اخر الاخبار

تتواصل موجة احتجاجات شعبية واسعة، في محافظات عدة، يعبر من خلالها المواطنون عن غضبهم واستيائهم من تردي الخدمات الأساسية، وارتفاع الرسوم، وتأخر منح حقوقهم القانونية، في ظل استمرار تداعيات الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها العراق. وشملت الاحتجاجات قطاعات مختلفة من الحياة اليومية، بما في ذلك مياه الشرب والكهرباء والوظائف الحكومية وملكية الأراضي.

احتجاجات ضد ملوحة مياه الشرب

وتواصلت الاحتجاجات الشعبية في محافظة البصرة احتجاجاً على أزمة ملوحة مياه الشرب وتردي جودتها، ما دفع الأجهزة الأمنية إلى التدخل فض التظاهرات بالقوة في منطقتي حي الحسين ومنطقة الرباط وسط المدينة.

وشهد شارع القائد في حي الحسين منذ الصباح قطعاً للحركة المرورية باستخدام الإطارات المحترقة، حيث أوقف المتظاهرون المركبات في الاتجاهين احتجاجاً على وصول المياه المالحة إلى المنازل، ما أعاق حركة المواطنين اليومية. وقامت قوة أمنية بفض التظاهرة بعد ملاحقة المتظاهرين في شوارع المنطقة وإعادة فتح الطريق أمام المركبات.

وقال عدد من المحتجين إنهم اضطروا إلى إشعال الإطارات وإغلاق الطريق، "لأن أزمة ملوحة المياه مستمرة منذ أيام وتسببت بمعاناة كبيرة في الأحياء السكنية"، مؤكدين أنهم سيواصلون الاحتجاجات حتى تستجيب الحكومة المحلية لمطالبهم وتحسن نوعية المياه.

وفي منطقة الرباط وسط المدينة، خرج السكان أيضاً للتعبير عن غضبهم من وصول مياه شرب مالحة غير صالحة للاستخدام اليومي، مؤكدين أن الأزمة تتفاقم يوماً بعد يوم دون أي تدخل حكومي ملموس، مما أجبرهم على النزول إلى الشوارع للتأكيد على مطالبهم، وسط تحذيرات من الآثار الصحية والبيئية الناجمة عن استمرار استخدام هذه المياه.

وتعود أزمة ملوحة المياه إلى صعود اللسان الملحي في شط العرب نتيجة شحّ الإمدادات المائية القادمة من نهري دجلة والفرات، مما أدى إلى اختلاط المياه المالحة بالعذبة في المدينة والمناطق المحيطة بها. ويحذر خبراء من أن استمرار هذه الأزمة سيؤدي إلى تفاقم مشاكل صحية واجتماعية تشمل أمراض الجهاز الهضمي ونقص المياه الصالحة للاستهلاك، إضافة إلى تدهور الزراعة والثروة الحيوانية، مطالبين الحكومة بـ اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان وصول مياه صالحة للشرب وتحسين إدارة الموارد المائية.

خريجو الهندسة والعلوم

وفي سياق آخر، جدد عدد من خريجي الأقسام الهندسية والاختصاصات النفطية والعلوميين تظاهرهم أمام شركة نفط البصرة، للمطالبة بتشغيلهم ضمن نظام الأجور اليومية، ملوحين بالتصعيد وتعطيل انتخابات رؤساء الأقسام في حال عدم الاستجابة لمطالبهم حتى يوم الأربعاء المقبل.وقال أحد المشاركين إنهم يتظاهرون منذ ثمانية أشهر، وقد حصلوا على موافقة رئيس مجلس الوزراء ووزارة المالية ووزير النفط، وتم رفع كتاب بالحاجة من قبل مصافي الجنوب، إلا أن شركة نفط البصرة لم ترفع الكتاب حتى الآن. وأوضح المحتجون أن اختصاصاتهم تتطلب العمل في شركات النفط والغاز، مؤكدين استمرار احتجاجاتهم حتى تحقيق مطالبهم التشغيلية وتطبيق الأجور اليومية المقررة.

عمال بريتيش بتروليوم

ويواصل أكثر من 104 عاملين من كوادر الشركات المتعاقدة والمتعاونة مع شركة "بريتيش بتروليوم - BP" البريطانية في حقل الرميلة الشمالية، وقفتهم الاحتجاجية، مطالبين بتحويلهم إلى ملاك شركة نفط البصرة أو تثبيتهم بصفة عقد أو بأجر يومي، بعد أكثر من ثلاثة عشر عاماً من الخدمة داخل الحقول النفطية دون شمولهم بالتعيين أو الامتيازات الوظيفية أسوة بزملائهم في الشركات الحكومية.

