قرأت عنه الكثير، ورافقت محبيه، اعجبت باهدافه الاشتراكية، احتفلت بصداقات مع مناضيله، اختلفت معهم وغضبت لأجلهم ! جالست منظريه منصتا واستمعت منذ طفولتي لقصصهم وشجونهم.. احب أغانيهم وقصائدهم.. احب مسامرتهم وعشرتهم وصدقهم..

احترم تلك القيم، وذلك التواضع، وارفع قبعتي لنزاهتهم..

بدأت احترف اكتشافهم من نبرة صوتهم وحسن تعاملهم وانتقاءهم المفردات.. لن انسى اعجابي واكتشافي مدرس اللغة العربية في المتوسطة، منذ اولى جمله متحدثا عن التحضر وحبه الحياة والادب والموسيقى والعدالة والتعاون وثقافته الموسوعية ومحبة الناس والوطن..

لن انسى مجالستي خياطا عجوزا في شارع الرشيد، وانا ابحر معه في روايات الادب الروسي وتحليلنا ثيم الادب الواقعي..

لن انسى تلك الروح المعطاء لتلك المرأة في منطقتنا، التي اعدم البعث زوجها وظلت وفيّة لافكارها وان تكون الانموذج الأكثر اشراقا في تربية ابناء رائعين، لتسجل نفسها وعائلتها في ذاكرة ذلك الزقاق الذي يفخر بوجودها..

لن انسى الايام الأولى من سقوط النظام السابق، كيف اجتمعت الوجوه المبتسمة للامل والحالمة بحياة كريمة وبدأت بتأثيث البيت بروح تضامنية قلّ مثيلها..

لن انسى عودة فؤاد سالم ودموع كوكب حمزة..

اذن كيف لا نحبهم..

بعيدا عن الانتماء او العقيدة الايدلوجية، فهي محبة نابعة من المعاشرة المجتمعية لنفوس تتماثل في جوهرها، انهم مكتنزون بالوداعة والرفعة ومخلصون لتاريخهم ومبادئهم، لا تفارقهم ابتسامات التواضع فهم منحازون لفكرة الأمل والجمال، يجتهدون في توريث أبنائهم حب الثقافة والمواطنة. في زعلهم خصوصية العتب الشفيف، وفي الاختلاف معهم متعة التقبل والجدل المحبب.

 لم يفارقوا ساحات الاحتجاج، ومن خيمهم كانت تصدح اغنيات للوطن البهي الذي يتمنون ونتمنى.

لا يؤمنون بالانكسار ويشرعون النوافذ للامل.

كان المئات منهم (شيبا وشبابا مع عوائلهم) يتوافدون يوميا لساحة التحرير دون كلل وملل، يحملون رايات الوطن، وفي القلب يخفون أسف الانحدار الحاصل في القيم التعليمية والتربوية.

عرض مقالات: