اخر الاخبار

ترهل وظيفي ومخاطر مالية باهظة و”تموينية” شحيحة 

 

رغم تأخر إرساله الى مجلس النواب لأكثر من “شهرين ونصف”، وضعت اللجنة المالية البرلمانية، أمام مشروع قانون الموازنة للعام 2021، الكثير من الملاحظات إزاء فقرات ومواد المشروع.وأشّرت اللجنة في تقريرها حول الموازنة، استمرار الحكومة في الاعتماد ـ بشكل كبير ـ على الايرادات النفطية، لدعم الخزينة العامة، الى جانب التوسع في حجم النفقات الجارية، رغم انخفاض حجم الايرادات المخمنة.

ولاحظ التقرير، الذي طالعته “طريق الشعب”، “وجود زيادة كبيرة جدا في اعداد القوى العاملة للوزارات والدوائر الممولة مركزياً”، ما يؤثر ذلك بشكل كبير على زيادة النفقات التشغيلية. وكان مجلس النواب، ألزم الحكومة في العام الماضي، بتقديم برنامج اصلاحي مبني على اسس علمية ويشخص الحالة الاقتصادية بشكل دقيق، ويطرح معالجات ناجعة، لكن اللجنة المالية، تقول إنها ستضطر الى “مراجعة مشروع قانون الموازنة بما يضمن انسجامه مع الخطط والسياسات المالية المتوافقة مع الوضع الاقتصادي الراهن، وبما يخدم تطلعات ابناء شعبنا”.

 

مخاطر مالية عالية

ونبّه التقرير النيابي الى “وجود مخاطر مالية عالية، تتعلق في مدى قدرة الخزينة العامة للدولة على الاستمرار في تأمين النفقات العامة، خلال السنوات القادمة، ما لم تكن هناك حلول جذرية في تحسين الوضع المالي للدولة”.

وشدد التقرير على ضرورة “تخفيض مستوى العجز وإعادة ترتيب أولويات الإنفاق، فضلا عن تحقيق العدالة الاجتماعية وتوجيه الدعم الى الشرائح الفقيرة، وزيادة موارد الدولة وتحسين اساليب جبايتها وتنويع مصادرها غير النفطية وتعظيمها”.

ومن  التوصيات التي تضمنها التقرير، الحديث عن “دعم المشاريع الاستثمارية وفق آليات صرف تعتمد العدالة في التوزيع، ودعم القطاع الخاص واشراكه في عملية التنمية الاقتصادية، والاستمرار بالإصلاحات التي ينعكس اثرها في الواقع الاقتصادي والاجتماعي للبلد”.

وأوصت اللجنة كذلك بـ”اعادة النظر في فرض ضريبة الدخل على دخل الموظفين والمتقاعدين، ومراعاة حالة التضخم واثار ارتفاع سعر الصرف”، كما شددت على “ضرورة النظر في المواد القانونية المقترحة بخصوص بيع عقارات الدولة وتحديد مجال استثمار العوائد المتوقعة من بيع تلك العقارات”، مبدية رفضا كبيرا لصرف تلك العوائد على الانفاق التشغيلي.

 

البطاقة التموينية

ومن بين التوصيات التي بلغ عددها 24 نقطة، بحسب التقرير، شددت اللجنة على “دعم مفردات البطاقة التموينية وتوجيهها الى الشرائح الفقيرة من ابناء الشعب”.

ووجد التقرير البرلماني أن هناك زيادة في “حجم النفقات الجارية المقدرة حيث شكلت نسبتها الى اجمالي الانفاق العام (73 في المائة) في مقابل انخفاض الانفاق الاستثماري، والذي شكلت نسبته (27 في المائة) من اجمالي الانفاق”.

وأدرج مشروع قانون الموازنة للعام الحالي “مشاريع جديدة ضمن الموازنة الاستثمارية، والتي تعتمد بشكل مباشر في تمويلها على القروض”.

ووفق المشروع المقدم من الحكومة، فإن الموازنة يبلغ حجمها 164 تريليون دينار، بعجز مالي يصل إلى 71 تريليونا، فيما استندت الموازنة إلى سعر تقديري عند 42 دولارا لبرميل النفط، وبمعدل تصدير 3.250 مليون برميل يوميا بما فيه 250 ألف برميل من حقول إقليم كردستان.

