اخر الاخبار

طرح عدد من العمال الناشطين خططا ودراسات على الجهات الحكومية المعنية، لأجل إحياء المعامل العراقية المتوقفة، وتشغيل الشباب العاطل عن العمل، لكن بدلا من مناقشة تلك الخطط، تلقوا معلومات بوجود مساعي لـ”هيكلة المعامل، واحالة العاملين على الرعاية الاجتماعية”.

وبحسب اقتصاديين فإن عملية النهوض بالصناعة الوطنية تحتاج الى “سياسة واضحة المعالم”، مشيرين الى ان الحكومات المتعاقبة اهملت هذا القطاع خلال اعداد موازناتها السنوية.

فيما يذهب الاتحاد العام لنقابات عمال العراق الى أن نظام “التمويل الذاتي” أنهك الصناعة الوطنية، وجعلها غير قادرة على حماية نفسها أمام المستورد.

وعود.. ولكن؟

ووفقا لإحصائية صدرت عن وزارة التخطيط في العام 2018، فإن نسبة العاطلين عن العمل بلغت 14% للأشخاص النشطين اقتصادياً، لكن مع تفشي جائحة كورونا، فإن هذه النسبة، بالتأكيد، زادت على الضعف.

وفي نيسان الماضي أعدت وزارة الصناعة والمعادن “خطة هادفة” ضمن المشروع الوطني لإعادة تأهيل وتشغيل المعامل والمصانع المتوقفة في عموم البلاد، بعد أن تبنت حملة لتحقيق الشعار (صنع في العراق) من أجل إعادة إحياء الصناعة العراقية وتعزيز الإنتاج المحلي.

وأكدت الوزارة في حينها انها تنوي إنعاش وتأهيل المعامل المتوقفة البالغة 83 مصنعا. وتشمل خطتها ثلاث مراحل: مرحلة أولى تأهيل نحو 17 مصنعا، ثم حوالي 24 مصنعا، وأخيرا 42 مصنعا.

وأكدت سعيها الى تفعيل قوانين حماية المنتجات المحلية والتعرفة الجمركية وإقامة معرض (صنع في العراق) وإعادة تقييم المشاريع والعقود الاستثمارية وتشجيع ودعم الاستثمار والشراكة مع القطاع الخاص المتمكن والكفؤ وغيرها.

خطة عمّالية لتشغيل المصانع

يقول الناشط العمالي حسين حنظل، وهو عامل في معمل منسوجات ذي قار الحكومي لـ”طريق الشعب”: ان “رواتب العمال غير كافية ولا تسد الحاجة” إذ انه هو كان يتقاضى 30 الفا، بينما الان بعد تحويله وزملائه الى صيغة العقود، ارتفع الى 150 الف دينار.

ويضيف حنظل، انه جرى تسويف مطالبهم بوعود زائفة “بعد المطالب والمناشدات والتظاهرات التي نظمها العمال قبل 5 أشهر، أمام مبنى وزارة الصناعة والمعادن”.

ويكمل حديثه “قبل 20 يوما نظمنا تظاهرة أخرى امام معمل نسيج ذي قار. وكان المطلب هو تشغيل المعامل المتوقفة”، مشيرا الى لقاء وفد المتظاهرين بالمدير العام للشركة العامة لصناعة النسيج والجلود، وعرضوا عليه خطة عمل لتشغيل معملهم غير المنتج، وتطبيقها في ما بعد على بقية المعامل المتوقفة. وبحسب حنظل فـأنهم حصلوا على وعود بصرف رواتبهم المتأخرة”.

تحويل العاملين الى الرعاية

وتحدث الناشط حنظل عن مشروعهم الذي يهدف الى إنتاج مستلزمات الدوائر الحكومية والوزارات من ألبسة تكون رخيصة ومنافسة للمنتج المستورد، موضحا أن معملي الخياطة والحصير قدما تقارير دقيقة من كلفة المنتج والارباح وآلية التسويق، وكذلك  الاحتياجات من مواد أولية، والاجهزة التي تحتاج الى صيانة.

ويؤكد حنظل، ان تلك التقارير تم تسليمها الى مديرهم راجي لفتة، الا ان هذا الجهد والمخططات والدراسات التي أعدها العمال ذهبت في مهب الريح.

