اخر الاخبار

الأبعاد الجيوسياسية

للإتفاق النفطي بين بغداد وأربيل

نشر موقع معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى مقالًا للكاتبة نعوم ريدان حول استئناف تصدير نفط إقليم كردستان من خلال خط أنابيب العراق ـ تركيا وعبر ميناء جيهان، والفوائد التي ستحققها الأطراف المختلفة من هذا الاتفاق، أشارت فيه إلى أنه، وبعد توقف دام أكثر من عامين، استؤنفت تدفقات النفط الخام على ضوء اتفاق طال انتظاره، وأبرم بوساطة أمريكية، بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة أربيل وشركات النفط العالمية العاملة في المنطقة، وهو الاتفاق الذي تزامن مع طلب ترامب من أردوغان وقف استيراد النفط الروسي منخفض السعر.

كلٌّ يبكي على ليلاه

وذكرت الكاتبة أن هناك عوامل متعددة وراء هذا النجاح، من بينها: تعقيدات السياسة العراقية الداخلية، وسعي واشنطن لتحسين البيئة التجارية العراقية للشركات الأمريكية، وتوق أردوغان لكسب ودّ الولايات المتحدة، ورغبة واشنطن في استخدام صادرات النفط كورقة ضغط على موسكو، عبر الطلب من تركيا التوقف عن استيراد النفط منها مع توفير بدائل محتملة لذلك النفط ذي الجودة "متوسطة الحموضة"، وإيجاد مخرج قانوني للتسويق الحصري من قِبل منظمة النفط الفيدرالية في البلاد "سومو".

أهداف تركيا

وأشارت الكاتبة إلى أن تركيا تُعد مشتريًا رئيسيًا للنفط الروسي، ومن المتوقع أن تظل كذلك، لكن قد يكون تقليص هذه المشتريات ممكنًا، وفرصة لأنقرة لتنويع وارداتها النفطية في ظل تشديد العقوبات الأوروبية على الإمدادات الروسية، خاصة والنفط الخام القادم من شمال العراق يماثل النفط الروسي في جودته. كما يتسق الاتفاق مع استراتيجية تركيا في دعم إعادة المركزية للعراق، وتهيئة الأجواء لتفضيل المال التركي على السلاح والنفوذ الإيراني. واعتبرت الكاتبة اقتراح تركيا بإقامة "طريق التنمية" مثالًا مهمًا على ذلك.

وعمومًا، فإن إعادة تدفّق النفط العراقي إلى الأسواق العالمية ستكون بمثابة بادرة حسن نية كبيرة تجاه واشنطن، خاصة حين اقترنت بإبلاغ أردوغان ترامب مؤخرًا بأن تركيا ستلتزم بشراء المزيد من الغاز الطبيعي المسال الأمريكي، بانتظار حصولها على طائرات إف-35.

وذكر المقال بأنه وبعد أن كانت المصافي التركية تستورد 309,000 برميل يوميًا من الخام الروسي، عبر شركتي توبراش للتكرير وسوكار، خلقت العقوبات الأوروبية على استيراد المشتقات النفطية من روسيا مصاعب كبيرة لها، يبدو حلها ممكناً عبر إنتاج مشتقات من النفط العراقي وتصديرها إلى إيطاليا واليونان وإسرائيل.

أهداف الشركات

وجاء في المقال أن الاتفاق سيمهّد الطريق لإجراء مناقشات بين إقليم كردستان وشركات النفط العالمية بشأن المتأخرات المستحقة على أربيل، والتي تزيد عن مليار دولار، حيث ستجري شركة استشارية غربية مستقلة التقييمات اللازمة لحساب التكاليف الحقيقية للإنتاج والنقل في إقليم كردستان، وتحديد المدفوعات لشركات النفط العالمية الثماني التي استثمرت مجتمعةً أكثر من 5 مليارات دولار هناك، اعتبارًا من عام 2023، على أن تقوم بغداد بتسليم هذه التعويضات من النفط المباع من قِبل سومو.

تحديات أخرى

وأكدت الكاتبة أن الاتفاقية الجديدة ما تزال تواجه العديد من التحديات قبل استئناف الصادرات بشكل جدي، بما في ذلك القضايا المالية والإدارية العالقة، والحاجة إلى آلية شاملة لتوجيه إنتاج النفط وصادراته، إضافة إلى التحديات الأمنية، إذ سبق وأن أجبرت هجمات بطائرات مسيّرة على حقول نفط في إقليم كردستان بعض المنشآت على تعليق عملياتها.

واستدركت بالقول إن هذه التحديات تستحق المواجهة، نظرًا للفوائد التي يمكن أن يجنيها العراقيون من دعم الاستقرار السياسي والأمني، وضمان استقرار إمدادات البلاد من النفط إلى الأسواق العالمية. كما ستستفيد واشنطن من الاتفاق، نظرًا لأن الشركات الأمريكية هي من سيدير الحقول المعنية، فيما يمنح استئناف تدفق النفط واشنطن رافعة أخرى ضد روسيا، ويوفر فرصًا أكبر لحليفتها ـ تركيا ـ في العراق، مقابل فرص غريمتها إيران.

ولهذا كله، اتفقت الكاتبة مع الآراء التي تدعو إدارة ترامب إلى الحفاظ على دورها الدبلوماسي في مفاوضات خط الأنابيب، ودعم بيئة مستقرة للشركات الأمريكية المستثمرة بالفعل، والتي تهدف إلى توسيع مشاريعها في جميع أنحاء البلاد.