ويؤكد العاملون أن معاناتهم بدأت منذ عام 2012، حين تم تشغيلهم ضمن عقود خدمات تتعلق بتنظيف المجمعات السكنية ومحطات الحقل النفطي، إذ يستمرون منذ ذلك الحين في أداء مهامهم اليومية في مواقع السيطرة والسكن والدوائر المساندة داخل الحقل، في حين نُقل موظفو الخدمات السابقون إلى ملاك شركة نفط البصرة استناداً إلى فقرات مثبتة في العقود الرسمية، الأمر الذي خلق فجوة في الحقوق الوظيفية بين الفئتين.

وقال محمد حسين، مسؤول الوقفة الاحتجاجية، إن "العاملين أدوا واجباتهم بشكل منتظم طوال السنوات الماضية ضمن بيئة عمل قاسية ومع ذلك لم تشملهم قرارات التثبيت أو التعويض"، موضحاً أن المطالب لا تتجاوز حقهم المشروع في التحويل إلى عقود رسمية أو ضمّهم إلى الملاك الدائم لشركة نفط البصرة.

وأضاف المتحدّث أن غالبية العاملين من سكان منطقة الرميلة الشمالية التي تفتقر إلى فرص العمل، وأن بينهم حملة شهادات جامعية وذوي شهداء لم يحصلوا على فرص تعيين في تشكيلات وزارة النفط رغم خدمتهم الطويلة في الميدان.

واشار حسين إلى أن المتظاهرين نظموا وقفتهم بشكل سلمي أمام مواقع العمل داخل الحقل، مؤكداً أن "احتجاجهم سيستمر لحين استجابة الجهات المعنية لمطالبهم وإنصافهم بعد أكثر من عقد من العمل في ظروف ميدانية صعبة داخل المواقع النفطية التي تُعد من أبرز مصادر الإنتاج الوطني للنفط الخام".

ويأمل العاملون أن تجد مطالبهم صدى لدى إدارة شركة نفط البصرة ووزارة النفط، وأن يتم النظر في ملفاتهم بوصفهم جزءاً من منظومة العمل التي حافظت على استمرارية النشاط داخل الحقول النفطية طوال السنوات الماضية رغم التحديات الإدارية والميدانية.

سكان "منازل الأرقام"

ونظم العشرات من سكان منازل الأرقام في منطقة العرضات بمدينة العمارة وقفة احتجاجية، رفضاً لقرار يقضي تحويل ملكية أراضيهم إلى دائرة المخابرات ومنعهم من تمليكها.

وقال المحتجون، إنهم يقيمون في هذه المنازل التي شُيّدت على أراضٍ تقدموا بمعاملات تمليكها منذ عام 2003 عبر وزارة المالية، وما زالوا بانتظار القرار الرسمي.

وأضافوا أنهم فوجئوا قبل أسبوع بإبلاغ من الوزارة يفيد بأن ملكية الأراضي قد تحولت إلى دائرة المخابرات، وعليه يجب عليهم تسليمها للجهة المذكورة، وهو ما يرفضونه بشدة. ودعا المحتجون رئيس الوزراء إلى التدخل الفوري لحل مشكلتهم والموافقة على تمليك الأراضي لهم بالسعر التجاري، أسوة بالمواطنين في مناطق أخرى من المحافظة.

احتجاجات ضد خصخصة الكهرباء

وفي محافظة ديالى، تظاهر العشرات من أهالي مناطق وأحياء بعقوبة الجديدة أمام دائرة توزيع الكهرباء احتجاجاً على مشروع الخصخصة الذي أدى إلى رفع مبالغ الجباية بشكل كبير، وسط تحذيرات نواب من "عواقب غير متوقعة" في حال استمرار المشروع.

وقال المتظاهرون، إن "مشروع الجباية أُحيل إلى مستثمر، وأصبحت المبالغ المطلوبة تصل إلى مليون ومليوني دينار للمنزل الواحد دون معرفة الأسباب".

وأضافوا أن عقد إحالة مشروع الجباية مُنح للمستثمر بشكل مباشر من بغداد دون مبرر وبدون علم الحكومة المحلية أو مجلس المحافظة، وهو ما تسبب بـ"انعكاسات سلبية على المواطنين".

وطالب المحتجون الجهات الحكومية بالتدخل لإلغاء المشروع الذي أثقل كاهل العوائل، مؤكدين استمرار احتجاجاتهم حتى تنفيذ القرار الرسمي.

وفي كركوك، شهدت منطقة تسعين تظاهرة شعبية غاضبة احتجاجاً على مشروع خصخصة الكهرباء، تخللتها عملية قطع طريق المطار الحيوي بالإطارات المشتعلة، ما أدى إلى شلل جزئي في حركة السير وتأثر حركة المركبات في المنطقة.

وأكد المحتجون أن هذا التحرك يأتي في إطار احتجاجات متصاعدة ضد ارتفاع رسوم الجباية، مع مطالب بضرورة التدخل الحكومي لضمان توفير خدمات الكهرباء بأسعار مناسبة للمواطنين.