الأرقام التي كشفها اخيراً متخصصون في الشأن الاقتصادي بخصوص وصول العجز الحقيقي في الموازنة إلى ما قد يتجاوز 15 تريليون دينار نهاية العام الحالي، لا تترك مجالًا للاطمئنان؛ فهي تشكل تحذيرا صريحًا من أن قدرة الدولة على دفع الرواتب، قد تكون على المحك خلال الأشهر المقبلة. والأخطر من هذا أن الأزمة تتزامن مع تراجع أسعار النفط، وتآكل احتياطيات البنك المركزي إثر لجوئه إلى تغطية أكثر من 11 مليار دولار من الطلب المتزايد على العملة الأجنبية، ما يعني أن هامش المناورة يضيق بسرعة غير مسبوقة.
ورغم وضوح مواطن الهدر، إلا أن أي إصلاح حقيقي ما زال رهينة التجاذبات السياسية، والمصالح الحزبية الضيقة. وإذا كانت الحكومة تفكر في الاقتراض مجددًا، فهل تملك السوق العراقية أصلًا قدرة على استيعاب ديون إضافية، بعد وصول الدين الداخلي بحسب المختصين إلى أكثر من 90 تريليون دينار؟
والسؤال الذي يفرض نفسه اليوم: هل تملك الأقلية الحاكمة إرادة اتخاذ قرارات حاسمة في هذا الصدد، قبل أن يجد العراق نفسه أمام لحظة فارقة، لا تستطيع فيها الدولة دفع رواتب موظفيها؟
أم تُرانا نتجه مجددًا نحو إدارة أزمة وليس حلها؟