اخر الاخبار

تواجه الخطط الاقتصادية الحكومية، انتقادات متواصلة بسبب إصرارها على اعتماد وصفات صندوق النقد الدولي والبنك الدولة، والتي تؤدي بحسب الخبراء الى تعميق الازمة في البلاد، وتحميل الكادحون والفقراء اعباء فساد وسوء ادارة المنظومة السياسية.

تصميم على تنفيذ الخطط

واكد رئيس مجلس الوزراء، مصطفى الكاظمي، تصميم العراق على المضي في طريق الإصلاح الإقتصادي، وفق رؤى طويلة الأمد، تعتمد على حلول ناجعة.

وذكر بيان للمكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء، ان “الكاظمي استقبل نائب رئيس مجموعة البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فريد بلحاج والوفد المرافق له”.

واضاف البيان انه “جرى خلال اللقاء التباحث في سبل تعزيز التعاون بين العراق والبنك الدولي في مختلف البرامج والمجالات، وفي ما يتعلق بآليات مكافحة الفساد وإعادة بناء هيكلية الخدمة العامة بما يرفع من الكفاءة، ويؤسس للتنمية المستدامة والإستثمار الأمثل للثروة البشرية”، مشيرا الى “مناقشة بعض مشاريع البنك الدولي المتلكئة في العراق والاتفاق على السبل الكفيلة لاعادة تفعيلها”.

وأكد الكاظمي “تصميم العراق، بالرغم من كل التحديات، على المضي في طريق الإصلاح الإقتصادي، وفق رؤى طويلة الأمد تعتمد على حلول ناجعة”، مبينا ان “الحكومة تضع نصب أعينها مصالح العراق أولاً واحتياجات الشعب العراقي، بالإضافة الى الإستفادة من المشورة التي تقدمها المؤسسات المالية الرصينة مثل البنك الدولي”.

ووفقا للبيان فقد أشار بلحاج الى “رصانة الورقة الإصلاحية البيضاء التي قدمتها الحكومة، والتي تنطوي على رؤية متماسكة للتنمية الإقتصادية الطموحة بما يعزز من أهداف الحكم الرشيد”.

اخضاع البلاد

من جانبه، يصف الخبير الاقتصادي احمد خضير، رضوخ الحكومة الى وصفات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، في محاولة لإخضاع البلاد الى سياسة النيولبرالية.

وقال خضير لـ”طريق الشعب”، ان “اللجوء إلى صندوق النقد الدولي (IMF) للتصدّي للأزمة الاقتصادية في العراق رهان فاشل، وسيعمق الازمة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد بسبب عدم تقديمه حلولا واقعية، يمكن لها النهوض بالواقع الاقتصادي واعتماده على الوصفات الجاهزة في محاولة لفرض سياسة النيولبرالية على جميع البلدان”.

وأضاف الخبير أن “نهج الصندوق يخدم الدائنين وكبار أصحاب رؤوس الأموال في كافة الدول على حساب الطبقات الوسطى والعاملة، ما يعزّز اللامساواة المتجذّرة وعملية تراكم واحتكار رأس المال لدى طبقات محددة”، مستشهدا على ذلك بـ”امتلاك حوالي الفي ملياردير في العالم ثروة تساوي مجمل ثروات 4.6 مليار إنسان”.

 وبيّن أن “الصندوق ينتهك سيادة الدول التي تقترض منه، من خلال فرض شروط قاسية على السياسات الاقتصادية والخارجية للبلدان، ما يجعلها مكبلة وغير قادرة على معالجة اوضاعها الداخلية وفق رؤيتها”، داعيا الى “تحليل وضع الاقتصاد المحلي بصورة دقيقة ووضع خطة اقتصادية تنسجم مع الواقع العراقي مع الاخذ بنظر الحسبان على تشجيع القطاعات الصناعية والزراعية والسياحية”.

فكرة التأسيس

وتعود فكرة تأسيس صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، الى عام 1944 بهدف اعادة هندسة المنظومة الاقتصادية والمالية الدولية، سعياً لتفادي المزيد من الكوارث الاقتصادية كتلك التي عصفت بالعالم، وخلقت مناخاً خصباً للحروب الشاملة المُهلِكة، وأُنيطت بهما مسؤوليات وصلاحيات متشابكة ومتكاملة.

حيث كُلّف البنك الدولي بالإشراف على إعادة الإعمار في أوروبا، إثر الحرب العالمية الثانية؛ بينما أُنيطت بصندوق النقد الدولي مسؤولية الحفاظ على الاستقرار النقدي والمالي في العالم، وتوفير السيولة عند الضرورة لدولٍ تواجه ضغوطات على ميزان مدفوعاتها، بالإضافة إلى إقراض الدول الأعضاء إذا كانت بحاجة إلى تحفيز إجمالي الطلب في أسواقها الوطنية تجنباً لركود الإقتصادي أو تخفيفاً من وقعه. وبعد فك ارتباط سعر الدولار بالذهب في عام 1971 والانتقال إلى أسعار صرف متحركة، تبدّد دور الصندوق فيما يتعلق بالإشراف على أسعار الصرف، وباتت مسؤوليته الأكبر هي الحفاظ على الاستقرار المالي والنقدي الدوليين.

ويشير الاقتصادي البارز والحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد جوزيف ستغلتز، الى مفارقة كبيرة في كون فكرة الصندوق قد تبلورت إدراكاً لمخاطر إخفاقات السوق الحرة، وبناءً على الفكر الكينزي (نسبة إلى عالم الاقتصاد البريطاني جون مينارد كينز) المرتكز على ضرورة الإشراف والرقابة على السوق، بينما أصبح الصندوق فيما بعد من أبرز دعاة هيمنة السوق المطلقة.

تذكير بتجارب الصندوق

بدوره، نصح الخبير المالي اثير عباس، الحكومة بتقييم تجارب الصندوق في بعض الدول التي مرّت بحالات مشابهة للوضع العراقي.

وقال عباس لـ”طريق الشعب”، ان “هناك تجارب مريرة للشعوب والبلدان مع صندوق النقد الدولي ومثال ما حدث من خلال تقديم الصندوق برفقة البنك المركزي الأوروبي والمفوضية الأوروبية خطة انقاذ لأربع دول في منطقة اليورو، وهي اليونان وإسبانيا وقبرص وايرلندا، عرفت بخطة (الترويكا)”، مشيرا الى ان “هذه المشاريع فرضت سياسات تقشفية مُهلِكة أدت إلى كسادٍ اقتصادي، فقد تقلّص الناتج المحلي الإجمالي في اليونان بنسبة  25 في المائة وهي نسبة غير مسبوقة إطلاقاً، وبلغَ معدل البطالة لدى الشباب نسبة 50 في المائة، ما تسبب فعليا في اقصاء وتهجير جيل كامل عن الحياة الاجتماعية والاقتصادية”.

واضاف عباس ان “وزير المالية اليوناني السابق وصف العملية بخصخصةٍ للأرباح وتأميمٍ للخسائر، حيث استفادت المصارف من الأرباح في زمن الازدهار بينما فرضت ضرورة إنقاذها على الشعب ليتحمّل ويدفع ثمن خسائرها من خلال سياسات التقشف المهلكة عند الانهيار”.

وحذر عباس من “الاستمرار في تطبيق الورقة البيضاء التي حملت المواطن الفقير، مسؤولية سوء الادارة والفساد للطبقة السياسية الحاكمة”، داعيا الى “ضرورة تشجيع الصناعات الصغيرة والمتوسطة ودعمها بقروض ميسرة لتمكينها من المنافسة في الاسواق ومنع الاستيراد واعادة سعر صرف الدينار امام الدولار الى سابق عهده”.