اخر الاخبار

الانتخابات البرلمانية بين الواقع والطموح

اهتمت العديد من الصحف ووسائل الإعلام مؤخراً بالانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها في العراق يوم 11 تشرين الثاني. فقد نشرت صحيفة لوموند الفرنسية تقريراً لمراسلتها هيلين سالون، ذكرت فيه أن رئيس الحكومة الحالية قد رشّح نفسه على رأس تحالف انتخابي شعاره رافعة بناء وعبارة العراق أولاً، في محاولة للاستفادة دعائيا من مشاريع البنية التحتية التي أُطلقت في عهده الذي اتّسم حسب مؤيديه بالاستقرار.

مهندس التوازن

وأضافت الصحيفة أن هذا التحالف، الذي تشير استطلاعات الرأي إلى أنه سيحصل على أعلى النتائج، يضم قوى مختلفة وربما متباينة، لكنها تستمد قوتها من رئيسها الذي تبنّى سياسة التوازن بين شركائه المتنافسين، الولايات المتحدة وإيران، ومنع امتداد الصراع بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية إلى العراق. وصرّح مراراً بأنه لا يريد أن تكون بلاده وكيلاً لأحد أو أن تصبح ساحة للصراعات. واستدركت سالون قائلة إن الشعبية المفترضة للرجل ليست كفيلة بالضرورة بضمان ولاية ثانية له، حتى وإن حصل على أغلبية برلمانية، وذلك بسبب طبيعة العملية السياسية في البلاد.

مخاطر العنف

وفي موقع المؤسسة الأمريكية للدفاع عن الديمقراطيات كتب سيث فرانزمان مقالاً ادّعى فيه أن العراق ما زال يعيش حالة من انعدام القانون، حيث لا تزال سياسة السلاح، لا صناديق الاقتراع، هي المسيطرة إلى حدّ كبير. واستشهد بحادثة اغتيال المرشح صفاء المشهداني في الضواحي الشمالية لبغداد، بعبوة ناسفة زُرعت داخل سيارة من نوع شيفروليه تاهو. وذكر فرانزمان أن مسلحين مجهولين أطلقوا النار بعد ثلاثة أيام على مكتب مرشح آخر، مما أدى إلى إصابة اثنين من حراسه الشخصيين.

وحذّر المقال من أن تكون هاتان العمليتان بداية موجة من العنف السياسي تهدف إلى ترهيب الأحزاب، وتعكس معاناة البلاد من الفوضى الأمنية، حيث تلعب لغة السلاح دوراً يفوق دور الانتخابات والديمقراطية، الأمر الذي يستدعي – في رأيه – تدخلاً حكومياً عاجلاً لمنع تكرار هذه الهجمات وكبح جماح السلاح المنفلت.

دور الحكومة

ونوّه المقال بدعوة بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) الحكومةَ العراقية إلى إجراء تحقيق عاجل في مقتل المشهداني ومحاسبة الجناة، وهو ما استجاب له رئيس الحكومة بفتح تحقيق أسفر عن اعتقال خمسة أشخاص مشتبه بهم. وعلى الرغم من ذلك، لم يُبدِ الكاتب تفاؤله بإمكانية تحقيق العدالة، مستنداً إلى تجارب سابقة، كقضية اغتيال الباحث هشام الهاشمي وتبرئة قاتله الذي اعترف بجريمته، وكذلك الهجوم على البنية التحتية للطاقة في كردستان بطائرات مسيّرة.

حادثة مقلقة جداً

ونشر موقع أمواج البريطاني تقريراً حول الانتخابات، استهله بالحديث عن اغتيال المرشح صفاء المشهداني والدوافع المحتملة، وما يمكن أن تسببه مثل هذه الحوادث من انزلاق أوسع نطاقاً إلى العنف قبل الانتخابات البرلمانية الشهر المقبل، لاسيما وأن كتلة المرشح المغدور ألقت باللوم على الجماعات المسلحة الخارجة عن القانون، متهمةً السلطات بالفشل الأمني الكارثي. كما اتهمت كتلة سياسية أخرى أصحاب الخطاب الطائفي بالتحريض الذي يمهّد الطريق أمام هذه الجرائم.

وذكر الموقع أن المشهداني كان قد تلقّى تهديداً في الأيام التي سبقت مقتله يطالبه بالاستقالة ومغادرة العراق، فيما انقسمت الآراء حول مصدر هذا التهديد، إذ اتّهم البعض به فصائلَ مسلحة، فيما نسبه آخرون إلى تنظيم داعش الإرهابي.

وخلص التقرير إلى أن مقتل المشهداني وعدداً آخر من حوادث العنف المتفرقة، أثار مخاوف متزايدة من أن تشهد الانتخابات التشريعية تصعيداً، بعد أن كان العنف السياسي قد تراجع خلال الدورات الانتخابية السابقة. ونقل التقرير عن بعض المراقبين تحذيرهم من أن يُشجّع الإفلات من العقاب أعمالَ الترهيب الانتخابي، مما قد يُقوّض نزاهة الانتخابات ويزيد بدوره من الاتجاه الحالي نحو العزوف عن المشاركة في التصويت.