اخر الاخبار

دخان سيكارة

بتاريخ  /  /    حلّ مولودا على عائلته، هكذا دوّن في هويته الوطنية. كانت السماء، وقتها، ترسل فيض قطرات مائها سريعا كالشلال النازل، فيما الريح كانت هادئة، مستقرة. قالت القابلة المأذونة لأمه: ان وجهه كالقمر، وفيه كل الخير، والبركة.

وبتاريخ  /  /:    توفي الرجل الذي كان طفلا صغيرا، وكبر إذ مثل هذا اليوم دوّن في شهادة الوفاة. كان الفضاء، وقتها، ممتلئا بقطرات المطر الذي يبلل الناس، والأرض، والمياني، وحتى الحيوانات، والمزروعات، وكان الرمل في الصحراء قد تشبع به. قال بعض المشيعين: انظروا للسماء انها تبكي عليه بدمع كالمطر.

بين التاريخين، الولادة والموت، حدث الكثير: فقد كبر المولود. زحف على الأرض. مشى على قدميه. درس. تخرج في الكلية. توظف في الدولة. حبّ، عشق بوله. تزوج من حبيبته. أنجبا أطفالا، بناتا وبنينا. سافر الى محافظات أخرى، وشاهد دولا كثيرة.

وفي يوم ما، والسماء حبلى بالمطر النازل كذلك، سقط بطلقة طائشة لا يعرف من أية جهت قد جاءت. لقد غادر الحياة بعد أن امتلأ من كل شيء فيها..

أخضر ويابس

عاد من المسجد بعد أن دوى صوته في أرجاء المحلة وهو يرفع آذان الظهر، كان في عودته مسرعا. وفي بيته نزع عمامته التي كان يضعها على رأسه، مرر منديله على صلعته الحمراء، مسح العرق الناز منها، مسّد شعر لحيته البيضاء، ثم توضأ، وصلى صلاة الظهر التي نسي أن يصليها في المسجد.

كانت مائدة الطعام التي قدمتها له زوجته مليئة بأطيب المأكولات، دجاجة مشوية في التنور. ماعون تمن صنف “بزمتي”. تشريب لحم ضأن أحمر الإيدام. لبن. ماعون “محلبي” من حليب الجاموس. فاكهة متنوعة. نظر إلى الجميع، كان قد مجّها، بل ازدراها،  فلا قدرة له على الأكل، أحس بأن نفسه اشمئزت منه، عافته نفسه.

   شعرت به زوجته، فأسرعت الى العمامة المركونة جنبه ووضعتها بسرعة خاطفة على رأسه الأصلع، عندها شمر عن ساعدية، وراح يأكل بشراهة.

إرث

جدّ سمير سارق. جد سمير سارق. جد سمير سارق.

انتشرت هذه العبارة كانتشار النار في الهشيم ذات يوم قائظ كالجمر. انتشرت كما ينتشر وباء كورونا بين الناس وهم لا يعلمون. قالها الصبي سمير ببراءته البيضاء، وكان يرتدي فانيلة بيضاء بلا أكمام، ولباس رياضي أبيض، وكل من سمع تلك العبارة يخبر أفراد اسرته بها، ويؤكد عليهم ألا يخبروا أحدا بذلك. وهكذا انتشرت هذه العبارة بين الناس.

كان الجد وهو في نزاعه الأخير إذ كان يحتضر، يهذي بعبارات كثيرة، ومما قاله انه شارك في سرقة القرن، ولفظ أنفاسه.

وضاع سمير بين كلمات العبارة التي أذاعها أوّل مرة.

عرض مقالات: