اخر الاخبار

العراقيون بين الأحلام الموءودة وصدمات الحروب

في تقريرين منفصلين من العاصمة العراقية، بغداد، استعرض سنان محمود بعضًا من أوضاع البلاد في صحيفة "ذا ناشيونال" الناطقة بالإنكليزية.

ذكرى إقرار الدستور

في التقرير الأول، ذكر الكاتب أن العراقيين باتوا محبطين من الدستور، الذي تحدّوا التفجيرات واصطفّوا قبل عشرين عامًا أمام مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم من أجل إقراره، وذلك بعد أن أصبح هذا الدستور – في اعتقاد الكثيرين – مصدرًا لتوتر سياسي مستمر، وأحد أعمق خطوط الصدع في البلاد، ووسيلةً للأحزاب السياسية للتشبث بالسلطة، دون أن يوفّر لهم ما سُطّر على الورق من حقوق، رغم كل ما قيل لهم حينها من أن هذه الوثيقة – التي وُلدت من رحم الخوف والاحتلال الأجنبي والتسرع – ستُرسي دعائم عراق جديد، ديمقراطي ومستقر.

وأشار التقرير إلى أن فشل ائتلاف "العراقية" متعدد الطوائف في تشكيل الحكومة عام 2010، رغم حصوله على أعلى عدد من المقاعد، كان الاختبار الأول للدستور، وهو فشل أثار الكثير من الجدل، وبات يُعدّ تدميرًا للديمقراطية الناشئة، حسب تعبير مراقبين، ممّن لا يرون إمكانيات جدّية لتعديل الدستور، بسبب عدم ثقة الناس بالأحزاب السياسية المتنفذة حاليًا، وهو ما سيُبقي الهياكل الدستورية ناقصة.

دستور موازٍ

كما نقل التقرير عن مختصين عراقيين قولهم إن الدستور، الذي يعزز مبادئ مثل الفيدرالية، وفصل السلطات، والتعددية السياسية، وضمان الحقوق والحريات، لا يزال يعاني من ثغرات، وأن الأحزاب السياسية تتعامل معه بانتقائية؛ فتأخذ جزءًا منه وتهمل معظمه، مبتكرةً ما يُسمّى بـ "دستور موازٍ"، في إشارة إلى الأعراف السياسية التي أرستها مختلف القوى لإبقاء النخبة في السلطة. وأكدوا على أن هذا "الدستور الموازي"، الذي يُعدّ النظامُ الحالي نتاجًا له وليس للدستور الأصلي، يتمتع بقوة القانون.

ظروف عصيبة

وذكّر التقرير بأن الظروف الاستثنائية التي صيغت فيها مواد الدستور – مثل مقاطعة قطاع مهم من الشعب له، وتصاعد العنف، والاستقطاب الحاد في البلاد، والدور الخاص الذي لعبه الأميركيون في إخراجه، ونقاط الخلاف البارزة بين المشرّعين حول قضايا كالفيدرالية، والنفط، والسيطرة على الموارد بين الحكومة الاتحادية والأقاليم، والدين، والقانون، والأحوال الشخصية، وحقوق الأقليات، والأراضي المتنازع عليها – قد دفعت بلجنة إعداده إلى تبني حلول وسط، وصياغة نص خليط يسعى إلى عدم معارضة أحد، بغض النظر عن رضا الجميع من عدمه.

وأشار التقرير إلى أنه، وعلى مدى العقدين الماضيين، ثبتت صعوبة إنفاذ بعض المواد كما ينصّ عليها الدستور، فبقيت عالقة، مثل قانون النفط والغاز الاتحادي، فيما يدرك الجميع صعوبة تشريع عقد سياسي واجتماعي جديد، دون توافق بين جميع الأطراف، وهو ما يهدد بتكرار المشكلة ذاتها.

صدمات العنف والحروب

في التقرير الثاني، الذي نشرته الصحيفة نفسها، تحدّث الكاتب سنان محمود عن الدور الذي يمكن أن يلعبه الفن في تعافي العراقيين من الآثار السلبية الخطيرة للعنف، والحروب، والصدمات، والنزوح، والأعراف الاجتماعية المتصلّبة، فأشار إلى البرامج التي بدأت بتنفيذها منظمات مجتمع مدني، ومؤسسات فنية، وفنانون، لمعالجة الندوب العاطفية، وتوفير منصّة إبداعية للناس للتعبير عن مشاعرهم وتجاربهم العميقة، بما يساعدهم على التعامل مع الصدمات وإيجاد صوت لما لا يُوصف.

ونقل التقرير عن مختصة في إحدى هذه المؤسسات قولها إن الصدمة لا تنتج فقط عن أعمال العنف، بل قد تكون ناجمة أيضًا عن مشكلات عائلية، أو العنف المنزلي، أو إساءة معاملة الأطفال، أو الظلم.

واستشهد التقرير بالعديد من الأمثلة عن ضحايا أعمال العنف الطائفي، وما جرى بحق الشباب في انتفاضة تشرين، وكذلك ضحايا النظام الدكتاتوري السابق، وبعض مَن التُبس أمرهم فحُسبوا على النظام البائد.

وذكر مجموعة متنوعة من الأدوات الفنية، من الرسم والشعر إلى الأداء والمحادثات الجماعية، التي تُستخدم في هذه البرامج، مشيراً الى أن الخطوط المرتعشة، والوجوه المتشظية في الأعمال الفنية، وكل لمسة فرشاة، يمكن أن تتيح للضحايا فرصة التحرر من وطأة ما عاشوه ولم يجرؤوا على التعبير عنه.