شهدت محافظات عدة خلال الساعات الماضية سلسلة من التظاهرات والاحتجاجات المتفرقة، اتخذت طابعًا اجتماعيًا وخدميًا في بعض المناطق، وسياسيًا وانتخابيًا في مناطق أخرى، ما يعكس تصاعد حالة الغضب الشعبي مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية وازدياد الأزمات المعيشية.
اشتباكات في الكوت
ففي مدينة الكوت، اندلعت مشاحنات واشتباكات جسدية بين مجموعة من الخريجين المتظاهرين وأقارب أحد المرشحين للانتخابات، خلال تظاهرة نظمها الخريجون بهدف زيارة ندوات ومؤتمرات المرشحين لعرض مطالبهم المتعلقة بالتعيين وفرص العمل.
ووفقًا لمصدر أمني، فقد اندلع الخلاف عندما وصل المتظاهرون إلى مؤتمر انتخابي في حي الجهاد، ليتطور الجدال اللفظي إلى اشتباك بالأيدي، أدى إلى إصابة عدد من الأشخاص من الطرفين.
وأضاف المصدر، أن قوات الأمن تدخلت لاحتواء الموقف، واعتقلت عددًا من المشاركين في الشجار. فيما نُقل المصابون إلى المستشفى، مشيرًا إلى أن "الوضع أصبح تحت السيطرة لاحقًا".
ملوحة المياه
وفي محافظة البصرة، خرج العشرات من سكان منطقة الحيانية في تظاهرة احتجاجية، تنديدًا بتفاقم ملوحة مياه الشرب، وأغلقوا أحد الشوارع الرئيسية باستخدام الإطارات المشتعلة.
وطالب المتظاهرون الجهات الحكومية بالتدخل العاجل لإنهاء معاناتهم اليومية، مؤكدين أن ارتفاع الملوحة جعل المياه غير صالحة للاستخدام البشري، وسط صمت رسمي وتقصير حكومي مستمر.
صيادلة البصرة
ونظم العشرات من الصيادلة في محافظة البصرة، وقفة احتجاجية أمام مبنى دائرة الصحة، للتعبير عن رفضهم لما وصفوه بـ "الاستهداف المقصود وغير المبرر" الذي تعرض له عدد من زملائهم، مطالبين بإقالة مدير عام الدائرة وفتح تحقيق عاجل في حادثة المستشفى الكويتي.
وتعرضت إحدى الصيدلانيات في مستشفى الكويتي، في 8 تشرين الأول الجاري، إلى استهداف لفظي من قبل مدير دائرة صحة البصرة، ما أثار جدلاً واسعًا في الأوساط الطبية والمهنية.
وقال نقيب صيادلة البصرة، أحمد القناص، إن "نقابة صيادلة العراق ترفض تمامًا الاستهداف الذي طال الزملاء الصيادلة في البصرة، وتعتبره مساسًا بكرامة المهنة وهيبتها، فضلاً عن كونه سلوكًا مرفوضًا يتنافى مع روح التعاون بين مؤسسات الدولة الصحية".
وأضاف القناص أن النقابة، انطلاقًا من مسؤوليتها المهنية والأخلاقية، تطالب مجلس الوزراء ومجلس النواب بالتدخل العاجل لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وفي مقدمتها إقالة مدير عام دائرة صحة البصرة وإحالته إلى لجنة تحقيقية عليا تضم عضواً من نقابة الصيادلة لضمان العدالة والحياد في التحقيق.
وأشار نقيب الصيادلة إلى ضرورة فتح تحقيق عاجل ومستقل في حادثة المستشفى الكويتي، مع إعادة فحص تسجيلات كاميرات المراقبة والتأكد من سلامة السيرفرات وعدم التلاعب بها بعد الحادثة.
وأكد القناص أن النقابة تطالب بإعلان نتائج التحقيق للرأي العام بكل شفافية، حفاظًا على حقوق الصيادلة وردًا لاعتبارهم، مؤكدًا أن نقابة صيادلة العراق لن تتهاون في الدفاع عن منتسبيها ومكانة مهنتهم.
سائقو الشاحنات
أما في ميسان، فقد نظم سائقو الشاحنات العاملون بنقل مادة الطحين من سايلو المحافظة إلى المحافظات الوسطى والجنوبية، وقفة احتجاجية أمام مبنى دائرة التجارة، للمطالبة بصرف مستحقاتهم المالية المتأخرة منذ أشهر.
وقال السائقون في تصريحات مصورة، إنهم ملتزمون بعقودهم مع وزارة التجارة، لكنهم لم يتقاضوا أجورهم بسبب غياب التخصيصات المالية، مطالبين الحكومة المركزية بالتدخل لإنهاء الأزمة وضمان استمرار عملهم.
معلمو الأنبار
وفي الأنبار، شهدت مدينة الرمادي تظاهرات نظمها معلمون وكوادر تربوية رفضًا لقرار تعيين أيمن عباس مديرًا لتربية المحافظة بدلًا من نافع حسين.
ورفع المتظاهرون لافتات تندد بما وصفوه بـ"المحاصصة" في إدارة القطاع التربوي، مؤكدين أن المنصب يجب أن يُمنح على أساس الكفاءة والخبرة لا الانتماء السياسي، محذرين من استمرار التدخلات الحزبية في المؤسسات التعليمية.
ومع اقتراب الانتخابات، تبدو هذه الاحتجاجات جرس إنذار للطبقة السياسية الحاكمة بأن الشارع العراقي لم يعد يحتمل المزيد من الوعود غير المنجزة، وأن الأزمات المعيشية والفساد الإداري قد تتحول إلى وقود يغذي موجات غضب جديدة إذا لم تُتخذ خطوات واقعية وجادة للإصلاح.