نحن جميعاً - أبناءَ الأمِّ وأبناءَ الضَرّةِ - كنا نحبّهُ
نحبه لأنه وِلِدَ كالبرعم من بين أضلاعنا
وكَبُرَ معنا في ذات القِماط
حتى لم نعد نعرف هل نحن هو ؟
أم هو نحن ؟
كنا نحبّهُ إلى حدّ أن أصبحَ حُبنا سكيناً
قتلناه بها
فقد كان كلٌّ منا يُريده لنفسه
ويحتفظ في جرّارات قلبهِ
بوثائقَ تؤكدُ أنه وريثه الوحيد
لذلك مزّقناه ما بيننا
وأخذ كلّ منا حِصّته من المِزق
بعضنا أخذ الرأس
طامعاً حتى بدبابيس الشَعَر
وبعضنا أخذ الكتفين
زاهداً بالعُنُق
لأنه يُذكّرهُ بالمقصلة
والآخرون اقتسموا ما بينهم الأحشاءَ
وألقوا الزوائدَ للكلاب الضالة
ثمّ حاول كلّ منا أن يُعيدَ الحياة لحصّتِه من المِزق
فاستعان للصقها وتركيبها بصمغ الأجانب
وبمسامير الأعداء
لكن عبثاً
فالعاقل لا يُعالجُ علّته بدَواء عدوّه
**
حبّنا كان زيفاً
فنحنُ لم نحبّهُ
لكنْ أحببنا فيه أنفسَنا
لذلك لم نكن محبّين
بل كنا قتلة
قتلنا البُرعمَ الذي نبَتَ من بين أضلاعنا
والذي نما فاحتوانا
وصرنا تحت ظلّه بشراً
قتلنا الوطن
وكلّ الذين قتلوا أوطانَهم عاشوا موتى
يتنفسون من رئاتٍ متحجّرةٍ
ويمشون بثقة
ولكن إلى النسيان
وظلتْ كعوب أحذيتهم
تنقرُ متجولة من دونهم في الطرقات