 

مقرر اللجنة البرلمانية

ووفقا لمقرر اللجنة المالية في مجلس النواب، النائب احمد الصفار، فان لجنته تسعى لإقرار الموازنة “بأسرع وقت لأنها وصلت متأخرة”.

ومنذ أول من أمس الثلاثاء، قررت اللجنة المالية البرلمانية نقل اجتماعاتها التداوليـة لمناقشة مشروع قانون الموازنة العامة الاتحادية 2021، الى دار الضيافـة التابع للأمانة العامة لمجلس الوزراء.

وتعليقا على تقرير اللجنة المالية، قال الصفار: انه “يتكون من 9 محاور. وان اللجنة تهدف الى تغيير المشروع بما ينسجم مع واقع حال العراق”.  

واضاف ان “ايرادات الموازنة بلغت 93 ترليون دينار عراقي، 73 ترليونا من النفط، أما غير النفطية فهي 29 ترليونا، اي ان 78% من ايرادات الموازنة نفطية”، لافتاً الى ان “83 في المائة من اجمالي الانفاق تشغيلية، فيما خصص 17% من الموازنة لانعاش القطاع الاستثماري”.  

وعدّ تقرير اللجنة المالية، لجوء الحكومة الى بيع موجوداتها وممتلكاتها “مؤشرا عن حراجة المركز المالي للدولة”.

واشار الصفار الى ان “قطاع الطاقة في مشروع الموازنة خصص له 33 ترليونا، اي 20% من الموازنة، وهو مبلغ مبالغ به”، داعياً الى “تهيئة البيئة المناسبة لتحقيق النمو الاقتصادي”.  

وتابع الصفار ان “الخدمات الاجتماعية، مثل رواتب شبكة الرعاية الاجتماعية، فقد خصص لها في قانون الموازنة 31 ترليونا و 400 مليار دينار”، مبيناً ان “الامن والدفاع خصص لها 27 ترليونا و700 مليار دينار، اي انها تبلغ 16.8 في المائة من الموازنة”.  

واشار الى ان “قطاع الادارات العامة والتي تعبر عن الترهل الوظيفي، خصص لها 23 ترليونا، اي اكثر من 14في المائة، فيما خصص الى قطاع الزراعة  900 مليار، وقطاع الاسكان، خصص له ترليون و600 مليار”. 

وأشر تقرير اللجنة المالية، زيادة في عدد القوى العاملة خلال العام 2021 بعدد (321,944) موظفا.

وأوضح الصفار، أن “قطاع الصحة خصص له 7 ترليونات و300 مليار وهو مبلغ قليل في ظل ازمة كورونا، اما قطاع التربية والتعليم فخصص له 12 ترليونا”، لافتاً الى ان “الرواتب خصص لها 53.8 ترليون”.  

وحول رواتب الرئاسات الثلاث، قال الصفار: ان “مشروع قانون الموازنة خصص لمجلس النواب 255 مليارا، ورئاسة الجمهورية 60 مليارا، اما رئاسة مجلس الوزراء فخصص لها 475 مليارا”، مشيراً الى ان “المجمع العلمي العراقي خصص له 3 مليارات”.  

أما الاموال المخصصة للأوقاف، فذكر الصفار ان “829 مليارا خصصت للوقف الشيعي، والوقف السني خصص له 309 مليارات من قانون الموازنة”، مؤكداً ان “المبلغ المخصص للأوقاف والديانات الاخرى بلغ 9 مليارات”.  

 

عجز “مبالغ فيه”

من جهته، عدّ الخبير الاقتصادي، صفوان قصي، العجز الموجود في موازنة 2021 “مبالغ به”، في ظل ارتفاع اسعار النفط، مؤخرا.

وقال قصي إن “العجز في الموازنة مبالغ فيه، لأن وزارة المالية اهملت السعر الحقيقي لبرميل النفط وافترضت سعرا بائسا، كما أنها لم تضع الرقم الحقيقي لعدد الصادرات اليومية من النفط، حيث تضمنت الموازنة 3 ملايين و250 الف برميل يوميا، وفي الحقيقة أن العراق يصدر 3 ملايين و500 الف برميل يوميا”.

واضاف أن “الموازنة تضمنت بيع ممتلكات الدولة العاطلة لسد العجز، لكنها لم ترفق ما هي هذه الممتلكات وكم عددها”.

ودعا المتحدث البرلمان الى “ضغط النفقات في الموازنة لما فيها من مبالغة كبيرة، كما أن هناك عملية تداخل حصرت في الموازنة بسبب الاستحقاقات المتراكمة للمحافظات”.

