اخر الاخبار

في يوم الاديب العراقي يقيم اتحاد الادباء والكتاب في العراق اليوم، احتفالية كبرى على مسرح الرشيد يتم خلالها تكريم عدد من رواد الادب العراقي. طلال حسن واحد من هؤلاء المكرمين.

هنا.. ننشر أحدث مسرحياته التي خصنا بها

  • البومة

ظلام، صوت بومة

متطاول.. هو هو أووو

المرأة: «بقعة ضوء على امرأة ستينية، تفزّ مذعورة «يا ويلي، بومة «تضع يدها على صدرها «قلبي يخفق بشدة، آه أكاد أموت من الخوف، الانسان لا يكبر، مهما تمرّ به السنون، يبقى الخوف يسكنه حتى النهاية، «لحظات صمت «منذ صغري وأنا أكره البومة، وأخافها أشدّ الخوف، وأتشاءم منها «نعيق البومة مستمر «إنني أرتعب كلما سمعت نعيبها في الليل، آه جدتي، حقاً ما قلته لي يوماً، إن نعيق البومة نذير شؤم، يعني فيما يعنيه، أن أحداً قد مات، أو أنّ أحداً سيموت، يا للويل، ألا يكفي كلّ ما جرى؟ موت.. موت.. موت في كلّ مكان، ونحيب على مرّ الأزمان، وكأننا لم نخلق إلا من أجل الندم والبكاء «نعيق البومة مستمر «ترى من سيموت أيضاً، ضياء !ابني ضياء؟ لا، كفى موتاً «يرتفع أزيز رصاص وانفجارات يغطي على نعيق البومة «ضياء.. ضياء.. ضياء «تنهنه باكية «بعد مقتل أبيه وأخيه، بحثت عنه، بحثتً عنه في كلّ مكان حتى وجدته، وجدته في ملابسه السوداء، ولحيته الكثة المغبرة، ورشاشته بين يديه، وتقطيبته الممرورة، التي لم تعد تفارقه، عانقته باكية، وقلت له بصوت تغرقه الدموع: بنيّ، أبوك وأخوك قتلا، فقال لي بمرارة، أعرف، ثمّ قال استشهدا وليس قتلا، فقلت له والدموع ما زالت تغرق صوتي، تعال معي، يا بنيّ، لم يعد لي أحد غيرك، فحدق فيّ، وقال في مرارة، هذا ما دفعتموني إليه أنت وأبي وأخي، وسأبقى حيث دفعتموني حتى النهاية «قلتُ له باكية، تعال وارحمني، فقال لي، لن يرحموني إذا جئتُ معكِ، وسكت لحظة، ثمّ قال، اذهبي، يا أمي وانتظري، وأنا أيضاً سأنتظر، عدتُ إلى ليلي ووحدتي أنتظر «تخفت أصوات الرصاص، ويرتفع نعيق البومة «.. هو هو اووو.. هو هو اووو.. هو هو اووو «تنهار المرأة على الأرض متمتمة باكية «ضياء.. ضياء.. ضياء.  

يختفي صوت البومة، وكذلك

صوت الرصاص والانفجارات  

  • الفاختة

شجرة توت وسط الفناء، في

أعلاها فاختة، ازيز رصاص بعيد

الفاختة: كوكوختي.. كوكوختي..    

صباح: «من الداخل «الفاختة، عادت الفاختة

«تصيح «أمل..

الفاختة: «مع أزيز الرصاص البعيد «كوكوختي  

.. كوكوختي..

صباح: «تخرج راكضة إلى الفناء «الفاختة.. 

الفاختة.. «ترفع عينيها إلى الفاختة «

اهدلي يا أما، اهدلي..

الفاختة: كوكوختي.. كوكوختي..

صباح «ما زالت تنظر إلى الفاختة «آه كم كانت

أختي الراحلة أمل، تحبّ هذا الهديل، أنا

أيضاً أحبّ هديلك أيتها الفاختة، ربما لأن

أختي الراحلة أمل، الأكبر مني بسنتين،

كانت تحب هديلكِ «تشبك يديها وتبتسم «

عندما كنّا صغيرتين، كنّا نجلس تحت

شجرة التوت هذه، ونهدل أنا وأمل مثل

حمامتين، تقول أختي أمل.. كوكوختي

..  كوكوختي..

فأجيبها: عين اختي..

وتقول أمل: اشتاكلين؟

فأجيبها: حَبّ الله..

وتقول أمل: اشتشربين؟

فأجيبها: ماي الله..

ثمّ نهدل معاً: كوكوختي.. كوكوختي.. وظللنا نهدل مثل فاختتين، أنا وأختي أمل، حتى بعد أن رحلت أمي بعد صراع طويل مع المرض، وكأن أبي لم يحتمل الحياة بعدها، فرحل هو الآخر، مع بداية الاقتتال داخل المدينة، وذات يوم مشمس، واختي أمل فوق السطح، تنشر الملابس التي غسلتها، أصيبت باطلاقة طائشة، لم تقتلها وحدها، وإنما قتلتني معها، ولأول مرة، وأنا وحيدة في الحياة، بدون أختي أمل، شعرت باليتم، آه ما أمرّ اليتم.. «تصمت حزينة «لو لم ترحل أمل، في ذلك اليوم المشمس، لكنا الآن، أنا وهي، تحت شجرة التوت هذه، نهدل مع هذه الفاختة، ونقول معاً، كوكوختي.. كوكوختي.. آه «يرتفع أزيز الرصاص «يا ويلي، ماذا يجري؟ جنّ جنون المتقاتلين مرة أخرى «أصوات أغصان شجرة التوت تتقصف بفعل الرصاص، والفاختة تصمت «يا ويلي.. الفاختة «تسقط الفاختة على الأرض مضرجة بالدماء «أيها القتلة «ترفع الفاختة المضرجة بالدم بين يديها «آه.. أمل.. اختي.. لقد قتلوك اليوم ثانية «تهدل باكية «كوكوختي.. كوكوختي.. كوكوختي..    

أصوات أزيز الرصاص

مستمرة، صباح ما زالت تبكي

عرض مقالات: