاب
عبد المنعم الأعسم
كلما اقرأ كلاما كاذباً للاصوليين، من الطائفتين، في مقاومة الغرب، اتذكر ذلك الكتاب الوثائقي الذي صدر قبل حوالي عشرة اعوام فى لندن بعنوان "التاريخ السرى لعلاقة بريطانيا بالأصوليين" من تاليف مارك كورتيس، ويستند فيه إلى الوثائق الرسمية البريطانية التى رفعت عنها السرية مؤخرا، وقضى المؤلف شهورا ينقب فى تلك المحفوظات عن دور بريطانيا والغرب في دعم جماعات الاخوان منذ نشأتها فى مصر، ثم في نشاطها بأفغانستان وسوريا وأندونيسيا ونيجيريا والعراق وليبيا وإيران. ولاحظ ان الحكومات البريطانية من العمال والمحافظين على حد سواء تواطأت مع الجماعات الدينية الاصولية، من الطائفتين، وتوقف المؤلف عند التقارير السرية للمخابرات والسفارات ووزارة الخارجية التي تكشف عن الصلة القوية للحكومات البريطانية بالقيادات والجماعات الدينية التى عاشت، وتعيش، في بريطانيا، وحمايتها، عندما تكون مطلوبة من حكوماتها، لكن المفاجأة تتمثل في ان بريطانيا كانت وراء الدعوة الى إعادة الخلافة الإسلامية "عبر الانتخابات (انتباه) باعتبارها ضمانة لمصالح الغرب، بالاضافة الى حرص لندن على توفير الملاذ الآمن للأصوليين، مع اشتراط أن يكون نشاطهم فى الخارج وليس فى داخل بريطانيا، وأن يجمعوا ويقدموا معلومات استخبارية لأجهزة الامن البريطانية.. وما خفي كان ابشع.
*قالوا:
"نحن لسنا أحراراً، وديمقراطيتنا ليست سوى سم"
*************************************
هيلين كيلر
حول اليسار الإيراني
عن "دار سطور" للطباعة والنشر في بغداد، صدر حديثا كتاب بعنوان "اليسار الإيراني من الثورة إلى إيفين: الذاكرة – السجن والفجر المؤجل"، من تأليف جاسم الحلفي.
يقدم الكتاب قراءة تحليلية لتجربة اليسار الإيراني في سياقها التاريخي والسياسي والفكري، متتبعا مسار الفكرة اليسارية عبر محطاتها الكبرى: نشوء الحزب الشيوعي الإيراني، تطور حزب توده، صعود المنظمات اليسارية المسلحة، مآلات مجازر الثمانينيات، وصولا إلى الحركات الاجتماعية الحديثة – الطلابية، العمالية والنسوية – التي ظلت تحمل في جوهرها إرث العدالة والمساواة رغم تبدل الأشكال والظروف.
يقع الكتاب في 333 صفحة من القطع المتوسط.
****************************************
الناصرية تنضم الى شبكة المدن التعليمية في اليونسكو
متابعة – طريق الشعب
أعلن محافظة ذي قار انضمام مدينة الناصرية الى شبكة اليونسكو العالمية لمدن التعلم، لتسجل نفسها كأول مدينة عراقية تنال هذا الاستحقاق الدولي.
وفي بيان صحفي، قال المحافظ مرتضى الإبراهيمي، أن "هذا الإنجاز يعكس مكانة مدينتنا وريادتها، ويضع على عاتقنا مسؤولية مواصلة العمل بروح الفريق الواحد لترسيخ هذه العضوية وتعظيم اثرها في تنمية الواقع التعليمي والثقافي والخدمي في ذي قار".
ومعلوم انه بالرغم من أهمية مدينة الناصرية ومكانتها التاريخية، فانها تعاني واقعا خدميا سيئا في قطاعات المياه والكهرباء والصحة والتعليم، إضافة إلى نقص واضح في البنى التحتية والفرص الاقتصادية، وهم ما يؤدي باستمرار إلى تظاهرات واحتجاجات شعبية، غالبا ما تواجه بالقمع.
ويذكر ايضا ان شبكة اليونسكو العالمية لمدن التعلم (UNESCO GNLC) تهدف إلى تعزيز التعلم مدى الحياة للجميع، وتجمع المدن التي تلتزم بتوفير فرص تعلم شاملة في جميع مستويات التعليم (من الأساسي إلى العالي)، مع إشراك كافة القطاعات والمجتمع من أجل مدن مستدامة ومرنة. فيما تعمل المدن الأعضاء على تبادل المعرفة وتعبئة الموارد لدعم التعلم في الأسر والمجتمعات وأماكن العمل.