وبشأن امكانية الاقتراض في الموازنة الجديدة، قال قصي إن “وزارة المالية لن تستطيع الحصول على الاقتراض الخارجي في ظل عدم الاستقرار المالي الذي تعيشه البلاد، اما بالنسبة للقروض الداخلية فإنها استنفدت بعد تغيير سعر الصرف، وعدم وجود ثقة لدى المصارف العامة والخاصة بإقراض وزارة المالية” حسب وجهة نظره.

 

استقطاعات رواتب الموظفين

ويقول عضو اللجنة المالية البرلمانية، النائب شيروان ميرزا، أمس الاربعاء، ان البرلمان لا يستطيع “تغيير سعر صرف الدولار”، لكنه اكد وجود “توجه لدى أغلبية النواب في المجلس واللجنة المالية لتعديل او رفض استقطاعات الضريبة على رواتب الموظفين”.

يشار الى ان مشروع قانون الموازنة ثبت سعر صرف الدولار بـ 1450 دينارا للدولار الواحد.

 ولوّح ميرزا بإمكانية “تقليل” حجم الموازنة، فيما رهن ذلك بـ”قراءة الموازنة ودراستها بشكل جيد لإلغاء بعض الفقرات غير الضرورية”.

وكانت الدائرة الاعلامية للبرلمان، ذكرت ان اللجنــــة الماليـــــة تعتزم استضافة وكيل وزير المالية ومدير عام دائرة الموازنة ومدير عام دائرة المحاسبة ومدير عام الدين العام، لمناقشة مشروع قانون الموازنة العامة الاتحادية لعام ٢٠٢١.

ووفقا لنواب اللجنة ذاتها فان المناقشات ستتركز على تقليل الانفاق في الحكومة، بالاضافة الى الخطة الحكومية للعام الحالي وادراج مطالبات النواب في القانون في ما يتعلق بطلبات التعيين وصرف اجور المتعاقدين.

وتسلمت رئاسة مجلس النواب، اربعة طلبات رسمية مرفقة بتواقيع نواب كتل مختلفة لإدراج مجموعة مواد في مشروع قانون الموازنة العامة 2021 ، ومنها تعيين موظفي عقود وزارة الكهرباء وتشريع قانون حماية الموظف الحقوقي، وتحويل (30) ألف أجير في محافظة البصرة إلى عقود وزارية، واستحداث درجات وظيفية لتثبيت جميع المحاضرين، مع تضمين مطالب محافظة البصرة في موازنة 2021.

 

قرار 315

وقال عضو اللجنة المالية البرلمانية، النائب احمد الجبوري، في بيان طالعته “طريق الشعب” ان لجنته “تعمل على تثبيت حقوق جميع المشمولين بالقرار 315 في موازنة 2021”.

واكد الجبوري، أن جميع النواب والكتل السياسية “متفقون” على ضرورة التثبيت في ظل حاجة البلد لهم، اضافة لتحسين الظروف المادية والحياتية للمشمولين بهذا القرار، لافتا إلى أن البرلمان سيتخذ “الموقف المناسب” من هذا الامر.

جاء ذلك إثر حملة توقيع نيابية لإضافة قرار 315 وجميع العقود والأجراء اليوميين والمحاضرين في الوزارات والدوائر كافة ضمن موازنة 2021، وقع عليها أكثر من 140 نائباً. 

والثلاثاء، أعلنت وزارة المالية، أن موازنة 2021 تضمنت زيادة في التخصيصات بلغت (62.5) ترليون دينار عدا القروض الاجنبية والمحلية مقارنة بما تم تمويله في عام 2020، مشيرةً إلى أن الزيادة تركزت في مجال الإنفاق على الرواتب والمخصصات ومساهمة التقاعد. وقالت الوزارة في بيان طالعته “طريق الشعب”، بشأن زيادة النفقات في مشروع موازنة 2021، إن إعداد الموازنة لعام 2021 استندت على الأسس والمبادئ العامة التي تعكس الاولويات الضرورية للمرحلة الحالية.

وحول التعامل لتدارك الأزمة المالية، أشارت الوزارة إلى أنها عملت على تقليل العقبات أمام التهديدات المالية وتوفير السيولة اللازمة لتأمين احتياجات الدولة من تامين الرواتب وإنجاز المشاريع.