اخر الاخبار

ينتظر الشباب العراقي، خصوصا شريحة الخريجين العاطلين عن العمل، في كل عام، أقرار الموازنة العامة، عسى أن تشتمل على تخصيصات مالية، توفر لهم وظائفاً وفرص عمل مناسبة. وغالباً ما لا يؤدي هذا الإنتظار عن شيء، حيث لا وظائف حكومية، وإن وجدت، خضع توزيعها للتأثيرات الحزبية وتدخلات المتنفذين والمحسوبية، دون ان يكون للكفاءة والإنتاجية في العمل دور ما، مما أفقد الشباب الأمل بالحصول على الدعم الحكومي، وأبقاهم أسرى التساؤل عن حدود الاقصاء والإهمال التي يعيشوها، وما إذا كانت الحكومة الجديدة جادة في وضع حلول لقضيتهم ام انها ستسير على نهج سابقاتها!

بطالة مفزعة 

وكانت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ، قد كشفت في أواخر العام الماضي، عن اعداد العاطلين المسجلين ضمن قاعدة بياناتها، والتي بلغت مليون و700 ألف عاطل مسجل واعداد أخرى من غير المسجلين. واطلقت الوزارة برنامجا لتدريب العاطلين خلال الربع الاخير من العام 2021. 

من جهتها كشفت لجنة العمل والشؤون الاجتماعية والهجرة والمهجرين النيابية، في وقت سابق من العام 2021، عن بلوغ عدد العاطلين في البلاد نحو 15 مليون عاطل، اغلبهم من الشباب. وبحسب آخر إحصائية لوزارة التخطيط العراقية عام 2020، فإن عدد العراقيين بلغ 40 مليون نسمة، تشكل الفئة العمرية “النشطة”، والتي تتراوح أعمارها بين 15 و 64 عاماً، النسبة العليا بينهم، حيث تبلغ 56.5 بالمائة من مجموع السكان، تليها فئة صغار السن، اي أصغر من 14 عاما، والتي تشكل 40.4 بالمائة. 

هل هناك عجز؟

من جانبه، يؤكد الخبير الاقتصادي، باسل العبيدي، في تصريح صحفي تابعته “طريق الشعب”، أنه “لا يوجد عجز مالي حقيقي في الموازنة العراقية، بل هو عجز وهمي وضعته الحكومة، في الموازنة التخطيطية، أما في الموازنة الفعلية فلا يوجد عجز، وذلك لسببين الأول ان الإنفاق لم يتم بشكل صحيح بسبب تأخير إقرار موازنة عام 2021، والثاني ارتفاع أسعار النفط أكثر من التوقعات بصورة كبيرة، فسعر البرميل المتوقع في الموازنة السابقة كان 49 دولاراً ووصل في الفترة الأخيرة لأكثر من 89 دولاراً، أي أصبح لدينا فائضا كبيرا نستطيع من خلاله زيادة احتياط البنك المركزي العراقي بـ 16 مليار دولار”. وأوضح الخبير العبيدي في تصريحه ان” هذه الأموال الفائضة لو استثمرت بشكل صحيح في موازنة عام 2022 سيصبح الوضع الاقتصادي للبلد جيد جدا، وألان لدينا القدرة على ارجاع الديون وتسديد الفوائد وإطفاء القروض”.

شركات محتالة 

ويصف الشاب قيس جميل وهو خريج كلية هندسة منذ العام 2017 حاله بـ المأساوي، حيث يقول “ أنهيت تعليمي بتفوق وجدارة، لكن لم أجد عملاً يستقبلني، فبقيت في الشارع، أبيع فيه الشاي على المارة”. وطبقا لحديثه الذي خص به “طريق الشعب”، فان الشاب لا يترك مكانا الّا وذهب اليه بحثا عن فرصة عمل بدون فائدة، وغالبا ما تكون شروط القبول تعجيزية، مشيرا الى ان” هنالك شركات توظف الشباب بحجة انها تبحث لهم عن عمل، وتقبض مبلغاً من المال لقاء الوظيفة التي ستجدها له، والكثير من هذه الشركات هي شركات نصب واحتيال”.

 ويروي جميل حادثة لصديقه الذي وقع ضحية لأحدى الشركات المعنية بالتوظيف فيقول “ شاهد صديقي اعلاناً لشركة، تدّعي وجود فرص عمل في الكثير من الاماكن وعلى تطبيق فيسبوك. وبعد ذهابه الى الشركة طلبوا منه مبلغ 200 ألف دينار مقابل وظيفة معروضة لديهم”. ويكمل “ وافق صديقي وسلمهم المبلغ المطلوب مع اكمال الإجراءات، وذهب الى مقابلة العمل، لكن تم رفضه. وتنصلت الشركة من وعودها، وأدعّت بأن دورها يقتصر على تدبير المقابلة فقط وليس التوظيف، وهو مخالف لما جاء في اعلاناتها”.

ويدعو الشاب قيس جميل في حديثه “ من خلال جريدتكم نناشد الحكومة القادمة ورئيس وزرائها، بضرورة إيلاء قضيتنا نحن الخريجين العاطلين عن العمل أهمية كبيرة، وان تكون ضمن الأولويات من اجل انصاف شريحتنا التي تعرضت لأقصاء واهمال كبيرين”.

الاعتماد على الذات

 من جانبها اكدت الشابة  سارة حسين، وهي خريجة منذ ثلاث سنوات، لـ”طريق الشعب”، انها لا تزال تبحث عن عمل سواء في وظيفة حكومية او لدى القطاع الخاص، لكن بدون نتيجة تذكر. وتقول “ لاحظت ان الكثير من الوظائف تخضع لعامل المحسوبية حتى في بعض الأماكن بالقطاع الخاص أيضا، وليس على مستوى الوظائف الحكومية فحسب، ولا يتم اعتماد معيار الكفاءة والإنتاجية أساسا في التوظيف”. وتلفت الشابة العشرينية سارة الإنتباه الى انها في صدد ان تجمع “ المال وحتى الاقتراض المصرفي، من اجل انشاء مشروع عمل بسيط خاص بي، على امل ان ينجح ويحقق لي مردوداً مادياً جيداً يسد الحاجة وذو نفع. وأنصح الشباب بعدم انتظار التوظيف الحكومي او القطاع الخاص والمضي بعمل مشاريع صغيرة وتوسعتها مستقبلاً”.

وعود وخداع 

 وعلى صعيد ذي صلة بالموازنة، يقول الشاب حسين علي لـ “طريق الشعب”، انهم “خارج دائرة حسابات السلطة وأصبحنا مجرد أصوات انتخابية تُستغل مرة كل 4 سنوات، بكيل الوعود الكاذبة والخداع الانتخابي”.

ويشدد الشاب في حديثه على انه “ من الضروري ان يتم الاستعانة بالشباب في كافة المجالات كونهم أكثر انتاجية خصوصا الخريجين منهم، فهنالك الالاف يبحثون عن فرصة عمل واحدة . وقد أصيبوا بالإحباط نتيجة لسياسات التوظيف الخاطئة”. 

إبداعية وإنتاجية 

ويعتقد الشاب مازن لطيف بان حل مشكلة استيعاب مئات الالاف من الشباب العاطلين عن العمل هو فتح المصانع التي ستكون متنوعة وترفد اقتصاد البلد وتوظف الشباب وتسخر طاقاتهم الإبداعية والإنتاجية بالشكل الصحيح. ويبين ان “ الوظائف الحكومية أصبحت حلماً صعب التحقق، وعليه لابد من دعم الشباب لإقامة مشاريعهم الخاصة عبر تقديم التسهيلات المختلفة لهم”.