اخر الاخبار

قد يظنّ البعض أننا نهتم بكرة القدم فقط، على الرغم من اختصاصنا فيها، لكني أدعو وأهتم بجميع الألعاب الرياضية، وأطالب بالاهتمام بها جميعاً دون فرق أو استثناء. لذا، أوجّه حديثي إلى قادة اللجنة الأولمبية ووزارة الشباب والرياضة بأن يهتموا ويراعوا كل الألعاب الرياضية، لأن التطور الشامل في جميع الألعاب سيؤدي إلى نضوج رياضي متكامل، يدفع كل لعبة لتقديم نفسها بقوة في الميدان الرياضي، مما يحقق التوازن والنجاح.

وهنا أبدأ بالمؤسسات الرسمية الأولى المسؤولة عن قيادة الرياضة والألعاب، وهي وزارة الشباب والرياضة، وأهمية دورها في نشر مختلف الألعاب والرياضات المعروفة، والمساهمة في تعميمها وتوزيعها على الأندية الرياضية، ودعم ممارستها في هذه الأندية من خلال إنشاء الملاعب والساحات في كل مكان. إن نشر هذه الألعاب والرياضات في عموم المجتمع العراقي يسهم في ترسيخها وتعلمها، وخاصة في الأعمار المبكرة، لأن العالم المتمدن اعتمد القاعدة الذهبية: "خذوهم صغاراً"، إذ إن العمل المبكر مع الصغار يصنع منهم نجوم المستقبل وأبطال الألعاب الرياضية.

والبلدان المتقدمة رياضياً تبدأ مع أبطالها ولاعبيها منذ السنوات الأولى، فتعمل معهم وتقوم بتدريبهم وتعليمهم في مراحل عمرية مبكرة، وهذا ما نعرفه من المثل القائل: "التعلم في الصغر كالنقش في الحجر". وهذا يشمل كل الألعاب والرياضات، فمن يجد نفسه مستعداً وجاهزاً للعمل مع الأطفال في أعمار مبكرة، فإنه بلا شك سيؤسس لأبطال وبطولات في مختلف الألعاب. وعلى الأندية الرياضية والاتحادات أن تهيئ نفسها وتستعد للاهتمام برياضييها وإعدادهم في مقتبل أعمارهم، والتحضير لمستقبلهم المشرق والمرموق.

وهذا ينطبق على جميع الألعاب والرياضات؛ فمع النضوج والتقدم إلى مرحلة الشباب، تبدأ الواجبات والمسؤوليات بالازدياد، وتشتد التدريبات، وتتوسع المهام. هذا الأمر يشمل جميع الألعاب في الميدان الرياضي، كلٌّ بحسب اختصاصه واتجاهاته وقابلياته، وبحسب اللعبة التي اختارها وبدأ بممارستها.

وهنا نجد أبناءنا في المدارس يخطون أولى خطواتهم في عالم الرياضة، ويجدون في معلم التربية الرياضية نموذجاً حياً ومثلاً للرياضي (الجنتلمان)، فيحاولون السير على خطاه. وفي المرحلة المتوسطة تتضح التوجهات الرياضية، أما في الإعدادية فيتكامل الرياضي ويأخذ دوره الحقيقي، وتبدأ ملامح البطولة بالظهور، لتكتمل في النادي الرياضي حيث تبرز القدرات وتتحقق النتائج الإيجابية، وتشكل هذه المرحلة ذروة النضوج والاكتمال.

إذن، المدرسة بكل مراحلها تساهم في خلق الرياضي البطل، وتستكمل هذه العملية في المرحلة الجامعية، فيما يسهم النادي الرياضي في إنضاج البطل ودفعه نحو البطولات والمنافسات الكبرى. وهنا أقول للاتحادات الرياضية والأندية: اهتموا بتصحيح أخطائكم ومساراتكم وتدريباتكم. فالمدرسة توجه الطالب الرياضي على يد معلم ومدرس التربية الرياضية، وبعدها يأتي دور المدرب والموجه في النادي الرياضي، لتكتمل العملية التربوية والرياضية بمشاركة المعلم والمدرس والمربي، ثم المدرب في النادي الذي يتسلم الرياضي بعد أن استكمل أساسياته في مراحله الأولى.

بعد ذلك، يأتي دور مدرب المنتخب الوطني الذي يواصل مهمة زملائه السابقين ليقطف ثمار العمل الطويل والشاق الذي بذله الآخرون. وهكذا تتحقق أحلام مدرب المنتخبات الوطنية، فهي في جوهرها مهمات وطنية يتكفل بها نخبة من المبدعين القادرين على صناعة البطل الرياضي وتقديمه إلى الساحة الرياضية الدولية كاملاً، متكاملاً، مجتهداً، وساعياً للتقدم وتحقيق الإنجازات بعد أن برز محلياً.

إن العمل في الساحة الرياضية يتطلب تكاتفاً وتعاوناً ومحبةً، لأن صناعة الأبطال وفتح الآفاق الوطنية والدولية تحتاج إلى تعاون أبناء الرياضة وأهلها، فالتذمر والحساسيات لا تصنع الأبطال ولا تبني الرياضة. إن المساعي الحقيقية لبناء رياضة الوطن يجب أن تبدأ من الأعمار الصغيرة والمبكرة، التي يمكن من خلالها بناء رياضة متطورة وصناعة رياضيين أبطال قادرين على تحقيق الإنجازات الرياضية الكبرى.