ويجد المتحدث أن “الجهات المعنية غير جادة في التعاطي معهم، فهي حتى الان لم توفر لهم حتى المواد الأولية للعمل”.

مشيرا الى” انهم بعد حديثهم مع المدير العام بيوم واحد تم تهديده بأطفاله بهدف إيقافه عن مساعيه.

ويشير حنظل الى أن “جميع المصانع جرى ايقافها لصالح جهات متنفذة فاسدة تعتاش على المستود بطريقة أو بأخرى”، مضيفا انه “يجري الحديث، مؤخرا، عن هيكلة المعامل واحالة العمال الى الرعاية الاجتماعية”.

ويسند حنظل حديثه الى كتاب وصل الى مصنعهم، قبل أكثر من شهر، يفيد بذلك “بهدف تفريغ المصانع وتدمير الصناعة الوطنية” حسب قوله.

بيئة طاردة

ويعلل الناشط المدني حسين نديم، عملية تعطيل عمل المصانع في العراق بجملة أسباب، أهمها: “عدم استقرار الوضع الأمني الذي ساهم في ضعف إقامة المشاريع الصناعية الصغيرة والمتوسطة، وانفلات السلاح الذي أدى الى هجرة الكثير من الكفاءات وأصحاب رؤوس الأموال الى خارج العراق”.

ويقول نديم في حديثه لـ”طريق الشعب”، إنّ “عدم الاستقرار السياسي والأمني في العراق، خلق بيئة طاردة للاستثمار”، مردفا أن “إغلاق المصانع واهمال الموجود شكل اعداما لأية محاولة تهدف الى خلق منتج وطني منافس، لأن ذلك لا يخدم الجهات المستفيدة من الوضع الراهن”.

ويؤكد ان إعادة تشغيل المصانع المعطلة له أهمية اقتصادية كبيرة في إنعاش الاقتصاد الوطني وتنويع القاعدة الاقتصادية، ويساهم في الحد من البطالة بين صفوف الشباب، واستيعاب الخريجين منهم أيضا.

مسألة تراكمية

ويقول عادل عبد الزهرة، مراقب اقتصادي لـ “طريق الشعب”، ان “الصناعة الوطنية في العراق تفتقر الى وجود سياسة واضحة المعالم، ضمن توجه استراتيجي لتحقيق التنمية المستدامة”، ملاحظا أن “التخصيصات المالية التي ترصد لهذا القطاع ضمن الموازنات العامة عادة ما تكون قليلة”.

ويضيف عبد الزهرة أن “تقادم وسائل الإنتاج وعدم ادخال التكنولوجيا الحديثة، أدى الى ارتفاع تكاليف الإنتاج، وضعف القدرة على المنافسة”.

ويلفت الى ان “تعطيل عمل المصانع هو مسألة تراكمية، تعود الى تبعات حروب النظام المباد، وما ترتب عليها من حصار اقتصادي دولي، أدى الى تدمير البنية الصناعية والمنشآت في العراق”، مشيرا الى ان “السياسة الاقتصادية الجديدة التي جاء بها الغزو الامريكي على العراق، تتمحور حول اعتماد اقتصاد السوق، وتحويل المصانع الى القطاع الخاص وهذا أدى الى اهمال المشاريع الصناعية الحكومية، إضافة الى اغراق السوق العراقية بالمنتجات الأجنبية المستوردة”.

“التمويل الذاتي” دمر صناعتنا

وضمن السياق ذاته، يقول الأمين العام للاتحاد العام لنقابات العمال عدنان الصفار، ان “عملية تعطيل المصانع والسياسات الخاطئة في وزارة الصناعة والمعادن وباقي الوزرات، لم تكن في مصلحة البلد لا اقتصاديا ولا صناعيا، بل أدت الى توقف العملية الإنتاجية”.

ويؤكد الصفار في حديثه لـ “طريق الشعب”، ان “القوى العاملة العراقية لديها القدرة والامكانية الفنية والعلمية والبشرية في تطوير الإنتاج وتحسينه، وخلق صناعة وطنية قادرة على منافسة المستورد”.

وينوه الصفار بأن “نظام التمويل الذاتي دمّر الصناعة الوطنية، ووضعها في حدود معينة، جعلها عاجزة عن إدارة نفسها”.

عرض مقالات: