اخر الاخبار

في تجربة سينمائية قصيرة لا تتجاوز عشر دقائق، حصل الفيلم الوثائقي التجريبي الفلسطيني "آمل أن يصلك بريدي هذا وأنت بخير"، للمخرجة آسيا زغير، على جائزة أفضل فيلم وثائقي قصير ضمن برنامج: Shorts For the Cause في مهرجان تريبيكا السينمائي 2025 في نيويورك، وذلك كجزء من مجموعة أفلام تحمل قضايا إنسانية ملحّة.

الفيلم هو كولاج بصري مكثف، جُمع من لقطات صورتها زغير على مدى ست سنوات من حياتها اليومية. إذ تقود المُشاهد من خلال عدسة ذاتية حساسة إلى أعماق مشاعرها وتجربتها كفلسطينية تعيش في ظل الحرب والاحتلال، بين القدس والضفة الغربية. ويحمل العمل طابعاً تأملياً، حيث تتقاطع الذكريات مع الألم، ويُروى كل ذلك بصيغة رسالة إلكترونية لم تُرسل أبداً، موجّهة إلى شخص كان يوماً ما جزءاً مهماً من حياتها — فلسطيني يعيش على الجانب الآخر من الجدار.

الرسالة غير المرسلة، التي تشكّل العمود الفقري للسرد، ليست مجرد استرجاع لعلاقة انتهت، بل مرآة لحياة انهارت تحت وطأة الحرب، ومن خلالها، تُبيّن زغير كيف اختزلت الحرب ملامح حاضرها، وكيف أصبح الماضي الجميل بعيداً وضبابياً، تماماً كمن تحادثه في تلك الرسالة التي بقيت عالقة بين الذاكرة والخذلان. يتجاوز الفيلم حدود الوثائقي التقليدي، ليغدو شهادة شخصية عميقة عن التشظي الإنساني تحت الاحتلال، وعن الحنين والخذلان، والفقد غير المعلن.

وبأسلوب بصري شاعري ونبرة صوت داخلية هادئة وموجعة، تنجح زغير في ملامسة الجوانب المسكوت عنها من التجربة الفلسطينية، حيث لا بطل سوى الألم، ولا نهاية سوى استمرار الصمت.